الرجعيون - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         How can we prepare for the arrival of Ramadaan? (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الأسباب المعينـــــــة على قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حكم بيع جوزة الطيب واستعمالها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          تريد لبس الحجاب وأهلها يرفضون فهل تطيعهم ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          ما هي سنن الصوم ؟ . (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          هل دعا الرسول صلى الله عليه وسلم للمسلمين الذين لم يروه ؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          حكم قول بحق جاه النبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          ليلة النصف من شعبان ..... الواجب والممنوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          فضل صيام شهر رمضان.خصائص وفضائل شهر رمضان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          المقصود بالتثليث النصراني الذي أبطله القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 21-01-2020, 08:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي الرجعيون

الرجعيون (1)


أ. حسام الحفناوي








بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله صلى الله عليه وسلم.













وبعد:



فلا يخفى على متأمل ما حَلَّ بشعوب المسلمين من ويلات جراء الدعوات الرجعية المنتشرة في طول العالم الإسلامي وعرضه، حتى تفرق المسلمون أحزابا يناحر بعضها بعضا، ويبغي بعضها على بعض و﴿فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ﴾ [المؤمنون: 53].







ولا غرو أن تلك الدعوات المتخلفة قد حازت القدح المعلى من علل ذلك التفرق والتناحر وأسبابه، ولم يبق من مُتَّكأ يتكأ عليه دُعاتها بعد انكشاف سوءاتهم، وظهور سخيمة صدورهم، وبُدوها للعيان دونما سِتر يستترون خلفه، أو أوراق توت يخصفون بها على أنفسهم صيانة لها من الفضيحة.







وقد يبدو لأول وهلة لمُطالِع المقال أن كاتبه علماني التوجه، أو متشرب ببعض سموم القوم، عافانا الله تعالى والقراء من ذلك.







وباعث انقداح ذلك الظن في نفس القارئ - والله أعلم - أن المصطلحات آنفة الذكر قد دأب على تردادها اللادينيون المسمون بالعلمانيين على اختلاف مسمياتهم، وتنوع لُبُوسهم، أعاذ الله المسلمين من خبثهم وخبائثهم.







بيد أن البون شاسع جدًا بين مراد الكاتب من تلك المصطلحات ومدلولاتها عند اللادينيين؛ فالمذكورون - قطع الله من بلاد المسلمين ذكرهم - يصفون الرجوع إلى دين الله تعالى بالرجعية، لا سيما إذا اقترن بفهم أصحاب القرون الأولى من الصحابة، والتابعين، وأتباع التابعين، ومن سار على دربهم، وتشبث بأهدابهم، فهذا سقف الرجعية عندهم، والمتلبسون به هم المستقدمون، السابقون من أهلها في تقييمهم.







ولهذا ينبزون الداعين إلى العودة إلى منابع الإسلام الصافية، وأصوله النقية المتمثلة في الكتاب والسنة بفهم خير قرون الأمة بالأصوليين، وهو وسام شرف إن تعاملنا مع المصطلح بدلالته اللغوية، ولم نُعَرِّج على تاريخ استخدامه، ومَنْ أولئك الذين وُسموا به، ولا يحسن بنا أن نفعل ذلك؛ نظرًا لخطورة شأن المصطلح، وسوء عاقبة التهاون في استخدام الدخيل منه[1].







فأخبروني بربكم: متى كان الرجوع إلى الينابيع الأولى بغية استقاء الفهم الصحيح للشرع شيئا يعاب به المرء، حاشا عند السائرين على مذهب قوم لوط في ذم أهل الطهر بطهرهم؟





إذا محاسني اللاتي أُدِلُّ بها

كانت ذنوبي فقل لي: كيف أعتذر؟








وعلى الضد من مراد أولئك المغالطين يأتي مرادنا من المصطلح محل البحث؛ إذ نقصد بالرجعيين أولئك الذين يريدون أن يعودوا بالمسلمين إلى عصور الجاهلية التي سبقت بزوغ شمس هذا الدين علي يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصحابته الميامين الذين بذلوا الغالي والنفيس، وأنفقوا الطارف والتلاد، وكابدوا كل مشقة، وركبوا كل صعب، وعايشوا كل محنة؛ لينعم الناس بالحياة في ظلال النور المبين، المنزل من لدن رب العالمين، هدى وشفاء، ورحمة ونعمة.







فأي رجعية فوق تلك الرجعية؟



وأي تخلف عن ركب الحضارة والرقي الإنساني فوق ذلك التخلف؟



أبعد أن أنعم الله علينا برابطة العقيدة نتمزق كل ممزق تحت دعاوى الوطنية؟



أبعد أن مَنِّ سبحانه علينا بوشيجة الإيمان نقطع أوصالها باسم قومية عربية، أو طورانية، أو كردية، أو بربرية، أو فارسية؟



أفيذهب الله تعالى عنا رجس الوثنية الفرعونية، والفينيقية، والبابلية، وغيرها، وتَحِنُّ قلوب بني علمان ممن يتكلمون بألسنتنا إليها، فيؤزون الناشئة أزًّا على التفاخر بها، والانتساب إليها؟







لقد صنعت دعوة الشعوبيين من الأعاجم - وعلى رأسهم الفرس - التي بدأت إرهاصاتها في أواخر العصر الأموي، وبدت للعيان في العصر العباسي الأول في نسيج الأمة الإسلامية ما لم تفعله جيوش الأمم المتاخمة لأمة الإسلام، والتي كانت تتربص بها الدوائر؛ إذ كان لخلخلة النسيج الداخلي بفعل تلك الدعوة القومية البغيضة من المردود ما لم يكن لهجمات الخَزَر، والدَّيْلَم، والروم، والأرمن، وغيرهم نظيره، كما كان لاستعلاء بعض العرب على العجم الأثر البالغ في إذكاء تلك النزعة، ومزيد تفتيت وحدة الأمة الإسلامية الواحدة ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: 92].







وقد أذكى الاستعمار الغربي الذي تقاسم بلاد المسلمين تلك الدعوات الشعوبية، ونفخ في نارها، بل أجَّجها وسَعَّرها، كل ذلك بغية الإجهاز على الجسد الواحد؛ ليسهل التهامه على المفترس المتزيي بزي التمدن والرقي زورًا وبهتانا.







ومن يقرأ في كتابات المستشرقين المُنَظِّرين للمستعمر - كمؤلفي كتاب (إلى أين يتجه الإسلام؟) - يعلم حرصهم الشديد على تأهيل الأوضاع في العالم الإسلامي قبل خروج قواتهم العسكرية منه؛ لأن جيوشهم لم تكن لتتحمل دفع فاتورة الخسائر أكثر من فترة معينة، حتى وإن استعانوا بأبناء الأمم المُسْتَعْمَرة، وجعلوهم لهم أجنادا[2]، وحتى يستمتعوا بالغنيمة الباردة عقب عودتهم لبلادهم بعد أن تركوا من ينوب عنهم في القيام بما يريدون، وهذا ما وقع بقدر الله تعالى عقوبة للمسلمين، وإمهالا للكافرين، والأيام دُول.



ــــــــــــــــــــــ
[1] الأصولية مصطلح غربي مترجم عن كلمة الراديكالية Radicalism، وأصلها كلمة Radical التي تعني بالعربية: أصل، أو جذر، وقد عرفها قاموس لاروس بأنها: موقف جمود وتصلب معارض لكل نمو ولكل تطور، في حين عرفها بعض الأكاديميين الفرنسيين بأنها: موقف بعض الكاثوليكيين الذين يرفضون كل تطور عندما يعلنون انتسابهم إلى التراث، ومنهم من عرف الأصولية بكونها: فرقة بروتستانتية تؤمن بالعصمة لأفرادها الذين يدعون تلقيهم عن الله مباشرة، ويعادون العقل، والفكر العلمي، ويميلون إلى استخدام القوة والعنف في سبيل هذا المعتقد الفاسد. وقد حاول الغربيون وأذنابهم نعت دعاة الإسلام بهذا المصطلح من باب الذم، يقول المستشرق البريطاني هومي بابا (أستاذ الأدب في إحدى الجامعات البريطانية): الأصولية كلمة ذات دلالات سلبية تلصق بالعالم العربي، مع أن الظاهرة عالمية لا تقتصر على ما كان يسمى دول العالم الثالث مثل الهند ومصر، بل وجدت طريقها إلى العالم الأول حيث الأصولية الإنجيلية على أشدها في الولايات المتحدة مثلاً. فمصطلح الأصولية الغربي المساوي للراديكالية معاكس تماماً لمعنى الأصولية في اللغة العربية، لأنه بدل أن يخلع على الحركات الإسلامية معاني الشرف والالتزام والأصالة في الفكر والرأي يلبسها ثوب الجمود والانغلاق ورفض التكيف،انتهى مقتبسا من مقال لمحمد خلف الرشدان بعنوان الأصولية والراديكالية، مع اقتباس أحد التعريفات من معجم المناهي اللفظية (ص102ـ107) للعلامة بكر أبي زيد رحمه الله تعالى، وفيه بيان موقف الشرع من هذا المصطلح وأمثاله، وخطورة التهاون في شأن المصطلحات. وقد نبه الأستاذ عبد الوهاب الكيالي رحمه الله تعالى في الموسوعة السياسية (2/784) أن هذا التعبير يختلف من بلد إلى بلد، ومن عصر إلى عصر، ومن وضع إلى وضع، مستندا إلى كون دلالة المصطلح في القرن التاسع عشر تختلف عن دلالته اليوم؛ إذ كان مصطلح الراديكالية الفلسفية يطلق على نظرية فلسفية أسسها واعتنقها جون ستيوارت ميل، وجيمس بيل، وغيرهما، وكان من أشكالها الحرية في كل أشكالها، وخصوصا الحرية التجارية والفردية والإيمان بالعقل والمنفعة الأخلاقية، ثم تغير مدلول اللفظ ليعبر عن المتطرفين اليساريين بعد أن كان يطلق على الليبراليين اليمنيين.






[2] من المؤسف حقا أن كثيرا من المعارك الفاصلة في الحروب العالمية كان وقودها من أبناء المستعمرات، سواء تم تجنيدهم إجباريا أو اختياريا، بل كان بعض هؤلاء بمثابة القوة الضاربة في جيوش المستعمرين لتمتعهم بشجاعة يعجز عنها الغربيون، كما كان الحال في المعارك الفاصلة في مستعمرات الهند الشرقية.




__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 21-01-2020, 08:05 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,610
الدولة : Egypt
افتراضي رد: الرجعيون

الرجعيون (2)


أ. حسام الحفناوي




كان إحياء النعرات القومية، والعصبيات العرقية، والتغني بالمواطنة التي لا ترتبط بدين في مقدمة أولويات المستعمر، وأذنابه السائرين على دربه، حرصا منه على سياسة (فرق = تسد) الضاربة بقِدمها في التاريخ ï´؟ إِنَّ فِرْعَوْنَ عَلَا فِي الْأَرْضِ وَجَعَلَ أَهْلَهَا شِيَعًا يَسْتَضْعِفُ طَائِفَةً مِنْهُمْ ï´¾ [القصص: 4] فما أسهل استضعاف الأمم المنقسمة إلى شيع وأحزاب، كل حزب بما لديهم فرحون.

فرفْعُ شعار الذئب الأغبر فوق حاضرة العالم الإسلامي السابقة إسلامبول[1]، والتغني بالفرعونية، والتفاخر بالانتماء إليها، ورفع شعاراتها في العديد من المناسبات في بلد الأزهر[2]، والدعوة إلى فصل العرب عن البربر بين أحفاد طارق بن زياد، وعبد الله بن ياسين، ويوسف بن تاشفين في بلاد المغرب، وردهم إلى ما كانت تسميه فرنسا بالعُرف البربري[3]، والدعوة إلى العصبية الكردية بين أحفاد صلاح الدين، وابن الصلاح[4]، كل ذلك وغيره كثير لا تخطئ عين المتفحص فيه أيدي الاستعمار الصليبي ومكائده، وتُغنيه تصريحات القوم بخططهم في تفتيت وحدة الأمة عن الإغراق في التحليل والاستنباط للدلالة عليها.

ولا يكاد ينقضي عجبي من حرص أُناس على إثارة تلك النعرات بين أقوام يقطنون أرضًا تعاقب عليها من الأجناس ما لا يعلمه إلا الله، وتزاوج على أرضها كثير من الشعوب، ونزح من أهلها الأصليين من نزح تحت وطأة الحروب، أو هربا من ظروف طبيعية، أو حرصا على عيش أفضل، إلى غير ذلك من أسباب الهجرة.

ولا يكاد يستثنى من ذلك إلا شعوب بعينها تنطوي على نفسها، وتحرص على عدم التزاوج إلا فيما بينها، هذا إن سلمنا بصحة ما يدعيه كثير من الأجناس من نقاء السلالة، وعدم اختلاطها بغيرها، وإلا فلا يخفى على مُطَّلِع كثرة الأبحاث التي تُرجع أصل جنس من الأجناس إلى جنس آخر، سواء صدقت هذه البحوث أو كذبت، أصابت أم أخطأت، صدرت من بحث علمي موضوعي، أم تلوثت بعصبية قومية بغيضة[5].

ألا تقشعر أبدان الداعين بدعوى الجاهلية من سماع التوصيف الشرعي لها في قول النبي صلى الله عليه وسلم: "دعوها؛ فإنها منتنة"[6]؟

ألا يربأ من بقيت فيه بقية من مروءة بنفسه أن يكون أهون عند الله تعالى من الجِعْلان التي تعبث في القاذورات بأنوفها بعد أن تفضل الله تعالى على المسلمين بإذهاب عُبِّيَّة الجاهلية وفخرها بالآباء عنهم؟[7]

ألا يعلم الدعاة على أبواب جهنم من الرجعيين آنفي الذكر ـ جدع الله أنوفهم ـ أن الإسلام قد حارب تلك النعرات الجاهلية بكل وضوح وقوة دونما هوادة، وسد ذرائعها، فتعاضدت نصوص الشرع الحنيف على التشنيع عليها، ووصفها بهذا الوصف المهول الفظيع (جاهلية)؟[8]

فما بال كثير من أبناء الإسلام قد أجابوا داعي الشر في بلادنا، فاندفعوا نحو الجاهلية البغيضة وكأنها حقيقة مقررة، وأمر لا مفر منه، فأضفوا عليها هالة من التقديس؟


فليضع كل مسلم أمر الجاهلية تحت قدميه كما وضع النبي صلى الله عليه وسلم كل شيء من أمر الجاهلية تحت قدميه الشريفتين كما صرح بذلك عليه الصلاة والسلام في حجة الوداع.
(والطبيعي من المؤمن ألا يذكر جاهلية تقادم عهدها أو قارب إلا بمقت وكراهية وامتعاض واقشعرار.

وهل يذكر السجين المعذب الذي أطلق سراحه أيام اعتقاله وتعذيبه وامتهانه إلا وعَرَته قشعريرة، وثارت الذكريات الأليمة القاتمة؟

وهل يذكر البريء من علة شديدة طويلة أشرف منها على الموت أيام سُقمه إلا وانكسف باله، وامتقع لونه؟
وهل يذكر الإنسان رؤيا فظيعة مفزعة رآها إلا وشكر الله تعالى على أنها حلم زائل، وهَمٌّ راحل؟

والجاهلية التي تجمع معاني الجهل والضلالة والبعد عن الحقائق وأنواع الخطر والمضار في الدنيا والآخرة أعظم من كل ذلك، وجديرة بأن يثير ذكراها المقت الشديد، وتحث على الشكر على التخلص منها، وانقضاء أيامها.

ولذلك جاء في الصحيح "ثلاث من كن فيه وجد حلاوة الإيمان: أن يكون الله ورسوله أحب إليه مما سواهما، وأن يحب المرء لا يحبه إلا لله، وأن يكره أن يعود إلى الكفر كما يكره أن يقذف في النار".

وقد ذم الله شعائر الجاهلية، وأبطالها، وعظمائها في غير رفق وتحفظ، فقال: ï´؟ وَجَعَلْنَاهُمْ أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا يُنْصَرُونَ * وَأَتْبَعْنَاهُمْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ هُمْ مِنَ الْمَقْبُوحِينَ ï´¾ [القصص: 41، 42] ويقول: ï´؟ وَمَا أَمْرُ فِرْعَوْنَ بِرَشِيدٍ * يَقْدُمُ قَوْمَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَأَوْرَدَهُمُ النَّارَ وَبِئْسَ الْوِرْدُ الْمَوْرُودُ * وَأُتْبِعُوا فِي هَذِهِ لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ بِئْسَ الرِّفْدُ الْمَرْفُودُ ï´¾ [هود: 97، 99].

ولكن كثيرا من الأقطار الإسلامية والشعوب الإسلامية بتأثير الفلسفات الغربية والتفكير الغربي وحده أصبحت تمجد عهدها العتيق الذي سبق الإسلام وحضارته وتقاليده، وتحن إليه، وتحرص على إحياء شعائره، وتخليد عظمائه، وأبطاله وملوكه وأمجاده كأنه عهدها الذهبي، وكأنه نعمة حرمها الإسلام إياها، وفي ذلك من الجحود والنكران للجميل، وقلة تقدير نعمة الإسلام، وفضل محمد عليه الصلاة والسلام، وتهوين خطب الكفر والوثنية، وما اشتملت عليه الجاهلية من خرافات وضلالات وسفاهات ومضحكات ومبكيات ما لا يعقل عن مسلم واعٍ، وما يخاف معه الحرمان من نعمة الإسلام، وسلب الإيمان، والتعرض لسخط الله الشديد، وقد قال: ï´؟ وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ مِنْ أَوْلِيَاءَ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ ï´¾ [هود: 113][9]

تلك هي الرجعية الممقوتة التي نبتغي كشف عوارها، وتلك دعوة أصحابها الذين يريدون الرجوع بالمسلمين إلى عصور الجاهلية والجهل، والظلام والظلم، فنعوذ بالله تعالى من العمى بعد البصيرة، ومن الضلال بعد الهدى.

وما أوسع البون بين دعوتنا للرجوع إلى الكتاب والسنة، والاقتداء بخير جيل عرفته البشرية - وهو ما يعدونه رجعية ـ وبين دعوتهم إلى الرجوع لتلك العصور البئيسة - وهو ما نعتقد جزمًا أنه من الإغراق في الرجعية - وحسبنا هذا التفاوت بين رجوعنا ورجوعهم[10].

ï´؟ وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ * تَدْعُونَنِي لِأَكْفُرَ بِاللَّهِ وَأُشْرِكَ بِهِ مَا لَيْسَ لِي بِهِ عِلْمٌ وَأَنَا أَدْعُوكُمْ إِلَى الْعَزِيزِ الْغَفَّارِ * لا جَرَمَ أَنَّمَا تَدْعُونَنِي إِلَيْهِ لَيْسَ لَهُ دَعْوَةٌ فِي الدُّنْيَا وَلا فِي الْآخِرَةِ وَأَنَّ مَرَدَّنَا إِلَى اللَّهِ وَأَنَّ الْمُسْرِفِينَ هُمْ أَصْحَابُ النَّارِ * فَسَتَذْكُرُونَ مَا أَقُولُ لَكُمْ وَأُفَوِّضُ أَمْرِي إِلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ ï´¾ [غافر: 41، 44].
ـــــــــــــــ
[1] وهو يرمز إلى أسطورة تركية وثنية قديمة، وقد جعل آرمسترونج عنوان كتابه الذي ألفه عن أتاتورك (الذئب الأغبر) وهو عنوان معبر حقا!
[2] بلغ السفه ببعض المفتونين بالانتماء الفرعوني في مصر أن دعا إلى قيام النهضة المصرية الحديثة على بعث المجد الفرعوني القديم كما قامت النهضة الأوروبية الحديثة على بعث المجد اليوناني واللاتيني القديم، وذلك بالبحث عن موضع الاتصال بين مصر القديمة ومصر الحديثة في ميادين الأدب، وكتب العقائد، وطقوس العبادة، وعمل بعض الأدباء الشباب من هذا التيار الفرعوني على إنشاء أدب قومي مصري، مستقل عن الأدب العربي، يستمد جذوره من الأدب الفرعوني بزعمهم، مستلهمين حرص الشعوب الأوروبية على الاستقلالية في اللغة والأدب، والخروج من أسر اللغة اللاتينية وأدبها، معتبرين أن إقحام مصر في سلك البلاد العربية إذا تعلق الأمر بالناحية القومية يُعد من الخطأ البين، بل بلغ الشطط والخرف بواحد من أكابرهم أن صَوَّر الفرعونية التي يدعو إليها في صورة دين جديد سيغزو الدنيا هاديا ومبشرا؛ لينشر فيها السعادة والطمأنينة، وقد رجع هذا الأخير عن هذا الشطط في أواخر عمره، وعدل إلى الاتجاه الإسلامي ولله الحمد، غير أنه ـ وإن فعل ما فعل من تغيير وجهته ـ لم يخل من خلل فكري ظاهر. انظر: الاتجاهات الوطنية في الأدب المعاصر للدكتور محمد محمد حسين رحمه الله تعالى (2/148ـ158) ففيه تفصيل ما ذكرنا.

[3] آل أمر هذه الحملة الخبيثة إلى الدعوة إلى اللغة الأمازيغية، والتراث الأمازيغي، والشعارات الأمازيغية، والتقويم الأمازيغي، بل بلغ الحال أن أنشأ بعض المارقين حركة أمازيغية تهاجم الإسلام، وتدافع عن التنصير، وتزعم أن الأمازيغ كانوا سعداء بنصرانيتهم حين كانوا نصارى، وأن هذا هو الدين الأصلي للأمازيغ، وأن الإسلام دين دخيل فرضته جيوش قبائل بني هلال عليهم بالقوة، وكان ذلك منشورا على موقع الحركة الانفصالية كما أشارت إلى ذلك صحيفة الشروق اليومي الجزائرية، ولا يخفى الدعم الفرنسي اللامحدود للدعوات الانفصالية البربرية، والحملات التنصيرية ببلاد المغرب منذ استعمارها لتلك البلاد، واستمرار ذلك بعد خروج قواتها العسكرية، وحرصها على التحكم في تلك البلاد عن بعد، ولا زال بعض مثقفي الفرنسيين يعتبرون أن بعض الفرنسيين في الجزائر قد انفصلوا عن فرنسا الأم، وأن استقلال فرنسا عن الجزائر إنما هو مجرد حركة انفصالية قام بها انفصاليون من إقليم الجزائر الفرنسي!
وإذا قارن القارئ بين صنيع تلك الحركات المدعومة من فرنسا وصنيع الجمعيات التي أنشأها بعض الذين أسلموا في أسبانيا في العقود الثلاثة الأخيرة بعد إقرار قانون الحريات الدينية هناك بمحض اختيارهم لتنظيم عودة الأسبان الذين أُجبروا على التنصر بعد سقوط الأندلس إلى الإسلام، والذين كانوا يسمون طيلة القرون التالية للسقوط بالمورسكيين، وذلك بالرغم من كل الصعوبات التي ما زالوا يواجهونها في بلاد الأندلس المفقودة، لوجد القارئ فرقًا شاسعًا بين من ينحت في الصخر للوصول إلى الحقيقة، وبين من يبيع دينه ونفسه بثمن بخس. وقد تحدث عن عودة الأندلسيين إلى الإسلام بعد إقرار قوانين الحرية الدينية في إسبانيا في منتصف العقد الثامن من القرن العشرين الدكتور علي المنتصر الكتاني رحمه الله تعالى في كتابه (انبعاث الإسلام في الأندلس).

[4] يحتوي علم إقليم كردستان في العراق ـ والذي يُعد علما لكل القوميين الأكراد ـ على ثلاث ألوان (الأحمر، و الأخضر، و الأبيض) مرتبة بصورة أفقية، وفي وسطه شمس صفراء، وهو شعار يرمز إلى الديانات القديمة للأكراد، وللشمس 21 شعاعا، ويعتبر الرقم 21 من الأرقام المقدسة في الديانة الزرادشتية التي يعتبرها البعض الديانة القومية القديمة للأكراد، كما أن الرقم 21 يرمز إلى 21 آذار، أي عيد نوروز الذي يعتبر العيد القومي للأكراد.

[5] من البحوث العلمية الرصينة في هذا المجال: ما خطته يمين الدكتور جمال حمدان رحمه الله تعالى سنة 1967م من دراسة عن نسب اليهود المعاصرين الذين يدعون أنهم أحفاد اليهود الذين أخرجوا من فلسطين، ودلل فيها على كون المعاصرين من اليهود ينتمون إلى إمبراطورية الخزر التي قامت بين بحر قزوين والبحر الأسود، واعتنقت اليهودية في القرن الثامن الميلادي، وأكد ذلك بعده بنحو عشر سنوات الباحث اليهودي آرثر كيستلر في كتابه (القبيلة الثالثة عشرة) الذي أصدره عام 1976م، وترجمه إلى العربية أحمد نجيب هاشم، وذهب كاتبه إلى أن أكثر يهود الغرب الآن هم من سلالة الخزر المتهودين.
ومن الدراسات الجادة أيضا ما كتبه الأستاذ حاتم محمد وفقه الله تعالى عن أن نصارى مصر ليسوا مصريين أصلاء، فضلا عن أن ادعائهم أنهم أهل البلد الأصليين
http://www.shareah.com/index.php?/re...n/view/id/1911/

[6] جزء من حديث أخرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

[7] إشارة إلى ما أخرجه أبو داود في سننه ـ واللفظ له ـ والترمذي في جامعه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الله عز وجل قد أذهب عنكم عُبِّيَّة الجاهلية، وفخرها بالآباء، مؤمن تقي، وفاجر شقي، أنتم بنو آدم وآدم من تراب، ليدعن رجال فخرهم بأقوام إنما هم فحم من فحم جهنم، أو ليكونن أهون على الله من الجعلان التي تدفع بأنفها النتن". وحسنه الترمذي، والمنذري، والألباني. وعبية الجاهلية: فخرها وكبرها، والجعلان: بكسر الجيم وسكون العين: جمع جُعَل بضم الجيم وفتح العين: دابة كالخنفساء تكثر في المناطق الندية.

[8] أفرد غير واحد من المعاصرين تصنيفًا لبيان وجوب موالاة أهل الإيمان، وحرمة موالاة أهل الشرك والكفران، ومن أبرزها كتاب (الموالاة والمعاداة) لمحماس الجعلود، وهو رسالة جامعية، و(الولاء والبراء) للقحطاني، وهو كسابقه.

[9] ردة ولا أبو بكر لها (ص15ـ17).

[10] كنت أحسب أن فكرة المقال في وصف دعاة القومية والوطنية من اللادينيين بالرجعية فكرة ذات طابع إبداعي خالص، وصاحبني هذا الظن بعد أن شرعت في كتابة المقال، غير أنني عثرت في أثناء كتابته على مقال للشيخ الفاضل خباب بن مروان الحمد بعنوان (رجعية الفكر العلماني) منشور على هذا الرابط: http://www.alukah.net/articles/1/222.aspx
فعلمت أني مسبوق في الفكرة التي ذهبت إليها، وعنونت بها موضوعي، وإنما نبهت على ذلك للأمانة، ولئلا يظن ظان أني قد اقتبست فكرة ونسبتها إلى نفسي، ويعلم الله أني لم أعرف شيئًا عن المقال السابق إلا بعد شروعي في كتابة مقالي، والناظر في المقالين يجد تنوعا في طريقة الطرح والتناول، لا يُشتم معه شيء من التعدي على جهود الآخرين، وإن كان للشيخ خباب -الذي حظي من اسمه بنصيب حيث وقع في أسر اليهود ونجاه الله منهم - من المكانة ما ليس للكاتب الضعيف
وهو بسبق حائز تفضيلا
مستوجب ثنائي الجميلا

والله يقضي بهبات وافرة
لي وله في درجات الآخرة



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 73.16 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 71.03 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.91%)]