|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() تساؤلات في فلسفة البحث التربوي خالد الشعلان في هذه المقالة سأحاول الربط بين ما يرد في فلسفة البحث التربوي وتلك القضايا الفلسفية التي جاء ذكرها في المقالات السابقة لنرى مدى التوافق بينهما وذلك في حدود ما انتهى إليه فهمي ويبقى المجال بعد ذلك واسعاً في الحديث عن ذلك لكل من له علم واهتمام بهذا الخصوص. يرد في أدبيات البحث التربوي كلمة الانتولوجي (Ontology) التي يصفها كروتي (2010:10) بأنها "دراسة الوجود وطبيعة الموجودات، إنها تهتم بالكينونة وببنية الواقع في ذاته كما هو، إنها جواب على سؤال ما كينونة الشئ؟". ويذكرجركس (2010:59) أن الانتولوجي هي "تصور الواقع (الاجتماعي) المستند إلى نظرية" بينما يذكر Blaikie ( (2000:8 أن الانتولوجي هي "الفرضيات التي تبنى عن طبيعة الواقع (الاجتماعي) عن ما هو موجود عن مكوناته، عن تفاعل هذه المكونات معاً، وبعبارة أخرى الفرضيات الانتولوجية هي الفرضيات المعنية بما نعتقده حول تشكل الواقع (الاجتماعي)". يقول ( Hay ( (2002:6 أن "الانتولوجي يجيب على سؤال ما الوجود الذي نطلب معرفته" وبناء على هذه النقولات فبالمجمل إنهم يتحدثون عن الوجود وكينونته وهو مايرد في أدبيات ومباحث الفلسفة في هذا السياق. وعند حديثهم عن الانتولوجي يأتي الحديث عن الواقعية (Realism) والمثالية (Idealism). يذكر كروتي أن الواقعية كمفهوم انتولوجي تؤكد أن الموجودات أو الوقائع توجد خارج العقل وكثيراً ما ينحى هذا الاتجاه نحو تطبيق المنهج الموضوعي الذي يؤكد أن المعنى يوجد في المادة استقلالاً عن وعينا به أو معرفتنا به. إنها حقيقة أن الموجودات موجودة قبل الوعي بها، وفي المقابل هناك المدرسة المثالية التي تؤكد خلاف ذلك، وأن الموجودات قبل الوعي بها لا تكون مفهومة ولا معقولة، وإنما أصبحت موجودة عندما أصبح لها معنى موجود نفهمها به، إن المعاني من غير العقل لا تكون أو لا يكون لها وجود، ويذكر جركس أيضاً أن الفكرة الأساسية للمبدأ الأول هي أن الواقع يوجد بطريقة مستقلة عن معرفتنا به، بينما المبدأ الثاني لا يؤمن بأن العالم يوجد استقلالاً عن معرفتنا به، بل الواقع يُبنى اجتماعياً واطرادياً بالفاعل الإنساني (Human Actors). وهذا يتوافق مع ما جاء ذكره عند الحديث عن الاتجاه المادي والاتجاه المثالي سلفاً، حتى ولو اختلفت المسميات. أما عند الحديث عن ما يسمى بالابستمولوجي (Epistomology) التي هي نظرية المعرفة فيذكر كروتي (2010:3) أنها "التصور النظري الذي يتضمن موقفاً فلسفياً يشكل منهجاً للبحث بحيث يقدم سياقاً محدداً لعملياته وإجراءاته ويؤسس له منطقياً ومعيارياً". ويقول أيضا: إنها "طريقة الفهم والتعليل لكيف نعرف ما نريد أن نعرفه" أو بعبارة أخرى هي "طريقة للنظر إلى العالم وفهمه، إنها تتعامل مع طبيعة المعرفة وامكانياتها ونطاقها وأساسها العام، إنها تجسيد لما تنطوي عليه هذه المعرفة". بينما ينص جركس أن الابستمولوجي هي نظرية المعرفة (The theory of knowledge) وهي " تعنى بالطرق الممكنة لتحصيل المعرفة في الواقع "الاجتماعي" أو بعبارة أخرى هي إدعاءات حول كيف أن ما يفترض أن يوجد يمكن أن يعرف". يقول جركس "إذا كانت الانتولوجي -على وجه العموم- متعلقة بما يمكن أن نعرف فإن الابستمولوجي تتعلق بكيف نعرف". أما عن أهمية الابستولوجي في البحث فيذكر كروتي أنها تكمن في أربعة نقاط هي أنها تساعدنا في التأكد من متانة البحث وتقديم نتائج مقنعةٍ وإعطاءِ مبررٍ لاجراءات البحث وأخيراً تمكين الباحث من أداء التحليل بصورة جيدة . ومن هذه النقولات فإن نظرية المعرفة التي يتحدثون عنها في هذا السياق هو ما جرى الحديث عنه في المقالات السابقة أيضاً فهل أصحاب المناهج البحثية التربوية يلتزمون بمبادئ ومرتكزات كل مبدأ أم أنهم كيفوا مناهجهم البحثية بما يتوافق ومعطيات ومتطلبات البحث التربوي؟ يذكر كروتي أن هناك عدة اتجاهات في الابستمولوجي أهمها: أولاً: الموضوعية (Objectivism) التي تعتقد أن هناك معنى للواقع قائم بذاته بغض النظر عن إدراكه أو الوعي به ويضرب لذلك مثلاً بالشجرة في الغابة فإنها تكون شجرة بغض النظر هل أدرك وجودها أحد أم لا ، ونحن حينما نبدأ نتعرف عليها فنحن ببساطة نستكشف المعنى الكائن هناك . أما الظاهرة الاجتماعية فيؤكد جركس (2012 :61) أن الموضوعيين يرون أن لها معنى موجود استقلالاً عن الذات العارفة (Social actors). يذكر جركس أن كثيرين يطلقون على هذا المبدأ مبدأ الوضعية (Positivism) التي تعنى بتطبيق الطرق العلمية في الشؤون الإنسانية ويتحدث جركس عن هذا المبدأ بشيء من التفصيل فيقول: · كثيرون من أمثال David Hume, Thomas Hobbes, Francis Bacon يرون أن العلوم الطبيعية مثل العلوم الإنسانية وإنهما في سياق واحد وبمنهجيات موحدة بينهما. · الوضعية تُبنى على حقيقة أن للعالم وجود مستقل عن معرفتنا به (Lin ![]() وأن له أنماطاً وانتظامات مطردة تمثل أسباباً ونتائج سواء في العالم الاجتماعي أو الطبيعي ولذلك يرون أن التنبؤ ركيزة أساسية ويبحثون عن كشف تلك السببية (Rubinstrin, 1981:11) وكثير منهم يسعى لتطبيق الطرق العلمية لتحليل العالم الاجتماعي. إذن هم يؤمنون بأن للعالم وجود خارج الذهن ومستقل عنا وكذلك يؤمنون بمبدأ السببية وكذلك الاطراد وبذلك هم متوافقون مع مبادئ الاتجاه المادي. · الوضعيون يركزون على الملاحظة للممارسات التجريبية في استقراء المعرفة وأن الواقع يمكن أن يدرك بواسطة حواسنا ويُبدون نفوراً من مواضيع الميتافيزيقيا (ماوراء الطبيعة). وهم بذلك يؤمنون أن الحواس هي طريق المعرفة وأن التجربة هي معيار الحقيقة وبذلك هم متوافقون أيضا مع مبادئ الاتجاه المادي. · كثيرٌ من الوضعيين يفترضون أن لا فرق بين ما نرى، أو ما يظهر لنا، وكيف هي الأشياء في الواقع، حتى ولو لم ندركه بحواسنا، أو نبني معناه اجتماعياً. وبذلك يتوافقون مع مبدأ المذهب المادي الذي يرى أن المادة لا يمكن الكشف عن ماهيتها وكينونتها بالتجربة الخالصة، بل كل ما يبدو للحس في المجالات التجريبية، إنما هو ظواهر المادة وأعراضها. · الشيء الذي يدعو للانتباه -كما يقول جركس- أن الوضعية تبحث الدقة والإحكام (Precision and Exactitude) وتركز على التنبؤ لدراسة العلوم الطبيعية، وبما أن العلوم الإنسانية غير منتظمة وغير قابلة للتنبؤ فالوضعيون يحاولون التغلب على ذلك بالبحث في الضوابط والقواعد التي تجعل أو تصير العالم الإنساني أو الاجتماعي قابل للفهم والتنبؤ وهذا فيه نوع توافق مع مبدأ السببية والاطراد كما ذكر سابقاً. وبناءً على ما تقدم فيمكن أن يقال أن أصحاب هذا الإتجاه إجمالاً متوافقون مع مبادئ الإتجاه المادي إلا إنهم لا يتعرضون إلى الخلفيات الفلسفية لهذه المبادئ في أدبياتهم البحثية في حدود ما قرأت ولكني أود إلى أن أشير هنا إلى أن من مبادئ الاتجاه المادي كما مرَّ معنا إنكار الأساس العقلي للاطراد حيث يرون أن توقع حصول المسبب مع السبب قائم على مجرد العادة لا الضرورة العقلية أو الموضوعية ولذلك فإن القضية عندهم احتمالية فهل بالتالي أصحاب الاتجاه الواقعي في البحوث التربوية نسبيون لا يرون بالحقيقة المطلقة في هذا السياق؟
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |