|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التضحية أحمد مظهر العظمة مما يذكره خطباء الجوامع في العيد الأضحى دوماً، قصة الرسولين: إبراهيم الخليل، وابنه إسماعيل، عليهما السلام، وقد أشار إليها القرآن الكريم بقوله تعالى: ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ * فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ * وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَاإِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ * وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ * وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ * سَلَامٌ عَلَى إِبْرَاهِيمَ * كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ * إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ ﴾ [الصافات: 102-111] [1]. ومنهم من يفتنّ في تفصيلها، ويهتم بتصويرها، فترقِّق الحس، وتثير النفس، وتبكي العيون، وتذكي الشجون، ولكنهم لا يوفقون في التخلص منها إلى ما تصلح أن تكون له مثلاً أعلى، ما أحوج الناس إليه ليبلغوا ما ليسوا ببالغيه، بعد أن اتبعوا الأهواء، واتخذوا ما اتخذوا أولياء، أضلوهم عن الذكر بعد إذ جاءهم. إنها لَمَثل أعلى للتضحية في سبيل الواجب، الذي يوحي إلى المؤمن به، أنه أعز عليه من نفسه وولده فلذة كبده، فيضحي به في سبيله ولو بيده وكيف لا يضحي بعده بالمطامع والأهواء، والمنافع والثراء، كلما سمع له همساً؟ إنه لبلاء مبين والله: والد يعزم على ذبح ابنه امتثالاً لأمر الله ولعل ذبح النفس أسهل من ذلك على كثير من الآباء الذين يرون أولادهم أكبادهم - ويسأله قائلاً ﴿ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾، فيجيبه مذعنا: ﴿ يَاأَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾!!. الله أكبر ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ وإنه لبيان للإيمان الكامل، وإذعان للحكم العادل، ودعوة للجود بالنفس في سبيل الله. وإنه لدرس للصغير والكبير، والولد والوالد، والجندي والقائد... يطبعون على غراره، ويقتبسون من أنواره، فيجدون في طريقهم إلى ميادين القيام بالواجب نفحات قوم، يذكرون فيذكر مجد الإسلام، ويشكرون فيشكر الإيمان والإقدام، منهم أبو بكر، وعمر، وعثمان، وعلي، وخالد، وأسامة، وأبو عبيدة، والمثنى، وقتيبة، ومسلمة، وعقبة، ومحمد (ابن القاسم الثقفي)، وطارق، وعبدالرحمن، وصلاح الدين، ونور الدين، وزملاؤهم الكثيرون في القديم رضي الله عنهم، ومن نعرف في الحديث من أبطال ثوراتنا الأبرار، الذين وقفوا بوجه المغيرين، وثاروا على الطغاة الظالمين، ودعوا الحق والحرية برسائل خطوها بدمائهم الغالية، ذاكرين قوله تعالى: ﴿ قُلْ إِنْ كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ اقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَا أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُوا حَتَّى يَأْتِيَ اللَّهُ بِأَمْرِهِ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفَاسِقِينَ ﴾ [التوبة: 24]. فأسمعونا يا خطباء المنابر! ألحان المجد مقرونة بألحان التضحية، فقد استحوذت (المادية) على كثير من النفوس، وفشل العلم الباهر، والتمدن الزاهر، والغنى الوفير، عن إحلال الطمأنينة في القلوب التي بردت حرارة إيمانها، واسعوا لإنـزال السكينة على الجماعات التي اشتدت أحزانها، وجعل الوئام محل الخصام، بين باطل لا يمنع، وثراء لا يقنع، وإنسانية ليس لها مما يحقق معناها إلا نصيب يسير. فأي صوت غير صوت الدين الرحيم، يعلو بين هذه العواصف مذكراً بالإخاء داعياً للتضحية بقوله: ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ ﴾ [الحجرات: 10] ﴿ إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ﴾ [الحجرات: 15] فتصيخ له النفوس، وتعنوا له الوجوه، وتطمئن إليه الأفئدة، ويعم به السلام؟ وأي وسيلة غير التضحية في سبيله، ترى الناس أن المجد لا يشيد بالشهوات، وأن العدو لا يرد بالترهات، وأن الحرية لا تنال مع السفه، وأن الوطن لا يعتز مع الأثرة، وأن الشرف الرفيع لا يسلم - إذا لم يجد الدهاء - حتى تراق على جوانبه الدماء؟ [1] سورة الصافات. وقد كان ذلك في (منى).
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |