عظم وفضل البلد الحرام - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 815 - عددالزوار : 118190 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40012 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 366517 )           »          تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-12-2019, 04:09 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,191
الدولة : Egypt
افتراضي عظم وفضل البلد الحرام

عظم وفضل البلد الحرام

وأن الهدف الأساسي للحج هو تعظيم الله وتوحيده عز وجل


إيمان بنت محمد القثامي


﴿ وَإِذِ ابْتَلَى إِبْرَاهِيمَ رَبُّهُ بِكَلِمَاتٍ فَأَتَمَّهُنَّ قَالَ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا قَالَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِي قَالَ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ * وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ * وَإِذْ قَالَ إِبْرَاهِيمُ رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَرَاتِ مَنْ آمَنَ مِنْهُمْ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ قَالَ وَمَنْ كَفَرَ فَأُمَتِّعُهُ قَلِيلًا ثُمَّ أَضْطَرُّهُ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ * وَإِذْ يَرْفَعُ إِبْرَاهِيمُ الْقَوَاعِدَ مِنَ الْبَيْتِ وَإِسْمَاعِيلُ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ * رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ * رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ * وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ * إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ * وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ يَابَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ فَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ * أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ إِذْ قَالَ لِبَنِيهِ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ * تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [البقرة: 124 - 134].

يخبر تعالى عن عبده وخليله إبراهيم عليه السلام، المتفق على إمامته وجلالته، الذي كل طائفة من طوائف أهل الكتاب تدعيه، بل وكذلك المشركون: أن الله ابتلاه وامتحنه بكلمات؛ أي: بأوامر ونواهٍ، كما هي عادة الله في ابتلائه لعباده؛ ليتبين الكاذب الذي لا يثبت عند الابتلاء والامتحان من الصادق، الذي ترتفع درجته، ويزيد قدره، ويزكو عمله، ويخلص ذهبه، وكان من أجلِّهم في هذا المقام الخليل عليه السلام.

فأتم ما ابتلاه الله به، وأكمله ووفاه، فشكر الله له ذلك، ولم يزل الله شكورًا فقال: ﴿ إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا ﴾ [البقرة: 124]؛ أي: يقتدون بك في الهدى، ويمشون خلفك إلى سعادتهم الأبدية، ويحصل لك الثناء الدائم، والأجر الجزيل، والتعظيم من كل أحد.

وهذه - لعمر الله - أفضلُ درجة تنافس فيها المتنافسون، وأعلى مقام شمر إليه العاملون، وأكمل حالة حصلها أولو العزم من المرسلين وأتباعهم، من كل صديق متبع لهم، داعٍ إلى الله وإلى سبيله.

فلما اغتبط إبراهيم بهذا المقام، وأدرك هذا، طلب ذلك لذريته؛ لتعلو درجته ودرجة ذريته، وهذا أيضًا من إمامته، ونصحه لعباد الله، ومحبته أن يكثر فيهم المرشدون، فلله عظمة هذه الهمم العالية، والمقامات السامية.

فأجابه الرحيم اللطيف، وأخبر بالمانع من نيل هذا المقام فقال: ﴿ لَا يَنَالُ عَهْدِي الظَّالِمِينَ ﴾ [البقرة: 124]؛ أي: لا ينال الإمامةَ في الدين مَن ظلم نفسه وضرها، وحط قدرها؛ لمنافاة الظلم لهذا المقام.

ثم ذكر تعالى نموذجًا باقيًا دالاًّ على إمامة إبراهيم، وهو هذا البيت الحرام الذي جُعل قصده ركنًا من أركان الإسلام، حاطًّا للذنوب والآثام.

وفيه من آثار الخليل وذريته ما عرف به إمامته، وتذكرت به حالته فقال: ﴿ وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ ﴾ [البقرة: 125]؛ أي: مرجعًا يثوبون إليه؛ لحصول منافعهم الدينية والدنيوية، يترددون إليه، ولا يقضون منه وطَرًا، ﴿ وَ ﴾ جعله ﴿ أَمْنًا ﴾ يأمن به كل أحد، حتى الوحش، وحتى الجمادات؛ كالأشجار.

ولهذا كانوا في الجاهلية - على شِركهم - يحترمونه أشد الاحترام، ويجد أحدهم قاتل أبيه في الحرم، فلا يهيجه، فلما جاء الإسلام زاده حرمة وتعظيمًا، وتشريفًا وتكريمًا.

﴿ وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى ﴾ [البقرة: 125] يحتمل أن يكون المراد بذلك المقام المعروف الذي قد جعل الآن مقابل باب الكعبة، وأن المراد بهذا ركعتا الطواف، يستحب أن تكونا خلف مقام إبراهيم، وعليه جمهور المفسرين، ويحتمل أن يكون المقام مفردًا مضافًا، فيعم جميع مقامات إبراهيم في الحج، وهي المشاعر كلها: من الطواف، والسعي، والوقوف بعرفة، ومزدلفة، ورمي الجمار، والنَّحر، وغير ذلك من أفعال الحج.

فيكون معنى قوله: ﴿ مُصَلًّى ﴾ أي: معبدًا؛ أي: اقتدوا به في شعائر الحج، ولعل هذا المعنى أولى؛ لدخول المعنى الأول فيه، واحتمال اللفظ له.

﴿ وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ ﴾ [البقرة: 125]؛ أي: أوحينا إليهما، وأمرناهما بتطهير بيت الله من الشِّرك والكفر والمعاصي، ومن الرِّجس والنجاسات والأقذار؛ ليكون ﴿ لِلطَّائِفِينَ ﴾ فيه ﴿ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ ﴾؛ أي: المصلين، قدَّم الطواف لاختصاصه بالمسجد الحرام، ثم الاعتكاف؛ لأن من شرطه المسجد مطلقًا، ثم الصلاة - مع أنها أفضل - لهذا المعنى.

ثم ذكر الله تعالى دعاء إبراهيم لهذا البيت أن يجعله الله بلدًا آمنًا، وأن يرزق أهله من أنواع الثمرات، ثم قيد - عليه السلام - هذا الدعاء للمؤمنين، تأدبًا مع الله؛ إذ كان دعاؤه الأول فيه الإطلاق، فجاء الجواب فيه مقيَّدًا بغير الظالم.

فلما دعا لهم بالرزق، وقيده بالمؤمن، وكان رزق الله شاملاً للمؤمن والكافر، والعاصي والطائع، قال تعالى: ﴿ وَمَنْ كَفَرَ ﴾؛ أي: أرزقهم كلَّهم، مسلمَهم وكافرهم، أما المسلم فيستعين بالرزق على عبادة الله، ثم ينتقل منه إلى نعيم الجنة، وأما الكافر، فيتمتع فيها قليلاً، ﴿ ثُمَّ أَضْطَرُّهُ ﴾؛ أي: أُلجئه وأخرجه مكرَهًا ﴿ إِلَى عَذَابِ النَّارِ وَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [البقرة: 126].

ثم ذكر تعالى حالة إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام في رفعِهما القواعد من البيت الأساس، واستمرارهما على هذا العمل العظيم، وكيف كانت حالهما من الخوف والرجاء، حتى إنهما مع هذا العمل دعَوَا الله أن يتقبل منهما عملهما، حتى يحصل فيه النفع العميم.

ودعوا لأنفسهما وذريتهما بالإسلام، الذي حقيقته خضوع القلب وانقياده لربه، المتضمن لانقياد الجوارح، ﴿ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا ﴾؛ أي: علِّمناها على وجه الإراءة والمشاهدة؛ ليكون أبلغ.

يحتمل أن يكون المراد بالمناسك: أعمال الحج كلها؛ كما يدل عليه السياق والمقام، ويحتمل أن يكون المراد ما هو أعم من ذلك، وهو الدين كله، والعبادات كلها؛ كما يدل عليه عموم اللفظ؛ لأن النسك: التعبد، ولكن غلب على متعبدات الحج، تغليبًا عُرفيًّا، فيكون حاصل دعائهما يرجع إلى التوفيق للعلم النافع، والعمل الصالح، ولما كان العبد - مهما كان - لا بد أن يعتريه التقصير، ويحتاج إلى التوبة قالا: ﴿ وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ ﴾ [البقرة: 128].

﴿ رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ ﴾ [البقرة: 129]؛ أي: في ذريتنا ﴿ رَسُولًا مِنْهُمْ ﴾؛ ليكون أرفع لدرجتهما، ولينقادوا له، وليعرفوه حقيقة المعرفة، ﴿ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ ﴾ لفظًا وحفظًا ﴿ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ ﴾ معنًى، ﴿ وَيُزَكِّيهِمْ ﴾ بالتربية على الأعمال الصالحة، والتبرِّي من الأعمال الردية.

﴿ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ ﴾؛ أي: القاهر لكل شيء، الذي لا يمتنع على قوته شيء، ﴿ الْحَكِيمُ ﴾الذي يضع الأشياءَ مواضعها، فبعزتك وحكمتِك، ابعَثْ فيهم هذا الرسول، فاستجاب الله لهما، فبعث اللهُ هذا الرسول الكريم، الذي رحِم الله به ذريتهما خاصة، وسائر الخلق عامة؛ ولهذا قال عليه الصلاة والسلام: ((أنا دعوة أبي إبراهيم)).

ولما عظم الله إبراهيم هذا التعظيم، وأخبر عن صفاته الكاملة قال تعالى:
﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ﴾ [البقرة: 130] الآية.
أي: ما يرغب ﴿ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ ﴾ بعدما عرف من فضله ﴿ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ ﴾؛ أي: جهِلها وامتهنها، ورضي لها بالدون، وباعها بصفقة المغبون، كما أنه لا أرشد وأكمل ممن رغب في ملة إبراهيم، ثم أخبر عن حالته في الدنيا والآخرة فقال: ﴿ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا ﴾؛ أي: اخترناه ووفقناه للأعمال التي صار بها من المصطفَيْنَ الأخيار.

﴿ وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ الذين لهم أعلى الدرجات.
﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ ﴾ امتثالاً لربه: ﴿ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ إخلاصًا وتوحيدًا، ومحبة، وإنابة، فكان التوحيد لله نَعْتَه.

ثم ورثه في ذريته، ووصاهم به، وجعلها كلمة باقية في عقبه، وتوارثت فيهم، حتى وصلت ليعقوبَ فوصى بها بنيه.

فأنتم - يا بني يعقوب - قد وصاكم أبوكم بالخصوص، فيجب عليكم كمالُ الانقياد، واتباع خاتم الأنبياء قال: ﴿ يَا بَنِيَّ إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَى لَكُمُ الدِّينَ ﴾؛ أي: اختاره وتخيَّره لكم، رحمة بكم، وإحسانًا إليكم، فقوموا به، واتَّصفوا بشرائعه، وانصبغوا بأخلاقه، حتى تستمروا على ذلك فلا يأتيكم الموت إلا وأنتم عليه؛ لأن مَن عاش على شيء مات عليه، ومن مات على شيء بُعِث عليه.

ولما كان اليهود يزعمون أنهم على ملةِ إبراهيم ومِن بعده يعقوب، قال تعالى منكِرًا عليهم: ﴿ أَمْ كُنْتُمْ شُهَدَاءَ ﴾؛ أي: حضورًا ﴿ إِذْ حَضَرَ يَعْقُوبَ الْمَوْتُ ﴾؛ أي: مقدِّماتُه وأسبابه، فقال لبنيه على وجه الاختبار، ولتقر عينه في حياته بامتثالهم ما وصاهم به {مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي}؟ فأجابوه بما قرت به عينه فقالوا: ﴿ نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ إِلَهًا وَاحِدًا ﴾، فلا نشرِكُ به شيئًا، ولا نعدل به أحدًا، ﴿ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ ﴾ فجمعوا بين التوحيد والعمل.

ومن المعلوم أنهم لم يحضروا يعقوب؛ لأنهم لم يوجدوا بعد، فإذ لم يحضروا، فقد أخبر الله عنه أنه وصى بنيه بالحنيفية لا باليهودية.

ثم قال تعالى: ﴿ تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ﴾ أي: مضَتْ، ﴿ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُمْ مَا كَسَبْتُمْ ﴾؛ أي: كلٌّ له عمله، وكلٌّ سيجازى بما فعله، لا يؤخذ أحد بذنب أحد، ولا ينفع أحدًا إلا إيمانُه وتقواه؛ فاشتغالكم بهم وادعاؤكم أنكم على ملتهم، والرضا بمجرد القول: أمرٌ فارغ لا حقيقة له، بل الواجب عليكم أن تنظروا حالتكم التي أنتم عليها، هل تصلح للنجاة أم لا؟
تفسير السعدي = تيسير الكريم الرحمن (1 /65 - 66).

الخلاصة:
أن عبادة الحج من طواف وسعي ووقوف بعرفة ورمي جمار، هي سنَّة نبينا إبراهيم عليه السلام.

أن ابتلاء الله تعالى لعبده نعمة ومنحة؛ حيث يعقب الابتلاءَ التمكينُ والرفعة للعبد؛ فإبراهيم عليه السلام بعد الابتلاء أصبح إمامًا للناس.

المؤمن شديد الخوف من الله تعالى؛ فهو إذا عمل عملاً صالحًا يخاف من الرد، وعدم القَبول، والخسران؛ فالله سبحانه لا يقبل إلا من المتقين ﴿ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ ﴾ [المائدة: 27]؛ فلهذا إبراهيمُ وإسماعيل عليهما السلام عندما فرغا من بناء الكعبة سألا الله القَبول ﴿ رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ ﴾ [البقرة: 127].

أن توحيد الله وإخلاصَ العبادة له، ومحبته والانقياد له سبحانه، هي دعوة الرسل جميعًا، وخصوصًا إبراهيم عليه السلام ﴿ إِذْ قَالَ لَهُ رَبُّهُ أَسْلِمْ قَالَ أَسْلَمْتُ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ ﴾ [البقرة: 131].

خوف يعقوب عليه السلام من الشرك على ذريته، وهم أنبياء عليهم السلام، ﴿ مَا تَعْبُدُونَ مِنْ بَعْدِي قَالُوا نَعْبُدُ إِلَهَكَ وَإِلَهَ آبَائِكَ ﴾ [البقرة: 133]، وهذا يدل على أن العبد كلما ارتقى إيمانه ويقينه بالله، زاد خوفه ووجَلُه من الله تعالى، وكلما عرف ضرر الشرك وعاقبته زاد خوفه من الوقوع فيه.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 81.26 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 79.54 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.12%)]