صفات الرجال في القران والسنة - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         حدث في مثل هذا اليوم ميلادي ... (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4911 - عددالزوار : 1953168 )           »          إشــــــــــــراقة وإضــــــــــــاءة (متجدد باذن الله ) (اخر مشاركة : أبــو أحمد - عددالردود : 4483 - عددالزوار : 1258020 )           »          منهاج السنة النبوية ( لابن تيمية الحراني )**** متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 510 - عددالزوار : 125178 )           »          شرح سنن أبي داود للعباد (عبد المحسن العباد) متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 593 - عددالزوار : 199680 )           »          المرور بين يدي المصلي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 30 )           »          نصيحة لمن ترك الجمعة والجماعة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          الزيادة في الصلاة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 24 )           »          تفسير القرآن الكريم ***متجدد إن شاء الله (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 3093 - عددالزوار : 353562 )           »          تحريم الخوف دون الطبيعي من غير الله تبارك وتعالى (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 40 )           »          الصدقات تطفئ غضب الرب (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 41 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 24-02-2019, 11:47 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,393
الدولة : Egypt
افتراضي صفات الرجال في القران والسنة

صفات الرجال في القران والسنة 1
أمير بن محمد المدري


الخطبة الأولى
الحمد لله مُستحقِ الحمد بلا انقطاع، ومستوجبِ الشكر بأقصى ما يستطاع، الوهابُ المنان، الرحيم الرحمن، المدعو بكل لسان، المرجو للعفو والإحسان، الذي لا خير إلا منه، ولا فضل إلا من لدنه.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الجميل العوائد، الجزيل الفوائد، أكرم مسؤول، وأعظم مأمول، عالم الغيوب مفرّج الكروب، مجيب دعوة المضطر المكروب. وأشهد أن سيدنا محمداً عبده ورسوله، وحبيبه وخليله، الوافي عهده، الصادق وعده، ذو الأخلاق الطاهرة، المؤيّد بالمعجزات الظاهرة، والبراهين الباهرة. صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه وتابعيه وأحزابه، صلاة تشرق إشراق البدور.
عباد الله:
اتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والعلن وتمسكوا بما شرع الله لكم من الدين القويم، وأعلموا أن طاعة الله فيها السلامة والنجاة وفيها الرفعة والعزة، وإياكم والمعاصي فإنها توجب اليم العقاب ووبيل العذاب.
( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ ) [آل عمران: 102].
( يا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1].
سنقف وإياكم مع الرجال والرجولة.
نتكلم عن الرجال والرجولة في زمنٍ فقدت الأمة أخلاق الرجولة، وصرنا نرى أشباه الرجال ولا رجال، غثاءً كغثاء السيل. أو كما قال الشاعر:
يثقلون الأرض من كثرتهم *** ثم لا يُغنون في أمر جلل.
نتكلم عن الرجال والرجولة في زمنٍٍ صدق فينا قول القائل: (( يا له من دين لو كان معه رجال)).
نتكلم عن الرجال والرجولة، والأمة اليوم بحاجة إلى رجال يحملون الدين وهمّ الدين ويسعون جادّين لخدمة دينهم وأوطانهم شعارهم قوله - تعالى-: ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) [الأحزاب: 23].
اللهم اجعلنا منهم يا رب العالمين.
عباد الله: أختلف الناس في تفسير معنى الرجولة فمنهم من يفسرها بالقوة والشجاعة، ومنهم من يفسرها بالزعامة والقيادة والحزم، ومنهم يفسر الرجولة بالكرم وتضييف الضيوف، ومنهم يقيسها بمدى تحصيل المال والاشتغال بجمعه، ومنهم من يظنها حمية وعصبيةً جهلاء، ومنهم من يفسرها ببذل الجاه والشفاعة وتخليص مهام الناس بأي الطرق كانت...
لكن الرجولة بمفهومها الصحيح ومعناها الحقيقي هو ما ذكره الله- تبارك وتعالى- في ثنايا كتابه الذي: ( لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ ) [فصلت: 42].
عباد الله: لا بد أن نعلم أن هناك فرقٌ بين الرجل والذكر، فكل رجل ذكر، وليس كل ذكر رجل، ما أكثر الذكور لكن الرجال منهم قليل، ولقد جاءت كلمة «ذكر» في القرآن الكريم غالباً في المواطن الدنيوية التي يجتمع فيها الجميع، مثل الخلق وتوزيع الإرث وما أشبه ذلك، أما كلمة رجل فتأتي في المواطن الخاصة التي يحبها الله - تعالى-، ولذلك كان رسل الله إلى الناس كلهم رجال قال - تعالى-: ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلَّا رِجَالًا ) [يوسف: 109].
عباد الله: الرجولة هي تحمُّلُ المسئولية في الذب عن التوحيد، والنصح في الله، والدفاع عن أولياء الله قال الله - تعالى-: ( وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ فَاخْرُجْ إِنِّي لَكَ مِنَ النَّاصِحِينَ ) [القصص: 20]. ما جعله يأتي من أقاصي المدينة، وما جاء يمشي بل جاء يسعى لماذا؟ دفاعاً عن أولياء الله والدعاة إلى الله، إنها الرجولة الحقة بكل معانيها.
الرجولة: قوةٌ في القول، وصدعٌ بالحق، كلمة حق عند سلطان جائر، قال الله - تعالى-: ( وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ أَتَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَقَدْ جَاءَكُمْ بِالْبَيِّنَاتِ مِنْ رَبِّكُمْ ) [غافر: 28].
الرجولة:
صمودٌ أمام الملهيات، واستعلاء على المغريات، حذراً من يوم عصيب يشيب فيه الولدان وتتبدل الأرض غير الأرض والسماوات، قال الله - تعالى-: ( رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ ) [النور: 37].
الرجولة: رأيٌ سديد، وكلمة طيبة، ومروءةٌ وشهامةٌ، وتعاون وتضامن.
الرجولة: ليست هي تطويل الشوارب ورفع الصوت والصياح وليست عرض للقوة والعضلات.
عباد الله: إن الرجال: لن يتربوا إلا في ظلال العقائد الراسخة، والفضائل الثابتة، والأخلاق الحسنة.
الرجال: لن يتربوا إلا في ظلال بيوت الله، في ظلال القران والسنة النبوية.
الرجال هم الذين يَصدُقون في عهودهم، ويوفون بوعودهم، ويثبتون على الطريق، قال الله - تعالى-: ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا ) [الأحزاب: 23].
الرجال: لا يُقاسون بضخامة أجسادهم وبهاء صورهم، وقوة أجسامهم فعن علي بن أبي طالب قال: " أمر النبي - صلى الله عليه وسلم - ابن مسعود فصعد على شجرةٍ أمره أن يأتيه منها بشيء فنظر أصحابه إلى ساق عبد الله بن مسعود حين صعد الشجرة فضحكوا من دقة ساقيه، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: ((أتعجبون من دقّة ساقيه؟! إنّهما أثقل في الميزان من جبل أحد)) [رواه أحمد وصححه ابن حبان].
الرجال: هم الذين يعلمون علم اليقين أن حال الأمة لا يمكن تغييره إلا بصلاح الأفراد وإيجاد الرجال، قال - تعالى -: ( إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ ) [الرعد: 11].
عباد الله: عند الأزمات تشتد الحاجة لوجودالرجال الحقيقيين، عند الفتن نحتاج إلى رجال يثبتون على الحق ويدافعون عن الحق ولا يخافون في الله لومة لائم.
يقول الله - تعالى-: ( قَالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنتُمْ مُؤْمِنِينَ ) [المائدة: 23].
حاصر خالد بن الوليد «الحيرة» فطلب من أبي بكر مدداً، فما أمده إلا برجل واحد هو القعقاع بن عمرو التميمي وقال: لا يهزم جيش فيه مثله، وكان يقول: لصوت القعقاع في الجيش خيرٌ من ألف مقاتل!
ولما طلب عمرو بن العاص المدد من أمير المؤمنين عمر بن الخطاب في فتح مصر كتب إليه: " أما بعد: فإني أمددتك بأربعة آلاف رجل، على كل ألف: رجل منهم مقام الألف: الزبير بن العوام، والمقداد بن عمرو، وعبادة بن الصامت، ومسلمة بن مخلد".
عباد الله: إن خير ما تقوم به دولة لشعبها، وأعظم ما يقوم عليه منهج تعليمي، وأفضل ما تتعاون عليه أدوات التوجيه كلها من صحافة وإذاعة، ومسجد ومدرسة، هو صناعة هذه الرجولة، وتربية هذا الطراز من الرجال.
أيها المسلمون نحتاج إلى الرجال الذين يثبتون وسط الأزمات التي تعصف بالمسلمين، الأزماتوالفتن التي تجعل الحليم حيراناً، نحتاج إلى رجال يبصرون الناس بالدين، إلى رجاليكونون قدوة للناس، إلى رجال يُثبِّتُون الناس على شرعالله.
في دار من دور المدينة المباركة جلس عمر بن الخطاب ا إلى جماعة من أصحابه فقال لهم: تمنوا؛ فقال أحدهم: أتمنى لو أن هذه الدار مملوءةٌ ذهباً أنفقه في سبيل الله، ثم قال عمر: تمنوا، فقال رجل آخر: أتمنى لو أنها مملوءة لؤلؤاً وزبرجداً وجوهراً أنفقه في سبيل الله وأتصدق به، ثم قال: تمنوا، فقالوا: ما ندري ما نقول يا أمير المؤمنين؟ فقال عمر: ولكني أتمنى رجالاً مثلَ أبي عبيدة بنِ الجراح، ومعاذِ بنِ جبلٍ، وسالمٍ مولى أبي حذيفة، فأستعين بهم على إعلاء كلمة الله.
رحم الله عمر الملهم، لقد كان خبيراً بما تقوم به الحضارات الحقة، وتنهض به الرسالات الكبيرة، وتحيا به الأمم الهامدة. إنهم الرجال أقوياء الإيمان أقوياء العزائم فهم أعز من كل معدن نفيس، وأغلى من كل جوهر ثمين.
إن القوة ليست بحد السلاح بقدر ما هي في قلب الجندي، والتربية ليست في صفحات الكتاب بقدر ما هي في روح المعلم.
عباد الله: بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه انه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين نحمده - تعالى - ونشكره ونثني عليه الخير كله، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
أيها المسلمون ميزان الرجال في شريعة الإسلام ليس المال وليس الجاه وليس المنصب إنما الأعمال الفاضلة والأخلاق الحسنة والإيمان القوي، مرّ رجلٌ على رسول الله - صلى الله عليه وسلم - فقال: (( ما تقولون في هذا؟)) قالوا: هذا حريٌ إن خَطَب أن يُنْكح، وإن شَفَع أن يُشَفّع، وإن قال أن يُسْتمع له. قال: ثم سكت، فمر رجل من فقراء المسلمين فقال: (( ما تقولون في هذا؟)) قالوا: هذا حريٌ إن خَطَب أن لا يُنْكح، وإن شَفَع أن لا يُشَفّع، وإن قال أن لا يُسْتمع له، فقال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( هذا خيرٌ من ملء الأرض من مثل هذا)) [صحيح البخاري «6447»].
عنوان الرجولة تتجلى في محمد - صلى الله عليه وسلم - الذي علم الرجال وربى الرجال وهو الذي قال: (( والله لو وضعوا الشمس في يميني والقمر في يساري على أن اترك هذا الأمر حتى يظهره الله أو اهلك فيه ما تركته))[سيرة ابن هشام 1/150]..
عباد الله: دعونا وإياكم نبحر ونغوص في كتاب الله - عز وجل - لنرى الرجولة في القرآن الكريم.
لقد ذكر الله الرجولة في القرآن الكريم في أكثر من خمسين موضعًا.
- أول صفة من صفات الرجال وعلامة من علامات الرجولة في القرآن الطهارة بشقيها الظاهرة والباطنة قال - تعالى-: ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108].
قول الله - تعالى-: ( لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ) [التوبة: 108]أُسس على التقوى، أُسس على التوحيد، أسس على العقيدة الصحيحة لوجه الله ( مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ) [التوبة: 108]أحق أن تقوم فيه يا محمد من مسجد الضرار الذي بناه المنافقون.
ما هي صفاته الأخرى؟ ما هي أهم صفة من صفاته؟ ( فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108]
أين مكان أولئك الرجال؟! أين مكانهم؟! هل هم في الأندية أو في الحفلات؟! هل هم في الأسواق يمرحون ويسرحون؟! هل هم في المجتمعات الفارغة التي تُفْرِغ الرجولة من معانيها؟! كلا أيها المسلمون ( فِيهِ رِجَالٌ) [التوبة: 108]في هذا المسجد رجال.
( رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَنْ يَتَطَهَّرُوا) [التوبة: 108] يأتون إلى المسجد على طهارة، والله يحب هؤلاء الرجال الذين من صفتهم الطهارة ظاهراً بالنظافة والنقاء والمحافظة على الوضوء والطهارة الباطنة من أدران المعاصي والحقد والحسد والبغضاء ( وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ) [التوبة: 108]. فلنكن عباد الله: طاهرين في أقوالنا وأفعالنا.
- الصفة الثانية من صفات الرجولة في القرآن: الصدق مع الله والثبات على المنهج الرباني: فمن صفات الرجال: أنهم يثبتون على المنهج الرباني الذي أنزله الله عزوجل قال الله عزوجل مادحاً صنفاً من أصناف الرجال: ( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ) [الأحزاب: 23]، عاهدوا الله ثم صدقوا في الوعد، صدقوا ما عاهدوا الله على هذا المنهج، استمروا عليه، تشبثوا به، وساروا غير مضطربين ولا متحيرين، لا تعيقهم العوائق، ولا تقف أمامهم الصعوبات ولا الشهوات، ولا الشبهات التي يثيرها أعداء الإسلام.
( مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ) [الأحزاب: 23] ومات على هذا المنهج شهيداً عاملاً لمنهج الله -عز وجل-.
( فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) [الأحزاب: 23]ينتظر أن يتوفاه الله على حسن الختام؛ ليموت على هذا المنهاج غير مغيّر ولا مبدل.
قال الله –عز وجل-: ( وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 23]ما بدلوا ولا غيروا ولا انحرفوا، بل هم مستقيمون على هذا المنهاج، ينتظرون أمر الله - تعالى-أن يتوفاهم وهم سائرون على هذا الدرب مستقيمون عليه، لا يلوُون على شيء إلا مرضاة ربهم –عز وجل-.
فالله الله في الصدق معه، فإنه بقدر صدقك يمنحك الله الثبات في الأقوال والأفعال والتصرفات، ويحرسك - بعين رعايته.
جاء رجل من الأعراب إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فآمن به واتبعه ثم قال: (( أُهاجر معك، فأوصى به النبي - صلى الله عليه وسلم - بعض أصحابه أن يعلموه))، فالذي أسلم حديثاً يلتقي بالقديم، الجديد مع القديم يأخذ معه ويتربى عنه، هناك تعليم واهتمام بالأفراد، فقد كان النبي - عليه الصلاة والسلام - يهتم بأصحابه: (( فلما كانت غزوةٌ، غنم النبي - صلى الله عليه وسلم - سبياً، فقسم وقسم له -لهذا الأعرابي- أعطى أصحابه ما قسم له - يعني: أمرهم أن يوصلوا نصيبه إليه- فجاءوا به إليه، فقال: ما هذا؟ قالوا: قسمٌ قسمه لك النبي - صلى الله عليه وسلم -، فأخذه وجاء به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال له: ما هذا؟ قال - صلى الله عليه وسلم -: قسمته لك، قال: ما على هذا اتبعتك، ولكني اتبعتك على أن أرمى بسهم هاهنا -وأشار إلى حلقه- فأموت وأدخل الجنة -لا غنائم، ولا أموال- فقال: « إن تصدق الله؛ يصدقك»، فلبثوا قليلاً، ثم نهضوا في قتال العدو، فأتي به إلى النبي - صلى الله عليه وسلم - يحمل وقد أصابه سهمٌ حيث أشار، فقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: أهو هو؟ قالوا: نعم، قال - صلى الله عليه وسلم -: صدق الله فصدقه، ثم كفنه النبي - صلى الله عليه وسلم - في جبته ثم قدمه فصلى عليه، فكان فيما ظهر من صلاته: «اللهم إن هذا عبدك خرج مهاجراً في سبيلك، فقتل شهيداً أنا شهيدٌ على ذلك)) [رواه النسائي وهو حديث صحيح].
قال - صلى الله عليه وسلم -: (( من سأل الله الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء ولو مات على فراشه)) [رواه مسلم]
حج عمر - رضي الله عنه- وأرضاه في آخر حياته وقف في الأبطح ورفع يديه، وقال: " اللهم انتشرت رعيتي، ورق عظمي، ودنا أجلي، فاقبضني إليك غير مفرطٍ ولا مفتون، اللهم إني أسألك شهادةً في سبيلك وموتة في بلد رسولك - صلى الله عليه وسلم –" ، فقال له الصحابة: يا أمير المؤمنين! إن من يطلب الشهادة يخرج إلى الثغور، فقال: " هكذا سألت واسأل الله أن يلبي لي ما سألت".
فلمّا وصل إلى المدينة طُعن في صلاة الفجر، وفي أحسن وقت، وفي أجلَّ مقام، وفي أحسن مكان، طُعن بعدما صلَّى الركعة الأولى ودخل في الثانية بيدٍ غادرة فاجرة، فوقع يقول: " حسبي الله، لا إله إلا هو عليه توكلت وهو رب العرش العظيم"، وعلم أنها الشهادة التي سألها اوأرضاه، فلما وضع في بيته، وضعوا رأسه على وسادة فقال لابنه: " انزع الوسادة من تحت رأسي وضع رأسي على التراب علَّ الله أن يرحمني".
اللهم اجعل خير أعمارنا أواخرها وخير أعمالنا خواتمها، هذاوصلوا - عباد الله: - على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: ( إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً ) [الأحزاب: 56].
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.


__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 24-02-2019, 11:48 PM
الصورة الرمزية ابوالوليد المسلم
ابوالوليد المسلم ابوالوليد المسلم غير متصل
قلم ذهبي مميز
 
تاريخ التسجيل: Feb 2019
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 155,393
الدولة : Egypt
افتراضي رد: صفات الرجال في القران والسنة

صفات الرجال في القران والسنة 2
أمير بن محمد المدري

الخطبة الأولى
الحمد لله رب العالمين ولي الصالحين والعاقبة للمتقين ولا عدوان إلا على الظالمين.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، كل شيءٍ قائمٌ به وكل شيءٍ خاضعٌ له، غنى كل فقير، وقوة كل ضعيف، ومفزع كل ملهوف من تكلم سمع نطقه ومن سكت علم سره، ومن عاش فعليه رزقه ومن مات فإليه منقلبه، كل ملكٍ غيره مملوك، وكل قويٍ غيره ضعيف، وكل غنيٍ غيره فقير.
وأشهد أن سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.
أما بعد:
فأوصيكم - أيها الناس- ونفسي بتقوى الله -عز وجل- القائل: (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ) [البقرة: 281] اتقوا يومًا الوقوف فيه طويل والحساب فيه ثقيل.
عباد الله:
لا زلنا وإياكم مع الرجال وصفات الرجال.
مع الرجولة وسمات الرجولة.
مع الرجال الذين تُبنى بهم الحضارات وتُشيد بهم الانجازات، الرجال الذين يحبهم الله ويحبهم رسول - صلى الله عليه وسلم -.
عباد الله: إن الرجولة ليست في انقلاب الموازين وانتكاس الفطر والمفاهيم فعن أبي هريرة - رضي الله عنه- قال: قال رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: (( إنها ستأتي على الناس سنون خدّاعة، يصدق فيها الكاذب، ويكذب فيها الصادق، ويؤتمن فيها الخائن، ويخون فيها الأمين، وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة؟ قال: السفيه يتكلم في أمر العامة)) [رواه أحمد وحسنه الألباني في السلسلة الصحيحة «1887»]
الرجولة ليست في شدة الصرعة وظلم الآخرين والاستطالة على الضعفاء يقول - صلى الله عليه وسلم -: (( ليس الشديد بالصرعة، إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب)) [متفق عليه].
ولا زلنا وإياكم مع صفات الرجال في القرآن.
- الصفة الأولى للرجال: الطهارة الظاهرة والباطنة: قال - تعالى-: (لَمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أَوَّلِ يَوْمٍ أَحَقُّ أَنْ تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ) [التوبة: 108].
- والصفة الثانية: الصدق مع الله والثبات على دين الله قال - تعالى -: (مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا) [الأحزاب: 23]..
- الصفة الثالثة للرجال: إيثار الآخرة على الدنيا: قال - تعالى-: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) [النور: 36-37]
فالرجال هم أهل المساجد، المعلّقة قلوبهم بالمساجد، - الذين جعلوا الدنيا في أيديهم والآخرة في قلوبهم قرأوا قول الله - تعالى-: (لا تُلْهِكُمْ أَمْوَالُكُمْ وَلا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمْ الْخَاسِرُونَ) [المنافقون: 9].
فعلموا أن الأموال قد تُلهي عن طاعة الله والزوجة والأولاد قد يُلهيان عن طاعة الله، ولذا يقول - تعالى -: (فِي بُيُوتٍ) [النور: 36] أي: مساجد.
(فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ) [النور: 36] شاء الله أن ترفع.
(وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ) [النور: 36] اسمه -عز وجل- وحده لا شريك له.
(يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) [النور: 36] أين الفاعل؟! مَن الذي يُسبح؟! (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ) [النور: 36] غُدوةً وأصيلاً، مَن الذي يُسبح؟! مَن في هذه المساجد يُسبِّح الله -عز وجل-؟! (يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) [النور: 36-37]: مَن في هذا المسجد؟! إنهم رجالٌ، ثم جاءت بقية الصفات.
قال ابن كثير - رحمه الله -: "قوله: (رِجَالٌ): فيه إشعار بِهِمَمِهِم السامية، ونياتهم وعزائمهم العالية، التي بها صاروا عمَّاراً للمساجد التي هي بيوت الله في أرضه".
(يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ) يسبحون الله في المساجد، وما هي صفاتهم الأخرى؟ قال الله - تعالى-: (لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْمًا تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ) [النور: 37].
أيها المسلمون: هؤلاء هم الرجال الذين لم تلههم تجارة ولا بيع عن أي شيء؟ عن ذكر الله، وإقام الصلاة.
قال بعض السلف - رحمه الله -: يبيعون ويشترون -هؤلاء الرجال- يبيعون ويشترون؛ ولكن كان أحدهم إذا سمع النداء وميزانه في يده خفضه، وأقبل إلى الصلاة.
مر عمرو بن دينار - رحمه الله- ومعه سالم بن عبد الله، قال: كنت مع سالم بن عبد الله ونحن نريد المسجد، فمررنا بسوق المدينة، وقد قاموا إلى الصلاة، وخَمَّروا متاعهم، فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد، لم يجلسوا أمامها ليحرسوها، أو لينظروا فيها، أو أغلقوا الدكاكين وقعدوا على الرصيف في الطريق ينتظرون متى تنتهي الصلاة حتى يكون كل واحد منهم أول من يفتح الدكان، تركوا أمتعتهم في الشارع، وغطوها في السوق، وذهبوا إلى المسجد فنظر سالم إلى أمتعتهم ليس معها أحد، فتلا هذا الآية: (رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ) [النور: 37]، ثم قال: هم هؤلاء الذين عنى الله بقوله في هذه الآية، هؤلاء الذين قدَّموا مراد الله على مراد أنفسهم، وآثروا طاعة الله على المتاع الدنيوي الزائل، آثروا الاستجابة لهذا النداء العلوي الرباني: حي على الصلاة، حي على الفلاح، على نداء الجشع والطمع الذي يثيره الشيطان، والنفس الأمارة بالسوء.
أيها المسلمون: كم من الرجال اليوم يقعدون في محلاتهم ودكاكينهم، أو يدخُلون ربما بيوتهم ويتركون نداء الله، يتركون المسجد، لا يجيبون داعي الله إليه، لماذا أيها الإخوة؟! هل يُسَمَّى هؤلاء رجالاً؟! كلا.
إنهم أشباه الرجال ولا رجال.
الرجولة أن لا تشغلك الدنيا عن الآخرة كان رسول الله - عليه الصلاة والسلام - يخطب على المنبر، فجاءت عير، فخرج الأصحاب ولم يبق إلا اثني عشر، فقال - عليه الصلاة والسلام -: (( والله لو تتابعتم فلم يبق منكم أحد، لسال بكم الوادي ناراً))، وأنزل الله قوله - تعالى-: (وَإِذَا رَأَوْا تِجَارَةً أَوْ لَهْوًا انفَضُّوا إِلَيْهَا وَتَرَكُوكَ قَائِمًا قُلْ مَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ مِنَ اللَّهْوِ وَمِنَ التِّجَارَةِ وَاللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ) [الجمعة: 11].
- الصفة الرابعة للرجال في القرآن: الدفاع عن أولياء الله والدعاة إلى الله: قال - تعالى-: (وَجَاءَ رَجُلٌ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ يَسْعَى) [القصص: 20].
لماذا جاء لماذا تحرك من أقاصي المدينة دفاعاً عن نبي الله وعن دين الله وعن ولي الله: (قَالَ يَا مُوسَى إِنَّ الْمَلَأَ يَأْتَمِرُونَ بِكَ) [القصص: 20]
فمن صفات الرجولة: أن نكون أعواناً لدين الله وللدعاة إلى الله وحرباً على من يحارب دين الله.
عباد الله: بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم واستغفر الله لي ولكم ولسائر المؤمنين فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين نحمده - تعالى- ونشكره ونثني عليه الخير كله، وأصلي وأسلم على عبده ورسوله وخيرته من خلقه صلوات الله عليه وسلامه وعلى آله وأصحابه أجمعين والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.
- عباد الله: الصفة الخامسة للرجال الدعوة إلى الله قال - تعالى-: (وَجَاءَ مِنْ أَقْصَى الْمَدِينَةِ رَجُلٌ يَسْعَى) [يس: 20].
فهذا رجل سمع الدعوة فاستجاب لها بعد ما رأى فيها من دلائل الحق والمنطق ما يتحدث عنه في مقالته لقومه. وحينما استشعر قلبه حقيقة الإيمان تحركت هذه الحقيقة في ضميره فلم يطق عليها سكوتاً؛ ولم يقبع في داره بعقيدته وهو يرى الضلال من حوله والجحود والفجور؛ ولكنه سعى بالحق الذي استقر في ضميره وتحرك في شعوره، وظاهر أن الرجل لم يكن ذا جاه ولا سلطان. ولم يكن في منعه من قومه من عشيرته. ولكنها العقيدة الحية في ضميره تدفعه وتجيء به من أقصى المدينة إلى أقصاها.
(قَالَ يَا قَوْمِ اتَّبِعُوا الْمُرْسَلِينَ * اتَّبِعُوا مَنْ لا يَسْأَلُكُمْ أَجْرًا وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [يس: 21].
إن الذي يدعو مثل هذه الدعوة، وهو لا يطلب أجراً، ولا يبتغي مغنماً.. إنه لصادق.
الدعوة إلى الله أفضل قول وأشرف قول وأحسن قول، قال - تعالى -: (وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ) [فصلت: 33]، فيا أخي الحبيب كن داعية إلى الله، وليس معنى أن تكون داعية الله أن تكون خطيباً أو محاضراً، فهذه بعض وسائل الدعوة إلى الله، فقد قال - صلى الله عليه وسلم -: (( بلغوا عني ولو آية)) [أخرجه البخاري «4/145»].
والمثال الثاني للدعوة إلى الله مؤمن آل فرعون الذي وقف وحيداً أمام فرعون وجبروت فرعون، ما خاف إلا الله فكان رجل بمعنى الكلمة،
قال - تعالى-: (وَقَالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمَانَهُ) [غافر: 28].
انظر إلى هذا الرجل الذي وقف كالجبل وأظهر إيمانه في وقت كان لابد وأن يظهر ويقف أمام طاغية ومدّعٍ للربوبية وتسانده حاشية سوء، ثم يقوم الرجل بتذكير قومه ويخوفهم من بأس الله ويدعوهم إلى الله وإلى الإيمان به، ولكنهم يدعونه إلى الكفر والإشراك بالله ويدعوهم إلى الجنة والمغفرة ويدعونه إلى النار وبئس المصير، قال - تعالى- على لسانه: (وَيَا قَوْمِ مَا لِي أَدْعُوكُمْ إِلَى النَّجَاةِ وَتَدْعُونَنِي إِلَى النَّارِ) [غافر: 41].
ويتكرر هذا الموقف في كل عصر وأمام كل طاغية، إنها الرجولة الحقة بكل معانيها.
الرجولة أن تقول كلمة الحق لا تخاف في الله لومة لائم، فسيد الشهداء حمزة ورجل قال كلمة حق عند سلطان جائر.
- الصفة السادسة للرجولة في القرآن القوامة على الأسرة قال - تعالى-: (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء: 34].
والقيِّم أي الرئيس، الذي يحكم أهله ويُقوِّم اعوجاجهم إذا اعوجوا، وهو المسؤول عنهم يوم القيامة، قال - صلى الله عليه وسلم-: (( كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته، والرجل راع في أهله وهو مسؤول عن رعيته)) [أخرجه البخاري ومسلم].
ولا يقدح في رجولة الرجل أن يعين أهله، فعائشة سئلت عن فعل رسول الله - عليه الصلاة والسلام - في بيته، قالت: (( كان يكون في مهنة أهله يشيل هذا ويحط هذا يخصف نعله ويرقع ثوبه ويحلب شاته)) وهو رسول الله. [أخرجه البخاري]
ولا يقدح في رجولة الرجل أن يلاطفهن أو أن يمازحهن، تقول عائشة: " سابقني رسول الله - عليه الصلاة والسلام - فسبقته، فلما حملت اللحم أي بدت علي السمنة، سابقني رسول الله - عليه الصلاة والسلام - فسبقني، فقال- صلى الله عليه وسلم -: (( هذه بتلك)). [أبو داود والنسائي].
عباد الله:
ما الذي يقدح رجولة الرجل في الأسرة؟
انعدام غيرته على أهله:
أ - في أمر لباسها فلا يعنيه أن تخرج متبرجة وملابس تُظهر مفاتنها، والرسول - عليه الصلاة والسلام - أعلمنا أن من أهل النار: (( نساء كاسيات عاريات مائلات مميلات رؤوسهن كأسنمة البخت المائلة «كسنام البعير» لا يردن الجنة ولا يجدن ريحها، وإن ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام)) [رواه البخاري].
ب- لا تعنيه الجلسات المختلطة، قد تكون مع الرجال وتعمل مع الرجال وتخالط الرجال فالرسول - عليه الصلاة والسلام - يقول: (( إياكم والدخول على النساء، قالوا: يا رسول الله أرأيت الحمو؟ قال: الحمو الموت)) [رواه أحمد والترمذي وصححه الألباني]. وتركهما منفردين. قال - صلى الله عليه وسلم -: (( لا يخلون رجل بامرأة إلا ومعها ذو محرم، ولا تسافر المرأة إلا مع ذي محرم)). [متفق عليه]
ج- يقدح في رجولة الرجل أيضاً أن يلقي للزوجة الحبل على الغارب، تخرج متى تشاء، وتعود متى تشاء، ولا يعرف الوجهة التي خرجت إليها، أو أن تسافر بغير محرم، أو عدم وجود الصحبة الطيبة التي تحفظ لها دينها وعفتها في الطريق.
هذه الأمور وعدم انشغال الرجل بها يدل على فقدان الغيرة، والرسول - عليه الصلاة والسلام - يقول: (( لا يدخل الجنة ديوث)) [رواه أحمد «2/134»].، والديوث هو الذي لا غيرة له على عرضه.
د- ومما يقدح في رجولة الرجل هو أن يسلم قيادة أمره إلى أهله، والرسول - عليه الصلاة والسلام - يقول: (( إذا كان أمراؤكم فساقكم وأغنياؤكم شراركم، وأموركم إلى نسائكم، فبطن الأرض خير من ظهرها)) [رواه الترمذي].
هـ- ومما يقدح في رجولة الرجل أن يقدم محبة أهله على محبة الله ورسوله، عبد الله بن أبي بكر تزوج امرأة يقال لها عاتكة، وكانت ذات حسب ونسب وجمال وأدب، خرج أبو بكر - رضي الله عنه - يوماً إلى صلاة الجمعة، فسمع عبد الله يناغي زوجته وتناغيه بما يكون بين الرجل وأهله، فلما عاد من صلاة الجمعة ورآهما على الحال الذي تركهما عليه قال: يا عبد الله ألم تصلّ معنا؟ قال: أأجمعتم؟ أي صليتم الجمعة؟ قال أبو بكر- صلى الله عليه وسلم -: لقد شغلتك عاتكة عن ربك طلقها، فطلقها، ومضت ستة أشهر علم بعدها أبو بكر ندم عبد الله وندم عاتكة أنهما انشغلا بما يكون بين الرجل وأهله عن طاعتهما لله -عز وجل-، ثم قال له: أرجعها. فأرجعها.
اللهم أصلحنا وأصلح نساءنا وأصلح بيوتنا ذرياتنا واجمعنا بهم في الجنة يارب العالمين.
هذا وصلوا - عباد الله: - على رسول الهدى فقد أمركم الله بذلك في كتابه فقال: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيماً) [الأحزاب: 56]
اللهم صلِّ وسلّم على عبدك ورسولك محمد، وارض اللهم عن الخلفاء الأربعة الراشدين.

__________________
سُئل الإمام الداراني رحمه الله
ما أعظم عمل يتقرّب به العبد إلى الله؟
فبكى رحمه الله ثم قال :
أن ينظر الله إلى قلبك فيرى أنك لا تريد من الدنيا والآخرة إلا هو
سبحـــــــــــــــانه و تعـــــــــــالى.

رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 85.59 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 83.46 كيلو بايت... تم توفير 2.13 كيلو بايت...بمعدل (2.49%)]