|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تكليف رباني صادق محمد مهيوب الهادي القيام بواجب الأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر واجب إلهي، وتكليف رباني، لم يُقيد بالأحرار دون الأرقاء، ولا بالرجال دون النساء، ولا بالعلماء دون العامة، ولا بشخص دون آخر، بل إنَّ ظاهر الآيات والأحاديث تدل على دخول كل أولئك في ذلك، كقوله تعالى: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ) [التوبة:71] أين الولاية؟ (يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنكَرِ) [التوبة:71]. وقوله -صلى الله عليه وسلم-: ((من رأى منكم منكراً فليغيره)) (1). وهذا يشمل الجميع كما هو ظاهر؛ لأن الخطاب في الآية لعموم المؤمنين والمؤمنات، وفي الحديث جعله واجبًا على كل راءٍ له؛ وما ذلك إلا لخطورة المنكرات، فلم يجعل الشارع هذا الواجب مقيداً بأحد ولا بزمان ولا مكان، بل جعل الشارع تغييرها واجبًا على كل راءٍ لها، قادر على إنكارها وتغييرها، مع مراعاة المصالح والمفاسد. وهذا منطوق هذا الحديث، فلفظ «مَن» في قوله: «مَن رأى» من ألفاظ العموم، فهي تعطي دلالة كلية عامة، تشمل كل مكلَّف، قال الشيخ ابن عثيمين: "((مَنْ)) اسم شرط جازم، و((رأى)) فعل الشرط، وجملة: ((فليغيرْه بيده)) جواب الشرط" (2). وكل اسم وقع شرطاً عمَّ مقتضاه. فهو إذن واجب على كل مكلف قادر بشروطه، وإنْ وضع الشارع للآمر والناهي ضوابط وصفات ينبغي أن يتحلى بها عند الأمر والنهي، لكن لا يُعد ذلك إسقاطاً لهذه الشعيرة، ولا تقييدًا لها، ولا إهمالاً لها. وليس الأمر خاصاً برجال الحسبة المكلفين من قبل ولي الأمر، نعم هؤلاء عليهم المسئولية الكبيرة؛ لأمور: - لتكليفهم من قبل الله -عز وجل- أولاً. - ولتكليفهم من قبل ولي الأمر ثانياً. - ولأخذهم الأجرة على ذلك. ولكن هذا لا يعفي غيرهم من الإنكار، فالكل مكلفٌ للأمر الرباني الإلهي. والواقع يدل على أنَّ الفئة المكلفة من قبل ولي الأمر بالحسبة -وإن كانت تقوم بجهودها- إلا أنَّه لا تكفي؛ لكثرة المنكرات في هذا العصر، وتعددها، وتنوعها، فالمسألة تحتاج إلى تضافر الجهود، وتكاتفها في إنكار المنكرات، كلٌ يقوم بواجبه الذي أوجبه الله عليه، ويكون ذلك بالحكمة، والموعظة الحسنة، وبالكلمة الطيبة، وبالرفق واللين، وبهذا يرفع الله -سبحانه وتعالى- عنا الهلاك؛ لأنه إذا عمَّت المنكرات، وكثرت المعاصي، واستمرأها الناس، وعاشوا عليها، وتواطئوا عن السكوت عن إنكارها، أوشك الله أن يعمهم بعذاب من عنده. قال -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لا يعذب العامة بعمل الخاصة، حتى يروا المنكر بين ظهرانيهم، وهم قادرون على أن ينكروه، فلا ينكروه، فإذا فعلوا ذلك عذَّب الله العامة والخاصة)) (3). هذا أمر في غاية الأهمية، فلو استمر الناس بإنكار المنكرات لخفت هذه المنكرات، وانقطع دابرها، لكن لما سكت الناس عنها، صارت أمراً مألوفاً. فيجب على كل مسلم أن يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر؛ إصلاحاً لغيره، بعد أن صلح هو في نفسه، فإن النجاة لا تتم إلا بهذا، فقد قال الله تعالى: (والْعَصْر * إِنَّ الإِنسَانَ لَفِي خُسْر * إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْر) [العصر:1-3]. فلا يكفي الإنسان أن يكون صالحاً في نفسه حتى يكون مصلحاً لغيره، ولا يكفي أن يكون مهتدياً في نفسه حتى يكون هادياً لغيره، ولا يكفي أن يكون مؤتمراً ومنتهياً حتى يأمر وينهى غيره، فبذلك يحصل هدى الذي هو شرط في عدم إضرار ضلال الغير للمهتدين: (عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ لَا يَضُرُّكُمْ مَنْ ضَلَّ إِذَا اهْتَدَيْتُمْ) [المائدة:105]. يعني: إذا أمرتم بالمعروف، ونهيتم عن المنكر فلم يستجب لكم حينئذٍ لا يضركم ضلال من ضل، كما فعل الله تبارك وتعالى بالآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر من أصحاب قرية أصحاب السبت، قال تعالى: (فلَمَّا نَسُواْ مَا ذُكِّرُواْ بِهِ أَنجَيْنَا الَّذِينَ يَنْهَوْنَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَا الَّذِينَ ظَلَمُواْ بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُواْ يَفْسُقُون) [الأعراف:165]. فإذا أمر المسلم بالمعروف، ونهى عن المنكر فلم يُستجب له، لا يضره ضلال من ضل(4). ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــ [المصدر موقع المحتسب]. (1) أخرجه مسلم في كتاب الإيمان، باب بيان كون النهي عن المنكر من الإيمان (1/ 49) (49) (78). (2) شرح الأربعين النووية للعثيمين (ص:333). (3) أخرجه أحمد، ط: الرسالة (29/ 258-17720) وقال محققو المسند: "حسن لغيره". (4) الحسبة (جامعة المدينة) (ص:361) بتصرف
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |