|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() نحن أمة تقدر علماءها ولكن لا تقدسهم بسام ناصر منزلة العلماء في الإسلام رفيعة عالية، وما خصهم الله به من علو القدر والمكانة معلوم مقرر، فيكفي أهل العلم شرفا أن الله -تعالى- ثلث بهم للشهادة على أعظم مشهود عليه، ألا وهو توحيده -سبحانه- (شَهِدَ اللَّهُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ وَالْمَلَائِكَةُ وَأُولُو الْعِلْمِ قَائِمًا بِالْقِسْطِ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ)[آل عمران: 18]. يقول الشيخ السعدي -في تفسيره-: "وفي هذه الآية دليل على شرف العلم من وجوه كثيرة، منها: أن الله خصهم بالشهادة على أعظم مشهود عليه دون الناس، ومنها: أن الله قرن شهادتهم بشهادته وشهادة ملائكته، وكفى بذلك فضلا ومنها: أنه جعلهم أولي العلم، فأضافهم إلى العلم، إذ هم القائمون به المتصفون بصفته، ومنها: أنه - تعالى -جعلهم شهداء وحجة على الناس، وألزم الناس العمل بالأمر المشهود به، فيكونون هم السبب في ذلك، فيكون كل من عمل بذلك نالهم من أجره، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء، ومنها: أن إشهاده -تعالى- أهل العلم يتضمن ذلك تزكيتهم وتعديلهم وأنهم أمناء على ما استرعاهم عليه...". كما أن من فضل العلم والعلماء ما خصهم به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في قوله من حديث أَبي الدرداء -رضي الله عنه-، قَالَ: سَمِعْتُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، يقول: ((مَنْ سَلَكَ طَرِيقاً يَبْتَغِي فِيهِ عِلْماً سَهَّلَ اللهُ لَهُ طَريقاً إِلَى الجَنَّةِ، وَإنَّ المَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أجْنِحَتَهَا لِطَالِبِ العِلْمِ رِضاً بِمَا يَصْنَعُ، وَإنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّماوَاتِ وَمَنْ فِي الأرْضِ حَتَّى الحيتَانُ في المَاءِ، وَفضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ، وَإنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأنْبِيَاءِ، وَإنَّ الأنْبِيَاءَ لَمْ يَوَرِّثُوا دِينَاراً وَلاَ دِرْهَماً وَإنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ، فَمَنْ أَخَذَهُ أَخَذَ بحَظٍّ وَافِرٍ))[رواه أَبُو داود والترمذي وغيرهم]. والعلماء هم الذين أناط الله بهم وظائف البيان والتبيين، وتوعد من يتخاذل منهم عن القيام بذلك أو يقصر فيه، كما في قوله -سبحانه-: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ * إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا فَأُولَئِكَ أَتُوبُ عَلَيْهِمْ وَأَنَا التَّوَّابُ الرَّحِيمُ)[البقرة: 159-160]. فالنصوص الواردة في فضائل العلم والعلماء كثيرة متوافرة في نصوص القرآن والسنة، وهي مشهورة متداولة في مساجد المسلمين ومجتمعاتهم. من المشهود به تاريخيا أن أمة الإسلام تقدر علماءها وتحترمهم وتجلهم، وتنزل عند أقوالهم واجتهاداتهم المبينة لأحكام الشرع، والموضحة لما استشكل عليها من أمور دينها، فهؤلاء الأئمة الأربعة المتبوعين "أبو حنيفة، ومالك بن أنس، ومحمد بن إدريس الشافعي، وأحمد بن حنبل" هم الذين شاعت مذاهبهم في الأمة، وغالب أبناء الأمة الإسلامية يؤدون عباداتهم وفق مذهب من هذه المذاهب، باعتبار أن أصحابها من الأئمة الكبار الذين أجرى الله توضيح الأحكام الشرعية، وأبانها على أيديهم، تسهيلا على المسلمين، وتقريبا لأحكام الشريعة بين أيديهم. ولقد جاءت أزمان وعهود على أمة الإسلام، ساد فيها التعصب المذهبي، وترسخت مسالك التقليد بين المسلمين، وتفشت في المسلمين نزعة التعصب المقيتة، فلم يعد الشافعي يقبل حكما شرعيا ـ ولو كان صوابا ـ من حنفي، ومع نزوع المسلمين إلى تلك المسالك من التعصب والتقليد، ضعفت في أوساطهم علوم الاجتهاد، وتراجع الاهتمام بالتفقه في أدلة الشريعة الأصلية من القرآن والسنة، ونمت ظاهرة تأليف المتون وشروحاتها وكتابة الحواشي عليها، فلم يعد لفقه الدليل تلك المكانة التي تستحقها، فما المذاهب الفقهية في المحصلة النهائية إلا طرق ومسالك تسهيلية لتقريب الأحكام الشرعية بأدلتها، وليست هي في ذاتها غايات يحرص عليها المسلمون. في معمعة روح التعصب المذهبية تلك، سادت أنماط تحولت مواقف المسلمين معها من تقدير العلماء ومحبتهم وتبجيلهم، إلى التعصب لأقوالهم، ورفعهم أتباعهم فوق مكانتهم التي ينبغي أن تكون لهم، فغالت كثير من طوائف المسلمين في علمائهم وأئمتهم، حتى لكأن لسان حالهم ينطق بقداسة العلماء، ويرفض أي مسلك يجنح إلى تخطئة فلان منهم، أو عدم الأخذ بقول علان منهم، وكأن الله تعبدنا بأن نأخذ بأقوال الأئمة هكذا من غير تمحيص ولا تدقيق ولا مراجعة، مع أن أقوال العلماء واجتهاداتهم في نهاية المطاف يُستشهد لها ولا يُستشهد بها. من خلال ممارسة الحوار على برنامج البالتوك، وخصوصا مع الطائفة الأحمدية القاديانية، أتباع المرزا غلام أحمد القادياني (1839-1908)، الذي ادّعى النبوة وزعم أنه الإمام المهدي المنتظر والمسيح الموعود، كان أولئك الأحمديون يركزون على أقوال بعض علماء المسلمين الذين تتوافق مع أرائهم وأفكارهم، فمن الأقوال التي تقول بها الجماعة الأحمدية، مسألة فناء النار، فكانوا يتشبثون بالقول المنسوب لشيخ الإسلام ابن تيمية، وتلميذه العلامة ابن القيم ـ رحمة الله عليهما ـ وفي كل مرة أسمع حوارا لهم مع أهل السنة حول تلك المسألة، يأتي دفاع المحاورين من أهل السنة، منصبا على نفي ذلك القول لابن تيمية ولابن القيم، وأنهما بريئان من ذلك القول، مستعظمين أن يصدر مثل ذلك القول عنهما. إلا أن المراجع لكلام ابن القيم في كتابه: "حادي الأرواح إلى بلاد الأفراح"، ممعنا النظر في قراءة ما ذكره حول أبدية النار، وما نقله عن ابن تيمية بقوله: "وأما أبدية النار ودوامها، فقال فيها شيخ الإسلام: فيها قولان معروفان عن السلف والخلف، والنزاع في ذلك معروف عند التابعين، قلت "أي ابن القيم" ها هنا أقوال سبعة... " ثم ذكر تلك الأقوال، مبينا من قال بها مناقشا تلك الأقوال ومبينا وجه بطلانها وضعفها، أقول بأن المتمعن فيما ذكره ابن القيم ووقف عند القول السابع من الأقوال التي ذكرها، يستشف أنه يرجح هذا القول وينتصر له، فقد ذكره كالتالي: "السابع: قول من يقول: بل يفنيها ربها وخالقها -تبارك وتعالى-، فإنه جعل لها أمدا تنتهي إليه ثم تفنى ويزول عذابها... ثم ينقل عن شيخ الإسلام قوله: "وقد نقل هذا القول عن عمر، وابن مسعود، وأبي هريرة، وأبي سعيد وغيرهم، وقد روى عبد بن حميد، وهو من أجل علماء الحديث في تفسيره المشهور: حدثنا سليمان بن حرب، حدثنا حماد بن سلمة، عن ثابت، عن الحسن: قال: قال عمر: لو لبثَ أهل النار في النار كقدْرِ رَمْل عالج "موضع في البادية كثير الرمل على طريق مكة" لكان لهم يوم يخرجون فيه. ثم أخذ يحاجج عن صحة هذا الأثر بقوله "والحسن وإن لم يسمع من عمر، فإنما رواه عن بعض التابعين، ولو لم يصح عنده ذلك عن عمر لما رواه وجزم به، وقال: قال عمر بن الخطاب، ولو قدر أنه لم يحفظ عن عمر، فتداول هؤلاء الأئمة له غير مقابلين له بالإنكار والرد، مع أنهم ينكرون على من خالف السنة بدون هذا، فلو كان هذا القول عند هؤلاء الأئمة من البدع المخالفة لكتاب الله وسنة رسوله وإجماع الأئمة لكانوا أول منكر له. قال: ولا ريب أن من قال هذا القول عن عمر، ونقله عنه إنما أراد بذلك جنس أهل النار الذين هم أهلهما، فأما قوم أصيبوا بذنوبهم، فقد علم هؤلاء وغيرهم أنهم يخرجون منها، وأنهم لا يلبثون قدر رمل عالج، ولا قريبا منه. ثم أخذ ابن القيم يناقش كل ما يرد من اعتراضات وإشكالات على هذا القول الذي مال إليه، ثم ذكر في فصل مستقل الطرق الستة للذين يقطعون بدوام النار، وبعدها أخذ يناقشهم في كل طريق من تلك الطرق، بما يضعف استدلالهم به، ويرد عليهم بتوسع وتفصيل، ثم عقد فصلا مستقلا لبيان الفرق بين دوام الجنة والنار شرعا وعقلا من عدة وجوه: [يراجع حادي الأرواح 433-446)]. إن القارئ لكلام ابن القيم في هذا الموضع، يخرج بنتيجة مفادها أنه يجنح ويميل إلى القول السابع، وهو القول بفناء النار، ولا يخرجه عن ذلك الفهم كل ما يُلْجأ إليه من طرق ومسالك التأويل والإتيان بأقوال أخرى له تعارض ذلك التقرير والاستدلال والاحتجاج. ثم إن من يقف على كتاب: "رفع الأستار لإبطال أدلة القائلين بفناء النار" للعلامة محمد بن إسماعيل الصنعاني، وبتحقيق الشيخ محمد ناصر الدين الألباني، يتأكد لديه أن ابن تيمية وتلميذه ابن القيم كانا يقولان بهذا القول، فإن المؤلف ضعف الأثر الذي استدل به ابن تيمية وتبعه في ذلك ابن القيم قائلا: "وأقول فيه شيئان الأول من حيث الرواية فإنه منقطع لنص شيخ الإسلام بأنه لم يسمعه الحسن من عمر واعتذاره بأنه لو لم يصح للحسن عن عمر لما جزم به، يلزم أن يجري في كل مقطوع يجزم به روايه، ولا يقول هذا أئمة الحديث كما عرفت في قواعد أصول الحديث، بل الانقطاع عندهم علة والجزم معه تدليس وهو علة أخرى ولا يقوم بمثل ذلك الاستدلال في مسألة فرعية كيف في مسألة قيل أنها أكبر من الدنيا بأضعاف مضاعفة...". ويقول الشيخ الألباني في مقدمة تحقيقه: لأن مؤلفها الإمام الصنعاني -رحمه الله تعالى- رد فيها على شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن القيم ميلهما إلى القول بفناء النار بأسلوب علمي رصين دقيق "من غير عصبية مذهبية، ولا متابعة أشعرية ولا معتزلية" كما قال هو نفسه -رحمه الله تعالى- في آخرها، وقد كنت تعرضت لرد قولهما هذا منذ أكثر من عشرين سنة بإيجاز في "سلسلة الأحاديث الضعيفة" في المجلد الثاني منه (ص 71 - 75) ". ثم إن الشيخ الألباني بعد أن أطال النفس في مناقشة الأدلة والآثار، وبيان ضعفها وعدم قيام الحجة بها لم يجد ما يعتذر به عن شيخ الإسلام ابن تيمية إلا أن يقول: " فأقول: إن أحسن ما أجد في نفسي من الجواب عنهما إنما هو أنه لما توهما أن بعض الصحابة قد ذهبوا إلى ذلك وهم قدوتنا جميعا لو صح ذلك عنهم رواية ودراية ولم يصح كما سيأتي بيانه عند المؤلف الصنعاني -رحمه الله- واقترن مع ذلك غلبة الخوف عليهما من الله: (ولمن خاف مقام ربه جنتان). والشفقة على عباده -تعالى- من عذابه، وغمرهما الشعور بسعة رحمته وشمولها حتى للكفار منهم، وساعدهما على ذلك ظواهر بعض النصوص ومفاهيمها فأذهلهما ذلك عن تلك الدلالة القاطعة، وقالا ما لم يقل أحد قبلهما وما أرى لهما شبها في هذا إلا ذلك المؤمن الذي أوصى أهله أن يحرقوه بالنار ليضل عن ربه فلا يقدر على تعذيبه زعم كما قال -صلى الله عليه وسلم-: ((قال رجل لم يعمل حسنة قط لأهله: إذا مات فحرقوه ثم اذروا نصفه في البر ونصفه في البحر فوالله لئن قدر الله عليه ليعذبنه عذابا لا يعذبه أحدا من العالمين فلما مات الرجل فعلوا ما أمرهم به فأمر الله البر فجمع ما فيه وأمر البحر فجمع ما فيه ثم قال: لم فعلت هذا؟ قال: من خشيتك يا رب وأنت أعلم فغفر الله له))[أخرجه الشيخان وغيرهما]. لم أرد من بحث هذه المسألة -مع أنها تحتمل كلاما طويلا ودقيقا- إلا بيان ما يلابسها من ثغرات يمكن للمخالف أن يلج من خلالها، فإن ما يجنح إليه بعض المحاورين من أهل السنة، من نفي نسبتها إلى ابن تيمية، وابن القيم، هي محل بحث وتحقيق وتدقيق، فإن كلامهما المنقول عنهما في المواضع آنفة الذكر تقوي نسبة القول بفناء النار إليهما، أو على الأقل يجعل القضية محل التباس وشكوك، مما يضطر المحاور السني إلى تجاوز مسألة القطع بإثبات القول بها أو نفي ذلك عن ابن تيمية وابن القيم، إلى تقرير أصل عظيم وهو أن ابن تيمية وغيره من علماء المسلمين يجري عليهما ما يجري على سائر أئمة أهل السنة والجماعة من الخطأ والصواب، وأن الله لم يتعبدنا بمتابعة كلام ابن تيمية، فنحن نحترمه ونجله ونقدره، ولكننا لا نقدسه ونجعل كلامه معصوما لا يقبل الخطأ، أو لا يداخله الخلل، ويعتريه النقص، وليس ككلام أولئك الأحمديين الذين يعتقدون في مؤسس جماعتهم أن كلامه معصوم لأنه بوحي من الله، وليس كلامه ككلام ابن تيمية أو غيره من علماء المسلمين وأئمتهم -كما يعتقد أولئك الأحمديون في مسيحهم الموعود-.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |