
10-03-2019, 04:37 AM
|
 |
قلم ذهبي مميز
|
|
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 154,486
الدولة :
|
|
فتــــور
فتــــور
بدرية الغنيم
عندما تسمو الأهداف يسري في الجسد حماس لا ينطفئ، ونشاط لا يخبو؛ لأن الأهداف السامية ترقى بك في درجات الهمة العالية والرفعة درجةً درجة، وتجعلك دائماً تتطلع إلى الأعلى. فحينما يضطلع الداعية بهم الدعوة ويكون هدفه الأسمى رضا الله؛ فإن نشاطه وحماسه لا يخبو، وسيجد في نفسه شعوراً بالتقصير تجاه الدعوة يدفعه إلى استنفار كل طاقاته وإمكاناته المادية والمعنوية، فتجده يجود بماله وبدمه وبوقته في سبيل الدعوة إلى الله، متدرعاً بالصبر، مبتغياً ما عند الله، غير آبه ولا مكترث لما قد يحدث له أو ما قد يفوته من حظوظ الدنيا، تجده في عمله في غاية السعادة بالرغم من الصعاب أو العوائق والمثبطات التي تواجهه في ليله ونهاره، والتي قد تجعله أحياناً حبيساً، أو تكبل دعوته وتقطع وسائلها. بل تكون تلك الصعاب شاحذة لهمته وحماسه، ولا يعرف الملل ولا الإدلال بالعمل إليه طريقاً. ويظل نور ذلك الهدف السامي يبعث في جوانحه أملا في بلوغ الخير للناس وإن طال الزمن، محسناً الظن بالله.. {وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ..} [يوسف:87].
أما ذلك الصنف من الذين أحبوا الدعوة ومنحوها كثيراً من إمكاناتهم، ثم بعد فترة بدأ الفتور يدب في أوصالهم، وضعفت الهمة، وفقد الحماس للدعوة.. فهل كانت أهدافهم سامية، أم أن سلوك طريق الدعوة كان يحقق لهم بعض الشعور بالرضا.. أي أنهم يبحثون عن أنفسهم من خلال العمل للدعوة؟!
فهذا الصنف يدب الملل إلى أوصاله إن لم يجد ما كان يحلم به أو ما كان ينتظره من الناس، أو إن عرضت له بعض المثبطات، أو شعر بما يهدد أسباب معيشته أو راحته، أو إذا تعرض للنقد؛ لأنه باحث عن نفسه في كل حركاته، بالرغم من أنه يشعر في نفسه أنه يخدم الدعوة.. لكن إحساسه بمصلحته أعظم من شعوره تجاه الدعوة! فتضيع جهوده التي يعتقدها للدعوة في ثنايا البحث عن مصلحته الشخصية.
فلا غرابة أن يرى التخاذل بعد الجهد والعمل؛ لأن الهدف هو وقود النشاط، فكلما كان الهدف سامياً كان وقود العمل متجددا ولا ينضب، وكذلك كلما كان الهدف دنيوياً فإن الوقود سوف يكون زائفاً؛ فلا يستمر الحماس، ويذبل العمل، ويقف السائر على درب الدعوة في الطريق.. إن لم تصحح الأهداف والنوايا..
{إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ.. } [الرعد:11].
__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟ فبكى رحمه الله ثم قال : أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.
|