|
فتاوى وأحكام منوعة قسم يعرض فتاوى وأحكام ومسائل فقهية منوعة لمجموعة من العلماء الكرام |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
|
#1
|
||||
|
||||
![]() قلب الحجة الفلسفية على المعترضين على التشريع والأخلاقيات في الإسلام أبو الفداء بن مسعود مبحث قلب الحجة الفلسفية على المعترضين على التشريع والأخلاقيات في الإسلام. أبو الفداء بن مسعود المقدمة الحمد لله وحده. أما بعد: فهذه ورقة بحثية موجزة في فلسفة الأديان، في بيان المنطق الشكلي لطريقتين لقلب الحجة على المخالف، رأيت أن أعرض لكيفية استعمالهما في نقض دعوى أهل الملل المخالفة (بما فيها الإلحاد بألوانه) أن من شرائع الإسلام ما يعد دليلا على بطلانه وعلى أنه ليس دين الله عز وجل. وهي شبهة مشتهرة مبثوثة في فضاء الشبكة العنكبوتية، لها أصلها في أعمال المستشرقين والمنصرين، وهي اليوم – على اختلاف صورها وموادها من أفراد شرائع وأحكام الإسلام – تعد المستند الوحيد الذي يستند إليه المعترضون على دين الله تعالى في الغرب، فترى ديدنهم الكلام في أحكام الإسلام في المرأة، وأحكامه في الرق وملك اليمين، وأحكامه فيما يسمى بحقوق الإنسان وحرية الفكر، وأحكامه في نحو ذلك مما لا يرضى أكثر أهل الغرب في زماننا هذا بأن يكون لخالقهم فيه حكما يخالفهم أهواءهم فيه، أو يحملهم على تغيير "نمط حياتهم" وما اعتادوا عليه في إطار ما بات هو تعريف الكثيرين منهم "للحضارة الغربية" المعاصرة نفسها! ومع أنه ينبغي أن يكون غنيا عن الذكر والتقرير أن مجرد إثبات أن هذه الشريعة التي بين أيدينا مصدرها الخالق العليم جل وعلا يكفي لتصحيح أحكامها أخلاقيا ورفع تلك الأحكام فوق كل ما يخالفها مما أفرزته قرائح الفلاسفة في زماننا هذا وفي كل زمان أخذا بالظن والترجيح المنقطع عن وحي السماء، وعلى الرغم من أن سباكة الحجج في صورة مقدمات ونتائج على الطريقة الشكلية المشهورة لدى الفلاسفة كثيرا ما تكون سببا في إطالة الطريق إلى المطلوب، وفي فتح باب الجدل في المسلمات والبدهيات العقلية الأولى، إلا أنه قد تترجح المصلحة في استعمالها أحيانا، كما هو الحال فيما اعتزمته في هذا المبحث. فقد رأيت أن عامة الملاحدة من كتاب المنتديات العربية في زماننا يتعلقون بتلك الدعوى الواهية السخيفة التي مفادها أن في دين الإسلام "شرا" و"وحشية" و"تخلفا" فيما جاء به من تشريع على المستوى الأخلاقي والجنائي (تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا)، ويحسبون – تبعا لبعض الفلاسفة المعاصرين الذين صنفوا فيما يسمى بمشكلة الشر – أن في مزاعمهم المرسلة من هذا الصنف ما يكفي لإقامة حجة عقلية على بطلان دين الإسلام وانقطاعه عن خالق السماوات والأرض، ومن ثم تسويغ وقوفهم على موقف "اللا-دينية" و"اللا-أدرية" ونحوه من أسماء ودرجات الإلحاد المعاصر. وكذلك الحال مع النصارى من كتاب المنتديات ولا فرق. فلعله يكون من المفيد بيان قوة منطق قلب الحجة في هدم ما يتمسكون به من وهم الحجاج، بما لا يترك متسعا لمتفلسف منهم بعدُ لأن يتطلع إلى التعلق بذاك الاعتراض السخيف، يتخذه تكأة لرفض الحق المنزل من رب العالمين. وذلك من خلال تحليل مستندهم العقلي في قالبه الشكلي formal، وبيان الطريق إلى إظهار ما فيه من مغالطة عقلية من جنسين على الأقل: • المحاججة بالدعوى المجردة Fallacy of Assertion • الاستناد إلى ما سنته وارتضته الكثرة argumentum ad populum ولما كان منطق قلب الحجة على المخالفين – من حيث الأصل العقلي - طريقا معتبرا في إبطال حججهم وبيان افتقارها إلى المقدمات الكافية للوصول إلى المطلوب، وقد استعمله الرب جل وعلا في غير موضع من كتابه الكريم[1]، فقد رأيت أن أضع بين أيدي الباحثين في فلسفة الأديان والإلحاد من طلبة العلم المعاصرين طريقة يسيرة لصياغة تلك الحجج على الطريقة الشكلية، مع تطبيقها على تلك الشبهة سالفة الذكر، والله الموفق المعين على كل خير. 1- المنطق الشكلي لقلب الحجة على الخصم: يقصد "بقلب الحجة": استخراج الدليل على بطلان حجة الخصم من منطوقها المجرد، من طريق عكس المقدمات المشتمل عليها في ذلك المنطوق على المخالف وبيان أن النتيجة التي يفضي إليها ذلك العكس (وهي مقلوب دعوى المخالف) هي الصواب في الحقيقة، وليس ما يزعمه المخالف. هذا البيان يأتي غالبا من بيان افتقار المخالف إلى مقدمة كافية أو خالية من التناقض لبناء دعواه، مع قيام مقلوب حجته على مقدمات كافية صحيحة. ومن أمثلة قلب الحجة في القرءان، ما حكاه الله تعالى على لسان إبراهيم عليه السلام من محاججته لقومه في قوله: ﴿ وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ عَلَيْكُمْ سُلْطَاناً فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾ (الأنعام 81). فكأن حجة أو دعوى المشركين من قوم إبراهيم تنتظم في مقدمتين ونتيجة بيانها كالتالي: 1- الجماعة (م) تخاف الآلهة (الباطلة) ولا تخاف الله. 2- الجماعة (ع) تخاف الله ولا تخاف الآلهة (الباطلة). 3- إذن: (م) في أمن من أمرهم و(ع) على خطر عظيم. حيث الجماعة (م): المشركون، والجماعة (ع): إبراهيم عليه السلام ومن وافقوه. فعليه يكون مقلوب حجتهم "ق" كالتالي: 4- الجماعة (م) تخاف آلهتها (الباطلة) ولا تخاف الله........ (1) 5- الجماعة (ع) تخاف الله ولا تخاف الآلهة (الباطلة)...... (2) 6- إذن: (م) في خطر عظيم و(ع) في أمن من أمرهم. .......... (مقلوب 3) وتأتي الغلبة والظهور للحجة "ق" (4، 5، 6) مما هو مستصحب ومعهود في الذهن من مقدمة أولى "أ" مفادها: • إن الخالق (الله تعالى) لا يخاف من مخلوقاته (التي منها تلك الآلهة الباطلة)، وإنما يجب في العقل أن تخافه تلك المخلوقات جميعا. فعلي أي شيء يقيم المشركون دعواهم في مقابل هذه المقدمة "أ"؟ لا شك أنه مقلوبها، وهو باطل كما لا يخفى. فمن هنا، إذا جاءت دعوى المخالف في صيغة (1، 2، 3)، فإن أبسط مقلوب لها يكون (1، 2، مقلوب 3)، مع استصحاب المقدمة الأولى التي لا يملك المخالف نقضها. هذه واحدة من صور قلب الحجج على المخالفين، التي تتفق كلها في منطق قلب المقدمات (و/أو) النتائج، والوصول إلى نقيض دعوى المخالف بناء على استحضار مقدمة ضرورية أهملها المخالف في بناء كلامه. وفيما يلي نعرض لصورتين من تلك الصور، وكيفية تطبيقهما على الشبهة التي بين أيدينا. وللتفريق بين الصورتين في هذا المبحث، سأسمي إحداهما بمقلوب الحجة (ق)، والأخرى بعكس الحجة (ع). 2- الصياغة الشكلية العامة لشبهة المعترضين على الشريعة: تجري تلك الشبهة (ش) في عامة صورها عند القائلين بها في مقدمتين ونتيجة، بيانها كالتالي: 1- جلد (أو رجم) الزناة / قطع يد السارق، الجهاد .. الخ = باطل أخلاقيا. 2- القرءان يحتوي هذا الحكم. 3- إذن: القرءان ليس كتابا منزلا! أو كالتالي: 4- الأحكام المذكورة في (1) ونحوها باطلة أخلاقيا. 5- الإسلام يأمر بهذه الأحكام. 6- الإسلام دين باطل. وسواء الصيغة (1، 2، 3) أو الصيغة (4، 5، 6) فالنتيجة واحدة = إبطال ملة الإسلام بناء على مقدمة واحدة: التقرير المرسل لدعوى أن تلك الأحكام باطلة أو فاسدة أخلاقيا! 2.1 مقلوب الشبهة (ق): على المنطق الذي تقدم عرضه لقلب الحجة، فإن الحجة (ق) التي هي مقلوب الصياغة السابقة تكون كالتالي: 7- الأحكام (كذا وكذا) صحيحة أخلاقيا وما يخالفها باطل أخلاقيا. 8- الملة "م" (أي ملة باطلة بما في ذلك الإلحاد) تجيز مخالفة تلك الأحكام. 9- الملة "م" باطلة. فيكون المنطق الشكلي للحجة (ق) التي هي مقلوب (ش) = (نقيض 1/4، نقيض 2/5، نقيض 3/6)، وتكون الغلبة للحجة (ق) على (ش) متحصلة من تقرير مقدمة أولى مستصحبة لدينا لزوما، يستصحب المخالف ضدها لزوما. هذه المقدمة هي في الحقيقة محل نزاع أتباع الملل فيما بينها، فلا يصح في العقل لأي من الفريقين أن ينتصر لملته (كما هي غاية تلك الحجة أو الشبهة) بالتأسيس عليها وإلا وقع الدور المنطقي! بمعنى أن المخالف لو كان نصرانيا مثلا، ثم جاءنا يقول لنا إن أخلاقيات وأحكام شريعة الإسلام تدل على بطلان ملة الإسلام، لأن النصرانية لا تأمر بها أو تأمر بخلافها، فقد احتج بمحل النزاع بيننا وبينه، ألا وهو النزاع بين القضيتين الكليتين: "الإسلام دين الله الحق"، و"النصرانية دين الله الحق"! وكذلك الحال فيمن يقول إن فلسفة فلان التي أطبقت عليها أمم بأسرها اليوم، تخالف تلك الشرائع عندكم. فنحن إنما نستصحب مقدمة مفادها أن الإسلام دين الخالق، ومن ثم فشريعته هي الحق الأخلاقي المطلق ولابد، فما خالفها فهو باطل أخلاقيا مهما شاع وانتشر، بينما يستصحب المخالف ضد ذلك ليؤسس زعمه بأن هذه الأحكام باطلة أو فاسدة! فسواء كان زعمه مستندا إلى تصحيح ملة مخالفة يدين بها، أو نظرية فلسفية أخلاقية مخالفة يتمسك بها، فهو يستصحب ذلك المستند لا محالة كمقدمة أولى يؤسس عليها حكمه ببطلان تلك الأحكام الأخلاقية عندنا، ليحاكم الملة كلها إلى ذلك كما هو بناء تلك الشبهة عند أصحابها. يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]()
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |