فتاوى الحج من مجموع فتاوى ابن تيمية (4-6) - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         التوازن بين حاجات الروح ومطالب الجسد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 55 )           »          احتفال المسلمين بالكريسماس تأييد للعقائد المنحرفة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          قوانين الأسباب والمسببات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 31 )           »          شرفُ نفسِك علوُّ همّتك! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 49 )           »          الهوى وما أدراك ما الهوى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          الإسلام ونظرته إلى الكيف لا إلى الكم (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 37 )           »          النوم عبادة في عادة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 1 - عددالزوار : 19 )           »          كيف تنطق بالحكمة؟ (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 45 )           »          حد العبادة! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 36 )           »          عظمة تُحيط بك من كل جانب! (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 57 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام > ملتقى الحج والعمرة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحج والعمرة ملتقى يختص بمناسك واحكام الحج والعمرة , من آداب وأدعية وزيارة

 
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
Prev المشاركة السابقة   المشاركة التالية Next
  #1  
قديم 12-03-2019, 05:51 AM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم متصل الآن
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 168,490
الدولة : Egypt
افتراضي فتاوى الحج من مجموع فتاوى ابن تيمية (4-6)



فتاوى الحج من مجموع فتاوى ابن تيمية (4-6)

إدارة الملتقى الفقهي

فتاوى الحج من مجموع فتاوى ابن تيمية (4-6)
وَسُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ طَوَافِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ وَالْمُحْدِثِ .

فَأَجَابَ: ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: {الْحَائِضُ تَقْضِي الْمَنَاسِكَ كُلَّهَا إلَّا الطَّوَافَ بِالْبَيْتِ }. {وقال لِعَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - اصْنَعِي مَا يَصْنَعُ الْحَاجُّ غَيْرَ أَنْ لَا تَطُوفِي بِالْبَيْتِ }. وَلَمَّا {قِيلَ لَهُ عَنْ صَفِيَّةَ أَنَّهَا حَاضَتْ. فَقَالَ: أَحَابِسَتُنَا هِيَ فَقِيلَ لَهُ: إنَّهَا قَدْ أَفَاضَتْ قَالَ: فَلَا إذًا} وَصَحَّ {عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ بَعَثَ أَبَا بَكْرٍ عَامَ تِسْعٍ لَمَّا أَمَّرَهُ عَلَى الْمَوْسِمِ يُنَادِي: أَنْ لَا يَطُوفَ بِالْبَيْتِ عريان } وَلَمْ يَنْقُلْ أَحَدٌ عَنْهُ أَنَّهُ أَمَرَ الطَّائِفِينَ بِالْوُضُوءِ وَلَا بِاجْتِنَابِ النَّجَاسَةِ كَمَا أَمَرَ الْمُصَلِّينَ بِالْوُضُوءِ. فَنَهْيُهُ الْحَائِضَ عَنْ الطَّوَافِ بِالْبَيْتِ إمَّا أَنْ يَكُونَ لِأَجْلِ الْمَسْجِدِ لِكَوْنِهَا مَنْهِيَّةً عَنْ اللُّبْثِ فِيهِ وَفِي الطَّوَافِ لُبْثٌ أَوْ عَنْ الدُّخُولِ إلَيْهِ مُطْلَقًا لِمُرُورِ أَوْ لُبْثٍ وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِكَوْنِ الطَّوَافِ نَفْسِهِ يَحْرُمُ مَعَ الْحَيْضِ كَمَا يَحْرُمُ عَلَى الْحَائِضِ الصَّلَاةُ وَالصِّيَامُ بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاعِ؛ وَمَسُّ الْمُصْحَفِ عِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ وَكَذَلِكَ قِرَاءَةُ الْقُرْآنِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ. وَاَلَّذِينَ حَرَّمُوا عَلَيْهَا الْقِرَاءَةَ كَأَحْمَدَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ وَكَذَلِكَ الشَّافِعِيِّ مَعَ أَبِي حَنِيفَةَ تَنَازَعُوا فِي إبَاحَةِ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ لَهَا وَلِلنُّفَسَاءِ قَبْلَ الْغُسْلِ وَبَعْدَ انْقِطَاعِ الدَّمِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: إبَاحَتُهَا لِلْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ وَهُوَ اخْتِيَارُ الْقَاضِي أَبِي يَعْلَى وَقَالَ هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ أَحْمَد. وَالثَّانِي: مَنْعُ الْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ. وَالثَّالِثُ: إبَاحَتُهَا لِلنُّفَسَاءِ دُونَ الْحَائِضِ. اخْتَارَهُ الْخَلَّالُ مِنْ أَصْحَابِ أَحْمَد فَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِكُلِّ مِنْهُمَا وَإِمَّا أَنْ يَكُونَ لِمَجْمُوعِهِمَ ا بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَحْرُمْ فَإِنْ كَانَ تَحْرِيمُهُ لِلْأَوَّلِ لَمْ يَحْرُمْ عَلَيْهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ فَإِنَّ لُبْثَهَا فِي الْمَسْجِدِ لِضَرُورَةِ جَائِزٌ كَمَا لَوْ خَافَتْ مَنْ يَقْتُلُهَا إذَا لَمْ تَدْخُلْ الْمَسْجِدَ أَوْ كَانَ الْبَرْدُ شَدِيدًا أَوْ لَيْسَ لَهَا مَأْوًى إلَّا الْمَسْجِدَ. وَقَدْ ثَبَتَ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ وَغَيْرِهِ {عن عَائِشَةَ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا - أَنَّهَا قَالَتْ: قَالَ لِي رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ نَاوِلِينِي الْخُمْرَةَ مِنْ الْمَسْجِدِ فَقُلْت: إنِّي حَائِضٌ قَالَ: إنَّ حَيْضَتَك لَيْسَتْ فِي يَدِك }. {وعن مَيْمُونَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَتْ: كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَضَعُ رَأْسَهُ فِي حِجْرِ إحْدَانَا يَتْلُو الْقُرْآنَ وَهِيَ حَائِضٌ وَتَقُومُ إحْدَانَا بِخُمْرَتِهِ إلَى الْمَسْجِدِ فَتَبْسُطُهَا وَهِيَ حَائِضٌ } رَوَاهُ النسائي. وَقَدْ رَوَى أَبُو داود مِنْ حَدِيثِ عَائِشَةَ {عنه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ: لَا أُحِلُّ الْمَسْجِدَ لِجُنُبِ وَلَا حَائِضٍ } رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهُ مِنْ حَدِيثِ أُمِّ سَلَمَةَ وَقَدْ تَكَلَّمَ فِي هَذَيْنِ الْحَدِيثَيْنِ. وَلِهَذَا ذَهَبَ أَكْثَرُ الْعُلَمَاءِ كَالشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد وَغَيْرِهِمَا إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُرُورِ وَاللُّبْثِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَحَادِيثِ وَمِنْهُمْ مَنْ مَنَعَهَا مِنْ اللُّبْثِ وَالْمُرُورِ كَأَبِي حَنِيفَةَ وَمَالِكٍ. وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يُحَرِّمْ الْمَسْجِدَ عَلَيْهَا وَقَدْ يَسْتَدِلُّونَ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا جُنُبًا إلَّا عَابِرِي سَبِيلٍ }. وَأَبَاحَ أَحْمَد وَغَيْرُهُ اللُّبْثَ لِمَنْ يَتَوَضَّأُ؛ لِمَا رَوَاهُ هُوَ وَغَيْرُهُ عَنْ عَطَاءِ بْنِ يَسَارٍ قَالَ: " رَأَيْت رِجَالًا مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَجْلِسُونَ فِي الْمَسْجِدِ وَهُمْ مُجْنِبُونَ إذَا تَوَضَّئُوا وُضُوءَ الصَّلَاةِ " وَذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ أَنَّ الْمَسْجِدَ بَيْتُ الْمَلَائِكَةِ وَالْمَلَائِكَة ُ لَا تَدْخُلُ بَيْتًا فِيهِ جُنُبٌ كَمَا جَاءَ ذَلِكَ فِي السُّنَنِ عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِهَذَا نَهَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُنُبَ أَنْ يَنَامَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وَرَوَى يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ قَالَ: أَخْبَرَنِي أَبِي {عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا كَانَتْ تَقُولُ: إذَا أَصَابَ أَحَدُكُمْ الْمَرْأَةَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَنَامَ فَلَا يَنَامُ حَتَّى يَتَوَضَّأَ وُضُوءَهُ لِلصَّلَاةِ فَإِنَّهُ لَا يَدْرِي لَعَلَّ نَفْسَهُ تُصَابُ فِي نَوْمِهِ. وَفِي حَدِيثٍ آخَرَ فَإِنَّهُ إذَا مَاتَ لَمْ تَشْهَدْ الْمَلَائِكَةُ جِنَازَتَهُ } وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْجُنُبَ بِالْوُضُوءِ عِنْدَ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالْمُعَاوَدَة ِ وَهَذَا دَلِيلٌ أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ ذَهَبَتْ الْجَنَابَةُ عَنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ فَلَا تَبْقَى جَنَابَتُهُ تَامَّةً وَإِنْ كَانَ قَدْ بَقِيَ عَلَيْهِ بَعْضُ الْحَدَثِ كَمَا أَنَّ الْمُحْدِثَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ عَلَيْهِ حَدَثٌ دُونَ الْجَنَابَةِ وَإِنْ كَانَ حَدَثُهُ فَوْقَ الْحَدَثِ الْأَصْغَرِ فَهُوَ دُونُ الْجُنُبِ فَلَا تَمْتَنِعُ الْمَلَائِكَةُ عَنْ شُهُودِهِ فَلِهَذَا يَنَامُ وَيَلْبَثُ فِي الْمَسْجِدِ. وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْجَنَابَةَ تَتَبَعَّضُ فَتَزُولُ عَنْ بَعْضِ الْبَدَنِ دُونَ بَعْضٍ كَمَا عَلَيْهِ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ. وَأَمَّا الْحَائِضُ فَحَدَثُهَا دَائِمٌ لَا يُمْكِنُهَا طَهَارَةٌ تَمْنَعُهَا عَنْ الدَّوَامِ فَهِيَ مَعْذُورَةٌ فِي مُكْثِهَا وَنَوْمِهَا وَأَكْلِهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ فَلَا تُمْنَعُ مِمَّا يُمْنَعُ مِنْهُ الْجُنُبُ مَعَ حَاجَتِهَا إلَيْهِ وَلِهَذَا كَانَ أَظْهَرُ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ أَنَّهَا لَا تُمْنَعُ مِنْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ إذَا احْتَاجَتْ إلَيْهِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ وَأَحَدُ الْقَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَيَذْكُرُ رِوَايَةً عَنْ أَحْمَد فَإِنَّهَا مُحْتَاجَةٌ إلَيْهَا وَلَا يُمْكِنُهَا الطَّهَارَةُ كَمَا يُمْكِنُ الْجُنُبَ وَإِنْ كَانَ حَدَثُهَا أَغْلَظَ مِنْ حَدَثِ الْجُنُبِ مِنْ جِهَةِ أَنَّهَا لَا تَصُومُ مَا لَمْ يَنْقَطِعْ الدَّمُ وَالْجُنُبُ يَصُومُ وَمِنْ جِهَةِ أَنَّهَا مَمْنُوعَةٌ مِنْ الصَّلَاةِ طَهُرَتْ أَوْ لَمْ تَطْهُرْ وَيُمْنَعُ الرَّجُلُ مِنْ وَطْئِهَا أَيْضًا فَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُقْتَضِيَ لِلْحَظْرِ فِي حَقِّهَا أَقْوَى لَكِنْ إذَا احْتَاجَتْ إلَى الْفِعْلِ اسْتَبَاحَتْ الْمَحْظُورَ مَعَ قِيَامِ سَبَبِ الْحَظْرِ؛ لِأَجْلِ الضَّرُورَةِ. كَمَا يُبَاحُ سَائِرُ الْمُحَرَّمَاتِ مَعَ الضَّرُورَةِ: مِنْ الدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ وَإِنْ كَانَ مَا هُوَ دُونَهَا فِي التَّحْرِيمِ لَا يُبَاحُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ: كَلُبْسِ الْحَرِيرِ وَالشُّرْبِ فِي آنِيَةِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَنَحْوِ ذَلِكَ. وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ مَعَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ وَمَعَ النَّجَاسَةِ فِي الْبَدَنِ وَالثَّوْبِ هِيَ مُحَرَّمَةٌ أَغْلَظُ مِنْ غَيْرِهَا وَتُبَاحُ بَلْ تَجِبُ مَعَ الْحَاجَةِ وَغَيْرِهَا وَإِنْ كَانَ دُونَهَا فِي التَّحْرِيمِ كَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ مَعَ عَدَمِ الْحَاجَةِ لَا تُبَاحُ. وَإِذَا قُدِّرَ جُنُبٌ اسْتَمَرَّتْ بِهِ الْجَنَابَةُ وَهُوَ لَا يَقْدِرُ عَلَى غُسْلٍ أَوْ تَيَمُّمٍ فَهَذَا كَالْحَائِضِ فِي الرُّخْصَةِ وَإِنْ كَانَ هَذَا نَادِرًا وَقَدْ أَمَرَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْحُيَّضَ أَنْ يَخْرُجْنَ فِي الْعِيدِ وَيَشْهَدْنَ الْخَيْرَ وَدَعْوَةَ الْمُسْلِمِينَ وَيُكَبِّرْنَ بِتَكْبِيرِ النَّاسِ. وَكَذَلِكَ الْحَائِضُ وَالنُّفَسَاءُ أَمَرَهُمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْإِحْرَامِ وَالتَّلْبِيَةِ وَمَا فِيهِمَا مِنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَشُهُودِهِمَا عَرَفَةَ مَعَ الذِّكْرِ وَالدُّعَاءِ وَرَمْيِ الْجِمَارِ مَعَ ذِكْرِ اللَّهِ وَغَيْرِ ذَلِكَ وَلَا يُكْرَهُ لَهَا ذَلِكَ بَلْ يَجِبُ عَلَيْهَا وَالْجُنُبُ يُكْرَهُ لَهُ ذَلِكَ حَتَّى يَغْتَسِلَ لِأَنَّهُ قَادِرٌ عَلَى الطَّهَارَةِ بِخِلَافِ الْحَائِضِ. فَهَذَا أَصْلٌ عَظِيمٌ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ وَنَوْعِهَا لَا يَنْبَغِي أَنْ يُنْظَرَ إلَى غِلَظِ الْمَفْسَدَةِ الْمُقْتَضِيَةِ لِلْحَظْرِ إلَّا وَيُنْظَرُ مَعَ ذَلِكَ إلَى الْحَاجَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْإِذْنِ؛ بَلْ الْمُوجِبَةِ لِلِاسْتِحْبَاب ِ أَوْ الْإِيجَابِ. وَكُلُّ مَا يَحْرُمُ مَعَهُ الصَّلَاةُ يَجِبُ مَعَهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ إذَا لَمْ تُمْكِنْ الصَّلَاةُ إلَّا كَذَلِكَ فَإِنَّ الصَّلَاةَ مَعَ تِلْكَ الْأُمُورِ أَخَفُّ مِنْ تَرْكِ الصَّلَاةِ فَلَوْ صَلَّى بِتَيَمُّمِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ لَكَانَتْ الصَّلَاةُ مُحَرَّمَةً وَمَعَ عَجْزِهِ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ كَانَتْ الصَّلَاةُ بِالتَّيَمُّمِ وَاجِبَةً بِالْوَقْتِ وَكَذَلِكَ الصَّلَاةُ عريانا وَإِلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ وَمَعَ حُصُولِ النَّجَاسَةِ وَبِدُونِ الْقِرَاءَةِ، وَصَلَاةُ الْفَرْضِ قَاعِدًا أَوْ بِدُونِ إكْمَالِ الرُّكُوعِ وَالسُّجُودِ وَأَمْثَالِ ذَلِكَ مِمَّا يَحْرُمُ مَعَ الْقُدْرَةِ وَيَجِبُ مَعَ الْعَجْزِ. وَكَذَلِكَ أَكْلُ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ: يَحْرُمُ أَكْلُهَا عِنْدَ الْغِنَى عَنْهَا وَيَجِبُ أَكْلُهَا عِنْدَ الضَّرُورَةِ عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ. قَالَ مَسْرُوقٌ: مَنْ اُضْطُرَّ فَلَمْ يَأْكُلْ حَتَّى مَاتَ دَخَلَ النَّارَ. وَذَلِكَ لِأَنَّهُ أَعَانَ عَلَى قَتْلِ نَفْسِهِ بِتَرْكِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ مِنْ الْأَكْلِ الْمُبَاحِ لَهُ فِي هَذِهِ الْحَالِ فَصَارَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِخِلَافِ الْمُجَاهِدِ بِالنَّفْسِ وَمَنْ تَكَلَّمَ بِحَقِّ عِنْدَ سُلْطَانٍ جَائِرٍ فَإِنَّ ذَلِكَ قُتِلَ مُجَاهِدًا فَفِي قَتْلِهِ مُصْلِحَةٌ لِدِينِ اللَّهِ تَعَالَى. وَتَعْلِيلُ مَنْعِ طَوَافِ الْحَائِضِ: بِأَنَّهُ لِأَجْلِ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ رَأَيْته يُعَلِّلُ بِهِ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ فَإِنَّ مَذْهَبَ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الطِّهَارَةَ وَاجِبَةٌ لَهُ لَا فَرْضَ فِيهِ وَلَا شَرْطَ لَهُ وَلَكِنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ يُنَاسِبُ الْقَوْلَ بِأَنَّ طَوَافَ الْمُحْدِثِ غَيْرُ مُحَرَّمٍ وَهَذَا مَذْهَبُ مَنْصُورِ بْنِ الْمُعْتَمِرِ وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ رَوَاهُ أَحْمَد عَنْهُمَا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ فِي مَنَاسِكِهِ: حَدَّثَنِي أَبِي حَدَّثَنَا سَهْلُ بْنُ يُوسُفَ أَنْبَأَنَا شُعْبَةُ عَنْ حَمَّادٍ وَمَنْصُورٍ قَالَ: سَأَلْتهمَا عَنْ الرَّجُلِ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَهُوَ غَيْرُ مُتَوَضِّئٍ فَلَمْ يَرَيَا بِهِ بَأْسًا. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: سَأَلْت أَبِي عَنْ ذَلِكَ فَقَالَ: أَحَبُّ إلَيَّ أَنْ يَطُوفَ بِالْبَيْتِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ؛ لِأَنَّ الطَّوَافَ صَلَاةٌ وَأَحْمَد عَنْهُ رِوَايَتَانِ مَنْصُوصَتَانِ فِي الطَّهَارَةِ: هَلْ هِيَ شَرْطٌ فِي الطَّوَافِ ؟ أَمْ لَا ؟ وَكَذَلِكَ وُجُوبُ الطَّهَارَةِ فِي الطَّوَافِ كَلَامُهُ فِيهَا يَقْتَضِي رِوَايَتَيْنِ. وَكَذَلِكَ قَالَ بَعْضُ الْحَنَفِيَّةِ: إنَّ الطَّهَارَةَ لَيْسَتْ وَاجِبَةً فِي الطَّوَافِ بَلْ سَنَةٌ مَعَ قَوْلِهِ: إنَّ فِي تَرْكِهَا دَمًا فَمَنْ قَالَ: إنْ الْمُحْدِثَ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَطُوفَ بِخِلَافِ الْحَائِضِ وَالْجُنُبِ - فَإِنَّهُ يُمْكِنُهُ تَعْلِيلُ الْمَنْعِ بِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ لَا بِخُصُوصِ الطَّوَافِ لِأَنَّ الطَّوَافَ؛ يُبَاحُ فِيهِ الْكَلَامُ وَالْأَكْلُ وَالشُّرْبُ فَلَا يَكُونُ كَالصَّلَاةِ وَلِأَنَّ الصَّلَاةَ مِفْتَاحُهَا الطَّهُورُ وَتَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ وَالطَّوَافُ لَيْسَ كَذَلِكَ. وَيَقُولُ: إنَّمَا مُنِعَ الْعُرَاةُ مِنْ ذَلِكَ لِأَجْلِ نَظَرِ النَّاسِ وَلِحُرْمَةِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا. وَمَنْ قَالَ هَذَا قَالَ: الْمَطَافُ أَشْرَفُ الْمَسَاجِدِ وَلَا يَكَادُ يَخْلُو مِنْ طَائِفٍ. وَقَدْ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {خُذُوا زِينَتَكُمْ عِنْدَ كُلِّ مَسْجِدٍ } فَأَمَرَ بِأَخْذِهَا عِنْدَ دُخُولِ الْمَسْجِدِ وَهَذَا بِخِلَافِ الصَّلَاةِ فَإِنَّ الْمُصَلِّيَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْتَتِرَ لِنَفْسِ الصَّلَاةِ وَالصَّلَاةُ تُفْعَلُ فِي جَمِيعِ الْبِقَاعِ فَلَوْ صَلَّى وَحْدَهُ فِي بَيْتٍ مُظْلِمٍ لَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَفْعَلَ مَا أُمِرَ بِهِ مِنْ السَّتْرِ لِلصَّلَاةِ بِخِلَافِ الطَّوَافِ فَإِنَّهُ يُشْتَرَطُ فِيهِ الْمَسْجِدُ الْحَرَامُ وَالِاعْتِكَافُ يُشْتَرَطُ فِيهِ جِنْسُ الْمَسَاجِدِ. وَعَلَى قَوْلِ هَؤُلَاءِ فَلَا يَحْرُمُ طَوَافُ الْجُنُبِ وَالْحَائِضِ إذَا اُضْطُرَّ إلَى ذَلِكَ كَمَا لَا يَحْرُمُ عِنْدَهُمْ الطَّوَافُ عَلَى الْمُحْدِثِ بِحَالِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِمَا دُخُولُ الْمَسْجِدِ حِينَئِذٍ وَهُمَا إذَا كَانَا مُضْطَرَّيْنِ إلَى ذَلِكَ أَوْلَى بِالْجَوَازِ مِنْ الْمُحْدِثِ الَّذِي يُجَوِّزُونَ لَهُ الطَّوَافَ مَعَ الْحَدَثِ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُحْدِثَ مُنِعَ مِنْ الصَّلَاةِ وَمَسِّ الْمُصْحَفِ مَعَ قُدْرَتِهِ عَلَى الطِّهَارَةِ وَذَلِكَ جَائِزٌ لِلْجُنُبِ مَعَ التَّيَمُّمِ وَإِذَا عَجَزَ عَنْ التَّيَمُّمِ صَلَّى بِلَا غَسْلٍ وَلَا تَيَمُّمٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الْمَشْهُورُ فِي مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ أَنَّ الصَّحَابَةَ صَلَّوْا مَعَ الْجَنَابَةِ قَبْلَ أَنْ تَنْزِلَ آيَةُ التَّيَمُّمِ. وَالْحَائِضُ نُهِيَتْ عَنْ الصَّوْمِ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ مُحْتَاجَةً إلَى الصَّوْمِ فِي الْحَيْضِ فَإِنَّهُ يُمْكِنُهَا أَنْ تَصُومَ شَهْرًا آخَرَ غَيْرَ رَمَضَانَ فَإِذَا كَانَ الْمُسَافِرُ وَالْمَرِيضُ مَعَ إمْكَانِ صَوْمِهِمَا جُعِلَ لَهُمَا أَنْ يَصُومَا شَهْرًا آخَرَ فَالْحَائِضُ الْمَمْنُوعَةُ مِنْ ذَلِكَ أَوْلَى أَنْ تَصُومَ شَهْرًا آخَرَ وَإِذَا أُمِرَتْ بِقَضَاءِ الصَّوْمِ لَمْ تُؤْمَرْ إلَّا بِشَهْرِ وَاحِدٍ فَلَمْ يَجِبْ عَلَيْهَا إلَّا مَا يَجِبُ عَلَى غَيْرِهَا؛ وَلِهَذَا لَوْ اسْتَحَاضَتْ فَإِنَّهَا تَصُومُ مَعَ الِاسْتِحَاضَةِ فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ إذْ قَدْ تَسْتَحِيضُ وَقْتَ الْقَضَاءِ. وَأَمَّا الصَّلَاةُ فَإِنَّهَا تَتَكَرَّرُ فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ مَرَّاتٍ وَالْحَيْضُ مِمَّا يَمْنَعُ الصَّلَاةَ فَلَوْ قِيلَ: إنَّهَا تُصَلِّي مَعَ الْحَيْضِ لِأَجْلِ الْحَاجَةِ لَمْ يَكُنْ الْحَيْضُ مَانِعًا مِنْ الصَّلَاةِ بِحَالِ وَكَانَ يَكُونُ الصَّوْمُ وَالطَّوَافُ بِالْبَيْتِ أَعْظَمَ حُرْمَةً مِنْ الصَّلَاةِ وَلَيْسَ الْأَمْرُ كَذَلِكَ بَلْ كَانَ مِنْ حُرْمَةِ الصَّلَاةِ أَنَّهَا لَا تُصَلِّي وَقْتَ الْحَيْضِ إذَا كَانَ لَهَا فِي الصَّلَاةِ أَوْقَاتَ الطُّهْرِ غنية عَنْ الصَّلَاةِ وَقْتَ الْحَيْضِ وَإِذَا كَانَتْ إنَّمَا مُنِعَتْ مِنْ الطَّوَافِ لِأَجْلِ الْمَسْجِدِ فَمَعْلُومٌ أَنَّ إبَاحَةَ ذَلِكَ لِلْعُذْرِ أَوْلَى مِنْ إبَاحَةِ مَسِّ الْمُصْحَفِ لِلْعُذْرِ وَلَوْ كَانَ لَهَا مُصْحَفٌ وَلَمْ يُمْكِنْهَا حِفْظُهُ إلَّا بِمَسِّهِ مِثْلَ أَنْ يُرِيدَ أَنْ يَأْخُذَهُ لِصٌّ أَوْ كَافِرٌ أَوْ يَنْهَبَهُ أَحَدٌ أَوْ يَتَّهِبَهُ مِنْهَا وَلَمْ يُمْكِنْهَا مَنْعُهُ إلَّا بِمَسِّهِ لَكَانَ ذَلِكَ جَائِزًا لَهَا مَعَ أَنَّ الْمُحْدِثَ لَا يَمَسُّ الْمُصْحَفَ وَيَجُوزُ لَهُ الدُّخُولُ فِي الْمَسْجِدِ. فَعَلِمَ أَنَّ حُرْمَةَ الْمُصْحَفِ أَعْظَمُ مِنْ حُرْمَةِ الْمَسْجِدِ وَإِذَا أُبِيحَ لَهَا مَسُّ الْمُصْحَفِ لِلْحَاجَةِ فَالْمَسْجِدُ الَّذِي حُرْمَتُهُ دُونَ حُرْمَةِ الْمُصْحَفِ أَوْلَى بِالْإِبَاحَةِ .
******
يتبع
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
 


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 152.91 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 151.19 كيلو بايت... تم توفير 1.72 كيلو بايت...بمعدل (1.13%)]