|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بأية حالٍ عدت يا عيد؟ أحمد مظهر العظمة منذ حين والزمان يغرينا من أيام الأفراح بأسماء كالغرّ يخدعه الخِب بالدنانير الزيوف من الصفر الوهاج، فيظن نفسه من الأغنياء، وهو لا يملك ذهباً معدناً، ولا ذهباً ديناراً، إنما يملك جهلاً وهزءً ونصباً يحمله. وقديماً قال أبو الطيب: (أنا الغني وأموالي المواعيد)، وما أرانا إلا مثله وإن صدقتنا المواعيد في قريب أو بعيد. إلامَ الصبر على المطل، والركون إلى المكر، وحتام نعيد التجارب، فنقدم للدخيل المطايا الذُّلل، وتمنينا بأنصاره الأماني، فنغفر الزلات، وننسى السيئات ونحسن الظن، وحسن الظن فيهم إثم، لكأن الأمر علينا قد هان، فأصبحنا لا نبالي بالرزايا، ولا نألم بالجراح، ولا نهتم بتولي أمر الأمة، إلا اهتماماً يثب معه من يثب فوق الحق، إلى مال لها يسرقه، على رضى من الحارس الحريص على تسمية اللص جندياً، والشقي محروماً... ليبقى حارساً (أميناً)!!! إذا أردت أن تعلم أيها (الحارس) متى يكون العطاء، وكيف يكون المنع فإليك: عن عبدالله بن عمر قال: بينما الناس يأخذون أعطياتهم بين يدي عمر، رفع رأسه، فنظر إلى رجل في وجهه ضربة، فسأله، فأنبأه خبره، فعلم أن الرجل قد جرح في غزاة من الغزوات كان فيها، فقال عمر: عدوا له ألفاً، فأعطي الرجل ألف درهم، ثم قال عدوا له ألفاً، فأعطي الرجل ألفاً أخرى، ثم قال له ذلك أربع مرات، فاستحيا الرجل من كثرة ما يعطيه، فخرج، فسأل عنه، فقيل له: إنا رأينا أنه قد استحيا من كثرة ما يعطيه عمر. فقال أما والله، لو أنه مكث ما زلت أعطيه، إنه رجل ضُربَ ضربةً في سبيل الله، حَفرت وجهَهُ. فهو رضي الله عنه يرى مقياس العطاء بقدر النفع والبلاء! استعطى عقيل بن أبي طالب أخاه علياً فوق عطائه فقال ![]() لقد كان رضي الله عنه يجعل الأمانة أعلى من القرابة وأقوى من المودة. فماذا ترى؟! ويزيد الألم، أن العدو ومن نحسبه صديقاً، لدغانا مرات، ولا نـزال نحسن بهذا وذاك النيات، ظناً أن الزمان قد تغير بآخرَ فيه عصبة أمم ومحكمة عدل.... وصدق ووفاء... وكم قيل: إنسانيةٌ ومحبة ![]() وعلم وتمدينٌ.. وأشباهها الكثرُ ![]() فيا قدراً يجرى دماء ويلتظي ![]() سعيراً أذاك الحب أنت أم الهجرُ؟ ![]() ويا هذه لا تجحدي إنما الورى ![]() كما خلقوا والمكر بعد هو المكر[1] ![]() إن ما يعاهد الأجنبي سواه عليه، لا قيمة لغير ورقه وحبره، ما دامت آراء (مكيافيلي) من قبله ومن بعده، توحي إلى ذئاب السياسة ما توحي. والأمة اليقظة تتخذ من أيام نكباتها عظات، وما أكثرها في تاريخنا للسائلين. قديماً عاهد أبو عبدالله الغرناطي فرديناند – 22 المحرم 897 – على ما يكفل حقوق العرب لو عمل به الناكثون، وفطن إلى سوء عاقبته القائد العربي موسى ابن أبي الغسان فقال: - يا قوم! لا تغشوا أنفسكم، ولا تتسلوا بالمحال، ولا تظنوا أن ملوك النصارى وافون بمواعيدهم لكم، وإنكم كرام عند المقدرة، كما هم فتاكون عند القتال فو الله إن الموت الأحمر هو أهون ما نتوقع، وإنما نحن مستقبلون أمراً أيسره اكتساح الأوطان، وفضيحة العيال، وانتهاب الأموال، وقلب المساجد، وتدمير المنازل، هذا عدا السوط، والنار، والنطع، والنفي من الأرض والفني في أعماق الحبوس، إلى غير ذلك مما نحن صائرون إليه. فإذا لم يكن من الموت بد ![]() فمن العجز أن تموت جبانا ![]() وكان بعدُ ما كان من مآسي، إلى أن أخرج هنري الرابع عام عشرة بعد الألف، جميع المسلمين العرب من جزيرة الأندلس، بعد أن ذهبت مملكتهم وقتل رجالها وبيعت نساؤها إماء، ونصر أطفالها. في هذا وحده ما يغني عن عظات سواه، ولكن من آفاتنا في السياسة أنا ننسى إساءة المسيء فيزيدنا ويزيدنا غيره بلاء إلى بلاء، وأنا نفخر بالحق ولا نفخر لنسعى بالقوة معه فنقول للعدو البعيد المستمر[2]: أسطولنا الحق الصراح وجيشنا ال ![]() حجج الفصاح وحربنا التذليل ![]() وقرآننا يقول: ﴿ وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ ﴾ [الأنفال: 60]ولكن أين من يعرفون الأمة بالقوة، ويدفعونها إليها على أنواعها دفعاً؟ أين الزعامة؟ أين من نقول له كما قال شاعر النيل حافظ إبراهيم لسعد باشا زغلول: جمعوا عقاقير الدهاء وركّبوا ![]() ما ركبوه وعندك التحليل ![]() حتى نأمن الغدر والكيد، ونتقي النفاق والدجل، ونفسح لما ننشده السبيل؟ •••• وبعدُ فهذه أنّة حزين، مثلها في الصدور أنات، وعيد المسلم ليس عيداً لصيامه أو حجه فحسب، بل هو عيد لصلاحه وعزته وسيادته، وماذا لنا من ذلك إلا ذكريات؟ فأنى لنا مسرة العيد، وأنى بشره وابتسامه؟ المصدر: مجلة التمدن الإسلامي، السنة الرابعة، العدد الثامن،1357هـ - 1358هـ - 1938م [1] مصطفى صادق الرافعي. [2] يقال: هو بعيد المستمر أي: قوي في الخصومة لا يسأم المراس.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |