على شواطئ البركة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 959 - عددالزوار : 121277 )           »          الصلاة دواء الروح (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 20 )           »          أنين مسجد (4) وجوب صلاة الجماعة وأهميتها (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          عاشوراء بين ظهور الحق وزوال الباطل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          يكفي إهمالا يا أبي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          فتنة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          حفظ اللسان (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 16 )           »          التحذير من الغيبة والشائعات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          كيف ننشئ أولادنا على حب كتاب الله؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 23 )           »          قصة سيدنا موسى عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-03-2019, 08:50 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 157,460
الدولة : Egypt
افتراضي على شواطئ البركة

على شواطئ البركة

حسان أحمد العماري


الخطبة الأولى
الحمد لله الذي جعل الحمد مفتاحاً لذكره، وسبباً للمزيد من فضله، جعل لكل شيء قدراً، ولكل قدر أجلاً، ولكل أجل كتاباً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تزيد في اليقين، وتثقل الموازين، وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وصفيه وخليله، أمين وحيه، وخاتم رسله، وبشير رحمته، ونذير نقمته، بعثه بالنور المضي، والبرهان الجلي، فأظهر به الشرائع المجهولة، وقمع به البدع المدخولة، وبين به الأحكام المفصولة، صلى الله عليه، وعلى آله مصابيح الدجى، وأصحابه ينابيع الهدى، وسلم تسليما كثيراً أما بعد:-
عباد الله: - في زحمة الحياة وكثرة المتطلبات التي يسعى الإنسان لتأمينها لنفسه ولأهله وأولاده وللمجتمع من حوله والتي يعتقد أنها توفر له الراحة والطمأنينة والسعادة يجد كثير من الناس أنهم يعملون ويبذلون لأجل ذلك الوقت والجهد ويلقون لأجل ذلك المشقة والعناء ومع ذلك فإن الثمرة ضعيفة والنتيجة قد تكون في كثير من الأحيان مخيبةٌ للآمال.. وإن من الأسباب التي قد تؤدي إلى عدم انتفاع العبد بوقته وماله وأولاده وعمله وعبادته وعمله هو ذهاب البركة والخيرية وتوفيق الله منها.. فأين البركة في عبادتنا؟ ولماذا لا نجد أثرها في حياتنا؟ وأين الخشوع واللذة والطمأنينة فيها؟ وأين البركة في أوقاتنا؟ ساعات وأيام وشهور وسنوات تضيع في سفاسف الأمور.. وأين البركة في طعامنا.. يأكل الإنسان من أصناف الطعام ما لذ وطاب ومع ذلك يشعر بالجوع ويتكلم عن أعداد الوجبات ويطلب الزيادة من وقت لآخر؟ وأين البركة في بيوتنا وأولادنا.. أليس هناك عشرات المشاكل في البيوت ومع الأولاد وأين ثمرة التربية؟ وأين البركة في الأموال؟ وأين بركة العلم ونحن نسمع ونقرأ عن علماء المسلمينوما قدموه للدنيا من علوم واختراعات في جميع نواحي الحياة؟ قال الشافعي: حفظت القرآن وأنا ابن سبع سنين، وحفظت الموطأ وأنا ابن عشر سنين.. والإمام ابن الجوزي هو تلميذ ابن عقيل، يقول سبطه أبو المظفر عنه: سمعته يقول على المنبر في آخر عمره: كتبت بأصبعي هاتين ألفي مجلد، وتاب على يدي مائة ألف، وأسلم على يدي عشرون ألف يهودي ونصراني- وهذا من التحدث بالنعم.. هذا الطبيب الرائد ابن النفيس صنف كتاباً في الطب سماه: (الشامل)، يقول فيه التاج السبكي: لو تم لكان ثلاثمائة مجلد، تم منه ثمانون مجلداً، وكان -فيما يذكر- يملي تصانيفه من ذهنه... فكيف تم له ذلك؟ ومن أين له هذه المنزلة؟! لقد كان - رحمه الله - تعالى- إذا أراد التصنيف توضع له الأقلام مبرية، ويدير وجهه إلى الحائط، ويأخذ في التصنيف إملاءً من خاطره، ويكتب مثل السيل إذا انحدر، فإذا كلّ القلم وحفي فليس عنده وقت يبري القلم، وإنما يرمي القلم ويتناول غيره؛ لئلا يضيع زمانه في بري القلم... واليوم يقرأ الطالب ما يقارب عشرين عاماً حتى يتخرج من الجامعة وربما يدرس الدكتوراه فتجد ثمرة العلم ضعيفة وبسيط مقابل هذه السنوات الطوال... وأين بركة الراتب والدخل الشهريالذي ما أن يستلمه الموظف أو العامل فينتهي خلال ثلاثة أيام أو أقل ثم تبدأ مرحلة الديون؟ وأين بركة الكلمة وأين أثرها في حياتنا؟ وأين بركة ملايين هذه الأمة وأين بركة جيوشها وأسلحتها واليهود يعربدون في المقدسات ويستبيحون الأرض والعرض دون تقوم غضباً لله... وأين بركة العمر... يُعمر أحدنا ثلاثين إلى أربعين سنة إلى خمسين وستين وسبعين وثمانين فتنظر إلى انجازاته وأعماله فلا تجد فيها عمل له أثر على المجتمع والأمة والدين وانظروا جعفر بن أبي طالب - رضي الله عنه - وبركة العمر قضي نحوا من إحدى عشرة سنةً في المنفى في الحبشة لم يأخذ أثنائها إجازة عرضية ولا مرضية ولا اضطرارية، بقيَ إحدى عشرة سنةً متواصلةً يعاني ألم الغربة ولوعة البعاد كلُ ذلك في ذات الله حتى إذا حانت الفرصةُ عاد في السنةِ السابعةِ للهجرة... عاد في السنة التي فتح فيها النبي - صلى الله عليه وسلم - ففرح فرحاً شديداً حتى قال صلى الله - صلى الله عليه وسلم -: ((لا أدري بأيهما أفرح بفتح خيبر أم بقدوم جعفر)) ولكن بما كافأ النبيُ - صلى الله عليه وسلم - هذا القادَمَ المولعَ بالغربة والبعاد، الذي أعطى للدين عشر سنواتً من الغربة لوعة وأساً، بما كافأه؟ هل أصدر مرسوماً كريماً بتعيينه أميراً على البلدة الفلانية؟ أم أصدر أمره السامي بتعيين المخصصات التالية: أولا قصر، ثانيا مخصصات شهرية منتظمة. هل اصدر أوامره بأن يمنح جعفر إجازة لبقية العمر فقد قدم ما عليه، وأدا للدين ما يكفي تقديمه؟ كلا، فقد كافأه مكافأة من نوع آخر. ؟ كافأه بأن أتاح له الفرصةً مرة أخرى ليقدم عملاً عظيماً لهذه الأمة.. فإذا به يعين في منصب النائب الأول للقائد الأعلى للقوات المسلحة المتوجهة إلى مؤته ويذهب حفيا بهذا المنصب، فرحا بفرصة المشاركة للعمل للدين، فحياته كلها أوقفت لله.. ليس فيها يوم يسمى إجازة من العمل للإسلام ويحدث له هناك العجب! يقتل القائد الجيش زيد ابن حارثة فتتحول المسؤولية إليه، فينزل عن فرسه فيعقرها فكان أول عقر في الإسلام ثم يتقدم والراية في يمناه، ينشد نشيد الداخل في الجنة:
يا حبذا الجنة واقترابها *** طيبة وبارد شرابها
والروم روم قد دنى عذابها *** علي إن لاقيتها ضرابها
فتقطع يده اليمنى، فيتلقف الراية باليد اليسرى، فتقطع فيحتضنها بيديه، تنوشه الرماح، تقطعه السيوف، تضربه السهام، وكل ذلك وهو صابر لتبقى الراية مرفوعة.. مات شهيداً وأكرمه الله بجناحين يطير بهما في الجنة أينما شاء.. أليست هذه بركة العمر فكل هذه العظمة وكل هذه التضحيات وهذا السمو في أقل من عشرين سنة أو أقل ومع ذلك وإن الأجيال ستذكره عظمته وبره وعمله إلى يوم القيامة مع ما يدخره الله له من أجرٍ وثواب، فالإنسان قد يكون مباركٌ بعمله وصلاحه فالرّسُل مبارَكون بأعمالهم الصّالحةِ ودَعوتهم إلى الخيرِ والهدَى، قال عيسَى - عليه السلام -: (وَجَعَلَنِى مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِى بِٱلصَّلَوٰةِ وَٱلزَّكَوٰةِ مَا دُمْتُ حَيًّا) [مريم: 31]. ونوحٌ - عليه السلام - أُهبِط ببركاتٍ من الله: (قِيلَ يٰنُوحُ ٱهْبِطْ بِسَلَٰمٍ مّنَّا وَبَركَٰتٍ عَلَيْكَ وَعَلَىٰ أُمَمٍ مّمَّن مَّعَكَ) [هود: 48] وألقَى الله البركةَ على إبراهيمَ وآله، قالَ - تعالى-: (وَبَشَّرْنَٰهُ بِإِسْحَٰقَ نَبِيًّا مّنَ ٱلصَّٰلِحِينَ وَبَٰرَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَىٰ إِسْحَٰقَ) [الصافات: 112، 113) وبارَك في إبراهيم وأهلِ بيته، قال - عز وجل -: (رَحْمَتُ ٱللَّهِ وَبَرَكَٰتُهُ عَلَيْكُمْ أَهْلَ ٱلْبَيْتِ إِنَّهُ حَمِيدٌ مَّجِيدٌ) [هود: 73]، ودعَا نبيّنا - صلى الله عليه وسلم - ربَّه بالبركَة في العطاءِ في قولِه (( وبارِك لي فيما أعطيتَ )) رواه الترمذي (464)
عباد الله: - إن من يتفكر ويتدبر في هذا كله وينظر إلى شرائع الدين وأحكامه يجد أن الأعمال والجهود والأعمار والأموال لا يكتب لها الخيرية ولا ينتفع بها الناس مهما كان حجمها وكثرتها ما لم تحل فيها البركة من الله - سبحانه وتعالى – القائل: (فَأَمَّا الزَّبَدُ فَيَذْهَبُ جُفَاء وَأَمَّا مَا يَنفَعُ النَّاسَ فَيَمْكُثُ فِى الأرْضِ) [الرعد: 17] وكلُّ شيءٍ لا يكونُ لله فبركتُه منزوعَة، وهو - سبحانه- الذي يُبارِك وحدَه، والبركةُ كلُّها مِنه، ويباركُ فيمن شاءَ من خلقِه، قال - جل وعلا -: (وَتَبَارَكَ الذي لَهُ مُلْكُ السَّمَاواتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَعِندَهُ عِلْمُ السَّاعَةِ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [الزخرف: 85]. وكلُّ ما نُسِب إليه فهو مبارَك، واسمه - تعالى- مباركٌ تُنال معه البركة، قال - عز وجل -: (تَبَارَكَ اسْمُ رَبّكَ ذِى الْجَلَالِ وَالإِكْرَامِ) [الرحمن: 78] والله - جل وعلا - برحمته يأتي بالخيرات، وبفضله يضاعِف البركات، وليسَت سَعةُ الرّزق والعملِ بكثرته، ولا زيادةُ العمر بتعاقُب الشهور والأعوام، ولكن سعةُ الرزقِ والعمُر بالبركة فيه، وإذا أراد الله بعبدٍ خيراً بارك له في رزقه وكتب له الخير فيما أولاه من النعم والبركة في الأموال، والبركة في العيال، والبركة في الشؤون والأحوال.. فما أحوجنا إلى بركة الله في أعمارنا وأولادنا وأعمالنا وحياتنا كلها... ما أحوجنا إلى هذه البركة نسبح في شواطئها ونغترف من خيرها ونتلذذ بطعمها في زمن ضعف فيه الإيمان وقست فيه القلوب وضاقت فيه النفوس وتكدر العيش وإن أول الطرق لكي يستجلبالعبد والمجتمع والأمة بركة الله هي التقوى قال - تعالى -: (ولو أن أهل القرى آمنوا واتقوا، لفتحنا عليهم بركات من السماء والأرض) الأعراف / 96) فالتقوى تجلب بركة العمر وبركة الرزق ولذة العبادة والطاعة والأنس بالخالق - سبحانه وتعالى - قال بعض الصالحين لقيت غلاماًفي طريق مكة يمشي وحده، فقلت: أما معك مؤنس؟ قال: بلى، قلت: أين هو: قال: هو أمامي وخلفي وعن يميني وعن شمالي ومن فوقي قلت: أما معك زاد؟ قال: بلى. قلت: أين هو؟ قال: الإخلاص والتوحيد والإيمان والتوكل. قلت: هل لك في مرافقتي؟ قال: الرفيق يشغل عن الله، ولا أحب أن أرافق من يشغلني عنه طرفة عين. قلت: أما تستوحش في هذه البرية؟ قال: إن الأُنس بالله قطع عني كل وحشة، فلو كنت بين السباع ما خفتها... قلت: ادعُ لي، قال: حجب الله طرفك عن كل معصية، وألهم قلبك التفكير فيما يرضيه، قلت: أين ألقاك؟ قال: أما في الدنيا فلا تحدث نفسك بلقائي، وأما في الآخرة فإنها مجمع المتقين، وقد اشتاقت نفسي فإن طلبتني هناك فاطلبنيفي زمرة الناظرين إلى الله - عز وجل -... قلت: وكيف علمت؟ قال: بغضً الطرف له عن كل محرًم، واجتنابي في كل منكر ومأثم، وقد سألته أن يجعل جنتي النظر إليه، ثم صاح وأقبل يسعى، حتى غاب عن بصري... وذكر الله ولزوم الإستغفار باب يستجلب منه العبد البركة والرزق والخير الوفير قال - تعالى -: (فقلت استغفروا ربكم إنه كان غفارا * يرسل السماء عليكم مدرارا * ويمددكم بأموال وبنين ويجعل لكم جنات ويجعل لكم أنهارا) [نوح: 10-12].
وتستجلب البركة بحب النبي - صلى الله عليه وسلم - وإتباعه فيحصل العبد بهذا الإتباع على حب الله وتوفيقه قال - تعالى -: (قُلْ إِن كُنتُمْ تُحِبُّونَ اللّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ) (آل عمران/31).. وأخبر - سبحانه - أن من أطاع الرسول - حصلت له الهداية التامة قال - تعالى -: (وإن تطيعوه تهتدوا) [النور: 54].. وحذر - سبحانه وتعالى - من مخالفة نبيه - صلى الله عليه وسلم – فقال: (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [النور: 63].. فحب النبي وإتباع هديه بركة على الفرد والمجتمع والأمة.. وتعود البركة إلى حياتنا بتلاوة كتاب الله وتطبيقةفي واقعنا يقول الله- تبارك وتعالى -: (وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ) (الأنعام: 92) فالقرآن جعله الله بركة من خلال إتباع تعاليمه وقراءته وتحكيمه... والبيوت التي يتلى فيها القرآن تحل فيها البركة والأجساد التي يتلوا أصحابها القرآن تحل في حياتهم البركة والأمة التي تقرأ القرآن أمة مباركة قال - تعالى -(وَهَذَا كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ مُبَارَكٌ فَاتَّبِعُوهُ وَاتَّقُوا لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)(الأنعام: 155) وسورَةُ البقرة سورَة مبارَكة، مأمورٌ بتعلّمها وتلاوتها قالَ - عليه الصلاة والسلام -: ((تعلَّموا سورةَ البقرةِ، فإنّ أخذَها برَكَة، وتركَها حَسرة، ولا تستطيعُها البطَلَة)) أي: السّحرة. رواه أحمد ومسلم في الصلاة (804)].
أيها المؤمنون: - والتزام الصدق في السلوك والمعاملة وفي البيع والشراء والبعد عن الغش بين أفراد المجتمع يجلب البركة قال - صلى الله عليه وسلم -: ((البيِّعان بالخِيار ما لم يتَفرّقا، فإن صدَقا وبيَّنا بُورِك لهما في بيعِهما، وإن كذبا وكتَما مُحِقَت بركة بيعِهما))(متفق عليه) فكم من أموال لا يكتب لها القبول وكم من صفقات تتلاشى وتضمحل وتنتهي ولا يستفاد منها لعدم حلول البركة فيها.. ولحرصِ الإسلامِ على الأسرةِ وحلولِ البركةِفيها وعليها مِن أوّل نشأتها شُرِع الدّعاء للزوجين بالبركة عندَ النكاح، يقول أبو هريرةَ - رضي الله عنه -: كانَ النبيّ إذا رفّأ الإنسانَ إذا تزوّج قالَ له: ((بارَك الله لك، وبارك عليك، وجمَع بينكما في خير)) رواه الترمذي وقال: "حسن صحيح"[1091]. وأوفرُ الزَّوجاتِ بركةً ما قلّت المؤونةُفي نكاحها، والزواجُ السّعيد ما صاحَبَه اليسرُ والتّسهيلُ، يقول المصطَفى -صلى الله عليه وسلم-: ((أعظمُ النّساءِ بركةً أيسرُهنّ مؤونة)) رواه أحمد (6/145) وصححه الحاكم (2/ 178)، ووافقه الذهبي، وإذا دَخل ربُّ الأسرةِ دارَه شُرِع بإفشاءُ السلامعلى أهله رجاءَ البركة، يقول أنَس - رضي الله عنه -: قال لي رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((يا بنيّ، إذا دخلتَ على أهلِك فسلّم، تكُن بركةً عليكَ وعلى أهلِ بيتك)) رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح (2698) من منا يدخل بيته ويسلم على زوجته وأولاده لتحل البركة على ذلك البيت؟ وسَعة الرِّزق وبركةُ العمُر في صِلةِ الرحِم، يقول - صلى الله عليه وسلم -: ((مَن أحبَّ أن يُبسَط له في رِزقه ويُنسَأ له أثرِه فليصِل رحمه)) رواه البخاري (5986).. والبركةُ يتحرّاها العَبدُ في مَأكلِه في يومِه وليلتِه، فالطّعامُ المبارَك ما أكلتَه ممّا يليك، وتجنّبتَ الأكلَ من وسطِ الصحفَة أو الإناء، وذكرتَ اسمَ الله عليه، قال - عليه الصلاة والسلام -: ((البركةُ تنزل وسطَ الطّعام، فكُلوا من حافتيه، ولا تأكلوا من وَسطه)) رواه الترمذي وقال: "حديث حسن صحيح"(1805) وأمَر رسول الله بلَعقِ الأصَابعِ والصّحفة بعدَ الفراغ من الطعام رجاءَ البركة، وقال: ((إنّكم لا تَدرون في أيِّها البركَة)) رواه مسلم 2033) وفي الاجتماعِ على الطعام بركة، وفي التفرّق نزعٌ لها، يقولُ وحشيّ بنُ حرب: قالوا: يا رسولَ الله، إنّا نأكُل ولا نشبع، قال: ((فلعلّكم تفترِقون))، قالوا: نعَم، قال: ((فاجتمِعوا على طعامِكم، واذكُروا اسم الله، يبارَك لكم فيه)) رواه أبو داود السلسلة الصحيحة (664).
اللهم بارك لنا فيما رزقتنا وأعطيت قلتُ ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم فاستغفروه
الخطبة الثانية:
عباد الله: - وخير الصُّحبةِ صُحبةُ الإنسان الصالح فإن فيها بركة العمر والوقت والدنيا والآخرة، قال - تعالى-: (الأخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو إلا المتقين) وأزكى المجالسِ وأوفرها بركة مجالسُ الذّكر، تحضرُها الملائكة، ويُغفَر لجليسها، وتصعد الملائكة إلى السماء لترفع تقريرها ((فتقول الملائكة لربّها: فيهم فلانٌ ليسَ مِنهم، وإنما جاءَ لحاجةٍ، قال: همُ الجلساءُ لا يشقَى بهم جليسُهم)) البخاري (6408) فهذا مِن بركَتهم على نفوسِهم وعلى جليسهم، وتحل البركة على المجتمع والوطن والأرض بالصلاح وبنشر الخير وقول كلمة الحق والعدل والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والتآلف والأخوة بين أفراد المجتمع وتأملوا سفينة المجتمع وكيف صورها النبي - صلى الله عليه وسلم - وجعل القيام بفريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر سبباً للنجاة وحلول البركة وانتشار الخير فقال: (( مثل القائم في حدود الله والواقع فيها كمثل قوم استهموا على سفينة، فصار بعضهم أعلاها وبعضهم أسفلها، وكان الذين في أسفلها إذا استقوا من الماء مروا على من فوقهم، فقالوا: لو أنا خرقنا في نصيبنا خرقاً ولم نؤذ من فوقنا، فإن تركوهم وما أرادوا هلكوا جميعاً، وإن أخذوا على أيديهم نجوا ونجوا جميعاً)) [رواه البخاري]....
فاللهم إنا نسالك بركة العمر وبركة العمل وبركة المال والولد وبركة الحياة الدنيا والآخرة... ثم اعلموا أن الله- تبارك وتعالى -قال قولاً كريماً تنبيهاً لكم وتعليماً وتشريفاً لقدر نبيه وتعظيماً: ( إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]، اللهم صل وسلم وبارك على سيدنا محمد، وعلى آله وأصحابه وخلفائه الراشدين، الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون، أبي بكر وعمر وعثمان وعلى، وارض اللهم عن بقية الصحابة والقرابة وتابعيهم بإحسان إلى يوم الدين، وعنا معهم بمنك وفضلك يا أرحم الراحمين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 80.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 78.87 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (2.13%)]