منشأ الحسن البصري وصفة أحواله وأفعاله - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         شـــــــرح دُّعَاءُ يقال عِنْدَ إغْمَاضِ الـمَيِّتِ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          شرح حديث"اللَّهُمَّ ربَّ النَّاسِ، أَذْهِب الْبَأسَ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          السَّدَاد فيما اتفقا عليه البخاري ومسلم في المتن والإسناد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 69 - عددالزوار : 14595 )           »          دفع الرياء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          الصلاة جالسًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          خطورة الدعاء على الأبناء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الميت ينتفع بالمصحف الموقوف (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          من نسي عضوا من أعضاء الوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          إن الله -تبارك وتعالى- يحب أن تؤتى رخصه كما يكره أن تؤتى معصيته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          الصُحبة الصالحة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > الملتقى العام > ملتقى أعلام وشخصيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى أعلام وشخصيات ملتقى يختص بعرض السير التاريخية للشخصيات الاسلامية والعربية والعالمية من مفكرين وأدباء وسياسيين بارزين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 11-02-2020, 04:26 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,645
الدولة : Egypt
افتراضي منشأ الحسن البصري وصفة أحواله وأفعاله

منشأ الحسن البصري وصفة أحواله وأفعاله (1)





د. أحمد عبدالوهاب الشرقاوي



هو الحسن بن أبي الحسن البصري، كان أبوه مولى لرجل من الأنصار، وكانت أُمه مولاةً لأم سلمة[1] زوج النبي صلى الله عليه وسلم، رُبِّي في حجرها، وأرضعته بلبانها، ودر عليه ثديها؛ لبرها به، ومحبتها له، فعادت عليه بركة النبوة، فتكلم بالحكمة، وارتقى في الصلاح والمعرفة[2] إلى أفضل رتبة، وكان -رحمه الله- أحد المتقين، ومن أولياء الله الصديقين.

رُوِي في الخبر أن عائشة[3] - رضي الله عنها- سمعت الحسن يتكلم، فقالت: من هذا الذي يتكلم بكلام الصِّديقين؟[4].

وقيل لعلي بن الحسين[5] - رضي الله عنهما -: إن الحسن يقول: ليس العجب لمن هلَك كيف هلَك؟ وإنما العجب لمن نجا كيف نجا؟ فقال علي: سبحان الله! هذا كلام صِدِّيق.

وروي عن الأعمش[6] أنه كان يقول: ما زال الحسن يعتني بالحكمة حتى نطَق بها.

وسمعه آخر وهو يَعِظ، فقال: لله دَرُّه[7]، إنه لفصيح، ذو لفظ صحيح إذا وعَظ.

وكان الحسن دائم الحزن، كثير البكاء، مطالبًا نفسه بالحقائق، بعيدًا من التصنع، لا يظهر التقشُّف، وإن كان باديًا عليه، ولا يَدَع التجمُّل، ولا يَمتنع من لُبس جيد الثياب، ولا يتخلف عن مؤاكلة الناس، ولا يتأخر عن إجابة الداعي إلى الطعام، وكان له سَمْتٌ يعرفه به من لم يكن رآه.

رُوِي أن رجلًا دخل البصرة، ولم يكن رأى الحسن، فسأل عنه الشعبي[8]، فقال: ادخل المسجد - عافاك الله - فإذا رأيت رجلًا لم تَرَ مثله قطُّ رجلًا، فذلك هو الحسن.

وقيل: ورد أعرابي البصرة، فقال: من سيد هذا المصر؟ فقالوا: الحسن بن أبي الحسن، قال: فيم ساد أهله؟ قالوا: استغنى عما في أيديهم من دنياهم، واحتاجوا إلى ما عنده من أمر دينهم، فقال الأعرابي: لله دَرُّه، هكذا فليكُن السيد حقًّا.

وقيل: مر به راهبان، فقال أحدهما لصاحبه: مِلْ بنا إلى هذا الذي يُشبه سَمْته سَمْتَ المسيح، لننظر ما عنده، فلما قرَبا منه، سمعاه يقول: يا عجبًا لقوم أُمِروا بالزاد، ونُودوا بالرحيل، وحُبِس أوَّلُهم على آخرهم، فهم ينتظرون الورود على ربهم، ثم هم بعد ذلك في سكرة يعمهون[9]، ثم بكى حتى بل لِحْيته، فقال الراهبان: حسبنا ما سمعناه من الرجل، ثم انصرفا عنه.

وكان أهل البصرة إذا قيل لهم: من أعلم أهلها؟ ومن أورعهم؟[10]، ومن أزهدهم؟[11]، ومن أجملهم؟ بدؤوا به، وثنَّوا بغيره، فكانوا إذا ذكروا البصرة، قالوا: شيخها الحسن، وفتاها بكر بن عبدالله المزني[12].

وقال عبدالواحد بن زيد[13]: لو رأيت الحسن، لقلت: صُبَّ على هذا حزنُ الخلائق؛ من طول تلك الدمعة، وكثرة ذلك النشيج[14].

وقيل له: صِف لنا الحسن، فقال: رحِم الله أبا سعيد، كان والله إذا أقبل كأنه رجَع من دفن حميمه، وإذا أدبر كأن النار فوق رأسه، وإذا جلس كأنه أسير قدِم لتُضرَب عنقُه، وإذا أصبح كأنه جاء من الآخرة، وإذا أمسى كأنه مريض أضناه السقم.

قال يونس بن عبدالله[15]: ما رأيت الحسن قطُّ ضاحكًا بملء فيه.

وقيل: جلس محمد بن واسع[16] إلى ثابت بن محمد البناني[17]، فرآه يضحك في مجلسه ويمزح، فقال: عافاك الله! إنك لتمزَح في مجلسك، ولقد كنا نجلس إلى الحسن، فكأنه إذا خرج إلينا كأنه جاء من الآخرة يُحدثنا عن أهوالها.

فقال ثابت: رحم الله الحسن، كان من أهل الحق والجد، وأنَّى لنا نظرة منه؟! وما نحن والحسن إلا كما قال الأول:
وابنُ اللبون إذا ما لُزَّ في قَرَنٍ
لم يَستطع صَوْلة البُزْلِ القناعيس[18]



وقيل: اعتزَل الحسن الناس يومًا، فدخل عليه رجل، فقال: يا أبا سعيد، أصلحك الله، لقد خِفنا عليك الوحشة، فقال: يا ابن أخي، لا يَستوحش مع الله - سبحانه وتعالى- إلا أحمقُ.

وقال حميد خادم الحسن: قال لي الشعبي يومًا: أريد أن تُعلمني إذا خلا الحسن لأجتمع به خاليًا، فأعلمتُ بذلك الحسن، فقال: عرِّفه، وليأتِ إذا شاء، فخلا الحسن يومًا، فأعلمت الشعبي، فبادر وأتينا منزل الحسن، فوجدناه مستقبل القبلة وهو يقول: ابن آدم، لم تكن فكنت، وسألت فأعطيتَ، وسُئلت فبخِلتَ، بئس والله - وَيْحَك - ما صنعت! فسلمنا عليه، ووقفنا ساعةً، فما التفت إلينا، ولا شعر بنا، فقال الشعبي: الرجل - والله - في غير ما نحن فيه، فانصرفنا ولم نجتمع به.

وقيل له يومًا: كيف أصبحت يا أبا سعيد؟ فقال: والله ما من انكسرت به سفينة في لجج البحر بأعظم مني مصيبةً، قيل: ولِمَ ذلك؟ قال: لأني من ذنوبي على يقين، ومن طاعتي وقبول عملي على وجَلٍ، لا أدري أقبلت مني، أم ضُرِب بها وجهي؟ فقيل له: فأنت تقول ذلك يا أبا سعيد؟! فقال: ولِمَ لا أقول ذلك؟! وما الذي يؤمنني أن يكون الله - سبحانه وتعالى - قد نظر إلي وأنا على بعض هناتي نظرةً مَقتني بها، فأغلق عني باب التوبة، وحال بيني وبين المغفرة، فأنا أعمل في غير معتمل؟

وقال له آخر: كيف حالك يا أبا سعيد؟ فقال: شرُّ حالٍ، قال: ولِمَ ذلك؟ قال: لأني امرؤ أنتظر الموت إذا أصبحت، وإذا أمسيت، ثم لا أدري على أي حالة أموت؟

ودخل عليه رجل وهو يبكي، فقال: ما يبكيك أصلحك الله؟ فقال: (أخاف) والله أن يدخلني مالكي النار ولا يبالي.

وسأله عن الطامة رجل؟ فقال: هي الساعة التي يدفع الناس فيها إلى عذاب جهنم وبئس المصير؛ نعوذ بالله من النار، ومن عمل يؤدي إلى النار.

وذكرت النار يومًا في مجلسه، فقال: رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((يخرج غدًا من النار رجل بعد أن يقيم فيها أعوامًا ))[19]، ثم قال الحسن: ليتني كنت ذلك الرجل.

وكان يقول: ما صدق عبد بالنار إلا ضاقت عليه الأرض بما رحُبت، ولا والله ما صدق عبد بالنار إلا ظهر ذلك في لحمه ودمه.

وقيل لأبي سليمان الداراني[20]: إن الحسن كان يقول: من أراد أن يخشع قلبه، ويَغزر دمعه، فليأكل في نصف بطنه، فقال أبو سليمان: رحم الله أبا سعيد، كان والله من القوم الذين مهَّدوا لأنفسهم، وناقشوها الحساب قبل يوم الحساب، وإني لأرجو أن يكون من الفائزين، رحمه الله تعالى.

وكان رجل من أهل المسجد الحرام يقول: ما كنت أريد أن أجلس إلى قوم إلا وفيهم من يحدث عن الحسن بن أبي الحسن البصري رحمه الله.

وقيل له يومًا: يا أبا سعيد، أي شيء يدخل الحزن في قلبك؟ فقال: الجوع، قال: فأي شيء يخرجه؟ قال: الشِّبَع.

وكان يقول: توبوا إلى الله من كثرة النوم والطعام.

وكان يقول: رُوِي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما من عبدٍ جوَّع نفسه إلا لم يكن لأحد ثواب أفضل من ثوابه ذلك اليوم، إلا لمن جاء بمثل ما جاء به))، يريد: من صام لله سبحانه.


[1] أم سلمة: هي هند بنت أبي أُمية، كانت زوجة عبدالله بن عبدالأسد، ابن عمة الرسول - صلى الله عليه وسلم - تزوجها الرسول بعد أن مات زوجها في غزوة أحد، وتزوجها عقب وفاة زينب بنت خزيمة سنة 4هـ، كان لها من زوجها الأول ابن يدعى سَلَمَة، لم ينجب منها الرسول، تُوفِّيت سنة 61هـ، وفي رواية 62، وفي أخرى 60هـ.

[2] المعرفة التي عناها المؤلف هي المذكورة في مصطلحات العباد والمتصوفة؛ حيث قالوا: العارف لا نظر له إلا إلى الله عز و جل، والسر والعلانية في حقه واحد؛ فاختلاف الحال شرك في التوحيد، قال بعضهم: كنا لا نعبأ بدعاء من يأخذ في السر ويرد في العلانية، والالتفات إلى الخلق - حضروا أم غابوا - نقصان في الحال، بل ينبغي أن يكون النظر مقصورًا على الواحد الفرد، وقد قيل في وصف حال العارف:
قريبُ الوجد ذو مرمى بعيدٍ
عن الأحرار منهم والعبيد

غريب الوصف ذو علمٍ غريب
كأن فؤاده زُبَر الحديد

لقد عزَّت معانيه وجلَّت
عن الأبصار إلا للشهيد

يرى الأعياد في الأوقات تُجرى
له في كل يوم ألف عيدِ

وللأحباب أفراحٌ بعيد
ولا يَجِد السرورَ له بعيدِ


انظر: الغزالي: إحياء علوم الدين 1 /228، 4/336.

[3] عائشة بنت أبي بكر:وُلِدت بمكة سنة 8 ق. هـ، عقد عليها الرسول صلى الله عليه وسلم هي وسَودة بنت زمعة - كما تذكر بعض المصادر - في عام واحد، إلا أنه صلى الله عليه وسلم دخل بسودة وأجَّل دخوله بعائشة لصغر سنها حينذاك، وهي الوحيدة بين نساء الرسول - صلى الله عليه وسلم - التي تزوجها بِكرًا،لم تنجب منه، تُوفِّيت سنة 50هـ أو 58هـ، ودُفِنت بالبقيع بالمدينة.

[4] الصِّديق: هو الذي لم يَدَع شيئًا أظهره باللسان إلا حقَّقه بقلبه وعمله؛ انظر، الجرجاني: التعريفات.

[5] علي بن الحسين (61 هـ) علي " الأكبر " بن الحسين بن علي بن أبي طالب، القرشي الهاشمي: من سادات الطالبيين وشجعانهم، قُتِل مع أبيه "الحسين" السبط الشهيد في وقعة الطف (كربلاء)، وكان أول مَن قُتِل بها من أهل الحسين، طعنه مرة بن منقذ بن النعمان العبدي (من بني عبدالقيس)، وهو يحوم حول أبيه يدافع عنه ويقيه، وينشد رجزًا أوله: "أنا علي بن الحسين بن علي"، وانهال أصحاب الحسين على " مرة " فقطعوه بأسيافهم، وضمَّ الحسين عليًّا، فلما مات بين يديه قال: "قتل الله قومًا قتلوك يا بني، وعلى الدنيا بعدك العفاء!"، وكان مولده في خلافة عثمان، كُنيته أبو الحسن، وليس له عقب، وذكره معاوية يومًا، فقال: فيه شجاعة بني هاشم، وسخاء بني أُمية، وزهو ثقيف! وسماه المؤرخون عليًّا " الأكبر"؛ تمييزًا له عن أخيه علي "الأصغر" زين العابدين؛ انظر: الزركلي؛ الأعلام، 9/255.

[6] الأعمش (61 - 148هـ/ 681 - 765م): سليمان بن مهران أبو محمد الأسدي، الكاهلي الكوفي الحافظ شيخ الإسلام، عالم وفقيه مُحدث، وتابعي مشهور، أصله من بلاد الري، ومنشؤه ووفاته في الكوفة، شيخ المقرئين والمُحدثين، روى نحو 1,300 حديث، رأى أَنَسًا، وأبا بكرة، وروى عن زر بن حبيش، وأبي وائل، ومجاهد، وخلق، وروى عنه أبو حنيفة، وشعبة، والسفيانان، وخلائق كُثُر.

قال وكيع عنه: كان الأعمش قريبًا من 70 سنة لم تفته التكبيرة الأولى، وقال ابن المديني: حفظ العلم على أمة محمد صلى الله عليه وسلم بالكوفة أبو إسحاق السبيعي، والأعمش، قال هشيم: ما رأيت بالكوفة أحدًا أقرأ لكتاب الله ولا أجود حديثًا من الأعمش.

[7] "لله دَرُّه!"، وتكون للتعجب؛ انظر: ابن فارس؛ الصاحبي في فقه اللغة.

[8] الشعبي: (19-103هـ/ 640 - 721م) عامر بن شراحيل الشعبي،أبو عمرو، كوفي، وُلِد في خلافة عمر، تابعي، ثقة، مشهور، فقيه، فاضل، روى عن علي، وسعد بن أبي وقاص، وسعيد بن زيد، وزيد بن ثابت، وقيس بن سعد بن عبادة، وعبادة بنالصامت، وأبي موسى الأشعري، وأبي مسعود الأنصاري، وأبي هريرة، وغيرهم من الصحابة،وعن عدد من التابعين، رُوِي عنه أنه قال: أدركت 500 من الصحابة، روى عنه أبو إسحاق السبيعي، وأشعث بن سوار، وحصين بن عبدالرحمن، وسعيد بن مسروق الثوري، وسليمان بنمهران الأعمش، وعبدالله بن بريدة، وغيرهم كثير.
أوصى ابن سيرين أحد تلاميذه بقوله: الزم الشعبي فلقد رأيته يُستفتى والصحابة متوافرون، أرسله عبدالملك بن مروان إلى ملك الروم، فلما عاد، قال عبدالملك: أتدري ما كتب به إليّ ملك الروم؟ كتب إلي يقول: عجبًا لأهل دينك كيف لم يستخلفوا رسولك؟ فقال الشعبي: يا أمير المؤمنين؛ لأنه رآني وما رآك، فقال عبدالملك: إنما أراد أن يغريني بقتلك، فبلغ ذلك ملك الروم، فقال: ما أردت إلا ذاك، شهِد وقعة الجماجم مع ابن الأشعث ضد الحجاج بن يوسف الذي طلبه ثم عفا عنه، وَلِي قضاء الكوفة لعمر بن عبدالعزيز، روى له أصحاب الكتب الستة، ومات فجأة بالكوفة.

[9] في سكرة يعمهون: يترددون متحيرين لا يعرفون حقًَّّا من باطل، ولا نافعًا من ضار، ولا حسنًا من قبيح؛ انظر: محمد الأمين الشنقيطي؛ أضواء البيان في إيضاح القرآن بالقرآن، دار الفكر للطباعة والنشر والتوزيع، بيروت، 1415 هـ- 1995 م، تفسير سورة هود.

[10] الورع: هو اجتناب الشبهات خوفا من الوقوع في المحرمات وقيل هي ملازمة الأعمال الجميلة.
والورع: الكف عن السيئة. ورجل ورع بين الورع من التوقي. والورع: الرجل الجبان، يقال: رجل ورع بين الوروعة والورعة والوراعة من الجبن، وربما قيل: بين الرعة أيضًا. ويقال: ورعت الرجل عن الشيء، إذا كففته عنه، أورعه توريعًا. وورعت الفرس: حبسته بلجامه.
انظر، الجرجاني: التعريفات؛ ابن دريد: جمهرة اللغة.

[11] الزهد: خلاف الرغبة. تقول: زهد في الشيء وعن الشيء، يزهد زهدا وزهادة. وزهد يزهد لغة فيه. وفلان يتزهد، أي يتعبد. والتزهيد في الشيء وعن الشيء: خلاف الترغيب فيه، وفي اصطلاح أهل الحقيقة هو بغض الدنيا والإعراض عنها، وقيل هو ترك راحة الدنيا طلبا لراحة الآخرة، وقيل هو أن يخلو قلب مما خلت منه يدك، ولا يقال الزهد إلا في الدين خاصة، وهذا التفصيل نقله أئمة اللغة عن الخليل.
انظر، الصحاح: الجوهري؛ الجرجاني: التعريفات؛ الزبيدي: تاج العروس؛ ابن دريد: جمهرة اللغة.

[12] بكر بن عبدالله المزني: أحد رواة الحديث، من محدثي البصرة، ذكره الذهبي فيمن له رواية في الكتب الستة، وذكره ابن حبان في الثقاة، وقال العجلي في كتابه " معرفة الثقات ": بكر بن عبدالله المزني بصري ثقة تابعي.
وقال عنه أبو حاتم الرازي في كتابه " الجرح والتعديل": بكر بن عبدالله المزني وهو بن عمرو بن هلال وهو أخو علقمة بن عبدالله، روى عن ابن عمر وأنس، روى عنه قتادة وحميد والتيمي، وحبيب بن الشهيد، سمعت أبي يقول ذلك: حدثنا عبدالرحمن قال: ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين، قال بكر بن عبدالله المزني ثقة، حدثنا عبدالرحمن قال: سُئِل أبو زرعة عن بكر بن عبدالله المزني، فقال: بصري ثقة مأمون؛ انظر: العجلي (أحمد بن عبدالله بن صالح أبو الحسن العجلي الكوفي): معرفة الثقات، مكتبة الدار - المدينة المنورة، الطبعة الأولى، 1405 - 1985؛ تحقيق: عبدالعليم عبدالعظيم البستوي، 1/251، أبو حاتم الرازي (عبدالرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس أبو محمد الرازي التميمي): الجرح والتعديل، دار إحياء التراث العربي - بيروت، الطبعة الأولى، 1371 - 1952، 2/388.

[13] عبدالواحد بن زيد: قال عنه البخاري في التاريخ الكبير: عبدالواحد بن زيد البصري عن الحسن وعن عبادة بن نسي، تركوه، وقال ابن حبان: عبدالواحد بن زيد العابد كنيته أبو عبيدة من أهل البصرة، له حكايات كثيرة في الزهد والرقائق، يروى عن الحسن ومالك بن دينار، روى عنه أهل بلده يعتبر بحديثه إذا كان دونه وفوقه ثقات، ويجتنب ما كان من حديثه من رواية سعيد بن عبدالله بن دينار، فإن سعيدًا يأتي بما لا أصل له عن الإثبات؛ انظر: ابن حبان (محمد بن حبان بن أحمد أبو حاتم التميمي البستي): الثقات، دار الفكر، الطبعة الأولى، 1395 - 1975، تحقيق: السيد شرف الدين أحمد، 7/124، الترجمة رقم 9289.

[14] (نشج) الباكي نشجًا ونشيجًا تردَّد البكاء في صدره من غير انتحاب، (النشيج): الصوت المتردد في الصدر، ويقال: عَبرة نشج لها صوت، وقال أبو عبيد: النشيج: مثل بكاء الصبي إذا ضُرِب فلم يَخرُج بكاؤه، وردَّده في صدره، وعن ابن الأعرابي: النشيج من الفم، والنخير من الأنف، وفي التهذيب: وهو إذا غصَّ البكاء في حلقه عند الفزعة؛ انظر، المعجم الوسيط، والزبيدي: تاج العروس.

[15] لم أجد له ترجمة.

[16] محمد بن واسع (.. - 123 ه‍ =.. - 741 م): محمد بن واسع بن جابر الأزدي، أبو بكر: فقيه وَرِع، من الزهَّاد، من أهل البصرة، عُرِض عليه قضاؤها، فأبَى، وهو من ثقات أهل الحديث؛ قال الأصمعي: لما صاف قتيبة بن مسلم الترك وهاله أمرهم، سأل عن محمد بن واسع، فقيل: هو ذاك في الميمنة ينضنض بأصبعه نحو السماء، قال: تلك الإصبع أحبُّ إليّ من مائة ألف سيف؛ انظر: الزركلي؛ الأعلام، 15/311.

[17] ثابتبن أسلمالبناني)؟ - 123هـ/؟ - 741م). هو الإمام، القدوة، شيخ الإسلام، وأحد الأعلام، أبومحمد، البناني، من تابعي أهل البصرة، وزهادهم، ومحدثيهم. كتب عنه الأئمة، وهو أحد الثقات المأمونين. ولد في خلافة معاوية، وحدث عن عبدالله بن عمر، وعبدالله بن مغفل، وأنس، وكثير من التابعين. وحدث عنه شعبة، والحمادان - حماد بن زيد وحماد بن سلمة - ومعمر، وعطاء بن أبي رباح وغيرهم. قال ابن المديني: له نحو 250 حديثًا، وقال حماد بن زيد: ما رأيت أعبد من ثابت. توفي عن عمر يجاوز 80 عامًا.

[18] البيت رواه الثعالبي ضمن الأمثال الصادرة عن الأبيات السائرة، وعزاه لجرير، وقبله:
إن الكريمةَ يَنصُر الكرَمُ ابنَها
وابن اللئيمة للئام نَصورُ

زعَم الفرزدقُ أن سيقتل مربعًا
أبشِر بطول سلامة يا مربعُ

انظر، الثعالبي: التمثيل والمحاضرة.

[19] لم أجد هذا الحديث بلفظه فيما لدي من كُتب، وإنما جاء في معناه أحاديث كثيرة؛ منها: ما رواه السيوطي في كتاب جامع الأحاديث ولفظه: (يخرج من النار مَن قال لا إله إلا الله، وكان في قلبه من الخير ما يزن شعيرة، ثم يخرج من النار مَن قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن بُرَّة، ثم يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وكان في قلبه من الخير ما يزن ذرَّة).
(الطيالسي، وأحمد، والبخاري، ومسلم، والترمذي - حسن صحيح - وابن ماجه، وابن خزيمة، وابن حبان عن أنس).

[20] أبو سليمان عبدالرحمن بن أحمد بن عطية العنسي الداراني، (هذه النسبة إلى داريا وهي قرية بغوطة دمشق)، الزاهد المشهور أحد رجال الطريقة، كان من جلة السادات، وأرباب الجد في المجاهدات، ومن كلامه: من أحسن في نهاره كُفِي في ليله، ومن أحسن في ليله، كُفِي في نهاره، ومن صدق في ترْك شهوة ذهب الله سبحانه وتعالى بها من قلبه، والله تعالى أكرم من أن يعذب قلبًا بشهوة تركت له، ومن كلامه: أفضل الأعمال خلاف هوى النفس، وكانت وفاته سنة خمس ومائتين، وقيل سنة خمس عشرة ومائتين رضي الله عنه؛ انظر: ابن خلكان (أبو العباس شمس الدين أحمد بن محمد بن أبي بكر بن خلكان): وَفَيَات الأعيان وأنباء أبناء الزمان؛ تحقيق: إحسان عباس، دار صادر، بيروت، 3 / 131، وانظر ترجمته أيضًا في طبقات السُّلمي: 75، وتاريخ بغداد 10: 248، وحلية الأولياء 9: 254، والأنساب 5: 271، واللباب: (الداراني)، وصفة الصفوة 4: 197، والفوات 1: 524.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 11-02-2020, 04:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,645
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منشأ الحسن البصري وصفة أحواله وأفعاله

منشأ الحسن البصري وصفة أحواله وأفعاله (2)





د. أحمد عبدالوهاب الشرقاوي


قال مالك بن دينار: دخلت يومًا على الحسن وهو يأكل، فقال: كُلْ يا ابن أخي، فقلت: أكلتُ، فقال: وإن فعلتَ، فأسعدني، فقلت: والله لقد شبعتُ، فقال الحسن: يا سبحان الله! ما كنتُ إخال أن مؤمنًا يأكل حتى يشبَع، فلا يقدر أن يُساعِد أخاه![1]

وقيل: حضر الحسن وليمةً، وحضرها رجل من المتقشِّفين، فلما قُدِّمت الحلواء، رفع يده رياءً وتصنُّعًا، فأكل الحسن، وقال: كلْ يا لُكع، فلَنعمةُ الله عليك في الماء البارد أعظمُ من نعمته عليك في الحلواء.[2]

وقيل: إن الرجل كان اختزل من الطعام دجاجةً، فقال الحسن: ردَّ ما هو عليك حرام، وكلْ إن شئتَ ما هو لك حلال، واحذر الرياء والتصنُّع؛ فإن الله تعالى يمقُت فاعلهما.[3]

وقيل: رأى الحسن شيخًا في جنازة، فلما فرغ من الدفن قال له الحسن: يا شيخ، أسألك بربك: أتظن أن هذا الميت يودُّ أن يردَّ إلى الدنيا، فيزيد من عمله الصالح، ويستغفر الله من ذنوبه السالفة؟ فقال الشيخ: اللهم نعم! فقال الحسن: فما بالُنا لا نكون كلنا كهذا الميت؟! ثم انصرف وهو يقول: أي موعظة؟ ما أبلغها لو كان بالقلوب حياة! ولكن لا حياة لمن تنادي.[4]

ولقيه رجل - وهو يريد المسجد في ليلة مظلمة ذات ردغ - فقال: أفي مثل هذه الليلة تَخرُج يا أبا سعيد؟! فقال: يا بن أخي، هو التسديد أو الهلكة[5] [6].

وكان - رحمه الله - صاحبَ ليل.

وكان يقول: ما رأيت شيئًا من العبادة أشد من الصلاة في جوف الليل، وإنها لمِن أفعال المتقين.[7]

وكان يقول: صلاة الليل فرض على المسلمين، ولو قَدْرَ حلبِ شاة أو فُواق ناقة.[8]

وكان يقول: إذا لم تقدر على قيام الليل، ولا صيام النهار، فاعلم أنك محروم؛ قد كبَّلتْك الخطايا والذنوب.

وكان يقول: منعَ البرُّ النومَ، ومن خاف الفوات أدلج.[9] [10]

وقال له رجل: يا أبا سعيد، أعياني قيام الليل فما أطيقه! فقال: يا بن أخي، استغفر الله، وتب إليه، فإنها علامة سوء.

وكان يقول: إن الرجل ليذنب الذنب فيُحرَم به قيام الليل.

وقيل: حاول الحسن الصلاة ليلةً، فلم تُطاوعه نفسه، فجلس سائر الليلة لم ينَم فيها حتى أصبح، فقيل له في ذلك، فقال: غلبتني نفسي على ترك الصلاة، فغلبتُها على ترك النوم، وايم الله، لا أزال بها كذلك حتى تذلَّ وتُطاوع.

وكان يقول: إن النفس أمَّارة بالسوء، فإن عصتْك في الطاعة، فاعصِها أنت في المعصية.

وقيل لعبدالواحد صاحب الحسن: أي شيء بلغ الحسن فيكم إلى ما بلَغ، وكان فيكم علماء وفقهاء؟ فقال: إن شئتَ عرفتك بواحدة، أو اثنتين، فقلت: عرفني بالاثنتين، فقال: كان إذا أمر بشيء أعمل الناس به، وإذا نهى عن شيء أترك الناس له، قلت: فما الواحدة؟ قال: لم أر أحدًا قط سريرته أشبه بعلانيتِه منه.[11]

وقيل للحسن في شيء قاله: ما سمعنا أحدًا من الفقهاء يقول هذا، فقال: وهل رأيتم فقيهًا قطُّ؟! إنما الفقيه: الزاهد في الدنيا، الراغب في الآخرة، الدائب على العبادة، الذي لا يُداري ولا يماري، ينشر حكمةَ الله، إن قُبلت منه حمد الله، وإن رُدَّت عليه حمد الله.[12]

وقيل: خطب إليه رجل ابنته، وبذل لها مائة ألف درهم، فقالت أمها: زوِّجه؛ فقد أرغبها في الصداق، وبذل لها ما ترى، فقال الحسن: إن رجلاً بذل في صداق امرأة مائة ألف لجاهلٌ مغرور يجب ألا يُرغَب في مُناكحتِه، ولا يُحرص على مصاهرته، وترك تزويجه، وزوَّجَها من رجل صالح.

وقيل: شاوَرَه رجل فقال: يا أبا سعيد، لي ابنة أحبها، وقد خطبها رجال من أهل الدنيا، فمن ترى لي أن أزوجها؟ فقال: زوجها مِن تقيٍّ؛ إن أحبَّها أكرمها، وإن أبغَضَها لم يَظلِمها.

وقيل ليوسف بن عبيد: هل تعرف رجلاً يعمل بعمل الحسن؟ فقال: رحم الله الحسن، والله ما أعلم أحدًا يقول بقوله، فكيف يعمل بعمله؟! كان - والله - إذا ذُكرت النار عنده كأنه لم يُخلق إلا لها، وما رئي قط إلا وكأن النار والجنة بين عينيه خشيةً ورجاءً، لا يَغلب أحدهما صاحبه[13].

وقال حميد خادم الحسن: دخلنا على الحسن في بعض عِلَله نعوده، فقال: مرحبًا وأهلاً بكم، حياكم الله بالسلام، وأحلنا وإياكم دار المقام.

فقلنا: عِظنا يرحمك الله؛ فإنا نرجو الانتفاع بما نسمع منك.

فقال: هذه علانية حسنة إن صدقتم وصبرتم واتقيتم، معاشر إخواني، لا يكن حظكم من الخير سماعه بأذن، وخروجه من أذن، فإنه مَن رأى محمدًا صلى الله عليه وسلم رآه غاديًا ورائحًا، لم يضع لبنةً على لبنة، ولا قصبةً على قصبة، بل رفع له صلى الله عليه وسلم علَم الهداية، فشمر إليه، فهنيئًا لمن اتبع سببه، واقتفى أثره، الوحا الوحا، ثم النجاء النجاء، علام تفرحون ولا تحزنون؟ أتيتم - ورب الكعبة - كأنكم والله والأمر قد جاء معًا، والسعيد من اعتدَّ له[14] [15].

قال أبو عبدالرحمن: دخلنا على الحسن وهو عليل، فأحضر كاتبًا ليَكتُب وصيةً، ثم قال: اكتب: بسم الله الرحمن الرحيم، أما بعد؛ فإن الحسن عبدالله وابن أَمَته، يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله، من لقي الله بها صادقًا لسانه، مخلصًا قلبه، أدخله الله الجنة.

ثم قال: سمعت معاذًا يقول ذلك، ويُوصي به أهله، ثم قال معاذ: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول ذلك، ويوصي به أهله.[16]

وقيل: لما احتضر الحسن، جزع جزعًا شديدًا، فقال له ولده: لقد أفزعتنا بجزعك هذا يا أبت، فقال: يا بُني، قد جاء الحق وزهق الباطل، وهأنا أصاب بنفسي التي لم أُصَب بمثلها.

وقال مالك بن دينار: رأيت الحسن - رحمة الله عليه - في منامي - بعد أن مات - مسرورًا، شديد البياض، تبرق مجاري دموعه، فقلت: ألست من الموتى؟ فقال: بلى! قلت: فماذا صرت إليه بعد الموت، فلعمري لقد طال حزنك في الدنيا؟ فقال: رفع - والله - لنا ذلك الحزن علم الهداية إلى منازل الأبرار، فحللنا بثوابه مساكن المتقين، وايم الله، إنْ ذلك إلا مِن فضل الله علينا، قلت: فما تأمرنا به يا أبا سعيد؟ قال: وما عسى؟ إنَّ أطوَلَ الناس حزنًا في الدنيا أطولهم فرحًا في الآخرة.

وقال صالح المري: دخلتُ على الحسن يومًا، فسمعتُه يُنشِد:[17]
ليس من مات فاستراح بمَيْت
إنما الميْت ميِّتُ الأحياءِ

إنما الميْت من تراه كئيبًا
كاسفًا بالُه قليل الرجاء[18]



وكان إذا أصبح وفرغ من تسبيحه، أنشد:
وما الدنيا بباقية لحيٍّ
ولا حي على الدنيا بباقي[19]



وإذا أمسى، بكى وتمثَّل:
يسُر الفتى ما كان قدَّم مِن تقًى
إذا عرف الداء الذي هو قاتله[20]



قال حميد: دخلنا على الحسن يومًا، فوجدناه يبكي وينشد:
دعُوه لا تلوموه دعوهُ
فقد علم الذي لم تعلموهُ

رأى علَمَ الهُدى فسما إليه
وطالب مطلبًا لم تَطلُبوهُ

أجاب دعاءه لما دعاه
وقام بأمرِهِ وأضعتُموهُ

بنفسي ذاك مِن فَطِن لبيب
تذوَّق مطعمًا لم تطعَموهُ[21]



قال: وسمعته يومًا آخر يبكي ويقول: أي ربِّ، متى أؤدي شكر نعمتك التي لا تؤدى إلا بنعمة محدَثة، ومعونة مجددة؟! ما أخسر صفقة من صُرف عن بابك، وضُرب دونه حجابك! ثم أنشد:
إذا أنا لم أشكرْكَ جهدي وطاقتي
ولم أصف من قلبي لك الودَّ أجمَعَا

فلا سلمَتْ نفسي من السقم ساعةً
ولا أبصرَتْ عَيني من الشمس مطلَعَا



ثم استغفر وبكى، وقال: القلب الذي يحبُّ اللهَ يحب التعب، ويؤْثِر النصَب، هيهات! لا يَنال الجنة من يؤثر الراحة، من أحب سَخا، من أحب سخا بنفسه إن صدق، وترك الأماني؛ فإنها سلاح النوكى.[22]

وقال له رجل يومًا: يا أبا سعيد، ما بال المتهجدين من أحسن الناس وجوهًا؟! قال: لأنهم خلوا بالرحمن، فألبسَهم مِن نوره، فهو يبدو على وجوههم.[23]
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #3  
قديم 11-02-2020, 04:27 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 159,645
الدولة : Egypt
افتراضي رد: منشأ الحسن البصري وصفة أحواله وأفعاله



وقيل له: يا أبا سعيد، كيف ترى في الرجل يُذنب، ثم يتوب، ثم يعود؟! فقال: ما أعرف هذا من أخلاق المؤمنين.

وذُكر بحضرته الصحابة - رضوان الله عليهم - فقال: قدَّس الله أرواحهم، شهدوا وغِبْنا، وعلموا وجهلنا، فما أجمعوا عليه اتَّبعْنا، وما اختلفوا فيه وقَفْنا.

وكان يقول: كنس المساجد وعمارتها بالذكر نقودُ الحور العين.

وكان يقول: حقيق على من عرف أن الموت مورده، والقيامة موعده، والوقوف بين يدي الجبار مشهده: أن تطول في الدنيا حسرته، وفي العمل الصالح رغبتُه.

واتصل به أن رجلاً اغتابه، فبعث إليه بطبق فيه رطب وقال: أهديتَ إليَّ باغتيابك لي حسناتك، فكافأتك عليها، فاستحيا الرجل، ولم يعد لذِكره بسوء.

وكان إذا رأى أن رجلاً كثير البطالة غير مشتغل بما يَعنيه من أمر دينه، أنشده:
يسرُّك أن تكون رفيقَ قوم
لهم زادٌ وأنت بغير زاد؟![24]



وكان يقول: يا بن آدم، نهارك ضيفك، فأحسن إليه؛ فإنك إن أحسنتَ إليه ارتحل بحمدك، وإن أسأت إليه ارتحل بذمك، وكذلك ليلتك.

ووُلد له غلام فهنأه جلساؤه، وقالوا: بارك الله لك في هيبته، وزادك من نعمته، فقال: الحمد لله على كل حسنة، ونسأل الله الزيادة من كل نعمة، ولا مرحبًا بمَن إن كنتُ عائلاً أنصبني، وإن كنت غنيًّا أذهلني، وبمن لا أرضى بسعيي له سعيًا، ولا بكدِّي له في الحياة كدًّا، حتى أُشفقَ عليه من الفاقة بعد وفاتي، وأنا في حالٍ لا يَصِل إلي من همه حزن، ولا من فرحه سرور.

وكان يقول: إن خوفك حتى تلقى الأمن، خير من أَمنِكَ حتى تَلقى الخوف.

وكان يقول: ما رأيتُ شيئًا لا شك فيه أصبح شكًّا لا يَقين فيه، من يقيننا بالموت، وعَملِنا لغيره.

وكان يقول: رُوي عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ((ما مِن صدقة أفضل من صدقة اللسان))، قيل: يا رسول الله، وما صدقة اللسان؟ قال: ((الشفاعة الحسنة، يُخفي الله بها الذميمة، ويقضي الحاجة، ويفرِّج الكربة)).[25]


[1] مالك بن دينار (000 - 131 ه‍ = 000 - 748 م) مالك بن دينار البصري، أبو يحيى: من رواة الحديث، كان وَرِعًا، يأكل من كسبه، ويَكتب المصاحف بالأجرة، توفي في البصرة؛ انظر، الزركلي: الأعلام، 11 / 419.

[2] اللكع: اللئيم، والعبد والأحمق، ومَن لا يتجه لمنطق ولا غيره، والمهر، والصغير، والوسخ، ويقال في النداء: يا لكع، وللاثنين: يا ذوي لكع، ويقال في النداء: يا خبث، كما يقال: يا لكع، تريد: يا خبيث؛ انظر، الفيروزابادي: القاموس المحيط، الأزهري: تهذيب اللغة، ابن منظور: لسان العرب.

[3] اختزل: عرج، وبرأيه انفرد، والشيء اقتطعه، وفي حديث الأنصار: "وقد دفت دافة منكم يريدون أن يختزلونا من أصلنا"، ويقال: اختزل العامل المال الذي جباه: إذا اقتطعه؛ انظر: المعجم الوسيط، الأزهري: تهذيب اللغة.

[4] شطر بيت من الأبيات السائرة لبشار بن برد يقول فيه:
لقد أسمعتَ لو ناديتَ حيًّا
ولكن لا حياة لمن تُنادي



[5] ردغ: الردغة، بالتحريك: الماء والطين، والوحل الشديد، وكذلك الردغة بالتسكين، والجمع: ردغ ورداغ؛ انظر: الصحاح: الجوهري، الفيروزابادي: القاموس المحيط.


[6] التسديد: التوفيق للسداد، وهو: الصواب والقصد من القول والعمل، ورجل مسدَّد: إذا كان يعمل بالسداد والقصد، والمسدَّد: المقوَّم؛ انظر: الصحاح: الجوهري.

[7] التقوى في اللغة بمعنى الاتقاء، وهو: اتخاذ الوقاية، وعند أهل الحقيقة: هو الاحتراز بطاعة الله عن عقوبته، وهو صيانة النفس عما تستحق به العقوبة من فعل أو ترك، والتقوى في الطاعة يراد بها: الإخلاص، وفي المعصية يراد بها: الترك والحذر، وقيل: أن يتَّقي العبد ما سوى الله تعالى، وقيل: المحافظة على آداب الشريعة، وقيل: مجانبة كل ما يُبعدك عن الله تعالى، وقيل: ترك حظوظ النفس ومباينة النهى، وقيل: ألا ترى في نفسك شيئًا سوى الله، وقيل: ألا ترى نفسك خيرًا من أحد، وقيل: ترك ما دون الله، والمتبع عندهم هو الذي اتقى متابعة الهوى، وقيل: الاهتداء بالنبي عليه السلام قولاً وفعلاً؛ انظر: الجرجاني: التعريفات.

[8] قال الليث: فواق الناقة: رجوع اللبن في ضرعها بعد حلبها؛ تقول العرب: ما أقام عندي فواق ناقة، وقد أفاقت الناقة واستفاقها أهلها، إذا نفسوا حلبها حتى تجتمع درتها، وبعضٌ يقول: فواق ناقة بمعنى الإفاقة، كإفاقة المغشي عليه؛ تقول: أفاق يفيق إفاقةً وفواقًا، فواق ناقة، وهو قدر ما بين الحلبتين من الراحة، تُضمُّ فاؤه وتُفتَح؛ انظر: الأزهري: تهذيب اللغة، ابن منظور: لسان العرب.

[9] (فوت) الفوت: الفوات، فاتني كذا؛ أي: سبقني، وفُتُّه أنا، وقال أعرابي: الحمد لله الذي لا يُفات ولا يلات، وفاتني الأمر فوتًا وفواتًا: ذهب عني، وموت الفوات: موت الفجأة؛ انظر: ابن منظور: لسان العرب.

[10] (دلج): الدلجة: سير السحَر، والدلجة: سير الليل كله، والدلج والدلجان والدلجة: الساعة من آخر الليل، والفعل الإدلاج، وأدلجوا: ساروا من آخر الليل، وأدلجوا: ساروا الليل كله؛ انظر: ابن منظور: لسان العرب.

[11] عبدالواحد بن زيد: قال الحارث بن عبيد: كان عبدالواحد بن زيد يجلس إلى جانبي عند مالك بن دينار، فكنتُ لا أفهم كثيرًا من موعظة مالك؛ لكثرة بكاء عبدالواحد، قال أبو نعيم: عبدالواحد بن زيد كان عابدًا زاهدًا، وواعظًا، حدثنا أحمد بن أبي الحواري، قال: قال لي أبو سليمان الداراني: أصاب عبدالواحد بن زيد الفالج، فسأل الله أن يُطلقه في وقت الوضوء، فإذا أراد أن يتوضأ انطلق، وإذا رجع إلى سريره عاد عليه الفالج؛ انظر: ابن الجوزي (عبدالرحمن بن علي بن محمد أبو الفرج بن الجوزي): صفة الصفوة، تحقيق: محمود فاخوري، محمد رواس قلعه جي، دار المعرفة، بيروت، الطبعة الثانية، 1399 - 1979، 3 / 321؛ أبو نعيم الأصبهاني: حلية الأولياء، 3 / 28.

[12] "لا يُشاري ولا يماري ولا يداري": لا يُشاري من الشر، قلت: كأنه أراد لا يشار، فقلب إحدى الراءين ياءً، ولا يماري: لا يُخاصم في شيء له فيه منفعة، وقوله: ولا يداري؛ أي: لا يدفع ذا الحق عن حقه؛ انظر: الأزهري: تهذيب اللغة.

[13] لم أجد له ترجمة.

[14] أي: من أدرك ولحق، وفي التنزيل في صفة ذي القرنين: ï´؟ ثم اتَّبَعَ سببًا ï´¾ [الكهف: 89]، بتشديد التاء، ومعناها: تبع، وكان الكسائي يقرؤها: ï´؟ ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَبًا ï´¾، بقطع الألف، أي لحق وأدرك؛ انظر، ابن منظور: لسان العرب.

[15] العرب تقول: الوحاء الوحاء، والوحا الوحا، ممدودًا ومقصورًا، وربما أدخلوا الكاف مع الألف فقالوا: الوحاك الوحاك، ورَوى سلمة عن الفراء، قال: العرب تقول: النجاء النجاء، والنجا النجا، والنجاءك النجاءك، والنجاك النجاك؛ انظر: الأزهري: تهذيب اللغة.

[16] معاذبنجبل (20 ق هـ - 18هـ / 603 - 639م): معاذبنجبل، أبو عبدالرحمن، صحابي أنصاري جليل، ينتسبلقبيلة الخزرج من المدينة، أسلم على يد الصحابي مصعببنعمير رضي الله عنه، ثمجاءمعاذرضي اللهعنه إلى مكة، وشهد بيعة العقبة الثانية، وبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم، آخى الرسول بينه وبين جعفر بن أبي طالب رضيالله عنه.
لزممعاذرضيالله عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصبح جنديًّا من جنود الدعوة الإسلامية قولاً وعملاً، شهدبدرًا، وكان من فريق الهجوم، وتابع جهاده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في أُحُد والخندق والغزواتكلها، إلى أن تمَّ فتح مكة، فأسند له الرسول صلى الله عليه وسلم مهمَّة تعليم الدين للناس فيها، بقيمعاذرضي الله عنهفي مكة إلى أن استنفر الرسول صلى الله عليه وسلم الناس إلى تبوك فكان في طليعة الملبِّين.
بعد تبوك جاءت وفود من اليمن تعلن إسلامها، فاختار الرسول صلى الله عليه وسلم معاذًا لتعليمهموالقضاء في أمورهم، كانت لمعاذ جولات في حمص والشام يعلم الناس، ثم استقر به المقام في فلسطين،وحدث الطاعون في تلك الديار، وتولى معاذ رضي الله عنه القيادة بعد ذلك حتى أصابه الطاعون، فتُوفيوله من العمر 38 عامًا، رُوي عنمعاذفي كتب الحديث 157 حديثًا؛ (انظر: الموسوعة العربية العالمية، المملكة العربية السعودية، 2004م).

[17] صالح المري: أبو بشير صالح بن بشير القارئ المعروف بالمري؛ من أهل البصرة، حدث عن الحسن ومحمد بن سيرين وبكر بن عبدالله وغيرهم، رَوى عنه شجاع بن أبي نصر البلخي، وسريج بن النعمان الجوهري، وعفان بن مسلم وغيرهم، كان عبدًا صالحًا، وقال عفان بن مسلم: كنا نأتي مجلس صالح المري نحضره وهو يقصُّ، وكان إذا أخذ في قصصه كأنه رجل مذعور يفزعك أمره من حزنه وكثرة بكائه كأنه ثكلى، وكان مملوكًا لامرأة من بني مرة بن الحارث بن عبدالقيس، ومات سنة ست وسبعين ومائة، رحمه الله تعالى؛ انظر: ابن خلكان: وفيات الأعيان 2 / 494، وانظر ترجمته أيضًا في: تاريخ بغداد 9: 305، وميزان الاعتدال 2: 289، وذكر أن وفاته سنة: 173، وقال في العبر 1 / 262: فيها أو في 176، وقال البخاري: مُنكَر الحديث.

[18] البيت لعدي بن رعلاء الغساني، وقبله:
ربما ضربة بسيف صقيل
دون بُصرى وطعنةٍ نجلاءِ

وغموس تضلُّ فيها يدُ الآ
سي ويَعيا طبيبها بالدواءِ

رفعوا راية الضِّراب وآلوا
ليذودنَّ سامر الملحاءِ


انظر: الأصمعي: الأصمعيات.

[19] قال الزمخشري في "ربيع الأبرار": كان الحسن يتمثَّل كثيرًا بقول نهشل بن حري:
وما الدنيا بباقية لحيٍّ
ولا حي على الحدثان باقي



[20] البيت مذكور في كتاب "الجليس الصالح والأنيس الناصح"؛ للمعافى بن زكريا، و"الحيوان"؛ للجاحظ، و"عقلاء المجانين"؛ لابن حبيب، وكلهم بدون عزوٍ، والأخير ذكر القصيدة ضمن سياق قصة عن حيان بن خيثم المجنون، قال عطاء السلمي: مررتُ ببعض أصدقائي ظاهر البلد، فناداني وسألني أن أبر قسمه، وناولني سكرًا وسمنًا ونشاءً، وقال: أصلحه لي، فأمرت من أصلحه، ثم أخذته تحت كسائي أمرُّ به إليه، إذا أنا بحيان بن خيثم المجنون، فقال: ما معك؟ فقلتُ: شيء أصلحته لبعض رفقائي، فقال: اكشف عنه، فكشفت، فقال: ارفعه؛ فإن نفوسنا نفرت من أن تأكله، قلت: فما تريد؟ قال: فالوذج العارفين! قلت: وما هو؟! قال: خذ قند الصفا، وسمن البها، وزعفران الرضا، وماء المراقبة، وانصب طنجير القلق، وأوقد تحتها حطب الحرق، واعقده باصطلام الحياء، ونار الشوق، حتى يزيد زبد الصبر، وترغو رغوة التوكل، ثم ابسط على صحاف الأنس، ثم كُلْه.
قلت: فإذا أكلته؟! قال: تضج أوجاع القلوب إلى مُداويها، وتشكو ألم الضمير إلى مبليها، وتبكي العيون عن محبة مبكيها شوقًا إلى تأنُّسه محبتها، ثم أنشد فقال:
فهام بحب الله في القفر سابحًا
وحطَّت على سوق القدوم رواحلُهْ

نهاه النهى فارتاح للخوف باطنه
وخاف وعيدَ الله فالحق شاغله

فلما جرى في القلب ماء يَقينِه
فأنبت زرعًا لم تجفَّ سَنابلُه

طوى دهره بالصوم حتى كأنما
عليه يمينٌ إنه لا يُزايلُه

فعاد بحزن قد جرى في ضميره
تَنوح به أعضاؤه ومفاصِلُه

يسرُّ الفتى ما كان قدم مِن تُقى
إذا عرف الداء الذي هو قاتلُه



[21] لم أجد هذه الأبيات فيما لدي من كتب الأدب والوعظ والزهد، ولعلها من شعر الحسن البصري رضي الله عنه.

[22] قال الليث: النوك: الحمق، والأنوك: الأحمق، وجمعه: النوكي؛ انظر: الأزهري: تهذيب اللغة.

[23] التهجد: صلاة الليل، وهجد وتهجَّد؛ أي: نام ليلاً، وهجد وتهجد؛ أي: سهر، وهو من الأضداد، ومنه قيل لصلاة الليل: التهجد؛ انظر: المعجم الوسيط، الجوهري: الصحاح.

[24] من الأبيات السائرة على ألسنة الناس، ولا يُعلم له قائل.

[25] جاء في كتاب علل الحديث لابن أبي حاتم: وسألت أبي عن حديث رواه المسيب بن واضح، عن حجاج بن محمد، عن أبي بكر الهذلي، عن الحسن، عن سمرة بن جندب، قال: قال رسول الله: ((ما من صدقة أفضل من صدقة اللسان))، قيل: وكيف ذاك يا رسول الله؟ قال: ((الشفاعة؛ يُحقَن بها الدم، وتُجَرُّ بها المنفعة إلى أحد، وتُدفع بها الغرامة عن أحد))، قال أبي: أرى بين حجاج وبين أبي بكر رجلاً، وهذا حديث منكر.
وقال محمد ناصر الدين الألباني في السلسلة الضعيفة: وأبو بكر الهذلي متروك الحديث.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 107.52 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 104.89 كيلو بايت... تم توفير 2.63 كيلو بايت...بمعدل (2.45%)]