|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تصنيف الناس إلى مراتب حامد شاكر العاني كما هو معلوم لدى كل عاقل أن الناس على أصناف شتى، وكل صنف له ميزاته وقدراته وتكويناته، وعقل كل صنف من هؤلاء يتميز عن غيره، والتميز هذا يأتي من قوة عقله ورجاحته، وبما يظهر منه من إنتاج وعطاء وبذل وإبداع وتغيير، ولا سيما نحو الأحسن والأفضل والأمثل. فالناس يختلفون من حيث المعتقدات والديانات والمناهج والأفكار، ويختلفون من حيث المستويات العلمية والبحثية، وكذلك يختلفون من حيث المهن والتخصصات.. وكل إنسان له الحرية المطلقة في عبادة من يريد من غير إكراه أو أن يُفرض عليه أي دين أو معتقد، قال الله تعالى: ﴿ لا إِكْرَاهَ فِي الدِّين ﴾ [1]. ولكل نوع حالته، وتصنيفه.. لهذا جاء أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أن ننزل الناس منازلهم -كما قال الإمام النووي - دالاً دلالة صحيحة على ما نقول ونبغي من هذه الرسالة، لأنك إن لم تنزل كل صنف منزلته، فاعلم أن الأمر سيؤول إلى دمار وخراب وفساد.. وسيؤول إلى عواقب وخيمة. فهل من المعقول لدى كل عاقل أعمل عقله أن يعامل العالم المتبحر كما يعامل طالب العلم أو الجاهل أو الوضيع؟، لا بل إن من الحكمة البالغة المنصفة أن تعطي كل ذي حق حقه في التعامل والتقدير، وأن تقدر لكل صنف قدره، هذا ما يُفهم من أمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - - محل البحث - وقد أشار الله عز وجل في سورة الزمر إلى التفريق بين العالم وغيره، وجعلهم منازل ومراتب ودرجات حيث قال تعالى: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوي الذِّينَ يَعْلَمُونَ وَالذِّين لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَرَ أُولُوا الألْبَابِ ﴾[2]. وفي حديث للنبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم....))[3]. لقد عزَّ علينا اليوم أن نكون بمستوى الفهمِ والعملِ اللذين كان عليه الجيل الأول من الصحابة وتابعيهم (رضوان الله عليهم) في إعطاء كل ذي حق حقه ومنزلته، والخطاب الذي وجهه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إليهم فهموه فهماً جيداً، وطبقوه حرفياً وواقعاً حتى نالوا به المراتب العالية والذكر الحميد إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها. وأما نحن فقد فهمنا الخطاب النبوي فهماً جيداً ووعيناه حق الوعي، ولكننا تغافلنا عنه ولم نعمل بمقتضاه، ولو عملنا به، لأنزلنا الناس منازلهم، قال تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِّينَ آمَنُوا لِمَ تَقُولُونَ مَا لَا تَفْعَلُونَ كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا مَا لَا تَفْعَلُونَ ﴾[4]. بل إن البعض منهم جاروا على أهل الاختصاص والصنف فبخسوهم حقوقهم وأنكروا وجودهم، وآخرون تجاوزوا الحد إلى أن اغتصبوا حق الفضلاء في التمثيل في المحافل التخصصية فاحتلوا مواقعهم وقاموا مقامهم من غير حق شرعي تحت شهادات مزورة مطعون فيها، ولما فعلوا ذلك عطلّوا مواهب المتميزين وقدراتهـم، وهذا التصرف - لعمر الحق – طامة كبرى يجب أن ينتبهوا إليه قبل فوات الأوان. ومن باب إسداء النصيحة والموعظة الحسنة كان واجباً علينا في هذه العجالة تصنيف الناس وتبيان مراتبهم، لأجل أن نصل إلى ما وصل إليه سلفنا الصالح في العمل والإتباع، وكيف كانوا بحق مشاعل مباركة تنير للناس طريقهم. وليعلم كل عاقل أن هذا التفاوت بين الناس هو أمر إلهي مقطوع به، لكي تَعْمُرَ البلاد وتستقيمَ الحياة، ولو تساوى الناس جميعاً في كل شيء، لاعتدى بعضهم على بعض، ولقعد كل واحد منهم ينظر إلى الآخر ماذا يفعل، لهذا قال الله تعالى: ﴿ يَرْفَع اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالذِّينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ ﴾[5]. إذن هو قانون إلهي ومنهج رباني قويم، لتسير عليه الحياة نحو الأحسن والأفضل، ونحو الرفعة والاستقامة، والتنافس الشريف البنَّاء المجدي. ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يشير إلى ذلك بقوله: ((يَؤمُّ القومَ أَقْرؤهم لكتاب اللهِ، فإِنْ كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة، فإِن كانوا في السنة سواءً فأقدمهم هجرة، فإن كانوا في الهجرة سواءً، فأقدمهم سناً، ولا يؤمنَّ الرجلُ الرجلَ في سلطانه، ولا يقعد في بيته على تكرمته إلاَّ بإذنه))، وفي رواية: ((فأقدمهم سلماً)) بدل ((سِنّاً)) أو ((إسلاماً)) [6]. فالأخطاء كثيرة، ولا يمكن أن نضع لها ميزاناً إلاَّ إذا التزمنا ما طلبه رسول الله - صلى الله عليه وسلم - منا. فتصنيف الناس لا يمكن أن يكون إلاَّ عن طريق دورهم في الحياة ووظيفتهم، وكل حسب منزلته في المجتمع ومرتبته، ولكننا في هذا البحث اليسير المقتضب رأينا أن ميزان العلم وميزان الوجاهة [7] هما أجدى وأفضل ميزانين في تصنيف الناس، وذلك بالاعتماد على قول الله تعالى في تصنيـف الناس كما في سورة الزمر: ﴿ قُلْ هَلْ يَسْتَوي الذِّينَ يَعْلَمُونَ وَالذِّين لا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَرَ أُولُوا الألْبَابِ ﴾. ورأينا في هذا البحث أن نصنف الناس إلى أصناف ثلاثة: الصنف الأول: العلماء وأهل الفضل. الصنف الثاني: طلبة العلم والعلماء. الصنف الثالث: الجهلة والبسطاء. وسنتناول كل واحد منها بشيء من التفصيل بإذن الله عز وجل فيما هو قادم من مقالات.. [1] سورة البقرة: 256. [2] سورة الزمر الآية رقم (9). [3] رواه الترمذي: 5/50 وقال: حديث حسن. [4] سورة الصف الآيتان (2و3). [5] سورة المجادلة رقم الآية (11). [6] رواه الإمام مسلم برقم (673) و (291). [7] نقصد بالوجاهة: موقعه بين الناس من حيث دوره في الإصلاح، والبناء، وتأليف القلوب.
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |