|
ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() بسم الله الرحمن الرحيم اليوم المشهود "فضائل يوم عرفة" د. عبدالعزيز بن فوزان الفوزان وتفضَّل عليها بعشر ذي الحجة، هذه الأيام المباركة التي رفع الله شأنها، وأعلى مكانها، وميزها على بقية أيام العام، وجعلها ميداناً للمنافسة في الخيرات، والمسابقة بين المؤمنين في مجال الباقيات الصالحات، وموسماً عظيماً للتجارة الرابحة مع الله ، فقد أقسم الله بها تشريفاً لها وتنبيهاً على فضلها فقال: (والفجر. وليال عشر. والشفع والوتر)، والليالي العشر: عشر ذو الحجة, والشفع: هو يوم النحر لكونه العاشر، والوتر: هو يوم عرفة لكونه التاسع، وهذان اليومان داخلان في الأيام العشر ولكن الله خصهما بالذكر، وأفردهما بالقسم اهتماماً بشأنهما وبياناً لمزيد شرفهما، وأنهما أفضل أيام العشر التي هي أفضل أيام الدهر. وهذه الأيام العشر هي الأيام المعلومات التي قال الله عنها: (ليشهدوا منافع لهم ويذكروا اسم الله في أيام معلومات)، قال ابن عباس: الأيام المعلومات: أيام العشر. رواه البخاري. وسميت معلومات للحرص على علمها لفضلها وعظيم مكانتها ولأن وقت الحج في آخرها. أما السنة النبوية فقد حفلت بنصوص كثيرة تدل على فضل هذه الأيام، وأنها أفضل أيام العام، وأن العمل فيها أحب إلى الله وأزكى عنده وأحظى لديه من العمل فيما سواها من أيام العام. يقول النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ: "ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله منه في هذه الأيام العشر. قالوا: ولا الجهاد في سبيل الله؟ قال: ولا الجهاد في سبيل الله، إلا رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشئ" رواه البخاري وغيره. وروى الدارمي والبيهقي بسند حسن أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من عمل أزكى عند الله عز وجل، ولا أعظمُ أجراً من خير يعمله في عشر الأضحى..." الحديث. قال القاسم بن أبي أيوب: وكان سعيد بن جبير إذا دخل أيام العشر، اجتهد اجتهاداً شديداً حتى ما يكاد يقدر عليه. والأحاديث في هذا المعنى كثيرة، وهي تدل دلالة صريحة على أن عشر ذي الحجة هي أفضل أيام السنة على الإطلاق، وأن العمل الصالح فيها أعظم أجراً، وأزكى عند الله، وأحب إليه من العمل نفسه لو عمل في غيرها من الأيام. بل دلت هذه الأحاديث على أن العمل فيها وإن كان مفضولاً، فإنه أعظم أجراً وأحب إلى الله من العمل في غيرها وإن كان فاضلا، ولا أدل على ذلك من كون العمل فيها أعظم من الجهاد في سبيل الله الذي هو ذروة سنام الإٍسلام، والذي يتضمن قطف الرؤوس، وإزهاق النفوس، وتقطيع الأعضاء، وإسالة الدماء. فالعمل في هذه الأيام العشر أفضل من سائر الأعمال في غيرها، وأفضل من أنواع الجهاد كلها إلا النوع الذي استثناه النبي صلى الله عليه وسلم بقوله :"إلإ رجل خرج بنفسه وماله ولم يرجع من ذلك بشيء". ولئن ذهب من هذه الأيام المباركة أكثرها، فقد بقي أفضلها وأخيرها، وزبدتها وثمرتها، بل وموضع الذؤابة منها، ألا وهو يوم عرفة، ويوم العيد: يوم الحج الأكبر، وبقيت كذلك أيام التشريق الثلاثة. وهذه الأيام الخمسة كلها أيام عيد بالنسبة للحجاج، والأربعة الأخيرة منها أعياد لكل المسلمين في كل أصقاع الأرض. قال ابن رجب ـ رحمه الله ـ: "لما كان عيد النحر أكبر العيدين وأفضلهما، ويجتمع فيه شرف المكان والزمان لأهل الموسم كانت لهم فيه معه أعياد قبله وبعده، فقبله يوم عرفة وبعده أيام التشريق وكل هذه الأعياد أعياد لأهل الموسم، كما في حديث عقبة بن عامر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يوم عرفة ويوم النحر وأيام التشريق عيدنا أهل الإسلام، وهي أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل" خرجه أهل السنن وصححه الترمذي". ولهذا لا يشرع لأهل الموسم صوم يوم عرفة، لأنه أول أعيادهم وأكبر مجامعهم، وقد أفطره النبي صلى الله عليه وسلم بعرفه والناس ينظرون إليه. وروي عنه أنه نهى عن صوم يوم عرفة بعرفة، ولأن فطرهم أقوى لهم على الذكر والدعاء في ذلك اليوم العظيم. وفي الصحيحين عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن رجلاً من اليهود قال له: يا أمير المؤمنين، آية في كتابكم لوعلينا معشر اليهود نزلت لاتخذنا ذلك اليوم عيداً، فقال: أي آية؟ قال: (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا)، فقال عمر: إني لأعلم اليوم الذي نزلت فيه، والمكان الذي نزلت فيه، نزلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم قائم بعرفة يوم جمعة" وروى الترمذي عن ابن عباس نحوه وقال في آخره: "نزلت في يوم عيدين: يوم جمعة ويوم عرفة". إن هذا اليوم من أيام الله العظيمة المشهودة، وفيه من النفحات والرحمات وتنزل البركات والخيرات ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، وله خصائص كثيرة، وفضائل متنوعة عديدة: منها: أنه يوم إكمال الدين، وإتمام النعمة على أمة الإسلام، وهي أعظم نعمة من الله بها على عباده، وعليها تتوقف سعادتهم في الدنيا والآخرة، فكان حقيقاً بهم الفرح بهذه النعمة الجليلة وشكر الله تعالى عليها أعظم الشكر وأجزله، كما قال ربنا سبحانه: "قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون". ومنها: أنه يوم الوتر الذي أقسم الله به تشريفاً له وتنبيهاً على فضله في قوله تعالى: (والشفع والوتر). ومنها: استحباب صيامه لغير الحاج، وأن صيامه يكفر ذنوب سنتين، فإن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم يوم عرفة فقال: "أحتسب على الله أن يكفر السنة الماضية والباقية" رواه مسلم. وهذا فضل عظيم، لا يحرم خيره إلا محروم. ومن أعظم فضائل هذا اليوم: أنه يوم المغفرة والرحمة والعتق من النار، ويوم ينزل الله فيه إلى السماء الدنيا نزولاً يليق بجلاله وعظمته، فيباهي بأهل الأرض أهل السماء، كما في صحيح مسلم وغيره عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبيداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو، ثم يباهي بهم الملائكة فيقول: ما أراد هؤلاء؟" وفي رواية لابن حبان وابن منده بسند حسن: "فيباهي بهم الملائكة، فيقول: انظروا إلى عبادي أتوني شعثاً غبراً من كل فج عميق، أشهدكم أني قد غفرت لهم، فما من يوم أكثر عتيقاً من النار من يوم عرفة". وروى مالك في الموطأ أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "ما رؤي الشيطان يوماً هو فيه أصغر ولا أدحر ولا أحقر ولا أغيظ منه من يوم عرفه، لما يرى من تنزل الرحمة وتجاوز الله عن الذنوب العظام إلا ما رؤي يوم بدر" وظاهر الحديث أن العتق من النار ليس خاصاً بأهل عرفة، بل هو عام لكل من يستحقه من المسلمين في كل الأمصار، ويدل لذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم قيد العتق من النار باليوم الذي يعم كل المسلمين من الحجاج وغيرهم، ولم يقيده بعرفة نفسها أو بمن وقف فيها حتى يكون خاصاً بالحجاج دون غيرهم. ففي هذا اليوم يعتق الله من النار كل من أخذ بأسباب العتق منها: من وقف بعرفة ومن لم يقف بها، ولهذا صار اليوم الذي يليه عيداً لجميع المسلمين في جميع أصقاع الأرض، لاشتراكهم في العتق والمغفرة يوم عرفة، ولاجتهادهم في عشر ذي الحجة بأنواع الصلاة والصيام والذكر والدعاء، وتعرضهم للنفحات والرحمات في هذه الأيام المباركات. ويؤكد ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" رواه مالك والترمذي والبيهقي. فقيد الدعاء بيوم عرفة وليس بمن وقف بعرفة، ليفوز بهذا الخير العظيم من قاله من الحجاج وغيرهم في شتى الأقطار. ومن فضائل هذا اليوم: أنه يوم عيد لأهل الموسم كما سبق، والعيد هو موسم الفرح والسرور، وأفراح المؤمنين وسرورهم إنما هي بتوفيقهم لطاعة الله، وإعانتهم على العمل بأسباب محبته ورضاه: ( قل بفضل وبرحمته فبذلك فليفرحوا هو خير مما يجمعون) وعن أنس رضي الله عنه قال: "قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة ولهم يومان يلعبون فيهما، فقال: إن الله قد أبدلكم بهما يومين خيراً منهما يوم الأضحى ويوم الفطر" أخرجه أبو داود والنسائي بإسناد صحيح فأبدل الله هذه الأمة بيومي اللعب واللهو يومي الذكر والشكر، والمغفرة والعفو، ويضاف إليهما عيد الأسبوع وهو يوم الجمعة، فصارت أعياد المسلمين ثلاثة: عيد يتكرر كل أسبوع، وعيدان يتكرران كل عام، وكلها إنما تأتي بعد عبادة عظيمة، وقيام بركن من أركان الإسلام، فعيد الفطر يعقب إكمال صيام رمضان والاجتهاد فيه بأنواع الطاعات، وعيد الأضحى مترتب على إكمال الحج والاجتهاد في عشر ذي الحجة، وكل ذلك أعمال صالحة تستجلب الرحمة والعتق من النار، وتملأ قلوب أصحابها بالفرح والغبطة والسعادة، ولهذا كانت أعياداً لكل المسلمين. وأما يوم الجمعة فهو عيد الأسبوع وهو مترتب على إكمال الصلوات المكتوبة في كل يوم وليلة، فإن أيام الدنيا تدور على سبعة أيام، وكل ما كمل أسبوع من أيام الدنيا واستكمل المسلمون صلواتهم فيه شرع لهم عيد الأسبوع يتخففون فيه من الأعمال، ويجتمعون فيه على الذكر والعبادة، ويتجملون فيه بأحسن الطيب والملابس، ويجتمع أهل الأحياء القريبة في مسجد واحد، بعد أن كانوا يصلون في مساجد مختلفة، فيتعارفون ويتعاونون، ويتوادون ويتراحمون. ولئن كان حجاج بيت الله الحرام قد ذهبوا بالأجور والدرجات العلى، وحازوا قصب السبق في الجمع بين فضل الزمان، والمكان، والحال، فإن الله تعالى برحمته شرع لمن لم يحج أعمالاً وشعائر يشابهون بها حجاج البيت الحرام، ويشاركونهم في الأجر والثواب، والمسارعة في الخيرات واستباق الباقيات الصالحات. ومن ذلك: صلاة العيد. قال بعض السلف: الخروج لصلاة العيد يوم الأضحى يعدل حجة، وقد أمر الله بها في قوله تعالى: ( فصل لربك وانحر) فيدخل فيها صلاة العيد ونحر الهدي والأضاحي. وقد لازمها النبي صلى الله عليه وسلم حتى توفي، وأمر الناس بالخروج إليها، وصلاة العيد فرض عين على الرجال على القول الراجح من أقوال العلماء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بها، وواظب عليها، بل أمر بها النساء عامة من غير فرق بين البكر والثيب، والشابة والعجوز، والحائض وغيرها، ما لم يكن في خروجها فتنة أو كان لها عذر، فقد ثبت في الصحيح من حديث أم عطية قالت: "أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نخرج في الفطر والأضحى العواتق والحيض وذوات الخدور، أما الحيض فيعتزلن الصلاة ويشهدن الخير ودعوة المسلمين" ومن الأدلة على وجوبها على الرجال: أنها مسقطة للجمعة إذا اتفقتا في يوم واحد، وما ليس بواجب لا يسقط ما كان واجباً. والسنة في صلاة عيد الأضحى تعجيلها في أول وقتها، ليتمكن الناس من المبادرة في ذبح ضحاياهم، بخلاف صلاة الفطر، فالسنة تأخيرها ليتمكن الناس من إخراج صدقة فطرهم. ومن السنة أيضاً لمن لديه أضحية: أن لا يأكل حتى يرجع من المصلى، فيأكل من أضحيته، بخلاف عيد الفطر، فالسنة أن يأكل تمرات وتراً قبل خروجه إلى الصلاة. ومما يشابه المقيمون به حجاج بيت الله الحرام: ذبح الأضاحي والتقرب إلى الله بالنحر وإسالة الدماء، امتثالا لأمر ربهم حيث يقول: (فصل لربك وانحر)، والذبح عبادة من أجل العبادات وأحبها إلى الله، والله تعالى يقول: (لن ينال اللهَ لحومُها ولا دماؤها ولكن يناله التقوى منكم)، فليس المقصود من الهدي والأضاحي هو اللحم الذي يؤكل منه ويهدى ويتصدق به على الفقراء، وإنما المقصود هو التقرب إلى الله تعالى بالذبح، وإن الدم ليقع عند الله بمكان قبل أن يقع على الأرض. وعن ابن عمر رضي الله عنهما قال: "أقام النبي صلى الله عليه وسلم في المدينة عشر سنين يضحي" رواه أحمد والترمذي وحسنه. وقال صلى الله عليه وسلم: "من وجد سعة فلم يضح فلا يقربن مصلانا" رواه أحمد وابن ماجة وصححه الحاكم والذهبي. وقد اختلف العلماء في الأضحية، هل هي واجبة أو سنة مؤكدة؟ والجمهور على أنها سنة مؤكدة في حق الموسر. ولاشك أن الأحوط فعلها مع القدرة عليها براءةً للذمة وخروجاً من عهدة الطلب بيقين. ومن أعظم ما يتأكد في هذه الأيام المباركة: كثرة الذكر بأنواعه من تهليل، وتسبيح، وتحميد، وتكبير، ودعاء، واستغفار، وقراءة قرآن، كما قال ربنا سبحانه: (ويذكروا اسم الله في أيام معلومات) وقال أيضاً: ( واذكروا الله في أيام معدودات) والأيام المعلومات: هي عشر ذي الحجة، والمعدودات: هي أيام التشريق. وقد أكد ذلك النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: "أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل" وقال أيضاً: "ما من أيام أعظم عند الله، ولا أحب إليه العمل فيهن، من هذه الأيام العشر، فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد" رواه أحمد بسند صحيح. وتنصيص النبي صلى الله عليه وسلم على الذكر دون غيره من العبادات، وأمره بالإكثار منه دليل على أنه من آكد العبادات والشعائر في هذه الأيام. والسنة في التكبير: الجهر به للرجال، في كل مكان يجوز ذكر الله فيه. وإعلان التكبير والجهر به من الشعائر التي يشابه بها المقيمون حجاج بيت الله الحرام، الذين يلهجون بالذكر والتلبية منذ دخولهم في النسك. والتكبير في هذه الأيام نوعان: مطلق، ومقيد بأدبار الصلوات المكتوبة والمسنونة، أما المطلق فيبتدئ من دخول شهر ذي الحجة إلى غروب الشمس من آخر أيام التشريق، وهو اليوم الثالث عشر. وأما المقيد فيبتدئ بالنسبة للمقيم من صلاة الفجر يوم عرفة إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق. وبالنسبة للحاج من ظهر يوم النحر إلى صلاة العصر من آخر أيام التشريق. وليس للتكبير صفة خاصة يجب الالتزام بها، بل المقصود هو كثرة التكبير بأي صفة مشروعة، والمأثور عن أكثر السلف أنهم كانوا يقولون: الله أكبر الله أكبر لا إله إلا الله والله أكبر الله أكبر ولله الحمد. وبعضهم يكبر في الأولى ثلاثاً، وفي الثانية ثنتين، وبعضهم يكبر في الموضعين ثلاثاً ثلاثاً، وعن بعضهم: الله أكبر كبيرا، والحمد الله كثيرا، وسبحان الله بكرة وأصيلا. ومن أفضل أنواع الذكر: الدعاء، وهو سلاح المؤمن وعدته في الشدة والرخاء، كما أنه من أجل العبادات وأحبها إلى الله عز وجل، لأنه يتحقق فيه كمال الحب والتعظيم وكمال الخوف وكمال الرجاء، وتلك هي حقيقة العبادة ولذلك قال ربنا سبحانه ![]() ولله در أبي العتاهية حين قال: لا تسألنَّ بُنيَّ آدم حاجةً وسل الذي أبوابه لا تحجبُ الله يغضب إن تركت سؤاله وبنيُّ آدم حين يسأل يغضب فاجعل سؤالك للإله فإنما في فضل نعمة ربنا نتقلب ويتأكد الدعاء في هذا اليوم العظيم الذي هو من أرجى أوقات الإجابة والقبول، والدعاء فيه هو خير الدعاء، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير" رواه مالك والترمذي والبيهقي وصححه الألباني. وهذه الخيرية شاملة لدعاء السؤال والطلب، ودعاء العبادة والقربة، الذي يعم جميع أنواع الذكر، ومن أعظمه كلمة التوحيد، التي هي خير ما قاله النبيون والصالحون على مر العصور. وإذا كان الإنسان صائماً في هذا اليوم العظيم، ودعا عند الإفطار، فما أحراه بالقبول والإجابة، فقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "إن للصائم عند فطره لدعوة لا ترد" رواه ابن ماجه بسند صحيح، وقال: " ثلاثة لا ترد دعوتهم: الصائم حتى يفطر، والإمام العادل، ودعوة المظلوم يرفعها الله فوق الغمام، ويفتح لها أبواب السماء، ويقول الرب: وعزتي لأنصرنك ولو بعد حين" رواه أحمد وابن ماجه والترمذي وحسنه. وهذه كرامة للصائم مطلقاً، فكيف إذا كان صائماً في يوم عرفة!! ومن تعظيم هذا اليوم الذي عظمه الله الحرص على حفظ السمع والبصر واللسان وسائر الجوارح عن معصية الله تعالى، فعن عبد الله بن عباس رضي الله عنهما قال: "كان الفضل بن العباس رديف النبي صلى الله عليه وسلم يوم عرفة، فجعل الفتى يلاحظ النساء وينظر إليهن وجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يصرف وجهه بيده من خلفه، وجعل الفتى يلاحظ إليهن فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا يوم من ملك فيه سمعه وبصره ولسانه غفر له" رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني وصححه ابن خزيمة والحاكم. أسأل الله تعالى أن يجعلنا ممن يعظم حرمات الله ويقف عند حدوده، وأن يوفقنا لفعل الخيرات، والمنافسة في الباقيات الصالحات، وأن يتقبل منا كل ما وفقنا له من الطاعات، ويغفر لنا جميع السيئات، ويجعلنا وذرارينا وأهلينا ووالدينا من الفائزين بأعلى الدرجات. والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |