|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() التذكير بختام شهر رمضان الشيخ عبدالله الجار الله الحمدُ لله ربِّ العالمين، لا فوزَ إلاَّفي طاعتِه، ولا عِزَّ إلا في التذلُّلِ لعظمَتِه، ولا أمْنَ إلاَّ في الخوفِ مِنسطوتِه، أحمدُه سبحانه وأشكرُه، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا الله وحْدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ محمَّدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى الله عليهوعلى آلِه وصحبِه، ومَن استنارَ بسنَّتِه. أمابعد: فاتَّقوا اللهَ - عباد الله - واستمسِكوا بِشِرْعَتِه، تهْنؤوا بنَعيمِهوجنَّتِه. أيُّها المسلمون: هذه أيامُ شهركم ولياليه تُطوَى، وهي شاهدةٌبما عملتم: ﴿ يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ ﴾ [آل عمران: 30]، يُنادي ربُّكم - جلَّ وعلا -: ((ياعبادي، إنَّما هي أعمالُكم أُحصيها لكم، ثم أوفيكم إيَّاها، فمَن وجد خيرًا فليحمدِ الله، ومَن وجَد غير ذلك فلا يَلومنَّ إلا نفْسَه)). وَيَا لله، كَم لَهُ في هذا الشهر مِن عَتِيقٍ مِنَ النِّيرَانِ! وَالمُوَفَّقُ مَن وَفَّقَهُ اللهُ وأعانَهُ، والمخذولُ مَن وُكِلَ إِلى نَفسِه، فَاتَّبَعَ هَوَاهُوَشَيطَانَهُ. عباد الله: شهرُ رمضانَ يوشِك على الوداع، وقد يكون وداعًاأخيرًا، فكم مِن مستقبِل له لم يستكملْه! وكم مِن مؤمِّل بعودٍ إليه لم يدركْه! وإنْكان في النفوس هِمَّة، فقد بقيتْ مِن أيَّامِه بقيَّةٌ، خمس ليالٍ مِن العَشر الأخيرة، وقدتَزيد ليلةً لتمامِ الثلاثين، فهل تضيع هذه البقيَّة في غير قُرْبة؟ هل تفتر العزائم؟ هلنتمنَّى على الله الأماني؟ هل نُحسِن الظنَّ ونُسيء في العمل؟ هل نرجو رحمةَ الله معإصرارنا على العصيان؟ هل نبكي خوفًا دون ترْك ما يُخاف منه؟ هَلْ فِينَا مَن لايُريدُ العِتقَ مِنَ النَّارِ؟! هَل فينا مَن لا يَطمَعُ في الجَنَّةِ؟! كلاَّ والله. إذًا، فَلْنَجتَهِدْ عبادَ الله، في هَذِهِ العَشر؛ طَلَبًا لِلَيلَةِ القَدرِ؛ ﴿ وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ ﴾ [القدر: 2]. فهذا نبيُّكم - عليه الصلاة والسلام - في العَشْر المباركة لا يَدَع أحدًا من أهله يُطيق القيامَ إلاَّ أقامَه؛ لعِلمه ما فيها من الأجْر، يطرق - عليه الصلاة والسلام - البابَ على فاطمة وعليٍّ - رضي الله عنهما - قائلاً: ((ألاَتقومانِ فتصليان))، يطرق الباب وهو يتلو: {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لاَ نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} [طه: 132]، ويتَّجه إلى حُجرات نسائِه آمرًا: ((أَيْقِظوا صواحبَ الحجرات، فرُبَّ كاسية في الدنيا عاريةيوم القيامة)). ألاَ فلْنَستَعِذْ بِاللهِ مِنَ العَجزِ والكَسَلِ، ولْنَسأَلْه التَّوفِيقَ والإِعَانَة، وَلْنَتَوَكَّلْ على الله، وَلْنُضَاعِفِ العَمَل، وَلْنَستَكثِرْ مِنَ الخَير، وَلْنَتَقَرَّبْ إليهسبحانه، وَلْنُكثِرْ مِن دعائِه وَالتَّضَرُّعِ إِلَيه، ولا سِيَّما ما جاء عَن عَائِشَةَ - رضي الله عنها - قَالَت: قُلتُ: يا رَسُولَ اللهِ، أَرَأَيتَ إِنْ وافقتُ لَيلَةَ القَدرِ ما أَقُول؟ قال: ((قُولي: اللَّهُمَّإِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنِّي)). نعم - عباد الله - الدعاءَ الدعاءَ، عُجُّوا بالدعاء، ﴿ وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ ﴾ [البقرة: 186]. إنَّ مِن أعظمِ نِعم الله على العبدِ لَذَّةَ المناجاة بيْن يديه، وإنَّ نزْع حلاوة المناجاة مِن القلب أشدُّ ألوان العقوبات والحِرمان، ألم يستعذِ النبي - صلَّى الله عليه وسلَّم - من قلْبٍ لا يخشع، وعين لا تدمع، ودُعاء لا يُسمع؟ إنَّ ربَّنا - سبحانه - لا يَردُّ داعيًا، ولا يُخيِّبراجيًا، فهو غياث المستغيثين، وناصِر المستنصرين، ومُجيب الداعين، كم للدعاء مِن شأنٍعجيب، وأثرٍ عظيم في حُسْن العاقبة، وصلاحِ الحال والمآل، والتوفيق في الأعمال والبركةفي الأرزاق! ولا تستبطئ الإجابةَ - يا عبدَ الله - فربُّك يحبُّ تضرُّعَك، ويحب صبرَك، ويحبُّ رضاك بأقداره، وقد قال نبيُّك محمَّدٌ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: ((يُستجاب لأحدِكم ما لم يَعْجَل، يقول: دعوتُ فلم يستجبْلي)). وأَفْضَلُ الدُّعَاءِ ما كانَ بِظَهْر الغَيب، وَأَسْمَعُهُ حِينَ يَكْونُ الثُّلثُ الآخِرُ مِنَ اللَّيلِ وبالأسحار، وفي آخِرساعةٍ من يومِ الجُمُعة، وعندَ الإفطار، وفي حالِ السُّجود والاضطرار؛ يقول - عليه الصلاة والسلام -: ((أقْرَبُ ما يكونُ العبدُ مِن ربِّه وهو ساجِدٌ، فأكْثِرواالدُّعاء)). فاتَّقوا الله - عباد الله - واعملوا وجدُّوا وأبشِروا وأمِّلُوا، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسأَلُكَ التَّوفِيقَ يا رَحمَنُ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الخِذلانِ وَالحِرمَان، اللَّهُمَّ أعِنَّا على ذِكرِكَوَشُكرِكَ وَحُسنِ عِبَادَتِكَ. أقولُ ما تسمعون، وأستغفِرُ الله لي ولكم، فاستغفروه، إنَّه هو الغفور الرحيم. الخطبة الثانية الحمدُ لله على إحسانِه، والشُّكر له على توفيقِه وامتنانِه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحْدَه لا شريكَ له؛ تعظيمًا لشأنه، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمَّدًا عبده ورسوله، صلَّى الله عليه وعلَى آله وأصحابه، وسلَّم تسليمًا مزيدًا. أمَّا بعد: أيُّها المسلمون، فالأعمال بالخواتيم، فمَن أحْسَن وأصْلَح فيما بقِي غُفِر له ما سَلَف، ومَن داوم على التقصير أُخِذ بما سَلَف وبما بَقِي. وإنَّ مِن مسالك الإحسان في ختام شهرِكم إخراجَ زكاة الفِطْر، ففيها أُلْفة القلوب، وعطْف الغنيِّ على أخيه الفَقير، أمَر بها رسولُ الله - عليه الصلاة والسلام - طُهرةً وجَبْرًا للصَّائِم ممَّا قد يشوب صيامَه في رمضان، وطُعْمةً للمساكين، ومقدارها صاعٌ من طعامٍ من غالِب قوتِ البلد، ووقتُ إخراجِها الفاضلُ يوم العيد قبلَ الصلاة، ويجوز تقديمُها قبل ذلك بيومٍ أو يومين، فأخرِجوها طيِّبةً بها نفوسُكم، وأكثِروا من التكبير ليلةَ العيد مِن صلاةِ المغرِب، وحتى صلاة العيد؛ تعظيمًا لله وشكرًا له على التَّمام؛ ﴿ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ ﴾ [البقرة: 185]، ومِن صفات التكبير أنْ يجهرَ المسلِم بـ: الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر، ولله الحمد. واشكروا ربَّكم على تَمامِ فرْضكم، ومِن ذلك الخروجُ لصلاة العيدِ؛ لأمرِ النبيِّ - عليه الصلاة والسلام - الرِّجالَ والنِّساء، بالخروج لها، بل شرعت حتَّى للحُيَّضِ ولكنهُنَّ يعتزلنَ المصلَّى، ويشهدنَ الخير ودعوةَ المسلمين، هذا ممَّا يدلُّ على أهمية ذلك واستحبابه، بل إنَّ بعض أهل العلم يَرَوْن وجوبَ الخروج لها. وليكُنْ عِيدُكم مقرونًا بتفريجِ كُربةٍ، وملاطفةٍ ليتيم، وابتهجوا بعيدِكم بالبقاءِ على العهدِ، واتباع الحَسنةِ بالحسنة، وإيَّاكم والمجاهَرةَ في الأعياد بقبيحِ الفِعال والآثام؛ يقول أحدُ السَّلف: "كلُّ يوم لا يُعصَى الله فيه فهو عِيد". هذا وصلُّوا وسلِّموا عبادَ الله، على خيرِ البرية، وأزْكَى البشرية محمَّد بن عبدالله، صلوات ربِّي وسلامه عليه، وعلى آله وصحْبه والتابعين له بإحسان إلى يومِ الدِّين. اللهمَّ إنا نسألك يا كريمُ يا منَّان، يا ذا الفضل والإحسان، أن تختمَ لنا شهرَ رمضان بغفرانك، والعِتقِ من نيرانك، وأن تتقبَّل منَّا قليلَ أعمالنا، وأن تغفر لنا تقصيرَنا وجهلَنا، وأن تُوفِّقنا للاستمرارِ على طاعتك على الوجهِ الذي يُرضِيك عنَّا بعد رمضان، إنَّك سميع قريب. اللهمَّ أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشِّرْك والمشركين، واحْمِ حَوْزَة الدِّين، وانصرْ عبادك المؤمنين. اللهمَّ أصلحْ أحوال المسلمين حُكَّامًا ومحكومين، يا ربَّ العالمين، اللهمَّ اشفِ مرضانا ومرْضاهم، واغفر لموتانا وموتاهم، واهدِ ضالَّهم، وألِّفْ بين قلوبهم، يا أرحمَ الراحمين، اللهمَّ أعتِق رقابنا ورقابَ والدينا مِن النار، اللهمَّ حبِّب إليناالإيمان وزيِّنْه في قلوبنا، وكرِّه إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيان، واجعلنا منالراشدين. اللهمَّ آمنَّا في أوطاننا، وأصلِحْ أئمَّتَنا وولاةَ أمورنا، واجعلْ ولايتنا فيمَنْ خافَك واتَّقاك، واتَّبع رِضاك، يا ربَّ العالمين. اللهمَّ ما سألناك في هذا الشهر الكريم مِن مسألة صالِحة، فاجعل أوفرَ الحظِّ والنصيب منها لنا ولوالدِينا ووالديهم، وإخوانِنا وأزواجِنا وذُرياتنا، ومَن أحبَّنا فيك وأحببْناه فيك، ومَن له حقٌّ علينا، يا أرحم الراحمين. ﴿ قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ﴾ [الأعراف: 23]. ﴿ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ ﴾ [البقرة: 201]. ﴿ إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ ﴾ [النحل: 90]، فاذكروا الله العظيمَ يذكرْكم، واشكروه على نِعمه يزدْكم، ولَذِكْرُ الله أكبرُ، والله يعلم ما تصنعون.
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |