|
ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تكوين الجماعة المؤمنة وإعدادها لمواجهة الأحداث الشيخ عاطف عبدالمعز الفيومي معالم تأهيل الأمة الإسلامية لمرحلة القيادة والخلافة الإسلامية (1) تكوين الجماعة المؤمنة وإعدادها لمواجهة الأحداث وهنا نضع بعض المعالم والإشارات التي نحسب أنها تؤهل الأمة الإسلامية للسير حثيثًا نحو إقامة حكم الله في الأرض، والتمكين لدينه. أولاً: تكوين الجماعة المؤمنة وإعدادها لمواجهة الأحداث: بعث النبي صلى الله عليه وسلم فأقام دولة الإسلام بعد صبر وثبات، وبعد أن عمل على تكوين الجماعة المؤمنة، التي تحمل هذا المنهج الرباني للعالمين، وأعدها إعداداً كبيراً وبديعاً لمواجهة الأحداث والتقلبات التي أقامها المعسكر الجاهلي ضد الإسلام ودعوته الراشدة، وهذا هو الواجب على الأمة الإسلامية اليوم، وفي ظل هذه المتغيرات الكبيرة. وقد تصدى الغرب الصليبي، والعقل الصهيوني اليهودي، والمعسكر الشرقي والشيوعي، لمواجهة دعوة الإسلام المتمثلة في هذه الصحوة الإسلامية ودعاتها وطلبة العلم فيها وغيرهم، هذه الدعوة التي أذن الله لها أن تتناثر في ربوع العالم كله شرقاً وغرباً، بل وفي العالم الغربي والأوربي والشرقي والشيوعي. وهذا من وعد الله تعالى بأن يظهر الإسلام على الدين كله، ولن تستطيع أي قوة في الأرض أن تقف له، أو أن تمنعه من الزحف والتقدم إلى قلوب الناس مهما كان شأنها وسلطانها كما أخبر بذلك في كتابه العزيز: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ ﴾[التوبة: 33]، وقال تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللَّهِ شَهِيداً ﴾[الفتح: 28]. ومن هنا وجب على الدعاة إلى الله والساعين لوعد الله تعالى بإيجاد وتكوين هذه الجماعة التي تقود الناس وتسوسهم بهذا الدين العظيم، وهذا التكوين للجماعة المؤمنة يعني الشيء الكثير: 1- إنه يعني التربية على العقيدة الصحيحة، التي تستمد من كتاب الله وسنة رسوله وصحابته رضي الله عنهم، هذه العقيدة التي غرست منابع الإيمان في قلوبهم، وجعلت من الإيمان زاداً لهم، فاستعلوا بعقيدتهم على دنايا النفوس وشهواتها، واستعلوا بها على دنايا الدنيا وزخارفها الفانية، واستعلوا بها على طواغيت الظلم وأساطين الفساد، واستعلوا بها على المناصب والسلطان، فكانوا هم الأعلون بإيمانهم، والأعلون بعقيدتهم كما قال تعالى: ﴿ فَلَا تَهِنُوا وَتَدْعُوا إِلَى السَّلْمِ وَأَنتُمُ الْأَعْلَوْنَ وَاللَّهُ مَعَكُمْ وَلَن يَتِرَكُمْ أَعْمَالَكُمْ ﴾[محمد: 35]، وقال تعالى: ﴿ وَلاَ تَهِنُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَنتُمُ الأَعْلَوْنَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ ﴾[آل عمران: 139]، وقال أبو الحسن الندوي رحمه الله: "بهذا الإيمان الواسع العميق والتعليم النبوي المتقن، وبهذه التربية الحكيمة الدقيقة وبشخصيته الفذة، وبفضل هذا الكتاب السماوي المعجز الذي لا تنقضي عجائبه ولا تخلق جدته، بعث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الإنسانية المحتضرة حياة جديدة. عمد إلى الذخائر البشرية وهي أكداس من المواد الخام لا يعرف أحد غناءها، ولا يعرف محلها وقد أضاعتها الجاهلية والكفر والإخلاد إلى الأرض فأوجد فيها بإذن الله الإيمان والعقيدة وبعث فيها الروح الجديدة، وأثار من دفائنها وأشعل مواهبها، ثم وضع كل واحد في محله فكأنما خلق له، وكأنما كان المكان شاغراً لم يزل ينتظره ويتطلع إليه، وكأنما كان جماداً فتحول جسماً نامياً وإنساناً متصرفاً وكأنما كان ميتاً لا يتحرك فعاد حياً يملي على العالم إرادته وكأنما كان أعمى لا يبصر الطريق فأصبح قائداً بصيراً يقود الأمم: ﴿ أَوَ مَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ ﴾[الأنعام: 122]. عمد إلى الأمة العربية الضائعة وإلى أناس من غيرها فما لبث العالم أن رأى منهم نوابغ كانوا من عجائب الدهر وسوانح التاريخ، فأصبح عمر الذي كان يرعى الإبل لأبيه الخطاب وينهره وكان من أوساط قريش جلادة وصرامة، ولا يتبوأ منها المكانة العليا، ولا يحسب له أقرانه حساباً كبيراً، إذا به يفجأ العالم بعبقريته وعصاميته[1]، ويدحر كسرى وقيصر عن عروشهما ويؤسس دولة إسلامية تجمع بين ممتلكاتهما وتفوقهما في الإدارة وحسن النظام فضلاً عن الورع والتقوى والعدل الذي لا يزال فيه المثل السائر. وهذا ابن الوليد كان أحد فرسان قريش الشبان انحصرت كفاءته الحربية في نطاق محلِّيٍ ضيق يستعين به رؤساء قريش في المعارك القبلية فينال ثقتهم وثناءهم، ولم يحرز الشهرة الفائقة في نواحي الجزيرة، إذ به يلمع سيفاً إلهياً لا يقوم له شيء إلا حصده، وينزل كصاعقة على الروم والفرس ويترك ذكراً خالداً في التاريخ. وهذا أبو عبيدة كان موصوفاً بالصلاح والأمانة والرفق ويقود سرايا المسلمين إذا به يتولى القيادة العظمى للمسلمين ويطرد هرقل من ربوع الشام ومروجها الخضراء ويلقي عليها الوداع ويقول: سلام على سورية سلاماً لا لقاء بعده. وهذا عمرو بن العاص كان يُعد من عقلاء قريش وترسله في سفارتها إلى الحبشة تسترد المهاجرين المسلمين فيرجع خائباً إذا به يفتح مصر وتصير له صولة عظيمة. وهذا سعد بن أبي وقاص لم نسمع به في التاريخ العربي قبل الإسلام كقائد جيش ورئيس كتيبة، إذا به يتقلد مفاتيح المدائن، وينيط باسمه فتح العراق وإيران. وهذا سلمان الفارسي كان ابن موبذان في إحدى قرى فارس لم يزل يتنقل من رق إلى رق ومن قسوة إلى قسوة إذا به يطلع على أمته كحاكم لعاصمة الإمبراطورية الفارسية التي كان بالأمس أحد رعاياها، وأعجب من ذلك أن هذه الوظيفة لا تغير من زهادته وتقشفه فيراه الناس يسكن في كوخ ويحمل على رأسه الأثقال. وهذا بلال الحبشي يبلغ من فضله وصلاحه مبلغاً يلقبه فيه أمير المؤمنين عمر بالسيد، وهذا سالم مولى أبي حذيفة يرى فيه عمر موضعاً للخلافة يقول: لو كان حياً لاستخلفته. وهذا زيد بن حارثة يقود جيش المسلمين إلى مؤتة وفيه مثل جعفر بن أبي طالب وخالد بن الوليد، ويقود ابنه أسامة جيشاً فيه مثل أبي بكر وعمر. وهذا أبو ذر والمقداد وأبو الدرداء وعمار بن ياسر ومعاذ بن جبل وأبي بن كعب، تهب عليهم نفحة من نفحات الإسلام فيصبحون من الزُّهاد المعدودين والعلماء الراسخين. وهذا علي بن أبي طالب وعائشة وعبد الله بن مسعود وزيد بن ثابت وعبد الله بن عباس قد أصبحوا في أحضان النبي الأمي صلى الله عليه وسلم من علماء العالم يتفجر العلم من جوانبهم وتنطق الحكمة على لسانهم، أبّر الناس قلوباً وأعمقهم علماً وأقلهم تكلفاً، يتكلمون فينصت الزمن ويخطبون فيسجل قلم التاريخ"[2]. 2- كما أن التكوين للجماعة المؤمنة يعني الاهتمام بالعلم الشرعي والنافع في جميع مجالات الحياة، وإحياءه، والحث عليه، والازدياد منه، فأمة لا تعرف العلم أمة جاهلة، وأمة لا تتعلم أمة محكوم عليها بالفناء والنسيان، وأمة لا تعرف أمر الله وأمر رسوله، أمة لا تنصر ولا تمكن ولا تكون لها سيادة ولا قيادة. إن أول آيات تنزلت في رسالة هذه الدعوة كانت تأمر بالقراءة والعلم، وتحث على كشف مغاليق العلوم التي أودعها الله في الإنسان والكون كما قال تعالى: ﴿ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ * خَلَقَ الإنسَانَ مِنْ عَلَقٍ * اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأكْرَمُ * الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ * عَلَّمَ الإنسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ ﴾ [العلق: 1-5]، ولا تخفى علينا مكانة العلم والعلماء عند الله تعالى. فالواجب أن تعني الأمة الإسلامية على القيام بتعليم أبناءها العلم الشرعي المتعلق بالكتاب والسنة، والعمل على إحياء هذه العلوم بين طلبة العلم تعلمًا وتعليمًا، وشرحًا وتفهيمًا، وحفظًا وإتقانًا، حتى تسري فيها روح العلم بنور الوحي المنزل على النبي صلى الله عليه وسلم، فتحيى به القلوب الموات، وتسعد النفوس الحزينة، ويعود لنا أحفاد الصحابة والتابعين، وأحفاد عمر وابن عباس وابن ومسعود وخالد وأبو عبيدة رضي الله عنهم أجمعين، ونعني بعلم الكتاب والسنة ما يلي: أما علم الكتاب: فيتمثل في طلب العلوم القرآنية التي تدلنا على معاني القرآن، وعلى ناسخه ومنسوخه، وعلى المحكم والمتشابه، وعلى معرفة أسباب نزول القرآن، ونوجزها فيما يلي: 1- علم التجويد وأدب التلاوة خاصة في الجانب العملي. 2- علم أسباب النزول وأمكنة النزول لفهم وقائع وأسباب نزول القرآن. 3- علم الناسخ والمنسوخ ليُفهم الحكم الناسخ والمنسوخ عند العمل به. 4- علم الرسم العثماني. 5- علم القراءات المتواترة وغيرها. 6- علم غريب القرآن. 7- علم التفسير بأقسامه وهو من أجل علوم القرآن لفهم مراد الله تعالى. 8- علم ترجمة القرآن. 9- علم الفهارس القرآنية. هذه أهم علوم الكتاب المطلوب العودة إليها تعلمًا وتعليمًا، وحفظًا وإتقانًا باختصار. أما علم السنة: أما بالنسبة إلى علم السنة النبوية فهو لا يقل أهمية عن الحديث عن القرآن وعلومه، لأن السنة هي المصدر الثاني من مصادر التشريع، ولأنها أيضًا هي المفسرة للقرآن والمبينة لمجمله، ولمبهمه، ولخاصه ولعامه، ولأن كتاب الله لا يفهم غالبًا إلا من خلالها بالتبيين الذي بينه النبي صلى الله عليه وسلم، وهذه بعض علوم السنة الهامة، والتي يحتاج إليها طالب العلم والباحث عن المعرفة الصحيحة: 1- علم الجرح والتعديل. 2- علم معرفة الصحابة وأحوالهم. 3- علم تاريخ الرواة وحياتهم. 4- علم معرفة الأسماء والألقاب والكنى. 5- علم مصطلح الحديث ومعرفة الصحيح والحسن والضعيف، وكذا معرفة المتواتر والآحاد، والموضوع وأقسامه وغيرها. 6- علم الناسخ والمنسوخ في السنة وما يترتب عليها من أحكام شرعية. هذه أهم العلوم المتعلقة بالكتاب والسنة ولا مجال هنا للكلام عن كل العلوم، ولكن ينبغي الاهتمام أولا بهذين الأصلين ثم بالعلوم الموصلة إليهما والمستنبطة منهما وعلوم أصول الفقه والاستدلال، وعلوم اللغة والسير والتاريخ والفرق والمذاهب، وغيرها كثير، إلى جانب العلوم الأخرى كالطب والحساب والفلك والكيمياء وغيرها أيضاً، فمعرفة هذه العلوم تبني عقول الأمة بالمعرفة الصحيحة بربها ودينه وشريعته، وتنبني المعرفة الصحيحة بالكون وخالقه، فلا ينبغي الإهمال والإعراض عن هذا النور الرباني الذي قال الله فيه: ﴿ وَقُلْ رَبِّ زِدْنِي عِلْمًا ﴾ [طه: 114]. 3- كما أن التكوين للجماعة المؤمنة يعني العمل بما أوجبه الله تعالى ورسوله في الكتاب والسنة، وأن تحول الجماعة المؤمنة هذا العلم، إلى واقع عملي في كل شؤون حياتها، وأن يكون العمل بهما شعار المؤمنين، ومنهاج حياتهم، ودستور أخلاقهم. إن على أفراد أمتنا أن تأخذ بجد وعزيمة على أنفسها أحكام القرآن، وكذلك أحكام السنة موضع العمل الحياتي الواقعي، فلا تكتفي بإلقاء الخطب والمحاضرات، ونشر الكتب الإسلامية والأشرطة والمجلات الدعوية. بل لابد لهذا الدين من واقع يسري فيه، وحياة يعمل فيها، كما تصوره وكانه أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقد تمثلوا الكتاب والسنة واقعًا عمليًا، ومنهاجًا هاديًا، وأخلاقًا كريمة، وآدابًا كاملة، وحبًا صادقًا، والتاريخ الإسلامي حافل بذلك المداد النوراني العظيم، قال سبحانه وتعالى: ﴿ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُم مَّن قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُم مَّن يَنتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلاً ﴾[الأحزاب: 23]. وهكذا كان السلف والتابعون من بعدهم عاملين بالكتاب والسنة متحاكمين إليهما، آخذين بأحكامهما حتى سعدوا دنيا وأخرى رضي الله عنهم أجمعين. إن اتباعنا للقرآن ملزم لنا عملاً أن نتدبره حينما نتلوه، وأن نتفهم آياته ومعانيه، كما قال سبحانه: ﴿ كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الألْبَابِ ﴾[ص: 29]. وملزم لنا العمل به في حياتنا كلها سواء في مأكلنا ومشربنا، وفي ملبسنا وفي مدخلنا ومخرجنا، وفي أفراحنا وأتراحنا، وفي الرخاء والشدة، وفي السلم والحرب، وفي كل مناحي حياتنا وضروبها، هكذا نتمثله واقعًا كما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - قرآنًا يمشي على الأرض. وكان أيضًا النموذج العملي والقدوة الهادية في العمل بالسنة، في حياته وحتى مماته، وكذا نحن ملزمون بذلك كما قال سبحانه: ﴿ لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِّمَنْ كَانَ يَرْجُو اللهَ وَالْيَوْمَ الآَخِرَ وَذَكَرَ اللهَ كَثِيرًا ﴾[الأحزاب: 21]. بهداه أيها الداع اقتده ![]() واتبع الأخرى وأخلص في العمل ![]() لقد علمنا النبي عليه الصلاة والسلام السنة الكاملة في جميع شؤوننا، في مأكلنا ومشربنا، وفي سفرنا وإقامتنا، وفي سلمنا وحربنا، وفي شدتنا ويسرنا، وفي نومنا ويقظتنا، علمنا كل ذلك وأكثر من ذلك ومن شاء العلم والعمل فليرجع إلى كتب السنة النبوية من الصحاح والمسانيد والسنن، فإن فيها الخير الكثير، وأيسر الكتب الدالة على هديه وفضله كتاب زاد المعاد لابن القيم، والأذكار ورياض الصالحين للإمام النووي رحمهما الله تعالى. والخلاصة: أن الواجب علينا أن نجعل العمل بالكتاب والسنة شعارنا في كل أمورنا وأحوالنا. 4- كما أن التكوين للجماعة المؤمنة يعني أن تقوم بواجبها نحو ربها ودينها بالدعوة إليه بالحكمة والموعظة الحسنة، وإن الدعوة إلى الكتاب والسنة قولاً وعملاً، فهمًا وتطبيقًا، ليست من ضروب التطوع، كلا بل هي فرض على كل مسلم مكلف كل بحسبه؛ لأنها دعوة إلى الله ورسوله، وهي دعوة إلى الاعتصام بالإسلام كله في عقائده وعباداته، وفي سلوكه وأخلاقه، وفي حياته ومعاملاته، فهي لازمة على المسلم. وهي كذلك جزء كبير من حمله رسالة التوحيد والهدي إلى جميع الخلق كل على قدر استطاعته وفي حدود إمكانياته المتاحة، وعلى قدر فهمه وعلمه، قال الله تعالى: ﴿ قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي وَسُبْحَانَ اللهِ وَمَا أَنَا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ﴾[يوسف: 108]. فأتباع النبي صلى الله عليه وسلم هم المؤمنون به، يدعون إلى الله على بصيرة، أي على علم ويقين، كما كان رسول الله يدعو إلى الله على بصيرة ويقين، ومن ذلك أن من اللوازم الضرورية لإيمان المسلم أن يدعو إلى الله، فإذا تخلف عن الدعوة، أو قصر في واجبها دل ذلك على وجود نقص وخلل في إيمانه يجب عليه تداركه بالقيام بواجب الدعوة إلى الله تعالى. إذًا الأمة الإسلامية بمجموع أفرادها شركاء في هذه الوظيفة الربانية مطالبون بها، لأنها تقوم بواجبها الذي فرضه الله عليها وأمرها به في نشر المبادئ السامية، والقيم الأخلاقية، والمفاهيم الإسلامية، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، مع كونها متمسكة بهذه المبادئ والأصول، وتلك الأخلاق والفضائل قال الله عز وجل: ﴿ كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ ﴾ [آل عمران: 110]. وإن من عجيب الأمر أن ترى أتباع الإلحاد والزندقة والعلمنة، وكذلك التنصير لهم دعاة يتحركون في كل أرجاء الأرض، من مبشرين ومنصرين وغيرهم، ويحملون هم ذلك مع أنهم على الباطل. أما أهل الحق والتوحيد فهم في غياهب الغفلات، وفي أودية الشهوات، لا يحملون هم هذا الدين، ولا هم الدعوة إليه، إلا القلة القليلة المؤمنة، التي نحسبها على الخير، ولا نزكيها على الله تعالى، فمن هنا ينبغي أن نعلم أننا مكلفون بهذا الأمر، وهذه الأمانة، فمن الواجب علينا نحن أمة الإسلام، أن نتحرك، وأن ندعو إلى الحق الذي نحمله. إن العمل للإسلام أصبح اليوم ضرورة ملحة لمواجهة التحديات القائمة، والمؤامرة الكبيرة التي تحاك للنيل من الإسلام وأهله، وإن مسئولية العمل للإسلام واجب تكليفي شرعي، تعد مسئولية فردية، فمن لم يحمل هم المسلمين فليس منهم، كما هي واجب جماعي من حيث الحركة التنفيذية، إنه لا ينبغي على المسلم أن يعيش لشهوات نفسه وملذاتها فقط، بل إنه خلق ليقيم رسالة الله في أرضه وعبادته، ويقيم خلافته الراشدة، فعلى المسلم أن يعيش للإسلام وللإيمان، لا أن يعيش للدنيا والشهوات، بل يشارك في حمل هذا العبء الثقيل ليكون أهلاً لرضوان الله في الآخرة وليكون أهلاً لكرامته. يتبع
__________________
|
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |