شرح حديث أنس: ليس على أبيك كرب بعد اليوم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 994 - عددالزوار : 122353 )           »          إلى المرتابين في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          رذيلة الصواب الدائم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          استثمار الذنوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          حارب الليلة من محرابك (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          وليمحص الله الذين آمنوا ويمحق الكافرين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          حديث: ليس صلاة أثقل على المنافقين من الفجر والعشاء... (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          ذكر الله تعالى قوة وسعادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          السهر وإضعاف العبودية لله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          مميزات منصات التعلم الإلكترونية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 11-11-2019, 01:29 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,513
الدولة : Egypt
افتراضي شرح حديث أنس: ليس على أبيك كرب بعد اليوم

شرح حديث أنس: ليس على أبيك كرب بعد اليوم
سماحة الشيخ محمد بن صالح العثيمين


عَنْ أنَسٍ - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ الْكَرْبُ، فَقَالَتْ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: وَاكَربَ أَبَتَاهُ. فَقَالَ: «لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ»، فَلَمَّا مَاتَ، قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ، أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ! يَا أَبَتَاهُ، جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ! يَا أَبَتَاهُ، إِلَى جبْرِيلَ نَنْعَاهُ! فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ فَاطِمَةُ - رَضِيَ اللهُ عَنْهَا -: أَطَابَتْ أنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- التُّرَابَ؟![1]؛ رواه البخاري.



قال العلامة ابن عثيمين رحمه الله:

قال المؤلف - رحمه الله تعالى - فيما رواه عن أنس بن مالك - رضي الله عنه - أن فاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وسلم- لما ثقل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في مرضه الذي مات فيه جعل يتغشاه الكرب؛ أي: من شدة ما يصيبه جعل يُغشى عليه من الكرب؛ لأنه - عليه الصلاة والسلام - يُشَدَّد عليه الوعك والمرض، كان يوعك كما يوعك الرجلان من الناس.



والحكمة في هذا، من أجل أن ينال -صلى الله عليه وسلم- أعلى درجات الصبر؛ فإن الصبر منزلة عالية، لا ينال إلا بامتحان واختبار من الله - عز وجل - لأنه لا صبر إلا على مكروه.



فإذا لم يُصَب الإنسان بشيء يُكره فكيف يُعرَف صبره؛ ولهذا قال الله تعالى: ﴿ وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِين ﴾ [محمد: 31]؛ فكان النبي -صلى الله عليه وسلم- يوعك كما يوعك الرجلان من الناس.



فجعل يتغشاه الكرب، فتقول فاطمة - رضي الله عنها - «وأكرب أباه»؛ تتوجع له من كربه؛ لأنها امرأة، والمرأة لا تطيق الصبر.



فقال النبي - عليه الصلاة والسلام -: «لَا كَرْبَ عَلَى أَبِيكِ بَعْدَ الْيَوْمِ»؛ لأنه -صلى الله عليه وسلم- لما انتقل من الدنيا انتقل إلى الرفيق الأعلى، كما كان -صلى الله عليه وسلم- وهو يغشاه الموت يقول: «اللَّهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى، اللَّهُمَّ فِي الرَّفِيقِ الْأَعْلَى»[2]، وينظر إلى سقف البيت -صلى الله عليه وسلم-.



توفي الرسول - عليه الصلاة والسلام - فجعلت - رضي الله عنها - تَنْدِبُه، لكنه نَدْبٌ خفيف، لا يدل على التسخط من قضاء الله وقدره.



وقولها: «أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ»؛ لأن الله - سبحانه وتعالى - هو الذي بيده ملكوت كل شيء، آجال الخلق بيده، تصريف الخلق بيده، كل شيء إلى الله، إلى الله المنتهى وإليه الرُّجعى.



فأجاب داعي الله، وهو أنه -صلى الله عليه وسلم- إذا تُوفِّي صار كغيره من المؤمنين؛ يُصْعَد بروحه حتى تُوقف بين يدي الله - عز وجل - فوق السماء السابعة؛ فقالت: واأبتاه، أجاب ربًّا دعاه.



وقولها: «وَاأَبَتَاهُ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهُ» -صلى الله عليه وسلم- لأنه - عليه الصلاة والسلام - أعلى الخلق منزلة في الجنة، كما قال النبي -صلى الله عليه وسلم- «اسْأَلُوا اللهَ لِيَ الْوَسِيلَةَ؛ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إِلَّا لِعَبْدٍ مِنَ عِبَادِ اللهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ»[3].



ولا شك أن النبي -صلى الله عليه وسلم- مأواه جنة الفردوس، وجنة الفردوس هي أعلي درجات الجنة، وسقفها الذي فوقها عرش الرب جل جلاله، والنبي - عليه الصلاة والسلام - في أعلى الدرجات منها.



قولها: «يَا أَبَتَاهُ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهٌ»؛ النعي: هو الإخبار بموت الميت، وقالت: إننا ننعاه إلى جبريل لأن جبريل هو الذي كان يأتيه بالوحي صباحًا ومساء.



فإذا فُقِدَ النبي - عليه الصلاة والسلام - فُقِدَ نزول جبريل - عليه الصلاة والسلام - إلى الأرض بالوحي؛ لأن الوحي انقطع بموت النبي -صلى الله عليه وسلم-.



ثم لما حُمِل ودُفِن قال رضي الله عنها: «أَطَابَتْ أنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- التُّرَابَ؟»؛ يعني: من شدة وَجْدِها عليه، وحزنها، ومعرفتها بأن الصحابة - رضي الله عنهم - قد ملأ قلوبهم محبة الرسول - عليه الصلاة والسلام.



فهل طابت؟ والجواب: أنها طابت؛ لأن هذا ما أراد الله - عز وجل - وهو شرع الله، ولو كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يُفدى بكل الأرض لفداه الصحابة رضي الله عنهم.



لكن الله - سبحانه - هو الذي له الحكم، وإليه المرجع، وكما قال الله تعالى في كتابة: ﴿ إِنَّكَ مَيِّتٌ وَإِنَّهُمْ مَيِّتُونَ * ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عِنْدَ رَبِّكُمْ تَخْتَصِمُونَ ﴾ [الزمر: 30، 31].



الفوائد:

في هذا الحديث بيان أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كغيرة من البشر، يمرض ويجوع، ويعطش، ويبرد، ويحتر، وجميع الأمور البشرية تعتري النبي -صلى الله عليه وسلم- كما قال -صلى الله عليه وسلم- «إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ، أَنْسَى كَمَا تَنْسَوْنَ».



وفيه: رد على هؤلاء القوم الذين يشركون بالرسول -صلى الله عليه وسلم- يدعون الرسول - عليه الصلاة والسلام - ويستغيثون به وهو في قبره، بل إن بعضهم - والعياذ بالله - لا يسأل الله تعالى ويسأل الرسول -صلى الله عليه وسلم- كأنَّ الذي يجيب هو الرسول - عليه الصلاة والسلام - ولقد ضلُّوا في دينهم وسَفَهُوا في عقولهم؛ فإن الرسول -صلى الله عليه وسلم- لا يملك لنفسه ضرًّا ولا نفعًا، فكيف يملك لغيره؟!



قال الله تعالى آمرًا نبيَّه: ﴿ قُلْ لَا أَقُولُ لَكُمْ عِنْدِي خَزَائِنُ اللَّهِ وَلَا أَعْلَمُ الْغَيْبَ وَلَا أَقُولُ لَكُمْ إِنِّي مَلَكٌ ﴾ [الأنعام: 50]، بل هو عبد من عباد الله؛ ولهذا قال: ﴿ إِنْ أَتَّبِعُ إِلَّا مَا يُوحَى إِلَيَّ ﴾ [الأنعام: 50].



وقال الله - سبحانه - له أيضًا: ﴿ قُلْ إِنِّي لَا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَلَا رَشَدًا * قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَلَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَدًا * إِلَّا بَلاغًا ﴾؛ أي: هذه وظيفتي ﴿ مِنَ اللَّهِ وَرِسَالاتِهِ ﴾ [الجن 21-23].



ولما أنزل الله تعالى قوله: ﴿ وَأَنْذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ ﴾ [الشعراء: 214]، دعا قرابته -صلى الله عليه وسلم- وجعل ينادي إلى أن قال: «يَا فَاطِمَةَ بِنْتَ مُحَمَّدٍ، سَلِينِي مَا شِئْتِ مِنْ مَالِي لَا أُغْنِي عَنْكِ مِنَ اللهِ شَيْئًا»[4]؛ إلى هذا الحد‍! ابنته التي هي بضعة منه، والتي يريبه ما رابه يقول لها: لا أغني عنك من الله شيئًا.



فهذا دليل على أن من سواها من باب أولى.



ففيه ضلال هؤلاء الذين يدعون الرسول -صلى الله عليه وسلم- تجدهم في المسجد النبوي عند الدعاء يتجهون إلى القبر، ويصمدون أمام القبر كصمودهم أمام الله في الصلاة أو أشد.



وفي هذا الحديث: دليل على أنه لا باس بالندب اليسير إذا لم يكن مؤذيًا بالتسخط على الله عز وجل؛ لأن فاطمة ندبت النبي - عليه الصلاة والسلام - لكنه ندب يسير، وليس يَنُمُّ عن اعتراض على قدر الله عز وجل.



وفيه دليل: على أن فاطمة بنت محمد -صلى الله عليه وسلم- ورضي الله عنها بقيت بعد حياته -صلى الله عليه وسلم- بقيت فاطمة، ولكن ليس لها ميراث، لا هي، ولا زوجاته، ولا عمه العباس، ولا أحد من عصبته؛ لأن الأنبياء لا يورثون؛ كما قال النبي - عليه الصلاة والسلام -: «إِنَّا مَعْشَرَ الْأَنْبِيَاءِ لَا نُورَثُ، مَا تَرَكْنَا صَدَقَةٌ»[5].



وهذا من حكمة الله - عز وجل - لأنهم لو وَرَّثوا لقال من يقول: إن هؤلاء جاؤوا بالرسالة يطلبون ملكًا يُورَث مِن بعدهم؛ ولكن الله - عز وجل- منع ذلك.



فالأنبياء لا يورثون، بل ما يتركونه يكون صدقة يصرف للمستحقين له، والله الموفِّق.




المصدر: «شرح رياض الصالحين»





[1] أخرجه البخاري (4462).




[2] متفق عليه: أخرجه البخاري (4463)، ومسلم (2444).





[3] أخرجه مسلم (384).




[4] متفق عليه: أخرجه البخاري (2753)، ومسلم (204).




[5] أخرجه أحمد (9972)، والبخاري (6727)، ومسلم (1759).








__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 71.67 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 69.95 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.40%)]