|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() من أسباب محبة الله تعالى عبدا ( الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجهاد في سبيل الله ) محمد محمود صقر (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والجِهَادُ في سبيلِ اللهِ) فعن قتادة عن رجل من خثعم قال قلت: يا رسول الله! أي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال: "الإشراك بالله"، قال قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: "ثم قطيعة الرحم"، قال: قلت يا رسول الله! ثم مه؟ قال: "ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف" الحديث[1]. وعن أبي أمامة - رضى الله عنه - قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يرمى الجمرة؛ فقال: يا رسول الله! أي الجهاد أحب إلى الله؟ قال: فسكت عنه، حتى إذا رمى الثانية عرض له فقال: يا رسول الله! أي الجهاد أحب إلى الله؟ قال: فسكت عنه، ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا اعترض في الجمرة الثالثة عرض له فقال: يا رسول الله! أي الجهاد أحب إلى الله؟ قال: "كلمة حق تقال لإمام جائر"، قال محمد بن الحسن -في حديثه-: وكان الحسن يقول: لإمام ظالم [2]. وقال الله تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا مَنْ يَرْتَدَّ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَسَوْفَ يَأْتِي اللَّهُ بِقَوْمٍ يُحِبُّهُمْ وَيُحِبُّونَهُ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلَا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لَائِمٍ ﴾ [المائدة: 54]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللهَ يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً كَأَنَّهُمْ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾ [الصف: 4]. وفي حديث الثلاثة الذين يحبُّهم الله والثلاثة الذين يبغضُهم: و"رجلٌ غزا في سبيل الله فلقيَ العدو مجاهدًا محتسبًا فقاتل حتى قُتِل، وأنتم تجدون في كتاب الله - عز وجل - ﴿ إِنَّ الله يُحِبُّ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِهِ صَفّاً ﴾ [3]. وعن عبد الله بن مسعود - رضى الله عنه - قال: سألت النبي - صلى الله عليه وسلم -، أي العمل أحب إلى الله؟ قال: الصلاة على وقتها. قال: ثم أي؟ قال: ثم بر الوالدين. قال ثم أي؟ قال: الجهاد في سبيل الله[4]. وعن عبد الله بن سلام - رضى الله عنه - قال: ذكرنا أحب الأعمال إلى الله، فقلنا: من يسأل لنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فهبناه أن نسأله فيفردنا رجلاً رجلاً حتى اجتمعنا عنده سار بعضنا إلى بعض فلم ندر، ثم أرسل إلينا فقرأ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - هذه السورة: ﴿ سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَوَاتِ وَمَا فِي الأَرْضِ ﴾ [الصف: 1] إلى قوله: ﴿ بُنيَانٌ مَرْصُوصٌ ﴾ [الصف: 4]. قال ابن سلام: فقرأ علينا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - السورة كلها من أولها إلى آخرها، قال أبو سلمة: وقرأ علينا عبد الله بن سلام السورة من أولها إلى آخرها[5]. وعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ثلاثة يحبهم الله ويضحك إليهم ويستبشر بهم؛ الذي إذا انكشفت فئة قاتل وراءها بنفسه لله، فإما أن يقتل وإما أن ينصره الله ويكفيه؛ فيقول: انظروا إلى عبدي هذا كيف صبر لي بنفسه!"[6]. أولاً: الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر: سبق تعريف المعروف وتعريف المنكر، وأن المَعْرُوفُ ضد المنكر والعُرْفُ ضد النكر، وأن المعروف اسم لكل فعل يعرف بالعقل أو الشرع حُسْنه، والمنكر: ما ينكر بهما. والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر صفة المؤمنين.. قال تعالى: ﴿ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنْكَرِ ﴾ [آل عمران: 104]، وأمر من المولى - عز وجل -.. قال تعالى: ﴿ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنْ الْمُنكَرِ ﴾ [لقمان: 17]، وقال: ﴿ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً ﴾ [الأحزاب: 32]، وقال: ﴿ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ ﴾ [الأعراف: 199]؛ ولهذا قيل للاقتصاد في الجود: معروف لما كان ذلك مستحسنا في العقول وبالشرع؛ نحو ﴿ وَمَنْ كَانَ فَقِيراً فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [النساء: 6]، ﴿ إِلاَّ مَنْ أَمَرَ بِصَدَقَةٍ أَوْ مَعْرُوفٍ ﴾ [النساء: 114]، ﴿ وَلِلْمُطَلَّقَاتِ مَتَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ ﴾ [البقرة: 241]؛ أي: بالاقتصاد والإحسان، ﴿ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ ﴾ [الطلاق: 2]، ﴿ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ وَمَغْفِرَةٌ خَيْرٌ مِنْ صَدَقَةٍ ﴾ [البقرة: 263]؛ أي: رد بالجميل ودعاء خير من صدقة كذلك، والعرف: المعروف من الإحسان[7]. وأن عدم التآمر بالمعروف والتناهي عن المنكر رذيلة، وسبب لغضب الله تعالى، وإيذان باستبداله من هذه حالهم، وسبب لبغضه - عز وجل - إياهم.. قال تعالى: ﴿ كَانُوا لا يَتَنَاهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ ﴾ [المائدة: 79]، وقال: ﴿ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمْ الْمُنكَرَ ﴾ [العنكبوت: 29]. وأن أصل [المعروف] كل ما كان معروفا فعله جميلا مستحسنا غير مستقبح في أهل الإيمان بالله، وإنما سميت طاعة الله معروفا لأنه مما يعرفه أهل الإيمان ولا يستنكرون فعله، وأصل [المنكر] ما أنكره الله ورأوه قبيحًا فعله، ولذلك سميت معصية الله منكرا لأن أهل الإيمان بالله يستنكرون فعلها ويستعظمون ركوبها[8]. وإذًا فمن فرائض الإسلام [الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر]؛ بل هو سمة المؤمنين والخيِّرين.. قال تعالى: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنْ الْمُنكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ ﴾ [آل عمران: 110]، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "من رأى منكرا فليغيره بيده؛ فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان"[9]. الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر من أسباب محبته سبحانه فاعلهما: 1- فعن قتادة عن رجل من خثعم قال قلت: يا رسول الله! أي الأعمال أبغض إلى الله؟ قال: "الإشراك بالله"، قال قلت: يا رسول الله! ثم مه؟ قال: "ثم قطيعة الرحم"، قال: قلت يا رسول الله! ثم مه؟ قال: "ثم الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف" الحديث[10]. فقد نص هذا الحديث على أن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وفضلاً عن كل فضائلهما التي ذكرناها سابقًا، هما أيضًا من أسباب تحصيل محبَّة الله - عز وجل - فاعلهما، ولم لا وما فتئ القرآن الكريم والسنة المشرفة يحثان عليهما، ويندبان إليهما، ويبينان فضلهما، ويزجران عن التخلي عنهما، ويتوعدان من تخلى عن ذلك باستبداله كائنًا من كان.. فردا أو جماعة أو أمة؟!! 2- وعن أبي أمامة - رضى الله عنه - قال: أتى رجل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وهو يرمى الجمرة؛ فقال: يا رسول الله! أي الجهاد أحب إلى الله - عز وجل -؟ قال: فسكت عنه، حتى إذا رمى الثانية عرض له فقال: يا رسول الله! أي الجهاد أحب إلى الله - عز وجل -؟ قال: فسكت عنه، ثم مضى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حتى إذا اعترض في الجمرة الثالثة عرض له فقال: يا رسول الله! أي الجهاد أحب إلى الله - عز وجل -؟ قال: "كلمة حق تقال لإمام جائر"، قال محمد بن الحسن -في حديثه- وكان الحسن يقول: لإمام ظالم[11]. قال المناوي - رحمه الله تعالى -: "أحب الجهاد إلى الله كلمة حق"؛ أي موافقٌ للواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب في الوقت الذي يجب، والحق يقال لأوجه هذا أنسبها هنا، ذكره الراغب، وكلمة حق تجوز بالإضافة وبغيرها. "تقال لإمام" سلطان "جائر" ظالم؛ لأن من جاهد العدو فقد تردد بين رجاء وخوف، وصاحب السلطان إذا قال الحق وأمر بالمعروف ونهى عن المنكر فقد تعرض للهلاك واستيقنه؛ فهو أفضل، والمراد أن أفضل أنواع الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر هذا، فلا حاجة لتقدير من[12]. وقال: "كلمة حق" بالإضافة، ويجوز تركها وتنوينها وفي رواية للترمذي "عدل" بدل "حق"، وأراد بالكلمة الكلام، وما يقوم مقامه كالخط، "عند سلطان جائر" أي ظالم؛ لأن مجاهد العدو متردد بين رجاء وخوف، وصاحب السلطان إذا أمره بمعروف تعرض للتلف؛ فهو أفضل من جهة غلبة خوفه، ولأن ظلم السلطان يسري إلى جم غفير، فإذا كفه فقد أوصل النفع إلى خلق كثير بخلاف قتل كافر، والمراد بالسلطان: من له سلاطة وقهر[13]. وبذا يكون الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر جزءًا لا يتجزَّأ من الجهادِ، ويكون أمرُ ونهيُ السلطان الجائر الظالم أفضلَ الجهاد؛ لأنه أفضل الأمر والنهي. ثانيًا: الجهاد في سبيل الله: الجهاد في سبيل الله تعالى يحتاج إلى كتابٍ ضخمٍ لتفصيلِه، وقد أُلِّفَت فيه المجلدات الكبار، ألَّفها العلماء قديمًا وحديثا فجزاهم الله عن الإسلام والمسلمين خيرًا، ونرجُو أن يوفِّقنا الله تعالى لندلي بدلونا فيه بكتاب عقدناه بعنوان "خصام اللئام والكرام في ذروة السّنام"، نريد أن نبيّن فيه الاختلاف حول حكم الجهاد في زمنٍ ترك الناس فيه العمل وأخذوا في اللجاجة، ويكفِي الجهادَ فضلاً أن يقولَ الصادق المصدوق فيه: "رأسُ الأمرِ الإسلام وعموده الصلاة وذروة سنامه الجهاد"[14]. ونكتفي هنا بهذا الفصل الرائع - على صغَرِه - من الشيخ أحمد فريد في كتابِه الفريد "البحر الرائق في الزهد والرقائق"[15] قال: الجهاد - لغة - معناه: بذل الجهد. وشرعا: هو بذل الجهد في مقاتلة المشركين والبُغاة. ولم يُشرَع الجهاد إلا بعد الهجرة، فقد كان المسلمون في مكة مأمورين بأن يكفُّوا أيديَهم ويقابلوا أذى المشركين بالعفو والصبر، فلما هاجروا إلى المدينة وانضموا إلى إخوانهم الأنصار قوِيَت شوكتُهم واشتدَّ جناحُهم فأُذِن لهم حينئذ في القتال ممن ظلموهم بمكة، ولكنه لم يُفرض عليهم فقالَ تعالى: ﴿ أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ ﴾ [الحج: 39]، ثم فُرِض عليهم بعد ذلك قتالُ من قاتلَهم دون من لم يقاتلْهم فقال تعالى: ﴿ وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ ﴾ [البقرة: 190]، ثم فُرِض عليهم بعد ذلك قتالُ المشركين كافّة فقال - عز وجل -: ﴿ قَاتِلُوا الْمُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً ﴾ [التوبة: 36]؛ فهذه هي مراتب مشروعيَّة الجهاد، كان أوّل الأمر محرّمًا، ثم صار مأذونًا فيه، ثم مأمورًا به لمن بدأهم بالقتال، ثم مأمورًا به لجميع المشركين. قال الشيخ حسن البنا - رحمه الله تعالى -: وقد أجمع أهل العلم مجتهدين ومقلِّدين، سلفِيين وخلَفيين، على أن الجهاد فرضُ كفايةٍ على الأمة الإسلامية لنشر الدعوة، وفرْض عيْنٍ لدفع هجوم الكفار عليها، والمسلمون الآن -كما تَعلم- مستذلُّون لغيرهم.. محكومون بالكفار.. قد ديست أرضُهم، وانتُهِكَت حرُماتهم، وتحكَّم في شئونهم خصومُهم، وتعطلت شعائر دينهم في ديارهم فضلاً عن نشر دعوتهم، فوجبَ وجوبًا عينيًّا لا مناص منه أن يتجهز كل مسلم وأن ينطوي على نيَّةِ الجهاد وإعداد العدَّة له حتى تحين الفرصةُ ويقضي الله أمرًا كان مفعولا. إن الأمة التي تحسن صناعة الموت وتعرف كيف تموت الموْتَة الشريفة يهبُ لها اللهُ الحياةَ العزيزة في الدنيا والنعيم الخالد في الآخرة، وما الوهَن الذي أذلنا إلا حبُّ الدنيا وكراهية الموت. وقال الإمام ابن القيم - رحمه الله تعالى -: قال تعالى: ﴿ انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ [التوبة: 41]، وعلَّق النجاةَ من النار به ومغفرةَ الذنب ودخول الجنة، فقال: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى تِجَارَةٍ تُنجِيكُمْ مِنْ عَذَابٍ أَلِيمٍ * تُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَرَسُولِهِ وَتُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنتُمْ تَعْلَمُونَ * يَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَيُدْخِلْكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [الصف: 10-12]، وأخبرهم أنَّهم إذا فعلوا ذلك أعطاهم من النصر والفتح القريب، فقال: ﴿ وَأُخْرَى تُحِبُّونَهَا نَصْرٌ مِنَ اللهِ وَفَتْحٌ قَرِيبٌ ﴾ [الصف: 13]، وأخبر سبحانه أنه اشترى من المؤمنين أنفسهم وأموالهم بأن لهم الجنة، وأن هذا الوعد قد أودَعه أفضل كتبه المنـزّلة من السماء وهي التوراة والإنجيل والقرآن، ثم أكّد ذلك بإعلامهم أنه لا أحدَ أوفى بعهده منه تبارك وتعالى، ثم أكد ذلك بأنْ أمرَهم بأن يستبشروا ببيعهم الذي عاقَدُوه، ثم أعلمهم أن ذلك هو الفوز العظيم، فليتأمَّل العاقد مع ربه عقد هذا التبايُع ما أعظم خطرَه وأجلَّه، فإن الله - عز وجل - هو المشتري والثمن جناتُ النعيم والفوز برضاه والتمتُّع برؤيته هناك، والذي جرى على يده هذا العقد أشرَف رسُلِه وأكرمهم عليه في الملائكة والبشر، وإن سلعةً هذا شأنها لقد هُيِّئَت لأمر عظيم وخطبٍ جسيم. قد هيّأوك لأمر لو فطنت له ![]() فاربأ بنفسك أن ترعى مع الهمل ![]() مَهْر المحبة والجنة بذلُ النفس والمال لمالكهما الذي اشتراهما من المؤمنين، فما للجبان المعرِض المفلِس وَسَوْم هذه السلعة، بالله ما هزلت فيَسْتامها المفلسون ولا كسدت فيبيعها بالنسيئة المعسِرون، لقد أقيمت للعرض في سوق من يريد، فلَم يرض ربها لها بثمنٍ دون بذل النفوس، فتأخر البطَّالون وقام المحبُّون ينتظرون أيهم يصلح أن تكون نفسُه الثمن، فدارت السلعة بينهم ووقعت في يد ﴿ أَذِلَّةٍ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أَعِزَّةٍ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾ [المائدة: 54].. لما كثُرَ المدعون للمحبة طُولِبوا بإقامة البينة على صحة الدعوى، فلو يُعطَى الناسُ بدعواهم لادعى الخلِيُّ حرفة الشجِيِّ، فتنوع المدعون في الشهود، فقيل لا تُثبِتُ هذه الدعوى إلا بينةُ ﴿ قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمْ اللهُ ﴾ [آل عمران: 31]، فتأخر الخلق كلهم وثبت أتباع الرسول - صلى الله عليه وسلم - في أفعاله وأقواله وهَدْيه وأخلاقه، فطولبوا بعدالة البينة وقيل لا تُقبل العدالةُ إلا بتزكية ﴿ يُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ وَلا يَخَافُونَ لَوْمَةَ لائِمٍ ﴾ [المائدة: 54]، فتأخّر أكثرُ المدعين للمحبة وقام المجاهدون، فقيل لهم: إن نفوسَ المحبين وأموالهم ليست لهم فسلِّموا ما وقع عليه العقد، فـ﴿ إِنَّ الله اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ ﴾ [التوبة: 111]، وعقْدُ التبايع يوجب التسليمَ من الجانبين، فلمّا رأى التجّار عظمة المشتري، وقدر الثمن، وجلالة قدر من جرى عقد التبايع على يديه، ومقدار الكتاب الذي أثبِتَ فيه هذا العقد، عرفوا أن للسلعة قدْرًا وشأنًا ليس لغيرها من السلع، فرأوا من الخسران البيّن والغبن الفاحش أن يبيعوها بثمنٍ بخسٍ دراهم معدودة تذهب شهوتُها وتبقى تَبِعَتُها وحسرتها، فإن فاعل ذلك معدودٌ في جملة السُّفَهاء، فعقدوا مع المشتري بيعةَ الرضوان رضاءً واختيارًا من غير ثبوت خيار، وقالوا والله لا نُقِيلك ولا نستقيلُك، فلما تم العقد وسلموا المبيعَ قيل لهم: قد صارت أنفسكم وأموالكم لنا والآن فقد رددناها عليكم أوفَرَ ما كانت وأضعافَ أموالكم معها.. ﴿ وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْوَاتاً بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾ [آل عمران: 169].. لم نبتغِ منكم بنفوسكم وأموالِكم طلبًا للربح عليكم؛ بل ليظهر أثر الجود والكرم في قبول المعيب والإعطاء عليه أجلّ الأثمان، ثم جمعنا لكم بين الثمن والمثمَّن. فحيَّهلا إن كنتَ ذا همة فقدْ ![]() حدا بك حادي الشوق فاطوِ المراحلا ![]() وقل لمنادي حُبِهم ورضاهُمُ ![]() إذا ما دعا لبيك ألفًا كواملا ![]() ولا تنظرِ الأطلالَ من دونهم فإنْ ![]() نظتَ إلى الأطلال عُدن حوائلا ![]() ولا تنتظرْ بالسير رفقة قاعدٍ ![]() ودعه فإنَّ الشوق يكفيك حاملا ![]() فما هي إلا ساعة ثم تنقضي ![]() ويُصبحُ ذو الأحزان فرحانَ جازلا ![]() أ- فضلُ الجهاد في سبيل الله: 1- الآيات: قال الله تعالى: ﴿ كُتِبَ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ وَهُوَ كُرْهٌ لَكُمْ وَعَسى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ وَعَسَى أَنْ تُحِبُّوا شَيْئاً وَهُوَ شَرٌّ لَكُمْ وَاللهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ ﴾ [البقرة: 216]، وقال تعالى: ﴿ انفِرُوا خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُوا بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللهِ ﴾ [التوبة: 41]، وقال تعالى: ﴿ إِنَّ اللهَ اشْتَرَى مِنْ الْمُؤْمِنِينَ أَنفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمْ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ ﴾ [التوبة: 111]، وقال تعالى: ﴿ لا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُوْلِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ فَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنفُسِهِمْ عَلَى الْقَاعِدِينَ دَرَجَةً وَكُلاًّ وَعَدَ اللهُ الْحُسْنَى وَفَضَّلَ اللهُ الْمُجَاهِدِينَ عَلَى الْقَاعِدِينَ أَجْراً عَظِيماً * دَرَجَاتٍ مِنْهُ وَمَغْفِرَةً وَرَحْمَةً وَكَانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً ﴾ [النساء: 95-96]. وما أكثر الآيات، بل ما أكثر السُّوَر وما أطولها.. تلك التي تحثّ عليه وتبين فضله، ودرجة آتيه، وتلك التي تحذر من التقاعص عنه، وتفضل المجاهدين على القاعدين. بل وليست الآيات فقط... 2- الأحاديث: عن أبي هريرة - رضى الله عنه - قال: "جاء رجلٌ إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: دُلَّني على عملٍ يعدِل الجهاد قال: لا أجِدُه، قال هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجدَك فتقوم ولا تفتر وتصوم ولا تفطر قال: ومن يستطيع ذلك؟". قال أبو هريرة: إن فرَس المجاهد ليستن في طوله فيكتب له حسنات[16]. وعن أبي سعيدٍ الخدْري - رضى الله عنه - قال: "قيل يا رسول الله أي الناس أفضل؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: مؤمنٌ يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله، قالوا: ثم من؟ قال: مؤمنٌ في شِعب من الشعاب يتقي الله ويدع الناس من شره"[17]. وعن أنس بن مالك - رضى الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "لغُدْوَة في سبيل الله أو روحةٌ خيرٌ من الدنيا وما فيها"[18]. وعن سلمانَ - رضى الله عنه - قال سمِعت رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "رِباطُ يومٍ وليلة خير من صيام شهر وقيامه، وإن مات فيه جرى عليه عملُه الذي كان يعمل وأُجرِي عليه رزقُه وأمِن الفتان"[19]. وعن أبي هريرة - رضى الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "من مات ولم يغز ولم يحدِّث به نفسه مات على شُعبةٍ من النفاق"[20]. وعن أبي هريرة - رضى الله عنه - قال سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: "مثَل المجاهد في سبيل الله كمثل الصائم القائم، وتوكّل الله للمجاهد في سبيله بأن يتوفاه أن يدخلَه الجنّة أو يُرجِعَه سالما مع أجرٍ أو غنيمة"[21]. وعن ابن عمر - رضي الله عنهما - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "إذا تبايعتم بالعينة، وأخذتم أذناب البقر، ورضيتم بالزرع وتركتم الجهاد، سلَّط اللهُ عليكم ذلاًّ لا ينـزعه حتى ترجعوا إلى دينكم"[22]. قال الألبانيّ: فذكر أن تسليطَ الذل ليس هو لمجرَّد الزرع والحرث بل لِما اقترن به من الإخلاد إليه والانشغال به عن الجهاد في سبيلِ الله، فهذا هو المراد بالحديث، وأما الزرْعُ الذي لا يقترِن به شيءٌ من ذلك فهو المراد بالأحاديث المرغِّبة في الحرث فلا تعارُضَ بينها ولا إشكال. 3- الآثار: رَوى الذهبي أن ابن المبارك لمّا كان مرابِطًا بطرطوس سنةَ سبعٍ وسبعين ومئة أرسَل إلى الفضيل بن عِياض رسالَةً فيها هذه الأبيات: يا عابِدَ الحرَمَين لو أبصرتَنا ![]() لعلِمتَ أنّك في العبادة تلعبُ ![]() من كان يخضب خدَّه بدموعه ![]() فنحورُنا بدمائنا تتخضّب ![]() أو كان يُتعِب خيله في باطلٍ ![]() فخيولنا يوم الصَّبِيحة تتعب ![]() ريحُ العبير لكم ونحن عبيرنا ![]() وهْج السنابِك والغُبار الأطيَب ![]() ولقد أتانا من مقال نبيِّنا ![]() قولٌ صحيح صادقٌ لا يكذب ![]() هذا كتاب الله ينطق بيننا ![]() ليسَ الشهيدُ بميتٍ لا يكذب [23] ![]() فلما قرأها الفُضيل ذرَفت عيناه ثم قال: صدق أبو عبد الرحمن ونصح، ثم قال للرسول: أتكتب الحديث؟ قال: نعم. قال: فاكتب هذا الحديث كِراء حملك كتاب أبي عبد الرحمن إلينا، ثم أملاه بسنده روايةً لحديث أبي هريرة المذكور آنفا في فضل الجهاد. هذا، والجهادُ مناطُ الشهادة في سبيل الله التي هي أعلى المراتب بعد النبوّة والصدِّيقية، والتي هي أعجمُ الأماني وأجل الآمال.. ب- فضل الشهادة في سبيل الله: عن أنس - رضى الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: "ما أحدٌ يدخل الجنة يحبُّ أن يرجِع إلى الدنيا وأنَّ له ما على الأرض من شيءٍ إلا الشهيد، فإنّه يتمنَّى أن يرجع إلى الدنيا فيُقْتَل عشرَ مرات؛ لما يرى من الكَرامة"[24]. وعن أبي هريرة - رضى الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "والذي نفسي بيده لودِدْت أن أغزوَ في سبيل الله فأُقتَل، ثم أغزوَ فأُقتل، ثم أغزو فأقتل"[25]. وعن عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "يُغْفَر للشهيدِ كلُّ شيءٍ إلا الدَّيْن"[26]. وعن المقدام بن معد يكرب - رضى الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: "للشهيدِ عند الله ستُّ خِصال: يُغفرُ له في أوّل دفعةٍ من دمِه، ويرى مقعدَه من الجنة، ويُجار من عذاب القبر، ويأمَن من الفزع الأكبر، ويحلَّى حُلَّة الإيمان، ويزوَّج من الحور العين، ويشفع في سبعين إنسانًا من أقاربه"[27]. وعن رجلٍ من أصحاب النبي - صلى الله عليه وسلم - أن رجلاً قال: يا رسول الله ما بال المؤمنين يُفتنون في قبورهم إلا الشهيد؟ قال: "كفى ببارقة السيوفِ على رأسه فتنة"[28]. ج- صورٌ من جهاد أصحابِ رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ورضي عنهم: عن أنسٍ - رضى الله عنه - قال: غاب عمّي أنسُ بن النضر عن قتال بدرٍ، فقال: يا رسولَ الله غِبت عن أوَّل قتالٍ قاتلتَ المشركين، لئِن اللهُ أشهَدَني قتالَ المشركين ليَريَنَّ اللهُ ما أصنع، فلما كان يوم أُحُد وانكشف المسلمون، قال: اللهم إني أعتذر إليك مما صنع هؤلاء -يعني أصحابَه- وأبرأُ إليك مما صنع هؤلاء -يعني المشركين- ثم تقدَّم فاستقبله سعدُ بنُ معاذ فقال: يا سعد بن معاذ الجنّة وربِّ النضر إني أجِدُ ريحَها من دون أحد، قال سعدٌ: فما استطعت يا رسول الله ما صنع، قال أنسٌ: فوجدنا به بضعًا وثمانين ضربةً بالسيف أو طعنةً بالرمح أو رميةً بسهم، ووجدناه قد قُتِل وقد مثَّل به المشركون فما عرَفه أحَدٌ إلا أختُه بِبَنانِه، قال أنسٌ: كنا نرى أو نظنّ أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه ﴿ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾ [الأحزاب: 23][29]. وعن أبي هريرة - رضى الله عنه - قال: انطلَق رسولُ الله وأصحابُه حتى سبقوا المشركين إلى بدرٍ وجاء المشركون فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "قوموا إلى جنة عرضُها السموات والأرض"، قال عُمير بنُ الحمام: بخٍ بخٍ، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ما يحملُك على قولِك بخٍ بخ"؟ قال: لا يا رسولَ الله إلا رجاءَ أن أكون من أهلها، قال: "فإنَّك من أهلِها"، قال: فأخرج تمراتٍ من قرنه فجعَل يأكُل منهن ثم قال: لئِن أنا حييت حتى آكلَ تمراتي إنها لحياةٌ طويلة، فرمى ما كان معه من التمر ثم قاتلهم حتى قُتل[30]. وعن ابنِ عمرَ أنَّه قال: كنا بمدينة الروم فأخرجوا إلينا صفًّا عظيمًا من الروم، فخرج إليهم من المسلمين مثلُهم أو أكثر، وعلى أهل مصر عقبةُ بنُ عامر وعلى الجماعة فضالة بن عبيد، فحمل رجلٌ من المسلمين على صفِّ الروم حتى دخل بينهم، فصاح الناس وقالوا: سبحانَ اللهِ يُلقِي بيدِه إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاريُّ فقال: أيُّها الناسُ أنتم تتأوَّلون هذه الآيةَ هذا التأويل وإنما نَزَلت فينا معشرَ الأنصار؛ لمَّا أعزَّ الله الإسلام وكثُر ناصروه قال بعضُنا لبعض سرًّا دونَ رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: إن أموالنا قد ضاعت وإن الله تعالى أعز الإسلامَ وكثر ناصره، فلو أقمنا في أموالنا وأصلحنا ما ضاع منها، فأنزل الله تعالى على نبيِّه ما يرد علينا ما قلناه ﴿ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾ [البقرة: 195]، وكانتِ التهلكة الإقامة في الأموال وإصلاحها وتركَنا الغزوَ، فما زال أبو أيّوب شاخصًا في سبيل الله حتى دُفِن بأرض الروم[31]. والحق أن الجهاد ليس موقعَه في أسبابِ محبَّة الله تعالى العاشرَ؛ بل هو الأوَّل -والله أعلم- بدليل قوله - صلى الله عليه وسلم - عنه: "وذرْوَةُ سنامه الجهاد"[32]، وكثرةِ ذكر الله تعالى له وحثِّه عليه ومدحِه له والتحفيز بثوابه، لكننا جعلناه في آخر أسباب محبَّة الله التي تحدث عنها القرآن؛ كون جميعِ الأسبابِ قبله إنما هي مقدمات له؛ إذ الجهاد ليس سهلاً، وإنما يستوجب مجاهداتٍ كثيرةً وصعبة حتى يؤهَّل الإنسانُ للجهاد في سبيل الله.. مقدامًا غير هياب، صابرًا غير جزِع.. مخلِصًا غير مراءٍ؛ فينبغي أن يُرَبي نفسه بالإحسان والتقوى والإقساط ومتابعةِ النبيِّ - صلى الله عليه وسلم - إلى آخر الأسباب، حتى الذلة للمؤمنين بما يسهل الانقياد لأميرهم والانتظام في صفوفهم، والعزة والشدة على الكافرين بما يسبب الاندفاع في قتالهم بلا هوادة، ولهذا يجيء الجهاد في آخر الأسباب كونه قمةً لها؛ فهو يحتاج إلى صعودٍ إليه والثبات فيه والشهادةِ نهايته، وهذه لا تكون إلا بعد محبة الله تعالى التي تجلبُها الأسبابُ المتقدِّمةُ أو بعضُها، وكذلك الأسبابُ الآتية، فموقع الجهادِ لهذا السبب هو الأخير من حيث أنه الخاتَم، خاصةً إذا كانت خاتمتُه شهادة رزقنا الله وإيّاك إيّاها إنه نعم المولى ونعم النصير.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |