الصلاة يا أمة الإسلام تنصروا وترزقوا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         نستجرام يطلق ميزات جديدة لتحسين تجربة المراسلة المباشرة.. تعرف عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          ما هو برنامج الفدية؟.. وكيف تحمي هاتفك من الاختراق؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          قبل ما تبيع موبايلك.. تأكد من مسح بياناتك بالشكل الصحيح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          6 مميزات فى ويندوز 11 غير موجودة بإصدار 10 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          مقارنة هواتف.. أبرز الفروق بين هاتفى iPhone 16e وiPhone 16 pro max ‎ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كيف تحمى نفسك من تطبيقات التجسس على هاتفك الأندرويد؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          كل ما تحتاج معرفته عن زر "عدم الإعجاب" الجديد على إنستجرام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          هل اتصال الإنترنت لديك بطيئ؟ حيلة لحل مشكلات الواى فاى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          واتساب يطلق "Chat Themes" لمنح المستخدمين حرية تغيير فقاعات المحادثة الخضراء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          كيفية قراءة رسائل واتساب سرًا دون معرفة المرسل.. خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الصوتيات والمرئيات والبرامج > ملتقى الصوتيات والاناشيد الاسلامية > ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الخطب والمحاضرات والكتب الاسلامية ملتقى يختص بعرض الخطب والمحاضرات الاسلامية والكتب الالكترونية المنوعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 09-02-2020, 05:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,462
الدولة : Egypt
افتراضي الصلاة يا أمة الإسلام تنصروا وترزقوا

الصلاة يا أمة الإسلام تنصروا وترزقوا



الشيخ عبدالله بن محمد البصري







أَمَّا بَعدُ، فَأُوصِيكُم - أَيُّهَا النَّاسُ - وَنَفسِي بِتَقوَى اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ - ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ ﴾.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَيسَ أَمرٌ هُوَ أَصعَبَ عَلَى العَاقِلِ مِن تَوضِيحِ الوَاضِحِ أَو إِثبَاتِ أَهَمِّيَّةِ المُهِمِّ، غَيرَ أَنَّنَا وَفي عَصرٍ بَعُدَ العَهدُ فِيهِ بِالعِلمِ الحَقِيقِيِّ، العِلمِ الَّذِي يُثمِرُ العَمَلَ وَيَتبَعُ القَولَ فِيهِ الفِعلُ، صِرنَا نُضطَرُّ في كَثِيرٍ مِنَ الأَحيَانِ لأَن نُوَضِّحَ الوَاضِحَ وَنُؤَكِّدَ عَلَى المُهِمِّ، مِن أَركَانٍ وَأُصُولٍ وَمَبَادِئَ وَثَوَابِتَ، كَانَت لَدَى الرَّعِيلِ الأَوَّلِ وَحَتَّى عَهدٍ قَرِيبٍ، مِمَّا لا يَختَلِفُ فِيهِ مُسلِمَانِ، وَلا يَحتَاجُ مُؤمِنٌ فِيهِ إِلى مَزِيدِ تَأكِيدٍ وَلا كَثِيرِ تَذكِيرٍ. نَعَم - إِخوَةَ الإِسلامِ - حِينَ يَكُونُ هَدَفُ التَّعَلُّمِ العَمَلَ وَمَقصُودُهُ التَقَرُّبَ إِلى اللهِ، إِذْ ذَاكَ يَنتَفِعُ المُتَعَلِّمُ بِقَلِيلِ العِلمِ، وَيَنَالُ بِهِ كَبِيرَ الأَجرِ، وَيَجمَعُ بِمُحَافَظَتِهِ عَلَى يَسِيرِ الطَّاعَاتِ مُضَاعَفَ الحَسَنَاتِ، وَيَرتَقِي بِدَوَامِهِ عَلَيهَا عَاليَ الدَّرَجَاتِ، وَيُفلِحُ بِتَمَسُّكِهِ بها وَعَضِّهِ عَلَيهَا بِالنَّوَاجِذِ، أَمَّا حِينَ يُحفَظُ القُرآنُ لِلمُبَاهَاةِ، وَيُتَعَلَّمُ العِلمُ لِلمُمَارَاةِ، فَلَرُبَّمَا كَانَ العِلمُ وَالحِفظُ عَلَى بَعضِ النَّاسِ وَبَالاً، أَو أَورَدَهُ مَوَارِدَ الهَلاكِ وَأَصبَحَ بِهِ شَرًّا مِنَ الجَاهِلِ الأَصلِيِّ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد كَانَ أَصحَابُ رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ وَرَضِيَ عَنهُم - يَتَعَلَّمُونَ العِلمَ لِلعَمَلِ بِهِ، وَيَأخُذُونَ القُرآنَ لِلتَّقَرُّبِ بِهِ إِلى اللهِ وَطَلَبِ مَا عِندَهُ، وَمِن ثَمَّ فَقَد كَانُوا إِذَا تَعَلَّمُوا مِنَ النَّبيِّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - عَشرَ آيَاتٍ لم يُجَاوِزُوهَا حَتَّى يَتَعَلَّمُوا مَا فِيهَا مِنَ العِلمِ وَالعَمَلِ، فَتَعَلَّمُوا القُرآنَ وَالعِلمَ وَالعَمَلَ جَمِيعًا. وَقَد كَانَ الرَّجُلُ يَأتي رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن مَكَانٍ بَعِيدٍ، فَيَسأَلُهُ عَن عَمَلٍ يُنجِيهِ وَيُقَرِّبُهُ إِلى رَبِّهِ، فَيُعَلِّمُهُ الحَبِيبُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - مَا يَنفَعُهُ في كَلِمَاتٍ يَسِيرَةٍ وَبِعِبَارَاتٍ مُوجَزَةٍ، فَيَذهَبُ الرَّجُلُ مَتَمَسِّكًا بها حَتَّى يَلقَى رَبَّهُ - عَزَّ وَجَلَّ - وَهُوَ مِنَ المُفلِحِينَ، أَلَم يَأتِكُم نَبَأُ ذَلِكَ الرَّجُلِ الَّذِي جَاءَ إِلى رَسُولِ اللهِ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ - فَسَأَلَهُ عَمَّا فُرِضَ عَلَيهِ، ثُمَّ التَزَمَ أَمَامَهُ بِالعَمَلِ بِهِ بِلا نَقصٍ وَلا زِيَادَةٍ، فَوَعَدَهُ الصَّادِقُ المَصدُوقُ بِالفَلاحِ؟ أَخرَجَ الشَّيخَانِ عَن طَلحَةَ بنِ عُبَيدِ اللهِ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: جَاءَ رَجُلٌ إِلى رَسُولِ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - مِن أَهلِ نَجدٍ ثَائِرُ الرَّأسِ، يُسمَعُ دَوِيُّ صَوتِهِ وَلا يُفقَهُ مَا يَقُولُ، حَتَّى دَنَا فَإِذَا هُوَ يَسأَلُ عَنِ الإِسلامِ ؛ فَقَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " خَمسُ صَلَوَاتٍ في اليَومِ وَاللَّيلَةِ " فَقَالَ: هَل عَلَيَّ غَيرُهَا؟ قَالَ: " لا إِلاَّ أَن تَطَّوَّعَ " قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " وَصِيَامُ رَمَضَانَ " قَالَ: هَل عَلَيَّ غَيرُهُ؟ قَالَ: " لا إِلاَّ أَن تَطَّوَّعَ " قَالَ: وَذَكَرَ لَهُ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - الزَّكَاةَ. قَالَ: هَل عَلَيَّ غَيرُهَا؟ قَالَ: " لا إِلاَّ أَن تَطَّوَّعَ " قَالَ: فَأَدبَرَ الرَّجُلُ وَهُوَ يَقُولُ: وَاللهِ لا أَزِيدُ عَلَى هَذَا وَلا أَنقُصُ. قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَفلَحَ إِن صَدَقَ " تَأَمَّلُوا قَولَهُ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " أَفلَحَ إِن صَدَقَ " لِتَعلَمُوا كَم يَكُونُ الصِّدقُ في أَخذِ الدِّينِ وَالعَمَلِ بِالعِلمِ مُنجِيًا لِصَاحِبِهِ مُؤَدِّيًا بِهِ لِلفَلاحِ ! وَكَم يَكُونُ التَّعَامِي عَنِ الحَقِّ بَعدَ مَعرِفَتِهِ سَبَبًا في الخَسَارَةِ وَالضَّلالِ وَاستِحقَاقِ صَاحِبِهِ الذَّمَّ !! أَوَلَيسَ اللهُ قَد ذَمَّ بِتَركِ الحَقِّ مَعَ العِلمِ بِهِ اليَهُودَ وَسَمَّاهُم ضَالِّيِنَ وَوَصَفَهُم بِالظُّلمِ؟ بَلى وَاللهِ، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ مَثَلُ الَّذِينَ حُمِّلُوا التَّورَاةَ ثُمَّ لم يَحمِلُوهَا كَمَثَلِ الحِمَارِ يَحمِلُ أَسفَارًا بِئسَ مَثَلُ القَومِ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِ اللهِ وَاللهُ لا يَهدِي القَومَ الظَّالمِينَ ﴾.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، أَفي النَّاسِ اليَومَ مَن يَجهَلُ أَركَانَ الإِسلامِ؟ أَفي المُسلِمِينَ مَن لا يَعلَمُ مَنزِلَةَ الصَّلاةِ مِنَ الدِّينِ وَخَطَرَ تَركِهَا وَحُكمَ إِضَاعَتِهَا؟ لا أُرَانَا إِلاَّ مُتَّفِقِينَ عَلَى أَنَّهُ لا أَحَدَ يَجهَلُ كَونَ الصَّلاةِ عَمُودَ الإِسلامِ وَثَانِيَ أَركَانِهِ، وَأَنَّهَا الفَارِقَةُ بَينَ الإِسلامِ وَالكُفرِ، وَأَنَّهُ لا حَظَّ في الإِسلامِ لِمَن تَرَكَ الصَّلاةُ، مَن ذَا يُخَالِفُ في هَذَا أَو يُجَادِلُ؟ فَمَا بَالُ المُتَأَمِّلِ لِلوَاقِعِ العَمَلِيِّ لِكَثِيرٍ مِنَّا اليَومَ، يَرَى أَنَّهُ لا تَطبِيقَ لِهَذَا العِلمِ في الوَاقِعِ وَلا عَمَلَ بِهِ وَلا أَخذَ لَهُ بِقُوَّةٍ، يَشهَدُ لِذَلِكَ صَلاةُ فَجرٍ أُضِيعَت، وَيُؤَكِّدُهُ صَلاةُ عَصرٍ أُهمِلَت، وَيُثبِتُهُ صَلَوَاتٌ أُخرَى لا تَكَادُ تُدرَكُ جَمَاعَةً مَعَ المُسلِمِينَ، وَصَلاةُ جُمُعَةٍ تَشهَدُ تَأَخُّرًا عَجِيبًا وَتَبَاطُؤًا مُرِيبًا، وَعَدَمُ تُزَوُّدٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَو رَغبَةٍ في المُسَابَقَةِ إِلى الخَيرَات، وَزُهدٌ في انتِظَارِ الصَّلَوَاتِ، فَمَا الَّذِي أَصَابَنَا أُمَّةَ الإِسلامِ وَأَيُّ خَطبٍ دَهَانَا؟ حَالُنَا السِّيَاسِيَّةُ في اضطِرابٍ، وَوَضعُنَا الاجتِمَاعِيُّ في تُفَكِّكُ، وَاقتِصَادُنَا في ضَعفٍ، وَمَكَانَتُنَا بَينَ الأُمَمِ في تَرَدٍّ وَسُفُولٍ، أُمَمٌ كَافِرَةٌ تَتَدَاعَى عَلَينَا تَدَاعِيَ الأَكلَةِ إِلى قَصعَتِهَا، وَطَوَائِفُ ضَالَّةٌ وَرُؤَسَاءُ طُغَاةٌ يَسُومُونَ إِخوَانَنَا سُوءَ العَذَابِ وَيُقَتِّلُونَهُم، وَمُنَافِقُونَ بَينَ أَظهُرِنَا لا يَفتَؤُونَ يَعمَلُونَ كَالخَفَافِيشِ في الظَّلامِ، يَبغُونَنَا الفِتنَةَ، وَيَهدِفُونَ إِلى هَدمِ شَعَائِرِ دِينِنَا، وَيُسَارِعُونَ إِلى إِفسَادِ نِسَائِنَا وَشَبَابِنَا، عَمَّ القَحطُ وَاستَفحَلَ الغَلاءُ وَضَاقَتِ الأَرزَاقُ، تَغَيَّرَتِ النُّفُوسُ وَقَسَتِ القُلُوبُ وَضَاقَتِ الصُّدُورُ، تَفَشَّتِ الأَمرَاضُ النَّفسِيَّةُ وَوَهَتِ العِلاقَاتُ الاجتِمَاعِيَّةُ، قُطِعَتِ الأَرحَامُ وقَلَّتِ الزِّيَارَاتُ في اللهِ وَصُرِمَت حِبَالُ الأُخُوَّةِ، إِنَّ كُلَّ ذَلِكَ لِمَن تَأَمَّلَ لأَثَرٌ طَبِيعِيٌّ مِن آثَارِ التَّقصِيرِ في الصَّلَوَاتِ وَإِضَاعَةِ الجَمَاعَاتِ، حِينَ يَغفَلُ المَرءُ عَن رُكنِ دِينِهِ الرَّكِينِ، وَيُسقِطُ عَمُودَهُ المَتِينَ، فَمَاذَا يَنتَظِرُ بَعدُ وَمَاذَا يُنتَظَرُ مِنهُ؟ أَيُّ بَيتٍ يَقُومُ عَالِيًا بِلا عِمَادٍ؟ وَأَيُّ بِنَاءٍ يَثبُتُ بِلا أَركَانٍ وَلا أَوتَادٍ؟ وَإِذَا كَانَتِ الصَّلاةُ صِلَةً بَينَ العَبدِ وَرَبِّهِ، تَرتَاحُ بها نَفسُهُ، وَيَتَّسِعُ بِالاصطِبَارِ عَلَيهَا رِزقُهُ، وَتَنهَاهُ عَنِ الفَحشَاءِ وَالمُنكَرِ، فَإِنَّ تَركَهَا وَحشَةٌ مَا بَعدَهَا وَحشَةٌ، وَالتَّفرِيطَ فِيهَا فَقرٌ وَقِلَّةُ بَرَكَةٍ، وَعَدَمَ الاهتِمَامِ بها مَجلَبَةٌ لِلفَحشَاءِ مَنبَتَةٌ لِلمُنكَرِ، بَل هُوَ أَقبَحُ الفَحشَاءِ وَأَعظَمُ المُنكَرِ.

أُمَّةَ الإِسلامِ، كَيفَ تَرجُو الأُمَّةُ الغَلَبَةَ وَالنَّصرَ، وَكَيفَ تَنتَظِرُ نُزُولَ الغَيثِ وَعُمُومَ القَطرِ، وَأَنىَّ لِلبَرَكَةِ أَن تَحُلَّ لها في رِزقٍ أَو لِلغَلاءِ أَن يَزُولَ عَنهَا، وَهُم عَن صَلَوَاتِهِم غَافِلُونَ، وَفي أَعظَمِ أَركَانِ دِينِهِمُ العَمَلِيَّةِ مُتَسَاهِلُونَ؟ يَا أُمَّةَ الإِسلامِ وَالقُرآنِ، أَلَم نَقرَأْ قَولَ اللهِ - عَزَّ وَجَلَّ -: ﴿ أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمسِ إِلى غَسَقِ اللَّيلِ وَقُرآنَ الفَجرِ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ كَانَ مَشهُودًا ﴾ وَقَولَهُ - تَعَالى -: ﴿ فَإِذَا اطمَأنَنتُم فَأَقِيمُوا الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَت عَلى المُؤمِنِينَ كِتَابًا مَوقُوتًا ﴾ أَتَعلَمُونَ مَا ﴿ قُرآنُ الفَجرِ ﴾ وَمَا مَعنى كَونِهِ ﴿ مَشهُودًا ﴾؟ وَمَاذَا يُستَفَادُ مِن كَونِ الصَّلاةِ ﴿ كِتَابًا مَوقُوتًا ﴾؟ إِنَّ قُرآنَ الفَجرِ يُقصَدُ بِهِ صَلاةُ الفَجرِ، وَإِنَّمَا سُمِّيَت قُرآنًا لِمَشرُوعِيَّةِ إِطَالَةِ القُرآنِ فِيهَا أَطوَلَ مِن غَيرِهَا، وَلِفَضلِ القِرَاءَةِ فِيهَا وَفَضلِ شُهُودِهَا مَعَ الجَمَاعَةِ، حَيثُ يَشهَدُهَا اللهُ - تَبَارَكَ وَتَعَالى - وَتَشهَدُهَا مَلائِكَةُ اللَّيلِ وَمَلائِكَةُ النَّهَارِ، وَأَمَّا مَعنى كَونِ الصَّلاةِ ﴿ كِتَابًا مَوقُوتًا ﴾ فَاسمَعُوا إِلى مَا قَرَّرَهُ الشَّيخُ ابنُ سِعدِي - رَحِمَهُ اللهُ - حَيثُ قَالَ في تَفسِيرِهِ -: ﴿ إِنَّ الصَّلاةَ كَانَت عَلَى المُؤمِنِينَ كِتَابًا مَوقُوتًا ﴾ أَي: مَفرُوضًا في وَقتِهِ، فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى فَرضِيَّتِهَا، وَأَنَّ لها وَقتًا لا تَصِحُّ إِلاَّ بِهِ، وَهُوَ هَذِهِ الأَوقَاتُ الَّتي قَد تَقَرَّرَت عِندَ المُسلِمِينَ صَغِيرِهِم وَكَبِيرِهِم عَالِمِهِم وَجَاهِلِهِم، وَأَخَذُوا ذَلِكَ عَن نَبِيِّهِم مُحَمَّدٍ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - بِقَولِهِ: " صَلُّوا كَمَا رَأَيتُمُوني أُصَلِّي " وَدَلَّ قَولُهُ: " عَلَى المُؤمِنِينَ " عَلَى أَنَّ الصَّلاةَ مِيزَانُ الإِيمَانِ، وَعَلَى حَسَبِ إِيمَانِ العَبدِ تَكُونُ صَلاتُهُ وَتَتِمُّ وَتَكمُلُ. انتَهَى كَلامُهُ.


أُمَّةَ الإِسلامِ، أَوَضْعُنَا في صَلاةِ الفَجرِ اليَومَ وَضعٌ يَسُرُّ مُسلِمًا يَخشَى اللهَ وَيَتَّقِيهِ وَيَرجُو مَا عِندَهُ وَيَخَافُ نِقمَتَهُ؟ أَحَالُنَا مَعَ صَلاةِ الصُّبحِ حَالٌ مَرضِيَّةٌ وَمَن يَشهَدُهَا في أَكبَرِ الجَوَامِعِ لا يَتَجَاوَزُ عَدَدَ الأَصَابِعِ؟ إِنَّ مِن عَلامَاتِ الشَّقَاءِ وَقِلَّةِ التَّوفِيقِ، أَن يَترُكَ السُّنَّةَ مَن كَانَ عَلَيهَا مُحَافِظًا، وَيَنَبُذَهَا وَرَاءَ ظَهرِهِ مَن كَانَ بها مُتَمَسِّكًا، فَكَيفَ إِذَا تَرَكَتهَا مَجمُوعَةٌ كَبِيرَةٌ مِنَ النَّاسِ وَتَوَانى في تَطبِيقِهَا فِئَامٌ مِنَ المُسلِمِينَ؟! إِنَّ ذَلِكَ لخُسرَانَ مُبِينٌ وَخِذلانٌ كَبِيرٌ.

أَيُّهَا المُسلِمُونَ، لَقَد أَمَرَ اللهُ بِصَلاةِ الجَمَاعَةِ مَن هُم في حَالِ القِتَالِ وَالتِحَامِ الصُّفُوفِ لِلجِهَادِ، فَكَيفَ بِاجتِمَاعِ النَّاسِ في أَسوَاقِهِم لِلبَيعِ وَالشِّرَاءِ؟! أَو جُلُوسِهِم في مَجَالِسِ الهَذَرِ وَالَهُرَاءِ؟! قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَإِذَا كُنتَ فِيهِم فَأَقَمتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنهُم مَعَكَ وَلْيَأخُذُوا أَسلِحَتَهُم فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِن وَرَائِكُم وَلْتَأتِ طَائِفَةٌ أُخرَى لم يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأخُذُوا حِذرَهُم وَأَسلِحَتَهُم ﴾ الآيَةَ.وَقَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ وَاركَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ ﴾ وَرَوَى مُسلِمٌ عَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: أَتى النَّبيَّ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - رَجُلٌ أَعمَى فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، إِنَّهُ لَيسَ لي قَائِدٌ يَقُودُني إِلى المَسجِدِ فَرَخَّصَ لَهُ، فَلَمَّا وَلىَّ دَعَاهُ فَقَالَ: " هَل تَسمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ " قَالَ: نَعَم. قَالَ: " فَأَجِبْ " وَصَحَّ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنهُمَا - مَوقُوفًا وَمَرفُوعًا قَالَ: " مَن سَمِعَ النِّدَاءَ فَلَم يَأتِهِ فَلا صَلاةَ لَهُ إِلاَّ مِن عُذرٍ " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَابنُ مَاجَه وَغَيرُهُمَا وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. وَعَن أَبي هُرَيرَةَ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - أَنَّ رَسُولَ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " وَالَّذِي نَفسِي بِيَدِهِ لَقَد هَمَمتُ أَن آمُرَ بِحَطَبٍ فَيُحتَطَبَ، ثُمَّ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَيُؤَذَّنَ لها، ثُمَّ آمُرَ رَجُلاً فَيَؤُمَّ النَّاسَ، ثُمَّ أُخَالِفَ إِلى رِجَالٍ لا يَشهَدُونَ الصَّلاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيهِم بُيُوتَهُم " الحَدِيثَ، مُتَّفَقٌ عَلَيهِ وَاللَّفظُ لِلبُخَارِيِّ. وَعَنهُ - رَضِيَ اللهُ عَنهُ - قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " أَثقَلُ الصَّلاةِ عَلَى المُنَافِقِينَ صَلاةُ العِشَاءِ وَصَلاةُ الفَجرِ، وَلَو يَعلَمُونَ مَا فِيهِمَا لأَتَوهُمَا وَلَو حَبوًا " مُتَّفَقٌ عَلَيهِ. أَلا فَاتَّقُوا اللهَ - أَيُّهَا المُسلِمُونَ - وَحَافِظُوا عَلَى الصَّلاةِ ﴿ في بُيُوتٍ أَذِنَ اللهُ أَن تُرفَعَ وَيُذكَرَ فِيهَا اسمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالغُدُوِّ وَالآصَالِ. رِجَالٌ لا تُلهِيهِم تِجَارَةٌ وَلا بَيعٌ عَن ذِكرِ اللهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَومًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ القُلُوبُ وَالأَبصَارُ. لِيَجزِيَهُمُ اللهُ أَحسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُم مِن فَضلِهِ وَاللهُ يَرزُقُ مَن يَشَاءُ بِغَيرِ حِسَابٍ ﴾ وَلا يَفتِنَنَّكُم شَيَاطِينُ الإِنسِ مِمَّنِ اتَّخَذَهُمُ الشَّيطَانُ مَطِيَّةً لَهُ لِجَمعِ الأَقوَالِ الضَّعِيفَةِ وَالشَّاذَّةِ وَبَثِّهَا في النَّاسِ لإِغوَائِهِم عَنِ الصِّرَاطِ المُستَقِيمِ، فَإِنَّ وَعدَ اللهِ حَقٌّ وَوَعَدَ الشَّيطَانِ بَاطِلٌ، وَالمَوعِدُ الآخِرَةُ، وَقَد قَالَ - تَعَالى -: ﴿ فَخَلَفَ مِن بَعدِهِم خَلفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوفَ يَلقَونَ غَيًّا. إِلاَّ مَن تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ يَدخُلُونَ الجَنَّةَ وَلا يُظلَمُونَ شَيئًا ﴾.

أَمَّا بَعدُ، فَاتَّقُوا اللهَ - تَعَالى - وَأَطِيعُوهُ وَلا تَعصُوهُ. وَاعلَمُوا أَنَّ صَلاةَ الجَمَاعَةِ وَلا سِيَّمَا صَلاةُ الفَجرِ فَضلاً عَن كَونِهَا شَعِيرَةً عَظِيمَةً، فَإِنَّ فِيهَا دَلالَةً عَلَى الإِيمَانِ وَتَبرِئَةً لِلنَّفسِ مِنَ النِّفَاقِ، قَالَ - تَعَالى -: ﴿ إِنَّمَا يَعمُرُ مَسَاجِدَ اللهِ مَن آمَنَ بِاللهِ وَاليَومِ الآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ وَآتى الزَّكَاةَ ﴾ ثُمَّ إِنَّ صَلاةَ الجَمَاعَةِ قُوَّةٌ لِلمُسلِمِينَ وَحِصنٌ لَهُم مِن عَدُوِّهِم المُتَرَبِّصِ الشَّيطَانِ، قَالَ - صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ -: " مَا مِن ثَلاثَةٍ في قَريَةٍ لا تُقَامُ فِيهَا الصَّلاةُ إِلاَّ قَدِ استَحوَذَ عَلَيهِمُ الشَّيطَانُ، فَعَلَيكُم بِالجَمَاعَةِ ؛ فَإِنَّمَا يَأكُلُ الذِّئبُ مِنَ الغَنَمِ القَاصِيَةَ " رَوَاهُ أَحمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ، وَحَسَّنَهُ الأَلبَانيُّ. ثُمَّ إِنَّ في صَلاةِ الجَمَاعَةِ تَعَارُفًا وَتَآلُفًا وَتَعَاوُنًا بَينَ المُسلِمِينَ عَلَى التَّقوَى، وَلَولا أَنَّ اللهَ يُرِيدُ لِلمُسلِمِينَ الصَّلاةَ في جَمَاعَةٍ لَمَا شَرَعَ بِنَاءَ المَسَاجِدِ وَتَهيِئَتَهَا وَتَنظِيفَهَا لاجتِمَاعِ المُصَلِّينَ فِيهَا، فَكَيفَ وَقَد شَرَعَ ذَلِكَ وَعَظَّمَ لِمَن يَفعَلُهُ الأَجرَ.

أُمَّةَ الإِسلامِ، وَاللهِ لا تَنتَصِرُ أُمَّةٌ تُضَيِّعُ فَجَرَهَا، وَلا تَسلَمُ مِنَ الفِتَنِ وَالجَزَعِ وَالهَلَعِ وَهِيَ تَتَهَاوَنُ في صَلاتِهَا، قَالَ - سُبحَانَهُ -: ﴿ إِنَّ الإِنسَانَ خُلِقَ هَلُوعًا. إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعًا. وَإِذَا مَسَّهُ الخَيرُ مَنُوعًا. إِلاَّ المُصَلِّينَ. الَّذِينَ هُم عَلَى صَلاتِهِم دَائِمُونَ ﴾ ثم ذَكَرَ صِفَاتِهِم إِلى أَن قَالَ: ﴿ وَالَّذِينَ هُم على صَلاتِهِم يُحَافِظُونَ. أُولَئِكَ في جَنَّاتٍ مُكرَمُونَ ﴾ فَبَدَأَ صِفَاتِهِم وَخَتَمَهَا بِالمُحَافَظَةِ عَلَى الصَّلاةِ، ثم وَعَدَهُم بِأَعلَى الكَرَامَةِ في الجَنَّةِ. وَلَو تَأَمَّلتُم في حَدِيثِ هَلاكِ الدَّجَّالِ وَهُوَ أَعظَمَ فِتنَةٍ تَقَعُ مُنذُ أَن خَلَقَ اللهُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرضَ، لَعَلِمتُم كَيفَ يَكُونُ حَالُ المُسلِمِينَ الَّذِينَ يَشهَدُونَ هَلاكَهُ مَعَ صَلاةِ الفَجرِ، تَأَمَّلُوا الحَدِيثَ الصَّحِيحَ الَّذِي رَوَاهُ مُسلِمٌ في حَالِ ذَلِكَ الجَيشِ الَّذِي يَغزُو القُسطَنطِينِيَّةَ في آخِرِ الزَّمَانِ وَيَنتَصِرُ وَيُدرِكُ هَلاكَ الدَّجَّالِ، قَالَ - عَلَيهِ الصَّلاةُ وَالسَّلامُ -: " فَإِذَا جَاؤُوا الشَّامَ خَرَجَ - يَعني الدَّجَّالَ - فَبَينَا هُم يُعِدُّونَ لِلقِتَالِ يُسَوُّونَ الصُّفُوفَ إِذْ أُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَيَنزِلُ عِيسَى ابنُ مَريَمَ فَأَمَّهُم، فَإِذَا رَآهُ عَدُوُّ اللهِ ذَابَ كَمَا يَذُوبُ المِلحُ في المَاءِ..." الحَدِيثَ، وَقَد وَرَدَ في بَعضِ الرِّوَايَاتِ تَفسِيرُ تِلكَ الصَّلاةِ بِأَنَّهَا صَلاةُ الصُّبحِ. وَالشَّاهِدُ أَنَّ هَؤُلاءِ قَد قَامُوا لِصَلاةِ الصُّبحِ صُفُوفًا، نَعَم، قَامُوا صُفُوفًا كَثِيرَةً وَلَيسُوا أَفرَادًا قَلائِلَ، فَاتَّقُوا اللهَ - عِبَادَ اللهِ - وَكُونُوا مَعَهُ بِعِبَادَتِهِ وَطَاعَتِهِ يَكُنْ مَعَكُم بِتَوفِيقِهِ وَتَأيِيدِهِ ﴿ إِنَّ اللهَ مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوا وَالَّذِينَ هُم مُحسِنُونَ ﴾.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.65 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 82.93 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.03%)]