لا إله إلا الله فضلها وآثارها سعد بن عبد اللّه البريك - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1054 - عددالزوار : 125308 )           »          طريقة عمل ساندوتش دجاج سبايسى.. ينفع للأطفال وللشغل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          وصفات طبيعية للتخلص من حب الشباب بخطوات بسيطة.. من العسل لخل التفاح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          طريقة عمل لفائف الكوسة بالجبنة فى الفرن.. وجبة خفيفة وصحية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          وصفات طبيعية لتقشير البشرة.. تخلصى من الجلد الميت بسهولة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          هل تظل بشرتك جافة حتى بعد الترطيب؟.. اعرفى السبب وطرق العلاج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          استعد لدخول الحضانة.. 6 نصائح يجب تنفيذها قبل إلحاق طفلك بروضة الأطفال (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          سنة أولى جواز.. 5 نصائح للتفاهم وتجنب المشاكل والخلافات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »          طريقة عمل العاشوراء بخطوات بسيطة.. زى المحلات بالظبط (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          طريقة عمل لفائف البطاطس المحشوة بالدجاج والجبنة.. أكلة سهلة وسريعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 10-04-2019, 12:31 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,663
الدولة : Egypt
افتراضي لا إله إلا الله فضلها وآثارها سعد بن عبد اللّه البريك

لا إله إلا الله فضلها وآثارها
سعد بن عبد اللّه البريك



الخطبة الأولى
الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونستهديه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ند ولا شبيه ولا مثيل ولا نظير: (ليس كمثله شيء وهو السميع البصير).
وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة وأدى الأمانة ونصح الأمة، وجاهد في الله حق جهاده وعبد ربه مخلصاً حتى أتاه اليقين، صلَّى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً إلى يوم الدين.
أما بعد:
فيا عباد الله اتقوا الله - تعالى - حق التقوى: (يا أيها الناس اتقوا ربكم واخشوا يوماً لا يجزي والد عن ولده ولا مولود هو جاز عن والده شيئاً إن وعد الله حق فلا تغرنكم الحياة الدنيا ولا يغرنكم بالله الغرور).
معاشر المؤمنين: يقول - تعالى -: (شهد الله أنه لا اله إلا هو والملائكة وأولو العلم قائماً بالقسط لا اله إلا هو العزيز الحكيم)، وقال - سبحانه -: (الله لا إله إلا هو الحي القيوم)، وقال - عز وجل -: (فاعلم أنه لا إله إلا الله).
"لا اله إلا الله " أشرف الذكر، وشعار الإسلام، وركن الدين الأعظم، وعنوان التوحيد، فلا معبود في الكون بحق إلا الله، لا خالق، ولا رازق، ولا معطي، ولا مانع سواه، لا يفرج الكرب، ولا يغيث الملهوف، ولا يجيب المضطر، ولا يكشف البلوى إلا الله، لا يشفي إلا الله، لا يحيي ولا يميت إلا الله، فهو الذي يرفع ويخفض، ويعز ويذل، ويغني ويفقر.
ليس هناك أعظم من ‏" ‏لا إله إلا الله ‏"‏ فهي كلمة التوحيد والفرقان بين الشرك والإسلام ‏‏.
أكَّد عليها - تعالى - في آيات كثيرة من كتابه المحكم، وكررها في آيتين متتاليتين ذكر فيهما بعض صفاته العلى وأسمائه الحسنى في سورة الحشر، قال - تعالى -: (‏هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ * هُوَ اللَّهُ الَّذِي لا إِلَهَ إِلاّ هُوَ الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ‏)‏.
" إنها كلمة قامت بها الأرض والسماوات، وخُلقت لأجلها جميع المخلوقات: (‏وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالإِنسَ إِلاّ لِيَعْبُدُونِ‏)‏، وبها أرسل الله رسله: (‏وَمَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ مِن رَّسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَاْ فَاعْبُدُونِ‏)‏. وقال - تعالى -: ‏(‏يُنَزِّلُ الْمَلآئِكَةَ بِالْرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ عَلَى مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ أَنْ أَنذِرُواْ أَنَّهُ لاَ إِلَـهَ إِلاَّ أَنَاْ فَاتَّقُونِ‏)‏.
ولأجلها أنزل الله كتبه وشرع شرائعه، ولأجلها نُصبت الموازين ووُضِعت الدواوين وقام سوق الجنة والنار، وبها انقسمت الخليقة إلى مؤمنين وكفار، فهي منشأ الخلق والأمر والثواب والعقاب، وعنها وعن حقوقها السؤال والحساب، وعليها يقع الثواب والعقاب، وعليها نُصبت القبلة، وأُسَّست الملة، ولأجلها جُرَّدت سيوف الجهاد، وهي حق الله على جميع العباد، فهي كلمة الإسلام، ومفتاح دار السلام، وعنها يسأل الأولون والآخرون‏.
فلا تزول قدما العبد بين يدي الله حتى يسأل عن مسألتين‏: ‏(‏ماذا كنتم تعبدون، وماذا أجبتم المرسلين‏)‏، وجواب الأولى بتحقيق " لا إله إلا الله " معرفة وإقرارًا وعملاً‏.
‏ وجواب الثانية بتحقيق: ‏(‏أن محمدًا رسول الله معرفة وانقيادًا وطاعة‏" (الزاد لابن القيم(2/1) بتصرف يسير).
"لا إله إلا الله" كلمة التقوى‏‏ والعروة الوثقى وهي التي جعلها إبراهيم: ‏(‏كَلِمَةً بَاقِيَةً فِي عَقِبِهِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ‏)‏. قال ابن عيينة‏: ‏ "ما أنعم الله على عبد من العباد نعمة أعظم من أن عرَّفهم " لا إله إلا الله‏"، وإن " لا إله الله " لأهل الجنة كالماء البارد لأهل الدنيا‏" [كلمة الإخلاص لابن رجب 52- 53)].
من قالها عصم ماله ودمه، ومن أباها فماله ودمه هدر، ففي الصحيح عن النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((‏من قال لا إله إلا الله وكفر بما يعبد من دون الله حرم ماله ودمه وحسابه على الله)) رواه مسلم.
وهي أول ما يُطلب من الكفار عندما يُدعَوْن إلى الإسلام فإن النبي - صلى الله عليه وسلم - لما بعث معاذًا - رضي الله عنه - إلى اليمن قال له‏: ((‏إنك تأتي قومًا من أهل الكتاب فليكن أول ما تدعوهم إليه شهادة أن لا إله إلا الله‏...الحديث)) أخرجاه في الصحيحين.
"لا إله إلا الله " أفضل الذكر، ففي حديث عبد الله بن عمر - رضي الله عنهما - مرفوعًا‏: ((خير الدعاء دعاء يوم عرفة، وخير ما قلت أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير)) رواه أحمد والترمذي‏.
وعن جابر - رضي الله عنه - قال: سمعت النبي - صلى الله عليه وسلم - يقول: ((أفضل الذكر لا إله إلا الله وأفضل الدعاء الحمد لله)) رواه الترمذي، وقال: حديث حسن والحاكم وقال صحيح الإسناد.
" لا إله إلا الله " أثقل شيء في الميزان.
عن أبي سعيد الخدري - رضي الله عنه - عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال‏: ((‏قال موسى يا رب علمني شيئًا أذكرك وأدعوك به قال يا موسى: قل " لا إله إلا الله "، قال: كل عبادك يقولون هذا، قال: يا موسى لو أن السماوات السبع وعامرهن غيري والأرضين السبع في كفة و" لا إله إلا الله " في كفة مالت بهن " لا إله إلا الله‏ ")) رواه الحاكم وابن حبان.
وروى الترمذي وحسنه، والنسائي والحاكم وقال‏: صحيح على شرط مسلم، عن عبد الله بن عمرو‏: قال النبي - صلى الله عليه وسلم -‏: ((‏يُصَاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فيُنشر له تسعة وتسعون سجلاً كل سجل منها مد البصر ثم يقال: أتنكر من هذا شيئًا، فيقول: لا يا رب، فيقال‏: ‏ ألك عذر أو حسنة فيهاب الرجل فيقول لا، فيقال: بلى إن لك عندنا حسنة، وإنه لا ظلم عليك، فيخرج له بطاقة فيها أشهد أن لا إله إلا الله‏‏ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات فيقول: إنك لا تظلم، فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة)).
"لا إله إلا الله" مفتاح الجنة وأمان من العذاب: عن أبى ذر - رضي الله عنه - قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - وعليه ثوب أبيض وهو نائم ثم أتيته وقد استيقظ فقال: ((ما من عبد قال " لا إله إلا الله " ثم مات على ذلك إلا دخل الجنة، قلت وإن زنى وإن سرق، قال وإن زنى وإن سرق: قلت وإن زنى وإن سرق، قال وإن زنى وإن سرق، قلت وإن زنى وإن سرق، قال وإن زنى وإن سرق على رغم أنف أبي ذر)) رواه البخاري.
وعن أبى موسى عن أبيه قال: أتيت النبي - صلى الله عليه وسلم - ومعي نفر من قومي، فقال: ((ابشروا وبشَّروا من وراءكم، أنه من شهد أنه لا إله إلا الله صادقاً بها دخل الجنة" فخرجنا من عند النبي - صلى الله عليه وسلم - نبشر الناس، فاستقبلنا عمر بن الخطاب - رضي الله عنه -، فرجع بنا إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: يا رسول الله! إذاً يتكل الناس، فسكت رسول الله - صلى الله عليه وسلم -)) رواه أحمد والطبراني ورجاله ثقات.
و"لا إله إلا الله " موجبة لشفاعة المصطفى - صلى الله عليه وسلم -: عن أبى هريرة - رضي الله عنه - قال: "قلت يا رسول الله من أسعد الناس بشفاعتك يوم القيامة؟ فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لقد ظننت يا أبا هريرة أن لا يسألني عن هذا الحديث أحد أول منك لما رأيت من حرصك على الحديث، أسعد الناس بشفاعتي يوم القيامة من قال: لا إله إلا الله خالصاً من قلبه أو نفسه)) رواه البخاري.
وهي أفضل الأعمال: قال - صلى الله عليه وسلم -: ((من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير في يوم مائة مرة كانت له عدل عشر رقاب، وكتبت له مائة حسنة، وكانت له حرزاً من الشيطان يومه ذلك حتى يمسي، ولم يأت أحد بأفضل مما جاء به إلا رجل عمل أكثر منه)) رواه البخاري ومسلم.
وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من قال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير من قالها عشر مرات حين يصبح كتب له بها مائة حسنة ومحي عنه بها مائة سيئة وكانت له عدل رقبة وحفظ بها يومئذ حتى يمسي ومن قال مثل ذلك حين يمسي كان له مثل ذلك)) رواه أحمد.
وهي سبب لمغفرة الذنوب ورفع الدرجات: عن عمر - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((من دخل السوق فقال لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد يحيي ويميت وهو حي لا يموت بيده الخير وهو على كل شيء قدير كتب الله له ألف ألف حسنة ومحا عنه ألف ألف سيئة ورفع له ألف ألف درجة)) رواه الترمذي وحسنه الألباني - رحمه الله -.
وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((ما على الأرض أحد يقول: لا إله إلا الله، والله أكبر، ولا حول ولا قوة إلا بالله، إلا كفرت عنه خطاياه، وإن كانت مثل زبد البحر)) رواه مسلم.
و"لا إله إلا الله " منجية لمن قالها من النار وإن دخلها ابتداءً: عن أنس - رضي الله عنه - عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: ((يخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن شعيرة من خير ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن برة من خير ويخرج من النار من قال لا إله إلا الله وفي قلبه وزن ذرة من خير)) رواه البخاري.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((فإن الله قد حرم على النار من قال لا إله إلا الله يبتغي بذلك وجه الله)) رواه البخاري.
وعن عبادة بن الصامت - رضي الله عنه - قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((من شهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأن محمداً عبده ورسوله، وأن عيسى عبد الله ورسوله وكلمته ألقاها إلى مريم وروح منه، والجنة حق، والنار حق أدخله الله الجنة على ما كان من العمل)) رواه البخاري ومسلم.
ولهذه الكلمة العظيمة فضائل كثيرة ذكر جملة منها الحافظ ابن رجب في رسالته ‏(‏كلمة الإخلاص‏)‏ منها‏: ‏ أنها ثمن الجنة، ومن كانت آخر كلامه دخل الجنة،، وتوجب المغفرة، وهي أحسن الحسنات، وتجدد ما درس من الإيمان في القلب وتخرق الحجب حتى تصل إلى الله - عز وجل -، وهي الكلمة التي يصدّق الله قائلها، وهي أفضل الأعمال وأكثرها تضعيفًا وتعدل عتق الرقاب وتكون حرزًا من الشيطان، وهي أمان من وحشة القبر وهول الحشر، وهي شعار المؤمنين إذا قاموا من قبورهم‏.
ومن فضائلها أنها تفتح لقائلها أبواب الجنة الثمانية يدخل من أيها شاء، ومن فضائلها أن أهلها وإن دخلوا النار بتقصيرهم في حقوقها فإنهم لابد أن يخرجوا منها (كلمة الإخلاص 45 - 66 بتصرف كبير).
هي أجمل الكلمات قُلْها كلما *** ضَجَّ الفؤادُ وضاقت الأزمان
ولشهادة التوحيد آثار حميدة على الفرد والجماعة من أهمها‏:
1ـ اجتماع الكلمة التي تثمر القوة للمسلمين، لأنهم يدينون بدين واحد وعقيدة واحدة، كما قال - تعالى-: ‏(‏وَاعْتَصِمُواْ بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلاَ تَفَرَّقُواْ‏)‏. وقال - تعالى -: ‏(‏هُوَ الَّذِيَ أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ وَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ لَوْ أَنفَقْتَ مَا فِي الأَرْضِ جَمِيعاً مَّا أَلَّفَتْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ وَلَـكِنَّ اللَّهَ أَلَّفَ بَيْنَهُمْ إِنَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏)‏.
والاختلاف في العقيدة يسبب التفرق والنزاع والتناحر، كما قال - تعالى -‏: (‏إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُواْ دِينَهُمْ وَكَانُواْ شِيَعًا لَّسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ‏)‏‏‏‏. وقال - تعالى -: ‏(‏فَتَقَطَّعُوا أَمْرَهُم بَيْنَهُمْ زُبُرًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ‏)‏‏‏‏.
فلا يجمع الناس سوى عقيدة الإيمان والتوحيد التي هي مدلول " لا إله إلا الله ‏".
‏ 2- ومن آثار هذه الكلمة العظيمة: شيوع الأمن والطمأنينة في المجتمع الموحد الذي يدين بمقتضى " لا إله إلا الله " لأن كلاً من أفراده يأخذ ما أحل الله له ويترك ما حرم الله عليه تفاعلاً مع عقيدته التي تملي عليه ذلك.
فيكف عن الاعتداء والظلم والعدوان، ويحل محل ذلك التعاون والمحبة والموالاة في الله عملاً بقوله - تعالى -: ‏(‏إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ‏)‏‏‏.
ومن تأمل حال العرب قبل أن يدينوا بهذه الكلمة وحالهم بعدما دانوا بها يتضح له ذلك جلياً، فقد كانوا من قبل أعداء متناحرين يفتخرون بالقتل والنهب والسلب فلما دانوا بها أصبحوا أخوة متحابين كما قال - تعالى -: ‏(‏مُّحَمَّدٌ رَّسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ‏)‏. وقال - تعالى -: ‏(‏وَاذْكُرُواْ نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنتُمْ أَعْدَاءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُم بِنِعْمَتِهِ إِخْوَانًا‏)‏‏‏.
3- ومن آثارها: حصول السيادة والاستخلاف في الأرض وصفاء الدين والثبوت أمام تيارات الأفكار والمبادئ المختلفة، كما قال - تعالى -: ‏ ‏(‏وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا‏)‏ فربط - سبحانه - حصول هذه المطالب العالية بعبادته وحده لا شريك له الذي هو معنى ومقتضى " لا إله إلا الله‏ ".
‏ 4- ومن آثارها: حصول الطمأنينة النفسية والاستقرار الذهني لمن قال " لا إله إلا الله " وعمل بمقتضاها لأنه يعبد ربًا واحدًا يعرف مراده وما يرضيه فيفعله، ويعرف ما يسخطه فيجتنبه، بخلاف من يعبد آلهة متعددة كل واحد منها له مراد غير مراد الآخر وله تدبير غير تدبير الآخر كما قال - تعالى -‏: (‏أَأَرْبَابٌ مُّتَفَرِّقُونَ خَيْرٌ أَمِ اللَّهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ‏)‏‏‏. وقال - تعالى -: ‏(‏ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلاً رَّجُلاً فِيهِ شُرَكَاءُ مُتَشَاكِسُونَ وَرَجُلاً سَلَمًا لِّرَجُلٍ هَلْ يَسْتَوِيَانِ مَثَلاً‏)‏‏‏‏.
قال ابن القيم - رحمه الله -‏: "هذا مثل ضربه الله - سبحانه - للمشرك والموحد، فالمشرك بمنزلة عبد يملكه جماعة متنازعون مختلفون متشاحون والرجل المتشاكس‏: ‏ السيئ الخلق‏.
فالمشرك لما كان يعبد آلهة شتى شُبَّه بعبد يملكه جماعة متنافسون في خدمته لا يمكنه أن يبلغ رضاهم أجمعين، والموحد لما كان يعبد الله وحده فمثله كمثل عبد لرجل واحد قد سلم له وعلم مقاصده وعرف الطريق إلى رضاه فهو في راحة من تشاحن الخلطاء فيه، بل هو سالم لمالكه من غير تنازع فيه مع رأفة مالكه ورحمته له وشفقته عليه وإحسانه إليه وتوليه لمصالحه، فهل يستوي هذان العبدان" [أعلام الموقعين 1 / 187)].
5- ومن آثارها: حصول السمو والرفعة لأهل " لا إله إلا الله " في الدنيا والآخرة كما قال - تعالى -: ‏(‏حُنَفَاء لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ وَمَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ‏)‏‏. فدلت الآية على أن التوحيد علو وارتفاع وأن الشرك هبوط وسفول وسقوط‏.
قال ابن القيم - رحمه الله -‏: "شبه الإيمان والتوحيد في علوه وسعته وشرفه بالسماء التي هي مصعده ومهبطه، فمنها هبط إلى الأرض وإليها يصعد منها، وشبه تارك الإيمان والتوحيد بالساقط من السماء إلى أسفل سافلين من حيث التضييق الشديد والآلام المتراكمة، وشبه الطير التي تخطف أعضاءه وتمزقه كل ممزق بالشياطين التي يرسلها الله - تعالى - فتؤزه وتزعجه وتقلقه إلى مظان هلاكه، وشبه الريح التي تهوي به في مكان سحيق بهواه الذي يحمله على إلقاء نفسه في أسفل مكان وأبعده عن السماء" [أعلام الموقعين 180 بتصرف يسير)].
6- ومن آثارها: عصمة الدم والمال والعرض، لقوله - صلى الله عليه وسلم -‏: ((‏أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله فإذا قالوها عصموا مني دماءهم وأموالهم إلا بحقها)) رواه البخاري.
وقال - صلى الله عليه وسلم -: ((أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله وأني رسول الله)) رواه مسلم.
لقد غضب - صلى الله عليه وسلم - على حبّه وابن ِحبّه أسامة بن زيد - رضي الله تعالى عنهما - لما بلغه أنه قتل رجلاً من مقاتلي المشركين بعد أن نطق بكلمة التوحيد.
ففي الصحيحين عن أسامة بن زيد - رضي الله عنهما - قال: - بعثنا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سرية فصبَّحنا الحرقات من جهينة - قبيلة من جهينة- قال: فأدركتُ رجلاً فقال: " لا إله إلا الله " فطعنتُه ثم وقع في نفسي من ذلك فذكرتُه للنبي - صلى الله عليه وسلم - فقال: " أقال لا إله إلا الله وقتلته"؟ قال أسامة: يا رسول الله إنما قالها خوفاً من السلاح.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أفلا شققت عن قلبه حتى تعلم أقالها أم لا)).
قال أسامة - رضي الله عنه -: فما زال النبي - صلى الله عليه وسلم - يكررها علىّ حتى تمنيت أني أسلمتُ يومئذ.
وفي رواية في صحيح مسلم عن جندب بن عبد الله - رضي الله عنه - أنه وصف ذلك الرجل الذي قتله أسامة - رضي الله عنه - فقال: كان إذا شاء أن يقتل رجلاً من المسلمين تصدى له فقتله، فتبعه رجل من المسلمين قَصد غفلته يقول جندب: كنا نُحدَّث أنه أسامة بن زيد، فلما رفع عليه السيف قال الرجل: لا إله إلا الله فقتله أسامة.
فجاء البشير بعد ذلك إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - فأخبره بخبر تلك الغزوة حتى أخبره بخبر الرجل وما صنع معه أسامة وما صنع هو من قوله: لا إله إلا الله.
فدعا رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حبه أسامة بن زيد وسأله: ((لم قتلته؟)) فقال أسامة - رضي الله عنه -: يا رسول الله أوجَعَ في المسلمين، أي أثخَنَ فيهم القتل وقتل فلاناً وفلاناً وسمى نفراً من أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، فلما رفعتُ عليه السيف قال: لا إله إلا الله خوفاً من السلاح فقال له النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((أقتلته؟)) قال أسامة بن زيد: نعم.
فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة؟)).
فقال أسامة بن زيد: يا رسول الله استغفر لي. فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة)). قال جندب - رضي الله عنه -: فجعل النبي - صلى الله عليه وسلم - لا يزيد على أن يقول لحبه أسامة: ((فكيف تصنع بلا إله إلا الله إذا جاءت يوم القيامة)).
فالمسلم دمه معصوم وماله معصوم وعرضه معصوم، ولا يجوز استباحة دماء المسلمين وأموالهم إلا بحقها، بل حتى الإشارة بالسلاح لا تجوز ولو كانت مزاحاً.
عن أبي هريرة - رضي الله عنه- أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: ((لا يشير أحدكم إلى أخيه بالسلاح فإنه لا يدري لعل الشيطان ينزع في يده فيقع في حفرة من النار)) متفق عليه.
وفي رواية لمسلم قال: قال أبو القاسم - صلى الله عليه وسلم -: ((من أشار إلى أخيه بحديدة فإن الملائكة تلعنه حتى ينزع، وإن كان أخاه لأبيه وأمه)).
فإذا كان مجرد الإشارة إلى مسلم بالسلاح منهي عنه ولو مزاحاً، فكيف بمن يقتل الأنفس البريئة ويروع المسلمين بتفجيرات مدمرة مستهدفاً أرواح الأبرياء: (ومن يقتل مؤمناً متعمداً فجزاؤه جهنم خالداً فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذاباً عظيماً).
فالله - تعالى - حرم القتل ظلما في جميع الشرائع، بل لقد ثبت النهي عن قتل الحيوان بغير حق والوعيد على ذلك، فكيف بقتل المسلمين الموحدين الركع السجود؟.
قال - صلى الله عليه وسلم -: ((دخلت امرأة النار في هرة ربطتها، فلا هي أطعمتها ولا هي أرسلتها تأكل من خشاش الأرض حتى ماتت)).
هذا في الحيوان، فكيف بقتل من عصم دمه وماله؟. قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((زوال الدنيا كلها أهون على الله من قتل رجل مسلم)).
قال ابن عمر - رضي الله عنهما -: رأيت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يطوف بالكعبة، ويقول: ((ما أطيبك، وما أطيب ريحك، ما أعظمك وما أعظم حرمتك والذي نفس محمد بيده لحرمة المؤمن عند الله أعظم من حرمتك: ماله ودمه)) رواه ابن ماجة وهو صحيح.
اللهم آمنا في أوطاننا، اللهم آمنا في دورنا، اللهم أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللهم اجمع شملنا وعلماءنا وحكامنا ودعاتنا ولا تفرح علينا عدواً ولا تشمت بنا حاسداً، اللهم اهد ضالنا، اللهم من ضل وتنكب الصراط، اللهم رده إلى الحق رداً جميلاً.
اللهم عليك بمن تسلط وآذى ونال من مقام نبينا - صلى الله عليه وسلم -، اللهم سلط عليهم جنودك التي لا يعلمها إلا أنت يا رب العالمين، اللهم أصلح أحوال المسلمين في كل مكان، اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً سخاءً رخاءً وسائر بلاد المسلمين يا رب العالمين، اللهم ابسط لنا في عافية أبداننا وصلاح أعمالنا وسعة أرزاقنا وحسن أخلاقنا واستر على ذرياتنا واحفظنا بحفظك واكلأنا برعايتك، اللهم أحسن خاتمتنا في خير عمل يرضيك عنا ربنا لا تقبض أرواحنا على خزي ولا غفلة ولا فاحشة ولا معصية ولا تمتنا بحق مسلم في عرض أو دم أو مال نسألك، اللهم عيشة هنية وميتةً سوية ومرداً إليك غير مخزٍ ولا فاضح.
(إن الله وملائكته يصلون على النبي يا أيها الذين آمنوا صلوا عليه وسلموا تسليماً).
اللهم صلَّ وسلم وزد وبارك على نبيك محمد صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر، وارض اللهم عن الأربعة الخلفاء الأئمة الحنفاء أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وارض اللهم عن البقية العشرة، وأهل الشجرة ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين وعنا معهم بعفوك ومنك وكرمك يا أرحم الراحمين.
(إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي يعظكم لعلكم تذكرون)، فاذكروا الله العلي العظيم الجليل الكريم يذكركم واشكروه على آلائه يزدكم ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعون


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 66.99 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 65.32 كيلو بايت... تم توفير 1.67 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]