أثر اختلاف المطالع في بدء الصّوم والإفطار - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         كيفية تغيير تطبيقات الاتصال والمراسلة على iPhone فى iOS 18.2 (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أبل تعلن عن مزايا جديدة تمنحك تجربة قيادة آمنة وسهلة عبر CarPlay (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          واتساب يقدم ميزة قوائم الدردشة المخصصة لتطبيقات الهاتف المحمول (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          إنستجرام يعلن عن مزايا جديدة تمكنك من فلترة الرسائل المباشرة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          نصائح لحماية نفسك من الاختراق على فيس بوك.. احذر الروابط المشبوهة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 3 )           »          كيفية تعزيز أمن البريد الإلكتروني في العصر الرقمي.. نصائح مهمة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 2 )           »          هاتف iPhone 16 يحتوى على منفذ USB-C.. إيه وظيفته؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 1 )           »          أطفالنا مستقبلنا فلنعاملهم برفق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          معالم على طريق طلب العلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          مصابيح الأقلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > ملتقى اخبار الشفاء والحدث والموضوعات المميزة > رمضانيات
التسجيل التعليمـــات التقويم

رمضانيات ملف خاص بشهر رمضان المبارك / كيف نستعد / احكام / مسابقات

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-02-2020, 03:16 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 163,012
الدولة : Egypt
افتراضي أثر اختلاف المطالع في بدء الصّوم والإفطار

أثر اختلاف المطالع في بدء الصّوم والإفطار
د. محمد محمود أحمد طلافحة



أثر اختلاف المطالع في بدء الصّوم والإفطار
د. محمد محمود أحمد طلافحة[1]
ملخص البحث:
يتناول هذا البحث مسألة أثر اختلاف المطالع في بدء الصوم والإفطار "دراسة فقهية مقارنة" وفق خطة تتضمن تمهيداً، وأربعة مطالب، وخاتمة وذلك على النحو الآتي:
التمهيد: ويشمل التعريف بموضوع اختلاف المطالع وتحرير محلّ النزاع فيه، المطلب الأول: مذاهب الفقهاء وسبب الاختلاف في مدى اعتبار اختلاف المطالع، المطلب الثاني: الأدلة ووجوه الاستدلال بها، المطلب الثالث: المناقشة والردود، المطلب الرابع: الرأي الراجح في اختلاف المطالع، الخاتمة: وتتضمن نتائج البحث.
ويخلص البحث إلى أن في المسألة ثلاثة آراء: الأول: يرى عدم اعتبار اختلاف المطالع مطلقاً، والثاني: يرى اعتبار اختلاف المطالع مطلقاً، والثالث: فيه تفصيل؛ حيث يرى عدم اعتبار اختلاف المطالع إذا كانت المسافة بين البلدين متقاربة، ويرى اعتبار المطالع إذا كانت المسافة متباعدة، مع اختلافهم في تحديد ضابط البعد المعتبر.
ويرجح الباحث على ضوء الدراسة الفقهية المقارنة للآراء السابقة أنه لا عبرة باختلاف المطالع في البلدان التي تكون مشتركة في جزء من ليلة الرؤية وإن قلّ، وهو ما يأمله كل مسلم ويتمناه في كل زمان ومكان.


المقدمة
الحمد لله رب العالمين القائل في محكم كتابه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} (سورة البقرة، آية 183‏)والصلاة والسلام على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين وبعد:
فقد ربط الله عز وجل الأحكام الشرعية التي تحتاج للأزمان بالأهلّة، فقال تعالى: {يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِيَ مَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ} (سورة ‏البقرة، آية 189‏)، ومن جملة الأحكام الشرعية المرتبطة بالأهلة، ثبوت بدء الصوم في رمضان، وبدء الفطر في شوال، فأُنيط الحكم الأول برؤية هلال رمضان، وأُنيط الحكم الآخر برؤية هلال شوال.
إنّ من الأمور التي تقترن بحلول شهر رمضان من كل عام، ما يلاحظ من التفاوت بين الدول الإسلامية في إثبات دخول أول الشهر، فمن البلدان: من يعلن حلول الشهر في أول أيامه حقيقة، ومنهم: من يفعل ذلك بعد يوم أو يومين من أولئك: بدعوى أن الفريق الأول قد رأى الهلال؛ نظراً لتيسّر رؤيته له فيصوم، وأن ذلك لم يتح للفئة الثانية فأفطرت الصيام محدثاته وحوادثه، د.محمد عقلة، ص16‏. وقس على ذلك حلول عيد الفطر من كل عام؛ لذا فإنني رأيت أن ابحث في هذا الموضوع حسب جهدي وطاقتي، جاعلاً جلّ همي إبراز هذا الموضوع في ثوب جديد.
واقتضت أهمية البحث تقسيمه إلى تمهيد، وأربعة مطالب، وخاتمة، على النحو الآتي:
أما التمهيد، فيشمل: التعريف بموضوع اختلاف المطالع، وتحرير محل النزاع فيه
والمطالب الأربعة جعلتها في الأمور الآتية:
المطلب الأول: مذاهب الفقهاء وسبب الاختلاف في مدى اعتبار اختلاف المطالع.
المطلب الثاني: الأدلة ووجوه الاستدلال بها، وفيه فرعان:
الفرع الأول: أدلة القائلين بأنه لا عبرة باختلاف المطالع ووجوه الاستدلال بها.
الفرع الثاني: أدلة القائلين باعتبار اختلاف المطالع ووجه الاستدلال بها.
المطلب الثالث: المناقشة والردود، وفيه فرعان:
الفرع الأول: مناقشة أدلة القائلين بأنه لا عبرة باختلاف المطالع.
الفرع الثاني: مناقشة أدلة القائلين باعتبار اختلاف المطالع.
المطلب الرابع: الرأي الراجح في اختلاف المطالع
الخاتمة: وفيها خلاصة لأهم النتائج التي توصلت إليها.
وبعـــــــد :
فهذا ما وفقني الله تعالى - جلت قدرته - إليه، فإن أصبت فهو من توفيق الله تعالى وجزيل فضله عليّ، وإن أخطأت أو قصرت فهو من نفسي ومن الشيطان، والله تعالى ورسوله بريئان منه، واستغفر الله العظيم وأتوب إليه.
‏والله من وراء القصد،،،

التمهيد:
ويشمل: التعريف بموضوع اختلاف المطالع، وتحرير محل النزاع فيه
اقتضت الحكمة الإلهية أن يتفرق سكان الأرض على سطحها؛ ليعمروها ويقوموا بخلافة الله فيها، وتبع ذلك - بالضرورة - اختلاف مواقع البلاد على الكرة الأرضية شرقاً وغرباً، وشمالا وجنوباً، واقتضى نظام سير الكواكب لاسيما الشمس والقمر اختلافاً وتفاوتاً في مواقيت العبادات المقدرة بشروق الشمس وغروبها وزوالها: كالصلوات الخمس، والمقدرة بثبوت الأهلة كالصوم. فتشرق الشمس على قوم قبل أن تشرق على قوم آخرين بساعة وساعتين وأكثر من ذلك على حسب التباعد بين الجهتين شرقاً وغرباً، فبينما تكون بلاد في وقت المغرب تكون بلاد أخرى قي وقت الشروق أو الزوال أو العصر؛ لأن كل ساعة من ساعات الليل والنهار هي طلوع الفجر وشروق الشمس، وهي وقت الضحى والزوال، والعصر والغروب وهي وقت ظلمة الليل، أوله ووسطه وآخره، على حسب مواقع البلاد؛ ولذلك لا يمكن أن توحد مواقيت الصلاة اليومية، ولا أوقات الإمساك والإفطار في أيام رمضان في جميع الأقطار الإسلامية ما دامت الأوضاع الكونية قاضية بتفاوت تلك المواقيت، وما دام هذا التفاوت هو الواقع المشاهد[2].
إن اختلاف مطالع[3] القمر مما وقع الاتفاق عليه، ولا يمكن جحده أو المكابرة فيه، فإن الثابت واقعياً وعلمياً والمشاهد حسياً أن الهلال يرى في بعض البلاد بعد غروب الشمس، ولا يرى في بعضها إلا في الليلة الثانية، ومعنى هذا أن رؤية الهلال قد تكون ميسرة لبعض الأقطار دون بعضها في ‏أول الشهر، وفي هذا يقول الفقيه الحنفي ابن عابدين في رسالته "تنبيه الغافل والوسنان على أحكام هلال رمضان": "اعلم أن مطالع الهلال تختلف باختلاف الأقطار والبلدان، فقد يُرى الهلال في بلد دون آخر... فتحقّق اختلاف المطالع مما لا نزاع فيه"[4].
لقد اتفق الفقهاء على أنّ اختلاف مطالع الشمس معتبر شرعاً[5] في الأحكام الشرعية المتعلقة بها، وجرى العمل بمقتضى ذلك في أوقات الصلوات الخمس، والإمساك، والفطور في شهر رمضان؛ ولعل ذلك لأن الشارع أناط الحكم في الأوقات بوجودها، فقال تعالى: أَقِمِ الصَّلاَةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ[6]. ومعلوم أنه ما من حركة تتحركها الشمس إلا وهي فجر، عند قوم، وزوال عند آخرين، وليل عند غيرهم؛ لذلك أجمع العلماء في أوقات الصلاة على أن المعتبر عند كل قوم فجرهم وزوالهم وغروبهم، ولا يلزمهم حكم غيرهم.
واتفق الفقهاء على أن الحاكم الأعلى المسلم إذا أصدر أمرا بثبوت رؤية الهلال، فحكم بأن الغد من رمضان أو من شوال، وكان يرى أن لا عبرة باختلاف المطالع في اجتهاده، ونقل أمره هذا إلى جميع الأقطار الإسلامية الخاضعة لولايته، وجب الامتثال لأمره؛ لأن حكم الحاكم يرفع الخلاف؛ تفادياً للشقاق وتفرق كلمة الأمة، ولا عبرة عندئذ باختلاف المطالع بالإجماع؛ لأنها مسألة مجتهد فيها[7].
كما اتفق الفقهاء على أن تحقق اختلاف مطالع القمر مما لا نزاع فيه، - وقد ذكرت ذلك آنفاً- باعتباره من الظواهر الكونية المشاهدة. لكن الذي اختلفت ‏فيه أنظار الفقهاء هو أنه هل لهذا الاختلاف في المطالع تأثير في ثبوت الأهلة والأحكام المتعلقة بها: كالصوم، والإفطار، وغير ذلك من الأحكام الشرعية؟ أم أنه لا عبرة باختلاف المطالع، بحيث إذا ثبت الهلال في بلد إسلامي ثبت في حق جميع المسلمين إذا بلغهم ثبوته بطريق موثوق بصحته؟[8]
‏ومن هذا الشأن يقول الإمام ابن عابدين: "تحقق اختلاف المطالع وهذا مما لا نزاع فيه، وإنما النزاع في أنه هل يعتبر أم لا؟[9]. ففرق بين الأمر الواقع وبين مدى اعتباره شرعياً.
المطلب الأول
‏مذاهب الفقهاء وسبب الاختلاف
في مدى اعتبار اختلاف المطالع
اتضح لنا مما سبق في التمهيد أن محل الخلاف بين الفقهاء في مدى اعتبار أثر اختلاف المطالع في ثبوت الأهلة يتمثل بـ:
‏هل اختلاف مطالع القمر في الأقطار الإسلامية معتبر في ثبوت الأهلة أو ليس بمعتبر في ذلك؟ ... بعبارة أخرى توضيحية:
إذا كانت العبرة باختلاف المطالع؛ فيترتب على ذلك ألا يلزم أهل بلد لم يروا الهلال في مطلعهم، برؤية أهل البلد الآخر الذي رأى أهله الهلال، سواء أتقاربا أم تباعدا، لأن لكلّ قوم مطلعهم ورؤيتهم.
أمّا إذا لم يكن لاختلاف المطالع اعتبار؛ فيترتب على ذلك: أن رؤية الهلال في المشرق يلزم بها أهل المغرب ولو لم يروه، فيعمّ حكم الرؤية جميع هذه الأقطار الإسلامية تبعاً لذلك.
أمّا المذاهب الواردة في هذه المسألة وأصحابها فهي على النحو الآتي:
الرأي الأول: أنه لا عبرة باختلاف المطالع؛ فإذا رؤي الهلال في بلد إسلامي في المشرق وجب على جميع البلدان الإسلامية الصوم برؤيتهم ولو كانوا في أقصى المغرب وأهله لم يروه. وبه قال فقهاء الحنفية في ظاهر المذهب[10]، وهو المشهور عند المالكية[11]، ونسب ابن عبد البر في كتابه "الاستنكار" هذا الرأي إلى الإمام مالك فيما رواه عنه ابن القاسم ‏والمصريون[12]، وأيضاً حكى ابن عبد البر أن هذا قول الليث، وقول في المذهب الشافعي، وقول الكوفيين وأحمد[13]، وهو مذهب الحنابلة[14].
الرأي الثاني: العبرة باختلاف المطالع؛ حيث أنّه يعتبر لأهل كل بلد رؤيتهم ولا يلزمهم رؤية غيرهم. وهذا الرأي حكاه ابن المننذر عن عكرمة، والقاسم بن محمد، وسالم بن عبد الله، وإسحاق بن راهويه، وحكاه الترمذي عن أهل العلم[15].
ونسب ابن عبد البر هذا الرأي لابن عباس[16]، ورواه المدنيون عن مالك أن الرؤية لا تلزم بالخبر عند غير أهل البلد الذي وقعت فيه الرؤية إلا أن يكون الإمام يحمل الناس على ذلك. وبه قال ابن الماجشون[17] والمغيرة من أصحاب مالك[18]، وحكاه الماوردي وجهاً للشافعية[19]، واختاره الزيلعي من الحنفية[20].
الرأي الثالث: إن كانت المسافة بين البلدين متقاربة لا تختلف المطالع لأجلها فحكمها حكم بلد واحد؛ فإذا رؤي الهلال في أحدهما وجب على أهل البلد ‏الآخر الصيام، وإن تباعدا في المسافة لم يجب الصوم على أهل البلد الآخر.
وهذا الرأي هو المعتمد في مذهب الشافعية[21]، والزيدية[22].
وقد اختلف أصحاب هذا الرأي في ضابط القرب والبعد، على عدة أوجه منها:[23]
الأول: التباعد ما اختلفت فيه مطالع الهلال، ومثلوا لهذا بالحجاز، والعراق، وخراسان. والتقارب أن لا يكون هناك اختلاف للمطالع، ومثلوا لهذا ببغداد، والكوفة، والري، وقزوين وقطع به العراقيون، والصيدلاني، وصححه النووي في الروضة وشرح المهذب وهذا الاتجاه هو الاتجاه الصحيح عند النووي.
الثاني: الاعتبار باتحاد الأقاليم واختلافه فإن اتّحد الإقليمان فهما متقاربان، وإن لم يتحدا فهما متباعدان حكاه ابن حجر في الفتح.
الثالث: أنّ التباعد هو أن يكون بين البلدين مسافة القصر، والتقارب أن يكون بينهما أقل من مسافة القصر وبهذا قال إمام الحرمين الجويني، وحجة الإسلام الغزالي، وقطع به البغوي وآخرون من فقهاء الشافعية.
الرابع: أنّه يلزم أهل كل بلد لا يتصور خفاء القمر عنهم بلا عارض دون غيرهم حكاه السرخسي.
الخامس: أنّه لا يلزم إذا اختلف الجهتان ارتفاعاً وانحداراً ...حكاه المهدي في البحر عن يحيى والهادوية.
من خلال عرضنا لأقوال ولآراء المذاهب في مسألة اختلاف المطالع، تبيّن أنّ هناك ثلاثة آراء:
الأول: يرى أن لا عبرة باختلاف المطالع مطلقاً.
والثاني: يرى العبرة باختلاف المطالع مطلقاً.
والثالث: يرى عدم اعتبار اختلاف المطالع إذا كانت المسافة بين البلدين متقارباً، ويرى اعتبار اختلاف المطالع إذا كانت المسافة متباعدة، مع اختلافهم في تحديد ضابط البعد المعتبر.
إنّ سبب اختلاف الفقهاء في هذه المسألة -كما يقول ابن رشد[24] - عائدٌ إلى وجود تعارض - في الظاهر - بين النظر العقلي والأثر المروي عن كريب[25] مولى عبد الله بن عباس "الذي سيذكر فيما بعد في الأدلة إن شاء الله تعالى"، أمّا النظر فهو أن البلاد إذا لم تختلف مطالعها كل الاختلاف فيجب أن يُحمل بعضها على بعض؛ لأنها في قياس الأفق الواحد، وأمّا إذا اختلفت اختلافاً كثيراً فلا يجب أن يُحمل بعضها على بعض، وهذا النظر العقلي قال به -بالإضافة إلى المذهب الشافعي- الإمامان الزيلعي والكاساني من الحنفية؛ فنرى الإمام الزيلعي يقول في كتابه "تبيين الحقائق": -فإن كان بينهما أي بين البلدين- تقارب بحيث لا تختلف المطالع يجب "أي الأخذ برؤية ذاك البلد"، وإن كان بحيث تختلف "أي المطالع" لا يجب "الصوم بالأخذ برؤية ذاك البلد"[26]، وكذلك الإمام الكاساني يقول في كتابه "بدائع الصنائع": "إذا كانت المسافة بين البلدين قريبة لا تختلف فيها المطالع فيلزم أحد البلدين حكم الآخر، أما إن كانت المسافة بن البلدين بعيدة فلا يلزم أحد البلدين حكم الآخر؛ لأن مطالع البلاد عند المسافة الفاحشة تختلف، فيعتبر في أهل كل بلد مطالع بلدهم دون البلد الآخر"[27]، فالنظر العقلي يعطي الفرق بن البلاد النائية والقريبة، وبخاصة ما كان نأيه في الطول والعرض كثيراً، و إذا بلغ الخبر مبلغ ‏التواتر لم يحتج إلى شهادة فيه. أما ظاهر الأثر "الذي سنذكره فيما بعد" فيقضي أن لكل بلد رؤيته قرب أو بعد.
ومن الأسباب الأخرى التي أدت إلى اختلاف الفقهاء في مسألة اختلاف المطالع: اختلافهم في فهم النص، وسلوك كل منهم طريقاً في الاستدلال به، كقوله "صلى الله عليه وسلم": "صوموا لرؤيته، وأفطروا لرؤيته"[28]، كما سنبيّن ذلك فيما بعد.
وبالإضافة إلى الأسباب السابقة، بل جلّها ينبىء عن اختلاف الفقهاء في هذه المسالة، بسبب تباين قدراتهم على استيعاب العلوم الفلكية الصحيحة في عصورهم، وما عسى أن يكون له صلة بالأمر من النصوص التشريعية وفق ذلك، ولا غرو في ذلك، فجوهر هذا الموضوع عملي علمي قبل أن يكون موضوعاً فقهياً اجتهادياً[29].
يتبع




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 146.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 145.06 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.17%)]