ذو الوجهين - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4936 - عددالزوار : 2024127 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4511 - عددالزوار : 1301394 )           »          تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 859 - عددالزوار : 118929 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40217 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 42 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 33 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 367038 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى الشباب المسلم
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الشباب المسلم ملتقى يهتم بقضايا الشباب اليومية ومشاكلهم الحياتية والاجتماعية

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 08-12-2019, 05:05 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي ذو الوجهين

ذو الوجهين


د. حسام الدين السامرائي




الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.



أما بعد:

فقد روى البخاريُّ ومسلم في الصحيح من حديث أبي هريرةَ - رضي الله عنه - أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((تجدُ مِن شرِّ الناس يومَ القيامة عند الله ذا الوجهين، الذي يأتي هؤلاء بوجه وهؤلاء بوجه)).



كلما طالت بنا الأعمارُ، وكلما ازدادت تجرِبتُنا في الحياة، أوقفتك تلك التجرِبةُ في محطاتٍ مع أناس كُثُر، وحتمًا كلنا لاقى هذا الصِّنف من الناس، ممَّن يحمِلون وجهين، ويلبَسون قناعين، ويرتَدُون شخصيتين في ثوبٍ واحد، بل ربما أصبَحْنا نرى اليوم صِنفًا من الناس بإمكانه أن يُغيِّرَ شخصيتَه في كل ساعة، يفُوق في أدائه أبرَعَ الممثِّلين، فيتقمَّصُ عدة شخصيات في اليوم الواحد، كل هذا الصنيع ليجاريَ فلانًا أو ينتفع من علان، أو لينال حظوة من هذا أو ذاك.



يذكُر لنا أهل التفسير أن الأخنس بن شريق أقبَل إلى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- بالمدينة، فأظهَر له الإسلام، فأعجبَ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- ذلك منه، وقال: إنما جئتُ أريد الإسلام، والله يعلَمُ أنِّي صادق. (وذلك قوله: ﴿ وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ ﴾ [البقرة: 204])، ثم خرَج من عند النبي -صلى الله عليه وسلم- فمرَّ بزرعٍ لقوم من المسلمين وحُمُرٍ، فأحرَق الزرع، وعقَر الحُمُرَ، فأنزَل الله - عز وجل -: ﴿ وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ ﴾ [البقرة: 204].



وكأن هذا البعيدَ يقتدي بفِعلة إبليسَ اللعين يوم أن ارتدى لباسَ الناصح لآدَمَ وزوجه، فقال كما وصف رب العزة - جل وعلا -: ﴿ وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ ﴾ [الأعراف: 21]، ثم إننا سنرى صورتَه يوم القيامة حين يخلَعُ قناعه ويسقُط زيفُه، وكما قال عنه - جل وعلا -: ﴿ كَمَثَلِ الشَّيْطَانِ إِذْ قَالَ لِلْإِنْسَانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قَالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخَافُ اللَّهَ رَبَّ الْعَالَمِينَ ﴾ [الحشر: 16].



وهكذا هم اليوم: ﴿ وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ ﴾ [البقرة: 14].



فيأتي بوجهينِ، الوجه الأول يحمِلُ العطفَ واللِّينَ، والسرورَ والابتسامة، يدٌ حانية تحتضنُك، وقلبٌ واسع يؤويك، فإذا رأيتَ وجهه الثاني - أجارنا الله وإياكم منه - رأيتَ عبوسًا، بغيضًا، لا رحمة في قلبِه، ولا رأفةَ في خُلقه.



فهو يمثِّلُ شخصيتين متناقضتين في ثوبٍ واحد، وإذا وقَفْتَ لتبحث عن دوافع هؤلاء، فإنك ستقف عند أهمِّها، وهو دافع النَّفعية والوصولية والانتهازية، فهو يتلوَّنُ بلونِ صاحب المصلحة التي يرجوها منه، قالوا: كان عبدُالملك بن مروان يحبُّ الشِّعر، فانشغل النفعيُّون بقراءة الشعر وروايته، فلما جاء الوليد بن عبدالملك كان يُحبُّ البناء والمعمار، فانشغل النفعيُّون بالبناء والعمارة ليتقرَّبوا منه، فلما جاء سليمانُ كان يُحِبُّ النكاحَ والإماء، فانشغل الانتهازيون بالجواري والأنكحة، فلما جاء عمرُ بن عبدالعزيز، وكان يحبُّ الصوم والصلاة والذِّكر، فكان النفعيُّون يقول بعضُهم لبعض: كم تُصلِّي من الليل؟ وما هو وِرْدُك الليلة؟ وكم تُسبِّح وتستغفر؟.



إنها آفة خطيرة إذا ما تأمَّلْنا نتائجها، وواقع الأمة اليوم ربما يُرشِدُنا إلى ذلك، فكم من أمةٍ دبَّت فيها الخلافاتُ! وكم من ملَّة حصدت الندامةَ! وكم من أُسرةٍ انكشفت أسرارُها وبان عوارُها! وما ذاك إلا بسبب أولئك الذين يحمِلون وجهينِ!



فقد روى ابن أبي شيبة في المصنف بسند لم أقف على درجته أن رجلاً سلَّم على النبيِّ ثلاثَ مرات، فلم يرُدَّ عليه، فقيل له: لِمَ؟ فقال: ((إنه ذو وجهين)).



فحذارِ أن تقتربَ منه أو تصاحبه؛ فإنك لا تأمَنُ أن تكون أنت الضحيةَ المقبِلة، وفِرَّ منه فرارَك من المجذومِ والأجرب.


لا خير في وُدِّ امرئٍ متلوِّنٍ

حُلو اللسانِ، وقلبُه يتلهَّبُ



يُعطيك من طرَفِ اللِّسانِ حلاوةً

ويروغُ منك كما يروغُ الثَّعلبُ






لكن النهاية لذلك الصنفِ معروفةٌ مكشوفة؛ فالله - عز وجل - يعلَمُ خائنةَ الأعين وما تخفي الصدور، وفي الختام ستنقشعُ تلك السُّحبُ، وتزول تلك المساحيق، وتسقُطُ كلُّ تلك الأقنعةِ، وسيقفُ أمامك لتراه كما أخرَج ذلك أبو داود وغيرُه بسند صحيح من حديثِ عمارِ بن ياسر مرفوعًا: ((من كان له وجهانِ في الدنيا، كان له يوم القيامةِ لسانانِ من نارٍ)).



أخي الفاضل، التوحيدُ أساس الحياةِ؛ فمطلوبٌ منك أن تكون موحِّدًا بين شخصيتك وصورتِك، فيكون ظاهرُك كباطنك، شخصية واحدة، ووجهٌ واحد، ولسان واحد.



هذا، واللهُ من وراء القصدِ، وصلى اللهُ على سيدِنا محمد وعلى آله وصحبِه وسلَّم.



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.51 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.79 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.75%)]