|
ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() البيان فيما يركز عليه القرآن (1/3) أ. محمد خير رمضان يوسف مقدمة الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على نبيِّنا محمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين. وبعد: فقد منَّ الله تعالى عليَّ بتفسير كتابه الكريم، وقراءته بتدبُّر. وأثناء انشغالي به كنتُ ألاحظُ تَكرار آياتٍ في السورةِ نفسِها أو في سورٍ أخرى، بالألفاظِ نفسها، أو بألفاظٍ وصيغٍ قريبةٍ منها، وهو معنى ما يَرِدُ من قولهِ تعالى: {وَلَقَدْ صَرَّفْنَا لِلنَّاسِ فِي هَـذَا الْقُرْآنِ مِن كُلِّ مَثَلٍ فَأَبَى أَكْثَرُ النَّاسِ إِلاَّ كُفُوراً} [الإسراء: 98]، وكنتُ أكتبُ تعليقاتٍ حولَ ذلك، وأحتفظُ بها. ومن المؤكد أن التكرار فيه فائدة، بل لا بد منه، لأن الإنسان كثير النسيان، وكثير الانشغال بالدنيا وهمومها ومصالحهِ فيها، فيأتي التكرارُ للتذكير، والتركيز على الموضوعات المهمة المؤثرة في حياة الإنسان ومستقبله في الآخرة، وقد أمر الله الإنسان أن يكرر الصلاة لئلا ينسى ربه، فهي خمس في اليوم والليلة... وغير ذلك مما يُلاحظُ في أمور التربية والتعليم. وتكرارُ الشيءِ يعني التركيزَ عليه، ولفتَ النظرِ إليه أكثرَ من غيره، ليترسَّخَ في الذهن، ولا يُنسَى. وقد رأيتُ أنَّ أكثرَ ما يكررهُ القرآنُ وينبِّهُ إليهِ ويركِّزُ عليه، هو أربعةُ أمور: توحيدُ الله، وطاعته، والتحذيرُ من الشرك، ومن عذابِ الآخرة. وهذا تذكيرٌ وتوضيحٌ لبعضِ ما ركزَ عليهِ القرآنُ الكريمِ، مما كنتُ أحتفظُ به عندَ نفسيرِه، وليسَ هوَ دراسةً شاملةً ومتكاملة، ولكنه تذكير، وتوجيه، وتعليق، لبعضه، قد يُفيدُ القارئَ إن شاءَ الله. لله ما في السماوات وما في الأرض ورد كثيراً في القرآن الكريم أن لله ما في السماوات والأرض، {أَلاَ إِنَّ لِلّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَلاَ إِنَّ وَعْدَ اللّهِ حَقٌّ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ} [يونس : 55]. وهي كلمات قليلة، لكنها كبيرةٌ وعظيمةُ الدلالة، ويعني أن الله خالقهما وخالق ما فيهما وما بينهما، وهو مالكهما جميعاً، والمتصرف في شؤونهما ومدبر أمرهما، ولا يشاركه في الخلق والتدبير والملك أحد، ويدلاَّن على كمال عظمة الله وقدرته وإبداعه... وهو تنبيه متكررٌ للناس بأن الله ملاحظٌ كلَّ شيء، في كلِّ حين، ولا يغفل لحظة عما يجري في الكون، مما يقوله ويعمله الإنسان أو غيره، وأنه لا مفرَّ له من أمر ربه، فهو عبدٌ مملوكٌ للهِ تعالى، تحت سلطانه وقهره، وهو لا يقدر أن يؤذي الله بشيء، ولا يعجز ربَّهُ ولا يفلت منه، فهو مهما تحصَّن وأنجز من العلوم فلن يكون خارج دائرة الكون، الذي هو ملك الله تعالى، ولا مفرَّ له من الموتِ ثمَّ الحساب، وسيحكم الله عليه بالفوز أو الخسران عندما يحاسبهُ على جميعِ ما عملهُ في الدنيا. وعليه أن يعلمَ أن ما يحوزهُ هو ملكٌ لله حقيقة، فسيأتي موته قريباً، ويرثه غيره، والله يرث الأرض ومن عليها... فالناس عبيد مقهورون، مختبرون في هذه الحياة. الخلق والبَعث في كثير من آيات القرآن الكريم لفتٌ لنظر الإنسان إلى خَلقه، وإلى خلق السماوات والأرض، ليبين لهم أن الذي خلق هذا قادر على بعثِ الإنسان من جديد، وقادر على كل شيء. {قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانظُرُوا كَيْفَ بَدَأَ الْخَلْقَ ثُمَّ اللَّهُ يُنشِئُ النَّشْأَةَ الْآخِرَةَ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [العنكبوت :20]. {أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى}؟ [القيامة :40]. عداوة إبليس ذُكرَ أكثر من مرَّة قصةُ خلقِ أبينا آدم، ورفضِ إبليس السجودَ له، على الرغم من أمر الله له بذلك، والمقصودُ بالسجودِ سجودُ التشريف والتكريم، لا سجودُ العبادة. فعداوة إبليسَ لآدمَ وأولاده قديمة، منذ أن كان والدنا في الجنة، وكان رفضُ إبليسَ الاعترافَ بتكريمِكَ أيها الإنسان هو السببَ في طرده من الجنة، وقد حلف لآدم حلفاً مؤكداً أنه إن أكل من الشجرة فسيكون من الخالدين في الجنة، وأنه ينصحه بهذا نصيحةً غالية، لكونهِ قبل آدم، ولخبرته السابقة في الجنة! وكان الله قد نهاهُ عن الأكل من تلك الشجرة، فعصى آدم ربَّه وأطاع إبليس، فحُرِما من الجنة... كما أقسم إبليس أنه سيعمل بكلِّ جهده على غوايةِ الإنسان وتضليله؛ حسداً له أنْ فضَّله الله عليه، وليكون معه في جهنم، فقد عصى الله، وسيعمل على أن يعصيهُ الإنسان. وقد بلَّغَ الله رسله من خلالِ ما أنزلَ عليهم من الكتب أن الشياطين أعداء لبني آدم، وأنهم أعداءٌ لله ورسله، فلا يطعْهم أحدٌ من الناس، ومن أطاعهم ومات على ذلك كان مصيرُهُ مصيرَهم. ومع ذلك ترى الناس مقبلين على طاعة إبليس أكثر من إقبالهم على طاعة ربِّهم وخالقهم، الذي وعدهم بالمثوبة الحسنى والخلود في جنانه إن هم أطاعوه، وأنذرهم بالعقوبة الشديدة. والعذاب بالنار المحرقة إن هم أطاعوا الشياطين وكذَّبوا الرسل ولم يعملوا بكتاب الله، والشياطين تغوي، وتزيِّنُ الباطل للناس، وتحسِّن لهم الشهوات واللذائذ، وترغبهم في الحرام، وتنسيهم نداء الله ويوم المعاد والحساب، بإلهائهم وإغرائهم بالحياة وزخرفها، وما هي إلا لعب وغرور. والمؤمنُ الصادق في إيمانه لا يغترُّ بكل هذا {يَا بَنِي آدَمَ لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ إِنَّا جَعَلْنَا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء لِلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ} [الأعراف : 27]. المشركون ما تقول في رجل فقير كان يُحسِنُ إليه ثريٌّ وينعم عليه بأنواع النعم حتى لا يكاد يحتاج منها إلى شيء آخر، لكن هذا الفقير ما كان يلتفت إليه، ولا يشكره، بل يُنكرُ جميلَهُ ويتحدَّثُ عنه بسوء، ويمضي إلى آخر لم يفعلْ به خيراً قط، فيخدمه ويتذلَّلُ له ويقدِّم له الاحترام والتبجيل!! أليس هذا الفقير لئيماً ضالاًّ كافرًا بالجميل، يحتاج إلى أن يؤدَّب بأنواع العذاب؟ هذا ما ردَّ به القرآن الكريم على المشركين في كثير من الآيات، أن الله خالقهم ورازقهم ومالكَ أمرهم، ولكنهم لا يعبدونه ولا يشكرونه، بل يذهبون إلى الأصنام وما إليها فيعبدونها ويقرِّبون لها القرابين.. ولا تظنن أن عبادة الأصنام مضت دون رجعة، بل هي موجودة ومستمرة... بأشكالٍ وأفانين. الأصنام هناك عشرات الآيات تتحدثُ عن الأصنام وعبّادها من المشركين، وتردُّ عليهم بأنواع الأجوبة التي تفيد عدم قدرتها على السمع والتكلم، والضرِّ والنفع. وإنه لأمرٌ يدعو إلى العجب حقًّا، كيف أن من الناس من يصنع تماثيل من الأحجار الصمّاء، ثم يعظِّمونها ويعبدونها ويدافعون عنها، على الرغم من أنهم لم يلمسوا منها مساعدة عملية مرة من المرات! إنهم يعبدون أندادًا ولا يعبدون الله وحده! والأندادُ جمع نِدّ، وهو المِثل؛ أي: إنهم جعلوا هذه الأصنام أنداداً لله في شيئين: في الاسم، فسمَّوها "آلهة" وهي أحجار، وفي الفعل، فقاموا بعبادتها، دونَ عبادةِ الله. ولو أن شخصاً عاقلاً من بين المشركينَ قال لهم: إنني أفهم وأتكلم وأسمع وأفيدكم بأشياء وأقدر على مضرتكم بأشياء، فتعالوا واعبدوني ولا تعبدوا هذه الأصنام، لقاموا عليه، وآذوه، أو قاطعوه، أو رموه بالجنون! بل إن أنبياء كثيرينَ أُرسلوا إليهم ودعوهم إلى عبادة الله الذي خلقهم ورزقهم، فأبوا ذلكَ وردُّوا عليهم ردًّا مُنكرًا وهدَّدوهم وآذَوهم!! {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَنفَعُكُمْ شَيْئاً وَلَا يَضُرُّكُمْ} [الأنبياء : 66]. والذي يُستفادُ من هذا أن أتفه الأشياءِ وأحقرها قد تأخذ بلبِّ هذا الإنسان فتغويه وتضله إذا لم يستعمل عقله ولم يتجنب أقرانه الذين يحيطون به، حيث يستمد تفكيرَهُ من عقولهم لا من المَلَكة التي وهبها الله له، فيقلد ولا يفكر تفكيرًا إيجابيًّا ومستقلاًّ، وينظرُ إلى أشكال الناس الذين تعوَّدَ عليهم لا إلى ما يُقالُ من حق... وهذا ما نجده في هذا العصر كذلك وفي غيره، فهناك فئات من الناس تعبد إبليس اللعين الذي تحدّى الله ربَّ العالمين، وآخرون يعبدون الحيوانات كالأبقار، وهي تأكل العلفَ والأعشاب مثل غيرها من الحيوانات، وآخرون يعبدون الجمادات، كتماثيل بوذا وما إليها، ويعبدون النيران، ويعبدون أشخاصاً يعتقدون فيهم الألوهية، وكانوا مثل غيرهم يأكلون الطعام ويتغوَّطون! والأعاجيب في هذا لا تنتهي، وأنت ترى في هذا العصر من يدافع عن أفكار بعض الناس، وهم إما أموات أو أحياء، ويقولون إن أفكارهم ونظرياتهم هي أصحُّ الأفكار والتوجُّهات، وكلَّ ما عداها باطل. وهذه الأحزاب الوضعية والمبادئ الشرقية والغربية، والإعلام المضلِّل بوسائله المتعددة...كل ذلك يجعل الإنسان المعاصر في دوامةٍ من الأفكار والأهواء لا تنتهي، وقد يصبحُ عديم الإيمان أو ضعيفه، ويحتاج إلى أن يُدعى باستمرار، ويُرَدُّ على الأفكار الهدَّامة ولو كانت تافهة وحقيرة، كما ردَّ القرآن على عابدي الأصنام. ونحن أصحاب رسالة، وشهداءُ على الناس، فلا بدَّ من الدعوة والتبليغ، وتسخير الكثير من الكوادر والقيادات والوسائل والأموال لأجل ذلك، والله في عون عباده المؤمنين المتوكلين المخلصين. منطق الانحراف فالقرآنُ يركز على حال من يعبدُ غير الله، أو يشرك به في عبادتهِ من الطواغيت، والطاغوت كما يقول العلماء هو الشيطان، أو الأصنام، أو كلُّ ما يُعبدُ من دون الله، يعني من حجر وشجر وكوكب وإنس وجان، فهذا يقال له يوم القيامة: ليأتِ من كنت تشركه مع الله فليخلِّصك. وأذكِّرُ هنا أن هناك من لا يلتفت إلى كتب الله المنزلة، ولا إلى شيءٍ مما أوحاه الله إلى رسله وأقوالهم، بل يتَّبعون أقوال أشخاص وأفكارهم ولا يلتفتونَ إلى غيرِها، فهؤلاء جعلوهم مثل الآلهة، واتخذوا أفكارهم ديناً لهم. وتنبيهُ القرآن إلى ذلك هو أن هؤلاء التابعين المقلِّدينَ ألغوا ملَكة التفكير المستقيم عندهم، واقتصروا على ما هو معوجٌّ وباطل، والمطلوب هو استعمال العقل وتركُ التبعيةِ والتقليد، والتفكيرُ بعيدًا عن المؤثرات والعواطف والمصالح الدنيوية. وليُتأكد أن الذي أوجدَ الإنسانَ لم يتركه للأفكار الضالة والأهواء الزائغة، بل أنزل ما يأخذ بيده إلى الطريق الصحيح والأمان من العذاب، وما عليه إلا أن يواكب الفطرة السليمة، ويبتعد عن الظلم والهوى، ومن وجد الله فيه الاستعداد لقبول الحق والمنهجِ الربَّاني، هداه إلى ذلك، ومن ابتعد عنه وأغلق دونه عقله، وكلما ذُكِّر بذلك أصدر تعميمات جاهزة من عنده، من أنه خرافة ورجعية وكلام قديم وأساطير وما إلى ذلك، فإنه يضله ويهديه إلى عذاب السعير، فهذا ما يستحقُّه. أسباب الشرك يأتي ذكرُ أقوام في القرآن الكريم أهلكهم الله تعالى لتكذيبهم رسلهُ وإصرارهم على الكفر، مع أنهم كانوا أصحابَ تمدنٍ وحضارة، وتشهدُ آثارهم على ذلك، مثل قوم عاد وهود وصالح. هؤلاء الأقوام كانوا يعبدون الأصنام، يعني أحجاراً لا تفقه ولا تعي ولا تتكلم، وإذا سمعوا نداء الحق والفطرةِ والعقل من النبيِّ المبعوث فيهم رفضوه واستهزؤوا به، ويفهم من هذا وغيره من الأحداثِ والوقائع، أن لا علاقة طردية بين الأحوال المادية والتفننِ في الحياة، ونهجِ الحق والإيمان، لأن الإبداعَ في العملِ والإنتاجِ موهبةٌ وقوةٌ عقلية وجسدية تُعطى للكافر كما تعطى للمؤمن، ونرى في واقعنا المعاصرِ عباقرةً ومفكرين وأساتذة جامعات أطباء ومهندسين ومن إليهم، يبدعون في أعمالهم ويتفوَّقون على المسلمين، ولكنهم في جانب الإيمان والعقيدة ضالون وكافرون، وقد يعبدون أحجاراً أو أبقاراً، أو هم ملحدون لا يؤمنون بالله أصلاً، مع أنه أسهلُ ما يتوصلُ إليه بالتفكير! ولذلك أسباب عديدة، منها: عدم سؤالهم وعدم اهتمامهم بأمر الدين، إذ لا يعرفون هدف الدين، والغاية من وجودهم في هذه الحياة، لأنهم في مجتمع علماني، أو متدينٍ فاسد ومنحرف، فلا يجدون ما يشدُّهم إلى الدين وإلى العقيدة، فإذا وصلهم شيء من صفاتِ الدين ونماذج تطبيقية له قد يكون ضلالاً وانحرافًا ، ويظن هذا اللامبالي أن كلَّ الأديان هي كذلك! لكن بينهم عقلاء لا يرفضون الحق، بل نفوسهم متعطِّشةٌ للحقِّ وجاهزة للإيمان، إنما يحتاجون إلى شرارة دعوة تُشعل في نفوسهم نداء الفطرة فيسلمون. كما ترى بينهم متكبرين معاندين لا يؤمنون، ويرفضون الحججَ والبراهينَ مهما كانت واضحةً وقويَّة! فهؤلاء لا خير فيهم. وعموماً يبدو أن سبب رفض دعوة الحق يعود إلى: الجهل، التقليد، العناد، الاستكبار. ومهمة المسلم هي الدعوة والتبليغ، فمن كان فيه خيرٌ التقط الكلمة الطيبة وأنبتت في قلبه الخير والنور والهداية، ومن كان في قلبه جَدْبٌ أو مرض، أعرضَ وتولَّى، وإعراضه هذا خيرٌ للمسلمين، لأن هناك نفوساً تكون عالةً على المجتمع الإسلامي، وتنافق وتخاصم فتوقع فيه الانشقاق والانفصام، وكثير من هؤلاء يضلهم الله ولا يهديهم، لأنه لا استعداد عندهم للإيمان أصلاً، إنما يهدي الله من استعدَّ له وفتح قلبه للحق... الكافر.. كافر ووردَ في آياتٍ عدَّة أن الله لو أعاد الكافرين إلى الحياة بعد الموت، لعادوا إلى ما ُنهوا عنه. وقد يعجبُ المرءُ من ذلك، ويقول: كيف وقد رأوا العذاب والنار وهي تحرقهم، ثم إنهم لو أُعيدوا إلى الدنيا لفعلوا الأمرَ نفسه من الكفرِ والشركِ والتكذيب؟ كيف يعرِّضون أنفسهم للعذاب المؤكد؟ إن المؤمن هو الذي يعجب من أمرهم هذا، لأنَّ قلبه منوَّرٌ ومعمَّرٌ بالإيمان بالله وباليوم الآخر وما فيه من حساب وعقاب، أمّا الكافر فقلبه مظلم عليه رانٌ كثيف. ولكن لأضرب مثلاً للقارئ حتى يستوعب الأمر. لو أن أحد الوالدَينِ اقترب من خطر الموت، وتأكد لأولادهِ قول الأطباء أنه لا أمل في شفائه، ثم وصل إليهم خبر وفاته خطأ، فهنا تبدأ الأحزان والحسرات التي تصيبُ قلوبَ الأولاد، ويمرُّ بذاكرتهم شريطٌ من حياة الوالد أو الوالدة، ويتذكرون مواقف لا تليق بهم معه، وتمنَّوا لو أنهم كانوا أبراراً معه، مطيعين له، غير عاقين ولا مخالفين، وخاصة أنه قد أمضى حياته كله في تعبٍ وشقاء لأجلهم، وماتَ ولم يسترح، وتمنَّوا لو كُتبت له الحياة مرةً أخرى ليقدموا له طاعةً كاملة، وحبًّا لا يُقدَّر، وحناناً لا يوصف! ثمَّ فوجئوا بالخبرِ الصحيح، وقد كتب الله له الشفاء، فعاد إلى الحياة، وعادت البهجة إلى الأسرة... فهل تظن أن هذه الحالة من الصفاءِ وحبِّ الطَّاعةِ ستستمرُّ بين الأولاد، أم أنهم سيرجعون إلى طبيعتهم السابقة كما كانوا من قبل، وينسون ما حصل لهم وما وعدوا به أنفسهم؟ إن الذي يبدو من طبيعة الإنسان هو عودته إلى ما كان عليه، لأنه ينسى، ولا يعتبر، إلا من رحمَ ربي! القلب ويردُ ذكرُ القلبِ كثيرًا في القرآنِ الكريم، وقد سُمِّي قلباً لتقلُّبه، لأنه يتأثر سلباً وإيجاباً، قليلاً كان هذا التأثير أو كثيراً، وإذا لم يكن هناك إيمانٌ يلجأ إليه المرء، ونورٌ يهتدي به، فإنه لا يثبتُ على جذوره وأسسه، أو كان ضعيفًا في إيمانه، فإنه يُخشَى عليه، ولذلك تأتي سورةُ الفاتحة في مقدمة السور التي تبيِّن وتذكرُ وتدعو إلى الإيمان والثبات، مع التركيز والتكرار: {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}، {اهدِنَا الصِّرَاطَ المُستَقِيمَ}، {صِرَاطَ الَّذِينَ أَنعَمتَ عَلَيهِمْ ...} وهو ما يكرره المسلم –أيضاً- في صلاته المتكررة.
__________________
|
#2
|
||||
|
||||
![]() البيان فيما يركز عليه القرآن (2/3) أ. محمد خير رمضان يوسف الإيمان والصلاح ويرد ذكر (الذين آمنوا وعملوا الصالحات) كثيراً في كتابِ ربِّنا سبحانه وتعالى، والحقيقة أن هذا ميزان يجب أن يحمله المسلم أينما كان، وفي كلِّ وقت، لأنهُ معيار قبول الأعمال، فلا بد لقبول العمل أولاً أن يكون المرء مؤمناً، والثاني أن يعمل ما هو صالح، يعني أن يكون موافقاً للشريعة، فلا يكون العمل صالحاً إلا إذا كان موافقاً للشريعة، وخالصًا لوجهِ اللهِ الكريم. {فَمَن كَانَ يَرْجُو لِقَاء رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً} [الكهف :110]. الهداية والضلال يردُ في القرآن كثيراً أن الله يهدي من يشاء ويضلُّ من يشاء. ولا شك في ذلك، فإن القلوب بيد الله تعالى، ومن لم يرد الله له الهداية لم يهتد. وقضاؤه وإرادته في ذلك حق وعدل، وكلَّ شيء عنده لأسباب وحِكم، فمن وجد في نفسه إقبالاً على الحق، وانفتاحاً عليه، سهل له طريق الهداية، ومن وجد فيه انغلاقاً وعناداً ولجاجة ورفضًا،أ ضلهُ وأبعده عن الحق، وهذا الذي يريده صاحبه لنفسه كذلك! النظر والتفكر وفي القرآن آيات كثيرة جداً تثير الفكر وتجذبُ النفوس وتوقظ القلوب للإيمان بكمال قدرة الله وعظمته فيما خلق وسوَّى، وأمرَ وحكم، ودبَّر وصرَّف، وخاصة السماء والأرض. السماوات والأرض يرِدُ ذكر "السماوات" و"الأرض" كثيراً في كتاب الله العزيز، للفتِ نظر ابن آدم إلى قدرة الله وعظمته وإبداعه الذي يدل على وجوده أولاً. السماوات بطبقاته السبعة، هذا الخلق الهائل الذي لا يمكن للإنسان أن يتصوَّر ضخامته واتساعه، وقد ذكر الله سبحانه وتعالى أنه أعظم من خلق الإنسان نفسه.{لَخَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ} [غافر : 57]والسماوات كلمة واحدة، ولكنها عظيمة، وإذا دعا الله تعالى إلى التفكر فيها دون تفصيل، فإن على الإنسانِ أن يبحث ويعرف علمياً وعملياً أسرارها، بما فيها من نجوم وأقمار وشهب، وحركتها ومسارها، وأعدادها ومكوناتها، وفوائدها ومنافعها، بما يقدر عليه ويصل إليه علمه. وهذا كله في السماء الأولى التي تلي الأرض، ولا مطمع له بما وراءها، إلا ما عرفناه من الكتاب والسنة، وما فيها من ملائكة كثيرة جداً حتى أثقلتها وصارت تَئطُّ أطاً. يقولُ اللهُ تعالى : {قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ} [يونس : 101]. وليسَ المجالُ مجالَ إبراز ما وصل إليه العلم ولو مختصراً، من معلومات عن السماء عامة، وعن الشمس والقمر، الذي لا غنى للإنسان عنهما، وكواكبَ أخرَى ونجومٍ ملتهبة، والغلافِ الجوي الذي يحيط بالأرض. ولْيفكر القارئ العادي بالإرساليات الفضائية والموجات وما إليها، التي يُستفاد منها لنقل الكلام مما يحدثُ مباشرة، فيراه كما يُبصرهُ القريبُ منه. وهذه الهواتف المحمولة من قبل مئات الملاين من البشر كيف يمكنها نقل هذا الكلام، فماذا يوجد في هذا الجوِّ الذي نستنشقُ هواءه ، وما هي هذه الموجات العجيبة التي لا تُرى، لكنها تشكل بهذه المكالمات وحدها شبكة من الاتصال لا طاقة للبشر بتصورها.. هذا شيء واحد مما هو قريب جداً من الإنسان، فكيف بغيره مما هو كثير، وما هو بعيد، وما لا يُرَى، وما لا يُعرف... والأرض... التي وردت تفاصيل قرآنية عنها أكثر من السماء، لأنها ألصق بحياة الإنسان ومنافعه.. وهو يرى أكثرها بعينه، وقد يدرسها علميًا ويعرف أسرارها ولكنهُ لا يفكر بالغاية المطلوبة من هذه الدراسة، التي تدلُّ على وجود الخالق سبحانه، وعلى عظمته وقدرته. إن هذه الأرض الواسعة التي تحمل على سطحها الإنسان، والأحياء الكثيرة الأخرى، من مواشي، وحيوانات برية وحشية وغير وحشية، وطيور تعلو وتهبط، مع أشكال وأنواع وألوان، وسلوكيات ووظائف مختلفة، وفي البحار الأسماك والحيوانات البحرية المتنوعة، التي صار كثيرٌ منها أمام نظر الإنسان، كيف تتعامل مع بيئتها، بل كيف تتنفس، وماذا وكم تأكل الحيتانُ الضخمة، ما عدا الأسرار الأخرى للبحر، الذي سخره الله للسفن تجري فيها كما تجري السيارات على الأرض، وكما تطير الطائرات في الجو... ومكونات البحر النادرة والمتميزة، من لؤلؤ ومرجان وأعشاب ونباتات تحير العلماء أحياناً في تصنيفها.. والأشجار بأنواعها، وثمراتها، ومطعوماتها، وفوائد غاباتها، وما يصنع منها من مكاتب وبيوت وورق وما لا يمكن إحصاؤه... وما تحت الأرض... من مياه سطحية وجوفية.. ونفط ومعادن، وهي جميعها مسخَّرةٌ لشؤونِ الإنسان لتكملة جوانب حضارته ومدنيته. وأشياء أخرى كثيرة يعرفها العاديون والمتخصصون، كلها تقعُ في محيطِ الأرضِ والسماء.. دعا الله تعالى إلى التفكر فيها والاعتبارِ منها.. فإن فيها عبرًا لمن اعتبر، وعظة لمن تذكر، وأسباباً للإيمانِ لا تُنكَر. الله يهدي من أراد ببحثه غاية خيِّرهً وصافية، ومن كانت نفسه خالية عن هذه الغاية فلا خير فيه لنفسه ولكن يستفيدُ منه الآخرون في بحوثهم وتوجيهاتهم، فعلماء الغرب يكتشفون الكثير من هذه الأسرار ولكن كثيرًا منهم لا يؤمنون، وأهل الإيمان يستفيدون منها ويذكِّرونَ بها ...{قُلِ انظُرُواْ مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لاَّ يُؤْمِنُونَ} [يونس :101]. الغفلة والغرور وفي القرآن الكريم تنبيهٌ متكرِّر على أمرين في الإنسان، وكأنهما ضوءٌ أحمرُ أو ناقوسٌ يدق له وينبهه للخطر، وهما: الغفلة، والغرور. فمعظمُ البعيدين عن الإسلام، إما غافلون عن هذا الدين العظيم، جاهلون بعقيدته وأحكامه، أو مغرورون يظنون أن ما هم عليه حق، وأنهم لا يحتاجون إلى هذا الدين! الولاية.. وخطرها ورد ذكر "الولاية" كثيراً في القرآن، وعند كثير من اللغويين أنها بفتح الواو وكسرها، وفرَّق البعض بين معنييها. والقصدُ هنا ما ذكرهُ الله من أنه وليُّ المؤمنين، وأن الشيطان وليُّ الكافرين. والولاية تعني النصر والتأييد والإعانة، فمن آمن بالله وتوكَّل عليه أيَّده ووفقه لهدايته وأعانه على التخلص من مكايد الشياطين وأنصارهم، ومن كان كافراً فوليُّه الشيطان، يعِدُهُ ويمنِّيه وما يعِدهُ إلا غروراً، يزيِّن له الذنوب والمعاصي، ويحسِّن له الشهواتِ واللذائذ المحرَّمة، وطولَ الأمل، وحبَّ الدنيا، وينسيه الإيمان، فإذا كان عنده شيء من ذلك خلط معه الباطل، وجمَّل في نفسه عقيدته المنحرفة، وأنها هي الصحيحة وما عداها خطأ، وسوَّل له المجادلة بالباطل... وما إلى ذلك. وفي الآخرة لن يكون هناك وليٌّ لهم يخلِّصهم من عذابِ الله، بل سيكونونَ هم وأولياؤهم من الشياطين في النار معًا، والله وليُّ المؤمنين في الدنيا وفي الآخرة، فيجزيهم خيراً، ويثيبهم أحسن ثواب، ويكرمهم ويزيد في الثواب، ويدخلهم جنته، دار ضيافته، ويحلُّ عليهم رضوانه. العهد العهد وردَ في آيات كثيرة أن الله تعالى يعاقبُ من عاهده على الإيمان والطاعة ثم لم يفِ بوعدهِ وعهده، فإن الله سيعاقبه على ذلك أقسى العقوبات، ويحولُ بينه وبين الإيمان ليبقى كافراً حتى الموت، ويعذبه عذاباً أليماً في الآخرة. فالعهد صعب ومسؤول عنه الإنسان:{وَالَّذِينَ يَنقُضُونَ عَهْدَ اللّهِ مِن بَعْدِ مِيثَاقِهِ وَيَقْطَعُونَ مَا أَمَرَ اللّهُ بِهِ أَن يُوصَلَ وَيُفْسِدُونَ فِي الأَرْضِ أُوْلَئِكَ لَهُمُ اللَّعْنَةُ وَلَهُمْ سُوءُ الدَّارِ} [الرعد : 25]. قصص تكرَّرت لعلَّ أكثر القصص والأخبار وروداً في القرآنِ الكريمِ هي: أولاً: قصةُ الرسول محمدٍ صلى الله عليه وسلم مع المشركين، والردُّ عليهم بأنواع الحجج والبراهين، ليتفكروا ويتنبهوا إلى ما هم عليه من الخطأ. والقضية الأولى في هذه القصصِ والمحاوراتِ هي الشرك، والردّ عليهم ببيانِ التوحيد. ثم إنكارهم البعث، وعدم تصديقهم بالمحاسبة على الأعمال، والردُّ عليهم بأنَّ في خلقِ الله تعالَى الناس ولم يكونوا شيئاً مذكوراً، دليلاً على قدرتهِ على إعادتهم وهم "شيء"، بل هو أسهلُ في عرف الناس، والأمرُ سواءٌ عندَ الله، فإنماِ {أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئاً أَنْ يَقُولَ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ} [يس : 82]. وكذا في إحياء الأرض بعد موتها بالمطرِ الذي ينزله، دليلٌ على قدرته سبحانه على إحياءِ الموتى. وكذلك كان شأن إبراهيم عليه السلام مع قومه المشركين. الثاني: قصة آدم عليه السلام، وعدمُ طاعةِ إبليسَ لربه بالسجود له سجودَ تكريم، وبيانُ عداوة الشيطانِ لابن آدم، والعملِ بكل جهده لتضليله. فالقضية هي الإضلال وأساليبه، والردُّ عليه بالطاعة المطلقةِ لله تعالى، والحذر من الاغترار بالشياطينِ وموالاةِ أنصارهم. الثالث: قصة موسى مع فرعون، وتتلخَّص في استكبارِ فرعونَ وملَئهِ عن قبولِ الحق وفسادهم في الأرض، وادعائه الألوهية، والردُّ هو تصديقُ الأنبياء واتِّباعُ الحقِّ مهما كان منصب الحاكم وقوته، وأنه لا يوجد بين البشر آلهة ولا بين غيرهم، فالألوهية لله وحده، والحق أحقُّ أن يتبع، والباطل مردود، والفساد والاستكبار لا يأتي إلا بالشرّ والخسارة. وتكرار قصص بني إسرائيل مع نبيهم موسى عليه السلام للتحذيرِ والتنبيه بالتوقف عن العصيان الذي يؤدي إلى العقوبة والهلاك، ثم النار في الآخرة. الرابع: قصة عيسى عليه السلام، وتتلخَّص في قدرة الله تعالى على الإيجادِ والإبداع، فقد خلقه من غير أب، وهذا لا غبار عليه بالنسبة لقدرة الله تعالى، فهو الإله القادر المبدع، الذي خلق الأرض والسماء وما فيهما من غير مثال سابق، وخلق آدم من غير أب ولا أم... فهوا قادرٌ على هذا وغيره. والأمرُ الثاني في القصة هو الاختبار والابتلاء، فالله سبحانه وتعالى قادرٌ على أن يُرسلَ إلى نبيٍّ ذي أب وأم، لكنه الابتلاء، ليتفكر الناس ولا يعتقدوا عقائد باطلة واضحةً جداً في بطلانها، كما هي عقيدة النصارى، وخاصة إذا أرسل رسولاً من بعد وبيَّن في الكتاب المنزل عليه حقيقة الأمر، والبراهين والأدلة الواضحة والكافية على بطلان عقيدتهم. الخامس: قوم لوط، وهو ما كانوا عليه من عمل الفاحشة (اللواط) الذي هو شذوذ جنسي، وعمل منكر قبيح فاحش، لم يسبقهم إلى هذا أمَّة سابقة. والدعوةُ فيهم هي العودةُ إلى الفطرة والاتجاه الصحيح، بأن يأتوا زوجاتهم التي خلقه الله لهم، ولا يكونوا شاذين معاكسين للفطرة، ويقاس على هذا أمورٌ مثلها مما يخالف الفطرة، مع ما تبيَّن في هذا العمل من أمراض نفسية واجتماعية وصحية.. السادس: عادٌ قومُ هود، الذين اغترّوا بقوتهم، وكانوا أصحاب مدنية وغنى ورفاهية، وأصروا على تقليد آبائهم وأجدادهم الضالين، وكانوا أشدّاء غلاظاً، وكانت دعوةُ نبيهم لهم بأن يتَّبعوا الحق ويدَعوا الباطل، وأن لا عبرة بالقوة ما لم يسدِّدها الوحي والفطرة التي فطر الله الناسَ عليها، والله أقوى وأعزُّ وأجلّ. ومثلهم ثمودُ قوم صالح، فكانوا أهل جناتٍ وعيون، وعمارة وفن، فاستكبروا وعاندوا رسول الله وكذبوا وتمردوا، فأهلكهم الله.. القادر يذكر الله تعالى في آيات عديدة أنه قادر على ما يشاء، لا يعجزه شيء مما يريده، وهو يعلم سبحانه أنه كذلك، ولكنه تذكير للعباد بأنه قادر على إبادتهم وتبديلهم بآخرين وعلى التصرُّف بهم كما يشاء، فليلتزموا بما أُمروا به، ولهم عبرة بمن حكى الله أمرهم في القرآن من العصيان، وكيف أنهم عذِّبوا وأبيدوا، وما ينتظرهم أكبر وأكثر. غفورٌ رحيم ويرد في أواخر الآيات خاصة أن الله غفورٌ رحيم. يعني أن الله يكفِّر خطايا عباده المؤمنين التائبن ويُزيلها عنهم، وهو سبحانه يزيدهم من فضله ويستبدل بخطاياهم حسناتٍ إذا أتبعوا توبتهم بأعمالٍ صالحة مباركة. ومغفرة الذنوب لا يقدر عليها إلا الله، ولا يغفر إلا للمؤمنين، فالإيمان أساس، والتوبة كذلك، وهو الإقلاعُ عن الذنب، والندم على الفعلِ السيء، والعزم على عدم العودة إليه. ومن لا يغفر له لا يدخل الجنة، بل يبقى شقياً مبعداً من رحمة الله. والله هو الرحيم الذي يرأف بعباده فلا يعاجلهم بالعقوبة إذا أخطؤوا، بل يُمهلهم ليتفكروا ويرجعوا ويندموا على ما بدرَ منهم ليرحمهم، وهو إن غفر لهم فقد رحمهم، وإن أدخلهم الجنة فبرحمته، ورحمته في الآخرة خاصة بالمؤمنين، أما الكافرون فلهم جهنم وبئس المهاد، لأنهم لم يؤمنوا بربهم ولم يطلبوا مغفرته ولا رحمته، فليطلبوا الرحمة ممن كانوا يثقون بهم في الدنيا ويعتمدون عليهم، ويتبعون أفكارهم الضالة وآراءهم الفاسدة.. عزيز حكيم يردُ في القرآن الكريم في آخر الآيات أن الله عزيز حكيم، ويعني أن الله تعالى لا يُقهَرُ ولا يُغالَب، فما قدَّره يكون حتماً، وما أراده الله من نعيم أو عذاب لا يقدرُ أن يردَّه أيُّ كائن، فقوَّة الله هي الغالية، وهو الذي قهر ما في السماوات وما في الأرض، فهو خالقها، ومالكها، والمتصرِِّف فيها كما يشاء، فلا يغترَّ إنسانٌ بعقله وقوته، ولا يظننَّ أنه قادر على أن يهرب من قدرِ الله وحكمه، مهما تحصَّن في القلاع والقصور، وأينما أبعد وتخفَّى. وهو الحكيم الذي يضع الأمور في مواضعها كما ينبغي، ففعله سبحانه هو الصوابُ والحق الذي ليس بعده إلا الباطل، فليرض الخلق بأمره وتدبيره، وليطيعوه فيما أمر، فإن فوزهم وفلاحهم في طاعته، في الحياة الدنيا وفي الآخرة. غني حميد يردُ في آيات عديدة من القرآن الكريم أن الله غنيٌّ حميد، ويعني أن الله غيرُ محتاج للبشر وهو يطلبُ منهم عبادته، فإن فائدة ذلك تعودُ عليهم في الدنيا، حيثُ يستقيم سلوكهم فلا يظلمون الناس، ويثبتهم على هديه فتستقيمُ حياتهم وحياة من حولهم –إن هم أطاعوه- فيعيشون في أمن وسلام وسعادة. وفائدتهُ لهم في الآخرة أن الله يدخلهم جناتٍ خالدات، مقابل الإيمان والأعمال الصالحات. ثم إنه حميدٌ وإن لم يحمدهُ الناس، وإنَّ شكرهم له وثناءهم عليه لن يزيد من ملكه شيئاً، فالناس جميعاً وما يملكون ملكه، بل السماوات والأرض وما فيهما، فهو المحمود في ذاته، لأنه يرزق العباد ويهدي الطيبينَ منهم، والملائكة تسبِّحهُ وجميع ما في الخلق، وإن لم نفقه تسبيحهم. ويردُ في القرآنِ الكريمِ أن الله لا يفيده عمل ابن آدم إذا عمل حسناً، ولا يضرُّه إذا عمل سيئاً، وما يشرعه سبحانه فلمصلحة ابن آدم، فإن أطاع فلنفسه، وإن عصى فعليها. قل أيها النبي ورد كثيراً في القرآن الكريمِ كلمةُ "قلْ"، خطابًا من اللهِ تعالَى لنبيِّهِ محمدٍ صلى الله عليه وسلم ليبلِّغَ الناس... وفيه تأكيدٌ وبيانٌ لنبوَّته وأنه الرسولُ المبلِّغُ من قبل ربه. وفيه أيضاً بيانُ فضلهِ وتخليدُ ذكره، في أعظم كتاب سماوي يتلى إلى آخر يوم في الدنيا.
__________________
|
#3
|
||||
|
||||
![]() البيان فيما يركز عليه القرآن (3/3) أ. محمد خير رمضان يوسف التقوى ويردُ الأمرُ بالتقوى في القرآن مرّات، ويعني اجتنابَ ما نهى الله، والتحذيرَ من عقوبته، وخشيتَهُ وطاعتَه، ويعني: اجعلْ بينكَ وبينَ عذابِ الله وقايةً وحجابًا، من الإيمانِ والعملِ الصَّالح، فإنه يعاقبُ كما يعفو، ويعذِّبُ كما يرحم. الشكر.. والاستغفار أمران مهمّان جداً يردان في القرآن ويُركَّز عليهما: الشكر، والاستغفار. فبهما يزيد الله من نعمته على الناس، ويُبقيها عليهم، و يغفر لهم. الجنة والنار يعرفُ قارئ القرآن أنه يردُ كثيراً ذكرُ الجنة والنار، بتعبيرات وأساليب شتى، كلها تجبِّب الجنة وتثني على أهلها، وتحذِّرُ من النار وتصف أصحابها بالهلاك والبوار. وفي القرآن ترغيب في الجنة، وبيان أنه لن يدخلها مشرك، أما المؤمن العاصي فيعذب فيها إلا إذا عفا الله عنه، ولن يبقى فيها إلى الأبد، وفي السنَّة كثير من هذا التذكير، حتى تكادُ حياة المرء تمتلئ به، الذي يكرَّرُ في الكتب، وفي المجالس العلمية والدينية، وفي المساجد، وفي الدراسة، وفي محيطِ الأسرة، والأصدقاء.... ومع كلَِّ هذا ترى أكثر الناسِ غافلين، لا يبالون!! والحقُّ أن المستقبل الحقيقي للإنسانِ هو الآخرة، ففيها الحياة، الدائمة، فإما إلى جنة وسعادة، وإما إلى جهنَّم حيث الشقاء. وكم هو عمر الإنسان القصيرُ في الدنيا بالنسبة إلى حياةٍ خالدةٍ في الآخرة؟ فمهما تكرَّر هذا الوعظُ والتذكيرُ فإنه حق، بالنظرِ لما يكون... حيث مرجع الإنسان الأخير، وسيندم حتى المسلم إن أقلَّ العمل الصالح، فإنَّ فوقه درجات من الجنة لإخوانٍ له لا يقدرُ على الارتقاء إليها، فقد وقف به عمله إلى الدرجةِ التي هو فيها. أما الكافر، فيتمنى في خلوده الطويلِ في النارِ شربة ماء طبيعي فلا يُغاث إلا بصديد أهل النار! وإن في كلام الله لعظةً وعبرةً لمن أراد أن يتفهَّم ويتدبَّر، أما من لم يردْ ذلك، ولم يأبه بكلامه سبحانه، فالخسارةُ تعودُ عليه، والله لا يزيد في ملكه ولا ينقص منه شيءٌ إن أحسن الإنسان أو أساء، وإنما هي أعمال الإنسان، يحصيها الله له، ويجازيه عليها، إن خيراً أو شراً. جناتٌ ...كيف تجري من تحتها الأنهار؟ ويردُ كثيراً وصف الجنات في الآخرة بأنها تجري من تحتها الأنهار، ويوردها كثيرٌ من المفسِّرينَ هكذا دون زيادة، وقد ذكرَ ابنُ كثير في أكثرَ من موضعٍ أنها تعني "خلالها"، أي بين قصورها وبساتينها. وقال في تفسير الآية (24) من سورة الحج: أي تتخرَّقُ في أكنافها وأرجائها وجوانبها، وتحتَ أشجارها وقصورها، يَصرِفونها حيث شاؤوا وأين شاؤوا. اهـ. وهو يفسِّر الأنهار لا بما يجري فيها من ماء سلسبيلٍ فقط، بل بأنواع العصاير والمشارب، من لبن وعسل وخمر وماء غير آسن، وغير ذلك مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر. ويذكرُ الزمخشري في جريان الأنهار من تحت الجنات بأنه: كما تُرَى الأشجار النابتة على شواطئ الأنهار الجارية. قال: وأنزه البساتين وأكرمها منظراً ما كانت أشجاره مظلَّلة، والأنهارُ في خلالها مطَّردة.. وأن الجنان لا تروق للنواظر ولا تبهج الأنفس ولا تجلب الأريحية والنشاط حتى يجري فيها الأنهار، وإلا كانت أشجارها كتماثيل لا أرواح فيها، وصورٍ لا حياة فيها. أقول: ولو رأى القارئ متنزهاً أرضه رمل ناعم وحصى صغير، يسيل الماء عليها سيلاناً، ويمشي بين الأشجار الخضراء رقراقًا، فلو تنزه فيه لأبهج نفسه، ولما فترت شفتاه من الابتسام، ولما نسي هذا المنظر، فإنه لا يكاد يماثله جمال طبيعي. نسأل الله جنته. وقال الآلوسي في الآية (9) من سورة يونس: أي [تجري] من تحت منازلهم، أو من بين أيديهم. وقال في تفسير الآية (14) من سورة الحج، والآية (11) من سورة البروج، دمجًا بين تفسيريهما: إن أريدَ بالجنات الأشجارُ المتكاثفة الساترةُ لما تحتها، فجريانُ الأنهارِ من تحتها ظاهر، وإن أُريدَ بها الأرضُ المشتملةُ على الأشجار، فاعتبارُ التحتيَّةِ بالنظرِ إلى جزئها الظاهر، فإنَّ أشجارَها ساترةٌ لساحتها، واسمُ الجنةِ يُطلقُ على الكلّ. وقال البغوي: أي بين أيديهم، كقوله عز وجل: {قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ سَرِيّاً} [مريم : 24] أي بين يديها. وقيل تجري من تحتهم، أي بأمرهم. قلت: يعني بالأخير كما في قولهِ تعالى:{وَنَادَى فِرْعَوْنُ فِي قَوْمِهِ قَالَ يَا قَوْمِ أَلَيْسَ لِي مُلْكُ مِصْرَ وَهَذِهِ الْأَنْهَارُ تَجْرِي مِن تَحْتِي أَفَلَا تُبْصِرُونَ} [الزخرف : 51] ويعني: تحت تصرُّفي. ويمكنُ تقريبُ نموذجِ قصرٍ تجري من تحته الأنهار كما وردَ في قصة سليمان عليه السلام مع بلقيس، فقوله تعالى: {قِيلَ لَهَا ادْخُلِي الصَّرْحَ فَلَمَّا رَأَتْهُ حَسِبَتْهُ لُجَّةً وَكَشَفَتْ عَن سَاقَيْهَا قَالَ إِنَّهُ صَرْحٌ مُّمَرَّدٌ مِّن قَوَارِيرَ} [النمل: 44] أي أن القصر كان من زجاج يجري من تحته الماء. فلما رأته بلقيس كذلك ظنته ماء كثيرًا، فكشفت عن ساقيها لئلا يبتل ثوبها بالماء، فقال لها سليمان عليه السلام وقد لمح استغرابها ودهشتها: إنه قصر مملَّس مستوٍ من زجاج وليس ماء. قلت: وإذا كان الاستشهاد بالآية التي في سورة مريم لا يستبعد التأويل حسبما ذُكر، فإن وصف النعيم في الجنة لا يُقاس به في الدنيا، فقد صحَّ وصفُها في الحديث الشريف أن بها ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ولذلك لا يُستبعد أن تكون الأنهار تجري من تحت القصور في الجنة كما هو ظاهرُ اللفظ، بل ولا يُستبعد هذا حتى في الدنيا، كنهر وسط، يتربع عليه قصر ضخم وأعمدته تنزل في قعر النهر وعلى شاطئه، تماماً كما تنشأ الجسور، وبينها ما هو معلَّق لا يحتاج إلى أعمدة في النهر... بل قد أنشئت قصورٌ حتى في قاعِ البحار! الحساب.. والحرية يردُ في القرآن كثيراً أنَّ الله يحاسبُ الناس يوم القيامة، لكفرِ من كفرَ وتكذيبهم الرسل، وأن لهم عذاباً أليماً في جهنم. ولا يقولن قائل: أين الحرية للإنسان هنا، ولماذا يعذَّبُ على أمرٍ اختاره؟ وملخَّصُ الجواب أن الله لم يخلق الإنسان عبثاُ، بل خلقه لعبادته، وهذه مشيئتة سُبحانه، وقد أرسل الرسل وأنزل الكتب يخبر عباده بذلك، وأن من آمن وعمل صالحاً فسيكون مصيره الجنة خالداً فيها، ومن أبى واستكبر عن قبول الحق فسيكون مصيره النارُ خالداً فيها، وقد أودع الله في الإنسان العقل، ووضع في ذاته ما يفرِّق به بين الحقِّ والباطل، كما أيّد رسله بالمعجزات، وأبقى بين الناس كتاباً معجزاً يشهد بالصحة واليقين على الدين القويم، فمن لم يستعمل عقله كما ينبغي، بأن لم يسأل، ولم يبالِ، ولم يتعقل، وجادل وخاصم دون حق، فإنه سيذوق جزاء عمله هذا. إذاً فالإنسان مسؤول مسؤولية كاملة عما يفعل، وكل جوارحه مسؤولة، قلبه، ويده، ورجله، وسمعه، وبصره... وإن أقرب مثال يضرب للإنسان في ذلك: مؤسسة، ذات إدارة ومهام دقيقة جداً، بحيث لو لم يقم بمهمته واحد من موظفها لترتب على ذلك مضرةٌ تلحق بالمؤسسة، وعليهم مسؤول كبير حازم دقيق، يراقبهم في أداء أعمالهم، وتنتهي إليه جميع ما يفعلونه، أليس له الحق في أن يحاسبهم إن قصَّروا؟ ومثل ذلك مدرسة، أو جامعة، هل الأساتذة أحرارٌ فيما يفعلونه، من إنجاح طلاب ولو كانوا كسالى مجرمين، وعدم اعتبار الدرجات العلمية للمجتهدين والأذكياءِ والموهوبين؟ ورئاسة الدولة، ووزراؤها، وخبراؤها، ومديروها، وجنودها، هل هم أحرار فيما يفعلونه مما يخالف توجيهات الحاكم الأعلى بينهم؟ أقول هذا لأذكِّر بأن الإيمان يترتب عليه الاستسلام لأوامر الله، فإذا كفرَ بها كان كافراً برسالته وأنبيائه، فلا يعتدُّ بهذا الإيمان. ولله المثل الأعلى فيما ضربته من أمثال. لا ناصر للكافرين يوم الدين يُذكر في القرآن كثيراً أن الذين يدخلون جهنم لهم عذاب أليم وما لهم من ناصرين. وهذا تذكيرٌ لهم بأن الأمر في الآخرة لا يكون كما كان في الدنيا، فقد يَدَعُ الله المرءَ ليحتال لنفسه ويهربُ مدة من الذي اعتدى عليه، أو يحتالَ على دائنه فيزوِّر، أو يقتل، أو يختبئَ وهو مطلوب... أما في الآخرة فلا مهربَ له من عذاب الله، ولا أحد من أصحابه وأولاده ينتصر له ويدفع عنه العقوبةَ المقدَّرةَ عليه، ولا ولي له يحميه أو يشفع له ويخلصه مما هو فيه. (تُرجَعون) ورد كثيراً في كتابِ ربِّنا "تُرجَعونَ" بالبناء للمجهول، كقولهِ تعالَى: {هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ} [يونس : 56] يعني أن الناس يُردُّون إلى الله يوم القيامة، فليسوا هم الذين يَرجعون، بل الله يُرجِعهم، بأن يبعثهم من قبورهم ويجمعهم في أرض المحشر للحساب والجزاء. إخفاء الحق وفي القرآنِ تركيز على أهل الكتاب الذين أخفوا أو زوَّروا صفة الرسول محمد صلى الله عليه وسلم ووقت خروجه ومكانه وصفه أمته... الخ؛ حتى يبعدوا الناس عن اتِّباع رسالة الإسلام، ظلماً وبغياً، وحسدًا وعنادًا. وعلى من عرف الحقَّ ولم يتَّبعه، من أهلِ الكتابِ وغيرِهم. وعلى ما أخفاهُ اليهود من التوراة، أو حرَّفوه أو أوَّلوه على غير مراده. والتوراة أساسُ ما عند اليهود والنصارى معاً، ولو لم يفعلوا ذلك لأسلم الكثيرُ منهم، فعلى هؤلاءِ المزوِّرينَ إثمُ أجيالٍ وأُمم! التعبير بالماضي التعبير بالماضي لتحقُّق الوقوع، وأكثر أحوال القيامة يعبَّر عنها بذلك في القرآن الكريم، لبيان تأكده، والجزم بصدقِ وعدِ الله بذلك. تذكير مستمر في معظم سور جزء عمّّ حديثٌ عن اليوم الآخر وأحواله (في 24 سورة من أصل 37 سورة)، وهي كثيراً ما تقرأ في الصلاة وغيرها، وفي ذلك حكمة؛ ليتذكر الإنسان باستمرارٍ ويعتبر. بعد الانتهاء من تفسير كتاب ربِّ العالمين، كان الأثر الأول والبارز الذي بقي ينبضُ في قلبي، ويطنُّ في أذني، ويحرِّكُ شعوري، هو أنه "نداء وإنذار"، كأن منادياً قوياً ينادي بصوت مرتفع من الأفق، أن احذروا الحساب، احذروا الجزاء، احذروا جهنم، فإن عذابها شديد، لا تستهينوا بما تقدِّمونه من أعمال، فإنَّ الحساب على الذرَّة، التي لا ترونها، فكيف بما ترون، وكيف بما يكون مثلَ الجبال؟ إلهكم واحد.. هذا كتاب الله بينكم ينطق بالحق، يدعوكم إلى الخير، والعمل الحسن، والخلق الكريم، والنظام العادل، انبذوا التقليد، اتركوا التعصب، لا تُعاندوا ولا تُخاصِموا، انظروا في كتاب الله وتفكروا فيه واعتبروا، لتؤمنوا وتهتدوا ... لا تغرَّنكم الدنيا وزينتها، وشهواتها، وزخارفها، نساؤها، وأسواقها، وأمانيُّها التي لا تنتهي، والتي لا يشبع منها الإنسان... فهل من مجيب.. وهل من معتبر؟
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |