فتاوى صالح الفوزان في الحج(1) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1304 - عددالزوار : 137549 )           »          شرح كتاب الحج من صحيح مسلم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 57 - عددالزوار : 42177 )           »          حكم من تأخر في إخراج الزكاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          حكم من اكتشف أنه على غير وضوء في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 6 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 20 - عددالزوار : 5434 )           »          يا ربيعة ألا تتزوج؟! وأنتم أيها الشباب ألا تتزوجون؟! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          فضائل الحسين بن علي عليهما السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          سودة بنت زمعة - رضي الله عنها - (صانعة البهجة في بيت النبوة) (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 7 )           »          حجة الوداع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          التشريع للحياة وتنظيمها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 13-03-2019, 04:42 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 158,065
الدولة : Egypt
افتراضي فتاوى صالح الفوزان في الحج(1)

فتاوى صالح الفوزان في الحج(1)

ادارة الملتقى الفقهي






فتاوى صالح الفوزان في الحج

س218- ما معنى قوله تعالى: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } [ سورة البقرة: آية 197 ]؟ والآية الثانية: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } [ سورة الحج: آية 28 ]؟ وما معنى قول الرسول صلى الله عليه وسلم: ( الحج عرفة ) [ رواه أبو داود في " سننه " ( 2/203 ) بنحوه، ورواه الترمذي في " سننه " ( 3/248، 249 ) ، ورواه النسائي في " سننه " ( 5/264 ) ، ورواه ابن ماجه في " سننه " ( 2/1003 ) ، ورواه الدارمي في " سننه " ( 2/82 ) ، كلهم من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي رضي الله عنه ]؟ أفتونا مأجورين؟
يقول الله تعالى أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ... } الآية [ سورة البقرة: آية 197 ] يبين الله سبحانه وتعالى في هذه الآية الكريمة الميقات الزماني للحج، وهو شهر شوال وشهر ذي القعدة وعشرة أيام من ذي الحجة، فمن أحرم في هذه الفترة فقد أحرم في أشهر الحج، وينعقد إحرامه بالحج بإجماع المسلمين، ويجب عليه أن يتجنب الرفث – وهو الجماع – ودواعيه؛ لأن ذلك محرم على المحرم، والفسوق وهو المعاصي، وإن كانت المعاصي محرمة على المؤمن دائمًا إلا أنها يشتد تحريمها وإثمها في حالة الإحرام، والجدال وهو المخاصمة؛ لأن المخاصمة تفضي إلى أمور محذورة من الأقوال والأفعال، وتوغر الصدر، وتشغل عن طاعة لله سبحانه وتعالى، فلهذا نهى عنها، إذا كان الجدال لأجل إحقاق حق وإبطال باطل، فإن الله سبحانه وتعالى يقول: { وَجَادِلْهُم بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ سورة النحل: آية 125 ] ، ويقول: { وَلا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ } [ سورة العنكبوت: آية 46 ] أما إذا كان الجدال لغير بيان الحق ودحض الباطل فإن المسلم منهي عنه في كل أحواله، ولا سيما في حالة الإحرام، هذا ملخص معنى الآية الكريمة.
وأما قوله تعالى: { لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ } [ سورة الحج: آية 28 ] ، فإنه يبين سبحانه وتعالى الحكمة في مشروعية الحج أي ليحضروا هذه المنافع في الحج، وهي منافع دينية ومنافع دنيوية، ولم يحددها الله سبحانه وتعالى، لأنها كثيرة، وهذا دليل على أن الحج فيه خيرات كثيرة ومنافع عظيمة للمؤمن في دينه ودنياه.
أما قوله صلى الله عليه وسلم: ( الحج عرفة ) [ رواه أبو داود في " سننه " ( 2/203 ) بنحوه، ورواه الترمذي في " سننه " ( 3/248، 249 ) ، ورواه النسائي في " سننه " ( 5/264 ) ، ورواه ابن ماجه في " سننه " ( 2/1003 ) ، ورواه الدارمي في " سننه " ( 2/82 ) ، كلهم من حديث عبد الرحمن بن يعمر الديلي رضي الله عنه ] فمعناه أن الوقوف بعرفة هو الركن الأعظم من أركان الحج مثل قوله صلى الله عليه وسلم: ( الدعاء هو العبادة ) [ رواه أبو داود في " سننه " ( 2/77 ) ، ورواه الترمذي في " سننه " ( 8/163 ) ، ورواه ابن ماجه في " سننه " ( 2/1258 ) ، كلهم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما ] ، لأن الدعاء من أعظم أنواع العبادة، وليس معنى ذلك أن الوقوف بعرفة هو الحج كله، بل هناك أعمال أخرى للحج أركان وواجبات له وسنن، ولكن هذا من باب بيان أهمية الوقوف بعرفة، وأنه هو الركن الأعظم من أركان الحج، والله أعلم.
س219- ما معنى قول الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم: ( خذوا عني مناسككم ) [ رواه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 5/125 ) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، ورواه الإمام مسلم في " صحيحه " ( 2/943 ) بلفظ: " لتأخذوا مناسككم.. " من حديث جابر رضي الله عنه ]؟ وما هي صفة حجة الوداع للرسول الكريم صلى الله عليه وسلم؟
فمعناه وجوب اقتداء الحاج بالنبي صلى الله عليه وسلم في أعمال الحج بأن يتعلم أفعال الرسول صلى الله عليه وسلم التي فعلها في الحج وأقواله، ويقتدي به في ذلك، يعني تعلموا مني أحكام حجكم وعمرتكم فافعلوا مثل ما أفعل، وهذا خطاب لمن كان معه، ولمن يأتي بعده إلى يوم القيامة، فيجب على كل حاج أو معتمر أن يقتدي بالنبي صلى الله عليه وسلم في أداء المناسك، من كان معه من الصحابة فإنهم يشاهدونه ويرونه عليه الصلاة والسلام ويتابعونه، ومن يأتي بعده فإنه يعمل بالأحاديث الصحيحة الواردة في حجة النبي صلى الله عليه وسلم يتعلمها ويعمل على موجبها، وإن كان لا يستطيع ذلك فإنه يسأل أهل العلم بسنة النبي صلى الله عليه وسلم ليخبروه وليبينوا له، هذا معنى قوله صلى الله عليه وسلم: ( خذوا عني مناسككم ) [ رواه البيهقي في " السنن الكبرى " ( 5/125 ) من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما، ورواه الإمام مسلم في " صحيحه " ( 2/943 ) بلفظ: " لتأخذوا مناسككم.. " من حديث جابر رضي الله عنه ] ، فهذا دليل على أن أعمال الحج توقيفية كسائر أنواع العبادة، فإنها توقيفية لا يقدم على شيء منها إلا إذا ثبت في الكتاب والسنة أنه مشروع، وأنه عبادة.
أما صفة حجة الوداع فوصفها يطول، ولكن على القارئ أن يراجع الأحاديث التي وردت في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم، ومن أعظمها حديث جابر الحديث المشهور الطويل الذي وصف فيه حجة النبي صلى الله عليه وسلم من أولها إلى آخرها (4).
س220- ما هي علامات الحج المقبول؟ أفيدونا بذلك جزاكم الله كل خير؟
يقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) [ رواه البخاري في " صحيحه " ( 2/198 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ] ، والحج المبرور هو الحج الذي تقبله الله سبحانه وتعالى، وعلاماته كثيرة منها:
أن يكون نفقة الحج من كسب حلال؛ لأن النفقة عليها مدار عظيم في حياة المسلم، ولا سيما في الحج، بل ورد أن الإنسان إذا حج من مال طيب أنه ينادي مناد: ( زادك حلال، وراحلتك حلال، وحجك مبرور ) وعلى من كان حج من مال خبيث فإنه ينادى: ( لا لبيك ولا سعديك، زادك حرام، ونفقتك حرام، وحجك مأزور غير مأجور ) (5)، أو ما هذا معناه.
فمن علامات الحج المبرور أن يكون من نفقة طيبة وكسب حلال، ومن علامات الحج المبرور أن يوفق الإنسان فيه لأداء مناسكه على الوجه المشروع وعلى المطلوب من غير تقصير فيها، وأن يتجنب ما نهاه الله عنه في أعمال الحج، ومن علامات الحج المبرور أن يرجع صاحبه أحسن حالاً في دينه مما كان قبل ذلك، بأن يرجع تائبًا إلى الله سبحانه وتعالى، مستقيمًا على طاعته، ويستمر على هذه الحالة، فيكون الحج منطلقًا له إلى الخير منبهًا له إلى تصحيح مساره في حياته.
س221- ما المراد بالحج المبرور؟ وما الأيام المعلومات؟ ومال المراد بالرفث والفسوق والجدال؟
الحج جهاد في سبيل الله، ينفق فيه المال ويتعب فيه البدن، ويترك من أجله الأولاد والبلاد إجابة لداعي الله وتلبية لندائه على لسان خليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام حين قال الله له: { وَأَذِّن فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِن كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ. لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ عَلَى مَا رَزَقَهُم مِّن بَهِيمَةِ الأَنْعَامِ فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ. ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ وَلْيَطَّوَّفُو ا بِالْبَيْتِ الْعَتِيقِ } [ سورة الحج: الآيات 27-29 ].
ونحن الآن في أشهر الحج التي جعلها الله ميقاتًا للإحرام به والتلبس بنسكه، قال تعالى: { الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ وَتَزَوَّدُواْ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُوْلِي الأَلْبَابِ } [ سورة البقرة: الآية 197 ].
يخبر تعالى أن الحج يقع في أشهر معلومات وهي شوال، وذو القعدة، وعشرة أيام من ذي الحجة، وقال تعالى: { مَّعْلُومَاتٌ } [ سورة البقرة: الآية 197 ] ، لأن الناس يعرفونها من عهد إبراهيم وإسماعيل عليهما الصلاة والسلام، فالحج وقته معروف لا يحتاج إلى بيان كما احتاج الصيام والصلاة إلى بيان مواقيتهما.
وقوله تعالى: { فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ } [ سورة البقرة: الآية 197 ] معناه: من أحرم بالحج في هذه الأشهر سواء في أولها أو في وسطها أو في آخرها، فإن الحج الذي يحرم به يصير فرضًا عليه يجب أداؤه بفعل مناسكه ولو كان نفلاً قبل الإحرام.
فإن الإحرام به يصيره فرضًا عليه لا يجوز له رفضه، وقوله تعالى: { فَلاَ رَفَثَ وَلاَ فُسُوقَ وَلاَ جِدَالَ فِي الْحَجِّ } [ سورة البقرة: الآية 197 ] بيان لآداب المحرم وما يجب عليه أن يتجنبه حال الإحرام بالحج وتصونه عن كل ما يفسده أو ينقصه.. من ( الرفث ): وهو الجماع ومقدماته الفعلية والقولية.
والفسوق: وهو جميع المعاصي، ومنها محظورات الإحرام.
والجدال: وهو المحاورات والمنازعة والمخاصمة، لأن الجدال يثير الشر ويوقع العداوة ويشغل عن ذكر الله، والمقصود من الحج الذل والانكسار بين يدي الله وعند بيته العتيق ومشاعره المقدسة، والتقرب إلى الله بالطاعات وترك المعاصي والمحرمات ليكون الحج مبرورًا.
فقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم أن ( الحج المبرور ليس له جزاء إلا الجنة ) ، ولما كان التقرب إلى الله تعالى لا يتحقق إلا بترك المعاصي وفعل الطاعات فإنه سبحانه بعد أن نهى عن المعاصي في الحج أمر بعمل الطاعات، فقال تعالى: { وَمَا تَفْعَلُواْ مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللّهُ } [ سورة البقرة: الآية 197 ] ، وهذا يتضمن الحث على أفعال الخير، خصوصًا في أيام الحج، وفي تلك البقاع الشريفة والمشاعر المقدسة وفي المسجد الحرام، فإن الحسنات تضاعف فيها أكثر من غيرها، كما ثبت أن الصلاة الواحدة في المسجد الحرام أفضل من الصلاة فيما سواه من المساجد.
س222- هناك من يرتكب بعض البدع والشركيات في الحج؟ هل يؤثر ذلك على حجه؟
الشرك الأكبر يبطل الحج وغيره من الأعمال ويخرج صاحبه من الملة، كالذي يدعو الأموات من الأولياء والصالحين ويستغيث بهم ويذبح لهم، فهذا حجه باطل حتى يتوب إلى الله ويخلص العبادة له، قال تعالى: { وَمَا أُمِرُوا إِلا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ } [ سورة البينة: آية 5 ] ، وقال تعالى: { وَأَتِمُّواْ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } [ سورة البقرة: آية 196 ] يعني: خالصين لوجهه ليس فيهما شرك ولا دعوة لغيره، والحاج حينما يلبي يقول: ( لبيك لا شريك لك ) ، فهو يعلن التوحيد، ويتبرأ من الشرك، فيجب عليه أن يحقق القول بالعمل، وأما البدع فإنها ضلالة، كما قال النبي صلى الله عليه وسلم: ( فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة ) [ رواه الإمام أحمد في " مسنده " ( 4/126 ) بنحوه، ورواه أبو داود في " سننه " ( 4/200 ) ورواه الترمذي في " سننه " ( 7/319، 320 ) ، ورواه ابن ماجه في " سننه " ( 1/15، 16 ) ، ورواه الحاكم في " مستدركه " ( 1/97 ) ، كلهم من حديث العرباض بن سارية رضي الله عنه ] ، وعمل المبتدع مردود عليه لقوله صلى الله عليه وسلم: ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد ) [ رواه الإمام البخاري في " صحيحه " ( 8/156 ) ] أي: مردود عليه لا يقبل منه شيء وهو آثم فيه غير مأجور.
س223- ما الحكم إذا قضى الإنسان فريضة الحج بالدين فهل تقبل حجته؟ علمًا بأنه يسدد الدين مباشرة بعد قضائه الفريضة؟ أفيدونا وفقكم الله.
قال الله سبحانه وتعالى: { وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطَاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً } [ سورة آل عمران: آية 97 ] ، والسبيل هو الزاد والراحلة، يعني: أن يتوافر له النفقة الكافية في حجه، والنفقة الكافية أيضًا لأولاده ومن يعوله إلى أن يرجع، ولا يجب على من ليس له القدرة المالية حج، ولا يستدين لأجل ذلك؛ لأنه لم يوجب عليه الله سبحانه وتعالى شيئًا وهو مثقل نفسه بالدين ويتكلف لشيء لم يلزمه، والله سبحانه وتعالى يقول: { يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ } [ سورة البقرة: آية 185 ] ، فليس من الشرع أن يستدين الإنسان ليحج، ولكن مادام أنه فعل هذا واستدان وحج، فإن حجته صحيحة ويجب عليه سداد الدين، والله سبحانه وتعالى يوفق الجميع لما فيه الخير والصلاح.
س224- هل يصح الحج لمن عليه دين وكذلك العمرة؟ وهل تصح العمرة قبل الحج أو الحج أولاً، أفيدونا بذلك مأجورين؟
أما من عليه دين فهذا يختلف باختلاف أحوال الناس، فإذا كان من عليه دين ليس عنده ما يكفي للحج ولسداد الدين فإنه يقدم سداد الدين ولا يجوز له أن يحج إلا إذا أذن له صاحب الدين بذلك، وفي هذه الحالة لا يجب عليه الحج، لأن الحج إنما يجب على المستطيع وهذا غير مستطيع، أما إذا كان في ماله سعة يتسع للدين وللحج، فلا بأس أن يحج لكن بشرط أن يوثق للدين ما يسدده ويؤمن له من المال ما يسدده، والله تعالى أعلم، ولا مانع من أداء العمرة قبل الحج فيعتمر قبل الحج إما عمرة يتمتع بها إلى الحج في أشهره أو عمرة يؤديها في أي وقت من السنة لا مانع من ذلك أن تكون العمرة قبل الحج.
س225- ماذا يجب على إنسان يريد الحج لأول مرة؟ وبما تنصحونه؟
يجب على الإنسان الذي يريد الحج لأول مرة أن يؤدي الحج على الوجه المشروع، وأن يصحب أناسًا من أهل الخير يعينونه على طاعة الله ويبصرونه بمناسك الحج إذا كان يجهلها، لأن الذي يحج لأول مرة يخفى عليه بعض أعمال الحج أو غالبها، فهو بحاجة إلى من يبين له، فيختار من الرفقة من يكون صالحًا لذلك.
س226- إذا ارتدى الحاج ملابس الإحرام ونوى الحج والعمرة ما هي الأعمال التي يجب عليه القيام بها؟
إذا نوى الدخول في الحج والعمرة معًا من بداية الإحرام أو نوى العمرة أولاً، ثم نوى الحج وأدخله عليهما فإنه يكون بذلك قارنًا بين الحج والعمرة، بمعنى أنه أحرم بنسكين معًا، أو أنه أحرم بنسك العمرة وأدخل عليه نسك الحج، فصار قارنًا، والذي يلزمه من العمل هو أن يبقى على إحرامه، فإذا قدم مكة فإنه يطوف طواف القدوم وهو سنة، ثم إن سعى بعده سعي الحج والعمرة مقدمًا فلا بأس بذلك، ثم يبقى على إحرامه إلى أن يأتي يوم عرفة ويخرج لعرفة ويقف بها ويؤدي مناسك الحج بوقوف عرفة والمبيت بمزدلفة، ورمي جمرة العقبة، وحلق رأسه أو تقصيره، ثم طواف الإفاضة والسعي بعده إذا لم يكن قد سعى بعد طواف القدوم، ويلزمه ذبح هدي التمتع؛ لأنه جمع بين نسكين.
س227- إذا نويت الحج فقط فماذا يجب عليَّ؟
إذا نوى الحج فقط فإنه يعتبر مفردًا ويبقى على إحرامه حتى يؤدي مناسك الحج، لكن المفرد ليس عليه هدي، لأنه لم يجمع بين نسكين، وإنما نوى نسكًا واحدًا فقط، فليس عليه هدي واجب، والأحسن للقارن والمفرد أن يفسخ نية الإفراد ونية القران إلى نية التمتع، فإذا وصل إلى مكة فإنه يُحوَّل إحرامه إلى عمرة بأن يطوف ويسعى، ويقصر من رأسه ويحلل من إحرامه، فإذا كان يوم التروية، وهو اليوم الثامن أحرم بالحج وأدى مناسك الحج فيكون أدى العمرة أولاً، ثم بعد ذلك أدى الحج بعدها، ويكون عليه فدية، هذا هو الأفضل والأكمل، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر أصحابه الذين أحرموا معه ولم يسوقوا الهدي، أمرهم أن يحلوا من إحرامهم ويجعلوها عمرة (6)، فدل ذلك على استحباب فسخ نية الحج إلى العمرة، هذا هو الأفضل والأكمل.
س228- ذهبت إلى مكة المكرمة لأول مرة ولم أعمل عمرة ولم يكن عندي علم بأن ذلك حرام أو حلال، وكان ذهابي إلى مكة المكرمة عبارة عن زيارة لأحد أقاربي هناك، الرجاء أفيدوني ماذا أفعل جزاكم الله خيرًا؟
الحج والعمرة واجبان على المسلم المستطيع في العمر مرة واحدة، وما زاد عن ذلك فهو تطوع، وليس على المسلم شيء في دخوله إلى مكة بدون إحرام إذا لم يكن قاصدًا الحج أو العمرة، لكن من لم يسبق له أن حج أو اعتمر وجاء إلى مكة فإنه قد سنحت له الفرصة لأداء نسكه فيجب عليه المبادرة بذلك، وإذا لم يفعل فإنه يأثم ويبقى الواجب في ذمته.
س229- توجهت إلى مكة المكرمة بنية أداء العمرة وكان طريقي على ميقات أهل اليمن وحينما أردت الإحرام من الميقات لم أجد ماء أتوضأ أو أغتسل به، فتعديت الميقات وأحرمت من بعده بعد أن وجدت الماء، فهل عليَّ شيء في هذا؟ وهل يشترط التطهر للإحرام سواء بالوضوء أو بالاغتسال؟
إن التطهر للإحرام لا يشترط، وإنما يُستحب الاغتسال قبل الإحرام لإزالة العرق والأوساخ والروائح الكريهة إذا أمكن، أما إذا لم يمكن أو لم تجد ماء أو حتى لو وجدت ماء فليس هذا بواجب، ولا يجوز لإنسان أن يتجاوز الميقات بدون إحرام بحُجة أنه لم يجد ماء كحالتك التي ذكرت، فإنك أخطأت في هذا؛ فالواجب على من مر بالميقات وهو يريد الحج أو العمرة أن يحرم من الميقات ولا يتجاوزه بدون إحرام، وعدم وجود الماء ليس بعذر كما ذكرنا، وما فعلته بأنك تجاوزت الميقات وأحرمت بعده، فهذا خطأ، وقد تركت واجبًا من واجبات النسك فعليك فدية، فدية جبران، بأن تذبح شاة توزعها على فقراء الحرم، وإحرامك صحيح.
س230- يقول السائل: أتمنى في هذه السنة أن أؤدي فريضة الحج إن شاء الله، وحيال هذا الأمر كان لابد أن أقرأ عن فريضة الحج فبخصوص ميقات أهل العراق قرأت في كتاب أنه على الحاج المسافر إلى السعودية بالطائرة يجوز له أن يحرم من مدينة جدة ولما كنت أنوي زيارة قبر رسول الله صلى الله عليه وسلم فنويت الزيارة أولاً وأيضًا أحرم من ميقات أبيار علي، ولكن لو وصلت إلى جدة يوم الثامن والعشرين من ذي القعدة ولم أتمكن من الزيارة قبل الحج، فبهذا لا يصبح أمامي سوى الإحرام من جدة ومررت على ميقات الحديبية ولبَّيْتُ عندها وأنا متجه من جدة إلى مكة المكرمة فأعود مرة أخرى بشأن الكلام الذي قرأته في هذا الكتاب وهو أنه على من أراد الحج بالطائرة فعليه أن لا يتجاوز الميقات وهو أمام إحدى ثلاث: إما أن يحرم من بيته أو يحرم من المطار ( مطار بلد الحاج ) ، أو يحرم بالطائرة في الميقات أو موازيًا للميقات إن كان الأمر غير صعب.
وسؤالي هل لو أحرمت من الحديبية بعدما وصلت إلى مطار جدة أكون بذلك قد تجاوزت ميقات الإحرام؟ وماذا عليَّ فعله بعد ذلك؟ وإذا كان ذلك تجاوزًا للميقات فما هي الكفارة وما هي كيفية القضاء؟
من قدم في الطائرة يريد الحج فإنه يحرم إذا حاذى الميقات الذي يمر به في الجو في طريقه ولا مانع أن يتهيأ للإحرام قبل ركوب الطائرة ويعمل السنن التي تفعل قبل الإحرام من الاغتسال والتنظف والتطيب وإعداد الإنسان نفسه للإحرام، ثم إذا قارب الميقات فإنه يحرم من حذائه أو قبله بقليل احتياطًا ويتلبس بالنسك الذي يريد ولا يؤخر الإحرام إلى مطار جدة كما يتوهمه بعض الناس، فإن جدة ليست ميقاتًا إلا لأهلها ولمن نوى النسك منها، ولم يسبق له نيته قبل وصوله إليها.
وبمناسبة ما ذكرت من أنك تريد زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم، قبل الحج وتحرم من ميقات أهل المدينة إذا رجعت فهذا عمل جائز، فمن قدم إلى جدة وهو يريد الذهاب إلى المدينة فإنه يحرم من ميقات المدينة إذا رجع منها، ولكنك تذكر أن الزيارة تعذرت في هذا الوقت، وأنك لم يبق أمامك إلا الإحرام للحج، فالواجب في هذه الحالة عليك أن تحرم من المكان الذي عزمت على الذهاب إلى مكة منه، وهو جدة، أما تأخير الإحرام إلى الحديبية فهذا خطأ، لأن الواجب أن تحرم من المكان الذي عزمت على الذهاب إلى مكة منه ولا تؤخره إلى مكان آخر قريب من مكة فبتأخيرك للإحرام إلى الحديبية تكون قد أحرمت بعد الميقات بالنسبة لك، فعليك فدية وهي ذبح شاة توزعها على مساكين الحرم سواءً ذبحتها بنفسك أو وكلت من يذبحها عنك، وإذا كنت لا تستطيع الذبح ماليًّا فإنك تصوم عشرة أيام، لأنك تركت الإحرام من المكان الذي يجب عليك الإحرام منه وأخرته إلى مكان دونه مما يلي مكة، والزيارة التي يشرع السفر لها هي زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم لا زيارة قبره، فلا يجوز السفر بنية زيارة القبور لا قبره صلى الله عليه وسلم، ولا قبر غيره، فقولك: " كنت أنوي زيارة قبر الرسول صلى الله عليه وسلم " قول غير صحيح لقول النبي صلى الله عليه وسلم: ( لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا، والمسجد الأقصى ) [ رواه الإمام البخاري في " صحيحه " ( 2/56 ) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ] ، فالزيارة التي يسافر لها إنما تكون لأحد المساجد الثلاثة، أما القبور فإنها لا يسافر لأجل زيارتها لا قبور الأنبياء ولا غيرهم، وإنما تكون زيارة القبور بدون سفر، والقصد منها السلام على الميت والدعاء له والاستغفار له والاعتبار بأحوال الموتى هذا القصد من الزيارة الشرعية للقبور، وهذا حكمها أما أن يسافر لأجل قصد زيارة قبر من القبور سواء كان قبر نبي أو ولي أو غير ذلك، فهذا حرام؛ لأنه من وسائل الشرك، وقد نهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الوسائل التي تؤدي إلى الشرك وخص السفر لزيارة المساجد الثلاثة، وإذا زار مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم وصلى فيه فإنه يزور قبره تبعًا لذلك.


يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 112.89 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 111.17 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.53%)]