مكانة العلماء وأهل الفضل - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         رحلات البالون الطائر ومعابد الأقصر.. سحر لا يقاوم يخطف قلوب سياح العالم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14372 - عددالزوار : 757917 )           »          تفسير "محاسن التأويل"محمد جمال الدين القاسمي متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 610 - عددالزوار : 66300 )           »          ركعتا الفجر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          فوائد قيام الليل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          شهر الله المحرم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »          الأب السبب والسند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          التربية بالموقف نماذج وتعليق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          حقوق الوالدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          هل تندلع الحرب الكبرى؟ سقوط إيران يمهد لصدام إسرائيلي-تركي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 28 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 29-12-2019, 11:21 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,929
الدولة : Egypt
افتراضي مكانة العلماء وأهل الفضل

مكانة العلماء وأهل الفضل

حامد شاكر العاني







من الجدير بالإشارة إلى أن العلماء وأهل الفضل هم الطليعة المتقدمة في كل مجتمع مهما كان نوعه وشكله وسياسـة حكمه، فهم يستشرفون الناس بعلمهم وفضلهم، وهم الكوكبة التي تُبنى بها الأوطان وتُعمَّرُ بها البلاد، وكم هو دورهم في صناعة الرجال الذين بهم تتحقق السعادة للمجتمع، ويتحقق الخير والنصر، قال - صلى الله عليه وسلم - لعلي - رضي الله عنه -: ((لأن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من أن يكون لك حمر النعم))[1].


فالأوطان تزهو بهذه الأعلام والمنارات، وبهذه الجبال الشامخات، فالرسول الكريم - صلى الله عليه وسلم - كان يمسح بمناكب الصحابة - رضي الله عنهم - في الصلاة، ويقول: ((استووا ولا تختلفوا، فتختلف قلوبكم، ليلني أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم)) [2].


أي كان - صلى الله عليه وسلم - يقدم البالغ من أهل الحلم والفضل - وهم أهل العقول النيرة - على غيرهم في الصلاة، لأن الصلاة هي الركن الركين التي يُعتمد عليها في معرفة أولي الأحلام والعقول، فإذا صلحت عند العبد صلح سائر عمله، وإذا فسدت فسد سائر عمله.


قال الإمام النووي:
(وأولو الأحلام هم العقلاء، وقيل البالغون، والنهى بضم النون العقول)، وقال أيضاً: (في هذا الحديث تقديم الأفضل فالأفضل إلى الأمام، لأنه أولى بالإكرام، ولأنه ربما يحتاج الإمام إلى استخلاف فيكون هو أولى، ولأنه يتفطن لتنبيه الإمام على السهو لما لا يتفطن له غيره، وليضبطوا صفة الصلاة ويحفظوها وينقلوها ويعلموها الناس، وليقتدي بأفعالهم من وراءهم، ولا يختص هذا التقديم بالصلاة بل السنة أن يقدم أهل الفضل في كل مجمع إلى الأمام وكبير المجلس كمجالس العلم والقضاء والذكر والمشاورة ومواقف القتال وإمامة الصلاة والتدريس والإفتاء وإسماع الحديث ونحوها، ويكون الناس فيها على مراتبهم في العلم والدين والعقل والشرف والسن والكفاءة في ذلك البـاب والأحـاديث الصحيحة متعاضدة) [3].


وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((ليس من أمتي من لم يجل كبيرنا، ويرحم صغيرنا، ويعرف لعالمنا)) [4].


ومعلم الخير تستغفر له كل دابة، لفضله الكبير في الدلالة عن كل عمل صالح وتحذير الناس من كل عمل سيء وباطل، فقد امتدح ابن عباس - رضي الله عنه - معلمي الخير بقوله: (إن الذي يعلم الناس الخير تستغفر له كل دابة حتى الحوت في البحر).


وهذا الإمام أحمد (رحمه الله) يقول عن العلماء:
(الحمد لله الذي جعل في كل زمان فترة من الرسل بقايا من أهل العلم يدعون من ضل إلى الهدى ويُبَصِرُّون من هم على الأذى، يحيون بكتاب الله الموتى، ويُبَصرُّون بنور الله العمي، فكم من قتيل لإبليس أحيوه، وكم من ضال تائه قد هدوه، فما أحسن أثرهم على الناس وما أقبح أثر الناس عليهم) [5].


وقال العلامة ابن القيم (رحمه الله) وهو يمتدح العلماء:
(العلماء بمنزلة النجوم في السماء، يهتدي بهم الحيران في الظلماء، وحاجة الناس إليهم أعظم من حاجتهم إلى الطعام والشراب، وطاعتهم أفرض من طاعة الأمهات والأباء بنص الكتاب، قال الله تعالى: ﴿ يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً ﴾ [6].


فالعالم العامل هو القدوة الحسنة بما يَعْلَمُ من الحق وبما يُعَلِّم.. ويتبعـه على ذلك الكثير ممن يطلبونه، ورقي الأمم وتقدمها وازدهارها يتحصل بما ينتجه هؤلاء العلماء... لذا يجب أن ترعى هذه الطبقة من الناس رعاية طيبة من قبل أولياء الأمور الحكَّام، وأهل الشأن، لأن ضياعهم خسارة كبيرة، وتراجع وتدهور وتخلف.


فهذه الطليعة يجب أن ننزلها المنزلة اللائقة في المجتمع، لتتبوء المكانة السامية والمرموقة، وليكون لها الدور الفاعل في سموه وشموخه وزهوهه وبناءه.


فهذا الإمام علي - رضي الله عنه - يبين لنا منزلة العلماء وحقهم على الناس فيقول: (إن من حق العَالِم عليك: أن تسلِّم على القوم عامة وتخصه بالتحية، وأن تجلس أمامه، ولا تعينه في الجواب، ولا تطلبن عثرته، وإن زل قبلت معذرته، ولا تقول له سمعت فلاناً يقول كذا ولا أن فلاناً يقول بخلافك، ولا تضعن عنده عالماً، فإنما هو بمنزلة النخلة تنتظر متى يسقط عليك منها شيئاً) [7].


ولكن ما نراه اليوم خلاف ما نقصده ونسعى إليه، لهذا يرشدنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - بأن نكون قدوات في المجتمع من أجل أن نعطي الخير ونبني النفوس الراقية المهذبة، ونهيئ بهذا الأجواء المناسبة، لأجل أن يعيش المسلمون بخير وعافية.


فالعلماء لهم الخير الأوفى في الدنيا والآخرة إن أخلصوا العمل لله عز وجل، وقد جعلهم الله شهداء على الناس بين يديه يوم القيامة، قال الله تعالى: ﴿ ثُمَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُخْزِيهِمْ وَيَقُولُ أَيْنَ شُرَكَآءِيَ الَّذِينَ كُنْتُمْ تُشَآقُّونَ فِيهِمْ قَالَ الَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ إِنَّ الْخِزْيَ اليَّوْمَ والسُّوءَ عَلَى الْكَافِرِينَ ﴾[8].


والعلمـاء ورثة الأنبياء في الدعوة والتبليغ وبث الخير بين الناس كما أخبر بذلك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فعن أبي الدرداء - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((من سلك طريقاً يبتغي فيه علماً سهّل الله له طريقاً الى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضاً بما يصنع، وإن العالم ليستغفر له من في السموات ومن في الأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سـائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن الأنبياء لم يورثوا ديناراً ولا درهماً وإنما ورثوا العلم فمن أخذه أخذ بحظ وافر)) [9].


فهذه النخبة من البشر لو حوربت وناصبها أعداؤها العداء فستنقرض وسيحل محلها صنف آخر من النوع المضل المزور الذي سيقـود المجتمع إلى سفاسف الأمور، وإلى الضلال البعيد، والعياذ بالله، وهذه ما نراه اليوم في عموم المجتمعات الإسلامية.


لهذا نجـد التهميش والقتل قد طال العلماء وأهل الفضل، فقد قُتل منهم الكثير في مناطق مختلفة من العالم الإسلامي، والغرض من ذلك كله إفراغ البلاد الإسلامية منهم، لينحسر دورها بين الأمم وتصبح متخلفة لا يعبأ لها أحد من الناس.


فعلى الأمــم أن تحرص على هذه النخبــة وأن تهتم بها أيَّما اهتمام، وأن تحتضنها بصورة تتلائم ومكانتها في المجتمع، وأن لا تسعى إلى التخلص منها، فهذا يجعلها في مصاف الأمم الضعيفة التي تعيش على هامش الأمم القوية وتحت وطأتها.


لذا حينما نتجول في تلك الأمم المتخلفة نجد أنه لا مكانة للعلم والعلماء فيها.. بل الذي نراه أن الجهل يعشعش في أركانها، والتخلف العلمي هو الذي يسود في جنباتها، وهذه من الكوارث الكبرى في سبب ضياعها.



ومما يؤلم كثيراً أن بعض الأمم فيها العلماء وفطاحل العلماء، ولكن الحكَّام والعامة من الناس لا تجلّهم ولا توقرهم، بل حالهم كحال غيرهم... وبالمقابل نجد أمماً ترعى العلماء والفضلاء رعاية كبيرة وخاصة.. لهذا نجدها متقدمة على غيرها من الأمم..


وبهذه النخبة من العلماء والفضلاء تصنف الأمم، لذا نجد أن الأمم اليوم مصنفة تصنيفاً دقيقاً، فهذه أمة متقدمة، وهذه متخلفة، وهذه من العالم الثالث.. الخ.

فالإسلام رعى نخبة العلماء، وجعل لها مكانة سامية بين الناس، يقول رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((ليلني منكم أولو الأحلام والنهى، ثم الذين يلونهم)) ثلاثاً ((وإياكم وهيشات الأسواق)) [10].


قال المناوي في شرحه للحديث: (لا تكونوا مختلطين اختلاط أهل السوق فلا يتميز الذكور عن الإناث ولا الصبيان عن البالغين) [11].


بل يجب أن نميز العالم من الجاهل، والشريف من الوضيع، والذكر من الأنثى، لأجل أن نعطي كل ذي حق حقه، ثم في النهاية ننزلهم منازلهم.


فالرسول - صلى الله عليه وسلم - كان يعطي كل ذي حق حقه حتى في القبر، فمن ذلك: فقد روى جابر - رضي الله عنه - أن النبي - صلى الله عليه وسلم - كان يجمع بين الرجلين من قتلى أُحد يعني في القبر، ثم يقول: ((أيهما أكثر أخذاً للقرآن؟))[12] فإذا أشير له إلى أحدهما قدَّمه في اللحد[13].


لماذا كل هذا؟ لأجل أن يستشرف هؤلاء ويتميزوا عن غيرهم، فهؤلاء العقلاء من الناس الذين يضعون الشيء في محله، وهم سبب كل خيرٍ.


قال الحسن البصري (رحمه الله):
(لسان العاقل من وراء قلبه، فإذا أراد الكلام تفكَّر، فإن كان له قال، وإن كان عليه سكت، وقلب الجاهل من وراء لسانه، فإن همَّ بالكلام تكلَّم به، له أو عليه)[14]. وقال أحد العارفين: (العاقل من عقل لسانه، والجاهل من جهل قدره، إذا تم العقل نقص الكلام)[15]، وقديماً قيل: (الجاهل يعتمد على أمله، والعاقل يعتمد على عمله)[16].


فهؤلاء هم الطليعة في كل مجتمع له مكانته ودوره في رقي الأمم والحضارات.


[1] رواه البخاري: 7/58، ومسلم (2406) عن سهل بن سعد. وحمر النعم: هي الإبل، وهي من أنفس أموال العرب، يضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وأنه ليس هناك أعظم منه.

[2] رواه الإمام مسلم برقم (432).

[3] شرح صحيح الإمام مسلم: 4/399.

[4] رواه أحمد بإسناد حسن: 5/323، والهيثمي في المجمع: 1/338 وقال: إسناده حسن

[5] الدعوة الإسلامية فريضة شرعية وضرورة بشرية ص 51.

[6] سورة النساء رقم الآية (59). ينظر: إعلام الموقعين عن رب العالمين (1/9).

[7] ينظر: مختصر منهاج القاصدين: 7.

[8] سورة النحل رقم الآية (27).

[9] رواه البخاري: 1/37، ومسلم: 4/2074، وابو داود: 2/341، والترمذي: 5/28 و48، وابن ماجه: 1/81 و82، وأحمد: 2/252 و325 و5/196، والدارمي: 1/110، والحاكم: 1/165.

[10] رواه مسلم رقم الحديث (432) و (123). وهيشات الأسواق: ما يكون فيها من الجلبة وارتفاع الأصوات وما يحدث فيها من فتن، وأصله من الهوش وهو الاختلاط.

[11] رياض الصالحين ص 147.

[12] أي حفظاً له.

[13] رواه البخاري (3/170).

[14] روائع إسلامية: 2/62.

[15] المصدر نفسه: 2/64.

[16] أدب الدنيا والدين ص 108.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 60.02 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 58.35 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.78%)]