الأحكام الفقهية المتعلقة بإحرام المغمى عليه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 869 - عددالزوار : 119292 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4936 - عددالزوار : 2024307 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4511 - عددالزوار : 1301547 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40262 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 44 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 367132 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 21-11-2019, 03:35 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,245
الدولة : Egypt
افتراضي الأحكام الفقهية المتعلقة بإحرام المغمى عليه

الأحكام الفقهية المتعلقة بإحرام المغمى عليه
الدكتور عبد الرحمن بن رباح الردادي


الأحكام الفقهية المتعلقة بإحرام المغمى عليه 1-2
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ ونَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا،مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ،وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ ،وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ،وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ}1
{يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً}.2
{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً *يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً}[1]-[2]
أما بعد :
فلما كانت فريضة الحج ركناً من أركان الإسلام- لمن كان مستطيعاً-والعمرة واجبة على الصحيح من قولي العلماء[3]،وجب على العلماء وطلبة العلم والباحثين بيان أحكام المسائل الفقهية المتعلقة بالحج والعمرة،إذ إن الخطأ في هذه العبادة ليس كالخطأ في غيرها، فهي لا تؤدى إلا في مكان معين، بخلاف غيرها من العبادات، بالإضافة إلى أن الحج لا يؤدى إلا في وقت مخصوص، وفي زمن محدود .
ومن توفيق الله لي، وفضله علي،أن يسرلي المشاركة في التوعية في الحج لعدة أعوام، ورأيت حاجة الحجاج والمعتمرين لمعرفة كثير من الأحكام، ومنها أحكام إحرام المغمى عليه .
فمع تزايد عدد الحجاج والمعتمرين الذين يأتون من أقطار بعيدة ومتعددة، تلبية لدعوة أبينا إبراهيم علية الصلاة والسلام-في قوله تعالى:{وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ}[4]والرحلة إلى الحج والعمرة قد يكتنفها كثير من المتاعب والأمراض التي تؤدي بعضها إلى الإغماء، إما قبل الشروع في الإحرام، أو بعد الشروع فيه .
ومعرفة أحكام إحرام المغمى عليه من المسائل المهمة، فهي تتعلق بأحد أركان الحج والعمرة، وتهم شريحة من المسلمين ألا و هم حجاج بيت الله الحرام والمعتمرين، فكانت الحاجة داعية إلى بحثها وبيان حكمها.
وأحكام إحرام المغمى عليه ليست من المسائل المستجدة,فقد تكلم فيها الفقهاء الأقدمون،وبينوا أحكامها، إلا أنها متناثرة في بطون الكتب، فقمت بجمع شتات الموضوع, وبيان أحكامه من خلال كتب الفقه الإسلامي،وغيرها من المصادر المختلفة، فكان هذا البحث الذي أرجو من الله أن يكون خالصاً لوجهه الكريم، وأن ينفعني به يوم الدين، فإن وفقت فيه للصواب فهو مرادي،وإن كانت الأخرى فحسبي أني قد استفرغت وسعي، وبذلت جهدي، فأرجو من الله ألا يحرمني أجر اجتهادي.
خطة البحث :
يتكون البحث من:مقدمة،وتمهيد، وثلاثة مباحث،وخاتمة .
المقدمة: وتحتوي على الافتتاحية،وأهمية الموضوع ، وخطة البحث ، ومنهجي في كتابته.
التمهيد: في الإحرام والإغماء ، وفيه مطلبان :
المطلب الأول:في تعريف الإحرام وحكمه .
المطلب الثاني: في تعريف الإغماء وأنواعه .
المبحث الأول:في الإغماء قبل الإحرام ، وفيه مطلبان :
المطلب الأول:في الإحرام عن المغمى عليه .
المطلب الثاني:إذا أفاق بعد تجاوز الميقات .
المبحث الثاني:في الإغماء بعد الإحرام ، وفيه مطلبان :
المطلب الأول:في تأثير الإغماء على الإحرام .
المطلب الثاني:في ارتكاب محظورات الإحرام .
المبحث الثالث:في التحلل من الإحرام بسبب الإغماء ، وفيه مطلبان :
المطلب الأول: في التحلل بدون اشتراط .
المطلب الثاني: في التحلل مع الاشتراط .
الخاتمة : وتحتوي على أهم نتائج البحث .
التمهيد
في الإحرام والإغماء
وفيه مطلبان
المطلب الأول:في تعريف الإحرام وحكمه
تعريف الإحرام في اللغة :
قال ابن فارس[5]‑رحمه الله ‑:الحاء والراء والميم أصلٌ واحد، وهو المنْع والتشديد. فالحرام: ضِدُّ الحلال. وأحْرَم الرّجُل بالحجّ، لأنه يحرُم عليه ما كان حلالاً له من الصَّيد والنساءِ وغير ذلك.[6]
وقال ابن منظور[7]‑ رحمه الله‑:الإِحْرامُ مصدر أَحْرَمَ الرجلُ يُحْرِمُ إحْراماً،إذا أَهَلَّ بالحج أَو العمرة، وباشَرَ أَسبابهما وشروطهما من خَلْع المَخِيط،وأَن يجتنب الأشياء التي منعه الشرع منها؛ كالطيب، والنكاح،والصيد،وغير ذلك، والأَصل فيه المَنْع، فكأنَّ المُحْرِم ممتنع من هذه الأَشياء.[8]
تعريف الإحرام في الاصطلاح :
هو نية الدخول في حرمات الحج والعمرة[9].
حكم الإحرام
الإحرام فرض على من مر بالمواقيت يريد الحج، أو العمرة بالإجماع[10]،وهو ركن للنسك عند المالكية، والشافعية،والحنابلة[11].
وذهب الحنفية إلى أن الإحرام شرط من شروط صحة الحج[12] .
وقيل:هو شرط ابتداء،وله حكم الركن انتهاء[13].
وقيل:إن الإحرام شرط وإن كان له شبه الركن[14].
ويتفرع على كون الإحرام شرطاً عند الحنفية وكونه يشبه الركن فروع،منها:
1- أجاز الحنفية الإحرام بالحج قبل أشهر الحج, مع الكراهة,لكون الإحرام شرطاً عندهم, فجاز تقديمه على الوقت[15].
2- لو أحرم المتمتع بعمرة قبل أشهر الحج، فطاف لها أقل من أربعة أشواط،ثم دخلت أشهر الحج، فتممها وأحرم بالحج كان متمتعاً عند الحنفية[16].
3- تفرع على شبه الإحرام بالركن عند الحنفية أنه لو أحرم الصبي,ثم بلغ بعدما أحرم, فإنه إذا مضى في إحرامه لم يجزه عن حجة الإسلام.
لكن لو جدد الإحرام قبل الوقوف ونوى حجة الإسلام,أجزأ عن حجة الإسلام عند الحنفية اعتباراً لشبه الركن في هذه الصورة احتياطاً في العبادة[17].
المطلب الثاني:تعريف الإغماء وأنواعه
تعريف الإغماء في اللغة :
قال ابن فارس ‑ رحمه الله ‑:الغين والميم والحرف المعتل يدل على تغطية وتغشية.من ذلك: غَمَيْتُ البيت، إذا سقَّفْتَه،والسقف غماء.ومنه أغمي على المريض فهو مغمى عليه إذا غشي عليه.[18]
وقال ابن منظور‑رحمه الله ‑:وأصل التَّغْمية:الستر والتغطية، ومنه أُغمي على المريض إذا أُغشي عليه، كأن المرض ستر عقله وغطاه.[19]
فالإغماء:فقد الحس والحركة لعارض .[20]
تعريف الإغماء في الاصطلاح :
اختلفت تعريفات الفقهاء والأصوليين‑ رحمهم الله ‑ للإغماء تبعاً لاختلافهم في أسبابه وآثاره، وإليك هذه التعاريف على وجه الإجمال .
تعريف الحنفية:ضرب مرض يضعف القوى ولا يزيل الحجا [21]،وسببه امتلاء بطون الدماغ من بلغم غليظ بارد [22].
وقيل:هو فتور يزيل القوى، ويعجز به ذو العقل عند استعماله مع قيامه حقيقة .[23]
وقيل:هو آفة في القلب أو الدماغ، تعطل القوى المدركة والمحركة [24]عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوباً.[25]
تعريف المالكية:مرض في الرأس يعتري الشخص بسبب شدة هم أو فرح [26].
تعريف الشافعية:الإغماء مرض يزيل الشعور مع فتور الأعضاء[27].
تعريف الحنابلة:الإغماء مرض يغطي العقل[28].
قال الجرجاني[29]‑ رحمه الله ‑:الإغماء:هو فتور غير أصلي لا بمخدر يزيل عمل القوى .
ثم شرحه بقوله:"غير أصلي"يخرج النوم.وقوله:"لا بمخدر"يخرج الفتور بالمخدرات. وقوله:"يزيل عمل القوى" يخرج العته [30].[31]
ويتضح لنا من خلال ما سبق من تعاريف الفقهاء والأصوليين‑ رحمهم الله - للإغماء:بأنها تكاد تكون متقاربة في معناها ومضمونها،وإن اختلفت في ألفاظها وظاهرها، ومما يجمع بينها من معان أنها دلت على أن:
1- الإغماء مرض في الرأس .
2- الإغماء فتور عير أصلي بمعنى أنه عارض .
3- المغمى عليه يعجز عن استعمال عقله .
ولكنهم اختلفوا في أثر الإغماء فمنهم من قال:لا يزيل العقل، ومنهم من قال: يزيل الشعور، ومنهم من قال: يغطي العقل .
والذي يظهر والله أعلم: أن الإغماء يستر العقل أو يغلبه .
قال الدسوقي[32]‑ رحمه الله ‑:إن التعبير بالاستتار أولى من التعبير بالزوال؛لأنه لو زال حقيقة لم يعد حتى يقال له:قد انتقض وضوؤك.[33]
التعريف الطبي للإغماء :
تعريف الأطباء القدماء:الإغماء حالة يتعطل معها الحس والحركة؛ لضعف القلب.[34]
تعريف الأطباء المعاصرين:الإغماء فقد وعي قصير ناجم عن نقص شامل في جريان الدم الدماغي، وينجم الإغماء دوماً عن توقف كامل أو نصف كامل في النتاج القلبي،تال على الأغلب لنقص حاد في وارد الدم إلى القلب الأيمن مع بقاء نظام القلب سوياً أو لنقص شديد في وارد الدم إلى القلب الأيسر.[35]
التعريف المختار:
إذا نظرنا إلى التعريفات الاصطلاحية للإغماء نجد أوضحها وأجمعها تعريف الكمال ابن الهمام[36]‑رحمه الله‑ حيث قال:إن الإغماء آفة في القلب أو الدماغ، تعطل القوى المدركة والمحركة عن أفعالها مع بقاء العقل مغلوباً.
وذلك لأنه بين أن الإغماء مرض،وأن العقل في حالة الإغماء يبقى مغلوباً فيخرج بذلك الجنون الذي يكون فيه العقل مسلوباً،والنوم الذي يكون فيه العقل محجوباً .
فأبلغ شيء الجنون، ثم يليه الإغماء، ثم النوم، فالمجنون مسلوب العقل، والمغميعليه مغلوب، والنائم محجوب، والإغماء نوع مرض، ولهذا يجوز على الأنبياء فعَنْ سَالِمِ بْنِ عُبَيْدٍ - رضى الله عنه- قَالَ:أُغْمِيَ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ- صلى الله عليه وسلم- فِي مَرَضِهِ ثُمَّ أَفَاقَ. فَقَالَ:"أَحَضَرَتْ الصَّلاةُ. قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: مُرُوا بِلالا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَأَفَاقَ. فَقَالَ:أَحَضَرَتْ الصَّلاةُ ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: مُرُوا بِلالا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ، ثُمَّ أُغْمِيَ عَلَيْهِ، فَأَفَاقَ. فَقَالَ: أَحَضَرَتْ الصَّلاةُ؟ قَالُوا: نَعَمْ. قَالَ: مُرُوا بِلالا فَلْيُؤَذِّنْ، وَمُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ ..."[37]
أنواع الإغماء:
ينقسم الإغماء إلى نوعين :
الإغماء البسيط وهو:عرض شائع يفقد فيه الشخص وعيه لمدة قصيرة يتهاوى فيها إلى الأرض، وما إن يتمدد مستلقياً حتى يصحو. ويصاب بالإغماء نحو 25% من البالغين الأصحاء.[38]
الإغماء الطويل وهو:الإغماء الذي يمتد أشهراً أو سنين متطاولة .[39]
المبحث الأول
في الإغماء قبل الإحرام
وفيه مطلبان
المطلب الأول:في الإحرام عن المغمى عليه
اختلف العلماء ‑ رحمهم الله ‑ في حكم البالغ إذا توجه إلى البيت الحرام يريد الحج فأغمي عليه قبل الإحرام من الميقات،على ثلاثة أقوال :
القول الأول:إنه لا يحرم عنه أحد من رفقته ولا غيرهم, سواء أمرهم بذلك قبل أن يغمى عليه، أو لم يأمرهم, بل يبقى على حاله حتى يفيق، ثم يحرم بنفسه، وهو قول المالكية [40]، والشافعية [41]، والحنابلة [42].
القول الثاني:إنه يجوز الإحـرام عن المغمى عليه, إذا كان قد أمرهـم بالإحـرام عنه قبل الإغمـاء ، ويصـير المغمى عليه محرمـاً بنـية رفيقـه وتلبيـته عنـه،وهو قـول أبي يوسف[43]- [44]، ومحمد بن الحسن [45]- [46]
ورجحه السرخسي[47]- [48] .
القول الثالث:إنه يجوز الإحرام عن المغمى عليه مطلقاً [49], وهو قول أبي حنيفة[50]، ورواية عن الإمام أحمد [51]، وقول عطاء [52] - [53]، وإبراهيم النخعي [54]- [55]، والتتائي [56] من المالكية إن خيف فوات الحج [57] .
أدلة أصحاب القول الأول :
1- أن الإحرام هو الاعتقاد بالقلب للدخول في الحج والعمرة, والاعتقادات لا ينوب فيها أحد عن أحد.[58]
2- أن المغمى عليه لا تصح منه نية؛ لعدم أهليته للنية.[59]
3- أنه بالغ, فلم يصر محرماً بإحرام غيره, كالنائم.[60]
ونوقش:بأن المغمى عليه إذا نبه لا ينتبه بخلاف النائم.[61]
4- أنه غير زائل العقل ويرجى برؤه عن قرب, فهو كالمريض.[62]
5- أنه لو أذن في الإحرام عنه لم يصح, فمع عدم إذنه أولى أن لا يصح.[63]
أدلة أصحاب القول الثاني :
1- قوله تعالى:{وَأَن لَّيْسَ لِلْإِنسَانِ إلا مَا سَعَى}[64].
وجه الشاهد:لأنه لم يوجد منه السعي في التلبية;لأن فعل غيره لا يكون فعله حقيقة,وإنما يجعل فعلاً له تقديراً بأمره, ولم يوجد.[65]
ونوقش: بأن سعي الإنسان جاز أن يجعل سعياً لغيره بأمره، وقد وجد الأمر بالدلالة. [66]
2- أنه لم يحرم بنفسه،ولا أَذن لغيره به.[67]
3- أنه لم يأمر أصحابه بالإحرام عنه، وليس للأصحاب عليه ولاية،فلا يصير هو محرماً بإحرامهم عنه؛لأن عقد الإحرام عقد لازم، وإلزام العقد على الغير لا يكون إلا بولاية.[68]
4- أن الإحرام لا ينعقد إلا بالنية،وقد انعدمت النية من المغمى عليه حقيقة وحكماً؛لأن نية الغير عنه بدون أمره لا تقوم مقام نيته والدليل عليه أن سائر المناسك لا تتأدى بأداء الأصحاب عنه فكذلك الإحرام.[69]
ونوقش:بأن الإذن هاهنا موجود دلالة, وهي دلالة عقد المرافقة، والدلالة بمنزلة الإذن إفصاحاً، كما في شرب ماء السقاية،وكمن نصب القدر على الكانون،وجعل فيه اللحم، وأوقد النار تحته، فجاء إنسان وطبخه،لم يكن ضامناً لوجود الإذن دلالة، وإذا ثبت الإذن قامت نيتهم مقام نيته، كما لو كان أمرهم بذلك نصاً.
وأما سائر المناسك فالأصح ‑ عند أبي حنيفة ‑ أن نياتهم عنه في أدائها صحيحة، إلا أن الأولى أن يقفوا به، وأن يطوفوا به؛ ليكون أقرب إلى أدائه لو كان مفيقاً ولو أدوا عنه جاز.[70]
5- أن الإحرام شرط فلا يسقط إلا بفعله، أو بفعل نائبه.[71]
أدلة أصحاب القول الثالث :
1- أنه لما عاقدهم عقد الرفقة، فقد استعان بهم في كل ما يعجز عن مباشرته بنفسه، والإحرام هو المقصود بهذا السفر، فكان الإذن به ثابتاً دلالة، والعلم ثابت نظراً إلى الدليل والحكم يدار عليه.[72] ونوقش من ثلاثة أوجه :
أولاً:بأن المرافقة إنما تراد لأمور السفر لا غير، فلا تتعدى إلى الإحرام.[73]
ثانياً:بأنه لو أذن في ذلك وأجازه, لم يصح, فمع عدم هذا أولى أن لا يصح.[74]
ثالثاً:‑ مناقشة أصحاب القول الثاني‑ قالوا:بأنه لم يصرح بالإذن، والدلالة تقف على العلم، وجواز الإذن به لا يعرفه كثير من الفقهاء؟ فكيف يعرفه العوام؟ بخلاف ما إذا أمر غيره بذلك صريحاً. [75]
2- أن الإحرام أحد أركان الحج فدخلته النيابة للعجز كالطواف.[76]
ونوقش من وجهين :
أولاً: بأن الطواف لا تدخله النيابة, حتى ولو كان مريضاً لم يجز لغيره الطواف عنه, بل يطاف به محمولاً.[77]
ثانياً:‑ مناقشة أصحاب القول الثاني‑: قالوا: بأن الإحرام بخلاف الطواف ونحوه، فإن الفعل في الطواف ليس بشرط, بل الشرط حصوله في ذلك الموضع وقد حصل, والشرط هاهنا هو التلبية, وقول غيره لا يصير قولاً له إلا بأمره، ولم يوجد.[78]
3- القياس على جواز إحرام الأب عن ابنه الصغير.[79]
ونوقش من وجهين :
أولاً:بأن الإغماء يرجى زواله عن قرب بخلاف الصبا; ولهذا يصح أن يعقد الولي النكاح للصبي دون المغمى عليه.[80]
ثانياً:بأنه صح الإحرام عن الصبي; لأنه يتبع غيره في أصل الدين. [81]
4- القياس على المجنون .
ونوقش من وجهين :
أولاً:بأن الإغماء مرض يترقب زواله بالقرب غالباً بخلاف المجنون،فإنه شبيه بالصبي لدوامه.[82]
ثانياً:بأنه ليس لأحد التصرف في ماله بسبب الإغماء، بخلاف المجنون[83].
الترجيح:
الذي يظهر رجحانه والله تعالى أعلم هو القول بعدم صحة الإحرام عن المغمى عليه،سواء أمرهم بذلك قبل أن يغمى عليه، أو لم يأمرهم, بل يبقى على حاله حتى يفيق ثم يحرم بنفسه؛ وذلك لقوة أدلة القائلين به .
تفريع على القول بجواز الإحرام عن المغمى عليه :
ذهب الحنفية إلى أنه لا يجب على من أحرم عن المغمى عليه تجريده من المخيط، وإلباسه غير المخيط؛ لصحة الإحرام، وإنما المراد أن يحرموا عنه بطريق النيابة،وذلك بنية التزام نسك مع التلبية أو ما يقوم مقامها، فيصير هو محرماً بذلك الإحرام من غير أن يجردوه، حتى إذا أفاق وجب عليه الأفعال والكف عن المحظورات من غير أن يحرم بنفسه.[84]
المطلب الثاني:إذا أفاق بعد تجاوز الميقات
إذا أفاق المغمى عليه بعدما جاوزوا به الميقات، فإن أحرم عنه غيره,فهو عند الحنفية محرم يتابع النسك[85].
وعند غيرهم لا عبرة بإحرام غيره عنه, فيلزمه أن يحرم، واختلفوا في وجوب الدم عليه على قولين[86] :
القول الأول:إنه إذا أفاق بعدما جاوزوا به الميقات فالأحسن أن يرجع للميقات ويحرم منه، وإن أحرم من مكانه , فلا شيء عليه وهو قول المالكية [87]،وقول العبادي[88] والشرواني [89] من الشافعية [90] .
القول الثاني:إنه إذا أفاق بعدما جاوزوا به الميقات وأحرم من مكانه فعليه دم، وهو قول الشافعية [91] .
أدلة أصحاب القول الأول:
1- أنه معذور بالإغماء[92].
2- أن دم مجاوزة الميقات إنما يثبت في حق من يجاوزه مريداً للحج أو للعمرة، والمغمى عليه لم يكن عند الميقات مريداً أصلاً; فأشبه المجنون المطبق إذا جاوز به أهله الميقات، ثم عوفي فأفاق وأحرم من موضعه، فإنه لا دم عليه [93].
دليل أصحاب القول الثاني :
أنه ترك الإحرام من الميقات [94].
ويمكن أن يناقش: بأن تركه الإحرام من الميقات لعذر الإغماء .

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 101.31 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 99.59 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.70%)]