|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() المعايشة التربوية . سالم أحمد البطاطيإن التربية المنتجة عملية صعبة ومستمرة تحتاج إلى معايشة مع المتربين ،والتربية التي تعتمد على لقاء عابر أو جلسة أسبوعية أو مناسبة عامة فقط تربية فيها نقص وخلل ، ومن ثَمَّ لا يكون البناء متكاملاً ، فلا نستغرب بعد ذلك من تلك المخرجات المتذبذبة والمتهلهلة التي من أبرز سماتها الالتزام الأجوف . والناظر في سيرة المصطفى - صلى الله عليه وسلم - يجد أن قضية المعايشة قضية بارزة في حياته - صلى الله عليه وسلم - . يؤكد هذا المعنى عبد الله بن شقيق - رضي الله عنه - عندما سأل عائشة - رضي الله عنها - : هل كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يصلي وهو قاعد ؟ قالت : « نعم ! بعدما حطمه الناس » [1]. فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يتصدى للناس ، ويعايشهم ، ويخالطهم ، يستقبلهم ويودعهم ، ويتحمل أخطاءهم ؛ لذلك حطمه الناس ، وأثَّروا في بدنه - صلى الله عليه وسلم - حتى أصبح يصلي جالساً ، وأسرع إليه الشيب بأبي هو وأمي - صلى الله عليه وسلم - . ويؤكد هذا المعنى أيضاً حديث أنس - رضي الله عنه - حيث قال : « إن كان رسول الله ليخالطنا حتى يقول لأخ لي صغير : يا أبا عمير ! ما فعل النغير ؟ » [2]. ويؤيد هذا المعنى أيضاً حديث سماك بن حرب ؛ حيث قال : قلت لجابر بن سمرة : كنت تجالس رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ؟ قال : نعم ! كان رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إذا صلى الفجر جلس في مصلاَّه حتى تطلع الشمس ، فيتحدث أصحابه يذكرون حديث الجاهلية،ينشدون الشعر،ويضحكون،ويبتسم صلى الله عليه وسلم » [3]. وحسبنا في هذه الورقات أن نلقي الضوء على هذا المفهوم التربوي المهم ،وأنا مؤمن بأنها لن تشبع هذا الموضوع حقه ، ولكن هي إشارات عابرة ، وفتح باب للباحثين حول هذا المفهوم . 1 - مفهوم المعايشة :إن مفهوم المعايشة هو : أن يُظهِر المربي استعداده لمعايشة المتربين واستقبالهم والجلوس معهم ، وأن يُشعِرَهم بتوفر الوقت والمكان لديه لمعالجة قضاياهم وحل مشكلاتهم ، وتتمثل أيضاً في إظهار أوقات الاستقبال وتحديدها ؛ كالساعات المكتبية ، والساعات المنزلية ، والأيام ، والأوقات المتوفرة للخروج مع المتربين في نشاطاتهم ورحلاتهم ، وزياراتهم ، وتيسير سبل الاتصال به ؛ كالاتصال الشخصي ، والكتابي ، والهاتفي ، ومدى الاستعداد لتذليل وسيلة النقل ؛ كالسيارة ونحوها عند الحاجة . والخلاصة : أن كل ما يُظهِرُه المربي من استعداد ليكون قريباً من تلاميذه ؛ لتربيتهم ، والعناية بحاجاتهم ، وحل مشكلاتهم فهو من خاصية المعايشة . 2 - لماذا المعايشة في العمل التربوي ؟إن من أعظم المسوِّغات والدوافع التي تدفعنا لتحقيق هذا المبدأ في واقعنا التربوي وتطبيقه ثقلَ الأمانة المنوطة بعاتق المربين . إن عظيم الموقع الذي تبوأه المربي ، وثقلَ الأمانة التي تحملها تجعله يجتهد غاية الاجتهاد في نصح من يربيهم ، وتوجيههم ، والارتقاء بهم ، كيف لا ؟ وهو المعنيُّ بتلك النصوص العظيمة التي يقول فيها - صلى الله عليه وسلم - : « ما من رجل يلي أمر عشرة فما فوق ذلك إلا أتى الله مغلولاً يده إلى عنقه ، فكه بِرُّه ، أو أوثقه إثمه ، أولها ملامة ، وأوسطها ندامة ، وآخرها خزي يوم القيامة » [4]. ويقول - صلى الله عليه وسلم - أيضاً : « ما من عبد يسترعيه الله رعية يموت يوم يموت وهو غاشٌّ لرعيته ؛ إلا حرم الله عليه الجنة » [5]، ويقول - صلى الله عليه وسلم - أيضاً : « كلكم راع ، وكلكم مسؤول عن رعيته ... » [6]ويقول - صلى الله عليه وسلم - أيضاً : « ما من أمير عشرة إلا وهو يؤتى به يوم القيامة مغلولاً حتى يفكه العدل ، أو يوبقه الجور » [7]. إن هذه النصوص لتدفع كل مربِّ صادق إلى الاجتهاد فيمن يربيهم ، والنصح لهم ، والسعي الجاد في برهم والإحسان إليهم ، وإن تطبيق هذا المفهوم التربوي في الواقع لهو سبيل لتحقيق تلك الأمور المنشودة . 3 - المربي الأول - صلى الله عليه وسلم - والمعايشة :يقول - صلى الله عليه وسلم - : « المؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ، ولا يصبر على أذاهم » [8] . لقد كان للنبي - صلى الله عليه وسلم - أوفر الحظ والنصيب من هذا الحديث ، وكان الرائد في هذا المجال ؛ فقد بُعِثَ معلماً،يتوفر لطلابه في معظم أحيانه ، فهم يجدونه في المسجد،فإن لم يكن ففي السوق أو الطريق،فإن لم يكن ذهبوا إلى بيته،وكان - صلى الله عليه وسلم - يستقبلهم ويعلمهم ويجيب عن أسئلتهم ، ولم يكن من عادته حجب الناس عنه أو ردهم بل كان يستقبلهم ، ويبتسم لهم دائماً . عن جرير بن عبدالله البجلي - رضي الله عنه - قال : « ما حجبني رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منذ أسلمت ، ولا رآني إلا ابتسم في وجهي » [9]. وكان - صلى الله عليه وسلم - يعتمد اعتماداً كبيراً على هذه الخاصية ( المعايشة ) في الاتصال بالمدعوين والمتربين ، والتعرف عليهم والتقرب إليهم ، والتأثير فيهم . فهو يعرف أسماءهم ، وبعض خصائصهم ، وأسماء قبائلهم،وتاريخ تلك القبائل،وأسماء بلدانهم،وخصائص تلك البلدان،ويعرف مستوياتهم الاقتصادية والاجتماعية والثقافية . هذا فيما يتعلق بالأبعدين والمستجدين،أما أصحابه ممن حوله،والمقربون منه ، فيعرف كل شيء عنهم تقريباً ، حاجتَهم واستكفاءَهم ، مرضهم وصحتهم ، سفرهم وإقامتهم ، ويعرف مستوياتهم الإيمانية والعقلية والنفسية ، ويعرف قدراتهم وحظوظهم في المجالات التربوية والقيادية والمالية والحكمية والدعوية ، ويتحدث مع كلٍ بما يناسبه ، ويكلف كلاً منهم وفق خصائصه وقدراته . عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال : « أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ، وأشدهم في دين الله عمر ، وأصدقهم حياء عثمان ، وأقضاهم علي بن أبي طالب ، وأقرؤهم لكتاب الله أُبَيُّ بن كعب ، وأعلمهم بالحلال والحرام معاذ بن جبل ، وأفرضهم زيد بن ثابت ، ألا وإن لكل أمة أميناً وأمين هذه الأمة أبو عبيدة ابن الجراح » [10]. 4 - فوائد المعايشة :للمعايشة فوائد كثيرة يجنيها المربي متى ما طبق هذا المفهوم على أرض الواقع ، ولعلنا نشير إلى أهم هذه الفوائد والثمار . أ - الحصول على الأجر والثواب من عند الله - عز وجل - :قال - صلى الله عليه وسلم - : « المؤمن الذي يخالط الناس ، ويصبر على أذاهم أفضل من المؤمن الذي لا يخالط الناس ، ولا يصبر على أذاهم » [11]. فمتى ما استشعر المربي هذا الحديث ، واستشرف لهذا الأجر العظيم كان ذلك دافعاً له لتحقيق هذا المفهوم مع من يربيهم ، فتجده لا يألو جهداً في معايشة ومخالطة المتربين ، والصبر عليهم في تربيتهم ، والصبر على ما يجده من أذى منهم مقابل ذلك الفضل العظيم . ب - تهذيب أخلاق المربي :فالمعايشة تهيئ المربي أن يكون قدوة حسنة يقتدى به ، ويؤخذ هذا من قوله - صلى الله عليه وسلم - : « ويصبر على أذاهم » ففي المعايشة نوع من تحسين المربي لذاته ، وتهذيب لخُلُقه وسلوكه خاصةً أنه في مصاف القدوة . إنه لا يكفي أن يكون عند المربي ما يعطيه ؛ بل لا بد أن يكون حَسَنَ العطاء حتى يترك عطاؤه أثراً في نفس المتربي . ج - معرفة طاقات المتربين وقدراتهم :يستطيع المربي من خلال معايشته ومخالطته لمن يربيهم اكتشاف طاقاتهم وقدراتهم ومؤهلاتهم ؛ ومن ثَم يستطيع توجيه هذه الطاقات فيما يناسبها ، ويوجه هذه القدرات في مظانها ، ويضع الشخص المناسب في المكان المناسب من خلال تلك المؤهلات ، ولهذا شاهد من السيرة ؛ كما في حديث أنس بن مالك - رضي الله عنه - الذي مر قبل قليل : « أرحم أمتي بأمتي أبو بكر ... » [12]. وقال - صلى الله عليه وسلم - : « خذوا القرآن عن أربعة : عن ابن مسعود ، و أُبيِّ بن كعب ، و معاذ بن جبل ، و سالم مولى أبي حذيفة » [13]. د - معرفة جوانب الضعف في المتربين ومن ثَمَّ معالجتها :يجتهد المربي ويسعى في تطوير المتربي والارتقاء به . ومن محاور التطوير والارتقاء معرفة ضعفه ؛ وذلك من أجل تزويده بالعلاجات المناسبة فيتجاوز هذا الضعف ويرتقي . ومخالطة المتربين ومعايشتهم توفر للمربي ذلك كله . ولقد استطاع - صلى الله عليه وسلم - بمعايشته لأصحابه معرفة نقاط القوة لديهم ونقاط الضعف أيضاً ، فأثنى على نقاط القوة خيراً كما مر معنا وحذر ونصح وحث في نقاط الضعف من أجل تجاوزها ، وإليك هذا الشاهد : عن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال : كان الرجل في حياة النبي - صلى الله عليه وسلم - إذا رأى رؤيا قصها على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فتمنيت أن أرى رؤيا أقصها على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكنت غلاماً أعزب ، وكنت أنام في المسجد على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فرأيت في المنام مَلَكين أخذاني فذهبا بي إلى النار ، فإذا هي مطوية كطي البئر ، وإذا فيها ناس قد عرفتهم ، فجعلت أقول : أعوذ بالله من النار ، أعوذ بالله من النار . فلقيهما ملك خر ، فقال لي : لم تراعَ . فقصصتها على حفصة ، فقصتها حفصة على النبي - صلى الله عليه وسلم - ، فقال : نِعْمَ الرجل عبد الله لو كان يصلي بالليل . قال سالم : فكان عبدالله لا ينام من الليل إلا قليلاً [14]. هـ - التقويم الصحيح للمتربين :يحتاج المربي في مسيرته التربوية إلى وقفات تقويمية لمن يربيهم ؛ من أجل الارتقاء بهم وإصلاحهم ، ولا يستطيع شخص غير المربي أن يصيب التقييم الصحيح في المتربين ؛ إذ هو أقرب الناس للمتربين من غيره ؛ وذلك بمعايشته لهم ، ومخالطته إياهم ، والقرب منهم . ولهذا شاهِدٌ من السيرة النبوية ؛ فعن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب : أن رجلاً على عهد النبي - صلى الله عليه وسلم - كان اسمه عبد الله ، وكان يلقب حماراً ، وكان يُضحِكُ النبي - صلى الله عليه وسلم - ، وكان النبي - صلى الله عليه وسلم - قد جلده في الشراب ، فأُتيَ به يوماً ، فأَمَرَ به ، فجُلد ، فقال رجل من القوم : اللهم العنه ، ما أكثر ما يؤتى به ! فقال النبي - صلى الله عليه وسلم - : لا تلعنوه ! فوالله ما علمت : إنه يحب الله ورسوله » [15]. لقد زجر النبي - صلى الله عليه وسلم - الذي سب ولعن حماراً - رضي الله عنه - مع أن حماراً كان يشرب الخمر ، إلا أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان أقرب الناس إليه بمعايشته له ، وكان أعلم بأعمال حمار من غيره ؛ لذا قال - صلى الله عليه وسلم - : « لا تلعنوه ! فوالله ما علمت إنه يحب الله ورسوله » وهذا يعني أن لحمارٍ محاسنَ وحسنات في الإسلام قد لا يعلمها البعيد عنه ، لا يعلمها إلا من كان معايشاً ومخالطاً له ، وقريباً منه ، وهذا كان متمثلاً في النبي - صلى الله عليه وسلم - . و - معرفة الخصائص النفسية للمتربين :النفوس تختلف وتتباين ، ولكل نفس خصائصها المجبولة عليها ، والمربي الفطن هو الذي يتعرف على خصائص النفوس المتربية ، فيبني عليها ماهية التعامل والأسلوب المناسب لكل نفسية ، ولا يكون ذلك إلا بالمعايشة والمخالطة مع المتربين ؛ إذ يستطيع المربي معرفة تلك الخصائص ، ومن ثَمَّ معرفة الأسلوب المناسب في التعامل مع تلك النفسيات ، ولهذا شاهد من السيرة النبوية ؛ فعن عمرو بن تغلب - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أُتِيَ بمال أو سبي ، فقسمه ، فأعطى رجالاً ، وترك رجالاً ، فبلغه أن الذين ترك عتبوا ، فحمد الله ، ثم أثنى عليه ، ثم قال : « أما بعد : فوالله ! إني لأعطي الرجل وأدَعُ الرجل ، والذي أدع أحب إليَّ من الذي أعطي ، ولكني إنما أعطي أقواماً لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع ، وأَكِلُ أقواماً إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير ، منهم عمرو بن تغلب » . قال عمرو بن تغلب : « فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حمر النعم » [16]. فتأمل نفاذ نظر الرسول - صلى الله عليه وسلم - في معرفة خصائص أتباعه ، وتربية كل منهم بما يناسب طرته وميوله ودوافعه الخاصة به . وعلى ذلك فالمربي ملزم بمعرفة أتباعه وخصائصهم النفسية عن قرب ؛ حتى يستطيع التعامل معهم والقيام بتربيتهم على أكمل وجه ، ولا يكون ذلك إلا بمعايشتهم ومخالطتهم . ز - حل مشاكل المتربين الخاصة والأسرية :يسعى المربي الناصح في برنامجه التربوي أن يوفر للمتربي الاستقرار النفسي الذي يساعده على الاستجابة ، ومن ثم العطاء والإنتاجية ، ولكن تبقى المشاكل الخاصة أو الأسرية في المتربين عائقاً لهذا الاستقرار . وبإمكان المربي من خلال معايشته ، ومخالطته لمن يربيهم ، وبقربه منهم ، واهتمامه بهم حل تلك المشكلات وتذليلها ، وتجاوز تلك العقبات . ولقد كان - صلى الله عليه وسلم - كذلك معايشاً لأصحابه قريباً منهم مهتماً بهم وبحل مشاكلهم ، يسأل عن أحوالهم ، وعما يكدر خواطرهم ، ويظهر ذلك مما يلي : عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - قال : « دخل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ذات يوم المسجد ، فإذا هو برجل من الأنصار يقال له : أبو أمامة ، فقال : يا أبا أمامة ! ما لي أراكَ جالساً في المسجد في غير وقت صلاة ؟ قال : هموم لزمتني وديون يا رسول الله ! قال : أفلا أعلمك كلاماً إذا قلته أذهب الله همك ، وقضى عنك دينك ؟ قلت : بلى يا رسول الله ! قال : « قل إذا أصبحت وإذا أمسيت : اللهم إني أعوذ بك من الهم والحزن ، وأعوذ بك من العجز والكسل ، وأعوذ بك من الجبن والبخل ، وأعوذ بك من غلبة الدين وقهر الرجال » . قال : ففعلت ذلك ، فأذهب الله همي وغمي ، وقضى عني ديني » [17]. 5 - أثر المعايشة في الاستجابة :معايشة المتربين ومخالطتهم له الأثر الفاعل في استجابتهم ، فبقدر ما يعطي المربي من اهتمام لهذا المفهوم في واقعه التربوي بقدر ما تكون استجابة المسترشدين له ، والإقبال عليه . ففي قصة أصحاب الأخدود تروي لنا الأحاديث أن : الغلام كان يبرئ الأكمه والأبرص ، ويداوي الناس من سائر الأدواء ، حتى ذاع صيته ، وانتشر خبره ؛ فأقبل الناس عليه أفواجاً ، واستطاع بمعايشته الناس ، والقرب منهم أن يكوِّن رصيداً مباركاً من حب الناس له والإقبال عليه ، لقد قدم لهم وقته ، وجهده ، وما أعطاه الله من موهبة وطاقة ، وقدموا المهج من أجل الدين الذي أتى به اعتقاداً واستمساكاً . فينبغي للمربي أن يوجه ويذلل طاقاته ، وقدراته التي يمتلكها في سبيل الله ، وأن تكون مفتاحاً لمعايشة الناس ، ودعوتهم بعد ذلك . ولقد كان لهذه الخاصية ( المعايشة ) أثر بارز في تفاعل الناس مع الرسول - صلى الله عليه وسلم - ، وإقبالهم عليه ، وتقبلهم منه ، ورغبتهم في العلم والعمل الذي يوجههم إليه عن قناعة ومحبة ، وكان التلاميذ مندمجين بشخصيته - صلى الله عليه وسلم - أيما اندماج ، دونما تبذُّل أو تكلُّف ، مما جعل الناتج التربوي أصيلاً وعميقاً من جهة ، وواسعاً ومنتشراً من جهة أخرى . « وقد تناول الباحثون في مجال علم النفس وفي مجال العلاقات الاجتماعية هذه الخاصية بالدراسة ، وافترضوا أن لها علاقةً ما بمدى إقبال المتعلم أو المتلقي على الأستاذ ؛ ليأخذ منه ، أو يسأله ، أو يقيم علاقة شخصية معه تتجاوز الاستفادة الوظيفية في المجال الأكاديمي إلى الاستشارة الشخصية والاجتماعية . وكان من بين الافتراضات التي توقعها بعض الباحثين ، وكانت صحيحة أن : المعايشة ، وقرب المربي ، وإظهاره لهذا القرب بتوفير الساعات المكتبية يمكن أن يكون متغيراً مهماً يقع بين عزيمة المسترشد على الذهاب للمربي واستشارته ، وبين حدوث الاسترشاد فعلاً ، ومن ثَمَّ يكون ظهور المربي قريباً منهم مكاناً ووقتاً وشخصاً عاملاً مهماً في التفاعل والتأثير والإقبال ، وهذا أيضاً ما أيدته بعض الأبحاث الأخرى ، فقد وجد « ولسن وودز » أن هناك علاقة مؤثرة بين توفر الأستاذ أو المربي في ساعات معينة ، وظهوره بمظهر المستعد لاستقبال المتعلمين ، وقضاء وقت معهم ، وبين إقبال هؤلاء المتعلمين عليه واستعانتهم به ، وعرض مشكلاتهم عليه ؛ وعلى هذا الأساس كانت الأبحاث النفسية التربوية توصي كثيراً بتوفير الوقت وتنظيمه وتحديده للمسترشدين ، وأن يواكب هذا استعداد شخصي ونفسي من المربي والمرشد ؛ لاستقبالهم والتعامل معهم ، مهما صعبت الظروف وتنوعت » [18]. 6 - مساوئ كثرة المعايشة :هل لكثرة المعايشة سلبيات ومساوئ ؟نعم ! إن الشيء إذا زاد عن حده انقلب إلى ضده ، والمعايشة ما لم تخضع لما يضبطها فإنها تصبح نقمة بعد ذلك . وإليكم بعض هذه المساوئ : 1 - إلْفُ المتربين للمربي ، وإسقاط الكلفة بينهم وبينه ؛ قد تؤدي إلى استنفاد المتربين لما عند المربي من طاقة روحية وذخيرة تربوية،خاصة إذا وافق ذلك تفريط من المربي في تربية نفسه. 2 - ربما يتحولون من مرحلة التأثر إلى مرحلة النقد . 3 - سقوط قضية التوجيه والتربية من يد المربي ، فلا تكن بعد ذلك استجابة من قِبَل المتربين . 7 - ضوابط المعايشة :يجتهد المربي الناصح في تحقيق هذا المبدأ في واقعه التربوي ويسعى جاهداً في ذلك ، ولكن ثمة ضوابط تضبط تطبيق هذا المفهوم على أرض الواقع يجدر بنا الوقوف معها وتوضيحها إزاء تطبيق هذا المبدأ التربوي ، حتى يكون المربي على بصيرة من أمره ، وحتى لا يقع في إفراط أو تفريط ، وحتى نحفظ للمربي دوره المنشود في ظل هذه الضوابط : أ - ألا تؤدي إلى التعلق المذموم بالمربي :الأصل في العملية التربوية أن الفرد الذي يُدعى يجب أن تتركز الجهود التربوية في تربيته بتوثيق صلته برب العالمين ، وأن تكون صلته القوية بالله - تعالى - وبمنهجه القويم وألاَّ يتعلق بالبشر ، ولكن كثرة المعايشة والمخالطة غير المنضبطة بالمتربين والقرب منهم قد يسبب ذلك التعلق ، لا سيما إن لم تكن لتلك المعايشة أهداف تربوية يسعى المربي لتحقيقها ، واستحضارها في معايشته لمن يربيهم . فيجب على المربي التفطن لهذا الأمر ، وأن تكون معايشته منضبطة بحيث لا يُكثِر منها ، وأن تكون بحدود المعقول ، وأن تكون مرسومة الأهداف ، مستحضراً لها في معايشته ، ومتى ما وجد المربي ظهور هذه الظاهرة في أحد المتربين ، فيجب عليه تذكيره بالله ، وتحذيره من خطورة هذا التعلق ، وربطه بالله ، وبالقدوة المعصوم - صلى الله عليه وسلم - ، وطرق بعض المفاهيم العلاجية كمفهوم الفرق بين الحب في الله والحب مع الله ، وغيرها من المفاهيم التربوية [19]. ب - ألا يتغلب جانب التربية الجماعية على التربية الفردية :التربية تقوم على عنصرين مهمين : الجماعية والفردية ، ومتى اتكأت التربية على أحد العنصرين فهي تسعى لتبني قصراً في الرمال . ومعايشة المتربين ومخالطتهم والإكثار من ذلك قد يسبب الاتكاء على جانب الجماعية فقط ، فيتربى المتربي على هذا العنصر الجماعي فقط ، والذي يعيش الجانب الجماعي وحده سيبقى سمكة في ماء ما تلبث حين تفارقه أو تخرج منه أن تلفظ أنفاسها ، وحين يعيش الشاب على التربية الجماعية وحدها ، فهو مع ما يحمل من ثغرات كبيرة في شخصيته ما يلبث أن يفقد المتربي إخوانه يوماً ، فيرى نفسه أمام عَالَمٍ لم يعتد عليه . فلم يعتد أن يبقى فارغاً ، ولم يتربَّ على اغتنام وقته والاستفادة منه . فيجب على المربي التفطُّن لهذا الأمر خلال معايشته المتربين بحيث يكون هناك توازن في تطبيق المعايشة ، وألاّ يكثر منها كثرةً تغلِّب الجماعية على الفردية ، وينبغي عليه أن ينمي في المتربين الشعور بالمسؤولية الفردية ، وأهمية التربية الفردية وأنها لا تقل أهمية عن الجماعية ، متى ما شعر أن هناك تفريطاً في هذا الجانب . ج - ألا تطول بالقدر الذي يؤدي إلى جرأة الشاب على من يربيه ، وزوال الكلفة بينهم ، بحيث تذوب شخصية المربي بين المتربين :لأنَّ من فوائد المعايشة ومخالطة المتربين ، كسر الحاجز الوهمي بين المربي والمتربين ، ومن ثَمَّ تكون الشفافية والأريحية في التعامل فيما بينهم . ولكن هذا لا يسوِّغ أن تكون المعايشة سبيلاً إلى سقوط الهيبة بين المربي والمتربين ؛ بحيث تصبح القضية أُخُوَّةً خاصةً مجردةً من معاني القيادة والتوجيه والتربية ، فينبغي للمربي التفطن لهذا الأمر ، وأن يكون هناك قدر من التقدير والاحترام والهيبة التي تكون بوابة لمعنى القيادة والتوجيه مع المتربين ، وألاَّ تذوب شخصيته بكثرة المعايشة ؛ بحيث تسقط من يده قضية التوجيه والتربية ، فلا تكون بعد ذلك الاستجابة . د - ألا تؤدي إلى إهمال المربي نفسه في الارتقاء :في خضم معايشة المربي لمن يربيهم ، ومخالطته إياهم ، والسعي الجاد في تقديم النصح والتوجيه الذي يساهم في الارتقاء بهم ، قد ينسى المربي نفسه وأن لها حقاً من الاهتمام والارتقاء بها ، فمتى ما أهمل المربي نفسه في جانب الارتقاء بالنفس فلربما قاده ذلك إلى فقدان رصيده في يوم من الأيام ، حتى يصبح المربي ليس عنده ما يعطي المتربي ؛ لأن فاقد الشيء لا يعطيه ، ومن ثَمَّ يفقد المربي صفة هي من أهم الصفات ؛ وهي صفة العطاء ؛ فنحن لا نريد أن يكون المربي كالشمعة تضيء للناس وتحرق نفسها ، إنما نريده أن يكون كالشمس تضيء للآخرين مع حفاظها على خاصية التوهج في نفسها . فينبغي للمربي التوازن بين معايشة لمتربين والارتقاء بهم ، وبين لارتقاء بنفسه ، والتزود بما فيه صلاحها وتزكيتها ، وقربها من الله . لذلك هناك نوع من العزلة الجزئية ، يُقْصَد من ورائه العزلة للتربية ، حيث يخلو المرء بنفسه أحياناً بقصد التعبد ، أو التزود من العلم ، أو محاسبة النفس ، أو نحو ذلك من الأغراض والمقاصد التربوية . وقد كان من صنع الله لنبيه - صلى الله عليه وسلم - أن وفقه قبل نزول الوحي عليه لهذا النوع من العزلة ، وحبب إليه الخلاء ، فكان يخلو في غار حراء ، فيتحنث فيه الليالي ذوات العدد ، قبل أن ينزع إلى أهله ، ويتزود لذلك ، ثم يرجع إلى خديجة ، فيتزود بمثلها حتى جاءه الحق ، وهو في غار حراء [20]. هـ - البعد عن الدخول في الخصوصيات :كل الكائنات الحية تحتفظ لنفسها بمجال حيوي تعد اقتحامه نوعاً من العدوان عليها ، ويأتي الإنسان على رأس القائمة . قال - تعالى - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لَا تَسْأَلُواعَنْأَشْيَاءَإِنْتُبْدَلَكُمْتَسُؤْكُمْ{ (المائدة : 101) ، ذهب بعض المفسرين إلى أن المراد من هذه الآية : هو السؤال عمَّا لا يعني من أحوال الناس ؛ بحيث يؤدي ذلك إلى كشف عوراتهم ، والاطلاع على مساوئهم [21]. ولعل مع المعايشة قد يغفل المربي عن هذا الضابط ، فيُسَوِّغُ لنفسه السؤال عما لا يعني ، والاطلاع على ما يخص من يربيهم دون إذنهم ، وكل هذه الأمور محرمة شرعاً ، وجرأة بعض المربين على تجاوزها داخل في عموم قوله - تعالى - : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيرًا مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَلَا تَجَسَّسُواوَلَايَغْتَبْبَعْضُكُمْبَعْضًاأَيُحِبُّأَحَدُكُمْأَنْيَأْكُلَلَحْمَأَخِيهِمَيْتًافَكَرِهْتُمُوهُوَاتَّقُوااللَّهَإِنَّاللَّهَتَوَّابٌرَحِيمٌ{ (الحجرات : 12) . و - ألا يهمل الوَرَعَ الشرعي الواجب :ومن ذلك ما يتعلق بصحبة ومعايشة الأمرد ؛ فقد يخلُّ المربي بالوَرَع الشرعي في ذلك فيخلو به ، أو يسافر معه وحده ، أو يبيت معه ، أو غير ذلك بمسوغ المعايشة ، وهي أمور قد ينشأ عنها نتائج غير محمودة ؛ لذا شدد السلف الصالح رضوان الله عليهم في صحبة الأمرد ، والآثار في ذلك كثيرة ومنها : 1 - ما رواه البيهقي في الشُّعَب عن بعض التابعين قال : « كانوا يكرهون أن يحد الرجل النظر إلى الغلام الجميل » [22]. 2 - روى أيضاً عن بعض التابعين : « ما أنا بأخوف على الشاب الناسك من سبع ضارٍ من الغلام الأمرد يقعد إليه » [23]. 3 - روي عن الحسن بن ذكوان أنه قال : « لا تجالسوا أولاد الأغنياء ؛ فإن لهم صوراً كصور النساء ، وهم أشد فتنة من العذارى » [24]. « قد غدت اليوم صحبة المربين لهؤلاء الأحداث ضرورة ملحَّة ، ولا يسوغ أن يُهمَلوا ، أو ينهى المربون عن صحبتهم بحجة الورع ؛ ذلك أن واقع السلف كان يختلف عن واقعنا ، فلم يكن البديل عندهم هو الشارع غير المنضبط أو التجمعات الساقطة مما نشهده اليوم ، بل كانت البيوت ومؤسسات المجتمع التربوية تتكفل بتربية هؤلاء والعناية بهم ، أما الآن فالبديل لصحبة المربين لهؤلاء هو أن يصحبهم شياطين الإنس المفسدين ، والواقع شاهد بأن كثيراً من هؤلاء حين ابتعدوا عن الميادين الصالحة انزلقوا في طرق الفساد . ومع القول بالحاجة لصحبة المربين للأحداث تبقى هذه النصوص عن السلف لها قيمتها واحترامها ، فعلى المربي أن يراعي ضوابط مهمة في ذلك منها : عدم الخلوة ، أو السفر مع الأمرد لوحده ، ومراعاة المبيت وما يتعلق به » [25]. و - ألا تؤدي إلى إشغال المتربي معظم وقته ، فلا بد من ترك قدر من وقت الفراغ يُعَوِّدُه فيه على استغلال الوقت في تربية ذاته ، ويتيح له فرصة الاعتناء بدراسته ، وارتباطاته الاجتماعية . ز - التقليل من اللقاءات الفردية في غير البرامج العامة ؛ بحجة معايشة المتربي والقرب منه أكثر ؛ فكثير منها يتحول إلى علاقة شخصية بحتة تفقد أثرها التربوي . ح - الاقتصاد في المزاح والهزل ، وعدم الخروج فيه عن حد الوقار والهيبة . 8 - المربي بين المعايشة والعزلة القلبية :يقول الدكتور سلمان العودة حفظه الله : « هناك العزلة القلبية التي يقصد بها أن المؤمن الملتزم بالمنهج الصحيح ، وإن خالط الناس وعاشرهم ببدنه ؛ فإنه مزايل لهم بعلمه وقلبه ، مفارق ما هم عليه من التعلق بالبدع ، أو الولع بالدنيا ، أو اتباع الهوى ، ساع لنقلهم عما هم فيه إلى حيث السلامة والأمان . فهو يخالط الناس لغاية واضحة ، هي العمل على انتشالهم من الضلال إلى الهدى ، ومن البدعة إلى السنَّة ، وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر ، ولا يستطيع أن يؤدي ذلك بصورة صحيحة مؤثرة إلا من دَاخَلَ الناس وعاشرهم ، وعرف أحوالهم ، وأحسن إليهم بلسانه ويده ما استطاع سبيلاً . وهذه المخالطة المقصودة تجعل في قلب المخالط شعوراً متميزاً يحميه من التأثر بأعمال الناس وأهوائهم وانحرافاتهم إلى حد بعيد ، وبذلك يتمكن من اكتساب الخصائص الخيرة الجميلة التي قد تنقصه ، ومن الانتفاع بالتجارب التي تزكي العقل الغريزي وتنميه ، ومن الاطلاع على أحوال الزمان وأهله ، ومعرفة حقيقة الانحرافات وأبعادها ، ليقوم بعدُ بمدافعتها ، وعلاجها بالأسلوب الأمثل ، دون أن يؤدي به ذلك إلى الذوبان في المجتمع المحيط به ، أو التخلي عن علمه ، ونيته ودعوته . وبذلك يجمع بين الخلطة والعزلة ، الخلطة بجسده ومدخله ومخرجه ، والعزلة بقلبه وعمله ومشاعره ، ولذلك يقول عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - : « خالطوا الناس ، وزايلوهم ، وصافحوهم ، ودينكم لا تَكْلَمُوه » [26]. 9 - برامج عملية وخطوات إجرائية للمعايشة : لعل البعض يطالب بتحويل هذا الكلام النظري إلى برامج عملية وخطوات إجرائية يمكن قياسها وتقويمها ، ولا شك في أهمية هذا المطلب ، خاصةً أن البعض قد يجيد التنظير والتقعيد الكلامي ويعجز عن ترجمته ( كلامياً ) في أرض الواقع ؛ لذا كان لزاماً علينا أن نضع بعض البرامج العملية والخطوات الإجرائية في معايشة المربي لمن يربيهم ، وننبه إلى أهمية استثمار تلك المحاور والخطوات في التوجيه والتربية ، وهي كالتالي : 1 - مرافقته في بعض الشعائر التعبدية ؛ كالصلاة معه ، وأخذه لذلك ، ومرافقته في العمرة والحج ، واتباع الجنائز ، وغير ذلك ، واستثمار الرفقة في التوجيه والتربية . 2 - توثيق الصلة معه بالإقبال والسلام عليه ، والتبسم في وجهه ، والسؤال عنه وعن أهله ، والاتصال به هاتفياً من أجل ذلك ، وزيارته في بيته ، والسؤال عنه إذا غاب أو تأخر ، والقرب منه عند وحدته ، وإهدائه ، وإجلاسه بجوارك عند مقابلته ، والأخذ بيده ، وتبادل أطراف الحديث معه في حال اللقاء به ، ومناداته بأحب الأسماء إليه ، وتكنيته ، ومرافقته معك في السفر ، ومراسلته ، ومعرفة اهتماماته ومحبوباته ، وغير ذلك . 3 - مشاركته وجدانياً وذلك بالفرح لفرحه ؛ كزواجه ، أو زواج قريب له ، أو نجاحه ، أو حصول نعمة له ، أو تجددها ، أو غير ذلك ، وكذلك مشاركته وجدانياً بالحزن لحزنه ؛ كموت قريب له ، أو مرضه ، أو فقدان عزيز عليه ، أو غير ذلك ، والوقوف معه لمواساته . 4 - إشعاره بأن له قيمة ومكانة ؛ وذلك بعيادته إذا مرض وتصبيره ، والوقوف معه ، والتنزه معه ، وإجابة دعوته ، وإكرامه ، والاستماع إلى همومه ومشكلاته ، والسعي في حلها ، والسعي في قضاء دَيْنِه وحاجاته ، وإشعاره أنك تحترم رأيه ، وغير ذلك . 5 - مرافقته في بعض وسائل الارتقاء والتعلم ؛ كحضور الدروس العلمية معه ، والمحاضرات ، والدورات الشرعية ، وزيارة المخيمات الدعوية ، والمكتبات الإسلامية ، والتسجيلات ، ومعارض الكتاب ، وغير ذلك . الخاتمة : وبعدُ : فهذه أخي المربي كلمات وخواطر سطرها أخ لك في الله ، لا تعدو أن تكون أراءً شخصية ، إن أصاب فيها فمن الله ، وإن أخطأ فمن نفسه والشيطان ، والله ورسوله بريئان مما يقول . أيها المربي ! شمِّر عن ساعديك ، واعزم على العمل ، وابحث عن المُعِين ، وتوكل على الله ، وليكن هدفك سامياً ، وهمتك عالية ؛ لكي تستطيع أن تنتج بأقصى طاقة ، ولا ترضَ بالقليل من العمل ، واصدق الله يصدقك . أيها المربي ! إنه لا يكفي للقيام بواجب التربية والتوجيه الكلمات العاجلة ، أو البرامج المرتجلة ؛ فمن حق الشباب علينا وهم فلذات أكبادنا أن نُعنَى بتربيتهم ، فهلاَّ نبادر في خطوات جادة للوصول إلى أسلوب أمثل في التوجيه والتربية ! نأمل ذلك ونسأله سبحانه الإعانة ... وصلى الله وسلم على نبينا محمد ، وآله وصحبه أجمعين . (1) رواه مسلم ، صلاة المسافرين وقصرها (1209) , حطمه الناس ، أثقلوه وأضعفوه . (2) رواه البخاري ، كتاب الأدب (5664) . (3) رواه النسائي ، شرح السيوطي (3/80 81) . (4) صحيح الجامع (5718) ، السلسلة الصحيحة (349) . (5) مختصر صحيح مسلم (1211) ، صحيح الجامع (5740) . (6) رواه مسلم ، كتاب الإمارة (3408) . (7) السلسلة الصحيحة (349) ، المشكاة (3697) ، صحيح الجامع (5695) . (8) صحيح الجامع (6651) . (9) رواه البخاري فتح الباري (7/164) ، (3822) . (10) صحيح ابن ماجه بتحقيق الألباني (1/3) ، حديث رقم (125) . (11) صحيح الجامع (6651) . (12) صحيح ابن ماجه ، بتحقيق الألباني (1/31) ، رقم (25) . (13) صحيح سنن الترمذي (3/230) . (14) رواه البخاري (3738 - 3739) . (15) رواه البخاري ، كتاب الحدود (6282) . (16) رواه البخاري ، كتاب الجمعة (871) . (17) أخرجه أبو داود في الصلاة ، في باب الاستعاذة (2/94 - 95/ح 1555) , وفيه : غسان بن عوف المازني البصري : وهو لين الحديث التقريب , ويشهد له حديث أنس وقد أخرجه البخاري في الجهاد والسير ، باب من غزا بصبي للخدمة (6/10 ح 2893) بلفظ نحوه ، و أحمد في مسنده (3/ 159) ، و أبو داود (ح 1541 ، 1546) ، و الترمذي (34844 ، 3503) ، و البيهقي (6/304) (9/125) ، و الحاكم (1/533) ، و النسائي (4/467 ، ح7973 الكبرى) . (18) (علم النفس الدعوي) ، د / عبدالعزيز النغيمشي ، 309 - 310 ، بتصرف يسير . (19) لمقيده مقال في مجلة البيان بعنوان : (التعلق بالأشخاص لا بالمنهج) ، ينصح بالرجوع إليه في العدد 157 ، رمضان 1421هـ . (20) الحديث عن عائشة - رضي الله عنها - رواه البخاري في بدء الوحي ، باب : كيف كان بدء الوحي إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - (1/3) . (21) تفسير القرطبي (6/332) . (22) شعب الإيمان [ (5395) 4/358] . (23) شعب الإيمان [ (5396) 4/358] . (24) شعب الإيمان [ (5397) 4/358] . (25) مقالات في التربية ، محمد الدويش ، المجموعة الأولى ، ص (42) . (26) العزلة والخلطة د / سلمان العودة ص (50 - 51) .
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |