خاتمة كتاب الاجتهاد والتقليد عند الإمام الشاطبي - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1200 - عددالزوار : 133617 )           »          سبل تقوية الإيمان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          إقراض الذهب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 14 )           »          حكم المصلي إذا عطس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          فقه الاحتراز (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          سُنّة: عدم التجسس وتتبع عثرات الناس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          القراءة في فجر الجمعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الصلاة قرة عيون المؤمنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          إلى القابضين على جمر الأخلاق في زمن الشح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          الأخوة في الدين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 03-08-2019, 09:14 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,903
الدولة : Egypt
افتراضي خاتمة كتاب الاجتهاد والتقليد عند الإمام الشاطبي

خاتمة كتاب الاجتهاد والتقليد عند الإمام الشاطبي


الشيخ وليد بن فهد الودعان


الحمد لله المنعم بإتمام هذا البحث، والمتفضل بإعانته وتوفيقه، وصلى الله على الرحمة المهداة، والنعمة المسداة، محمد بن عبدالله، وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، أما بعد:
فبعد أن بلغت المراد من هذا البحث، أختم المطاف والتطواف في آراء الشَّاطبي وكتب علماء الأصول بخلاصة المقال، وأهم النتائج، وزبدة آراء الشَّاطبي في تلك المسائل المطروقة؛ لينتهي بذلك غاية القصد، ويكون بيان ذلك في النقاط الآتية:
أولًا: مما استنتجته، بل ما بدا لي جليًّا واضحًا كالعيان، ما رزقه الله هذا الإمام - رحمه الله - من عقلية بارعة، وقريحة فريدة، وابتكار متميز، وعلمية واسعة؛ فهو الأصولي الثبت، والفقيه المتمكن، والنَّحْوي الحاذق.
ثانيًا: أن المسائل الأصولية بحاجة ملحة إلى أن يضفى عليها طابع المقاصد الشرعية، فينظر في تأصيلها والتدليل عليها إلى مقاصد الشريعة، وحكمها الكلية وغاياتها؛ فإن ذلك يكسبها المتانة والقوة.
وهذا ما ظهر واضحًا في بحث الشَّاطبي للمسائل الأصولية، وقد حاولت جاهدًا إظهار ذلك من خلال هذا البحث، ومن خلال المسائل المبحوثة فيه، ولك أن تلحظ - كشاهد على ذلك - ما سطر في مطالب المبحث الثالث من الفصل الرابع، وهو فيما يجب على المجتهد ملاحظته.
وهذا المنهج - ولا شك - منهج متميز عن المنهج الأصولي المعتاد، وهو ألصق بالواقع وأقرب إلى فهم الناس وعقولهم، وأبعد عن المباحث المنطقية الصرفة التي تَعِجُّ بها كتب الأصول الأخرى، ولا سيما إذا ذُلِّلَتْ عباراته، ووُضِّحت ألفاظه.
ثالثًا: يلاحظ في جملة من المسائل التي ذكرنا فيها رأي الشَّاطبي أن الشَّاطبي قبل أن يؤصل المسألة ويقسمها قد استقرأ نصوص تلك المسألة وجزئياتها المتعلقة بها، وإن مما لا يخفى أن هذا المنهج مما تميز به الشَّاطبي في نظره للمسائل التي يبحثها، وهذا مصدر قوة في الرأي، ومتانة في النظر، ولا شك أن طالب العلم بحاجة إلى معرفة هذا المنهج، وتعويد نفسه عليه؛ إذ هو منهج يكسب الثبات في العلم، وعدم التناقض في الجزئيات التي ينظُرُ فيها طالب العلم ليُعمِل فيها رأيه.
رابعًا: يلاحظ من خلال هذا البحث الترابط بين مسائل بابي الاجتهاد والتقليد، وحاجة الواقع للنظر فيهما والمعرفة بمسائلهما، ومن خلال المقارنة بين آراء الشَّاطبي في البابين يظهر مدى الترابط بين آرائه في الاجتهاد والتقليد.
خامسًا: أن الاجتهاد في اللغة مأخوذ من مادة جهد، وأن هذه المادة تفيد في اللغة معنى المشقة ذاتها، أو ما هو محصل لها، وسبب لوجودها، وأما الاجتهاد في الاصطلاح فعرَّفه الشَّاطبي بأنه استفراغ الوسع في تحصيل العلم أو الظن بالحكم، وهذا التعريف ليس ببعيد عن تعريفات الأصوليين، وأن التعريف المختار للاجتهاد هو: استفراغ الوسع المعتبر لدرك حكم شرعي فروعي بالاستنباط.
سادسًا: أن الشَّاطبي يرى أن نشأة الاجتهاد كانت في عهد النبي صلى الله عليه وسلم؛ إذ هو أول المجتهدين من هذه الأمة، والاجتهاد في استنباط الأحكام ميراث له وَرِثَتْه الأمة عنه.
سابعًا: أن الشَّاطبي يرى أن حكم الاجتهاد من حيث التشريع - أي من حيث إقرار الشرع له - يختلف باختلاف ما هو واقع فيه، فهو إما أن يقع في الكليات أو في الجزئيات.
أما الكليات فهي - فيما يرى الشَّاطبي - كل ما ثبت على جهة القطع، وهو يرى أن الكليات والأصول بمعنى واحد، فإن كان الاجتهاد في تلك الكليات فإن الشَّاطبي يرى عدم جواز الاجتهاد؛ لوضوح الحق فيها، ولِمَا ورد في الشرع من ذم الاختلاف في الأصول، وهو في ذلك موافق لجمهور الأصوليين.

وأما الجزئيات فهي على قسمين، فإن كانت ثابتة على جهة القطع، فإن الشَّاطبي يطلق عليها مسمى الجزئي، ولكنه يريد بذلك الجزئي الإضافي؛ إذ هي جزئية بالنسبة للكليات التي فوقها، والقسم الثاني هو كل ما ثبت على جهة الظن، وهي الجزئيات الحقيقية، وهي المرادة عند الإطلاق، وهذه الجزئيات يطلق عليها الشَّاطبي مسمى الفروع، ويرى الشَّاطبي أن الاجتهاد في الجزئيات جائز، وعليه تدل الأدلة الشرعية، وهو في ذلك موافق للجمهور، ويخالفهم في ذلك شِرذمة قليلون، وعلى القول بعدم الاعتبار بخلاف أهل البدع، فإن المسألة مجمَع عليها.
ثامنًا: أن حكم الاجتهاد من حيث التكليف - أي من حيث تعلقه بالمكلفين - قد بينه الشَّاطبي من خلال نظرين:
الأول: من خلال النظر الكلي؛ أي: من خلال النظر لمجموع الأمة؛ فالشَّاطبي يرى أن الاجتهاد بهذا النظر فرض كفاية على الأمة، وهذا محل إجماع من القائلين بالاجتهاد.
والثاني: مِن خلال النظر الجزئي، وهو النظر إلى كل مكلف على وجه الخصوص، والشَّاطبي يرى أن الاجتهاد بهذا النظر يتنزل على الأحكام التكليفية الخمسة؛ فقد يكون واجبًا عينيًّا أو كفائيًّا، وقد يكون مندوبًا أو محرَّمًا، أو مكروهًا أو مباحًا، وهذا موافق لتقسيم الاجتهاد من حيث الحكم عند الأصوليين.
تاسعًا: أن الذي يبدو هو أن الشَّاطبي ممن يرى أن للاجتهاد ركنين، وهما: المجتهِد، والمجتهَد فيه، وهو موافق في ذلك لبعض الأصوليين، أما عامتهم فليس في صريح كلامهم ما يفيد رأيًا في المسألة، غير أنه يمكن أن يفهم من كلامهم موافقتهم لذلك.
عاشرًا: أن الشَّاطبي يرى أن للاجتهاد أهمية عظيمة، ومنزلة رفيعة في الدين؛ فهو بمنزلة الإرث للنبي صلى الله عليه وسلم، كما أنه سبيلٌ مِن سبل بقاء الدين واستمراريته وصلاحيته لكل زمان ومكان، وللمجتهد منزلة عالية في الشريعة؛ فالمجتهدون هم حُماة الدين، كما أنهم داخلون في الجماعة، وهم أصحاب الفرقة الناجية.
حادي عشر: أن الشَّاطبي قد قسم الاجتهاد من حيثيات مختلفة، وبيانها كالآتي:
تقسيمه من حيث الانقطاع وعدمه: وهو يقسم الاجتهاد من هذه الحيثية إلى قسمين: الأول: اجتهاد لا ينقطع حتى قيام الساعة، وهو الاجتهاد المتعلق بالتكليف، ويعني به الشَّاطبي تحقيق المناط المتعلق بالأشخاص في قسمه العام، الذي لا يختص بفئة دون أخرى، بل هو عام لكل مكلف.
أما القسم الثاني فهو الاجتهاد الذي يمكن انقطاعه، وهو بقية أنواع الاجتهاد، وهي تنقيح المناط، وتخريجه، ونوعان من تحقيق المناط، وهما: تحقيق المناط الخاص بالأنواع، وتحقيق المناط الخاص بالأشخاص في قسمه الخاص، ولما أن كانت هذه الأنواع خاصة بفئات من الناس وليست عامة بكل مكلف، أمكن أن ينقطع الاجتهاد فيها.
وهذا التقسيم مما صرح به الشَّاطبي، وقد تميز فيه بإظهاره على هذه الصورة، والقسم الأول منه قد نقل عليه الإجماع، ولكن يبدو أن بعض الأصوليين قد خالف فيه، وأما القسم الثاني فقد وافق فيه الشَّاطبيَّ جمهورُ العلماء.
♦ تقسيمه من حيث الاعتبار وعدمه: وهو ينقسم من هذه الحيثية إلى قسمين:
الأول: الاجتهاد المعتبر شرعًا، وهو - حسب تعريف الشَّاطبي - الصادر عن أهله الذين اضطلعوا بمعرفة ما يفتقر إليه الاجتهاد.
والثاني: الاجتهاد غير المعتبر شرعًا، وعرفه الشَّاطبي بأنه الصادر عمن ليس بعارف بما يفتقر إليه الاجتهاد.
وهذا التقسيم قد صرح به الشَّاطبي، وهو موجود ضمنًا عند الأصوليين، وهم متفقون مع الشَّاطبي فيما أثبته فيه، إلا أن الشَّاطبي متميز بإظهار هذا التقسيم وإيضاحه.
♦ تقسيمه من حيث من يقوم به: وقسمه بهذا الاعتبار إلى قسمين:
الأول: اجتهاد عام، والمراد به ما لا يختص بالعالم المجتهد، بل هو عام لكل مكلف، وهو في حقيقته تحقيق المناط الخاص بالأشخاص في قسمه العام، وهو المرتبط بالنظر في ارتباط المكلف بالحكم الشرعي، ومما يمكن أن يدرج تحت هذا القسم أيضًا نوع من تحقيق المناط الجزئي، وهو ما لم يكن خاصًّا بالعلماء؛ كتحقيق المثل في جزاء الصيد، وتقويم المتلفات، وأروش الجنايات، ونحو ذلك مما هو خاص بأهل الخبرة، فإن هذا النوع تحقيق مناط نوعي، وهو وإن كان خاصًّا بأهل الخبرة فإننا يمكن أن ندرجه ضمن الاجتهاد العام، باعتبار أنه غير خاص بعلماء الشريعة.
والثاني: اجتهاد خاص، وهو المرتبط بعلماء الشريعة، وهو تنقيح المناط، وتخريجه، وتحقيق المناط النوعي الخاص بالعلماء كتعيين علامات البلوغ ونحو ذلك، وتحقيق المناط الشخصي الخاص، وهو ما ينظر فيه إلى دواخل النفس البشرية ومداخلها، وطرق التحرز منها، وما يلائم تلك النفوس ويناسبها.
وهذا التقسيم لم يصرح به الشَّاطبي، ولكنه أشار إليه، ولم أرَ أحدًا صرح بهذا التقسيم، إلا أنه تبين لي أن ما فيه من أحكام أثبتها الشَّاطبي موجودة ضمنًا عند الأصوليين، أما القسم الأول فقد نقل بعضهم الاتفاق على تحقيق المناط المرتبط بكل مكلف، وأما الخاص بأهل الخبرة فإن الأصوليين يشيرون إليه، ويذكرون من أمثلة تحقيق المناط ما هو من أمثلة تحقيق المناط النوعي الخاص بأهل الخبرة؛ كتقليد التجار في تقويم المتلَفات وأروش الجنايات ونحو ذلك، ومن المعلوم أن هذا النوع ليس خاصًّا بالمجتهد، أما القسم الثاني فليس في جملته محل إشكال؛ إذ هو ما يطلق عليه الأصوليون مسمى الاجتهاد، ولا شك أنهم يقصرون الاجتهاد على العالم المجتهد.
♦ تقسيمه من حيث الإطلاق وعدمه: والشَّاطبي يقسم الاجتهاد بهذا الاعتبار إلى قسمين:
الأول: اجتهاد مطلق، وهو كاجتهاد الأئمة؛ كأبي حنيفة، ومالك، والشافعي.
والثاني: مقيد، وهو كاجتهاد أصحاب الأئمة؛ كأبي يوسف، وابن القاسم، والمزني، وغيرهم.
وهذا التقسيم أشار إليه الشَّاطبي، وهو موجود برمَّته عند الأصوليين.
♦ أضرب الاجتهاد في العلة: وهو يقسمه بهذا الاعتبار إلى ثلاثة أقسام:
أولها: تحقيق المناط: وعرَّفه بأن يثبت الحكم بمدركه الشرعي، لكن يبقى النظر في تعيين محله، وهذا النوع نقل الشَّاطبي الإجماع عليه، ووافقه غيره في ذلك، ولكن بعض الأصوليين نقل في المسألة خلافًا.
وقد قسم الشَّاطبي تحقيق المناط إلى قسمين: الأول: تحقيق مناط خاص بالأنواع، ويمكن تعريفه بأنه ما يختص بتبيين أنواع مندرجة تحت حكم مطلق أو عام، ويمكن تقسيمه فهمًا من أمثلة الشَّاطبي إلى نوعين: نوع خاص بالعلماء؛ كتعيين ما يحصل به البلوغ، ونوع يختص بأهل الخبرة؛ كتقويم المتلَفات وأروش الجنايات.



يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 123.21 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 121.50 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.39%)]