تحفة النفوس المطمئنة بشرح حديث: من يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بال - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 909 - عددالزوار : 119758 )           »          التنمر الإلكترونى عبر الإنترنت.. إحصاءات وحقائق هامة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          طرق مهمة للتعامل لحماية الأطفال من مخاطر الإنترنت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          علماء الفلك يحذرون من احتمال بنسبة 50% لاصطدام مجرتنا مع أخرى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          احم طفلك.. ألعاب إلكترونية ونهايات مأساوية أبرزها الحوت الأزرق وبابجى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          كيفية جعل أيقونات الشاشة الرئيسية لجهاز أيفون داكنة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          كيفية تحويل ملف Word إلى PDF فى 3 خطوات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          كل ما تريد معرفته عن روبوت لوحى من أبل يشبه ايباد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          سلسلة Google Pixel 9.. ما تقدمه الهواتف المستخدمة للذكاء الاصطناعى مقابل السعر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 5 )           »          تطبيق رسائل جوجل يحصل على بعض التعديلات قريباً.. تعرف عليها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-02-2020, 04:00 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,340
الدولة : Egypt
افتراضي تحفة النفوس المطمئنة بشرح حديث: من يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بال

تحفة النفوس المطمئنة بشرح حديث: من يشهد أن لا إله إلا الله مستيقنا بها قلبه فبشره بالجنة
أبو عاصم البركاتي المصري




تحفة النفوس المطمئنة

بشرح حديث

" من يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ

مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ"



بسم الله الرحمن الرحيم
فإن أحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم احتوت على فوائد شتى وحكم وعبر وعظات جمة؛ ولكنها في كثير من الأحايين تحتاج إلى من يستخرجها ويظهرها لعموم الأمة ليتعبد لله بها؛ فهي تحتاج إلى دقيق الاستنباط كما تحتاج الدرة إلى من يرصعها ويلمعها؛ والمستنبط والمجتهد كلما نظر في حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما أخرج منه أحكاما تصلح لوقائع ونوازل مستجدة لم يسمع بها الأوائل ممن سلف؛ ورحم الله من قال: "تتناهي النصوص ولا تتناهى الحوادث أو الوقائع" ولهذا تحتاج النوازل إلى من ينظر في حديث النبي صلى الله عليه وسلم فيجد لها حكما بالقياس أو بالعمومات أو تطبيقاً للقواعد الفقهية التي يمكن أن يندرج تحتها كثيرٌ من المسائل؛ وذلك حتى لا تقع الأمة في حرج بسبب الجهل بأحكام المستجدات والنوازل؛ وقد أعمل شراح الحديث جهدهم في خدمة سنة النبي صلى الله عليه وسلم؛ ولكن كم ترك الأول للآخر؛ وهذه محاولة في شرح حديث من حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لعلها تكون لي ذخراً في الآخرة والحمد لله وحده؛ وصلى الله وسلم وبارك على النبي محمد وآله وصحبه.


متن الحديث
أخرج مسلم في صحيحه برقم (52) قال: حَدَّثَنِي زُهَيْرُ بْنُ حَرْبٍ، حَدَّثَنَا عُمَرُ بْنُ يُونُسَ الْحَنَفِيُّ، حَدَّثَنَا عِكْرِمَةُ بْنُ عَمَّارٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو كَثِيرٍ، قَالَ: حَدَّثَنِي أَبُو هُرَيْرَةَ، قَالَ: كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ، فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا، وَفَزِعْنَا، فَقُمْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ، فَخَرَجْتُ أَبْتَغِي رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتَيْتُ حَائِطًا لِلْأَنْصَارِ لِبَنِي النَّجَّارِ، فَدُرْتُ بِهِ هَلْ أَجِدُ لَهُ بَابًا؟ فَلَمْ أَجِدْ، فَإِذَا رَبِيعٌ يَدْخُلُ فِي جَوْفِ حَائِطٍ مِنْ بِئْرٍ خَارِجَةٍ - وَالرَّبِيعُ الْجَدْوَلُ - فَاحْتَفَزْتُ، فَدَخَلْتُ عَلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَقَالَ: «أَبُو هُرَيْرَةَ» فَقُلْتُ: نَعَمْ يَا رَسُولَ اللهِ، قَالَ: «مَا شَأْنُكَ؟» قُلْتُ: كُنْتَ بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَقُمْتَ فَأَبْطَأْتَ عَلَيْنَا، فَخَشِينَا أَنْ تُقْتَطَعَ دُونَنَا، فَفَزِعْنَا، فَكُنْتُ أَوَّلَ مَنْ فَزِعَ، فَأَتَيْتُ هَذَا الْحَائِطَ، فَاحْتَفَزْتُ كَمَا يَحْتَفِزُ الثَّعْلَبُ، وَهَؤُلَاءِ النَّاسُ وَرَائِي، فَقَالَ: «يَا أَبَا هُرَيْرَةَ» وَأَعْطَانِي نَعْلَيْهِ، قَالَ: «اذْهَبْ بِنَعْلَيَّ هَاتَيْنِ، فَمَنْ لَقِيتَ مِنْ وَرَاءِ هَذَا الْحَائِطَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، فَبَشِّرْهُ بِالْجَنَّةِ»، فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ لَقِيتُ عُمَرُ، فَقَالَ: مَا هَاتَانِ النَّعْلَانِ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟ فَقُلْتُ: هَاتَانِ نَعْلَا رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، بَعَثَنِي بِهِمَا مَنْ لَقِيتُ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ، بَشَّرْتُهُ بِالْجَنَّةِ، فَضَرَبَ عُمَرُ بِيَدِهِ بَيْنَ ثَدْيَيَّ فَخَرَرْتُ لِاسْتِي، فَقَالَ: ارْجِعْ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ، فَرَجَعْتُ إِلَى رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَأَجْهَشْتُ بُكَاءً، وَرَكِبَنِي عُمَرُ، فَإِذَا هُوَ عَلَى أَثَرِي، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مَا لَكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ؟» قُلْتُ: لَقِيتُ عُمَرَ، فَأَخْبَرْتُهُ بِالَّذِي بَعَثْتَنِي بِهِ، فَضَرَبَ بَيْنَ ثَدْيَيَّ ضَرْبَةً خَرَرْتُ لِاسْتِي، قَالَ: ارْجِعْ، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «يَا عُمَرُ، مَا حَمَلَكَ عَلَى مَا فَعَلْتَ؟» قَالَ: يَا رَسُولَ اللهِ، بِأَبِي أَنْتَ، وَأُمِّي، أَبَعَثْتَ أَبَا هُرَيْرَةَ بِنَعْلَيْكَ، مَنْ لَقِيَ يَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُسْتَيْقِنًا بِهَا قَلْبُهُ بَشَّرَهُ بِالْجَنَّةِ؟ قَالَ: «نَعَمْ»، قَالَ: فَلَا تَفْعَلْ، فَإِنِّي أَخْشَى أَنْ يَتَّكِلَ النَّاسُ عَلَيْهَا، فَخَلِّهِمْ يَعْمَلُونَ، قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «فَخَلِّهِمْ».

مفردات الحديث:
فأبطأ: تأخر في الرجوع
يقتطع: يؤخذ ويؤذى.
فزعنا: الفزع الخوف.
الحائط: البستان يكون له سور ولا سقف له.
فاحتفزت: أي صغرت جسمي وطويت بدني ومعناه: تضاممت ليسعني المدخل. ورويت فاحتفرت بالراء؛ قال النووي: رواية الزاي أقرب من حيث المعنى، ويدلُّ عليه تشبيهه بفعل الثعلب وهو تضامه في المضايق. وأما صاحب التحرير فأنكر الزاي وخطَّأ رواتها، واختار الراء، وليس اختياره بمختار". شرح صحيح مسلم للنووي (1/ 236).
الإست: مؤخرة الإنسان ومقعدته.
أجهشت بالبكاء: كدت أن أبكي.
ركبني عمر: أي تبعني.



فوائدالحديث
فائدة (1): الحديث من رواية أبي هريرة الدوسي رضي الله عنه.
وأسوق ترجمة مختصرة لأبي هريرة رضي الله عنه فأقول:
أبو هريرة: هو عبد الرحمن بن صخر من ولد ثعلبة بن سليم بن فهم بن غنم بن دوس اليماني، وكان اسم أبي هريرة في الجاهلية عبد شمس؛ وقيل غير ذلك؛ فسمَّاهُ رسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عبد الرحمن)، اشتهر أبو هريرة بكُنيته، حتى غلبت عليه على اسمه فكاد ينسى؛ كان محبا للعلم وحريصا على حفظ السنة والحديث؛ دعا له رسول الله بالحفظ بعد شكوى أبي هريرة له من نسيان العلم؛ قَالَ الْبُخَارِيُّ: «رَوَى عَنْهُ نَحْوٌ مِنْ ثَمَانِمِائَةِ رَجُلٍ أَوْ أَكْثَرُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ، مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ» [" تهذيب التهذيب ": ص 265، جـ 12. و " البداية والنهاية ": ص 103، جـ 8].

عاش طويلا بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم فأعطي فرصة للتحديث بما عنده من حديث سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ لذا فهو أكثر الصحابة رواية للحديث النبوي؛ قيل مات في سنة 59 وقيل سنة 60 من الهجرة.
قال الذهبي: مسنده خمسة ألاف وثلاث وأربعة وسبعون حديثا (5374) المتفق في البخاري ومسلم منها ثلاث وستة وعشرون وانفرد البخاري بثلاثة وتسعين حديثا ومسلم بثمانية وتسعين حديثا.


قال أحمد شاكر: روى له الإمام أحمد في مسنده (3848) حديثا من (من رقم 7119 - الى 10997) وفيها باللفظ أو المعنى ويصفو له بعد حذف المكرر خير كثير وهو اكثر الصحابة رواية.
[مسند الامام احمد بتحقيق احمد محمد شاكر (12 / 83)].



فائدة (2): حسن صحبة النبي صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لأصحابه.
قوله: " كُنَّا قُعُودًا حَوْلَ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ " وفيه جلوس العالم مع أصحابه وطلابه يعلمهم ويتابع أمورهم وشئونهم تأسيا بفعل رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد كان صلى الله عليه وسلم يتفقد أصحابه؛ عن أنسٍ رضي الله عنه قال:
أن النبي صلى الله عله وسلم كان إذا فقد الرجل من إخوانه ثلاثة أيامٍ سأل عنه فإن كان غائباً دعا له، وإن كان شاهداً زاره، وإن كان مريضاً عاده" وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا لكم بمنزلة الوالد أعلِّمكم"؛ وقال عثمان بن عفان رضي الله عنه: إِنَّا وَاللهِ قَدْ صَحِبْنَا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي السَّفَرِ وَالْحَضَرِ، فكَانَ يَعُودُ مَرْضَانَا، وَيَتْبَعُ جَنَائِزَنَا، وَيَغْزُو مَعَنَا، وَيُوَاسِينَا بِالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ"[أخرجه أحمد (504) وحسن الأرناؤوط إسناده].


وفي الحديث قوله صلى الله عليه وسلم: "مَثَلُ المؤمنين في تَوَادِّهم وتَراحُمِهم وتَعاطُفِهم مَثَلُ الجسد؛ إذا اشتَكَى منه عضوٌ، تَداعَى له سائرُ الجسد بالسهر والحمَّى"؛ [أخرجه مسلم وغيره من حديث النعمان بن بشير - رضِي الله عنه].
ومن ذلك سؤاله عن المرأة التي كانت تقم المسجد؛ فعن أبى هريرة - رضِي الله عنه -: "أن امرأة سوداء كانت تَقُمُّ المسجد، ففقَدَها رسول الله - صلَّى الله عليه وسلَّم - فسأل عنها، فقالوا: ماتت، قال: "أفلا كنتم آذنتموني؟"، قال: فكأنهم صَغَّروا أمرها، فقال: "دُلُّوني على قبرها"، فدلُّوه فصلَّى عليها"؛ [أخرجه البخاري ومسلم].


فائدة (3): علو رتبة أبي بكر وعمر في أذهان الصحابة.
وذلك يظهر في قول أبي هريرة رضي الله عنه: "مَعَنَا أَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ فِي نَفَرٍ"، فإنه اكتفى بذكر أشرافهم؛ والنفر الجماعة دون العشرة والجمع أنفار.
ومن ذلك أيضا في الصحيحين عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " بَيْنَمَا رَجُلٌ رَاكِبٌ عَلَى بَقَرَةٍ التَفَتَتْ إِلَيْهِ، فَقَالَتْ: لَمْ أُخْلَقْ لِهَذَا، خُلِقْتُ لِلْحِرَاثَةِ "، قَالَ: " آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ، وَأَخَذَ الذِّئْبُ شَاةً فَتَبِعَهَا الرَّاعِي، فَقَالَ لَهُ الذِّئْبُ: مَنْ لَهَا يَوْمَ السَّبُعِ، يَوْمَ لاَ رَاعِيَ لَهَا غَيْرِي "، قَالَ: «آمَنْتُ بِهِ أَنَا وَأَبُو بَكْرٍ، وَعُمَرُ» قَالَ أَبُو سَلَمَةَ: وَمَا هُمَا يَوْمَئِذٍ فِي القَوْمِ.[متفق عليه].


وفي الصحيحين أيضا عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قَالَ: إِنِّي لَوَاقِفٌ فِي قَوْمٍ، فَدَعَوُا اللَّهَ لِعُمَرَ بْنِ الخَطَّابِ، وَقَدْ وُضِعَ عَلَى سَرِيرِهِ، إِذَا رَجُلٌ مِنْ خَلْفِي قَدْ وَضَعَ مِرْفَقَهُ عَلَى مَنْكِبِي، يَقُولُ: رَحِمَكَ اللَّهُ، إِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَ صَاحِبَيْكَ، لِأَنِّي كَثِيرًا مَا كُنْتُ أَسْمَعُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «كُنْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَفَعَلْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ، وَانْطَلَقْتُ وَأَبُو بَكْرٍ وَعُمَرُ» فَإِنْ كُنْتُ لَأَرْجُو أَنْ يَجْعَلَكَ اللَّهُ مَعَهُمَا، فَالْتَفَتُّ فَإِذَا هُوَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ. [متفق عليه].


فائدة (4): في هذا الحديث من الفقه جواز أن يقوم سيد القوم فلا يتبعه أصحابه، إذا فهموا من قيامه أنه لأمر لا يقتضي المشاركة، ويدل على هذا أنهم جلسوا على انتظار عوده، فلما أبطأ عليهم بُطأً خافوا معه عليه صلى الله عليه وسلم، قاموا يطلبونه.[الافصاح عن معاني الصحاح لابن هبيرة ( 8 /197)].

فائدة (5): حب الصحابة لرسول الله صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قوله: "فَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَيْنِ أَظْهُرِنَا، فَأَبْطَأَ عَلَيْنَا، وَخَشِينَا أَنْ يُقْتَطَعَ دُونَنَا،... " فيه بيان حب الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم وإكرامه والشفقة عليه، والانزعاج البالغ لغيبته المجهولة؛ وذلك لأن العدو يحيط بالمدينة من الكفار والمشركين واليهود والمنافقين؛ وقد ضرب الصحابة في هذا الباب صورا نسوق منها للاعتبار:
لما كان يوم أحد وأشيع مقتل النبي صلى الله عليه وسلم، حتى كثرت الصوارخ في ناحية المدينة، فخرجت امرأة من الأنصار فاستقبلت بخبر موت بأبيها وابنها وزوجها وأخيها يعني كلهم ماتوا واستشهدوا - رضوان الله عليهم -، فكلما مرت على أحدهم قالت: من هذا؟ قالوا أبوك.. أخوك.. زوجك.. ابنك.. وهي تقول: ما فعل برسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فيقولون: أمامك! وهي تمضي - تركت الزوج والابن والأخ والأب - لم تقف، ما زالت تمضي، فلما رأت رسول الله صلى الله عليه وسلم، أخذت بثوبه ثم قالت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله لا أبالي إذا سلمت من عطب.


وفي روايةٍ أخرى لسعد ابن أبي وقاص في قصة هذه المرأة قالت: ما فعل رسول الله؟ قال بخير يا أم فلان - هو بحمد الله كما تحبيه - قالت: أرونيه حتى أنظر إليه، فأشير لها إليه، حتى إذا رأته قالت: كل مصيبةٍ بعدك جلل، أي هينة.
وهذا خُبَيْب بن عَدِيٍّ لما وقع أسيرا في مكة بعد بدر أخذوه ليقتلوه انتقاما لقتلاهم يَوْمَ بَدْرٍ، فَلَمَّا وَضَعُوا فِيهِ السِّلاحَ وَهُوَ مَصْلُوبٌ نَادُوهُ ونَاشَدُوهُ: أَتُحِبُّ مُحَمَّدًا مَكَانَكَ؟ فَقَالَ: لا وَاللَّهِ الْعَظِيمِ مَا أَحَبُّ أَنْ يُفَدِّيَنِي بِشَوْكَةٍ يُشَاكُهَا فِي قَدَمِهِ. [الطبراني في المعجم الكبير].
وقد كان ثابت البناني إذا رأى أنس بن مالك أخذ يده فقبلها، ويقول: يدٌ مست يد رسول الله صلى الله عليه وسلم.


وذلك منهم عملا بالنصوص الواردة في ذلك؛ فعن أنس رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال: " لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده والناس أجمعين " [أخرجه البخاري ومسلم]
وكذا عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "ثَلَاثٌ مَنْ كُنَّ فِيهِ وَجَدَ حَلَاوَةَ الْإِيمَانِ أَنْ يَكُونَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَبَّ إِلَيْهِ مِمَّا سِوَاهُمَا وَأَنْ يُحِبَّ الْمَرْءَ لَا يُحِبُّهُ إِلَّا لِلَّهِ وَأَنْ يَكْرَهَ أَنْ يَعُودَ فِي الْكُفْرِ كَمَا يَكْرَهُ أَنْ يُقْذَفَ فِي النَّارِ" [متفق عليه].

يتبع

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 113.15 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 111.43 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.52%)]