|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() البعد عن الاجتماع بالناس والتحدث إليهم. د. ياسر بكار السؤال الحمد لله، والصَّلاة والسَّلام على سيِّدنا رسول الله، وبعد: فمشكلتي أنَّني أحب الدَّعوة إلى الله، وأحبُّ النُّصح للناس، وأحبُّ التعرُّف على الغير، إلاَّ أنني لا أجْرُؤ على ذلك؛ فلا أستطيع أن أقول لشخص أحببْتُه في الله: إني أحبُّك في الله؛ لأن ذلك يوهِمُني بالضعف. وهناك مَن يقَع في الأخطاء، ولكنني لا أوجِّهه؛ خَوْفًا من أن أكون غير متيقِّن من أنَّ ذلك خطأ، أو خوفًا مِن أنْ أواجهه، وحينما أسلُك طريقًا وأصادِف فيه أحدًا أعرفه أغيِّر الطريق؛ تجنُّبًا للحديث معه! فكيف أتخلَّص مِن هذه المشكلة، علمًا بأنَّني طالبٌ في معهد إسلامي، والمجتمع في أمَسِّ الحاجة إلى نصائحي وإرشاداتي. الجواب مرحبًا بك في شبكة (الألوكة)، وأهلاً وسهلاً. أرجو أن تكونَ بخير وعافية، وشكرًا على هذا الاهتمام والحِرْص. بدايةً، دَعْني أخبرك أنَّ ما تعاني منه أمر شائع، يعاني منه عددٌ كبير من الناس، والسَّبب في ذلك هو أنَّ الله - عزَّ وجلَّ - خلَقَنا مُتبايِنِين في مهاراتنا الاجتماعيَّة، والقدرة على مَدِّ العلاقات مع الآخَرين، فالبعضُ لديه مهارات اجتماعية متقدِّمة، في حين يعاني البعض الآخر ضعْفًا في هذا الجانب، وفي مثل هذه الحالة يتعيَّن على الشَّخْص أن يسعى إلى تطوير مهاراته الاجتماعيَّة، وهي عمليَّة يُمكن تحقيق تقدُّم رائع فيها مِن خلال اتِّباع عدَّة خطوات عملية سوف أحاول أن أوجزها في السُّطور التالية: أوَّلاً: هل تتذكَّر عندما عزَمْتَ على تعلُّم قيادة السيارة؟ في ذلك الحين كان الأمر يَبْدو صعْبًا، وحاولْتَ مرَّات عديدة، حتى تطوَّرت هذه المهارة لديك، وأصبحْتَ تقود السيارة بشكلٍ جيِّد. نحن متَّفِقون على أنه لا يمكنك أن تتعلَّم القيادة دون أن تبذل جهدًا، وتحاول مرَّة واثنتين وثلاثًا وعشرًا، وهو أمْرٌ لا يختلف كثيرًا بالنِّسبة لتطوير المهارات الاجتماعية والتحدُّث مع الآخرين، ونُصْحهم وتوجيههم؛ لأنَّها مهارات قابلة للتعلُّم والتطوير إذا بذَلْنا في ذلك الجهد والصَّبْر المطلوب. ثانيًا: لا بد أن تتقبَّل الفشل في أثناء عملية تطوير الذات، فكما أنَّك سوف ترتكب أخطاء في بداية تعلُّمك للقيادة، أو قد تجد صعوبة في إطلاق السَّيارة في البداية، توقَّع أن تواجِهَ بعض الفشل في محاولاتك الأولى، وهنا لا بد أن تتقبَّل هذا الفشَل، ولا تَلُومَ نفسَك أو تقلِّل مِن شأنها؛ لأنَّ الفشل أمر طبيعي، بل إنَّه جُزء أساسي من عمليَّة التطوير، حتىَّ وإن تكرَّر الخطأ، انظر إليه كفُرصة للتعلُّم من الخطأ، وعدم تَكْراره في المستقبل بإذن الله. ثالثًا: حاوِلْ أن تُواجِه الأفكار السَّلبية أو المعتَقَدات التي تُؤثِّر سلبيًّا على مهاراتك الاجتماعيَّة وإقبالك على الناس، فكثير منَ الناس الذين يُعانون مِن ضَعْف في المهارات الاجتماعية لديهم ضعْفٌ في الثِّقة بالنَّفْس، كما تُسَيْطر عليهم أفكار سلبيَّة؛ مثل: "لا أرغب في التحدُّث مع الآخَرين، لا أريد أن أزعجهم، لن يُعجبهم كلامي، إنَّهم لا يرغبون في محادثتي، أشعر بالحرج عند التحدُّث أمام الناس...". لاحِظْ معي أنَّ كل هذه الأفكار هي معتقدات فردية شخصيَّة، فهي تدور في رؤوسنا، وليست حقيقية على أرض الواقع؛ لذلك علينا مواجهة هذه الأفكار، والإصرار على تغييرها ومقاومتها؛ لأنَّها غير صحيحة. رابعًا: كما يقولون: أفضل طريقة للتغلُّب على مخاوِفِك هي أن تَرمي بنفسك فيها، فمِن خلال تحدِّي الذَّات وإجبارها على مُواجهة المواقف التي تَشعر بالرَّغبة في الهَرَب منها، يمكنك تطويرُ مهاراتك الاجتماعية؛ على سبيل المثال: إذا رأيتَ صديقًا في الجهة المقابلة من الطريق، وشعرت بالرَّغبة في الهروب من الموقف وتغْيِير المَسار، أجْبِر نفسك على أن تستمرَّ في نفس الطريق، وكما سبق وأشرتُ ربَّما تجد صعوبة في البداية، أو تتعرَّض للفشل والتردُّد والإحراج، كل هذه أمور طبيعيَّة، وهي دلالة على التقدُّم. خامسًا: بالنسبة لِتَوْجيه النُّصْح للآخرين وإرْشادهم، هناك عدد من القواعد التي يجب أن نُرَاعيها عند تقديم النَّصيحة؛ منها مثلاً: عدم النُّصح أمام الآخَرين، ومراعاة فرق السن، (فمِن غير المقبول أن يُقدِّم شابٌّ في العشرين نصيحةً لرجل في الأربعين بشكل مباشر)، واستخدام أسلوب لطيف مُحبَّب وغير مباشر في توجيه النَّصيحة، فمراعاة مثل هذه القواعد تجعل الآخَر يتقبَّل النصيحة، ولا يشعر بالضِّيق أو الحرَج. وختامًا: دائمًا ما أؤكِّد أن الثِّقة بالنَّفس جانبٌ مُهمٌّ لا بدَّ مِنْ تَطْويره، وهذا الأمر لا يقْتَصِر على مرحلة أو فِئَة معيَّنة، بل على العكس، فنحن جميعًا نحتاج إلى تطْوير ثِقَتنا بأنفسنا في كافَّة مراحل الحياة، ومن أهمِّ التقنيات التي تُساعدك في هذا السِّياق الحديثُ الإيجابي مع الذَّات وتذكيرها بإنجازاتها ونقاط قوَّتها ورفع المعنويات، ويمكنك كذلك قراءة العديد من الكُتُب والمقالات التي تتحدَّث عن تطوير الثِّقة بالذَّات والمهارات الاجتماعية؛ ومنها كتاب: "كيف تكتسب الأصدقاء وتؤثِّر في الناس"؛ لـ"ديل كارينيجي"، وغيره. أرجو لك التوفيق، وأسأل الله العلِيَّ القدير أن يُثِيبك عليه، ويجزل لك العطاء.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |