واجبات الطواف وسننه - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         المبسوط فى الفقه الحنفى محمد بن أحمد السرخسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 521 - عددالزوار : 22998 )           »          حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 5121 - عددالزوار : 2405800 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4709 - عددالزوار : 1713854 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 78 - عددالزوار : 73051 )           »          حكم الإيثار بالقربات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »          إفراد شهر رجب بالعبادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          حب المال وجمعه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »          الزكاة والمجتمع المسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 94 )           »          حسر الإنسان عن رأسه ليصيبه المطر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 51 )           »          قضاء أيام رمضان في الشتاء (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 29 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 01-11-2019, 04:21 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,594
الدولة : Egypt
افتراضي واجبات الطواف وسننه

واجبات الطواف وسننه
أ.د. سليمان العيسى




واجبات الطواف وسننه
الحمد لله وحده والصلاة والسلام على من لا نبي بعده
الواجب عند جماهير أهل العلم هو ما تصح معه العبادة مع نسيانه أو تركه غير أنه لا بد لتركه من جابر، وهذا الجابر يختلف باختلاف العبادة، فقد يجبر بفعل شيء من جنس العبادة كما في سجود السهو للصلاة عند ترك واجب فيها، وقد يكون بشيء آخر كما في ترك واجب من واجبات الحج أو واجبات الطواف مثلاً، فهذا يجبر بدم لعموم حديث من ترك نسكاً فعليه دم(1).
هذا وبخصوص واجبات الطواف فإن فقهاء المذاهب ما عدا الحنفية(2) لم يفردوها بالذكر، وإنما يذكرها بعضهم ضمن الشروط على أنها في معناها، ويعبرون عن ذلك بالشروط والواجبات كالشافعية(3) بينما يذكرها البعض الآخر مدموجة مع بعض الشروط، لا لأنها في معناها ولكن لكونها دائرة بين الشرطية والوجوب بين أرباب كل مذهب، وقد يذكرونها في السنن لكونها أيضاً دائرة بين السنية والوجوب.
وبناءً على هذا فسأستخلص الواجبات عند الفقهاء من كل ذلك، وبيانه على ما يلي:
الأول: ستر العورة:
يرى الحنفية أن ستر العورة واجب من واجبات الطواف يجبر بدم بينما يرى الجمهور أنها شرط لصحة الطواف، وقد استدل الحنفية بعموم قوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: من الآية29)، قالوا فالأمر قد جاء بالطواف مطلقاً عن شرط الستر فيجري على إطلاقه(4)(5).
الثاني: إكمال سبعة الأشواط من الطواف:
ذهب الحنفية إلى وجوب ما زاد عن أكثر الأشواط السبعة بينما ذهب الجمهور إلى اشتراط إكمال السبعة الأشواط لصحة الطواف.
هذا وقد استدل الحنفية لمذهبهم بأن الأكثر يقوم مقام الكل وبعموم قوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: من الآية29) قالوا فالأمر بالطواف قد جاء مطلقاً، والأمر المطلق لا يقتضي التكرار إلا أن الزيادة على المرة الواحدة إلى أكثر الأشواط ثبت بدليل آخر وهو الإجماع، ولا إجماع في الزيادة على أكثر الأشواط(6).
الثالث: البدء من الحجر الأسود في الطواف:
ذهب الشافعية وبعض فقهاء الحنابلة إلى وجوب البدء من الحجر الأسود عند الطواف(7) بينما ذهب الحنفية إلى سنية(8) ذلك، وذهب المالكية وجمهور الحنابلة إلى شرطية(9) ذلك لصحة الطواف.
هذا وقد استدل القائلون بالوجوب بما جاء في الصحيحين عن ابن عمر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقدم مكة إذا استلم الركن الأسود أول ما يطوف حين يقدم يخب ثلاثة أشواط(10).
الرابع: جعل البيت عن يسار الطائف:
ذهب الحنفية إلى أن جعل البيت على اليسار في الطواف واجب وليس بشرط(11) بينما ذهب الجمهور ومنهم المالكية والشافعية والحنابلة إلى اشتراط ك لصحة الطواف(12).
هذا وقد استدل الحنفية على وجوب جعل البيت عن يسار الطائف بعموم قوله تعالى: (وَلْيَطَّوَّفُوا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ) (الحج: من الآية29).
وجه الدلالة لهم: أن الآية مطلقة من غير شرط البداية باليمين أو اليسار.
الخامس: الموالاة بين أشواط الطواف:
الموالاة بين أشواط الطواف شرط لصحة الطواف عند المالكية والحنابلة ما لم تكن لعذر، وليست شرطاً عند الحنفية والشافعية في الأصح عندهم بل هي سنة وهي واجبة في قول للشافعية.
السادس: المشي في الطواف مع عدم العذر:
واجب يجبر بدم وهذا هو قول الحنفية والمشهور من مذهب مالك كما أنه رواية عن أحمد(13).
السابع: الطهارة في الطواف:
الحنفية يرون أن الطهارة واجبة للطواف وليست بشرط وهذا القول هو رواية عن الغمام أحمد اختارها ابن تيمية وابن القيم بينما يرى جمهور العلماء اشتراط ذلك(13).
سنن الطواف:
الأول: ما يشرع لداخل المسجد الحرام:
إذا وصل إلى المسجد الحرام سن له تقديم رجله اليمنى ويقول: بسم الله والصلاة والسلام على رسول الله اللهم افتح لي أبواب رحمتك. فقد روى مسلم في صحيحه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا دخل أحدكم المسجد فليقل: "اللهم افتح لي أبواب رحمتك" وإذا خرج فليقل: "اللهم إني أسألك من فضلك"(14)، وهذا الدعاء مشروع لدخول أي مسجد كما هو ظاهر الحديث وليس لدخول المسجد الحرام دعاء خاص.
الثاني: الاضطباع:
صفة الاضطباع: أن يجعل وسط الرداء تحت كتفه اليمنى ويرد طرفيه على كتفه اليسرى، وتبقى كتفه اليمنى مكشوفة.
حكم الاضطباع:
للعلماء – رحمهم الله – في حكم الاضطباع قولان:
القول الأول: أنه مكروه وإليه ذهب الإمام مالك(15) وحجته في ذلك ذهاب سببه الذي هو إظهار الجلادة والقوة للمشركين.
وقد أجيب عن ذلك بما رواه البيهقي بسنده عن هشام بن سعد عن زيد بن أسلم عن أبيه قال سمعت عمر بن الخطاب – رضي الله عنه – يقول: فيم الرملان الآن والكشف عن المناكب وقد أوطأ الله الإسلام ونفى الكفر وأهله ومع ذلك لا نترك شيئاً كنا نصنعه مع رسول الله صلى الله عليه وسلم(16).
قال النووي بعد سياقه له رواه البيهقي بإسناد صحيح(17).
القول الثاني: أنه سنة وبه قال جماهير أهل العلم منهم الحنفية(18) والشافعية(19) والحنابلة(20) مستدلين بما رواه أبو داود في سننه عن ابن جريج عن ابن يعلى عن يعلى، قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم مضطبعاً ببرد أخضر.
وبما رواه أبو داود أيضاً عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه اعتمروا من الجعرانة فرملوا بالبيت وجعلوا أرديتهم تحت آباطهم قد قذفوها على عوائقهم اليسرى(21).
حكمة الاضطباع:
قال ابن حجر: الحكمة في أصل مشروعيته كالرمل إظهار الجلادة والقوة للمشركين، وبالنسبة إلينا إظهار التأسي والاتباع والجد في العبادة(22).
ويسن الاضطباع في طواف القدوم وطواف العمرة عند جميع القائلين بسنيته.
كما اتفقوا أيضاً على أنه لا يسن في غير طواف الحج والعمرة، واختلفوا فيما بينهم هل تقتصر مشروعيته على طواف القدوم وطواف العمرة أو يشرع أيضاً في كل طواف يعقبه سعي(23) فذهب إلى الأول الحنابلة وهو قول في مذهب الشافعي بينما ذهب الحنفية والشافعية في الأصح عندهم إلى الثاني أي أنه يشرع في كل طواف بعده سعي(24).
والراجح في نظري أن سنيته تقتصر على طواف القدوم سواء أكان هذا الطواف للحج أو العمرة لظاهر الأدلة المتقدمة في مشروعيته، والله أعلم.
من لا يشرع له الاضطباع:
لا يشرع الاضطباع في حق المرأة، وهذا محل اتفاق لأن اضطباعها فيه كشف لما هو عورة منها، كما لا يشرع في حق من أحرم من مكة أو قربها، ولا لراكب ولا لحامل معذور، وقد قال بهذا جمهور العلماء(25).
الثالث: الرمل:
ومعناه هو الإسراع في المشي مع تقارب الخطى وتحريك المنكبين، ويسمى: الخبب بفتح الخاء والباء، وقد جاء في بعض روايات الحديث: رمل وفي بعضها خَبّ والمعنى واحد.
حكمه: الرمل مسنون عند عامة العلماء(26) إلا ما روي عن ابن عباس أنه قال: ليس بسنة من شاء رمل ومن شاء لم يرمل(27). والحق أن الرمل سنة ثابتة عن المصطفى صلى الله عليه وسلم.
والرمل في الأشواط الثلاثة الأول من أول طواف يطوفه، فقد روى البخاري ومسلم في صحيحهما عن نافع عن ابن عمر رضي الله عنهما "أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا طاف بالبيت الطواف الأول يخب ثلاثة أطواف ويمشي أربعة"(28).
من لا يشرع له الرمل:
الرمل كالاضطباع بالنسبة لمن يشرع في حقه أو من لا يشرع وقد تقدم بيان من يشرع له بالاضطباع ومن لا يشرع له(29) وما هو مختلف فيه، وهو كذلك في الرمل(30) وقد جاء في المجموع: أن الرمل يتفق مع الاضطباع إلا في شيء واحد وهو أن الاضطباع مسنون في جميع الطوافات السبع بخلاف الرمل فإنما يسن في الثلاث الأول ويمشي في الأربع الباقية(31).
الرابع: استلام الحجر الأسود وما يتعلق به:
يسن للطائف استلام الحجر الأسود وتقبيله إن تيسر ذلك وهذا محل إجماع بين أهل العلم(32) فإن شق التقبيل استلمه بيده أو عصا وقبَّل ما استلمه به فغن شق استلامه أشار إليه وقال: الله أكبر ولا يقبل ما أشار به.
والدليل على ما تقدم ما رواه البخاري ومسلم في صحيحهما واللفظ لمسلم أن عمر رضي الله عنه قَبّل الحجر وقال إني لأقبلك وإني لأعلم أنك حجر ولكني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك، وفي رواية لهما عنه أنه قال: "والله أني لأقبلك وإني أعلم أنك حجر وأنك لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّلك ما قبلتك".
وروى البخاري ومسلم أيضاً للبخاري عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير كلما أتى على الركن أشار إليه(33).
أما استحباب تقبيل ما استلم به، فقد روى مسلم أيضاً عن معروف بن خرَّبوذ قال سمعت أبا الطفيل يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف بالبيت ويستلم الركن بمحجن معه ويقبِّل المحجن(34).
وأما استحباب التكبير، فلما رواه البخاري في صحيحه عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: طاف النبي صلى الله عليه وسلم بالبيت على بعير كلما آتى الركن أشار إليه بشيء كان عنده وكبر(35).
ما يقوله عند استلام الحجر الأسود واستقباله إذا شق استلامه:
ذهب الشافعية والحنابلة إلى أنه يستحب عند استلام الحجر الأسود أو استقباله بوجهه إذا شق استلامه أن يقول (بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك صلى الله عليه وسلم) ويقول ذلك كلما استلمه(36).
أما الحنفية فقد قال الكاساني: إذا استقبل الحجر كبر واستلمه وقبله إن تيسر ذلك وإلا استقبله وكبر وهلل وحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم كما يصلي عليه في الصلاة ولم يذكر عن أصحابنا فيه دعاء بعينه لأن الدعوات لا تحصى(37).
أما المالكية فقد جاء في المدونة ما نصه: (قلت) ابن القاسم سألت مالكاً عن هذا الذي يقول الناس عند استلام الحجر: إيماناً بك وتصديقاً بكتابك فأنكره (قلت) لابن القاسم أفيزيد على التكبير عند استلام الحجر والركن اليماني قال: لا يزيدن على التكبير في قول مالك(38).
الترجيح:
قلت ومما تقدم يتضح أن هذا الدعاء لم يثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم وإنما نقل عن ابن عمر وعلي رضي الله عنهما وإسناده عنهما لا بأس به.
ونقول: إن أتي بهذا الدعاء فلا بأس بل قال بعض أهل العلم إن أتي به فحسن.
وقال سماحة الشيخ عبد العزيز بن عبد الله بن باز – رحمه الله -: وإن قال في ابتداء طوافه: اللهم إيماناً بك وتصديقاً بكتابك ووفاءً بعهدك واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم فهو حسن لأن ذلك قد روي عن النبي صلى الله عليه وسلم(39).
قلت وقد بالغ بعض أهل العلم فعدّ هذا الدعاء من بدع الطواف(40) وفيه نظر. والله أعلم.
الخامس: في الذكر والدعاء وقراءة القرآن في الطواف:
الأول: في الذكر والدعاء:
يسن للطائف أن يكثر من ذكر الله تعالى ودعائه في هذا المكان الطاهر المبارك وليعلم أنه لا يجب في الطواف ذكر مخصوص ولا دعاء مخصوص بل يذكر الله تعالى ويسأله من خيري الدنيا والآخرة، وينبغي أن يدعو هو بنفسه ويسأل ربه أسمى الطلبات، ولا يجعل له مطوفاً يلقنه الدعاء، وما كان النبي صلى الله عليه وسلم يلقّن أصحابه دعاءً خاصاً، بل كان يدعو بما في نفسه من رغبات وكذا كان أصحابه رضي الله عنهم أما ما أحدثه بعض الناس وبعض مؤلفي المناسك من تخصيص كل شوط من الطواف أو السعي بذكر أو دعاء مخصوص فهذا مما لا يعتمد على أدلة شرعية، ولم يكن من هدي النبي صلى الله عليه وسلم شيء من ذلك، اللهم إلا ما ورد من التكبير عند الحجر الأسود وقول: "ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار" ما بين الركنين(41).
في قراءة القرآن للطائف:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في حكم قراءة القرآن في الطواف على قولين:
القول الأول: أنها مستحبة لأن القرآن ذكر بل من أفضل الذكر والطواف قد شرع فيه الذكر لكن لا يرفع صوته بالقراءة لئلا يؤذي غيره(42) وهذا قول جمهور العلماء وقد قال به الحنفية والشافعية كما أنه المشهور من مذهب الحنابلة وقول في مذهب مالك.
والقول الثاني: أن القراءة في الطواف مكروهة وهو قول مالك في المشهور عنه ورواية عن أحمد.
الترجيح:
قلت: ويترجح لي جواز قراءة القرآن بالطواف مع عدم رفع الصوت بل هو أفضل من الدعاء الذي لم يؤثر، والدعاء المأثور أفضل من القراءة تأسياً بالرسول صلى الله عليه وسلم(43)، ثم إن القرآن من أفضل الذكر، وقد روى أبو داود في سننه قال: حدثنا مسدد حدثنا عيسى بن يونس حدثنا عبيد الله بن أبي أياد عن القاسم عن عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنما جعل الطواف بالبيت وبين الصفا والمروة ورمي الجمار لإقامة ذكر الله"(44). فعلم أن من حكمة مشروعية الطواف إقامة ذكر الله، ومن ذكره سبحانه تلاوة كتابه.
السادس: استلام الركن اليماني وتقبيله:
اتفق الأئمة الأربعة(45) على استحباب استلام الركن اليماني.
والدليل على استلام الركن اليماني ما رواه البخاري ومسلم عن ابن شهاب عن سالم بن عبد الله عن أبيه رضي الله عنهما قال: لم أر النبي صلى الله عليه وسلم يستلم من البيت إلا الركنين اليمانيين(46).
تقبيل الركن اليماني:
اختلف الفقهاء رحمهم الله في تقبيل الركن اليماني على ثلاثة أقوال:
القول الأول: أن المشروع هو استلامه فقط ولا يقبله ولا يقبل يده بعد استلامه وهذا هو المشهور عند الحنفية(47) والمالكية(48) والحنابلة(49).
القول الثاني: أنه يستحب استلامه ولا يقبله لكن يقبل يده بعد استلامه وإليه ذهب الشافعية(50) وهو رواية عن مالك(51) وأحمد(52).
القول الثالث: أنه يستلمه ويقبله ويكبر وهو قول في مذهب الحنابلة(53)، وروي عن الحنابلة أيضاً أنه إذا لم يتيسر له الاستلام يشير إليه(54).
الأدلة:
استدل القائلون بمشروعية الاستلام فقط بأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه استلمه ولم يقبل يده لما استلمه، ذلك أن الذين وصفوا حج رسول الله صلى الله عليه وسلم وعمره ذكروا أنه كان يستلم الحجر ويقبله، وأنه يستلم الركن اليماني ولم يذكروا تقبيلاً ولو قبّله لنقوله كما نقلوه في الركن الأسود(55).
واستدل أهل القول الثاني الذين يرون تقبيل اليد بعد الاستلام بما رواه البيهقي في سننه عن عطاء عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استلم الحجر فقبله واستلم الركن اليماني فقبل يده(56).
هذا ونوقش هذا الدليل بما قاله البيهقي بعد سياقه له: عمر بن قيس المكي ضعيف (وقد روي) في تقبيله خبر لا يثبت مثله.
واستدل أهل القول الثالث الذين يرون مشروعية الاستلام والتقبيل بما رواه الدارقطني عن ابن عباس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل الركن اليماني ويضع خده عليه(57).
الترجيح:
قلت بعد سياق أدلة كل من الأقوال الثلاثة ومناقشة ما يحتاج منها إلى مناقشة يتضح أن القول الراجح: إنما هو الاقتصار على مسح الركن اليماني دون تقبيله ولا الإشارة إليه عند تعذر المسح لأن الثابت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه إنما كان يستلم ويقبل الحجر الأسود، وأما الركن اليماني فقد ثبت استلام النبي صلى الله عليه وسلم له، أما تقبيله فقد روي بأحاديث ضعيفة لا يحتج بمثلها لا سيما وأن الذين وصفوا حج الرسول صلى الله عليه وسلم وعمره لم يذكروا تقبيلاً للركن اليماني ولو ثبت لنقل كما نقل في الحجر الأسود.

يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 98.00 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 96.28 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.76%)]