|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() فضل أسماء الله الحسنى الشيخ وحيد عبدالسلام بالي أَسْمَاءُ الله الحُسْنَى كُلُّها خَيْرٌ، بَلْ كُلُّ الخيرِ لَيْسَ إِلا ثَمَرَةً لَها، وكُلُّ الفَضْلِ لَيْسَ إلا زَهْرَةً مِنْ شَجَرَتِها.. يا مُنْبِتَ الأَزْهَارِ عَاطِرَةِ الشَّذَا ![]() هَذَا الشَّذَا الفَوَّاحُ نَفْحُ شَذَاكا ![]() يا مُجْرِيَ الأنْهَارِ مَا جَرَيَانُها إِلَّا ![]() انْفِعَالَةُ قَطْرَةٍ لِنَدَاكا ![]() فَتَعَالُوا بِنَا، أَيُّها الَأحِبَّةُ، ولِتَمْشِيَ أَقْدَامُ الَمحَبَّةِ على أرضِ الاشْتِيَاقِ إلى جَنَّةِ أَسْمَاءِ رَبِّنَا تَبَارَكَ وَتَعَالَى، ولِنَدْخُلَ بَسَاتِينَها النَّضِرَةَ، ولِنَقْطفَ مِنْ فَضَائِلِها زَهْرَةً، وَلِنَرْتشِفَ مِنْ عَسَلِها قَطْرَةً: 1- الأَسْمَاءُ الحُسْنَى مِنْ أَعْظَمِ أَسْبَابِ دُخُولِ الجَنَّةِ: لِمَنْ عَرَفَهَا وآمَنَ بَهَا وأَدَّى حَقَّهَا. فَعَنْ أبي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَال: قَالَ رَسولُ الله صلى الله عليه وسلم: "لله تِسْعَةٌ وَتِسَعُونَ اسْمًا مَائةٌ إلَّا وَاحِدَةً لا يَحْفَظُها أَحَدٌ إلا دَخَلَ الجَنَّةَ". وفي روايةٍ: "مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الَجنَّةَ"[2]. 2- الأسْمَاءُ الحُسْنَى تُعَرِّفُكَ باللهِ تعالى: عَنْ أَبِي كَعْبٍ رضي الله عنه؛ أنَّ المشْرِكِينَ قَالُوا للنبيِّ صلى الله عليه وسلم: يا مُحَمَّدُ، انْسِبْ لَنَا رَبَّكَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ * اللَّهُ الصَّمَدُ * لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ * وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ ﴾ [الإخلاص: 1 - 4] [3]. 3- الأسماءُ الحُسْنَى أَصْل كُلِّ عِبَادَةٍ: قَالَ أبو القَاسِم التَيْمِي الأصْبَهَانِي في بيانِ أهميةِ مَعْرِفَةِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى: "قالَ بَعْضُ العُلَمَاءِ: أَوَّلُ فَرْضٍ فَرَضَهُ اللهُ عَلَى خَلْقِهِ مَعْرِفَتُه، فَإِذَا عَرَفَهُ النَّاسُ عَبَدُوهُ، وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [محمد: 19]، فَيَنْبَغِي للمُسْلِمِينَ أَنْ يَعْرِفُوا أَسْمَاءَ الله وَتَفْسِيرَهَا، فَيُعَظِّمُوا اللهَ حَقَّ عَظَمَتِهِ". قَالَ: "وَلَوْ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَتَزَوَّجَ إِلَى رَجُلٍ أَوْ يُزَوِّجَه أو يُعَامِلَه طَلَبَ أَنْ يَعْرِفَ اسْمَه وَكُنْيَتَه، واسْمَ أبيهِ وَجَدِّه، وَسَأَلَ عَنْ صَغِيرِ أَمْرِهِ وَكَبِيرِهِ، فَاللهُ الذي خَلَقَنَا وَرَزَقَنَا وَنَحْنُ نَرْجُو رَحْمَتَه وَنَخَافُ مِنْ سَخْطَتِهِ أَوْلَى أَنْ نَعْرِفَ أسْمَاءَه، وَنَعْرِفَ تَفْسِيرَها"[4] اه. فَمَثَلًا: فَمَنْ عَرَفَ أَنَّهُ حَيِيٌّ كَرِيمٌ، قَوِي فِيهِ رَجَاؤُه، وَازْدَادَ فِيهِ طَمَعُه، فَقَدْ قَالَ النَّبَي صلى الله عليه وسلم: "إنَّ رَبَّكُم تَبَارَك وتَعَالَى حَيِيٌّ كَرِيمٌ يَسْتَحِي مِنْ عَبْدِه إذا رَفَعَ يَدَيهِ إليهِ أَنْ يَرُدَّهُما صِفْرًا"[5]. 4- الأسْمَاءُ الحُسْنَى أَعْظَمُ الأَسْبَابِ لإِجَابَةِ الدُّعَاءِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلِلَّهِ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا ﴾ [الأعراف: 180]. فَدُعَاءُ الله بأسمائهِ الحُسْنَى هُوَ أَعْظَمُ أَسْبَابِ إِجَابَةِ الدَّعْوَةِ وَكَشْفِ البلْوَةِ، فإنَّه يَرْحَمُ سبحانه وتعالى لأَنَّهُ الرَّحْمَنُ، الرَّحِيمُ، وَيَغْفِرُ سبحانه وتعالى لأنَّهُ الغَفورُ، وكانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَسْأَلُ اللهَ بأسمائهِ الحُسْنَى ويَتَوَسَّلُ إليه بها، فكان يقول: "أَسْأَلُك بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِكَ أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَه فِي كِتَابِكَ، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ - أَنْ تَجْعَلَ القُرآنَ رَبِيعَ قَلْبِي..."[6]. وَقَدْ دَخَلَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم المسْجِدَ، فَسَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ: اللهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ أَنِي أَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لا إلَهَ إلا أَنْتَ، الأَحَدُ الصَّمَدُ الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ. فَقَالَ: "لَقَدْ سَأَلْتَ اللهَ بالاسْمِ الذي إذا سُئِلَ به أَعْطَى، وَإِذَا دُعِيَ بِهِ أَجَابَ". وفي روايةٍ فَقَالَ: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَقَدْ سَأَلَ اللهَ بِاسْمِهِ الأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِي بِهِ أَجَابَ، وَإِذَا سُئِل بِهِ أَعْطَى". وفي روايةٍ لِأَحْمَدَ: أَنَّهُ سَمِعَ رَجُلًا يَقُولُ بَعْدَ التَّشَهُّدِ: اللهُمَّ إنِي أَسْأَلُكَ يَا اللهُ الأحَدُ الصَّمَدُ، الذي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ أَنْ تَغْفِرَ لِي ذُنُوبِي، إِنَّكَ أَنْتَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ. فَقَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "قَدْ غُفِرَ لَهُ، قَدْ غُفِرَ لَهُ"، ثلاثًا[7]. 5- إنَّ اللهَ يُحِبُّ مَنْ أَحَبَّ أَسْمَاءَه الحُسْنَى: عنْ عَاِئشَةَ رضي الله عنها؛ أنَّ النبيَّ صلى الله عليه وسلم بَعَثَ رَجُلًا عَلَى سَرِيَّةٍ، وَكَانَ يَقْرَأُ لِأَصْحَابِهِ في صَلَاتِهِم، فَيَخْتِمُ رضي الله عنه ﴿ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ﴾، فَلَمَّا رَجَعُوا ذَكَرُوا ذَلِكَ للنَّبِي صلى الله عليه وسلم، فَقَالَ: "سَلُوهُ لَأَي شَيْءٍ يَصْنَعُ ذلك؟" فَسَأَلُوهُ، فَقَالَ: لأنَّها صِفَةُ الرَّحْمَنِ، وَأَنَا أُحِبُّ أَنْ أَقْرَأَ بِهَا. فقالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَخْبِرُوه أنَّ اللهَ يُحِبُّه"[8]. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ، قالَ الرَّجُلُ: إِنِّي أُحِبُّها. فَقَالَ: "حُبُّك إِياها أَدْخَلَكَ الجَنَّةَ"[9]. 6- دُعَاءُ اللهِ بأسمائِهِ الحُسْنَى أَعْظَمُ أَسْبَابِ تَفْرِيجِ الكُرُوبِ وزَوَالِ الهُمومِ: عن ابنِ مَسعودٍ رضي الله عنه عَنْ رَسُولِ الله صلى الله عليه وسلم؛ أنَّهُ قَالَ: "مَا أَصَابَ أَحَدًا قَطُّ هَمٌ ولا حَزَنٌ، فَقَالَ: اللهُمَّ إِني عَبْدُك، ابْنُ عَبْدِك، ابْنُ أَمَتِك، نَاصِيَتِي بِيَدِكَ، مَاضٍ فِيَّ حُكْمُكَ، عَدْلٌ فِيَّ قَضَاؤُكَ، أَسْأَلُكَ بِكُلِّ اسْمٍ هُوَ لَكَ، سَمَّيْتَ بِهِ نَفْسَكَ، أَوْ عَلَّمْتَهُ أَحَدًا مِنْ خَلْقِكَ، أَوْ أَنْزَلْتَهُ فِي كِتَابِك، أَوِ اسْتَأْثَرْتَ بِهِ فِي عِلْمِ الغَيْبِ عِنْدَكَ، أَنْ تَجْعَلَ القُرْآنَ العَظِيمَ رَبِيعَ قَلْبِي، وَنُورَ صَدْرِي، وَجلَاءَ حُزْنِي، وَذَهَابَ هَمِّي، إِلَّا أَذْهَبَ اللهُ هَمَّهُ وَحَزَنَهُ وأَبْدَلَ مَكَانَه فَرَحًا". فَقِيلَ: يَا رَسُولَ الله، أَفَلَا نَتَعَلَّمُها؟ فَقَالَ: "بَلَى يَنْبَغِي لِكُلِّ مَنْ سَمِعَها أَنْ يَتَعَلَّمَها"[10]. عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما قَالَ: كَانَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم يَدْعُو عِنْدَ الكَرْبِ يَقُولُ: "لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ العَظِيمُ الحَلِيمُ، لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ رَبُّ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ ورَبُّ العَرشِ العَظِيمِ"[11]. وفي رواية للنَّسَائِي وصَحَّحَه الحَاكِمُ عَنْ عَلِيٍّ: لَقَّنَنِي رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم هَؤُلَاءِ الكَلِمَاتِ، وأَمَرَنِي إنْ نَزَلَ كَرْبٌ أَوْ شِدَّةٌ أَنْ أَقُولَها. 7- الأسْمَاءُ الحُسْنَى أَصْلُ كُلِّ العُلُومِ: قَالَ تَعَالَى: ﴿ هُوَ الْأَوَّلُ وَالْآخِرُ وَالظَّاهِرُ وَالْبَاطِنُ ﴾ [الحديد: 3]. وقالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "اللهُمَّ أَنْتَ الأَوَّلُ، فَلَيْسَ قَبْلَكَ شَيْءٌ، وَأَنْتَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَك شَيْءٌ..."[12]. فَإنَّ اللهَ هُوَ الأَوَّلُ فَلَمْ يَسْبِقْهُ شَيْءٌ، وَكُلُّ شَيْءٍ دُونَه إِنَّمَا هُوَ مِنْ خَلْقِهِ، وَمِنْ ثَمَرَةِ أَفْعَالِهِ، وَمِنْ آثَارِ أَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ. قَالَ ابنُ القَيَّمِ رحمه الله: "وَكَمَا أَنَّ كُلَّ مَوْجُودٍ سِواهُ فَبِإيجَادِه، فَوُجُودُ مَنْ سِوَاهُ تَابِعٌ لِوُجُودِه، تَبَع المفعُولِ المخلوقِ لخالقِه، فَكَذَلِكَ العِلْمُ بِها أَصْلٌ للعِلْمِ بِكُلِّ مَا سُوَاهُ، فالعِلْمُ بأسْمَائِه تَبَارَكَ وَتَعَالَى وإحْصَاؤُها أَصْلٌ لِسَائِرِ العُلُومِ، فَمَنْ أَحْصَى أَسْمَاءَه كَمَا يَنْبَغِي للمَخْلُوقِ أَحْصَى جَمِيعَ العُلُومِ؛ إذْ إحْصَاءُ أَسْمَائِه أَصْلٌ لِإحْصَاءِ كُلِّ مَعْلُومٍ؛ لَأنَّ المَعْلُوَمَاتِ هِيَ مِنْ مُقْتَضَاهَا وَمُرْتَبِطَةٌ بها"[13]. وَمِنْ أَمْثِلَةِ ذلك: الأَصْلُ في الخَلْقِ أنَّ اللهَ هو (الخَالِقُ)، فلا يُوجَدُ خَلْقٌ غَيْرُ خَلْقِه، ولا يُوجَدُ خَالِقٌ سِوَاه، قَالَ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ﴾ [الرعد: 16]. والأَصْلُ في الرِّزْقِ أَنَّ اللهَ هُوَ الرَّزَّاقُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِينُ ﴾ [الذاريات: 58]. فَهُوَ الرَّزَّاقُ، ولا رَازِقَ سِوَاهُ، وَكُلُّ رِزْقٍ إِنَّمَا هُوَ رَاِزقُه، وَمَا مِنْ عَطَاءٍ إِلَّا وَهُوَ الذِي أَعْطَاهُ، قَالَ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ نَبِيهِ مُوسَى: ﴿ رَبُّنَا الَّذِي أَعْطَى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدَى ﴾ [طه: 50]. والأَصْلُ في الرَّحْمَةِ أنَّ اللهَ تَبَارَك وَتَعَالَى هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ، فَكُلُّ رَحْمَةٍ مُشْتَقَّةٌ مِنْ رَحْمَتِهِ، فَهَا هِي الرَّحِمُ قَدِ اشْتُقَ اسْمُها مِنِ اسْمِهِ الرَّحْمَنِ، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم فيما يرويه عَنْ رَبِّه تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ أَنَّهُ قَالَ: "أَنَا الرَّحْمَنُ وَهِي الرَّحِمُ؛ شَقَقْتُ لَها اسْمًا مِنِ اسْمِي..."[14]. إخْوَتَاه: كُلُّ مَا نَرَاه مِنْ رَحَمَاتٍ بَيْنَ الخَلَائِقِ لَيْسَتْ إِلَّا آثارَ رَحْمَةٍ وَاحِدَةٍ لِرَبِّ الأرْضِ والسَّمَاواتِ؛ الله الرحمنِ الرحيمِ تَبَارَك وتَعَالَى. قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ خَلَقَ الرَّحْمَةَ يَوْمَ خَلَقَهَا مِائَةَ رَحْمَةٍ" - وفي حَدِيثٍ آخَرَ: "كُلُّ رَحْمَةٍ طِبَاقُ مَا بَيْنَ السَّمَاءِ والأرضِ، فَأَمْسَكَ عِنْدَه تِسْعًا وَتِسْعِينَ رَحْمَةً، وَأَرْسَلَ فِي خَلْقِهِ كُلِّهِمْ رَحْمَةً وَاحِدَةً"، وفي روايةٍ: "إِنَّ لله مِائَةَ رَحْمَةٍ، أَنْزَلَ مِنْهَا رَحْمَةً وَاحِدَةً بَيْنَ الجِنِّ والإِنْسِ والبَهَائِمِ والهَوَامِ، فَبِهَا يَتَعَاطَفُونَ وَبِهَا يَتَرَاحَمُونَ، وبِهَا تَعْطِفُ الوَحْشُ عَلَى وَلَدِها - وفي روايةٍ: "حَتَّى تَرْفَعُ الدَّابَّةُ حَافِرَهَا عَنْ وَلَدِها خَشْيَةَ أَنْ تُصِيبَهُ، وَأَخَّرَ اللهُ تِسْعًا وتِسْعِينَ رَحْمَةً يَرْحَمُ بِهَا عِبَادَه يَوْمَ القِيَامَةِ"[15]. فَكُلُّ رَحْمَةٍ مَهْمَا عَظُمَتْ إِنَّمَا هِي مِنَ الله عَلَى الحَقِيقَةِ، فَأَعْظَمُ النَّاسِ رَحْمَةً بِالنَّاسِ هُوَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم، قَدْ وَصَفَهُ اللهُ بقولهِ: ﴿ بِالْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ﴾ [التوبة: 128]، فما هذه الرَّحْمَةُ العَظِيمَةُ والأخْلَاقُ الكريمةُ إلا نَسِيمٌ مِنْ رَحْمَةِ الله؛ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ﴾ [الأنبياء: 107]. وقَالَ تَعَالَى: ﴿ فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ ﴾ [آل عمران: 159]. إِخْوَتَاهُ: كُلُّ الرَّحَمَاتِ مِنَ الله، فَلَا يُرْسِلُهَا غَيْرُه، ولا يُمْسِكُهَا سِواهُ. قَالَ تَعَالَى: ﴿ مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلَا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلَا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ ﴾ [فاطر: 2]. فَإِذَا لَمْ يَرْحَمِ اللهُ فَمَنْ إِذًا الَّذِي يَرْحَمُ!! مَدَدْتُ يَدِي إِلَيْكَ رَبِّي تَضَرُّعًا ♦♦♦ فَإِذَا رَدَدْتَ فَمَنْ ذَا يَرْحَمُ والأَصْلُ في الَمغْفِرَةِ أَنَّ اللهَ هُوَ الغَفَّارُ، والغَفُورُ، قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ ﴾ [آل عمران: 135]. وُكلُّ عَفْوٍ وَمَغْفِرَةٍ إِنَّمَا يَكُونُ مِنْ مَغْفِرَةِ الله وَعَفْوِهِ، وَهُوَ الَّذِي عَلَّمَ عِبَادَه كيف يَعْفُونَ وَيَغْفِرُونَ. قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ ﴾ [النور: 22]. يتبع
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() فضل أسماء الله الحسنى الشيخ وحيد عبدالسلام بالي 8- مَعْرِفَةُ الله بأسْمَائِه وصِفَاتِهِ هِي أَصْلُ خَشْيَتِه تَبَارَكَ وَتَعَالَى: إِنَّ العِلْمَ بِأسْمَاءِ الله - جَلَّ ثَنَاؤُهُ - وصِفَاتِهِ وَمَعْرِفَةِ مَعَانِيهَا يُحْدِثُ خَشْيَةً وَرَهْبَةً فِي قَلْبِ العَبْدِ، فَمَنْ كَانَ بالله أَعْرَفَ فَهُوَ مِنْهُ أَخْوَفُ، وَمَنْ كَانَ بِهِ أَعْلَمَ كَانَ عَلَى شَرِيعَتِهِ أَقْوَمَ، قَالَ تَعَالَى: ï´؟ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ï´¾ [فاطر: 28]. قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ الطَّبَرِيُّ فِي تَفْسِيرِ الآيةِ: إِنَّمَا يَخَافُ اللهَ، فَيَتَّقِي عِقَابَه بِطَاعَتِه، العُلَمَاءُ بِقُدْرَتِه عَلَى مَا يَشَاءُ مِنْ شَيءٍ، وَأَنَّهُ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ[16]. وقالَ ابنُ مَسْعُودٍ رضي الله عنه: لَيْسَ العِلْمُ عَنْ كَثْرَةِ الروايةِ، ولِكَنَّ العِلْمَ الخَشْيَةُ[17]، ï´؟ إِنَّمَا يَخْشَى اللَّهَ مِنْ عِبَادِهِ الْعُلَمَاءُ ï´¾ [فاطر: 28]. ولِذَلِكَ فَقَدْ كَانَ رسولُ الله صلى الله عليه وسلم أشدَّ الناسِ خَشْيَةً لله تَبَارَكَ وَتَعَالَى؛ لأنَّه كَانَ أَعْلَمَ الناسِ به، فَقَدْ قَالَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أَنَا أَعْلَمُكُمْ بِالله وأَشَدُّكُمْ لَهُ خَشْيَةً"[18]، وفي حديثٍ آخَرَ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَتْقَاكُمْ وأَعْلَمَكُمْ بِالله أَنَا"[19]. فَمَعْرِفَةُ الله عز وجل أَسَاسُ تَعْظِيمِهِ وَخَشْيتِهِ، وَأَعْظم أَسْبَابِ البُعْدِ عَمَّا يُغْضِبُه. فَقَدْ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ أَذِنَ لِي أَنْ أُحَدِّثَ عَنْ دِيكٍ قَدْ مَرِقَتْ رِجْلَاه الأَرْضَ، وَعُنُقُه مُثْنيِةٌ تَحْتَ العَرْشِ، وَهُوَ يَقُولُ: سُبْحَانَك مَا أَعْظَمَكَ رَبَّنا، فَيُردُّ عَليه: لا يَعْلَمُ ذلك مَنْ حَلَفَ بِي كَاذِبًا"[20]، أَيْ: لو عَلِمَ الحَالِفُ بِالله كَذِبًا عَظَمَةَ اللِه جَلَّ جَلَالُهُ لخَشِيَه واتَّقَاهُ، وما اجْتَرَأَ عَلَى هَذَا الفِعْلِ وأمْثَالِهِ. 9- مَنْ عَرَفَ الأسْمَاءَ الحُسْنَى كَمَا يَنْبَغِي فَقَدْ عَرَفَ كُلَّ شَيءٍ: أَيُّها الأحِبَّةُ فِي الله، إنَّ أَسْمَاءَ الله الحُسْنَى كُلَّهَا حُسْنٌ وَبَرَكَةٌ، ومِنْ حُسْنِها أَنَّها تُعَرِّفُكَ بِكُلِّ شَيءٍ عَلَى حَقِيقَتِهِ مِنْ غَيْرِ إِفْرَاطٍ وَلَا تَفْرِيطٍ. فَمَنْ عَرَفَ أَنَّ اللهَ تبارك وتعالى هُوَ الخَالِقُ، عَرَفَ أَنَّ كُلَّ مَا دُونَه مَخْلُوقٌ، قَالَ تَعَالَى: ï´؟ اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ ï´¾ [الرعد: 16]. وَمَنْ عَرَفَ أَنَّ اللهَ تبارك وتعالى هُوَ الرَّزَّاقُ، عَلِمَ أَنَّ كُلَّ مَا دُونَه مَرْزُوقٌ، قَالَ تَعَالَى: ï´؟ وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا ï´¾ [هود: 6]، وكذلك يَعْلَمُ أَنَّه لَا يَمْلِكُ الرِّزْقَ سِوَاهُ، قَالَ تَعَالَى: ï´؟ وَمَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ ï´¾ [النمل: 64] وَمَنْ عَرَفَ أَنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هو الملِكُ، عَرَفَ أَنَّ كُلَّ مَا دُونَه ممْلُوكٌ، قَالَ اللهُ تَعَالَى: ï´؟ وَلِلَّهِ مُلْكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا يَخْلُقُ مَا يَشَاءُ ï´¾ [المائدة: 17]. ولذلك قِيلَ: مَنْ عَرَفَ رَبَّهُ فَقَدْ عَرَفَ نَفْسَهُ. فَمَنْ عَرَفَ رَبَّهُ بِالغِنَى، عَرَفَ نَفْسَهُ بِالفَقْرِ، قَالَ تَعَالَى: ï´؟ يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ ï´¾ [فاطر: 15]. فَمَنْ عَرَفَ رَبَّهُ بِالبَقَاءِ عَرَفَ نَفْسَهُ بِالفَنَاءِ، قَالَ تَعَالَى: ï´؟ كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ï´¾ [الرحمن: 26، 27]. وَمَنْ عَرَفَ اللهَ بالعِلْمِ، عَرَفَ نَفْسَهُ بالجَهْلِ، قَالَ تَعَالَى: ï´؟ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ï´¾ [البقرة: 216]. وحِينَ رَكِبَ الخَضِرُ مَعَ مُوسَى عليه السلام السَّفِينَةَ، نَظَرَ إِلَى عُصْفُورٍ قَدْ نَقَرَ في البَحْرِ نَقْرَةً أَوْ نَقْرَتَيْنِ، فَقَالَ الخَضِرُ لُموسَى عليه السلام: "ما عِلْمِي وعِلْمُكَ مِنْ عِلْمِ الله إلا مِثْلُ مَا نَقَصَ هَذَا العُصْفُورُ مِنْ هَذَا البَحْرِ"[21]. فَمَنْ عَرَفَ اللهَ تبارك وتعالى بِأسْمَائِهِ الحُسْنَى وَصِفَاتِهِ العُلَى، عَلِمَ أَنَّهُ بِالكَمَالِ مَوْصُوفٌ، وَبِالإحْسَانِ والجَمَالِ والجَلَالِ مَعْرُوفٌ، وَعَرَفَ أَيْضًا نَفْسَهُ بِكُلِّ نَقْصٍ وَعَيْبٍ، إِلَّا أَنْ يَرْزُقَه اللهُ تبارك وتعالى كَمَالَ الإيمانِ وصَالِحَ الَأعمالِ فُيُوَرِّثُ لهُ ذلك عُبُودِيَّةً صَادِقَةً بالانْكِسَارِ بَيْنَ يَدَي الجَبَّارِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى، فَيَذِلُّ لِعِزَّتِهِ وَيَخْضَعُ لِقُوَّتِهِ. وَهَذَا هُوَ دَأْبُ الأنْبِيَاءِ والمرْسَلِينَ ومَنْ تَبِعَهم بإِحْسَانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ، فَهَا هُوَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم يَتَعَبَّدُ لِرَبِّه بِذَلِكَ فَيَقُولُ: "اللهُمَّ أَنْتَ رَبِّي، لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، خَلَقْتَنِي وَأَنَا عَبْدُكَ..."[22]. فَلَمَّا عَرَفَ أَنَّ اللهَ هُوَ رَبُّه وإِلَهُهُ وَخَالِقُهُ، عَرَفَ نَفْسَه بِعُبُودِيَّتِه لَهُ، فَقَالَ: "وَأَنَا عَبْدُكَ...". وقَالَ أَيْضًا فِي دُعَاءِ الاسْتِخَارَةِ: "فَإِنَّكَ تَقْدِرُ وَلَا أَقْدِرُ، وَتَعْلَمُ وَلَا أَعْلَمُ، وَأَنْتَ عَلَّامُ الغُيوبِ...". 10- مَعْرِفَةُ الأسْمَاءِ الحُسْنَى تُورِثُ حُسنَ الظَّنِّ[23] بالله تبارك وتعالى: وَيُعَدُّ حُسْنُ الظَّنِّ بِالله تَعَالَى ثَمَرةً للفَضِيلَةِ السَّابِقَةِ، فَمَنْ عَرَفَ غِنَى الله وَفَقْرَ خَلْقِهِ، وَقُدَرَةَ الله وعَجْزَ خَلْقِه، وَقَوَّةَ الله وضَعْفَ خَلْقِهِ، عَرَفَ مِقْدَارَ افْتِقَارِ الخَلْقِ لِغِنى الله، وضَعْفَهُمْ لِقُوَّتِهِ، وتَوَاضُعَهم لِعَظَمَتِه، وَذِلَّتَهم لِعَزَّتِه، تَبَارَكَ وَتَعَالَى. فَإِذَا تَبَيَّنَ له ذلك على الحقِيقَةِ أَصْبَحَ يُعَظِّمُ اللهَ وَحْدَهُ ويَخَافُه وصَارَ عَبْدًا لَهُ وَحْدَهُ، فَمَنْ دَخَلَ قَلْبَهُ اليَقِينُ فِي قُدْرَةِ الله، خَرَجَ مِنْهُ اليَقِينُ فِي قُدْرَةِ الخَلْقِ، وَمَنْ خَشِىَ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى خَرَجَتْ مِنْ قَلْبِهِ خَشْيَةُ مَنْ سِوَاهُ، فَوَرَّثَ له ذلك حُسْنَ ظَنِّه بِالله تبارك وتعالى، واعْتِصَامِهِ بِهِ دُونَ سِوَاهُ، وَتَوَكَّلَ عليه دُونَ غَيْرِهِ، وَسَلَّمَ له في كُلِّ أَمْرِهِ، وهذا بعينهِ مَا حَدَثَ لِرَسولِ الله صلى الله عليه وسلم وَصاحِبِهِ رضي الله عنه فِي الغَارِ حِينَ أَحَاطَ بِهِمْ المشْرِكُونَ، فَقَالَ أَبو بَكْرٍ رضي الله عنه: لَو نَظَرَ أَحَدُهم أَسْفَلَ قَدَمِيهِ لَرَآنا، فَقَالَ عليه الصلاةُ والسَّلَامُ "ما ظَنُّكَ باثنينِ اللهُ ثَالِثَهُما"[24]. 11- لا يَضُرُّ مَعَ اسْمِ الله شَيْءٌ: وَمِنْ فَضَائِلِ أسْمَاءِ الله الحُسْنَى أَنَّها يُسْتَجْلَبُ بها الخْيرُ، ويُسْتَدْفَعُ بِهَا الشَّرُّ، فَاسْمُ الله يَدْفَعُ[25] الضَّرَرَ وَيَرْفَعُه[26]. فَعَنْ عُثْمَانَ بنِ عَفَّانَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم يقولُ: "مَا مِنْ عَبْدٍ يَقُولُ فِي صَبَاحِ كُلِّ يَومٍ، وَمَسَاءِ كُلِّ لَيْلَةٍ: بِسْمِ الله الذِي لَا يَضُرُّ مَعَ اسْمِه شَيْءٌ فِي الأَرْضِ وَلَا فِي السَّمَاءِ وَهُوَ السَّمِيعُ العَلِيمُ، ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَلَا يَضُرُه شَيْءٌ"[27]. 12- الأَسْمَاءُ الحُسْنَى وَأَثَرُها في الحَلالِ والحَرَامِ: وَلَمْ تَقْتَصِرْ فَضَائِلُ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى وَبَرَكَتُها عَلَى حَياةِ القُلُوبِ وتَفْرِيجِ الكُرُوبِ، بَلْ وكذلك كَانَ لَهَا أَعْظَمُ الأَثَرِ فِي الفِقْهِ، فَتَرَى أَنَّ ذِكْرَ اسْمِ الله عَلَى شيءٍ قَدْ يُفَرِّقُ بَيْنَ الحَلَالِ والحرامِ. فَأَحَلَّ اللهُ تبارك وتعالى الذَّبِيحَةَ التي ذُكِرَ اسْمُه عليها، بَلْ وَأَمَرَ بالأكلِ منها. قَالَ تَعَالَى: ï´؟ فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآيَاتِهِ مُؤْمِنِينَ ï´¾ [الأنعام: 118]. وعاتب مَن لا يأكل مما ذكر اسم الله عليه، قَالَ سُبْحَانَهُ وتَعَالَى: ï´؟ وَمَا لَكُمْ أَلَّا تَأْكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ ï´¾ [الأنعام: 119]. وَعَنْ عَدِي بنِ حَاتم، قَالَ: سَأَلْتُ النَّبِي صلى الله عليه وسلم قُلْتُ: أُرْسِلُ كِلَابِي المعَلَّمَةَ؟ قَالَ: "إِذَا أَرْسَلْتَ كِلَابَكَ المُعَلَّمَةَ وَذَكَرْتَ اسْمَ الله فَأَمْسَكْنَ فَكُلْ" [28]. وَقَدْ نَهَى عَنْ أَكْلِ اللَّحْمِ أَوِ الصَّيدِ الذي لم يُذْكَرِ اسْمُ الله عليه، قَالَ تَعالَى: ï´؟ وَلَا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ ï´¾ [الأنعام: 121]. 13- العِلْمُ بِأْسْمَاءِ اللهِ الحُسْنَى أَعْظَمُ العُلُومِ وأَشْرَفُها: إنَّ أَشْرَفَ العُلُومِ هِي العلومُ الشَّرْعِيَّةُ، وأَشْرَفُ العلُومِ الشَّرْعِيَّةِ هو العِلْمُ بِأْسْمَاءِ الله الحُسْنَى وصِفَاتِه العُلَى؛ لِتَعَلُّقِها بِأَشْرَفَ مَنْ يُمْكِنُ التَّعَلُّمُ عنه؛ وَهُوَ الله سبحانه وتعالى. قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابنُ تَيْمِيَّةَ رحمه الله: "والقرآنُ فيه مِنْ ذِكْرِ أَسْمَاءِ الله وَصِفَاتِهِ وأَفْعَالِه، أَكْثَرُ مما فِيهِ مِنْ ذِكْرِ الأَكْلِ والشُّرْبِ والنِّكَاحِ فِي الجَنَّةِ، والآياتُ المتَضَمِّنَةُ لِذِكْرِ أَسْمَاءِ الله وَصِفَاتِهِ أَعْظَمُ قَدْرًا مِنْ آياتِ المعَادِ، فَأَعْظَمُ آيةٍ في القرآنِ آيةُ الكُرْسِي المتَضَمِّنَةُ لذلك - أَيْ لِأَسْمَاءِ الله وصِفَاتِه سبحانه وتعالى كَمَا ثَبَتَ ذلك في الحديثِ الصحيحِ الذي رَوَاهُ مُسْلِمٌ، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم؛ أَنَّهُ قَالَ لِأُبَيِّ بنِ كَعْبٍ: "أَتَدْرِي أَيُّ آيةٍ مِنْ كِتَابِ الله مَعَكَ أَعْظَمُ؟"، قَالَ: قُلْتُ: ï´؟ اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُّ الْقَيُّومُ ï´¾ [البقرة: 255]. قَالَ: فَضَرَبَ فِي صَدْرِي وَقَالَ: "والله لَيَهْنك العِلْمُ أبا المنْذِرِ"[29]. وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عنه صلى الله عليه وسلم مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ؛ أَنَّ ï´؟ قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ ï´¾ تَعْدِلُ ثُلُثَ القُرْآنِ[30]"[31]. 14- بَرَكَةُ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى في المعِيشَةِ: قَالَ تَعَالَى: ï´؟ تَبَارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ ï´¾ [الرحمن: 78]. وَمِنْ بَرَكَةِ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى أَنَّ الشَّيْطَانَ لَا يَقْرَبُ مَا ذُكِرَ عَلَيه اسْمُ الله، قَالَ رَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم: "إذا دَخَلَ الرَّجُلُ بَيْتَه فَذَكَرَ اللهَ عِنْدَ دُخُولِه وَعِنْدَ طَعَامِه قَالَ الشَّيْطَانُ: لا مَبيتَ لَكُم وَلَا عَشَاءَ"[32]. وَعَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما، عَنِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ: "قَالَ إِبْلِيسُ: يَا رَبِّ، لَيْسَ أَحَدٌ مِنْ خَلْقِكَ إِلا جَعَلْتَ لَهُ رِزْقًا وَمَعِيشَةً، فَمَا رِزْقِي؟ قَالَ: مَا لَمْ يُذْكَرْ عَلَيْه اسْمِي"[33]. 15- بَرَكَةُ الأَسْمَاءِ الحُسْنَى تَلْحَقُ الذُّرِّيَّةَ: فَقَدْ قَالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم فَيمَا يَرْوِيهِ عَنْه ابنُ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما: "لَوْ أَنَّ أَحَدَكُمْ إذا أَرَادَ أَنْ يَأْتِيَ أَهْلَهُ فَقَالَ: بِسْمِ الله، اللهُمَّ جَنِّبْنَا الشِّيْطَانَ وَجَنِّبِ الشَّيْطَانَ مَا رَزَقْتَنَا، فإنَّه إنْ يُقَدَّرْ بينهما وَلَدٌ فِي ذلك لَمْ يَضُرّه شَيْطَانٌ أَبَدًا"[34]. 16- أَسْمَاءُ الله أَعْظَمُ أَسْبَابِ الشِّفَاءِ: فَإِنَّ اللهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى هُوَ خَالِقُ البَدَنِ وَيَعْلَمُ دَاءَه، وَبِيَدِهِ وَحْدَهُ شِفَاؤُه، ودَوَاؤُه، وَخَيْرُ دَوَاءٍ، وَأَعْظَمُ شِفَاءٍ هو أَسْمَاءُ الله تبارك وتعالى، ولذلك حين عَادَ جِبْرِيلُ عليه السلام رسولَ الله صلى الله عليه وسلم في مَرَضِه لَمْ يَجِدْ سَبَبًا للشِّفَاءِ خَيْرًا مِنْ أَنْ يَرْقِيَهُ بِاسْمِ الله تبارك وتعالى. فَعَنْ أَبِي سَعيدٍ الخُدْرِي رضي الله عنه؛ أَنَّ جِبْرِيلَ عليه السلام أَتَى النبيَّ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: يَا مُحَمَّدُ، أَشْتَكَيْتَ؟ قال: "نَعَم". قَالَ: "بِسْمِ الله أرْقِيكَ، مِنْ كُلِّ شَيء يُؤْذِيكَ، ومِنْ شَرِ كُلِّ نَفْسٍ أَوْ عَينِ حَاسِدٍ، اللهُ يَشْفِيكَ، بَسْمِ الله أَرْقِيكَ"[35]. [1] النور الأسنى (1/ 13-14) أمين الأنصاري حفظه الله. [2] أخرجه البخاري (2736، 6410)، ومسلم (2677). [3] رواه أحمد، والترمذي (3364)، وحسَّنه الألباني. [4] الحجة في المحجة (ق 13 أ). [5] حديث صحيح: أخرجه أبو داود (2/ 1488)، ومن طريقه البيهقي في الأسماءِ والصِّفَاتِ (ص: 90)، والترمذي (5/ 3556)، وابن ماجه (3865)، وصححه ابن حبان (3400)، والحاكم (1/ 497)، والخطيب في تاريخه (3/ 235-236) من طريق جعفر بن ميمون عن أَبي عثمان النهدي عن سلمان مرفوعًا به، قال الذهبي في العُلُو (ص: 52): هذا حديث مشهور، وحسَّنه الحافظ في الفَتْحِ (11/ 143). [6] أخرجه أحمد (1/ 391)، وابن حبان (972) من حديث ابن مسعود رضي الله عنه، وقال الدارقطني: إسْنَادُه لَيْسَ بالقَوِي، وقد صححه ابن حبان وابن القيم وغيرهما، وانظر: فتح البارِي (11/ 220)، والسلسلة الصحيحة (199). [7] أخرجه أحمد (4/ 338)، (5/ 349، 350)، وأبو داود (985،1493)، والترمذي (3475)، ابن حبان (891، 892)، والحاكم (1/ 267، 504) من حديث بريدة بن الحصيب ومحجن بن الأدرع رضي الله عنهما، وانظر: الترغيب والترهيب (2/ 485)، وصحيح سنن أبي داود (869، 1324). [8] أخرجه البخاري (7375)، ومسلم (831). [9] أخرجه البخاري (774 - تعليقًا)، ووصله الترمذي (2901)، من حديث أنس رضي الله عنه، وانظر: فتح الباري (2/ 257، 258)، وصحيح جامع الترمذي (2323). [10] حسَن: أخرجه أحمد (1/ 391)، وابن حبان (972). [11] رواه البخاري (11/ 145) مع الفتح. [12] أخرجه مسلم (2713) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. [13] انظر: كتاب ابن القيم بدائع الفوائد (1/ 163). [14] أخرجه أحمد (1/ 191، 194)، (2/ 491)، وأبو داود (1694) من حديث أبي هريرةَ، وعبد الرحمن ابن عوف رضي الله عنهما، وصححه الألباني في صحيح سنن أبي داود (1486)، وانظر: صحيح البخاري مع الفتح (10/ 418) (5988). [15] أخرجه البخاري (6469)، ومسلم (2752، 2753) من حديثِ أبي هريرةَ وسَلْمَانَ رضي الله عنهما. [16] جامعُ البيانِ في تفسيرِ القرآنِ (22/ 87). [17] أخرجه أحمد في الزهدِ (ص: 158)، والطبراني في الكبيرِ (8534)، وانظر: الحِلْيَةَ (1/ 131)، (6/ 370)، ومَجْمَعِ الزوائدِ (10/ 235). [18] أخرجه البخاري (1601)، ومسلم (2356)، وابن عبد البر في التمهيدِ 5/ 119، 120 من حديث عائشة رضي الله عنها. [19] أخرجه البخاري (20) من حديث عائشة رضي الله عنها، انظر: الفتح 1/ 70 - 72 . [20] أخرجه الطبراني في الأوسط (7324)، وأبو الشيخ في العظمةِ (526)، والحاكم 4/ 297، من حديثِ أبي هريرةَ رضي الله عنه، وصحَّحه الحَاكِمُ. وانظر: المنار المنيف (ص: 55-56)، والسلسلة الصحيحة (150). [21] أخرجه البخاري (7425 - 7427)، ومسلم (2380)، من حديثِ ابنِ عباسٍ رضي الله عنهما. [22] أخرجه البخاري (6323) من حديثِ شَدْادِ بنِ أَوسٍ رضي الله عنه. [23] حُسْنُ الظَنِّ بالله تبارك وتعالى ثَمَرَةٌ لِمعرفتِه تبارك وتعالى؛ إذ كيف يُحْسِنُ الظَنَّ بِرَبِّهِ مَنْ لَمْ يَعْرِفُ أَنَّهُ الكَرِيمُ، وأنه هو البَرُّ الرَّحِيمُ؟ وكيف يُحْسِنُ الظَّنَّ بِوَعْدِهِ إِنْ لَمْ يَعْرِفْ أَنَّهُ صادقُ الوعدِ مُنْجِزُ العهدِ؟ [24] أخرجه البخاري (3663)، ومسلم (2381). [25] يدفع الضرر؛ أي: يطرده ويمنعه. [26] ويرفعه؛ أي: يزيله بعد نزوله. [27] أخرجه الطيالسي (79)، وأحمد (1/ 63، 66)، وأبو داود (5088)، والترمذي (3388)، وابن ماجه (3869) وغيرهم، وقال الترمذي: حسَن صحيح غريب، وصححه الحاكم، وانظر: صحيح سنن ابن ماجه (3120). [28] أخرجه البخاري (7397)، ومسلم (1929). [29] صحيح مسلم (810). [30] صحيح البخاري (6643، 7374)، وصحيح مسلم (811، 812). [31] درء تعارض العقل والنقل (5/ 310 - 312) بتصرف. [32] أخرجه مسلم (2018) من حديث جابر رضي الله عنه. [33] صحيح: أخرجه أبو نعيم في الحلية (8 / 126)، وأبو الشيخ في كتاب العظمة. [34] أخرجه البخاري (7396)، ومسلم (1434). [35] رواه مسلم (2186).
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |