تأملات في سورة المجادلة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 859 - عددالزوار : 118572 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 56 - عددالزوار : 40143 )           »          التكبير لسجود التلاوة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 34 )           »          زكاة التمر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 22 )           »          صيام التطوع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          كيف تترك التدخين؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 25 )           »          حين تربت الآيات على القلوب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3096 - عددالزوار : 366852 )           »          تحريم الاستعانة بغير الله تعالى فيما لا يقدر عليه إلا الله جل وعلا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 35 )           »          فوائد ترك التنشيف بعد الغسل والوضوء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 27 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 06-11-2019, 09:10 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,235
الدولة : Egypt
افتراضي تأملات في سورة المجادلة

تأملات في سورة المجادلة
عدنان بن عيسى العمادي








الحمد ‏لله رب العالمين، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وآله وسلم، أما بعد:

فقد تأملتُ سورةَ المجادَلة؛ فوجدتُ مدارَها على سعةِ علم اللهِ وكمال سمعِه سبحانه، فنبَّه اللهُ تعالى فيها على إحاطة سمعه بذِكرِ الصوتِ العالي في المجادلة، ثم في الكلام العادي مِن المُظاهرَةِ، ثم في الكلام الخفي من النجوى بين الناس، ثم في الأخفى وهو حديث النفس، ثم في الأغمضِ جدًّا، وهو ميلُ القلوب وحركتها (الموادة).



فافتتَحَ اللهُ تعالى السورةَ بقوله: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ ﴾ [المجادلة: 1]، والابتداءُ بهذه الجملة مُشعِرٌ بمقصودِ السورةِ الذي ذكرتُ؛ فابتدأ بـ(قد) التي للتحقيق، وأدخلها على فعلِ السمعِ؛ فأفادتْ كمالَ هذا السمع وتحققه، ونبَّه سبحانه وتعالى على إحاطةِ سمعِه وسعته بذِكرِه درجاتِ الأصواتِ مِن الأظهرِ إلى الأخفى مرتبًا، فابتدأ مخْبِرًا بسماعِه الصوتَ العاليَ في المجادلة: ﴿ قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ ﴾ [المجادلة: 1]، والمجادلة والشكوى يغلبُ فيها رفعُ الصوتِ.



ثم أعلمَ بإحاطةِ سمعِه سبحانه بالكلام العادي المعتدل في ذكرِه العلمَ بما يكونُ مِن المُظاهرَةِ؛ فهو سبحانه يسمع قولَ الرجل لامرأته..



ثم انتقل وأبانَ إحاطةَ سمعِه بالكلام الخفي مِن النجوى التي تكون بين الناس بين الناس، سواء قلُّوا أو كثروا؛ فقال: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا عَمِلُوا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ﴾ [المجادلة: 7].



ثم لِيَقطعَ كلَّ الريب والشك في إحاطةِ سمعِ اللهِ وعِلمِه بخلقه، فبيَّنَ علمَه سبحانه بأحاديث النفوس التي هي الأخفى؛ فقال: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوَى ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا نُهُوا عَنْهُ وَيَتَنَاجَوْنَ بِالْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَمَعْصِيَتِ الرَّسُولِ وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ حَسْبُهُمْ جَهَنَّمُ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمَصِيرُ ﴾ [المجادلة: 8]، فأعلمَنا أنه مطَّلعٌ على أحاديثِ النفوسِ الخفية التي لا نسمعُها نحن.



ثم قطعَ أدنى شكٍّ بإخبارِه سبحانه باطلاعِه على حركات القلوبِ ومَيلِها وإن لم تتكلم، وهو من أغمض ما يكون؛ فالنفوسُ التي تمِيلُ قلوبُها لا تدري كيف تنشأ هذه الحركة وهذا المَيل، ولا تعرف حقيقته، ولكن الله عز وجل أخبرنا بعلمه بتفاصيل ذلك ابتداءً مِن قولِه: ﴿ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ تَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مَا هُمْ مِنْكُمْ وَلَا مِنْهُمْ وَيَحْلِفُونَ عَلَى الْكَذِبِ وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أَعَدَّ اللَّهُ لَهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ﴾ [المجادلة: 14، 15]، إلى آخر السورة؛ فسبحان مَن أحاط بكل شيءٍ - ظاهرٍ وباطنٍ - عِلمًا، وهو أعلم بمراده.



وفي أثناءِ ذِكرهِ جل جلاله لهذه المراتب، ناسبَ أن يذكرَ أحكامَ بعضِ ما تكلمَ عنه؛ فبيَّن أحكام الظِّهار، ثم في النجوى شرح بعضَ أحكامِ النجوى، ثم فصَّلَ بعضَ أحكامِ أعمالِ القلوبِ وحركتها.



ومِن لطيفِ اللفَتاتِ في سورة المجادلة أنه ذكرَ في أولها وصفَ المحادِّين لله ورسولِه وحالَهم عنده؛ فقال: ﴿ إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنْزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُهِينٌ ﴾ [المجادلة: 5].



والكبْتُ هو الإذلال والخزيُ والصرف، ثم في مقابلِهم ذكرَ في آخرِها المؤمنينَ الذين يُعادُون مَن حادَّ اللهَ ورسولَه، فقال فيهم: ﴿ لَا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْ عَشِيرَتَهُمْ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ وَيُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ أُولَئِكَ حِزْبُ اللَّهِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ اللَّهِ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [المجادلة: 22].



وتأملْ قولَه سبحانه: ﴿ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾، تأملْ معنى ﴿ كَتَبَ فِي قُلُوبِهم ﴾، فكأنَّه قدَّرَ الإيمانَ في قلوبِهم تقديرًا، وألزمها إياه إلزامًا؛ فلا يفارقُها، ونقشَه عليها نقشًا لا يزول أثرُه عنها، وجمعَه فيها فلا يتفرق.




‏انظر كيف قال في أول السورة فيمن حادَّ اللهَ ورسولَه: ﴿ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ﴾ [المجادلة: 5]، وقال في آخر السورة فيمن أبغض هؤلاء الأعداء: ﴿ أُولَئِكَ كَتَبَ فِي قُلُوبِهِمُ الْإِيمَانَ وَأَيَّدَهُمْ بِرُوحٍ مِنْهُ ﴾؛ فالمُحادون لهم الكبْتُ الذي هو الإذلال والصرفُ، والمؤمنون الذين يبغضونهم لهم كتْبُ الإيمان والتقريب والنصر.



‏هذه بعض التأملاتِ التي أرجو مِن الله تعالى أن ينفع بها ويزيد، واعلم خِتامًا أن النظر في السورة الواحدة كاملةً كقطعةٍ واحدةٍ مِن المعيناتِ على التدبرِ الأمثَلِ لكتاب الله عز وجل، خاصةً في السور القصيرة والمتوسطة، فضُمَّ آخرَها إلى أولِّها، وانظرْ فيها كلِّها كما تنظرُ في الآية الواحدةِ؛ فستفطنُ غالبًا إلى أنها تدورُ على مقصودٍ واحدٍ أو مقصودين، والحمد لله رب العالمين.





__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.17 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 62.45 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.68%)]