مفارقات من الحج ومقارنات - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         سِيَر أعلام المفسّرين من الصحابة والتابعين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 118 - عددالزوار : 73975 )           »          الشرح الممتع للشيخ ابن عثيمين -رحمه الله-(سؤال وجواب) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 59 - عددالزوار : 45672 )           »          شرح كتاب الصلاة من مختصر صحيح مسلم للإمام المنذري (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 72 - عددالزوار : 39527 )           »          إنه ينادينا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 19 - عددالزوار : 3808 )           »          مشكلات التربية في مرحلة الطفولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 14 - عددالزوار : 10380 )           »          حث الأبناء على أداء العبادات تعويدًا وتربية وتقويمًا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          هوس الشراء.. إدمان كيف تنجو منه المرأة؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          ترتيب الأولويات في الحياة الزوجية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          إلى من يجهله ويطعن فيه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 4 - عددالزوار : 6545 )           »          تراث الحديث والسنة في الهند (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 04-12-2019, 04:28 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,719
الدولة : Egypt
افتراضي مفارقات من الحج ومقارنات

مفارقات من الحج ومقارنات




خميس النقيب






مفارقات تظهر جليا في موسم الحج، نداء الحج بين القديم والحديث، طلاب الدنيا وطلاب الآخرة، يوم الحج الأكبر ويوم الحشر الأكبر، تكريم الإنسان ورجم الشيطان، ابن إبراهيم وابن نوح عليهما السلام، ذكر الله وذكر ما عداه...!!

أولا: نداء الحج قديم جديد...!! قديم لأن أول من صدح به هو إبراهيم عليه السلام ﴿ وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالًا وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ ﴾ [الحج: 27]، تتردد أصداءه عبر الليل والنهار، وتتوالى أسفاره عبر الزمان والمكان، وتتردد خواطره عبر الأجيال جيلا بعد جيل، وتتردد مشاعره عبر القرون قرنا بعد قرن...!! وهو نداء جديد فإذا كان للسابق فهو أيضا للحالي واللاحق، والنبي محمد -صلى الله عليه وسلم- هو الذي قاد قوافله، ووضع مناسكه، وأجلى منافعه، ووضح جوائزه وكان آخر عهد له بالمسلمين، يلقي على مسامعهم آخر وصاياه، يدعوهم إلى توحيد الله في الأرض، يدعوهم إلى تحرير النفس من الأوهام والضلال، ورفعها من التدني والسقوط، وإلزام لها بالحق تعترف به وتقوم عليه، يدعوهم إلى انتشال الإنسان من الخضوع لمخلوق أو الذلة لمملوك، أو الخنوع لمرزوق إنما الذلة والخضوع والخنوع لا تكن إلا لله..

ثانيا: الحج يجمع بين الدنيا والآخرة..!! كيف؟! جاء في معرض الحديث عن الحج في كتاب الله عز وجل، أن هناك طلاب للدنيا فحسب، وهناك من يجعل دنياه مزرعة أخرته فيجمع نعيمهما معا، الذي يريد الدنيا لا (نصيب) له في الآخرة ﴿ فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ [البقرة: 200]... والذي يريدهما معا - يجعل دنياه مزرعة لأخرته - يحوزهما معا ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾ [البقرة: 201، 202]....

ثالثا: في يوم النحر وضح رسول الله قيمة الإنسان عند الله، قيمة المؤمن في الحياة، مكانة المسلم في شريعته مولاه..!
قال جابر رضي الله عنه: خطبنا -صلى الله عليه وسلم- يوم النحر فقال: أي يوم أعظم حرمة؟ فقالوا: يومنا هذا قال: فأي شهر أعظم حرمة؟ قالوا: شهرنا قال: أي بلد أعظم حرمة؟ قالوا: بلدنا هذا قال: فإن دماءكم وأموالكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا في شهركم هذا هل بلغت؟ قالوا: نعم. قال: اللهم اشهد صحيح....

وللحفاظ على هذه القيمة أعلن من هناك بنود لذلك..!! كيف؟ عن أبي إمامة قال: عرض لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- رجل عند الجمرة الأولى فقال يا رسول الله أي الجهاد أفضل فسكت عنه فلما رأى الجمرة الثانية سأله فسكت عنه فلما رمى جمرة العقبة وضع رجله في الغرز ليركب قال أين السائل قال أنا يا رسول الله قال "كلمة حق عند ذي سلطان جائر قال الشيخ الألباني: حسن صحيح.. أين نحن من هذا؟! الدماء مسكوبة، والأعراض مسلوبة، والأموال منهوبة، إلا ما رحم ربي..!! هل من عودة؟! هل من تصحيح؟!، هل من تضحية وفداء من اجل نصرة الإسلام، وعودة الحقوق........؟!

بينما يؤسس المصطفى لتكريم الإنسان يوجه لرجم الشيطان في صورة رمزية لتؤكد أعمال الحج عداوة الشيطان للرحمن وبغضه للإنسان، وما يقوم به من وساوس ليوقع العداوة والبغضاء ﴿ إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 91].

رابعا: انظر إلي الفرق بين الأمومة والتربية والطاعة..!! في مشهد رهيب، يقول الله تعالى: ﴿ وَهِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبَالِ وَنَادَى نُوحٌ ابْنَهُ وَكَانَ فِي مَعْزِلٍ يَا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنَا وَلَا تَكُنْ مَعَ الْكَافِرِينَ * قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 42، 43] في هذه اللحظة الرهيبة، وفي هذه الشدة المريبة، وفي هذه الساعة الحاسمة يبصر نوح، فإذا أحد أبنائه في معزل عنهم وليس معهم، وتستيقظ في كيانه الأبوة الملهوفة، ويروح يهتف بالولد الشارد: "يا بني اركب معنا ولا تكن مع الكافرين".

ولكن البنوة العاقة لا تحفل بالأبوة الملهوفة، والفتوة المغرورة لا تقدر مدى الهول الشامل:
﴿ قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاءِ ﴾ [هود: 43] ثم ها هي ذي الأبوة المدركة لحقيقة الهول وحقيقة الأمر ترسل النداء الأخير: ﴿ قَالَ لَا عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ ﴾ [هود: 43]، لا جبال ولا أموال ولا مخابئ ولا حامٍ ولا حافظ ولا واقٍ، إلا من رحم الله، وفي لحظة تتغير صفحة المشهد. فها هو ذا الموج الغامر والطوفان الغادر يبتلع كل شيء: ﴿ وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ ﴾ [هود: 43].

(وبعد آلاف السنين، نمسك أنفاسنا ونحن نتابع السياق والهول يأخذنا كأننا نشهد المشهد، وهي تجري بهم في موج كالجبال، ونوح الوالد الملهوف يبعث بالنداء، وابنه الفتى المغرور يأبى إجابة الدعاء، والموجة الغامرة تحسم الموقف في سرعة خاطفة راجفة وينتهي كل شيء، وكأن لم يكن دعاء ولا جواب!) (في ظلال القرآن، سيد قطب).

انظر إلى دور الأب مع أولاده في هدايتهم إلى طريق الله، وتعليمهم الأخلاق والعبادات، فيتضح لنا أن نوحًا ظل متمسكًا بابنه إلى آخر لحظة حتى أثناء الطوفان، وذلك إن دل على شيء فإنما يدل على مدى حرص نوح عليه السلام على نجاة ولده، وأنه يريده ألا يدخل النار، إلا أن هناك أم خائنة، والخيانة هنا دعوية تربوية، فالطفل يحتاج إلى أن ينشئ في جو أسري يسوده الروح الإيمانية بالله تعالى. وعندما يغيب الدور الإيماني في البيت عن طريق الأم - التي يجب أن تكون مدرسة - يغيب غذاء الروح وبالتالي يختل التوازن الإنساني، فيكون الخلل والسقوط المدوي...!!

و في مشهد آخر..!! ﴿ فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102] رؤية فيها ذبح الابن طاعة لله، ويبلغ الابن من الوالد ذاته..!! ﴿ يَا بُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى ﴾ [الصافات: 102] ليعي دعاة اليوم وعلماء التربية هذا الأسلوب الرائع، من الحب التبادل، والأدب المتبادل، في أحلك الظروف، واشد المحن، وأصعب المواقف...!! فيرد الغلام بنفس المستوي من الشجاعة والإخلاص، من التضحية والفداء من الأدب الرفيع، والذوق العالي، وتقديم المشيئة لأن الموقف موقف فتنة، ولا ينتصر عليها المرء، ولا يخرج منها المبتلى إلا بإذن الله..! وعون الله..! وفضل الله..! ﴿ قَالَ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾[الصافات: 102] وجاءت لحظة الحسم...!! ﴿ فَلَمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ ﴾ [الصافات: 103] فكان الاستسلام من النبيين لأمر الله، وكان الحب من الكريمين لطاعة الله بنفس المستوى، وذات الأداء "اسلما: "وهنا تدخلت السماء، الله شهد الموقف، وصدق عليه.. فنادى..! وجازى.!! ﴿ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ * قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ ﴾ [الصافات: 104، 105].. امتحان ما أشده..! اختبار ما أصعبه..! ابتلاء ما أعظمه..!! ﴿ إِنَّ هَذَا لَهُوَ الْبَلَاءُ الْمُبِينُ ﴾ [الصافات: 106] فكان الفداء للبائع الطائع من السماء في يوم الفداء ﴿ وَفَدَيْنَاهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ ﴾ [الصافات: 107] ليت الأمة تتعلم الطاعة والفداء، فالإسلام تكاثر عليه الأعداء، تكالبت عليه الأكلة من الأمم، حرق كتابه، واستهزئ بنبيه، تعطلت الحدود وازداد الصدود، سلبت المقدسات وانتهكت الأعراض، سفكت الدماء واضطهد العلماء...!! أصبح الإسلام غريبا في وطنه..، وأمسي الدين طريدا بين أهله..!! من له؟ من يفديه؟! من يضحي من اجله..؟! الا من إبراهيم جديد في الأمة يترك رضيعه وزوجه في الصحراء وينطلق.. ﴿ وَقَالَ إِنِّي ذَاهِبٌ إِلَى رَبِّي سَيَهْدِينِ ﴾ [الصافات: 99].


ألا من هاجر جديدة تفدي الإسلام وتعلم المسلمين حقيقة التوكل وروعة اليقين في الله رب العالمين، (إذن لن يضيعنا)..!! وكذلك جمال السعي إلي يوم الدين..!!

ألا من إسماعيل جديد يقدم روحه ونفسه وحياته طاعة لربه، وتنفيذا لا مره، وطلبا لرضاه ﴿ يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ ﴾ [الصافات: 102]..!!

الإسلام أحوج ما يكون الآن إلي مضحين من أوقاتهم ومن أموالهم ومن أبنائهم، ومن كل ما أعطاه الله لهم، حتى يسمو الفرد وتعلو الأمة،، حتى ينتصر الدين ويعلو الحق المبين، فمن يطع ومن يعصي؟! من يمضي ومن يفدي؟! من يرغب ومن يهزي" ﴿ وَمَنْ يَرْغَبُ عَنْ مِلَّةِ إِبْرَاهِيمَ إِلَّا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ وَلَقَدِ اصْطَفَيْنَاهُ فِي الدُّنْيَا وَإِنَّهُ فِي الْآخِرَةِ لَمِنَ الصَّالِحِينَ ﴾ [البقرة: 130] بينما قال الله عن بن نوح ﴿ قَالَ يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ فَلَا تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَنْ تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ ﴾ [هود: 46] قال عن إسماعيل ﴿ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَبِيًّا ﴾ [مريم: 54] لتذكره الأجيال جيلا بعد جيل بالطاعة والفداء، بالقناعة والعطاء بالهداية والبقاء إلي أن يرث الله الأرض والسماء...!!

خامسا: ذكر الله وترك ما عداه: فعندما يَتفاخَر الناس بالأنساب، ويتنابَزوا بالألقاب، ويَتذاكَروا بالأحساب، فإنَّ الله - عزَّ وجلَّ - يُوجِّههم إلى غير ذلك، وهذا ما حدَث في أعقاب فريضة الحج؛ عندما فرَغ الناس من أعمال الحج تَفاخَروا بأنسابهم وألقابهم؛ هذا يقول: أنا ابن فلان، وهذا يقول: أنا من قبيلة فلان، وهذا يقول: عشيرتي فلان، وهذا ما يمقتُه الدِّين ويبغَضُه الإيمان، يجب أنْ يَتفاخَر الناس بإسلامهم، ويَتذاكَرُوا بعقيدتهم، رَحِم الله من قال:
أبي الإسلام لا أب لي سواهم
إن افتخروا بقيس أو تميم


وصدَق الله العظيم: ﴿ وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا وَقَالَ إِنَّنِي مِنَ الْمُسْلِمِينَ ﴾ [فصلت: 33]، والعبد الذاكر لربِّه، المسبِّح بحمده، المتوجِّه إليه، المتوكِّل عليه - يكون عند ربِّه مذكورًا، ويكون سعيُه مشكورًا، ويكون عملُه مبرورًا، وكلَّما زاد في ذِكرِه زاد الله في أجره، وشدَّ من أزره، وكان إليه بكلِّ خيرٍ أسرع، كيف؟ قال الله -تعالى-: "إذا تقرَّب إلَيَّ العبد شبرًا تقرَّبتُ إليه ذِراعًا، وإذا تقرَّب إلَيَّ ذراعًا تقرَّبتُ منه باعًا، وإذا أتاني مشيًا أتيتُه هرولةً"؛ تخريج السيوطي: عن أنس، تحقيق الألباني: (صحيح)، انظر: حديث رقم: 4304 في "صحيح الجامع"...

أنزَل الله -تعالى- في أعقاب الحج: ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ ﴾ [البقرة: 200].

دَعُوكم من هذه المُفاخَرات، اترُكوا هذه المُنابَذات، تجنَّبوا هذه المُناوَشات، وعُودُوا إلى ربِّكم فاذكُروه واعبُدوه، وادعوه وترسَّموا طريقَه من جديدٍ ولا تحيدوا عنه؛ ﴿ فَإِذَا قَضَيْتُمْ مَنَاسِكَكُمْ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آبَاءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْرًا ﴾ [البقرة: 200]..نعم لا تطيب الدنيا إلا بذكر الله، ولا تطيب الحياة إلا بشكر الله، ولا تطيب الآخرة إلا برؤياه

يقول النبي - صلي الله عليه وسلم -: الدنيا ملعونة ملعون ما فيها إلا ذكر الله وما والاه وعالماً أو متعلماً الترمذي وابن ماجه، المسلم يجبُ أنْ يكون دائمَ الذكر لله -تعالى- حتى يستظلَّ بظلِّ الله يومَ لا ظلَّ إلاَّ ظله؛ عن أبي هريرة - رضِي الله عنه - أنَّ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: ((سبعةٌ يُظلُّهم الله - عزَّ وجلَّ - يوم القيامة يوم لا ظلَّ إلاَّ ظلُّه: إمامٌ عادل، وشابٌّ نشَأ في عِبادة الله - عزَّ وجلَّ - ورجلٌ ذكَر الله في خلاء ففاضَتْ عَيْناه...))؛ قال الشيخ الألباني: صحيح.

المسلم يجبُ أنْ يكون دائمَ الذِّكر لله، ليس ساعة دون ساعة، أو يومًا دون يوم، أو أسبوعًا دون أسبوع، أو شهرًا دون شهر، أو عامًا دون عام، كلاَّ، وإنَّما يقول الله: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا ﴾ [الأحزاب: 41]، يجب أنْ يَجعَل المسلم لسانَه دائمًا رطبًا بذكر الله؛ ((لا يَزال لسانُك رطبًا من ذكر الله))؛ حديث رقم: 7700 في "صحيح الجامع".


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 79.75 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 78.03 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.16%)]