|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الشمول الإسلامي .. حقائقه وآفاقه . د. عبدالستار سعيد معنى الشمول : العموم ، والاستيعاب ، والإحاطة بأمر ما . وعلى هذا الوجه جاء الوحي الإلهي بالإسلام ، دين الله لعباده في كل العصور ، والذي بعث به رُسُلَه - عليهم السلام - إلى كل الأمم ، كما قال الله تعالى : { وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَّسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ } ( النحل : 36 ) ، { وَإِن مِّنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خَلاَ فِيهَا نَذِيرٌ } ( فاطر : 24 ) . الهداية الأولى : لقد أحكم الله الدين قبل نشأة الأمم ، أو قيام الحضارات البشرية ، وعلَّمه للإنسان منذ أول الطريق ، حين أُهبط على الأرض ؛ لأنه أساس هدايته وضرورة معاشه ومعاده ، كما قال - تعالى - : { قَالَ اهْبِطَا مِنْهَا جَمِيعًا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ فَإِمَّا يَأْتِيَنَّكُم مِّنِّي هُدًى فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلاَ يَضِلُّ وَلاَ يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَن ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ القِيَامَةِ أَعْمَى } ( طه : 123-124 ) وهذا خبر الحق والصدق الذي لا يتخلف أبداً : بأن شريعة الله لعباده هي الهداية الخالصة التي تعصمهم من الضلال والضياع في كل شؤون الحياة ، والتي تفضي بهم إلى سعادة الأبد . ثم هذا نذير قاطع بأن الإعراض عنها يؤدي إلى ضنك الحياة ، وشقاء العيش وعماية النهاية ، وضرورة أن الإنسان لا يعيش في فراغ ، فمن أعرض عن الحق لا بد أن يقع في الأباطيل ، وأن يتمرغ في أوحالها وأهوالها ، قال الله تبارك وتعالى :} فَمَاذَا بَعْدَ الحَقِّ إِلاَّ الضَّلاَلُ } ( يونس : 32 ) ، وهذا تقرير واضح بشمول الهدي الإلهي لكل ما يحتاجه الإنسان في معاشه ومعاده ، حتى يتأكد الاتباع ، ولا يضطر الإنسان إلى الإعراض في شيء من جوانب الحياة المتلاطمة . الشريعة الدائمة العادلة : وعلى هذا الهدي تتابعت الرسل - عليهم السلام - بدين الله الجامع الشامل ، وجاؤوا بمنهج واحد مؤتلف غير مختلف ، كما قال - تعالى - : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } ( الشورى : 13 ) ؛ ذلك لأن الشارع الموحي واحد لا شريك له . والرسالة عبر أولي العزم جميعاً رسالة صادقة هادية ، من فجر التاريخ النبوي الشريف إلى ختامه بمحمد - صلى الله عليه وسلم - ثم امتداده إلى يوم القيامة ، قال - تعالى - : { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنزَلْنَا مَعَهُمُ الكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ } ( الحديد : 25 ) ، وهذه آية جامعة لخصائص الرسالة الإلهية ، وأنها تقصد قصداً إلى تحقيق العدل ، وإقامة القسط بين الناس ، خاصة إذا تنازعوا واختلفوا ، كما قال - تعالى - : { كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ وَأَنزَلَ مَعَهُمُ الكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ } ( البقرة : 213 ) . الرسالة الخاتمة : وكان كل رسول يُبعث إلى قومه بالشريعة الإلهية الجامعة ، وتعادلت كثرة الرسل - عليهم السلام - مع تعدُّدِ الأقوام والأمم ، إلى أن بعث الله - تعالى - محمداً - صلى الله عليه وسلم - بالرسالة الخاتمة ، فقام بعموم رسالته مقام الكثرة السابقة ، واجتمع له - صلى الله عليه وسلم - الشمول من أطرافه جميعاً ، خاصة بالمعجزة الخاتمة ( معجزة القرآن الكريم ) أو الفرقان الذي فرَّق الله به بين الحق والباطل ، وجعله حجته الدائمة على جميع البشر كلهم ، وصوت النبوة الممدودة إلى آخر الدهر . وفي هذه الرسالة الخاتمة اتسعت جوانب الشمول الإسلامي ، وامتدت طولاً وعرضاً وعمقاً حتى استوعبت جميع الأفراد والأمم ، وقررت كلَّ طيِّب من المبادئ والنُّظم ، وتوجهت بالخطاب الأعلى لكل الأزمنة والأمكنة ، مع غاية التبيان في الخطاب ، وقوة الحجة ، وصحة الدليل والبرهان . هذا الإجمال يحتاج إلى تفصيل ، وبيان ، واستدلال من صريح الوحي الإلهي الجليل ، المحفوظ بأصليه الجامعَين ( القرآن الكريم ، والسُّنة المطهرة ) كما قال - تعالى - { الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءَايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } ( هود : 1 ) وكما قال - تعالى - مخاطباً رسوله الأمين { وَأَنزَلَ اللَّهُ عَلَيْكَ الكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُن تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا } ( النساء : 113 ). آفاق الشمول الإسلامي : تعددت جوانب الشمول الإسلامي ، واتسعت آفاقه في هذه الرسالة الخاتمة ، التي أراد الله - تعالى - لها أن تكون خطابه الدائم إلى يوم القيامة ، وحجته الممدوة في حياة الرسول الخاتم - صلى الله عليه وسلم - وبعد وفاته عليه السلام . ويتمثل ذلك في ثلاثة أقسام : • الشمول الظرفي : ( المكان والزمان ) . • الشمول الشخصي : ( الأفراد والجماعات ) . • الشمول التشريعي : ( المبادئ والأحكام ) وسنتحدث عن كلٍّ منها على الترتيب . أولاً : الشمول الظرفي : ونعني به أن الإسلام خطاب إلهي موجَّه لكل البقاع في الأرض ولكل الأزمنة منذ بُعث رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى أن ينفخ إسرافيل في الصور إيذاناً بتصدع الكون ، وانتهاء مرحلة التكليف والاختبار في حياة الإنسان . ولذلك كان خطاباً لأهل مكة الذين بدأ بهم رسول الله صلى الله عليه وسلم :} وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الأَقْرَبِينَ } ( الشعراء : 214 ) . وكان خطاباً لأهل الجزيرة العربية ، ومن حولها من البشر ، كما قال تعالى : {وَهَذَا كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ مُّصَدِّقُ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَلِتُنذِرَ أُمَّ القُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا } ( الأنعام : 92 ) ، وقال - تعالى - : { وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْءَانًا عَرَبِيًّا لِتُنذِرَ أُمَّ القُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا } ( الشورى : 7 ) وقد ثبت عملياً أن أم القرى ( مكة ) هي مركز اليابسة ، وما حولها جميعُ الأقاليم في زمنه - صلى الله عليه وسلم - وما بعده كما سيتضح فيما يأتي . ثانياً : الشمول الشخصي : ونعني به استيعاب جميع الأشخاص العقلاء البالغين في توجيه الخطاب الإسلامي إليهم ، سواء كانوا أفراداً ، أو كانوا كالأسرة أو القبيلة ، أو كانوا شعوباً وأمماً تحكمهم الأعراف والتقاليد في البوادي ، أو تحكمهم حكومات في دولة منظمة ذات قوانين . إن كل من يدرج على أرض الله مخاطَب بهذه الرسالة ، ومكلَّف بها في أي مكان درج ، وفي أي زمان وُجِد ، كما قال - تعالى - في العديد من الآيات الكريمة ، منها قوله تعالى : { وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا القُرْءَانُ لِأُنذِرَكُم بِهِ وَمَن بَلَغَ } ( الأنعام : 19 ) فقوله - تعالى - : { لِأُنذِرَكُم بِهِ } خطاب لأهل مكة أو العرب عامة برسالة القرآن وقوله - تعالى - : { وَمَن بَلَغَ } أي أنه خطاب لكل من بلغه القرآن ، أو لكل من بلغ سن التكليف ، واللفظ عام في العرب وغيرهم في معنييه : - الأول من البلاغ بمعنى العلم به على وجه صحيح . - الثاني من البلوغ وهو حد التكليف الملزِم بالخطاب الإلهي . ومِن أَجْمَع وأصرَح الأيات في ذلك قوله - تعالى - : { قُلْ يَاأَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعًا الَّذِي لَهُ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ لاَ إِلَهَ إِلاَّ هُو يُحْيِي وَيُمِيتُ } ( الأعراف : 158 ) ؛ فهذا تقرير إلهي حاسم في شمول الرسالة الخاتمة ، وأنها موجَّهة للناس جميعاً ، بدليل التاكيد بلفظ ( جميعاً ) لرفع أي احتمال أو التباس بأن المراد بالناس بعضهم أو معظمهم أو أهل زمان مخصوص منهم ، فأفاد ذلك أن المراد هو جميع العقلاء الذين يصلحون لهذا الخطاب الإلهي التكليفي الشامل . ومن هذه الأيات أيضاً قوله - تعالى - : { تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيرًا } ( الفرقان : 1 ) وقوله : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ كَافَّةً لِّلنَّاسِ بَشِيرًا وَنَذِيرًا } ( سبأ : 28 ) ، وقوله : { وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلاَّ رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ } ( الأنبياء : 107 ) . ويلاحظ أن هذه الآيات الكريمة كلها مكية نزلت في عهد الضعف قبل التمكين وقبل وجود أي قدرة للجماعة المسلمة الأُولى على تحقيق هذه القضية ، وإنما سبقت في العهد المكي للتأسيس الاعتقادي ، وللتأصيل الديني في ذاته ، وقد ضعها رسول الله - صلى الله عليه وسلم - موضع التطبيق العملي بعد ذلك بسنوات ، حين أقام الدولة في المدينة المنورة ، ومهَّد الأمور من إبرام صلح الحديبية مع مشركي مكة ، والذي كان فتحاً مبيناً ؛ كسر الله به حميَّة المشركين في الجزيرة كلها ، وأزال به رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مصدر المؤامرات اليهودية في خيبر ، وحينئذٍ أمِنَت الطرق فأرسل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - كُتُبَه إلى ملوك الفرس والروم و مصر ... وغيرها تحقيقاً وتطبيقاً لمبدأ عالمية الإسلام أو شمول الأشخاص أفراداً وجماعات . ثالثًا : الشمول التشريعي : وهو الأساس الثابت في الدين الإلهي للناس ، على ألسنة الرسل – عليهم السلام - في كل العصور ، مع مراعاة بعض الفروق والتفاوتات المناسبة لكل الأزمنة أو الأمكنة أو الأقوام ، حسبما تقتضيه الحكمة الإلهية المبنية على العلم المحيط . والأصل في هذا هو قوله - تعالى - : { شَرَعَ لَكُم مِّنَ الدِّينِ مَا وَصَّى بِهِ نُوحًا وَالَّذِي أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ وَمَا وَصَّيْنَا بِهِ إِبْرَاهِيمَ وَمُوسَى وَعِيسَى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلاَ تَتَفَرَّقُوا فِيهِ } ( الشورى : 13 ) . وفي الرسالة الخاتمة بالذات أَكثَرَ القرآن من تقرير الشمول الجامع ، بصيغ عديدة غاية في الصراحة والوضوح ، كما قال - تعالى - : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } ( النحل : 89 ) . والتبيان أبلغ من البيان ، والشمول مأخوذ نصاً من قوله - تعالى - { لِّكُلِّ شَيْءٍ } مما يحتاجه الناس في شؤون حياتهم إيماناً وأخلاقاً وعبادات ومعاملات . وقال - تعالى - في ختام العهد المكي { اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } (المائدة: 3 ) والآية الكريمة نزلت في حجة الوداع في يوم عرفة من السنة العاشرة للهجرة . والإكمال يرجع إلى معاني الجودة في الصفات ( الكيف ) والإتمام يرجع إلى معاني الشمول في الأعداد ( الكم ) . فتعين من هذا أن الدين الذي رضيه الله - تعالى - لعباده مستجمِع لكل الصفات الجيدة ، ولأعداد الأحكام في كل جوانب الحياة ؛ لأن الله - تعالى – هو الذي يشرِّع لعباده ، ولا يعطيهم ديناً ناقصاً أبداً ، كما قال - تعالى - ذلك من قبل في العهد المكي{ قُلْ إِنَّنِي هَدَانِي رَبِّي إِلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ دِينًا قِيَمًا مِّلَّةَ إِبْرَاهِيمَ حَنِيفًا وَمَا كَانَ مِنَ المُشْرِكِينَ * قُلْ إِنَّ صَلاَتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ العَالَمِينَ * لاَ شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ المُسْلِمِينَ * } ( الأنعام : 161-164 ) . وقد قال ذلك في الإسلام الذي أوحاه للرسل من قبل ، ومن ذلك على سبيل المثال ما قاله عن موسى - عليه السلام - { وَكَتَبْنَا لَهُ فِي الأَلْوَاحِ مِن كُلِّ شَيْءٍ مَّوْعِظَةً وَتَفْصِيلاً لِّكُلِّ شَيْءٍ } ( الأعراف : 145 ) . وهذا هو شأن الدين الإلهي في كل العصور ، خاصة في الرسالة الخاتمة على ما نبينه في المقال التالي - إن شاء الله تعالى - تفصيلاً وتدليلاً ؛ فكانت بذلك كله في مرتبة العقائد المقرَّرة ، والمسلَّمات المتواترة بنقل الكافة عن الكافة ، لا تقبل جدلاً أو لجاجةً ! ولذلك استفاض علماء الإسلام في تقريرها ، وتفصيلها ، وبيان جوانبها : كالمفسرين ، والمحدثين ، والأصوليين ، والفقهاء ، بما وجدوا من فيوض النصوص في كتاب الله - تعالى - وسنَّة رسوله - صلى الله عليه وسلم - وإجماع الصحابة - رضي الله عنهم - أجمعين على ما نُبيِّنه بإيجاز فيما يلي : أولاً : فيوض من نصوص القرآن الكريم : ومن المهم أن نلتفت إلى كثرة الآيات الكريمة التي قررت وأكدت هذا الشمول التشريعي الجامع ، وقد كانت آية واحدة كافية للإلزام وإقامة الحجة على العالمين ؛ فكيف إذا تكاثرت الآيات الكريمة على هذا النمط في العهدين المكي والمدني على سواء؟ ومن ذلك قوله - عز وجل - : أولاً : في العهد المكي قبل قيام دولة الإسلام : ( أ ) : { ثُمَّ جَعَلْنَاكَ عَلَى شَرِيعَةٍ مِّنَ الأَمْرِ فَاتَّبِعْهَا وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } ( الجاثية : 18 ) . ( ب ) : { وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الكِتَابَ تِبْيَاناً لِّكُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً وَبُشْرَى لِلْمُسْلِمِينَ } ( النحل : 89 ) ( ج ) : { وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِن شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ } ( الشورى : 10 ) . ( د ) : { الر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءَايَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ } ( هود : 1 ) . ( هـ ) : { أَفَغَيْرَ اللَّهِ أَبْتَغِي حَكَمًا وَهُوَ الَّذِي أَنزَلَ إِلَيْكُمُ الكِتَابَ مُفَصَّلاً } ( الأنعام : 114 ) . ثانياً : ثم في العهد المدني بعد أن مكَّن الله - تعالى - للمسلمين وجعل لهم داراً وأنصاراً ، وإماماً يحكِّم شريعة الله - تعالى - : ( أ ) : { يَاأَيُّهَا الَّذِينَ ءَامَنُوا ادْخُلُوا فِي السِّلْمِ كَافَّةً وَلاَ تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ } ( البقرة : 208 ) . وهذا أمر صريح للمؤمنين بأن يأخذوا بجميع عُرى الإسلام وشرائعه ، والعمل بجميع أوامره ، وترك جميع زواجره أي : « أُمروا كلهم أن يعملوا بجميع شُعب الإيمان ، وشرائع الإسلام - وهي كثيرة جداً - ما استطاعوا منها » . كما قال ابن كثير في تفسير الآية الكريمة . ( ب ) : { إِنَّا أنزَلْنَا إِلَيْكَ الكِتَابَ بِالحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللَّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَائِنِينَ خَصِيمًا } ( النساء : 105 ) . ( ج ) : { فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ } ( النساء : 59 ) . ( د ) : { فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا } ( النساء : 65 ) . ( هـ ) : { وَأَنِ احْكُم بَيْنَهُم بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ وَلاَ تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ } ( المائدة : 49 ) . ( و ) : { أَفَحُكْمَ الجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ } ( المائدة : 50 ) . ( ز ) : { اليَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلاَمَ دِينًا } ( المائدة : 3 ) . خلاصة الآيات الكريمة جميعاً : أن الله - تعالى - شرع لنا ديناً جامعاً ، وألزمنا إلزاماً باتباع أوامره ، واجتناب نواهيه ، وجعله فوق الكفاية ؛ بحيث لا نحتاج إلى استعارة أي حكم أو تشريع من غيره ، ولذلك أَلزَمَنا بالدخول في كافة شرائعه ، وحرَّم علينا تفرقته وتجزئته تحريماً قطعياً ؛ لأن هذا ينافي الإيمان ، ويبطل دعوى صاحبه في دخول الإسلام . وقد استفاض أئمة التفسير في تقرير هذه المعاني عند تفسير هذه الآيات الجامعة ، وبيان تفصيلاتها الجزئية ، وما يندرج تحتها في العقائد ، والأخلاق ، والعبادات ، والمعاملات : كآيات البيع ، والرهن ، والنكاح ، والطلاق ، والعدة ، والرضاع ، والنفقة ، والميراث ، والوصية ... وغير ذلك من شؤون الحياة جميعاً التي تربو على الإحصاء والعد ، بما يجِدُّ فيها من جديد دائم ، ينضوي تحت هذا الشمول الجامع لقواعده ، وأصوله ، وشُعَبِه المتكاثرة . ثانياً : كثرة شُعب الإيمان في ضوء السُّنة المطهرة : والأصل في ذلك قوله - صلى الله عليه وسلم - : « الإيمان بضع وستون أو بضع وسبعون شعبة أعلاها قول : لا إله إلا الله ، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق ، والحياء شعبة من الإيمان »[1] . وقد ألَّف العلماء في شرح هذه الشُّعب كتباً جليلة منها : كتاب ( المنهاج ) لأبي عبد الله الحليمي الشافعي ( توفي 403 هـ ) . وكتاب ( شُعب الإيمان ) لأبي بكر البيهقي ( توفي 458هـ ) وقد زاد فيه على كتاب شيخه الحليمي ، وبلغ بالشعب : ( 77 ) شعبة ، واستدل لكل منها بدليل من الكتاب أو السُّنة . وقد بلغ بعضهم بها ( 79 ) شعبة كما روي ذلك عن أبي حاتم بن حبان البستي . وهل المراد هنا العدد بذاته ، أم المراد بيان الكثرة وسعتها ؟ « لأن العرب في أساليب كلامها تذكر السبعين في مبالغة كلامها ولا تريد التحديد بها » . كما قال ابن كثير - رحمه الله - في تفسير آية : { اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ } ( التوبة : 80 ) . فإن أريد تحديد العدد ، فإن في كل شعبة عشرات أو مئات من الأحكام التي تندرج تحتها ، وبذلك يخرج العدد عن حدود الحصر . وإن أريد التكثير عاد المعنى إلى القصد الأول ؛ فيثبت ( الشمول)في كل الأحوال ... والحمد لله رب العالمين . نموذج من كلام العلماء في الشمول الإسلامي : أورد الحافظ ابن حجر في شرح البخاري شيئاً من ذلك ، فقال : « إن هذه الشعب تتفرع عن أعمال القلب ، وأعمال اللسان ، وأعمال البدن : - فأعمال القلب فيها المعتقدات والنيَّات ، وتشتمل على ( أربع وعشرين خصلة ) : الإيمان بالله ، ويدخل فيه : الإيمان بذاته وصفاته ، وتوحيده ، وأنه ليس كمثله شيء . يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |