|
ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
||||
|
||||
![]() دقيقتان كفيلة بحياة سعيدة علي الغامدي بحكم عملِنا في القِطاع الصِّناعي تعلَّمنا منه الكثيرَ من الأمور القياديَّة، وكيفيَّة اتِّخاذ القرارات بطريقةٍ علميَّةٍ ومنهجيَّة، وتُولي - عمومًا - كافَّة الشركات في العالم حرصًا كبيرًا على تَثقيف ورَفعِ مستوى التَّعليمِ لكافَّة موظَّفيها، ويعود السَّبب الرئيس في ذلك إلى الحِفاظ على حياة الموظَّفين، وسلامةِ المجتمع والبيئة من أي خطأ قد يَقع، الذي بدوره ستكون كلفته كبيرة وكبيرة جدًّا؛ لخطورة الموادِّ التي يتمُّ التعامل معها. ومن الأمور التي تعلَّمناها في هذه المنشآت عند القيام بأيِّ عملٍ؛ سواء صيانة دوريَّة أو إصلاح خلَلٍ وغيرها، وبعد أخذ كافَّة الاحتياطات، علينا قبل الإقدامِ واتِّخاذ القرار بالبدء أخْذ دقيقتين تفكير لكافَّةِ فريق العمل؛ وذلك للتبيُّن من وضوحِ الهدَف، وأخذ كافَّة الإجراءات قبل الإقدامِ والشُّروعِ في العمل. هاتان الدقيقتان كفيلتان بإذن الله للحدِّ من الوقوع في أيِّ خطأ قد تكون تَكلفته باهِظةً وباهظة جدًّا. السؤال الذي يطرح نفسه: هل بالإمكانِ إسقاطُ هذه الفِكرة على حياتنا اليوميَّة؟ هل ستساعدنا في الوصول إلى القرار الصَّائبِ؟ وسؤال آخر: هل ستَقضي على العشوائيَّة والأخطاء الفادِحة في قراراتنا اليوميَّة التي نتَّخذها؟ أسئلة كثيرة دارَت في ذِهني، ولعلَّ لبعضها إجابة والبعض الآخر يَحتاج إلى مزيد بحثٍ وتأمُّل. وعند البحث في هَدي حبيبنا عليه أفضَل الصَّلاة وأتمُّ التَّسليم، وجدتُ الكثيرَ من الشَّواهد النبويَّةِ التي تؤيِّد وتتوافَق مع هذه الطَّريقة العلميَّة التي هدفها الوصول إلى القرار الصحيحِ بأفضل الطُّرق وأسلمها. يقول الحبيبُ عليه السلام في الحديث الذي يَرويه ابنُ عبَّاس رضي الله عنهما قال: قال رسولُ الله صلى الله عليه وسلم للأشجِّ - أشجِّ عبد القيس -: ((إنَّ فيك خصلَتين يحبُّهما الله: الحِلْم، والأناة)). وقال ابن القيِّم: (العَجَلَة مِن الشَّيطان؛ فإنَّها خفَّةٌ وطيشٌ وحدَّةٌ في العبد، تَمنعه مِن التَّثبُّت والوقار والحِلْم، وتوجِب له وضع الأشياء في غير مواضعها، وتجلبُ عليه أنواعًا من الشُّرور، وتمنع عنه أنواعًا من الخير). وفي حديث آخر يقول الحبيبُ صلى الله عليه وسلم: ((التُّؤدةُ في كلِّ شيء خير، إلَّا في عمَل الآخرة))؛ صححه الألباني. إنَّه منهجٌ نبويٌّ، حثَّنا عليه نبيُّنا عليه أفضل الصلاة والسلام، فقبل اتِّخاذ أي قرار علينا التَّفكير في ثماره ونتائجه ومآلاته. وفي تراثنا العربي والإنساني من الحِكَم والأدبيَّات ما يؤيِّد هذا المعنى ويدلُّ عليه؛ ومنها: (على النَّابل أن يتأنَّى؛ فالسَّهم متى انطلق لا يعود). ويقول آخر: قد يُدْرِكُ المتأنِّي بعضَ حاجتِه ♦♦♦ وقد يكونُ مع المستعجلِ الزَّلَلُ ويقول أحدُ الحكماء: "الذين يتقدَّمون باندِفاعٍ كبير يتراجعون بسرعةٍ أكبر"، والمقصد هنا أنَّ من يَستعجِل ويَندفع في اتِّخاذ قرارات مصيريَّة سيكون أولَ النَّادمين، وسرعان ما سيعود ولكن بعد أن يخسرَ الشيء الكثير. وبجولةٍ سريعة في مجتمعنا سنجد أنَّ كثيرًا من العلاقات الأسريَّة قُطعَت وانقلبَت من الودِّ والحبِّ والصَّفاء وحسنِ العشرة إلى عداوةٍ وتناحُر، وكثير ممَّن يقف خلفَ القضبان، وكثير ممن يرزح تحت وطأة الدُّيون - سنجد بعد بحثٍ وتحرٍّ أنَّ العَجَلَة في اتِّخاذ القرارات الخاطئة أدَّت إلى هذا الوضع المؤلِم لشريحةٍ كبيرة من أبناء المجتمع. ولو أردتُ طرحَ بعض الأمثِلة الواقعيَّة في مجتمعنا عن آفاتِ الاستِعجال في القرارات على مستوى الأفرادِ والجماعات، لطال بنا المقامُ، ولكن يَكفي من القِلادة ما أحاطَ بالعُنُق، والحرُّ تَكفيه الإشارة. ولعلَّ السؤال الذي أختم به: هل دقيقتان تكفي أم نَحتاج إلى مزيد من الوقتِ حتى تنضج قراراتُنا المصيريَّة قبل إصدارها؟
__________________
|
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |