ربيعة بن كعب الأسلمي.. همة عند الثريا - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         معرفة الحق في فِطر الخلق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          الدعاء والذكر عند قراءة القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 6 - عددالزوار : 780 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 67 - عددالزوار : 54839 )           »          الغش والتزوير لنيل الشهادات العلمية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          حكم التيمّم حال وجود الماء ووقت جوازه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الواجب على من نسي سجوداً في صلاته (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          القضاء والقدر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          التحايل على غير المسلمين في المعاملات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          التحذير من شرّ شخص من الغيبة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          ترْكُ الأولاد نائمين في صلاة الفجر لضيق الوقت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى السيرة النبوية وعلوم الحديث ملتقى يختص في سيرة الرسول صلى الله عليه وسلم وعلوم الحديث وفقهه

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 04-10-2019, 05:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 162,980
الدولة : Egypt
افتراضي ربيعة بن كعب الأسلمي.. همة عند الثريا

ربيعة بن كعب الأسلمي.. همة عند الثريا
أحمد عبد الرازق عياد







من بين عدد غير قليل من قبيلة بني أسلم العربية، أسعدت الجدودُ واحدًا من أبناء هذه القبيلة ليكون في معية رسول الله صلى الله عليه وسلم على الدوام، يقبِس من هديه، ويتزكى بخلقه، ويتملَّى ملامح العظمة في شمائله، ويتعلق به؛ إنه ربيعة بن كعب الأسلمي، كان رضي الله عنه فقيرًا من أهل الصُّفَّة، وكان من أحلاس المسجد، وكان من خُدَّامِ الرسول صلى الله عليه وسلم.



وقد أتاحت له وظيفته في الخدمة أن يكون ملازمًا لرسول الله صلى الله عليه وسلم في حِلِّه وتَرْحاله، وفي سفره وحَضَرِه، إذا غاب غاب معه، وإذا آب آب معه، يقطع سحابة نهاره في خدمته، وفي الليل ينام على عتبته، فيسمع الهَوِيَّ من الليل تسبيح النبي وعبادته، فأيَّة لحظة أُتيحت لهذا العربي ليكون ضمن هذه الكوكبة المنيرة من الصحابة الأجلاء الذين اصطفاهم الرسول صلى الله عليه وسلم لخدمته!



وفي لحظة من الدهر عزَّ قرينها يفتح النبي صلى الله عليه وسلم بابًا واسعًا من الأماني والرجاءات أمام عيني ربيعة؛ ليكافئه على حسن صنيعه في خدمته، ويحدثنا ربيعة عن تلك اللحظة فيقول: كنتُ أبيْتُ مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأتيته بوَضوئه[2]، وحاجته فقال لي: ((سل))، فقلت: أسألك مرافقتك في الجنة، قال: ((أوَ غير ذلك؟)) قلت: هو ذاك، قال: ((فأعني على نفسك بكثرة السجود))[3].



مرافقة النبي في الجنة! يا لها من همة عالية كان يشتمل عليها صدر ذلك العربي المسلم في هذه اللحظة، لقد كان في مقدوره ومستطاعه أن يسأل - وهو الفقير المعدَم - شياهًا يحلبها، أو خيلًا يمتطي صهوتها، أو إمارة يتيه بها على الناس، كلا ... كلا، إن كل هذه الأماني الدنيوية في نظر ربيعة صغيرة، محدودة، متلاشية.



لقد رفع همته إلى ما هو أغلى، وصوَّب بصره إلى ما هو أعلى: مرافقة النبي في الجنة.



لقد أصاب المَحَزَّ، وعرَف من أين تؤكل الكتِف، واهتبل الفرصة السانحة، فرمى وأصاب الرمية، فسبحان من جمع له بين حسن الخدمة وعلو الهمة.



لكن الرسول صلى الله عليه وسلم يدُلُّه على الوسيلة التي تُفضي به إلى غايته ومطلوبه: ((أعني على نفسك بكثرة السجود)).



فالإكثار من السجود إذًا هو الوسيلة إلى مرافقة النبي صلى الله عليه وسلم في الجنة، والإكثار من السجود معناه: الإكثار من النافلة؛ إذ في كل ركعة سجدتان.



وفي قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ((على نفسك)) إشارة إلى أن النفس بمثابة العدو المناوئ، فاستعانه على قهر نفسهوكسر شهواتها بالمجاهدة، والمواظبة على الصلاة، والاستعانة بكثرة السجود؛ حسمًا للطمع الفارغ من العمل، والاتكال على مجرد التمني.



وفي السجود حبٌّ كما فيه قرب: ﴿ وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ ﴾ [العلق: 19]، وهو عبادة تجلب السعادة.



وفيه إظهارُ ذلِّ العبودية في مقابلة عز الربوبية، وفيه تطهير للنفس من هواجس الحسِّ، وهو ثاني ثلاثة أدوية ذكرها الله عز وجل في قرآنه لعلاج ضيقة الصدر، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِمَا يَقُولُونَ * فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ السَّاجِدِينَ * وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ ﴾ [الحجر: 97 - 99].



والمعنى: إن كانت تؤذيك كلماتُهم، ويتضايق عند سماعها صدرك فهلمَّ إلى الدواء: تسبيح ممزوج بحمد الله، وسجود مشوب بالخشوع بين يدي الله، وثبات على عبادة الله حتى آخر الأنفاس.



إن سجدة واحدة بين يدي الله كفيلة بأن تغير مسار حياتك، لا سيما تلك التي تكون عند السَّحَر الأعلى، فهنالك تُسدَل الأستار، وتُفشى الأسرار، ويخلو المحب بمحبوبه، ويبوح العبد لمولاه بكل ما يتمناه، ويُفضي إليه بذات نفسه، ويُلقي في ساحة بره ورِحاب رحمته بكل هم أرَّقه، وبكل كرب ضايقه، وبكل حزن ألمَّ به، وبكل ذنب أحال حلوَ الأيام مرًّا، وصفو العيش كَدَرًا، فإذ بالهموم تتلاشى، وبالكروب تنفرج، وبالذنوب تُمحى، وبالأحزان تزول.



إن السجود خضوع لله، وهو بهذا المعنى انسجام مع عبادة سائر المكوِّنات: ﴿ أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَسْجُدُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ وَالنُّجُومُ وَالْجِبَالُ وَالشَّجَرُ وَالدَّوَابُّ وَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ وَكَثِيرٌ حَقَّ عَلَيْهِ الْعَذَابُ وَمَنْ يُهِنِ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ مُكْرِمٍ إِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يَشَاءُ ﴾ [الحج: 18].



فانظر كيف جعل المنعَّمين بهذه العبادة في محل الإكرام، وكيف جعل المحرومين منها في حيز الإهانة.



يا أُخَيَّ، اعلم أن السجود حلَّ لمشاكلك، نعم، حل لمشاكلك، فلكم مرت بي من ضائقة محرجة، لم تنفرج عني ضائقتها إلا بسجدة طويلة، مزجتُها بدمع ساجم بين يدي علام الغيوب، شكوتُ فيها بثِّي وحزني، وألقيت فيها بأحمال همومي متكلًا على ربي، واثقًا من حسن صنيعه ودقة تدبيره.



إنني أوجه رسالة حبٍّ إلى كل شاب يمر بضائقة، أو فتاة تُلِمُّ بها مشكلة فأقول: بسجدة خاشعة أوقدوا قناديل المحبة في قلوبكم، وفي سجدة خاشعة أنزلوا بذي الجلال والإكرام حوائجكم، سَلُوه زوجات صالحات وأزواجًا صالحين، سلوه وظائف تناسبكم، سلوه أمنًا لأوطانكم، وسلامًا لمحبيكم، وهِداية لمبغضيكم، سلوه صلاحًا يعقبه فلاح، سلوه كرامة بحسن الاستقامة، وثِقوا بعد هذه السؤالات كلها بأنكم من هذا الباب سوف تظفرون.










[1] للتوسع في ترجمته يُنظر: [طبقات ابن سعد: 4/ 234، والتاريخ الكبير للبخاري: 3/ 280، والكنى والأسماء لمسلم: 2/ 677، ومعجم الصحابة للبغوي: 2/ 382، والجرح والتعديل لابن أبي حاتم: 3/ 472، والثقات لابن حبان: 3/ 128، ومعرفة الصحابة لابن منده: ص 594، ومعرفة الصحابة لأبي نعيم: 2/ 1088، والاستيعاب: 2/ 494، وأسد الغابة: 2/ 64، والإصابة: 2/ 394 (القسم الأول)].




[2] هو بالفتح ماء الوضوء، وبالضم أفعاله.



[3] أخرجه مسلم: (489).



__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 64.77 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 63.05 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.65%)]