الإمام الطبري - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4969 - عددالزوار : 2081703 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4547 - عددالزوار : 1353634 )           »          معالم الأخوة في الله‎ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 39 )           »          رعاية الأسرة المسلمة للأبناء شواهد تطبيقية من تاريخ الأمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          الخطوات الثلاثون نحو السعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          غير المسلمين في المجتمع الإسلامي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 38 )           »          بين سجود الاقتراب وسجود الاغتراب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 53 )           »          كيف تجزع والله معك؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 48 )           »          خطوات التربية الإيجابية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          السلطان عبد الحميد الثاني آخر سلاطين الدولة العثمانية الفعليين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 14-02-2020, 04:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,616
الدولة : Egypt
افتراضي الإمام الطبري

الإمام الطبري

اسمه ونسبه



الشيخ الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل



هو:
أبو جعفرٍ محمدُ بن جرير بن يزيد الطبريُّ الآملي، هذا ولما سئل عن الاستزادة في نسبه، أنشد قولَ الشاعر:
قد رفَعَ العجَّاجُ ذِكْري فادْعُني بِاسْمِي إذا الأنسابُ طالتْ يَكْفِني


وألقابه كثيرة:
فهو: الإمام، المجتهد، المفسر، المحدِّث، الحافظ، الفقيه، المؤرِّخ، العلامة، اللُّغوي، الثقة، الثَّبَتُ، المقرئ... المشهود له بذلك كله، وهذه الألقاب تَشْرُف به.

وكنيتُه:
أبو جعفر - بالاتِّفاق – وهو ما يكني به نفسه دائمًا، ويُنسَب الشيخ إلى أبيه فيقال: ابن جرير، أو إلى بلده فيقال: الطبري.

ولادته ونشأته:
ولد أبو جعفر بمدينة آمل طبرستان في آخر سنة 224 هـ، ونشأ بهذه المدينة، وكان أبوه موسرًا، أنفق عليه ليتعلم العلمَ؛ لرؤيا رأى فيها النبيَّ صلى الله عليه وسلم وهو بين يديه، ومعه مِخلاة مملوءة حجارة، ومحمد بن جرير يرمي بها بين يديه، فعُبِّرت له: بأن ابنك إن كَبِرَ، نصح في دينه، وذبَّ عن شريعته صلى الله عليه وسلم[1].

فكانت سببًا في تبكيره في طلب العلم، فحفظ القرآن وعمره سبعُ سنين، وأمَّ الناس في الصلاة وعمره ثمان سنين، وبدأ يكتب الحديث وعمره تسعُ سنين من مشايخ طبرستانَ وما حولها؛ كالري وأعمالها، فحصَّل بها مبادئَ العلوم وأَساسَها ليشتدَّ عُودُه، ويستمر على الجادَّة، فينافس أقرانَه؛ بل بزَّهم كثيرًا حتى شهدوا له بالتقدُّم عليهم، وبالحفظ والتحصيل؛ مما جعله محظيًّا عند شيوخه منذ صغر سنه.

ويَذكر عن نفسه هذه النشأة الجادة في التحصيل؛ حيث يقول: كنا نمضي إلى محمد بن أحمد الدُّولابيِّ ندرُسُ عليه التاريخ، وكان في قرية من قرَى الري، ثم نرجع نعدو مُسرعين كالمجانين لنلحَقَ بدرس محمد بن حميد الرازيِّ في إملاء الحديث، حتى ذكر أنه كتب عنه أكثر من مائة ألف حديث، ودرس عليه كذلك التفسير، ودرس الفقه على أبي مقاتل فقيه الري.

هذا، وقد لبث ابنُ جرير في بلاده حتى جاوَزَ البلوغ بقليل؛ حيث بلغ عمره نحوًا من ست عشرة سنة، حيث شغفت نفسه للقاء أحمدَ بنِ حنبل فرحل إليه.

وفي ذلك كله كان أبوه ينفق عليه ليتفرغ في طلب العلم والسفر لأجله، فكان أبوه في ذلك كله يمدُّه بالمال حتى وهو في سفراته في البلدان، حتى قال مرةً - وهو في رحلاته -: أبطَأَتْ عني نفقةُ والدي، واضطررت إلى أن فتقت كُمَّيْ قميصِي فبعتُهما.

وكان أبوه بعد موته خلَّف له مزرعةً يرسل له نصيبه منها في كل سنة.


[1] هذه الرؤيا الصالحة من المبشِّرات، كما فسَّرها النبي صلى الله عليه وسلم بقوله: ((الرؤيا الصالحة جزء من ستة وأربعين جزءًا من النبوة، وقرأ قوله تعالى: ï´؟ لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ ï´¾ [يونس: 64]))؛ أخرجاه في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 14-02-2020, 04:38 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,616
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإمام الطبري

الإمام الطبري
الشيخ الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل







أهم شيوخه الذين أخذ عنهم














لقي الإمام ابن جرير علماءَ كُثُرًا، وسمع من شيوخ صعب حصرُهم، حتى قال الذهبي لما عدَّد أهم شيوخه: "وأُممًا سواهم".







في حين يقول في غيره من العلماء: ولقي كثيرًا غيرهم، لكن ابن جرير لقي أممًا، وتدل على الكثرة الكاثرة، وللدَّلالة على كثرتهم انظر أسانيدَه في التفسير والتهذيب.







ومن أهم شيوخه:



1- محمد بن حُمَيْد الرازي التميمي أبو عبدالله (ت 248)، وهو أول شيوخه في الري، أخذ عنه الحديثَ والتفسير، حتى ذكروا أن ما أخذه عنه من الحديث مائةُ ألف.







والإمام ابن حميد من حفَّاظ الحديث، وقد روى عنه الإمام أحمد بن حنبل، وقد ضعَّفه الحافظ في التقريب، وقال: كان ابن معين حسنَ الرأي فيه.







2- عمران بن موسى الليثي البصري (240)، وقد لقيه بها في أول دخوله العراق، كان - رحمه الله - حافظًا صدوقًا ويعرف بالقزاز، وهو أول شيوخه وفاةً.







3- أبو همام الوليد بن شجاع السكوني (243)، لَقِيه في الكوفة، وهو إمام حافظ ثقةٌ من رجال صحيح مسلم والسنن، لقيه ابن جرير بالكوفة.







4- أحمد بن منيع البَغوِي البغدادي أبو جعفر (244) صاحب المسند، الإمام الحافظ الثقة من أقران الإمام أحمد، ومن زهَّاد العلماء، روى عنه ببغداد؛ لما فاته الأخذ عن الإمام أحمد.







5- محمد بن العلاء الهمدانيُّ أبو كريب الكوفي (247)، لقيه في الكوفة، وهو حافظُها الثقة المتقن، الذي روى له أصحاب الكتب الستة، وبلغ ما تلقَّاه عنه ابن جرير مائةَ ألف حديث.







وكانت لابن جرير مع الإمام أبي كريب قصةٌ، إذ كان أبو كريب فيه شدةٌ وشراسة مع إمامته وحفظه؛ حيث قال ابن جرير: حضرت مرةً إلى داره مع طلاب الحديث، فاطَّلع علينا من خوخة له، والطلاب يلتمسون الدخول عليه ويصيحون لذلك، فقال لهم: أيُّكم يحفظ ما كتبه عني؟ فالتفت الطلاب بعضهم إلى بعض، ثم نظروا إليَّ فقالوا: أنت تحفظ ما كتبتَ عنه؟ قلت: نعم، قالوا: هذا؛ فاسأله، فقلت: حدثتنا في كذا وكذا، وفي يوم كذا وكذا، فأخذ أبو كريب يسألني إلى أن عَظُمْتُ في نفسه، فقال لي: ادخل إليَّ، فدخلت فمكَّنني من حديثه.







6- هنَّاد بن السُّري التميمي الكوفي (243) الإمام الحافظ الثقة، لقيه ابن جرير بالكوفة، والإمام هنَّاد من رجال أصحاب السنن.







7- محمد بن عبدالملك بن أبي الشوارب البصري الأموي (244)، لقيه بها، وهو الإمام الحافظ الصدوق، من رجال الإمام مسلم وبعض أهل السنن.







8- محمد بن بشار العبدي البصري (252) المعروف ببُنْدار، الإمام الحافظ الثقة، الذي أخرج له جماعة أصحاب الأمهات، لقيه بالبصرة وأكثَرَ عنه، وهو - رحمه الله - من أوعية الحفظ، ومشاهير رواة الحديث.







9- الإمام الحافظ يعقوب بن إبراهيم الدورقي (252) صاحب المسند، وهو من رجال الكتب الستة.







10- بشر بن معاذ العقدي البصري (245) الضرير، لقيه بالبصرة.







11- محمد بن عبد الأعلى الصنعاني البصري (245)، لقيه بالبصرة، وهو أحد الحفاظ الثقات الكبار، روى له الإمام مسلم وبقية أصحاب السنن.







هؤلاء الحفاظ اخترتهم؛ لأنهم من طبقة الإمام أحمد الذين علا إسنادُ ابن جرير بهم، وسمع عنهم في آخر حياتهم، وأول حياته العلمية.







12- الربيع بن سليمان الأزدي (256)، لقيه في دخوله مصر للمرة الثانية، وأخذ عنه فقه الإمام الشافعي ومرويَّاته.







13- الحسن بن محمد الزعفراني البغدادي الشافعي (260)، لقيه بها فأخذ عنه فقه الشافعي، كما أخذه بها عن محتسب بغداد المجتهد الشافعي أبي سعيد الإصطخري.







14- إسماعيل بن يحيى المزني (264) صاحب الشافعي، لقيه بالقاهرة، وأخذ عنه الفقه ومرويَّاته.







15- محمد بن عبدالله بن عبدالحكم المالكي المؤرخ (268)، أخذ عنه فقه مالك، والتاريخ، كما أخذ فقه مالك عن أخوَيْه سعد وعبدالرحمن، وكان محمد هذا ممن حمل من مصر في الفتنة بخلق القرآن، لكنه ثبت ولم يجب إليها، ثم رد إلى مصر.







16- يونس بن عبدالأعلى الصدفي (264)، أخذ عنه بمصر قراءةَ حمزة وورش، من طريقه عن علي بن كبسة عن سليم بن عيسى عن حمزة، كما أخذ عنه الفقه الشافعي، ومرويَّاته في الحديث والأخبار.







17- سليمان بن عبدالرحمن بن خلاد الطلحي (252)، أخذ عنه القراءات من طريق جدِّه خلاَّد عن شيوخه.







18- علي بن سراج المصري أبو الحسن (308) لقيه بمصر، فأخذ عنه اللغة والأدب، أخذه عنه بدخول مصر الأول في الفُسطاط، وقد أعجب به جدًّا بحفظه وذكائه وسَعَة اطلاعه؛ حيث إن ابن جرير كان يحفظ شعرَ ابن الطرماح، ولم يكن بمصر من يحفظُه غيره، وكان ابن سراج حافظًا محدِّثًا، عالمًا بأيام الناس وأخبارهم.







19- كما أخذ علمَ النحو والعربية وأدبها عن أحمد بن يحيى ثعلب الكوفي (291) إمام الكوفيين في عصره، وقد أثنى على ابن جرير ثناء جيدًا، مع شدته في مدح الناس جدًّا.







20- كما أخذ الفقه الحنفي عن أبي مقاتل في بلده الري، فتجمع له الفقه على المذاهب الثلاثة المشتهرة بزمنه، مع فقه الظاهرية؛ حيث أخذه عن إمامهم: داود بن علي الأصبهاني الظاهري (270)، لقيه بها فأخذ عنه، وكتب عنه من كتبه كثيرًا، إلا أنه رد عليه بكتاب سماه (الرد على ذي الأسفار)، وما الناس إلا رادٌّ ومردود عليه، وهذا شأن العلم، فليَفطِنْ لهذا طلاَّبُه.







21- الشيخ العباس بن الوليد البيروتي (270هـ)، وأخذ عنه القراءات ببلده بيروت في بلاد الشام لما رحل إليها من العراق.







هذا، وإن كان ابن جرير قد تلقَّى أكثر العلوم عن أهلها المشايخ، فهو - رحمه الله - قد تولَّى تعليم نفسه بنفسه في بعض الفنون، والتوسُّع في بقيتها، فعلم العَروض علَّمه نفسَه بنفسه، كما ذكره هو عن نفسه لما استعار من صديق له كتاب العروض للخليل الفراهيدي، فأمسى غيرَ عروضيٍّ وأصبح عروضيًّا، إذ أحاط به في ليلة على نفسه، كذلك شعر الطرماح بن حكيم استظهره على نفسه... وغيرها.







وهذا أمر لا يستطيعه كلُّ أحد إلا النوابغ من الطلاب، وهو مشاهَد في كل زمان في هؤلاء خاصة، لا كما يظنه بعضهم استغناء عن الشيوخ اكتفاءً بذكائهم، فإن من كان إمامه كتابه، كان خطؤه أكثرَ من صوابه.







وهذا ابن جرير وغيره - ممن بلغوا من الذكاء والنبوغ مبلغًا قلَّ أن يوصل إليه - كان شيوخهم بالكثرة بما يصعب حصرهم والإحاطة بهم.







وهو نموذج لطلاب العلم في زمننا وما بعده للإفادة من هذا المنهج في طلب العلم وتحصيله، والذي عزف عنه كثير من المتعلِّمين، ولا حول ولا قوة إلا بالله، وهي سنةٌ مَن أحياها كان له أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، من غير أن ينقص من أجورهم شيئًا.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 14-02-2020, 04:39 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,616
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الإمام الطبري

الإمام الطبري
الشيخ الدكتور علي بن عبدالعزيز الشبل



رحلات الإمام الطبري










لما حصَّل الإمام الطبري مبادئَ العلوم في بلده، وسمع من شيوخها، همت نفسه بالاستزادة والرحلة لملاقاة الشيوخ والسماع منهم، فقد كانت الرحلة في طلب العلم ولُقْيَا العلماء، والسماع والرواية عن الأكابر - ميزةَ علماء ذلك العهد، فلا تجد عالمـًا بقي في بلده مكتفيًا بما سمعه من علمائها في الغالب الأعم، خصوصًا والعصر لم يزل عصرَ رواية وسماع وتحديث، كما أن الأخذ عن العلماء - غير مروياتهم - سببٌ مهم يسعى إليه طلاب العلم في ذلك الوقت من فقههم وأدبهم وسمتهم وعبادتهم.





وإمامُنا ابن جرير ممن سار على هذه الجادَّة، فرحل إلى بلاد الرَّي، ثم يـمَّمَ وجهه شطر العراق لبغداد ممنِّيًا نفسَه لقيا الإمام أحمد بن حنبل، ولكنه قبل وصوله إليها بقليل بلغَه نبأُ وفاته، فواصل عزمه في الرحلة ولقيا بقيَّة حفاظ العلماء في بغداد والبصرة والكوفة، فأدرك فيها محمدَ بن بشار المعروف ببُنْدار، وإسماعيل بن محمد السدي، وهنَّاد بن السري، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن عبدالأعلى الصنعاني، وأحمد بن منيع، ويعقوب بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن العلاء الهمدَاني أبا كريب، وفي الفقه الحسن بن محمد بن الزعفراني.





ثم يـمَّمَ نحو الشام فلقي في بيروت الإمامَ المقرئَ العبَّاس بن الوليد البيروتي، فأخذ عنه القراءة برواية الشاميين.





ثم توجه إلى مصر في سنة 253هـ، ودخل الفسطاط ثم رجع إلى الشام مرة أخرى، عاد بعدها إلى مصر سنة 256، فدخل القاهرة، وأخذ الفقه الشافعي عن الربيع بن سليمان المرادي، وإسماعيل بن إبراهيم المزني، ولقي فيها محمد بن عبدالحكم المؤرخ المشهور، وأخذ عن أصحاب عبدالله بن وهب القرشي الفهري تلميذِ مالكِ بن أنس إمام دار الهجرة، ولقي يونسَ بنَ عبدالأعلى الصدفي، وابن سراج الأديب، ولقي بها جماعة غيرهم.





ثم رجع بعدها إلى بغداد، ثم بلاده طبرستان؛ ليعود بعد زيارته الأولى لبلده إلى بغدادَ مرةً أخرى، ثم رجع إلى بلده للمرة الثانية.





حتى رجع إلى بغداد، فاستقر بها من سنة 290هـ - وعمره ست وستون سنة - إلى أن توفاه ربه في سنة 310 هـ.





وكان هروبه من بلده في المرة الأخيرة بسبب تأليفه: فضائل الشيخين، وسيأتي في مؤلفاته.





هذا، ولم أر في رحلاته سفرَه إلى الحرمين الشريفين لطلب العلم، ولكنه سافر للحج، ثم رجع ولم يمكُثْ فيهما للتحصيل،. كما ذكره في شرح حديث "الهميان" وسيأتي في مؤلفاته برقم 18.





وعليه، فكانت رحلته - رحمه الله - مركَّزة بين قرى الري والعراق ومصر، وبها اجتمع بأكابر العلماء والحفَّاظ فأسند عنهم، وأخذ من علومهم ما تأهَّل به لمكانته التي وصل إليها.





وبالمناسبة أُشيدُ بأهمية الرحلة لله بسبب طلب العلم، هذه السُّنة التي لا بد أن يذيعها وينشرَها أهل العلم وطلابه؛ ففيها همَّة وتجرد للعلم، واجتماع بأكابر أهله، ولو لم يكن فيها إلا إتعاب النفس بسبب ذلك، ونيل أجره من الله تعالى، لكفى حافزًا؛ فإنه جهاد وصبر على طاعة الله.





ومن العجائب في رحلة ابن جرير ما رواه الخطيب البغدادي في تاريخه بسنده، عن أبي العباس البكري قال: جمَعت الرحلةُ بين ابن جرير وابن خزيمة ومحمد بن نصر المروزي ومحمد بن هارون الروياني بمصر، فأرملوا ولم يبق عندَهم ما يقوتهم، وأضرَّ بهم الجوع، فاجتمعوا ليلةً في منزل كانوا يأوون إليه، فاتفق رأيُهم على أن يستهموا ويضربوا القرعة، فمن خرجت عليه سأل لأصحابه الطعام - أي: شحذ واستعطى - فخرجت القرعة على ابن خزيمة، فقال لأصحابه: أمهلوني حتى أصلي ركعتين صلاةَ الخيرة - أي: الاستخارة - قال: فاندفع في الصلاة، فإذا هم بالشموع، وخصي من قبل الوالي يدق الباب، ففتحوا.





فقال: أيكم محمد بن نصر؟ فقيل له: هو ذا، فأخرج صُرَّةً فيها خمسون دينارًا فدفعها إليه، ثم قال: أيكم محمد بن جرير؟ فأعطاه خمسين دينارًا، وكذلك الروياني وابن خزيمة.





ثم قال: إن الأمير كان قائلاً - نائمًا في القائلة، وهي نصف النهار - بالأمس، فرأى في المنام أن المحامد جِياعٌ قد طووا كشحهم، فأنفذ إليكم هذه الصرر، وأقسم عليكم إذا نفدت فابعثوا إليَّ أحدَكم.





وهؤلاء كلهم اسمهم محمد، وهم أئمة زمانهم، فهذا ابن جرير صاحبنا، وأبو بكر محمد بن خزيمة صاحب (الصحيح) و(التوحيد)، ومحمد بن نصر صاحب (تعظيم قدر الصلاة) و(المسند) وغيرهما، ومحمد بن هارون الروياني صاحب (المسند) العالي سندًا ورتبة.





وفي الجملة: فإنه من المشهور على مر التاريخ أن أهل العلم فقراء مساكين، ومتقللون من الدنيا.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 72.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.57 كيلو بايت... تم توفير 2.59 كيلو بايت...بمعدل (3.60%)]