
01-10-2019, 03:29 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,857
الدولة :
|
|
جمال العقيدة
جمال العقيدة
مبارك عامر بقنه
من جمال وكمال العقيدة الإسلامية أنها تمنح الإنسانَ الاستقرارَ والطمأنينة التي يفتقدها مَن لم ينل هذه العقيدة الخالدة، فهي تغرس في النفس اليقين الذي هو سرُّ سعادة الإنسان، فالمرء حين يفقد اليقين يعيش في شك والتباس يرمي به في متاهاتٍ من التيه والضياع، فلا يجد للحياة معنًى ولا للوجود قيمة، ويشعر أن الحياة عبث، وأن حياته هباءٌ لا طائل منها. ومن طاف بناظريه في كتب العقائد ونظر في الفلسفات والأفكار، وجد صور القلق والاضطراب والاختلاط تظهر بجلاء في أقوالهم، فلم تهنأ أفئدتهم بتصور واضح مكتمل لحقيقة الوجود ومعناه فهم في رَيبهم يترددون، فتصوراتهم الجاهلية لم تحقق لهم الاستقرار الذي يبحث عنه الإنسان في هذا الوجود.
العقيدة منعَت الإنسانَ من التشرذم والتمزق، فهي وجهته نحو عبادة ربٍّ واحد، فلا تعدد ولا شركاء يتنازعون فيما بينهم، بل توحيد خالص من الشوائب، فيصرف فكره وقلبه ووجدانه لعبادة رب واحد، ربٍّ كامل في صفاته وأسمائه وأفعاله، فتستقر نفس الإنسان وتهنأ لأنها استقرت في وجهتها وخرجت من دياجير الظلام الفكري والعقدي إلى نور التوحيد المتلألئ طمأنينةً وسكينة.
جاءت العقيدة الإسلامية لتجيب على الأسئلة الكبرى بوضوح وتناسق وبساطة، لتكون إجابتها إخراجًا للعقل البشري من تيه السؤال، فهي رحمة له، رحمة لعقله إذ منحته أجوبة لحقيقة الوجود، ورحمةٌ لضميره فلا التباس ولا اضطراب في معانيها، ورحمة لفكره من السير للبحث في مسارات لا يمكن للفكر أن يصل إلى نتيجة واضحة صحيحة دون وحيٍ رباني، فهي مخرج للبشر من الضياع، وتبصرة لهم من عماية وغيِّ المجهول، فكانت الرحمة الكاملة للإنسان.
العقيدة الإسلامية لا تجعل في حياة المسلم تصادمًا ونزاعًا مع الطبيعة والحياة، بل يراها كلها تحقق هدفاً واحداً، فكلها مربوبة لله تعالى خاضعة لإرادته، فيجد المؤمن انسجاماً بينه وبين ما يحيط به من كائنات. فيرى أن جمال الطبيعة وقوتها ودقة صنعتها من خَلْق الله تعالى، فلا يرى أن الطبيعة تفوقه أو أنها هي مصدر الوجود بل يتجه مع الطبيعة في عبادة الله وحده. وقد قال عليه الصلاة والسلام عن جزء من الطبيعة عن جبل أحد: «هذا جبل يحبنا ونحبه»، فالعلاقة ليست صراعًا وقهرًا، بل علاقة تآلف وتوافق.
العقيدة تثبت في النفس أن هذه الحياة مؤقتة وأن هناك عالمًا آخر أزليًّا، وأن الحياة الحقيقية هي لذلك العالم الآخر، وهذا يجعل للإنسان عمراً آخر، فالإنسان يجب الخلود، ولكن الخلود في هذه الحياة مستحيل فهو يرى الموت يتخطف الناس، فحين يدرك بيقين أن هناك بعثًا ونشورًا وخلودًا، فإن نفسه تتعالى عن القيم الأرضية لترتقي وتتعلق بالقيم الربانية، فتسمو نفسه عن الشهوات والرغائب الزائلة لتبتغي تحقيق مرادات أعلى وأدوم، والمرء حين ترتفع نفسه عن النزوات والشهوات المحرمة فإنه يعيش حياةً إنسانيةً راقية، راقية في تصوراتها وراقية في سلوكها، وهذا ما تسعى له الحضارة المدنية التي عجزت عن تحقيق ذلك.
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|