|
ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() ضوابط الحديث الحسن لذاته عند المحدثين أبو الحسن هشام المحجوبي و وديع الراضي بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله منزِّلِ السنَّة، على خير عباده وما أعظمها من منة، وحافظِها إلى أن تقوم الساعة ويحاسب الناس فمنهم في النار ومنهم في الجَنَّة، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للناس والجِنَّة، وبعد: فالحديث الحسن لغة: هو الكلام الجيد، وفي اصطلاح المحدثين: هو الحديث النبوي الذي رواه عدلٌ خفيف الضبط عن مثلِه أو أضبطَ منه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، مع سلامته من الشذوذ والعلل. فهذا التعريف يشتمل على خمسة شروط، لا يعتبر الحديث حسنًا حتى تتحقق فيه: الشرط الأول: عدالة رواته، والعدالة لغة: هي الاستقامة، وفي الاصطلاح: هي الاستقامة في الدِّين والمروءة، ولها خمسة شروط: الشرط الأول: الإسلام؛ فرواية الكافر مردودة باتفاق المحدِّثين. الشرط الثاني: البلوغ؛ فرواية الصبي غير مقبولة. الشرط الثالث: العقل، احترازًا من المجنون. الشرط الرابع: السلامة من الفسق، والفسق: هو ارتكاب البِدَع والكبائر. الشرط الخامس: السلامة من خوارم المروءة، وخوارم المروءة: هي الأفعال والأقوال التي يقبُحُ بالإنسان فعلُها، وضابطها: مخالفة العرف المعتبر؛ كالبصاق في المسجد، ولعب كرة القدم مع الصبية في الشوارع. وقد اتفق المحدِّثون على أن العدالة تشترط في الراوي عند روايته الحديث، لا عند حفظه؛ فجُبَير بن مطعم رضي الله عنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ بسورة الطور والنجم في صلاة المغرب، وكان حينئذ - رضي الله عنه - كافرًا، فروى الحديث بعد إسلامه. وتعرف العدالة بثلاثة أمور: الأمر الأول: تزكية الله تعالى أو رسوله صلى الله عليه وسلم، وهذا النوع من العدالة يندرج تحته جيلُ الصحابة رضي الله عنهم؛ قال الله تعالى: ﴿ لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ ﴾ [الفتح: 18]. الأمر الثاني: الشهرة والاستفاضة؛ كالإمام مالك بن أنس رضي الله عنه؛ فإن الأمةَ اتفقت على عدالته. الأمر الثالث: شهادة أحد علماء الحديث المعتبرين بعدالة الراوي من غير تجريح عالِمٍ آخرَ له، والتجريح: هو الشهادة بسقوط العدالة، أو سقوط الثقة بالحفظ. الشرط الثاني: أن يرويه راوٍ خفيفُ الضبط عن راوٍ مثلِه أو أضبطَ منه، وخفة الضبط هي حالة أقرب إلى الإتقان من الضعف. الشرط الثالث: اتصال سند الحديث إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، والاتصال لغة: هو الترابط، واصطلاحًا: هو الحديث الذي سلِم إسناده من سقوط فيه؛ بحيث يكون كل راوٍ سمع الحديث من شيخه، ويعرف الاتصال بأمرين: الأمر الأول: أن يقول الثقة: حدثني فلان، أو سمعت فلانًا، أو أنبأني فلان، أو أخبرني فلان. أما إن عنعن عن شيخه أو روى الحديث بصيغة تشبه العنعنة، فحينئذ ينظر هل التقيا أو تعاصرا، فإن ثبت اللقيُّ أو المعاصرة يُحكَم على الحديث بالاتصال. الشرط الرابع: سلامة الحديث من الشذوذ، والشذوذ لغة: هو التفرد، وفي الاصطلاح: هو مخالفة الثقة لمن هو أوثق منه في الحفظ أو العدد؛ فمثلاً إذا خالف محمد بن إسحاق - رحمه الله - مالك بن أنس في حديث، فرواية مالك بن أنس محفوظة، ورواية محمد بن إسحاق شاذة؛ لأن مالك بن أنس أوثقُ من محمد بن إسحاق، وقد يخالف ثقة ثقتين أو أكثر في متن الحديث أو سنده؛ فرواية الثقتين تعتبر محفوظة؛ لأنهما أكثر منه عددًا، وعلى هذه الأمثلة فقِسْ. الشرط الخامس: سلامة الحديث من العلل، والعلل: جمع علة، وهي لغةً: المرض، وفي الاصطلاح هي سبب غامض يطرأ على متن الحديث أو سنده فيضعِّفه، رغم أن ظاهره السلامةُ منها. وتُكتشَف العلة بجمع جميع طرق الحديث وألفاظه، وبإمعان النظر فيها، ومن أمثلتها: قال ابن عباس رضي الله عنهما: "تزوج النبيُّ صلى الله عليه وسلم ميمونة رضي الله عنها وهو محرِم"، فهذا الحديث ضعيفٌ رغم أن ظاهره الصحة، وعلة ضعفه: وهمُ ابن عباس رضي الله عنهما، ودليل وهمه: قولُ ميمونة رضي الله عنها: "تزوجني النبي صلى الله عليه وسلم وهو حلال"؛ فهي أعلمُ بنفسها من ابن عباس رضي الله عنهما. نسأل الله تعالى أن يتقبل عملنا، وأن يجعلنا من خَدَمة سنَّته صلى الله عليه وسلم، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالَمين.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |