خطاب النفس في السور المكية والمدنية في القرآن الكريم - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير (الجامع لأحكام القرآن) الشيخ الفقيه الامام القرطبى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 620 - عددالزوار : 136365 )           »          عفة النفس: فضائلها وأنواعها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          من تبصَّر تصبَّر! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حين يمهد العطاء طريقه بالصبر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          صحة الفكر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          الدعوة للإلحاد بين الخلل في التربية والقصور في التعليم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          القراءة المتسارعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          سُنّة: إرشاد الضالّ في الطريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          التعرض لحرارة الشمس في السنة النبوية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 4 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 55 - عددالزوار : 38379 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > ملتقى القرآن الكريم والتفسير
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى القرآن الكريم والتفسير قسم يختص في تفسير وإعجاز القرآن الكريم وعلومه , بالإضافة الى قسم خاص لتحفيظ القرآن الكريم

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-07-2019, 08:00 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 156,420
الدولة : Egypt
افتراضي خطاب النفس في السور المكية والمدنية في القرآن الكريم

خطاب النفس في السور المكية والمدنية في القرآن الكريم
الشيخ صلاح بن سمير محمد مفتاح






من المعلوم لدى المسلمين أن النبي صلى الله عليه وسلم مكث في مكة ثلاث عشرة سنة تقريبًا، ثم هاجر إلى المدينة، فمكث بها عشر سنين تقريبًا، ثم انتقل إلى الرفيق الأعلى، فتكون مدة الرسالة ثلاثًا وعشرين سنة تقريبًا، ومن المعلوم لدى المسلمين أن القرآن لم ينزل على النبي صلى الله عليه وسلم دَفعة واحدة، بل نزل مفرقًا على مدار هذه السنوات، فحينئذ يكون بعضه نزل بمكة وبعضه نزل بالمدينة، بل إن بعضه نزل في أماكن أخرى كالذي نزل في أسفاره صلى الله عليه وسلم، فأخذ العلماء من هذا أن آيات القرآن إما مكية أو مدنية، وهذا بالنظر إلى نسبة النزول لزمن النزول وليس المكان، فما نزل قبل الهجرة فهو مكي، وما نزل بعد الهجرة ولو بمكة فهو مدني، وهو الأرجح من أقوال العلماء، وما نريد الإشارة إليه هنا هو أن هذا القرآن الكريم كتاب خالد أنزله الله تبيانًا وهدى ومرشدًا للناس إلى أن يشاء الله تعالى، وهو علاج لكل ما يحل في المجتمع من الآفات التي يكون السبب المؤثر فيها في غالب الأحوال هو النفس، فكان لا بد للقرآن الكريم أن يكثر الحديث عن هذا موجهًا ومرشدًا، ومعالجًا لما يعانيه المجتمع، وهذا ظاهر جلي في آيات القرآن المكي والمدني[1].

فتراه في الآيات المكية، يتحدث عن بناء العقيدة السليمة ومحاربة المعتقدات الباطلة والرذائل وتربية النفس على تحمُّل الأذى مقابل تطهيرها من الآفات العالقة بها، وقد كان هذا طبيعيًّا في كتاب مهمته الأولى هي التربية والتوجيه أن يخاطب النفس ويوجِّهها، ومن أمثلة الخطاب عن تربية النفس في القرآن المكي قوله تعالى: ﴿ وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى * فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى ﴾ [النازعات: 40، 41]، وقوله تعالى﴿ قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ ﴾ [الزمر: 53]، وقوله عز وجل: ﴿ فَلَا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى ﴾ [النجم: 32].

إذًا فنحن نرى من خلال التأمل في الآيات المكية التي ذكرت النفس أنها تعمل على بناء العقيدة في النفوس، وتزكيتها وتطهيرها، وربط القلوب بخالقها، ونحن في هذا العصر الحديث نرى أن الكثير منا يحتاج إلى ما كان يحتاج إليه أهل مكة الذين نشؤوا على حب الذات واتباع الشهوات والحميَّة، لأجل ما تشتهيه النفس أو يميل إليه الهوى، حتى ولو خالف الحق، فسبحان الله الذي خلق الخلق، وأنزل لهم منهجًا يداوي كلَّ خللٍ ولم يتركهم دون منهجٍ قويم فيه السعادة والرشاد[2].

أما الآيات والسور المدنية، فيظهر منها أنه بعد أن ثبتت العقيدة في النفوس وطرح السيئ من العادات في الامتحانات العسيرة التي مر بها المؤمنون في الفترة المكية، وانتقل الأمر إلى المدينة وأصبحت هذه الفترة بعد بناء الأفراد وتربية النفوس بمكة، هي فترة بناء الدولة، أصبح الناس في حاجة إلى ما ينظم شؤون حياتهم وعلاقاتهم في مناحي الحياة المتعددة، فجاءت الآيات المدنية تسلِّط الضوء على ربط الإيمان بالأمن والطمأنينة والسكينة، بعد أن كان الاضطراب والخوف والقلق طابعًا ملازمًا لها، كما ظهر في هذه الآيات مجاهدة النفس، وذكر صفات المنافقين لاجتنابها، وكذا بيع النفس لله تعالى نُصرة لدينه، وحمايةً للعِرض والمال والوطن المسلم، ويظهر هذا في بعض هذه الآيات التى يجب أن تُربَّى عليها النفس؛ منها قوله تعالى: ﴿ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ﴾ [الرعد: 28]، وقوله تعالى: ﴿ هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ السَّكِينَةَ فِي قُلُوبِ الْمُؤْمِنِينَ لِيَزْدَادُوا إِيمَانًا مَعَ إِيمَانِهِمْ ﴾ [الفتح: 4]، وقوله تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ اشْتَرَى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ بِأَنَّ لَهُمُ الْجَنَّةَ يُقَاتِلُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَيَقْتُلُونَ وَيُقْتَلُونَ وَعْدًا عَلَيْهِ حَقًّا فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ وَمَنْ أَوْفَى بِعَهْدِهِ مِنَ اللَّهِ فَاسْتَبْشِرُوا بِبَيْعِكُمُ الَّذِي بَايَعْتُمْ بِهِ وَذَلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ ﴾ [التوبة: 111].

وبعد تربية النفس في الفترة المكية والمدنية على هذه الطباع لا يكدِّرها شكٌّ، ولا يُفسدها نفاق، يلزم منها تغيير النفس ومحاسبتها ومراقبتها، وتهذيبها وترويضها، حتى تسير في طريق الله تعالى، وبذلك تستطيع النفس أن ترتقي وتسموَ إلى أعلى، فلهذا أمرنا الله تعالى أن نجاهد أنفسنا ونسير في الطريق؛ لنغيِّر من هذه النفس بالتخلي عن صفاتها المذمومة والتحلي بالصفات المحمودة؛ قال تعالى: ﴿ إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾ [الرعد: 11][3].


[1] انظر كتاب البرهان في علوم القرآن للزركشي، والإتقان في علوم القرآن للإمام السيوطي.

[2] انظر: كتاب آفات النفس؛ تأليف نعيمة عبدالله البرش، إشراف الدكتور رياض محمود قاسم.

[3] انظر كتاب كيمياء السعادة؛ للإمام أبي حامد محمد بن محمد الغزالي الطوسي (المتوفى: 505هـ)، وكذا المرجع السابق.






__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 50.35 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 48.68 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (3.31%)]