|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() الأساس الأهم للتصميم الهندسي لمباني مؤسسات خدمة المتقاعدين والمتقاعدات هشام محمد سعيد قربان حاجات الإنسان هي رُوح خطوط التصميم الهندسي أعده وقدمه: هشام محمد سعيد قربان[1] مقدمة: إن المبانيَ منذ القِدم - بتنوعها - ما هي إلا وسائل، وليست غايات في ذاتها، وهذه الوسائل موصلة إلى غايات وحاجات وُجدت لدى الإنسان قبل تشييد هذه المباني. أظن - والله أجل وأعلم - أن الغايةَ الأولى التي دفعت الإنسان القديم لاختيار سكنى الكهوف - مثلًا - هي حاجته لمأوى يحميه من البرد والمطر والرياح وأخطار أخرى، وبعدها أدخل الإنسان على كهفه تعديلات، وجرَّبها لتلبية حاجات أخرى، مثل: الملكية الفردية، والخصوصية، والتهوية، والحماية من الأعداء، ووسائل للإنذار المبكر، والمرتبة الاجتماعية، وحاجيات الغذاء والشراب له ولأسرته، فجعل للكهف بابًا ومدخلًا ومنفذًا للتهوية، وقسَّم الكهف إلى أجزاء وظيفية، يلبي كل منها حاجة من حاجاته. كما أدرك الإنسان أن بإمكانه بناءَ مأوًى يحاكي الكهف، باستعمال الحجارة أو مواد أخرى، مثل: أغصان الأشجار والطين. أعتقد أن الحاجة التعبيرية والجمالية كانت - ولم تزل - من الحاجات الغريزية الدفينة لدى الإنسان، وكذلك من الحاجات الدافعة للتصميم ما يتعلق بمنظور الإنسان للحياة والموت، وتصوره لمرحلة ما بعد الموت؛ لذا أدخَل على منزله لمساتٍ جمالية مستوحاة من بيئته وديانته وخياله، ونقش على جدران منزله رسومًا يصف بها محيطه وأعداءه، وأهم أحداث حياته، وما يتوقعه بعد مماته. لقد تحوَّر وتطور مفهوم الإنسان عن هذه المباني وتصميمها، ومواد البناء المستخدمة عبر الزمن مع تطور معارفه، ونمو رصيده التجريبي، واطلاعه على تجارِب الآخرين. لعل مِن أهم الدروس والعلاقات التي تعلمها الإنسان منذ القدم إلى عصرنا هذا: أن الحاجة هي الأساس الأهم والمنطلق في تصميم المباني المختلفة، وكما نلحظ تفاوت مرتكز تعريف الإنسان للحاجة، فتارة يقدم الوظيفة على الحاجات الجمالية للمباني، وفي ظروف أخرى نجده يقدم الحاجة الجمالية الفنية على الحاجات الوظيفية، وأحيانًا يوازن بين الحاجة الوظيفية والبُعد الجمالي. ليس هذا عرضًا مفصلًا لتاريخ العمارة وهندستها، ولكنه إطلالة سريعة وعجِلة تحاول تفسير ما تركِّز عليه كثير من مدارس التصميم الهندسي للمباني من ضرورة تأسيس التصميم الهندسي على فهمٍ دقيق ومفصل للاحتياجات الوظيفية والنفسية والجمالية لمستخدمي هذه المباني؛ أفرادًا وجماعات، ومنشآت ومجتمعات. إن الناظرَ للمؤلفات الحديثة المتخصصة في تعليم التصميم الهندسي يجدها تذكر في مستهل خطوات التصميم الهندسي للمنشآت مرحلة تهتم بفهم الاحتياجات المبتغاة من المبنى المراد تصميمه، وتطلعات الجهة الممولة لتصميم البناء وبنائه وتشغيله، ويصطلح بعضُهم على تسميتها بالمعطيات للتصميم الهندسي، أو حاجات المستخدم، وتسمى باللغة الإنجليزية مرحلة ملخص التصميم: Design Brief يعترف البعضُ من العاملين في مجال التصميم الهندسي أنهم في أحايينَ كثيرة لا يُولُون مرحلة فهم المعطيات والاحتياجات أهمية ووقتًا وجهدًا كافيًا، ويعتذر بعضهم بتدني وعي وقلة صبر وتعجل من يستخدمهم لعمل التصاميم، مما يضطرهم إلى تجهيز تصاميمَ هندسية جميلة المظهر، تقدم هدف إغراء وإرضاء العملاء ومجاراة عجلتهم على هدف أعلى وأسمى، هو إعطاء كل مرحلة من مراحل التصميم ما تستحقه من جهد وفكر ومنهجية، ونخص بالذكر هنا مرحلة فهم المعطيات واحتياجات وأهداف الجهة والفئات المستهدفة من المباني المراد تصميمها. إن جمال التصميم - مع نسبيته - أمرٌ مطلوب ومهم؛ فهو يلبي حاجة من حاجات الفئات المستهدفة لأي مبنى أو منتج يراد تصميمه، ولكن الحاجة الجمالية لا تكفي وحدها في التصميم الهندسي؛ فلا بد من تناغم اللمسات الجمالية في التصميم مع حاجات أخرى، منها: ما هو وظيفي مباشر يسهل معرفته، ومنها ما يتصل بالطبيعة البشرية عمومًا، والذوق المجتمعي والاعتبارات الحضارية والدينية الخاصة، ولمعرفة هذا الصنف العريض من الحاجات يحتاج المصمم إلى بذل مزيد جهد في دراسة المجتمع والمحيط الذي يستهدفه التصميم، والذي يتوقع توافق التصميم مع ذوقه وحضارته ومنظوره الجمالي الخاص، فليس كل تصميم جميلٍ في ذاته مقبولًا عند الفئات المستهدفة. يوضح الشكل الإيضاحي رقم 1 هذه الفكرة بطريقة مقنعة، ولكنها قد تكون صادمةً للبعض، وهذا يجعلنا نَدين لهم بالاعتذار سلفًا؛ فمقصدنا هنا الدلالة والإقناع. نرى في هذا الشكل رقم 1 تصميمًا لما يسميه البعض بكرسي الحمام الإفرنجي، لعل مَن صمَّمه يصفه بالجمال من جهة جمال وصفاء مادة البلور التي صنع منها، كما يذكر المصمم أن هذا النوع من البلور مقاوم للكسر، ويحافظ على صفائه لمائة عام، والبلور مادة لا تلوث البيئة، ولكن النفس الإنسانية لها حاجات أخرى يصادمها هذا التصميم بقوة، مما يجعله مرفوضًا ومستقذَرًا؛ فالنفس كما تحتاج الجمال فهي تمقت القُبح، ويكمن في هذا الشعور حاجة للنفس غير مباشرة، هي حمايتها من القبح، فهي تستهجن - فطرةً - من النظر إلى البراز والبول، وتعدها من القاذورات؛ فجمال هذا التصميم للحمام الإفرنجي في ذاته لا يكفي، بل إن ما يدعي المصمم جماله يعُدُّه المستخدم لمثله قبحًا وقذارةً ومصادمة للذوق السليم؛ لذا فشِل هذا التصميم حين ركز على جوانب الحاجات الجمالية، وتغافَل عن الحاجات الذوقية الأعلى، والاعتبارات النفسية المرتبطة بالجمال والطُّهر والنظافة. بناءً على هذه المقدمة، سيكون المدخل المفضَّل إلى المبحث الذي بين أيدينا هو: أهمية بل ضرورة أن تتقدم مرحلةُ فهم وتفصيل وتحديد احتياجات الإنسان المستهدف كلَّ المراحل الأخرى للتصميم الهندسي للمباني. المرحلة الأولى للتصميم الهندسي لمباني جمعيات المتقاعدين: إن فهمَ احتياجات المتقاعدين وتطلعاتهم ورؤية جمعياتهم وأهدافها هو المدخلُ لعملية التصميم الهندسي الذي يفضِّله ويتبناه هذا البحث، ولعل ما ذُكر في المقدمة يفسر هذا القرار؛ لذا سنؤجِّل مرحلة الرسم والتصميم على الورق إلى وقت متأخر على أيدي أهل الاختصاص والخبرة، ونقدم - بلا منافس - البحثَ المتصل بمرحلة فهم احتياجات الفئات المستهدفة ورُؤَاها وتطلعاتها. الفئات المستهدفة من مباني جمعيات ومؤسسات المجتمع المدني التي تخدُمُ المتقاعدين: إن المتقاعدين والمتقاعدات هم مَن توقف عن العمل بعد عمله لمدة محددة نظامًا، أو بعد اشتراكهم في نظام التأمينات أو ما يناظره، وأصبحوا بهذا من مستحقي المخصصات والرواتب التقاعدية، ويأتون من شتى الوزارات الحكومية بين مدنيين وعسكريين، كما تأتي نسبة مهمة منهم من المنشآت والشركات الخاصة. يبيِّن الشكل الإيضاحي رقم 2 التباين الشديد في بعض السِّمات التي تتعلق بالمتقاعدين، كما يبين بعض المشاعر والحاجات المرحلية المختصة بهم، وهذا التفاوت في سِمات وخصائص الفئات المستهدفة يشكل تحديًا واضحًا يواجه جمعيات ومؤسسات المتقاعدين مقارنة بغيرها من مؤسسات المجتمع المدني التي تستهدف فئةً محددة ومركزة، مثل مَن تجمعهم هواية ما أو قضية مشتركة. الشكل الإيضاحي رقم 2: بعض السمات الخاصة بالمتقاعدين والمتقاعدات، فكرة وإعداد هشام محمد سعيد قربان، 2017. أعمارهم، وأصنافهم فوق الخمسين - أعمار متأخرة، رجالًا ونساءً، متزوجين وعزَّابًا متوسط العمر المتوقع - 2016 (إحصاءات منظمة الصحة العالمية)74 سنة. هل توجد إحصاءات مفصلة عن المتقاعدين؟ هنالك حاجة ماسة لقواعد بيانات وإحصاءات مفصلة. المستوى التعليمي: متفاوت جدًّا، ويشمل كل المراحل التعليمية، مِن أدناها إلى أعلى الدرجات العلمية. حالتهم الصحية: متفاوتة جدًّا؛ فبعضهم صحيح قادر على الحركة، وبعضهم يتؤكأ على عصا أو يستعمل كرسيًّا متحركًا للمشي، ويشكو كثيرٌ منهم من أمراض تتعلق بالشيخوخة وغيرها، كما يذكر المختصُّون إصابة نسبة منهم بعِلل نفسية، مثل: الكآبة، والقلق المرضي. السمات النفسية: شعورٌ بالإنجاز والفخر، مرجعه طول الخدمة في أعمالهم، وهم في مرحلة عمرية متقدمة نسبيًّا، ولديهم خبرات وتجارِب حياتية غنية، كلٌّ في مجاله. أثر الحالة الصحية على نفسيات المتقاعدين: إن لداءِ السكري وأمراض الضغط والقلب وصعوبة الحركة وغيرها مِن العلل آثارًا سلبية على الصحة النفسية. مشاعر وحاجات خاصة: يشترك كثيرٌ مِن المتقاعدين في إحساسهم بنوع من الخِذلان الحكومي والجحود المجتمعي، متمثلًا في تدني وتجمد المخصصات المالية لفئات منهم، وعدم مواكبتها للتضخم والتغيرات الاقتصادية. كما يُحسُّون ببعض عزلة عن المجتمع، ويرون أنهم مُقْصَوْنَ عن تيار الإنتاج والعطاء، ولا تستغل خبراتهم وطاقاتهم. ويشكو كثيرٌ منهم من الفراغ والملَل، ولعل لهذا صلةً بقلة أصحاب الهوايات منهم، وموت الأقران، وانقراض مفهوم الأسرة الممتدة التي تجمع في منزل واحد الجَدَّ والأبناء وزوجاتهم والأحفاد. ولعل كثيرًا منهم يَحِنُّ لماضيه وأيامه الخوالي، ويشتاق للقاء أصدقائهم القدامى ورفاق العمل والكفاح. محاولة تحديد حاجات المتقاعدين والمتقاعدات التي يأملون أن يلبيها المبنى المصمم لهم: الشكل الإيضاحي رقم 3: النظر للمتقاعد على كونه إنسانًا له جسم وعقل وقلب ومشاعر، يسهم في تحديد بعض حاجاته الفردية المرحلية التي ينبغي على المصمم أن يعرفها ويفهمها ويحاول مراعاتها. ترجمة ومراعاة حاجات المتقاعدين والمتقاعدات في تصميم المباني المعدة لخدمتهم: الشكل الإيضاحي رقم 4: الانتقال من الحاجات إلى التصميم، بحيث يترجم التصميم الحاجات ويلبيها تلبية واضحة؛ فمثلًا يلبي التصميم الحاجات الفكرية الخاصة بالمتقاعدين بتصميم وبناء مكتبات خاصة ذات محتوى خاص، وفصول دراسية ومصادر حديثة للتعلم الذاتي والصفي والتعلم عن بُعْد. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |