الدعاة ونصرة الأقصى.. الواجب والتقصير

[mahmoud eysa]

إخوان أون لاين - 21/02/2007
الشيخ تيسير التميمي دعا مرارًا للتصدي للحفريات الصهيونية بالأقصى




- د. عبد الرحمن البر: الجهاد باللسان أشدُّ على الأعداء من السلاح ولا عذرَ للدعاة
- الشيخ الشريف: سطوة الأمن ولقمة العيش وراء تقصير الأئمة
- د. المهدي: مطلوب نقابة للدعاة تُدافع عنهم ضد التجاوزات في حقهم

تحقيق- عصام سيف الدين
لا يختلف اثنان على دور العلماء والدعاة في حياة الأمم والشعوب، خاصةً وقت الأزمات والمحن وتعرضها لابتلاءات تهدد وجودهم كبشرٍ أو تهديد مقدساتهم التي هي بالنسبة لهم أغلى من الحياة.

وسجَّل التاريخ لعلماء الأمة دورهم في تحفيز الجماهير وتحريكها من خلال تذكيرهم بقيمة مقدساتهم، وكيف أنَّ قيمتهم في الحياة ترتبط بهذه المقدسات، وأنَّ رضا الله مرهونٌ بنصرتها.

ومن أشد المواقف إيلامًا أن يقع انتهاك حرمة أو مقدس ويتخاذل عن نصرتها الدعاةُ ويظهرون أمام المستجيرين بهم من عموم الشعب بمظهر الضعيف المتخاذل.

إنَّ مثل ذلك حدث من العلماء والدعاة خلال قضية نصرة الأقصى المبارك؛ حيث يحفر الكيان الصهيوني تحت جدرانه لتدميره وإنشاء الهيكل المزعوم مكانه في تهديدٍ وانتهاكٍ واضحَيْن لمشاعر أكثر من مليار مسلم، ويتساءل الجميع ما الذي يمنع ورثة الأنبياء من هذه النصرة يصيبون الجماهير بخيبة أمل؟ وما الدور الذي لا بد أن يلعبه الدعاة؟ وهل يستطيعون التعاون مع مؤسسات المجتمع المدني للعب هذا الدور الذي يعد سر وجودهم، ومن غيره لإبقاء ولا حياةَ لهم؟ وهل الحاجز أيًّا كان أمنيًا أوغيره عذر لعدم أداء الدور المطلوب؟

دور تاريخي

د. عبد الرحمن البر

الشيخ عبد الرحمن البر- أستاذ الدعوة والثقافة الإسلامية بجامعة الأزهر يوضح أنه في كلِّ أمة يكون الدعاة هم قادتها ودافعيها للأخذ بسبل الصلاح والإصلاح ومقاومة أشكال الفساد الأخلاقي والإنساني على مستوى الفرد والدولة والأمة، والتاريخ شاهد على أنَّ الدعاةَ هم مَن يشحذون همم الأمة في شتى الميادين سواء السياسية أو الاجتماعية أو الأخلاقية.
كما أنَّ الله قد حبا الأمةَ ببعدٍ عقائدي جعلها تلجأ للعلماء في كل نكبةٍ وكبوةٍ تمرُّ بها مستهدفة أمن شعبها ومقدساتها، وقد كان العلماء أول مَن لجأت إليهم الأمة لمقاومة المحتلين الغاصبين على مرِّ العصور.

ويضيف أن قضيةَ نصرة الأقصى من أهم القضايا الأساسية في عقيدةِ المسلمين وأنَّ الدعاةَ عليهم واجب وفريضة تجاه إثارة هذه القضية، وأنَّ دورهم قائمٌ على فكرةِ الجهاد اللساني الذي لا يقل عن الجهاد بالنفس؛ بل والذي يُعدُّ من أعلى مراتب الجهاد وهو كلمة حق وعدل لدى سلطان جائر.

ويشير إلى أنَّ أشكال الجهاد اللساني لا تنحصر في هذه الكلمة، فقد تكون نشيدًا يؤلفه أو خطبة حماسية تدعو لعدم التخاذل، ويدلل الشيخ البر بموقف عبد الله بن رواحة عندما أنشد بين يدي النبي- صلى الله عليه وسلم- عند دخوله مكة مما أغضب سيدنا عمر بن الخطاب فقال له رسول الله: "مه يا عمر، لهذا أشد عليهم من وقع النبال".

ويلفت النظر إلى أن هناك كثيرًا من الوسائل أمام الدعاة لنشرِ القضية منها دعوة الجماهير إلى التظاهر تعبيرًا عن الرفض التام لهذه الانتهاكات، وكذلك الكتابة في الصحف والمجلات والمحاضرة في المساجد والأندية والنقابات- وأن يقوم العلماء بالتعريفِ بالقضية وجذورها التاريخية وحقيقة الصراع وتوضيح أنه صراعٌ عقائدي وجودي لا حدودي، وأن تعلم الأمة كلها أن قضية الأقصى لا تخص الفلسطينيين وحدهم- كما يروج لذلك عملاء الاستعمار الصهيو أمريكي- وإنما تخص المسلمين جميعًا وتوضيح شمولية الإسلام، وكذلك شمولية الجهاد بالنفس والمال، والتأكيد على شرعيةِ المقاطعة؛ بل وتربية الأمة على أنها نوعٌ من التحرر من العبودية والتبعية للآخرين.

ويطالب الشيخ البر الدعاةَ بإبراز البطولات والتضحيات القديمة والحديثة وترديد عبارات الشهداء ضمن الخطب والكلمات، وإبراز وصايا المجاهدين والشهداء ودعوة الجماهير إلى تعلم معنى الدعاء، وكيف يسألون الله الشهادة بصدق، بالإضافة إلى حثِّ الناس على إخراج الزكاة لنصرة المسلمين ودفع رواتب للمجاهدين الذين يحمون المسجد الأقصى بصدورهم.

ويرجع السبب في تقصير الدعاة إلى الهاجس الأمني لدى كثيرٍ من الدعاة في تخاذلهم وبعدهم عن الكلام عن الأقصى بالرغم من أنهم يودون ذلك، ولكن سيطرة الأمن على العلماء تؤدي إلى مزيدٍ من التخوفاتِ من الإقصاء أو نقلهم إلى أماكن نائية، مشيرًا إلى أنه ليس بالعائق أمام نصرة الأقصى الشريف، وأنه لا يعد عذرًا لهم يوم القيامة.

وحول تفاعل الدعاة مع مؤسسات المجتمع المدني لتفعيل القضية قال: إنَّ طبيعةَ عمل الدعاة وسيطرة الأجهزة الأمنية تُشكِّل عائقًا كبيرًا، وطالب الهيئات الرسمية والمدنية الشعبية والحكومية التي لديها حس وطني وقومي أن تتصل بالدعاة وتدعوهم لإلقاء المحاضرات وتوعية الجماهير بالقضية.

سطوة الأمن

الشيخ عبد الخالق الشريف

الداعية الشيخ عبد الخالق الشريف يستنكر السطوة الأمنية والهيمنة الحكومية على المساجد مثل ما حدث من قوات الأمن المصرية من إغلاقها للجامع الأزهر ومنع الجماهير من الصلاة في الوقت الذي سمحت فيه قوات الاحتلال للفلسطينيين بالصلاة في الأقصى، مشيرًا إلى أنَّ الله لن يترك الذين أغلقوا الأزهر في وجه المسلمين.

وحول دور الدعاة في نصرة قضية الأقصى قال: إن الدعاة يتمنون أن يتحدثوا ليلَ نهارَ عن الأقصى وكيفية نصرته، ولكن النظام البوليسي الذي منع الدعاة من المشاركة في الفعاليات الجماهيرية، بل والحديث حتى في المساجد عن القضايا التي تهم المسلمين والتي لا تتعلق بالشأن الداخلي لنظام الحكم، وأرجع تخوف الدعاة إلى سيطرة رجال وزارة الداخلية على الأوقاف والأزهر وتهديد الدعاة بالنقل أو الفصل إذا تحدثوا عن موضوعاتٍ تهدد النظام أو أصدقائه من الصهاينة والأمريكان.

ويستبعد الشيخ الشريف أن يؤثر الدعاة الرسميون من قريبٍ أو بعيدٍ في الشعب بسبب إحكام القبضة البوليسية على أرزاقهم، وأن الشارع لا بد له من دعاةٍ غير رسميين لا يخافون النقل أو الفصل يقومون بتوعيةِ الجماهير في المظاهراتِ والندوات والمؤتمرات.

ويؤكد الدكتور أيمن المهدي الأستاذ بجامعة الأزهر أنه لا يختلف اثنان على أهمية دور الدعاة في مجتماعاتهم، خاصةً القضايا التي تتعلق بالعقيدة والمقدسات وتفعيل قيمتها وأهميتها لدى الأمة الإسلامية، وحث الجماهير على نصرتها من خلال إبراز البطولات والتضحيات وربط رضا الله تعالى بالاهتمام بآلام المسلمين، وانتهاك حرماتهم ومقدساتهم، ولكن محاولات النظام المصري المستمرة لإضعاف الأزهر ورجاله جعلت الدعاة يدورون في فلك النظام ويأتمرون بأوامره وينتهون بنواهيه؛ وذلك بعد أن سيطرت الأجهزة الأمنية، وأصبحت تحتك احتكاكًا مباشرًا برجال الأوقاف والدعاة.

وأرجع الدكتور المهدي غياب الدعاة عن المحافل ومؤسسات المجتمع المدني إلى عدم وجود مؤسسةٍ لهم تُعبِّر عن آمالهم بعيدًا عن سيطرةِ الحكومة؛ حيث إنَّ كلَّ الدعاة المصريين لديهم الرغبة والإرادة لنصرة الأقصى لولا ارتباط كلامهم بلقمةِ عيشهم، وهذه أزمة كبيرة نجح النظام والأمن في إيجادها ليضمن بها تبعية الدعاة وعدم خروجهم على شرعيته.

[شذى الريحان]

جزاك الله خيرا وجعلك من المحسنين

[رائد الصعوب]

بارك الله فيك اخي على هذا الطرح الجميل