المساعد الشخصي الرقمي

مشاهدة النسخة كاملة : أفضل مئة رواية عربية - سر الروعة فيها


الصفحات : 1 [2]

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:13 PM
غائب طعمة فرمان...النخلة والجيران (http://www.khaldia-library.com/2010/09/blog-post_15.html)

تعتبر مرحلة السبعينيات من اهم مراحل حياة غائب طعمة فرمان بموسكو حيث بدأ فجأة وبدون سابق انذار بكتابة روايته " النخلة والجيران". حدث ذلك بعد ان اجريت له عملية استصال الرئة المصابة بالتدرن. وخرج من المستشفى بروح جديدة اذ كان غالبا ما يتذكر والدته واخيه علي واشتد حنينه الى الوطن الذي لم يستطع الرجوع عليه بسبب الظروف السياسية. ولدى كتابة الرواية كان يلح ايامذاك في توجيه الاسئلة على العراقيين المحيطين به حول القضايا المتعلقة بالحياة في بغداد وازقتها ومحلاتها. وكان لصدورها صدى كبير في الاوساط الادبية العراقية والعربية. لأنها اعلنت عن مولد روائي عراقي من المستوى الرفيع. وتعتبر هذه الرواية بحق اول رواية عراقية صميمية ذات بنية ادبية متينة ورسم دقيق للشخصيات وسلوكياتها.واعقبت هذه الرواية الاعمال الروائية الاخرى . اعتمد الكاتب نهج تصوير واقع المجتمع العراقي على حقيقته وكتب بهذا الصدد يقول:" اذكر انني سألت ذات مرة احد القصاصين المصريين الكبار : لماذا لم تعد تكتب يافلان؟ فأدجابني مندهشا : الله .. كيف اكتب عن الفاقة والجهل والحياة البائسة ، كما كنت في الماضي بينما أرى حكومتي الآن تكافح ضده. ذلك سيكون طعنة في صدر حكومتي".ويومها (في عام 1956) جادلته قائلا : "لو اخذ بنظريتك ادباء العالم ، لمحي نصف الادب العالمي". وكتب د.عبدالعظيم انيس عن قصص غائب طعمة فرمان يقول " ان قراءتي لقصص غائب طعمة فرمان مع حوراها العامي قد زادتني فهما للمجمتع العراقي ومستقبله".
مكتبة خالد

==

روايـــــة «النخلــــة والجيــــران» إلــــى التلفزيـــــون







أعلن الكاتب العراقي علي حسين عن تحويل رواية الكاتب غائب طعمةفرمان «النخلة والجيران» الى عمل درامي من ثلاثين حلقة. وأشار الى إن الفنان ساميعبدالحميد سيؤدي دور البطولة في المسلسل الى جانـــب مجموعة من أبرز الممثلينالعراقيين. يذكر أن «النخلة والجيران» قدمتها «فرقة المسرح الفني الحديث» أواخرستينات القرن الماضي، ولعب الأدوار الرئيسة فيها الفنانون يوسف العاني وساميعبدالحميد وخليل شوقي وناهدة الرماح.

وكانت صدرت هذه الرواية منتصف ستينــيات القرن العشرين، وكانت العمل الكبيـر الذي اطلق اسم فرمان في عالم الرواية في العراق. وهي تتناول طرفاً من الحياة في حي شعبي من أحياء بغداد هو الحي ذاته الذي ولد فيه الكاتب وترعرع وعاش حياته الاولى، رابطاً الأحداث فيها بالوضع الاجتماعي والسياسي القائم آنذاك.
والجدير بالذكر ان مؤسسة المدى للثقافة والفنون قد عرضتها في احدى نهاراتها في شارع المتنبي احتفائا بالكاتب غائب طعمه فرمان على شكل مسرحية في فضاء مفتوح وسط جمهرة من المثقفين العراقيين.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:14 PM
غائب طعمه فرمان
بدأ غائب طعمه فرمان سيرتهُ الأدبية بقرض الشعر في مرحلة المتوسطة , فقد تعرف بتلك الفترة بكل من "بدر شاكر السياب وعبد الوهاب البياتي" وفي عام 1947 تعرف بالشاعر الكبير محمد مهدي الجواهري , وهو مازال في الصف الرابع الثانوي .
لقد كان ذو عقل مبدع وخلاق , يزخر دائماً بالأفكار والتطورات الجديدة المبتكرة ذو الحدًس والبصيرة النفاذة, حيث التصورات من الواقع ثم أعاد صياغتها في أعماله الأدبية ضمن وعي حرفي كامل وفن راسخ , إذ تكون انعكاساً لأحداث بدأت منذ الطفولة ومضى عليها عشرات السنين أو أقل أو أكثر , لقد كان هو الوطن بكل ناسه من المسحوقين الذين عربد الزمن بمصائرهم ومقدراتهم وأحلامهم الصغيرة وأنماط حياتهم الصغيرة الرتيبة , فقد صدرت مجموعته القصصية الأولى " حصيد الرحى" سنة 1954 , حيث كانت مرحلة خصبة في تناول الحياة الاجتماعية , في أعمال الكتاًب والشعراء والفنانين , وكانت الحركات السياسية آنذاك قد استقطبت أبرز مبدعي تلك الحقبة , "عبد الملك نوري ومجموعتهُ (نشيد الأرض) وخالد الرحال وبدر شاكر السياب وعبد الرزاق الشيخ علي وعبد الوهاب البياتي وعبد الرزاق عبد الواحد وناظم توفيق وسعدي يوسف ورشيد ياسين وكاظم جواد وزهير القيسي ويوسف العاني وكاظم السماوي ورشدي العامل والفريد سمعان وغيرهم , ومن نقاد تلك الفترة صلاح خالص وجبرا إبراهيم جبرا ونهاد التكرلي ومجيد الونداوي وعلي جواد الطاهر.
لقد كان للرأي النقدي تأثير على كتاب الرواية في تلك الفترة ويؤكد الراحل غائب طعمه فرمان بهذا : ( إن للرأي النقدي تأثير علي ً, وأنا لا أسخر من الآراء النقدية , لكني عندما أكتب رواية لا أفكر برد فعل الجماعات والأحزاب والنقاد , المهم عندي أن أكون صادقاً ) .
يذكر الأستاذ جلال الماشطه في مقالتهِ ( النخلة المرتجاة والمخاض المؤجل) إن : ( غائب فرمان جعل النخلة رمزاً للوطن وللذات في آن , وعاين في رشاقة الحبلى في موسم الخير وبشاعة العذوق الذاوية عندما تدب إلى أصلها عقارب تضيف إلى سقائها سماً أو حينما ينقطع حبل السرًة) , وقد عشق غائب عبارة التوحيدي في حياته وكان يرددها مع بعض أغاني الموسيقار محمد عبد الوهاب: (( إنى للغريب لا سبيل لهُ إلا الأوطان, ولا طاقة به على الأوطان ),لكن التساق غائب بالسياسة فقد كوفيء من قبل الحكومات العراقية المتعاقبة على إسقاط الجنسية العراقية مرتين , فضلً غائب مشدود للوطن, وقد عشق اللهجة العامية العراقية كلغة في قصصه ومنها( النخلة والجيران ) عن قناعة , وهذا ما استخدمهٌ في عملهُ في دار التقدم بموسكو عندما كان يترجم القصص والكتب الأدبية , فقد منح وسام الشرف لقاء ترجماته التي كان يعتز بها ومنها ( بطرس الأول) لألكسي تولستوي.
فقد رأى غائب فرمان هنالك قاسم مشترك بين روسيا القيصرية وعراق صدام مع فارق بسيط هو إن الدكتاتورية في زمن الطاغية حققت ( قفزه حضارية إلى الوراء) . وقد ظلت مؤلفات غائب عراقية رغم إنهُ استند إلى أرضية مركبة جمعت بين التراث العربي والأدب العالمي , فقد كان نهماً في قراءاته.
عمل غائب فرمان منذ بداية الخمسينات من القرن الماضي في الصحافة الأدبية بشكل خاص , وأصبح محرراً أدبياً بارزاً في صحيفة الأهالي للحزب الوطني الديمقراطي , يصفهُ الأدباء والصحفيين بالإنسان الهاديء المتواضع بالفطرة والبعيد عن كل نزعة مشاكسة , وقد كان حتى أيامهُ الأخيرة ينظر إلى العالم بعيني طفل بريء , كان لا يطيق الرياء ولا يحبه , لا لنفسه و لا للآخرين , ميالاً للصمت , حتى عدم الاكتراث لما يدور حوله , فقد كان متميزاً في مجموعته الثانية (مولود آخر) التي صدرت عام1959 , ثم كتب سبع روايات بعد مجموعتيه القصصيتين, ثم قصة" آلام السيد معروف" عام1982 , وقد وضع الحد الفاصل بين الرواية اللارؤية في روايتهُ (النخلة والجيران) عام1966 حيث أرسى اللبنة المتحدية الأولى في صرحها.
إلا إننا لو استرجعنا ماضي غائب طعمه فرمان منذ منتصف الأربعينات , كان غائب أحد الشباب الديمقراطيين الطامحين إلى التغيير في العراق , لأنهُ نشأ في أسره فقيرة أصيب في وقت مبكر من حياته بالسل الرئوي , وأرسل بطريقة من الطرق إلى مصر للاستشفاء ولمواصلة الدراسة , وقد تسنى لهُ الاتصال بالوسط الأدبي المصري وقتذاك, قارئاً وكاتباً , لكنهُ اكتسب النفي السياسي منذ الخمسينات بسبب دافعهٌ السياسي اليساري للتغيير , فقد ساهم في إعداد كتاب ( من أعماق السجون في العراق) وهو كتاب يتحدث عما كان يجري في السجون العراقية آنذاك, كما أن نشاطهُ قبل ثورة تموز 1958 فقد أصدر كتاباً بعنوان ( الحكم الأسود في العراق) وهو كتاب مكرس لوضع الحكم الملكي في العراق , ثم عاد بعد ثورة تموز1958إلى العراق حيث شغل قبل قيام الثورة مترجماً في موسكو والصين , ثم عاد للعمل مترجماً في موسكو بعد تحول العراق إلى تجارب إرهابية من كل صنف ولون ضد الديمقراطيين عام1963 والانقلاب الأسود ,انضم غائب لحركة الدفاع عن الشعب العراقي وهو في الصفوف الأمامية للحركة مطالبه بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية وحقوق الإنسان .
صدرت لهُ رواية( خمس أصوات) عام 1967 , فقد كرسها لأجواء بغداد للنصف الأول من الخمسينات ودور المثقفين ومكانتهم في الحياة العامة , ثم صدرت رواية ( المخاض) عام1974 وتعقبها ( القربان) عام1975 , ويذكر الدكتور أحمد النعمان في كتابه( غائب طعمة فرمان, أدب المنفى والحنين إلى الوطن) ص81 : ( أراد المنتج كمال العاني أن يحول رواية ( خمسة أصوات ) إلى فلم وذلك بعد النجاح الباهر الذي لعبتهُ ( النخلة والجيران) في وقتها ... وإن يوسف جرجيس هو الذي أخذ على عاتقه إخراج فلم خمسة أصوات ... ولكن المحاولة باءت بالفشل " ثم يعقب د. أحمد نعمان" وهنا شعرت الحكومة العراقية بنقطة الضعف , عدم وجود الأموال الكافية للعرض والضرائب الباهظة , فبدأت تلعب ورقة المساومة ... وبدأت تتبجح بهذا السبب وذاك! وتماطل " لغاية في نفس يعقوب" كما يقال ,أما وزارة الاعلام فقد اعترضت على المخرج - السينارست – الذي أراد إدخال وثبة 1948 كتذكير للناس بأن أحداث ( خمسة أصوات) تمتد جذورها إلى الوثبة , هنا بيت القصيد , ... الوزارة طالبت ( بالمقايضة) فجراء إبقاء الوثبة في الفيلم اشترطت الوزارة أن تعلوا المتظاهرين( متظاهري الوثبة) لافته كبيرة مكتوب عليها ( حزب البعث العربي الاشتراكي) لإثبات انهُ كان يقود الوثبة أو هو متواجد فيها بشكل بارز , إلا إن يوسف جرجيس برهن للوزارة بأن حزب البعث تأسس بعد الوثبة , وهنا استشاطت الوزارة غضباً وأصرت على موقفها , ورفض يوسف جرجيس العمل ) .
لقد كانت ميزة كتابات غائب طعمه فرمان لأحداث التأريخ اليومية الحياتية للناس البسطاء وعلاقاتهم وأفعالهم ودوافعهم وهذه ما تؤكده روايتهُ ( القربان) حين يموت فجأه ملاًك ميسور الحال نسبياً ( صاحب قهوه) ويترك وراءهُ قاصراً هي فتاة صغيرة ؟ وفي ( ظلال على النافذه) حينما تتمرد كنًة شيخ من أهالي بغداد وتهرب من منزل العائلة إلى غير رجعة , فهذه العلاقات بين الأفراد والفئات والطبقات ترتبط بالأفراد وتظهر كأفراد, فالحوار الروائي تلتصق بالأفراد أو تجسد خصائص وسمات وسلوكية الأفراد أنفسهم وأفكارهم , قيمهم ونواياهم , ويؤكد الفنان التشكيلي محمود صبري إن غائب طعمه فرمان طلب منهُ قبل صدور رواية ( خمسة أصوات) برسم غلاف الرواية إلا انهُ : ( أصبحت بعد نشرها إحدى أهم رواياته , غير إن بقي عالقاً في ذهني هو فقرة الإهداء التي يفتتح بها الكتاب , " إلى أصدقائي في صراعهم مع أنفسهم ومع الآخرين" . فهي تلخص حقاً الديالكتيك الأساس لعلاقة الاإنسان مع عالمه الاجتماعي ) .
كانت حياة غائب تمور بالعطاء ومسكونة بذات النبع الصافي الذي التصق وارتوى منه على الدوام ولكن كان الوطن لا يغيب عن رواياته بأناسهُ ومسحوقيه, ويصفهُ المفكر الراحل هادي العلوي بمقالته " قلت لك لا تمت" : ( غايب كتب الفصل المفقود من تاريخ الأدب في العراق . حدث هذا دون ضجيج , لأن غائب لا يحب الطبول وينفرد من ضوضاء المجالس ولم يكن يعنيه أن يكرًم أو يقيًم ما دام جمهوره الذي يصونهُ من ضجيج الإعلام الثقافي والثقافة الإعلامية ويغنيهً عن الأوسمة والجوائز , كانت جائزتهُ أن يكتب رواية يقرأها الناس , وهمهُ الوحيد أن يتواصل مع جمهورهُ , فجمهورهُ هو جائزتهُ ووسامه! ).
بقيت روايات غائب فرمان العراقية رغم أن مؤلفها عاش في المنفى ثلاثين عاماً , فقد استندت هذه الروايات إلى أرضيه مركبه جمعت بين التراث العراقي والعربي , فقد كان همهُ بتحقيق مشروع روائي لتدوين تأريخ العراق , لكنهُ أراد أن يدون انقلاب شباط 1963 ويعتبرها عودة محاكم التفتيش في أوربا القرون الوسطى وهي مشابهه لها التي وقعت على رؤوس العراقيين والكارثة العظمى , إلا إن المرض داهمهُ ولم يتمكن من تحقيق ذلك.
أما رواية المخاض فهي تتحدث عن شخص مغترب أراد أن يعود إلى وطنه فبعث إلى أهله رسالة لكي يكونوا في استقباله في المطار,ولما وصل لم يجد أحداً في استقباله , تمثل هذه الرواية المنفي والفجوع من أهل العراق بوطنه وأهله وهي تمثل عودة غائب فرمان بداية السبعينات وخلال بحثه عن أهله وضعف الأمل في استقرار العراق وفترة حكم عبد الكريم قاسم وما بعدها ورافقتها للمغترب عن الوطن والشيء المؤلم هو أن يحس المغترب بالغربة في وطنه.
كانت شخصيات غائب فرمان في الرواية أغلبها إيجابية عدا رواية ( المرتجى والمؤجل) سلبيون , وذلك لأن المنفى سلبي والسلبي لا يمكن أن يولد إلا سلبياً آخر , فيعتبر البطل الايجابي حسب المدرسة الواقعية الاشتراكية ورائدها الفكري مكسيم غوركي ونجد أسطورة البطل الايجابي والبطل الثوري والطليعي من المصطلحات السياسية البحتة , ولتأكيد ذلك إن جميع من قرأ رواية ( الجريمة والعقاب ) لدستوفسكي كانوا متعاطفين مع البطل راسكوليكوف الذي قتل العجوز المرابية , وهذا يدلل على إن كل القراء المتعاطفين معهُ سلبيون لأنهم مع القاتل وضد القتيلة , وفي (آنا كارنينا )لتولستوي الذي وقع آنا تحت عجلة القطار هكذا فعل ,وانتحار زنوبة في ( القربان) عملاً سلبياً ؟
ونعود لأبطال ( المرتجى والمؤجل) فهل هم سلبيون حقاً ؟ نلاحظ صالح جميل المدمن على الكحول , رغم ثقافته الموسوعية لم يستطع إنهاء معهد واحد من المعاهد الستة التي درس فيها في خمس دول من دول العالم , فهل يمكن اعتبارهُ إيجابي , أما في كل الروايات هو من الخطأ تعطيل المواهب الكثيرة والتقسيم الطبقي الذي يخلق بطل إيجابي وبطل سلبي في الواقع الاجتماعي, فرواية ( المرتجى والمؤجل) هي الرواية الوحيدة التي عكست المنفى والازدواجية التي عاشها فرمان كونهُ عاش في المنفى وهو يرنوا للوطن ومفارقتهُ للمكان والبيئة المحلية , إذ كتب أغلب رواياته خارج الوطن والمكان, ومن هنا بدأ بافتراق المكان الذي استهلك الذاكرة فيها , ولكن برواية ( المخاض) يضيع المكان ليجد كريم الداوود بعد خمس أصوات إن بيتهم قد اختفى ومحلتهُ القديمة ولكن استحضار المكان ينشط الفعل والمخيلة والذاكرة , فالذاكرة الفعلية كالشكل المخروطي يشبههًا برجسون , إذ تنهض لملاقاة الطرف المدبب والحاضر يوجه النداء ليستجيب للذكريات , ويؤكد الناقد زهير الجزائري بمقالتهُ ( ذاكرة المكان عن غائب طعمه فرمان) المنشورة في مجلة البديل العدد 17 لسنة1991 إن : ( غائب يستخدم المخروط بالمقلوب في رواياته .. فرغم إنهُ يغلًب الفعل والحركة على المنلًوج الداخلي في رواياته إلا إن الفعل عنده وسيلة وليس غاية , والهدف هو تنشيط الذاكره), فيندمج المكان مع الحركة والفعل الصالح المكان وأحياناً تسبق الذاكرة عين التحرك ولكن التجربة لغائب خير لقاء بين المكان والزمان وهذه تقاليد القصة الواقعية, ولكن تناول المكان في المنفى ( المرتجى والمؤجل) أماكن افتراضية فيها قيمة الرمز بسبب انفصال غائب عن بيئتهُ التي كان يتجول فيها من أماكن شعبية وأزقة وأحاديث ساكنيها , فغائب يتمتع بذاكرة أدبية وجدانية لكن المنفى والاغتراب عن البيئة قد فقد المثقف رأسهُ والغربة مخالب تنبش الذكريات وتثير الشجون , ذكريات العراق البعيد القريب , لقد عاش غائب أكثر أيام عمرة في المنفى ومات ودفن بعيداً عن الوطن الذي أحبهُ.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:14 PM
غائب طعمة فرمان

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

روائي عراقي، ولد في بغداد عام 1927 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1927) وتوفي في موسكو في العام 1990.

محتويات




حياته

أصيب غائب طعمة فرمان بالدرن في وقت مبكر، فسافر إلى مصر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1) للعلاج ليكمل دراسته في كلية الآداب (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%83%D9%84%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A2%D8%AF% D8%A7%D8%A8)، وقد أتاح له وجوده في مصر الاحتكاك المباشر في الواقع الثقافي القاهري فكان يحضر مجالس أشهر الأدباء المصريين، مجلس الزيات ومجلس سلامة موسى (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%A9_%D9%85%D9%88%D8%B3% D9%89) ومجلس نجيب محفوظ (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%AC%D9%8A%D8%A8_%D9%85%D8%AD%D9%81%D9%88% D8%B8) ظهيرة كل جمعة في مقهى الأوبرا. مارس كتابة الشعر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%B9%D8%B1) أولا...لكنه أخفق فيه، فعمل منذ منتصف خمسينيات القرن العشرين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%B1%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%B9% D8%B4%D8%B1%D9%8A%D9%86) في الصحافة الأدبية.

يلخص غائب طعمة فرمان مراحل حياته الأدبية كالأتي :

1 – مرحلة التراث العربي : الشعر، النثر، الكتب والدواوين الأربعة التي كان ابن خلدون (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D8%A8%D9%86_%D8%AE%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%86) يعدها أصولا وما سواها توابع وفروع : أدب الكاتب (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%AF%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AA% D8%A8)، الكامل ، البيان والتبيين (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%84%D8%A8%D9%8A%D8%A7%D9%86_%D9 %88%D8%A7%D9%84%D8%AA%D8%A8%D9%8A%D9%8A%D9%86&action=edit&redlink=1)، وكتاب النوادر.
2 – حركة الترجمة التي بدأت أثناء الحرب العالمية الثانية الوافدة من مصر أو سوريا تعزف على نغمات من الأدب الفرنسي والإنكليزي والروسي.
3 – الذهاب إلى مصر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1) في فترة أعدها من أنشط ألازمان للحركة الأدبية في هذا البلد.
غائب طعمة فرمان عربيا
حظيت كتابات غائب طعمة فرمان باهتماما وتقديرا عاليين من لدن النقاد والكتاب العرب... فجبرا إبراهيم جبرا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A8%D8%B1%D8%A7_%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7% D9%87%D9%8A%D9%85_%D8%AC%D8%A8%D8%B1%D8%A7) يقول عنه (يكاد يكون غائب طعمة فرمان الكاتب العراقي الوحيد الذي يركب أشخاصه وأحداثه في رواياته تركيبا حقيقيا). وقد دافع الدكتور زهير ياسين شليبه عن أطروحة دكتوراه في معهد الاستشراق الروسي عام 1984 مكرسة لنتاجات غائب طعمه فرمان، وقال عن النخلة والجيران (رائعة الأدب العربي الحديث) معتبراً إياها أول عراقية فنية تتوفر فيها مقومات النوع الروائي بمواصفاته الأوروربية الحديثة. صَدرت كتب مكرسة لأعماله مثل كتاب الدكتور زهير ياسين شليبه "غائب طعمه فرمان. دراسه نقديه مقارنه عن الرواية العراقية"، دار الكنوز الأدبية، بيروت 1996 وكتاب الأستاذ أحمد النعمان "غائب طعمه فرمان. أدب المنفى والحنين إلى الوطن".1996، الذي يضم مقالات عدة كتّاب عراقيين معروفين مكرسة للأديب الراحل غائب وذكرياتهم عنه. وقال عنه محمد باروت (كان غائب عراقيا في كل شيء حتى في الرواية التي رآها " برلمان الحياة الحقيقي" إذ كثف في هذه الرواية كل فهمه لطبيعة الرواة ووظيفتها، ففي قاع الحياة الشعبي، وقائعه وأحداثه وعلاقاته وتفاصيله ومشاهده، تنهض رواية غائب وتتكون، وكأنها ترتقي بنثر الحياة اليومي، هذا الذي يبدو معادا ومكرورا وأليفا إلى مستوى الملحمة والتاريخ، أي إلى مستوى الكلية). وقال عبد الرحمن منيف عن غربة غائب (لا أعتقد أن كاتبا عراقيا كتب عنها كما كتب غائب، كتب عنها من الداخل في جميع الفصول وفي كل الأوقات، وربما إذا أردنا أن نعود للتعرف على أواخر الأربعينات والخمسينات لابد أن نعود إلى ما كتبه غائب) وتقول د. يمنى العيد عن رواية المركب (المركب وسيلة عبور وعنوان مرحلة للمدينة التي غادرها غائب ولم يعد إليها، المركب لا تحكي الماضي بل الحاضر المكتظ بالمعاناة التي تدفع راكبيه إلى الالتفات إلى ماضيهم بحسرة). ونشر محمد دكروب (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%AF%D9 %83%D8%B1%D9%88%D8%A8&action=edit&redlink=1) ذكرياته مع غائب طعمة فرمان، وكذلك فعل سعد الله ونوس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D8%B9%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D9%88 %D9%86%D9%88%D8%B3).
الأعمال الروائية والقصصية
- حصاد الرحى ( مجموعة قصص ) 1954
- مولود آخر ( مجموعة قصص ) 1959
- النخلة والجيران ( رواية ) 1966
- خمسة أصوات ( رواية ) 1967
- المخاض ( رواية ) 1973
- القربان ( رواية ) 1975
- ظلال على النافذة ( رواية ) 1979
- آلام السيد معروف ( رواية ) 1980
- المرتجى والمؤجل ( رواية ) 1986
- المركب ( رواية ) 1989
ترجماته
ترجم نحو ثلاثين كتابا ونال جائزة رفيعة على جهده في هذا الجانب ومن ترجماته



أعمال تورجنيف (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AA%D9%88%D8%B1%D8%AC%D9%86%D9% 8A%D9%81&action=edit&redlink=1) في خمسة مجلدات
القوزاق لتوليستوي (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AA%D9%88%D9%84%D9%8A%D8%B3%D8% AA%D9%88%D9%8A&action=edit&redlink=1)
مجموعة قصص لدستويفسكي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D8%B3%D8%AA%D9%88%D9%8A%D9%81%D8%B3%D9%83%D 9%8A)
مجموعة قصص لغوركي (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%BA%D9%88%D8%B1%D9%83%D9%8A&action=edit&redlink=1)
المعلم الأول لايتماتوف (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%8A%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8% AA%D9%88%D9%81&action=edit&redlink=1)
مجموعة أعمال بوشكين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%88%D8%B4%D9%83%D9%8A%D9%86)
لاشين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D8%A7%D8%B4%D9%8A%D9%86) عملاق الثقافة الصينية



==

د. كاظم الموسوي (http://www.arabrenewal.info/%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8-%D8%B9%D8%A7%D8%AF%D9%8A%D9%8A%D9%86/225-kadhim-almousawi.html)
ثقافة وفنون (http://www.arabrenewal.info/2010-06-11-14-12-46.html)




خلد أسم غائب طعمة فرمان (1927- 17/8/1990) بما أبدعه وأنتجه، وما تركه عند قرائه ومحبيه من ذكريات وتذكر واستلهام للتاريخ والحنين إلى الوطن من منفاه واعتزازه الواضح بتراث وانتساب ولغة وعلاقات إنسانية تسجل له ولأدبه.
درس عدد من الباحثين والنقاد نتاجه المتنوع والمتعدد المجالات في اطروحات وندوات أكاديمية وأدبية، وتظل الحاجة باستمرار داعية إلى العودة إلى نتاجه الإبداعي والاستزادة منه في قراءة نصه وانعكاساته واقعيا ورؤيته في الواقع العراقي والعربي، روائيا وثقافيا.
ومن بين آخر الاطاريح البارزة عنه، أطروحة الناقدة فاطمة عيسى التي أعدتها في العراق ونشرتها في سلسلة رسائل جامعية ببغداد بعنوان: غائب طعمة فرمان روائيا.
المعروف أن غائب ولد ببغداد عام 1927 في أحد أحيائها الشعبية الفقيرة، من أسرة معدومة كانت تعاني الحرمان وشظف العيش، وأكمل دراسته الابتدائية والثانوية ببغداد وأصيب بمرض السل الرئوي في وقت مبكر، وسافر إلى القاهرة لدراسة اللغة الإنجليزية وآدابها وعاش حياتها الأدبية والثقافية المعروفة، حسب تمهيد الكتاب.
ولخص الكاتب الروائي تجربته هذه بمراحل ثلاث هي: مرحلة التراث العربي، الشعر، النثر، الكتب والدواوين الأربعة التي كان ابن خلدون يعدها أصولا وما سواها توابع وفروع... أدب الكاتب، كتاب الكامل، البيان والتبيين، وكتاب النوادر، وأنا ما أزال ارجع إلى هذا التراث، كلما أحس بضائقة نفسية، وأية متعة في الدنيا تعادل هذه المتعة.
والمرحلة الثانية: حركة الترجمة التي بدأت أثناء الحرب العالمية الثانية الوافدة من مصر وسوريا تعزف على نغمات من الأدب الفرنسي والإنجليزي والروسي.
والمرحلة الثالثة: ذهابي إلى مصر في مدة أعدها من انشط الأزمان للحركة الأدبية في هذا البلد الشقيق، وتصوروا طالبا في السنة الأولى من كلية الآداب في جامعة القاهرة قادما من العراق، يشهد مجلس الزيات في يوم الأربعاء، وفي يوم السبت كنت اشهد مجلس سلامة موسى في جمعية الشباب المسيحيين، وفي ظهيرة كل يوم جمعة كنت اشهد المجلس الطليق الطليعي، مجلس الأدباء الشبان الواعد المبشر بكل خير، مجلس نجيب محفوظ في مقهى الأوبرا.
نقلت الدكتورة فاطمة عيسى عن حوار مع غائب عن موضوع تأثره بالكتاب قوله: نعم أنا أتأثر بما اقرأ وأبحث وأتعايش وأستفيد وأوظف ذلك ضمن اجتهاداتي وأسلوبي والقاسم المشترك الذي أثر في جيلي من الأدباء العرب هم: همنغواي، فوكنر، تولستوي، ديستوفسكي، تورجنيف، وغيرهم. تأثرنا بأساليبهم، وحتى في رسم الشخصيات حسب ما أرادت في أعمالهم وشخصياتهم. وتأثرت بنجيب محفوظ بناحيتي السرد والمعالجة القصصية، ولا زلت مستمرا في قراءة نتاجات الكتاب العرب، كيوسف إدريس، وجبرا إبراهيم جبرا، وحنا مينا وغيرهم. فان جيلنا من الروائيين والقصاصين قد دخل معترك التجريب والتجديد في البناء القصصي والروائي في الخمسينات أيضا.
هذه المقدمة ضرورية للتعريف بالروائي الراحل ومعرفة أساليبه وقدراته ومصادرها الإبداعية وتنوعها وتوزعها وتأثيراتها على نصه وأقرانه والعلاقات الأدبية في زمنه الإبداعي والحياتي من الحركة الأدبية العربية، وفي المنفى حيث عاش ومات

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:15 PM
حوار قديم مع الاديب الراحل.....غائب طعمة فرمان




بغداد ـ نهرين نيوز 12/2/2012 منذ نهاية عام 1981 أخذت التقي بكاتبنا العزيز غائب طعمه فرمان باستمرار، وكنت أحاول في هذه اللقاءات "الاصطياد بالماء العكر"كما يقال فاطرح له أسئلة فيها نوع من الاستفزاز رغبة مني في الحصول منه على أجوبة شافيه. وكان من الصعب على أن أحصل على ما في روح هذا الكاتب الصموت لاسيما وأن الأسئلة الموجهة تختلف كثيرا عن أسئلة الصحفيين التي يطرحونها له في المقالات الصحفية الكثيرة جدا. غائب طعمه فرمان يضيق ذرعا من الأحاديث الطويلة، وخاصة الأحاديث التي تتناول أعماله بالذات، ولهذا كنت أعطى لنفسي وقتا قليلا للغاية لتحقيق "مآربي"، واكرس الوقت الأكبر للأحاديث أيضا إن حصلت إجابة على استفسار معين أطرحه على غائب طعمه فرمان "بالاقساط"!!، فكنت أسجل "دفعات"الإجابة وأجمعها لتكون جوابا كاملا يعكس رأي الكاتب فعلا.
قبل فترة قصيرة سجلت بعض هذه الأحاديث مع فرمان، وقررت أن أطلعه على "حصاد" جلساتنا. تركته يقرا الحوار، وعندما رجعت قال لي وهو ينظر إلى بعينين ضاحكين:
- متى كان هذا؟ هل صحيح أنا حدثتك بكل هذه الأمور؟ أنت الظاهر استدرجتني في جلسات السمر.
فقلت له:
- طيب المهم أنا عندى نية نشرها فما هو رأيك؟
- أنا شخصيا لا مانع لدي.
وهكذا قررت نشرها لإطلاع القراء العرب على جوانب من أعمال غائب طعمه فرمان، وسنقوم في مرة أخرى بإعداد مادة أخرى من هذا الطراز.
- أرجو أن تحدثنا عن مطالعتك الأولى
أذكر إني قرأت رواية "في روسيا"أو "في الناس"أو "بين الناس"لمكسيم غوركي. وأنا طبعا لا أذكر بالضبط عناوين هذه الكتب، واعتقد أن مترجمها هو عبد المجيد المويلحي، بل قد يكون اسمه المليجي.كذلك أذكر أني قرأت "أهوال الاستبداد" لالكسى تولستوى، وهي ترجمة لروايته "بطرس الأول".وأنا تأثرت بهذه الكتب، وما زالت انطباعاتي الأولى عنها باقية حتى الآن في ذاكرتي.
- بمناسبة الحديث عن مكسيم غوركي هل لك أن تحدثنا عن تأثيرأعماله عليكم.
اعتقد أن مكسيم غوركي أثر تأثيرا كبيرا عليّ لأسباب ثلاثة:
أولاً أن الكتب التي يقرأها الإنسان في بداية حياته المبكرة تبقى عالقة في الذاكرة، وتصمد الانطباعات المتكونة عنها أمام النسيان. ثانيا:أن مكسيم غوركي طرح عالما جديدا بالنسبة للحياة القديمة التي كنا نألفها. مكسيم غوركي قدم لنا أمثلة نموذجية أخرى من نوع آخر، إضافة إلى عظمته الأسلوبية.أقصد عظمة لغته، وأسلوبه المليء بالتشابية، وتعابيره التي كانت جديدة بالنسبة لنا.كذلك يجب ألا ننسى ذخيرته العميقة، ومعرفته القوية بالحياة، ولهذا يحركك غوركي عندما يتحدث عن شخصية معينة، وتحس بحب كبير لها، وتتعاطف معها، ذلك لأن شخصياته مستمدة من الواقع، يأخذها من المجتمع الذي عرف كل تفصيلاته. غوركي لا يلفق بأعماله وهذا سر نجاحه.
إنه يجمع ماده دقيقة وكبيرة عن المجتمع والناس ويبني على هذه المادة ما يريد أن يقدمه من الشخصيات الاجتماعية في أعماله الأدبية.اعتقد أن التأثير برز من هذا المنطلق.
- لابد أنك أعدت قراءة مكسيم غوركي فما هي الانطباعات الجديدة؟
أعتقد أن مجموعتي الأولى "حصيد الرحى"، تتجسد فيها تأثيرات غوركي، تأثيرات مباشرة من أعمال غوركي..أقصد تأثير غوركي من حيث اختيار الشرائح الاجتماعية والمادة الحياتية.والتأثير واضح من حيث الموضوعات التي تطرقت إليها في قصص هذه المجموعة.حتى أسلوب "حصيد الرحى"في التعبير، والوصف والتشبيهات، فيه الكثير من أسلوب غوركي.. من الممكن ملاحظة تشابيه ومقارنات وعبارات معينه في "حصيد الرحى" تشبه كثيرا مقارنات غوركي. مكسيم غوركي يفرط باستخدام التشابية، ويفرط بالأسلوب، الذي يحاول فيه أن يرتفع إلى مستوى رفيع جدا، مكسيم غوركي متمكن من اللغة الأدبية وأنا الآن أنظر إلى مسألة تأثير مكسيم غوركي بطريقة أخرى، أو بالأحرى من زاوية أخرى.. فأنا الآن – أقصد بعد فترة الشباب المبكرة –أهتم بصنعة غوركي الأدبية الإبداعية، الصنعة بمعناها العربي، أقصد بالصنعة الأستاذية، وفيها نوع من التكلّف والاهتمام والدقة والجديه والحذاقه اللغوية والتشابيه الحياتية التي استنبطها من تجاربه الشخصية الخاصة به، من تجواله في روسيا ومعايشته لأهلها وطبيعتها.
- هناك رأى مفاده أن ثقافة الخمسينات كانت محدودة، وأن تكنيك القصة آنذاك كان ضعيفا. هل يمكن أن تحدثنا عن مدى دقة هذا الرأى باعتبارك واحدا من أبرز كتاب الخمسينات؟
في أوائل الخمسينات، أقصد حتى 1953تقريبا، كانت المعلومات في العراق عن تكنيك القصه بشكل عام والقصة القصيرة بالذات قليلة جدا. وأحب أن أؤكد لك في هذه المناسبة أن سنة واحدة كفترة زمنية كانت تلعب دورا كبيرا في تطور الثقافة والأدب والحياة بشكل عام والقصة بشكل خاص.أقصد أن أعوام ما بعد الـ1953 شهدت تطورات كبيرة في مفاهيمنا الأدبية، وفي الطرق الإبداعية، وأخيرا في تبلور شخصياتنا. فمثلا أن السياب تطور بقفزات كبيرة، فهو يختلف كثيرا عن سياب بداية الخمسينات ومنتصفها. قصيدته "أنشودة المطر" التي كتبها عام 1953، حصل بعد نشرها على شهرة كبيرة، وكانت حالتنا كما لو كنا نتبارى مع بعض. كان يتملكنا شعور الانبهار والدهشة..الانبهار أمام شيء جديد، مثلا "امرأة من روما" اندهشنا بها، لأنها تطرح قضية اجتماعية كبيرة من خلال امرأة مومس.خذ مثلا كتاب "الخبز والنبيذ" للكاتب الإيطالي اينازيو سيلوني، الذي قرأته باللغة الإنكليزية، وهو عمل روائي بطله قس، كنت معجبًا به للغاية، كنت معجبًا بأعمال هذا الكاتب الإيطالي المعادي للفاشيه.
- قرأت في الصفحة الثانية من غلاف مسرحية "موت بائع جوال" للكاتب الأمريكي آرثر ميلر الإعلان التالي:
"فونتمارا: قصة صراع الشعب الإيطالي المرير ضد الفاشية والإرهاب والاستبداد: بقلم اينازى سيلوني – تعريب غائب طعمه فرمان. مقدمه بقلم الدكتور عبد العظيم أنيس". هلا حدثتنا عن "قصة" هذا الإعلان، وعن تأثير هذه الرواية على أعمالك، وبالذات على روايتك الأولى "النخلة والجيران"؟.
فعلا أنا ترجمت رواية "فرنتمارا"إلى العربية، وكان ذلك في عام 1956 في مصر، وأعطيت النسخة المترجمة الأولى والوحيدة لدار "المكتب الدولي للنشر والتوزيع"، الذي نشر الإعلان المذكور، ومن المؤسف حقا أنني فقدت النسخة المترجمة، ولم احتفظ بنسخة أخرى، في الحقيقة لا اذكر كيف فقدتها، وصدرت فيما بعد بترجمة عيسى الناعوري(* (http://iraqiwriter.com/iraqiwriter/august/august..2001010.htm#_ftn2))، عن الإيطاليه، بينما أنا ترجمتها عن الإنكليزية. كما سبق وأن ذكرت لك في هذا اللقاء بأني كنت معجبا بأعمال إينازى سيلوني، وتأثرت كثيرا بروايته "فونتمارا"، وقد انعكس هذا التأثير في روايتى الأولى "النخلة والجيران". كتب اينازى سيلوني "فونتمارا" بلغة مليئة بالعبارات الشعبية المحلية. أن أجواء هذه الراية لا تختلف كثيرا عن أجواء رواية "النخلة والجيران"، ما عدا أن الأخيرة كتبت عن أحداث كانت تدور في المدينة وأزقتها، بينما أحداث الأولى مأخوذة من الريف، من قرية إيطالية، أما أنا فقد كتبت عن أحداث دارت في بغداد. واتسمت أعمال اينازى سيلونى بموضوعة العداء للفاشية، وله رواية أخرى غير "فونتمارا"و"الخبز والنبيذ"، لا أذكر عنوانها الآن ولكنها هي ايضاً عن الدكتاتورية.وبالمناسبة أن "فونتمارا"تعتبر من الأعمال الأولى، التي كتبها سيلوني.
أبطال "فونتمارا"بسطاء وأنا أحببتهم وتأثرت بهم، بشكل خاص بشخصية الطالب المزمن، ذلك الإنسان البسيط والطيب ولكنه فاشل، فيه شبه كبير لشخصية حسين بطل "النخلة والجيران" فهوأيضاً طالب مزمن. أنا مازلت حتى الآن أذكر الكثير من تفصيلات مضمون هذه الرواية، وصفات شخصياتها وما عانوه من آلام ومتاعب كثيرة من أجل الحصول على لقمة العيش.أنا لا ارفض تأثير أحد الكتاب على وخاصة إذا كان من أولئك الكتاب الذين أحبهم سواء كانوا من الأجانب، أو من العرب، إلا أني أرفض الآراء التعسفية، التي يطلقها أحيانا بعض النقاد. من ذلك أن أحدهم أخبرني بأن روايتي "ظلال على النافذة"متأثرة "بالصخب والعنف"، فقلت له:أذهلتني برأيك هذا لأنك ذكرت هذا الرأي، عفارم عليك، إلا أنني عندما راجعت نفسي وسألتها:هل من المعقول أن تكون "ظلال على النافذة"الرواية العراقية الصميمة شبيهة بـ"الصخب والعنف"؟.وأخيرا توصلت إلى عدم وجود أوجه شبه بين هاتين الروايتين، لا بالأسلوب ولا بالشخصيات ولا بالأفكار، فـ"ظلال على النافذة" لا تشبه إطلاقا "الصخب والعنف".
أنا قرأت "الصخب والعنف"قبل نقلها إلى العربية، وقرأت كل أعمال فولكنر باللغة الإنكليزية، ولا يعجبني عالمه لأنه ليس قريبا روحيا من شخصيتي، لا أنكر إعجابي بأسلوبه وتكنيكه، ومع ذلك كنت أقرأه على مضض، لمجرد الإطلاع، هذا هو هدفي الوحيد من قرائته.طبعا أنا لا أنفي اللحظات الإنسانية الموجودة في أعمال فولكنر، ولكن أنفي الاستيعاب للجو العام، أنفي معرفته الدقيقة لشخصيات واقعية، حقيقية عاشت في الجنوب. فولكنر ذو أسلوب خاص به، ولهذا يمكن أن نقول: هذا أسلوب فولكنر، وهو واحد من كتاب عديدين قرأت أعمالهم ولم أتأثر بها، لا يعجبني أن أقلد أسلوبهم. قد أكون تأثرت بطريقة فولكنر في بناء الرواية وتكنيكها.
- كيف تنظر إلى الفكرالوجودي؟
في تلك الفترة كان من الصعب الاعتقاد بأن كاتبا عراقيا يكتب عن عوالم الوجودية. كتاب "دروب الحرية" لجان بول سارتر مثلا لم يكن مترجمًا إلى العربية، وأنا قرأته آنذاك بكامل أجزائه الثلاثة باللغة الإنكليزية، وبلا شك أن الكاتب العراقي الموهوب وصديقي فؤاد التكرلي قرأها أيضا، ولكن السؤال الذي فاجأني هو: هل يفكر فؤاد التكرلي بنفس طريقة تفكير سارترو يتأثر به. هذا ما كنت أريد أن أقوله في معرض حديثي عن مجموعة فؤاد التكرلي "الوجه الآخر"، الذي قرأت لي مقطعا منه الآن.
-كثيرا ما نسمع في اللقاءات الشخصية والصحفية معك عن حبك الكبير للكاتب العربي المعروف نجيب محفوظ. أرجو أن تحدثنا عن تأثير محفوظ عليك.
أنا فعلا معجب بنجيب محفوظ شخصًا وصديقًا وكاتبًا، ولاأزال أذكر لقاءاتنا في مقهى الأوبرا في القاهرة، وأنا معجب بأعماله، ولكن ليس بالضرورة أن أكون قد تأثرت به، بل وقلدته كما ذهب بعيدا بعض النقاد العراقيين.كتبت "النخلة والجيران" وكنت أعيش أجوائها العراقية والبغدادية الصميمه، ولم أتذكر عند كتابتي هذه الرواية أي عمل أدبي آخر.حين يأتي ناقد ويطرح رأى مفاده أن "النخلة والجيران" تشبه كثيرا بتفصيلاتها رواية "زقاق المدق" فأنا أرفض هذا الرأى رفضا قاطعا، لأن كل ما في "النخلة والجيران"عراقي أصيل بدون تزوير، لا بسمات الشخصيات، ولا بتصرفاتها، ولا بلغتها.وقد أشار الدكتور علي الراعي في مقالته الأخيرة عن "النخلة والجيران"إلى هذه المسألة، ولم يتطرق حتى إلى موضوع شبهها برواية "زقاق المدق" أو رواية أخرى. الطريف أن أحد المستعربين السوفييت هنا ذكر في إحدى مقالاته بأن نجيب محفوظ كتب "ميرامار"تأثرا منه بروايتي "خمسة أصوات" وهذا غير صحيح إطلاقا لأن "خمسة أصوات" صدرت بنفس العام الذي صدرت فيه "ميرامار" فتصور!!
وهناك رأى آخر مفاده أن روايتي "القربان"متأثرة برواية نجيب محفوظ "أولاد حارتنا"، وهذا الرأى هو أيضا لا يخرج عن دائرة الآراء التعسفية، لأنه يلغي كل التجارب الشخصية للكتاب، ويلغي حضور الشخصيات العراقية البحته والتقاليد. هذا ظلم صارخ، إذ لمجرد لمس أوجه شبه بين هذه الرواية أو تلك ترى النقاد يصرخون:إنها متأثرة برواية فلان بن فلان.كنت أرغب في "القربان"تصوير مرحله معينة من مراحل العراق، أما "أولاد حارتنا"فإن نجيب محفوظ يصور أجيال الأنبياء.الرمز موجود في أي أدب بكثرة.من غير المعقول أن يتخلى الناقد عن كل تفصيلات الحياة العراقية في "القربان"ويقول إنها متأثرة بـ"أولاد حارتنا".أنا شخصيا لا أجد أوجه شبه بينهما، واعتقد أن هذا تجني.في "القربان"يتجسد الشعب العراقي بشخصية مظلومة البطلة الرئيسية للرواية، وأن كل الناس يتحدثون عن هموم الشعب العراقي، ولكنه يبقى مظلوما في كل الفترات، حتى جاء شخص أبله، غبي وقال:إنني أستطيع أن أحل المشكلة المستعصية بتغيير الاسم، فبدلا من مظلومة نسميها مسعودة.
- أنا اعتقد أن الشكل الاليجوري الاستعاري المجازى الذي اتخذته في كتابة "القربان" هو نفس الشكل الذي اعتمد عليه نجيب محفوظ في "ميرامار"، مع ضرورة الأخذ بنظر الاعتبار أن الأولى طرحت الواقع العراقي لا من خلال السياسة فقط، بل من خلال الواقع الاجتماعي المعاش، بينما طرحت الثانية واجهات سياسية تعبر عنها شخصيات الرواية."القربان تطرح الحياة العراقية وهي في الشوارع والمقاهي"، بينما "ميرامار"تعيش حياة الفندق ولهذا فهي تخلو من أهم سمات النوع الروائي ألا وهو كشف الواقع. هل تحدثنا عن سبب اختيارك لهذا الشكل؟
في الحقيقة أنا لا أتذكر "ميرامار"الآن ولا عند كتابتي "القربان"، أما عن سبب اختياري لهذا الشكل الذي اسميته بالاليجوريا، أو الرمز المجازي فهو يكمن بتجنب مشاكل الرقابه.
- هل لك أن تحدثنا عن محمود أحمد السيد وأنور شاؤول وذو النون أيوب؟
اعتقد أني قرأت ذو النون أيوب أكثر من غيره، وهو كان يدرسنا مادة الجبر في المدرسة المتوسطة التي كنت أدرس فيها.ثم تعرفت عليه وعرفني هو ككاتب، وأخذنا نتبادل الآراء عن مختلف المسائل. أما محمود أحمد السيد وأنور شاؤول فلم أقرأ لهما شيئا يذكر لعدم توفر كتب الأول في العراق، أما الثاني فلا أذكر أني احتفظت بكتاب له. لا أذكر له أي عمل. في تلك الفترة تأثرت فقط بأعمال ذو النون أيوب، ثم تخليت عنه قبل إصدار "حصيد الرحى".
- هل لك أن تحدثنا عن البداية؟ هل بدأت بمقال صحفي أم بقصة أو قصيدة شعرية؟
أذكر أني كتبت أول مقالة لي في عام 1942باسم مستعار في باب بعنوان "منبر الشعب" في جريدة "الشعب". مازلت أذكر ذلك اليوم، وكان من أسعد الأيام بالنسبة لي، لا لأنه أحد ايام العيد، بل لأن مقالتي نشرت يومها وفرحت بها فرحا كبيرا، وهي في الحقيقة خاطرة أكثر مما هو مقاله.وأذكر لحد الآن أنني ذهبت إلى زميل لي من محلتنا، وكنت فخورا وسعيدا وأردت أن احتفل بهذه المناسبة رغم أن ملابسي كانت عتيقة.
- كيف انتقلت من المقال إلى القصة؟
أعتقد أن لغة هذه المقالة التي حدثتك عنها كانت قصصية، كنت أفكر بصورة قصصية، أو بلمحة قصصية. ويبدو أن أول قصة كتبتها تعود إلى عام 1946 أو عام 1945، ونشرتها في إحدى المجلات العربية الصادرة آنذاك في القدس، أي قبل ذهابي إلى مصر عام 1947.ولا أعرف فيما إذا سبق وأن نشر قاص عراقي غيري في هذه المجلة أو لا.أما الشعر فلي أيضًا قصه معه، لكنها قصه ليست طويلة.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:16 PM
غائب طعمة فرمان.. المنفى والغربة علّماه أن يحبّ وطنه أكثر؟!..
بصمت لا يليق برجل مثل الأديب والمترجم العراقي غائب طعمة فرمان (1927-1990) مرّت الذكرى العشرون لوفاة مؤسس الرواية العراقية، تماماً كما كان نجيب محفوظ مؤسسها في مصر، وحنا مينة رائدها في سورية..
© "أنباء موسكو"19:25 | 2010 / 09 / 24
"أنباء موسكو" - كريم راشد
وهذا الصمت ربما يكون نتيجةً منطقيةً للإهمال الذي ناله أديبنا الراحل في حياته، وفي مماته، رغم إنجازاته الكبيرة في الرواية والترجمة الأدبية..
ينتمي الراحل إلى جيل من الأدباء العراقيين الذين تفتحت مداركهم على الحياة والأدب إبّان، وبعد، الحرب العالمية الثانية، كبدر شاكر السياب، عبد الوهاب البياتي، فؤاد التكرلي، نازك الملائكة وغيرهم ممن غيروا في بنية الرواية والشعر العربيين بعدما تشربوا بمناهل التراثين العربي والغربي ليقدموا أدباً رفيع المستوى، وقابلاً للصمود أمام مصفاة الزمن التي لا تعترف إلا بما هو نفيس حقاً.. وهذه الفترة التي نتحدث عنها هي زمان العراق الجميل، زمن خمسينيات القرن الماضي، حين كان شعار المثقفين العرب، والناشرين أيضاً، "بيروت والقاهرة تطبعان والعراقيون يقرؤون". وعن هذه الفترة كتب أديبنا قائلاً: "أنا من الجيل الذي فتح عينيه والحرب العالمية قائمة بكل ما تحمله من مدلولات، النضال ضد الفاشية والتطلع إلى جلاء الجيوش من بلاده، والاستفادة من الانفتاح العام وفتح نوافذ ثقافية على كل الاتجاهات للنهل منها".
هجران الشعر
رغم أن بداية حياته الأدبية كانت من خلال كتابة الشعر -وقد نشر فعلاً قصائد متميزة في الدوريات العربية والعراقية- إلا أن لا أحد يعرف بالضبط لماذا اتجه فجأة إلى كتابة القصة القصيرة، وتالياً الرواية التي برع فيها كثيراً.. وبظني أن السبب الرئيس لحدوث هذا الأمر يكمن في ذهابه إلى القاهرة لدراسة الأدب الإنكليزي هناك، ومعلوم أن قاهرة أربعينيات وخمسينيات القرن الماضي أنجبت كتاب رواية ومسرح وقصة قصيرة كثراً لكنها لم تنجب إلا عدداً قليلاً من الشعراء.. ويذهب بعض دارسي أدبه إلى أن اتجاهه إلى القصة والرواية يعود إلى تتلمذه على يد الأديب نجيب محفوظ فترة طويلة عندما كان يدرس في القاهرة خلال سنوات شبابه.. ولعل في مزاولته لمهنة الصحافة في مصر، وتالياً في العراق، يكمن سبب آخر، ذلك أن الصحافة هي عدوة الشعر الذي يتخذ من الخيال والمشاعر أجنحةً له بينما نقيضه الصحافة تعنى بالحقيقة وبالأرقام والتحليلات المنطقية.. وعن سبب دخوله عالم الصحافة صرح أديبنا ذات مرة: "لا بأس في العمل الصحفي في مطلع حياة الأديب كما يقول أرنست همنغواي"، ولكنه يعترف أيضاً أن العمل الصحفي مقتصر على الكتابة ونقطة التقاء بالحياة المعاشة. ورغم ذلك كان يراه محفزاً له شرط إلا ينهمك الأديب ويستنفذ كل طاقاته.
حمل وطنه في منفاه
إذا أضفنا سنوات دراسة أديبنا في مصر (أربع سنوات) إلى 33 سنة قضاها في منفاه الروسي فإننا نرى أنه أمضى أكثر من نصف عمره في المنفى، وأن حياته كانت سفراً بلا نهاية في مدن غريبة عن بغداد التي عشقها وظل محروماً من العودة إليها.. يقول فرمان في وصف غربته: "الغربة بالنسبة لي كانت حباً وشوقاً إلى وطني، وكانت امتحاناً قاسياً للوطنية عندي". وفي مقابلة أخرى يعترف أديبنا (أنا في الغربة يعجبني أن أكتب عن بغداد، وأجواء بغداد، ربما يكون ذلك سلاحاً ضد الذوبان والضياع، نوعاً من الدفاع عن النفس والمغامرة والاتصال الروحي بالوطن.. الوطن الذي كلما أُوغل في البعد عنه أزداد تعلقاً به". وعن هذا كتب صديقه الأديب الراحل سعيد حورانية الذي شاركه منفاه الروسي: "لم يحمل مغترب وطنه كهمٍّ يومي، وحنين دائم، كما حمل غائب وطنه العراق، وإنه لمن المدهش أن يكتب غائب جميع رواياته بدءاً من (النخلة والجيران) وانتهاءً بروايته (المركب) باستثناء (المرتجى والمؤجل) عن مدينته بغداد، كأنه لا يزال يعيش بشوارعها وأزقتها ومحلاتها القديمة، ويتنفس هواءها، وهو في منفاه الروسي البعيد منذ عقود".
ويلاحظ قارئ رواياته أن مناخات الغربة والحنين إلى العراق والعودة إلى الجذور تخيم على رواياته الثماني التي نشرها في حياته.. وعن هذا كتب الأديب الراحل عبد الرحمن منيف الذي عانى كغائب طعمة فرمان من الغربة والحرمان من جواز السفر والجنسية لسنوات طويلة: "هذا البغدادي الذي يحمل بغداده معه أينما ذهب ولا يتعب من النظر إليها كما ينظر الطفل إلى لعبته هو بحاجة إلى رائحة بغداد وشمسها، وكلما أوغل في البعد عن وطنه استحضره في أدبه بقوة لا تضاهى، وهو لا يستطيع منها فراراً، فقد صارت جزءاً من ضميره، وذاكرته ولا مهرب منها ولا منجى وعزاؤه هو أن من لا ذكريات له لا ذاكرة له".
ومن شدة حضور بغداد في رواياته يعتقد بعض النقاد عدم وجود كاتب عراقي كتب عن هذه المدينة كما فعل صاحب "آلام السيد معروف" و"النخلة والجيران"، ويرون أنه كتب من الداخل في جميع الفصول وفي كل الأوقات، كما أنه يكتب تاريخاً لحياة ناسها الذين صاروا ذكريات بالنسبة له، لا يستطيع رؤيتهم إلا من خلال سيرته معهم، سيرة عكست مراحل مضطربة من تاريخ العراق المعاصر، إلى درجة أننا إذا أردنا أن نعود للتعرف على عراق أواخر الأربعينيات والخمسينيات لا بدَّ أن نعود إلى ما كتبه أديبنا..
وعدا عن انشغالاته في كتابة الرواية والقصص القصيرة فقد قام الراحل بترجمة ما يزيد عن مئة كتاب عن اللغة الروسية، ومنها عيون الأدب الروسي، ليصبح واحداً من أساطين العرب الذين ترجموا الأدب الروسي إلى العربية، وصاحب فضل كبير في تعريف القارئ العربي بتجارب أدبية لم تتوفر له بالعربية من قبل..

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:16 PM
آلام السيد معروف


غائب طعمة فرمان (http://www.goodreads.com/author/show/4139558._)</SPAN>
للغروب فتنة لدى السيد معروف لا تعادلها فتنة في الدنيا كلها".
هكذا تبدأ رواية "آلام السيد معروف"... بداية بسيطة، ولكن مع تتابع صفحات الرواية وتطوراتها تبدو تلك البداية سطوراً غامضة أو ساذجة، وربما موجعة، وينبغي لنا أن نتابع هذا السيد معروف، غير المعروف إلا عند نفسه، وعند قلة من معارفه غير الموجودين في الرواية، وعلى رأسهم مبدعه غائب طعمة فرمان العارف بال...more (http://www.goodreads.com/book/show/8652401)</SPAN>للغروب فتنة لدى السيد معروف لا تعادلها فتنة في الدنيا كلها".
هكذا تبدأ رواية "آلام السيد معروف"... بداية بسيطة، ولكن مع تتابع صفحات الرواية وتطوراتها تبدو تلك البداية سطوراً غامضة أو ساذجة، وربما موجعة، وينبغي لنا أن نتابع هذا السيد معروف، غير المعروف إلا عند نفسه، وعند قلة من معارفه غير الموجودين في الرواية، وعلى رأسهم مبدعه غائب طعمة فرمان العارف بالسيد معروف، أكثر من السيد معروف ذاته؟
... ويتابع (فرمان) غروب السيد معروف، كما يتابعه معروف قائلاً: "... أما هذا الغروب الساجي فيظل يطوي الآماد، ويعانق الآفاق، ويظل يلازمها الى ما لا نهاية، هارباً من ظلامية الليل التي كان السيد معروف يكرهها كرهاً شديداً، فيود لو يلاحقه الى الأبد. معانقاً مثله الآفاق، دون أن يشهد الليل الكئيب" حتى يبلغ به الأمر أن (يردد، أحياناً، مستغفراً الله عن تحريفه لكلامه المنزَّل: "ولكم في الغروب حياة يا أولي الألباب").
عالَم باطني خاص
إن الرواية تقول لنا، من بدايتها، بأن السيد معروف أيقن بأن لا شروق في حياته، ولا راحة، ولا سعادة، فلجأ الى الغروب إكسيراً يتابع به الحياة مع أمه المقعدة بسبب ضعف بصرها، وأختيه: الكبرى العانس، والصغرى التي عنّسوها بسبب عنوس الكبرى، وهو العانس الثالث بسبب وجع معدته الدائم، والتجائه للغروب ولا شيء سوى الغروب.
إن للسيد معرف عالمه الباطني الخاص الذي يشيع في روحه الارتياح مثلما يؤجج الآلام والأوجاع. وحين يفلت من باطنه شيء الى لسانه فإنه يسبب له المتاعب. ذلك أنه ـ وبسبب موهبته في تدبيج الرسائل والكتب الرسمية ـ صار قوالاً أكثر منه فعالاً، وانه ليمارس ذلك بينه وبين نفسه. فهو مع روحه دائم الخوض في الصياغات، وأبيات الشعر والأمثال المشهورة، وما يحيط بها، أو يلامسها من تحريفات، وما يدخله هو عليها من إضافات أو استنتاجات.، وهو دائم الخوض في ذلك، في لاوعيه، وفي وعيه، وفي كلامه الظاهر أحياناً (وسيورده ذلك المهالك بعد حين) ولا فعل له سوى تدبيج الرسائل والكتب الرسمية، ومعالجة أحلامه حول الغروب وانتقاله على كل البلدان دون توقف، ولا تعفن... إنه يناجي نفسه في ذلك فيقول:
"شيء في الغروب شجي وبهيج وفاتن وعنود فيه سحر الديمومة، وفتنة الأزل ومطال الأجل، لا مثل الشروق الخاطف سرعان ما يسلم زمامه الى شمس لاهبة، وهواء وغر...".


" للكاتب مهدي محمد علي

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:17 PM
مقالات (http://www.iraqiwritersunion.com/modules.php?name=News&file=categories&op=newindex&catid=28): وائل المرعب: غائب طعمه فرمان.. خمسة أصوات ..خمسة نداءات أستغاثة

http://www.iraqiwritersunion.com/userimages/ghaa--khamsa.jpgحين ألتقيته أوّل مرّة نهاية ستينات القرن الماضي , وكنتُ قد قرأتُ روايتيه (النخلة والجيران) و (خمسة أصوات) , لم أتمالك نفسي فبكيت في سري .. أذن هذا الكائن الأسمر النحيل الذي يختبيء خلف نظـّارته لفرط حياءه ويتحسّس كرسيه قبل الجلوس هو (غائب طعمه فرمان) , الذي أعتصر قلبي وأسرني بسحر كلماته ونقاء سريرته وترفـّعه عن صغائر الأحقاد وصدقه وتصالحه مع نفسه وما فاضت به روايتيه من المشاعر الأنسانية النبيلة التي كان عليها الكاتب وأبطاله ؟!

حينها كان قد عاد من مغتربه حاله حال الكثيرين من أصحاب المباديء الذين أختاروا المهجر هروباً من قساوة الوطن وعسفه , والذين خدعوا بالأجراءات التي أتخذتها حكومة أنقلاب تموز 1968 بأطلاق سراح السجناء السياسيين وأعادة كافة المفصولين منهم الى وظائفهم , كما أنطلت عليهم وعودها التي تؤكد رغبتها في أقامة جبهة وطنية تضم كل القوى التقدمية والديمقراطية , لكنّه بذكائه الفطري وقدرته على رؤية الأشياء بوضوح أكثر من سواه , تأكـّد من خواء وأكاذيب هذه الوعود , فلم يمكث طويلاً وعاد الى منفاه البارد مسرعاً مخلـّفاً حسرة في قلوب محبيه وأصدقائه وقبل أن يناله آذى لا يحتمله فيخسر نفسه وهذا ما كان يخيفه .
(غائب طعمه فرمان) ينتمي الى الجيل الذهبي الذي يمتد من (1920 ــ 1930) الذي شهد ولادة أهم مبدعي العراق على صعيد الشعر والقصة والتشكيل والموسيقى والمسرح , الذين رسموا الملامح الأولى للثقافة العراقية المعاصرة وأسّسوا منهجاً حداثوياً رائداً تجاوز المألوف والنقل الحكائي والمباشر في شتى المجالات المعرفية, فالسياب والملائكة والبياتي والحيدري ومردان ولميعة عمارة والبريكان وعبد الرزاق عبد الواحدوعبد الملك نوري وفؤاد التكرلي ونهاد التكرلي ومهدي عيسى الصقر وعبد المجيد الونداوي وعبد الجبار وهبي وجواد سليم والشيخلي والجادر والرحال وفريد الله ويردي ومنير بشير وجميل بشير وسلمان شكر وسالم حسين ويوسف العاني وخليل شوقي وزينب وبدري حسون فريد وأسعد عبد الرزاق والعشرات غيرهم ينتمون الى نفس الجيل , وهي مفارقة غريبة تستحق التوقف والتأمل والدراسة .
(غائب طعمه فرمان) ولد في أحد أزقـّة بغداد القديمة والمثقلة دفـّتيه بالبيوتات الصغيرة المتلاصقة التي تعلوها (الشناشيل) الملوّنة , والتي توفّر ظلاًّ تتمتع ببرودته النسوة الجميلات اللاتي يتلصّصن من خلف الأبواب الخشبية لعلّهنّ يأسرن أبن الجيران أو أحد المارة فيفزن به ..ظلاً يحتضن شقاوة الأطفال وعبثهم ويتيح لهم كتابة أحلامهم على الجدران التي تآكل بعضها بفعل الهم الأنساني الذي تنفثه صدور العابرين تنفيساً لعذاباتهم .. أذن هو ينتمي الى هذه المحليّة الحميمية وهذا الدفء المجتمعي الذي أفاده كثيراً حين كتب روايته ذائعة الصيت (النخلة والجيران) التي تمثـّل مرحلة طفولته وبداية وعيه وأنتباهاته البكر الأولى , والتي اعتبرت المرآة التي عكست الصورة الحقيقية لقاع المجتمع البغدادي في الأربعينات , وأضاءت النور حتى في الزوايا المعتمة والدهاليز التي يجري فيها الكثير من العلاقات الانسانية التي تخشى العلن..انها بحق دراسة سوسيولوجية لبست رداء الرواية وكشفت طبيعة الأرهاصات الأنسانية في تلك الحقبة التي كانت تمور بالسخط السياسي والمجتمعي .
كان الوعي السياسي ل (غائب طعمة فرمان) في البدأ ديمقراطياً , يهمّه حرية الأنسان ضمن الخيمة الدستورية التي توفـّرها مؤسسّة البرلمان والتي تعطيه الحق في تحديد اختياراته الوطنية , فأنتمى الى صحيفة (الأهالي) صوت الديمقراطيين في العراق كمحرّر في شؤون الناس و وقد تعرّف من خلال عمله بالصحفي المرموق مدير تحرير الصحيفة (عبد المجيد الونداوي) الذي عرّفه بدوره بالقاص الرائد (عبد الملك نوري) والشاعر المتمرّد (حسين مردان) والشاب المصرفي (محمد حسين الهنداوي) , الذين كوّنوا معه الأصوات الخمسة التي نجح غائب في فك صلتها بالواقع المادي ليدلف بها الى باحة الخيال ومضماره الرحب ويخرج بها بروايته الشهيرة (خمسة أصوات) بعد مرور (12) عام على زمن احداثها التي دارت قبل وبعد الفيضان الذي هدّد بغداد عام 1954 .. لقد كانت (خمسة أصوات) هي بمثابة خمسة نداءات أستغاثة أطلقها هؤلاء المبتلون بهمومهم الأنسانية والأبداعية وبشغفهم بالحياة التي تخبو حماسته بسبب العوز المادي أحياناً أو بسبب المثال السياسي الذي لم يحقق ما كانوا يحلمون به أو بسبب حاجات الجسد المأزومة .
أصدر (غائب) روايته (المخاض) بداية السبعينات وهي الجزء الأخير من ثلاثيته التي أجمع النقـّاد على أعتبارها البداية الحقيقية لنشؤ الرواية العراقية المستوفية كامل الشروط الفنية , التي تؤهّلها أن تقارن بثلاثية نجيب محفوظ الشهيرة بالرغم من عمق وقدِم التجربة المصرية في أنتاج المشاريع الروائية الضخمة والخبرات المتراكمة للكتاب المصريين في هذا المجال . تدور أحداث الرواية بعد عودة الكاتب الى العراق بعد أكثر من عام على ثورة 14 تموز 1958 عندما كان الصراع السياسي على أشدّه بين قوى اليسار وتحالف قوى اليمين القومي والرجعي, وكان (غائب) قد حسم أمر أنتمائه فكريّاً الى اليسار الذي طغت مغرياته الأنسانية وتحليلاته الطبقية وشمولية نظريته العلمية والجمالية وتفسيراته المادية للتأريخ ومنطقه الجدلي على عموم الحركات الثورية في العالم أبّان تلك الحقبة , وبالمقابل شهدت تلك الفترة بروز شخصية (عبد الناصر) الذي أستقطب الكثير من القوى والحركات القومية والعروبية الحالمة بنشؤ دولة الوحدة من المحيط الى الخليج .
كشفت رواية (المخاض) تأثيرات التناحر والتصادم السياسي المصحوب بشحنات الكراهية على طبيعة العلاقات الأجتماعية وصولاً الى العلاقات بين أفراد العائلة الواحدة , وبروز نوايا ومشاعر الأنتقام من الضد الفكري لم تكن مألوفة أبان الحكم الملكي , كما أنشغلت بعض فصول الرواية بهموم الكاتب الشخصية وخيباته العاطفية خاصة عندما أشتغل محرّراً في وكالة أنباء الصين , ممّا اكسب الرواية بعداً بكائياً مصحوباً بالمرارة يحمل في أفقه البعيد نبؤة ما آل اليه العراق من كوارث أصطبغت بلون النجيع وما تركه المعادل العنفي من جروح في النفس العراقية التي حلم (غائب) وناضل طيلة حياته في أشاعة الأمل فيها .
أخيراً ..لقد أستمكن الكاتب القدير (غائب طعمه فرمان) من الأمساك حتى باللحظات الهاربة من ذاكرته طيلة عمر السرد الذي أستغرقته أزمان ثلاثيته , اضافة الى نجاحه في تطعيم حوارات أبطاله ببعض المفردات العامّية البغدادية ممّا اكسب هذا السفر الروائي العراقي المهم النكهة المحليّة المحببة , حتى أثار فضول القاريء العربي لمعرفة اسرار ومقاصد هذه المفردات التي تقرّبه من طبيعة الشخصية العراقية المتوتـّرة والمنفعلة حتى في أوقات الضحك والمرح الكذوب .

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:18 PM
غائب طعمة فرمان .. بين المرتجى والمؤجل


حملت الاقدار الروائي العراقي الكبير غائب طعمة فرمان الى موسكو عقب فترة اغتراب طويلة تنقل فيها ما بين القاهرة وبيروت ودمشق وبكين لدى اضطراره للنزوح من العراق ونشره كتابه " الحكم الاسود في العراق" في عام 1956 . وعاد اليها في عام 1958 لكنه غادر البلاد مرة اخرى في مطلع الستينيات حيث استقر به المقام في موسكو حين بدأ العمل مترجما في دار النشر السوفيتية"التقدم" ومن ثم في دار " رادوغا".

ويعتبر الابداع الادبي لغائب طعمة فرمان ظاهرة فريدة من نوعها حيث ان الكاتب كتب رواياته الرائعة بعيدا عن الوطن وفي موسكو بالذات، وبالرغم من اجواء الغربة فقد نجح في تصوير المجتمع العراقي بصورة دقيقة وعميقة ربما لم يفلح بتصويرها مثله من عاش في داخل العراق. علما ان الكاتب بدأ مسيرته الابداعية بكتابة القصص القصيرة في الفترة بين عامي 1949 و1960 ، واعترف في حينه بتأثره بأعمال الكاتبين الروسيين مكسيم غوركي وانطون تشيخوف، ونشر مجموعتي قصص هما "حصاد الرحى " و" مولود آخر". وكتب فرمان عن مجموعة القصص الاخيرة: "انني كتبتها بعيدا عن العراق في اعوام 55 و56 و57 .. وفرغت من كتابة احداها على مصطبة في احد شوارع دمشق ..... في يوم من يناير القارس البرد، وانا شبه متشرد. وعملت في قصة " دجاجة وادميون اربعة" وانا عائد الى رومانيا بعد ان توسط خليل كنة(وزير عراقي في ايام حكم نوري السعيد) لمنعي من دخول سورية ثم اكملت القصة في قصر الطلائع في بخارست".

وقد اعتمد الكاتب نهج تصوير واقع المجتمع العراقي على حقيقته وكتب بهذا الصدد يقول:" اذكر انني سألت ذات مرة احد القصاصين المصريين الكبار : لماذا لم تعد تكتب يافلان؟ فأدجابني مندهشا : الله .. كيف اكتب عن الفاقة والجهل والحياة البائسة ، كما كنت في الماضي بينما أرى حكومتي الآن تكافح ضده. ذلك سيكون طعنة في صدر حكومتي".ويومها (في عام 1956) جادلته قائلا : "لو اخذ بنظريتك ادباء العالم ، لمحي نصف الادب العالمي". وكتب د.عبدالعظيم انيس عن قصص غائب طعمة فرمان يقول " ان قراءتي لقصص غائب طعمة فرمان مع حوراها العامي قد زادتني فهما للمجمتع العراقي ومستقبله".

ولم تكن حياة غائب نبضا فحسب له ايقاعاته عن " حياته في العراق" التي بقيت تلازمه حتى النفس الاخير.ولم يكن هذا الكاتب روائيا كبيرا فقط بل كان ايضا انسانا كبيرا . وعرف ذلك كل من خالطه من ابناء جلدته في اللقاءات مع " الخرفان " – حسب تعبيره تحببا لهم ، فقد كان يعتز بكل عراقي يلتقي به في مقهى فندق " موسكفا" بوسط العاصمة العراقية. وكان يصغي بأهتمام الى احاديثهم عن همومهم ومشاكلهم واخبار الوطن. فأن حنينه الى هذا الوطن وحياته هناك كان يزداد كلما امتدت به الغربة. كما كان يتعاطف مع كل من يعاني من المشاكل في هذه الغربة.

ولد غائب طعمة فرمان في بغداد في عام 1927 في اسرة متواضعة في حي المربعة الفقير. وقد اصيب بمرض التدرن الرئوي في سن مبكرة، وسافر فيما بعد الى القاهرة للعلاج . وهناك تأثر كثيرا بالحركة الادبية في مصر وحضر مجالس الزيات وسلامة موسى ونجيب محفوظ في مقهى الاوبرا. ونشر اولى قصصه في العراق(مصرية في العراق) في مجلة " الجزيرة" ، ثم نشر ثلاث قصص في مجلة "الرسالة" المصرية لأحمد الزيات منها (قلب محروم) و( بيت الذكريات). وتخرج غائب من كلية الاداب ببغداد في عام 1954. وعمل في قسم " شكاوي الناس" في جريدة " الاهالي" لسان حال الحزب الوطني الديمقراطي حتى اغلاقها في عام 1954.وقد ساعده ذلك على معرفة احوال بسطاء الناس ومشاكلهم والتي استخدمها في قصصه ورواياته لاحقا. وغادر العراق في العام نفسه الى لبنان حيث عمل مدرسا للغة العربية. وفي فترة وجوده في الصين حيث عمل مترجما في دار للنشر هناك ترجم مجموعة من اعمال الشاعر الصيني لو شين. وبعد قيام ثورة 14 تموز/يوليو 1958 في العراق شارك في نشاط اتحاد الادباء العراقيين وفي اصدار الصفحة الادبية لجريدة " اتحاد الشعب". وفي مطلع الستينيات بدأت حياة غائب في موسكو حيث خصصت له شقة من غرفة واحدة بالقرب من محطة مترو" الجامعة". وكان يقضي صباح كل يوم في ترجمة شتى النصوص من اجل دار النشر " التقدم" واغلبها لم يكن من الاعمال الادبية.

وذكر لأحد اصدقائه مرة وهو يقلب الاوراق على طاولته : انا لا افهم شيئا في تربية الاغنام فكيف اترجم مثل هذا الكلام؟ علما ان لغته الروسية كانت ضعيفة واعتمد كثيرا على المعاجم او المقارنة مع النصوص الانكليزية. وكان يفعل ذلك حتى لدى ترجمة اعمال الادباء الروس مثل بوشكين وتولستوي ودوستويفسكي. وكان يلتقي مع الشخصيات الثقافية الموجودة بموسكو او تزور روسيا ومنها الرسام محمود صبري وعبدالوهاب البياتي وفريدالله ويردي ومحمود درويش وعبدالرحمن الخميسي وسعيد حورانية. كما لم يكن غائب يفوت اية مناسبة يقيمها العراقيون او العرب سواء امسية ثقافية او مجرد لقاء في المناسبات الوطنية.وشارك بنشاط في جمعية الكتاب والفنانين العراقيين في الاتحاد السوفيتي التي تولى رئاستها. وفي تلك الاعوام من الستينيات تعرف غائب على رفيقة حياته في المستقبل اينغا فرمان التي كانت طالبة دراسات عليا متخصصة بالادب الالماني. وتم التعارف في احدى قاعات مكتبة لينين كما روى غائب لأصدقائه. ورزقا فيما بعد بولد هو سمير غائب فرمان . وكان غائب غالبا ما يزور المكتبات بموسكو لمطالعة كتب التراث العربي مثل " الاغاني" و"مقامات الحريري" وغيرها بالاضافة الى الكتب التاريخية والاجتماعية.

وتعتبر مرحلة السبعينيات من اهم مراحل حياة غائب طعمة فرمان بموسكو حيث بدأ فجأة وبدون سابق انذار بكتابة روايته " النخلة والجيران".وحدث ذلك بعد ان اجريت له عملية استصال الرئة المصابة بالتدرن. وخرج من المستشفى بروح جديدة اذ كان غالبا ما يتذكر والدته واخيه علي واشتد حنينه الى الوطن الذي لم يستطع الرجوع عليه بسبب الظروف السياسية. ولدى كتابة الرواية كان يلح ايامذاك في توجيه الاسئلة على العراقيين المحيطين به حول القضايا المتعلقة بالحياة في بغداد وازقتها ومحلاتها. وكان لصدورها صدى كبير في الاوساط الادبية العراقية والعربية.

لأنها اعلنت عن مولد روائي عراقي من المستوى الرفيع. وتعتبر هذه الرواية بحق اول رواية عراقية صميمية ذات بنية ادبية متينة ورسم دقيق للشخصيات وسلوكياتها.واعقبت هذه الرواية الاعمال الروائية الاخرى . علما ان احداث جميع الروايات تجري في العراق وليس في روسيا، وعندما سئل مرة لماذا لا يمكتب رواية او مسرحية عن الحياة في الغربة اجاب بأن السلبيات في مجتمع المغتربين كثيرة ولا يريد استثارة احد. علما ان جميع شخصيات روايات غائب تقريبا مستوحاة من شخصيات واحداث حقيقية عاشها او عرفها الكاتب.

وقد انتقل غائب طعمة فرمان الى جوار ربه في 17 أغسطس/آب عام 1990 ودفن في مقبرة " تريوكوروفا" بضواحي موسكو .

أعمال غائب طعمة فرمان القصصية والروائية :

- حصاد الرحى / مجموعة قصص / 1954
- مولود آخر / مجموعة قصص / 1955
- النخلة والجيران / رواية / 1966
- خمسة أصوات / رواية / 1967
- المخاض / رواية / 1973
- القربان / رواية / 1975
- ظلال على النافذة / رواية / 1979
- آلام السيد معروف / رواية / 1980
- المرتجى والمؤجل / رواية / 1986
- المركب / رواية / 1989

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:18 PM
35- عودة الغائب منذر القباني (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B0%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8% D8%A7%D9%86%D9%8A) السعودية
رواية عودة الغائب

رواية للمؤلف السعودي منذر القباني (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B0%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8% D8%A7%D9%86%D9%8A) صاحب رواية حكومة الظل (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8%AD%D9%83%D9%88% D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%84) التي تصدرت في عام ٢٠٠7 قائمة الروايات العربية الأكثر مبيعا.



تعتبر رواية عودة الغائب من أكثر الروايات العربية انتظارا من قبل القراء لما تحتويه من إجابات على بعض التساؤلات التي تركت مفتوحة في رواية حكومة الظل (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8%AD%D9%83%D9%88% D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%84) التي لاقت نجاحا مذهلا واهتماما كبيرا من قبل القراء والإعلام العربي.

صدرت الرواية في عام ٢٠٠٨ عن الدار العربية للعلوم وهي الرواية الثانية للروائي السعودي منذر القباني (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B0%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8% D8%A7%D9%86%D9%8A) الذي يعتبره الكثيرون من أبرز الوجوه الروائية الشابة في المملكة العربية السعودية ومنطقة الخليج.

==
قراءة في رواية عودة الغائب
بقلم مدون : weyer
ذهبت كعادتي إلي معرض الكتاب بالرياض في أول أيامه وأخذت أتجول بين دور النشر حتى وصلت إلى ركن الدار العربية للعلوم. سمعت عددا منالزوار يسألون البائع عن رواية منذر القباني الجديدة عودة الغائب فتوقفت لحظة حيثأني لم أكن أعلم أن روايته هذه التي سمعت أنها على وشك الصدور، قد صدرت بالفعل وجاءت إلى معرض الكتاب. بل ما أدهشني هو عدد الذين أتوا خصيصا إلى الدار العربيةللعلوم قاصدين هذه الرواية و قد علموا بصدورها بالرغم من أني لم أقرأ خبرا واحداعنها في أي من الصحف، و أنا أحسب نفسي متتبعا جيدا للصفحات الثقافية. سألت البائعالشاب عن رواية عودة الغائب و إن كانت في مستوى رواية حكومة الظل فأخبرني صادقابأنه لم يقرأها بعد حيث أنها قد وصلت للتو من بيروت متزامنة مع معرض الكتاب و لكنمما لا شك فيه أن إقبال القراء عليها يفوق باقي الكتب المعروضة و أنه إذا استمر حالالاقبال على الرواية على هذا الحد إلى نهاية المعرض فستنفذ الطبعة الأولى!
طبعةبأكملها تنفذ في أيام! لم أسمع بمثل هذا الأمر لرواية عربية!
إقتنيت طبعتي ثمبدأت قرآتها فورما وصلت إلى بيتي و إليكم قرآتي للرواية:

أزعم أني من أوائلالذين كتبوا عن منذر القباني و روايته حكومة الظل. بل أزعم أني من أوائل الذينتنبؤوا بنجاح تلك الرواية في الوقت الذي لم يكن قد سمع فيه أحد لا بمنذر القباني ولا بروايته حكومة الظل، و مع أني مقل بشكل عام في كتابة القراءات إلا أن حكومة الظلقد إستفزتني لكتابة موضوع عنها وقد نشرته هنا في الموقع
أعترف بأن عودة الغائبقد إستفزتني للكتابة هي الأخرى

الرواية تبدأ أحداثها في عام 1909 حيث يكتشفرجل في غابة جعيتا كهفا يأوي إجتماعا غريبا لجماعة أغرب. تدور أحداث سريعا ( سأحاولأن لا أبوح بكثير من التفاصيل حتى لا أفسد الرواية على من لم يقرأها) في هذا الفصلثم تنتقل بنا الأحداث إلى عام 2006 و رحلة رومانسية على ظهر سفينة في البحر المتوسطبطلتها هي دانيال جولد ( من قرأ رواية حكومة الظل سيكتشف أن أحداث هذا الفصلمتزامنة مع أحداثها) التي تفاجأ بما لم تكن تتوقعه!
تنتقل بنا الأحداث إلى شخصيةشاب سعودي إسمه جمال جداوي و هو يزف إلى حبيبته دلال رحال ثم في أثناء شهر العسل فيمدينة لندن تحدث المفاجأة الكبرى
ثم ينتقل بنا المؤلف إلى العام 2009 أي بعدثلاثة أعوام ( و هي أيضا بالمناسبة بعد ثلاثة أعوام من نهاية أحداث رواية حكومةالظل)
و هنا فحوى الرواية و يعود نعيم الوزان من ماليزايا بتكليف من جماعةالعروة الوثقى ( التي لديها هي أجندتها الخاصة و التي هي على حساب نعيم الوزان دونأن يدري) للبحث في أمر ما يتعلق بذلك الرجل الذي ورد ذكره في بداية الرواية ( 1909)
تتنقل الرواية ما بين عدة شخصيات و عدة أحداث يبدو في البداية أن لا رابطايجمعها جميعا لنكتشف مع مرور الرواية أن هناك أكثر من رابط يجمع بين كل تلك الأحداثو الشخصيات.

منذر القباني في هذه الرواية يستعرض لنا قدرات سردية تجعلني أقفمشدوها. الحقيقة من كان يعتقد بأن حكومة الظل كانت مشوقة فعليه أن يقرأ عودة الغائبلأن كلمة تشويق لا تعطيها حقها. فنحن هنا أمام مرحلة جديدة لا أعلم كيف أصفها! بللا أعلم كيف سيأتي لنا القباني برواية بعد هذه حيث أخشى أن يكون قد إستنفذ كل مالديه في هذه الرواية!

فالرواية كما وصفها لي أحد الأصدقاء تحبسالأنفاس!

الأمر الآخر الذي أدهشني هو كيفية ربط جميع أحداث و شخصيات الروايةببعضها بشكل فيه حرفية ماهرة و بسلاسة و دون تكلف. فمن السهل أن يكتب روائي أحداثعدة في رواية واحدة تربطها المكان كما فعل علاء الأسواني في روايتي عمارة يعقوبيانو شيكاغو، و لكن أن تربط هذه الأحداث ببعضها البعض و تجعلها تتقاطع كما فعل القبانيفي عودة الغائب فهذا أمر آخر لا تشاهده إلى مع روائي محترف و متمكن منأدواته.

كنت قد عبت في قرآتي لحكومة الظل على شخصيات الرواية التي وجدتهاسطحية و لم يكن فيها عمق. و لكن في عودة الغائب قد تدارك المؤلف هذا الأمر و جاءتالشخصيات الرئيسية أكثر عمقا بحيث إستطعت أنا كقارئ أن أتقرب منها أكثر و أتعرف علىدوافعها.

لا أريد أن أطيل فهناك الكثير ما يمكن قوله و لكني أختم بأن فيإعتقادي البسيط أن رواية عودة الغائب تستحق أن يقف أمامها الناقد كعلامة فارقة ليسفقط في الرواية السعودية بل في الرواية العربية. نحن فعلا أمام عمل أكثر من متميزلروائي عربي لم أشهد له مثيلا!

==




الرواية تدور حول حدث دار قبل قرن من الزمان وما تبعه من محاولة فك طلاسم رسالة لنجم الدين غول، والذي قتل بسبب ما توصل إليه؟! بشأن حقيقة “حكومة الظل”، ولكنه مات قبل أن يوصل إلينا التفاصيل!” “حكومة الظل” عنوان للرواية الأولى لنفس كاتب رواية “عودة الغائب” وهي تحكي احداث قد ترتبط جزئياً بعودة الغائب

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:19 PM
منذر القباني
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


منذر القباني من مواليد مدينة الرياض عام 1970
طبيب وروائي سعودي أبرز اعماله رواية حكومة الظل التي صدرت عام 2006 عن مركز الراية ثم أعيد طباعتها عام 2007 عن الدار العربية للعلوم.
تعد رواية حكومة الظل (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8%AD%D9%83%D9%88% D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%84) من انجح الروايات العربية التي صدرت في السنوات الأخيرة وقد لاقت صدا كبيرا في ما بين المنتديات والمدونات كما أن الصحافة تناقلتها كظاهرة روائية سعودية جديدة مختلفة عن باقي الروايات السعودية التي شهدتها الطفرة الروائية الأخيرة.


في عام ٢٠٠7 تصدرت رواية حكومة الظل (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8%AD%D9%83%D9%88% D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B8%D9%84) قائمة الروايات العربية الأكثر مبيعا حسب موقع النيل والفرات



كما صدر للمؤلف في عام ٢٠٠٨ رواية عودة الغائب (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8%B9%D9%88%D8%AF% D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%A7%D8%A6%D8%A8) وتصدرت هي الأخرى قائمة الكتب العربية الأكثر مبيعا في أول أسبوع من صدورها.

==
مواليد مدينة الرياض سنة ١٩٧٠</SPAN>
حصل على شهادة الباكلريوس في الطب من جامعة الملك سعود بالرياض سنة ١٩٩٤
حصل على البورد الكندي في الجراحة العامة من جامعة تورنتو سنة ٢٠٠١
حصل على شهادة التخصص الدقيق في مجال جراحة الكبد و البنكرياس و القناة الصفراوية من جامعة برتش كولومبيا في فانكوفر سنة ٢٠٠٣
ألقى مجموعة من المحاضرات الصحية و الثقافية في مختلف مدن العالم
لديه مجموعة من الأوراق العلمية المنشورة في العديد من المجلات الطبية المحكمة
نشر مجموعة من المقالات الثقافية في الصحف المحلية

لديهمن الأعمال المطبوعة:
رواية حكومة الظل سنة ٢٠٠٦
رواية عودة الغائب سنة ٢٠٠٨

للمراسلة:


http://web.mac.com/alkabbani/Site/Welcome.html (http://web.mac.com/alkabbani/Site/Welcome.html)

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:20 PM
منذر قباني: أحمل مؤسساتنا الثقافية سبب حالة العزلة
عبدالله السمطي



gmt 16:00:00 2009 الجمعة 3 يوليو




مازالت روايته الأولى "حكومة الظل" الأكثر رواجا
منذر قباني: أحمل مؤسساتنا الثقافية سبب حالة العزلة التي يشعر بها جيل كامل من الأدباء السعوديين.
* نجاح روايتي الأولى حكومة الظل لعب فيه القارئ عبر الإنترنت دورا كبيرا،
* من المؤسف أن يكون أعضاء الغرف التجارية في السعودية منتخبين، ولا يحدث ذلك في الأندية الأدبية.
* الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الرواية التي تحترم عقل القارئ الواعي
عبدالله السمطي من الرياض: يجزم الروائي السعودي منذر قباني بوجود طفرة روائية في السعودية، وعلى الرغم من ذلك فإن هناك ضعفا في الحالة النقدية والثقافية في رأيه ، ويشخص قباني هذا الضعف بوجود بعض النقاد و المثقفين "يهاجمون الإنتاج الثقافي من دون إبداء أسباب منطقية و علمية قائمة على تحليل منهجي". أصدر الروائي منذر قباني روايتين، هما:" حكومة الظل" 2006 و" عودة الغائب" 2008 وقد حققتا نسبة مقروئية عالية بين القراء وطبعتا غير مرة، مع ذلك لم تلفت الروايتان أنظار النقاد السعوديين، بل كتب عنه عدد من النقاد العرب، وهو في حديثه لإيلاف يكشف أسباب هذا التجاهل النقدي ويعزوه إلى "الأهواء الشخصية" و"عدم القراءة". قباني المولود بالرياض في العام 1970 والذي يعمل بالأساس طبيبا جراحا، يشكل صورة للجيل الروائي الجديد الذي يكتب بدقة كتابة مختلفة على مستوى الأسلوب الروائي وعلى مستوى النسق الدلالي يؤكد على أن هناك شعورا عاما لدى عدد كبير من الأدباء وخاصة الشباب بالعزلة عن المؤسسات الثقافية وبعدم الشعور بالتضامن من قبل الأجيال السابقة من الأدباء والنقاد. في هذا الحوار تطرق قباني إلى توصيف حالة الرواية السعودية، وموقف المؤسسة الأدبية من المبدع السعودي وغيرها من القضايا الأدبية، وهذا نص الحوار:
* حققت روايتاك:"حكومة الظل" و"عودة الغائب" نسبة مقروئية عالية بالمقارنة بالروايات السعودية التي واكبتها في الصدور، فما مدى استجابة النقاد لهما؟
- لا شك أن رواية حكومة الظل إستطاعت أن تحقق نجاحا كبيرا منذ صدورها في عام ٢٠٠٦ ولا يزال الإقبال عليها كبيرا إلى اليوم بعد مرور ثلاث سنوات، حتى أنها كانت من أكثر الكتب مبيعا في معرض الكتاب الدولي الأخير بالرياض، و كذلك الحال بالنسبة لرواية عودة الغائب التي صدرت في عام ٢٠٠٨. بل أن بفضل من الله لم يكن هذا النجاح على المستوى المحلي فقط، بل تجاوزه إلى كثير من الأقطار العربية، ولكن بالرغم من هذا ستجد أن من تناول هاتين الروايتين، إما بالتحليل أو عن طريق الكتابة الإنطباعية، هم في الغالب من غير النقاد السعوديين. لا أعتقد بأن هذا الأمر من قبيل المصادفة، أو أنها مسألة تخصني أنا وحدي دونا عن غيري، بل أراه إنعكاسا لضعف الحالة الثقافية في المشهد المحلي بشكل عام بالرغم من الطفرة الروائية التي نشهدها اليوم في السعودية. بل أنه من المؤسف أنك تجد بعض النقاد والمثقفين يهاجمون الإنتاج الثقافي من دون إبداء أسباب منطقية وعلمية قائمة على تحليل منهجي لتلك الأعمال، حتى أنه منذ فترة قريبة صرح أحد هؤلاء النقاد، تعليقا على عدم وصول أية رواية سعودية للقائمة القصيرة أو الطويلة لجائزة بوكر العربية، بأن الرواية السعودية لا تصلح للنشر وغير مؤهلة للترشيح!! لا شك أن مثل هذه التصريحات هي أقرب للأهواء الشخصية منها للرأي النقدي التحليلي، و صدقني عندما أقول لك بأني لن أكون مندهشا إن لم يكن يعلم صاحب ذلك التصريح ما هي الروايات السعودية التي رشحت للجائزة ناهيك عن قراءته لتلك الأعمال.
ولكن بالرغم من هذا فهناك من النقاد والكتاب من تناول أعمالي بالنقد والتحليل من أمثال عبود عطية و عبدالحفيظ الشمري ، و محمد العشري و سلطان الزعابي و غيرهم كثير. كما أن ما يكتبه القراء عبر المنتديات الثقافية لا يقل أهمية عندي حيث أن تلك الكتابات تشكل مقياسا حيا لمدى تجاوب القارئ مع الكاتب، وأنا شخصيا أستفيد كثيرا منها. ولله الحمد فقد حظيت أعمالي على قدر كبير من التغطية عبر الإنترنت، حتي أني لا أبالغ إن قلت بأن نجاح روايتي الأولى حكومة الظل لعب فيه القارئ عبر الإنترنت دور كبير، حتى أنه بعد صدور الرواية بأشهر قليلة كانت تأتيني رسائل من عدد كبير من أشخاص لا أعرفهم من كافة الأقطار العربية تستفسر عن كيفية الحصول على العمل الذي قرأوا عنه عبر الإنترنت.

* لأنك آت من مجال علمي طبي .. كيف هي علاقتك بعالم الأدباء السعوديين هل تشعر بالعزلة أم بالغربة أم بالتضامن؟
تربطني علاقة جيدة مع عدد من الأدباء و المثقفين السعوديين، و لكن لا أخفيك القول بأن هناك شعورا عاما لدى عدد كبير من الأدباء و خاصة الشباب بالعزلة عن مؤسساتنا الثقافية وبعدم الشعور بالتضامن من قبل الأجيال السابقة من الأدباء و النقاد. مع الأسف النوادي الأدبية لا تقوم بدورها كما يجب، وهذا أمر غير مستغرب من أعضاء مجالس إدارة معينين وغير منتخبين، حيث أنهم يدركون بأن بقائهم في مناصبهم هو رهن علاقتهم الجيدة مع المسؤول الذي عينهم و ليس مع المثقفين والأدباء الذين هم من المفترض المعنيين في المقام الأول من قبل النوادي الأدبية. ومن المؤسف حقا أن يكون أعضاء مجالس الغرف التجارية في السعودية منتخبين، في حين أن الحال ليس كذلك بالنسبة للنوادي الأدبية التي من المفترض أنها تمثل النخبة الثقافية للبلاد، والتي تقود حركة التنوير والتطوير والإصلاح. لذلك أنا أحمل مؤسساتنا الثقافية سبب حالة العزلة وعدم التضامن التي يشعر بها جيل كامل من الأدباء السعوديين.
ومن المفارقات العجيبة أنه في السنوات الثلاث الأخيرة أتتني دعوات لأقامة أمسيات ثقافية حول أعمالي من خارج بلادي أكثر مما أتاني من داخلها. وهذا أمر مؤسف حقا، فهل يعقل على سبيل المثال وليس الحصر بأن أتلقى دعوة من قبل أدباء من الإمارات ولا أتلقى ولو مرة واحدة دعوة من النادي الأدبي بالشرقية التي هي أقرب إلي!
وفي المقابل أنظر إلى مدى الحفاوة التي يتلقاها الأديب في دولة مجاورة مثل مصر عندما يبرز له عمل و يحقق نجاحا ما. ألا تتفق معي بأن هناك فرقا كبيرا؟

* في رأيك هل قطعت الرواية السعودية شوطا باتجاه الأعلى أم أنها مازالت تراوح مكانها الاجتماعي المضموني الإيروتيكي أحيانا؟
لا شك أنه في السنوات الأخيرة الرواية السعودية تطورت بشكل جيد و ملموس خارج المضمون الإجتماعي والفضائحي. فهناك أعمال لمؤلفين مثل عبد الوهاب آل مرعي، وسيف الإسلام آل سعود، وعبد الواحد الأنصاري وغيرهم تحاول شق بحار جديدة في الرواية المحلية، و لكن مع الأسف الإعلام لا يسلط الضوء الكافي لمثل هذه الأعمال الجادة، بل كل ما يعنيه الرواية الفضائحية، ولذلك يبدو للقارئ خارج مشهدنا الثقافي وكأن كل ما ينشر من روايات سعودية لا تعدو الرواية الإروتيكية الإجتماعية علي حد تعبيرك. وهذا مثال آخر على ضعف المناخ النقدي والثقافي في المشهد المحلي الذي لا يبرز مثل تلك المحاولات الجادة والجيدة لمؤلفين يستحقون عناية وإهتمام أكثر بكثير مما يتلقونه اليوم.

* من المفارقات الحادثة أن هناك من أصدر رواية واحدة وبدأ يملأ الدنيا ويشغل الناس ، هل هي سطوة الإعلام والنشر أم تشوق الناس لهذا العالم البولوفوني الجديد في الساحة السعودية؟
لا شك أن للإعلام دورا كبيرا في رواج أي عمل روائي، و بعض الروائيين يتعمدون مصادمة فئة من فئات المجتمع و خاصة الفئة المحافظة على أمل أن تستقطب تلك الفئة أقلامها للتنبيه من ذلك العمل فيكون الأثر عكسيا و يقبل القراء علي ذلك العمل من باب الفضول. وهناك أمثلة كثيرة لمثل تلك الروايات التي نالت شهرة ورواج بفضل مثل تلك الضجة المفتعلة، ولكن سرعان ما يخفت بريق تلك الأعمال، و في الغالب هي لا تترك أثرا إيجابيا في نفس القارئ.
أنا شخصيا أؤمن بأن العمل الجيد كفيل بأن يفرض نفسه على الإعلام و هو قادر على صنع الرواج من خلال القارئ الواعي. و هذا ما حدث بالفعل مع رواية حكومة الظل ومن ثم مع رواية عودة الغائب. رواية حكومة الظل عندما صدرت في ٢٠٠٦ لم يهتم بها الإعلام في بادئ الأمر. لم يحم حولها أي ضجة إعلامية مثلما حدث مع روايات أخري صدرت في ذات الفترة. و لكن مع ذلك بدأت مع مرور الوقت تحتل قائمة الكتب الأكثر مبيعا، وكان الرواج قائما على ما تداوله القراء عبر منتديات ومدونات الإنترنت. و بعد أن نفذت الطبعة الأولى بدأ الإعلام يلتفت إلى الرواية ويتساءل عن مؤلفها. اليوم و بعد ثلاثة أعوام لا تزال رواية حكومة الظل هي من أكثر الروايات رواجا في العالم العربي، في حين أن كثيرا من الروايات التي صدرت في ذات العام و نالت ضجة إعلامية مفتعلة، لا يذكرها أحد اليوم. لذلك أنا دائما ما أقول بأن الرهان الحقيقي يجب أن يكون على الرواية التي تحترم عقل القارئ الواعي، والتي تقدم له أسلوبا جديدا وماتعا ممزوجا بفكر و ثقافة، بحيث تجعل علاقة القارئ لا تنتهي معها حتى بعد أن يطوي آخر صفحاتها.
* ما الجديد السردي عند منذر قباني؟
أحضر حاليا لرواية جديدة، أصدقك القول، لا أدري متى ستكون جاهزة للطباعة، لأني لا أزال في المراحل الأولى من العمل. ولكن أعدك وأعد القراء بأنه إن شاء الله ستتوافر المزيد من الأخبار حول عملي الجديد عبر موقعي في الفيسبوك

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:21 PM
الأديب الدكتور منذر قباني لـ "الاقتصادية":

بعض النقاد أصبحوا مسؤولي "علاقات عامة" لدى بعض الروائيات!

- حوار: هيثم السيد - 11/11/1428هـ
رغم صدورها ضمن العام الأكثر انهمارا روائيا إلا أن "حكومة الظل" نجحت في تكوين شخصية مستقلة جعلت البعض يصنفها كنسق روائي له سماته الفنية الخاصة, وربما هذا ما جعل الجمهور يصوت لها بالثقة حتى قبل تقديمها عبر المنبر الإعلامي.

ورغم تفاوت الرؤى الانطباعية والنقدية التي استقبلت القباني وعمله الأول "حكومة الظل" والتي تراوحت بين الرفض التام والاتهام بالتبعية والتقليد للرواية الشهيرة "شفرة دافنشي" للروائي الأمريكي دان براون، إلى الإعجاب المخلص واعتبار العمل نقلة نوعية نحو تجديد الرواية السعودية والعربية، إلا أن القباني يكشف عن ثقة ذاتية متناهية في مشواره الأدبي واستعداده لطرح رواية جديدة في الأشهر القادمة كشف عنها في هذا الحوار، ورؤى القراء وطريقة استقبالهم لعمله الأول وتفاعله مع هذا الاستقبال.
الإطلالة الأدبية الأولى كانت مشجعة بما يكفي لاستضافة الدكتور منذر قباني في حوار صريح تناول فيه روايته والمشهد الأدبي والثقافي داخليا وعربيا, كما انتقد كبار النقاد في المملكة, معتبرا إياهم أنهم لم يواكبوا تطور الحركة السردية المحلية.

مشروعك الروائي الأول "حكومة الظل" قام على استعارات زمنية وحوارات درامية ذات تفاصيل خيالية, في حين صنفها البعض كرواية بوليسية, هل تعمدت "حكومة الظل" أن تكون بهذه التعددية على مستوى التحزب التصنيفي إن صح التعبير؟

أجيب عن سؤالك بنعم، تعمدت أن أجعل من "حكومة الظل" رواية متعددة التصنيف بحيث لا يمكن أن تعتبرها بالرواية البوليسية التقليدية أو التاريخية أو حتى الخيالية. وبهذا رغبت في أن أخرج من الدائرة التقليدية للرواية والمزج بين الأصناف المختلفة من أجل صنع مذاق خاص ومتميز؛ وستلاحظ أنه من خلال متابعة ما كتب عن "حكومة الظل"، ستجد أن هناك من أعجب بالجانب التشويقي في حين أن شخصا آخر أعجبته الزاوية التاريخية في حين أن شخصا ثالثا استوقفه الجانب التأملي الإسلامي, وهكذا.

بالنظر إلى الرواية وكونها تشكلت عبر قراءات متعددة وبعيداً عن زخم المشهد السردي الذي اكتظت شوارعه أخيرا بظاهرة الاختناق الروائي, ما الإضافة النوعية التي تقترحها "حكومة الظل" لهذا المشهد في نظرك؟

رواية "حكومة الظل" أتت إلى الساحة الروائية العربية بنمط جديد ومختلف عما هو سائد من خلال مزجها بين التشويق والفكر وغموض التاريخ وإسقاطه على الحاضر. مضمون الرواية كان مختلفا كما كان أسلوبها البسيط ذو الإيقاع السريع. هذا بجانب أن الرواية نجحت عبر إثارة التفكير وليس عبر إثارة الغرائز.

هل يمكن القول إن السمة التاريخية في عملك الروائي تجاوزت العامل الفني لتمثل كذلك منظرا يمكن من خلاله قراءة الواقع المعاصر والإسقاط عليه؟

السمة التاريخية للعمل كانت جزءا من طابعه الفني. وبالأخص الأسلوب الذي استخدمته في التنقلات السريعة بين الماضي والحاضر، واستخدام الحقائق التاريخية ومزجها مع الأحداث الخيالية في العمل؛ ومع هذا أنا كما أشرت جعلت من العنصر التاريخي في الرواية مرآة تعكس الواقع أو على أقل تقدير, مرشدا لفهم الحاضر من خلال ترابط الأحداث بين الجد والحفيد، وكأن ما كان يفعله الأول في الماضي يفسر للقارئ من خلال أحداث الرواية الألغاز التي تصادف الثاني في الحاضر. وهذا الأسلوب الذي استخدمته نابع من إيماني بأن مفتاح فهم الحاضر يكمن في فهم الإنسان للتاريخ، ولكن طبعا أنا أتحدث عن التاريخ الحقيقي وليس ذلك المشوه الذي يصنعه الغالبون.
على ماذا كنت تراهن للوصول للمتلقي في ظل غياب التقييم الفني لما يقدم من ناحية وما يمكن اعتباره غيابا لعناصر الجذب التقليدية في روايتك من ناحية أخرى؟

راهنت على القارئ الذكي الذي يبحث عن عمل جاد وماتع، خال من الإسفاف، وغير تقليدي. والحمد لله لقد صادفت رواية "حكومة الظل" نجاحا كبيرا غير متوقع وأصبح القراء هم من يروجون للعمل ثم أتى بعد ذلك دور الصحافة التي أسهمت هي الأخرى في تعريف الرواية. بالنسبة للنقاد، فباستثناء عدد بسيط منهم كعبد الحفيظ الشمري وعبد الواحد الأنصاري، كان أغلبهم في سبات عظيم، ليس فقط تجاه روايتي ولكن بشكل عام تجاه الأعمال السردية المحلية. والكل يتساءل: أين رموز النقد السعودي كعبد الله الغذامي ومعجب الزهراني وسعد البازعي؟ كان من المفترض أن يكونوا هم على رأس حركة نقدية جديدة تواكب الزخم السردي الحديث، ولكن على ما يبدو تركوا المجال لغيرهم لأسباب يجهلها الكثيرون.

قضت الرواية العربية أكثر من نصف قرن وهي تمارس فعل التجريب في الأسلوب التقني وفي المضمون, متى سيمكننا الحديث عن رواية عربيّة حديثة مظهرا وجوهرا؟

جزء من المشكلة هي غياب الحركة النقدية القوية التي كانت موجودة في الساحة منذ عدة عقود. هناك أعمال روائية تظهر في الساحة حديثة المظهر والجوهر ولكن المشكلة أنها لا تأخذ نصيبها من التقييم، وكما هو معلوم، فلا يمكن للكاتب أن يتطور إن لم يجد من يقيم أعماله ليظهر ما فيها من جوانب القوة والضعف. مع الأسف الحاصل اليوم في الساحة الثقافية أن بعض النقاد أصبحوا أشبه بمسؤولي علاقات عامة لدى بعض الروائيات. فتجد أحد النقاد مثلا لا يعترف في الساحة الأدبية إلا بروائية واحدة، على الرغم من كونها في رأي العديد من الكتاب متوسطة الموهبة. كيف يمكن لنا في ظل هذا أن نتوقع نشوء رواية عربية حديثة المظهر والجوهر؟ هذا من جانب، من جانب آخر هناك مشكلة كبيرة في عملية النشر. العديد من المبدعين الشباب لا يستطيعون نشر أعمالهم لأن الكثير من دور النشر ليست على استعداد على أن تغامر وتنشر لكاتب مجهول ما يضطر ذلك المؤلف الشاب إما لأن ينشر على حسابه الخاص إن كانت لديه المقدرة المادية، وأغلبهم لا يملكون، وإما أن يترك مؤلفَه في أدراج مكتبه إلى أن يقضي الله أمرا كان مفعولا.

عرفت الآونة الأخيرة تداخلا واضحا بين الأجناس الأدبية ما برر الحديث عن الكتابة "عبر نوعية" كما يصفها الدكتور إدوارد خراط. هل ترى أن عودة الكتابة الأدبية إلى تمايزها النوعي أصبح يمثل ضرورة لمواجهة حالة فقر أدبي محتملة؟

تداخل أجناس الأدب أو الفنون, أو الكتابة عبر النوعية كما وصفها إدوارد الخراط، أسهم بشكل كبير في إثراء الساحة الأدبية وأخرجها من الرتابة، في اعتقادي. وهذا يدخل ضمن نطاق التجريب المطلوب من أجل تطوير العمل السردي. خذ على سبيل المثال رواية "ذاكرة الجسد" لأحلام مستغانمي، فهي مزيج بين الشعر والسرد ولاقت نجاحا كبيرا في العالم العربي ووزع منها مئات الآلاف من النسخ؛ "حكومة الظل" أيضا مزجت بين الرواية والسينما كما وصف بعض الكتاب، ولاقت نجاحا كبيرا. مسألة وجود فقر أدبي في اعتقادي لا علاقة له بالكتابة عبر النوعية أو بعودة الكتابة الأدبية إلى تمايزها. أنا شخصيا أرى أن هذا وذاك مطلوب من أجل إثراء الساحة.

بناء على قراءاتك في الأدب الغربي. هل تعتقد وجود فارق شاسع بين فعل السرد كما وُجد عند الغرب وفعل "يُحكى أنّ.." كما وُجد في مدوّنتنا التراثيّة. إلى أيّ مدى يصحّ مثل هذا القول؟

من المعلوم أن العرب كانوا سباقين عن الغرب في الأعمال السردية منذ مئات السنين كما هو الحال في الكثير من الحقول المعرفية، ولكن مع الأسف تأخرنا نحن حضاريا وهذا ترك أثره في كل شيء بما فيها الفنون السردية. فمثلا نحن من أوائل من كتب في الخيال الصرف من خلال قصص ألف ليلة وليلة، وهذا العمل من المعلوم أنه ترك تأثيرا كبيرا عند الغرب بعد ترجمته وتأثر بها كبار الأدباء من أمثال بورخيس وباولو كويلو؛ القصة الأساسية في رواية الخيميائي, على سبيل المثال, مأخوذة من إحدى قصص ألف ليلة وليلة. وفي مجال الرمزية السياسية كان كتاب كليلة ودمنة سباقا لمزرعة الحيوان التي كتبها جورج أورويل. المشكلة تكمن في أننا لم نتطور بعد ذلك كثيرا في حين أن الغرب جاء من خلفنا وسبقنا وطور من أدواته. نحن أخيرا في القرن الماضي بدأنا رحلة الإفاقة من غيبوبتنا، وأتمنى أن تستمر هذه الرحلة وألا نصادف بانتكاسة ترجعنا إلى حالة الغيبوبة من جديد.

لنتناول ثنائية الأدب والطب التي يجمعها الدكتور الروائي منذر قباني والتي اجتمعت في نماذج عدة عبر التاريخ الثقافي بدءا من تشيكوف وليس انتهاء بإبراهيم ناجي, هل يمكن أن تعكس إحدى الشخصيتين طابعها على الأخرى أم أن لكل منهما خصوصيته الإنسانية المحضة؟

لا تنس أن منذر قباني الروائي هو ذاته منذر قباني الطبيب، وبطبيعة الحال كل جانب يترك تأثيره في الآخر. ثم إن مهنة الطب تكاد تكون هي المهنة الوحيدة التي ترى فيها الإنسان في لحظة ضعفه ولحظة عافيته؛ في لحظة حزنه ولحظة فرحه، بل نحن نرى الإنسان منذ أن يولد إلى أن يموت مرورا بجميع أطوار حياته بحلوها ومرها. كل هذا يعطي زخما كبيرا للأديب لكي يكتب متكئا على ما صادفه من مختلف الشخصيات والمواقف. ولذلك، كما ذكرت أنت، ظاهرة الطبيب الأديب ليست بالجديدة بل هي قديمة منذ أنطوان تشيكوف وأرثر كونان دويل، ومرورا بإبراهيم ناجي ويوسف إدريس ونجيب الكيلاني ومصطفى محمود وعلاء الأسواني وغيرهم سواء في الأدب الغربي أو العربي.
لكن الأمر الآخر الذي أريد التنويه إليه، الذي مع الأسف قلما يدرس في كليات الطب، هو أهمية أن يكون الطبيب مثقفا. نحن مع الأسف نغفل هذا الجانب في تعليمنا الطبي مع أنه في غاية من الأهمية، لأن الطبيب المثقف هو الأقدر على التواصل مع مرضاه، ومهنة الطب كما تعلم هي مهنة قائمة في الأساس عل تواصل الطبيب مع المريض.
أما بالنسبة للجانب الأدبي على وجه التحديد، فهو يضيف بعدا أكثر إنسانية للطبيب ويجعله أكثر تفهما لحال المريض في نظري. من الأمور التي يشتكي منها الكثير من المرضى اليوم هو شعورهم بعدم اهتمام الطبيب بهم، وبمعاملته لهم، في المستشفيات الحكومية، وكأنهم عبء يجب التخلص منه؛ وفي المستشفيات الخاصة وكأنهم سلعة يجب الاستفادة منها إلى أبعد حد. الطبيب عندما يكون إنسانا قبل أن يكون مجرد موظف أو رجل أعمال، يتفادى في نظري مثل هذه الأخطاء مع مرضاه.

كلمة أخيرة تحب توجيهها عبر "الاقتصادية".

أود أن أشكر جميع القراء الذين قرأوا وأعجبوا بـ "حكومة الظل"، والذين يعود إليهم الفضل بعد الله في إنجاح عملي الأول بهذا الشكل. وموعدنا المقبل, إن شاء الله, سيكون مع رواية "عودة الغائب" التي أتوقع لها أن تصدر في خلال أشهر قليلة, وكلي أمل أن تنال إعجاب القراء.

11/27/07

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:22 PM
كيف هي طفولة الدكتور منذر؟

لقد اتصلت بالدكتور منذر لاسأله ان كان قد عاش يتيم او انه اختبر احداثا مهمة في طفولته ، فاخبرني مشكورا بأنه ليس يتيم ولم يكن في طفولته شيء خارج عن المألوف.


عدت وسألت الدكتور منذر برسالة بريد الكتروني عن سر الابداع لديه إذا؟ فرد مشكورا بما يلي :



"لعل في التالي تجد الإفادة:

بالرغم من أن لدي خمس أشقاء إلا أن أصغرهم يكبرني بعشرة أعوام. جميعهم أكملوا دراستهم الجامعية في الخارج و بذلك كانت فترة الصبا و المراهقة فترة فيها الكثير من الوحدة و الغربة. أقول غربة لأني في تلك الفترة كنت أعيش خارج بلدي السعودية في المغرب حيث كان والدي سفيرا هناك. كنت في تلك الحقبة من حياتي من سن العاشرة إلى الثامنة عشر بعيدا عن أشقائي و كذلك عن أقربائي من هم في مثل عمري. أذكر أني في تلك الفترة وجدتني أقترب من الكتب التي كانت من حولي أتصفحها و أقضي معها الكثير من الوقت فأصبح العقاد و طه حسين و نجيب محفوظ و توفيق الحكيم هم أشقائي و إن لم تلدهم أمي، و أصدقائي و إن لم ألتق بهم. إقتربت منهم من خلال أفكارهم فوجدت نفسي أرغب بأن أكون معهم في عالم الفكر و الأدب، أحلق حيث يحلقون.
عندما كنت صغيرا كان الخيال هو ملجئي من الوحدة، و عندما كبرت ترجمت ذلك الخيال إلى أعمالي الأدبية.".

د. منذر قباني.

Tue 21/02/2012 03:51 PM

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:22 PM
36- قنديل أم هاشم يحيي حقي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%89_%D8%AD%D9%82%D9%8A) مصر

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


قنديل أم هاشم (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%85_%D9%87%D8%A7%D8%B4%D9%85) رواية للكاتب الروائي يحيي حقي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%8A_%D8%AD%D9%82%D9%8A) (1905 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1905) - 1992 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1992)) تم إنتاجها سينمائياً في 4 نوفمبر (http://ar.wikipedia.org/wiki/4_%D9%86%D9%88%D9%81%D9%85%D8%A8%D8%B1)1968م (http://ar.wikipedia.org/wiki/1968) بسيناريو لصبري موسي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B5%D8%A8%D8%B1%D9%8A_%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%8A) وإخراج كمال عطية (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%83%D9%85%D8%A7%D9%84_%D8%B9%D8 %B7%D9%8A%D8%A9&action=edit&redlink=1) وبطولة شكري سرحان (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B4%D9%83%D8%B1%D9%8A_%D8%B3%D8%B1%D8%AD%D8%A7% D9%86).

احداث القصة

تدور أحداث قصة "قندیل أم ھاشم" للكاتب الكبیر الذي یعد من رواد الحداثھ في العصر الحدیث یحیى حقى حول عائلة الشیخ رجب التي ھاجرت من الریف إلى القاھرة بالتحدید في حارة المضیأه بالسیدة زینب. إستقر رب الأسرة ھناك وفتح متجرا وتوسعت تجارتھ وكان لھ ثلاثة أولاد، عمل الابن الأكبر بالمتجر بمجرد إنھائھ دراستھ في الكتاب ودرس إبنھ الأوسط في الأزھر فأخفق ثم رجع إلى الریف وأصبح مأذونا ھناك أما الابن الأصغر إسماعیل فقد تفوق في دراستھ تفوق ا ملحوظا مما جعل أسرتھ تھتم بتعلیمھ وتضع علیھ آمال بارزه وبعد إنھائھ حفظ القران في الكتاب دفع بھ أبوه إلى المدارس الأمیریة وتفوق فیھا تفوقا ملحوظا ومن ھنا وضعت علیھ الأسرة آمال كبیره فقد إھتم بھ الجمیع ونودي بسى إسماعیل رغم صغر سنھ وإھتم الجمیع بھ بالاخص فاطمة النبویة بنت عمھ. استمر تفوق إسماعیل في المدرسة عام بعد عام وبالطبع تأثرت شخصیتھ تأثرا بارزا بالحي الذي نشأ فیھ فأبرز ما یمیز ھذا المكان ھو وجود مسجد السیدة زینب وما یحیط بھ من شحاذین وبائعي الفول الحراتي والمسواك وغیرھا، على الجانب الآخر لم یخل الحي على الرغم من قدسیتھ من خمارة آنست وبعض المقاھي التي یضع الناس بھا ھمومھم عند ھبوط اللیل ،وفي فترة المراھقة أصبح صدیقا للشیخ دردیري الذي كان مسؤلا عن زیت أم ھاشم أو قندیل أم ھاشم الذي یقال أنھ فیھ شفاء لكل الأمراض المستعصیھ. واقتربت سنة البكالوری ا وخاب امل الاسره في اسماعیل حیث لم یكن من المتفوقین في ھذا العام وانما جاء في ذیل الناجحین ولم یعد بمقدوره الا الالتحاق بمدرسة المعلمین، لم یغمض للشیخ رجب جفن حتى اشار علیھ أحد الاصدقاء بان یسافر اسماعیل "لبلاد بره" لیدرس الطب ھناك وبالفعل ملأت الفكره رأس الشیخ رجب وھم بعمل الاجراءات للسفر وبالفعل سافر اسماعیل إلى انجلتر ا لدراسة الطب ولم یكن لاسماعیل في ظل انفتاح أوروبا في أسلوب التفكیر غیر ان ینخرط معھم ویعایشھم ویصبح منھم فنسى ھناك دینھ وتقالیده فلم یجد ھناك من یحتضنھ الا مارى زمیلتھ في الدراسھ التي احتضنتھ وساعدتھ في حیاتھ ھناك، فقد وجدت فیھ مارى براءه لم تجدھا في أحد من الغربیین لعل ھذا ما جعلھا تنجذب الیھ ھذا الانجذاب فقد كانت مارى عكس اسماعیل فاذا ما فكر اسماعیل في تنظیم مستقبلھ ووضع خطھ لھ تضحك مارى وتقول ان الحیاه لیست ثابتھ فلا بد من التجدد...... ورجع الدكتور اسماعیل إلى القاھره عن طریق الاسكندریھ ولم یشأ ان یخبر اھلھ حتى لا یكلفھم معانا ومشقة السفر إلى الاسكندریھ ووصل اسماعیل إلى السیده زینب غیر حاملا ایة ھدایا لاھلھ ولكن أي ھدایاي كانت تصلح لابیھ وامھ من أوروبا وصل اسماعیل ناقما على من یراه من شحاذین وغیرھم على الرغم من انھم ھم ھم الذین تركھم ھو عند رحیلھ، طرق اسماعیل باب البیت فقالت فاطمھ میییییییین بلھجھ مصریھ فقال ھو انا اسماعیل یا فاطمھ افتحى الباب فسیطرت حالھ من الغبطھ والسرور حتى كادت امھ یغشى علیھا من شدة الفرح فانعقد لسانھ واخذت تقبل فیھ وتعانقھ. التفت الاسره حول اسماعیل فرحین بعودتھ إلى بیتھ مره أخرى الذي أصبح یكاد یكون خالیا من الآثاث الذي بیع لدفع مصاریف دراستھ وقبل أن ینام اسماعیل في ھذه اللیلھ سمع امھ تقول لفاطمھ تعالى اقطر لك في عینیك قبل أن تنامى فقام اسماعیل وسالھا ماذا تقطر لھا فقالت انھ زیت قندیل ام ھاشم الذي یحضره الینا صدیقك الشیخ دردیرى ففك اسماعیل عصابة عینھا فوجد الرمد یلتھمھا وتزداد حالتھا سوءا بالماده الكاویھ فقام صارخا فیھم ووقف كالمجنون ثم انطلف إلى الباب واخذ عصاة ابیھ وذھب إلى قبر ام ھاشم وضرب القندیل بالعصاه فسقط وما ان رآه الناس حتى انھالو علیھ بالضرب حتى كادوا یقتلوه لولا ان انقذه الشخ دردیرى الذي تعرف علیھ. ظل اسماعیل في الفراش عدة أسابیع لا یكلم أحد ولا یطلب شيء حتى اتخذ قراره بالنھوض والعمل على علاج فاطمة واخذ یحضرالأدویھ ویقطر لھا ویساعدھا ولكن لا شيء یحدث أي نتیجة على الرغم من اتفاق أصدقائھ جمیعا على فعالیة الدواء وساءت حالة فاطمة أكثر على یدیھ حتى استیقظت في یوم وھى لا ترى. شعر اسماعیل بالاحباط وترك البیت وأقام بأحد البنسیونات ومرت الایام وجاء رمضان علیھ ولم یأت في ذھنھ ان یصوم حتى جاءت لیلة القدر وتذكر ھو الایام الخوالى والروحانیھ التي یكون فیھا الناس فأیقن منذ تلك اللحظھ اسماعیل انھ لا بد من الایمان بجانب الطب والعلم فأخذ من الشیخ دردیرى زجاجة من زیت ام ھاشم فملأھا بالدواء و ذھب بھا إلى فاطمھ واخذ یداویھا فشفیت ومن ھنا ایقن ان العلم لا یكتمل الا بالایمان وفتح اسماعیل عیاده بحى البغالھ في عیاده تصلح لاى شىء الا استقبال مرضى العیون ونجح اسماعیل في كثیر من العملیات وفى شفاء مرضاه وتزوج من فاطمھ وانجبا خمسا من البنین وستا من البنات وھكذا یتذكره اھل السیده زینب بالخیر إلى الآن.....

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:22 PM
قنديل ام هاشم
صدرت قصة «قنديل أم هاشم» للأديب المصري الكبير يحيي حقي (1905 / 1992م) (1) في الأربعينيات من القرن الماضي؛ بيد أنّ الأعمال الأدبية الجيدة لا تخضع للتقادم ولا تشيخ بتوالي السنوات. ولا نعتبر أنفسنا مبالغين أو مهوِّلين حين نضعها في مركز متقدم ضمن قائمة تضم أفضل القصص والروايات الصادرة في القرن الماضي.
ويمكن تصنيف هذه القصة الطويلة (2) ضمن تيار قصصي ذي إطار موضوعي يعبر عن الصراع الحضاريّ، أو بمعنى أصح يعبر عن أزمة التفاعل مع الحضارة الغربية والموقف المذبذب منها. ويهدف هذا النوع من القصص والروايات إلى" الحفاظ على الذات العربيّة في خضم الموجة الغربية العاتية على الوطن العربي في العصر الحديث" (3).
تدور أحداث القصة حول الشاب إسماعيل الذي استوطن أبــوه التاجر الحاج رجب حي السيدة زينب، وكان يتمنى أن يكون ابنه طبيبـًا شهيرًا، لكن ابنه الذي كان دائم التفوق في سنوات الدراسة لم يوفّق في الحصول على مجموع كبير يؤهله لدخول كلية الطب التي تمنى أبوه أن يلتحق بها، وضحى الأب بقوت العائلة ليرسله إلى أوربا لكي يدرس الطب هناك.
ويرحل الابن إلى أوربا ليعيش هناك سبع سنوات، ويمهر في الطب لدرجة ينال بها إعجاب أساتذته جدًا، ويجري الكثير من العمليات الصعبة بنجاح. ويتعرف على الفتاة الجميلة: (ماري) التي تعرِّفه بمباهج الحضارة الأوربيّة، ولذاتها المحرمة عليه في بلاده، ويكتشف أن هناك عالمًا غريبًا عن عالمه الشرقي، وتتغير نظرته إلى الحياة، وتتأثر معتقداته الدينية، فبعد أن كان يؤمن بالله إيمانًا عميقًا أصبح مؤمنًا بالعلم فقط. ولم تعد الآخرة تشغله قدر انشغاله بالطبيعة والحياة، وما تقع عليه الحواس.
ويعود الابن ليكتشف أن مجتمعه غارقٌ في الجهل والخرافة، يكره هذا الشعب بتخلفه وقذارته، ويكره رضاه واستسلامه للعادات والتقاليد المتخلفة، ويغضب كثيرًا ؛ لأن الجهل والخرافة قد امتد ليطول ابنة عمه : فاطمة النبويّة التي تضع لها أمه قطرات من زيت البترول المأخوذ من قنديل أم هاشم في عينيها معتقدة أنه قادر على شفائها، وعندها يثور الشاب، ويحاول تحطيم قنديل أم هاشم، ويصطدم بالجماهير التي تضربه ضربًا عنيفًا كاد يفقده حياته.
وعلى جانب آخر يفشل في علاج ابنة عمه من المرض، بل ويسبب لها العمى التام ؛ رغم أنه عالج حالات أصعب منها في أوربا!
ويقرر الشاب اعتزال المجتمع، ويعيش فترة في تأملاته وأفكاره، ثم يقوده التفكير إلى طبيعة الشعب المصري الخالدة التي لا تتغير رغم مرور الكثير من الغزاة عليه، ويعود إليه إيمانه، ويتزايد إعجابه بهذا الشعب.
وبعد فترة يتظاهر هذا الشاب بالاندماج مع الخرافات التي يؤمن بها أهله، ويطلب كمية من الزيت يستخدمه في علاج فاطمة، وينجح بالفعل في علاجها، ثم يتزوج منها، ويعيشا سويـًا حياة سعيدة.
ويفتتح عيادة طبيّة يخصصها لعلاج الفقراء والبسطاء، ولا يتقاضى منهم أجرًا كبيرًا، ويكتسب حب الناس شيئًا فشيئًا، وبعد عمر مديد يموت، ويتذكره أهل الحي بالخير، ويستغفرون له، ويعلم راوي القصة (ابن أخي البطل إسماعيل) أن هذا الاستغفار بسبب العلاقات النسائية الكثيرة التي عرفها أهل الحي عن العم إسماعيل، والتي أجبرتهم طيبته ورقته على التغاضي عنها (4).
وقد لا يوافقنا دعاة (الفن للفن) أو (الفن الخالص) حين نبحث داخل كل قصة عن مغزى أخلاقي تقف من وراءه رؤية فكرية ما، فالعمل الأدبي – من خلال وجهة نظر هذه المدرسة – قطعة فنية لا ينبغي لنا أن نرهق أنفسنا في البحث عن مغزاها وما تعنيه، ويكفي أن يحقق قدرًا من الجمال الأدبي والمتعة. بينما يغالي دعاة النقد الاشتراكي (الماركسي) في البحث عن القيم الأخلاقية والنفعية التي يستطيع العمل الأدبي – من خلالها – أن يفيد المجتمع؛ وإلا فهو – من وجهة نظرهم – عمل ساقط وغير مُجْدٍ.
ونحب أن نقف موقفًا وسيطًا بين هذين الاتجاهين. فنقول: إن القصة لا بد أن تكون ذات رؤية فكرية واضحة، تتبلور في موضوع هادف ومغزى مقبول. بينما لا يجب أن تكون هذه الرؤية الفكرية سطحية ومباشرة في تعبيرها عن هذا المغزى؛ فتكشف عن مغزاها في سفور وجلاء. إنها – إذ ذاك – تكون أقرب ما تكون إلى الدروس الأخلاقية التعليمية. وهي عندئذٍ تكون قصة ساقطة، لا يشفع لها نبل مغزاها الفكريّ، ولا تنتفع بسمو مقاصدها الأخلاقية.
إن العمل القصصي الناجح يستطيع أن يوازن باقتدار بين رؤيته الفكرية وتعبيره الفني؛ بحيث لا يطغى أيٌ منهما على الآخر، وبحيث تنساب القيم الخُلُقيّة والمبادئ التي تحملها الرؤية الفكرية إلى المتلقي بشكل غير مباشر، ويتفهمها من وراء سديم فني راقٍ. وهو ما تنجح فيه قصة قنديل أم هاشم إلى حد كبير للغاية.
وقد لا يجوز أن نبحث في الرؤية الفكرية للقصة عن هدف وحيد، أو مغزى فردي مطلق. لا مانع من وجود قضية محورية، ولكن لا يمنع وجود هذه القضية المحورية من إثارة بعض القضايا الفرعية التي تتعلق بها.
والقضية المحورية في قنديل أم هاشم هو: الصراع بين الأصالة والمعاصرة؛ بين القيم الشرقية العتيقة بتبعاتها الثقيلة؛ والحضارة الأوربية المُبهرة بما تتضمنه من كرامة الإنسان وحريته؛ فضلاً عمّا تحمله من تقدم علمي لا مثيل له. وفي ركاب هذه القضية المحورية لا بأس من إثارة بعض القضايا الفرعية المتعلقة بما يعانيه الشرق من جهل وتخلف.
ويمكن اعتبار هذه الرواية رواية رمزية؛ لأن" السمة المميزة لقصة الحدث الرمزي أنها قصة تكتب أساسًا من أجل تقديم موضوع ما تقديمًا دراميًا" (5)، ولذا يسبك الكاتب موضوعه وفكرته قي إطار درامي قصصي رمزي من خلال الشخصيات التي تعبر كل منها عن جانب يرمز إلى جانب محدد من جوانب الفكرة الدلالية. ولذا يمكن أن نعتبر قنديل أم هاشم رمزًا للعادات والتقاليد الموروثة المتأصلة، أو رمزًا للثبات والتحجر أمام الموروث دون أدنى محاولة للتطور؛ ولذا يصف الكاتب القنديل بأنه أبدي ومتعالٍ على كل صراع، يقول يحيي حقي:" كل نور يفيد اصطدامًا بين ظلام يجثم، وضوء يدافع، إلا هذا القنديل بغير صراع" (6) . ويمكن أن ننظر – أيضًا – إلى شخصية رئيسية تشارك إسماعيل في بطولة القصة هي: شخصية: فاطمة النبويّة بشيء من الرمزية التي تعلو بها لتجعلها نموذجًا لمصر كلها. وفاطمة النبويّة هي ابنة عم إسماعيل التي انتظرته في غربته، وتطلعت إليه بكل حب، وصممت على أن يكون هو الذي ينقذها مما تعانيه من عمى. إنها مصر التي تتطلع إلى أولادها المثقفين لكي ينقذوها من عمى البصيرة، ومن الوقوع فريسة للجهل والتخلف. فشخصية إسماعيل" في علاقته الفاترة بابنة عمه ( فاطمة النبويّة ) ما يكفي ليرمز لمدى احتضانه لمشكلات وطنه" (7) . وقد كان الكاتب موفقًا جدًا عندما جعل فاطمة على قدر ضئيل من الجمال، فهي ليست فاتنة ولا ساحرة ولا جذابة، ومع ذلك سيحبها إسماعيل ويتعلق بها في النهاية، وهذه بالفعل رؤيتنا لوطننا، إننا لا نراه أجمل بلاد الدنيا، بل هناك الكثير من البلاد التي تفوقه علمًا وحضارةً وجمالاً؛ ومع ذلك نتعلق به، ولا نتخلى عنه، وحين عاد إسماعيل إلى إيمانه بالوطن، وتعايش مع عاداته وتقاليده كان شفاء فاطمة، وهذه رؤية فنية رمزية لتقدم الوطن وإصلاحه،" لقد آمنت فاطمة بإسماعيل بعد أن خَاطَبَهَا بلغتها فاستجابت له، وكان الشفاء، وهو ما لم يتحقق حين راح يسفِّه كل ما يخالفه من معتقدات" (8) .
ومن هذا المنطلق يمكن رؤية إصلاح إسماعيل لأحوال فاطمة هي إصلاحه الشباب المثقف لوطنه، وكل تقدم اجتماعي يحققه لها هو تقدم اجتماعي يحققه لوطنه.
وكثيرًا ما نرى في هذه القصة نقدًا مباشرًا للمجتمع الشرقي على لسان البطل إسماعيل؛ لكن ما بعينينا هو الصورة الرمزية غير المباشرة؛ حين يجعلنا الكاتب نصل إلى هذا النقد من تلقاء أنفسنا دون تدخل منه، فيكون العمل الروائي أدنى إلى الموضوعية. ومن ذلك نقد الازدواجية في الشخصية الشرقية، والتذبذب بين الإيمان المطلق من ناحية، والرغبة في التحرر من ناحية أخرى، ويمكن التمثيل لذلك بـ درديري خادم ضريح أم هاشم ، فهو من ناحية يجب أن يكون – تبعًا لموقعه الديني – مثالا للطهر والنقاء، ومع ذلك فهو من ناحية أخرى يعيش في حياة السكر والعربدة والحشيش والملذات؛ ولذا" لا تظهر عليه آثار النعمة، فجلبابه القذر هو هـو، وعمامته الغبراء هي هـي، ماذا يفعل بنقوده؟... إنه يحرقها في الحشيش... والحقيقة إنه مزواج، لا يمر العام إلا ويبني ببكر جديدة.." (9) .
وقد يجوز لنا أن نفهم أن هذا الأمر هو ازدواجية في التفكير، واعتبار المسألة الإيمانية في سلوكنا الشرقي مجرد غطاء شكليّ غير مدعوم بالعمل البناء والخلق القويم. كما يجوز أن يكون هذا السلوك غير الأخلاقي رمزًا للرغبة الدفينة في التحرر من القيود التراثية رغم خضوعنا لها!
وهذا السلوك الذي تنتقده القصة نراه – أيضـًا – في فتاة شعبية تستوقف إسماعيل وتثير تأملاته؛" مزججة الحواجب، مكحلة العينين، شدت ملاءتها لتبرز عجيزتها.. وتحجبت ببرقع يكشف عن وجهها" (10) ، وهو يرمز بالتبرج وإبراز المفاتن من ناحية إلى: الرغبة في التحرر، ويرمز بهذا النوع من الحجاب من ناحية أخرى إلى التعبير عن شكلية الإيمان، أو الانسياق نحو التراث الذي يمثله الحجاب بنوع من التقليد لا القناعة، فالحجاب رمز ديني تأخذ المرأة به انخراطًا في تيار اجتماعي عام لا تقوى على الوقوف ضده؛ لكنها – من ناحية أخرى – تتمرد على هذا التراث بطريقتها الخاصة؛ حين لا تجعل هذا الحجاب عائقًا يحول دون إبراز مفاتنها؛ أو بالأحرى يعوق تحررها.
ومن العناصر التي تنطوي عليها الرؤية الفكرية للصراع الحضاري بين الشرق والغرب فكرة ( الكراهية المتبادلة ). ويعبر الكاتب فنيًا عن هذا الجانب – بشكل موضوعي بحت – لتبدو هذه الرؤية مطروحة من خلال الشخصيات نفسها؛ ومن خلال الشخصيات الثانوية على الأصح؛ فهي" تعمل بشكل أكثر إثارة، حيث يأخذون دور المنازلين، أو المنافسين للشخصيات الرئيسية، فيتفاعلون معها، أو يصطدمون بها" (11) . ولنأخذ على سبيل المثال شخصية الأب (والد إسماعيل). لقد كانت شخصية الأب مهيأة منذ البداية لرفض القيم الغربية بقضها وقضيضها، فالأب رمز للأصالة والانتماء إلى الجذور. وهو حين ألحق ابنه بجامعة أوربية كان مضطرًا، ورأى أن هذا الأمر" إحسان من كافر لا مفر من قبوله" (12) لا مناص – إذن – من الصدام بين الأب وإسماعيل (وهو رمز للصدام بين القديم الأصيل والحديث الوافد من الغرب)، ولذلك لا يقبل الأب اتهام إسماعيل للمصريين بالتخلف، ولا يُسلم بانتقاده لزيت المصباح، ونراه يقول:" هل هذا هو كل ما تعلمته في بلاد بره؟ كل ما كسبناه أن تعود إلينا كافرًا" (13) .
وعلى الجانب الآخر نرى الأستاذ الأوربي الذي تلقى إسماعيل على يديه طبه يقول لتلميذه الشرقيّ العربيّ المسلم:" إن بلادك في حاجة إليك، فهي بلد العميان " (14) . إن العبارة تكاد تفصح عن كون العمى – من وجهة النظر الغربية – هو عمى البصيرة، الذي قاد الشرق إلى ما هو فيه من تخلف.
وإذا كانت" الغاية الأساسية من إبداع الشخصيّات الروائية هي أن تمكننا من فهم البشر ومعايشتهم" (15) فإن هذا الأمر قد لا يكون على هذا النحو تمامًا في قصة (قنديل أم هاشم) ؛ لأنها قصة رمزية، وبالتالي لن تعبر عن مضمونها بشكل مباشر، ولكن من خلال الرموز، أو الإيحاء غير المباشر، ولهذا لا تكون الشخصيات مجرد شخصيات نمطية مطابقة للواقع تمامًا؛ أو شخصيات تؤدي حدثًا اجتماعيًا معينًا دون دلالة؛ وإنما هي رموز لأفكار معينة ومقصودة يعبر عنها الكاتب بشكل غير مباشر. فإذا كانت الرؤية الفكرية لهذه القصة تقوم على إبراز الصراع بين الشرق والغرب فإن الكاتب حين يرى في الجانب الغربي ألوانًا من التقدم الحضاري لا يفوته أن يرصد الجانب الآخر؛ أو الوجه الثاني من العملة؛ وهو افتقاد الجانب الروحي والإنساني؛ ويعبر عن ذلك كله من خلال الشخصيات الثانوية أيضًا.
وتنعكس هذه الجوانب السلبية في الحضارة الأوربية من خلال شخصيتي: (ماري) البريطانية زميلته في الدراسة، و (مدام إفتالي) الإيطالية التي أقام في فندقها الصغير عقب صدامه مع مجتمعه، وفشله في علاج فاطمة النبوية، وانفراده بعيدًا عنهم ليعيد التفكير في واقعه المأزوم. وتشترك المرأتان في كونهما أجنبيتان، ومن ثم يجوز اعتبارهما رمزًا للحضارة الأوربية. وكل ما فيهما من مساوئ يمكن اعتبارها من عيوب الحضارة الأوربيّة.
أما ماري فقد فتحت عيني إسماعيل على عالم لم يكن يعرفه من قبل، لقد" وهبته نفسها، كانت هي التي فضّت براءته العذراء، أخرجته من الوخم والخمول إلى النشاط والوثوق، فتحت له آفاقًا يجهلها من الجمال، في الفن، في الجمال، في الموسيقى، في الطبيعة، بل في الروح الإنسانية العامة" (16) . لكن هذه الفتاة المتحررة تنتقد سلوك إسماعيل الشرقي البريء في عطفه على الفقراء والمحتاجين قائلةً:" أنت لست المسيح ابن مريم، من طلب أخلاق الملائكة غلبته أخلاق البهائم.. إن هذه العواطف الشرقيّة مرذولة مكروهة.." (17)
إن ماري هي" أوربا مختصرة في امرأة، استجمعت كل خصالها، وعلاقتها بإسماعيل، وعلاقته بها فيها الكفاية للكشف عن موقفه من الحضارة الأوربيّة" (18) . والحق أن المرأة الأوربيّة - بشكل عام - " هي أسرع وأقصر وسيلة للتعبير عن معنى الحريّة الشخصية التي يفتقر إليها البطل العربي" (19). وذلك لما يمكن أن نراه فيها من التحرر والفكاك من القيود، على عكس المرأة الشرقية التي تمتلئ حياتها بقائمة طويلة جدًا من القيود والمحرمات. ويمكن اعتبار الخلاص من القيود والتحرر والإباحية التي نجدها في ماري بعضًا من العيوب التي تمثلها الحضارة الغربيّة.
أما مدام إفتالي فهي:" تضع في كشف الحساب تحية الصباح، أو تستقضيه خطواتها إذا قامت وفتحت له الباب، حاسبته مرة على قطعة سكر استزادها في إفطاره، يحس بابتسامتها أصابع تفتش جيوبه. أهداها بعض الفطائر والسجائر فأخذتها نهمة متلهفة، وفي الصباح سألته ألا يطيل السهر في غرفته حرصا على الكهرباء" (20).
إنها صورة أخرى من صور الأنانية والجشع والطمع. لقد كان الكاتب موفقًا جدًا عندما جعل بطل الرواية يسكن عند (مدام إفتالي) التي تتصف بهذه الصفات عندما كان يمر بمرحلة القلق والبحث عن يقين وحل لمشكلته، لأن هذه سلوكيات هذه السيدة الأجنبيّة دفعته إلى إعادة تقييم موقفه من الحضارة الأوربية.
وأخيرًا نقول: إن التحمس الشديد للرؤية الفكرية قد يوقع الكاتب في بعض أوجه القصور، فيكون التعبير الفني على غير المستوى. خذ على سبيل المثال: تحول إسماعيل من الرفض المطلق للقيم الشرقية إلى الإيمان بها، أو المصالحة معها؛ كيف تم هذا التحوّل؟ لقد مرّ البطل بفترة عصيبة من الصراع النفسي، اعتزل فيها مقيمًا عند مدام إفتالي، ثم كان له في إحدى المناسبات الدينية أن" دار بعينه في الميدان.. وابتدأ يبتسم لبعض النكات.. ما يظن أن هناك شعبًا كالمصريين حافظ على طبعه وميزته رغم تقلب الحوادث وتغير الحاكمين، (ابن البلد) يمر أمامه كأنه خارج من صفحات الجبرتي،... اطمأنت نفس إسماعيل، وأحس أنه واقف على أرض صلبة" (21) . ولو أن البطل تعرض لمأزق شديد أو مَرض مثلاً، أو تجربة شخصية عنيفة أثرت فيه، وأعادته إلى الإيمان بالله وحب تراثه ووطنه بما هو عليه من عادت وتقاليد لكان الأمر أكثر واقعية. بيد أن هذا التحول المُباغت المُفْتَعَل كان ثمرة من ثمرات غلبة الرؤية الفكرية الذهنية على التعبير الفني.
ومن هذا القبيل – أيضًا – اختيار الراوي الذي يقص علينا قصة إسماعيل، فالراوي في هذه القصة هو: ابن أخي إسماعيل، وهو – بالطبع – يحكي لنا تجربة عمه لأنه عايشها وسمع بها من محيطه الاجتماعي. غير أن العلاقات النسائية المتعلقة بعَمِّه – خاصة في أوربا – هي بالأحرى من الأسرار التي لا يصح أن يُطْلَعَ عليها. وكذا بعض الخواطر التي تدور في عقل إسماعيل مما يعرضه الكاتب. إننا نشعر – في أغلب الأحيان – أن الكاتب ينسى الراوي ويتحدث هو عن إسماعيل حديث الراوي العليم العارف الملِّم بكل التفاصيل، ولا ضير في هذا الأمر – فكثير من الأعمال القصصية تنهج هذا النهج – غير أن الكاتب وقد اختار منذ البداية أن يكون الراوي شخصًا من محيط عائلة إسماعيل أن يلتزم بما تقتضيه هذه التقنية السردية من عدم خروج السرد عن دائرة المعرفة المتعلقة بالراوي السارد.
ثمة نقطة أخيرة نود الإلمام بها تتعلق بنهاية القصة. قال الكاتب (أو الراوي) عن إسماعيل: إن الناس قد أحبته جدًا، وبعد موته كانوا يطلبون له المغفرة، وعرف الراوي أن طلب المغفرة لعمه إسماعيل كان بسبب اشتهاره في الحي بحبه الشديد للنساء، ورغم أن الكاتب لم يشر إلى تورط إسماعيل في علاقات نسائية غير مشروعة إلا أن القارئ الحصيف يفهم ذلك بوضوح، يقول الراوي:" إلى الآن يذكره أهل السيدة بالخير، ثم يسألون الله له المغفرة. مم؟ لم يُفض لي أحد بشيء وذلك من فرط إعزازهم له. غير أني فهمت من اللحظات والابتسامات أن عمي ظل عمره يحب النساء، كأن حبه لهن مظهر من تفانيه وحبه للناس جميعًا... رحمه الله...." (22) . وهذه الخاتمة التي اختارها المؤلف كافيةُ تمامًا لهدم احترام القارئ لشخصية البطل – خاصة في مجتمعنا الشرقي الإسلامي – فنحن – الشرقيين والمسلمين – مهما أحببنا إنسانًا واحترمناه يسقط من احترامنا حين نعلم أن له علاقات نسائية.
غير أن الكاتب – في الأرجح – ربما يكون قاصدًا الرمز بتلك العلاقات النسائية التي تتطلب سؤال الله المغفرة لصاحبها إلى (التحرر من القيود على المستوى الشخصي بعيدًا عن الطابع الجماعي العام الذي فشل البطل في تحقيقه)، خاصة وأنه قد سبق للكاتب أن جعل حياته مع فتيات أوربا رمزًا لذلك التحرر من القيود الذي لم يجده في بلاده!!
ومع ذلك يمكن القول بأن هذا الجانب – في العلاقات غير الشرعيّة مع النساء – غير مقبول في حياتنا الشرقية، ومن ثمّ لا يتعاطف القارئ معه كثيرًا، حتى وإن استخدمه المؤلف على سبيل الرمز والإيحاء لا غير.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:23 PM
يحيى حقي

(7 يناير (http://ar.wikipedia.org/wiki/7_%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1)1905 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1905) - 9 ديسمبر (http://ar.wikipedia.org/wiki/9_%D8%AF%D9%8A%D8%B3%D9%85%D8%A8%D8%B1)1992 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1992)) كاتب وروائي مصري. ولد يحيى حقي في أسرة ميسورة الحال في القاهرة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9) وقد حصل على تعليم جيد حتى انخرط في المحاماة حيث درس في معهد الحقوق بالقاهرة وكان تخرجه منه في عام 1925. ويعتبر يحيى حقي علامة بارزة في الأدب (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8)والسينما (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7) وهو من كبار الأدباء المصريين بجانب نجيب محفوظ (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%86%D8%AC%D9%8A%D8%A8_%D9%85%D8%AD%D9%81%D9%88% D8%B8)ويوسف ادريس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D9%88%D8%B3%D9%81_%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D9%8A% D8%B3).
قضى يحيى حقي عمره كله في الخدمة المدنية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%AF%D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84% D9%85%D8%AF%D9%86%D9%8A%D8%A9) ولم يكن له مصدر رزق سوى الكتابة يسد بها رمقه.ابتسم له الحظ حينما تسلم منصب مستشار في دار الكتب والوثائق القومية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D8%A7%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A8_ %D9%88%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AB%D8%A7%D8%A6%D9%82_% D8%A7%D9%84%D9%82%D9%88%D9%85%D9%8A%D8%A9).
و أما في مجاله الأدبي فقد نشر اربعة مجموعات من القصص القصيرة. ومن أشهر روايته "قنديل أم هاشم (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D9%86%D8%AF%D9%8A%D9%84_%D8%A3%D9%85_%D9%87 %D8%A7%D8%B4%D9%85)". كتب العديد من المقالات والقصص القيرة الأخرى, وكما عمل محررا لمجلة أدبية وهي المجلة من عام 1961 إلى عام 1971 وقد منعت المجلة عن النشر في مصر.

مولده وعائلته

في بيت صغير متواضع،"من بيوت وزارة الأوقاف المصرية ب"درب الميضة" ـ الميضأة ـ وراء "المقام الزينبي" في حي السيدة زينب (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF%D8%A9_ %D8%B2%D9%8A%D9%86%D8%A8)بالقاهرة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9)؛ ولد "يحي حقي" في يوم السبت الموافق 7 يناير (http://ar.wikipedia.org/wiki/7_%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1) سنة 1905 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1905) م، لأسرة تركية مسلمة متوسطة الحال؛غنية بثقافتها ومعارفها، هاجرت من (الأناضول) وأقامت حقبة في شبه جزيرة "المورة (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D9%88%D8%B1%D8%A9&action=edit&redlink=1)"، وقد نزح أحد أبناء هذه العائلة إلى مصر ـ في أوائل القرن التاسع عشر، قادما من اليونان (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%86)، ـ هو " إبراهيم حقي " (توفي سنة 1890 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1890)) وكانت خالته السيدة حفيظة المورالية (خازندارة) بقصور الخديوي إسماعيل (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%AF%D9%8A%D9%88%D9%8A_%D8%A5% D8%B3%D9%85%D8%A7%D8%B9%D9%8A%D9%84) ؛ فتمكنت من تعيين قريبها الوافد في خدمة الحكومة، فاشتغل زمناً في دمياط (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%85%D9%8A%D8%A7%D8%B7) ثم تدرج في الوظائف حتى أصبح مديراً لمصلحة في بندر المحمودية بالبحيرة ؛ ثم وكيلاً لمدرية البحيرة ؛ هذا الرجل هو جد يحيى حقي. وقد كون "إبراهيم حقي" أسرة تركية المعدن تنصهر في بوتقة البيئة المصرية؛ فأنجب ثلاثة أبناء هم على الترتيب:محمد (والد يحيى حقي)، ومحمود طاهر حقي (ولد في دمياط سنة 1884م ،وتوفي في يناير 1965م، وهو الأديب المعروف)، وأخيراً كامل حقي (توفي في 2 من مايو سنة 1972 م).
وكان محمد إبراهيم حقي ـ والد يحيى ـ من بين أفراد تلك العائلة، الذين جروا على أعراف أبناء جلدتهم حيث حرص على الزواج من سيدة تركية الأصل تجيد القراءة والكتابة في زمن تفشت فيه الأمية بين نساء جيلها عامة، هذه الفتاة تدعى (سيدة هانم حسين) تنتمي إلى أب تركي وأم ألبانية، وقد التقت أسرتا "سيدة هانم " ومحمد حقي في بندر المحمودية بالبحيرة ،وزفت "سيدة" إلى "محمد" الموظف بنظارة الأوقاف ؛ وكان لمحمد ميل شديد للآداب والفنون يوافق ميل زوجه للتفقه في الدين وقراءة السير والمغازي؛ وقد أنجب محمد حقي عدداً كبيراً من الأبناء ؛هم على الترتيب :إبراهيم، إسماعيل، يحيى، زكريا، موسى، فاطمة، حمزة، مريم...،
وقد توفي حمزة ومريم وهما طفلان، كما توفي عدد آخر من الأطفال قبل أن يبلغوا من العمر شهوراً. كان والد يحيى حقي يقتني العديد من المجلات السيارة في مطلع هذا القرن ؛ أما والدته فكانت متعلمة لها حزم وبصر، وتصرف في الأمور ؛ فكانت تدير المنزل وتدبر شئونه ؛ ويبدو أن محمد إبراهيم حقي شأنه شأن كل رجال الأُسَرِ في ذلك الوقت يترك لزوجته تحمل مسئولية تربية أبنائها ـ خاصة إذا كانت ربة الأسرة لها قسط من التعليم ـ وقد كانت أم يحيى حقي ضليعة في تربية أبنائها ومراعاة مصالحهم وسد احتياجاتهم، وظلت حريصة على إلحاقهم بأعلى مستويات التعليم.
كان عمه محمود طاهر حقي:الأديب المعروف، صاحب مجلة "الجريدة الأسبوعية ". أما الأخ الأكبر ليحيى فهو الأستاذ "إبراهيم حقي" كان يعمل في الخاصة الملكية ثم انتقل بعد ذلك للعمل في إحدى الشركات التجارية الكبرى (فيلبس) وكان له ولع بالكتابة حيث إنه شارك في مطلع حياته بالكتابة في مجلة (السفور). ثاني اخوته الدكتور (إسماعيل حقي)، قضى زمناً في التدريس في المعاهد المصرية ثم أحيل إلى المعاش وسافر إلى الرياض ليعمل بجامعة الملك سعود، أما أخوه الذي يصغره وهو الرابع في الترتيب فهو " زكريا حقي " الذي درس الطب وعمل مديراً بإحدى مصالح وزارة الصحة، ثم الأستاذ "موسى حقي " الذي تخرج في كلية التجارة، ثم حصل على درجة (الماجستير) في السينما وكان يشغل وظيفة كبيرة بإحدى المؤسسات السينمائية ؛ أما فاطمة وزوجها الأستاذ "سيد شكري" فكانا قارئين نهمين للأدب. هذه هي عائلة يحيى حقي التي ولد بين أحضانها وتربى فوق مهاد أفكارها.
تعليمه

تلقى يحيى حقي تعليمه الأوليَّ في كُتَّاب "السيدة زينب"، وبعد أن انتقلت الأسرة من "السيدة زينب" لتعيش في "حي الخليفة"، التحق سنة 1912 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1912) بمدرسة "والدة عباس باشا الأول" الابتدائية بحي "الصليبية" بالقاهرة، وهذه المدرسة تتبع نفس الوقف الذي كان يتبعه (سبيل أم عباس) القائم حتى اليوم بحي "الصليبية"، وهي مدرسة مجانية للفقراء والعامة، وهذه المدرسة هي التي تعلم فيها مصطفى كامل (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89_%D9%83%D8%A7%D9%85% D9%84) باشا. قضى "يحيى حقي" فيها خمس سنوات غاية في التعاسة، خاصة بعد رسوبه في السنة الأولى إثر ما لقي من مدرسيه من رهبة وفزع ؛ لكنه استطاع ـ بعد صدمة التخلف عن أقرانه ـ أن يقهر إحساسه بالخوف وأن يجتهد محاولاً استرضاء والدته التي تكد وتكدح جاهدة للوصول بهم إلى بر السلامة، وفي عام 1917 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1917) حصل على الشهادة الابتدائية، فالتحق بالمدرسة السيوفية، ثم المدرسة الإلهامية الثانوية بنباقادان، وقد مكث بها سنتين حتى نال شهادة الكفاءة، ثم التحق عام 1920م بالمدرسة "السعيدية" ـ وكان يسكن حينئذ مع أسرته في شارع محمد على ـ عاماً واحداً، انتقل بعده إلى المدرسة "الخديوية" التي حصل منها على شهادة (البكالوريا)، ولما كان ترتيبه الأربعين من بين الخمسين الأوائل على مجموع المتقدمين في القطر كله، فقد التحق في أكتوبر 1921م بمدرسة الحقوق السلطانية العليا في جامعة فؤاد الأول، وكانت وقتئذٍ لا تقبل سوى المتفوقين، وتدقق في اختيارهم. وقد رافقه فيها أقران وزملاء مثل: توفيق الحكيم (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D9%81%D9%8A%D9%82_%D8%A7%D9%84%D8%AD% D9%83%D9%8A%D9%85)، وحلمي بهجت بدوي، والدكتور عبد الحكيم الرفاعي ؛ وقد حصل منها على درجة (الليسانس) في الحقوق عام 1925 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1925)، وجاء ترتيبه الرابع عشر، وكان يتمنى أن يكون بين أولئك الذين سترسلهم مدرسة الحقوق في بعثات إلى جامعات أوروبا ؛ لإعدادهم لشغل مناصب الأساتذة تدعيماً لحركة تمصير مدرسة الحقوق العليا، وإحلال الأساتذة المصريين محل الأساتذة الأجانب، إلا أنه رسب في الكشف الطبي وخرج من دائرة المرشحين الأصليين إلى مرتبة المرشح الاحتياطي.
وإنني أشك في هذه الرواية التي كتبها الأستاذ "مجدي حسنين" بمجلة "الشاهد" في مقدمته لحوار أجراه مع يحيى حقي؛ فقد كان لدى يحيى حقي الطموح لذلك قبل أداء الامتحانات، لا بعده ؛ إذ أنه لم يوفق للتفوق في بعض المواد؛ فتأخر بترتيبه إلى المرتبة الرابعة عشرة. وأياً كان الأمر فقد كانت مدرسة الحقوق نهاية المطاف الرسمي للتعلُّم عند يحيى حقي، التعلّمُ المعتمد بشهادات رسمية، ليبدأ مراحل جديدة من التثقيف العلمي والمعرفي الذاتيين.
عمله

كا ببعثة إعداد خريجين لشغل منصب أساتذة بدلاً من الأجانب؛لكن "الكشف الطبي" حال دون بقاء هذا الأمل ؛ أو " أن الدور لم يأت عليه " مطلقاً ؛ فنـزل من مرتبة المرشح الأصلي إلى مرتبة الاحتياطي؛ لتصبح مدرسة الحقوق ـ كما قلت ـ هي نهاية المطاف الرسمي للتعلّم عنده.
لم يكن هناك بد من أن يقف في طابور طالبي الوظائف مثله في ذلك مثل جميع أفراد أسرته الذين لم يجرؤ أحد منهم على العمل في المهن الحرة ؛ فأصبح أمله أن يعينه ترتيبه المتقدم للحصول على وظيفة في قلم قضايا الحكومة، ولما أن كانت وظائف النيابة المختلفة حكراً على أولاد الذوات، وعلى من يجيد الحديث باللغة الفرنسية؛ اضطر ـ لذلك ـ أن يقدم طلباً للنيابة الأهلية ؛ فعمل بها فترة تحت التمرين؛ دون أن يكون راضياً عن عمله، وقد اختار العمل بمكتب نيابة " الخليفة " ومقرها شارع نور الظلام ـ (وذلك في مبنى المحكمة الشرعية) ـ لقربه من مسكنه، وبهذه الوظيفة بدأ يحيى حقي حياته العملية، وأصدق وصف لها هو " صبي وكيل النيابة" ـ على حد تعبيره ـ ما لبث أن ترك بعد مدة وجيزة هذه الوظيفة التي تجعل منه تابعاً، ولا تعطيه الحق في تحمل المسئولية؛ ليعمل بعدها بالمحاماة تلك المهنة التي تحتاج إلى معارف ومعاملات مع الناس، الأمر الذي لا يتوفر له أو لعائلته، والقاهرة بلد كبير يحتاج فيها المحامي الناشئ إلى شيء من ذلك؛ ولما تحقق له الفشل الذي توقعه سافر إلى الإسكندرية ليعمل في أول الأمر عند الأستاذ زكي عريبي، المحامي اليهودي المشهور وقتذاك (وقد أسلم هذا الرجل بعد ذلك)، بمرتب شهري قدره ستة جنيهات، لم يقبض منها شيئاً ثم انتقل إلى مكتب محام مصري بمرتب قدره ثمانية جنيهات شهرياً، وسرعان ما هجر الإسكندرية إلى مديرية البحيرة ليعمل فيها بمرتب شهري قدره اثنا عشر جنيهاً، وقد سمح له هذا العمل بالتنقل بين مراكز مدينة البحيرة، وكثيراً ما تعرض للخداع من قبل الوسطاء الذين يعملون بين المحامين والمتقاضين، هذا الأمر جعله يفقد الإحساس بالأمن والاستقرار، كما أغرقه في الشعور بالخوف من المستقبل، فلم يلبث في عمله بالمحاماة أكثر من ثمانية أشهر ؛ لأن القلق على مستقبله بدأ يساور أهله؛ فبدؤوا يبحثون له عن عمل بالوساطات والشفاعات حتى وجدوا له وظيفة معاون إدارة في منفلوط بالصعيد الأوسط؛ وبعد وفاة والده عام 1926 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1926)، لم يجد بُداً من الخضوع لأوامر العائلة وقبول تلك الوظيفة ؛ التي تسلم عمله بها في الأول من يناير عام 1927 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1927).
كانت الوظيفة الجديدة أقل كرامة من وظيفة النيابة ؛ فلم يقبل المنصب إلا صاغراً مستسلماً. وقد عانى فيه مشقة كبرى وامتحن فيه امتحاناً عسيراً وعرف الغم والهم والحسرة والألم. ولكنه ـ من جهة أخرى غنم من تلك الوظيفة مغانم كثيرة لا تحصى ؛ بالنسبة لمستقبله ككاتب.
عاش يحيى حقي في الصعيد، عامين كان يتطلع خلالهما للخلاص من تلك الحياة القاسية، حتى أتاه بالمصادفة المحضة ـ كما يقول ـ إذ قرأ إعلانا من وزارة الخارجية عن مسابقة لأمناء المحفوظات في (القنصليات)، و(المفوضيات)؛ فحرص على التقدم إلى تلك المسابقة التي نجح فيها، فعين أمينا لمحفوظات القنصلية المصرية في جدة، عام 1929 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1929) ثم نقل منها إلى استنبول عام 1930م، حيث عمل في القنصلية المصرية هناك، حتى عام 1934 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1934)؛ بعدها نقل إلى القنصلية المصرية في روما، التي ظل بها حتى إعلان الحرب العالمية الثانية في سبتمبر عام 1939م؛ إذ عاد بعد ذلك إلى القاهرة في الشهر نفسه، ليعين سكرتيراً ثالثاً في الإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية المصرية، وقد مكث بالوزارة عشر سنوات رقي خلالها حتى درجة سكرتير أول حيث شغل منصب مدير مكتب وزير الخارجية، وقد ظل يشغله حتى عام 1949م ؛ وتحول بعد ذلك إلى السلك السياسي إذ عمل سكرتيراً أول للسفارة المصرية في باريس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3)، ثم مستشاراً في سفارة مصر بأنقرة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%86%D9%82%D8%B1%D8%A9) من عام 1951 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1951) إلى عام 1952 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1952)، فوزيراً مفوضاً في ليبيا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7) عام 1953 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1953).
أُقِيلَ من العمل الديبلوماسي عام 1954 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1954) عندما تزوج (في 22/9/1953م) من أجنبية، وعاد إلى مصر ليستقر فيها ؛ فعين مديراً عاماً لمصلحة التجارة الداخلية بوزارة التجارة ؛ ثم أنشئت مصلحة الفنون سنة 1955 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1955) فكان "أول وآخر مدير لها، إذ ألغيت سنة 1958 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1958) "، فنقل مستشاراً لدار الكتب، وبعد أقل من سنة واحدة أي عام 1959 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1959) قدم استقالته من العمل الحكومي، لكنه ما لبث أن عاد في أبريل عام 1962 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1962) رئيساً لتحرير مجلة " المجلة " التي ظل يتولى مسئوليتها حتى ديسمبر سنة 1970 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1970)، وبعدها بقليل أعلن اعتزاله الكتابة والحياة الثقافية.
حياته الاجتماعية

عاش يحيى حقي حياته محايداً ؛ مكشوف الطوية ؛ "من تعرف عليه ولو في كهولته، فكأنما عرفه منذ كان طفلاً في المهد ؛ إذ بقي معه ـ حتى نهاية حياته ـ شيء من طفولته، وقليل من صباه، وأَثَارَةً من شبابه، وهذا في جملته يدل على أنه كاتب عظيم ".
صفاته الجسمية

كان يحيى حقي قصير القامة، " لايزيد طوله عن المتر " إلا (بِلُكَّمِيَّة) ـ على حد تعبيره ـ له وجه طفل سمح، وردي اللون؛ ورأس كبير، زحفت جبهته حتى منتصفه، وفم لا تفارقه البسمة الخجول الغامضة، الودود المتوددة، في عينيه بريق حاد يجعلهما كعيني صقر، يشع منهما ذكاء فريد نصفه دهاء ونصفه حياء، ونفاذ بريقهما لا يكاد يتخلله سوى رعشة الخجل، ينكفئ بين العينين أنف ليس صغيراً، ترتاح على جانبيه وفوق كرسيي خديه، عدستا (منظار) كجناحي فراشة، تزيد مسحة الذكاء إشعاعاً وانطلاقاً، ذلك (المنظار) الذي اعتاد عليه منذ وقت مبكر جداً من طفولته، مثله في ذلك مثل كل أفراد عائلته؛ في يده اليمنى يمسك عصاً معقوفة من الأعلى، قد يغطي مقبضها أحيانا بمنديل من قماش أبيض، كما يغطي رأسه بـ (بيريه).
تربيته وشخصيته

كان زملاء يحيى حقي يتندرون عليه بدعوى أنه مؤدب أكثر مما يجب، وأنه يستخدم كلمة (أفندم) التركية، في كل كبيرة وصغيرة؛ وكانت هذه الكلمة رمز الأدب وحسن التربية عند الطبقة الوسطى وما فوقها، هذا الخلق لم يكتسبه يحيى حقي من صحبته للديبلوماسيين ؛ لكن ذلك كان غرس أمه، التي هي منبع ذلك الخلق ؛ أدبته فأحسنت تأديبه، وعلمته ـ كما قال ـ كيف يجب أن يجلس ويتكلم، وكانت تقيد عليه وعلى إخوته الخمسة كل زلة لسان ينبو بها القصد ـ وإن كانت بريئة ـ فتنبههم إليها إذا انفض الجمع، و"انتهت طفولته، ومضى صباه وسارت حياته كسلسلة من حديد في قوانين صارمة لا يستطيع أن يتعداها". إن البيت الذي نشأ فيه يحيى حقي لم يعرف الفروق الطبقية أو الجنسية، في وقت كان الأتراك يتميزون فيه ويتصفون بالكبر والاستعلاء، ويحار المرء في كنه هذا الأمر؛ هل هو مكتسب بالفقر، أو هو طبع أصيل ؟ ؛ " وسواء أكان الأمر هذا أم ذاك ؛ فإنه هو الذي نشأ عليه ذلك الطفل الغريب"، الذي عاش حياته كلها في ظل ألفة اجتماعية جعلته قريباً من كل قلب ؛ تخلل تلك الألفة بارقات من الضجر الاجتماعي الذي كان يعتوره أحياناً، وقد رصدته بعض المصادر بينما غفل عنه الكثيرون من دارسيه ورفقائه.
الائتلاف الاجتماعي

منذ عرف يحيى حقي الطريق إلى الشارع وإلى المدرسة، أصبحت "الصداقة" هي عصب حياته، وأهم عناصرها على الإطلاق... وبدءاً بأيام مدرسة (أم عباس)، ظل يحتفظ ببعضها حتى نهاية حياته... وقد شكلت صداقته ـ طوال حياته ـ ثلاثة تجمعات رئيسة ؛ لكل واحدة منها اهتماماتها الخاصة
أولاً: جمعية الأخلاق الفاضلة

أولى التشكيلات الاجتماعية التي انخرط يحيى حقي فيها هي: "جمعية الأخلاق الفاضلة" في المدرسة الإلزامية، هذه الجمعية مهمتها أن تحمي الأخلاق وتحافظ عليها وعلى القيم الاجتماعية، والالتزام بها... ؛ ولكن ما أعظم خيبة الأمل عندما اكتشف يحيى حقي أن أعضاء تلك الجمعية أنفسهم هم الذين لا يحمون خلقاً، ولا يحافظون عليه أو يلتزمون به، فتركهم ليعيش الأخلاق الفاضلة في حياته، سجية وطبعا، دون أن ينضوي بها تحت شعار براق لا يحميه من يشرعه في وجوه الآخرين.
ثانياً : جماعة الحقوقيين

في مدرسة الحقوق انغمس يحيى حقي في دراسة القانون، وزامل وصادق والتقى ـ فيها ـ بنخبة من العباقرة الذين عرفتهم مصر بعدئذ، وكانت الجماعة التي انضم إليها ؛ جماعة من المجدين المجتهدين، أخذ أفرادها الدرس أخذ حياة ومنهج، كان منهم المرحوم حلمي بهجت بدوي، وعبد الحكيم الرفاعي، وسامي مازن ؛ كان اجتماعهم حلبة ساخنة للمناقشة ؛ يزكي أوارها نخبة من الأساتذة العظماء مثل عبد الحميد أبو هيف، ونجيب الهلالي، وأحمد أمين... وغيرهم.
في اجتماعه مع هؤلاء، لم يكن للأدب نصيب وافر من المدارسة أو المناقشة، فلم تكن جماعتهم تناقش إلا القانون ،ولا تهتم بشيء قدر اهتمامها بما يدور في إطاره من ثقافات ومعارف، وكان القانون وثقافته ـ وقتئذ ـ يشغل يحيى حقي؛ فدخل في سباق رهيب، كان وطيسه يشتد كلما مضت السنوات واقترب موعد التخرج؛ لكنه في تلك الأيام استطاع أن يتلمس من خلال معطياتها الدوافع الأولى للكتابة في حياته.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:23 PM
تابع ...يحيى حقي

ثالثاً: جماعة الأدباء


انخرط يحيى حقي في جماعة موازية لجماعة الحقوقيين الذين لم يهتموا إلا بالقانون، هذه الجماعة هي "جماعة الأدباء"، يجتمعون بمقهى "الفن" الشهير في عماد الدين، أمام مسرح رمسيس ـ (مسرح الريحاني الآن) ـ وعن طريق شقيقه إبراهيم حقي (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9% 8A%D9%85_%D8%AD%D9%82%D9%8A&action=edit&redlink=1) التقى بزملاء الشباب الواعد، وعلى مقهى "الفن"، كان أقرب الأصدقاء إلى نفسه المهندس محمود طاهر لاشين (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%AD%D9%85%D9%88%D8%AF_%D8 %B7%D8%A7%D9%87%D8%B1_%D9%84%D8%A7%D8%B4%D9%8A%D9% 86&action=edit&redlink=1) (1894 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1894) ـ 1954م (http://ar.wikipedia.org/wiki/1954))، والدكتور حسين فوزي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86_%D9%81%D9%88%D8%B2%D9%8A) (1900 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1900) ـ 1988 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1988)) إلى جانب أنواع وأنواع من الفنانين والكتاب الذين التقى بهم يحيى حقي في مقهى "الفن".
هذه ثلاثة أنواع من التجمعات التي انتمى إليها يحيى حقي ؛ لكل تجمع منها أهدافه وتوجهاته ورؤاه وطموحاته الخاصة، وكل هذه الطموحات والتوجهات كانت تجتمع في شخصية يحيى حقي ؛ الذي لم يكن يألف ـ على الرغم من تسامحه الفياض ـ غير أصدقائه المقربين، بل كانت تنتابه أحياناً حالة نفسية في تعامله مع المجتمع من حوله، لنا أن نسميها "ضجراً اجتماعياً"، وقد رصدت بعض المصادر هذه الحالة النفسية الصعبة، التي كانت تنتابه لكنها لم تلفت الانتباه إليها بعد ؛ فهو كثيراً ما كان يبدو "غريب الأطوار ".
الضجر الاجتماعي

هذا النوع من القلق لم يكن وليد نبع واحد، بل كان مصباً لتيارات مختلفة؛ نشأت عن جذور راسخة في أغوار يحيى حقي بعضها نتيجة مباشرة للتربية، وبعضها وليد "الحاجات الإنسانية". ويمكننا توزيع مظاهر هذا الشعور إلى نقاط من أهمها:
[ 1 ] فرط خجله

فالخجل من أكثر المكتسبات التربوية حضورا في شخصية يحيى حقي، وقد وجدت في كلام للدكتور على شلش ما يشير إلى ذلك، في معرض حديثه عن يحيى حقي، بعد أن التقى به في إحدى الندوات التي نظمتها رابطة الأدب الحديث لمناقشة كتاب " فجر القصة المصرية" ؛ فيصفه قائلا : "راح ينظر إلى الحاضرين في وداعة ـ تارة ـ ثم ينظر تارة أخرى إلى الأرض ويده اليسرى تقبض على عصاه القصيرة في قلق ظاهر، وكأنما يقول في نفسه : ماذا جنيت حتى يتفرج علي الناس هكذا ؟".
[ 2 ] النـزعة التركية

عاش يحيى حقي صراعا باطنيا عنيفا بين انتماء الأصل إلى الأتراك وانتماء الفرع إلى المصريين، ذلك الانتماء البديل المفروض عليه، وقد صدر هذا الصراع عن حاجته الإنسانية إلى الارتباط بالجذور، وتحديد هوية صريحة غير مزدوجة ؛ إضافة إلى حاجته إلى "انتماء " ؛ فهذه الحاجات تعارضت بين بعضها البعض ؛ فحاجته إلى الانتماء دفعته للذوبان في المجتمع المصري، الذي ولد ونشأ وتربى وعاش تحت ظلته وفي أحضانه ؛ بينما كانت حاجته إلى الارتباط بالجذور وتحديد هويته: عوامل مناهضة لمصريته، فكانت تطرق عليه بشدة من الداخل، ودفعته للنظر إلى المجتمع المصري نظرة مصلح، نافذة ناقدة، ليتحول من نقد الذات إلى جلدها كمحاولة لتعويض ما افتقده بسبب هذا الانتماء المفروض عليه لمصر، من انفصام ارتباطه بجذوره، ومن هذا المنظور وقف يحيى حقي في تشكيل شعوره عند نقطتين مهمتين هما في الحقيقة وجها العملة ؛ فتارة يعلي من قدر الأتراك، وتارة أخرى يذم المصريين؛ فهو عندما يتحدث عن " محمد علي "، العصامي الذي وطد عرشه في مصر، يمتدحه لأنه " ظل مخلصاً لفن وطنه "، ويحمد له إخلاصه لهذا الوطن وتواصله معه " فلم تفصمه عنه الحروب المتتالية، ولا نية التوطن في بلد غريب يباين عادات وطنه الأصلي " ؛ فالفرق بين مصر وتركيا قائم في وجدان يحيى حقي الذي يتطلع للالتحام وترك ذلك الانتماء البديل المفروض عليه بحكم المولد والنشأة، وقد أسبغ هذا الاحساس على شخصياته وحركها بوازع من رغباته الدفينة ؛ بعد أن أضاف إليها آراءه في المصريين؛ فشخصية (سرنديل هانم) " تعالت على المصريين وأقامت من نفسها دليلاً ناطقاً حياً، على عدم صلاحية المصريين للحياة..! والمصريون ـ عفا الله عنهم ـ لا يحبون من أحد أن يذكرهم بخطئهم، لذلك انقطعت الصلة بينها وبين جيرانها … وبرهنت بذلك على أن التركية والمصرية لا تأتلفان..! ".
وقد ينطق ـ في مواضع أخرى ـ المصريين بذم أنفسهم أو يشير إلى ذلك ؛ فهذا متطوع لفض اشتباك نشب في الطريق " يحاول ـ بعد خطبة قصيرة في ذم خلق المصريين ـ أن يرفع العربة قليلاً " ؛ كما أن بطله " إسماعيل " في (قنديل أم هاشم) لا يرى في المصريين سوى جنس سمج ثرثار، أقرع أرمد، عارٍ حافٍ، بوله دم وبرازه ديدان، يتلقى الصفعة بابتسامة ذليلة تطفح على وجهه... فمصر والمصريون عاشوا في الذل قرونا طويلة فتذاوقوه واستعذبوه.. ومصر نفسها ما هي إلا قطعة (مبرطشة) من الطين، أسنت في الصحراء، تطن عليها أسراب من الذباب والبعوض، ويغوص فيها ـ إلى قوائمه ـ قطيع من جاموس نحيل".
فلا يخفى ما في هذا التوجه الفكري والنفسي من مشاعر احباط، ثم عدائية ودونية ينظر من خلالهما إلى بلد لها تاريخها الضارب بجذوره في أعماق التاريخ، فكانت منارة يُهْتدي بها علماً وحكمة وسياسة وفناً، في الماضي والحاضر، في آونة لم تكن فيها تركيا، أو كانت ترسف في أغلال ظلمات القرون الوسطى، واكتفى يحيى حقي بالنظر إليها في عصر الضعف والانحلال، وحقبة الانكسار، عندما كانت مكبلة بقيود الاستعمار ؛ فلم تكن نظرته إليها إلا نظرة اعتقاد لا مجرد معايشة ونقد ذات، كما يدعي، بل هي محاولة "جلد الآخر" تلميحاً وتصريحاً في آن واحد.
رد على النزعة التركية عند يحيى حقي بقلم / صلاح معاطي لم يظهر ذلك الصراع الباطني مطلقا عند يحيى حقي لا في كتاباته فلم يكن انتماء الأصل للأتراك وانتماء الفرع للمصرين كما أشار الكاتب.. فليس يحيى حقي الذي يشغله هذا التناقض المحدود فقد كان انتماؤه مصريا خالصا أصلا، وفرعا ولو أنني أرى أن جنسية الأديب وانتماءه لا يعيبانه ككاتب فكلنا عشق تشيكوف وترجنيف وتولستوي وبراندللو وجوجول وهوجو وغيرهم وغيرهم دون النظر إلى بلدانهم وانتماءاتهم حتى من كانت لهم جذور غير مصرية مثل علي أحمد باكثير حتى الجبرتي مؤرخ الحملة الفرنسية له جذور حبشية ومع ذلك نقل بكل أمانة وصدق الأحداث بمصرية صميمة ولكن بالنسبة ليحيى حقي فالأمر يختلف فقد كان مصريا خالصا مصري المولد والمنشأ والممات ولم يكن يعرف من التركية سوى كلمات قليلة تلك التي كان ينهر بها مثل أدب سيس، خرسيس، سكتر برة. وقد تعلمها على كبر..
كما كان يقول لو عصرتموني في معصرة قصب فلن تجدوا بداخلي نقطة تركية واحدة وكان يقول أيضا لو قسمتم أي زلطة في مصر ستجدون فيها يحيى حقي.. لقد ذاب يحيى حقي في المجتمع المصري الذي وجد فيه وصار فكره وانتماؤه وعقله موجها إليه فهو عندما ينقد فهو ينقد للأصلح.. أما صراعه الأزلي فكان ذلك الصراع الذي أصاب كل من خرج من مصر ليصطدم بالحضارة الغربية وكان هناك صراع آخر خفي هو صراع الإنسان بين مثله وغرائزه.. أما ما جاء على لسان إسماعيل في قنديل أم هاشم من وصف المصريين أنه جنس سمج ثرثار، أقرع أرمد، عارٍ حافٍ، بوله دم وبرازه ديدان ،... إلخ.. فقد جاء على لسان بطل الرواية الذي كان في لحظة ما خصما للكاتب يحيى حقي فهو بهذه الصورة يرسم وجها آخر لشخصية إسماعيل الذي أصبح يرى المصريين على هذه الصورة وليس يحيى حقي..
المصادر


صفحات من تاريخ مصر – يحيى حقي
قنديل أم هاشم – يحيى حقي
وصية صاحب القنديل.. صلاح معاطي
من يحيى حقي إلى ابنته نهى – نهى حقي

[ 3 ] العواطف الطارئة

إلى جانب ما تتسم به شخصية يحيى حقي من خجل ونزوع نحو الانتماء التركي، كانت عواطفه الطارئة تتحكم فيه أشد التحكم، ويتضح ذلك جلياً لمن يجلس إليه ؛ فيذكر الاستاذ أحمد عباس صالح أنه :"كثيراً ما يقبل عليك بشغف شديد وينطلق في حديث طويل.. طويل، ثم فجأة تتغير ملامح وجهه دون سبب ظاهر، ويقطع هذا كله وينصرف عنك"؛ فهو كثيراً ما كان يشعر بالمرارة والانكسار المباغتين ؛ فيشعر مجالسيه بها ؛ فيذكر " أحمد عباس " ـ في هذا الصدد ـ أنه التقى بصحافي (يوغسلافي) ترجم بعض قصص يحيى حقي ونشرها في (يوغوسلافيا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D9%88%D8%BA%D9%88%D8%B3%D9%84%D8%A7%D9%81%D 9%8A%D8%A7))، فأحدثت ضجة ودهشة هناك، وإعجاباً كبيراً لما لهذه الأعمال من مستوى فني راق، وهذا الصحافي (اليوغسلافي) كان يريد مقابلة حقي ؛ لكن " الأستاذ صالح " لم يوفق في جمع الصحافي الأجنبي بالكاتب الكبير، يذكر أحمد عباس صالح أنه حينما أبلغ يحيى حقي الخبر ؛ ابتسم ابتسامة مشرقة، ثم عاد فتجهم وجهه ؛ وهذا التعبير الذي كان يطفر على وجه يحيى حقي رغماً عنه، هو وليد شعور دفين بأنه لم يظفر بالشهرة اللائقة، لأنه كان لا يجيد أسلوب الدعاية عن نفسه، ويعلم ــ في الوقت ذاته ــ أنه لا يجيد ذلك ؛ كما كانت ليحيى حقي لحظات خاصة يعيشها، ويجد لذته الغريبة فيها، إذ يشعر نفسه خلالها بالظلم الاجتماعي والانكسار النفسي.
كما رصد الأستاذ أحمد عباس صالح طائفة من الأمثلة والمواقف التي تدعم رؤيته هذه ؛ لكن الذي نريد التأكيد عليه أن الأستاذ "أحمد عباس" هو الوحيد الذي لاحظ على يحيى حقي هذه الملاحظة، وصرح بها، هذا إذا أخذنا كلام الدكتور "على شلش" على أنه مجرد وصف عفوي قشري، لرجل يجلس في حياء التواضع على منصة الرفعة والتكريم. وقد حاولت الاهتمام بهذه النقطة لتأكيدها عنده أو نفيها عنه ؛ فإذا بي أجدها حالة مسيطرة عليه، تنتابه غالباً ؛ يقول الروائي "صالح مرسي" عنه :"عذبني كما لم يعذبني أحد من كتابنا ؛ أَمَضَّني وجعلني أسهر الليل بحثاً عنه، ثمة شيء غامض فيه، ومستور بكثافة الكتمان والصمت، ألقاه في شوق، وأفترق عنه بثورة، ويلقاني بعتاب ويتركني دائماً بغضب".
ويذكر الأستاذ "صالح مرسي" أنه حينما شرع في كتابة مقالته عن حياة يحيى حقي ؛ تلك التي نشرت بمجلة الهلال، لم يجد من يحيى حقي سوى الضجر من تلك اللقاءات، بل إنه في الجلسة الرابعة تحديداً نهض من مكانه أثناء الحديث وسار إلى الباب وفتحه قائلاً : "كفى.. تعال في وقت آخر..!!"
هذا جانب " الفعل " Action، وهناك جانب آخر يجعل الصورة أكثر وضوحاً وجلاءً هو جانب "رد الفعل Reaction"، نلتمسه في موقف، من مواقف أصدقائه المقربين، ضده ؛ فربما كان تلاشي طبيعته السمحة حينما يخشوشن في معاملة أصدقائه ؛ تصيبهم بصدمة عنيفة غير متوقعة، فمثلاً ظلت علاقته بصديقه "محمود محمد شاكر" (1909 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1909) ـ 1997 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1997))، قرابة ثلاثة وخمسين عاماً ؛ لكنه حينما كان الأستاذ "صلاح معاطي" يعد مادة كتابه "وصية صاحب القنديل" ـ الذي يتحدث فيه يحيى حقي عن أصدقائه ثم يتحدث هؤلاء الأصدقاء عنه وعن ذكرياتهم معه ـ كشف النقاب عن أبعاد خفية في علاقة يحيى حقي بأصدقائه المقربين ؛ إذ أن الأستاذ " معاطي" عندما بدأ في استكمال دائرة الكتاب، بجمع أحاديث هؤلاء الأصدقاء عن يحيى حقي ؛ وكانت الشخصية الثانية التي تحدث عنها يحيى حقي هي شخصية الأستاذ محمود محمد شاكر ؛ فحاول "معاطي" الاتصال به مرات عديدة ؛ " لكنه اعتذر عن الحديث حول يحيى حقي ؛ بدعوى أنه مريض، وأنه لا يريد أن يتحدث عن أصدقائه الذين يحبهم" ؛ وهكذا تخلص الأستاذ محمود محمد شاكر ـ بشكل مدهش ومثير للشك ـ من الحديث عن يحيى حقي ؛ لكن الأستاذ "فؤاد دوارة" وجه الأستاذ صلاح معاطي إلى بابين يستطيع أن يصل من أحدهما إلى محمود شاكر ؛ أولهما السيدة "عايدة الشريف" ؛ التي تحمست للفكرة وحاولت جهدها مع الأستاذ محمود شاكر ؛ لكن دون جدوى، فلم يبق أمام "معاطي" سوى الباب الثاني، وهو "فهر"، ابن الأستاذ محمود شاكر ؛ لكنه هو الآخر لم يستطع إقناع والده، وذهبت محاولاته كلها أدراج الرياح؛ يقول الأستاذ صلاح معاطي : "لم أسترح إلى عدم مشاركة الأستاذ محمود شاكر في الحديث عن يحيى، وقررت أن أحاول ثانية فذهبت للقائه في المجمع اللغوي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AC%D9%85%D8%B9_%D8%A7%D9%84% D9%84%D8%BA%D9%88%D9%8A_%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%82%D 8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9) ـ مستعيناً بالأستاذ "إبراهيم الترزي"ـ وانتظرت حتى خرج "محمود شاكر" من جلسة المجمع معتمداً على عصاته؛ فعرضتُ عليه الأمر، وقبل أن أكمل كلامي فوجئت به يحتد قائلاً : " يحيى حقي..ليس لي علاقة به، ولا أعرف عنه شيئاً"
هل يتخيل امرؤ أن يصدر هذا الكلام عن رجل ربطته علاقة صداقة غير تقليدية بيحيى حقي، دامت نحو ثلاثة وخمسين عاماً، إلا إذا كانت هناك خلافات في الرأي وتباين في الأمزجة تفاقمت آثارهما لحد وصل بهما لحد إنكار الصديق لصديقه ؟. لقد كتب الأستاذ محمود محمد شاكر ـ قبل جملته التي قالها لصلاح معاطى ـ مقالة في الأهرام ـ عقب وفاة يحيى حقي ـ عنوانها "يحيى حقي:صديق الحياة الذي افتقدته"، تحمل إرهاصات ذلك التصريح الذي صدر عن الأستاذ محمود شاكر رغما عنه، في ثورته، فمما جاء في هذه المقالة حديثه حول علاقته بيحيى حقي يقول فيها: "كانت علاقتي بيحيى حقي مزيجاً من صلات العمل العلمي والأدبي، وخلافات في الرأي ووجهات النظر، مع تباين واضح في الأمزجة والطباع، وتبادل لمحات الفكر وجوانب المعرفة".
ويبقى السؤال: ترى هل وصلت بهما خلافات الرأي وتفرق وجهات النظر وتباين الأمزجة والطباع، لحد ينكر فيه الصديق صديقه ؟ أنا لا أحاول التشكيك في طبيعة يحيى حقي ولا في طبيعة الأستاذ شاكر، أو وفاء الأخير ؛ لكني أرصد فقط ـ ههنا ـ صوراً لحالة الضجر الاجتماعي التي كان يمر بها يحيى حقي، وأثر تلك الحالة في علاقته ببعض أصدقائه المقربين وانعكاسها عليهم.
شخصيته (الديبلوماسية)

ظل يحيى حقي موظفاً جل حياته ؛ لكن وظيفته كانت في السلك (الديبلوماسي)، فأبعدته عن جمود العمل الحكومي، كما أبعدته عن الخضوع المباشر لسلطان الإدارة في مصر، وأفسحت له فرصة التنقل بين العواصم ومدارس الثقافة والفن المختلفة، وأن يستمتع بالفراغ الذي توفره مثل هذه الوظائف لأصحابها، فتلك الوظائف لا يجد شاغلوها ـ في لأغلب الأعم ـ ما يشغلهم، فلما عاد إلى مصر عاد ظل محتفظاً بطابعه، طابع التنقل الحر بين التداعيات المختلفة، والاسترسال مع السليقة..، وعندما انقطع للأدب والكتابة، خلع عنه البقية الضحلة من مظهر الرسمية فأصبح "الأديب الخالص، المخلص للأدب، من منبت الشعر إلى أخمص القدم.. الأديب الفنان حتى أطراف الأصابع؛ وزاحم أكبر أدبائنا المتحررين من قيود المجتمع، الذين استعبدتهم (الرتابة) وأزلتهم الألقاب والصلات التقليدية بين الحاكم الذي لا تهدأ له نفس ولا يسكت عنه غضب، حتي يصبح الناس جميعاً أرقاماً في عملية حسابية أو مسامير في آلة بخارية".
إن يحيى حقي عقد معاهدة مع السلطة، فلا هو من طراز عبد الله النديم (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87_%D8%A7 %D9%84%D9%86%D8%AF%D9%8A%D9%85)، الذي لا تطيب له نفس، ولا يهدأ له لسان إلا إذا أصلى السلطان شواظاً من نار فنه، وحرض عليه الأمة، وفضح سوءاته ؛ ولا هو من طراز "بيرم التونسي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%88% D9%86%D8%B3%D9%8A)"، الذي يمكن أن ينفجر ضد السلطان في لحظة غضب، ينسى معها النتائج والعواقب، ثم يهيم على وجهه ؛ لكن يحيى حقي التزم من جانبه ألا يؤرق سلطة ولا يخيفها، ولا يستعصي عليها، وأن يمنح السلطان كل الظاهر بلا نفاق ولا ملق، مع احتفاظه بكل الباطن ؛ فهو لا ينفك يسخر من متناقضات الحاكمين وادعاءاتهم المكشوفة والمستورة، والتماسهم الرأي الحسن بالأسلوب الرديء، ورغبتهم في العطاء مع المن، والإقبال مع التهديد المستمر بالإدبار.. وسخريته ـ مع ذلك ـ هادئة خالية من الحرارة، بريئة من العنف.
[عدل (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%89_%D8%AD%D9 %82%D9%8A&action=edit&section=17)] زواجه

تقلب يحيى حقي في وظائف كثيرة، كل واحدة منهما ارتبطت بمجتمع مغاير، لما كان يعيشه من قبل، حتى استقر به المقام في القاهرة سنة 1939م عندما عمل مديرا لمكتب وزير الخارجية، بعد مدة طويلة من العمل في السلك (الديبلوماسي)، تشبع خلالها بكل أعراف السلك السياسي، خاصة في نظرته إلى من تشاركه الحياة؛ كان حينئذ يعيش عزباً وحيداً، قد بلغ السابعة والثلاثين من عمره.
كان (الديبلوماسيون) ـ قبل ذلك ـ لا يتزوجون سوى أجنبيات، حتى "صدور قانون يمنع السياسيين من الزواج بأجنبيات؛ فاضطر بعضهم للتحايل على القانون، وبعضهم تزوج من مصريات الأب أمهاتهن أجنبيات، يجدن لغات أجنبية تتيح لهن مشاركة أزواجهن في الحفلات والتجمعات الرسمية ؛ فإذا أراد الرجل (الديبلوماسي) أن يتزوج فعليه أن يبحث عن الفتاة التي تتوافر فيها هذه الصفات، لكن بعض (الديبلوماسيين) كان يبحث فقط عن المال، ومن ناحية أخرى كانت تلك العائلات تعتز اعتزازاً شديداً بأن بناتهم سيتزوجن من (ديبلوماسيين).."
في عام 1942م (http://ar.wikipedia.org/wiki/1942)، قرر يحيى حقي الزواج، فلم يجد في أسرته من تناسبه ؛ لأن شروطه لم تتوفر في واحدة منهن، فجعل يشيع ذلك في مكتبه بالإدارة الاقتصادية بوزارة الخارجية المصرية، فجاءه زميل له أنبأه بأنه عثر له على فتاة من منطقة "المعادي"، اسمها "نبيلة"، وهي ابنة الأستاذ عبد اللطيف سعودي المحامي النسابة، عضو مجلس النواب بالفيوم (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%8A%D9%88%D9%85)، الذي درس الحقوق في سن متأخرة، فكافح حتى نال إجازة علمية من (مونبيلييه) بفرنسا، والتقى يحيى حقي بالفتاة، كانت مرحة ذات بسمة دائمة يبدو عليها سمت الطيبة والوداعة، لها منظر بهي جميل..، وتمت مراسم الخطبة فالزواج، وتزوج يحيى حقي من "نبيلة" التي كان يختلط في عروقها الدم المصري الفلاحي بالدم العربي الإنجليزي، وسكن بمنـزله في حجرتين عاليتين ؛ ثلاثة أشهر فقط عاشتها معه "نبيلة"، قبل أن يدهمها المرض، على غير انتظار، مرض غريب متوحش مؤلم راح يسحب النور من عينها اليسرى يوماً بعد يوم ثم بدأ المرض يزحف إلى اليمنى، وفي أحشائها تكبر "نهى" التي ما إن خرجت إلى الدنيا، عام 1944 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1944) ؛ حتى أحست أمها بارتفاع في درجة الحرارة تبين بعدها أنها مصابة بمرض "التهاب العضلة القلبية" الذي لا علاج له، ـ وقتئذ ـ إلا (البنسلين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%86%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%86)) الذي كان يصرف من الجيش البريطاني، وبصعوبة بالغة، استطاع يحيى حقي أن يحصل على كميات منه بفضل عمله في وزارة الخارجية ؛ لكن دون جدوى، فلم يمض على وضع وليدتها "نهى" سوى شهر واحد، حتى توفيت السيدة "نبيلة"، تاركة زوجها مع وليدتها إلى وحدته الأولى من جديد ؛ وقد رثاها بمقال مؤثر نشرته مجلة"الثقافة" وقتذاك، عنوانه: "الموت.. إلى نبيلة" ؛ فقد كانت وفاة زوجته ـ بعد عشرة أشهر من زواجهما ـ صدمة كبيرة له ؛ عنيفة وقاسية، لكنه احتمل، وظل وفياً لذكراها لعشر سنوات كاملة حتى عام 1954، حيث تزوج للمرة الثانية من الفنانة التشكيلية الفرنسية(جان ميري جيهو)، التي تعرف عليها من تردده على المراسم والمتاحف مع صديقه (ميشيل ماصيا) معلم اللغة الفرنسية، الذي دعاه إلى التعرف ببعض أصدقائه، فكانت من بينهم السيدة (جان) ابنة مقاطعة (بريتانيا) الفرنسية، وبعد عامين من التعارف والصداقة بينهما نقل يحيى حقي من باريس إلى أنقرة التي ظل بها مدة عامين كاملين، شبت إبانهما الثورة المصرية عام 1952 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1952)؛ وبعد قيامها بعامين تبوأ مكانة رفيعة في السلك (الديبلوماسي) المصري ؛ حيث عين وزيراً مفوضاً في ليبيا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D9%8A%D8%A8%D9%8A%D8%A7)، التي عاش فيها عاماً عصيباً بين اضطراب السياسة الديبلوماسية المصرية ؛ وبين رغبته الملحة في العودة إلى السيدة "جان" والزواج منها ؛ الأمر الذي يحول دونه وضعه كديبلوماسي ؛ لكنه في عام 1954 قرر ترك عمله السياسي، وتوجه إلى فرنسا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7) ليرتبط بالسيدة "جان ميري جيهو" ؛ وظلا معاً يدبان إلى مرحلة الشيخوخة حتي وافته المنية عام 1992 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1992).
الجوائز التي حصل عليها

حصل يحيى حقي في يناير عام 1969 على جائزة الدولة التقديرية في الآداب (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%B2%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AF% D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%AF%D 9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D 8%A2%D8%AF%D8%A7%D8%A8_%28%D9%85%D8%B5%D8%B1%29)، وهي أرفع الجوائز التي تقدمها الحكومة المصرية للعلماء والمفكرين والأدباء المصريين ؛ تقديراً لما بذله يحيى حقي من دور ثقافي عام، منذ بدأ يكتب، ولكونه واحداً ممن أسهموا مساهمةً واضحةً في حركة الفكر والآداب والثقافة في مصر، بدءاً من الربع الأول من القرن العشرين.
كما منحته الحكومة الفرنسية عام 1983 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1983) م، وسام الفارس من الطبقة الأولى (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%88%D8%B3%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9 %84%D9%81%D8%A7%D8%B1%D8%B3_%D9%85%D9%86_%D8%A7%D9 %84%D8%B7%D8%A8%D9%82%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9% 88%D9%84%D9%89_%28%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7%2 9&action=edit&redlink=1)، ومنحته جامعة المنيا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85% D9%86%D9%8A%D8%A7) عام 1983 الدكتوراه الفخرية؛ اعترافا من الجامعة بريادته وقيمته الفنية الكبيرة.
ثم كان يحيى حقي واحداً ممن حصلوا على جائزة الملك فيصل العالمية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%B2%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85% D9%84%D9%83_%D9%81%D9%8A%D8%B5%D9%84_%D8%A7%D9%84% D8%B9%D8%A7%D9%84%D9%85%D9%8A%D8%A9) ـ فرع الأدب العربي ـ لكونه رائداً من رواد القصة العربية الحديثة، عام 1990م.
وفاته

في ضحى يوم الأربعاء، التاسع من ديسمبر، عام 1992 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1992) م توفي يحيى حقي في القاهرة، عن عمر يناهز سبعة وثمانين عاماً؛ بعد أن أعقب تراثاً كبيراً من الفكر والأدب؛ إبداعا ونقداً.
سينمائيات يحيى حقي

قطع يحيى حقي في علاقته بالسينما شوطاً بعيداً، وتنوعت اتجاهات تلك العلاقة وأوجهها، فهو أولاً متفرج من داخل صالة السينما، وقد ظل حريصاً على تلك العادة حتى نهاية حياته، كما أنه ناقد متابع للأفلام المعروضة في دور السينما وله بعض الآراء المهمة المقدرة التي تمتلك إلى جانب الذوق الشخصي خبرة ذاتية كبيرة اكتسبها من جولاتها في المعاقل السينمائية الكبرى في أوروبا، ثم توجت السينما المصرية عام 1968 علاقتها بيحيى حقي بالالتفات إلى أعماله الأدبية والاستقاء منها، فأنتجت أربعة من الأعمال السينمائية المميزة التي رسخت في وجدان المشاهدين ومن أبرزها (البوسطجي)، ثم (قنديل أم هاشم)، وهما أهم ما أنتجت السينما المصرية بعامة، وقد سبقهما من أعمال يحيى حقي فيلم (إفلاس خاطبة)، ووليهما فيلم (امرأة ورجل).
أعماله


قنديل أم هاشم (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D9%86%D8%AF%D9%8A%D9%84_%D8%A3%D9%85_%D9%87 %D8%A7%D8%B4%D9%85)
البوسطجي (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%88%D8%B3%D8% B7%D8%AC%D9%8A&action=edit&redlink=1)

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:23 PM
احداث بارزه في طفولة يحيى حقي:

واضح ان هناك ثلاث عوامل ربما تكون اثرت كثيرا في شخصية يحيى حقي وهي اولا موت اثنان من اخوته وهو صغير وثانيا قصر قامتة وثالثا مزاجتية التي هي مؤشر ربما على حالة نفسية اقرب الى الكآبة بغض النظر عن السبب.

مأزوم.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:24 PM
37- العودة الي المنفي أبو المعاطي أبو النجا (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D9%84%D9% 85%D8%B9%D8%A7%D8%B7%D9%8A_%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8% A7%D9%84%D9%86%D8%AC%D8%A7&action=edit&redlink=1) مصر


عن الرواية وكاتبها :

- تحتل روايتنا المركز السابع والثلاثين في القائمة التي أصدرها اتحاد الكتاب العرب لأفضل مائة رواية عربية عن القرن المنصرم ، والرواية تخليد لذكرى سيرة ابن مصر المجاهد عبد الله النديم .

- أبو المعاطي أبو النجا من أبرز الأدباء العرب الذين يكتبون القصة النفسية ويعبرون بدقة عن المشاعر الداخلية للإنسان وتحمل أعماله الإبداعية سواء القصصية او الروائية تجارب حافلة بكل ما هو إنساني فهو يرصد الواقع بمفرداته الحسية ويتوغل في التفصيلات الدقيقة للشخصية الإنسانية ولم يقع أسير الواقع الحرفي ولم يهرب إلى عالم الفانتازيا بتهاويله الخرافية لذا نجح في نسج خيوط تجربته الإبداعية فوصفه النقاد بأنه أبرع أديب عربي كتب القصة النفسية.
صدرت للأديب ابو المعاطي ابو النجا ثماني مجموعات قصصية منها (فتاة المدينة، ابتسامة غامضة، الناس والحب، مهمة غير عادية، الجميع يربحون الجائرة), وأصدر روايتين هما (العودة الى المنفى، ضد مجهول), واصدر كتاباً نقدياً واحداً بعنوان (طرق متعددة لمدينة واحدة).

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:25 PM
الأديب أبو المعاطي أبو النجا (http://www.al-jazirah.com.sa/2000jaz/jul/6/cu3.htm)
الدواخل الإنسانية ورصد الواقع الحسي أهم ما يشغلني في الإبداع
أحن إلى كتابة الرواية، والقصة القصيرة هي طعامي اليومي (http://www.al-jazirah.com.sa/2000jaz/jul/6/cu3.htm)

* القاهرة مكتب الجزيرة إنصاف زكي
أبو المعاطي أبو النجا من أبرز الأدباء العرب الذين يكتبون القصة النفسية ويعبرون بدقة عن المشاعر الداخلية للإنسان وتحمل اعماله الابداعية سواء القصصية او الروائية تجارب حافلة بكل ما هو انساني فهو يرصد الواقع بمفرداته الحسية ويتوغل في التفصيلات الدقيقة للشخصية الانسانية ولم يقع أسير الواقع الحرفي ولم يهرب إلى عالم الفانتازيا بتهاويله الخرافية لذا نجح في نسج خيوط تجربته الابداعية فوصفه النقاد بانه ابرع اديب عربي كتب القصة النفسية.


صدرت للأديب ابو المعاطي ابو النجا ثماني مجموعات قصصية منها (فتاة المدينة، ابتسامة غامضة، الناس والحب، مهمة غير عادية، الجميع يربحون الجائرة), وأصدر روايتين هما (العودة الى المنفى، ضد مجهول), واصدر كتاباً نقدياً واحداً بعنوان (طرق متعددة لمدينة واحدة).

التقته الجزيرة في هذا الحوار الذي تحدث فيه عن مسيرته الابداعية واعماله وتجربته في كتابة القصة النفسية والعديد من القضايا الادبية الاخرى.

* الاتجاه الى الطريق الادبي لا بد ان تقف وراءه دوافع كثيرة ما هي دوافع البداية عند الاديب ابو المعاطي ابو النجا؟
تفتح وجداني الأدبي على قراءات الف ليلة وليلة وسيرة ابو زيد الهلالي وغيرها من السير الشعبية حينما كنت اقرأها في الصبا الباكر لبعض اهالي قريتي، حيث كانوا يطلبون مني قراءتها لهم مما كان يملؤني شعوراً بالاعتزاز بنفسي كما فتح لي المنفلوطي وجبران خليل جبران وايليا ابو ماضي وأمين الريحاني وغيرهم الباب واسعاً لعالم الابداع فقد بدأت ادرك ان وراء حدود قريتي الصغيرة والضيقة عوالم واسعة، وهكذا بدأت الرحلة فبدأت اغامر بكتابة بعض الخواطر التي واظبت على كتابتها فترة طويلة أتعلم من قراءاتي وخبراتي المستمدة من تجاربي حتى بدأت النشر في دار الآداب البيروتية وكانت اول مجموعة قصصية نشرت لي فيها بعنوان (فتاة في المدينة) وكتب الناقد الراحل انور المعداوي مقدمة نقدية لها ولقيت هذه المجموعة ترحيباً كبيراً من نقاد هذه المرحلة وكان لذلك أكبر الآثر في دفعي للمضي في تيار الكتابة القصصية ثم تتابعت مجموعاتي القصصية وكانت تتنشر بنوع من التوازن بين دار الآداب في بيروت والهيئة العامة للكتاب ودار الهلال بالقاهرة.

القصة النفسية
* يطلق عليك العديد من النقاد بأنك ابرز اديب كتب القصة النفسية، كيف ترى ذلك! وهل هناك مؤثرات خاصة ساهمت في اتجاهك لهذه الكتابة؟
فيما يتعلق بكتابة القصة النفسية اعتقد ان الجانب النفسي الداخلي للانسان بشكل عام وللشخصية الروائية بخاصة هو الجانب الذي تسعى كل الاعمال القصصية او الروائية لرصد حركته وتسجيل نبضاته بقوة وامانة وكل ما في الامر ان الكتاب في سبيلهم للوصول الى هذه الغاية سيسلكون سبيلين فبعضهم يهتم برصد السلوك الخارجي للشخصية السلوك الظاهر للعيان قولاً او فعلاً وهو هنا يرصد هذا السلوك في علاقته بسلوك الشخصيات الاخرى وفي الواقع الخارجي المرئي ويرى ان هذا الرصد هو الطريقة المثلى والاكثر صدقاً في رصد الجانب النفسي الداخلي، كما ان الاكتفاء بمثل هذا الرصد الخارجي يترك هامشاً واسعاً من الحرية للقارئ في استكشاف الجانب النفسي الداخلي وهو ما يناسب القارئ ويمنح فرصة لتعدد التأويلات والتفسيرات، اما البعض الآخر من الكتاب واظنني منهم فهم لا يركزون على رصد السلوك الخارجي كما هو في الداخل وفق ما تقتضيه طبيعة الموقف في القصة او في الرواية المهم ان يتم هذا الرصد لسلوك الشخصية سواء في الداخل او الخارج بقدر كبير من الحياد والشفافية.

اما فيما يتعلق بالمؤثرات فهناك اشياء كثيرة من الصعب حصرها لكن يمكن النظر اليها كتيارات عامة فهناك مثلاً تيار المهن التي عملت بها في حياتي الوظيفية فقد عملت لمدة اعوام قليلة بالتدريس كما عملت محرراً بمجمع اللغة العربية بالقاهرة بعد تخرجي في كلية دار العلوم جامعة القاهرة, كما عملت مديراً للعلاقات العامة والاعلام في الهيئة العامة للتعليم التطبيقي بالكويت لمدة عشر اعوام اقتربت خلالها بشدة من مشكلات التربية والتعليم كما عملت بعد ذلك بمجلة العربي الكويتية، وعبر هذه الرحلة الممتدة تفاعلت مع افراد ومجموعات من كبار الكتاب والمثقفين في الوطن العربي، وهناك ايضاً تيار الاحداث الكبرى التي عاشها جيلي بما تمثله من انتصارات وهزائم ومتغيرات في مناحي الفكر والعمل، وبشكل عام لا يمكن الفصل بين تأثر الكتاب وتأثير الخبرات والتجارب العملية والابداع التي تتطور او تتغير مع تطور نظريات المعرفة والعلم والثقافة وبالطبع كنت اتابع مثل هذا التطور عبر رحلة الحياة ويمكن القول ان التأثر الباكر في مرحلة الشباب كان واقعاً تحت تأثير تيارين متناقضين ومع ما بين هذين التيارين من اختلافات حادة ففي داخلي عقدت بينهما نوعاً من الصلح لاحظه من كتب عن القصص التي كتبتها في تلك المرحلة فقد كانت ازمة العلاقة بين الفرد والجماعة هي النغمة الاساسية التي تتردد بقوة في قصص هذه المرحلة كما اكد معظم من كتبوا عن اعمالي القصصية في هذه المرحلة من النقاد.

تجربة الغربة
* وماذا عن تجربة الغربة حيث قضيت 15 عاماً بعيداً عن الوطن هل كان لها تأثيرها على ابداعك؟

تجربة الغربة والعمل في الخارج كان لها تأثيرات مختلفة على اعمالي الابداعية بعضها ايجابي والآخر سلبي ومن التأثيرات الايجابية اقترابي من مجموعات المثقفين العرب الذين عملوا هناك في الفترة التي كنت بها بالخارج وتعرفت على رؤاهم المختلفة لقضايانا الثقافية والحياتية وقد تناولت في بعض مجموعاتي القصصية مشكلات العمل وهذه الرؤى المختلفة، اما الجوانب السلبية فقد كان اهمها التوقف الذي حدث لمشروعي الروائي الذي كان يحتاج الى نوع من التفرغ المستمر ويحتاج قدراً من المتابعة المستمرة للمتغيرات اليومية، وبشكل عام فإن تجربة الغربة ساهمت كثيراً في اثراء رؤيتي للعديد من القضايا القومية والوطنية والثقافية واكتشاف ينابيع جديدة في مشوار الابداع.


* بين مجموعاتك القصصية ورواياتك ايهما احب اليك؟
اجد نفسي في الرواية اكثر ولكنها تحتاج الى وقت طويل ومتابعة مستمرة للمتغيرات اليومية ولكن كانت القصة القصيرة هي الشكل الاكثر مناسبة لظروف حياتي ولشخصيتي التي تميل للانطوائية والتأمل وحين واتتني فرصة التفرغ كتبت روايتين هما العودة الى المنفى، وضد مجهول وكان لدي مشروع روائي لرصد جوانب من حياة ذلك الجيل الذي خرج من الحياة في الريف الى الحياة والعمل في المدينة ولكن هذا المشروع متوقف، وخلال حياتي في الخارج كانت القصة القصيرة هي الشكل الاكثر ملاءمة لي للكتابة الادبية فهو عمل يتوقف انجازه على جهدي وحده كما يمكن انجازه في اوقات الفراغ المتقطعة التي تسمح بها ظروف العمل.

بين النقد والإبداع
* وماذا عن موقف النقد من ابداعاتك؟
في بداية ظهروي ونشأتي كان موقف النقد جيدا ومتعاطفا ومتفهماً ومبشراً واعتقد ان هذا هو دور النقد في اكتشاف اي كاتب جديد وهو ان يلفت اليه الانظار، ومن المفترض ان يتابع الناقد الموهبة وهل حققت الوعود الملقاة عليها وهل تتطور بالقدر الكافي، وما الاساليب التي ابتكرها في الكتابة، اما ما يحدث على ارض الواقع فغير ذلك تماماً حيث مر النقد بمرحلتين الاولى قبل عام 67 حيث كانت الروح الوطنية والقومية والعدالة الاجتماعية وكان النقد في هذه المرحلة احادي الاتجاه او النظرة فالاعمال التي كانت تؤيد هذا الاتجاه كان النقد يقف بجانبها والعكس صحيح كما كان هناك تركيز على اسماء كبيرة ظهرت وتبلورت واصبحت رموزاً للمرحلة مثل يوسف ادريس ونجيب محفوظ وحجازي وعبدالصبور اما المرحلة الثانية بعد عام 67 فقد حدث خلالها نوع من الفوضى النقدية حيث الرغبة في التغلب على صدمة الهزيمة وفهم ما حدث، اما الآن فنحن في مرحلة بها قدر من التوازن وفيها قدر من التعدد والتنوع فلم يعد الناقد موجهاً بوصلته على نظرية نقدية معينة يقيس عليها ابداعات الآخرين كما كان في السابق، ومن المهم هنا التأكيد على خروجنا من اطار الرؤية الواحدة او الاتجاه الواحد في النقد، وكل عمل جيد لابد من الالتفات اليه نقدياً.


في هذا الصباح
* اخيراً ماذا عن مجموعتك القصصية الجديدة (في هذا الصباح) وخاصة انها جاءت بعد غياب طويل عن الكتابة؟
(في هذا الصباح) مجموعة قصصية تدور بين مجموعات من البشر العاديين وتغوص في ادق مشاعرهم الانسانية وتبرز آمالهم وطموحاتهم وآلامهم ومعاناتهم اليومية البسيطة، وقد جاءت هذه المجموعة بالفعل بعد فترة غياب طويلة نسبياً لان الكتابة لدي ليست وظيفة او نوعاً من الوظيفة فأنا لا اتوجه للكتابة الا اذا كانت لدي فكرة اتوهم انها جديدة أو مختلفة على الاقل بالنسبة لما سبق لي ان كتبته وهكذا جاءت في هذا الصباح.

مجهول الطفولة

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:26 PM
38- وكالة عطية خيري شلبي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D9%8A_%D8%B4%D9%84%D8%A8%D9%8A) مصر

وكالة عطية
تأليف: خيرى شلبى (http://www.mnaabr.com/vb/urls.php?ref=http://www.shorouk.com/ar/author_details.asp?author_id=673&cat_id=38)
سنة النشر: 2008
نبذة: يتسبب اعتداء بطل الرواية الطالب المتفوق بمعهد المعلمين بدمنهور على مدرسه في طرده من المعهد وسقوطه إلى العالم السفلى: وكالة عطية: مأوى المهمشين والصعاليك والأشقياء في المدينة. ومن هنا يأخذنا الكاتب الكبير خيري شلبي في واحدة من أمتع الرحلات وأكثرها تشويقا، إلى قاع مدينة دمنهور وعوالم مثيرة بل تكاد تكون خيالية. حصلت هذه الرواية على جائزة ميدالية نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عام 2003، وصدرت بالإنجليزية عام 2007.
خيري شلبي أحد أهم كُتَّاب الرواية في العالم العربي، وحائز على جائزة الدولة التقديرية عام 2005. له أكثر من 70 كتابا ما بين الرواية والقصة والمسرحية والدراسة، من أشهرها: وكالة عطية وصالح هيصة وثلاثية الأمالي وزهرة الخشخاش ونسف الأدمغة. وترجمت أعماله إلى الإنجليزية والفرنسية والألمانية والروسية والصينية والكورية والأردية.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:27 PM
خيري شلبي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


خيري شلبي (31 يناير (http://www.mnaabr.com/wiki/31_%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1) 1938 (http://www.mnaabr.com/wiki/1938) - 9 سبتمبر (http://www.mnaabr.com/wiki/9_%D8%B3%D8%A8%D8%AA%D9%85%D8%A8%D8%B1) 2011 (http://www.mnaabr.com/wiki/2011))، كاتب وروائي مصري (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D9%88%D9%86). ولد بقرية شباس عمير (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B4%D8%A8%D8%A7%D8%B3_%D8%B9%D9%85%D9%8A%D8%B1) بمركز قلين (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%82%D9%84%D9%8A%D9%86) بمحافظة كفر الشيخ (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%83%D9%81%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%8A%D8%AE) .



الجوائز



حاصل على جائزة الدولة التشجيعية (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%B2%D8%A9_%D8 %A7%D9%84%D8%AF%D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8% AA%D8%B4%D8%AC%D9%8A%D8%B9%D9%8A%D8%A9&action=edit&redlink=1) في الآداب عام 1980- 1981.
حاصل على وسام العلوم والفنون (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%88%D8%B3%D8%A7%D9%85_%D8%A7%D9 %84%D8%B9%D9%84%D9%88%D9%85_%D9%88%D8%A7%D9%84%D9% 81%D9%86%D9%88%D9%86&action=edit&redlink=1) من الطبقة الأولى 1980 – 1981.
حاصل على جائزة أفضل رواية عربية عن رواية "وكالة عطية" 1993.
حاصل على الجائزة الأولى لإتحاد الكتاب للتفوق عام 2002.
حاصل على جائزة نجيب محفوظ (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%B2%D8%A9_%D9%86%D8%AC%D9%8A% D8%A8_%D9%85%D8%AD%D9%81%D9%88%D8%B8) من الجامعة الأمريكية بالقاهرة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A7% D9%84%D8%A3%D9%85%D8%B1%D9%8A%D9%83%D9%8A%D8%A9_%D 8%A8%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9) عن رواية وكالة عطية (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%88%D9%83%D8%A7%D9%84%D8%A9_%D8 %B9%D8%B7%D9%8A%D8%A9&action=edit&redlink=1) 2003.
حاصل على جائزة أفضل كتاب عربى من معرض القاهرة للكتاب (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D8%B9%D8%B1%D8%B6_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7% D9%87%D8%B1%D8%A9_%D9%84%D9%84%D9%83%D8%AA%D8%A7%D 8%A8) عن رواية صهاريج اللؤلؤ (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%B5%D9%87%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8% AC_%D8%A7%D9%84%D9%84%D8%A4%D9%84%D8%A4&action=edit&redlink=1) 2002.
حاصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%B2%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AF% D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%AF%D 9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D 8%A2%D8%AF%D8%A7%D8%A8_%28%D9%85%D8%B5%D8%B1%29) ‏2005‏.
رشحته مؤسسة "إمباسادورز" الكندية للحصول على جائزة نوبل للآداب.
تولى رئاسة تحرير مجلة الشعر (وزارة الإعلام) لعدة سنوات.
يتولى حاليا رئاسة تحرير سلسلة: مكتبة الدراسات الشعبية الصادرة عن العهيئة العامة لقصور الثقافة(وزارة الثقافة).

[عدل (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D9%8A_%D8%B4%D9 %84%D8%A8%D9%8A&action=edit&section=2)] أعماله

من أشهر رواياته : السنيورة، الأوباش، الشطار، الوتد، العراوى، فرعان من الصبار، موال البيات والنوم، ثلاثية الأمالى (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84% D8%A3%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%89) (أولنا ولد - وثانينا الكومى - وثالثنا الورق)، بغلة العرش، لحس العتب، منامات عم أحمد السماك، موت عباءة، بطن البقرة، صهاريج اللؤلؤ، نعناع الجناين، بالإضافة إلى :
اسم الروايةملخصسنة الإصدارصالح هيصة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B5%D8%A7%D9%84%D8%AD_%D9%87%D9%8A%D8%B5%D8%A9) قصة شخصية مثيرة للجدل من عموم الشعب المصري لها آرائها الخاصة في الحياة2000نسف الأدمغةعصابة تتاجر ببعض البقايا البشرية لكي تنتج أنواعاً أشد فتكاً من المخدرات2004زهرة الخشخاشقصة شاب مصري من عائلة معروفة في منتصف الخمسينات2005وكالة عطيةوكالة عبارة عن مبنى قديم يؤوي متشردين لكل منهم قصته الخاصة وعالمه الغريب2007صحراء المماليكصحفي يسكن في منطقة جديدة وعلاقاته بشخص غير مرغوب فيه2008اسطاسيةقصة عائلة فاسدة والعلاقات المتوترة بين المسلمين والأقباط2010من مجموعاته القصصية: صاحب السعادة اللص، المنحنى الخطر، سارق الفرح، أسباب للكى بالنار، الدساس، أشياء تخصنا، قداس الشيخ رضوان، وغيرها.
من مسرحياته: صياد اللولي، غنائية سوناتا الأول، المخربشين.
من مؤلفاته ودراساته: محاكمة طه حسين: تحقيق في قرار النيابة في كتاب الشعر الجاهلي، أعيان مصر (وجوه مصرية)، غذاء الملكات (دراسات نقدية)، مراهنات الصبا (وجوة مصرية)، لطائف اللطائف (دراسة في سيرة الإمام الشعراني)، أبو حيان التوحيدي (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D9%86_%D8%A7 %D9%84%D8%AA%D9%88%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D9%8A) (بورتيره لشخصيته)، دراسات في المسرح العربي، عمالقة ظرفاء، فلاح في بلاد الفرنجة (رحلة روائية)، رحلات الطرشجي الحلوجي، مسرح الأزمة (نجيب سرور) وغير ذلك.
رائد الفانتازيا التاريخية (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%81%D8%A7%D9%86%D8%AA%D8%A7%D8% B2%D9%8A%D8%A7_%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE%D9%8 A%D8%A9&action=edit&redlink=1) في الرواية العربية المعاصرة، وتعد روايته (رحلات الطرشجى الحلوجى) عملا فريدا في بابها.
كان من أوائل من كتبوا مايسمى الآن بالواقعية السحرية (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%88%D8%A7%D9%82%D8%B9%D9%8A%D8%A9_%D8%B3%D8%AD% D8%B1%D9%8A%D8%A9)، ففى أدبه الروائى تتشخص المادة وتتحول إلى كائنات حية تعيش وتخضع لتغيرات وتؤثر وتتأثر، وتتحدث الأطيار والأشجار والحيوانات والحشرات وكل مايدب على الأرض، حيث يصل الواقع إلى مستوى الأسطورة، وتنزل الأسطورة إلى مستوى الواقع، ولكن القارئ يصدق مايقرأ ويتفاعل معه. على سبيل المثال روايته (السنيورة) وروايته (بغلة العرش) حيث يصل الواقع إلى تخوم الأسطورة، وتصل الأسطورة في الثانية إلى التحقق الواقعى الصرف، أما روايته (الشطار) فإنها غير مسبوقة وغير ملحوقة لسبب بسيط وهو أن الرواية من أولها إلى آخرها (خمسمائة صفحة) يرويها كلب، كلب يتعرف القارئ على شخصيته ويعايشه ويتابع رحلته الدرامية بشغف.
[عدل (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D9%8A_%D8%B4%D9 %84%D8%A8%D9%8A&action=edit&section=3)] في السبعينيات

في فترة السبعينيات من القرن الماضى كان خيرى شلبى باحثا مسرحيا، إكتشف من خلال البحث الدؤوب أكثر من مائتى مسرحية مطبوعة في القرن التاسع عشر وأواسط القرن العشرين، بعضها تم تمثيله على المسرح بفرق شهيرة وقد نشرت أسماء الفرق والممثلين، وبعضها الآخر يدخل في أدب المسرح العصىّ على التنفيذ، وقد أدهشه أن هذه المسرحيات المكتشفة لم يرد لها ذكر في جميع الدراسات التاريخية والنقدية التي عنيت بالتاريخ للمسرح المصري، ومعظمها غير مدرج في (ريبروتوار) الفرقة التي مثلتها، وبعضها الآخر إنقرضت الجوقات التي مثلتها. وقام الباحث بتحقيق هذه المسرحيات في حديث بإذاعة البرنامج الثاني (البرنامج الثقافى حاليا) تحت عنوان (مسرحيات ساقطة القيد) ضمن برنامج كبير كان يقدمه الروائى بهاء طاهر (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A8%D9%87%D8%A7%D8%A1_%D8%B7%D8%A7%D9%87%D8%B1) . والجدير بالذكر أن الباحث وضع خطة (حاليا) لتجميع هذه الأحاديث (وهي دراسات بكل معنى الكلمة) في كتاب كبير يحفظ لهذه الأعمال ريادتها.
الجدير بالذكر كذلك أن الباحث اكتشف ضمن هذه المجموعة من النصوص نصا مسرحيا من تأليف الزعيم الوطني مصطفى كامل (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B7%D9%81%D9%89_%D9%83%D8%A7%D9%85% D9%84) بعنوان: (فتح الأندلس) وقام بتحقيقه ونشره في كتاب مستقل بنفس العنوان صدر عن هيئة الكتاب في سبعينيات القرن الماضى.
اكتشف أيضا مسرحية (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%AD%D9%8A%D8%A9) من تأليف العلاَّمة الشيخ أمين الخولي (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A3%D9%85%D9%8A%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%88% D9%84%D9%8A)، وكان هذا شيئا مثيرا جدا، والمسرحية بعنوان: (الراهب) كتبها أمين الخولى لجوقة عكاشة، وكان يحضر جلسات التدريبات كل يوم وهو أحد قضاة مصر آنذاك ولكنه كان يحجب اسمه ووضع بدلا منه بقلم كاتب متنكر، إلا أن حيلته كانت مكشوفة لأن الخبر قد نشر أيامها. واستطاع الباحث تحقيق النص ونسبته إلى أمين الخولى، كما اكتشف صلة الشيخ بفن المسرح، ومحاولاته المتكررة في التأليف. وقد نشرت المسرحية في مجلة الأدب التي كان يصدرها الشيخ أمين، ونشرت الدراسة في أكثر من دورية ثقافية.
خيري شلبى هو مكتشف قرار النيابة في كتاب الشعر الجاهلي (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9 %84%D8%B4%D8%B9%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9% 87%D9%84%D9%8A&action=edit&redlink=1) إذ عثر عليه في إحدى مكتبات درب الجماميز المتخصصة في الكتب القديمة، ولم يكن كتابا بل كراسة محدودة الورق متهرئة ولكنها واضحة وعليها توقيع النائب العام محمد نور الذي حقق مع طه حسين (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B7%D9%87_%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86) في القضية. وكان المعروف إعلاميا أن طه حسين قد أستتيب لتنتهى القضية، وبظهور هذا القرار النيابى إتضحت القضية واتضح أن النائب العام حفظ القضية لعدم كفاية الأدلة، وكانت أسئلة النائب العام وردود طه حسين عليها شيئا ممتعا وعظيما، كما أن المستوى الثقافي للنائب العام كان رفيعا، كل ذلك حفز الكاتب لتحقيق هذا القرار من الزاوية القانونية وإعادة رصد وقائع القضية وردود أفعالها اجتماعيا وأكاديميا وسياسيا وأدبيا ثم نتج عن ذلك واحد من أهم كتب خيرى شلبى وهو: كتاب (محاكمة طه حسين) الذي طبع أكثر من مرة في الهلال وفى الدراسات والنشر ببيروت ودار المستقبل بالقاهرة وكانت أولى الطبعات عام 1969.
يعد خيرى شلبى من رواد النقد الإذاعى، ففى فترة من حياته أثناء عمله كاتبا بمجلة الإذاعة والتليفزيون تخصص في النقد الإذاعى بوجهيه المسموع والمرئى. وكان إسهامه مهما لأنه التزم الأسلوب العلمى في التحليل والنقد بعيدا عن القفشات الصحفية والدردشة، فكان يكتب عن البرنامج الإذاعى كما يكتب عن الكتاب والفيلم السينمائى والديوان الشعرى.
ٌإبتدع في الصحافة المصرية لونا من الكتابة الأدبية كان موجودا من قبل في الصحافة العالمية ولكنه أحياه وقدم فيه إسهاما كبيرا اشتهر به بين القراء، وهو فن البورتريه (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A8%D9%88%D8%B1%D8%AA%D8%B1%D9%8A%D9%87)، حيث يرسم القلم صورة دقيقة لوجه من الوجوه تترسم ملامحه الخارجية والداخلية، إضافة إلى التكريس الفنى للنموذج المراد إبرازه، وقدم في فن البورتريه مائتين وخمسين شخصية من نجوم مصر في جميع المجالات الأدبية والفنية والسياسية والعلمية والرياضية، على امتداد ثلاثة أجيال، من جيل طه حسين إلى جيل الخمسينيات إلى جيل الستينيات.
وقد صدر من هذه الشخصيات ثلاثة كتب هي:

أعيان مصر (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%A3%D8%B9%D9%8A%D8%A7%D9%86_%D9 %85%D8%B5%D8%B1&action=edit&redlink=1)، عن الدار المصرية اللبنانية (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%A7%D8%B1_%D8 %A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9% 84%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D8%A9&action=edit&redlink=1).
صحبة العشاق (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%B5%D8%AD%D8%A8%D8%A9_%D8%A7%D9 %84%D8%B9%D8%B4%D8%A7%D9%82&action=edit&redlink=1)، عن الهيئة العامة للكتاب.
فرسان الضحك (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%81%D8%B1%D8%B3%D8%A7%D9%86_%D8 %A7%D9%84%D8%B6%D8%AD%D9%83&action=edit&redlink=1)، عن دار التحرير للطبع والنشر.

كتب النقد والدراسات الأدبية، ومن كتبه في هذا الصدد:

(غذاء الملكة) هيئة قصور الثقافة.
(لطائف اللطائف) دراسة في سيرة الشعرانى - دار العروبة.
(أبو حيان التوحيدى) دار العروبة.
(مؤرخو مصر الإسلامية) دار المستقبل.

عمل أستاذا زائرا بمعهد الفنون المسرحية لتدريس تاريخ المسرح المصري المعاصر.
قدمت أعماله للسينما في:

فيلم الشطار (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85_%D8%A7%D9 %84%D8%B4%D8%B7%D8%A7%D8%B1&action=edit&redlink=1) مع المخرج نادر جلال (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%86%D8%A7%D8%AF%D8%B1_%D8%AC%D9%84%D8%A7%D9%84) عن رواية بنفس العنوان.
فيلم سارق الفرح (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85_%D8%B3%D8 %A7%D8%B1%D9%82_%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D8%AD&action=edit&redlink=1) مع المخرج داود عبد السيد (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AF%D8%A7%D9%88%D8%AF_%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7 %D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF) عن قصة قصيرة.
رواية وكالة عطية تناولها الممثل المصري حسين فهمى (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86_%D9%81%D9%87%D9%85%D9%89) كعمل تليفزيونى في مسلسل يحمل نفس الاسم وتم عرضه في رمضان 2009 ولم يحقق نجاحاً كبيراً

في التليفزيون:

مسلسل (الوتد) من إخراج أحمد النحاس (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A3%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%AD% D8%A7%D8%B3).
مسلسل (الكومى) عن ثلاثية الأمالى ومن إخراج محمد راضي (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%B1%D8%A7%D8%B6%D9%8A) .

وقد كتب المؤلف السيناريو والحوار لكل من المسلسلين.
ترجمت معظم رواياته إلى الروسية (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9) والصينية (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B5%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9) والإنجليزية (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D9%86%D8%AC%D9%84%D9%8A%D8%B2%D 9%8A%D8%A9) والفرنسية (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9) والأوردية والعبرية (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%A9) والإيطالية، وخصوصا رواياته: الأوباش، الوتد، فرعان من الصبار، بطن البقرة، وكالة عطية، صالح هيصة.
قدمت عنه عدة رسائل للماجستير والدكتوراه في جامعات القاهرة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%82% D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9) وطنطا (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%B7%D9%86%D8%B7% D8%A7) والرياض (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B1% D9%8A%D8%A7%D8%B6) وأكسفورد (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A3%D9%83%D8%B3% D9%81%D9%88%D8%B1%D8%AF) وإحدى الجامعات الألمانية.
توفي فجر يوم 2011/9/9 عن عمر يناهز 73 عاماً

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:27 PM
خيرى أحمد شلبى

مواليد قرية شباس عمير، مركز قلين، محافظة كفر الشيخ. رحل في صباح يوم الجمعة 9-9 2011، عن عمر يناهز ال73 عاماً. خيري شلبي كاتب وروائي مصري له سبعون كتاباً من أبرز أعماله مسلسل الوتد عن قصة بنفس الاسم قامت ببطولتها الفنانة المصرية الراحلة هدى سلطان في الدور الرئيسي "فاطمة تعلبة".

رائد الفانتازيا التاريخية في الرواية العربية المعاصرة، وتعد روايته رحلات الطرشجى الحلوجى عملا فريدا في بابها. كان من أوائل من كتبوا مايسمى الآن بالواقعية السحرية، ففى أدبه الروائى تتشخص المادة وتتحول إلى كائنات حية تعيش وتخضع لتغيرات وتؤثر وتتأثر، وتتحدث الأطيار والأشجار والحيوانات والحشرات وكل مايدب على الأرض، حيث يصل الواقع إلى مستوى الأسطورة، وتنزل الأسطورة إلى مستوى الواقع، ولكن القارئ يصدق مايقرأ ويتفاعل معه. على سبيل المثال روايته السنيورة وروايته بغلة العرش حيث يصل الواقع إلى تخوم الأسطورة، وتصل الأسطورة في الثانية إلى التحقق الواقعى الصرف، أما روايته الشطار فإنها غير مسبوقة وغير ملحوقة لسبب بسيط وهو أن الرواية من أولها إلى آخرها خمسمائة صفحة يرويها كلب، كلب يتعرف القارئ على شخصيته ويعايشه ويتابع رحلته الدرامية بشغف.

حاصل على جائزة الدولة التشجيعية في الآداب عام 1980- 1981. حاصل على وسام العلوم والفنون من الطبقة الأولى 1980 – 1981. حاصل على جائزة أفضل رواية عربية عن رواية "وكالة عطية" 1993. حاصل على الجائزة الأولى لإتحاد الكتاب للنفوق عام 2002. حاصل على جائزة ميدالية نجيب محفوظ من الجامعة الأمريكية بالقاهرة عن رواية "وكالة عطية" 2003. حاصل على جائزة أفضل كتاب عربى من معرض القاهرة للكتاب عن رواية "صهاريج اللؤلؤ" 2002. حاصل على جائزة الدولة التقديرية في الآداب ‏2005‏. رشحته مؤسسة "إمباسادورز" الكندية للحصول على جائزة نوبل للآداب. يرأس حاليا تحرير مجلة الشعر (وزارة الإعلام). رئيس تحرير سلسلة : مكتبة الدراسات الشعبية (وزارة الثقافة).

من أشهر رواياته : السنيورة، الأوباش، الشطار، الوتد، العراوى، فرعان من الصبار، موال البيات والنوم، ثلاثية الأمالى (أولنا ولد - وثانينا الكومى - وثالثنا الورق)، بغلة العرش، لحس العتب، منامات عم أحمد السماك، موت عباءة، بطن البقرة، صهاريج اللؤلؤ، نعناع الجناين، بالإضافة إلى صالح هيصة: قصة شخصية مثيرة للجدل من عموم الشعب المصري لها آرائها الخاصة في الحياة ونسف الأدمغة :عصابة تتاجر ببعض البقايا البشرية لكي تنتج أنواعاً أشد فتكاً من المخدرات
زهرة الخشخاش: قصة شاب مصري من عائلة معروفة في منت

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:29 PM
الراحل خيري شلبي

Fri, 9-09-2011 - 7:08Fri, 2011-09-09 19:08 | إيهاب الملاح (http://www.mnaabr.com/taxonomy/term/962)

http://www.dostor.org/sites/default/files/imagecache/article_image/sites/default/files/11/Sep/36/mainimage/ss.jpg
(http://www.dostor.org/sites/default/files/11/Sep/36/mainimage/ss.jpg)


«عميد دوحة الروائيين المصريين»، كما كان يعتبره الكثيرون، ويصفونه بالحكاء الماكر الساخر.. الراوي الشعبي بالوراثة، رسام الملامح والوجوه، الذي يمزج بين الفلكلور والأسطورة وصراعات الذات وأحلام المهمشين.. المتدفق في سرده كينبوع صاف يتفجر من باطن الأرض الطيبة..
توفي خيري شلبي وهو يكابد الكتابة ويعانيها كما كان يقول عنها، فالكاتب الذي ليس له صلة بالناس أو الذي يتعالى عليهم هو كاتب غير موجود أصلا..
عمر من الكتابة الغامرة الفياضة وإبداع غزير غزارة الشلال، راوح بين الرواية والقصة والقصيرة والمقال الأدبي والسيناريو وفنون أخرى.. انحفرت أعماله في مدونة الإبداع المصري والعربي بحروف من نور.. من منا لم يقرأ أو يسمع عن "الوتد"، "منامات عم أحمد السماك"، "ثلاثية الأمالي"، "رحلات الطرشجي الحلوجي"، "وكالة عطية"، "صحراء المماليك"، وغيرها من تراثه الروائي والقصصي الفاخر المعتبر.
كان خيري شلبي "وتدا" من أوتاد جيله الإبداعي الأشهر، جيل الستينيات، متوسطا عقد هذا الجيل مقترنا بإبراهيم أصلان وجمال الغيطاني وبهاء طاهر وصنع الله إبراهيم..
عندما زرته في منزله بالمعادي لإجراء حوار مطول معه، وكان بمناسبة الخطاب الذي ألقاه أوباما بجامعة القاهرة، وبعد أن صافحني اصطحبني إلى حجرة مكتبه، فوجئت بأنها في الحقيقة ليست حجرة مكتب بالمعنى الذي يتبادر إلى الذهن، إنما هي مساحة طولية مقتطعة من صالة الاستقبال الفسيحة، جعلها بمثابة جناح فاخر.. شديد التنظيم، مرتب بعناية فائقة، الكتب مرصوصة كأنها معروضة بشكل جميل في إحدى دور عرض الكتب، الإضاءة خافتة بسيطة توحي بأجواء حالمة كأنها تنبعث من ثنايا حكايات «ألف ليلة وليلة».. وعلى الحائط الملاصق للمكتب تتراص عدة صور فوتوغرافية قديمة لعدد من كبار مبدعينا الأعلام.. نجيب محفوظ، يحيى حقي، صلاح جاهين، وآخرين.
أسفل هذه الصور صف من الأجندات و"المفكرات" و"الكراريس" متنوعة الأحجام والأشكال منها ما هو قديم عتيق تفوح منه رائحة السنين ومكابدات الأيام، ومنها ما هو حديث المظهر.. هكذا كان عمنا "شلبي" يعتمد على التدوين والتسجيل حتى بعد أن تخطى السبعين وأسس منجزه الروائي على أسس راسخة.
برع خيري شلبي في كتابة "البورتريه الأدبي" اعتمادا على الذاكرة دون الاعتماد على أي مصادر أو الرجوع لمادة جاهزة مسبقا، "البورتريه" عند خيري شلبي فن قائم بذاته له مفهومه الواضح في ذهنه كان يراه صورة مرسومة لوجه من الوجوه، تصاحبها كتابة ترصد بدقة ملامح هذا الوجه الخارجية والداخلية وتترسم سماته وخصائصه، إضافة إلى التكريس الفني للنموذج المراد إبرازه. ولم يكن يكتب عن شخصية إلا إذا كان مستوعبا لها محيطا بأبعادها المختلفة، وجمعت هذه البورتريهات في كتب عدة من أشهرها "أعيان مصر"، و"وصحبة العشاق"، وفرسان الضحك".
الكاتب الحق، في منظور خيري شلبي، لكي يكون صاحب دور حقيقي في الحياة، لا بد أن يكون في خندق واحد مع الناس يعيش آلامهم وأحلامهم، آمالهم وهمومهم، وتصبح الكتابة في هذه الحالة فعل مقاومة.. يقول شلبي "دور الكاتب في نظري أن يبصر الإنسان بقواه الخفية.. ويضع يد القارئ على قواه الخفية ويساعده على اكتشافها والإمساك بها وتطويرها"..
وظل خيري شلبي حتى رمقه الأخير يساعدنا على التبصر بقوانا الخفية.. رحم الله العم الكبير "خيري شلبي

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:33 PM
الحكايات في حياة خيري شلبي يصل إلى مصب الرحيل
سيد محمود حسن

9-9-2011 | 15:47




لم تفقد مصر برحيل الكاتب خيري شلبي روائيا فذا فقط، لكنها فقدت كذلك نهرا من أنهار عطائها الكبير. إذ يصعب اختصار منجزه الفني في الكتابة الروائيةالتي أبدع فيها.

ويبدو لي أنه أقرب ما يكون لنهر تعددت روافده ،وصبت في مجرى واحد يحمل اسمه وتعرض العالم الفني لخيري شلبي في ظني لشيء من الاختصار المخل ، حيث سعت معظم الكتابات التي عالجته إلى حصره في القدرة على تناول فئة المهمشين اجتماعيا ، حتى بدا وكأنه مؤرخ لهذه الطبقة وتحولاتها في مصر.
ويلمس قارىء أعماله الغزيرة الكثيرالذي يخالف هذا الحكم المتسرع. لأن فيهاانفتاحا مدهشا على عوالم سردية تكشف خبرة فنية كبيرة وحياتية كذلك وتجاورا بين ما جرى في الريف المصري من تحولات عكسها في ( نعناع الجناين ، الوتد ، ثلاثية الأمالي )وما يجري في المدينة وانعكاساته على كافة فئات المجتمع سواء في القاع أو في القطاع الأعلى من الطبقة المتوسطة ( منامات أحمد السماك / صالح هيصة ، وكالة عطية ).
وتقدم السيرة الذاتية لخيري شلبي مفتاحا لفهم هذه القدرة التي كانت ابنة ل"خبرة الحياة " ففي بداية حياته عمل في مهن لا علاقة لها بالأدب والإبداع ولم يكن هدفه من وراء ذلك القيام بتجارب تفيده في الكتابة، ولكن كانت بهدف البحث عن لقمةالعيش فقد عمل في جمع القطن ،وتعلم كذلك مهنةالخياطة والحدادة، ثم النجارة واشتغل مع عمال التراحيل.
وخلال تلك الفترة زار معظم محافظات مصر، كما عمل بائعا جائلا في المواصلات العامة وهو ما أفاده في الكتابة وأعطاه تجربة بالمعايشة انعكست على أعماله التي عرض فيها لتحولات اجتماعية واقتصادية دفعت بشريحة المصريين للسكن في المقابر ومزاحمة الموتى لكنه بخبرةالكاتب الكبير جعل من هذا الموضوع الاجتماعي القاتم مصدرا للسخرية ولخلق عوالم أسطورية لا تخلو من " الفانتازيا " كما في مجموعتي " عدل المسامير / ما ليس يضمنه أحد ) أو روايات (السنيورة) ، (بغلة العرش) ، و(الشطار) والأخيرة توصف بأنها غير مسبوقة وغير ملحوقة لسبب بسيط وهو أنها ومن أولها إلى آخرها (خمسمائة صفحة) تروى على لسان كلب.
وفي مسار آخر قدم الراحل في أعماله الكثيرة عن الريف صورة تغاير الصورة التي رسخها ريف يوسف إدريس وعبد الرحمن الشرقاوي فهما قدّماالقرية المصرية من وجهة نظر بورجوازية. لكنه كتب عنها من مكان آخر بحكم تجربة الطفولة، والتراجع الطبقي لأسرته.
وانشغل الراحل كذلك بقضايا وجودية تتعلق بأسئلة المصير الإنساني ،إلى جانب الحرص على انصاف المرأة والتأكيد على القهر الاجتماعي الذي تتعرض له في كافة الطبقات.
وحقق خيري شلبي ذلك كله عبر الاتكاء على لغة متميزة في الحكي لا تخلو من التنوع في أساليب القص وهي على الرغم من فصاحتها لا تخلو من حيوية ومن طزاجة جعلتها قريبة من لغة الحياة اليومية.
وتكاد صفة " الحكاء " هي الصفة التي تلخص أسلوبه الفني وهو أسلوب استمده من شغفه الطفولي برواة السيرة الشعبية في قريته " شباس عمير " ومن معرفته العميقة بتراث الحكي الشعبي وتقاليدالكتابة في " ألف ليلة وليلة " فضلا عن انشغاله باكتشاف لغة سردية ظلت تنهل من مصادر الأدب الشعبي.
وفي كل حواراته حرص الكاتب الراحل على الإشارة إلى أن جانبا كبيرا من مصادر تميز لغته يعود إلى استفادته القصوى من المنجز اللغوي الذي راكمه يحيي حقي في أعماله كلها لا سيما مقالات النثر الفني التي كتبها والتي " لينت " لغة الكتابة وحررتها من القاموس ودفعت بها إلى ملامسة هموم الناس، كما رصد ذلك الشاعر الكبير عبد الرحمن الأبنودي في إشارته الذكية عن عالم الراحل إذ أكد " أن خيري شلبي منحته التجربة كتابته ومنحته كتابته نفسها فأغنى الرواية بعوالم لم يطأها قلم من قبله" كما أنصفه نجيب محفوظ حين سُئل عن سبب عدم كتابته عن القرية، فأجاب: "كيف أكتب عن القرية ولدينا خيري شلبي".
وحدها السنوات الأخيرة أنصفت الكاتب الراحل ووضعته في المكانة التي تليق به ككاتب كبير ، إذ تعرضت أعماله لتغييب نقدي ، لا أعرف إن كان تغييبا متعمدا أم يعود إلى غزارة أعماله وتنوعها ( حوالي 75 كتابا ) وبصورة لم تمكن من الإحاطة بها وإصدار أحكام قاطعة في شأنها.
واللافت كذلك أن معرفة القراءالمعاصرين بأعمال صاحب " صهاريج اللؤلؤ " تكاد تقتصر على كتاباته الروائية وتغيب عنها مسارات أخرى ، منها مساره كباحث ومحقق متميز ، إذ كشف خيري شلبي لأول مرة عن نصوص التحقيق مع الدكتور طه حسين في القضية الشهيرة المرتبطة بكتابه " في الشعر الجاهلي " وبفضل هذا الاكتشاف تمت تبرئة طه حسين في وعي المثقفين إذ عثر شلبي على قرار وكيل النيابة محمد نور بحفظ التحقيق في القضية وحفز ذلك الكاتب الراحل لتحقيق القرار من الزاوية القانونية، وإعادة رصد وقائع القضية وردود أفعالها اجتماعيا وأكاديميا وسياسيا وأدبيا ثم نتج عن ذلك واحد من أهم كتب خيرى شلبى وهو: كتاب (محاكمة طه حسين) الذي كانت أولى طبعاته عام 1969.
ويجهل قراءالكاتب الراحل كذلك أعماله المسرحية التي كتبها تأثرا بنشاطه الرئيس في الستينيات كناقد مسرحي لمجلة " الاذاعة " وهي الفترة التي أثمرت مجموعة كتب منها " دراسات في المسرح العربي ، وكتابه مسرح الأزمة (نجيب سرور) وغير ذلك. إلى جانب تأليف مسرحيات منها صياد اللولي، غنائية سوناتا الأول، المخربشين. ، كذلك أن الباحث اكتشف ضمن هذه المجموعة من النصوص نصا مسرحيا من تأليف الزعيم الوطني مصطفى كامل بعنوان: (فتح الأندلس) وقام بتحقيقه ونشره في كتاب مستقل بنفس العنوان صدر عن هيئة الكتاب في سبعينيات القرن الماضى كما اكتشف أيضا مسرحية من تأليف العلاَّمة الشيخ أمين الخولي بعنوان: (الراهب) .
وعلى خلاف الكثير من أبناء جيله لم ينخرط خيري شلبي في تجربةالانتماءإلى التنظيمات السياسيةالتي كانت عنوانا لمرحلتي الخمسينيات والستينيات وقد فسر ذلك، مؤكدا أن شغفه بالحكاية وولعه بالبوح والاعتراف كانا سبب نفور سماسرةالتجنيد للتنظيمات الشيوعية منه على أساس أنه لا يقوى على الاحتفاظ بسر. وقد حمد خيري شلبي الله على أنه لم يخض تجربة التنظيمات السياسية لأنها كانت ضد تكوينه الإنساني، لكن هذا لا يعني أنه كان ضد التنظيمات السياسية، بل كان شديدالاحترام لمن خاضوا تجربة التنظيم السياسي وقدموا تضحيات جسيمة في سبيل مبدأ آمنوا به، وتجلى ذلك الاحترام بوضوح في روايته " صحراء المماليك " التي صدرت في العام 2007 وتضمنت جانب من سيرة مثقفي جيله وكشفت صنوف التعذيب التي تعرضوا لها.
وفي السنوات الأخيرة تألق حضور خيري شلبي ككاتب بوتريه أو صورة قلمية لرموز الثقافة العربية والمصرية وهي البوتريهات التي جمعها في عدة كتب منها ( أعيان مصر ، صحبة العشاق ، عناقيد النور ) وفي الكتاب الأخير مقدمة متميزة كتبها حاتم حافظ تكشف عن جماليات البوتريه لدى الراحل الذي أصدر كتابه الأخير قبل أقل من شهرين بعنوان " أنس الحبايب " وتضمن فصول من سيرته الذاتية " التي غامر بكتابتها لأول مرة في سلسلة مقالات نشرتها " الأهرام " وجاءت هذه المغامرة بعد تردد طويل حسمه الراحل الذي كتب مرة يحلل أسباب عدم حماس الكتاب لكتابة سيرهم الذاتية وهو يقارن سيرته مع السيرة الذاتية التي كتبها الكاتب الكولومبي الشهير جابرييل جارسيا ماركيز في كتابه " أن تعيش لتروي " وفي هذا المقال رأى شلبي أن لسيرة الذاتية فن يكتسح كل المعضلات وتبعث الضوء في كل حنية من الحنايا ، ولذلك يصعب أن يقرأ هذا الكتاب بمعزل عن هذه القناعة التي حكمت رؤية صاحبه الذي قاده الاقتراب من الموت لكتابة " حكايته" الأخيرة.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:36 PM
اهم الاحداث التي اثرت في طفولة خيري شلبي:

يبدو ان وضعه الاجتماعي كان العامل الحاسم فقد تناول فئة المهمشين اجتماعيا ، حتى بدا وكأنه مؤرخ لهذه الطبقة وتحولاتها في مصر. مجهول الطفولة لكن هناك ما يكفي من معلومات للقول انه عاش حياة ازمة .

مأزوم.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:38 PM
39 - تامس عروسة النالوتي تونس

عروسيّة النالوتي تدخل في «تماس» إلى قلب الصراع: نساء ورجال وأحزان..

http://www.wajjd.com/uploads/424963ff93.jpg (http://www.wajjd.com/)


نجاة العدواني

رغم نجاح المرأة في تفجير القضايا الاجتماعيّة والسياسيّة فأنها لم تتخلّص نهائيّا من معاناتها الشّخصيّة، فنراها تحمّلها معظم كتاباتها التي تخفي بين السّطور رائحة صراع أبديّ بين جنسين تجمع بينهما مشاعر متناقضة، كالحب والكراهية والرّغبة في الحريّة والتملّك معا. ولأن الرّجل هو الذي تعوّد على اضطهادها وتطويعها إلى رغباته فقد انشغل بتطوير أساليبا مبتكرة تمكّنه من ذلك حتّى في ظلّ القوانين الجديدة، وإذا أصبح لا يقوى على جرّها من شعرها إلى مقصورته عن طريق عقد زواج يبرم بينه وبين أبيها فهو قادر على سحبها من رموشها فوق بلّور الشاشات وعلى أغلف المجلاّت المختصة في الموضة والإعلانات، مجردةّ من كلّ حياء أو كرامة وبمحض إرادتها. ولأن المرأة المبدعة تعدّ نفسها مسؤولة أمام هذه القضايا وغيرها فهي تشهر قلمها متوعدة، متحدية تارة وشاكية، باكية تارة أخرى وفي الحالتين تبقى صورة المرأة غائمة غير جلية تقبع في ظلّ الرجل، من هذا المنطلق ندخل عوالم رواية عروسية النالوتي “تماس” التي حاولت التغريد خارج السرب لكنّها لم تفلح في ذلك رغم إصرار بطلة روايتها هذه على مواصلة الصراع إلى النهاية، رافضة إعلان خنوعها و استسلامها إلى القدر المحتوم، والهزيمة المنتظرة...

شخصيات مأساويّة

إن شخصيّات “تماس” شخصيات مأساوية تطاردها المصائب دون أن تكون متسبّبة في ذلك أو ارتكبت أيّ فعل شائن تستحقّ من أجله عقابا بل عن طريق خطأ يتسبّب فيه الغير أو الآخر المتمثّل هنا في المجتمع وقد رأينا في هذا النصّ ما يبرّر حتى تسلّط “قاسم عبد الجبّار والد زينب” الذي نشأ في حضن أم متسلّطة أرغمته على التجرّد من مشاعر الأبوّة ومن واجبه تجاه زوجه. فيصبح بالنسبة له من العار أن يجهر بها حتى بعد موت والدته، وهذه الصورة تحيله إلى شخصيّة مرهوبة، لكنها تخفي داخلها ذاتا هشّة تجلّت عندما عانقته ابنته: “فعانقها بشدّة وهو يطلق العنان لشهقاته المكتومة، كطفل يلوذ بحضن أمّه، واستغربت “خديجة” لانقلاب الأوضاع... ولم تعد تفهم شيئا فقد تحوّل زوجها إلى طفل وديع يشكو يتمه لأمّ هي ابنته، وغدت ابنتها التي لم تعرف معنى الأمومة بعد إلى أمّ عرّيفة بحاجات الولد إلى أمّ سخيّة تحضن وتمسح ما ترسّب في النّفس من أكدار”.

توضّح هذه الفقرة هشاشة قاسم من الدّاخل، كما تبرّر له جبروته وظلمه “لخديجة” فيجد القارئ نفسه أمام شخصيّة تستدرّ عنده مشاعر متناقضة فهو يسخط عليه عندما يرى فيه تلك الشخصية المنفرة التي تسحق وتبطش وتقتل ويشفق عليه حين تتحوّل الشخصية ذاتها من مرهوبة إلى مستكينة، تستسلم إلى صدر الابنة/ الأمّ وكأن الرجل يرفض أن يكبر ويتجاوز طفولته وهو في حاجة دائمة إلى حضن أمه، أكثر من حاجته إلى زوج تعامله كانسان راشد، مسؤول. وقد يعود ذلك إلى حرمان تعرّض له في صغره مثلما جرى “لقاسم” في هذا النص. لكن من تعرّض للحرمان من شيء كان يجب عليه أن لا يكرّر الخطأ نفسه ويحرم غيره منه؟ قد تكون “خديجة” أيضا باستكانتها وضعفها حافزا آخر طوّر نزعة التسلّط عند “قاسم”، فهي تعوّدت ألاّ ترفض له طلبا، أن تتحمّل أخطاءه وتغفرها فهي تحبّه وقد رأينا ذلك وهي تحتضر، كانت تنتظر منه إطلالة أو كلمة: “صمتت زينب... وكانت تريد أن تقول لأمها بقوّة العتب الذي ترقرق داخلها: “غريب أمرك أما زلت تسألين عنه؟ بعد كلّ هذا العمر المهدور تسألين عنه؟ أليس في هذا الجسد ذرّة من الغضب تحفظينها له كأضعف أيمان؟”.

وخضوع “خديجة” ولّد ثورة وغضب لدى ابنتها زينب التي استمدّت رفضها وتمردها من تلك المعاناة، معاناة “خديجة” التي ظلّت مستسلمة لآلامها وكأنّها أيوب يتلذّذ جراحاته النازفة. إن شخصية “زينب” المنفصمة قد تشظّت وانقسمت إلى شخصيات متعددة تشترك في المعاناة وتحمل الملامح نفسها وتمتزج داخلها المشاعر وتختلط فهي غير قادرة على التمييز بين المحبّة والكراهية، بين الزواج والعبودية. وبقدر ما يتفجر في روحها عشق الآخر بقدر ما تكبر في كيانها الرهبة والخوف على حريتها منه ومن هنا تكتسب الخشية من الارتباط والتقيد بعقود ومواثيق رسمية تبعث فيها الإحساس بفقدان الذات المستقلة، الطليقة، كما أن الزواج بالنسبة لزينب أصبح بمثابة السجن أو الكابوس الذي يقود إلى الموت: ألم تمت أمها بسبب رجل اسمه زوجها؟ ألم تر رجالا يضجرون من نسائهم يركضون وراءها طالبين ودّها؟ هل سيكون حظّها أفضل من حظّ “مونيك” التي أصبحت تغار حتى من ابنتها “ناديا” المفضّلة لدى أبيها؟

إذا فالحرمان هو الخيط الرّابط بين شخصيّتي “قاسم وزينب” .الأول حرم من حنان الأم فتحول إلى شخصية مريضة تفرض هيمنتها على من معها وتعذّبه بينما تحمل في داخلها روحا معذّبة، هشّة تحلم بالانعتاق والثانية حرمت من حنان الأب فخرجت تبحث عنه في رجال آخرين لهم بنات يغدقون عليهن حنانهم بسخاء فحاولت تجريدهن من آبائهم وتجريد أمهاتهن من أزواج طيّبين لم تحض “خديجة “ أمها بزوج مثلهم...

ومثلما ركّزت على الطفولة ودورها في بناء شخصيّة الإنسان، اهتمت المؤلّفة بالموروث وما يسبّبه من اختلال وتشويه لطبيعة الكائن الذي يخلق جميلا، رائعا ثم يتحول غصبا عنه إلى شخص مريض تكبّله العقد.

لم تكشف المؤلفة عن جانب واحد من معاناة المرأة بل توسعت في وصفها وتطرقت إلى كل القضايا المحيطة بها. لكنّها رغم تحريرها لبطلة روايتها استطاعت أن تمنعها من التهور وارتكاب جريمة في آخر الرواية.

لم تشأ عروسية النالوتي أن تختم نصّها بقتيل وقاتل، فجعلت “زينب حسّان” تفقد السيطرة على قبضتها فينزلق “قاسم” من بين أظافر “زينب عبد الجبّار”، ويفسّر ذلك رغبة “زينب حسّان” في قتل الأب المتسلّط بيد ابنته المعذّبة “زينب عبد الجبّار”، التي تتخلّى في اللّحظة الأخيرة عن ذلك و تفضل عنه اللّجوء إلى الحوار.

الزمان والمكان

أخذ الماضي في هذا النص يتقدّم حتى تجاوز الحاضر إلى المستقبل وذلك تجلّى من خلال الاسترجاع والاستذكار لأحداث جدّت خلال فترة الطفولة: “للصخر همسه. للصخر هلوسته. للصخر نداءاته البعيدة، المدويّة في الفضاءات السّحيقة الفارغة إلا من الذكرى وحكايات الإنسان الذي كان هنا زمن ثم عبر وترك شرط الوجود والعلامة”.

تحيل هذه الفقرة على ماض وحاضر ومستقبل وقد انطلق ذلك في الحاضر من خلال هلوسات الصّخر ونداءاته: ماض بعيد، ينضم إلى ماض قريب ويشكلا معا الحاضر والمستقبل، الذي يعبر على جسر استمرارية الحياة المتصلة بوجود الإنسان في تلك المساحة من الأرض وطالما أن الإنسان يحافظ على وجوده من خلال التناسل والتكاثر والتوارث فان المكان لم يزل هناك يواصل احتواء رائحة من مروا ويتهيّأ لاحتضان القادمين.

أما زمن الرواية فهو امتداد للمكان، سواء كان ذلك من خلال الأمكنة الفعلية التي احتضنت الأحداث والشخصيات أو من خلال الفضاءات المستترة التي تعكسها الأصوات والروائح وبعض الحركات الأخرى، ويضاف إلى هذين الحيزين حيز آخر يكمن في الذات طالما أن شخصيات “تماس” تحيا خارج ذواتها وذلك قد يعود إلى تذبذبها وانفصامها الذي جعلها ترتدي أقنعة متعددة تواجه من خلالها مواقف الحياة المختلفة بينما تخفي في جوهرها ذاتا أصيلة تنمو انفعالاتها أو تتشوّه تبعا لعلاقتها بالزمن وحركتها في أبعاده الثلاثة: الماضي والحاضر والمستقبل. كما أن زمن هذا النص يضبط إيقاع سرعته تمشيا مع الحالة النفسية للشخصيات فهو سريع متدفق في حالة الاضطراب والفرح وبطيئا في حالات اليأس والانتظار وقد كانت أطول فترة أو مرحلة في هذه الرواية، تلك التي شملت مرض “خديجة” واحتضارها.

مثلما كان الزمن نفسيا كان المكان أيضا تابعا لما تشعر به الشخصيات داخله، فالمنزل يتحول إلى سجن خانق بالنسبة “لخديجة”، المرأة المضطهدة التي حكم عليها ألاّ تغادره الآّ إلى القبر.

فيصبح المنزل يشبه الضريح في وحشته وسكونه وينطويان معا على رائحة الموت. كما أن المكان في هذا النص لم يكن ايجابيا بل كان سلبيا لأنه لم يفلح في التأليف بين الشخصيات، ومن هذا المنطلق وجدت تلك المسافة التي تبعد بين الزوج وزوجه والأب وابنته والصديقة وصديقها... وبالتالي لم يساعد المكان الشخصيات في إدراك ذاتها لأنه لم يوفر لها فرصة الاتصال المتجدّد بما يحيط بها فانكفأت تبحث في أعماقها عن بديل لم تطله التشويهات ولم يتسرب عذاب العزلة إليه بعد.

أسلوب حديث

رغم تقيد المؤلفة بمقاييس الرواية التقليدية سواء على صعيد الشخصيات التي حملت أسماء حقيقية وملامحا وأدوارا في الحياة، أو على صعيد السرد الذي تطور حسب نسق صاعد تطورت خلاله الأحداث وتوالدت تباعا، نجحت عروسية النالوتي في توليد الشخصيات بجعلها الوجوه والأنفس تتناسخ من أجل أن توضح مدى انفصام الإنسان وتمزقه. كما أنها جعلت هذه الشخصيات تشترك في المشاعر. فيصبح الجلاّد ضحيّة والضحيّة جلاّدا، رافضة تزيين نصها بأمل مخادع، مفضلة الصراحة والمواجهة على الكذب والزيف، لإدراكها أن المأساة لا يكون الخلاص فيها إلا عن طريق الألم والصراع والموت. والموت في هذه الرواية لم يكن ذلك الوحش الكاسر الذي يختطف زهرة الروح، وإنما كان مخلّصا رحيما جاء يخلص امرأة معذبة في وضع “خديجة” من آلامها.

عروسية النالوتي كاتبة تونسية، من مواليد 1950 بالجنوب التونسي “جزيرة جربة”، وأستاذة أدب عربي، صدر لها قبل “تماس”: البعد الخامس”، “مراتيج”، وبعض قصص الأطفال.
الاتحاد الاماراتية

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:38 PM
عروسية النالوتي
ـ ولدت بجربة خلال سنة 1950
ـ زاولت تعليمها الابتدائي والثانوي والعالي بتونس العاصمة
ـ تحصلت على الإجازة في اللغة والآداب العربية سنة 1975
ـ اشتغلت بعد التخرج بالتعليم في المعاهد الثانوية .
ـ عملت في الحقل الصحفي وأنتجت عديد البرامج الإذاعية
ـ كتبت المقالة الصحفية والقصة القصيرة والرواية والمسرحية ، ولها عديد الدراسات الأدبية
ـ عضو نادي القصة واتحاد الكتاب التونسيين .
الإصــدارات:
ـ البعد الخامس ـ مجموعة قصصية سنة 1975
ـ مراتيج ـ رواية سنة 1985
ـ جحا ـ هجمة النمل على قرية التين والزيتون ـ قصص للأطفال 1974
ـ تماس ـ رواية 1995

===

عروسية النالوتي

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
http://www.mnaabr.com//bits.wikimedia.org/w/extensions-1.18/FlaggedRevs/presentation/modules/img/1.png غير مفحوصة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D8%B3%D8%A7%D8%B9%D8%AF%D8%A9:%D8%AA%D8%AD% D9%82%D9%8A%D9%82_%D8%A7%D9%84%D8%B5%D9%81%D8%AD%D 8%A9)

اذهب إلى: تصفح (http://www.mnaabr.com/vb/#mw-head), البحث (http://www.mnaabr.com/vb/#p-search)
عروسية النالوتي أديبة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8%A8) تونسية (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3%D9%8A%D8%A9)، من مواليد عام 1950 (http://www.mnaabr.com/wiki/1950)، من مؤلفاتها : البعد الخامس (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B9%D8%AF_%D8 %A7%D9%84%D8%AE%D8%A7%D9%85%D8%B3_%28%D9%83%D8%AA% D8%A7%D8%A8%29&action=edit&redlink=1)، مراتيج (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%85%D8%B1%D8%A7%D8%AA%D9%8A%D8% AC_%28%D9%83%D8%AA%D8%A7%D8%A8%29&action=edit&redlink=1)، تماس (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%AA%D9%85%D8%A7%D8%B3_%28%D9%83 %D8%AA%D8%A7%D8%A8%29&action=edit&redlink=1). ساهمت في كتابة سيناريوهات (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D9%88) بعض الأفلام (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85) التونسية، منها فيلم ثلاثون (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AB%D9%84%D8%A7%D8%AB%D9%88%D9%86_%28%D9%81%D9% 8A%D9%84%D9%85%29) للمخرج الفاضل الجزيري (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%A7%D8%B6%D9%84_%D8%A7%D9%84% D8%AC%D8%B2%D9%8A%D8%B1%D9%8A) (2008 (http://www.mnaabr.com/wiki/2008)).ملف:C:\Users\mohammed\Documents (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%AE%D8%A7%D8%B5:%D8%B1%D9%81%D8 %B9&wpDestFile=C:%5CUsers%5Cmohammed%5CDocuments)

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:39 PM
الروائية التونسية عروسية النالوتي: أمارس حريتي في الرواية وأكتب القصة للتجريب

كتب: القاهرة – سيد حسين
نشر في 13, February 2012 :: الساعه 12:01 am |
http://aljarida.com/wp-content/themes/aljaridaonlineNew/timthumb.php?src=http://aljarida.com/wp-content/uploads/2012/02/12/2012441024/nalouti-sub-one.jpg&h=270&w=280&zc=1&a=t (http://aljarida.com/wp-content/uploads/2012/02/12/2012441024/nalouti-sub-one.jpg)

أكدت الروائية التونسية عروسية النالوتي أنه لولا وجود الثورة ما تحرر الصوت ولا القلم وعانى المثقفون والكتاب في تونس إجهاد النظام السابق لهم الذي كبح حريتهم.
شاركت النالوتي أخيراً في فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب وأدارت ندوة موسعة عن الثورات العربية والأدب، التقيناها وكان الحوار التالي.
كيف ترين اختيار تونس ضيف شرف في معرض القاهرة للكتاب هذا العام؟
خطوة إيجابية تؤدي إلى تنوع ثقافي ليس على المستويين المصري والتونسي فحسب، بل على المستوى العربي عموماً. ثمة كتب كانت ممنوعة من النشر ظهرت بعد الثورة وتشارك في المعرض بقوة، كذلك يبدو تفاعل الأجنحة العربية المشاركة واضحاً، ونستفيد من تجارب بعضنا البعض ونحتفل بثورتي تونس ومصر في نصوصنا وكتاباتنا أيضاً.
كيف ترين الحركة الثقافية العربية بعد ثورات الربيع العربي؟
لا يمكن أن نتحدث عن إنتاج ثقافي الآن عن الثورتين في مصر وتونس، لكن نشر البعض نصوصاً وكتابات كانت ممنوعة في تونس وتكشف كيف كان النظام الديكتاتوري يتعامل مع المثقفين.
وصلت هذه الحقيقة إلى القارئ بفضل الغضب وصرخة الشعوب لتحرير نفسها مما يكبلها ورفع الصوت والقلم. عندما حدثت الثورة بادرت الدور إلى نشر الكتب الممنوعة التي تعبر عن معاناة أصحابها داخل السجون وخارجها في سجن الوطن عموماً.
ماذا عن دور المرأة التونسية في الثورة؟
تماماً كما دور الرجل في الثورة، فالشعب كله خرج رجالاً ونساء وشيوخاً يطلقون الصرخة للعيش بكرامة في وطنهم ومحاربة كل من يهدر أحلامهم وطموحاتهم في الحرية والكرامة. قام الجميع بدورهم على أكمل وجه حتى نجحت الثورة.
لماذا نتحدث عن الثورات وكأنها فجائية، ولماذا يعتقد البعض أن المرأة لم تؤد دوراً مهماً فيها. النظرة إلى الاحتجاجات التي قامت في تونس منذ عام 2008، تؤكد على انخراط النساء في القوى والعناصر الشعبية المطالبة بعيش كريم، ذلك في ظل استحالة وجود أحزاب في المعارضة.
كذلك ثمة من يتحدث عن النصوص والروايات التي تناولت الثورات الأخيرة وكأنها ظهرت فجأة. الحقيقة أنها كانت موجودة، والثورة حررتها من سجنها. حتى صمت النخبة كان يعني بالنسبة إلى النظام الحاكم موقفاً معادياً، والمطلع على تاريخ كتابة معظم الروايات يجدها سابقة على تاريخ الثورة.
بين الرواية والقصة والسيناريو وكتب الأطفال، كيف ترين هذا التنوع الأدبي؟
تملي الفكرة شكلها وإطارها، وتحمل الكتابة المتنوعة سواء للأطفال أم الكبار تقنيات حديثة. توجهت إلى كتابة السيناريو والمسرحيات المختلفة منذ بداية السبعينيات، لكن تبقى الرواية هي الأقرب إلى نفسي، أكتبها والقصة القصيرة منذ سنوات طويلة وأهتم بالأدب العربي أو الشرقي عموماً، والغربي أيضاً نتيجة نشأتي في تونس القريبة من أوروبا، ما جعلني أجمع بين ثقافات متعددة ومختلفة.
كيف تقيمين رحلتك الإبداعية على مدى هذه السنوات؟
من الصعب على الإنسان تقييم عمله، والكاتب خصوصاً يرى نفسه من خلال الآخرين ومستوى تلقيهم مؤلفاته وتواصله معهم. يبدو لي إلى حد ما أن لكتاباتي صدى عند القارئ منذ بدأت بالرواية وصولاً إلى السيناريو والأفلام التونسية.
هل حظيت أعمالك الروائية والأدبية بالنقد الموضوعي؟
لا يمكنني التأكيد على ذلك، لكنها حظيت بنقد إعلامي سريع، وبكتابات نقدية أكاديمية استخدمت فيها أدوات النقد الحديثة ووسائل نفسية وظفت في خدمة الموضوعية والخروج من نص إلى آخر. أما النقد عموماً، فيمكن لي القول إن أدواته معترف بها عالمياً ولا يمكن أن تتدخل الأهواء في تقييم النص الأدبي.
كيف ترين العلاقة بين المثقف والسلطة بعد ثورات الربيع العربي؟
أتمنى أن تتغير لأننا ما زلنا في حالة انتظار، وألا تعود إلى ما عانيناه سابقاً، فلا يمكن أن نفرط في مكاسب الثورة ولن نسمح بتكبيلنا مجدداً ولا بسجن الكلمة الحرة لتنطلق المشاريع الجديدة وتنطلق الثقافة.
كيف يمكن لنا أن الارتقاء بالثقافة العربية؟
نحتاج إلى مشروع قومي عربي تتضافر فيه جميع الجهود العربية، وإلى توجهات من الجماهير العربية وقياداتها السياسية تعمل على الارتقاء بالثقافة لتشكل ركناً أساسياً في الوطن مع النواحي الاجتماعية والاقتصادية والسياسية، فشعب بلا ثقافة لا كيان له أو مقام بين الشعوب الأخرى.
ماذا عن جديدك؟
لدي إصدارات كثيرة ترى النور قريباً، من بينها السياسية والأدبية والروائية التي تحتاج إلى التروي قليلاً ريثما تتضح الاتجاهات وتتبلور الصورة، لأن الكتابة لا بد من أن تواكب تاريخنا وحضارتنا العربية.
نبذة
- عروسية النالوتي أديبة تونسية، من مواليد عام 1950 ولدت في جزيرة جربة وتعمل أستاذة في التعليم الثانوي، ومجازة في الأدب العربي.
- عالجت الأدب على اختلاف أنواعه ونشرت عدداً من الكتابات الشعرية والنقدية.
- بدأت مسيرتها الأدبية بمجموعة قصصية بعنوان «البعد الخامس» (تونس 1975)، مذهبها فيها التمرد على الواقع الوحش آكل لحم الفقراء ومفترس الأنوثة. توالت بعد ذلك إصداراتها بروايتي «مراتيج» و{تماس»، ومجموعة قصص بعنوان «جحا» ثم رواية «هجمة النمل على قرية التين والزيتون».
- ساهمت في كتابة سيناريوهات بعض الأفلام التونسية، منها فيلم «ثلاثون» للمخرج الفاضل الجزيري.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:40 PM
عروسية النالوتي

مجهولة الطفولة.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:41 PM
40 - سلطانه غالب هلسا - الاردن.

رشح "المركز العربي للإنتاج الإعلامي" نخبة من أبرز أعماله للمشاركة في فعاليات مهرجان القاهرة للإعلام العربي الذي انطلقت دورته الرابعة عشرة أمس بمشاركة 18 دولة عربية، رشحت أكثر من ثمانين عملاً للمنافسة على جوائز المهرجان، تنوعت بين اللون التاريخي والاجتماعي والكوميدي.

وجاءت أعمال هذا العام، متنوعة بين اللونين الاجتماعي والتاريخي، وحملت عناوين المسلسل الاجتماعي "سلطانة" والدراما التاريخية "عودة أبو تايه"، إلى جانب المسلسل التاريخي "أبو جعفر المنصور"، الذي نفذ "المركز العربي" إنتاجه ورشحه تلفزيون قطر للمنافسة على جوائز المهرجان.

ويتنافس المسلسل الاجتماعي "سلطانة"، المأخوذ عن رواية أديب الأردن الراحل غالب هلسا، التي تحمل ذات الاسم، على جائزة المهرجان في فئة الدراما الاجتماعية إلى جانب عدد من أعمال الدراما الاجتماعية التي عرضتها الشاشات العربية مؤخراً لنيل جائزة المهرجان.

ويعدّ "سلطانة"، الذي أخرجه الأردني إياد الخزوز عن نص الكاتب الراحل غسان نزال، وثيقة درامية تلقي الضوء على حقبة هامة من تاريخ الأردن، والعاصمة عمان، في فترة تمور بالأحداث شهدت حراكاً اجتماعياً وسياسياً ومنعطفات تاريخية شكلت الوجه المعاصر للعاصمة الأردنية.
غالب هلسا الغائب الحاضر
د. عبدالرحيم مؤذن
september 23, 2013


تظل تجربة الروائي الأردني- بالرغم من غيابه الجسدي منذ سنوات عديدة- ‘غالب هلسا’ من أهم التجارب الروائية العربية التي تزداد ثراء، وغنى، كلما أعيدت قراءتها من قبل قارئ يجد نفسه أسير عوالمها التي لا يستطيع منها فكاكا. و من أهم ما يميز هده التجربة- قصة ورواية- حفاظها الدائم على المعنى الطازج، والسرد الأليف، والبناء الدرامي المصنوع من مفردات ‘شرطنا الانساني’ الذي يمور بأسئلة الهوية، أسئلةالماضي والحاضر، أسئلة المفارقات المبكية المضحكة التي تناسلت في مجتمعاتنا، والتي لم يجد الكاتب أمام أوضاعها المبكية المضحكة، سوى التشريح الساخر لمختلف علاقاتها الظاهرة والباطنة.
في نصوصه الروائية الشهيرة (السؤال/ الخماسين/الضحك/ ثلاثة وجوه لبغداد..)، أو في مجموعته القصصية المميزة (بدو وزنوج وفلاحون) ظل الكاتب مخلصا لأسلوبه في فضح وتعرية الأوجه الخفية- وبعضها يقدم في طبق من ذهب- للاستبداد انطلاقا من المظاهر اليومية، مرورا بالحوادث المختلفة، سواء كانت جريمة قتل، أو صراعا عاديا، رغبة بسيطة، أوحلما ملتبسا، وصولا إلى علاقة الرجل بالمرأة- وهي قضية مركزية في معظم نصوصه- الوجه الظاهر، والخفي أيضا، للاستبداد بمختلف دلالاته السياسية والاجتماعية والنفسية.
في رواية ‘الضحك’، ينتهي السرد إلى قسم الملاحق الذي لم يتعود عليه قارئ الرواية. فالملاحق، عادة، من نصيب البحوث والدراسات العلمية، بهدف إعطاء مصداقية محددة للمتن المدروس. أما أن تنتهي بها الروايات فهذا يقتضي وقفة، بل وقفات، متأنية تنظر في الاضافات العديدة التي اتسمت بها تجربة الكاتب، في سياق ما عرفته الرواية العربية من تنوع في الموضوعات، وأساليب الكتابة، ومستويات الشخصية.
يحمل ملحق من ملاحق رواية ‘الضحك’ سؤال الشخصية المركزية عن أغزل بيت قالته العرب.؟ وتكون’الاجابة على الشكل التالي: ماذا تقول لأطفال بذي مرخ .. زغب الحواصل لا ماء ولا شجر.
كيف سيكون رد فعل القارئ داخل النص وخارجه أيضا- عند سماعه لهذه الاجابة التي لم تخطر على بال..ااماذا سيقول أصحاب النقد الجديد، من دعاة ‘أفق الانتظار’ وغيرهم، أمام هذا الخرق الأجناسي الذي يحتاج إلى إعادة النظر في ما تعارف عليه المبدعون والنقاد من توصيفات وتسميات ومواثيق قراءة.
والمتأمل للسؤال والاجابة، سيكتشف أصالة التجربة الروائية- والحياتية أيضا- عند ‘غالب هلسا’ بمصادرها المتعددة. فانتماؤه – قولا وعملا- للحركة الوطنية، والتقدمية العربية، خاصة المقاومة الفلسطينية، منحه قدرة فكرية، وإبداعية، على اختيار مواقع الرؤية التي نظر من خلالها إلى ما يمور به المجتمع من مظاهر وظواهر ووقائع ونماذج مختلفة. وهو في ذلك، يختبر مصداقية الرؤية في الواقع، ومصداقية الرؤية في النص عبر السؤال التالي: ما السر في هذا التدمير اليومي الذي يمارسه الحاكم- وليس من الضروري أن يكون حاكما سياسيا- ويخضع له المحكوم- وليس من الضروري أن يكون مسحوقا- إلى الحد الذي أصبح فيه العسف وهذا من أعلى مراحل السخرية- ضرورة يومية لاغنى عنها، يتلذذ بها الحاكم- ساديا ومازوشيا- مخلصا لآليته الدموية، ويخضع لها المحكوم الذي- لطول عهده بالعسف وأشكاله- لم يعد يعرف غيرها من الممارسات، بل إنها الممارسة التي فتح عينيه على مظاهرها المختلفة في العمل والأسرة والشارع والحلم واليقظة.
ولاشك أن تجربة ‘غالب هلسا’ هي نتاج تجربة حياتية- وفكرية- غنية تفاعلت فيها الروافد الماركسية بالمنابع القومية، ومحطات المنفى الدائم، بمحطات الوطن التي لم تسلم من أوضاع النفي والمطاردة المتواصلة، والخلفية النظرية (مجلة المصير الديموقراطي/ ترجمه لكتاب باشلار عن جماليات المكان/ ترجمته لنصوص سردية مختلفة..) بالخلفية الابداعية التي صاغها- إبداعا وسؤالا- في معظم نصوصه الروائية والقصصية. وهو في ذلك يشارك مواطنه (تيسير سبول) الذي انتحر بعد هزيمة 1967، في مواجهة الاستبدلد دون كلل أو ملل. والفارق بين الكاتبين، يعو إلى طبيعة السرد عند ‘سبول’ الذي يقوم على التشظي الحكائي للظاهرة، بلغة مسنونة، وضربات عنيفة أشبه بضربات فرشاة لوحات ‘فان جوخ’ التي تشبه آثار أظافر جسد مسحول فوق الصخر، وبقوم هذاى السرد’ـ من ناحية أخرى- عند ‘هلسا’ على الاستبطان الهادئ للعلاقات الانسانية، والانطلاق في تقشير أقنعتها المزيفة التي تحكم مختلف مسلكياتها في مختلف المجالات. ومن ثم انطلق السارد، عند ‘غالب هلسا’، في رصد التحولات المبكية المضحكة، بلغة تقوم على التحليل العميق، من جهة، وعلى المزاوجة بين المحكي والموصوف، دفعة واحدة، من جهة ثانية، سواء تعلق الأمر بصراع الدات مع الذات، أوصراع الذات مع الذوات الأخرى.
بعودتنا إلى بيت الحطيئة الشهير، والوارد في أحد ملحقات رواية ‘الضحك’، نلمس خصيصة أخرى تميز بها سرد الكاتب. تلك هي خصيصة السخرية التي شكلت موضوعة مركزية في معظم نصوصه الروائية والقصصية. أو بعبارة أخرى: لم يقتصر توظيف السخرية، عند الكاتب، على وظيفتها الموضوعاتية، بل امتدت إلى جانبها التشكيلي، لتصبح أداة سردية لصياغة العالم الروائي فضاء وشخصيات ولغة زمواقف. هكذا تجاوزت السخرية الهجاء، حينا، والدعابة، حينا آخر، ‘الكاريكاتورية’ حينا، والنقد حينا آخر، تجاوزت كل ذلك، لتصبح وسيلة مركزية على حد تعبير ‘لوكاتش- لـ(تجاوز تعاستنا الحاضرة). وعلى هذا الأساس لم يعد الغزل هو تعداد لمحاسن المرأة، بل هو تعداد لمظاهرالخلل في المجتمع. إنه خرق جديد، من قبل الجنس الأدبي، على حدتعبير ‘تودوروف’، لما هو متعارفعليه في النص والذائقة والمجتمع. ما المانع ألا يتغزل الكاتب’في موضوعات غزلية، لا أول لها ولا آخر، يبدعها مجتمع يبدع العجائب في كل وقت وحين. ؟ رحم الله ‘غالب’، ولاغالب إلا الله/.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:43 PM
سلطانة”: غالب هلسا يحضر بعد عقدين على رحيله
محمود منير

هل بإمكان الدراما أن تنصف المنجز الروائي للراحل غالب هلسا الذي طردته الجغرافيا العربية مدينةً تلو الأخرى، من عمّان إلى القاهرة فبغداد فبيروت، إلى دمشق التي توفي بها ليعود في كفن إلى وطنه.
يُطرح هذا السؤال بعد رحلة في المنافي، كتب هلسا من الروايات خلالها: "الضحك"، "الخماسين"، "السؤال"، "البكاء على الأطلال"، "ثلاثة وجوه لبغداد"، "الروائيون"، و"سلطانة" التي حُولت أخيراً لمسلسل تلفزيوني بثته قناة "روتانا خليجية"، وحظي بنسبة مشاهدة عالية كما تؤكد استطلاعات الرأي. فهل باستطاعة هذا العمل الكشفَ عن جوانب من إبداع هلسا الذي نال في حياته، وبعد رحيله أيضاً، أقل مما ناله أيٌّ من نظرائه العرب من اهتمام وتقدير.
"سلطانة" الذي أخرجه الأردني إياد الخزوز عن سيناريو كتبه وأعده السيناريست الراحل غسان نزال لرواية "سلطانة" وعملين قصصيين آخرين لهلسا هما: "وديع والقديسة ميلادة"، و"زنوج وبدو وفلاحون"، يؤكد ضرورة العودة لتراث غالب الذي كتب أعمالاً رصدت تشكّل المجتمع الأردني الحديث في بدايات القرن العشرين وحتى الخمسينيات، وهي فترة تحظى بالتباس وإهمال متعمدَين، فهناك من يصرّ على تكريسها من زاوية واحدة تهتم ببناء الدولة الأردنية وحضورها، فيما لا يكترث آخرون بذلك، مدفوعين بمسوغات ثقافية لتأكيد أن تلك الفترة لا تستهوي أحداً في المنطقة العربية، وهو ما ثبت عكسه بالنظر إلى حجم المشاهدة التي حظي بها "سلطانة".
كل إبداع مرهون بصاحبه، لذلك كان لغالب أن يكتب سيرة روائية بحجم "سلطانة"، توثق لفترة طفولته ويفاعته التي عاشها بين قريته الصغيرة "ماعين" ومدينتَي مادبا وعمّان، وتستثير ذاكرةً رصدت المكان بتفاصيله؛ إذ ينفخ فيها روحه الحقيقية، ويخلق شخصياته الأصيلة، تماماً كما هي "سلطانة" القروية التي تلعب بالتجارة والرجال، وتؤثر في السياسة والمجتمع.
هناك من توقع أكثر مما جرى تقديمه في المسلسل، نظراً لطبيعة المنتج الروائي الغني لهلسا، الذي رصد تحولات المجتمع وبروز الشرائح والطبقات الاجتماعية. فضلاً عن أن هذه "سلطانة" كُتبت في فترة متأخرة من حياة هلسا الذي قدم تحليلاً ماركسياً يتقدم على نماذج ماركسية عربية أخرى، لاختلاف مرجعياته، واطّلاعه على الثقافة الأوروبية الغربية وآدابها.
فكّك غالب مجتمعه وجسّد بجرأة وعمق تلك الرابطة التي جمعت بين البدو والفلاحين وعلاقتهم بالحكم إبان تأسيس الإمارة، والهجرات المتعاقبة إلى عمّان منذ بدايات القرن العشرين، بخاصة من الشام ونابلس، وهو ما حوّل المدينة إلى حاضرة تجارية. وتستعرض الدراما أحوال السوق، وأوضاع تجار الحبوب والألبسة والعطور، دون أن تغفل تجارة الحشيش والدعارة. كل ذلك بموازاة ظهور الحركات السياسية، وفي مقدمتها الشيوعية وحضورها المتصاعد في أوساط الشباب، وتأثير الأوضاع بفلسطين على الساحة المحلية، إذ شارك أردنيون في قتال العصابات اليهودية، وفي الجدل الدائر قبل النكبة وبعدها، ما أسهم بدوره في تشكّل النخبة السياسية.
هذه الأفكار وغيرها قدّمها هلسا في نسيج روائي متماسك وأخّاذ، أسند دور البطولة فيه إلى عدد كبير من النساء الفاعلات (دأبه في معظم رواياته). وتتميز الرواية بجرأة عالية في تفكيك العلاقات بين المرأة والرجل، وهو حال "سلطانة"، ومن قبلها أمها "سلمى"، ومن بعدها ابنتها "أميرة". إضافة إلى متابعتها الدقيقة للخرافات والحكايات الغيبية الباعثة على الإثارة والتشويق.
ليس بعيداً عن الرواية، أطل علينا صنّاع المسلسل بما اجتهدوه، دالّين على الأثر من دون أن يلمسوه، مقتربين من الرواية ومبتعدين، مستلَبين للسيناريو الذي قيّد العمل، وذلك بدلاً من أن ينفتح المخرج وأبطاله على الرواية محاولين تقديم إبداع موازٍ، لا مجرد إسناد السيناريو لشخصيات بدت مثيرة، لكنها احتاجت لعمق أكبر وغنى أكثر.
الفنانة السورية "قمر خلف" نقلت شخصية "سلطانة" بحساسية عالية وأداء مرهف، وهو ما يُحسب أيضاً لزهير النوباني في دور "عودة" الذي يشارك سلطانة في تجارتها معتمداً على شطارته وفهلوته، ولمحمد الإبراهيمي بدور التاجر الذي يهيم بسلطانة، فتُغير شخصيتَه باعثةً الحيرة والقلق فيه ودافعةً إياه إلى العبث. يقدم العمل أيضاً فنانون موهوبون، مثل كندة علوش، وخالد الغويري، وأشرف طلفاح.
مع ذلك، فإن الرؤية الإخراجية للعمل وتسييرها لأحداث المسلسل، بدت غير مترابطة ومفككة في أحيان عدة، وجاء الحوار إنشائياً في غالبه منبتّاً عن روح الرواية، أو قاصراً عن الوصول إلى عمق الشخصيات التي جسّدتها الرواية. وهو ما يثير الشفقة، بخاصة إذا ما انزاح أداء بعض الممثلين إلى تقليدية باهتة، تذكّر بأعمال درامية أردنية في ثمانينيات القرن الفائت.
بدلاً من تجسيد الأجواء التي ظهرت فيها الحركات السياسية الأردنية والتي تميزت بسخونة النقاشات وحماسة الشباب المتحزبين، جاءت الحوارات في المسلسل جامدة وباهتة، وظهرت الحركة الشيوعية بصورة فقيرة، رغم أن الشيوعيين كانوا حينئذ يريدون تغيير العالم.
العمل الدرامي الذي أنتجه المركز العربي للخدمات السمعية والبصرية، افتقر للجرأة التي اشتمل عليها النص الروائي في تناولهِ قصصَ الحب والعلاقات الجنسية، ولم ترقَ الاجتهادات الفنية عبر الإيحاء والتأثير إلى جمالية ما تصمنته الرواية في هذا السياق، رغم أن المسلسل تضمن أحياناً مساحات جريئة في الحوار وفي بعض المشاهد، وهو ما كان غابَ عن الدراما الأردنية طوال العقود الماضية.
رغم ذلك كله، يشكل "سلطانة" تحدّياً كبيراً كعمل درامي، وهو يكشف عن اختراق على أكثر من صعيد، منها: إعادة الاعتبار للدراما الأردنية التي تجسد البيئة المحلية بعد انقطاع سبقه كثير من الأعمال الضعيفة، والتغيير الذي جرى لمفهوم هذه الدراما بالنظر إلى جرأة الطرح وغنى الشخصيات والأحداث، وإن لم يرقَ "سلطانة" إلى ما هو مأمول منه.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:44 PM
أعمال غالب هلسا الروائية والقصصية بوصفها سيرة ذاتية
عمر شبانة

السؤال الأول الذي نطرحه على هذا البحث, فيما يختص بروايات غالب هلسا, هو: أين يمكن أن نعثر على شخصية غالب في كتاباته? وإلى أي حد يجوز اعتبار بعض شخوص رواياته تجسيدا, أو قناعا , له? وهل نستطيع قراءة الوقائع الفنية في عمله الإبداعي بوصفها وقائع حدثت فعلا ? وهل نستطيع- إذن- أن نقرأ رواياته وقصصه بوصفها سيرة ذاتية, ليس له كشخص, بل بما تعكسه من رؤية للمجتمع الذي عاش فيه?

يسعى هذا البحث, في صورته الحالية التي هو عليها, إلى استقصاء ملامح شخصية غالب هلسا وسيرته الذاتية والاجتماعية كما نجدها في روايته سلطانة خصوصا . وإلى ذلك, فإن أعمال غالب عموما ستكون طريقنا لمعرفة ملامح اجتماعية وسياسية وثقافية من حياة الأردن في الثلاثينيات والأربعينيات ومطلع الخمسينيات من القرن العشرين. ففي اعتقادنا أن كتابة غالب, الروائية منها والقصصية وكذلك الفكرية والسياسية, كانت سعيا لكشف حقائق وإعادة بناء عالم انهار, وتصوير عالم ينهض في مكانه. وهذا ما يجعل روايته تجمع ملامح من السيرة, فالسيرة عند أندريه موروا هي <<البحث الشجاع عن الحقيقة>> (موروا, أوجه السيرة, دار الشؤون الثقافية, بغداد, 1987).

نظريا , يتحدث الناقد د. جابرعصفور عن منطقة التماس والتقاطع بين الرواية والسيرة الذاتية, فيرى أن هناك وحدة مرنة تجمع الأنواع الكتابية, وهي وحدة <<تصل فن السيرة الذاتية بفن الرواية في منطقة التماس أو التداخل التي تتحول فيها الرواية (وبخاصة رواية التكوين أو النشأة Bilduingsroman ) إلى رواية سيرة ذاتية (autobiographical novel), أو تتحول السيرة الذاتية إلى عمل روائي لا يتردد النقاد في نسيان إطاره المرجعي الشخصي من حيث هو سيرة ذاتية, والإلحاح على إشاراته السردية إلى نفسه بوصفه قصاً تخيلياً, أعني قصاًُ يلفت الانتباه إلى علاقاته الداخلية, قبل أن يلفت الانتباه إلى مرجعياته الخارجية, وينتسب إلى عالم الرواية بما ينطوي عليه من خصائص نوعها>> (جابر عصفور, زمن الرواية, دار المدى, 1999).

وكما يرى عصفور, فالسيرة الذاتية مهما كانت متأصلة في صفاتها الأدبية, أو موغلة في الذاتية, تشير إلى عالم تاريخي يجاوز الذات التي كتبتها, ومن ثم تسمح بجمع معلومات غير أدبية حول <<واقع>> ما خارج نص كتابتها, لأنها تنبني في النهاية على الإدلاء بخبر أو إخبار عن هذا الواقع في تعين ه التاريخي وتحققه المرجعي.

ويرى الفرنسي أندريه موروا أن كاتب السيرة الجيد, هو من بوسعه رؤية الحصانين الأسود والأبيض في النفس البشرية. وأن يرينا كيف يمكن للإنسان الذي يتوجب عليه أن يسوق هذا الزوج الصعب أن ينجح مثلما يمكن أن يخفق. وأخيرا , فما يميز أشخاص السيرة أنهم ليسوا مكي فين, مثل أشخاص الرواية, لكي يعفونا من الحاجة إلى الإقدام على عمل أو اتخاذ قرار, لأنهم موجودون بالفعل.

وفي محاولة لفهم أسباب ودلالات ارتفاع نسبة رواية السيرة الذاتية, كميا وكيفيا , بالقياس إلى كتب السيرة الذاتية, يرى عصفور أن الدلالة الأولى تتصل <<بعلاقة جنس الرواية نفسه بفن السيرة الذاتية.. أما الدلالة الثانية فتتصل بعلاقة السيرة الذاتية نفسها بمساحة المسكوت عنه في المجتمع, ومن ثم تحديد درجات المباح أو المنهي عن النطق المباشر به في الكتابة الذاتية. وتنصرف الدلالة الثالثة والأخيرة إلى طبيعة أو نوع الاستجابة التي يستجيب بها المجتمع إلى أشكال الإفضاء أو الاعتراف الشخصي في الكتابة التي لا تفارق هموم الذات الفردية وهواجس رغباتها>>.

ويؤكد عصفور أن الرواية أقدر من السيرة على سبر أغوار التجليات المختلفة لانقسامات الذات في مستوياتها المتعددة, وذلك بسبب الطبيعة الحوارية للرواية, وقدرتها على الجمع بين الأصوات المتآلفة والمتنافرة. وهذا الأمر ينطبق, ربما أكثر ما ينطبق, على رواية الاعتراف التي تزايد حضورها الإبداعي في الأدب العالمي, كاشفة عن ميل الفرد المعاصر إلى الإفضاء بمكنون نفسه, والاعتراف إلى نظيره بما يدني الاعتراف من حال شعائري أقرب إلى التطهر. فرواية الاعتراف تكتب عادة بضمير المتكلم الذي تتكشف به أعماق المؤلف المضمر.

وكما يورد موروا, فقد قام سارتر بعد نشر جوانب من سيرته الذاتية في كتابه <<الكلمات: سيرتي الذاتية>>, بالتوقف ليكمل عمله في رواية, قائلا <<لقد حان الوقت لكي أقول الحقيقة أخيرا , لكن لا يمكن أن أقولها إلا في عمل تخييلي>>. ويضيف <<نويت كتابة قصة .. أمرر فيها بطريقة غير مباشرة ما كنت أنوي قوله سابقا في نوع من الوصية السياسية... سأبدع شخصية يمكن للقارئ أن يقول عنها: هذا الإنسان هو سارتر>>.

هذه نظرات سريعة في العلاقة بين الرواية والسيرة الذاتية, نقاط اللقاء والافتراق.. سنعتمدها في قراءتنا هذه, وفي تحليلنا لمحتويات الأعمال الفنية التي سنتناولها, وما يمكن اعتباره مفاصل من سيرة ذاتية/ اجتماعية للمؤلف.

مقدمات أولى

بالتوقف مع كتاب غالب <<أدباء علموني.. أدباء عرفتهم>>, سنجد فيه شكلا من أشكال السيرة الذاتية, الحياتية والأدبية والنقدية, لمؤلفه. وهو شكل قد يكون نادرا , إن لم يكن جديدا , في الكتابة العربية. وفي هذا الكتاب الذي يضم معالجات غالب لعدد من الكتب والكتاب الذين قرأ لهم, نقرأ أيضا أثر هؤلاء في كتابته هو نفسه, كما نجد أصداء من سيرته كقارئ وكاتب. ومن هذا يهمنا أن نثبت قوله في فصل <<الزير سالم>>:

<<بدأت ممارسة الكتابة وأنا صغير جدا .. كانت الكتابة عاري السري, ووسيلتي للخروج من الرتابة والملل. وحين قرأت كافكا فيما بعد, انفجرت عوالم الحلم في داخلي.. لم يعلمني أحد الكتابة ولم يشجعني أحد على المضي فيها. كنت أقرأ لأكو ن أفكارا خاطئة لم يعن أحد بتصحيحها. كنت قد أعددت نفسي للبحث عن (أرسين لوبين) لأشاركه في مغامراته.. سألني إسكافي القرية الذي كان يعيرني روايات (أرسين لوبين) إن كان شخصية حقيقية.. فأقسمت له أنه حقيقي, وأن أخي الأكبر الذي يعرف اللغتين الإنجليزية والفرنسية هو الذي قال لي ذلك. لكنه لم يكن قال ذلك بالطبع..الخ>>.

وفي مقطع تال , يتحدث هلسا عن الغجر الذين كانوا يحلون في قرية ماعين, فيراهم غالب الطفل بعين من قرأ الزير سالم, وعرف من أهل القرية أن جساس- قاتل كليب- هو الجد الأكبر للغجر, فيحاول غالب- مع أطفال القرية- الانتقام من الغجر لمقتل كليب, فيروح يشتم جساس أمامهم, لكنه يلحظ أن ذلك لا يثير غضبهم. ثم يأخذ في سرد مفاصل من السيرة, وما جذبه فيها, خصوصا جليلة زوجة كليب وأخت جساس, وصراعها بينهما. وينتقل إلى مرحلة ربط حرب البسوس ببعض صراعات قبائل القرية, التي كانت <<معارك محدودة, بالحجارة والعصي, بين قبيلتين من قبائل العوازم>> (وهذه- كما يخبرنا- قبيلة من المسلمين). ولأن المعارك تلك لم تكن إلا <<مجرد احتكاكات لا أهمية لها>> راح يشحنها <<بمعطيات حرب البسوس, مما أضفى عليها أبعادا أسطورية>>.

ومع قراءته روبرت ستيفنسن, يأخذ غالب في استعادة مناخات ترتبط لديه بقراءة هذا الكاتب, فيستعيد- مثلا - ليلة باردة في بيت أخيه المنعزل في مأدبا, ثم يستعيد عواصف ثلجية تهدر حول بناء المدرسة الداخلية (يقصد المطران) وهو في سريره يحاول استجلاب الدفء.

وفي تعليقه على سؤال من شاب أردني كان يدرس معه في القاهرة, يقول إن ذلك الشاب كان <<يشكو سوء حظه وسوء حظ الأردنيين جميعا , لأنه في كل بلاد العالم تحدث أشياء غريبة ومثيرة تتيح للكتاب أن يكتبوا قصصا وروايات, أما الأردن فلا يحدث فيه شيء يستحق الكتابة, فكيف يمكن للأردني أن يكون كاتبا ?>>. ويعلن غالب اتفاقه مع الشاب مع بعض التحفظات. ومع ذلك كتب غالب كثيرا عن الأردن, عن مجتمع القرية والمدينة وتفاصيله, وقدم قراءته للمكان بعناصره وتفاصيله وجمالياته. ونجد في حوار معه قوله <<قبل فوكنر كنت أحتار كيف أصيغ من الحياة البطيئة والرتيبة في القرية فعلا دراميا , فوكنر جعلني أرى الأحداث ليس كما وقعت, ولكن عبر تحولاتها في المجتمع>>.

فيما بعد سيروي غالب كيف كتب <<وديع والقديسة ميلادة وآخرون>>, قبل أن يقرأ فوكنر, ثم كيف كتب <<زنوج وبدو وفلاحون>> بتأثير من فوكنر. ففي الفصل المخصص للكاتب الأمريكي المعروف, يتحدث غالب عن كونه ولد ونشأ في مجتمع يتحول من البداوة إلى الزراعة, ومن الزراعة إلى التجارة. ويعود ويتذكر ذلك الطالب الجامعي وشكواه, وأن رأيه كان من رأي الشاب, إلى أن قرأ فوكنر, فصار الواقع اليومي في خانة الاحتمالات, وبات يكتسب حيوية مدهشة, وتنوعا لا حد له. وفجأة <<امتلأ البشر حولي بإمكانات لانهائية>>. فثمة في الأردن, كما في غيره من دول العالم, ما يستحق الكتابة, وهذا ما فعله غالب في رواياته, بعد سنوات, وكما لم يفعله سواه.

ويشير غالب إلى نقطة هي غاية في الأهمية, حول وجوده في المدرسة الداخلية, ببنيته الجسمانية الضئيلة, وكثافة الطلبة الكبار التي كان يستحيل اختراقها, فاختار من بينها نماذج لرواياته وقصصه. ثم يتذكر أنه كان يكتب مواضيع الإنشاء لعشرة طلبة, على الأقل, لإرضائهم, ولكنهم ظلوا يحتقروه لأنه- كما يقول- <<لم أكن أصلح لشيء إلا لهذه الأمور (يقصد الكتابة) التي لا تجعل من الإنسان رجلا>>. وفي هذا توضيح لنظرة كانت سائدة حول مفهوم <<الرجولة>>, ونظرة إلى انعدام أهمية الكتابة لدى المجتمع.

زنوج وبدو وفلاحون

ما يهمنا من هذه المجموعة القصصية هو القصة التي تحمل هذا العنوان, وما سنركز عليه من هذه القصة هو ما يبرز نمط الحياة في القرية الأردنية كما يقدمه غالب. فالمقطع الأخير من القصة الذي يصور استقبال أهل الريف لزيدان المتعب وزوجته, وهما قادمان على حصان بعد قتل سحلول, يقيم تناظرا ضمنيا بين نمطين من الحياة ولهجتين وثقافتين. ففي حين تعكس لهجة البدو القاسية نمط حياتهم المغلقة: (أشوفك مربي جدايل, ما قلت والله غير انك بدوي, وأنت فلاح مقطوع الأصل), فإن لهجة الريف الشفافة تصور تسامح أهلها وطيبتهم (والله ما حد رايح الصلاة في هالسمطة, أبونا الله يسامحه ما يقطع فرض لو كانت حتى ثلج). وهذا الصراع يخفي صراع ثقافتين ونمطين من الوجود: البدوي العدواني والريفي المتسامح.

تسرد قصة <<زنوج وبدو وفلاحون>>, في فصولها الثمانية, مشاهد من سيرة حياة قبيلة بدوية, وتصور على نحو معمق مجموعة من العلاقات داخل القبيلة وبين أفرادها, من جهة, وعلاقة القبيلة بالفلاحين الذين يعملون لديها من جهة ثانية, وعلاقتها كذلك بالضابط الإنجليزي المعروف <<جون باجوت جلوب>> والملقب ب-<<أبو حنيك>> من جهة ثالثة. وهي في ذلك كله تقدم رؤية للمجتمع الأردني في حقبة تاريخية محددة, هي الفترة التي شهدت تأسيس <<إمارة شرقي الأردن>> مطلع العشرينيات من القرن العشرين, والمجتمع المحكوم بالعلاقات العشائرية.

وتظهر في القصة صورة البدوي في علاقته مع الضابط الإنجليزي, فيما يحاول شيخ العشيرة استغلال موقع الضابط لدى <<الأمير>> من أجل توظيف أبناء العشيرة في الجيش, ثمنا لوقوفهم مع الأمير لتأسيس الإمارة والدفاع عنها, فيبشرهم بوعد <<سيدنا>> أن يقدمهم على غيرهم, ف<<سيدنا ما ينسى وقفتكم معه>>. وفي هذه الشريحة من الصورة, يبدو الضابط ساذجا في اعتقاده أنه يكسب ولاء هؤلاء البدو عبر تمسكه بعاداتهم وحرصه البالغ على التقيد بها. فالراوي يعتقد أن البدو كانوا يتظاهرون أمام الضابط <<بالتعلق الشديد بتلك العادات>>, وهم يعلمون أنه <<سياسي ملعون الوالدين>> كما يهمس رجل لآخر يجلس بجواره, فيسمع <<الصاحب>>- كما يطلقون عليه- همسهما. والبدو يراقبونه <<بسخرية يجيدون إخفاءها>>. وفي الجهة الثانية يقف الضابط بطموحاته وأحلامه ومخاوفه من هذه المغامرة الفذة التي يعيشها مع <<هؤلاء البدائيين الذين هم على استعداد للقتل لأدنى سبب>>, فهو يحلم أن يسكن <<بيتا ريفيا على ضفاف إحدى البحيرات, الملك جورج السادس يستقبله في قصر بكنجهام ويمنحه لقب فارس..>>.

وديع والقديسة ميلادة

في كتابه <<أدباء علموني..>>, وفي فصل عن علاقته بروايات فوكنر, ثمة فقرة يتحدث فيها غالب عن رواية فوكنر <<الحرام>> وبطلها <<بوبي>>, فهذا البطل الذي يفقد مسدسه في لحظة, يدرك أنه فقد شيئا أساسيا في شخصيته, ويرى غالب كيف اعتقد <<بوبي>> أنه- بفقدان مسدسه- كمن أصيب بعاهة, لأن الأمير المحارب لا يجوز أن يفقد عدته, لذا يفضل الموت. ومثل بوبي هذا, يحدثنا غالب عن فارس بدوي من قريته, أصيبت ذراعه اليسرى بالغنغرينا, فقرر الطبيب قطعها, لكن الفارس البدوي قال إنه يفضل الموت! ومن هاتين الحالتين, بوبي والفارس البدوي, يخلص غالب إلى أن <<سمة الكمال العضوي صورة للأمير المحارب>>. وعليه يؤكد أن قصته <<الب ش عة>> قد كتبت بتأثير هذه الصورة.

وقصة البشعة هي عن رجل كان عليه أن ي قدم إلى <<محاكمة>> حيث يضعون النار على لسانه ليثبت براءته من تهمة العلاقة بامرأة. ولما كان يعلم أن العلاقة حقيقية, وكان على يقين بأن الجمرة ستحرق لسانه, فحين جاءت له أمه بالمرأة نفسها وأدخلتها عليه, اكتشف أن الخوف جعل منه عنينا , فقتل نفسه, ورفض أن يهرب من القرية.

بالمقاييس نفسها التي حاكم بها غالب بطولة <<بوبي>>, يمكن القول إن البطل هنا أكثر من حالة واقعية, فهو تجسيد لواقع وتقاليد معروفة في العشائر البدوية الأردنية, وربما العربية, لكنه هنا ليجسد حالة ذهنية, وليكشف زيف هذه التقاليد حين يجعل أهل البطل يحاولون بكل ما يمكنهم من الحيل أن لا يخضع ابنهم للاختبار. بل إن أمه, وهي امرأة داهية, تساعده على الالتقاء بالمرأة التي يحبها, مع أنها لا تكف عن لعنه ولعن والده الذي لم يكن يكف عن مطاردة النساء حتى وفاته. وبقدر ما تكشف القصة عوالم نفسية لشخوصها, فهي تكشف أيضا بنية ثقافة شعبية مستقرة, مستخدمة في ذلك قاموس هذه الثقافة ومفرداتها.

ويستكمل غالب الغوص في هذه الثقافة من زاوية أخرى, فيقدم في قصة <<وديع والقديسة ميلادة وآخرون>> نماذج للتخلف والخرافات التي تعشش في مجتمع الريف والبداوة. فالمكان قرية تجمع النمطين الريفي والبدوي, في لحظة توجههما إلى الاستشفاء لدى الطفلة التي باركتها السيدة العذراء, وراح أهلها يستغلونها لمعالجة أصناف المرض العضوي والنفسي.

في الطريق يبرز لنا الراوي مفارقات غريبة من أجواء القرية, ثم ينقلنا, بسرد ساخر وتفصيلي, إلى البلدة المجاورة, حيث على أهل القرية انتظار الحافلة التي ستنقلهم إلى عم ان. وفي القرية طبيب علقت على باب عيادته <<الفيلا>> لوحة سوداء كتب عليها بخط واضح <<الدكتور متى عيد>> وبخط أصغر <<اختصاصي أمراض النساء والأطفال والباطنية والعين والجلد والأنف والأذن والحنجرة والأعصاب>>. وفي هذه البلدة صراع بين الأطباء, ومنهم طبيب أشاع أن هتلر سيطلق غازات سامة تبيد جميع البشر ما عدا الألمان, وراح- الطبيب- يحقن الناس بحقن ضد الغازات, مقابل عشرة قروش للحقنة, ثم تبين أنه يحقنهم بالماء, فحوكم وسحبت رخصته!

ورغم أن الراوي يعرض ما يبدو لنا وقائع, بدءا من صراع رهبان الكاثوليك والأرثوذكس ورعاياهما, والصراع بين هذين الجناحين وبين البروتستانت, مرورا بالوعي البسيط, ولكن الخبيث والماكر للقرويين, فإن الصراع يدور حول هذا الوعي وما ينتج عنه. فأهل القرية يتوجهون للعلاج عند ميلادة, لكنهم- بعضهم على الأقل- يمتلكون وعيهم ودهاءهم الذي يمكنهم من معرفة أن الدواء الذي يقدمه والد القديسة الطفلة ليس سوى زيت زيتون, معبأ في زجاجات تباع الواحدة منها بسعر خرافي (5- 10 جنيهات), يتناسب مع حجم خرافة القديسة نفسها, لذا لن يتورع واحد منهم عن سرقة ما أمكن من هذا الزيت, ولن يتورع آخر عن قبول زجاجة <<رشوة>> من والد <<القديسة>>.

إلا أن غالب يبرّئ الطفلة من فعل والدها, فهي تلعب مع الأطفال في الحارة عند وصول <<الضيوف>>, ولدى أداء الطقس في <<الكهف المقدس>> أصيبت الطفلة بالإغماء <<سقطت على الأرض وهي تنشج وتصرخ بصوت مسرسع حاد كأنه تحطم زجاج>>. صوت ينم على الرعب, بما يؤكد عدم اشتراكها باللعبة ذات الهدف التجاري. وقد اختار غالب أن يجعل ميلادة فلسطينية, فجعل والدها يرحب بالضيوف <<بلهجته الفلسطينية التي تحول الكاف إلى شيء قريب من حرف الشين>>? كما أنه يجعل العذراء تظهر في الصورة <<بلباس فلاحة فلسطينية تحتضن يسوع الطفل>>? بما يشير, ربما, إلى وجود <<القديسة>> في فلسطين!

ثمة صراع آخر في هذه القصة الطويلة (أو الرواية القصيرة, كما يسميها غالب), هو الصراع بين القروي والمديني. وهنا نسترجع ما قاله غالب حول أثر فوكنر في كتاباته حيث يقول عن شعوره تجاه أهل المدينة <<مارست انتقامي- انتقاما لخيبة أملي- من عم ان, إذ بدا أهلها ضيقي الأفق, مفجوعين بأحلام لا تتحقق>>. (هذه الخيبة يعلن عنها في سلطانة أيضا ) فحين يذهب أهل القرية إلى المدينة, بما فيهم الطفل وديع وأمه, ينزلون عند الأستاذ إلياس- الشقيق الأكبر لوديع- الذي يتعامل معهم بازدراء, كما لو كانوا من الهمج. من هنا تأتي خيبة أمل وديع.

وهنا يظهر لنا الراوي طبيعة مشاعر القرويين بعد دخول بيت إلياس <<بعد أن كوّموا حاجياتهم قرب الباب, كان الجميع يشعرون بتأنيب وخوف غامضين, وراحت عيونهم تتجه إلى كل حركة تصدر عنهم>>. ورغم أنهم يحاولون منع كل ما يمكن أن يسبب مشكلة, فهم لا يتورعون عن تأنيب إلياس حين يقمع شقيقه الطفل وديع. ولتبرز ثنائية الريفي وازدواجية تركيبة شخصيته; فمن ناحية ثمة شعور عارم بالكرامة, يقابله- من ناحية ثانية- شعور بالدونية أمام الأستاذ, الكاتب, ابن المدينة!

ثلاثة وجوه لبغداد

سنقف عند الفصل الأول من هذه الرواية, الفصل الذي يظهر فيه غالب المؤلف هو نفسه غالب <<البطل. ففي الصفحة الثالثة من الرواية يكشف غالب هلسا اسم <<بطل<< روايته <<غالب>>, القادم للتو من القاهرة إلى بغداد, وهو يتجول في شوارعها. وبعد صفحات قليلة نجد غالب هذا في شارع الرشيد, ونقرأ على لسان الراوي أنه <<كان يود أن يعبر الشارع نحو الصيدلية. كانت المكتبة على يساره, وقد صفت أمام الباب أعداد كبيرة من الكتب. كتاب ما, غير محدد اجتذبه قبل أن يغادر الرصيف, فوقف أمام الكتب وأخذ يقرأ عناوينها. وخفق قلبه. كان هناك كتاب يحمل اسمه, بعنوان <<زنوج وبدو وفلاحون>>. أمسك بالكتاب وتفحصه. إنه من إصدار وزارة الثقافة والإعلام العراقية. الغريب أنه لم يرسل مخطوطة لتنشر في العراق. فكيف حدث هذا?<<. وهذا المشهد من أوضح المشاهد التي تربط السيرة الذاتية لغالب برواياته. فالبطل هو غالب هلسا نفسه, وهو مؤلف الكتاب المذكور كنوع من التأكيد على حضور مؤلف الرواية التي بين أيدينا. وفي وزارة الثقافة المتخيلة سيقابل غالب موظفا عجوزا يسأله عن مكافأة الكتاب, ويستغرب العجوز من اسم <<هلسا>>.. لكنه ما أن دخل الوزارة الحديثة حتى وجد كتاب قصة ورواية وشعراء يعرفهم ويعرفونه, بل يتوقعون مجيئه. ولكنهم تأدبا سألوه عما حدث كي تبعده القاهرة, فحكى لهم أن ندوة أقيمت في القاهرة عن <<المخطط الأمريكي في المنطقة العربية>>, وأنه كان يرأسها, وعندما انتهت الندوة ألقوا القبض عليه ووضعوه في الطائرة المتجهة إلى بغداد..

هذه جميعا وقائع يعرفها كل من يعرف غالب هلسا عن قرب, وكل من قرأ عن تلك الندوة المذكورة وما جرى فيها وعلى إثرها. ففي هذه الوقائع تحديدا , وفي وقائع غيرها من الرواية أيضا , نجد صورة غالب هلسا واضحة المعالم والملامح. لكن هذا لا يعني أن الرواية هي رواية وقائع أو رواية تسجيلية. فثمة الكثير من المتخيل الذي لا علاقة له بالذكريات فقط.

في <<سلطانة>>

يستطيع قارئ أعمال غالب هلسا أن يجد جوانب كثيرة من الحياة الاجتماعية الأردنية في عدد من رواياته, لكن العمل الأضخم, والأهم في نتاجه الإبداعي الذي خصصه للأردن هو- في اعتقادي- روايته <<سلطانة>>. ففي هذه الرواية نستطيع- ببساطة, ومن خلال معرفتنا بتفاصيل حياة غالب قبل رحيله النهائي عن الأردن منتصف الخمسينيات- اعتبار شخصية غالب متجسدة في شخصية جريس. ولذا فإن القول بأن هذه الرواية تنطوي- أكثر من سواها- على شكل ما من <<سيرة>> غالب في الأردن, يجد ما يبرره. ورغم أن الرواية- كما يقول الراوي- هي رد على سؤال عزة (حبيبة جريس في القاهرة) عن سبب رحيله عن الأردن وعدم عودته إليه, الأمر الذي جعله يستعيد هذه الحياة كلها, إلا أن القارئ سرعان ما ينسى عزة والقاهرة, ويندمج في أجواء أردنية, بدءا من قرية ماعين, وصولا إلى عمّان بكل تفاصيل الحياة فيها.

سنكتفي بعرض مفاصل أساسية من هذا العمل الضخم, وبما يكفي للكشف عما اعتبرناه <<سيرة>> غالب من جهة, وعن سيرة المجتمع كما قدمتها رواية غالب من جهة ثانية. وبما يصور لنا طبيعة الحياة الاجتماعية والسياسية في الأردن, خلال المرحلة التي تتناولها الرواية, وهي مرحلة تمتد من ثلاثينيات القرن العشرين حتى منتصف الخمسينيات منه. كما ستركز هذه الدراسة على التحولات العميقة التي شهدتها هذه المرحلة, من خلال نماذج وشخوص مما حشدته الرواية.

علينا هنا أن نستعيد بعض ما كتبه غالب- في كتاباته غير الروائية- عن قريته, وعن عائلته وقبيلته, وعن مدرسته الداخلية, وسواها مما يمكن أن يضيء تفاصيل هامة من هذه الرواية. ففي حديثه عن القرية, وهو غالبا ما يأتي ضمن سياقات من الحنين والتذكر, لا التأريخ والتوثيق, يكتب غالب, في دراسات ومقالات كثيرة, أشخاصا وحوادث ووقائع تتقاطع مع شخوص وحوادث ووقائع الرواية التي نحن بصددها.

نشير هنا- مثلا - إلى ما جاء عن طفولته, وعن كونه ولد واكتشف أن له أُمّيْن: واحدة يناديها <<يمَّة>> والثانية يناديها <<يمّة آمنة>>. وهذه الأم الثانية, كما نعرف من كتاباته, وكذلك من الرواية, هي أمه بالرضاعة. والمفارقة التي نتوقف عندها- ابتداء- هي أن أمه آمنة هي امرأة من قبيلة مسلمة, وظلت ابنتها أخته في الرضاعة حتى كبر وغادر الأردن. وستشكل هذه المرأة محورا هاما في حياة غالب, كما شكلت في حياة جريس الذي يقول <<حين كبرت رحت أتساءل: كيف يحدث في مجتمع متعصب دينيا , العائلة والقبيلة فيه تشكلان وحدة عضوية متماسكة ومعادية للعالم.. كيف قدرت أمي آمنة المسلمة أن تحب طفلا من عائلة غريبة, ومسيحية كمان, دون أن تسأل نفسها أنا شو بيربطني فيه?>>. هذا التساؤل يحتاج دراسة معمقة للبنية التي أنتجت هذه الحالة, رغم إمكانية القول إنها الشذوذ الذي يؤكد القاعدة ولا ينفيها. والمرأة الأخرى التي ستشكل محطة هامة في حياة جريس, هي سلطانة, فمن <<سلطانة>> هذه?

جريس يجسد غالب, لأنه يلتقي معه في أمور عدة: نشأ في ماعين, ودرس في المطران, ثم سافر إلى بيروت ليدرس في جامعتها الأمريكية.. وكما يقول جريس نفسه <<عشت في مدن كثيرة: عم ان, دمشق, بيروت, القاهرة, بغداد, أديس أبابا, برلين, وتونس و.. أحببت نساء في كل هذه المدن, ولكنني لم أعرف قط وجها أثارني وظل يلاحقني كوجه سلطانة في تلك اللحظة>>.. أما سلطانة فهي, كما تبدو لنا في الرواية, أكثر من امرأة طبيعية أو حقيقية. ورغم كل شيء سنتعامل مع الجانب الواقعي منها, كأنثى أولا , وبوصفها عنوانا من عناوين التحول من المجتمع الريفي إلى التجارة والحياة في المدينة, وصولا إلى ما مثلته في عمليات المتاجرة والتهريب إلى إسرائيل الناشئة حديثا آنذاك, خصوصا في تهريب الماس والمتاجرة به.

منذ بداية الرواية, نتعرف على بيت سلطانة في القرية بوصفه بيت <<الحوارنة>>, وذلك عندما تعود <<أميرة>> ابنة سلطانة التي تعمل خادمة في أحد بيوت عم ان, حيث سافر مخدوموها إلى رام الله لقضاء الصيف. وإذ تعود الصبية وهي تجر معها كلبا لا يأكل سوى اللحم, فإنها تثير حفيظة أهل القرية الذين لا يجد كثيرون منهم الخبز, بل إن والدها نفسه يقول لها <<يا ست أميرة, إحنا مش لاقيين الخبز, نقوم نطعم الكلب لحمة?>>. لكن الوالد هنا ذو شخصية هزيلة أمام الشخصية الطاغية لزوجته سلطانة وابنته أميرة, التي هي بالتأكيد ابنة سلطانة, لكن لا شيء يؤكد أنها ابنته هو أيضا , فسلطانة عاشت- منذ طفولتها- ألوانا من الحرية وصلت حد الانفلات. وهي امرأة خارجة على قوانين المجتمع, لا تخضع سوى لقوانين حريتها الداخلية.

نتوقف عند نشأة سلطانة, ابنة صاحب بقالة, أمها هي المرأة الجميلة الشرسة الشهوانية المثيرة لرجال القرية, والتي تدير شؤون البقالة بنفسها, وتتعاون مع سائق شاحنة سيصبح مالكا لها فيما بعد. في بيئة كهذه, وفي قرية ذات مواضعات وتقاليد اجتماعية راسخة, نرى الطفلة سلطانة تلعب بين أولاد من جيلها, أو أكبر قليلا , في مكان يدعى <<الهربج>>, وتشارك في صيد العصافير وممارسة الطقوس الجنسية, وحين يحاول بعضهم الاعتداء على أنوثتها تتصدى لأكبرهم وتهينه في ذكورته, ثم تبدأ علاقة مع الخوري صليبا, زير النساء الذي لا يرتوي. لكن هذا كان في طفولتها, وقبل أن تكتشف إمكانات توظيف جسدها وأنوثتها وجمالها, وأصبحت- كما يقول جريس بحسرة وألم العاشق البعيد زمانا ومكانا عن معشوقته- مومسا تعرف كيف <<تبيع جسدها لتثري>> ولتغدو صاحبة تجارة مزدهرة.

كان بيت سلطانة في القرية متميزا عن بيوت القرية, بفخامته وأثاثه, بما يوحي ببعض ملامح شخصيتها, لكن انتقالها إلى عمّان سيوضح لنا المزيد من هذه الملامح, كما سيضع أمامنا عالم المدينة الذي انتقل إليه جريس. ففي عم ان, حيث مدرسة المطران التي يدرس جريس ويقيم فيها, وحيث بيت سلطانة في جبل اللويبدة, الأرقى في عمّان الأربعينيات, تتكشف لنا عوالم المدينة الصغيرة, فنرى جوانب من الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية فيها.

صورة عمّان من أواخر الأربعينات إلى مطلع الخمسينيات, هي صورة مدينة صغيرة لكنها تعيش- كما يبدو- حياة تحظى بقدر من الحرية والتنوع. فعلى صعيد الحياة السياسية يشتبك جريس ومجموعة من أصدقائه بنمط من الحياة الحزبية, يتداولون النشرات في اجتماعات شبه سرية, ويسهرون في ناد ثقافي يحشد الحزبيين والمثقفين من تيارات متصارعة. ومن خلال العلاقات الحزبية والعمل السياسي, تتكشف تفاصيل كثيرة, بعضها ذو طابع سياسي بحت, وبعضها الآخر ذو سمة اجتماعية أو ثقافية. لكن الرابط بين هذه العناصر قوي جدا , بحكم أن شخصية جريس تجمع هذه الأمور كلها وتشكل محورها.

بعد انتهاء دراسة جريس في عمّان, وعودته إلى القرية, يكتشف أن الكثير قد تغير, وأن الناس لم يعودوا يفكرون إلا في النقود وفتح دكان في عمّان أو.. فتقول له أمه إن الدنيا كلها قد تغيرت <<فالناس كثرت والطلبات كثرت. أيام زمان كان الناس قلائل وكل شيء بسعر التراب..كان الناس يجتمعون في مضافة العماشنة وتدور الأحاديث الحلوة عند العصر. كان الشباب يركبون الخيول ويتسابقون والبنات يزغردن للفائز..>>. وفي مقطع آخر من الرواية, حين يكون جريس مع عزة في القاهرة, ينفجر في داخله صوت يقول له <<الأردن التي تحلم بها لم تعد موجودة حتى حين كنت فيها>>.

هذا التغير يحظى من الراوي بنصيب كبير من السرد, فهو يفسر ويحلل, من خلال شخصية سلطانة وشركائها, الكثير من الوقائع. ويهمنا هنا أن نركز على عاملين يعتقد الراوي أنهما كانا وراء التحول: الأول يتمثل في دخول التجارة كعنصر جديد إلى نمط الإنتاج, حتى أن الزراعة أصبحت خاضعة للتجارة, فاضطر الفلاحون إلى بيع أراضيهم المرهونة للتجار حين لم يستطيعوا سداد ديونهم. والعامل الثاني هو التهريب مع فلسطين قبل نكبة 1948, ومع إسرائيل بعد قيامها. فقد وجد الكثيرون في تهريب القمح والعدس والشعير, إلى فلسطين, عبر الشريعة (نهر الأردن), والعودة من هناك بالزيت والتين المجفف, (وفيما بعد راحوا يهربون الخراف والبقر والدجاج, وفي مرحلة تالية سيبدأ تهريب الماس وسواه من المعادن) مصدرا لجمع الثروات, خصوصا بعد قيام دولة إسرائيل, حيث الإسرائيليون يدفعون أضعاف الثمن الذي يدفع لمثل هذه البضاعة في الأردن. أما دور سلطانة في هذا العمل, فيتضح في حديث جريس عن التحولات التي كانت تجري في الأردن قبل خروجه منه, وذلك حين يصف سلطانة بأنها <<متعاملة مع إسرائيل, ومهربة حشيش>>. وهناك إشارات إلى شخصيات عالية المستوى في الحكم ممن يشاركون سلطانة في هذا العمل.

وعلى صعيد الحياة السياسية, ثمة نماذج لحزبيين شيوعيين, وآخرين بلا ملامح محددة. فالشيوعيون هم الأشد حضورا هنا, وهم يحضرون عبر علاقتهم بجريس, ومنهم الطالب والمعلم ومنهم الموظف الكبير في وزارة الخارجية. أما نضالهم فلا نرى له أثرا في الرواية, بل نجد اجتماعات ونقاشات. لكننا نعثر على نمط من <<النضال>> يتمثل في محاولة موسى (أحد قادة الحزب) إقناع جريس بزيارة نائب في البرلمان, للتفاهم معه على كيفية تخليصه من قصته مع <<أميرة>> ابنة, بحكم قرابته مع عشيرتها كما يظن القائد الحزبي, فأميرة ادعت أن النائب قد اغتصبها. وتأتي محاولة موسى للتدخل مقابل خدمة سيقدمها النائب للحزب, فهم يطلبون منه أن يثير في البرلمان ملف قضية من القضايا التي تهم البلد (قضية من قضايا التهريب). لكن جريس يذهب مع موسى ويسهران ويشربان مع النائب, ثم يسخر من شرب الويسكي في مكتب النائب, ويعلن بعدها تخليه عن التدخل, يقول لنفسه <<يدعوني النائب لأسهر في مكتبه الباذخ.. يستعمل ستار الوطنية لأساعده في التنصل من اغتصاب فتاة قاصر. يجب أن يعلم أنني لم أنخدع.. أنا وموسى لنا لعبتنا.. شو دخل الحزب ليحمي جريمة>>.

في هذا السياق نذكر أن مناضلا (هو طعمة) مطرودا من الحزب بتهمة العمالة لضباط في المباحث المصرية (كانوا أعضاء في الحركة التقدمية للتحرر الوطني), هو الذي قدم أميرة للنائب ليكسب رضاه. وهذا يعني أن الحزب الذي طرد طعمة دون محاكمة عادلة, وأشاع عن علاقته بالأجهزة الأمنية, ما دفعه إلى الانحراف.. يخضع هنا لمحاكمة جريس ونقده.

نشير أيضا , إلى الجنس والدعارة, فبعد أن كان الجنس عبارة عن ممارسات قائمة على اللعب والعاطفة, في صور فردية, هاهو يصبح له مؤسسة وسماسرة ومراكز لتقديم هذه الخدمة- البضاعة.. فيذهب إليه الرفاق الحزبيون الذين- يبدو أن- لا بديل أمامهم لتفريغ طاقاتهم المكبوتة سوى هذا السبيل, فنراهم في شوارع العاصمة وأزقتها يتسكعون وينتظرون لحظة حضور <<القواد>> الذي كثيرا ما كان يعترضهم ويعرض عليهم خدماته, وهاهم في أحد الأحياء البائسة, وسط العتمة, يغوصون في وحل وروائح حيوانات وسواها, ليصلوا إلى نساء بلا جمال, سمينات ومرهقات ويبدو عليهن الشقاء أكثر مما يبدو عليهن طابع المهنة. والرحلة هذه, في سريتها, تشبه رحلة في عالم الثورة السري حيث المخاطر قائمة في كل لحظة.

وفي ارتباط وثيق مع مفاصل الحياة السياسية, نكشف عن لقطات سريعة لجوانب من الحياة الثقافية, عبر وجود شخصيتين لمبدعين هما شاعر وقاص في الحزب. كما تأتي قراءات جريس المتنوعة التي تدل على وجود الكتب والصحف والمجلات, وهذا ما يشير إليه غالب هلسا نفسه في كتاباته النثرية. ففي مدرسة المطران يمكننا أن نعثر على مشاهد متعددة لجريس وهو يقرأ أو يكتب في مجلة المدرسة. وقد عثرنا فعلا على كتابات مختلفة له في المجلة الموجودة في أرشيف المدرسة, من هذه الكتابات مقالة وقصة قصيرة.

ونستطيع أن نذكر هنا, أن في الإمكان العثور على الطفل وديع, في رواية غالب القصيرة <<وديع والقديسة ميلادة..>>, في لحظة قراءة, وهي لحظة تتعلق بقراءة الصحيفة التي نشرت خبر الطفلة المقدسة <<ميلادة>>. أو بقراءة الكتاب المقدس لوالديه. وثمة إشارة متكررة, في <<سلطانة>> كما في <<وديع..>> وفي كتاب <<أدباء علموني إلى وجود المكتبة في بيت الأخ الأكبر الأستاذ إلياس. وهذا واحد من معالم حياة ثقافية ما.

خلاصة

نخلص مما سبق إلى خلاصات أسية, تتمركز حول نقطة واحدة, هي أن رواية سلطانة, وسواها ربما من روايات غالب, قد نهلت في صورة أساسية من حياته وطفولته تحديدا , وبصرف النظر عما إذا كان ممكنا اعتبار <<سلطانة>> رواية ذاتية, أو سيرة روائية, ففي الإمكان التعامل معها كرواية تنطوي على وقائع محورية في حياة الأردن في تلك الفترة التي يكتب غالب عنها, وهي رواية تكتب الأشياء بأسلوب ووعي متقدمين ليس كاعترافات أو ذكريات, بل كإعادة بناء لتلك العناصر التي تتناولها, سواء على صعيد بناء الشخصيات الروائية بناء يقع بين الواقعي والأسطوري, أو على مستوى بناء الوقائع بما يخدم رؤية فكرية وفنية في آن. فكل ما في سلطانة يشير إلى أن غالب قد أراد منها تقديم صورة عن فترة من حياة الأردن, هي مرحلة تحولات عصفت بالبلد.

ويلخص ذلك عبارة جريس وهو يتذكر الأردن من القاهرة, حيث يقول <<الأردن التي تحلم بها لم تعد موجودة حتى حين كنت فيها>>. كما يؤكده حديثه عن التحولات المختلفة, بدءا من التحول من زمن الفروسية, زمن <<آمنة.. الحلم الرومانسي..>>, إلى زمن التهريب والمتاجرة مع إسرائيل, زمن المرأة الأخرى <<سلطانة>>.. الشبق الملعون.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:44 PM
اهم احداث طفولة غالب هلسا:

واضح ان طفولة غالب هلسا غنية بالاحداث التي قام الروائي على تصويرها في رواياته. وعلى الرغم انه لم يتضح اذا كان هناك يتم او موت او ازمة خانقة في طفولته لكن هذه الفقرة تشير الى انه كان يعيش في مدرسة داخلية وانه لاقى صعوبات في تلك المدرسة.

"ويشير غالب إلى نقطة هي غاية في الأهمية, حول وجوده في المدرسة الداخلية, ببنيته الجسمانية الضئيلة, وكثافة الطلبة الكبار التي كان يستحيل اختراقها, فاختار من بينها نماذج لرواياته وقصصه. ثم يتذكر أنه كان يكتب مواضيع الإنشاء لعشرة طلبة, على الأقل, لإرضائهم, ولكنهم ظلوا يحتقروه لأنه- كما يقول- <<لم أكن أصلح لشيء إلا لهذه الأمور (يقصد الكتابة) التي لا تجعل من الإنسان رجلا>>. وفي هذا توضيح لنظرة كانت سائدة حول مفهوم <<الرجولة>>, ونظرة إلى انعدام أهمية الكتابة لدى المجتمع".

استطيع ان اقول بأن زمن غالب هلسا وظروفة الشخصية في طفولته تشكل ازمة.

مأزوم.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:45 PM
ابرز حدث في حياة كل واحد من الروائييناصحاب افضل الروايات العربية من 31- 40


31- نجران تحت الصفريحيي يخلف (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%8A_%D9%8A%D8 %AE%D9%84%D9%81&action=edit&redlink=1) فلسطين.............مأزوم.
32- العشاقرشاد أبو شاور (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B1%D8%B4%D8%A7%D8%AF_%D8%A3%D8 %A8%D9%88%D8%B4%D8%A7%D9%88%D8%B1&action=edit&redlink=1) فلسطين.....................يتيم الام في سن الخامسة.
33- الاعترافعلي أبو الريش (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B9%D9%84%D9%8A_%D8%A3%D8%A8%D9 %88%D8%A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%B4&action=edit&redlink=1) الامارات..................مأزوم.
34- النخلة والجبرانغائب طعمة فرمان (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%BA%D8%A7%D8%A6%D8%A8_%D8%B7%D8%B9%D9%85%D8%A9_ %D9%81%D8%B1%D9%85%D8%A7%D9%86) العراق..........مأزوم.
35- عودة الغائبمنذر القباني (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B0%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A8% D8%A7%D9%86%D9%8A) السعودية..................مأزوم.
35- قنديل أم هاشميحيي حقي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%89_%D8%AD%D9%82%D9%8A) مصر.....................مأزوم.
37- العودة الي المنفيأبوالمعاطي أبو النجا (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A3%D8%A8%D9%88%D8%A7%D9%84%D9% 85%D8%B9%D8%A7%D8%B7%D9%8A_%D8%A3%D8%A8%D9%88_%D8% A7%D9%84%D9%86%D8%AC%D8%A7&action=edit&redlink=1) مصر........مجهول الطفولة.
38- وكالة عطيةخيري شلبي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AE%D9%8A%D8%B1%D9%8A_%D8%B4%D9%84%D8%A8%D9%8A) مصر.......................مأزوم.
39- تماسعروسية النالوتي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%B1%D9%88%D8%B3%D9%8A%D8%A9_%D8%A7%D9%84% D9%86%D8%A7%D9%84%D9%88%D8%AA%D9%8A) تونس.......................مجهولة الطفولة.
40- سلطانةغالب هلسا (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%BA%D8%A7%D9%84%D8%A8_%D9%87%D9 %84%D8%B3%D8%A7&action=edit&redlink=1) الاردن...........................مأزوم.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:46 PM
41- مالك الحزين إبراهيم أصلان (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85_%D8%A3% D8%B5%D9%84%D8%A7%D9%86)مصر
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

مالك الحزين أحد أشهر واهم الروايات العربية المعاصرة، ومؤلفها هو إبراهيم أصلان (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85_%D8%A3% D8%B5%D9%84%D8%A7%D9%86) وهو أحد أهم الأدباء المصريين المعاصرين، كتب إبراهيم اصلان هذه الرواية في الفترة من ديسمبر 1972 وحتى أبريل 1981 اي في حوالي تسعة اعوام ونصف تقريباً.
نبذه

تدور احداث الرواية في حي امبابة في القاهرة تحديداً في منطقة الكيت كات، وتدور احداثها حول عالم مغترب يتغير ابطاله ويعاني كل منهم من همه الخاص واغترابه الخاص، شخصيات الرواية أكثر من 115 شخصية، رغم الحجم المتوسط نسبياً للرواية، يمكن ان نصنف الأشخاص الأساسيين في الرواية إلى:


يوسف النجار.. شاب مثقف اغتبر عن مجتمع الجامعة وأصبح وحيداً وحزيناً في امبابة
فاطمة.. فتاة بسيطة فقيرة تحب يوسف النجار من طرف واحد وتحاول أن تغويه
الشيخ حسني.. شيخ ضرير يعيش في المنطقة ويعاني من اغتراب ووحدة يحاول أن يتكيف معها بطرق طريفة ومضحكة
المعلم صبحي.. التاجر الغني يحاول أن يشتري القهوة الرئيسية في المنطقة والتي تمثل معلماً بارزاً في حياة الأبطال ليقوم بهدمها وبناء عمارة محلها
المعلم عطية.. صاحب المقهى
عبد الله القهوجي.. الجرسون وصبي المقهى يرى عالمه (المقهى) يباع امام عينيه وهو لا يستطيع ان يفعل شيء
الأسطى قدري الإنجليزي.. رجل كان عمله طوال حياته مع الإنجليز ثم بعد الجلاء أصبح مغترباً عن عالمه إذ يشعر انه ينتمي إلى المجتمع الإنجليزي الراقي على الرغم من فقره وسكنه أحد افقر احياء مصر
فاروق وشوقي.. شابان عاطلان عن العمل يحاولان في يأس البحث عن عمل ويحاولان مجاراة الواقع المر
العم عمران.. طباخ عجوز كان طباخاً خصوصياً للملك فاروق.. انتهى عالمه بانتهاء الملكية.. وأصبح وحيداً لا يؤنس وحدته سوى العم مجاهد بائع الفول الذي مات في بداية الرواية
الأمير عوض الله.. ابن باني المقهى الحاج عوض الله.. يرى المقهى الذي بناه والده يباع ليهدم امام عينيه ويتابع ولا يستطيع ان يفعل شيء
الهرم.. بائع المخدرات في المنطقعة
سليمان الصايغ (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84% D8%B5%D8%A7%D9%8A%D8%BA).. ابن صائغ وغني تهرب منه زوجته اللعوب

الفيلم المقتبس من الرواية

تم تحويل الرواية إلى عمل سينيمائي تحت مسمى الكيت كات (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%AA_%D9%83%D8%A7%D8%AA_ %28%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85%29) على يد داوود عبد السيد (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D8%A7%D9%88%D9%88%D8%AF_%D8%B9%D8%A8%D8%AF_ %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF) عام 1991، وقد تم دمج بعض الشخصيات وتغيير دور شخصيات أخرى واخفاء شخصيات أخرى، ولكن ظلت الرواية هي الخط الأساسي للفيلم

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:47 PM
إبراهيم أصلان
الكاتب إبراهيم أصلان (3 مارس (http://ar.wikipedia.org/wiki/3_%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%B3)1935 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1935) - 7 يناير (http://ar.wikipedia.org/wiki/7_%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1)2012 (http://ar.wikipedia.org/wiki/2012)) هو أحد أبرز كتاب جيل "الستينات" في مصر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1).

سيرته

ولد إبراهيم أصلان بمحافظة الغربية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%BA%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9_%28%D8% AA%D9%88%D8%B6%D9%8A%D8%AD%29) ونشأ وتربى في القاهرة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9) وتحديدا في حى إمبابة والكيت كات، وقد ظل لهذين المكانين الحضور الأكبر والطاغى في كل أعمال الكاتب بداية من مجموعته القصصية الأولى "بحيره المساء" مرورا بعمله وروايته الأشهر "مالك الحزين"، وحتى كتابه "حكايات فضل الله عثمان" وروايته "عصافير النيل" وكان يقطن في الكيت كات حتى وقت قريب ثم انتقل للوراق أما الآن فهو يقيم في المقطم.

لم يحقق أصلان تعليما منتظما منذ الصغر، فقد ألتحق بالكتاب، ثم تنقل بين عدة مدارس حتى أستقر في مدرسة لتعليم فنون السجاد لكنه تركها إلى الدراسة بمدرسة صناعية. ألتحق إبراهيم أصلان في بداية حياته بهيئة البريد (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%AF_%D9%85%D8%B5%D8%B1) وعمل لفترة كبوسطجى ثم في إحدى المكاتب المخصصه للبريد وهي التجربه التي ألهمته مجموعته القصصيه "ورديه ليل".

ربطته علاقة جيدة بالأديب الراحل يحيى حقي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D8%AD%D9%8A%D9%89_%D8%AD%D9%82%D9%8A) ولازمه حتى فترات حياته الأخيرة ونشر الكثير من الاعمال في مجله "المجلة" التي كان حقى رئيس تحريرها في ذلك الوقت.
لاقت أعماله القصصية ترحيبا كبيرا عندما نشرت في أواخر السيتينات وكان أولها مجموعة "بحيره المساء" وتوالت الأعمال بعد ذلك إلا أنها كانت شديدة الندرة، حتى كانت روايته "مالك الحزين" وهي أولى رواياته التي أدرجت ضمن أفضل مائة رواية في الأدب العربى وحققت له شهره أكبر بين الجمهور العادى وليس النخبه فقط.

ألتحق في أوائل التسيعنيات كرئيس للقسم الأدبى بجريدة الحياة اللندنية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%8A%D8%A7%D8%A9_%28%D8%B5%D8% AD%D9%8A%D9%81%D8%A9%29) إلى جانب رئاستة لتحرير إحدى السلاسل الأدبية بالهيئة العامة لقصور الثقافة إلا أنه أستقال منها أثر ضجه رواية وليمة لأعشاب البحر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A9_%D9%84%D8%A3%D8%B9% D8%B4%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1) للروائى السورى حيدر حيدر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D8%B1_%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D8%B1) .

توفي في السابع من يناير عام 2012 عن عمر يناهز 77 عاماً.
أعماله

المجموعات القصصية


بحيرة المساء. مجموعته القصصية الأولى، صدرت في أواخر الستينيات.
يوسف والرداء.
وردية ليل.

الروايات


مالك الحزين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2% D9%8A%D9%86_%28%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9%29).
عصافير النيل.
حجرتان وصالة

كتابات أخرى


خلوة الغلبان.
حكايات من فضل الله عثمان.
شيء من هذا القبيل.

الكيت كات

حققت رواية مالك الحزين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%A7%D9%84%D9%83_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%B2% D9%8A%D9%86_%28%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9%29) نجاحا ملحوظا على المستوى الجماهيرى والنخبوى ورفعت اسم أصلان عاليا بين جمهور لم يكن معتادا على اسم صاحب الرواية بسبب ندره أعماله من جهة وهروبه من الظهور الأعلامى من جهة أخرى، حتى قرر المخرج المصري داوود عبد السيد (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D8%A7%D9%88%D9%88%D8%AF_%D8%B9%D8%A8%D8%AF_ %D8%A7%D9%84%D8%B3%D9%8A%D8%AF) ان يحول الرواية إلى فيلم تحت عنوان الكيت كات (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%8A%D8%AA_%D9%83%D8%A7%D8%AA_ %28%D9%81%D9%8A%D9%84%D9%85%29) وبالفعل وافق أصلان على إجراء بعض التعديلات الطفيفة على الرواية أثناء نقلها إلى وسيط أخر وهو السينما، وبالفعل عرض الفيلم وحقق نجاحا كبيرا لكل من شاركوا فيه وأصبح الفيلم من أبرز علامات السينما المصرية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%8A%D9%86%D9%85%D8%A7_%D9%85%D8%B5%D8%B1% D9%8A%D8%A9) في التسعينات.
أزمة وليمة لاعشاب البحر

كان إبراهيم أصلان أحد أطراف واحدة من أكبر الأزمات الثقافية التي شهدتها مصر دون أن يرغب في ذلك، وذلك في سنة 2000م (http://ar.wikipedia.org/wiki/2000) حين تم نشر رواية وليمة لأعشاب البحر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%85%D8%A9_%D9%84%D8%A3%D8%B9% D8%B4%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D8%B1) لكاتبها حيدر حيدر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D8%B1_%D8%AD%D9%8A%D8%AF%D8%B1) وهو روائي سوري، التي جاء نشرها في سلسلة آفاق عربية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A2%D9%81%D8%A7%D9%82_%D8%B9%D8%B1%D8%A8%D9%8A% D8%A9) التي تصدر عن وزارة الثقافة المصرية ويرأس تحريرها إبراهيم أصلان.

تزعمت صحيفة الشعب (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%B4% D8%B9%D8%A8_%28%D9%85%D8%B5%D8%B1%29) والتي كانت تصدر عن حزب العمل (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B2%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%B9%D9%85%D9%84_ %D8%A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A) من خلال مقالات للكاتب محمد عباس (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%B9%D8 %A8%D8%A7%D8%B3&action=edit&redlink=1) حمله على الرواية حيث أعتبرها الكاتب أنها تمثل تحديا سافرا للدين والأخلاق، بل وان هذه الرواية تدعو إلي الكفر والإلحاد، وأثارت في هذة الفترة الجدل العارم وقامت المظاهرات بين طلاب الأزهر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9_%D8%A7%D9%84% D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1) على خلفيه أستفزازهم بالمقالات التي تتصدى للرواية وترفضها ظنا منهم أنها ضد الدين بالفعل، ولم تقعد الدنيا وتم التحقيق مع إبراهيم أصلان وتضامن معه الكثير من الكتاب والأدباء والمفكرين، غير أن مجمع البحوث الإسلامية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AC%D9%85%D8%B9_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD% D9%88%D8%AB_%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%84%D8%A7%D 9%85%D9%8A%D8%A9_%D8%A8%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9 %87%D8%B1%D8%A9) التابع للأزهر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9_%D8%A7%D9%84% D8%A3%D8%B2%D9%87%D8%B1) قد أدان الرواية والقائمين علي نشرها في مصر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1) وأعتبروها خروجا عن الآداب العامة وضد المقدسات الدينية.
جوائز

حصل إبراهيم على عدد من الجوائز منها:


جائزة طه حسين (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%B2%D8%A9_%D8 %B7%D9%87_%D8%AD%D8%B3%D9%8A%D9%86&action=edit&redlink=1) من جامعة المنيا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%85% D9%86%D9%8A%D8%A7) عن رواية "مالك الحزين" عام 1989م (http://ar.wikipedia.org/wiki/1989)
جائزة الدولة التقديرية في الآداب (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A7%D8%A6%D8%B2%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AF% D9%88%D9%84%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AA%D9%82%D8%AF%D 9%8A%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%D9%81%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D 8%A2%D8%AF%D8%A7%D8%A8_%28%D9%85%D8%B5%D8%B1%29) عام 2003م (http://ar.wikipedia.org/wiki/2003) – 2004م (http://ar.wikipedia.org/wiki/2004).
جائزة كفافيس الدولية عام 2005م (http://ar.wikipedia.org/wiki/2005)
جائزة ساويرس في الرواية عن "حكايات من فضل الله عثمان" عام 2006م (http://ar.wikipedia.org/wiki/2006)

موقفة السياسي

أييد الكاتب أبراهيم أصلان حركة التغيير التي تبناها الدكتور محمد البرادعي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%B1% D8%A7%D8%AF%D8%B9%D9%8A)، و وافق على مطالب السبعة للجمعية الوطنية للتغيير (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D9%85%D8%B9%D9%8A%D8%A9_%D8%A7% D9%84%D9%88%D8%B7%D9%86%D9%8A%D8%A9_%D9%84%D9%84%D 8%AA%D8%BA%D9%8A%D9%8A%D8%B1)، و تم الاتفاق علي إصدار وثيقة يصيغها الأدباء والمثقفون، منهم الكاتب ابراهيم أصلان، في مصر لتكون بمثابة مشروع سياسي وفكري للدولة المدنية التي تطالب الجمعية الوطنية للتغيير بها، وكذلك الإجابة عن الأسئلة التي يتم طرحها عن الدولة التي يريد المصريون إقامتها

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:47 PM
حوار مع الروائي المصري إبراهيم أصلان

المراوغ

الحوار المتمدن- عبد النبي الفرج

حصل إبراهيم أصلان علي هبات ومنح لم تتوفر لموظف بريد من قبل علي الإطلاق وكل هذه المكاسب بقليل من الأعمال , بحيرة المساء , مالك الحزين , يوسف والرداء , وورديه ليل,
ولا حد يصدق أن هذه الهبات لمجرد كونه موهوب فالدول الحكومات المنحطة والتي تسيطر علي كل شيء في هذا الوطن لا تحفل بمن موهوب ومن غير موهوب بل عديم الموهبة اسلم وأكثر راحة لها ويدلل البعض هذا الكلام بمقولة محمد حافظ رجب عن أصلان أصلان يعني أتنين , نسختين يعني , نسخة للسلطة ونسخة للمثقفين يلبد في مكتب الحياة ولا يشارك في الحياة العامة ألا قليلا منها زيارة عبده وازن إلي القاهرة أو دعوة من وزارة الثقافة يمرر مصالحة بهدوء ولأنه وسيم وشكله طيب تتدفق عليه الهدايا والمنح الربانية حتى أن الروائي المصري إبراهيم عبد المجيد قال وكنا أظن علي البستان أصلان لو وزعوا شقق في 6 أكتوبر يطلع واحد ماتعرفش منين يقول احجزوا شقة لأصلان دي غلبانا وفي كل الأحوال أنت لا تستطيع أن تنكر انه كاتب شديد الموهبة رغم أنه غير مغامرا علي الإطلاق فقد آمن بالشكل الذي قدمه السرد الأوربي في الخمسينات الذي يسمي تيار الاغتراب أو التشيؤ ومن الأكثر شهرة في ذلك المجال أرنست همنجواي الساحر الأمريكي والذي دفع بالقصة القصيرة إلي أقصي مدي لها, والذي وجد أصلان ضالته في هذا الشكل والذي يتوافق مع روحة تماما فاصلان غير شجاع ينظر إلي الناس بريبة والي الكتابة أيضا ولذلك يضع علي وجهه قشرة صلبة لكي يحمي نفسة من المشاركة أو الانفتاح علي الناس ليس لأنه متعال أطلاقا ولكنه يخاف أن يشتبك مع الناس فيفضح ضعفه وهشاشته المفرطة رغم الادعاء بغير ولذلك عندما يتوجس منك ينظر إليك بنصف عين في خبث ذئبي وكأنه لا يراك أو يتركك تتكلم دون أن يعلق ويردد آه , آه وطبعا يمكن أن يكون سرحا في آي حاجة , لو أنت حساس تهرب من أول ما تبص في عينيه وتلقيه عمال يدور علي أشياء وهمية أو يدور حول ذاته لو أنت جبلة ماشي يستسلم كسلحفاة وينتظر لكي يضرب ضربته ويخليك مسخره , ليه لأنه يحتملك احتمال جمل منذ سنوات فتحت هذا الهدوء الظاهري عنف مكبوت ولذلك أنظر الي يديه ستجدها ترتعش أرتعاشة خفيفة ليس من مرض ولكن لمحاولاته الدائبة أن يكبت العنف داخلة ذلك وكل هذا أنعكس علي القصة لدية
ماهية سمات القصة لدي أصلان
الاقتصاد في استخدام اللغة الأحكام في البناء , الاهتمام بالشخوص والأعماق المظلمة والطريفة للإنسان المصري , وحدة الحدث لكي يسهل السيطرة عليه , شعرية اللغة , المساحة المحدودة التي تدور فيها الأحداث , , الكيت كات , فضل الله عثمان ,النيل , هذه المناطق الأليفة والذي عقد معها صداقة وهذا فقط لكي أصل إلي
أن هذه السمات تكشف عن عجز في مواجهة الواقع , القاري, الناقد , الوسط الثقافي ولذلك يظل يحذف , يحذف حتى يترك الشجرة عارية
واصلان حكاء جميل مثل كل الفقراء من الكتاب والذي يتحولوا الي مسامرين مثل خيري شلبي والذي قضوا طوال حياتهم لاستجداء البيات والأكل
في البداية حاولت أن أشرح فكرتي وهو يقول آه آه كالعادة , طبعا أن عندي وساوس قهرية وشكوك لتنتهي فسكت ونظرت أليه للمعرفة الانطباعي علي وجهه .. كان يبدو جادا رغم أنني لأعمل في صحيفة أو مجلة أدبية وتركت المكان وأنا غير واثق أن أصلان سيوافق علي أجراء الحوار وجئت في الميعاد وتم التأجيل بعد أن ضرب علي جبهته أخ هو ميعادنا النهاردة
النهاردة أجازة , فيه مشكلة ..هو أصلان يسخر مني ..استمرت في السير في شارع أمريكا اللاتينية وأنا خائف من العسكر في كل مكان وآلي , رصاص , رتب من كل صنف ولون وأشجار ميتة وكلاب وحدائق مسورة وبوابا حديدية ضخمة ورجال بيض بياض كالح وعيون زرق ورجال يذكروك بالقراصنة .. ولا همسة دخلت العمارة , الأسانسير معطل وأنا متعب وأحتاج لقليل من الوقت لكي أنام علي الكرسي الأسود حتى أستعيد حيويتي , دخلت وأنا متأكد أنه غير موجود وقد خاب ظني فقد كان موجودا وفي انتظاري
أهلا يا أستاذ محمد
سلمت وأنا أتلفت حولي ولما تأكدت انني وحد وأن الكلام موجه لي قلت:
أنا اسمي عبد النبي فرج
آه آه منور يا أستاذ عبد النبي
ثم صمت ودخل عامل البوفيه وأحضر فنجانا من القهوة يصعد منه بخارا لذيذ وأنا عاشق لفنجان القهوة وسحره أكثر من القهوة ذاتها , خاصة لو كانت من الخزف الصيني البني أو الأزرق وأخذت أنظر ألي الفنجان حتى امتدت يده وسحبت الفنجان ورشف رشفة وأشار لي أنه سيحضر مسجل من غرفة المكتب الاخري , وعندما خضر كان في يدي كتاب أخذته من علي المكتب أقلب فيه كان الغلاف رديئا
دا غلاف يعم أصلان
أنت عارف لو الكتاب ده بتاع ماركيز وبالغلاف ده هيهفقه ويخليه زى كتاب ..
الكتاب المفروض يكون في حد ذاته لوحة فنية
مال أصلان وأخرج كتاب وردية ليل وكان مترجم حديثا
شوف الغلاف
لوحة فنية والله … كان الغلاف جميلا بالفعل
شوف الاخراج أهو ده راجل أجنبي … شوف الروية , شوف الجمال, دا راجل قراء الرواية كويس
وأخذ يقرب مني الغلاف ويشير علي ببعض التفاصيل المادية وهنا يظهر عشق أصلان للأشياء
سحبت الورقة والقلم بعد الفشل في إحضار مسجل
· التكثيف الشديد والولع بالحذف هل هو ناتجا عن عنف يمور داخل الكاتب مما جعله أشبه ببستاني فبدل من أن يمسك مقص لتشذيب الحديقة , مسك بلطه وأخذ يقطع في فروع الشجر حتى تركها عارية ؟ أم هو تأثر بتقنية كتابة معينة؟
* عادتا أنت تلجا إلي الوسائل التي تتلاءم مع طبيعة إمكانياتك من ناحية وتتوافق مع طبيعة أغراضك وعلي هذا الأساس ودعنا نقول أنني تجدني أكثر ميلا إلي استبعاد مايمكن استبعاده طالما أن هذا المستبعد سوف يظل موجودا كإحساس وراء القليل الذي يكتب ومادمت أنت لجاءت إلي تشبه يتعلق بطبيعة البستاني وعلاقته بالحديقة دعنا نقول الأتي
أن البناء عادتا يعني مراكمة الأشياء فوق بعضها سواء كنا نبني بيتا أو نبني رواية في كثير من الأحيان أو نبني مستوصف وهذا النوع من البناء لا يهتدي بقوانين البناء بمعني قوانين الخلق التي تهدي به الطبيعة وهي قوانين غير قابلة للأخذ والرد .. بمعني أن النبتة الصغيرة عليها أن تزيل الحشائش الضارة والأوشاب وكل ما يعيق نموها وهذا بناء طبيعي فطري يقوم علي الاستبعاد لأنه بناء يتعلق بما هو حي وكل بناء حي من شجر وإنسان وحيوان . عمل فني . لو تأملت الأمر ستجده لاينمو ألا عبر استبعاد كل ما يعوق هذا النمو وهذا يكون شرطا أساسيا لنمو آي كائن حي والعمل الفني كائنا عضويا في نهاية الأمر وبدايته . لا تستطيع أن تغير هذا التكوين بمعني أنك لا تستطيع أن تعيد ترتيب أعضاء كائن أو تعيد استبعاد فصول رواية ويظل العمل هو نفس الكائن أيضا …..
أيضا لا تنس أن غالبا الأشياء الحقيقية فعلا والمرجحة في حياة كل منا تكون عصية علي الكتابة وعلي التعبير عنها ومن هنا نحن لا نكتبها ولكن نكتب بها وسوف نجد أي نص لا يكتسب قيمته وقدرته علي التأثير مما هو مكتوب ولكن من قيمة الزاد أو الطاقة الروحية التي كتب بها
* أذا الحذف والتكثيف ليس ناتجا عن عنف مكتوم انعكس علي الكتابة
- أنا لأعرف هو ناتجا عن أيه ؟ - ولكن شوف كل ما هو مستبعد هو ما أعرفه وأنا لدي يقين أن ما أعرفه متاح لكل إنسان أن يعرفه ومن هنا تجدني غير شغوف بتكرارها علي مسامع القارئ .
في الكتابة هناك طريقتين 1 أن تعيش حياه أو تجربة أو تجربة ثم تذهب لتحكي عنها لماذا ؟أنا عن نفسي وقد عشت تجربة أظنها صعبة أو غنية لم يتخلف لذي أحساس بأنها تجربة استثنائية وذلك لأنني قضيت حياتي في حي شعبي بين بسطاء الناس الذين يمتلكون نفس التجربة أو ما هو أكثر من حيث الغني والصعوبة لم أري أحدا يعتبرها تجربه استثنائية , هو عاشها مرغما وألا مات من الجوع وفي وضعي كان علي أن أمتلك قدرا من الصلافه . ومن هذا يلائمني أكثر أن احكي بهذه الأوجاع والمسرات
*في عالم إبراهيم أصلان تبدوا المرأة وكأنها أداة متعة أو مصدرا للشرور والخيانة فما رأيك
- أولا أنا لأعرف شيء أسمه المرأة وشيء اسمه الرجل انا أعرف حسنيه , فتحية , أو عباس , , أو مرسي لان فيما يتعلق بالكتابة لا تصلح الإشارة إلي النوع بشكل عام وإذا حددنا الأمور علي هذا النحو سنجد أن السؤال ظالم ثم ستجد نمازج خارجة عن أو لاتنطبق عليها هذا الاتهام وبالعكس أن تقديري الشخصي للمرأة أظن أنه مبالغا فيه
* هذا علي المستوي النظري لكن الكتابة فاضحة وارجوا أن تراجع مالك الحزين , خلو وردية ليل من النساء والمشهد الوحيد التي تظهر فيه تكون شبه عاهرة ثم راجع القصص القصيرة
-أنا لا تحضرني كل القصص القصيرة لكن أتذكر قصص كثيرة المرأة ليست هكذا في بحيرة المساء لن تجدها هكذا إطلاقا راجع , وقت الكلام , التحرر من العطش والرغبة في البكاء وفي رواية مالك الحزين يوجد نساء كثيرات لم يقدمهم الفيلم لاينطبق عليها هذا القول
أريد أن أنبه علي انه من الممكن أن يتخلف مثل هذا الإحساس من وجود لحظات ذات طابع شبقي أو جنسي في طبيعة العلاقة بين الرجل والمرأة وأنا لاعتبر هذا دلالة انحراف أو عيبا يشين المرأة أو الرجل طالما هذا يتم في الإطار الفني والشرعي أحيانا
* الحوار يمثل قيمة جوهرية في نسيج العمل الروائي والقصصي . هل النهضة المسرحية التي ظهرت بقوة في الخمسينات في إنحاء العالم من برخت إلي كامي وسارتر وبيكيت إلي مصر ووجود مسرحيات نعمان عاشور ومحمود دياب وسعد الدين وهبه ونجيب سرور والفريد فرج
- أولا بغض النظر عن أجادتي للحوار أو عدم أجادتي له فالحوار موهبه برأسها . بمعني أنه قد يلجا بوسائل وجهود سردية كيما يحصل من الشخصية كائنا حي من لحم ودم .
أنا لا يعونني السرد كثيرا في إحياء الشخصية . يكفي الشخص أن ينطق بجملة حوارية صحيحة حتى يدب يحي أمامي علي الورق . الحوار مسألة خطيرة جدا إلي الحد الذي يمكن أن تقول أن جملة حوار واحدة رديئة قد تكون كفيلة بإفساد عمل شاهق مثل الحرب والسلام وغيرها من الأعمال الكبيرة وهذا لا يمنع أن الثقافة المسرحية كانت أحد الروافد المهمة في تكويني وتكوين أبناء جيلي بالإضافة إلي السينما وهذا ليس سرا أن أول عمل نشر لي كان مسرحية من فصل واحد في مجلة الثقافة والذي كان يشرف عليها محمد فريد ابو حديده وذلك عام 64
* ولكن لماذا لا تكن هذه طبيعة الأيام والأشياء ؟ قد يكون ذلك صحيحا وقد لا يكون ولكن الأمر المؤكد بالنسبة لي علي الأقل أن هناك شيئا من الضروري أن أضع حدا له ..الوقت يمضي . هل خوف إبراهيم من الزمن كان ناتجا في ذلك الوقت ومن عدم تحقق علي المستوي الإنساني والأدبي ؟
- أنت تذكرني بكلام كثير كتبته قبل أكثر من ثلاثين عام وعندما تقرأه الان أشعر أنه مازال ملائم لكي أردده مرة أخري رغم أنني يبدوا أنني تحققت قليلا وأنفجر في الضحك
* يدعو أدوار سعيد إلي نمط معين من الفن القائم منطقه علي التجاوز والتغاضي علي عدم تأكيد هوية مركزية سلطوية. هل تساير ادوار في دعوته؟
مشكلتي مع الكتابة غالبا أنني لأكتب علي هدي نظري أو علي هدي من المصطلح وهذا لا يتنافي مع اعتقادك بهذا المصطلح أو بما هو نظري
يعني علي المستوي النظري أنا أخذ الأمور بجدية ولكن في النهاية أكتب بما يتراء لي أن الأمور هكذا أقرب إلي المزاج أكثر من أي شيئا أخر ولكن هناك بعض الأمور الهامة وعلي رأسها اللأتشيء بأن السرد ليس سردا روائيا فقط , هناك سرد اجتماعي , سرد ثقافي , سرد جنسي , سرد ديني , هذه السرودات مهيمنة لان ما تقوم به مؤسسات تتواري في خبراتها وأخطر هذه السرودات المهيمنة هو منطقها ذلك المنطق الأبوي الذي يفكر بدل من الناس ويتخيل بدلا منهم مهمة الفنون أن تعمل نقيضا لهذه الهيمنة وأن تسعي لتقويض هذا المنطق الأبوي , أن العمل الفني الحقيقي هو ذلك العمل الذي ليفكر بيه لأحد ولا يتخيل لأحد ولكن يوفر الإمكانية الوحيدة والقادرة جماليا علي أن تتيح للآخرين, التفكير لأنفسهم والتخيل لأنفسهم
* وقال عبد الله ” قول يعم عمران .. قول : قال لي أنها ليست مسافرة إلي مصر … هذا الشغف بالحكي هل تسلل لك من ألف ليلة وليلة أم من ألحكي الشعبي ألشفاهي من ناس امبابة وبولاق وغيرها
- ألف ليلة وليلة هو الكتاب الوحيد مع القرأن الكريم ودلائل الخيرات هم الكتب الوحيدة الموجود في بيتنا ,
بدأت علاقتي بالف ليلة قبل أن أحسن القراءة بشكل جيد وكان يضعها فوق الدولاب خشيية أن أقراءها وقد كان الوالد يري أنه من غير الأئق أن يقرأها صبي في مثل سني ولذلك كنت أنتهز الفرصة عندما يذهب الي العمل وأمارس قرأتها … عندما تحدثت في الأجابة السابقة عن هيمنة السرود التي تقوم بها المؤسسة بمنطقها الأبوي وضرورة أن الأدب والفن يسعي الي تقويض هذه الهيمنةكنت أعني أن علينا أن نستلهم منطقا بديلا والتجربة أثبتت لي أن المنطق البيل هو منطقة السرد الشفاهي فهو علي الأقل ليس منطقا أبويا بأي شكل من الأشكال فنحن ندرك أن الهيمنة التي تحدثنا عليها هو قدرته علي ترسيخ صيغ لغوية نجد أنفسنا عادتا وبشكل تلقائي علي التفكير بها اينما ذهبت أفكارنا هنا أو هناك أي أنالتخييل لأنفسنا قد وضعت لنا سلفا , حيث أننا نظل طيلة الوقت أسري لها بينما نظن أنفسنا أحرارا ..ز منطق السرد الشفاهي لايقوم علي هذه الأليات فهوا أبعد وأعمق وأبعد غورا في النفس وأكثر أستلهام ماهو جذري أنه يعاونك علي الأقل وببساطة علي البحث عن دوار اخر للكلمة مما يبخث فيها وفي سياقها مزيدا من الحرية
· رغم أدانتك للأشياء بقوة في وردية ليل من خلال شتق عم مرزوق نفسه وسط الأ[شياء التي يمتلكها في المحل الأ أن أن ابراهيم يبدوا عاشق للأشياء التي تتجاوز الصفة النفعية
- هذا ليس تناقضا فالناس تموت وسط أشياءها سواء كانت رديئة ـأو جميلة وهذا لايحتمل أي أدانة للأشياء
· ولم يجد من الشلة الأ يوسف النجار ليخبره فهو يبدوا مثل الغريب في أمبابة . لماذا يشعر يوسف بأنه غريب ؟ وهل يوسف هو واحد من أقنعة أصلان
- بالنسبة للقناع أذ كان هذا مفيد تستطيع أن تقول أه أما مسألة الغربة … أنا أظن أن يوسف كان يعر طيلة الوقت بالغربة , وهذا من سلبية المؤسسة التي تقرر لك , فيما أنت مهموما بالشأن العام مثل يوسف النجار ولا تستطيع أن تكزن فعالا في ظل شروط وضعت لك دون أن تساهم في وضعها وهذا حال العديد من المثقفين العرب ولذلك يعزف المثقف عن المشاركة في وليس عاجزين عنها كما ظن عددا كبرا من النقاد والذين كتبوا عن شخصية يوسف .. سوف تلاحظ هذا أذ ماتذكرت الشيخ حسني , هذا جل ضرير غير معني بالشأن العام ورغم ذلك قادرا علي المشاركة والأيجابية … استطاع رغم عماه بينما يوسف الذي يري ويعرف غير راغب في ذلك أتحدث عن يوسف كما هو في الرواية وليس كما هو في الفيلم الكيت كات
· هل قسوة المدينة هي السبب في جنوح الشخوص الي اللأمباله والعدمية أم تأثر بظاهرة العبث في الستينيات
- أنت تسميها هنا الأمباله والنقاد يسمونها النظرة الحيادية وأنا أراها علي نحو مختلف .. نحن لاتقراء الروايات لمعرفة رأي الكاتب أو موقفه وهذه مسألة سهلة ولاتستحق كتابة رواية من أجلها نحن تقرأ لكي تعاوننا علي أن يكون انا موقفا بمعني ليس مهما ما يقوله الكاتب ولكن المهم أين نحن بعد قرآت العمل عمله ما يبدوا حياديا أو لامبالاة هو كما أراه هو كما أراه وسيلة أو أداة فنية ليس أكثر أو أقل لأنني أظن أنني مادمت قد بنيت في عملي موقفا واضحا فلقد عافيتك القاريء من أتخاذ آي موقف , أنها الرغبة في تقديم تجربة دون أى خطأ بالطبع … ليس هذا أقتراحا لوسيلة مثلي للكتابة ولكم هذا مارأيته اكثر ملأمة لمزاجي الشخصي عند كتابة هذه النصوص
· ياناثانيل أوصيك بالدقة لا بالوضوح هذه ىالتعويذة قد تحتوي علي نوع من الخديعة لان الدقة قد تكون مفيدة في العلوم الذهنية ولكم الأبداع قد يكون فيه الفوضي والغموض والهلاوس والجنون أقرب الي روح النص”
- حتي الهلاوس والجنون لابد ةأن ينتظمها شكل فني دقيق.. الدقة مطلوبة أي ماكان نقدمه ..هي مسئلة لاتتعلق ةبالفهم , احيلك لأعمال سلفادور دالي انظر الي رؤأه وانظر الي دقة الأشكال التي قدمت بها هذه الروح , الشكل بالنسية للعمل الفني هو القضية الأساسية أكاد أقول بالنسبة لكل شيء … لأن شيء بدون شكل لن يكون له معني زان يكون هناك أي أمكانية للمعرفة وليس هذا أن يكون الشكل واصحا أو مما له أشباه وأحيلك هنا الي تماثيل هنري مورو اشكال قد تعد بالقياس العادي رغم أنها لنساء أو رجال تبدو في غاية الغرابة ومع هذا هذه الأسكال أكثر حياة وأستقلاليةوأكثر تأثيرا بفعل بناءها الفني ودقته والدقة مرتبطه بما هو فني أما الوضوح فهو مسئلة تحيل الي دقة الفهم أما عدم الفهم وهذه مسألة غير مطروحة فنيا بأعتبار أن المطروح حيال أي عمل فني هو مسألة الأحساس أولا بهذا العمل الفني
· تأثير هزيمة 67 وماذا فعلت بعد أن تأكدت أن البلاد في طريقها الي كارثة ؟
· يعني أكتأبت شأن كل مواطن مصري ولكن بالمناسبة سوف تجد الستينات مشحون قبل الهزيمة بنزر كارثة ما . المفاجأة لم تكن في الكطارثة التي حدثت ولكن في حجم هذه الكارثة .. كنا متوقعين في ذلك الوقت ولذلك هذه الصدمة جعلتنيوهي حكاية شائعة وكانت جملة أعتراضية .. وجءت كما يلي بينما نعمل ليل نهار في حجراتنا العارية بسنترال رمسيس حيث توجد عدة الاف من البرقيات وكانت موحودة أمامي أنني حملتها وألقيت بها من النافذة في شارع الجلاء مما ترتب عليهخ خروج معظم العملين بوردية الليل وألتقاتها من هنا وهناك والمشكلة كانت في سقوط هذه البرقيات فوق الأشجار العملاقة وقد تحولتللتحقيق بسببها
· بناء القصة في أقتصاد وأحكتما شديد هل هو ناتجا عن خوف أصلان من عدم قدرته علي السيطرة علي النص أم لكي يخفي لا معني لكثيرا مني قصصه
- أظن أن هناك تناقضا في السؤال مابين القدرة علي أحكام البناء ولا معني كثير من القصص
· أنا لا قصد معني البناء ولكن أقصد الهدف من ورأ القصة
· أنا لاأبدا من معني أريد توصيله للقاريء ولكن أنا اسعي الي معني . است صاحب رسالة .. ثم صمت وقد سرح قليلا
· خلاص الكلام
· أنت قرات وردية ليل
· طبعا
· البناء هنا يختلف عن عصافير النيل لماذا ..لأنه مبني علي طريقة البرقية .. أي أن المحزوف هو الواجب المراهمة عليه أعتمادا علي أشارات بينك وبين الطرف الاخر بمعني أن هماك رسالة وهناك مرسل اليه والذي يكتب يجب أن يختزل الي أبعد درجة
· أن لم ننتقض تتحول الكتابة الي نوع من الزيف هذه المقولة لصنع الله هل تتفق مع هذه المقولة وكيف تري دور الروائي
· كل عمل روائي هو عمل نقدي علي نحو أو أخر .. التجربة الجمالية في حد ذاتها هي وسيلتنا في مواجهة كل أشكتال الغلظة والفظاظة والقهر الذي يعاني منه الأنسان

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:48 PM
الروائى إبراهيم أصلان: يوجد بداخلى أصلان آخر..

١٢ كانون الثاني (يناير) ٢٠٠٤بقلم أشرف شهاب (http://www.mnaabr.com/vb/spip.php?auteur8)
واحد من الروائيين المتميزين الذين أنجبتهم الحياة الأدبية المصرية. ويكاد يكون علما من الأعلام الدالة على تطور فن الرواية العربية بشكل عام. مراسل "فلسطين" فى القاهرة أشرف محمود التقى إبراهيم أصلان، صاحب "وردية ليل"، و"مالك الحزين"، بالقاهرة وأجرى معه الحوار التالى:


- فلسطين: ما هى الملامح الأساسية فى مسيرة حياة ابراهيم أصلان؟
- أصلان: ولدت فى مدينة طنطا. وكان والدى موظفا فى هيئة البريد. وإنتقل للعمل بالقاهرة لكى يحص على علاوة امتياز خمسين قرشا. وكان كأب جدير بكلمة رجل بكل ما تعنيه الكلمة. وقد أنجبت والدتى اثنى عشر ولدا منهم خمسة ماتوا. وفور نزولنا للقاهرة أقمنا فترة فى منطقة الحسين، ثم أقمنا فترة أخرى فى منطقة باب الشعرية.
- فلسطين: هل لديك ذكريات طفولة عن منطقة الحسين؟
- أصلان: منطقة الحسن من المناطق الرائعة بحق فى محافظة القاهرة. وهى مخزن كبير للذكريات، ومصدر إلهام للعديد من الكتاب. ولكننى لا اتذكر من مرحلة طفولتى فى الحسين سوى مشهد واحد فقط أقف فيه على سلم بيتنا، وزملائى الأطفال ينادوننى. وأمى تقول لهم: "إبراهيم مش هيلعب معاكم لأنكم بتضربوه". ولكننى أتذكر أيضا أن رحلة متاعب والدى بدأت فى تلك الفترة، حيث دخلت بعد الكُتاب مدرسة أولية أهلية. ودرست فيها حوالى سنة تقريبا، ثم تركتها، ثم دخلت مدرسة إمبابة الإسماعيلية الإبتدائية. وبعد ذلك تركتها، ثم دخلت مدرسة لتصميم وهندسة السجاد، وتركتها كذلك. بعدها اضطر والدى لالحاقى بمدرسة عسكرية داخلية وكان سنى 15 سنة. ولأن هذه المدرسة كانت عسكرية ظللت بها سنتين. وحينما قامت ثورة 1952 أغلقت المدرسة أبوابها نهائيا. ولذلك دخلت المدرسة الصناعية فى مصر الجديدة. وكانت المواد التى يتم تدريسها فيها لا علاقة لها بالمرة بالعلوم العسكرية التى درستها فى المدرسة العسكرية. وحينما تركت هذه المدرسة أيضا أدرك والدى أنه لا فائدة من تعليمى فألحقنى للعمل معه بمصلحة البريد. وبعد ذلك عملت رواية "وردية ليل". ثم تم انتدابى بعد ذلك للعمل كنائب لرئيس تحرير سلسلة مختارات "فصول"، بعد أن كنت قد نشرت بالطبع كثيرا من الكتب بالهيئة العامة للكتاب. وفى ذلك الوقت كان سامى خشبة يرأس تحرير السلسة. والحقيقة أن كل هذه التقلبات والتنقلات جعلتنى عارفا بأصول حرف كثيرة من الصعب على إنسان أن يتعلمها جميعا مثل "الخراطة – الحداده – كهربة السيارات – الكهرباء"، وقد عايشت عشرات النماذج البشرية وآلاف الوقائع فى هذه الرحلة المثيرة.
- فلسطين: هل يمكن أن تقص علينا أحد هذه المواقف؟
- أصلان: أذكر مثلا ان عملى كبوسطجى كان فى منطقة "جاردن سيتى". و كنت مطالبا بتوصيل الخطابات لرجل غامض كث الشارب شقته ممتلئة عن آخرها بالكتب، عرفت أنه "بشر فارس"، أحد أهم رواد الأدب الرمزى فى مصر. وكان أحد مؤسسى مدرسة "أبوللو" الشعرية فى بدايتها وكان شاعرا ايضا.
- فلسطين: تبدو مسيرتك وحياتك الأدبية متقلبة، ومعقدة الملامح.
- أصلان: صحيح. لكن عموما أنا بداياتى الأدبية كانت عام 63. والغريب أننى بدأت بكتابة المسرحية، وليس الرواية أو القصة القصيرة. و أول أعمالى مسرحية من فصل واحد. وفى يناير 65 عاودت كتابة القصة، وقد أسعدنى جدا فى تلك الأيام صدور عدد خاص من مجلة "جاليرى" عنى، احتوى على مجموعات القصص التى تكونت منها مجموعتى "المساء"، ومجموعات من المقالات والدراسات عنى. وفى الحقيقة فإن أول من قدمنى للوسط الادبى كان علاء الديب فى مجلة "صباح الخير" و كتب مجموعة من الكلمات الرائعة التى لا تزال فى ترن ذاكرتى حتى الآن.
- فلسطين: كيف ترى العلاقة بين جيلكم والأجيال الأدبية الأخرى؟
- أصلان: أولا لا بد أن أوكد أن مسيرة الأدب متواصلة. ومهمة الأدب الأساسية فى الحياة أن يحقق نوعا من التوازن النفسى للمجتمع، فهو أحد أشكال الفنون الجميلة، مثله مثل الموسيقى والرسم، وهو غذاء روحى، ونفسى. لكنه يتميز عنها جميعا بأنه أرحب فى التناول. ويحقق تعادلا موضوعيا مع اشكاليات الحياة. و قد قدم جيلنا منجزات أدبية مهمة جدا، ووصل بالرواية إلى مستويات واشكال متقدمة. وأخذ كل واحد منا اتجاهه، وطريقه الخاص، وتفرد فى فهمه، ومعالجته للعمل الأدبى. واذا سألتنى أقول لك إن "بالامس حلمت بك" لبهاء طاهر، أو "الزينى بركات" لجمال الغيطانى أعمال بالغة الأهمية والروعة. وعلى رأسنا جميعا يأتى عمنا الكبير نجيب محفوظ لأنه ببساطة أسس الرواية العربية. وكل الذين كانوا قبله مهدوا الأرض فقط. أما نجيب محفوظ فهو الذى وضع الأساس المتين لهذا الفن، وقدم فى هذا الإطار جهدا بالغ الأهمية. وهو حاول تقديم نموذج لأزمة اللغة فى معالجة الرواية، وفعل ذلك باقتدار شديد، وثانيا قدم الرجل درسا عظيما فى احترامه البالغ لمن يتلقون العمل الأدبى.
- فلسطين: تبدو علاقتك بالكتابة شديدة الصعوبة. فأنا ألاحظ فى أسلوبك تعمقا فى التفاصيل، وقدرة على التشبيك بشكل محير!
- أصلان: لقد كنت أتحدث للتو عن نجيب محفوظ. وهذه مناسبة لأقول إن أهم فارق بينى وبينه أنه كاتب يحمل رسالة واضحة، كرس لها وقته وجهده وإبداعه. أما أنا فليست لى رسالة وراء ما اكتبه لأننى أبحث عن هذه الرسالة. وحتى الآن لم أعثر عليها،
- فلسطين: تبدو صريحا للغاية، ففى الغالب لا يعترف كاتب على نفيه بهذه السهولة..
- أصلان: هذه هى الحقيقة.. ولا أرى فائدة من إخفائها .. و يتولد لدى يقين أن الكتابة هى الوسيلة الوحيدة لتوثيق معرفتى بالدنيا. وانا دائما لا أكتب لأروى واقعة أو مشاهد فى إطار جميل، خصوصا، وأن ذهنى يحتشد بمئات التفاصيل، والنهايات التى تصلح مادة للقص أو للروى. ودائما أحاول أن أصل بالقارئ إلى العناصر الأولية التى تخلق الشعور بالحدث. وعلى سبيل المثال "الكيت كات" لها قصة. فقد كنا معتادين على الجلوس، ولسنوات طويلة على قهوة عوض الله. كنا أربعة أصدقاء، نلتقى يوميا. والمقهى – لمن لا يعرف- فى الأحياء الشعبية ليست مشروبا عابرا، أو جلسة سريعة، لأنها مكان يتشكل بنا.. بحيث إذا غاب واحد من أعضاء "الشلة" – أى شلة - فى يوم تغير شكل المقهى. وما لا يعرفه أحد أن البعض تصل به الحالة إلى إعتبار المقهى بكل أجوائها بمثابة أسرة توازى تماما أسرته فى المنزل، عليها يتبادلون طرح مشكلاتهم العائلية، والخاصة فى بعض الأحيان. وغالبا ما يتم الوصول إلى حلول عفوية محملة بخبرة السنوات التى يحملها المسنين من الرواد. لا أبالغ إذا قلت لك أن المقهى يحقق للمصريين هدوءا نفسيا، لا يستطيع تحقيقه لهم اساطين الطب النفسى فى العالم.
- فلسطين: تتحدث عن عدم وجود رسالة واضحة لديك تريد نقلها..هل لهذا السبب لم ترتبط بفكر سياسى محدد كمعظم المثقفين؟
- أصلان: الحقيقة أنى، وعلى الرغم من محبتى الغامرة للناس إلا أننى دائما أشعر بالغربة، والوحدة. يوجد بداخلى ابراهيم اصلان آخر. بداخلى جزء مهم جدا، هو أننى طول عمرى متأكد أننى لن أستطيع أن أُخضع ضميرى الشخصى للضمير العام. ومن هنا قرأت فى الوجودية، وأحببتها. وقرأت الماركسية، وأحببتها كذلك. لكن أفكارى بطبيعتها، وبدون أى اختيار منى كانت بجانب اليسار.
- فلسطين: من خلال عشرات ومئات الإبداعات التى تكتبها أو تشرف على نشرها.. أريد أن أعرف منك لماذا حدث ذلك التباعد بين الأدب والحياة؟ أصلان: لا يمكننى أن أتفق معك فى هذا الرأى. أنا لا أرى هذا الانفصال .. ربما ما يحدث هو حالة مختلفة أريد أن أسميها ظاهرة التناسل اللغوى.
- فلسطين: ماذا تعنى بكلمة التناسل اللغوى.
- أصلان: تعنى أن الكل يحاول الكتابة بطريقة معينة بأليات شبه معروفة، لكن هذا لا ينفى أن هناك مشاريع حقيقة للكتابة تسعى للانتساب الى الأدب، لكن ما يعيب هذه المحاولات أنها متعجلة، ومتسرعة.
- فلسطين: ما هى قراءاتك الأساسية؟
- أصلان: أنا لا اقرأ بإنتظام حتى أن هناك أدباء لم اقرا لهم إطلاقا ..
- فلسطين: مثل من؟
- أصلان: مثل المرحوم ثروت أباظة.. هذا الكاتب لم أقرأ له، ولا أنوى أن اقرأ شيئا مما كتب. كما أننى لم اقرأ لمحمد فريد ابو الحديد شيئا، ولا لعبد الرحمن بدوى، ولا لكثيرين غيرهم. لكننى ومن خلال نصائح الرجل العظيم يحى حقى أدركت أنه لابد من قراءة ديستوفسكى كاملا، وول ديورانت كاملا، وهكذا.
- فلسطين: ما هى روايتك المفضلة، ومن هو كاتبك المفضل؟
- أصلان: رواية "الحب فى زمن الكوليرا" هى روايتى المفضلة، وكاتبى المفضل هو صاحبها جابرييل جارسيا ماركيز. هذه الرواية لها مكانة خاصة فى قلبى، وأعاود قراءتها باستمرار.
- فلسطين: وشاعرك المفضل؟
- أصلان: أمل دنقل.
- فلسطين: عشت أيام الرئيس عبد الناصر، وأيام الرئيس السادات فما هى شهادتك كأديب ومثقف على العصرين؟
- أصلان: بالنسبة لعصر عبد الناصر، ورغم تجاوزات بالغة فيما يتعلق بقضية الحرية والديمقراطية، إلا أننى -مع الجميع تقريبا- كنا نشعر بحالة خاصة، ورائعة من الكبرياء، والزهو القومى، وبنفس الدرجة شعرت بأن هذا الكبرياء قد انكسر مع عصر السادات

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:48 PM
اهم الاحداث في حياة ابراهيم اصلان:

- لم يحقق أصلان تعليما منتظما منذ الصغر، فقد ألتحق بالكتاب، ثم تنقل بين عدة مدارس حتى أستقر في مدرسة لتعليم فنون السجاد لكنه تركها إلى الدراسة بمدرسة صناعية.
- ألتحق إبراهيم أصلان في بداية حياته بهيئة البريد (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%B1%D9%8A%D8%AF_%D9%85%D8%B5%D8%B1) وعمل لفترة كبوسطجى ثم في إحدى المكاتب المخصصه للبريد وهي التجربه التي ألهمته مجموعته القصصيه "ورديه ليل".
- يخاف أن يشتبك مع الناس فيفضح ضعفه وهشاشته المفرطة
- ماهية سمات القصة لدي أصلان : الاقتصاد في استخدام اللغة، الأحكام في البناء , الاهتمام بالشخوص، والأعماق المظلمة والطريفة للإنسان المصري , وحدة الحدث لكي يسهل السيطرة عليه , شعرية اللغة , المساحة المحدودة التي تدور فيها الأحداث. واصلان حكاء جميل مثل كل الفقراء من الكتاب والذي يتحولوا الي مسامرين مثل خيري شلبي والذي قضوا طوال حياتهم لاستجداء البيات والأكل.
-في الكتابة هناك طريقتين 1 أن تعيش حياه أو تجربة ثم تذهب لتحكي عنها لماذا ؟ أنا عن نفسي وقد عشت تجربة أظنها صعبة أو غنية لم يتخلف لدي أحساس بأنها تجربة استثنائية وذلك لأنني قضيت حياتي في حي شعبي بين بسطاء الناس الذين يمتلكون نفس التجربة أو ما هو أكثر من حيث الغني والصعوبة لم أري أحدا يعتبرها تجربه استثنائية , هو عاشها مرغما وألا مات من الجوع وفي وضعي كان علي أن أمتلك قدرا من الصلافه . ومن هذا يلائمني أكثر أن احكي بهذه الأوجاع والمسرات.
- يقول أنا أكتب بما يتراء لي أن الأمور هكذا أقرب إلي المزاج أكثر من أي شيئا أخر
- يقول في ادى المقابلات معه" أن التجربة الجمالية في حد ذاتها هي وسيلتنا في مواجهة كل أشكتال الغلظة والفظاظة والقهر الذي يعاني منه الأنسان".
- يقول أصلان في مقابلة اخرى" ولدت فى مدينة طنطا. وكان والدى موظفا فى هيئة البريد. وإنتقل للعمل بالقاهرة لكى يحص على علاوة امتياز خمسين قرشا. وكان كأب جدير بكلمة رجل بكل ما تعنيه الكلمة. وقد أنجبت والدتى اثنى عشر ولدا منهم خمسة ماتوا. وفور نزولنا للقاهرة أقمنا فترة فى منطقة الحسين، ثم أقمنا فترة أخرى فى منطقة باب الشعرية.
- ويقول"لكننى لا اتذكر من مرحلة طفولتى فى الحسين سوى مشهد واحد فقط أقف فيه على سلم بيتنا، وزملائى الأطفال ينادوننى. وأمى تقول لهم: "إبراهيم مش هيلعب معاكم لأنكم بتضربوه". ولكننى أتذكر أيضا أن رحلة متاعب والدى بدأت فى تلك الفترة، حيث دخلت بعد الكُتاب مدرسة أولية أهلية. ودرست فيها حوالى سنة تقريبا، ثم تركتها، ثم دخلت مدرسة إمبابة الإسماعيلية الإبتدائية. وبعد ذلك تركتها، ثم دخلت مدرسة لتصميم وهندسة السجاد، وتركتها كذلك. بعدها اضطر والدى لالحاقى بمدرسة عسكرية داخلية وكان سنى 15 سنة. ولأن هذه المدرسة كانت عسكرية ظللت بها سنتين. وحينما قامت ثورة 1952 أغلقت المدرسة أبوابها نهائيا. ولذلك دخلت المدرسة الصناعية فى مصر الجديدة. وكانت المواد التى يتم تدريسها فيها لا علاقة لها بالمرة بالعلوم العسكرية التى درستها فى المدرسة العسكرية. وحينما تركت هذه المدرسة أيضا أدرك والدى أنه لا فائدة من تعليمى فألحقنى للعمل معه بمصلحة البريد. وبعد ذلك عملت رواية "وردية ليل".
- ويقول "الحقيقة أنى، وعلى الرغم من محبتى الغامرة للناس إلا أننى دائما أشعر بالغربة، والوحدة. يوجد بداخلى ابراهيم اصلان آخر. بداخلى جزء مهم جدا، هو أننى طول عمرى متأكد أننى لن أستطيع أن أُخضع ضميرى الشخصى للضمير العام. ومن هنا قرأت فى الوجودية، وأحببتها. وقرأت الماركسية، وأحببتها كذلك. لكن أفكارى بطبيعتها، وبدون أى اختيار منى كانت بجانب اليسار.
مأزوم .

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:48 PM
42- باب الشمس إلياس خوري (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B3_%D8%AE%D9%88%D8%B1% D9%8A) لبنان
باب الشمس | من الأوّل





2 http://m282.files.wordpress.com/2010/10/39065.jpg?w=450 (http://m282.files.wordpress.com/2010/10/39065.jpg)من الأوّل، من أوّل الأول، من الجليل، دير الأسد، الغابسيّة، شعب، ترشحيا، من بيروت، برج البراجنة، تل الزعتر، شاتيلا، من عمّان، القاهرة، من فلسطين، ومن الأوّل الأوّل تبدأ هذه الرواية الكبيرة، تبدأ بالنكبة، تحكي عن النكبة، وعن المنكوبين، وتأخذ في نهايتها القارئ إلى جانب هادئ من الثورة الفلسطينية، نعم للثورات جوانب هادئة، لكننا نجهلها لأننا نجهل كيف نبدأ من الأوّل، لا نقتنع بان الثورات، بأن الموت، انما وجد لتحقيق المستحيل، لا الممكن، الممكن يمكن عمله في مختبر، أمّا النصر فيحتاج ثورةً، وموتًا وحبّا، ورواية.

“باب الشمس” رواية كبيرة جدًا، ولا أقصد هنا صفحاتها التي تتجاوز المئات الخمس، أقصد فحواها، إنها رواية كبيرة، فيلم وثائقي مكتوب وممتد على مدى عقود، ضفائر سوداء وناعمة لا سلطان عليها إلا للريح. وكأيّ كبير، فإنّ انطباعي عنها كبير، كرهتها، وأحببتها، مللت منها، وملّتني، لكنني أكملتها، من ألفها إلى يائها، من الغيبوبة إلى الغيبوبة، ومن نهيلة 1، إلى آخر إصدار من نهيلة التي صرخت في وجه محققي الأرض ” أنا شرموطة ” فخرجت من قسم الشرطة تقطر شرفًا. السيرة الذاتية للكاتب الياس خوري سيرة متشعبة، لكنها لم تقنعني بتاتًا أن ذلك يكفي لكي يكون روائيًا جيدًا، الذي أقنعني هو ما كتب، ما أخرج، ما فتح من أبواب في باب الشمس.

يونس الأسدي، ابو ابراهيم، وابو صالح، هو بطل الرواية الصّامت، هذا اللاجئ استطاع أن يأكل فلسطين بعد أن صيّرها برتقالاً، وأن يقطع الحدود جيئةً وذهابًا بعد أن صيّر نفسه ذئبًا للجليل. يقبع يونس في غيبوبة طوال الرواية، هذا في خط الزمن الرئيسي، لكنه يستيقظ ويحارب مع حامية شعب، يسب على جيش الانقاذ، ويضاجع حبّ حياته نهيلة، هو في غيبوبة في خط الزمن الرئيسي، لكنّه حيُّ يرزق ويتنفّس ويحكي في التفرُّعات. الدكتور خليل ليس طبيبًا، ولا ممرضًا، هو يرتدي رداءً أبيضًا ويكتب وصفات الأدوية وهذا كلُّ ما في الأمر، يحبُّ شمسًا التي زوّجت نفسها لغيره بالرصاص، لم ير والده، وشارك في حرب تمترس فيها وراء الجهل، جهل سبب الحرب وطرفها الآخر.
أكاد اجزم باستحالة حفظ جميع الشخصيات، ورسم ملامح مستقلة لكل منها، إلا ربما بقراءة الرواية بتفرغ تام، الأمر الذي لم أفعله، قرأتها في خضم فعلي أشياءَ أخرى كثيرة، شعرت أن جملها القصيرة غبية في كثير من الأحيان، وأن أسلوب استحضار الشخصية بالسؤال المعهود ” هل حكيت لك عن .. ” أسلوب سطحي أكثر من اللازم، لكن الصورة العامة عمومًا ستُرسم حتى وان كان الرسم تخطيطيًا، خريطة، لو قُرأت باب الشمس قراءةً سري
من الأوّل، من أوّل الأول، من الجليل، دير الأسد، الغابسيّة، شعب، ترشحيا، من بيروت، برج البراجنة، تل الزعتر، شاتيلا، من عمّان، القاهرة، من فلسطين، ومن الأوّل الأوّل تبدأ هذه الرواية الكبيرة، تبدأ بالنكبة، تحكي عن النكبة، وعن المنكوبين، وتأخذ في نهايتها القارئ إلى جانب هادئ من الثورة الفلسطينية، نعم للثورات جوانب هادئة، لكننا نجهلها لأننا نجهل كيف نبدأ من الأوّل، لا نقتنع بان الثورات، بأن الموت، انما وجد لتحقيق المستحيل، لا الممكن، الممكن يمكن عمله في مختبر، أمّا النصر فيحتاج ثورةً، وموتًا وحبّا، ورواية.
“باب الشمس” رواية كبيرة جدًا، ولا أقصد هنا صفحاتها التي تتجاوز المئات الخمس، أقصد فحواها، إنها رواية كبيرة، فيلم وثائقي مكتوب وممتد على مدى عقود، ضفائر سوداء وناعمة لا سلطان عليها إلا للريح. وكأيّ كبير، فإنّ انطباعي عنها كبير، كرهتها، وأحببتها، مللت منها، وملّتني، لكنني أكملتها، من ألفها إلى يائها، من الغيبوبة إلى الغيبوبة، ومن نهيلة 1، إلى آخر إصدار من نهيلة التي صرخت في وجه محققي الأرض ” أنا شرموطة ” فخرجت من قسم الشرطة تقطر شرفًا. السيرة الذاتية للكاتب الياس خوري سيرة متشعبة، لكنها لم تقنعني بتاتًا أن ذلك يكفي لكي يكون روائيًا جيدًا، الذي أقنعني هو ما كتب، ما أخرج، ما فتح من أبواب في باب الشمس.
يونس الأسدي، ابو ابراهيم، وابو صالح، هو بطل الرواية الصّامت، هذا اللاجئ استطاع أن يأكل فلسطين بعد أن صيّرها برتقالاً، وأن يقطع الحدود جيئةً وذهابًا بعد أن صيّر نفسه ذئبًا للجليل. يقبع يونس في غيبوبة طوال الرواية، هذا في خط الزمن الرئيسي، لكنه يستيقظ ويحارب مع حامية شعب، يسب على جيش الانقاذ، ويضاجع حبّ حياته نهيلة، هو في غيبوبة في خط الزمن الرئيسي، لكنّه حيُّ يرزق ويتنفّس ويحكي في التفرُّعات. الدكتور خليل ليس طبيبًا، ولا ممرضًا، هو يرتدي رداءً أبيضًا ويكتب وصفات الأدوية وهذا كلُّ ما في الأمر، يحبُّ شمسًا التي زوّجت نفسها لغيره بالرصاص، لم ير والده، وشارك في حرب تمترس فيها وراء الجهل، جهل سبب الحرب وطرفها الآخر.
أكاد اجزم باستحالة حفظ جميع الشخصيات، ورسم ملامح مستقلة لكل منها، إلا ربما بقراءة الرواية بتفرغ تام، الأمر الذي لم أفعله، قرأتها في خضم فعلي أشياءَ أخرى كثيرة، شعرت أن جملها القصيرة غبية في كثير من الأحيان، وأن أسلوب استحضار الشخصية بالسؤال المعهود ” هل حكيت لك عن .. ” أسلوب سطحي أكثر من اللازم، لكن الصورة العامة عمومًا ستُرسم حتى وان كان الرسم تخطيطيًا، خريطة، لو قُرأت باب الشمس قراءةً سريعة نوعًا ما، مصحوبة بالكثير من السجائر، وبقلم رصاص، فإنّ الناتج في ذهن قارئها خريطة.
الرواية هدية من صديقة، صديق آمنت مثلي أننا ” جيلٌ لم ير شيئًا “، وقررت أن تعين نفسها وتعينني على التخيّل، تمهيدًا للرؤية، الرؤية التي فارقت خليل في آخر الآخر، فصارت الصورة إمرأة، أو صارت المرأة صورة.

=
التناص في رواية اليا خوري
رسالة ماجستير على الرابط التالي:
http://scholar.najah.edu/sites/schol...yas_khouri.pdf (http://scholar.najah.edu/sites/scholar.najah.edu/files/all-thesis/narration_elyas_khouri.pdf)

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:49 PM
إلياس خوري

(بالإنجليزية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D8%BA%D8%A9_%D8%A5%D9%86%D8%AC%D9%84%D9%8A% D8%B2%D9%8A%D8%A9): Elias Khoury) هو قاص وروائي وناقد وكاتب مسرحي لبناني (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A)، ولد في العاصمة اللبنانية بيروت (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA) عام 1948 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1948). كتب عشر روايات ترجمت إلى العديد من اللغات وثلاث مسرحيات وله العديد من الكتابات النقدية. يشغل حاليا منصب محرر في ملحق الحقيقة وهو الملحق الثقافي الأسبوعي لجريدة النهار (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%B1%D9%8A%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%86% D9%87%D8%A7%D8%B1).
أعماله

فيما يلي قائمة ببعض أشهر أعماله الأدبية:


عن علاقات الدائرة - رواية نشرت عام 1975
الجبل الصغير - رواية نشرت عام 1977
دراسات في نقد الشعر - كتاب نقد نشر عام 1979
أبواب المدينة - رواية نشرت عام 1981
الوجوه البيضاء - رواية نشرت عام 1981
الذاكرة المفقودة - كتاب نقد نشر عام 1982
المبتدأ والخبر - مجموعة قصصية نشرت عام 1984
تجربة البحث عن أفق - كتاب نقد نشر عام 1984
زمن الاحتلال - كتاب نقد نشر عام 1985
رحلة غاندي الصغير - رواية نشرت عام 1989
مملكة الغرباء - رواية نشرت عام 1993
مجمع الأسرار - رواية نشرت عام 1994
رواية باب الشمس (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8 %A8%D8%A7%D8%A8_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D9%85%D8%B3&action=edit&redlink=1) - نشرت عام 1998 وقد تم إنتاجها فيلماً سينمائياً من إخراج يسري نصرالله (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%8A%D8%B3%D8%B1%D9%8A_%D9%86%D8 %B5%D8%B1%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%87&action=edit&redlink=1) وتمثيل عروة نيربية (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B9%D8%B1%D9%88%D8%A9_%D9%86%D9 %8A%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%A9&action=edit&redlink=1)،هيام عباس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%87%D9%8A%D8%A7%D9%85_%D8%B9%D8%A8%D8%A7%D8%B3) ،حلا عمران (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AD%D9%84%D8%A7_%D8%B9%D9%85%D8 %B1%D8%A7%D9%86&action=edit&redlink=1)، نادرة عمران (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%86%D8%A7%D8%AF%D8%B1%D8%A9_%D8 %B9%D9%85%D8%B1%D8%A7%D9%86&action=edit&redlink=1)، عماد البيتم (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%85%D8%A7%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%A8%D9%8A% D8%AA%D9%85)، باسل خياط (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%A7%D8%B3%D9%84_%D8%AE%D9%8A%D8%A7%D8%B7)
رائحة الصابون - رواية نشرت عام 2000
يالو - رواية نشرت عام 2002
كأنها نائمة - رواية نشرت عام 2007

قراءة تحليلية لرواية: مجمع الاسرار

مقالة أحمد محمود زين الدين
تبدأ قصة الياس خوري " مجمع الأسرار " بلازمة كلامية " بدأت الحكاية " تتكرر في مستهل كل مقطع، وتعيد رواية الوقائع مجدداً على صورة حلقات حلزونية تضيق وتتسع. تستـأنـف الحكاية دائماً من جديد، او الأحرى، من زاوية اخرى، ومن زمن آخر، كأنما هـي تتوالـد وتتناسل من داخل بؤرة حكائية مستقلة عن انعكساتها الواقعية، بؤرة تكشف بقـدر ما تخفـي، وتعكس الواقع لتوهمنا به. الخبر الروائي في قصة خوري هذه، كما ســائـر اقاصيصـه، يبـدو شديد الواقعية، ولكن ما ان نفرغ منه، حتى نتبين انه كاذب، وان ما يُروى هوالكـذب في عينه. هو الإيهام بالحقيقة، وليس الحقيقة في ذاتها. " هل نعرف السر حين نستمـع الـى الكلام ؟ هل الكلام يخبر ام ينفي " (ص 84). بهذا يتفوه الراوي ـ الكاتـب، وهـذا هـو الأساس الذي يقوم عليه البناء الروائي عند الياس خوري. فالرواية لديه ليست رواية الحقيقة، انما رواية الاحتمالات، شهـوة إلى الكلام لا ترد الـى الواقع بل إلى رواية اخرى. يضعنا الكاتب دوماً في مناخ من عـدم التصديق ان ما يحدث هو الواقع، يدفعنا إلى الريبة فيما يكتبه هو، وفيما نقرأه نحن. وإذ لا حــدود بيـن المعيـوش والمتخيل، ما دامت الحكاية تحل احياناً محل الواقع، فإن رواية خـوري تقول لنا بأننا غيـر قادرين على معرفة الحقيقة. وان النص الذي بين ايدينا ليس محاولة لهزّ يقيننا بهذا الواقع الذي نسميه واقعاً. والراوي ها هنا، غير واثق من حقيقة ما يرويه. وحيث يتمـاهى الـراوي بالمؤلف لا يعود المؤلف قابضاً على زمام الموقف، وهو يضع نفسه في الموقـع المـحايـد، ويغدو واحداً من الرواة المحتملين، ومرجعاً من مرجعيات متعددة. وإذ لا يدري هل ما يرويه حدث بالفعل، او هو متخيل او مختلق، فإن اللايقينية هذه تدفعه إلى الحيرة والبلبلة التي تختلط عليه الأحداث وتشتبه الأسماء في ذهنه، فلا يميز بين ما وضعه الكاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز في " قصة موت معلن " عن حكاية سانتياغو نصار، وما يكتبه هو عن عـائلة يعقوب نصار في لبنان التي كانت تستعد للهجرة إلى كولومبيا. ويتساءل : " من كتب الرسالة ؟ ما العلاقة بين جريمة قتل حصلت في كولومبيا، وبين هذه العـائلة التي باعـت الارض فـي " عين كسرين " وكانت تستعد للهجرة النهائية إلى اميركا الجنوبية ؟ هل كان الكـاتب الكولومبي غابرييل غارسيا ماركيز يعلم حين كتب روايته " قصة موت معلن " انه يكتشف سر تلك الرسالة التي بقي غامضاً فترة طويلة، او حكاية ماركيز لا عـلاقة لها بموضوعنا، وصلتها الوحيدة به هي الأسماء التي قد تتشابه وتتكرر ؟ ". لا يعود الراوي ـ الكاتـب امام هذا الالتباس مسيطراً سيطرة كلية على فضائـه الروائـي. ولا يبقى متقلداً سلطة الكلام كصوت سردي وحيد. ثمة مسافة او هوة عميقة بـين المؤلـف ونصه. وكأنما النص يتحرر من كاتبه، ويتملص من قيوده، ويسخر من ادعاءاتـه بالقـدرة المطلقة، ويغدو الراوي ـ الكاتب جزءاً من نسيج الأحداث، خاضعاً لوطأتها، معرضاً للنسيان والشك والتضليل. ما يدفعه إلى خلخلة الفواصل بين الأزمنة والأمكنة والشخاص وبين المنـام واليقظة. وبين التمثيل والواقع. بين البريء والمجرم. ويظهر ان تبادل الأدوار، او الالتباس بين حنا السلمان (المالح) البريء، وفيكتور عواد القاتل، يمثّل صورة ناصعة عن هذا الخلط ذي البعد المأسوي. فحنا هذا الذي ارغم طوال الرواية على اداء الدور، ظـن في النهاية لشدة ما عانه انه لم يمثل دوراً، بل مارس حياة السجن كمجرم حقيقي. وحين ذهب لحضور اعـدام فيكتور عواد شعر كأنه هم من سيعدم ". حضر المحاكمة وذهب إلى حيث مثل عواد جرائمه، وكان يشعر انه من الممكن ان يكون هو. رأى المجرم الحقيقي يمثل الجرائم التي سبق لـه أن مثلها. وخاف من الحقيقة، واقتنع ان الإنسان يمكن ان يكون اي شيء، وان القضية برمتـها مجرد مصادفة " ص (169). وحيث الرواية تزيل الحد بين الواقعي والمتخيل او المحتمل، تدخـل القـارئ في دوامـة السؤال المفتوح عن المنطقة البرزخية بين هذين القطبين. واعتدنا بـما ورثنـاه من مفاهيـم وتصورات ان نفرق بينهما تفريقاً حاداً. الرواية إذن تناقض ما ألفناه وتقول ما يخالف قناعاتنا، وحيث نريد ان نقرأ ما يجلو الغموض، ويبسـط الحقائـق تطمـس الحـدود، وتحجـب، وتواري، بدل ان تبين وتكشف. تبدأ بموت (إبراهيم نصار) وتقفل او، الأحـرى، تفتـح مجدداً، (لأن كل نهاية في الرواية بداية لنقطة اخرى) على سلسلة من الأوهام والحكايـات المحيرة. بيد ان هذا الاختلاط بين الواقعي والوهمي في " مجمعغ الأسرار " لا يقلل البتة من علائقها بالحاضر او بالماضي، فالواقع في الرواية الذي يتناول، في وجه خاص، حقبة الخمسينـات، حاضر بقوة، وبكل كثافته التفصيلية اليومية، بصفته انه فترة مرجعية تضغط علـى تشكيـل المسار او المنحى الذي اتخذته الحرب الأهلية اللبنانيـة عـام 1975 في ما بعـد، غيـر ان استحضار هذا الواقع او تلك الفترة يمر من طريق الذاكرة، اي من طريـق التصفية واعـادة التركيب والمزاوجة بين الصورة الواقعية والصورة المتخيلة. كذلك يقـارب اليـاس خـوري الأحداث لا كما هي تنعكس في الذهن السلبي، وانما من خـلال اعـادة توزيعـها وتقطيعـها، وتنويع مساراتها ومستوياتها السردية، فيتمظهر الواقع لا كما كان، بل كما هو معاد إنتاجـه في نص متعدد الطبقات والكثافات. ويسعى القاص في مواضع من روايته إلى " التدخل " موضحاً مدلول تسميتة او خبـر ما، بالإحالة على كتابات واخبار صحافية، وربما وثائق تاريخية، مثل معنى اسم بلدة عين كسـور كما ورد في كتاب " معجم أسماء المدن والقرى اللبنانية " لأنيس فريحة، وحوّرها الياس خوري إلى " عين كسرين " واخبار اصلاح السجون اللبنانيـة نقلاً عن الصحـف اللبنانيـة الصـادرة عهدئذ. وكذلك استعادة احداث 1860، وتقصي حكايات المهرب الشهيـر سامـي خـوري. ووصف مراحل نزوح بعض العائلات اللبنانية من مواطنها الأصلية إلى لبنان. فالكاتـب لا يخرج روايـاته ولا ابـطاله من السيـاق التـاريخي والأحـداث العاصفة، ولا يحررهم من الإيديولوجيات الدينيـة والعصبويـة والعائليـة التي تضغط على اعناقـهم وعقولهم. فهو خصص بالحرب الأهلية اللبنانية جل رواياته واقاصيصه السابقة، وهنا فـي " مجمع الأسرار " وإن لم يضوئ على الحرب الأهلية 75، مثلما درج في رواياته السابقـة، فإن تحديد زمن الرواية ومن الصفحة الأولى بالسادس من كانون الثاني 1976 والعودة المتكررة إلى احداث 1860 لا يخلوان من دلالة ارتباط وثيق تجمع الحربين في سياق واحد، ويجعلان من الحرب الأخيرة فرعاً من جذع او بنية من العلاقات السلطوية المتجذرة في تـاريـخ لبنان. وتغدو حكاية الحرب الأخيرة حكاية محتملة الحدوث في كل آن. " كيف سيؤرخ المؤرخون لتلك العشيـة، هل بـدأت الحرب عـام 75، او عـام 73 او 68، او عـام 67 او عــام 58 او عـام 1860 ؟. " لا ادري كل العشيات تصلح ان تكون عشية لتلك الحرب الطـويلة التي دمرت كـل شيء " ص (185). والقاص في ما يكتب ينحو إلى الكشف عن الشروخ في قلب العلائق الاجتماعية والسياسية، ولا يتوانى في إظهار الثقوب في الجسد السياسي، عبر إدانته الجهاز القمعي للدولة التي عذبت بريئاً مثل حنا سلمان في السجن، حتى اوصلته إلى حافة الإعـدام والجنـون، وغضـت النظـر او تواطأت مع مهرب عالمي مثل سامي خوري. كذلك يعرض بالسلك الكهنوتي عندما يرتشي الكاهن، فيدفن الميت دون اجراء الطقوس المفروضة دينياً. وفي روايته يعنى الكاتب بموضوع الغربة داخل الوطن وخارجه، كما بأمور واقعية أخرى. هذا " الحضور " التاربخي والواقعي الملموس في الرواية لا يمكن مقاربته مباشرة، كما لو أننا نقرأ رواية واقعية، إذا جاز اليوم هذا التصنيف الجازم، بل ان الكاتب لا يقدم طبقاً واقعيـاً جاهزاً، ولا موضوعاً ممتكاملاً. وان غزل قصته من خيوط الواقع فهو يبعثـرها ويشبكـها، يشظي حكاياته، ويكسر زمنه. ويبدد موضوعاته، وان ثمة من علاقة بين الكاتـب والقـارئ فهي علاقة متباينة. حيثما يسعى الكاتب إلى التفتيت والتقويض والهدم، ينهض القارئ بأعبـاء الردم والتركيب والبناء، ووصل ما انقطع، وجمع ما تشتت. كذلك شأن وحدة موضوع الرواية، فثمة احداث او بؤر حكائية تتمحور حول شخصيـات، مثل حنا وابراهيم ونورما وسارة وسامي خوري وفيكتور عواد وجوليا وعباس ومنير واحمد. ووقائع محددة : موت إبراهيم، سجن حنا، اختفاء نورما. إلا ان سمة هذه البؤر او الأحداث : الاحتمالية والتعددية، وتكرارها الحلزوني، وقابـلية وقوعها على أكثر من وجـه وصورة. الرواية ذات مراكز متعددة، ولكل مركز او بؤرة حكائيـة خصوصيتـها ودلالاتـها الذاتيـة المستقلة من جهة، لكنها من جهة اخرى متعلقة، دون العلاقة العضويـة، بالنسق التخييـلي السائد والمهيمن على مجمل الفضاء الروائي العام. ومتداخلـة بأصـل او اصـول حكائيـة مفترضة، وبمفاصل زمنة ومكانية، وعناصر تعريفية دقيقة. واللافت في رواية الياس خوري انسجاماً مع تعدد المراكز والبؤر الحكائية، غياب البـطل " المركزي " الأوحد ازاء البطولة المتعددة والمتنوعة، وان بدا احياناً ان الضوء يسلط علـى حنا السلمان، فإن مأسوية مصيره هي التي توحي بهذا. وشخصيات هذه الرواية ليست مختلفة عن سائر شخصيات خوري في رواياته الأخرى. ببعدها عن النمطية والنموذجيـة والقولبـة، واقترابها من المواقع الشعبية المهمشة، ومن المعاناة المعيشية اليومية التي تطحـن اجسـادها وعقولها وتشوه نفوسها وتعبث بمصائرها. شخصيات في قلب السياق التاريخي وخارجـه فـي آن، لأنها منهمكة بترتيب شؤونها الصغيرة ونزواتـها التافهـة، ومحاصرة بعقـدها النفسيـة " نورما " المترددة، المازوخية، و" سارة " العانـس، و" جوليـا " المتوهمـة. إلى " حنـا " الغريب، و" إبراهيم "، المتوحد والمحبط. كذلك تتراجع اللغة الحوارية في " مجمع الأسرار " إلى درجة من العامية، والسـوقية احياناً، فتنم عند الشخصيات بالنوازع والنزوات الدفينة المتحللة من إهـابها الاجتماعي، والمعبرة عـن عمقها الباطني الحار

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:49 PM
Elias Khoury

(Arabic (http://www.mnaabr.com/wiki/Arabic_********): إلياس خوري‎) (born 12 July 1948, Beirut (http://www.mnaabr.com/wiki/Beirut)) is a Lebanese (http://www.mnaabr.com/wiki/Lebanon) novelist, playwright, critic and a prominent public intellectual. He has published ten novels, which have been translated into several foreign ********s, as well as several works of literary criticism. He has also written three plays. Between 1993 and 2009 he served as editor of Al-Mulhaq, the weekly cultural supplement of the Lebanese daily newspaper Al-Nahar (http://www.mnaabr.com/wiki/Al-Nahar).

<b>Life and career as academic, critic and editor

Elias Khoury was born into a middle-class family in the predominantly Christian Ashrafiyye (http://www.mnaabr.com/wiki/Ashrafiyye) district of Beirut (http://www.mnaabr.com/wiki/Beirut). In 1967, as Lebanese intellectual life was increasingly becoming polarised, with the opposition taking on a radical Arab nationalist and pro-Palestinian hue, Khoury travelled to Jordan where he visited a Palestinian refugee camp and then enlisted in Fatah (http://www.mnaabr.com/wiki/Fatah), the largest resistance organisation in the Palestinian Liberation Organisation (http://www.mnaabr.com/wiki/Palestinian_Liberation_Organisation). He left Jordan in 1970 after the Palestinian guerrilla forces in the kingdom were crushed in Black September (http://www.mnaabr.com/wiki/Black_September_in_Jordan) and travelled to Paris (http://www.mnaabr.com/wiki/Paris) to continue his studies. There he wrote a dissertation on the 1860 Lebanon conflict (http://www.mnaabr.com/wiki/1860_Lebanon_conflict). After returning to Lebanon, he became a researcher with the Palestine Liberation Organization (http://www.mnaabr.com/wiki/Palestine_Liberation_Organization)'s research centre in Beirut. He took part in the Lebanese civil war (http://www.mnaabr.com/wiki/Lebanese_civil_war) that broke out in 1975, and was seriously injured, temporarily losing his eyesight.
Khoury's first major involvement on the Arab literary scene was as a member of the editorial board of the journal Mawaqif, which he joined in 1972. Other members included Adonis (http://www.mnaabr.com/wiki/Ali_Ahmad_Said), Hisham Sharabi (http://www.mnaabr.com/wiki/Hisham_Sharabi) and, somewhat later, Palestinian national poet Mahmoud Darwish (http://www.mnaabr.com/wiki/Mahmoud_Darwish). Of this group, Khoury later remarked that it was important, but marginal: "We were neither on the liberal right nor on the classical left. Intellectually speaking, we were very much linked to the Palestinian experience."[1] (http://www.mnaabr.com//en.wikipedia.org/wiki/Elias_Khoury#endnote_web1)
From 1975 to 1979 he was editor of Shu'un Filastin (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=Shu%27un_Filastin&action=edit&redlink=1) (Palestinian affairs), collaborating with Mahmoud Darwish, and from 1981 to 1982 editorial director of Al-Karmel (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=Al-Karmel&action=edit&redlink=1). From 1983 to 1990 he was editorial director of the cultural section of Al-Safir (http://www.mnaabr.com/wiki/Al-Safir). He has been editor of Al-Mulhaq, the cultural supplement of Al-Nahar (http://www.mnaabr.com/wiki/Al-Nahar), since its reappearance after the end of the civil war.
He has taught in Columbia University (http://www.mnaabr.com/wiki/Columbia_University), New York (http://www.mnaabr.com/wiki/New_York), in the American University of Beirut (http://www.mnaabr.com/wiki/American_University_of_Beirut), the Lebanese University (http://www.mnaabr.com/wiki/Lebanese_University), the Lebanese American University (http://www.mnaabr.com/wiki/Lebanese_American_University) and New York University (http://www.mnaabr.com/wiki/New_York_University).
[Literary works

Elias Khoury's first novel was An 'ilaqat al-da'ira, 1975. It was followed in 1977 by the highly successful The Little Mountain, set during the Lebanese civil war, which Khoury initially saw as a catalyst for progressive change. Other well-known works include The Journey of Little Gandhi, about a rural immigrant to Beirut who lives through the events of the civil war, and Gate of the Sun, 2000. An epic re-telling of the life of Palestinian refugees in Lebanon (http://www.mnaabr.com/wiki/Lebanon) since the Nakba (http://www.mnaabr.com/wiki/Nakba) of 1948, Gate of the Sun also subtly addresses the ideas of memory, truth and story-telling. It has been made into a film (http://www.mnaabr.com/wiki/Film) by Egyptian (http://www.mnaabr.com/wiki/Egypt) director (http://www.mnaabr.com/wiki/Film_director) Yousry Nasrallah (http://www.mnaabr.com/wiki/Yousry_Nasrallah).
Interviewed for the Israeli (http://www.mnaabr.com/wiki/Israel) newspaper Yediot Aharonot (http://www.mnaabr.com/wiki/Yediot_Aharonot) after the appearance of the Hebrew translation of the novel, Khouri remarked:
...when I was working on this book, I discovered that the “other” is the mirror of the "I." And given that I am writing about half a century of Palestinian experience, it is impossible to read this experience otherwise than in the mirror of the Israeli “other.” Therefore, when I was writing this novel, I have put a lot of effort into trying to take apart not only the Palestinian stereotype but also the Israeli stereotype as it appears in Arab literature and especially in the Palestinian literature of Ghassan Kanafani, for example, or even of Emil Habibi. The Israeli is not only the policeman or the occupier, he is the "other," who also has a human experience, and we need to read this experience. Our reading of their experience is a mirror to our reading of the Palestinian experience.
Khoury's most recent novel, Yalo, was controversial as it depicted a former militiaman accused of crimes during the civil war and portrayed the use of torture (http://www.mnaabr.com/wiki/Torture) in the Lebanese (http://www.mnaabr.com/wiki/Lebanon) judicial system.
Khoury's novels are notable for their complex approach to both political themes and more fundamental questions of human behaviour. His narrative technique often involves an interior monologue, at times approaching a stream of consciousness. In recent works he has tended to use a considerable element of colloquial Arabic, although the ******** of his novels remains primarily Modern Standard Arabic (http://www.mnaabr.com/wiki/Modern_Standard_Arabic), which is also called Fusha. This use of dialect forms adds to the credibility and immediacy of the narratorial voice. While use of dialect in dialogue is relatively common in modern Arabic literature (for example, in the work of Yusuf Idris (http://www.mnaabr.com/wiki/Yusuf_Idris)), Khoury introduces it into the main narrative, an unusual step although one clearly associated with the narrative technique of his works.
Elias Khoury's works have been translated into English (http://www.mnaabr.com/wiki/English_********), French (http://www.mnaabr.com/wiki/French_********), German (http://www.mnaabr.com/wiki/German_********), Hebrew (http://www.mnaabr.com/wiki/Hebrew_********), Portuguese (http://www.mnaabr.com/wiki/Portuguese_********), Italian (http://www.mnaabr.com/wiki/Italian_********), Catalan (http://www.mnaabr.com/wiki/Catalan_********), Norwegian (http://www.mnaabr.com/wiki/Norwegian_********), Spanish (http://www.mnaabr.com/wiki/Spanish_********), Swedish (http://www.mnaabr.com/wiki/Swedish_********) and Dutch (http://www.mnaabr.com/wiki/Dutch_********)[1] (http://www.mnaabr.com/vb/#cite_note-0).
[Recent political engagement

Al-Mulhaq, under Khoury's editorship, became the "tribune of opposition"[3] (http://www.mnaabr.com//en.wikipedia.org/wiki/Elias_Khoury#endnote_Qassir1) to controversial aspects of the post-Civil War reconstruction of Beirut led by businessman and politician Rafiq al-Hariri (http://www.mnaabr.com/wiki/Rafiq_al-Hariri). The destruction of surviving elements of the city's architectural heritage in the Burj area and the old Jewish quarter of Rue Ouadi Abou Jamil aroused particular opposition.
In March 2001 Khoury signed a statement along with 13 other Arab intellectuals (including Mahmoud Darwish (http://www.mnaabr.com/wiki/Mahmoud_Darwish), Samir Kassir (http://www.mnaabr.com/wiki/Samir_Kassir) and Adonis (http://www.mnaabr.com/wiki/Ali_Ahmad_Said)), opposing the holding of a Holocaust denial (http://www.mnaabr.com/wiki/Holocaust_denial) conference in Beirut, a statement which was praised in the newspaper Le Monde (http://www.mnaabr.com/wiki/Le_Monde) by the Israeli (http://www.mnaabr.com/wiki/Israel) ambassador (http://www.mnaabr.com/wiki/Ambassador) to France (http://www.mnaabr.com/wiki/France). Khoury responded angrily to the ambassador's remarks, pointing to the Israeli repression of the Palestinian intifada (http://www.mnaabr.com/wiki/Al-Aqsa_intifada).
Khoury, along with Samir Kassir (http://www.mnaabr.com/wiki/Samir_Kassir) and other intellectuals and political activists, was involved in the establishment of the Democratic Left Movement (http://www.mnaabr.com/wiki/Democratic_Left_Movement_%28Lebanon%29).
[List of works

Titles are given in English where a translation has been published, and otherwise in Arabic. Dates are of the appearance of the original Arabic work.


'an 'ilaqat al-da'irah, 1975 (novel)
The Little Mountain, 1977 (novel) (translated by Maia Tabet (http://www.mnaabr.com/wiki/Maia_Tabet))
Dirasat fi naqd al-shi'r, 1979 (criticism)
The Gates of the City, 1981 (novel) (translated by Paula Haydar (http://www.mnaabr.com/wiki/Paula_Haydar))
White Masks' , 1981 (novel) (translated by Maia Tabet)
Al-dhakira al-mafquda, 1982 (criticism)
Al-mubtada' wa'l-khabar, 1984 (short stories)
Tajribat al-ba'th 'an ufq, 1984 (criticism)
Zaman al-ihtilal, 1985 (criticism)
The Journey of Little Gandhi, 1989 (novel) (translated by Paula Haydar)
The Kingdom of Strangers, 1993 (novel) (translated by Paula Haydar)
Majma' al-Asrar, 1994 (novel)
Gate of the Sun 1998 (novel) (translated by Humphrey Davies (http://www.mnaabr.com/wiki/Humphrey_Davies))
Ra'ihat al-Sabun, 2000 (novel)
Yalo, 2002 (novel; Best Translated Book Award (http://www.mnaabr.com/wiki/Best_Translated_Book_Award) 2009 short-list; available in two translations by Humphrey Davies and Peter Theroux (http://www.mnaabr.com/wiki/Peter_Theroux))
As Though She Were Sleeping, 2007 (novel) (translated by Marilyn Booth (http://www.mnaabr.com/wiki/Marilyn_Booth)

</b>

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:50 PM
مقابلة احمد الزين مع الياس خوري على العربية وفيها يتضح حضور الكارثة والمآسي والحروب والموت في طفولة وحياة الياس خوري.

http://rawafednet.blogspot.com/2011/...post_5442.html (http://rawafednet.blogspot.com/2011/04/blog-post_5442.html)

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:50 PM
الياس خوري

للاسف لا يوجد تفاصيل دقيقة عن طفولة الياس خوري. ويبدو ان كل السير الذاتية المكتوبة عنه تقفز من ذكر سنة الولادة الى انضمانه للعمل الفدائي.
- ولد عام 1948 وكان قريب من مخيمات اللجوء والتشرد الذي عاناه الفلسطينيون.
- هزيمة 1967 كانت كارثه هزت وجدانه ودفعته للانضمام للعمل الفدائي حيث عاش في الغربية.
- انضم الى العمل الفدائي ثم شارك لاحقا في الحرب الاهلية اللبانية واصيب في تلك الحرب حتى انه فقد البصر مؤقتا.
- رائعته تحكي قصة اللجوء الفلسطيني في لبنان منذ عام 1948 وهي سنة مولده وفي ذلك ما يشير الى اثر تلك الكارثه عليه فانعكس ذلك الاثر عملا روائيا رائعا.
- ما يميز روايات الياس خوري هو معالجتها المعقدة للافكار السياسية والتصرفات الانسانية العميقة، وغالبا ما تميل رواياته لتحكى باسلوب التفريغ الذاتي internal monolgue او التداعي الحر .


سنعتبره عاش حياة ازمة كونه ولد سنة النكبة وصدم من هزيمة 67 ..ثم شارك في الحروب واصيب في احدها الى حد فقده للبصر...

مأزوم

==
للاطلاع على سر الروعة في اعظم الروايات العالمية تفضل بزيارة الرابط التالي:

http://www.mnaabr.com/vb/showthread.php?t=5829&page=38

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:50 PM
43- الحي اللاتيني سهيل ادريس (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B3%D9%87%D9%8A%D9%84_%D8%A7%D8 %AF%D8%B1%D9%8A%D8%B3&action=edit&redlink=1)لبنان


الحي اللاتيني
الحيّ اللاتيني، كانت صورته المتخيلة تملأ أفكاره ومشاعره، فتضرب دون كل ما سواها غشاوة كثيفة، ولقد مرّ بشوارع مرسيليا، ولكنه لم يرها، وقضى فيها يومه كاملاً، ولكنه لم يحسها، وأنفق أربع عشرة ساعة في القطار، أورثت في صدره ضيقاً شديداً، ولكنه نسي كلّ شيء إذ دخل القطار "محطة ليون" عما قليل، سيكون في الحي اللاتيني، سيتحقق الحلم المستحيل، بعد ردح قصير، ستبدأ الحياة التي ما انفك يعيشها في الخيال، منذ أن تهيأت له أسباب السفر إلى باريس، إنكم الآن في الحي اللاتيني، في روايته هذه استطاع "سهيل إدريس" أن يجعل النفس الإنسانية مسرحاً لصراع بين بيروت وباريس، بين الشرق والغرب، الشرق بأديانه وأخلاقه وتقاليده وصموده ورغبته في التحرر، والغرب بحريته وتقدمه وثقافته ونزعته الاستعمارية أيضاً
استطاع سهيل إدريس أن يجعل النفس الإنسانية مسرحاً لصراع بين بيروت وباريس، بين الشرق والغرب، الشرق بأديانه وأخلاقه وتقاليده وصموده ورغبته في التحرر، والغرب بحريته وتقدمه وثقافته ونزعته الاستعمارية أيضاً
==
نص رواية الحي اللاتيني:
http://dar.bibalex.org/webpages/mainpage.jsf?PID=DAF-Job:86473&q=



==
الحي اللاتيني
إن عنوان الرواية هو الحي اللاتيني، وهو عنوان كلاسيكي صيغ في تركيب وصفي اسمي، خبره المتن الروائي ككل. ويشير العنوان إلى المكون المكاني الذي تجري فيه الأحداث الرئيسة في الرواية. والحي اللاتيني حي الطلبة الذين يأتون إلى فرنسا من كل أصقاع العالم لطلب العلم ومتابعة الدراسات العليا الجامعية قصد تحضير شهادة الليسانس أو الدكتوراه, ويحاذي هذا الفضاء العلمي جامعة السوربون بباريس. كما أن هذا المكان يأوي الطلبة المغتربين بفنادقه ومطاعمه ويتحول إلى أندية للنقاش السياسي والاجتماعي والفكري أو ملتقى إنساني وحضاري متنوع لتعدد مشارب الطلبة على المستوى اللغوي والعقائدي، وفضاء رومانسي وغرامي يؤثث العلاقات بين الجنسين، كما يشكل صورة واضحة للعلاقة بين الشرق والغرب.
عتبة الجنس:
يمكن إدراج هذه الرواية ضمن الرواية الحضارية التي تصور العلاقة الجدلية بين الشرق والغرب أو بين الشمال والجنوب، أي أن الرواية الحضارية هي التي تصور العلاقة بين الأنا والآخر أو اللقاء الحضاري بين الشرق بعاداته ودياناته ومعطياته الروحية وبين الغرب بمعطياته المادية والعلمية والتكنولوجية. وقد تكون هذه العلاقة بين الأنا والآخر علاقة إيجابية قائمة على التواصل والتعايش والحوار والتكامل والأخوة والاحترام، وقد تكون العلاقة مبنية على الصراع الجدلي والعدوان والكراهية والصدام. والحي اللاتيني رواية من هذه الروايات الحضارية التي تعقد مقارنة حضارية بين الشرق والغرب، كما يمكن اعتبارها كذلك سيرة ذاتية للمؤلف الدكتور سهيل إدريس لتطابق أحداث الرواية مع سيرة الكاتب من الناحية العلمية والاجتماعية والهوية الثقافية والأدبية...ويمكن اعتبارها سيرة ذهنية على غرار سيرة عبد الله العروي أوراق والأيام لطه حسين وحياتي لأحمد أمين... مادامت تركز على المعطى العلمي والثقافي وما حصله البطل من شواهد علمية وما قرأه من كتب وما قام به من علاقات غرامية وثقافية وإنسانية.
وليست هذه الرواية هي الرواية الحضارية الوحيدة بل هناك روايات أخرى ظهرت منذ القرن التاسع عشر مع صدمة الاستعمار وطرح المفكرين والمبدعين لذلك السؤال الحضاري الجوهري الكبير: لماذا تقدم الغرب وتأخر الشرق؟
ومن النصوص السردية والروائية الحضارية نجد:
تخليص الإبريز في تاريخ باريز لرفاعة الطهطاوي(1834)؛
علم الدين لعلي مبارك( 1836)؛
حديث عيس بن هشام للمويلحي( 1905)؛
أديب لطه حسين(1935)؛
عصفور من الشرق لتوفيق الحكيم (1938)
الحي اللاتيني لسهيل إدريس(1953)
قنديل أم هاشم ليحيى حقي(1954)؛
موسم الهجرة للشمال للطيب صالح(1966)
شرق المتوسط لعبد الرحمن منيف(1975).
4- المعمار الروائي:
للحي اللاتيني معمار روائي يذكرنا بالأبحاث الأكاديمية والرسائل والأطروحات الجامعية، إذ قسم الكاتب روايته إلى ثلاثة أقسام وتمهيد وخاتمة على غرار المصنفات والدراسات الأدبية والنقدية والفكرية. وهذا المعمار كان لا يستعمل بكثرة في الإبداع سواء أكان شعرا أم رواية أم قصة. وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى تأثر الكاتب سهيل إدريس ببحوثه ودراساته الأدبية والنقدية والمترجمات التي كان ينجزها. و يتكون كل قسم من مجموعة من الفصول المرقمة دون أن يسميها فصولا. ويمكن توضيح المعمار الروائي على الطريقة التالية:
تمهيد: ثلاث صفحات تقريبا.
القسم الأول: 12 فصلا أو مبحثا قصصيا.
القسم الثاني: 11 فصلا أو مبحثا روائيا أو قصصيا.
القسم الثالث: 11 فصلا أو مبحثا روائيا أو قصصيا.
الخاتمة: ثلاث صفحات تقريبا.
ويلاحظ أن الكاتب أحسن تقسيم روايته لوجود تعادل وتواز كمي بين الأقسام و بشكل نسبي بين المباحث والفصول.
ومن حيث الدلالة يمكن حصره في الشكل التالي:

التمهيد :وصول الكاتب وأصدقائه إلى الحي اللاتيني بباريس
القـــــسم الأول إخفاق بطل الحي اللاتيني في باريس وجدانيا وعاطفيا وتعرفه على جانين مونترو
القسم الثاني العلاقة التي كانت تجمع بين البطل وجانين مونترو وعودته إلى بيروت لزيارة أهله
القسم الثالث تطور العلاقة الموجودة بين جانين والبطل بسبب الاختلاف الحضاري بين الشرق والغرب وقرار جنين التخلص من جنينها الذي تركته مع البطل
خاتمة عودة البطل إلى بلده بعد حصوله على الشهادة العليا وقراره أن يبدأ حياة نضالية جديدة
4- عتبة الأيقون:
إن الطبعة التي نعتمدها في دراستنا هاته هي الطبعة الحادية عشرة "1995" الصادرة عن دار الآداب البيروتية التي أسسها سهيل إدريس نفسه مع نزار القباني. ويحمل غلافها الخارجي ثلاث لوحات أيقونية: لوحة باريس الداكنة في فصل الشتاء، ولوحة نهر السين الذي يعبر باريس، ولوحة امرأة شقراء جميلة شبه عارية. وهذه اللوحات تلمح إلى الحب والجنس والمغامرات والفضاء الباريسي بعمرانه و مؤسساته وطبيعته الوارفة الغناء.
5- عتبة النشر:
لقد تم طبع هذه الرواية في دار الآداب البيروتية التي تنشر مجلة الآداب المعروفة التي كانت وإلى الآن منبر للحداثة والتجديد والريادة، وهذه الدار سهرت على طبع الكثير من الأعمال الإبداعية التي سوقتها عربيا وعالميا وحققت نجاحا كبيرا.
ومن يتأمل هذه الرواية يجد أنها وصلت إلى أكثر من الطبعة الحادية عشرة، وهذا يعني أن لها رواجا كبيرا حيث طبع منها آلافا وآلافا من النسخ " أكثر من 700000نسخة"، وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على مدى جودة هذه الرواية وشهرتها في العالم العربي، وبسبب ما خصص لها من إشهار إعلامي ودراسي.
6- عتبة كلمات الغلاف:
في الغلاف الخارجي الخلفي لرواية الحي اللاتيني مجموعة من الكلمات الانطباعية والآراء النقدية التي تقيم الرواية وتنقدها، وكلها تصب في تقريضها ومدح صاحبها على ما حققه من روعة فنية فيها. ومن هؤلاء نجد: ميخائيل نعيمة ونجيب محفوظ وشاكر مصطفى وأحمد كمال زكي ويوسف الشاروني وعبد الله عبد الدائم.
ب- المكونات القصصية:
المتن الحكائي:
تصور هذه الرواية العلاقة بين الشرق والغرب من خلال المرأة باعتبارها هي المحك الأساسي لهذه العلاقة والرمز الإنساني الذي سيحكم على هذا التواصل الحضاري بين الأنا والآخر. فبطل الحي اللاتيني هو الأنا أو الشرق، وجانين مونترو هي بمثابة رمز للآخر أو الغرب. إذا، كيف ستكون طبيعة العلاقة بين هاتين الشخصيتين الرئيسيتين في الرواية؟ هل ستكون علاقة إيجابية أم سلبية؟ وما أساس هذه العلاقة ومنظورها الفلسفي؟
يبدأ الكاتب باستهلال روائي يحدد الشخصيات المحورية في الرواية: البطل وعدنان وصبحي الذين غادروا لبنان متجهين إلى فرنسا من أجل استكمال دراساتهم العليا وتحضير الدكتوراه، وكل هذا على نفقة وزارة المعارف اللبنانية. بيد أن الشخصية الدينامية هي شخصية البطل التي استقر بها المقام بعد وصولها إلى باريس في الحي اللاتيني لتكون قريبة من جامعة السوربون. وقد نزل هذا البطل عاصمة الجن والملائكة من أجل تسجيل رسالة الدكتوراه في الشعر العربي الحديث تحت إشراف أساتذة فرنسيين ومستشرقين يدرسون في السوربون.
وبعد الاستقرار في الفندق، انطلق أصدقاء البطل للارتماء في أحضان الحرية والخمرة والرقص والمجون والاستهتار والجنس بعد أن هربوا من قيود أعراف مجتمعهم وتقاليده التي جعلتهم يعانون من الحرمان والكبت. و أصبحت الأنثى لعدنان وصبحي ملاذا وجوديا ومصيرا إنسانيا ضروريا في هذا الاغتراب الذاتي والمكاني. لكن بطلنا انطوى على نفسه وانزوى في حجرته يسترجع الماضي وأصدقاءه في بيروت وعشيقته ناهدة. وعاش البطل فترة من التردد والانجذاب بين بيروت وباريس، بيروت الماضي والتقاليد الصارمة وباريس الحاضر وحرية الانعتاق. وأحس بعد ذلك بالإخفاق والفشل في الحصول على ماكان يتمناه ألا وهو الوصول إلى أنثى شقراء للتواصل معها وجدانيا وعاطفيا على غرار أصدقائه العرب ولاسيما أحمد وربيع وفؤاد وصبحي وعدنان:" تبحث عنها... عن المرأة...تلك هي الحقيقة التي تنساها...بل تتجاهلها. لقد أتيت إلى باريس من أجلها. والآن، أرأيت أنك كنت مخدوعا عن نفسك، ساعة كنت تتصور أنهن كثيرات، هنا، وأنه يكفيك أن تسير في الطريق، ليتهافتن عليك، ويحدثنك حديث الهوى؟"1 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&amp;bodyPart=6&tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&amp;view=a&head=b&ViewAttach=1&Idx=11#02000001).
وقرر بطل الحي اللاتيني أن ينطلق مستبيحا ماهو محرم في بلده، يقتنص لذات الحب والجنس مع مومس الرصيف ويلامس ساق الفتاة الشقراء في قاعة السينما ويسأل هذه ويطارد الأخرى كدون جوان أو زير النساء. ولكن علاقاته في البداية كانت فاشلة أساسها الخيبة والانتظار والملل والإخفاق على غرار شخصية إدريس في رواية أوراق لعبد الله العروي. ولم يأت البطل إلى باريس إلا للبحث عن المرأة العارية للارتواء الجنسي بعد أن ذاق الحرمان والمنع والكبت السياسي والاجتماعي على شاكلة بطل الطيب صالح في روايته موسم الهجرة إلى الشمال الذي هاجر بلده السودان إلى لندن لينتقم من انجلترا التي استعمرت بلده جنسيا. إنه هروب من شرق التقاليد وطقوس الخوف والقهر إلى غرب الحرية واللذة الشبقية لا للانتقام من فرنسا المستعمرة بل للتحرر الشبقي والوجودي:" أسبوع طويل ينقضي، وفي جسدك نار تلتهب، وفي مخيلتك ألف صورة وصورة لنساء عاريات، متمددات على السرر، يلسعن فكرك وجسمك بألف لسان من نار. لا، لا تحاول أن تحتج أو تنكر. أجل شرقك ذلك، لم يغرك بالهرب منه سوى خيال المرأة الغربية، سوى اختفاء المرأة الشرقية في حياتك، إلا أن تطل في بسمة لا تزيد الحرمان إلا حرمانا، أو أن تشعرك بوجودها بلمسة تائهة، خائفة، بعيدة، تملأ ذاتك بمئة عقدة، وتميت فيك ثقتك برجولتك، أو أن تسعى أنت إليها حين تشعر تارة بالغربة الروحية مع امرأة لا تعطيك إلا جسدا فيه برودة الثلج، وطورا بالاشمئزاز والغثيان يتنافس في خلقهما عشرة أسباب على الأقل...هكذا عرفت المرأة في شرقك، فعرفت الخوف والحرمان والكبت والشذوذ والانطواء والخيال المريض. عرفت الخيال على أي حال، فكان لك فيه منجى من نفسك وجوك ومحيطك ومجتمعك. وقد أمسك هذا الخيال بذهنك، فقاده إلى البعيد الذي خلقت إطاره في وجدانك فصول من الكتب، أو من مغامرات صديق..." 2 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&bodyPart=6&amp;tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&view=a&amp;head=b&ViewAttach=1&Idx=11#02000002)2.
وبعد أيام وأيام من العبث واللهو والمجون، تعرف البطل فتاة شقراء في مقتبل العمر، حسناء من الألزاس هي جانين مونترو كانت تقطن معه بالفندق الذي كان يسكنه هذا الشاب الشرقي. فكانت بينهما ابتسامات الجوار، فتحولت إلى مطاردة ثم انتهت بالحب الرومانسي الذي أعقبه الارتواء الجسدي. فصارت العلاقة بينهما علاقة وفاء وصدق والتزام حتى أصبح كل واحد منهما لا يستطيع الفراق عن الآخر. عاشا أياما حلوة وممتعة بين قاعات السينما ومسارح باريس، وبين المقاهي والمطاعم، وبين الحانات والمراقص الليلية، وكانت جانين جسدا فاتنا ووجها جذابا يثير أنظار الآخرين. وقد أشاد بها زملاؤه ولاسيما فؤاد صديقه الوفي والعزيز لديه الذي كان شريكا لفرانسواز. وإذا كانت المرأة للبطل هدفا أساسيا فإنها بالنسبة لفؤاد وسيلة للنضال الوطني والقومي، فقضيته أكبر من المرأة، فأمته في حاجة إليه لتحريرها من شرنقة الاستعمار والتخلف والاستبداد؛ لذلك سيتصادم مع فرانسواز التي كانت تدافع عن الاستعمار الفرنسي، بينما فؤاد يرفض موقفها العنصري الذي لا ينسجم مع حقوق الإنسان وحق الشعوب في تقرير مصيرها وما دعت إليها الثورة الفرنسية. لذلك سيغادرها فؤاد عائدا إلى بلده لتشييع والده والبقاء هناك من أجل النضال القومي.
ومع مرض الأم، اضطر البطل أن يغادر باريس للتوجه إلى بيروت لقضاء العطلة الصيفية ريثما يعود في السنة الجامعية المقبلة لتكون آخر سنة لمناقشة أطروحته الجامعية نظرا لكثرة النفقات التي لايمكن لوزارة المعارف اللبنانية أن تتحملها إذا طالت مدة إقامته في فرنسا. وكان هذا السفر بالنسبة لجانين مأساة مؤلمة أثار فيها فكرة التفاوت الحضاري بين الشرق والغرب على الرغم من انبهارها بالشرق الروحاني وسحره الطبيعي الرائع وصحرائه المشمسة الفيحاء وتعاطفها مع العرب وثورتها على بلدها: فرنسا الاستعمارية. ولم تستطع أن تمنع جانين عشيقها الشرقي من السفر مادامت أمه تلح على رؤيته قبل أن تودع الحياة.
وبعد وصوله إلى بيروت، أحس البطل بالغربة والملل والضيق بسبب ابتعاده عن باريس وحبيبته جانين التي كانت ترسل إليه عدة رسائل وكان آخرها تخبره بأن له ابنا وهو جنين في بطنه وعليه أن يحسم في اختياره وأن يحدد مصير علاقتهما. وتحت ضغوطات أمه وأخته، اضطر البطل أن ينكر هذا المولود الذي قد يكون ثمرة علاقات مشبوهة مع الآخرين ولاسيما خطيبها هنري الذي فض بكارتها في بداية الأمر. ولكن جنين اتخذت موقفا نزولا عند رغبة عشيقها فأجرت عملية جراحية لإسقاط الجنين، وعانت في ذلك المرارة والألم الشديد وتغيرت صحتها وأصبحت بعد ذلك فقيرة معدمة ليس لها من يعيلها ولا عمل يساعدها على مواجهة أعباء الحياة مادامت لم تسطع الحصول على شهادة في معهد الصحافة الذي كانت تدرس فيه.
وعندما عاد بطل الحي اللاتيني إلى باريس، وبخه فؤاد لأنه لم يلتزم بالحرية ولم يكن في مستوى المسؤولية، كما عاتبته مذكرات جانين ورسائلها التي اعتبرت نفسها فيها عائقا كبيرا أمام طموح هذا الشرقي الذي ظفر بشهادة الدكتوراه ، وبحبها الصادق الذي ضحت من أجله لكي يدوم ويثمر ويبقى حيا طوال حياتهما. واستلقت جانين في كهف سان جيرمان لمعانقة أفكار سارتر في التحرر من المسؤولية والانسياق وراء الاختيار الوجودي والبحث عن المصير الإنساني المفضل. لقد أصبحت شخصية وجودية فقدت الثقة في القيم والإنسان ومعايير الحياة التي يقننها العقل والمنطق.
لم يستطع البطل أن ينسلخ عن شرقه وجذوره وما نشأ عليه من أعراف وتقاليد، وقد استوعبت جانين هذا الاختلاف الحضاري جيدا على الرغم من أن عشيقها قرر أن يتزوج منها بعد أن عاتبه ضميره الحي وأراد أن يقتاد بفؤاد وأن يكون مسؤولا وملتزما بدوره الوجودي. إنه صراع بين القيم الروحية والقيم المادية، صراع بين الدين والإلحاد، وصراع بين الأخلاق والإباحية، وصراع بين الرجولة الشرقية والأنوثة الغربية، وقد يعكس هذا الصراع التفاوت الحضاري بين غرب التقدم والتكنولوجيا والعلم وشرق التخلف والخرافات كما عكست ذلك رواية قنديل أم هاشم ورواية توفيق الحكيم: عصفور من الشرق. إذا، صدام اجتماعي وأخلاقي وحضاري، وهذا ما تعبر عنه جانين في مذكراته إلى فتاها الأسمر الشرقي بعد أن رفضت الزواج من فتاها بسبب القيود الاجتماعية والفكرية والعقائدية بين الشرق والغرب:" أنا الآن على يقين من أن اجتماعنا أمس، في غرفتي المسكينة، فرض علي فرضا أن أرد فكرة الاقتران بك. لقد اجتمعت أمس بإنسان لا أعرفه. بشاب أنكرته، وكأنني ما لقيته من قبل قط. كان شعوري بعد أن تركتني يا حبيبي. لقد استعدت ما حدثتني به عن المستقبل، وعن آمالك، وعن حياة الصراع الذي أنت مدعو إلى أن تعيشها في بلادك، فوجدت أن دنياك التي تحلم بها أوسع وأعظم من أن يستطيع الثبات فيها شخص ضعيف مثلي. إنك الآن تبدأ النضال، أما أنا فقد فرغت منه، ومات حس النضال في نفسي. لقد عجزت أن أقاوم أطول مما قاومت، فسقطت ضعيفة مهيضة الجناح...
أما أنت، فقد قرأت أمس في عينيك استعدادا طويلا، طويلا جدا للمقاومة والصراع. وقد كنت قرأت مثل ذلك في عيني صديقك العزيز فؤاد، ولكن يخيل إلي أن الجذوة التي كانت تطل من ناظريك هي أشد التهابا وإشعاعا من جذوة فؤاد، تلك التي حدثتني عنها مرة في معرض الإعجاب. إنك إنسان جديد يعرف الذي يريده، ويسعى إليه بثقة وإيمان. لا يا حبيبي، لسنا على صعيد واحد. لقد وجدت أنت نفسك بينما أضعت أنا نفسي. فكيف تريدني أن أستطيع السير إلى جانبك، قدما واحدة، في الطريق الشاق الذي ستسلك؟ إنني لا أنتمي إلى جيلكم، جيل وجيل فؤاد وربيع وأحمد وصبحي وعدنان. لا، لن أذهب معك. إن بوسعي الآن أن أتمثل نفسي إذا رافقتك. ستجرجرني خلفك. سأعيق طموحك. سأعيق طموحك. سأكون أنا في السفح وتكون أنت في القمة. فامض قدما يا حبيبي، ولا تلتفت إلى ما وراءك. أما أنا فأستمد دائما من حبي لك، هذا الذي تصهره الآلام، وقودا يشع علي، فينسيني شقاء عيشي، وزادا أتبلغ به حتى أيامي الأخيرة. فدعني هنا أتابع طريقي حتى النهاية، وعد أنت يا حبيبي العربي إلى شرقك البعيد الذي ينتظرك، ويحتاج إلى شبابك ونضالك.- جانين."3 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&amp;bodyPart=6&tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&amp;view=a&head=b&ViewAttach=1&Idx=11#02000003)
وعاد الشرقي إلى بلده بشهادته المشرفة ليبدأ نضاله الوطني والقومي، ولتحقيق طموحاته وتطلعاته بين أحضان أسرته وشعبه وأمته.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:51 PM
تابع،،
الشخصيات:
لقد وظف الكاتب سهيل إدريس مجموعة من الشخصيات التي تتقابل فضائيا وحضاريا( الشرق≠ الغرب)، وجنسيا( الذكورة العربية≠ الأنوثة الغربية)، ولونيا( الأسمر العربي≠ الغربية الشقراء) لرصد التفاوت الحضاري والاختلاف الوجودي بين البيئة العربية المكبلة بأغلال الحرمان والمنع والكبت والشذوذ والعقد والخلفيات المسبقة والعادات والتقاليد المحافظة الموبوءة والبيئة الغربية التي تتسم بالتحرر والانعتاق والعلم والإقبال على الحياة ولو في ثوبها المادي اللاأخلاقي.
وإذا كانت مجموعة من الروايات العربية روايات أفضية ومكانية مثل: روايات نجيب محفوظ( زقاق المدق)، وعبد الرحمن الشرقاوي( الأرض)، ومحمد عزالدين التازي( المباءة- المغارات...)، فإن رواية سهيل إدريس على الرغم من عنوانها المكاني لهي رواية الشخصية لاسيما الشخصية النموذجية( بطل الحي اللاتيني) التي تعيش مصيرا وجوديا من خلال ثنائية الحرية والمسؤولية، الحرية في إثبات وجودها والارتواء من لذات الحياة والاستمتاع بمباهج الدنيا ومعاقرة الخمرة والإشباع الجنسي، والمسؤولية التي تكمن في الثورة على الحرمان والتقاليد البالية والعادات المستنبتة في الشرق والرغبة في النضال الوطني والقومي لتحرير الإنسان العربي من موروثات التخلف وقيود الكبت والإحجام والانطواء النفسي حتى تصبح الذات العربية قادرة على الإبداع والابتكار في مجتمع يقدس المرأة ويحررها إلى جانب الرجل حتى تساهم في العطاء والبناء الحضاري على غرار المرأة الغربية.
لقد خلق الكاتب شخصية مركزية وهي البطل واستتبعها بشخصيات ثانوية تابعة لها مثل صبحي وعدنان وربيع وفؤاد وأحمد. وتتسم هذه الشخصية بالفردية والتشبع بالفكر الوجودي الذي اكتسبه في جامعة السوربون لاسيما أن هذه الفترة كانت فترة الفلسفة الوجودية التي دعا إليها كل من سارتر وسيمون دوبوبفوار وألبير كامو، إذ قال سارتر: إن الإنسان في هذه الحياة كممثل يؤدي دوره ثم ينتهي وجوديا، لذلك دعا إلى حياة العبث واللاجدوى تحت شعار: افعل ما تشاء، حيث تشاء، ومتى تشاء. ( حرية الفعل، حرية المكان، حرية الزمان). كما أن فلسفة سارتر تنبني على مرتكزين أساسيين هما: الحرية والمسؤولية.
ويلاحظ أن شخصية بطل الحي اللاتيني شخصية تعبر عن المؤلف الواقعي: الدكتور سهيل إدريس مما يعطي لهذه الرواية بعدا أطوبيوغرافيا( سيرة ذاتية)؛ لأن الكاتب يرسم هذه الشخصية حسب قناعاته وأفكاره ومبادئه التي يؤمن بها حتى تتبدى لنا شخصية نموذجية ومثالية بالمقارنة مع عدنان المتعصب دينيا وصبحي المستهتر أخلاقيا وربيع التونسي المتطرف في مواقفه الوطنية والسياسية وفؤاد الملتزم بالدفاع عن قضايا الوطن والأمة حيث تخلى عن عشيقته فرانسواز لاصطدام مواقفهما تجاه فرنسا وبطشها الاستعماري. ويجمع فؤاد بين هموم المرأة الجنسية والهموم الثقافية والفكرية والنضالية، بينما يظل بطل الحي اللاتيني بطلا معتدلا في أفكاره ووطنيته ومواقفه تجاه الوطن والأمة والآخر لا يتشنج ولا يتعصب كالآخرين، فلسفته الوجودية متوازنة، وهذا ما يشير غليه كذلك الدكتور إبراهيم السعافين:" فالشخصية المركزية هي الفكرة المثالية، والشخصيات الأخرى إما عوامل كشف عن الشخصية المركزية وتعديل سلوكها وتسويغ له، وإما تبع لها تدور في فلكها، وتنطق باسمها، فوق أنها تلقي الضوء عليها، وتكشف عن أبعادها. وشخصية بطل الحي اللاتيني قد اختارت النوع الأول من الشخصيات الثانوية حيث تبدو شخصيته قائمة على الاعتدال، فهو معتدل في فكره و معتقده، معتدل في نزواته، معتدل في وطنيته، وحتى يلقى المؤلف الضوء على هذه القضايا، لجأ إلى توظيف الشخصيات الثانوية التي تعد نماذج ابتدعها فكر المؤلف، لتحدد " نموذج" الشخصية المركزية. وأما ما نسمعه على ألسنة جانين أو فرانسواز أو غيرهما فإنه محاولة لكشف بعد جديد من شخصية البطل، في الوقت الذي لانحس فيه بوجود هذه الشخصيات في الواقع أو نكاد. فهي- على أي حال- شخصيات كسيحة شوهاء أشبه بنماذج لفكرة جبرية في رأس المؤلف. الأمر الذي أدى أحيانا إلى أن تظهر النرجسية بوضوح فيما أضفته الشخصيات الثانوية إلى الشخصية المركزية" النموذج" على نحو ما ورد في رسالة جانين الأخيرة إلى بطل الحي اللاتيني التي أشرنا إليها في حديثنا عن الأحداث والعقدة"4 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&bodyPart=6&amp;tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&view=a&amp;head=b&ViewAttach=1&Idx=11#02000004).
وحتى على مستوى الشخصيات النسوية نجد تقابلا بينها: فجانين مونترو عشيقة البطل هي شخصية نموذجية تدافع عن العرب، وتقدر الحب والمسؤولية، وفية وصادقة في عواطفها ومبادئها، تضحي بكل ما لديها من أجل الآخرين. أما فرانسواز حبيبة فؤاد فكانت مثقفة وواعية ذوقها الفني رفيع بيد أنها كانت عنصرية تدافع عن فرنسا الاستعمارية. أما مارغريت والأخريات كمرأة الرصيف وفتاة السينما فهي نماذج وجودية مستهترة وعبثية غير صادقة ووفية، فواحدة تدعي أنها شاعرة، والأخرى تسرق نقودا من البطل، وأخرى تعد ولاتفي. أما هند في الشرق فهي نموذج للمرأة العربية الخائفة على شرفها وعفتها وجسدها ترتعد من وجود الرجل وتعطي ألف حساب للمعتقدات والأنظمة الاجتماعية الموروثة حتى تحافظ على نفسها ووجودها بين أسرتها ومجتمعها.
قد قلنا سالفا أن شخصية البطل أتت لتعبر عن فكر المؤلف مما جعلها تتميز بالفردية والنرجسية؛ لأن الشخصيات الأخرى كلها تدور في فلكها وترغب في اصطحابها ومعاشرتها على الرغم من انطوائيتها وعزلتها واحترامها لحريتها المقننة التي ترتبط بالمسؤولية. كما يمكن لنا أن نرصد مسارات في هذه الشخصية النامية الديناميكية:
مسار الإخفاق والعبث والملل واليأس واللاجدوى والاغتراب الذاتي والمكاني؛
مسار التحرر الوجودي عن طريق التمركز الذاتي والإشباع الجنسي والارتواء الثقافي والفني؛
مسار النقد الذاتي وتحمل المسؤولية الوجودية والوطنية والقومية.
ويمكن كذلك أن نضع تصنيفا للشخصيات في الرواية بهذا الشكل:
شخصيات وجودية عابثة ( صبحي- عدنان- أحمد....)؛
شخصيات وجودية متوازنة( البطل، وفؤاد)؛
شخصيات محافظة ( الأم، ناهدة، هدى، الأهل في لبنان....)؛
شخصيات نسوية زائفة( مارغريت، ليليان، فتاة الرصيف، فتاة السينما...)،
شخصيات نسوية عنصرية( فرانسواز، امرأة مطعم لوي جران التي وصفت الإنسان العربي بالمتوحش)؛
شخصيات إنسانية ضحية الظروف ولها موقف: ( جانين مونترو- تيريز).
ونستغرب أن يكون بطل سهيل إدريس بدون اسم علم يحمله، إذ تركه مجهولا لتعبر عنه ملامحه وأفعاله والقيم التي يؤمن بها. وما الجدوى من اسم علم في عالم يتناطح فيه الصراع ويبرز فيه الشر وتنعدم فيه الحرية . يقول سهيل إدريس عن بطله:" ولكن من حسن حظ بطل الحي اللاتيني أن قام عشرات من الدارسين يتعاطفون معه، محللين سلوكه بين الوقائع والأحداث، ويربطونه بوضع الإنسان العربي، المحروم المقموع، جنسيا وفكريا واجتماعيا، الذي يذهب ليلتمس الحرية في فترة من الاغتراب المؤقت، حتى إذا أاشبع هذه الرغبة المقموعة والتي كانت تكبت معظم طاقاته الإنسانية والإبداعية، بدأ يعي ذاته ويستكمل مختلف أبعادها، ويوظف طاقته في خدمة قومه الذين يعود إليهم. لقد ارتكب هذا الإنسان كثيرا من الآثام والأخطاء، لأنه كان يعتقد أن الحرية بلا ثمن. ولكنه حين أراد التكفير عن خطئه، أثبت أنه أصبح يعي مسؤوليته وأنه مدعو لتوظيفها في خدمة قضاياه المصيرية."5 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&amp;bodyPart=6&tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&amp;view=a&head=b&ViewAttach=1&Idx=11#02000005)
وهكذا نخلص إلى أن شخصية البطل اللاتيني شخصية وجودية متوازنة على الرغم من تناقضاتها، وقد اهتدت في الأخير إلى خلاصها المسؤول أخلاقيا ومصيريا ووجوديا ووطنيا وحضاريا.
الفضاء الروائي:
نقصد بالفضاء الروائي المكان وزمان القصة في ترابطهما الجدلي والفني والسردي. فأحداث الرواية تقترن بفضاءين متناقضين: فرنسا ولبنان، وهما يشيران إلى التفاوت الحضاري بين فضاء روحاني وفضاء مادي. فلبنان بالنسبة لبطل الحي اللاتيني فضاء الحرمان والكبت والقهر والعادات المحافظة أما فرنسا فهو فضاء التحرر والانعتاق الوجودي. ويبقى الحي اللاتيني هو الفضاء الأساسي في الرواية لأبعاده التربوية والإنسانية كما أنه ملاذ للمحرومين جنسيا وعاطفيا. وتتقابل كذلك باريس الحرية مع بيروت التقاليد والمحافظة لتشكل شخصية البطل في صراعها الذاتي والموضوعي.
أما زمان القصة، فإن كان غير محدد بشكل جلي ولكن يمكن أن نموقع القصة في فترة ما بين الأربعينيات و الخمسينيات لانتشار الفكر الوجودي وإقبال الشباب على كهوف سان جيرمان لإثبات وجودهم الجنسي والمصيري والتحرر من قيود العقل وأنظمة المنطق، والإشارة إلى خضوع الوطن العربي للاستعمار.
ت- مكونات الخطاب الروائي:
1- الوصف:
يتسم الوصف عند سهيل إدريس بالإيجاز والاختصار؛ والسبب في ذلك أن الرواية تنبني على الأحداث ووظائف الشخصيات مما أثر على الوصف.
ولقد اهتم سهيل إدريس بوصف الشخصيات فوصفها وصفا بيانيا رائعا فيه سحر أخاذ كوصفه لفتاة السينما:" واسترخى في مقعده سعيدا كالطفل، فرحا بقرب هذه الفتاة التي يشعر بنكهة الفتوة تفيض من أردانها. كانت ترتدي بنطلونا طويلا مرسلا في وحشية لذيذة، دون ما تفنن. أما وجهها، فلم ير إلا الجانب الأيمن منه: وجه طفل تبرق فيه عين زرقاء، وشفتان تلتمعان بحمرة شفافة تحييها بسمة ساذجة".6 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&bodyPart=6&amp;tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&view=a&amp;head=b&ViewAttach=1&Idx=11#02000006)
إن هذا الوصف يعتمد فيه الكاتب على الأوصاف والنعوت والتشبيه والاستعارات المجازية لتزيين الموصوف وتجميله. وقد يركز الكاتب على الوصف الخارجي7 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&amp;bodyPart=6&tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&amp;view=a&head=b&ViewAttach=1&Idx=11#02000007) الفيزيائي بطريقة موجزة ومختصرة تخالف طريقة المدرسة الواقعية التي تعتمد على التفصيل والإسهاب والإستقصاء كما عند نجيب محفوظ وعبد الكريم غلاب ومبارك ربيع:" فلم يقتنع عدنان ولم يشأ أن يمضي في النقاش. وما لبثوا أن طرقوا باب منزل في ضاحية " فانسين" أخذوا عنوانه من أحد المكاتب، ففتحت لهم سيدة لا يبدو أنها تتعدى الثلاثين من عمرها، ممشوقة الجسم، سمراء الوجه، ذات سحر وإغراء. وقد استقبلتهم باسمة مرحبة وأدخلتهم غرفة مؤثثة نظيفة طلبت ثمانية آلاف فرنك أجرا شهريا لها."7. كما وصف الكاتب الفضاء بأشيائه كوصفه لغرفة جانين بعد سأمها الوجودي وضياعها النهائي: "ويدخل، فيغلق الباب، ويراها تخلع سترتها وترمي بها على سرير منخفض صغير قائم في الزاوية. وإذ ذاك رأى ثيابها. كانت ترتدي مثل اللباس الذي رآه في " برغولا". وأجال بصره في الغرفة. إنها نصف غرفتي، نصف غرفتها في " ليغران زوم". وبالقرب من السرير، كانت تقوم طاولة قصيرة القوائم. وفي الزاوية المقابلة أريكة ذات مرفقين، أتجه إليها متمهلا، فانخسفت به حين اقتعدها" .8 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&bodyPart=6&amp;tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&view=a&amp;head=b&ViewAttach=1&Idx=11#02000008)
ويلاحظ على وصف الأشياء الإيجاز بالمقارنة مع روايات بلزاك أو فلوبير؛ والسبب في ذلك يعود إلى افتقار غرفة جانين إلى الأثاث لفقرها وعوزها. ووصف الكاتب بعض الأمكنة إيجازا واختصارا:"على أنه ما عتم أن ضاق بغرفته نفسها، فغادرها عند الغروب إلى ساحة الأوبرا وفي نيته أن يشاهد واجهات المخازن المزدانة لمناسبة الميلاد، بكل رائع فتان من المعروضات. وقد ظل ساعة ينتقل أمام الحوانيت المضاءة، حتى أسلمته قدماه إلى جادة " الشانزليزيه"، وكان قد اجتازها مرة من أدناها إلى أقصاها، فاستشعر لذلك لذة غريبة.".9 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&amp;bodyPart=6&tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&amp;view=a&head=b&ViewAttach=1&Idx=11#02000009)
الرؤية السردية:
يستند الكاتب في تقديمه للحبكة السردية إلى الرؤية من الخلف أو التبئير الصفري لاعتماد الكاتب على ضمير الغياب والراوي الواحد الموضوعي الذي تنازل إلى درجة الصفر لكسب الحياد وعدم التدخل في الأحداث. وتتسم معرفة الراوي بكونها معرفة شاملة ومطلقة تتعدى ماهو خارجي على ماهو داخلي كأنه الإله الخفي، ويعني هذا أن السارد يتوارى وراء ضمير الغائب ليقدم وجهة نظره ورؤيته للعالم والكون والإنسان. وإليكم مقطعا سرديا يحدد لنا هذه الرؤية المطلقة التي تدخل الرواية ضمن زمرة الروايات الكلاسيكية التقليدية:"وأغضت جانين مونترو، فأدرك هو أن نظرته المحددة قد آذتها. والحق أنه لم تكن له في ذلك حيلة، فقد كان في عينيها الزرقاوان صفاء لم يعهده في عينين قبلهما. وكان يحس، وهو ينظر فيهما، أن نظراته تستحم في مياهها الدافئة، بالرغم من أنها نظرات خاطفة هاربة، بل من أجل ذلك بالذات. وقد شعر بهذا منذ التقت عيناه بعيني جانين للمرة الأولى، فكان كل همه بعد هذا النظر الهارب، ويثبته في نظره، حتى يتاح له أن يسبر أغواره. وكان الفتاة إذ أغضت، قد أدركت ذلك، فصرفت عنه هذا النظر الذي يود أن يحتفظ بأسراره"10 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&bodyPart=6&amp;tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&view=a&amp;head=b&ViewAttach=1&Idx=11#0200000A).
وللسارد وظائف يقوم بها في هذا النص كوظيفة السرد والتعليق وتقديم الأحداث والتنسيق بين الشخصيات والتأثير في المتلقي من خلال الوظيفة الانفعالية، بالإضافة إلى الوظيقة الإيديولوجية التي تكمن في تقديم الفلسفة الوجودية والدفاع عنها في هذا النص الروائي كأطروحة فكرية للاختبار والتمحيص.
بنية الزمن في الرواية:
وظف الكاتب نسقا زمنيا كلاسيكيا متناميا ومتسلسلا في تطوره السردي والكرونولوجي المتعاقب، إذ انطلق من الحاضر إلى المستقبل أو من لحظة الوصول إلى باريس إلى لحظة العودة إلى بيروت بعد حصوله على شهادة الدكتوراه كأن الزمن السردي في النص زمن دائري: بيروت- باريس- بيروت. وعلى الرغم من تسلسل الأحداث منطقيا وسببيا وكرونولوجيا فهناك انحرافات زمنية إما: إلى الماضي لاسترجاعه" فلاش باك"أثناء تذكره للبنان وناهدة وأسرته وأصدقائه وإما في استشراف للمستقبل لما ينتظره من طموح وتطلع علمي ونضالي أو لقاء غرامي ورومانسي.
الصياغة الفنية:
استعمل الكاتب في صياغته الفنية لمتنه الروائي على السرد ، ولكن لم يكتف بهذه الطريقة الأحادية في التعبير بل وظف الحوار للتعبير عن مواقف الشخصيات واستنطاق وجهات نظرهم ومنظوراتهم الإيديولوجية، كما شغل الأسلوب غير المباشر الحر الذي يختلط فيه كلام السارد والشخصية والذي يتحول في عدة مقاطع نصية إلى منولوج أو مناجاة تعبر عن الصراع الداخلي والتمزق النفسي:" ولكن هذا كله ما معناه، وما مناسبته؟ أليس هو تعلة تتعلل بها من خيبتك؟ أية خيبة هي؟ فتاة وعدت بالمجيء، وأنا لم أطلب إليها ذلك، ثم لم تأت، فليس في الأمر ما يعنيني، وإنما يعنيها هي أنها كاذبة. أما أنا، فقد ذهبت إلى السينما لأشاهد ذلك الفيلم الرائع، وكان لقائي بها لمصادفة عابرة أستطيع أن أنساها بالسهولة نفسها التي تمت بها. أي ضير في هذا؟"11 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&amp;bodyPart=6&tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&amp;view=a&head=b&ViewAttach=1&Idx=11#0200000B).
أما لغة الرواية السردية فهي لغة بيانية وإنشائية تذكرنا بلغة الرافعي وطه حسين والمنفلوطي، تمتاز بنصاعة التعبير وسلاسة الألفاظ والتعابير الموحية والصور البلاغية الرائعة في الجودة والانتقاء، كما أنها لغة شاعرية في التشخيص، ثرية في تراكيبها ومعاجمها. ومن حقولها الدلالية نجد: حقل السفر- حقل الذات- حقل الجنس- حقل العلم- حقل الحب- حقل النضال.
أما الخطابات التي تتضمنها الرواية فنذكر الخطاب الفلسفي" الوجودية"، والخطاب الأدبي" الشعر العربي الحديث"، والخطاب الديني" تصورات عدنان"، والخطاب السياسي" تصورات فؤاد"...
وبناء على ما سلف يمكن القول: إن الحي اللاتيني رواية كلاسيكية في أسلوبها وبيانية في لغتها الأدبية على غرار رواية زينب لمحمد حسين هيكل أو عصفور من الشرق لتوفيق الحكيم.
ث- الأبعاد المرجعية في الرواية:
1- البعد الفلسفي:
تندرج رواية الحي اللاتيني لسهيل إدريس ضمن الروايات الوجودية التي ترتكز على مقومين أساسيين وهما: الحرية والمسؤولية. أي أن هذه الرواية تصور عبث الشخصيات وقلقها ومللها وتحررها من القيود الاجتماعية والأخلاقية بحثا عن ذواتهم. ولكن تبقى الحرية عند البعض فوضى واستهتار مثل: صبحي وعدنان، وعند البعض الآخر مسؤولية كفؤاد وبطل الرواية." إن تعبير الحي اللاتيني عن الفكر الوجودي الذي التزم به المؤلف، لاتقل أهمية عن المضامين العديدة الأخرى التي ناقشتها الرواية من خلال اللقاء المتعدد الآثار بين الشرق والغرب، إن لم تكن تلك المضامين نابعة أصلا من موقف عام أملاه هذا الفكر في نظرته إلى الإنسان والواقع وحركة الحياة. وهكذا كان الفكر أبرز ما يسم رواية الحي اللاتيني التي تعد بداية انفتاح المؤلف " البطل"على الفكر الغربي بصورة مباشرة، ويتضح ذلك بصورة خاصة في قضايا المرأة والالتزام الوطني والقومي والسياسي، والمفارقة بين الموقف 12 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&bodyPart=6&amp;tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&view=a&amp;head=b&ViewAttach=1&Idx=11#0200000C)الثقافي والموقف الاستعماري في الحضارة الأوربية."12

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:52 PM
تابع،،

البعدالاجتماعي:
تناقش الرواية كثيرا من الظواهر الاجتماعية و الحضارية كالتفاوتالموجود بين الشرق والغرب على مستوى العلم والثقافة والفكر والفلسفة والفن، ومعاناةالعالم العربي من التخلف والاستعمار والجهل والاستبداد السياسي والحرمان الاجتماعيوتردي القيم. كما تشير الرواية إلى نكبة فلسطين وضرورة النضال الوطنيوالقومي.
وتشير الرواية كذلك إلى البعثات الطلابية إلى الخارج وانسياقهم وراءملذات الحياة والتيارات الإلحادية المنحرفة والانغماس في الجنس والخمرة والاستهتاراللاأخلاقي. وتعكس كذلك منظومة الزواج في العالم العربي ، واستعداد الشباب العربيالمثقف للنضال والتضحية من أجل التحرر من الاستعمار والتخلف.
البعدالنفسي:
تتميز شخصيات الرواية بالطابع الوجودي وبخاصية الاستهتار والعبثواللاجدوى والخوف والقلق واليأس. فبطل الحي اللاتيني عند وصوله إلى باريس كان يحملمعه نفسية شرقية يطبعها الحياء والانطواء والانعزال والحرمان والكبت والشذوذ، إذاستقصد باريس للارتواء الجنسي باحثا عن المرأة للتلذذ بها أو الاجتماع بها وجوديا. وقد أحس بالإخفاق والإحباط العاطفي وتعرض للخوف والقلق والاغتراب الذاتي والمكانيولم يستطع أن يتكيف لا مع شرقه المستبد الممل ولا مع الغرب العبثي. وينتقل البطلبعد ارتباطه بجانين إلى التغني بالفردية والنرجسية بعيدا عن الهموم الجماعيةوالنضال الوطني. لينتهي به المطاف إلى الفكر الجماعي وعزمه في الأخير على النضالوالتحرر.
ج- القراءات النقدية:
هناك عدة دراسات قاربت رواية الحي اللاتيني،فهناك من اكتفى بتلخيص الرواية كما فعلت خالدة سعيد في كتابها حركيةالإبداع13 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&amp;bodyPart=6&tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&amp;view=a&head=b&ViewAttach=1&Idx=11#0200000D)، وهناك من قاربها من الناحية الفنية كالدكتور إبراهيم السعافين " تطورالرواية العربية الحديثة في بلاد الشام"، وهناك من حاكمها أخلاقيا مثل : عيسىالناعوري ورضوان الشهال اللذين أدانا البطل ووصفاه " بأنه سفيه خسيس ارتكب عملا لاأخلاقيا بتخليه عن الفتاة التي أنجبت منه، وخرجا من ذلك بأن المؤلف ، مثل بطله،سفيه خسيس"14 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&bodyPart=6&amp;tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&view=a&amp;head=b&ViewAttach=1&Idx=11#0200000E). ونجد إلى جانب ذلك دراسات تقريضية أشادت بهذه الرواية وأبانت روعتهاالفنية والجمالية مثل: نجيب محفوظ و ميخائيل نعيمة ويوسف الشاروني وأحمد كمال زكيوشاكر مصطفى وعبد الله عبد الدائم ...15 (http://us.f533.mail.yahoo.com/ym/ShowLetter?box=Inbox&MsgId=2624_57062257_588094_1780_316609_0_12679_768 303_3633817528&amp;bodyPart=6&tnef=&YY=94592&order=down&sort=date&pos=0&amp;view=a&head=b&ViewAttach=1&Idx=11#0200000F).
خاتـــــمــــة:
تعد رواية الحي اللاتيني لسهيل إدريس رواية وجوديةذات بناء كلاسيكي ولغة بيانية إنشائية شاعرية موحية مشوقة، كما أنها رواية ذهنيةحضارية تصور العلاقة بين الشرق والغرب من خلال المرأة كرمز فني لتجسيد هذا التقابلبين الرجولة والأنوثة من خلال رؤية للعالم قوامها التصور الوجودي الذي يستند إلىالحرية والمسؤولية.
1 - سهيل إدريس: الحي اللاتيني، مطبعةدار الآداب، بيروت، لبنان، ط11، ص:26؛
2 - سهيل إدريس: الحياللاتيني، ص:28-29؛
3 - سهيل إدريس: نفسه، ص: 281-282؛
4 - د. عبد الله السعافين: تطور الرواية العربيةالحديثة في بلاد الشام، دار المناهل، بيروت، لبنان، ط2، 1987،صص:463-464؛
5 - د. سهيل إدريس: ( شهادة في تجربة روائية)،الرواية العربية: واقع وآفاق، دار ابن رشد للطباعة والنشر، ط1، 1981، ص: 286-287؛
6 - سهيل إدريس: نفسه، ص: 32؛
7 - نفسه، ص:67؛
8 - نفسه، ص: 270؛
9 - نفسه، ص: 136؛
10 - نفسه، ص: 97؛
11 - نفسه، ص: 43؛
12 - إبراهيمالسعافين: نفسه، ص:446-447.
13 - خالدة سعيد : حركيةالإبداع، دار العودة ، بيروت، لبنان، ط2،1982ص:225؛
14 - انظر الرواية العربية: واقع وآفاق، ص:286؛
15 - انظر الغلافالخارجي الخلفي لرواية الحي اللاتيني، ط11، 1995.
ملاحظةهامة : عن مجلة العربي المصرية

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:52 PM
سهيل إدريس
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

سهيل إدريس من مواليد بيروت سنة 1925 (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%84%D8%AD%D9%82:1925) م، درس في الكلية الشرعية وتخرج منها شيخا عالما ورجل فقه، وبعد تخرجه سنة 1940 م تخلى عن زيه الديني وعاد إلى وضعه المدني. وبعد ذلك بدأ يمارس الصحافة منذ سنة 1939 م، لكنه استقال ليتابع دراساته العليا في باريس قصد تحضير الدكتوراه في الأدب العربي تحت إشراف أساتذة جامعة السوربون.
نال فعلا شهادة الدكتوراه واستوعب جيدا الفكر الغربي وتياراته الفلسفية عن طريق القراءة والترجمة والاحتكاك المباشر وعند عودته، أنشأ سهيل إدريس مجلة الآداب سنة 1953م بالاشتراك مع المرحومين بهيج عثمان ومنير البعلبكي، ثم تفرد بالمجلة سنة 1956م ودافع كثيرا عن التيار الوجودي، وترجم الكثير من إبداعاته وقد كانت المجلة دعامة أساسية للشعر التفعيلي والقصيدة النثرية والحداثة بصفة عامة.
أعماله

في سنة 1956 م، أسس سهيل إدريس دار الآداب بالاشتراك مع نزار القباني، الذي اضطر لاحقا إلى الانفصال عن الدار بسبب احتجاج الوزارة الخارجية السورية.
وعمل في سلك التعليم مدرسا للغة العربية والنقد والترجمة في عدة جامعات ومعاهد.
وأسس اتحاد الكتاب اللبنانيين مع قسطنطين زريق ومغيزل ومنير البعلبكي وأدونيس، وانتخب أمينا عاما لهذا الاتحاد لأربع دورات متتالية.
من مؤلفاته

قصص


أشواق 1947
نيران وثلوج 1948
كلهن نساء 1949
أقاصيص أولى 1977
أقاصيص ثانية 1977
الدمع المر 1956
رحماك يا دمشق 1965
العراء 1977

مسرحيات


الشهداء 1965
زهرة من دم 1969

روايات


الحي اللاتيني 1953
الخندق الغميق 1958
أصابعنا التي تحترق 1962
"سراب" رواية نشرت مسلسلة في جريدة بيروت المساء عام 1948

دراسات


في معترك القومية والحرية
مواقف وقضايا أدبية
القصة في لبنان

ترجمات


دروب الحرية
الغثيان
سيرتي الذاتية لسارتر
الطاعون لألبير كامو
هيروشيما حبيبي:لمارغريت دورا (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A7%D8%B1%D8%BA%D8%B1%D9% 8A%D8%AA_%D8%AF%D9%88%D8%B1%D8%A7&action=edit&redlink=1)

سير ذاتية


ذكريات الأدب والحب 2005
"المنهل" معجم فرنسي – عربي بالإشتراك مع الدكتور جبور عبد النور.
ترجم سهيل إدريس أكثر من عشرين كتابا بين دراسة ورواية وقصة ومسرحية.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:53 PM
سهيل إدريس
1925م-

ولد الكاتب والروائي سهيل إدريس في بيروت (http://www.al-hakawati.net/arabic/cities/city74.asp). تعلم في مدرسة الحجر الابتدائية فالمقاصد المتوسطة فالثانوية فكلية فاروق الشرعية في بيروت. انتقل إلى باريس حيث التحق بالمعهد العالي للصحافة. حاز على الدكتوراه في الآداب من جامعة السوربون بباريس سنة 1953.

عمل لدى عودته إلى بيروت صحفياً وأسس مجلة الآداب التي لا يزال يصدرها بالاشتراك مع ابنه حتى اليوم. علّم الترجمة والنقد الأدبي في الجامعة الأميركية ببيروت.

كان والده إماماً لمسجد البسطة التحتا في بيروت وأراد لابنه سهيل أن يسير على الدرب ذاتها فتعمم الولد وهو لم يبلغ الثامنة من العمر. اختاره المفتي محمد توفيق خالد، مفتي الجمهورية اللبنانية آنذاك، من بين العديدين من طلاب الكلية الشرعية ليتلقى علوم الدين وليصبح يوم يشب إماماً كوالده. وبعد خمسة أعوام شعر الشاب أنه لم يخلق لهذه الدعوة ولم تخلق له، كما يقول في حديث له، فترك الدراسات الدينية. ولكنه يعترف في الوقت نفسه أن هذه الدراسات ساعدته كثيراً على ولوج الطريق الذي سلكه فيما بعد، طريق الأدب والفكر واللغة.

هكذا انتهت المرحلة الأولى من مراحل إعداد سهيل إدريس للمستقبل ودخل مرحلة جديدة ساعده فيها أستاذه خليل عيتاني الذي أصبح فيما بعد سفيراً للبنان في الأمم المتحدة. فقد انكب عيتاني على تدريس سهيل اللغة الفرنسية فانفتحت أمامه الآفاق التي كانت مغلقة قبلاً. وانكب على الأدب الفرنسي يدرسه بنهم حتى تحمس لترجمة رواية فرنسية للعربية أرسلها يومها إلى طه حسين الذي كان يشرف على منشورات دار الكتاب المصري فأدرجها حسين في سلسلة منشورات الدار ولكنها لم تُنشر بسبب احتراق الدار.

عمل في الصحافة في جريدة بيروت بدءاًً بتصحيح المسودات ثم الكتابة الصحفية وأصبح مندوب الصحيفة في مجلس النواب ومحرراً للسياسة الخارجية فيها. وعمل أيضاً في جريدة بيروت المساء ومجلتي الصياد والجديد.

بعد هذه التجربة الصحفية التي دامت سبع سنوات ذهب سهيل إدريس إلى باريس ليلتحق بمعهد الصحافة ومن ثم السوربون. وهنا حدث التحول الكبير في توجهه الأدبي والثقافي والسياسي أيضاً

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:53 PM
قراءة في سيرة سهيل إدريس الذاتية
- ذكريات الأدب والحب -
الجزء الاول

د. فاروق مواسي
صدر مؤخرا كتاب جديد في أدب السيرة الذاتية هو ذكريات الأدب والحب للقاص الروائي، صاحب الآداب سهيل إدريس.
وسهيل، كما لا يخفي، كان قد أصدر روايات الحي اللاتيني والخندق الغميق وأصابعنا التي تحترق وبضع مجاميع قصصية وكتبًا نقدية.
أما كتاب السيرة الذاتية الذي صدر عن دار الآداب فيقع في مائة وأربع وثمانين صفحة، أشغلت مائة صفحة تقريباً ( هي في نهاية الكتاب) علاقته مع الأديبين المعروفين أنور المعداوي وسعيد تقي الدين، حيث يعترف الكاتب بفضلهما عليه في مسيرته الأدبية.
يتحدث الكاتب في الصفحات الأولى الثمانين عن أصل عائلته ومولده ، وعن أسرته والحي الذي سكنه، كما يروي لنا حكاية الجبة والعمامة ومشيخته التي سرعان ما تخلى عنها - هذه الحكاية كنا قد طالعناها روائياً في الخندق الغميق ، ونتعرف كذلك على بدايات غرامياته، وعمله في الصحافة، وخاصة في الصياد.
إن لغة سهيل في هذا الكتاب تتصف بالسلاسة والانسياب، ويعمد فيها إلى السخرية والتسلية والفكاهة الرشيقة (وأحياناً بدون ربط أو مبرر)، وهي على العموم تدفعنا إلى الابتسام.
غير أن هذه الفكاهة/السخرية تتجاوز حدودها وحرارتها، وبالأخص في حديثه عن والده _ إذ يقول:
" وكان لأبي كرش أنفر منها ، لأنه لم يكن يتورع عن تنفيسها بريح يطلقها بين الفينة والفينة دون تحرج حينما يتنقل في المنزل. وسمعت أمي ذات يوم، بعد أن فرغنا من غداء تجشأ منه أبي بصوت عال، تقول بتقزز أعوذ بالله! ما هذا؟ من فوق؟ ومن تحت؟ فضحك أبي طويلاً.... " (ص12)
وأنا لا أدري ما هي الوظيفة الأدبية لحشر هذه القصة في السيرة، وماذا يبغي كاتبنا أن يثبت؟
هل هي واردة للتدليل على نهم أبيه مثلاً؟
هل هي حكاية لمجرد الحكاية؟
وما هي علاقتها بالمبدع أصلاً؟
إن الصراحة والصدق في الوصف من مستلزمات الترجمة الذاتية - وهذا حق- ولكن شريطة أن يكون لهذا البوح الصادق مبرر ما، وظيفة ما، توصيل ما.
ولنتابع هذا البوح الصادق ؟ ! :
" والحقيقة أنني لم أكن أحب أبي، إذ كنت أشعر بأنه يعيش جواً من النفاق، وجاء وقت بدأت أحس أن أبي يحيا حياتين... واكتشفت ذات يوم اصطحابه لشاب جميل الطلعة، أشقر الشعر، كنت أراه أحياناً في المتجر الملاصق لمتجره على المرفأ. وقد دخل مع هذا الشاب إلى غرفة الاستقبال في بيتنا التي كان لها باب خارجي، وبعد قليل سمعت صوت انغلاق الباب الداخلي لهذه الغرفة وصوت المفتاح يدور في قفل الباب، فناديت أخي الأكبر، وحكيت له، فهز رأسه كأنه فهم ما أقصد إليه، وتمتم بعبارة فيها لهجة استنكار، وتكررت هذه الحادثة..." (ص 12،13 )
إن المؤلف بهذه الجرأة التي لا تحسب له يحاول أن يبرر لنا سبب ذكر هذه الوقائع اللوطية بقوله :
" ....خلف ذلك عندي نفوراً من العلاقات الشاذة بالرغم مما ورد من تبريرات لهذه العلاقة تتعلق بالتأثير الجيني والتكوين الجسماني لبني البشر."
لا أراني بعد هذا المسوّغ إلا سائلاً:
وهل هناك شك لدى أحد أنك من المفروض أن تنفر من علاقات كهذي؟!
ثم لماذا هذه التتمات في إخراج التبريرات؟
إن العلاقات الغرامية الشخصية التي ساقها لنا المؤلف كانت عادية، على المستوى الفني-، أستثني من ذلك حبه المتهيب في فترة مشيخته، فهذه تشي لنا بالكثير، وكأنها تقول لنا إن الإنسان يبقى إنساناً؛ وكذلك حبه المتهالك الذي قلد فيه روميو وجولييت، فوقع عن النافذة، وهذه أيضاً تشي بتأثير الثقافة على سلوك الأديب.
أما سائر القصص الحبّـيــّـة فلم يكن لها مبرر فني أو حتى ما يبعث الدفء.
كم توقعت أن ألمح التحفز الوطني بارزاً أكثر لدى الكاتب وهو الذي عرفنا مواقفه في طليعة المد القومي، لكنه آثر أن يستطرد فيما هو مجرد قصص عاشتها بيروت كحكاية السردوك (ص 35) التي اعتبرتها عائلة إدريس (عائلته) مثالاً للشجاعة والاعتزاز بالنفس، مع أن القارئ يمكن أن يعجب بشخصية زوجة الدركي الرجولية.
* * * * *
في القسم الثاني من السيرة- عن المعداوي وتقي الدين- إفادة بالغة للقارئ يفيدها من مجمل النقاشات والاعترافات المتبادلة.
ويرى الشاعر محمد علي شمس الدين أن هذه المراسلات من أكثر فصول الكتاب متعة وفائدة، تلك التي أثبت إدريس بعضًا من مراسلاته مع شيخين من شيوخ الأدب في الأربعينيات والخمسينيات (انظر دراسته عن السيرة في صحيفة الرياض السعودية عدد 9/12/2002.)
نتعرف عبر هذي الرسائل أولا علي شخصية المعداوي الناقد، فنلمس، مع ذلك - موقفًا غريبًا علي سلوكياته - وذلك في سخريته من المستشرق ليفي بروفنسال الذي أحجم عن إقرار أطروحة سهيل للدكتوراة " الرواية العربية الحديثة من 1900- " 1940،والتأثيرات الأجنبية فيها " وذلك في قوله: " رحم الله امرءاً عرف حده" .
جدير بالذكر أن أطروحة الدكتوراة كانت قد أجيزت فيما بعد بإشراف بلاشير في السوربون (ومن الغريب أنها لم تصدر في كتاب كما عودنا سهيل أن يفعل).
كانت الرسائل المتبادلة بين سهيل والمعداوي كذلك مبعث اهتمام الناقد المصري أحمد محمد عطية في كتابه الهام: أنور المعداوي، عصره الأدبي ، فقد أثبت جميع هذه الرسائل وعلق عليها.
وقبل أن نصحب المؤلف إلى عالم سعيد تقي الدين ومماحكته ارتأى أن يحدثنا عن أقاصيصه التي كانت مثار اهتمام كل من المعداوي وتقي الدين، فأطلعنا على ملاحظات المعداوي وشاكر خصباك وسيد قطب (وهذه الأخيرة لم تكن إيجابية) فناقش كلا منهم، ثم ما لبث أن وضع أمامنا مقدمة أقاصيص أولى التي كتبها ، كما وضع أمامنا نموذجاً من قصصه المبكرة ليطلعنا على بداياته - حسب رأيه.
وفي ظني أن هذا الاقتباس الذاتي هو مستحدث، وقد يكون من نافل السيرة الذاتية ، إلا أنني وجدت في القصة المثبتة ( الشَّعر المسرَّح ) مستوى فنياً راقياً، وذلك في التركيز على تسريحة شعر...وتفصيل المشاعر والأحاسيس التي ترافق الجزئية، فكانت النهاية انفراجة أو لقطة تحول ، أو مفاجأة موفقة، وفي تخريجها ما يدل على مراس في الكتابة.
قلت من نافل السيرة..، وإلا فأين التعليق الجديد، وما دورها في نسيج السيرة؟ أين هو منها؟ وما هي العبرة من وراء إثباتها؟
وتبقى صفحات سعيد تقي الدين عذبة المناكفات والحواريات بغمزاتها وخفة ظلها، إلى حد أنني تساءلت _ ألم تكن هذه الصفحات معدة لتكون في كتاب خاص نحو : ذكرياتي مع سعيد تقي الدين، فجاء المؤلف وضمها لإضافة أو لإخراج كتاب؟ ثم أين سائر الأدباء في هذه الفترة، ولا مشاحّة أن لسهيل علاقات أدبية لا حصر لها، وثمة منهم من يشار إليه بالبنان.
وإذا كان في هذه القراءة بعض القسوة فإن هناك دافعين يشفعان لي بذلك:
استعداد الكاتب لتقبل النقد برحابة صدر ، كما دلل على ذلك في الكتاب وفي أكثر من موقع، واعترافي بأنني من أولئك الذين نهلوا من معين مجلة الآداب في مطلع شبابهم، فتركت المجلة في نفسي وفي كتابتي كبير أثر، فحفزتني على أن أقول ما هو رأيي، وصاحب المجلة من دعاة هذه الحرية التي ننادي بها.
ختاماً لن أضن على القارئ ببضعة أبيات كنت قد كتبتها انتصاراً للبنان أيام محنته، وهي من قصيدة يا لبنان:
يا لبنان اشتقت إليك، وقلت: متى آتيك
أتفقد دور النشر وأرتاد بيوت العلم
وأنظر حتى أعلي هام الأرز
أقضي صيفاً، بل ليلاً فيك
وأزور الأحباب
(سهيل منهم)
وعلى ذكر سهيل، كيف " الآداب " وتأديب الناس على الطرقات؟
وفي الختام، أرجو أن يكون في الجزء الثاني ما يزيدنا متعة وإبداعًا.
20/10/2005

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:54 PM
حوار لم ينشر مع د. سهيل إدريس




عن الشعر، والكِتاب، والحبّ، وشراءِ الأقلام

أجراه: الشاذلي زوكار
نشرت الزميلة الصباح التونسية في منتصف آذار 2008 حديثًا أجراه الأستاذ الشاذلي زوكار مع مؤسِّس الآداب وصاحب دار الآداب والروائي والمترجم واللغوي والناشط د. سهيل إدريس (1925 ــ 2008). وكان هذا الحوار قد أجري في 15/5/1993، ولكنّه لم يُنْشر إلاّ بعد وفاته. والآداب تعيد نشر هذا الحديث المهمّ تعميمًا للفائدة.
أنزل المقالة (http://www.adabmag.com/sites/default/files/Hiwar-%287_8_9_2008%29.pdf)
- د. سهيل إدريس، أنت رائدٌ من روّاد الفكر العربي، ومبدعٌ مميَّزٌ من مبدعيه. ولقد بدأ نجمُكَ يلمع في سماء الأدب الحديث مع ظهور مجلّة الآداب سنة 1953. وتُعتبر هذه المجلّة صورةً صادقةً للتفاعل الفكري العربي، وللقلق المسيطر على مجتمعنا في بداية الخمسينات عندما كان أغلبُ العرب يرزحون تحت نير الاستعمار. وقد أمكن هذه المجلّةَ أن تلعب دورًا خطيرًا في بداية عهدها. فكيف انبثقتْ فكرةُ تأسيس هذه المجلّة؟ وما هي ظروفُ التأسيس التي مررتم بها؟ وهل تعتقدون أنّ دور مجلّة الآداب مازال متواصلاً حتى اليوم؟
+ لا نشكّ في أنّ لكارثة فلسطين عامَ 1948 تأثيرًا بالغًا في إثارة الوعي لدى جميع المثقّفين العرب، ودفْعِهِم إلى أن يضطلعوا بدور مهمّ في الحياة الثقافية لكي يستطيعوا أن يهيّئوا الأجيالَ لمجاوزة هذه الكارثة. والواقع أنّني، بتأثيرٍ من هذا، تخلّيتُ عن جميع أعمالي التي كنتُ أقوم بها في تلك الفترة، ولاسيّما في الصحافة، لأطلبَ تجديدًا لنفسي ومزيدًا من الوعي. ففي سنة 1949، أيْ بعد الكارثة بعام، استقلتُ من الصحف والمجلاّت التي كنتُ أعمل فيها، ومن الإذاعات التي كنتُ أوافيها ببعض إنتاجي، وقرّرتُ أن أسافر إلى باريس لأكتسبَ المزيدَ من المعرفة والعلم وأوظّفَ هذا المزيدَ من أجل القضية الكبرى. وبدأتُ أستعدّ لتهيئة رسالة دكتوراه في الأدب العربي الحديث كان موضوعُها: "الرواية العربية الحديثة والتأثيرات الأجنبية فيها." وكنتُ في باريس أجتمع بعدد من الأجيال العربية الجديدة التي ذهبتْ إلى العاصمة الفرنسية لتنهلَ العلمَ ولكي تؤكِّد ذاتَها ومسؤوليَّتها عن بلادها.
ومن هذا الاحتكاك بتلك العناصر المثقّفة والشابّة، بدأتُ أفكِّر في إصدار مجلّة للعالم العربي، لا للبنان وحده، بحيث نَلمُّ حولها الأقلامَ العربيةَ الواعية، ونباشرُ عمليةَ التغيير المطلوبة لتجاوز النكسة. وقد اتّصلتُ وأنا في باريس بعدد من المثقّفين العرب والكتّاب الذين كانت تربطني بهم صداقةٌ سابقةٌ، وحدّثتُهم عن مشروعي في إصدار مجلّة عربية كبيرة، فشجّعوني.
وفي أوّل سنة 1953 صدر العددُ الأوّلُ من مجلّة الآداب، وهو يضمّ فئةً متميّزةً من المفكّرين العرب ينتمون إلى عدد كبير من الأقطار العربية. ومن العدد الأوّل تنبّه القرّاءُ والمثقّفون إلى عروبة هذه المجلّة التي تستقطب الكتّابَ من كلّ عاصمة عربية. ولن يقتصر الأمرُ على ذلك فقط، بل اتّخذتُ لهذه المجلّة مراسلين في الأقطار العربية ليوافوا القرّاءَ بنتاج كلّ بلد وإبداعاته. ولا بدّ هنا من أن أَذْكر للقرّاء الكرام أنّ الشاذلي زوكار، الذي يُجري الآن هذا الحديث، كان المراسلَ الأوّلَ لمجلّة الآداب في القطر التونسي، وقد وافى المجلّةَ بعددٍ من رسائله المتميّزة قبل أن ينتقل إلى السلك الديبلوماسي، وها هو يعود الآن إلى سلك الصحافة.
لم أكن أملكُ المالَ لإصدار الآداب، فاتّفقتُ مع "دار العلم للملايين" على أن تموِّل المجلّة، وعلى أن أُشرفَ شخصيّاً على تحريرها. ثم انفصلتُ عن دار العلم بعد سنتين أو ثلاث، لأستقلّ بها وأديرَها. وتعرفون أنّها الآن في عامها الحادي والأربعين، وقد كنتُ طوال هذه الأعوام رئيسًا لتحريرها، وربما كانت ظاهرةً فريدةً في المجلات الأدبيّة أن يتولّى تحريرَها بلا انقطاعٍ شخصٌ واحدٌ طوال هذه المدة.
وفي أوّل السنة الماضية [1992] أردتُ أن أبعثَ روحًا جديدةً، دمًا جديدًا، في المجلّة. ولذلك عهدتُ بإدارة تحريرها إلى ابني الدكتور سماح إدريس الذي عاد مؤخّرًا من الولايات المتحدة، وقد حصل على شهادة الدكتوراه، وهو متخصّصٌ في الدراسات النقدية واللغوية، ومتذوّقٌ للأدب ولمختلف ألوان الإبداع. وأعتقد أنّ القرّاء قد لاحظوا التغيّرَ الذي حدث في المجلّة، وهذا أمر طبيعي لأنّ الأجيال تتواصل وينبغي أن لا تتوقّف في أيّ لحظة، وأن لا يكون هناك استئثارٌ من الأب أو من الجدّ، وطغيانٌ على الولد أو الحفيد.
- الآن نتحوّل إلى المجال الروائي والآفاق القصصية، وأنتم تَعْلمون أنّ روايتكم الحيّ اللاتيني كانت أوّلَ روايةٍ في اعتقادي تنشرونها. ومن خلال هذه الروايةَ نَعرف أنّك سجَّلتَ مذكّراتك كطالب عاش في باريس أيّامَ الدراسة. فهل تعتقد، يا دكتور سهيل، أنّ أحداثَ الحيّ اللاتيني ذاتُ صلةٍ بأحداث اليوم؟
+ إنّ الشباب العربي مازالت أمامَه طموحاتٌ من أجل التطوّر والتقدّم، ومازالت أمامَه أسئلةٌ كثيرةٌ تدعوه إلى المقارنة بين واقعه المتهافت وبين حضارة مزدهرة. فكيف له أن يَلْحق، أو أن تَلحق أمّتُه، بهذه الحضارة؟ كيف له أن يؤسِّسَ أو يشاركَ في تأسيس حضارة جديدة تكون تتمّةً للحضارة العربية المشرقة في القرون الوسطى، تلك الحضارة التي التمعتْ في الوقت الذي كانت تنطفئ فيه حضارةُ الغرب؟ كيف لنا أن نبعثَ مثلَ هذه الحضارة وأن نواصلَ مسيرتنا في الحياة العالمية؟
هكذا في الحقيقة استطاع بطلُ رواية الحيّ اللاتيني أن يَطْرح قضايا أعتقد أنّها لاتزال حتى اليوم مطروحةً. فمشكلةُ تصادُمِ الغرب والشرق، ومشكلةُ المثاقفة التي يرفضها دعاةُ التفريق بين حضارتين ومذهبين في الحياة، من المشاكل التي ماتزال مطروحةً، وخصوصًا بعد النكسات الكبيرة التي شهدتْها أمّتُنا العربية. كيف نعي ذاتنا؟ هذه هي القضية التي حملتْها الحيّ اللاتيني، ولو أنّها صيغت في إطارٍ عاطفيّ.
والحقّ أنّ النقّادَ العرب، في ما تناولوه من روايات تَطْرح موضوعَ الشرق والغرب وتصادُمهما، قد وضعوا اليدَ على نقاطٍ كثيرةٍ في روايتي هذه، تجعلها حيّةً. وهي الآن تجاوزتْ طبعاتِها العشرَ، ولاتزال تدرَّس في الجامعة وتُختار للمطالعة. أقول، إذن، إنّ الحيّ اللاتيني قصّةُ فرد، ولكنّها قصّةُ جيلٍ وأجيالٍ.
- بالمناسبة، ذكرتم اسمَ "ربيع" في هذه الرواية، وقيل لي إنّكَ ترمز بهذا الاسم إلى الأديب التونسي محمد فريد غازي. فإذا كان ذلك كذلك، فما هي علاقتُكَ بهذا الأديب؟ وما هي انطباعاتُكَ عنه؟ وكيف كانت علاقتُكَ بالتونسيين آنذاك؟
+ صحيح أنّني أرمز بـ "ربيع" إلى المرحوم محمد فريد غازي الذي كان صديقًا لي، من أولئك الأصدقاء العرب الكثر الذين كنتُ أجتمع وإيّاهم في ساحات الحيّ اللاتيني لنتداول في أمورنا. وكان ربيع كما أعتقد رمزًا للمثقّف التونسي المغربي الجزائري، وقد لفت نظري، وكان شاعرًا. ولكنّه في فترته الأخيرة التي عرفتُه فيها بباريس أصبح زاهدًا في كلِّ شيء. ولا أدري إنْ كان سبب هذا الزهد يعود إلى مرضٍ يعانيه؛ ولكنّني أذكر ذاتَ مرّة، وهو في حالته هذه، أنّه قال لي إنّه بدأ يَكْفر بكلّ الإنتاج. وقال إنّ أحسنَ قصيدةٍ له ستكون يومًا ما ورقةً بيضاءَ، ليست عليها أيّةُ كتابة!
- كانت لكَ علاقاتُ أخرى بعدد كبير من الأدباء التونسيين، أمثال الدكتور فرحات الدشراوي والدكتور مصطفى الفيلالي وغيرهما. وكنتَ تراسلني وتطالبني بأن أتحدّث معهم من أجل المساهمة في مجلّة الآداب. وبهذه المناسبة أردتُ أن أسأل عن مدى المشاركة المغاربية في مجلّة الآداب، ومدى تفاعل المغاربة معها؟
+ مِنَ الذين كنتُ على صلة بهم في باريس أيضًا كاتبٌ تونسيٌّ كبير اسمُه محمود المسعدي. وقد تحدّثتُ مطوّلاً عن روايته السدّ في دراستي عن الرواية العربية الحديثة، وبقيتُ على اتصالٍ به، ولا أزال كلّما جئتُ إلى تونس أسأل عنه وأزوره حين يتاح لي الوقتُ لذلك.
علاقتي بالتوانسة لم تنقطعْ في يوم من الأيّام، وكنتُ دائمًا أراهن على دورهم المتميّز في حياتنا الثقافية. وقد سبق منذ عشرين عامًا على ما أعتقد أن أصدرتِ الآداب عددًا خاصّاً عن الأدب التونسي الحديث، أَشْرف عليه صديقُنا الأستاذ محمد العروسي المطوي آنذاك. ونحن الآن في سبيل الإعداد لإصدار عدد آخر عن الأدب التونسي بعد هذه الأعوام العشرين، نَجْمع له المادّةَ، رمزًا لتحيةٍ جديدةٍ نوجّهها إلى الكتاب التونسيين والقرّاء التونسيين. وأنا أَذْكر، بالمناسبة، أنّ تونس تشكّل بالنسبة إلى الإقبال على الأدب منطقةً متميّزةً. والقرّاء التونسيّون كثيرون، حتى إنّني أعتقد أنّ عددهم يزيد على أيّ بلد عربي آخر، ولاسيّما في هذه الفترة. وهذا ما نلاحظه إجمالاً من معارض الكتاب التي تقام في تونس: فالإقبال عليها كبير، ولاسيّما على دار الآداب التي بدأتْ تهتمّ اهتمامًا خاصّاً بالإنتاج التونسي الحديث. ونحن نَفعل ذلك من غير منّة لأنّ المواهب التونسية كثيرة، ونعتزّ بأنّنا نُصْدر بين الفينة والفينة إبداعاتِ الكتّاب التونسيين، ومستمرّون في هذه الخطّة، وكلُّ ما يأتينا من تونس يحظى لدينا باهتمامٍ خاصّ يستحقّه هذا الإبداعُ التونسي الحديث.
- شكرًا يا دكتور على هذه الأحاسيس العميقة التي تؤكّد لنا اهتمامَكَ بالأدب في تونس وفي المغرب العربي بصفة عامّة، وبمدى اهتماماتك في هذا المجال منذ أن كنتَ في باريس. ولكنْ، رغم ذلك، فإنّنا في تونس نَتَّهم المشارقةَ بأنّهم لا يَعْرفون عن الأدب العربي في تونس، أو في المغرب العربي بصفة عامّة، مثلَ ما يعرفه التونسيّون والمغاربةُ عن أدباء المشرق العربي. فما هو الخللُ في رأيك؟ وكيف يمكن أن نعالج هذا الخلل الذي أحسستُه أنا شخصيّاً من خلال ترحالي على مدى سنوات عديدة في المشرق العربي؟
+ أعتقد أنّ في هذا التشخيص شيئًا من المبالغة. فلا بدّ من أن نَذْكر أنّ الأديب نفسه هو الذي يَفْرض ذاتَه على القرّاء. وحين يستطيع الأديبُ التونسي أن يَفرض نفسَه، وقد بدأ منذ فترة بذلك، فإنّه سيمتنع عن مثل هذه الشكوى.
نحن مفتوحو الصدور لكلّ إنتاج متميّز. وربما كان الإبداعُ التونسي أحدثَ عهدًا من الإبداع المصري مثلاً، إنّما لا يَنْقص الإبداعَ التونسي شيءٌ حتى يكون في طليعة موكب المبدعين العرب. فهناك شعراء، وهناك روائيّون وقصّاصون، وهناك دارسون متميّزون، من تونس. ولا أعتقد أنّ هناك "تخطيطًا" معيّنًا في المشرق للإهمال أو للاضطهاد. فهناك بعضُ جهاتٍ تتميّز على البعض الآخر لفترة من الزمن، فتَفْرض نفسَها على الآخرين، كما حَدَثَ للكتّاب المصريين مثلاً؛ ولكن استطاع بعضُ الكتّاب اللبنانيين والسوريين والمشرقيين الآخرين أن يَخرقوا هذا "التسلّط" إذا صحّ التعبير، وأن يَبرزوا في الحياة الثقافية، أمثال جبران خليل جبران وميخائيل نعيمة ومارون عبّود في لبنان؛ وفي سوريا عدد كبير من الشعراء لا ضرورة لأن نذكر أسماءهم، وقد استطاعوا أن يعطوا للأدب السوري هذه الميزة في الحياة الثقافية. وآمل أن تزول هذه الشكوى المبالَغُ فيها مع مزيدٍ من الإنتاج والإبداع الذي يُصْدره الكتّابُ التونسيّون.
- صحيح أنّه ليس هناك عدمُ اهتمام مقصود بالأدب التونسي. ولكنْ أعتقد أنّ الكتاب التونسي لا يصل إلى المشرق العربي مثلما يصلنا الكتابُ المشرقي. هناك خللٌ ما. فما هو الخلل الذي تراه، ليس بوصفك صاحب مجلّة الآداب فقط، وإنّما صاحبَ دارٍ للنشر أيضًا؟
+ هذا يعود إلى اهتمام شركات التوزيع في إيصال الكتاب المغربي إلى المشرق. وقد لاحظتُ في السنوات الأخيرة أنّ بعض كتب المغاربة تصل إلى لبنان وتباع. ولكنْ يجب أن لا ننسى أنّ لبنان مثلاً بذل جهودًا كبيرةً في ميدان التوزيع، ولذلك يأتي الآن عدد من الكتّاب العرب من مختلف المناطق ليَنشروا إنتاجَهم في ببيروت حرصًا منهم على أن يوزَّع كتابُهم توزيعًا أوسَع في البلدان العربية. المسألة ليست بهذه الصعوبة، وبفضل المؤتمرات واللقاءات والمبادلات تزول هذه الغربةُ إنْ صحّ أن نسمّيها كذلك. ويبقى أنّ التواصل هو الشيء الأساسي في حياتنا الثقافية.
- بالنسبة إلى جائزة نوبل، فقد أُسندتْ إلى القصّاص المصري المعروف نجيب محفوظ، وهذا شرفٌ للأدب العربي بلا شكّ. فلو سُئلتَ يا دكتور عمّن ترشِّح بعد ذلك لجائزة نوبل من العرب، فماذا تقول؟
+ لا أريد أن أعطي لظاهرة جائزة نوبل أهمّيةً أكثر َممّا تتحمّلها هذه الجائزة. فنحن نعرف أنّ وراءها جهودًا كثيرةً قد لا تكون مرتبطةً بالفنّ وحده ومن أجل الفنّ وحده، إذ إنّ هناك تأثيرات كثيرة صهيونية أخّرتْ حتى الآن منحَ هذه الجائزة لكاتب عربيّ. وأذكر أنّني رشّحتُ الروائي السوري المعروف حنّا مينة، وقد سبقتُ الدكتور طه حسين الذي رشّح فيما بعد هذا الكاتبَ نفسَه. ولا شكّ أنّ هناك كتّابًا وشعراء آخرين يستحقّون هذه الجائزة. وقد برز في السنوات الأخيرة شاعرٌ كبيرٌ رُشّح لها أكثرَ من مرّة وزُوحم عليها، وهو الشاعر أدونيس؛ فهو أيضًا من الذين يستحقّونها... هو ومحمود المسعدي ومحمود درويش وآخرون.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:54 PM
تابع،،،حوار مع سهيل ادريس

- على ذِكْر الشعر، نلاحظ أنّ ألوانًا جديدة من الشعر الحديث ظهرتْ في الساحة الثقافية، سواء في الشكل أو المضمون. وأحيانًا يُدْخلنا هذا النوعُ في عالمٍ ضبابيّ من المتاهات. ولقد حَضَرْنا معًا أمسيةً شعريةً استمعنا فيها إلى الشاعر المغربي محمد بنّيس، وأنا شخصيّاً لم أفهمْ شيئًا ممّا كان يقوله من الشعر. فما هو رأيكَ في هذه القضية؟
+ صحيحٌ ما ذكرتَ من أنّه كان من الصعب أن يُفهم ما قاله الشاعر محمد بنّيس في تلك الأمسية الشعرية. وهذا في رأيي يعود إلى شيء أساس. محمد بنّيس شاعرٌ من دون ريب. وما قرأه هو من شعر التفعيلة، أيْ ليس ممّا يسمّى اليومَ "قصيدةَ النثر." ونحن من الذين يؤيّدون ويباركون شعرَ التفعيلة، وقد فَسَحْنا لها المجالَ منذ الأعداد الأولى من مجلّة الآداب، وأعتقد أنّها التطوّر الطبيعي للشعر العربي بعد العهد الأندلسي. ولكنّ مشكلة هذا الشعر الجديد أنّه ليس كالشعر العمودي، للاستماع؛ وإنّما هو للقراءة. الشعر العمودي تَسْمعه، فيأخذكَ بعموديّته ووزنه وإيقاعه وقوافيه، فتتحمّس له، وتدركه بأسهلَ ممّا تدرك الشعرَ العربيَّ الحديث أو شعرَ التفعيلة. هذا من ناحية الشكل. ولكنْ من ناحية الاستماع والإقبال عليه باعتباره جديدًا في الفكر أيضًا، فإنّه لا بدّ من أن يُقرأ أكثرَ من مرّةٍ ليُفْهم.
- هل لأنّه مغرِقٌ في الرمزية؟
+ الرمز صفة لا تنحصر فقط في شعر التفعيلة، بل يمكن أن تقال عن كلّ أنواع الشعر. على أنّني أؤيّد تمامًا القولَ بأنّ كثيرًا من الذين يدّعون أنّهم شعراء أصبحوا يستسهلون الشعرَ، ويَكْتبون أيَّ كلامٍ ويقولون إنّه شعر. وأكثرُ ما يتجنّون به على الشعر هو أنّهم يَفْتكون فيه بالموسيقى، ويَفْتكون فيه بالإيقاع. أنا لا أفهم أبدًا أن يُنتزعَ من مقوّمات الشعر العربي هذا المقوِّمُ الأساسي، مقوّمُ الموسيقى، أيّاً كانت الحُجّة. وربما يحدّثكَ بعضُ هؤلاء عن أنّ لقصيدة النثر موسيقاها الخاصّةَ، أيْ ما يَدْعونه "الموسيقى الداخليّة" أو "الإيقاعَ الداخلي." وأعتقد أنّ هذه فكاهةٌ أكثر ممّا هي حقيقة. على أنّنا لا ننفي أنّه قد يكون في بعض هذا الإنتاج الحديث ممّا يُطْلق عليه "قصيدةُ نثر" شيءٌ من القيمة الجمالية. ولكنّ اعتراضنا هو على تسميته "شعرًا." فنحن نفضّل أن يبقى تحت تسميةٍ عامّة، مثل "نصوص فنية جميلة" لأنّ النصّ يمكن أن يكون جميلاً جدّاً من دون أن يكون شعرًا؛ وربما تكون فيه شاعريّة، ولكنْ ليس من الضروري أن يكون شعرًا. ذلك أنّ هناك فرقًا بين الشعرية والشعر: فاليوم توجد رواياتٌ كثيرةٌ حديثة تتميّز بالشعرية، فهل يمكن أن نقول إنّ هذه الرواية شعر؟ ينبغي أن تبقى هذه الحدودُ أو الشروطُ قائمةً لكي لا يصبح هناك خلطٌ في المفاهيم وفي التعريفات.
نحن في مجلّة الآداب نَنْشر بعضَ هذه النصوص ونرحّب بها، ولكنّنا نرفض أن نسمّيها "شعرًا،" لأنّ الشعرَ شعر، والنثرَ نثر، ولا يمكن للشعر أن يكون نثرًا، ولا للنثر أن يكون شعرًا!
- إذن، يا دكتور سهيل إدريس، ما هو تعريفُكَ للشعر؟
+ أنا لا أجد أيَّ مانعٍ في أن أتبنّى التعريفَ القديمَ للشعر مع شيء من الفويْرقات، إذا صحّ التعبير. الشعر هو الإنتاج الموزون، أي الذي فيه وزنٌ يوفِّر لنا إيقاعًا وموسيقى. ولكنّني لستُ من الذين يتشبّثون بـ "المقفّى" في قولهم "الشعر الموزون المقفّى"؛ ذلك لأنّ القوافي الآن تتنوّع، وربما تكون في قصيدة واحدة عدّةُ قوافٍ، وهذا من تطوير الشعر الذي لا يضرّ في كينونته ولا في تطوّره. فالحال أنّ القافية ليست دائمًا، في الحقيقة، عنصرًا إيجابيّاً في القصيدة العمودية، كأنْ تُنْشد قصيدةً من أربعين بيتًا تكون قافيتُها موحّدة. إنّ هذا في الحقيقة يولِّد المللَ والضجرَ، وربما يكون فيه نوعٌ من "الطُبوليّة" إذا صحّ التعبير، أي "الطُبوليّة" الجوفاء التي تأخذنا برتابتها.
- لقد شاركتم في معارض كثيرة للكِتاب في العالم العربي، وأسهمتم إسهامًا مشرِّفًا وبارزًا في مجال التعريف بالكِتاب بكلّ أنواعه. فهل تعتقد أنّ الشعر مازال رائجًا كما كان في الزمان القديم باعتباره "ديوانَ العرب،" أمْ أنّه تزحزح عن موقعه لتصبح "الروايةُ هي ديوان العرب" كما يقول البعض؟
ـ يجب أن نعترف بأنّ الشعر على صعيد الإقبال هو الآن إلى انحسار. وأعني أنّ الشعراء الذين يبقون في نطاق التجاوب مع الجمهور العربي أصبحوا قليلين. ولمّا كانت دُورُ النشر تعاني معاناةً شديدةً من نشر الشعر، فإنّني لا أجد أكثرَ من دارٍ أو داريْن تهتمّان بنشر الشعر، وعلى نطاق ضيّق أيضّا.
نحن مثلاً نُصْدر كلَّ عام في دار الآداب ثلاثةَ دواوين من الشعر أو أربعة، للشعراء المحْدثين الشباب، لا يزيد إصدارُ الواحد منها عن ألفيْ نسخة، وتبقى مع ذلك خمسَ سنوات أو سبعًا قبل أن تَنْفد كلّيّاً. وهذا يدلّ على أزمة القراءة الشعرية على أقلّ تقدير. ولا يُستثنى من ذلك تقريبًا إلاّ شاعرٌ أو شاعران أو ثلاثة من الذين لم يخفَّ الإقبالُ عليهم، بل لعلّه يزداد؛ وعلى رأس هؤلاء: الشاعر العربي المعروف نزار قبّاني، ويليه أدونيس ومحمود درويش. على أنّ الفارق بين قبّاني والآخرين فارق كبير من حيث النشر والتوزيع.
الذي نعرفه أيضًا أنّ الشعر في العالم كلِّه يعاني هذه الأزمةَ. ربما كانت نتيجة هذه القضية أو سببها ما يُعلن اليومَ من أنّ الرواية حلّت محلَّ الشعر. وإذا كنّا في السابق نقول إنّ "الشعر ديوان العرب" فإنّ بعض النقّاد اليوم، وبعضَ الروائيين، ومنهم حنّا مينة نفسُه، يقولون إنّ "الرواية ديوان العرب" على أساس أنّ الرواية تستطيع أن تستوعب من الشاعرية ما يُغْني عن قول الشعر. بل إنّ بعضَ كبار الشعراء في العالم تحوّلوا من كتابة الشعر إلى كتابة الرواية، كما كان سارتر تحوَّلَ مثلاً من كتابة الفلسفة إلى كتابة الرواية لأنّه استطاع أن يُضمِّنَ روايتَه كلَّ فلسفته.
فهل هذه الأزمة تعني أنّ الشعر قد مات؟ لا أعتقد ذلك. لن يموت الشعرُ مادام في الحياة حبٌّ وعواطفُ إنسانية وإشراقُ شمسٍ وإضاءةُ قمر. وجميعُ هذه الأشياء التي كنّا نسمّيها "رومانسية" تعود الآن لأنّ "الواقعية" تتخبّط في دماءٍ كثيرةٍ، لن يُنقذَها منها إلاّ العودةُ إلى الينابيع. والشعرُ هو من "الينابيع."
- د. سهيل هل تستطيب ترديدَ أغنيةٍ ما؟ وهل هذه الأغنية ترتبط بقصّة حبّ؟ وهل ضمّتْ إحدى قصصكَ أو رواياتك قصّةَ حبٍّ ما؟
ـ بالنسبة إلى الغناء، أنا أتمتّع في أوقاتي الخاصّة ببعض أغاني محمد عبد الوهّاب القديمة وأمّ كلثوم ورياض السنباطي... وطبعًا فيروز. وربما كان لي صوتٌ ظَنَّ والدي أنّه جديرٌ بأن يوظّفه في إقامة الأذان؛ فأنا أنتمي إلى عائلة دينية، وظَنُّ والدي يكفي لكي يُدْرجني في المشيخة أو في الزيّ الديني ـ وهو ما تحدّثتُ عنه في روايتي الخندق الغميق. ولكنّي أعترف هنا، ولا بأس من ذلك مادمنا دخلْنا بعضَ المناطق الحميمة من الحياة، بأنّني وَظّفتُ أيضًا هذا الصوتَ في استمالة فتاةٍ أحببتُها، وكان لديها نوعٌ من التحفّظ تجاهي. فحين غنّيتُ لها لاحظتُ تغيُّرًا في موقفها، واستسلمتْ لهذا الحبّ الذي كنتُ أظنّ أنّها تبادلني إيّاه. وأظنّ أنّ هذه الأغنية كانت "الجندول" لمحمد عبد الوهّاب.
ومادمنا أيضًا في موضوع الحبّ، فقد سبق لي أن رويتُ قصّةً حدثتْ لي، وهي متعلّقة برواية الحيّ اللاتيني. فهذه الرواية حين صدرتْ، كما تعرف، أثارت ضجّةً في الوسط الأدبي ومناقشاتٍ مطوّلةً، وبثّتْ في نفسي نوعًا من الغرور، حتى اعتقدتُ أنّني قُذفتُ إلى الخلود بسببها! وذاتَ يوم كنتُ في إحدى الجلسات الأدبية فتعرّفتُ بفتاةٍ قالت إنّها قرأت الحيّ اللاتيني، فسألتُها بنوع من الكبرياء: "وهل أعجبتكِ الرواية؟" قَلَبَتْ شفتيْها قائلةً: "لا... لم تعجبني!" استغربتُ هذا الموقف طبعًا، واستخففتُ بهذه الفتاة التي لا تريد أن تعترف بالشهادات التي كَتَبها النقّادُ والكتّاب، وأرادت أن تعارض "الرأيَ العامَّ الأدبي" إذا صحّ التعبير. فقلتُ لها: "أخشى أنّك لم تقرئي الروايةَ قراءةً متمعّنة، ومعمّقة، فأنصحُكِ بأن تعيدي قراءتها." قالت: "أنتَ أستاذ، وسآخذ بنصيحتك."
وبعد فترة التقيتُ بها ثانيةً، فقالت لي: "قرأتُ الكتابَ مرّةً ثانية." قلتُ لها: "أرجو أن تكوني قد غيّرتِ رأيكِ." قالت: "نعم... غيّرتُه... ولكنْ إلى أسوأ. فهذه المرّة درستُ الروايةَ دراسةً ناقدة، فوجدتُ أنّكَ تشوِّه فيها الفتاةَ الشرقيّة وتمتدح الفتاةَ الغربية." وأخذتْ تتكلّم ويرتفع صوتُها، فتجمّع حولنا بعضُ الحاضرين يتساءلون مَنْ هذه الفتاةُ الوقحة التي تتصدّى للدكتور سهيل إدريس صاحبِ الحيّ اللاتيني. وبقيتْ تتكلّم بهذا الحماس، الأمرُ الذي جعلني أتساءل: كيف السبيلُ إلى إسكات هذه الفتاة أمام كلّ هؤلاء الناس؟ فأجبتُ نفسي: إنّ أفضلَ طريقةٍ لإسكات هذه الفتاة هي أن أتزوّجها.
وهذا هو الذي حصل، وتزوّجتُ عائدة مطرجي. ولكنّها لم تسكتْ، بل أنا الذي سكتُّ فيما بعد!
- الكاتبُ الناقدُ جورج أَزْوَط في كتابه سهيل إدريس في قصصه ومواقفه يتّهمك بالطائفية في قصصك، وخاصّةً "رحماك يا دمشق" المستوحاة من أحداث انفصال سوريا عن مصر ضدّ الوحدة؛ وكذلك في الحيّ اللاتيني، لأنّك صوّرتَ الفئةَ المسيحيةَ (كنصري وجورج وأنطوان) بعيدةً عن العمل القومي الثوري، بينما صوّرتَ الآخرين (كربيع وعدنان وأحمد) يبحثون في قضايا التحرّر والثورة العربية. فما هو ردّكَ على هذه التهمة، ولو أنّني لا أعتقد كذلك؟
+ إنّ ما ذكرتَه نصٌّ في كتاب أزوط الذي نشرتُه أنا شخصيّاً، وأردتُ أن أبقيَه على ما هو عليه. ولكنّي ناقشتُ المؤلِّفَ ـ رحمه الله ـ في هذا، وأنكرتُ أن تكون التسمياتُ التي أطلقتُها على بعض هؤلاء الأبطال ذاتَ مغزًى سياسي أو طائفي. فأنا أعرف أنّ كثيرين من الذين تحدّثتُ عنهم في رواياتي، وعلى سبيل المثال "فؤاد" في رواية الحيّ اللاتيني، كانوا مسيحيين ولكنّهم كانوا من معتنقي الفكر القومي إلى أبعد الحدود. وقد كان لفؤاد تأثير في بطل الرواية نفسه. إذن أعتقد أنّ في هذه التهمة شيئًا من التجنّي. وأنا لم أُعرفْ في سلوكي العامّ بأنّني طائفي، بل إنّ قوميّتي تَحُول دون أن أكون طائفيّاً.
- د. سهيل، قد يبدأ الإنسانُ في حياته شاعرًا، وخاصّةً إذا عاش قصّةَ حبّ. فهل بدأتَ شاعرًا قبل أن تكون قصّاصًا وروائيّاً؟ وهل حاولتَ الشعرَ؟
ـ نعم... حاولتُ الشعر فيما كنتُ أكتبُ القصّةَ والنقد. وربما كان هناك شيءٌ طريفٌ في هذا المجال، وهو أنّه كان لي صديقٌ سوري اسمُه عبد الغني العطري يُصْدر مجلّةً أسبوعيةً في دمشق كان اسمُها الصباح على ما أذكر. وكنتُ أوافيه ببعض إنتاجي، فيهتمّ بهذا الإنتاج وينشره في مكان ممتاز من المجلّة. إلى أن أخذني الغرورُ نفسُه يومًا ما، فحاولتُ كتابةَ قصيدةٍ أرسلتُها إليه، فكان احتفالُه بها أكبرَ من احتفاله بسائر إنتاجي، إذ نشرها في الصفحة الأولى مقدِّمًا لها بقوله: "وهذا وجهٌ جديدٌ يَطْلع به علينا سهيل إدريس الكاتبُ القصّاص." وأعتقد أنّه في ذلك كان يَحُوك لي مؤامرةً، بدليل أنّه في العدد التالي، وما بعده، نَشَرَ مقالاتٍ وتعليقاتٍ وردودًا على قصيدتي هذه، وكلُّها تسفِّهُها وتنتقدها انتقادًا مرّاً، الأمرُ الذي جعلني بعد ذلك أتوب عن قول الشعر وأنصرفُ إلى الإنتاج الإبداعي الآخر الذي هو القصّة والرواية!
أمّا مطلعُ القصيدة فأقول فيه: "حيران هائم يا دهر، ما لَكَ تَظْلمُ/قلبي الحزينَ وتَكْلمُ/يا دهرُ إنّي أَعْلمُ..." إذنْ، بعد ذلك، مررتُ بفترة من النقد الذاتي، فسكتُّ عن قول الشعر. وهذا ما قد يعزّ على كثيرٍ من الذين ينبغي عليهم أن يَصْمتوا عن قول الشعر أيضًا!
- بالنسبة إلى النقد، هل تعتقد أنّ النقد العربي بلغ المستوى المطلوب؟
+ ربما كان من الواضح أنّ النقد العربي قد انحسر في العقدين الماضييْن، بمعنى أنّنا كَفَفْنا عن أن نجد ما كنّا نجده في نقّادنا القدامى من الجهد وروح المعاناة و"الاستصعاب" (إذا صحّ التعبير)، مقابل كلمة "الاستسهال" التي هي الميزةُ الأساسيةُ في كثيرٍ ممّا يُنشر اليومَ من نقد. إنّه نقد خفيف... سهل.. لا يَعتمد الأسسَ العلميةَ والموضوعيةَ، بل يستهين بالكِتاب المنقود. وأَذْكر أن بعض النقّاد المعروفين سابقًا قد كفّوا اليومَ عن أن يَكْتبوا كما كانوا يكتبون، وربما كان ذلك بفضل بعض المجلاّت التي ترفض نشرَ دراساتٍ معمّقةٍ ومطوّلةٍ وتدّعي أنّ صفحاتها لا تتّسع لذلك.
إذن، هذا النقد هو الآن في أزمة، ولا بدّ من أن نستعيدَ له الوعيَ والعمقَ اللذين كنّا نحسّهما في كتابات النقّاد الأوائل، أمثال أنور المعدّاوي وعبد القادر القطّ وغالي شكري وصبري حافظ. لا بدّ من أن نسترجع مثل هذه الأصوات، وأن يعي النقّادُ المحْدثون دورَهم في تطوير الإبداع الأدبي الحديث.
- من حين لآخر تهوي بعضُ النجوم من سماء الفكر. هل تعلِّق أملاً على الجيل الجديد في أن يَحْمل الرسالةَ وأن يعوّض مَنْ يختفي عن الساحة من العمالقة؟
+ الحقيقة أنّ هناك اليوم أساليبَ في إغراء الكتّاب لكي يستسهلوا الكتابة، وهذا مرتبطٌ بالسؤال السابق.
إنّ الكاتب العملاق هو الذي يَبْذل أكثرَ ما يستطيع من جهد ليتجاوز نفسَه، ويتجاوزَ طاقاته، فيبرز إذّاك كائنًا يعي مسؤوليةً كبيرةً في الكتابة. هكذا كان عمالقةُ الأدب العربي الحديث، أمثال طه حسين وعبّاس محمود العقّاد وميخائيل نعيمة وسواهم. وكثيرٌ منهم لم يكونوا يسألون على الإطلاق تعويضًا مادّيّاً عن هذه الأعمال العظيمة التي كانوا يقومون بها. ولم يكونوا يتّخذون الأدبَ وسيلةً واحدةً للرزق، بل كانوا يستجيبون لدوافعَ نفسيةٍ: فلقد كانوا ملتزمين بالكتابة من غير أن يُلْزِمهم أحدٌ إلاّ ضميرُهم ووعيُهم.
نحن اليومَ في عهدٍ تُشترى فيه الأقلامُ والضمائرُ والذِّمم، ولذلك نجد هبوطًا وانحدارًا في المعايير وفي الإنتاج. أخشى على الأقلام العربية كلِّها أن تَغْرق (ولأقلْها بصراحة) في هذا المنحدر البترودولاري الذي ربما كانت له خطّةٌ في أن يُسْكت الأصواتَ أو يصرفَها عن الأمور الجادّة، وعن الأدب الرفيع، ليتاحَ للسلطات أن تَفْرض سياستَها على الشارع وعلى الجماهير من غير أن تكون هناك أصواتٌ معارضةٌ لها.
هناك مؤامرةُ تحاك ضدّ الفكر العربي، وليس بعيدًا أن يكون مشاركًا فيها جماعةُ "النظام العالمي الجديد" الذي يراد فرضُه على ضمائرنا بسبب هزيمةٍ تعرّضْنا لها. وينبغي أن يتنبّه لهذا، بالدرجة الأولى، المثقّفون الواعون والمسؤولون.
- كلام كثير يردّدونه عن الحداثة وعن مواكبة العصر. فما هو رأيكَ في ما يردّدون؟
+ في الحقيقة نحن نفضّل دائمًا أن يُنتج المبدعُ شيئًا حديثًا لا أن يتحدّث عن الحداثة. أعطونا إنتاجًا نَحْكم عليه فيما بعد، بدل أن نطالِبَ ليلاً نهارًا بأن نكون حداثويين وما بعد حداثويين وما إلى ذلك من الاصطلاحات المقتبسة من غيرِ أجوائنا ومن غيرِ أرضنا. وإنّما نحن نطالب بالعمل، لا بالكلام والتعريف.
- يتحدّثون كثيرًا هذه الأيّام عن الهويّة، وكأنّ الأمّة العربية لم تَكتشفْ بعدُ هويّتَها، أو كأنّها مازالت تتحسّس الطريق. ولعلّها قضية مختلقة لمجرّد التلهية وتشغيل عقولنا بقضايا أعتقدُ أنّ التاريخ قد بَتَّ فيها منذ زمن.
+ أعتقد أنّ من قوانين التاريخ أن يحاول الإنسانُ، إذا ما تعرّض لنكسات في حياته أو لتدمير بعض طاقاته، أن يعودَ إلى الصفر، وأن يحاول أن يبحث عن السبب الذي من أجله وَصَلَ إلى ما وصل إليه. وأنا أُدرج هذا التيّارَ الجديدَ، في التكلّم على الهويّة، في هذا النطاق. فنحن نبحث الآن فعلاً، ولم نُفِقْ بعدُ من الضربات المتتالية التي تَعرّضْنا لها في سنواتنا الأخيرة. إنّنا نبحث عن ذاتنا مرّةً أخرى لنُجوهِرَها، ونخرجَ بها إلى حيّزٍ تستطيع أن تكون فيه فاعلةً من أجل التطوّر والتغيّر وتجاوُزِ الواقع المؤلم. فلا ضير في أن نقوم بمثل هذا البحث بين فترة وأخرى، لأنّه يعرِّفنا بذاتنا أكثر. وربما كان في ذلك دفعٌ لنا لتدارُكِ ما فاتنا، ولمحاولة الخروج من المآزق التي يأخذ بعضُها برقاب بعضٍ وتضعنا في حالةٍ من الإحباطِ نبحث فيها عن ثغرةٍ من الأمل.
- ما مدى مسؤوليّة المثقّف العربي عمّا يجري في الساحة العربية من معاناةٍ ومآس؟
+ لا شكّ في أنّ للمثقّف العربي مسؤوليةً ما في ما نعانيه اليوم، ولكنّنا لا نستطيع أن نتّهمه بأنّه هو وحده المسؤول. يكون وحدَه مسؤولاً فعلاً إذا كان متاحًا له أن يتكلّم بحرّية، ولكنّ المثقف العربي الآن لا يتكلّم بحريّة؛ بل قد يساعد أحيانًا في أن تُفرض عليه القيودُ، بدل أن يعملَ على تحرير نفسه منها. فهو في كثير من الأحيان يَخْضع وينساق مع السلطة. وأنا أودّ هنا أن أتّهم كثيرًا من أصحاب الأقلام بأنّهم يهادنون السلطة بغير ما دافعٍ للمهادنة، إيثارًا للعافية، أو تخلّيًا عمّا قد يجدون فيه من جهد من أجل الإنتاج والإبداع الحقيقي. أقصد أنّ هناك جهات تريد أن تشتري الأقلامَ، ولكنّ هذه الأقلامَ مستعدّةٌ في كثير من الأحيان لبيع نفسها. هنا مسؤولية المثقّف في تغييبه الوعيَ الذي يجب أن يتزوّد به من أجل أن يلتزم بعمله وبحقيقته. ونحن من الذين يعتقدون أنّ الأديب مُعارِضٌ أبديٌّ للسلطة، وينبغي أن يتحمّل هذه المسؤولية، ومن دونها لن يكون هناك تقدّمٌ ولا تطوّرٌ للمجتمع.
- مثلُكَ الأعلى في الحياة؟
+ ليس هناك مثلٌ أعلى واحد، بل مُثُلٌ كثيرة. ولكنّني، ككاتب، أرى أنّ الـمَثَلَ الأعلى للكاتب هو أن يَجمعَ الإبداعَ إلى صدقِ الحياة والسلوك. ذلك لأنّني أعتقد أنّ المبدع، إذا كان خاليًا من الأخلاق، فإنّ إبداعه نفسَه موضعُ شكّ.
- لو لم تكن قصّاصًا وأديبًا.. فماذا تريد أن تكون؟
+ ... قصّاصًا وأديبًا.
- في نهاية هذا اللقاء نستغلّ هذه الفرصة، يا دكتور سهيل، لتقدّم نصيحةً أدبيةً إلى الأدباء الناشئين. فبماذا تنصح؟
+ لا أحبّ النصائحَ كثيرًا، وإنّما أَذْكر أنّني جاهدتُ طويلاً لكي يُنْشر لي في الصحف والمجلات التي فَتَحَتْ لي صفحاتها فيما بعد. ينبغي أن لا يشعر الأدباء الناشئون بأيّ إحباط، وأن لا يمتنعوا عن الاستمرار في الإنتاج إذا صادفتْهم بعضُ العقبات الأولى. فالاستمرار والمثابرة هما طريقُ النجاح في الحياة..
تونس
المقالة منشورة في مجلة الآداب (http://www.adabmag.com/adab), 7-9 / 2008 (http://www.adabmag.com/epublish/1/2)

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:55 PM
سهيل إدريس: لم أقصد أن أكون دون جوان
صاحب مجلة الآداب لـ «الشرق الاوسط»: مذكراتي أثارتالكثيرين ومنهم أفراد أسرتي وسأستمر في فضح النفاق
بيروت: سوسن الأبطح
اثارت مذكرات د. سهيل ادريس «ذكريات في الادب والحب» التي صدرت مؤخراً عن «دار الآداب» ردود فعل متباينة، وذلك بسبب جرأتها التي مسّت «عدة حساسيات محافظة». وقد فتحت هذه المذكرات الباب واسعاً امام السؤال حول جدوى كتابة السيرة ان لم تكن اعترافية ومشحونة بالبوح والتحدي. فبعد رواية «الحي اللاتيني» ورواية «الخندق العميق» ومجموعات قصية ثلاث توقف سهيل ادريس عن الكتابة الابداعية عام 1973، لكنه بقي حاضراً من خلال مجلته «الآداب» ومنشورات «دار الآداب» ومواقفه على الساحة الثقافية. وان كان ادب سهيل ادريس قد شكل محطة بارزة، وكتاباته النقدية حركت وجداناً راكداً، وترجماته المنتقاة قدمت خدمة جليلة للثقافة العربية، فإن أقل ما يقال في مذكراته ـ كما تبدو في جزئها الاول ـ انها مليئة بالصدق والمكاشفة. عن مسار سهيل إدريس، وتجربته الغنية، ومذكراته كان هذا الحوار:
* تشرح في سيرتك كم عانيت لتطليق الجبة والعمامة والانصراف الى الادب حيث كتبت روايات وقصصاً لاقت صدى واسعاً منذ الخمسينات. انما تبقى المفارقة الغريبة في إهمالك الكتابة، بعد ذلك، في سبيل مجلة «الآداب» و»دار الآداب» هل انت نادم اليوم، لانك اخترت هذا الطريق؟
ـ هذا صحيح، لكنني لم اتخل يوماً عن الهمّ الادبي. فقد كان هو الذي يستغرقني ويسكنني، انما اضافة الى هذا الهم ومنبثقاً عنه، كان عملي في المجلة. نعم ضحّيت بكتابتي الخاصة من اجل ان اقدِّم للأدب العربي مواهب ابداعية كثيرة في المجلة ومنشورات «الآداب». لكن بقي الحرف شاغلي الاول والاخير. وقد يكون انصرافي الى انتاج الآخرين نوعاً من التعويض عما لم استطع شخصياً ان اقوم به.
* لم تندم على خيارك رغم ان مجلة «الآداب» كانت مهددة بالاغلاق العام الماضي، وحال النشر ليست على ما يرام؟
ـ اذا كان لي ان اختار من جديد فلن اختار شيئاً غير الكتابة، وان اكون صاحب مجلة «الآداب» ومشرفاً على «دار الآداب». ثم انني ورغم ما مرّت به المجلة من ازمات لا استطيع ان اتخيل حياتي من دونها. انها كواحد من اولادي، لذلك لن اسمح بأن تتوقف ما دمت حياً. واعتقد اننا استفدنا من الخمسين سنة الاولى التي مرّت لتحسينها وتطويرها. وهو ما يقوم به ابني د. سماح منذ تسلمها.
الفوران القومي
* عايشت مرحلة فوران القومية العربية، وها نحن نراها تهزم في عقر دارها، وقد حملت «الآداب» هذا الهم القومي وما زالت، فكيف تنظر الى هذه الهزيمة، اين الخطأ؟ وماذا فعل جيلك بنا؟
ـ طبعاً عشنا في النصف الاول من القرن الماضي مجموعة من الهزائم، لا بسبب اعتناقنا للفكر القومي، وانما لسوء تطبيق هذا الفكر. ولا مبرر على الاطلاق للتخلي عن المبدأ الذي نعتقد ان لا خلاص من دونه. القومية التي تسعى الى الوحدة، هي منقذنا لانها تعالج جميع الآفات التي نخرت الكيان العربي طوال هذه الفترة، والمفارقة العجيبة ان الوحدة هي التي تسوس الامم الغربية بينما نحن نزداد تشرذماً وسعياً وراء مصالح خاصة، وحفاظاً على الكراسي، واهمال الهدف البعيد الذي يستطيع ان يوصلنا الى شاطىء الامان. جيلي هو الذي شهد الاشواق العربية تتحقق وان شابها تكالب الاستعمار طمعاً في الاستيلاء على خيرات الامة.
* تتحدث عن الاستعمار بينما كنت من اشد المعجبين بالحضارة الغربية في تلك المرحلة بشهادة روايتك «الحي اللاتيني»؟
ـ حين نستفيد او نفيد من الحضارة الغربية التي لذنا بها فإنما نسترد بعض حقوقنا عليها، لاننا لا نستطيع ان ننسى ما قدمته الحضارة العربية في القرون الوسطى للمجتمع العالمي، فليس لهم ان يمنّوا علينا بذلك، وان كانوا قد سبقونا بالتكنولوجيا، فلأنهم استفادوا كثيراً من خيراتنا ليطوروا انفسهم، بينما كنا نخسر وهم يربحون.
الوجودية والماركسية
* لماذا اعجبت بسارتر، تحديداً، دون غيره، بحيث انك ترجمته ونشرته؟
ـ اتيت الى سارتر من باب الوضع الجزائري، فسارتر لم يكن وجودياً فقط وانما كان يحمل فكر نضال تاريخي. لقد وقف من حضارته الفرنسية موقفاً نقدياً حين ادان الاستعمار الفرنسي في الجزائر. وهو ما جذبنا اليه اول المطاف، ثم عكفنا على دراسته، فاكتشفنا في الفلسفة الوجودية محورين هامين نحتاج اليهما في نهضتنا الحديثة، وهما: الحرية والمسؤولية. كان هناك محور ثالث في الفكر الوجودي هو محور الالحاد، لكن هذا المحور لم نأخذ به، لأنه كان يتناقض مع ايماننا وتقاليدنا، وسيرورة حضارتنا التي تعترف بضرورة الفكر الاسلامي في قيام الدعوة العروبية. من اجل ذلك، وجدت ان نتبنى اول خروجنا الى الحياة الفكرية المذهب الوجودي، دون ان نهمل المذاهب الاخرى. فمنشورات «الآداب» هي في الوقت نفسه، تؤمن بالفكر القومي ولا ترى فيه تناقضاً مع الفكر الوجودي في اول عهده، ولا تناقضاً مع الفكر اليساري. وقد أفدنا فائدة كبرى من الفكر اليساري والماركسي. ووقفنا في الواقع موقفاً نقدياً من كل هذه المذاهب، واردنا ان نستفيد منها كلها دون تغليب شيء على شيء آخر. لهذا انتقدنا الوجودية في مرحلة من المراحل كما انتقدنا الفكر الماركسي محاولين ان نجد للفكر العربي كيانه وماهيته، ولم نتراجع عن هذا طوال خمسين عاماً من حياة دارنا.
اتهامات اليساريين العرب
* هذا كلام جديد، لانكم اتهمتهم بالرجعية من قبل اليساريين، وصنفتم طوال تلك السنين مع الليبراليين والرأسماليين؟
ـ لا يكفي ان يتهمنا انسان بتهمة ما حتى تكون صحيحة. واعتقد ان اليساريين انفسهم والشيوعيين قد احسوا بالخطأ الذي ارتكبوه تجاهنا وتراجعوا عنه، وهم لا يعتبرون مجلة «الآداب» رجعية، بالعكس، فالكثير من اليساريين يتعاملون معنا ويؤمنون باستقلالية الخط الذي نتخذه. كانت لنا ملاحظات ونقدات على الفكر الشيوعي، وكنا في ذلك قريبين من مفكر يساري، نموذج في الفكر اليساري، هو الفقيد رئيف خوري الذي اعترف الشيوعيون بأنهم اخطأوا في حقه وان تفضيله الاستقلال على الالتزام الاعمى بسياسة موسكو كان اصحّ للشعب العربي مما كانوا هم يعتبرون.
العلاقة مع نزار قباني
* تقول في مذكراتك انك انشأت مجلة «الآداب» ثأراً من اولئك الذين رفضوا ان ينشروا كتاباتك فلماذا قامت دار النشر؟
ـ في اول الامر قامت الدار بالشراكة مع نزار قباني وقد انشأتها لأنني شعرت ان المجلة هي اضيق من ان تتسع للانتاج العام لكاتب من الكتّاب، فكان مشروع الدار تكملة لدور المجلة. واظن اننا بلغنا في ذلك شأواً. فعدد كبير من الكتاب المعاصرين نشأوا على صفحات مجلة «الآداب» ودار «الآداب» في وقت واحد، نذكر منهم نازك الملائكة وصلاح عبد الصبور واحمد عبد المعطي حجازي وامل دنقل وحنا مينا وكثيرين غيرهم ممن قادوا الحياة الفكرية في الستينات والسبعينات. ولا بد من التذكير انه عن دار «الآداب» صدر ايضاً عدد من عيون الكتب العربية المعاصرة امثال «مذكرات طه حسين» و»اولاد حارتنا» التي لم يستطع الناشرون المصريون اصدارها بعد موقف الازهر منها. وقد تجاوزنا هذه العقبة، وكانت «اولاد حارتنا» اساس منح نجيب محفوظ جائزة نوبل.
سيرة في أجزاء
* يبدو من سيرتك الذاتية في جزئها الاول انها لن تستوفى بجزء ثان وقد تستغرق عدداً من الاجزاء؟
ـ في اعتقادي انها لن تقل عن اربعة او خمسة اجزاء، اكتبها تدريجياً، راجياً ان ابقى وفياً للمبدأ الذي اتخذته في كتابتي للجزء الاول، وهو الصدق والكشف عن آفات المجتمع وتعرية هذه الآفات بشكل يتناسب مع الرسالة التي اؤمن فيها من ان الادب اذا لم يكن كاشفاً فلا فائدة منه.
* هذه السيرة جريئة الى حد صادم احياناً، وهي لا تشبه الرجل المحافظ الذي نعرفه فيك؟
ـ اولاً، انا احتج على تصنيفي بأنني محافظ، ان الذي انشأ مجلة «الآداب» التي تدعو الى التجديد لا يمكن ان ينطلق من المحافظة، فلماذا لا امارس هذه التجديد في السيرة الذاتية؟ لقد اخذ عليَّ البعض ما ذكرته عن سلوك ابي من شذوذ جنسي، ولكنهم لا يستطيعون ان يشعروا بما كنت اشعر به شخصياً حين كتبت ما كتبته، لم يكونوا ليشعروا بالخجل الذي عانيته من سلوك ابي، وهذا شيء انساني وطبيعي، ومن المفروض ان اتحدث عنه كما اشعر بالخجل من اي سلوك يكون فيه الكذب هو الطاغي والتزوير والتضليل. حاولت في هذا الجزء الاول ان افضح النفاق، واود ان استمر في هذا الخط في الاجزاء المقبلة.
* هل شعرت بالتردد عند كتابة هذا المقطع عن سلوك والدك، ام ان المسألة كانت بالنسبة لك محسومة؟
ـ شعرت بشيء من التردد، وهذا بشري ايضاً، لكنني قررت مع ذلك ان اعود الى احساسي العميق والصادق مما كنت اعانيه من هذه المشكلة. صحيح انه اثار كثيرين، ومنهم بعض افراد اسرتي. لكن ليس هناك ما يلغي حقي في الاعتراف بالحقائق.
الرواية والسيرة
* الى اي مدى اثّر سلوك الوالد على حياتك الشخصية فنحن نراك ـ حسب السيرة ـ شغوفاً بالنساء حتى انك تتعرف على واحدتهن تلو الاخرى، لقد ذكرت معرفتك بالعديدات في فترة وجيزة للغاية؟
ـ اولاً الفتيات اللواتي ذكرتهن في هذا الجزء، جئن قبل زواجي فكان طبيعياً ان اتحدث عن حبي للمرأة واشواقي لها. بعد ذلك عرفت نساء كثيرات وآمل ان اتمكن من الحديث عنهن بما لا يسيء اليهن ولا الى اطراف اخرى عايشتها.
* تبدو في هذا الكتاب وكأنك الشيخ سهيل الذي تحول الى دون جوان يعيش دنياه طولاً وعرضاً؟
ـ (يضحك) لم اقصد ان اكون دون جواناً، واعتقد ان كل الذين عرفتهم عاشوا ما عشته وواجهوا القضايا التي واجهتها. حاولت ان اقول ما حدث بصدق وصراحة. والفرق بيني وبين سواي ممن يكتبون السيرة الذاتية انهم ليسوا صادقين بما فيه الكفاية. من اجل هذا وجد البعض صراحتي متنافية مع التقاليد المعروفة.
* اللافت في الكتاب انك تتحدث عن خلوات متعددة ومتكررة مع حبيباتك في اربعينات القرن الماضي، وهي فترة من الزمن نظن ان شاباً في السابعة عشرة ما كان يستطيع تدبر امره بهذه المهارة لولا الكثير من الحيلة.
ـ حتماً، الفتى والفتاة المتحابان لا يعدمان وسيلة للقاء حين يرغبان في ذلك. اذا تذكرنا كثيراً من الوقائع لدى الشعراء والكتّاب حتى من اسلافنا نجد ان ذلك كان متاحاً. لا ننسى مغامرات عمر بن ابي ربيعة ولا سواه، ما كانت تعوز هؤلاء الوسائل للقاء حبيباتهن.
* كنت قد قرأت عمر بن ابي ربيعة في تلك السن؟
ـ طبعاً، درست عمر بن ابي ربيعة في المدرسة وكنت معجباً به، كما كنت شديد الاعجاب بالمتنبي لنزعته الطامحة الى المجد، واعجبتني فلسفة طرفة بن العبد في أبياته الشهيرة. ولا اعتقد انني امثّل بالنسبة لهؤلاء شذوذاً في الادب العربي. وقد كانوا احياناً من الجرأة ما يتجاوز جرأتي في الكتابة. انا لا افعل الا ان اتابع سير عدد من هؤلاء الشعراء والادباء الصادقين في الحياة.
شيخ مودرن
* في بداية الكتاب تقول ان الجبة والعمامة كانتا عبئاً كبيراً عليك، وكأنه كان ثمة تناقض بين الشخص الذي في الداخل والرداء الخارجي. كما ان التوفيق بين ميلك الادبي واختصاصك الديني كان امراً مستحيلاً.
ـ ما من شك انني شعرت بعبء ذلك اللباس، وإلا لما طرحته جانباً بدعوى انني اريد ان اعيش الحرية التي يحرمني منها المجتمع العربي الشديد التزمت. وهذا هو السر في سفري الى الخارج، كما لو انني اود ان افتش عن مجتمع مختلف عن الذي اعيش فيه. وهو ما حدث حين عشت ثلاثة اعوام في باريس، استكملت فيها ابعاد ذاتي، وتنفست من الحرية ما مكنني من ان اصبح مغنياً لهذه الحرية، في مختلف اشكالها، في ما بعد.
* تلحّ بشكل مؤثر على ما سبب لك قصر قامتك من ازعاج، فهل يمكن ان يكون القصر ـ وهناك من هم اقصر منك ـ عند الرجل مهماً الى هذا الحد؟
ـ لم اخف يوماً انني بسبب هذا الوضع في الجسم، كنت اعاني بعض العقد النفسية لانني ربما لم اكن احظى بما كان يحظى به طوال القامة من متع الحياة ومن اقبال الجنس الآخر عليهم.
* هل كنت ترغب باكثر مما حظيت به من قبل النساء، وهو ليس بالقليل؟
ـ (يضحك) ربما كان هناك، على ما يبدو، ما يعوض عن قصر القامة في شخصي وهو الذي كان يجتذب بعض المخدوعات من البنات.
* اي ان تصيد النساء كان بمثابة استعادة ثقة بالنفس؟
ـ اعتقد، ممكن جداً، كما كنت اقول حينها. كان بعضهن او بعضهم يحاول الغمز من قناتي بصفتي شيخاً فكنت اقول لكنني شيخ «مودرن».
* تعاملت بشكل وثيق مع نزار قباني وحدث بينكما خلاف شديد، واتهمته بأنه كان يمنعك من النشر للادباء الناشئين، وقلت عنه انه متفلسف، وذكرت على لسان غيرك، في سيرتك الذاتية انه لم يقرأ الشعر ولا كبار الشعراء؟
ـ في الجزء الاول تحدثت لماماً عن نزار قباني وسأعطيه صفحات واسعة جداً في الاجزاء المقبلة وافضل ان احتفظ بما عندي لما سينشر لاحقاً من اجزاء، فهو رجل واسع الايحاء الى جانب كونه شاعراً عظيماً، لذلك اعتبره صديق العمر.
* هل سيكون حاله كما سعيد فريحة، صاحب «دار الصياد» الذي بدأت معه الكتابة ووصفته بأنه كان امياً وانانياً، لا يحب ان يرى غير اسمه في مجلته؟
ـ اخطأ البعض في القول بأنني انتقدت سعيد فريحة انتقاداً ظالماً. ولم ينتبهوا الى انني تحدثت ايضاً عن تأثيره عليَّ ككاتب نكتة وكفكاهي، فهو وسعيد تقي الدين كان لهما اثر في ما يراه البعض من روح الطرفة والنكتة عندي. اما ان كنت قد تحدثت عن أميّة سعيد فريحة ودكتاتوريته فأنا لم اظلمه.
* لا بد ان هذا الكتاب قد اثار لك مشاكل شخصية واعتراضات من المذكورين فيه او عائلاتهم؟
ـ نعم ثمة من شعر بالانزعاج، انما على اي حال، لم اذكر اسماء الفتيات وانما لجأت الى الاستعارة، من هنا تستطيع كل واحدة ان تدّعي انها ليست المقصودة، او ربما هي المقصودة من باب الافتخار. لكن ما اثار الكتاب من مشكلات هو الذي جعله لدى الكثير من الكتاب وذوي الحس المرهف موضع اعجاب وتقدير.
* تقول ان رواياتك وقصصك هي جميعها سير ذاتية، انما تبقى الرواية سيرة مقنّعة فهل كانت كتابة السيرة اشبه بشهوة تطاردك حتى تنجزها؟
ـ كل روائي حين يكتب، انما يكتب متخفياً، اما كاتب السيرة فيجب ان يختلف، والا فليكتب روايات اذا كان يخاف الخروج على حدود التقاليد. ففي الروايات، يحق له ان يمارس التشويه الفني للحقائق. اما في السيرة الذاتية فليس امامه خيار غير الصدق والواقعية.
* لا بد انك تقوم اليوم، اثناء الكتابة، بمراجعة عمر، وربما بنقد ذاتي لمسار طويل، فما هي المحطات التي تشعر بأنها شكلت خطأ في حياتك؟
ـ سأتحدث في الاجزاء المقبلة عن بعض النواحي السلبية في مواقفي، وعلى وقائع تدلّ على ندم متأخر، من ذلك مثلاً انه بالرغم من شدة اعجابي بالزعيم جمال عبد الناصر، اعتقد انني اخطأت حين لم ادن موقفه او موقف المسؤولين حوله من اعتقال بعض الكتَّاب الشيوعيين، وقد اعترفت بهذا امام محمود امين العالم الذي اعتقل في عهد عبد الناصر، لكنه كان من النبل بحيث أنه لم يتحدث عن هذه الفترة بشكل سلبي، كما اني اعتقد انه كان ينبغي علي ان ادين اعدام سيد قطب لأني لا اوافق على اعدام اي مفكر بسبب افكاره.
* لماذا، اذن، التزمت الصمت في ذلك الوقت؟
ـ لانني كنت اعشق عبد الناصر، وهذا كان يمنعني من ان اوجه له اي انتقاد. وهو ما قد يكون مقبولاً من الناس العاديين لكنه ليس مقبولاً من مثقف يعي الامور على حقيقتها.
* هل تعتقد ان ليونتك المستجدة من اليسار هي نتيجة سقوط الشيوعية ورؤيتك اميركا تتفرد في العالم؟
ـ نعم، هذا صحيح، نحن خسرنا في سقوط الاشتراكية والشيوعية اكثر بكثير مما ربحنا لأنهم كانوا ـ على الاقل ـ يدعمون قضايانا ولا يتركون المجال واسعاً للولايات المتحدة لتقوم بفرض هيمنة علينا تحصي الانفاس وتتهمنا بما نحن منه براء.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:55 PM
السيرة الذاتية: صورة سهيل إدريس الشابّ

محمد جمال باروت
احتلّ سهيل إدريس مكانتَه في تاريخ الرواية العربية الحديثة وتطوّرها بفضل روايته الحيّ اللاتيني (1953) التي صدرت حين كانت الروايةُ العربيةُ تنجِز مرحلتَها الثانيةَ على يد رعيلٍ شابٍّ تباينت سبلُه وتلامعت فيه أسماءُ نجيب محفوظ وحنّا مينة وإحسان عبد القدّوس ويوسف السباعي وحسيب كيّالي... ومن إرث ذلك الرعيل كانت تتلامع رواياتُ إبراهيم المازني وتوفيق الحكيم وتوفيق يوسف عوّاد وشكيب الجابري.نبيل سليمان، "ثلاثية سهيل إدريس تندرج في الجيل الثاني للرواية العربية،" الحياة، 21/2/2008 وتمثِّل روايةُ إدريس علامةً في تطوّر الرواية العربية في مرحلتها تلك، كما في العودة إلى اكتشاف جوانبها الريادية في مرحلةٍ لاحقةٍ، وتحديدًا في إطارِ ما تمكن تسميتُه بلغة جورج طرابيشي نوعًا من تقليد الرواية الجنوسية الحضارية، أو ما وضعه محمد كامل الخطيب تحت اسم "المغامرة المعقّدة،" ونبيل سليمان تحت اسم "وعي الذات والآخر."
مثّلت الحيّ اللاتيني انتقالاً في تجربة إدريس من "المرحلة الرومنتيكية" إلى "المرحلة الباريسية." وإذا كان اسمُ "المرحلة الرومنتيكية" يحيل مباشرةً على تجربةٍ ذات سماتٍ فنيةٍ وأسلوبيةٍ ترتبط بالاتجاهات الأدبية والوجدانية الرومنتيكية، فإنّ "المرحلة الباريسية" متعددةُ الأبعاد والدلالات في تبلور قضايا شخصية إدريس واتجاهاتها.
ترتبط المرحلة الرومنتيكية بسهيل المنتقل من اليفاعة والفتوّة إلى النضج، وتشمل السنواتِ الممتدّةَ بين الخامسة عشرة والرابعة والعشرين، وهي سنواتُ تبلورِ قضايا الشخصية واتجاهاتها الفكرية والسلوكية. في هذه المرحلة، وهي سنُّ الشباب الأول، أنتج إدريس ثلاثَ مجموعات قصصية هي أشواق (1947) ونيران وثلوج (1948) وكلّهنّ نساء (1949)، وهي برمّتها ذاتُ عناوين رومنتتيكية، وتتّسم بما تسمّيه يمنى العيد "الأسئلةَ الأولى" للقصة القصيرة (والواقع أنّ إدريس نفسَه، في تقويمه الاستعادي لها، يعيد طباعتَها تحت اسم أقاصيص أولى، ويضعها في هذا الإطار بوصفها تمثِّل "إنتاجَ الشباب الأول.")"تذكرتُ تلك المجموعات الأولى التي نسيها القرّاءُ، وكدتُ أنساها معهم، فخطر لي أن أعيد نشرَها. ولكني، إذ رجعتٌ إليها أقرأها من جديد، أحسستُ بعدم الرضى عنها، وحكمتُ بأنها لا تمثّلني بعد. بيد أني توقفتُ عند مضمون هذه العبارة الأخيرة: "لا تمثّلني بعد",, إذن فقد كانت تمثّلني من" قبل" في فترة من إنتاجي. فهل يحقّ لي أن أُسقطَها من حساب التطور الفني الذي مرّ به هذا الإنتاج؟ إنني أبتسم الآن لدى قراءتي كثيرًا من هذه الأقاصيص الأولى.... فتنشأ لدي القناعة بأنني لا ألتمس المعاذير إذا حكمتُ بأنها من إنتاج الشباب الأول الذي يفتقر إلى النضج الحياتي والنضج الفني جميعًا.." سهيل إدريس، أقاصيص أولى (بيروت: دار الآداب، 2000)، ص5. لكنّ نشر هذه القصص يتمتع في مفهوم الأعمال الكاملة للكاتب بأهمية خاصة، إذ درج المفهومُ السائد لـ "لأعمال الكاملة" على الاختيار التدخلي الانتقائي للتجارب الأولى، بينما يقوم مفهومُه على نشر كلّ ما أنتجه الكاتبُ مما يسمّى "غثّاً وسمينًا."
وقد يمكن القول إنّ المرحلة الرومنتيكية هي الأكثرُ هيمنةً على أشكال تعبير الذات عن نفسها واختبارِها للعالم في مرحلة الشباب. إلاّ أنّ ما عزّزها هنا هو هيمنةُ الرومنتيكية الأدبية والفكرية والسياسية على تجارب الشباب في الثلاثينيات والأربعينيات من القرن العشرين، ولاسيما هيمنةُ الرومنتيكية الأدبية في المجال الأدبي والإبداعي عمومًا بوصفها اتجاهًا بازغًا وصاعدًا. ويُظهر الشعرُ ذلك بأكثر مما تُظهره القصةُ القصيرة بسبب القطب الحكائي والمرجعي الذي يَحكم إنتاجَ الأخيرة من ناحية طبيعتها النوعية السردية.
أما المرحلة الثانية، وهي" المرحلة الباريسية،" فترتبط بإصداره رواية الحيّ اللاتيني (1953) وهو في الثامنة والعشرين، وهي سنّ تُؤشّر على مرحلة الخروج من الشباب الأول، إذ ستسجِّل هذه الروايةُ تطوّرَ إدريس الروائي، الذي سيأخذ مداه من خلال إصداره لاحقًا لـ الخندق الغميق (1958) وأصابعنا التي تحترق (1962)، في شكلٍ روائيّ ينطوي في "الحلقات" الثلاث على سيرة ذهنية ديناميكية وصراعية بين شرقٍ وغرب، وتقليدٍ وحداثة، وبين أجيال مختلفة، وفي تحولات اجتماعية-سياسية لاهبة. إنها في الواقع سيرةُ جيلٍ بأكمله، أُطلق عليها في تاريخ الرواية العربية اسم "ثلاثية إدريس،" وهو وصفٌ تقبّله إدريس وإن كان ينظر إليها على ما يبدو كـ "مراحل مستقلة."سهيل إدريس، أقاصيص أولى، مصدر مذكور، ص 6.
تتمتع الحيّ اللاتيني في سياق "الثلاثية" بأهميةٍ خاصةٍ ترتبط بأنها أهمّ آثار "المرحلة الباريسية" في حياة الكاتب واتجاهاته. فالبطل الذي غادر بيئتَه التقليديةَ الدينيةَ البيروتيةَ إلى باريس كي يكمل دراسةَ الدكتوراه في جامعة السوربون في مطلع الخمسينيات - متلاطمًا بين اندفاعه إلى التحرر من عالمه الشرقي المكبوت وبين خيالات عالم المرأة الغربية الطليق – لا يعود إلى بيروت مجردََ دكتور بمرتبة شرف من السوربون، بل يعود شابّاً ملتزمًا وعضوًا ومؤسِّسًا في جمعية عربية قومية تسعى إلى تحقيق التغيير الشامل، لتسجّل هذه العودةُ في نهاية الشريط السردي نقطةَ بداية في حياة البطل.
تتّسم الجذورُ السيريةُ لهذا البطل بقوة حضورها في العالم السردي؛ بل يشير إدريس إلى أنّ البطل ليس سوى إيّاه (إدريس) في "مرحلته الباريسية."قارن مع سهيل إدريس، ذكريات الحب والأدب، الجزء الأول، ط2 (بيروت: دار الآداب، 2002 )، ص 116 وقد يمكن الذهابُ مع إدريس إلى القول بأنّ بطله ليس شخصيةً من "ورق" بل "من لحم ودم،" وبأنّ الحيّ اللاتيني تمثّل الشكلََ الروائي لتجربته السيرية الباريسية المتعددة الأبعاد. غير أنه لا يمكن اعتبارُ تحوير السيري إلى روائي من مصادر السيرة الذاتية؛ ذلك لأنّ عملية التحوير هذه تنطوي على حركةٍ مقابلةٍ، هي تحويرُ الروائي أو التخييلي إلى سيري، وبشكلٍ يصعب فيه التمييزُ بينهما: إذ يسمح التخييلُ الروائي بتحيين السيري، فتتقدم السيرةُ كفهمٍ للذات في شكلٍ روائي تَحكمه قوانينُ هذا الأخير.
وبكلامٍ آخر، فإنّ الحيّ اللاتيني روايةٌ فنيةٌ لا سيرةٌ ذاتيةٌ؛ بل الأحرى أنها روايةٌ قبل أيّ شيء آخر، ولا يمثِّل التطابقُ بين بطلِها وكاتبِها إشكاليةً خاصةً بالنسبة إلى النقد الأدبي، المعنيِِّ بالنصّ في حدّ ذاته، أو بالعلاقة بينه وبين متلقّيه لا بينه وبين أفكار منتجِه وسيرته الذاتية. كما أنه ليست لمدى هذا التطابق أو انحرافِه، أو لواقعيةِ ما يسرده النصُّ، أيةُ قيمةٍ في حدّ ذاتها، غير أنّ آليات النصّ توهم بواقعيةِ ما تسرده وبمعقوليتِه.
إنّ الجذورَ السيريةَ لبطل الحيّ اللاتيني تهمّ الدراسةَ الأدبيةَ فعلاً، بمعناها الواسع، لا النقدَ الأدبي. وإذا كانت الدراسةُ الأدبية، في منظور التطور النوعي الهائل الذي شهدته الممارسةُ النقديةُ، هي من قبيل النقد التقليدي الذي يَخلط بين عالم الرواية التخييلي والعوالم الأخرى، فإنها مهمةٌ في منظور التقييم الشامل لتجربة الأديب، وقد يمكن إدراجُها في فضاء النقد ما فوق النصّي الذي يتيح مقارباتٍ متنوعةً ومتعددةً تُعتبر المقاربةُ السيريةُ إحداها. وهذا يسمح بالانتقال إلى تمييزٍ آخر بين الرواية والسيرة الذاتية في تجربة إدريس: فالجانبُ السيري يختلف في الرواية عن السيرة الذاتية، لأنّ الأولَ المبثوثَ في أية رواية جزءٌ من الرواية لا من السيرة الذاتية.
إذن، تميّز الإنتاجُ الأدبيُّ لسهيل إدريس، وتحديدًا في الحيّ اللاتيني، بقوة حضور الجذور السيرية، وبآليّاتِ تحوير السيري إلى روائي، وبالعكس. إلاّ أنّ إدريس كتب، إلى جانب ذلك، سيرةً ذاتيةً قريبةً ممّا يمكن وصفُه بـ "سهيل إدريس بقلمه،" وهو تقليدٌ سيري- ثقافي معترَفٌ به في تاريخ الأدب الحديث. وهذه السيرة هي ما تعبِّر عنه ذكرياتُ الأدب والحب (2002).
لكنّ السيرة الذاتية تمثِّل، بدورها، مفهومًا ملتبَسًا: فهي سردٌ يتّسم بخصوصية العلاقة بين الرؤية الحكائية التي تَحكمه وبين الزمن. ولعلّ هذه العلاقة الخاصة هي ما يجعل منها نوعًا إشكاليّاً ينتمي في وقتٍ واحدٍ إلى مستويين: مستوى الواقع ومستوى التخييل. فهل هي نوع يصلح لوضعه في فضاء التراث الشفوي المدوّن؟ أم أنها مجردُ نوعٍ سردي تخييلي يصحّ عليه ما يصحّ على أيّ نوعٍ سرديّ آخر، مهما أوهم بواقعيته ومعقوليته؟ أم أنها نوعٌ هجينٌ يَصلح وصفُه بالنوع الكتابي الذي تتداخل فيه السماتُ الشفويةُ التاريخية المدوّنة بالسمات التخييلية؟
ترتبط هذه الأسئلة بموْقعة السيرة الذاتية بين التاريخ والأدب، في ضوء تحديد القيمة المتوخّاة منها: أهي قيمةٌ أدبيةٌ بحتة، أم قيمةٌ ما فوق أدبية؟ من الواضح أنّ السيرة الذاتية تقع في فضاءٍ وسيطٍ معقّدٍ بين التاريخ والأدب. لكنّ هذا لا ينفي أهميةَ التمييز بين السيرة الذاتية الموجَّهة لأسباب التأريخ والتعريف بتاريخ الشخصية وتطوّرها وعلاقتها بعصرها، وبين السيرة الذاتية المتوجّهة لأهدافٍ تخييليةٍ أدبية. هنا ليس لدينا سوى تحديد استراتيجية صاحب السيرة الذاتية: أهي تنتمي إلى مجال التاريخ، وتَصلح من ثم شهادةً يمكن الاستهداءُ بها أو الاستشهادُ بها في المقاربة التاريخية البحتة ضمن منهجية هذه المقاربة في الفحص والمقارنة، أم أنها تنتمي إلى مجال التخييل الذي له أن "يخترع" حوادثَ وتجاربَ وشخصياتٍ متخيّلةً وإن حملت أسماء ووقائعَ ومجرياتٍ وُجدت بالفعل؟
تنتمي سرديةُ ذكريات الأدب والحب إلى السيرة الذاتية، التي تتوجّه إلى التعرف على حياة الشخصية ومصادر تكوينها وتطوّرها، وإن كانت أسلوبيتُها سرديةً أدبيةً. ويمكن أن نميّز في السيرة الذاتية، وفق استراتيجيات الرؤية السردية، بين شكلين للسيرة: الذكريات (Souvenirs) والتذكارات (Memoires). ففي الذكريات يحرص الكاتبُ على أن تكون الرؤيةُ السرديةُ "مع" ما هو عليه. أما في التذكارات فيَجهد في أن يعيدَ رؤيتَها ليَحكمَ عليها وليجادلَها؛ وهذا يفترض أن ينشطر عن ذاته، وينظرََ إليها "من الخلف." وفي ذلك تبدو التذكاراتُ أقربَ إلى المذكّرات (Journal) من الذكريات، مع التنويه بتداخلها.سعيد يقطين، تحليل الخطاب الروائي: الزمن، السرد، التبئير ( بيروت- الدار البيضاء: المركز الثقافي العربي، 1985)، ص288-289
في ضوءِ هذا التمييز المنهجي قد يمكن القول إنّ الشكل السيري لسهيل إدريس الشابّ في ذكريات الأدب والحبّ ينتمي إلى الذكريات أكثرَ من انتمائه إلى التذكارات، واستتباعًا إلى المذكّرات. ويبدو أنّ إدريس، وهو الخبيرُ المتمرِّسُ بالأنواع السردية المختلفة وبمصطلحاتها، لم يختر عنوانَه عبثًا. ولو سألنا عملَه المعجمي العظيم، المنهل، عمّا يقصده بالذكريات، لأجابنا أنه يعني بها الشكلَ الأول: Souvenirs. وقد يفسِّر ذلك أنّ إدريس لم يستخدم ما تستخدمه التذكاراتُ أو المذكّراتُ عادةً من وسائل أسلوبيةٍ ونصّيةٍ متعددةِ الأنواع والوظائف، مثل الوثيقة والصورة، حيث يهيمن الكاتبُ على اتجاهات الرؤية السردية ودلالاتها في إطارٍ يوهم بواقعيته ومصداقيةِ تبئيره، بل اختار للذكريات شكلاً انسيابيّاً بسيطًا يرافق فيها الكاتبُ دفقاتِها ومقاطعَها وووقائعَها برؤيةٍ سرديةٍ مصاحبة بضمير الراوي/ المتكلّم الذي يحيل على الكاتب نفسه، ويحيل في الوقت نفسه على ذكريات الكاتب/ الإنسان.
يغطّي المتنُ السردي من الجزء الأولرحل إدريس من دون أن يصدر الجزء الثاني، ولا نعرف على وجه الدقة ما إذا كان قد كتب هذا الجزء أو شرع فيه. من سيرة/ ذكريات سهيل إدريس بقلمه فترةً محدّدةً من حياة الكاتب، هي بشكلٍ أساسي فترةُ الشباب بالمفهوم المحدّد للفئة العمرية (15-24 سنة)، مع استرجاعاتٍ واستباقاتٍ محدودة إلى ما قبلها وبعدها. ولا يشتمل هذا المتنُ على معلومات تاريخية استثنائية أو ذاتِ خصوصية، لكنه يشتمل على معلومات سوسيولوجية وثقافية وطوبوغرافية شديدةِ الأهمية في معرفة البيئة الثقافية والاجتماعية والسياسية لفترة التكوّن في حياة الكاتب، والموجَّهة لخدمة التاريخ الأدبي-الفكري الخاصّ. ويُعتقد أنّ إدريس فكّر بتخصيص الجزء الثاني لتجربته الجديدة بعد نهاية "المرحلة الباريسية،" والتي ستشهد بروزَ دور إدريس الديناميكي القومي بامتياز في تأسيس مجلة الآداب وفي تبنّيها الرائد لحركة الشعر العربي الحديث وفي طرح الوجودية كإيديويولوجيا للحركة القومية المهيمنة تميّز وعيَ الذات القومية العربية عن الوعي الماركسي وعن الوعي القومي-الإقليمي، وصولاً إلى تجربة المشروع القومي العربي وتطلّعاته إلى وضع العرب في إنتاج التاريخ، وانكسار راياته بعد الانفصال السوري (1961) وهزيمة الخامس من حزيران (1967).
وبهذا المعنى لا يفيدنا الجزءُ الأول بأكثر من مرحلة التكوين والبزوغ، وهي مرحلةٌ ذاتُ أهمية في إطار وظيفتها المحدّدة والموجَّهة من قبل الكاتب. ويمكن أن نجد فيها جذورًا عميقةً لسهيل إدريس الناضج والمتبلور الذي كان يُفترض بالجزء الثاني أن يسردَها. وفي هذا الإطار العام للجزئين، الأول المنشور والثاني المفترض، فإنّ سيرة إدريس العامة هي سيرةُ التحوّل العاصف من صورة الشيخ التقليدي الذي يعيد إنتاجَ القيم المحافظة السائدة إلى صورة المثقف القومي الحديث، ومن نمط التعليم الشرعي الذي يتلقّاه خرّيجُ الكلّية الشرعية ببيروت يومئذ إلى نمط خرّيج جامعة السوربون في مرحلة غليان الأفكار الحديثة.
ذكريات سهيل إدريس الشابّ المنشورة قابلةٌ للتقسيم إلى جُملٍ أو حزماتٍ سرديةٍ زمنيةٍ ذكرياتية أو سيرية كبيرة من نوعٍ دلاليّ. وهي ما يلي:
1- الجملة السردية الأولى، وهي سرديةُ التكوّن، وتشتمل على "الأصل والمولد والأسرة" و"أهل الجدّة والأم والأخوال." تضطلع جملةُ الأصل والمولد بمكانة الجملة المؤسِّسة للشريط السردي الذكرياتي، وتغطّي حوالى 20 صفحة من مساحة المتن السردي، بينما تضطلع جملتُها التكميليةُ بإنارة المعلومات عن أهل الجدّة والأخوال، والتي تكشف شبكةَ المصاهرات والقرابات البيروتية العميقة، وتغطّي9 صفحات. وتقوم الجملتان بتزويدنا بالمعلومات عن الأسرة وبيئتها القريبة والمباشرة، وانحدارها من أصولٍ مغاربية، ونمطها البيروتي السُّنّي المحافظ في مرحلة هبوب التغيرات الحديثة، وانعكاس الأوضاع الاقتصادية الصعبة في تحويل ربّ الأسرة إلى تاجرٍ مفلسٍ. ولا تعني شجرةُ العائلة لسهيل الشابّ النابض بصورة الجيل الجديد شيئًا في حدّ ذاته، بل يحيط ذلك بسخريةٍ جميلةٍ تتعلّق بتجربة البحث العارض عمّا يمكن أن يكون هناك من إرثٍ وقفي ذُرّيّ (نسبة إلى الذرية) خّلفه الأجدادُ الأدارسةُ في المغرب!
2- تحمل الجملةُ السرديةُ السيرية الثانية عنوانًا مفتاحيّاً هو "جبل النار.. والشيخ الصغير، وبدايات الأدب والحبّ" وتضطلع بتقديم معلومات عن سنوات الطفولة والصِّبا، وتغطّي حوالى 26 صفحة، تنهض فيها صورٌ وشخصياتٌ وأحداثٌ من حيّ البسطة الذي اشتُهر بحيويته الوطنية المبادرة، ويصفه إدريس في ضوء ذلك بـ "جبل النار." ويستعيد إدريس فتوّتَه الأولى بحسّ كاتب القصة القصيرة الذي يعتني بالناس المغمورين والأبطال البسطاء وومضاتِ حيواتهم التي ما إن تشعّ حتى تخبو: الأب التقيّ الفاسد، القريب الذي يقوم بالخير لحاجةٍ في نفسِ يعقوب، قبضايات الحارة...
وتضيء هذه الجملة تكوّنَ إدريس الفتى في إطار هذه الملابسات التاريخية في الكلّية الشرعية ببيروت (1937-1941) التي كانت تؤهّل خرّيجيها الممتازين لمتابعة الدراسة في جامعة القاهرة. ويصف إدريس صورتَه في المتن الزمني لهذه الجملة بتعبيرٍ ينطوي على نوعٍ من المرارة، هو "الشيخ الصغير" الذي وضعه في زوايا الانزواء والسخرية. ويستعيد إدريس هذه الصورة عبر حزمةٍ من الأحداث الصغيرة التي لعبت دورَها في التمرد على نمط الشيخ الصغير الذي كان مقرَّرًا أن يكونَه. ولكن يمكن القولُ إنّ تبرّم سهيل الفتى والشابّ يدين نسبيّاً لما حملته مناهجُ هذه الكلّية من نفحاتٍ حديثةٍ سيكون لها أثرٌ كبيرٌ في تطوّر روحيته الثائرة اللاحقة، ولاسيّما أنها أتاحت له خيارَ التركيز على دروس اللغة والأدب أكثر من الموادّ الدينية، ودراسة اللغة الفرنسية التي واظب على اكتساب مهاراتها بنفسه، بل حاول القيامَ بترجماتٍ مبكّرة. فـ الذكريات تُبرز صورةَ فتًى مشيخيّ يُقبل على ترجمة فصول من رواية آلان فورنييه مولن الكبير، ويرسل فصولاً منها إلى مجلة الرسالة التي كان يرأس تحريرَها أحمد حسن الزيّات، حالمًا بأن ينشر فيها كما فعل أستاذُه علي الطنطاوي.
وربما كانت تجربةُ الفتى في ترجمة مولن أولَ تجربةٍ له بهدف النشر، لكنها كانت أولَ تجربةٍ له في الحبّ العنيف أيضًا. كأنّ الحياة تقلّد الفنَّ كما في قولة أوسكار وايلد، أي كأنّ إدريس يحاكي على طريقته تعلّقَ مولن بإيفون دو غاليه. وقد كتب سهيل عن ذلك الحبّ، كما يخبرنا، سبعين صفحة في شكل مذكّراتٍ روائيةٍ أعطاها عنوانًا رومنتيكيّاً خالصًا هو "أشعّة الفؤاد،" ومن حسن الحظّ أنه يُعلمنا أنها مازالت في أرشيفه، وقد طَبعت آثارُها قصصَه الأولى حتى الخمسينيات.ذكريات الأدب.. والحب، مصدر سبق ذكره، ص 50. في حال التفكير بإصدار أعمال كاملة لسهيل إدريس فإنه ينبغي نشرُ هذا النصّ، بغضّ النظر عن مستواه الفني. كما ينبغي نشرُ الرواية المسلسلة التي نشرها إدريس فعلاً تحت عنوان "السراب" في بيروت المساء، وكافة مراسلاته. في هذه المذكّرات كان إدريس الشابّ يمرّ بمرحلته الرومنطيقية الساذجة، وبخبرةٍ أولى في التعرّف على المرأة، وهو ما سيضطلع بدوره في تحرير الكاتب من صورة الشيخ المحافظة المنطوية على نفسها وعلى معارف "الحلال والحرام." وتنتهي هذه المرحلة في العام 1941 بخلع إدريس الشابّ للزيّ الديني على الرغم من عدم رضا والده عن ذلك، وبإعراض الكلّية عن إيفاده لإكمال دراسته في جامعة القاهرة. وكان إدريس يعبّر بعمله ذاك عن اختيار الفتى المتوهّج طريقَ الأفندي لا طريقَ الشيخ، وطريقَ المثقف الحديث لا طريقَ الشيخ التقليدي.
3- تحمل الجملة الثالثة عنوان "من الصحافة إلى الأدب،" وتغطّي مساحتُها النصّية حوالى 16 صفحة، بينما يغطّي مداها الزمني حوالى 8 سنوات (1943-1950). ويُعتبر هذا المدى الزمني مرحلةَ تحوّلات كبيرة انعكست آثارُها، ولاسيما السياسية، وفي عدادها معركةُ الاستقلال اللبناني وقضيةُ فلسطين، في وعي إدريس الشابّ، الذي يضيف إلى تمرّده على نمط الشيخ كسرًا لهيبة القيادة التقليدية البيروتية: فباستثناءِِ ما يمحضه من احترامٍ لرياض الصلح، فإنه يَسخر بشكلٍ مريرٍ من الوجهاء البيروتيين الآخرين الذين مثّلوا "أهلَ الحلّ والعقد" للبيروتيين. وفي هذه الفترة عمل إدريس محرِّرًا في مجلة الصيّاد لصاحبها الصحفي اللبناني العصامي المعروف سعيد فريحة، وذلك لأسبابٍ ثقافيةٍ واقتصاديةٍ تتعلّق بمساهمته في إعالة الأسرة التي غدا والدُها مفلسًا. وتتمثّل أهميةُ معلومات هذه الجملة في بروز تجربة إدريس الشابّ القصصية، التي أتاحت له، بحكم اتجاه موهبته ومتطلّبات العمل في تحرير الصيّاد، تأليفَ القصص القصيرة التي قام بإصدارها في ثلاث مجموعات هي: أشواق (1947) ونيران وثلوج (1948) وكلُّهن نساء (1949)، وكذلك تجربة النشر في بيروت المساء وغيرها. وربما وفّرت هذه القصص، ذاتُ العناوين والمضامين الرومنتيكية والمرتبكة، لإدريس الشابّ خبرةً هائلةً في التدرّب على الكتابة والإنتاج، وفي التواصل مع كتّابٍ وأدباء ناهضين في تلك الفترة مثل أنور المعدّاوي وسعيد تقيّ الدين وسيّد قطب وغيرهم، ولاسيما أنها ترافقت مع سجالٍ أدبيّ حول فنّ القصة وطرق تقويمها.
4- الجملة السردية الرابعة، وترتبط بالمرحلة الباريسية في تجربة إدريس، وتغطّي مساحةً نصّيةً كبيرةً تزيد عن نصف صفحات الذكريات، ويشمل متنُها الزمني الأساسي مرحلةَ السنوات 1949-1952 التي تمكّن فيها من تسجيل الدكتوراه في جامعة السوربون ومن إنجازها تحت عنوان: الرواية العربية الحديثة من 1900 إلى 1950 والتأثيرات الأجنبية فيها. وتضيء هذه الجملةُ بدرجة أساسية نوعيةَ الصداقة الثقافية–الأدبية والشخصية العميقة التي ربطت إدريس بكلٍّّ من الناقد المصري أنور المعدّاوي والأديب اللبناني سعيد تقيّ الدين. ويتوسّع إدريس هنا في استخدام الرسائل (38 صفحة مع المعدّاوي و52 صفحة مع تقيّ الدين)، وفي تركها تروي بنفسها تجربتَه من خلال منظورات حوارية متعددة. وقد يرتبط اهتمامُ إدريس الكبير بالرسائل في سرد ذكرياته باهتمامه المبكّر بهذا النوع الكتابي، ومحاولةِ إدماجه في السرد؛ وهو ما تعبّر عنه تجربتُه السرديةُ في أقاصيص أولى التي ترتبط بمرحلته الرومنتيكية ما قبل الباريسية، إذ يكثر استخدامُ الرسائل في قصص "أشواق" و"أمومة" و"أصداء" و"الحرمان" و"دموع في الكونتنتال" و"لعنة الحب." وسيعزّز إدريس أسلوبَ الرسائل في إطار تنويع أشكال السرد في مرحلته الباريسية التي تمثّل الحيّ اللاتيني أهمّ أثرٍ مرتبطٍ بها خصوصًا وبتجربة إدريس الأدبية عمومًا. لكنّ الرسائل المتبادلة بينه وبين المعدّاوي من جهة وتقيّ الدين من جهة ثانية تضطلع بأهميةٍ تاريخيةٍ كبيرة في منظور تاريخ الأدب وتطوّر المفاهيم الأدبية والنقدية في تلك الفترة. كما تضطلع مراسلاتُه مع تقيّ الدين بأهميةٍ خاصةٍ أيضًا بالنظر إلى الصداقة العميقة التي ربطت بينهما وافتراقها بتأثير حدّة الاستقطاب المحتدم في الخمسينيات بين الحزب السوري القومي الاجتماعي والحركة القومية العربية: ففي حين حدّد إدريس مصيرَه بقضايا الحركة العربية ومشروعها القومي، انخرط تقيّ الدين في حركة الحزب المذكور وأخلص له حتى حافة الهاوية، جامعًا بشكلٍ معقّدٍ بين شخصيته القوية الساخرة وتعلقه بإعادة اكتشاف اللغة الجارية واندفاعه خلف المُثل البطولية المرتبطة بفلسطين ومنعة الأمة. ويكشف تقيّ الدين في مراسلاته مع إدريس عن فهمٍ معمّقٍ ومتطوّرٍ للقصة القصيرة تجدر بنا العودةُ إليه ووضعُه في مكان التطور التاريخي في الأدب العربي الحديث لهذا المفهوم وممارساته الأدبية، إذ لا ريب في أنه يبدو سبّاقًا في الفهم الناضج والمكين لهذا النوع الأدبي.
***
تضيء ذكريات الأدب والحب مرحلةً مهمةً ومبكّرةً من حياة سهيل إدريس الشابّ الشخصية والأدبية والفكرية، وتضطلع بأهميةٍ خاصةٍ في منظور الدراسات الأدبية وتاريخ الأدب العربي الحديث خصوصًا، وتشكّل صورةَ المثقف الحديث في منظور نظرية الحداثة. وهي تقطع الشريطَ السردي عند مرحلة أوائل الخمسينيات، مع أنها تقوم باستباقاتٍ محدودةٍ إلى ما بعدها. ويثير ذلك أسئلةً عن الجزء الثاني أو الأجزاء الأخرى المحتملة، التي لا بدّ أن تكتسب أهميةً كبرى لأنها تتعلّق بمرحلة التحوّل والأسئلة والصراعات الكبرى التي انخرط فيها إدريس في مرحلته ما بعد الباريسية، وبامتلاك إدريس معلوماتٍ هائلةً عنها بحكمِ ما لعبته مجلةُ الآداب ومعاركُها في تطوّر الثقافة العربية الحديثة، وبحكم مكانة سهيل إدريس الديناميكية في الجيل الكبير الرائد والمؤسس في الثقافة العربية.
حلب

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:56 PM
سهيل إدريس
- سهيل إدريس من مواليد بيروت سنة 1925 (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%84%D8%AD%D9%82:1925) م، درس في الكلية الشرعية وتخرج منها شيخا عالما ورجل فقه، وبعد تخرجه سنة 1940 م تخلى عن زيه الديني وعاد إلى وضعه المدني.

- كان والده إماماً لمسجد البسطة التحتا في بيروت وأراد لابنه سهيل أن يسير على الدرب ذاتها فتعمم الولد وهو لم يبلغ الثامنة من العمر. اختاره المفتي محمد توفيق خالد، مفتي الجمهورية اللبنانية آنذاك، من بين العديدين من طلاب الكلية الشرعية ليتلقى علوم الدين وليصبح يوم يشب إماماً كوالده. وبعد خمسة أعوام شعر الشاب أنه لم يخلق لهذه الدعوة ولم تخلق له، كما يقول في حديث له، فترك الدراسات الدينية وهو ما يشير الى تمرده المبكر على نمط الحياة التي اختارها له الاخرون.

- إن لغة سهيل في هذا الكتاب تتصف بالسلاسة والانسياب، ويعمد فيها إلى السخرية والتسلية والفكاهة الرشيقة (وأحياناً بدون ربط أو مبرر)، وهي على العموم تدفعنا إلى الابتسام.

- يرى د. فاروق مواسي الذي قدم قراءة للسيرة الذاتية لسهيل ادريس انه لم يكن لبعض القصص التي وردت في كتابه مبرر مثل هذه القصة " والحقيقة أنني لم أكن أحب أبي، إذ كنت أشعر بأنه يعيش جواً من النفاق، وجاء وقت بدأت أحس أن أبي يحيا حياتين... واكتشفت ذات يوم اصطحابه لشاب جميل الطلعة، أشقر الشعر، كنت أراه أحياناً في المتجر الملاصق لمتجره على المرفأ. وقد دخل مع هذا الشاب إلى غرفة الاستقبال في بيتنا التي كان لها باب خارجي، وبعد قليل سمعت صوت انغلاق الباب الداخلي لهذه الغرفة وصوت المفتاح يدور في قفل الباب، فناديت أخي الأكبر، وحكيت له، فهز رأسه كأنه فهم ما أقصد إليه، وتمتم بعبارة فيها لهجة استنكار، وتكررت هذه الحادثة..." (ص 12،13 )..ولكن الباحث يدرك اهمية هذه القصة من حيث الاثر الذي خلفته علاقة والده الشاذة وعلاقته غير السوية مع والده عليه كطفل حيث يبدو انها اوقعته في ازمة نفسية حادة فدقعه نفاق والده للتخلي عن خط مسيرة في الذي رسم له.

- يقول سهيل إدريس في احدى اجاباته على سؤال " لا نشكّ في أنّ لكارثة فلسطين عامَ 1948 تأثيرًا بالغًا في إثارة الوعي لدى جميع المثقّفين العرب، ودفْعِهِم إلى أن يضطلعوا بدور مهمّ في الحياة الثقافية لكي يستطيعوا أن يهيّئوا الأجيالَ لمجاوزة هذه الكارثة. والواقع أنّني، بتأثيرٍ من هذا، تخلّيتُ عن جميع أعمالي التي كنتُ أقوم بها في تلك الفترة، ولاسيّما في الصحافة، لأطلبَ تجديدًا لنفسي ومزيدًا من الوعي. ففي سنة 1949، أيْ بعد الكارثة بعام، استقلتُ من الصحف والمجلاّت التي كنتُ أعمل فيها، ومن الإذاعات التي كنتُ أوافيها ببعض إنتاجي، وقرّرتُ أن أسافر إلى باريس لأكتسبَ المزيدَ من المعرفة والعلم وأوظّفَ هذا المزيدَ من أجل القضية الكبرى.

- ويقول في مكان آخر " أعتقد أنّ من قوانين التاريخ أن يحاول الإنسانُ، إذا ما تعرّض لنكسات في حياته أو لتدمير بعض طاقاته، أن يعودَ إلى الصفر، وأن يحاول أن يبحث عن السبب الذي من أجله وَصَلَ إلى ما وصل إليه. وأنا أُدرج هذا التيّارَ الجديدَ، في التكلّم على الهويّة، في هذا النطاق. فنحن نبحث الآن فعلاً، ولم نُفِقْ بعدُ من الضربات المتتالية التي تَعرّضْنا لها في سنواتنا الأخيرة. إنّنا نبحث عن ذاتنا مرّةً أخرى لنُجوهِرَها، ونخرجَ بها إلى حيّزٍ تستطيع أن تكون فيه فاعلةً من أجل التطوّر والتغيّر وتجاوُزِ الواقع المؤلم. فلا ضير في أن نقوم بمثل هذا البحث بين فترة وأخرى، لأنّه يعرِّفنا بذاتنا أكثر. وربما كان في ذلك دفعٌ لنا لتدارُكِ ما فاتنا، ولمحاولة الخروج من المآزق التي يأخذ بعضُها برقاب بعضٍ وتضعنا في حالةٍ من الإحباطِ نبحث فيها عن ثغرةٍ من الأمل.

- وفي رده على سؤال آخر يقول " طبعاً عشنا في النصف الاول من القرن الماضي مجموعة من الهزائم، لا بسبب اعتناقنا للفكر القومي، وانما لسوء تطبيق هذا الفكر. ولا مبرر على الاطلاق للتخلي عن المبدأ الذي نعتقد ان لا خلاص من دونه.

- ويقول في مكان آخر"لقد اخذ عليَّ البعض ما ذكرته عن سلوك ابي من شذوذ جنسي، ولكنهم لا يستطيعون ان يشعروا بما كنت اشعر به شخصياً حين كتبت ما كتبته، لم يكونوا ليشعروا بالخجل الذي عانيته من سلوك ابي، وهذا شيء انساني وطبيعي، ومن المفروض ان اتحدث عنه كما اشعر بالخجل من اي سلوك يكون فيه الكذب هو الطاغي والتزوير والتضليل.

- ويقول عن شذوذ والده "شعرت بشيء من التردد، وهذا بشري ايضاً، لكنني قررت مع ذلك ان اعود الى احساسي العميق والصادق مما كنت اعانيه من هذه المشكلة. صحيح انه اثار كثيرين، ومنهم بعض افراد اسرتي. لكن ليس هناك ما يلغي حقي في الاعتراف بالحقائق".

- يعترف بأن الجبة والعمامة كانتا عبئاً كبيراً عليه، وانها خلقت تناقضا بين الشخص الذي في الداخل والرداء الخارجي.

- كما يعترف بحجم معاناته بسبب قصر قامته ويقول ان ذلك تسبب له ببعض العقد النفسية. ويرى ان تصيد الناس كان بمثابة استعادة ثقة بالنفس.

- انعكاس الأوضاع الاقتصادية الصعبة التي حولت والده التي تاجرٍ مفلسٍ.

هناك اكثر من سبب تجعلنا بعتقد انه عاش حياة ازمة وربما ان اهمها :

- قصر قامته.
- والده الشاذ وعلاقته المتوترة به لرفضه هذا السلوك مهما كانت المبررات.
- التناقض الذي عاشه بين تربيته الدينية ورغباته الدنوية التي ربما كانت مدفوعة بعقد النقص التي احسب ها فدعته للارتماء في أحضان الدنيا والمرأة.
- أصوله المغربية ( الادريسية ) وبحثه عن الذات.
- ظروف الأسرة الاقتصادية الصعبة وإفلاس والده التاجر.

مأزوم.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:56 PM
44- عودة الروح توفيق الحكيم مصر

25 يوليو 2008 كتبت بواسطة خالد الزهراني (http://www.rclub.ws/?author=2655)

المولف : توفيق الحكيم
الناشر : مكتبة مصر
الجزء الأول : 230 صفحة
الجزء الثاني : 212 صفحة

أهلاً بكم :
أقوم بعرض هذه الرواية بين ايديكم بعد أن أنتهيت لتو من قرائتها ، ولست أذكر كم من المرات قمت بقرائتها ، بيد أني في كل مرة أقوم بقرائتها يجتاحني ذات الشعور المريح بالفكاهة والخفة ،وكنت قد قرائتها لأول مرة منذ عشرين عاماً (لسة بذلك الكبير في السن ولكني بدئت بتقليب صفحات الكتب منذ بواكير سنيى الأولى) ،دعوكم مني الأن ولندلف الى عالم هذه الرواية الذي قام بخلقه الكاتب الكبير “توفيق الحكيم” .
تدور احداث هذه الرواية في مصر بالطبع أبان فترة الأحتلال الأنجليزي لها وشخصية الرواية المحورية شاب يدعى (محسن) وهو طالب ثانوية يسكن مع أعمامه الثلاثة ، حنفي ويعمل مدرس حساب وعبده طالب كلية الهندسة وسليم ضابط البوليس الموقوف عن العمل ويقوم بخدمتهم مبروك الخادم تحت أشراف السة زنوبة عمت محسن ، وينقدح زناد أحداث هذه الرواية بضياع منديلاً حريري تمتلكه سنية الجارة اليافعة الساكنة مع أمها ربة البيت وأبيها الدكتور حلمي والذي كان يعمل في الجيش كطبيب ،أنشغل محسن وأعمامه بهذه الفتاة أيمى أنشغال وتباينة أحاسيسهم تجاه هذه الفتاة ، وينتهي العام الدراسي ويسافر محسن الى دمنهور ، والى هنا وينتهي الجزء الأول من الرواية .
ويبد الجزء الثاني من الرواية من عربة القطار الذي أستقله محسن ليبلغ دمنهور حيث يعيش أبويه ، أمه التركية الأصل وأبوه صاحب الأرض الزراعية الواسعة وتبقى سنية وأعمامه حاضرين في ذاكرته طوال الوقت وهو يجوب الحقول ويعاشر الفلاحين ويسمع أحاديثهم ومشاكلهم مع البدو الذين يقيمون على أطراف القرية ، وتنتهي أجازة محسن ويعود الي القاهرة ، وكان أن دخلة على خط أحداث الرواية شخصية (مصطفى) وذلك اثناء غياب محسن ، ترى ما شأن هذ الشخصية مع سنية والعمة زنوبة وما موقف الأخرين منها ، هذا ما سوف أتركه لك عزيزي القارئ لتكتشفه .

تكون بداية النهاية لهذه الرواية بقيام البوليس بالزج بمحسن وأعمامه وخادمهم في السجن ثم ينتهي بهم المطاف الي مستشفى السجن كيف ولماذا هذا ايضاً اتركه لك سيدي القارئ لتكتشفه .

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:56 PM
عودة الروح

نبذة النيل والفرات:
اشتدت الحالة حرجاً، غير أن المدهش أن "عبده" و"محسن" و"سليم" اندفعوا وانغمسوا في الثورة على نحو يقلق، ولعل زنوبة هي الوحيدة التي لاحظت ذلك... وقد خيّل إليها أنها فهمت قليلاً سرّ ذلك: أن هؤلاء الثلاثة الذين كانوا منذ قليل ساكتين صامتين كأصحاب "بنك" أفلس... تخنقهم الكآبة والضيق كأنهم في سجن من نفوسهم لا يستطيعون منه خلاصاً.

هؤلاء الثلاثة ما كادت الثورة تنفجر حتى انفجروا معها... وإذا هم قد ذهب انقباضهم ودهشتهم، وحلّ محله الاهتمام والكفاح والتحمّس. ولعلّ الصغير "محسن" كان أظهرهم تأثراً بذلك الحدث التاريخي!.. فقد استحال كلّ ما كان في قلبه من حبّ خاب فيه بقسوة، إلى عواطف وطنية حارة، وكل عواطف التضحية التي كان مستعداً لبذلها في سبيل معبود قلبه، إلى عواطف تضحية جريئة من أجل معبود وطنه. بهذه الكلمات يختصر الأديب توفيق الحكيم روايته عودة الروح. حب وخيبة وفشل عاطفي يسردها الحكيم بأسلوبه الممتع الذي يجعل من الرواية كتلة أحدا ث متحركة، ينطق شخصياتها بعفوية ممتعة ويحيلها حضوراً متواجداً في ذهن القارئ ونظره وسمعه، والذي يتفاعل مع الأحداث العاطفية منها والوطنية وذلك لبراعة القلم الذي صاغها وقدرته على النفاذ إلى عمق الشخصية والحدث بآن معاً، وصياغتها في مناخ روائي يمتع النفس ويثري الخيال.

==

باختصار هي رواية عن عائلة مصرية تناول الكاتب محاسنها وعيوبها في بساطة يحس معها القارئ أنه يقرأ عنها الحقيقة بعينها، ويشعر معها أن هذه العائلة هي صورة طبق الأصل لشعب بأكمله.. إن مثل هذه الروايات تساعدنا على فهم أوضاع شعب أعاد بناء استقلاله ببطء.. وقيمتها تكمن في تلك الصورة التي تمخضت عن خلق روح مصر الحاضرة.. هي رواية اجتماعية واقعية بقلم كاتب كبير ترك بصمة خالدة في تاريخ الأدب العربي.

==
فترةٌ وأنا منهمكٌ في قراءة الأدب المترجم ؛ و الذي لا يمكنني بالطبع إنكار جودته ، إلا أني أشعره
قد صُبَّ كقالبٍ واحد !
لا أجد فيه الليونة والانسيابية التي أتلذّذُ بها ،
وكانت عودتي لتوفيق الحكيم في روايته عودة الروح ، أشبه ما تكون بالعودة إلى الوطن !
أو إلى الفرشة التي تركتها مرغماً ، والتي نمتُ عليها لأعوامٍ وأعوام !
..
يقول جانين بونجران في عودة الروح :

" إنها ولاشك طريقة شهرزاد في حديثها ، مع سخرية دقيقة مماثلة لسخرية فولتير مؤلف كانديد !
ياله من سحر يجتذب القارئ حتى نهاية القصة .. "

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:57 PM
توفيق الحكيم

- توفيق الحكيم (9 أكتوبر (http://ar.wikipedia.org/wiki/9_%D8%A3%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%A8%D8%B1)1898 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1898) - 26 يوليو (http://ar.wikipedia.org/wiki/26_%D9%8A%D9%88%D9%84%D9%8A%D9%88)1987 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1987))ولد في الإسكندرية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AF%D8%B1%D 9%8A%D8%A9) وتوفى في القاهرة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9).
- اتهموه بأن له ما وصفوه بميول فرعونية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%AF%D9%8A% D9%85%D8%A9) وخاصة بعد رواية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%28%D8%A3%D8%AF%D8% A8%29)عودة الروح (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B9%D9%88%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D9 %84%D8%B1%D9%88%D8%AD&action=edit&redlink=1) .
- أرسله والده إلى فرنسا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7) ليبتعد عن المسرح (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%AD) ويتفرغ لدراسة القانون (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86) ولكنه وخلال إقامته في باريس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3) لمدة 3 سنوات (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%86%D8%A9_%28%D8%AA%D9%88%D8%B6%D9%8A%D8% AD%29) اطلع على فنون (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D9%86) المسرح الذي كان شُغله الشاغل واكتشف الحكيم حقيقة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D9%82%D9%8A%D9%82%D8%A9) أن الثقافة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9) المسرحية الأوروبية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D9%88%D8%B1%D9%88%D8%A8%D8%A7) بأكملها أسست على أصول المسرح اليوناني (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%AD_%D9%8A%D9 %88%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A&action=edit&redlink=1) فقام بدراسة المسرح اليوناني القديم (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE_%D8%A7%D9%84%D9%8A% D9%88%D9%86%D8%A7%D9%86) كما اطلع على الأساطير (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%B3%D8%B7%D9%88%D8%B1%D8%A9) والملاحم اليونانية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%86) العظيمة .
- ولد توفيق إسماعيل الحكيم بالإسكندرية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AF%D8%B1%D 9%8A%D8%A9) عام 1897 لأب مصري (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1) من أصل ريفي يعمل في سلك القضاء في قرية الدلنجات إحدى قرى مركز ايتاي البارود (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D9%8A%D8%AA%D8%A7%D9%8A_%D8%A7%D9%84%D8%A8% D8%A7%D8%B1%D9%88%D8%AF)بمحافظة البحيرة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D9%8A%D8%B1%D8%A9_%28%D9% 85%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%B8%D8%A9%29)، وكان يعد من أثرياء الفلاحين، ولأم تركية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7)أرستقراطية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A3%D8%B1%D8%B3%D8%AA%D9%82%D8%B1%D8%A7%D8%B7%D 9%8A%D8%A9) كانت ابنة لأحد الضباط الأتراك المتقاعدين
- لكنَ هناك من يقدم تاريخاً (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%AE) آخر لولادته وذلك حسب ما أورده الدكتور إسماعيل أدهم والدكتور إبراهيم ناجي في دراستهما عن الحكيم حيث أرَّخا تاريخ مولده عام 1903 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1903) بضاحية الرمل في مدينة الإسكندرية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A5%D8%B3%D9%83%D9%86%D8%AF%D8%B1%D 9%8A%D8%A9).
- كانت والدته سيدة متفاخرة لأنها من أصل تركي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B1%D9%83%D9%8A%D8%A7) وكانت تقيم العوائق بين الحكيم وأهله من الفلاحين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B2%D8%B1%D8%A7%D8%B9%D8%A9) فكانت تعزله عنهم وعن أترابه من الأطفال وتمنعهم من الوصول إليه، ولعل ذلك ما جعله يستدير إلى عالمه العقلي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%82%D9%84) الداخلي،
- عندما بلغ السابعة من عمره التحق بمدرسة دمنهور (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%85%D9%86%D9%87%D9%88%D8%B1) الابتدائية حتى انتهى من تعليمه الابتدائي سنة 1915 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1915) ثم ألحقه أبوه بمدرسة حكومية في محافظة البحيرة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A8%D8%AD%D9%8A%D8%B1%D8%A9_%28%D9% 85%D8%AD%D8%A7%D9%81%D8%B8%D8%A9%29) حيث أنهى الدراسة الثانوية ثم انتقل إلى القاهرة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9)، مع أعمامه، لمواصلة الدراسة الثانوية في مدرسة محمد علي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%B9%D9%84%D9%8A_%28%D8 %AA%D9%88%D8%B6%D9%8A%D8%AD%29) الثانوية، بسبب عدم وجود مدرسة ثانوية في منطقته.
- وفي هذه الفترة وقع في غرام (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%A8) جارة له، ولكن لم تكن النهاية لطيفة عليه.
- أتاح له هذا البعد عن عائلته نوعا من الحرية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%A9) فأخذ يهتم بنواحٍ لم يتيسر له العناية بها إلى جانب أمه كالموسيقى (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%8A%D9%82%D9%89)والتمثيل (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%85%D8%AB%D9%8A%D9%84) ولقد وجد في تردده على فرقة جورج أبيض (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%88%D8%B1%D8%AC_%D8%A3%D8%A8%D9%8A%D8%B6) ما يرضي ميوله الفنية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D9%86) للانجذاب إلى المسرح (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B3%D8%B1%D8%AD).
- في عام 1919 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1919) مع الثورة المصرية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9_1919) شارك مع أعمامه في المظاهرات وقبض عليهم واعتقلوا بسجن (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D8%AC%D9%86) القلعة. إلا أن والده استطاع نقله إلى المستشفى العسكري إلى أن أفرج عنه.
- حيث عاد عام 1920 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1920) إلى الدراسة وحصل على شهادة الباكالوريا عام 1921 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1921). ثم انضم إلى كلية الحقوق (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86) بسبب رغبة أبيه ليتخرج منها عام 1925 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1925)، التحق الحكيم بعد ذلك بمكتب أحد المحامين (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D8%A7%D9%85%D9%8A) المشهورين، فعمل محاميا متدربا فترة زمنية قصيرة، ونتيجة لاتصالات عائلته بأشخاص ذوي نفوذ تمكن والده من الحصول على دعم أحد المسؤولين في إيفاده في بعثة دراسية إلى باريس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3) لمتابعة دراساته العليا في جامعتها قصد الحصول على شهادة الدكتوراه (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AF%D9%83%D8%AA%D9%88%D8%B1%D8%A7%D9%87) في الحقوق (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%A7%D9%86%D9%88%D9%86) والعودة للتدريس في إحدى الجامعات (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9)المصرية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1) الناشئة فغادر إلى باريس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3) لنيل شهادة الدكتوراه (1925 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1925) - 1928 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1928))، وفي باريس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%8A%D8%B3)، كان يزور متاحف اللوفر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AA%D8%AD%D9%81_%D8%A7%D9%84%D9%84%D9%88% D9%81%D8%B1) وقاعات السينما (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D8%B5%D9%88%D9%8A%D8%B1_%D9%85%D8%AA%D8%AD% D8%B1%D9%83) والمسرح، واكتسب من خلال ذلك ثقافة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AB%D9%82%D8%A7%D9%81%D8%A9) أدبية وفنية واسعة إذ اطلع على الأدب العالمي وفي مقدمته اليوناني (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%8A%D9%88%D9%86%D8%A7%D9%86%D9%8A%D9%88%D9%86)و الفرنسي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7) .
- وانصرف عن دراسة القانون، واتجه إلى الأدب المسرحي والقصص، وتردد على المسارح الفرنسية ودار الأوبرا، فاستدعاه والداه في سنة 1927 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1927) أي بعد ثلاث سنوات فقط من إقامته هناك، وعاد الحكيم صفر اليدين من الشهادة التي أوفد من أجل الحصول عليها.
- في (عودة الروح) هي الشرارة التي أوقدتها الثورة المصرية، وهو في هذه القصة يعمد إلي دمج تاريخ حياته في الطفولة والصبا بتاريخ مصر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1)، فيجمع بين الواقعية والرمزية معا على نحو جديد، وتتجلي مقدرة الحكيم الفنية في قدرته الفائقة على الإبداع وابتكار الشخصيات وتوظيف الأسطورة والتاريخ على نحو يتميز بالبراعة والإتقان، ويكشف عن مهارة تمرس وحسن اختيار للقالب الفني الذي يصب فيه إبداعه، سواء في القصة أو المسرحية، بالإضافة إلي تنوع مستويات الحوار لديه بما يناسب كل شخصية من شخصياته، ويتفق مع مستواها الفكري والاجتماعي؛ وهو ما يشهد بتمكنه ووعيه.
- يمتاز أسلوب توفيق الحكيم بالدقة والتكثيف الشديد وحشد المعاني والدلالات والقدرة الفائقة علي التصوير؛ فهو يصف في جمل قليلة ما قد لا يبلغه غيره في صفحات طوال، سواء كان ذلك في رواياته أو مسرحياته.
- يعتني الحكيم عناية فائقة بدقة تصوير المشاهد، وحيوية تجسيد الحركة، ووصف الجوانب الشعورية والانفعالات النفسية بعمق وإيحاء شديدين.
- فى ١٩٤٦ تزوج الحكيم أثناء عمله في «أخبار اليوم»، وأنجبت له زوجته طفلين هما إسماعيل وزينب، ولم يخبر أحداً بأمر زواجه حتى علق مصطفى أمين قائلاً (نحن الصحفيين مهمتنا الحصول على الأخبار ونحصل عليها من السراى ولا نعرف بزواج الحكيم) ويكتب مصطفى أمين عن زواجه في مقال له بعنوان (عدو المرأة يتزوج بشروطه) وينقله لنا الدكتور أحمد سيد محمد في كتابه «توفيق الحكيم.. سيرته وأعماله» فيقول: إنه أخفى عليهم أمره ثم اعترف لهم بأنه تزوج من سيدة مطلقة لها ابنتان، وأن الزواج عقلى الغرض الأول منه تأسيس بيت يصلح لحياة فنان، الكتب فيه أهم من الفراش، والموسيقى فيه أكثر من الطعام!
- نزّله جمال عبد الناصر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D9%85%D8%A7%D9%84_%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7 %D9%84%D9%86%D8%A7%D8%B5%D8%B1) منزلة الأب الروحي لثورة 23 يوليو (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AB%D9%88%D8%B1%D8%A9_%D9%8A%D9%88%D9%84%D9%8A% D9%88)، بسبب عودة الروح التي أصدرها الحكيم عام 1933 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1933)، ومهّد بها لظهور البطل المنتظر الذي سيحيي الأمة من رقادها.
- من اقواله" ان الإنسان نفسه عقدة العقد".
- لما أتم تعلمه الابتدائي اتجه نحو القاهرة ليواصل تعلمه الثانوي ولقد أتاح له هذا البعد عن عائلته شيئا من الحرية فأخذ يعنى بنواحي لم يتيسر له العناية بها إلى جانب أمه كالموسيقى والتمثيل ولقد وجد تردده على فرقة جورج أبيض ما يرضي حاسته الفنية لانجذب إلى المسرح.
- عاصر الحربين العالميتين 1914 - 1939.
- توفيق الحكيم يبدو في مذكراته انه ألاكثر قلقاً والاقل استقراراً. وانه كان يخشى من عدم قدرته على الوصول للنجاح الذي يريده، ويصف في مذكراته الجهد الذي بذله للوصول للتفوق في ميدان الأدب.
- توفي في 1987
- كثير ما أقامت هذه الأم الحوائل بين الطفل توفيق وأهله من الفلاحين، فكانت تعزله عنهم وعن أترابه من الأطفال وتمنعهم من الوصول إليه، ولعل ذلك ما جعله يستدير إلى عالمه العقلي الداخلي، وبدأت تختلج في نفسه أنواع من الأحاسيس والمشاعر نتيجة لهذه العزلة التي فرضتها والدته عليه، فنشأت في نفسه بذور العزلة منذ صغره ، وقد مكّنه ذلك من أن يبلغ نضجاً ذهنياً مبكراً.
- بدأ توفيق الحكيم حياته التعليمية فى الكتاتيب، تمشيا مع ظروف عمل والده.
- عرضه حبه للسينما ذات مرة لأن يقضى ليلته مطروداً من المنزل، ولم يغفر له والداه حتى أقسم لهما على ألا يذهب إلى دور السينما.
- يصف عودته من فرنسا بدون شهادة بقوله "عدت فاستقبلنى أهلى كما يستقبل الخائب الفاشل، وتصادف أن سمعوا أصوات فرح على مقربة من منزلنا. فلما سألوا عن الخبر قيل إن سرادقاً أقيم وأكواب شربات تقدم ابتهاجاً بجار زميل لى عاد من الخارج ناجحاً فالحاً ظافراً بشهادة الدكتوراه، فازداد مركزى سوءًا، ورأيت الهم والغم والأسى فى عيون أهلى، وسمعتهم من حولى يتهامسون: يا خيبتنا يا خيبتنا».

هناك عدة احداث لا بد انها اثرت فيه وهي :
- عزلته عن اقاربه وعن الاخرين من اقرانه وهو طفل تلك العزلة التي فرضتها الام المعتزه بنفسها وباصلها.
- دراستة في القاهرة اي بعيد عن واليده بعد الدراسة الابتدائية.
- مشاركته في ثورة 1919 وعمره 21 سنه اذا كان من مواليد 1898 او 16 سنه اذا كان من مواليد 1903.
- سجنه كنتيجة لمشاركته في الثورة تلك.
- فشله في حصوله على الدكتوراه.
- معاصرته للحربين العالمية الاولى والثانية.
- عدم اعلان زواجه وزواجه من امرأة مطلقة لها ابنتان مؤشر الى عقد نفسية .
- موقفه من المرأة مؤشر آخر عن عقد نفسية ربما تسببت بها والدته.


يمكن اعتباره يتيم اجتماعي.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 05:59 PM
45- الرهينة زيد مطيع دماج (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B2%D9%8A%D8%AF_%D9%85%D8%B7%D9%8A%D8%B9_%D8%AF %D9%85%D8%A7%D8%AC) اليمن

الرهينة
"جاءت الرهينة لتنقل الرواية اليمنية من المحلية الضيقة إلى العالمية الواسعة، وقد اعتبرت ضمن أفضل مائة رواية كتبت في القرن العشرين وطبع منها حوالي ثلاثة ملايين نسخة وترجمت إلى خمس لغات هي الإنجليزية والفرنسية والألمانية واليابانية والصينية، وتعتبر روايته الرهينة تعبيرا واقعيا لأوجاع اليمنيين في فترة من أحلك فترات الجبروت الإمامي والتسلط الملكي البائد.
استطاع زيد دماج التعبير وبصدق عن هموم ومعاناة شعب بأكمله من خلال " رهينته" التي ستظل مصدرا ومرجعا للباحثين والدارسين جمعت بين القصة الإجتماعية والمأساة وبين استعراض غير مباشر للتاريخ اليمني"...


تعريف بالمؤلف:

زيــد مطيــع دمـــاج<Ohttp://www.alsakher.com/vb2/images/smilies/tongue.gif></Ohttp://www.alsakher.com/vb2/images/smilies/tongue.gif>

يكتب زيد مطيع دماج كما يرى أو كما يتذكر وينقل أحاسيسه ومشاعره بحرفية من يضع في الكلمة كل شيء , فهي الجسد وهي المكان وهي الضائقة وهي الفرج وهي أخيرا الملجأ المطمئن الذي يأوي إليه ليحميه من كل أشكال المخاوف التي تحدق به في عالم غير مقتنع به يحاول مرعوبا مسحورا أن يكشف أسراره ويفك طلاسمه بروح طفل حذر جريء , عيناه تبرقان كشفرة خنجر يماني . <Ohttp://www.alsakher.com/vb2/images/smilies/tongue.gif></Ohttp://www.alsakher.com/vb2/images/smilies/tongue.gif>
إن دماج روائي النبرة الخافتة والصورة المتكاملة الأبعاد بكل نتوآتها وظلالها والتي لا يمكن لنا , مع ذلك تسميتها بالفوتوغرافية , لأنها تنأى بكل مضامينها وطقوسها عن هذه الصفة الجادة خاصة وإنها منجزة في ذاكرة اللغة قبل مخيلة الكاتب , الذي وهو ينقلها لنا , لا يجرؤ على أن يخدش صفو إصغائه لها وعذوبة انسياقه وراءها لا بوعي أيديولوجي ولا بتقنية مركبة ومعقدة ولا حتى بتداعيات حلمية أو سواها .
هكذا يقودنا دماج إلى قصور الخرافة العربية حيث النساء والجواري والغلمان والحرس المفتون بالأسرار والملوك المؤطرين بالحجاب والحواشي والشعراء المداحين في قصر الإمام اليمني كاشفا خباياه , متسللا إلى دهاليزه وتحت أردية نسائه الملونة بالشهوة والخوف .
الرهينة واقع حكاية لا حكاية واقع يمكن أن يتحقق أو هو قد تحقق , عاشه المؤلف أو كاد . أهميتها أنها تخرج من خزائن الذاكرة العربية السحيقة وهي بنت سنواتنا ومعاصرتنا هنا في جنوب الجزيرة العربية في بلد عربي هو اليمن . هذا اليمن الذي يدخل الألف الثالث الميلادي وعلى كتفه جلباب الجبل المطرز ببهاء العمارة العربية الأصيلة والموشى بالمدرجات الزراعية الألفية التي تغسل أقدامها في بحيرة سبأ وسدها الأسطوري تحرس قيلولته أشجار القات في انتظار عودة الأمطار الموسمية والأبناء المهاجرين في كل أنحاء المعمورة . بين ملامح المعاش / المتخيل اليمني وبين إيماءات واختلاجات الموروث العربي الإسلامي ترتسم مثل شريحة عمودية لحالة عربية تتجاوز حدود اللغة والأدب والاجتماع لتعكس بمراياها الداخلية سؤال الزمن العربي الإسلامي بين الماضي والحاضر , هذا الأخير الذي صار يدير ظهره كليا عن المستقبل ليستقبل صورة ماضيه وحدها لا منازع , مفتونا بها تاركا شعوبا ومصاير في وحل المعاش وانهيار العالم حواليه . إنها تطرح السؤال بشكل جديد وكأنها لا تريد جوابا . تلك عفوية دماج في هز جدران الحاضرة العربية واليمنية بالذات . <Ohttp://www.alsakher.com/vb2/images/smilies/tongue.gif></Ohttp://www.alsakher.com/vb2/images/smilies/tongue.gif>
ولكن , تبقى يمنية بسلاسلها وملامحها وجدرانها وشبقها وسطوتها وبندقيتها وإمامها وقمرها " الحالي " المفتون بسهولها وسفوحها .


سيـــرة حيـــاة<Ohttp://www.alsakher.com/vb2/images/smilies/tongue.gif></Ohttp://www.alsakher.com/vb2/images/smilies/tongue.gif>

- ولد زيد مطيع دماج عام 1943 في لواء آب في اليمن وبدأ تعليمه لدى الكتاب " المعلمة " حيث حفظ القرآن الكريم .
- درس الحقوق في جامعة القاهرة والصحافة في جامعة صنعاء .
- انتخب عضوا في أول برلمان يمني عام 1970 ومن ثم رئيسا للجنة الثقافة فيه .
- عين محافظا للواء المحويت وانتقل إلى العمل الدبلوماسي حيث يعمل حاليا دبلوماسيا في سفارة اليمن في لندن .
صدرت له المؤلفات التالية :
1 - طاهش الحوبان (قصص) 1973
2 - العقرب (قصص) 1982
3 - الرهينة (رواية)1984
4 - الجسد (قصص)
5 - أحزان البنت مياسة

==

أسلوبية الرواية في الرهينة - طه حسين الحضرمي (http://www.mnaabr.com/vb/news.php?lid=1&cat=157&newsid=10346)
2009-08-23 04:04:45



الأمة برس -
مقــدمة
أثارت رواية الرهينة للروائي اليمني زيد مطيع دمّاج (1943-2000م) جدلاً كبيراً سواءً في الأوساط اليمنية أم على مستوى الوطن العربي، فقد اُحتفِيَ بها محلياً وعربياً وعالمياً، نقلت هذه الروايةُ، الروايةَ اليمنيةَ من المحلية الضيقة إلى العالمية الواسعة ، كما عُدَّتْ ضمن أفضل مائة رواية كتبت في القرن العشرين وطُبع منها حوالي ثلاثة ملايين نسخة، وتُرجمت إلى سبع لغات هي(الانكليزية)و(الفرنسية) و(الألمانية)و(اليابانية) و(الصينية) و(الهندية) و(الصربية)، وتُعدُّ هذه الرواية تمثيلاً واقعيا لأوجاع اليمنيين في فترة من أحلك فترات تاريخهم في ظل التسلط الإمامي البائد، فقمينٌ بنا نحن - اليمنيين- أن نحتفيَ بها تحليلاً ودراسةً؛ لهذا ارتأى الباحث أن يتخذ أطروحات النقد السردي الحديث مركبا نقديا لاستكناه النسيج الداخلي لهذه الرواية؛ لأن النقد الروائي لم يعد يتكئ كثيرا على مضمون الخطاب السردي واتجاهاته المذهبية، بل تخطى كل ذلك بالولوج إلى مكونات النص وأنسجته الداخلية المتداخلة، ممتطيا لذلك مراكب عدة، منها علوم اللغة ودلالاتها، ومباحث الأسلوب بأدواته الإجرائية، كما أفاد من معطيات الفنون البصرية الحركية ولاسيما السينما في ضبط مصطلحاته وقياس مسافاته وتحديد التقنيات الموظفة فيه، وقد كان للشكلانيين الروس إسهام جليل في الاهتمام بقضايا الشكل والبناء في السرد، فمضى النقاد السرديون يمتحون من هذا الإسهام زمنا طويلا، لتتشكل من ذلك كله- بعدئذ - آراء واجتهادات أصبحت رافدا من روافد تقنيات السرد الحديثة،التي بلغت ذروتها على يد جريماس وتودوروف وجينيت وبارت وغيرهم، وبهذا تداخل الإبداع والتنظير له، فتبادلا التأثير في بعضهما البعض.
حاول الباحث الإفادة من هذه التقنيات ، ولاسيما من مجمل أطروحات عالم اللغويات الروسي بوريس أوسبنسكي المبثوثة في كتابه(شعرية التأليف)، والإفادة من كتاب (أسلوبية الرواية) لحميد لحمداني؛ في إطار نظرية ميخائيل باختين المبثوثة في كتاباته النقدية عن فن الرواية ولاسيما كتابه القيم (الكلمة في الرواية)؛ وذلك للولوج إلى عالم رواية (الرهينة) المفعم بالغرائبية ، لاستكناه تجليات الأسلوب الروائيّ في أحشائها.
بين يدي أسلوبية الرواية
يثير مصطلح (أسلوبية الرواية) عدة تساؤلات، ماذا نعني بالأسلوب هاهنا ؟ و هل له صلة بالبلاغة التقليدية -عربية كانت أم غربية- ؟ وهل له صلة بالأسلوبية الحديثة وريثة البلاغة التقليدية ؟ وهل للرواية أسلوب مثل الشعر ؟ وكيف يتشكّل هذا الأسلوب في الرواية ؟ وهكذا تتابع الأسئلة ؟ ولسنا في مقام تفنيد هذا المصطلح، فلذلك مقام آخر تتقاصر دونه جهودنا، وإنما نحن في مقام تطبيق منهجية تمتح من هذا المصطلح على رواية (الرهينة) نبحر من خلالها في خضم تشكّل الأسلوبية فيها، بيد أنه يجدر بنا –قبل هذا الإبحار- أن نستنطق شيئا من أسس هذه الأسلوبية، حتى تستبين السبيل أمامنا.
هناك مصطلحات كثيرة تعاورتها أقلام بعض دارسي الرواية العربية بشأن جلاء جمالياتها، من مثل شعرية السرد وبلاغة السرد وإنشائية الرواية وغيرها، بيد أنها مصطلحات تخضع في الغالب لذائقة هؤلاء الدارسين النقدية، دون تسويغ تنظيري لاختيارها، وإن كانت في معظمها تدور في إطار بلاغة الرواية بمفهومها العام، ولكن « بلاغة الرواية إذا أريد لها أن تصبح علما قادراً على استيعاب تقنية الرواية ومقوماتها الجمالية، عليها أن تتحول إلى استيعاب ما يمكن تسميته بأسلوبية الرواية» ، غير أننا ينبغي أن نتوخى الحذر عند استخدام مصطلح (الأسلوبية)؛ لأنه جرت العادة في النظر إلى مفهومه بوصفه منهجا يعالج قضايا الشكل والصياغة الصورية ، في حين أن فن الرواية يقتضى نظرة أكثر شمولية من القضايا الشكلية البحتة؛ لهذا ينبغي على دارسي أسلوبية الرواية أن يضعوها « في إطار التلفظ وفي طليعتها نوعية الوعي الذي يتحكم في صياغة العمل الروائيّ شكلا ومضمونا» .

فما هي إذن مقومات أسلوبية الرواية ؟ علمنا فيما سبق أن التعدد الأسلوبي في الفن الروائيّ – سواء أكانت الرواية مونولوجية أم حوارية- يقتضي قيام أسلوبية مخالفة لأسلوبية الشعر؛ لهذا كان لهذه الأسلوبية طبيعة مغايرة، ومن هنا كان لأطروحات ميخائيل باختين في شعرية الرواية وفنيتها أهميتها البارزة، التي أنتجت مصطلحات مثل، تعددية اللغة وتعددية الأصوات والحوارية، فكان اهتمامه منصباً على علاقة الذات المبدعة بإبداعها، وعلاقة الصوت الفردي بالأصوات الأسلوبية للشخصيات المختلفة، من خلال أسلبتها وإدماجها في نظام عام يأتلفها ، فمن هنا تخفت نغمة بافون الشهيرة القائلة بأن (الأسلوب هو الرجل)؛ لأن هذه المقولة لا يمكن تطبيقها إلا على أنواع أدبية محددة، الرواية بمنأى عنها؛ لهذا كانت أغلب التطبيقات الأسلوبية التي تناولت فن الرواية في العالم العربي تنطلق من « مبدأ إخضاع الرواية للقوانين الأسلوبية للشعر، في الاهتمام بالصورة واختيار أجود الأساليب وأسماها مع الحرص على المطابقة التامة بين الكاتب وأسلوبه » ، في حين أن طبيعة النوع الأدبي للرواية تقتضي تعاملا خاصاً تنطلق من التعددية الأسلوبية التي تمثل الخاصية الجوهرية للجنس الروائيّ، سواء أكانت الرواية ذات صوت رئيس مهيمن على بقية الأصوات (مونولوجية) أم كانت تعتمد على أصوات متعددة كلها رئيسة (حوارية)، فمن هنا كان باختين يشير دائما إلى هذه الخاصية الجوهرية، فهو يرى أن الرواية ترفض مطلقية اللغة الواحدة أو الوحيدة ، فمن هنا كانت الرواية في مجموعها « ظاهرة متعددة في أساليبها، متنوعة في أنماطها الكلامية، متباينة في أصواتها، يقع الباحث فيها على عدة وحدات أسلوبية غير متجانسة توجد أحيانا في مستويات لغوية مختلفة وتخضع لقوانين أسلوبية مختلفة» ، ثم يشير باختين إلى أبرز الأنماط التأليفية الأسلوبية التي تكتنف العمل الروائي في الغالب على النحو الآتي:
1- السرد المباشر للمؤلف بكل أشكاله وصوره المتنوعة.
2- سرد المؤلف عن قصد بصوت آخر غير صوته الخاص، مثلما هو الحال في المونولوجات المؤسلبة المتمثلة في الـskaz .
3- كلام الشخصيات المتفرد أسلوبيا والمتميز الذي يعكس نمط تفكيرها ووجهة نظرها، فـ«هذه الوحدات الأسلوبية غير المتجانسة تأتلف فيما بينها، حين تدخل في الرواية، في نظام فني محكم وتخضع لوحدة أسلوبية عليا هي وحدة الكل، وهذه الوحدة العليا لا يمكن مطابقتها مع أيّ من الوحدات التابعة لها أو معادلتها بها» ؛ لهذا لا معنى لدراسة الوحدة الأسلوبية بمعزل عن موقعها الخاص ، وهكذا نجد أن الرواية هي حصيلة أنماط أسلوبية متعددة، ولا يعني هذا الأمر أن الروائي يكتب بأساليب متعددة « ولكنه على الأصح يوظف هذه الأساليب، ويتقمصها، ويمكن أن يُدخل أسلوبه الخاص إلى الرواية في السرد، غير أنه سيكون واحدا من الأساليب الموجودة في الرواية » ؛ لهذا كان اهتمام باختين بالأمر الجوهري في هذه المسألة وهي« من أيّ زاوية حوارية وضعت هذه الأساليب جنبا إلى جنب أو الواحد في وجه الآخر داخل العمل الأدبي» ؛ لهذا سيحاول الباحث تلمس هذه الحوارية في رواية (الرهينة) قدر الإمكان ومدى تنظيمها للأساليب المتنوعة في أحشائها من خلال العناصر الأسلوبية الآتية:
أولا: بنية عنوان(الرهينة):

باقي الدراسة

http://www.thenationpress.net/news.p...1&newsid=10346 (http://www.thenationpress.net/news.php?lid=1&cat=157&newsi=1&newsid=10346)

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:00 PM
الرهينة

الرهينة هي اسم رواية يمنية اختيرت ضمن أحسن مائة رواية عربية في القرن العشرين.

كاتب هذه الرواية هو الكاتب اليمني الراحل زيد مطيع دماج(1943-2000) والتي صادفت ذكرى وفاته في 20 من شهر مارس الماضي.
رواية الرهينة:
ان الرهينة رواية عربية جريئة بكل المقاييس هتك بها زيد قصور الأئمة وكشف ما يحدث في داخلها من ممارسات لاأخلاقية تتعارض مع الصورة المعلنة عن تقواهم وورعهم،وأبطال الرواية هم من الأطفال أبناء المشايخ (المرتهنين)في قصر الأمام ويلقبون بدويدار-كاد زيد أن يكون واحدا منهم- مهمتهم الخدمة في بادئ الأمر ثم سرعان مايتحولون الى متعة يتلهى بها الجميع الرجال والنساءالاتي يمنع دخول الدويدار عليهن عند بلوغه الحلم وتفضح الرهينةبأنها تكشف عمّا يحدث خلف الأبواب المغلقة في غرفهن وحفلاتهن.
ولم يكتفي دماج بفضح ما وقع على الخدم (أبناء الشيوخ والقبائل)من قهر وتعذيب واستغلال جنسي، بل قام بفضح العلاقات المخزية القائمة بين رموز النظام وأتباعه،وبين نساء القصر وحراسه.


وقد طبع من هذه الرواية حوالي ثلاثة ملايين نسخة وترجمت الى خمس لغات الانجليزية والفرنسية والألمانية واليابانية والصينية، ونشرت 1998ضمن مشروع اليونسكو(كتاب في جريدة) وهذا الرابط لقراءة الرواية

==
مقالات نقدية عن دماج:
http://www.dammaj.net/files/critics_page.htm


موقع عن الدماج :
http://www.dammaj.net/


==





الرهينة
تعد الرهينة أشهر رواية في اليمن وواحدة من أهم 100 رواية عربية خلال القرن العشرين، حسب استطلاعات اتحاد الأدباء والكتاب المصريين عام 2000م.




وهي العمل الروائي الوحيدالمنشور حتى الآن للأديب زيد مطيع دماج. صدرت الطبعة الأولى من الرواية عن دار الآداب في بيروت عام 1984م ومنذ ذلك الوقت لم تتوقف الرواية عن حصد الكثير من الاهتمام سواء من جمهور القراء أو من النقاد المختصين. فقد تم إعادة طباعتها أكثر من خمس مرات وتم ترجمتها إلى عدة لغات منها الفرنسية والانجليزية والألمانية والروسية والصربية والهندية. كما تم اختيارها ضمن بواكير الأعمال الإبداعية المنشورة في مشروع اليونسكو ((كتاب في جريدة (http://www.dammaj.net/files/the-hostage-introduction_UNESCO.htm))) - العدد الرابع.
الرهينة مكتوبة بلغة بسيطة جذابة ومختصرة كانت ولازالت محل اهتمام النقاد وكتاب الرواية العربية. وحول الرهينة كتبت الكثير من الدراسات والمقالات الأدبية (http://www.dammaj.net/files/critics_page.htm)والأطروحات الأكاديمية في اليمن و خارجه. والرهينة هي التي أعطت الأديب زيد مطيع دماج شهرته العربية والعالمية مما حدى ببعض النقاد إلى القول أن الرهينة بقدر ما أنصفت لدماج موهبته الروائية بقدر ما أثرت سلباً على ظهور نتاجه القصصي (http://www.dammaj.net/files/short_stories.html) الذي لا يقل تميزاً عن الرهينة.






http://www.dammaj.net/sora/book_the_hostage_5th_s.jpg (http://www.dammaj.net/sora/book_the_hostage_5th_l.jpg)

الرهينة صدرت في عدة طبعات عربية:
الطبعة الأولى- دار الآداب (بيروت) 1984م
الطبعة الثانية - دار الشؤون الثقافية (بغداد) 1988م
الطبعة الثالثة - دار رياض الريس (بيروت) 1997م
الطبعة الرابعة - مشروع مهرجان القراءة للجميع (القاهرة) 1999م
الطبعة الخامسة - اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين (صنعاء) 2010م



لقراءة الرهينة: http://www.dammaj.net/images/button7A.jpg (http://www.dammaj.net/files/chapter_one_the_hostage.htm)




http://www.dammaj.net/images/button7E.jpg (http://www.dammaj.net/files/chapter_two_the_hostage.htm)

http://www.dammaj.net/images/button81.jpg (http://www.dammaj.net/files/chapter_three_the_hostage.htm)

==


مقطع من الرهينة:

وقد تهدل يمامة أو يزقزق عصفور ليذكرني بأنكِ الملجأ والملاذ البارد الحنون. إيه.. شريفتي الحبيبة ذات الصوت المبحوح! منذ فترة لم يطرق أذني ذلك الرنين الصادر منكِ...! كم هو رائع...! في بلادي التي حكيت لكِ عنها العجاب، استضعفوني، واعتدوا عليَّ، ومسخوني رهينة، ودويداراً في بلاطك، لكأن صوتك الرنان ينزلق في رفق، يحول الصدى إلى موسيقى ذات إيقاع حالم و"حالي"!

أقرأ:

لهذه الأسباب تكون الرهينة أهم الرويات. (مقابلة مع همدان دماج، صحيفة النداء، 25 مايو 2010م (http://www.alnedaa.net/index.php?action=showNews&id=3444))





-===



لماذا وحده زيد نقرأ له فنستمتع بما نقرأ؟ ولماذا هو الوحيد يمتلك القدرة على ترميم شروخ الذاكرة وإثارة شجون القلب "عبد الكريم الرازحي

زيد مطيع دماج هو ابن المناضل السياسي المعروف مطيع دماج ، من مواليد قرية " المحمر " بمنطقة "السياني" محافظة إب .
عندما كان طفلا في الشهر السادس من عمره اضطرت أمه لتهريبه واخفائه من الإمام في مكان داخل المنزل يسمى " السفل " وهو مكان خاص للأحطاب والأغنام خوفا عليه من الإمام الذي كان يترقب أي مولود للشيخ مطيع دماج لأخذه رهينة مثله مثل باقي أبناء المشائخ الذين كانوا يؤخذون رهائن لضمان ولائهم وطاعتهم له والسيطرة على مناطقهم .. وظلت أمه تتنقل به من مكان إلى مكان عدة سنوات مخفية مولده واكتفى الإمام بأخذ (أحمد قاسم دماج) رهينة عن "آل دماج" وهو ابن السابعة من عمره وكان ذلك في العام 43م .
تعلم على يد والده ثم انتقل للدراسة في مدينة تعز بمدرسة الأحمدية ثم سافر إلى القاهرة ودرس في مدينة طنطا وبني سويف في العام 58م وقد بدأ في دراسة الحقوق ثم تحول إلى الإعلام ..
بدأ زيد مطيع دماج كتابة القصة منذ وقت مبكر وهو طالب في الثانوية العامة في مصر وأثار بكتاباته كثيرا من الجدل وأيقض الضمائر بروايته التي تعتبر شاهدا حيا على واحدة من الصفحات المظلمة في تاريخ الشعب اليمني ، فقد بدأ بكتابة قصة "طاهش الحوبان" ثم "الجسر" و(أحزان البنت مياسة) و(العقرب) ثم جاءت (الرهينة) لتنقل الرواية اليمنية من المحلية الضيقة إلى العالمية الواسعة وقد أعتبرت ضمن أفضل مائة رواية كتبت في القرن العشرين وطبع منها حوالى ثلاثة ملايين نسخة وترجمت إلى خمس لغات هي (الانكليزية)و(الفرنسية)و(الالمانية)و(اليابانية)و(ا لصينية) ، وتعتبر روايته (الرهينة) تعبيرا واقعيا لأوجاع اليمنيين في فترة من أحلك فترات الجبروت الإمامي والتسلط الملكي البائد .
استطاع زيد دماج التعبير وبصدق عن هموم ومعاناة شعب بأكمله من خلال "رهينته" التي ستظل مصدرا ومرجعا للباحثين والدارسين جمعت بين القصة الإجتماعية والمأساة وبين استعراض غير مباشر للتاريخ اليمني ..ورغم المرض الذي عصف بحياة المبدع (دماج) إلا أنه منذ إصابته قبل 15 عاما بسرطان الدم لم يسلم نفسه له بل ظل في تواصل مستمر مع الإبداع الأدبي متأثرا ومؤثرا بمواقف انسانية قريبة عنه أو بعيدة لم يترك القلم والكتاب لحظة واحدة إلا إذا أضطره المرض.






صدر له العديد من الروايات والقصص القصيرة منها :

طاهش الحوبان (مجموعة قصص)
الجسر (مجموعة قصص)
أحزان البنت مياسة






العقرب (مجموعة قصص)


الرهينة (رواية)


ترجمت روايته الرهينة إلى خمس لغات وطبع منها ثلاثة ملايين نسخة

من أعماله التي لم تنشر بعد (إغتيال شجرة) و (جسر إلى الليل) و (ملك الخبت) و (من سعيد اليمن) .
عن صحيفة 26 سبتمبر



=-\==
الفضاء الروائي في الرهينة "

http://www.alnoor.se/article.asp?id=11748


==
سر الرهينة:
إن عوامل شهرة الكتّاب متعددة. يعود بعضها إلى كتابتهم نفسها فناً ومحتوى، ويعود بعضها إلى عوامل خارجية. ويمكن للعوامل الخارجية أن تزيد من تسليط الأضواء على كاتب دون آخر، غير أنه من النادر النادر أن يصل كاتب إلى الشهرة إذا كانت كتابته عادية مفتقرة إلى الموهبة. وفيما يخص زيد، لا يهمنا البحث عن الأسباب الخارجية التي لن تلبث أن تنحسر رويداً رويداً، لا سيما بعد أن يتلاشى الانفعال الذي يخلفه الغياب. أما الأسباب المتعلقة بأعماله نفسها، فهي برأيي ستضمن له الحضور المستمر في تاريخ الأدب اليمني، والعربي أيضاً. لقد حمل زيد ضمير الأمة في صراعها مع العبودية والتخلف، وفي سعيها إلى الحرية والتقدم، وهذا يعني أنه سيمس أحاسيسنا ووعينا باستمرار، لأن المعركة مستمرة وإن تغيرت تسميات الأعداء. ولما كانت المعركة واحدة من المحيط إلى الخليج، فإن الرهينة لا تمثل للقارئ العربي حالاً فرداً معزولاً مكاناً وزماناً، بل واقعاً اجتماعياً وسياسياً متفشياً في أرجاء الوطن العربي. وإن نهاية الرهينة بانتقال الرهينة من مرحلة الأسير إلى مرحلة الآبق تمثل الأمل في نهاية وردية للواقع الكابوسي. وظني أن المكانة التي حظي بها زيد لن يزحزحها التقدم المنتظر في الرواية اليمنية، ذلك أن له فضل الريادة، ولأنه كتب بحرارة فائضة جعلت بعض مسلمات النقد الأدبي قليلة الفاعلية في عملية تقييمه. إن الأعمال الأخرى القائمة أو المقبلة، مهما بلغت من التحليل والنضج الفني، لن تستطيع أن تنسينا مواقف إنسانية تنحفر في الوجدان كدفن الدويدار الحالي وسط جو من الحزن العابر الذي انتاب الشريفات المحترمات.
تحية للرهينة،

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:01 PM
زيد مطيع دماج
السيرة الذاتية
(2000 - 1943)



http://www.dammaj.net/images/dia_green.gif ولد زيد مطيع دمّاج عام 1943 م في عزلة النقيلين، ناحية السياني، لواء إب - اليمن.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifفي 14 مايو 1944م فر والده الشيخ المناضل مطيع بن عبدالله دمّاج من سجن "الشبكة" في تعز إلى عدن وبدأ يكتب مقالاته الشهيرة في صحيفة "فتاة الجزيرة" ضد نظام حكم الإمام يحيى وبنيه وأسس مع رفاقه فيما بعد "حزب الأحرار".http://www.dammaj.net/sora/zaid_dammaj_old_traditional001_s2.jpg
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifتلقى تعليمه الأولي في المعلامة "الكتّاب" مع أقرانه في القرية فحفظ القرآن الكريم وبعد ذلك تولى والده عملية تعليمه وتثقيفه من مكتبته الخاصة التي عاد بها من عدن فقرأ كتب الأدب والتاريخ والسياسة وكان من أهمها "روايات الإسلام" لجرجي زيدان.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifألحقه والده بالمدرسة الأحمدية في تعز وحصل فيها على الشهادة الابتدائية سنة 1957م.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifاستطاع والده بواسطة صديق له إرساله إلى مصر عام 1958م فحصل على الشهادة الإعدادية من مدينة "بني سويف" بصعيد مصر عام 1960م والشهادة الثانوية من مدرسة "المقاصد" بطنطا عام 1963م.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifالتحق بكلية الحقوق بجامعة القاهرة سنة 1964م لكنه تركها بعد سنتين والتحق بكلية الآداب، قسم صحافة، بعد أن برز توجهه الأدبي.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifبدأ يكتب المقالات السياسية وبواكير أعماله القصصية في مجلة "اليمن الجديدة".
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifفي عام 1968م استدعاه والده إلى أرض الوطن، فغادر مصر إلى اليمن للمشاركة في العمل الوطني وبقائه مع والده الذي كان رافضاً التنازل عن أهداف الثورة اليمنية والصلح مع الملكيين. ولم يكمل دراسته لظروف والده الصحية واعتكافه للعمل السياسي.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifتم انتخابه عضواً في مجلس الشورى أول برلمان منتخب في البلاد سنة 1970م عن ناحية السياني وكان رئيساً للجنة الاقتراحات والعرائض وتقصي المظالم.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifفي 14 يناير 1972م رحل والده إلى مثواه الأخير، وكان لذلك أثر كبير في حياته الشخصية والأدبية والسياسية.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifفي يناير 1976م عين محافظاً للواء المحويت وعضواً في مجلس الشعب لفترتين متتاليتين منذ عام 1979م.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifعين وزيراً مفوضاً وقائماً بالأعمال في دولة الكويتعام 1980م.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifفي عام 1982م أنتخب عضواً في اللجنة الدائمة للمؤتمر الشعبي العام ومقرراً للجنة السياسية فيه.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifعضو إتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، عضو إتحاد الأدباء والكتاب العرب، عضوإتحاد كتاب آسيا وأفريقيا، سكرتير عام مجلس السلم والتضامن اليمني، عضو مجلس السلم العالمي.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifعين مستشاراً لوزير الخارجية ثم وزيراً مفوضاً في بريطانيا عام 1997م.
صدر له:
1.طاهش الحوبان – مجموعة قصصية صدرت عام 1973م (http://www.dammaj.net/sora/dammaj-book-tahish-old.jpg)
( الطبعة الثانية 1979م)، (الطبعة الثالثة (http://www.dammaj.net/sora/dammaj-book-tahish-new.jpg) 1980م).
2.العقرب – مجموعة قصصية (http://www.dammaj.net/sora/dammaj-book-alaqrab-colour01.jpg) صدرت عام 1982م.
3.الرهينة (http://www.dammaj.net/files/the-hostage-page.htm) – رواية (صدرت عام 1984 (http://www.dammaj.net/sora/dammaj-book-Rahina-First.jpg)م عن دار الآداب في بيروت)،
(ط2-1988م (http://www.dammaj.net/sora/dammaj-book-Rahina-Iraqi.jpg)عن دار الشؤون الثقافية – بغداد)،
(ط3-1997م (http://www.dammaj.net/sora/dammaj-book-Rahina-Rayess.jpg) عن دار رياض الريس – بيروت)،
(ط4-1999م (http://www.dammaj.net/sora/dammaj-book-Rahina-Egypt.jpg)- مهرجان القراءة للجميع – القاهرة)،
(ط5-2010م (http://www.dammaj.net/sora/book_the_hostage_5th_l.jpg)- اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين - صنعاء)،
-ترجمت إلى الفرنسية (http://www.dammaj.net/sora/dammaj-book-Rahina-French.jpg) عام 1991م عن دار EDIFRA
-ترجمت إلى الإنجليزية (http://www.dammaj.net/sora/dammaj-book-the-hostage-english01.jpg) عام 1994م عن دار INTERLINK BOOK
-ترجمت إلى الألمانية عام 1999م
- ترجمت إلى لروسية واليابانية والأسبانية (1988م-2003م).
- ترجمت إلى الهندية عام 2006م
- ترجمت إلى الصربية عام 2007م
-اختيرت ضمن مشروع اليونسكو "كتاب في جريدة" عام 1998م.
-في أوائل 2000م اختيرت من قبل إتحاد الكتاب المصريين واحدة من أفضل مائة رواية عربية في القرن العشرين.

4.الجسر – مجموعة قصصية (http://www.dammaj.net/sora/dammaj_books_Al-Jesser.jpg) صدرت عام 1986م.
5.أحزان البنت مياسة – مجموعة قصصية (http://www.dammaj.net/sora/dammaj_books_Ahzan-Albint-Myassa.jpg) صدرت عام 1990م.
6.الانبهار والدهشة – كتاب سردي من الذاكرة (http://www.dammaj.net/sora/dammaj-Book-Enbehar.jpg) صدر عام 2000م.
7.المدفع الأصفر – مجموعة قصصية (http://www.dammaj.net/sora/dammaj_almdfa-alasfar02.jpg) صدرت عام 2001م.
8.المدرسة الأحمدية (http://www.dammaj.net/files/Al-Madrasa_al-Ahmadia-page.htm) – رواية (تحت الطبع).
إلى جانب عدد كبير من المقالات السياسية والإجتماعية التي نشرت في الصحف والمجلات المحلية والعربية وتدرس معظم أعماله الإبداعية في المدارس والجامعات.
http://www.dammaj.net/images/dia_green.gifفي 20 مارس 2000م وافته المنية في المستشفى الجامعي MIDDLESEX في لندن عن عمر ناهز السبعة والخمسين عاماً قضاها دفاعاً عن قضايا الإنسان والوطن ومستقبله بعد أن أثرى الساحة اليمنية والعربية بأعمال إبداعية أوصلته إلى العالمية.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:02 PM
زيد مطيع دماج وازدواجية الرمز

جونتر أورت


زيد مطيع دماج من أشهر الكتاب اليمنيين وإن لم تشتهر القصة اليمنية المعاصرة كثيرًا على العموم. من أهم أعماله رواية الرهينة التي ترجمت إلى لغتين، والتي تعالج في أحداثها زمن الإمامة اليمنية قبل ثورة 1962، كما أن تركيز الكاتب على فترة ما قبل الثورة اليمنية واضح في كثير من قصصه، حيث أنه يُعتبر "كاتبًا يمنيًا أصيلاً" بسبب اهتمامه الكبير بظلم الإمامة اليمنية وأيضًا لتصويره الأماكن اليمنية القديمة والتقليدية مثل "السمسرة" و"المقهاية" والأسواق الشعبية في العديد من قصصه.
اليمن عند زيد مطيع دماج إذن "كوليس أدبي" متكرر يتحرك أمامه أبطاله القصصيون. وإذا دخلنا في التفاصيل فنرى أن قصص دماج التالية تندرج تحت هذا الصنف، وهي متناثرة في مجموعات طاهش الحوبان، والعقرب، والجسر: "العسكري ذبح الدجاجة"، "بياع من برط"، "ثورة بغلة"، "المجنون"، "الفتى مبخوت"، "بائعة الذرة"، "امرأة"، و"البدة". ولا نتطرق هنا إلى رواية الرهينة، بل سنركز على قصص دماج القصيرة. وفي هذه القصص تظهر موضوعات ظلم الإمامة والإشكاليات الاجتماعية (قصص ناقدة) وقصص رمزية تدور في صنعاء القديمة.
مثال على محتوى بعض هذه القصص:
العسكري ذبح الدجاجة: كان الإمام يرسل جنوده بين الحين والآخر إلى الفلاحين لتحصيل المال، خاصة في المناطق الجنوبية (الشافعية)، وعُرف العساكر بقساوتهم وغطرستهم، وفي هذه القصة يأتي عسكري إلى فلاح فقير ويبتزه ويأكل ويشرب عنده رغم أنفه، كل ذلك بسبب تهمة ملفقة وتافهة هي أن دجاجته نقرت ابن جاره. تكتفي هذه القصة المبكرة بتصوير ظلم السلطات، ولا يحصل تغيير للوضع في القصة، أي لا يحاول أحد الأبطال أن يثور على الوضع القائم.
في إحدى القصص الأخرى يظهر الأمام نفسه، وهو يخادع جزارًا في صنعاء، فيدعي أن ثوره إنسان ممسوخ، ويأخذه منه بهذه الحجة. بل يخادع الشعب كله بزعمه أن "البدة" (الساحرة) مسخت هذا الإنسان، وأنه يجب محاربتها، وهكذا يشغل الناس عن مشاكلهم الحقيقية.
أما قصة بياع من برط فهي تدور حول ابن شيخ قبيلة يحاول أن يتحرر من تقاليد القبائل الضيقة وأن يصبح تاجرًا في المدينة. لكنه لا ينجح في تحرره ذلك، إذ أنه يقع ضحية لثأر إحدى القبائل الأخرى التي قُتل أحد أفرادها، دون أن يكون للبطل علم أو يد بذلك. قانون القبيلة إذن ظل هو الغالب وحال دون التغيير، وإن كان تغييرًا بسيطًا وشخصيًّا لا غير.
وربما كانت قصص صنعاء القديمة (لا سيما "بائعة الذرة" و"امرأة") هي الأكثر غموضًا في عمل دماج، حيث لا نجد هنا حدثًا أو خبرًا واضحًا، إنما يحلق الراوي الذي يتحدث بصيغة الـ(أنا) بأفكاره وعواطفه بعيدًا عن الأماكن التي يصفها. موضوع كل من القصتين هو امرأة يراقبها الراوي من بعيد، يحبها أو يتعلق بها بصورة ما. لكن القصتين غير واقعيتين، والمرأة في "امرأة" تشبه طيفًا أكثر من أن تشبه امرأة حقيقية. والأرجح أن بائعة الذرة ترمز إلى اليمن، فتتحول أخلاقها تدريجيًّا، وتجمع أدوات حديثة حولها، الأمر الذي يسمح بتفسير دورها كرمز لليمن. ولكن لا ينطبق ذلك على "امرأة"، حيث للبطلة هناك جاذبية جنسية تجاه الراوي، وهي نشيطة جنسياً حسب ملاحظاته. ولا تشكل المرأة هنا برأينا إلا خيالات الكاتب، ويصعب العثور على مغزى كبير للأحداث التي تتشعب أحينًا وتهمد أحيانًا أخرى.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:02 PM
زيد مطيع دماج: مورخ المشاعر البشرية وعذابها

إبراهيم الجرادي
عندما تقرأ زيد مطيع دماج، قاصاً وروائياً، تستولي عليك الآلية السردية التي تلغي، فوراً، حالة الوهم عند القارئ باستبعاد فكرة الافتراض السردي، فالسرد لديه يحدث شعوراً ضاغطاً بالزمان والمكان، من حيث هما محمولان دراميان لدلالتين دراميتين، وهو في أغلب إنتاجه، يستجر القارئ للاندماج في الزمن المضاد من خلال شخصيات لا تحتمل التأويل، فهو لا يضحي بالخصائص التي تضحي تحدد هوية أبطاله الإنسانية والطبقية.. من حيث هي حيوات مقموعة، مضطهدة، هامشية، تتعرض لظلم مزدوج، ومصائر تصل بها إلى منطقة الغرابة، وتظل تحمل مرموزيتها بنفسها. ألا تحمل [الرهينة] حقيقتين واضحتين في آن واحد: واقعيتها الصارمة، التي تحمل دلالاتها الواقعية من خلال أحداثها المُدركة والمعيشية والمعروفة، ورمزيتها التي تشير لشعب كامل في فترة معتمة من تاريخه؟ ألا نستطيع أن نجعل من [طاهش الحوبان] صفةً، رمزاً، مدلولاً، علامة لجماعته البشرية، وصورة لواقع حالها؟
إن من مزايا أسلوب زيد مطيع دماج تحقيقه شوط الإحساس بالمكان والزمان ومعادلهما الاجتماعي، فهو لا يهيئ بديلاً للواقع، ولا يعطي لأبطاله أدواراً غير أدوارهم الحقيقية، وبذلك يخلق نوعاً من التوازن الضدي لعالمين متضادين مدفوعاً برغبة حقيقية في أن يجعل الاضطهاد أشد وقعاً بجعله علنياً، ولهذا رأى بعضهم في [الرهينة]، وثيقة كشف لا تتستر على القائم، نصاً يعري ويفضح ويفصل في المستور، الذي تتحاشاه قيم المهادنة العربية ودماثة مبدعيها الكاذبة! إن زيد مطيع دماج في سلوكه السردي، يغلب المعيار الخارجي، الموضوعي، التوصيفي، على المعيار الداخلي [السايكلوجي]، - على حد توصيف مندلاو – لأن الأول كاف لشحن طاقة الحدث وتعمير بنيان القص، بما هو أشد تأثيراً، لأنه بالنتيجة النهائية، تحصيل حاصل للضغوط القائمة، المتصارعة، التي تجعلنا نتقبل سلوكيات شخوص السرد من خلال معرفة أفعالها، ودوافعها، وحركتها، وتعرضها المستمر لصور من الاستغلال الروحي والجسدي، تكسب القارئ الفطن وعياً خاصاً متفرداً وتحريضياً، لأن المعيش لا المفترض، هو الدافع، الأساس، في تحديد الزمن الاجتماعي: سلوك الشخصيات، انفعالاتها، رغباتها المقموعة. وهو في تعاقبه يخلق إحساساً عادلاً بتعاطفه مع المصائر البشرية المعذبة.
زيد مطيع دماج يكتب الماضي لا بصفته زمناً عابراً تتداعى وحداته بمقياس الوقت، بقدر ما يستعيده حاضراً ومستقبلاً، كشهادة غير تجريدية أبداً، تحمل توصيفاً لواقع حال فظيع، يستدعي أسباباً مشروعة، لتوثيقه توثيقاً جمالياً، يأخذ ما للتاريخ من دور، حيناً، وما لعلم الاجتماع والسياسة أحياناً أخرى، وفي كل ذلك، يظل نصاً إبداعياً محكوماً بقيم السرد وامتيازاته.
زيد مطيع دماج مؤرخ المشاعر البشرية، مؤرخ المكان في ظلامة أيامه المستشرية بالعذاب الإنساني، والظلم، وفقدان شروط الوجود والسعي لفتح نوافذ البيت المهجور لهواء الحرية والإبداع والأمل.
إن المُبْدَع المرتبط بمصير جماعته البشرية، وثائق جمالية في أرشيف القيم التي لا تموت، وإذا تسنى له مسلكية إنسانية عالية، كما تشير إلى نفسها حياة زيد مطيع دماج، تصبح وثيقة شعب، وشهادة جمالية له وعليه.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:02 PM
زيد مطيع دماج

هناك كم هائل من الاوصاف لهذا الكاتب الفذ مثلا "مؤرخ المشاعر البشرية، مؤرخ المكان في ظلامة أيامه المستشرية بالعذاب الإنساني، والظلم، وفقدان شروط الوجود والسعي لفتح نوافذ البيت المهجور لهواء الحرية والإبداع والأمل.".

لكن التعمق في دراسة حياتة تشير الى انه عانى الكثير ويمكن القول دون تردد انها عاش يتما اجتماعيا.
- تم اخفاؤه بعد ولادته كي لا يأخذه السلطان رهينة كما اخذ اخاه الاكبر منه.
- سجن والده ثم هرب من السجن وقت مولده وبقي هو مع امه المشرده لحمايته من جور السلطان.
- سافر وهو طفل للدراسة في مصر زلا بد ان ذلك كان صعبا عليه.

يتيم اجتماعي

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:03 PM
46- لعبة النسيان محمد برادة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%AF% D8%A9) المغرب

لعبة النسيان هي رواية لمحمد برادة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%AF% D8%A9)، صدرت سنة 1987 عن دار الأمان تعتبر من بين أهم أعمال برادة. صنفت في المركز 46 في قائمة أفضل مئة رواية عربية (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D9%84%D8%AD%D9%82:%D9%82%D8%A7%D8%A6%D9%85% D8%A9_%D8%A3%D9%81%D8%B6%D9%84_%D9%85%D8%A6%D8%A9_ %D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8%B9%D8%B1%D8%A8% D9%8A%D8%A9).
موضوعها فقدان إنسان عزيز وغال، وهي الأم (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%A3%D9%85)، التي تحتل فيه مكانة كبيرة. الرواية تركز على لحظتين مركزيتين في حياة الهادي، الشخصية المحورية في الرواية: الأولى لحظة موت الأمّ: لالّة الغالية، تلك المرأة التي لا تعوّض ولا توصف، والثانية لحظة موت امرأة أخرى هي أول موضوع للحب والشهوة والرغبة المشتعلة: لالة ربيعة. ومناخها النفسي يخيّم عليه التوجّع والتفجّع والضيق والكآبة.

ويمارس الراوي لعبة النسيان، نسيان الآلام والأوجاع، ويدعو إلى استحضار الذكريات والشروع في تشخيص متخيّل للشيء العزيز المفقود والمفتقد.

«لماذا تريد أن تفتح بابا لن يأتيك منه إلا الوجع وصداع الرأس. مع أنك تريد الكتابة عن لعبة النسيان وطرائق تحاشي ما يؤلم النفس"»
نقد

منذ صدورها في طبعتها الأولى سنة 1987، كانت مثار جدل واسع على صفحات الجرائد والمجلات الثقافية ونشرت حولها دراسات جامعية ونقدية كثيرة. وساهم في ذلك اختيارها من طرف وزارة التربية الوطنية المغربية منذ 1995 إلى 2005، لتكون ضمن المؤلفات المقررة على تلاميذ الثانوي.

==

لعبة النسيان لمحمد برادة بين الزمن الضائع والتجريب البوليفوني

جميل حمداوي (http://www.ahewar.org/search/search.asp?U=1&Q=%CC%E3%ED%E1+%CD%E3%CF%C7%E6%ED)
الحوار المتمدن - العدد: 1670 - 2006 / 9 / 11 - 06:49 (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=75253#)
المحور: قراءات في عالم الكتب و المطبوعات (http://www.ahewar.org/debat/show.cat.asp?cid=165)
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع (http://www.ahewar.org/guest/send.asp?aid=75253)



- عتـــــــــــبة الجــــــــــــــنـــس:

إن لعبة النسيان هي أول رواية لمحمد برادة، صدرت لأول مرة سنة 1987م عن دار الآمان بالرباط. وقد جنسها الكاتب بعنوان فرعي تعييني"نص روائي". ويعني هذا أن المؤلف رواية مادامت تشخص الذات والموضوع والرواية نفسها. وتتشابك في النص أحداث تخييلية وواقعية متنوعة، وتتناغم تيمات عديدة على إيقاعات درامية حدادية دائرية التركيب إلى جانب تفاعل عدة شخوص رئيسية وثانوية عبر حركية التاريخ وصيرورة الزمن وتناوب الأجيال مابين الاستعمار والاستقلال وما بعد الاستقلال.
وهذه الأحداث المتوجة غير منفصلة عن فضاءاتها الزمكانية التي تنفعل بالشخوص وتفعل فيها ما يمكن أن تفعل تحت ضغوط الجبرية وحتمية الواقع: تأثرا و تأثيرا. ولكن يبقى هذا النص الروائي سيرة ذاتية أو أطبيوغرافيا مادام يرتكز كثيرا على تشخيص الذات ( التذويت)، واستدعاء تاريخها عبر الصيرورة التاريخية، واسترجاع تاريخ الذوات الأخرى المتفاعلة معها؛ وذلك بسبر الموضوع الذي يؤثر فيها.
وخطاب الأطوبيوغرافيا حديث العهد، فقد نظر له الناقد الفرنسي فيليب لوجون. إذ يعرف النص الأوطوبيوغرافي بأنه:" محكي نثري استرجاعي ينصب على الوجود الشخصي لفرد ما، وذلك حينما يتم التركيز أساسا على الحياة الفردية وبالخصوص على تاريخ الشخصية". وهذا التعريف ينطبق إلى حد كبير على نص محمد برادة؛ لأن لعبة النسيان أولا نص سردي نثري ينبني على استرجاع ماضي الشخصية أو الذوات الفردية (الهادي)، في امتدادها الزمني وتعايشها مع الذوات الأخرى سلبا أو إيجابا في مواجهة الموضوع من أجل فهم الحياة الفردية وتاريخها وتفسيرها بما هو خارجي شعوري أو لا شعوري، مع حضور المؤلف المقنع بقناع السارد أو الشخصية ( السارد المشخصن)، كما هو الشأن في الرواية إذ يحضر في صورة ( الهادي) لوجود عدة تماثلات ذهنية ووجدانية واجتماعية بين محمد برادة والهادي ( انتقال الهادي ما بين فاس والرباط والقاهرة وباريس، الدراسة الجامعية، الصحافة، الكتابة السردية كاحتراف....).

- دلالات الروايـــــــــــــــــــــــــة:

تحضر عدة تيمات في هذه الرواية مثل: الحياة والموت والجنس وصراع الذات مع الموضوع والوطن والمكان والطفولة والوطن والنضال والحرية...
ويعتبر الموت أبرز حدث رئيسي في هذه الرواية، فعنه تتفرع الأحداث الدرامية الأخرى وعبره تترابط الإيقاعات والقصص السردية.
ويمكن اعتبار لعبة النسيان رواية استرجاع الزمن الضائع من خلال الشخوص ودورة الحياة والموت عبر الأمكنة والفضاءات المنغلقة والمنفتحة والداخلية والخارجية. وتحضر الأم باعتبارها شخصية رابطة مبئرة ومبأرة، عليها تتجمع الشخوص لتنسج خيوطها السردية لخلق حياتها وموتها. كما أنها تجمع هذه الشخوص لتخلق فيها الحياة والدفء والاستمرارية عبر الصيرورة التاريخية. وهذه الرواية كذلك رواية أجيال ثلاثة مختلفة الطباع والقسمات والرؤى تتحول مع المكان والزمان في تكيفها وصراعها مع الواقع المتميز بين الحماية والاستقلال:

الأجــــــــيال الــــــــــــــثلاثة:

الجيل الثالث الجيل الثاني الجيل الأول
جيل مابعد الاستقلال جيل مابين الاستعمار و الاستقلال جيل الحماية
عزيز- فتاح- نادية سي إبراهيم-لالة نجية- الهدي- الطايع لالة الغالية- سي الطيب- الشريف
وتتضمن رواية لعبة النسيان لمحمد برادة سبعة فصول على النحو التالي:

-1- في البدء كانت الكلمة:
يدور هذا الفصل حول حضور الأم في الدار الكبيرة بفاس وانتقالها إلى الرباط لمساعدة ابنتها التي تزوجها سي إبراهيم في تربية أولادها وتدبير شؤون المنزل وما أحدث وفاتها من أثر على الأبناء والأهل والأقارب و الجيران.

-2- سيد الطيب:
يستنطق هذا الفصل شخصية سيدالطيب العاقر وتناقضاته العديدة، ويحاول تفسيرها بعلل الموضوع ومنسيات الذات. ويرصد الحكي هذه الشخصية في طيبو بتها ودماثة أخلاقها وبعدها الديني والروحي إلى جانب انغماسها في اللذات والشهوات والميل إلى اللهو ولعب الكارطة وتبذير الأموال من أجل التلذذ بمفاتن الجسد.

-3- ما قبل تاريخنا:
يذكر هذا الفصل طفولة الهادي والطايع ومراهقتهما مابين فاس والرباط.


-4- ثم يكبر العالم في أعيننا:

تفكر الرواية في نفسها من خلال فضح اللعبة السردية والحوار مع المتلقي عبر تأسيس ميثاق سردي يشارك فيه المؤلف وراوي الرواة والمتقبل. وتكمن مهمة راوي الرواة في قول الحقيقة والبوح بها وتعرية لاشعور الشخصيات خاصة المشاهد الجنسية الطفولية ( الهادي)، أو الذكورية( واقعة السيد " الضب" الذي اغتصب فتاة المدرسة، وهي ما تزال صغيرة)، كما يتعرض الفصل للزوجين: سي إبراهيم ولالة نجية في تكيفهما مع الواقع وامتدادهما في الحاضر، واستعراض بعض النشرات الإعلامية والإذاعية والصحفية التي أدلى بها راوي الرواة لتشخيص التحولات الطارئة على مغرب الاستقلال وبعد الاستقلال.

-5- قلت وكم يهواك من عاشق:

ينصب هذا الفصل على عدة مشاهد شبقية وجنسية تبين الفلسفة العبثية لشخصية الهادي. هذه الشخصية التي لا تؤمن بالدين وتضعه دائما قاب قوسين، وتعيش حاضرها من خلال اللذة ومغازلة الحياة والثورة على الواقع والتمرد على الكائن.ويستعرض الفصل دفً الأجساد في باريس ( البيضاوية) والقاهرة ومدريد.

-6- زمن آخر:

يعود الهادي إلى فاس لاسترجاع الذكريات والبحث عن الأم في رحيلها ووجودها الحلمي وتأمل المكان وعبقه التاريخي والحضاري. كما يستعرض الفصل الجيل الجديد جيل عزيزوفتاح ونادية عبر حفل زواج عزيز بن سي إبراهيم ولالة نجية، حيث تتغير القيم المثلى وتتحول إلى قيم كمية ومادية، وتبرز كذلك ثورة الشباب على واقع مغرب ما بعد الاستقلال على كافة المستويات. ويشير الفصل إلى صراع راوي الرواة مع المؤلف حول قضايا سياسية واجتماعية لا يريد المؤلف إثباتها لما لها من تأثير سلبي على الراوي وعلى المؤلف نفسه مثل: المناقشة حول سرقة أموال الشعب وتبذير الملايير في الحفلات الخاصة والعامة، وظهور جماعة الملياردية أو التعريض ببعض كبار موظفي الدولة وتصدير فتيات المغرب إلى الخليج أو الخارج لبيع الجسد والحصول على العملة الصعبة والتخفيف من البطالة، ورصد ظاهرة المخدرات وضياع الشباب...
و إذا كان راوي الرواة يتمسك بالسلبي، فإن المؤلف ينصحه بذكر ما هو إيجابي؛ لأن الإيجابيات أكثر من السلبيات. ولكن هذا الحوار بلغ مأزقه عندما لم ينته إلى اتفاق بينهما.

-7- من يذكر منكم أمي:

يحاول الهادي استعادة ذكرى أمه واسترجاع وفاتها من جديد عبر التأملات ليخلق حضورها ويفلسف وجودها، وليتصالح الهادي في الأخير مع الكل، ومع أخيه الطايع الذي قاطعه أمدا طويلا عندما حضر مع أخته ( لالة نجية) وزوجها ( سي إبراهيم) لمواساة الطايع ومشاركته حزنه حول مآل فتاح بسبب نضاله الوطني والحزبي. وكانت " الأم" طيفا حاضرا لجمع الشمل مرة أخرى.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:03 PM
تابع ،،


وعليه، فلعبة النسيان تتكون من سبعة فصول تتجاذبها ثنائية الإضاءة والتعتيم. وتتخذ الرواية طابعا واقعيا وذاتيا ووطنيا وفلسفيا. ويمكن إجمال دلالات هذا العمل الإبداعي في المضامين الموالية حسب الفصول السالفة الذكر:
يرسم الكاتب في الفصل الأول( في البدء كانت الأم) صورة مثالية للأم، هي لالة الغالية سيدة الدار الكبيرة بفاس القديمة. وسميت بهذا الاسم؛ لأنها غالية لدى كل الناس ولدى الجيران ونساء الدار بالخصوص لمركزها وأهميتها الاجتماعية ودماثة أخلاقها وطيبوبتها. وهي أم الجميع بلا استثناء. هي أرملة غادرها زوجها قبل الخمسين، تزوجته لالة الغالية وهي صغيرة السن. وكان بعلها يتاجر في الكتان والملف، وربحه وفير؛ بيد أنه ينفق معظمه في الثياب والأكل والتعطر بأحسن العطور، ويكثر من الأفراح والولائم. وكان الزوج من أصل أندلسي استوطنت عائلته فاس منذ القديم. أما أب الغالية فهو فلاح بدوي معروف بالورع والتقوى. ولالة الغالية أم لولدين: الهادي والطايع وبنت أكبرهما سنا( نجية). رفضت الأم الزواج مرة أخرى لتربي أولادها وتعلمهم. ولم يترك لها الزوج سوى قبض كراء البيت والدكان الذي كان أخوها الطيب يأخذ منه ما هو في حاجة إليه دون أن تحتج عليه أو تنتقده في ذلك.
كان وجه لالة الغالية مدورا صبوحا، وبسمته ذكية، وجه ممتلىء بالحياء. إذ تحترم لالة الغالية العادات والتقاليد والشرائع، تكثر من الزيارات وصلات الرحم، طيبة ومؤمنة تزور الأهل والجيران والأقارب والأولياء الصالحين وتتبرك بالأضرحة وتتوسل بالشرفاء، كما أنها تحب كثيرا أولادها وأخاها سي الطيب وأمها العجوز. وهي كثيرة الإحسان والكرم والسخاء، ودودة مع الأهل والآخرين وبشوشة ومواسية وناصحة ومحترمة؛ ولا ننسى كذلك أنها مثال للصبر والتجلد ومواجهة الأمور والمصائب، تحملت مسؤولية الأسرة منذ أن ترملت واعتنت بالتدبير المنزلي، وعلمت ولديها: الطايع والهادي، بينما تكلفت ابنتها نجية بالطبخ والكنس والخياطة.
وكانت الأم كذلك مواسية لجيران الدار الكبيرة حيث أصبحت فيها هي الكل في الكل، وسيدة الدار تعطف على الجميع وتحن عليهم وتنصح النساء وتدعوهن للفطور وقضاء الوقت في الحديث، ولاسيما أمر انتقالها إلى الرباط لتزويج ابنتها نجية ومساعدتها في تربية أولادها وإنجاز الأمور المنزلية بعد اختيارها زوجة من قبل الشاب السوسي بفضل وساطة الشريف الصديق الوفي لزوج لالة الغالية وصديقا مخلصا كذلك للسوسي في الرباط.
وقد شكلت الأم ذكرى عظيمة بالنسبة لابنها الهادي بعد وفاتها إذ لم يعد يطيق الحياة بعد فقدانها؛ لأنها رحم الدفء والأمومة والطفولة والحياة السعيدة. وبعد موتها أصبح يحس الهادي بالاكتئاب والوحدة والضياع والاغتراب الذاتي والمكاني. وصارت مشاهد الأم وذكرياتها تلازم الهادي أينما حل وارتحل، يحس بحضورها وحنينها الخفي ووجودها في حياته. إنها ذلك الطائر النادر والواحة الظليلة. وكانت الأم كذلك نبراسا وضاء ينير حياة نساء الدار الكبيرة، ويدخل عليهن الفرحة والسعادة وحيوية العيش ودفء الطيبوبة. بيد أن وفاة الأم أثر على كل أفراد الدار الكبيرة ومزق القلوب وأثار الأشجان بعد دفنها في التراب لتحضر لديهم في شكل ذكريات ومشاهد واستيهامات وأطياف.
ويتعرض الفصل الثاني لشخصية " سي الطيب "، وهو أخ لالة الغالية، كان يقطن معها الدار الكبيرة، تزوج مرتين: الأولى توفيت وكانت طيبة مع الهادي. ويعد ذلك تزوج من " فاختة" التي جعل الهادي حياتها تعاسة وشقاء، ولم ترتح منه إلا حينما سافر مع أمه إلى الرباط. وسمي سيدالطيب بهذا الاسم لطيبوبته ودماثة أخلاقه. فهو ذو قامة مديدة وجسد ممتلىء ورجل فحل يلبس جلبابا شفافا في الصيف وجلبابين صوفيين خلال الشتاء. وهو عاقر لذلك تبنى ابن أخته لالة الغالية( الهادي) وأحبه كثيرا. وكان سي الطيب مسؤولا عن لالة الغالية. وهو الذي يقبض الكراء ويراعي الأولاد. ومهمته هي الحياكة والإتقان في العمل. وسهراته مابين المساجد وحلقات ترتيل الأمداح النبوية ورياض الجنان للنزهة والاستمتاع والمقاهي للعب الورق والتلذذ بالحياة وعطر الأشياء والأجساد. وقد اشتغل مع ابن الأخت الكبيرة لالة عايشة في تهريب القماش والكتان من الدار البيضاء بعد أن كسدت سوق الحياكة في فترة الحرب. وبعد ذلك صار بائعا للثياب في حانوت ملأها له ابن أخته بحي فاس الجديدة؛ إلا أن سي الطيب أدى به الإفلاس إلى أن يضحي بالربح ورأس المال بسبب مغامراته النسائية خاصة مع المرأة اليهودية المكتنزة التي أنفق عليها كل ما يملكه وجعلته يميل على اللذة وشرب كؤوس المتعة وسهرات الملحون والأندلسي.
ويلاحظ على سلوكيات سي الطيب التناقض؛ إذ يجمع بين عبادة الله وتقواه واللهو والمجون. فإلى جانب الجذبة الصوفية والمروءة ودماثة الأخلاق ومعاملة الجيران الحسنة واتصافه بالكرم والسخاء وحبه الشديد للوطن وميله إلى الفكاهة والنادرة. وكان في المقابل ماجنا ومغامرا يقبل على الحياة مختلسا منها لحظات الزهو بعيدا عن زوجته التي حولت حياته وحيات الهادي إلى جحيم. وبعد أن أخذ يحبو فوق الخمسين عاد إلى البيت وغدا أكثر استقرارا ورجع إلى مهنته الأولى، وجعل يداوم على المسجد وحلقات الذكر والأمداح.ويستدعي في نفس الوقت أصدقاءه للعب الكارطة. ولا يكون في أوج السعادة حتى تحضر أخته لالة الغالية وابنها الهادي لزيارته من الرباط. كل زيارة تكون احتفالا يغمر جميع سكان الدار. وتعترف كل نساء هذه الدار بطيبوبة الرجل ووداعته وملاطفته ومشاكسته لهن، والتوادد مع أولادهن وأزواجهن، ويتعاطف مع الجميع ،ويساعد الكل، ويقاسم جيرانه فرجة التلفزة، ويقدم لهم النصائح والتوجيهات السديدة.
أما الهادي فمكانة الطيب في نفسه كبيرة جدا، إذ أحبه حبا شديدا ولم يحس بهذا الحب إلا بعد وفاة خاله، فكانت وفاته فاجعة مأساوية. وأصبحت صورة " سي الطيب" لا تفارق الهادي، وتحضر مرتبطة دائما بالطفولة والأحلام عبر لحظات التذكر والاسترجاع. فثلاثون سنة مازالت صورة سي الطيب تغرس بطيبويتها في ذاكرة الهادي أروع المشاهد وأعظم المواقف الإنسانية.
وفي الفصل الثالث( ما قبل تاريخنا) يستعيد الهادي ما قبل تاريخه أي ما ورثه منذ طفولته من أحداث وذكريات شكلت تطور حياته الفردية عبر عمليات الاسترجاع والتذكر واستعادة لحظات المدرسة واللعب والمغامرات والمظاهرات. وعلى الرغم من كون الهادي في العقد الثالث من عمره، فهو مازال يتذكر طفولته في فاس أولا، والرباط ثانيا، لايمكن أن يتخلص منها لما تركته من رواسب في لاشعوره وذاكرته الحية؛ لأنها مثل الدم في الشرايين والحضور المستمر في إيقاع الغياب الأمومي.
منذ سنيه الأولى عرف الهادي بالدلال والشيطنة والمشاكسة خاصة عندما تبناه سي الطيب وزوجته الطيبة الأولى لكونهما عاقرين، فاحتضناه وعاملاه بحنان ودفء ودفء العطف ولبيا له كل ما يرغب فيه، وأصبح ولد الدار الكبيرة الأول، فلا يمكن لأحد أن يغضبه أو يزعجه حتى أمه لالة الغالية.
ويتسم الهادي بالوسامة وشعره المدلل ( الفريزي) على عكس أخيه الطايع الذي لم يحظ في أول الأمر بتلك التسريحة الشعرية الإفرنجية الجديدة، وأصبح الهادي مثار إعجاب بنات الدار يحاولن تقبيله واللعب معه. وكم كانت للهادي من مغامرات صبيانية مع بنات الحي ( مثل بنت أحد الفقهاء المتزمتين، وبنات الدار الكبيرة، والبنت الملثمة التي أخذت منه جلابية" لملف" ومغامرات شيطانية في " المسيد" والمدرسة والحومة. وكان يقضي معظم وقته في لعب الكرة أو الصراع مع أبناء الحي والعراك معهم بالأيدي أو الحجارة. وعندما رحل الهادي إلى الرباط حمل ولعه بالعراك والتحدي. لكن سي إبراهيم فرض عليه وعلى أخيه الطايع تربية صارمة تتمثل في العمل والاجتهاد والعبادة. وكان الهادي يقضي أوقاته في المراجعة والقراءة. إذ اطلع على أعمال جورجي زيدان والمنفلوطي والفونس دوديه. ولا ننسى أن نذكر اهتمامه بالشؤون الحزبية وحضور دروس الدين في الجامع الكبير وإعجابه بالفقيه العلامة المدني بالحسني أثناء إلقائه لدروس الحديث وتمكنه من الإلقاء وإفادة الناس. وشارك الهادي مع أخيه الطايع في المظاهرات والإضرابات الوطنية بعد نفي جلالة الملك محمد الخامس إلى مدغشقر وكورسيكا بحماس وطني لا نظير له.
وبعد مرور سنوات الطفولة والمراهقة مازال يتذكر وفاة أمه الثانية زوجة سي الطيب عندما كانت جسدا أبيض يغسل ليوارى في التراب. وكثيرا ما كان إيقاع الجسد أو بياضه الناصع يذكره بالموت ومغسل المرأة الطيبة التي دللته كثيرا كأنه أمه الحقيقية وليست لالة الغالية، ولاسيما أن هذا التذكر ينتابه أثناء قضاء لحظات المتعة الجسدية مع المراة الأجنبية التي لقيها بالمكتبة، وكان حديثها حول العالم الثالث والذي أدى إلى التجاذب الجسدي. وكان هذا الجسد الأبيض يوحي للهادي- الضائع بين الخمرة وشهوة الخطيئة- بالموت وطفولته بفاس بين أحضان سي الطيب وحنان فاس، وسكانها المنشرحين الذين يقضون أوقاتهم في العمل ولعب الكارطة والغناء والمرح والنزهة في الحدائق العمومية. إنها طفولة مدينة الرحم والأمومة والعطاء والسخاء. وهكذا، فمن خلال الجسد والذاكرة تستعاد الطفولة والتاريخ والمراهقة، ويتداخل الحاضر مع الماضي وينجذب الشعور إلى اللاشعور، ويتقاطع العبث مع الوجود الطفو لي والأمومي من خلال ثنائية الموت والحياة.
ويحيل عنوان الفصل الرابع ( ثم يكبر العالم في أعيننا) على التغير الذي طرأ على شخوص الرواية ولاسيما الهادي الذي انتقل من فاس الطفولة، المدينة الرحم أو الواحدة الموحدة إلى الرباط حيث سيكتشف عالما آخر مليئا بالمتناقضات، عالم الأشخاص والأشياء قوامه الاختلاف والتنوع والتعقيد، وبعد ذلك يبدأ الفصل بتمرد السارد أو راوي الرواة على الكاتب، إذ أراد أن يتدخل في السرد ليقوم بمهمة التنسيق والتوجيه والتحكم في دفة السرد وإضاءة الأحداث أو إخفاءها وتعتيمها وتصحيح الأخطاء التي قد يرتكبها الكاتب أو تشويه الصورة التي يريد تزيينها، أي أن راوي الرواة سيتدخل ليفضح اللعبة السردية بكشف ألغاز البناء الروائي والتعددية الأسلوبية ويبرز الجوانب الشعورية واللاشعوريةالتي تنطوي عليها الشخصيات الروائية من خلال الربط الخاص بالعام. وبذلك يفرض راوي الرواة شروطه على الكاتب لمواصلة الحكي عبر التدخل في المسار الحكائي لتقويم الشخصية وفهم أبعادها الذاتية وظروفها الموضوعية.
ومن المواضيع التي تم تسليط الضوء عليها من قبل راوي الرواة " الإغراءات الجنسية" التي كان محورها الهادي الوسيم أثناء طفولته، حيث كان الولدان يلاطفونه خاصة الفتى البقال السوسي بالقرب من الدار الكبيرة، وقصة " الضب" الذي فض بكارة تلميذة عند انصرافها من المدرسة بوحشية وفضاضة. وأصبحت صورة الفتاة العارية راسخة في ذاكرة الهادي تغيب وقتا وتحضر عندما يشاهد الأفلام الإيروسية كالفيلم الياباني بباريس الذي ذكره من خلال مشاهده الشبقية بالضب بعد عشرين سنة.
ومن شخصيات هذا الفصل "سي إبراهيم" الذي يناهز عمره الستين. وهو من مواليد " آيت باها"، لم يدخل المدرسة قط، ولكنه يداوم على الصلاة وارتياد المساجد. قضى سي إبراهيم حياته راعيا في سوس. وبعد سنوات الجفاف والقحط قرر السفر إلى الرباط وذلك بفضل الشريف الذي أقنع أباه ليتركه يرحل بحثا عن العمل والرزق. وقد نزل إبراهيم بالرباط وأقام عند ولد عمه. وأصبح ماسحا للأحذية، وبعد ذلك خادما في مقهى" بار هنريس" قرب محطة القطار. وبعد مدة تعارف سي إبراهيم على الشريف الذي زوجه لالة نجية، المرأة الطيبة الصبورة. وسي إبراهيم رجل مخلص لا يتدخل فيما لا يعنيه وساذج وطيب السريرة. بيد أنه شديد الصرامة في تربية أولاده وتعامله مع أولاد لالة الغالية( الطايع والهادي)، يكثر من النصائح والمواعظ ويتشدد مع النفس قبل الغير. وسي إبراهيم كذلك مثال للتقوى والعمل والجد. وقد اشترى منزلا وبدأ في استثمار مدخراته. وأنجب أحد عشر ولدا وبنتا. وبعد ثلاثين سنة من الدأب والكفاح، انتهى بحياة مستورة وشريفة. يتأقلم فيها مع الواقع على الرغم من المتناقضات وتنوعها المعقد.
هذا وإن سي إبراهيم يثير فضول الهادي والطايع خاصة عندما يقص عليهما سيرته وبطولاته وحكاياته، حيث يجنح كثيرا إلى التخريف والتخييل والتهويل بسبب استرجاعه لأفلام شاهدها أو أحلام منامية أو أحلام اليقظة ليثأر من المعتدي؛ ولكنه واقعي يحس بالعجز والضعف والجبن( مثال: ضربه للأمريكاني بالمطرقة أثناء وجوده بالبار). وهكذا أصبح سي إبراهيم عند أولاده رمزا للصرامة والغموض والدأب والبساطة في الحياة والاقتصاد في المعيشة.
أما عن لالة نجية فهي زوجة سي إبراهيم ابنة لالة الغالية، زوجها الشريف صديق أبيها الوفي من سي إبراهيم وسنها لم يجاوز الخامسة عشرة. ومن خصالها الحياء والخجل والرزانة والتعقل والصبر وطاعة الزوج والسهر على خدمة الأسرة بكل مافيها. وسي إبراهيم يعتني بها ويحرص على تعليم أولادها ومساعدة الطايع والهادي أخوي نجية. وكانت زوجة سي إبراهيم تشبه أمها في الطيبوبة ودماثة الأخلاق والصبر والرحمة والحنان وتدبير شؤون المنزل والإكثار من النسل والعمل على تربيتهم بمساعدة أمها التي لم تأت من فاس إلا لذلك.
ولالة نجية مثال للطف مع نساء الجيران خاصة لالة كنزة وأولادها. ولما انتقلت إلى منزلها الجديد حافظت على ذلك الوصال الحميمي وصلة الرحم وتبادل الزيارات. وكان الهادي يميل كثيرا إلى أخته نجية، إذ ينظر إليها على أنها أم ثانية تحمل قسمات الأم الحقيقية، بله الألفة التي تجمعها منذ الطفولة وحبه العميق لها حبا شعوريا غامضا ودفينا مبعثه طيبوبة الأخت ودماثة أخلاقها وحسن نيتها في الآخرين. وكم كان الهادي منبهرا بصورة أخته العظيمة وفلسفتها في الحياة القائمة على الرضى والقناعة والتضحية و التفاني في خدمة زوجها وأولادها وحب الآخرين.
أما الطايع فلا تختلف طفولته عن طفولة الهادي لاشتراكهما في اللعب والمدرسة والمغامرات والمظاهرات. فإذا كان الهادي مجدا في دراسته، والدليل على ذلك حصوله على شواهد جامعية عليا، فإن الطايع قضى عشرين سنة في النضال الحزبي والنقابي والكفاح الوطني ودافع كثيرا عن شعارات جماهيرية وشعبية. بيد أن هذه السنين التي كرسها الطايع للفعل داخل الميدان لم تعد عليه بالنفع ولا بالانتصار. فقد خان رؤساء الأحزاب والنقابات وأطرها الفاعلة القضية وغازلوا السلطة وضاع المناضلون الصغار. فيالها من نتائج مفجعة!ويالها من حسرة تنخر ذاكرة الطايع الذي ثار على نضاله وأوهامه واقتنع أخيرا بلا جدوى العمل السياسي واختار مهنة التدريس، وتزوج من معلمة كانت تشاركه همومه وآماله وطموحاته المستقبلية. وتخلى عن الماضي والذاكرة الوطنية بمفهومها السلبي، وبدأ في تجربة أخرى بمثابة خلاص حقيقي له من أزماته الذاتية والموضوعية يتمثل في قراءة الإسلام وعبادة الله وأداء الصلاة وانتظار الموت والاهتمام بشؤون المنزل والأولاد.
وكم كان الطايع مختلفا مع الهادي أخيه الصغير الذي أنفق عليه الكثير من أجل أن يتابع دراسته الجامعية على عكس الطايع لم يستكملها. إذ اكتفى بالشهادة الابتدائية لينخرط في العمل ليساعد أمه. وما يتذكر من طفولته حبه لخديجةابنة الجيران، بنت خالته كنزة كما يناديها حيث كانت له معها لحظات رومانسية انتهت بزواجها بفقيه تحت ضغط والدها.
هذا وقد ضحى الطايع بكل شيء من أجل الوطن والصالح العام. وكم كانت خلافاته حادة مع الهادي الأناني والعابث الذي لا يبالي بالدين ولا بفلسفة الزواج، يتكيف مع الواقع بعيدا عن الفعل والنضال. ويرى الهادي أن احتجاجات أخيه الطايع نتاج للفشل والأوهام التي عاش من أجاها دون أن يعرف حقيقة الأمور ويختبر الواقع عن قرب ليكشف زيف الادعاءات ونفاق الشعارات السياسية. وما الدين سوى ملجإ يهرب إليه الطايع لينسى كل شيء ويقطع صلته مع الماضي الدفين.
وتبين تطورات الظروف وتوالي العقود على مدى ثورة الهادي والطايع وتمردهما على الواقع المرير الذي انحرفت فيه القيم والمقاييس وتخلخلت العلاقات الإنسانية، بينما حاول سي إبراهيم ولالة نجية أن يمتصا هذا الواقع وأن يتكيفا معه" كأنهما اسفنجتان، فلا يبدوان على خلاف معه-على حد تعبير الكاتب – ظلا في أحشائه دوما، لكن كأنما عاشا مسورين داخل هذه الدنيا، تحرسها عناية خفية من أن تصيبهما شظايا الألم" .
وينتهي هذا الفصل برصد المتناقضات التي كان يعيشها مغرب السبعينيات على جميع المستويات حيث يحيل على القبضة الحديدية للسلطات الحاكمة والظلم وانعدام العدالة الاجتماعية وعبثية الحياة وترداد الشعارات السياسية الجوفاء وطغيان السلطة ونماء جبروتها على حساب حقوق الشعب وتلذذه بالفقر المدقع وأمله الخائب في صراخه السيزيفي الضائع.
ويستعرض الهادي في الفصل الخامس ( قلت وكم يهواك من عاشق) مراهقاته الشبقية واشتعال لغة الجسد والشهوة من خلال تحريك الذاكرة واستدعاء المشاهد الجنسية والحياة الأبيقورية التي انغمس فيها إلى أخمص قدميه. ثلاثة فضاءات تشكل مسيرة كينونته الوجودية، وهي تتمحور حول العطش الجسدي وإشباعه عبر الارتواء الجنسي وارتشاف خمر النسيان واللذة. وهذه الفضاءات هي: القاهرة ومدريد وباريس. وهي تشكل الخارج أو الفضاءات المفتوحة التي كان فيها الهادي يعاني من الاغتراب الذاتي والمكاني لمواصلة دراساته الجامعية والاسترواح النفسي كذلك.
إنها مشاهد جنسية مرتبطة بفضاءات معينة. وهي فضاءات عاصمية ( القاهرة – مدريد- باريس) إدارية وسياسية. ففي القاهرة ضاجع الهادي امرأة اعتقد أنها ليست جميلة؛ ولكنه وجدها مرعبة في بشاعتها مادامت تضاجع مراهقا ورجلا وسيما. وكان هذا المشهد الجنسي عاديا وطويلا؛ بيد أنه لم يتطور، لذلك تخلص منه الهادي ليبحث عن خياله من جديد في شوارع القاهرة الغاصة.
وفي مدريد يتكرر المشهد الجنسي حيث يتعرف الكاتب على فتاة أو امرأة من باريس، وجهها الأبيض واللثغة المحببة، عندما تتحدث بالعربية تذكر الهادي بالطفولة ومدينة فاس مدينة البدء. وكانت عشيقته سخية، إ ذ جعل الكاتب من بيت إحدى الراهبات مرتعا للصراع الشبقي والارتواء اللحظي وتداخل الجسدين وتشابكهما للتعبير عن العطشين الدفينين بلغة الجنس و الخمرة.
وفي باريس تعرف الكاتب على امرأة مغربية من الدار البيضاء. وهي طالبة جامعية فقدت أمها أثناء مغرب التحولات، ولم تستطع أن تعيش مع زوجة أبيها فاختارت العزلة والقراءة، وجعلها الهادي مطية أفكاره وفلسفاته الوجودية والماركسية والفرويدية، وميدانا للشبقية والتنفيس والتعويض واسترواحا نفسيا خاصة أثناء تواجده طالبا بباريس، وقضى معها حياته البوهيمية العبثية في الاستمتاع والارتواء. وكانت بينهما مراسلات تشخص حبهما والرغبة الدفينة في الإشباع واللذة وتذكر لحظات الانجذاب والتآلف والعناق والانطفاء.وتعبر كل هذه المشاهد عن مدى إحساس الهادي بالوحدة والغربة الذاتية والمكانية أثناء مغادرة الوطن بعد انفصاله عن مركز الطفولة وذاكرة الأمومة. إنه يعيش لحظات الضياع بعيدا عن لحظات الفعل والمسؤولية كالتي عاشها الطايع أخوها. إن الهادي لا يؤمن بهذا الفعل المؤدلج. إنه يبحث عن العلم واقتناص الهوى والفرص لتحقيق ذاته للانغراس في تربة الحياة مادامت تنتهي بالموت. لذا على الإنسان أن يعيش لحظات الحاضر ليحس بوجوده وكينونته.
ويحيل الفصل ما قبل الأخير( زمن آخر) على عودة الهادي إلى فاس عبر الاستذكار والاسترجاع واستدعاء الذاكرة لينقل لنا فضاء المدينة بأبعادها الحضارية والجغرافية والإثنوغرافية. كأن هذا الرسم المنقول صورة إشهارية أو لقطة سياحية. إنه يرسم تقاسيم المدينة ومظاهر العتاقة والأصالة فيها وما طرأ عليها من تمدين وتحديث وتحولات مست القيم والأخلاق والسلوكيات والناس بل الحيوانات كذلك. إذا انتقلت فاس من طابعها الفطري " البريء" الصافي إلى طابع التحديث المادي الاستهلاكي، كما تغيرت المرأة وأصبحت عصرية أكثر، كما تحول الشباب وتهافتوا على الموضات الجديدة المستوردة. فكل شيء تغير في فاس. إنه المكان في تفاعل جدلي مع تغير الزمان. ويستحضر الهادي وطنية فاس وصمودها في وجه الاستعمار وقراءة اللطيف في المساجد والكفاح الوطني ومظاهرات العمال من أجل الاستقلال، ويقارن كل هذا بفاس الحاضر، فاس الشعارات السياسية والأحزاب والبرلمان، بين فاس الصدق والأصالة، وفاس الزيف والكذب، وبين فاس القيم الوطنية والعراقة الحضارية والدينية وفاس التحولات والاستهتار بالقيم والنفاق الاجتماعي والسياسي.ومن الأمثلة على هذه التحولات على فاس الحاضر زواج ابن سي إبراهيم ولالة نجية " عزيز" من سعيدة. فبعد تخرج عزيز من كلية الحقوق، شعبة الاقتصاد، اشتغل في مكتب التسويق والتصدير وبذل جهدا كبيرا في شغله لإرضاء رؤسائه رغبة في الترقي وتحسين أوضاعه المادية. ولم يجد بدا من أن يتزوج من سعيدة الصيدلية من وسط متبرجز، أبوها مدير بنك تجاري لتحقيق التوازن الاقتصادي وتوفير مستقبل مادي زاهر على الرغم من كونها متوسطة الجمال وكبيرة السن. وتم العرس في فاس بدل الدار البيضاء للتقرب من الأهل والجيران والأحباب، وتخلل هذا الحفل مشاهد موسيقية أندلسية ورقصات النساء والرجال معا، واختلاط الذكور مع الإناث.
ومن المواضيع التي انصب حولها الحديث من قبل المدعوين: تزوير الانتخابات والوضعية السياسية المتردية، واستيراد الحبوب بسبب الجفاف، والبطالة وانعدام آفاق المستقبل أمام الجيل الجديد بعد حصولهم على الشواهد العليا، وانعدام التواصل بين الأجيال بصفة عامة، والسمسرة في الصفقات المخصصة للاستثمار الغربي والشرقي في المغرب، والتباين الاجتماعي بين الأغنياء والفقراء كما يظهر ذلك من خلال افتخار زوجة المحامي بثوبها الجديد ( أنت عمري) الذي يساوي مليونا من الفرنك، وقد جلبه لها من دمشق أثناء دفاعه عن سمسرة استثمارية.
وكان الجدال حادا في الغرفة التي تجمع فيها الجيل الجديد مع الجيل الماضي، حيث فتاح وإدريس ونادية وعبد السلام وطلبة الآداب والحقوق والهندسة والطب. ودار حديثهم حول الواقع المغربي وآفاقه المستقبلية. فإذا كان الجيل الأول قد ارتبط بالماضي والوطن وعاش كالبشر الآخرين، فإن الجيل الجديد يرفض هذا الوطن بسبب الفراغ الذي ينخره، والبطالة التي تأزمه، كما أن مستقبله غامض. لذلك فلا خط يصل بين هذين الجيلين؛ لأن الجيل الأول بماضيه ولا مستقبل ينتظره، والجيل الجديد بلا ماض؛ ولكن بمستقبل. وكانت مقاربات الشباب للمشكل تنطلق إما من رؤية يسارية وإما من رؤية إسلامية كما هو الشأن لدى عبد السلام.
ولم تنته هذه الجدالات السياسية الحادة إلا بحضور العروس إلى الفيلا واستكمال الترتيبات الأخيرة كالأكل والشرب وتصوير العروسين بالفيديو والتجول بهما عبر أزقة المدينة احتراما لتقاليد الزفاف الفاسي.
وينتهي هذا الفصل بحوار حاد بين راوي الرواة والمؤلف، إذ كاد أن يستقل السارد الجريء ليترك المؤلف وحيدا حائرا لا يلوي على شيء، ولا يعرف من أين سيبدأ حكيه وأين سينهيه، ويكون – بالتالي- السؤول الوحيد عن سرده وحكيه. وسبب هذا الصراع هو رغبة راوي الرواة في إخبار القارىء بخلافه مع المؤلف حول عدة قضايا ظاهرة وخفية، ومنها قضية تشطير الزمن إلى زمنين، زمن سي إبراهيم ولالة نجية والطايع والهادي، وزمن فتاح وإدريس ونادية وعبد السلام. بيد أن راوي الرواة يرى أنه زمن واحد يعاش بأوعية مختلفة، وأن الجيل الأول مازال ممتدا في الجيل الثاني، أي أن الماضي مازال حاضرا في الآني، فمن الصعب الفصل بين الماضي والحاضر. فكل واحد يكمل الآخر. ومن الصعب كذلك أن نحدد زمن شخوص الفصول السابقة بفترة معينة ومعظمهم ما يزال في النص حيا يتكلم" وهل يكفي سخطهم على الحاضر لنعلن انفصالهم عن هذا الزمان وناسه، خاصة إذا أخذنا في الاعتبار معايشتهم لأبنائهم وبناتهم وأقاربهم، لا مجال للتردد، في نظري، إذا أردنا أن نصور الزمن الآخر من أن نفترض الامتداد والتداخل، ومن أن نجعل مظاهر الانقطاع أقل مما قد توحي به الأحداث " الخطيرة" والإحصائيات، وتبدل القيم".
ويقترح راوي الرواة على المؤلف بديلا سرديا هو متابعة تغيرات الشخوص من خلال أقوالهم وتصرفاتهم وأفكارهم بدل تقسيم الزمن إلى زمنين؛ لأن الزمن ديمومة سرمدية واحدة تعاش بقوانين وثوابت خاصة، فما الشخوص سوى كائنات تعاني من وطأة الزمن.
وامتد الخلاف أيضا إلى رغبة المؤلف في قراءة ما بين السطور لهذا الزمن الجديد مثل ( ثراء الملياردية)، والتبذير الكبير في الحفلات العامة والخاصة، والتعرض بكبار موظفي الدولة بسبب الرشوة والاختلاس ،وتصدير الفتيات إلى الخليج وبعض دول أوربا لجلب العملة الصعبة أو ترويجا في الداخل بشرط حصولها على الإجازة والتخصص في الدلك والرقص لإرضاء الزبناء للتخفيف من البطالة، وانحراف الشباب وعيشهم على إيقاع المخدرات. ويطالب راوي الرواة المؤلف بذكر الإيجابيات إلى جانب السلبيات. وما أكثر الإيجابيات في بلاد يقهر فيه الإنسان صباحا ومساء ونهارا وليلا. ويلعن ويسب بلا كرامة ولاشرف. وقد انتهى هذا الخلاف الحاد إلى التراضي بأن يتولى راوي الرواة الفصل المعنون " زمن آخر" بالسرد والرواية.
وفي الفصل الأخير( من يذكر منكم أمي) يحاول الهادي أن يسترجع ذكرى أمه من خلال لعبة الاستدعاء والتذكر والنسيان. تلك الأم التي أنهكها مرض القلب بسبب تحملها لهموم كل الناس. لهذا حاول الهادي أن يتناسى طفولته "الأمومة" من خلال تلذذه بالغربة، ومضاعفة ساعات الشغل والاجتماعات والسهر مع الأصدقاء، والبحث عن اللذة المباحة والمشاهد والصور الدفينة في المخيلة. وكثيرا ما ينهي هذا الحضور الأمومي بتقبيل يد الأم أو وجهها إعلانا لطاعته لها وحبه لها. إن فقدان الأم بالنسبة للهادي ضياع وأيما ضياع. إنه اغتراب وجودي. فالإنسان بلا أم كأنه بلا هوية ولا ماض وبدون حاضر كذلك. الأم هي كل شيء بالنسبة للهادي.
وهذه الأم هي التي كانت وراء تصالح الهادي مع الطايع أثناء اعتقال ابنه فتاح الذي اتهم بالتخريب، وذلك عندما استحضرت لالة نجية صورة أمها لالة الغالية تحثها على اتحاد الإخوة و تصافي القلوب وجمع الشمل، إذ طلبت من سي إبراهيم أن يصحب معها الهادي لزيارة الطايع لمشاركة أحزانه والوقوف معه في هذه الشدة. وفعلا، تم اللقاء الأخوي وعادت المياه إلى مجاريها؛ ليستسلم الهادي لمشاعر الأمومة ومساعدة الأهل والجيران والأقارب نيابة عن أمه لالة الغالية.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:04 PM
تابع،،،

-4 – الشــــــــخـــــصـــــــــيات:

تحوي لعبة النسيان عدة شخصيات بعضها رئيسي مثل: لالة الغالية ولالة نجية وسي إبراهيم وسي الطيب والهادي والطايع وعزيز والبعض الآخر ثانوي مثل فتاح ونادية وإدريس والجيران والشريف...
وتتمحور هذه الشخصيات كاها حول شخصية الأم لالة الغالية باعتبارها الرحم والمصدر الأمومي الأصل الذي تفرعت عنه باقي الفروع الأخرى.
ويمكن اختزال هذه الشخصيات في السمات والصفات والوظائف التالية:

الوظائف القيم الأخلاقية الوظائف الاجتماعية الأوصاف الخارجية دلالات اسم العلم الشخصيات
تحمل مسؤولية الأسرة- التدبير المنزلي- مساعدة ومساواة جيران الدار الكبيرة- زيارة الأهل والأقارب والأولياء الصالحين- الانتقال إلى الرباط لتزويج ابنتها ومساعدتها في تربية أولادها والتدبير المنزلي وإعالة أولادها- الوفاة. طيبة- مؤمنة- تصل الرحم- تحب أولادها وأخاها وأمه محسنة- ودودة مع الأهل والجيران والناس- بشوشة مواسية وناصحة ومحترمة لطيفة- ظريفة ومربية صالحة. أرملة مكافحة. وجه مدور صبوح- بسمتها ذكية- وجه ممتلىء- ملثمة تلبس الجلابيب. سميت بهذا الاسم لأنها غالية على الجيران ونساء الدار الكبيرة لمركزها وأهميتها الاجتماعية ودماثة أخلاقهاوطيبوبتها. فهي أم الجميع بلا استثناء. لالة الغالية
مسؤول عن لالة الغالية- إتقان الحياكة- زواجه بفاختة بعد وفاة زوجته الأولى- تبني الهادي- العمل في الدراز سهراته في المساجد وحلقات ترتيل الأمداح – تهريب القماش والكتان- التجارة- الإفلاس- التوبة- الوفاة. محبوب – متناقض في سلوكه- دماثة متناهية – الجمع بين العبادة و والمجون- المروءة- السخاء والكرم. يشتغل في صناعة الحياكة والخياطة ويتاجر في الكتان. قامة مديدة- جسد ممتلىء-فحل- يلبس جلبابا شفافا في الصيف وجلبابين صوفيين خلال الشتاء- عاقر سمي بهذا الاسم لطيبوبته ودماثة أخلاقه سي الطيب
رعي الأغنام بآيت باها- الانتقال إلى الرباط بعد الجفاف- الاشتغال ماسحا للأحذية ونادلا- الزواج بلالة نجية- إنجاب الأولاد- تحمل مسؤولية الإنفاق والتربية الصالحة- شراء منزل بفضل عرق جبينه- حياة مستورة وسعيدة. متدين- ساذج- قانع حامد-متزمت- كثير النصائح- جدي- كريم في اقتصاد – حاج- مستقيم- غامض ودؤوب. كان ماسحا للأحذية ثم صار نادلا في بار هنريس. كان شابا جميلا- ممشوق القامة- عيناه عسليتان- شعر فاحم –ابتسامته لطيفة- يكثر من لبس القمصان البيضاء بدون رقبة- يلبس البابيون الأسود- يركب الدراجة. اسمه يحيل على الطابع الديني سي إبراهيم
الزواج بسي إبراهيم –الانتقال من فاس إلى الرباط- التدبير المنزلي- تربية الأولاد-الاجتماع مع نساء الجيران- الانتقال إلى البيت الجديد- مساعدة إخوتها ومواساتهم- الحرص على صلة الرحم- الفرح بأولادها ولاسيما ابنها عزيز. صبورة خجولة- سابقة لسنها- عاقلة- كريمة- لها خصال أمها- ودودة- طائعة وراضية. امرأة متزوجة من سي إبراهيم، و ربة البيت ومسؤولة عن تدبير المنزل وتربية الأولاد. الخجل والحياء-تضررت صحتها بكثرة الولادة- مبتسمة- وجه بشوش مدور- سمت الوقار يطبعه الحزن- أمية- يهدد المرض عينها اليمنى بعد أن كبرت في السن. اسم يدل على النجاة من العقاب وعلى الإيمان والتضرع والتبتل. لالة نجية
الدراسة في المدارس الحرة- المراهقة والشيطنة – مساعدة الأم أثناء العطل- الإقامة عند سي إبراهيم- إعالة أخيه وأمه- مساعدة الهادي على التعلم- النضال الوطني- الالتحاق بمدرسة حرة معلما – الزواج- إنجاب فتاح- بعد إهماله لأولاده في فترة النضال صار إسلاميا يهتم بأولاده ومنزله. وطني مناضل- حركي دؤوب وعملي- رجل غيور صالح- معلم الابتدائي وسيم- أكبر سنا من الهادي- يتيم- ابن لالة الغالية. دلالة على طاعته لوالدته ولمبادئه التي يؤمن بها الطايع
الدراسة في المدارس الحرة- المراهقة- عيشه مع خاله سي الطيب- الانتقال إلى الرباط- دراساته بالقاهرة وباريس- الصحافة- الانتقال بين الرباط وفاس. مدلل في صغره- مجتهد- متأن- مفتون بالجسد والحب ولذة الحياة- لا يؤمن بالزواج وحياة الاستقرار- ثائر عبثي- أناني- يضع الدين قاب قوسين. صحفي وصاحب شهادة عليا. وسيم- يتيم- غزال- رقيق- أصغر سنا من الطايع- دلالة على مدى هدوئه وكثرة تأملاته وتصرفه بهدوء أثناء حديثه. الهادي

إذا، هناك شخصيات نامية ومتطورة ودينامكية في الرواية مثل: الهادي والطايع وفتاح وسي الطيب، وشخصيات ثابتة ستاتيكية مثل: لالة الغالية ولالة نجية وعزيز وسي إبراهيم. ويلاحظ كذلك أن هناك علاقات تواصلية مختلفة مثل:علاقة العداء وعدم التفاهم بين الهادي والطايع، وبين الهادي وفاختة، وعلاقة حب البنوة أو الأبوة( حب الأولاد للغالية)، أو القرابة( سي الطيب- الأحفاد وحبهم للهادي...)، أو المصاهرة( سي إبراهيم...)، وعلاقة جنس وحب شبقي( الهادي مع القاهرية والمدريدية والبيضاوية في باريس...، وسي الطيب ومغامراته مع المرأة اليهودية التي أودت به إلى الإفلاس...).وهذه الشخصيات من أجيال مختلفة، فهناك جيل الاستعمار( لالة الغالية- سي الطيب- الشريف...)، وجيل الاستقلال( الهادي والطايع ولالة نجية وسي إبراهيم...)، وجيل ما بعد الاستقلال ( فتاح- نادية – سعيدة- إدريس...). وهذه الأجيال مختلفة في مواقفها، فهناك جيل راض على واقعه( الأم- سي الطيب...)، وجيل متوتر ومتردد يتكيف مع الواقع على الرغم من رفضه له، وجيل ثائر وناقم على الواقع خاصة واقع ما بعد الاستقلال بسبب بطالة الخريجين، وتغير القيم واختلاف المنظورات وعدم الإيمان بالوطن الذي لم يحقق للشباب الطموحات والآمال التي يتعلقون بها.
ولعبة النسيان من خلال هذا الوصف الفيزيولوجي والاجتماعي والأخلاقي تبين أن هذا النص الروائي هو نص الشخصيات في تشابكها العائلي واختلافها في المواقف وصراعها مع الموضوع، وامتدادها إلى الماضي عبر الأصول ( لالة الغالية)، والفروع( الهادي- الطايع- سي إبراهيم)، ماداموا حواشي تتشرب من معين الدفء العائلي العريق عبر جدلية الفضاء ( فاس- الرباط- المغرب –الخارج)، والزمن( الاستعمار- الاستقلال- ما بعد الاستقلال).
ويتم نقل هذه الشخصيات وتصويرها وتفسير منظوماتها الذاتية والموضوعية من خلال الامتداد والاسترجاع والتذكر واستدعاء الماضي واستشراف المستقبل واستنطاق الحاضر بوعي جدلي ( فتاح- الأحفاد الجامعيون).
ويمكن أن نصنف شخصيات الرواية إلى شخصيات إشكالية، وشخصيات متصالحة، وشخصيات مندمجة. إن الشخصيات الأولى تحمل قيما أصيلة وتحاول غرسها في مجتمع منحط؛ ولكنها تفشل في زرعها وينتهي بها المآل إلى اليأس والثورة والتمرد كما هو حال الطايع والهادي وفتاح. أما الشخصيات المتصالحة فهي التي تتكيف مع الواقع وتنصهر في بوتقته كيفما كانت الأحوال، يتحكم فيها الوضع والزمن وتحلل الأمور بسذاجة وسطحية، وهي شخصيات سلبية وإشكالية كذلك مادامت تقبل المصالحة والتطبيع مع الواقع السلبي، ومن خير من يمثل هذا الصنف من الشخصيات سي إبراهيم وعزيز. أما الشخصيات المندمجة فهي " تلك التي تبتهج بالحياة، وتعيشها بامتلاء دونما إحساس بشرخ في كينونتها"، وندرج ضمن هذا المحور الأم وسيد الطيب.
ويمكن اقتراح تصنيف آخر للشخصيات من خلال البعد السوسيولوجي. فهناك:
1- شخصيات الوعي الممكن( الطايع- الهادي- فتاح)، حيث تستحضر الذوات المستقبل، وتستشرف غدا أفضل من خلال الرفض للواقع السائد والموضوع الكائن عبر التمرد واليأس والنضال النظري والعملي.
2- شخصيات الوعي الكائن، وهو وعي سائد، قد يكون زائفا ومغلوطا، ويمثل هذا الوعي: الأم، لالة نجية، سي إبراهيم، سيد الطيب، فالوعي الأول إيجابي، والثاني وعي سلبي
5- الوصـــــف فـــــي الروايـــة:

التجأ محمد برادة في لعبة النسيان إلى تقنية الوصف أثناء تعطيل الزمن والوقفات لتشخيص الفضاءات ووصفها كما فعل عندما وصف فاس البالي والدار الكبيرة إلى جانب وصف الشخصيات من خلال أبعادها الفزيولوجية ووظائفها الاجتماعية وإنجازاتها السردية وقيمها السيكولوجية. ويؤثث هذا الوصف الفضاء ويقدم الشخصيات ويعرض الإطار العام الذي يرسم البرامج السردية سواء أكانت سطحية أم عميقة. ويغلب على هذا الوصف الطابع الواقعي والنظرة الإثنوغرافية السياحية خاصة عندما يصف الكاتب فاس البالي والدار الكبيرة وحفلة زفاف عزيز على غرار وصف عبد الكريم غلاب في دفنا الماضي والمعلم علي. ويستند الكاتب في وصفه إلى التطويل المعتدل دون الإسهاب في ذكر النعوت والصفات والأوصاف التفريعية، بل يكتفي بما هو عام دون ما هو خاص وجزئي ولا يبالغ في التطويل كما عند فلوبير في ( مدام بوفاري)، أو بلزاك في رواياته الواقعية أو زولا في جيرمينال؛ بل يكتفي بلوحة وصفية لا تتعدى صفحة واحدة إلى صفحتين، لينتقل من السرد الوصفي إلى المشاهد الدرامية والخطاب المعروض أو الذاتي.
والوصف غالبا ما ينصب على الشخوص والأشياء والأمكنة والوسائل، ويحضر في الرواية كثيرا وصف الشخصيات بأبعادها الداخلية والخارجية( الأم- سي إبراهيم- سيد الطيب- لالة نجية- الهادي- الطايع...)، ووصف الفضاءات بهندساتها المكانية وقيمها الإنسانية( فاس- الرباط- فيلا العرس- المقهى الذي يشتغل فيه سي إبراهيم......- الدار الكبيرة....). ولم يقتصر الوصف هنا على التزيين وتأثيث الديكور، بل هو وصف دلالي ووظيفي وخلاق؛ لأنه يوحي بدلالات عديدة ومعان شتى.

6- الفضــــــــــاء الروائــــــــــــي:

تدور أحداث الرواية في فضائين متقابلين داخليا: فضاء فاس وهو فضاء حميمي عريق في أصالته مرتبط بلالة الغالية، إثنوغرافي بعاداته ومعماريته خاصة فاس القديمة بدروبها وسكانها وحيواناتها وحرفها مع التمدين الحداثي في فاس الجديدة. ارتبطت شخوص الرواية بفاس الأصالة التي تمثل الأم الغالية وطيبوبتها وميلادها الحقيقي وميلاد أولادها ( الطايع- الهادي- نجية). إن فاس هي الزمن الضائع والرحم الأصل والبداية والنهاية، لتتم الرحلة إلى الرباط حيث لالة نجية، إنه فضاء التحولات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية. وإذا كانت معظم الشخوص المحورية ارتبطت بهذين الفضاءين الداخليين، فإن الهادي قد انفتح على فضاءات خارجية مثل: القاهرة وباريس ومدريد.
ولقد أسهب الكاتب في وصف فاس القديمة مستعرضا قسماتها الفسيفسائية ومظاهرها البانورامية وأشكالها السياحية على طريقة عبد الكريم غلاب في دفنا الماضي على عكس عز الدين التازي الذي اعتبرها مباءة وموت ونهاية وجودية وعبثية. فإذا كان الكاتب قد ركز كثيرا على وصف فاس محاولا استرجاع ذكرياتها وذكريات الأم، فإن الرباط لم يكن إلا فضاء عابرا؛ لأنه لا يؤشر سوى على الهروب والتحول الرجولي. ويزاوج الكاتب في نقله للفضاء بين الطريقة الكلاسيكية في الإسهاب الوصفي الواقعي والطريقة التي تبنتها الرواية الجديدة في العبور السريع على المكان للتركيز على الأشياء بدل الأفضية وما يمت بصلة إلى الإنسان.
وتخضر( الدار الكبيرة) بفضائها العريق في الرواية لتبين الطابع الإنساني والعائلي الذي يملأ هذه الدار بوجود لالة الغالية ولتحيل على فضاء الطيبوبة والأصالة على عكس الرباط التي تحضر بفضاءات المقاهي والشوارع الحزينة ووجوه المستعمرين وقساوة الحياة والظروف المادية الصعبة. ويغلب علىهذه الفضاءات الطابع الحزين والروح الجنائزية وشبح الموت بوفاة الأم. فإن قارىء( لعبة النسيان) الذي ليس" من الضروري أن يكون قد عاش- يقول أحمد اليابوري- أو تعرف مباشرة، على مثل تلك الدار الفاسية، يشعر بالوحشة خاصة عندما يتتبع التفصيلات المتصلة بالأبواب الثلاثة التي يفضي بعضها إلى بعض، والتي تذكرنا بنماذج من ( ألف ليلة وليلة) حيث لايتم الوصول إلى الكنز إلا بعد اختراق عدد من الأبواب والممرات والمتاهات. غير أن ما يحد من هذه الوحشة بل ويكاد يلغيها، هو حضور الأم ( الكنز)، كعلامة إنسانية مشرقة دافئة وسط عالم الأشياء والأشكال، من هنا طابعها الرمزي، بل و الأسطوري من منظور دلالة الفضاء العتيق: في هذه الدار أشياء كثيرة، لكن أهم ما فيها الأم"
ويتخلل هذه الأفضية لونان بصريان هما: الأبيض ( الوفاة/ الموت)، والسواد( الحياة بمتناقضاتها وصراعاتها السيزيفية)، إنها لعبة الألوان " التي تمثل مجال الصراع الذي يعيشه البطل بين الماضي والحاضر، بين المثل وإرغامات المعيش. وتلتقي نهاية هذه اللعبة على مستوى الألوان بنهاية اللعبة على المستوى الروائي، في محاولة اقتناص اللحظة البدئية خارج ثنائية الأسود والبض، الواقع والحلم" .
ويمكن تخطيط الفضاءات على الشكل التالي:

الفضـــــــــــــــــــــــــاءات
الفضـــــــــــاءات الخارجية الفضــــــاءات الداخلية
مدريد باريس القاهرة الدار البيضاء الرباط فاس
هذه الفــــــــضاءات مرتبطة بالهادي فضاء تهريب البضائع فضاء لالة نجية فضاء لالة الغالية
فضاءات العلم والجــــــنس
فضاء الدفء الحميمي
فضاء الغربة والـــــضياع
فضاء الوجود

في الفضاءالداخلي نجد امتدادا عائليا وتواصلا أموميا إذ تترابط فاس والرباط قرابة ومصاهرة من خلال الأم ( لالة الغالية ولالة نجية)، فالأم حاضرة في هذين الفضائين؛ لأن نجية تشبه أمها في خصالها، كأن البنت هي الأم، والعكس صحيح. بينما الفضاء الخارجي يعبر عن ضياع الهادي وغربته الداخلية والمكانية بحثا عن الجد والعلم ومفاتن الغواية.
وتتناقض الفضاءات كذلك، فهناك فضاءات دينية ( ضريح مولاي إدريس- المساجد- جامع القرويين- أماكن الجذبة الصوفية...)، وفضاءات اللهو( مقاهي لعب الكارطة)، والمجون( البار.....)، وفضاءات عريقة( زقق ودروب فاس القديمة)، وفضاءات مدنية حديثة مرتبطة بالتهريب والاستعمار والحداثة( فاس الجديدة- الرباط...)، وجدلية المدينة والبادية، وفضاء المستعمرين وفضاء المغاربة.
ويلعب المكان دورا مهما على مستوى الذاكرة والحلم واسترجاع الزمن الضائع واستعادة حضور الأم ووفاتها. ففاس هي المكان المحوري في الرواية؛ لأنها ترتبط بالمهد الأمومي.
هذا ولقد اعتمدت لعبة النسيان في قسمها الأول " المرتبط بما قبيل الاستقلال، على الاستذكار الطفولي للمكان، لذلك بقي اتساعه محدودا وأبعاده ضيقة(...) إن ما يميز الفضاءات في القسم الثاني من الرواية- قسم ما بعد الاستقلال- هو تمزقها المادي وانعزالها عن بعضها البعض، بحيث تفقد المسافات الواصلة بين الأجزاء المكانية. هذا يعطي الانطباع بتشتت أحداث الرواية وبقفزات غير محسوبة. ولكن حين يدرك القارىء أن الفضاءات هنا هي ماديا فضاءات شكلية صورية غير مقصودة لذاتها مباشرة أو ضمنيا، وحين يدرك أنها فضاءات اجتماعية ونفسية ووجدانية سواء في رموزها المادية أو علاماتها، فنكاد نلمس تلك الأبعاد الاجتماعية والنفسية والوجدانية بحواسنا دون أن نتأمل ونعمق التفكير كثيرا..." .
وتبرز في الرواية فضاءات علوية ( طبقات الدار الكبير)، وفضاءات سفلية، أو الفوق والتحت من خلال تواصل عاطفي وإنساني. كما ترصد الرواية فضاءات أخرى مثل:
1- الفضاء الطبيعي( جنانات/ الحدائق....)؛
2- الفضاء الديني: ( المساجد/ الجوامع/ الأضرحة/ الزوايا...)؛
3- الفضاء السياسي: ( الحزب/ النقابة....)؛
4- فضاء البرجزة: ( فاس الجديدة/ الدار البيضاء...)؛
5- فضاء العتبة ( السجن/المعتقلات...)؛
6- فضاء الغربة والضياع ( القاهرة/ مدريد/ باريس..)؛
7- فضاء الأصالة والقيم العريقة ( البادية/ فاس القديمة...)

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:04 PM
تابع،،

7- المنــــظور الســـــــردي:

على مستوىالرؤية تنبني الرواية على تعدد السراد والأصوات والضمائر والمنظورات. فكل قصة نووية يسردها سراد مختلفون، كل سارد له رؤيته الخاصة إلى زاوية الموضوع، أي أن المؤلف أعطى للشخوص الحرية والديمقراطية في التعبير عن وجهات نظرها دون تدخل للمؤلف لترجيح موقف على آخر، بل ترك كل شخص يدلي برأيه وبمنظوره تجاه الحدث والموقف، يعبر عن نظره وإيديولوجيته بكل صراحة دون زيف أو تغيير لكلامه. لذلك وجدنا القصة تروى من خلال عدة منظورات متناقضة. ويلاحظ أن هناك عدة قصص نووية صغرى وحكايات مترابطة فيما بينها من خلال قصتي الهادي والأم باعتبارهما شخصيتين محوريتين في الرواية. وكل قصة تروى من عدة سراد أو رواة لإضفاء الموضوعية على الحكي وتوفير قدرا ما من الديمقراطية في التعبير من خلال جدلية المواقف والإيديولوجيات والمنظورات الفلسفية والواقعية، فالهادي مثلا يختلف عن الطايع، فيذكر الكاتب بكل حياد وموضوعية مبرراتهما ويترك للقارىء يحكم على الشخوص ومن له وجهة نظر أرجح من الأخرى، أي يترك للمتقبل أن يرجح آراء الشخوص من خلال رجحان الأدلة والمواقف وطبيعتها الواقعية وابتعادها عن الرومانسية والمثالية.
ونستشف من خلال الرؤية السردية التواتر التكراري، إذ يهيمن السرد المكرر بكثرة، وهو أن يروي أكثر من مرة ما حدث مرة واحدة. فأحداث الرواية تروى مرات عديدة بصيغ مختلفة أو متماثلة. ويكشف الكاتب في روايته عن اللعبة السردية من خلال صراع المؤلف مع راوي الرواة واستحضار القارىء لمناقشة الميثاق السردي. ومن ثم يمكن القول: إن الرواية لعبة النسيان تطبيق لآراء محمد برادة النقدية، خاصة أنها أي الرواية نموذج عربي للرواية البوليفونية القائمة على تعدد الأصوات والمنظورات والرؤى الإيديولوجية حيث يختار القارىء وجهة نظر الشخص الذي يميل إليه. وهكذا يتقاطع الإبداع مع النقد في الرواية والأطوبيوغرافيا مع البوليفونية الباختينية.
وينتج عن كثرة المحافل السردية" تعدد الضمائر النحوية وتنوع وجهات النظر وتضاربها وبروز طابع النسبية الذي يصبح صفة ملازمة للأفكار والمواقف؛ ثم نجد المؤلف نفسه يدخل في حوار مع السارد الرئيسي فيتحول، نتيجة لذلك، إلى شخصية روائية، إلى صوت سردي بين باقي الأصوات. ويتم ذلك الحوار في إطار الاختلاف، وحتى عندما يبرز ظاهريا نوعا من التطابق، فإنه يكون منطويا على عناصر تمت إلى السخرية بصلة".
ومن الضمائر السردية التي ينتقل عبرها الكاتب هي ضمير المتكلم وضمير المخاطب وضمير الغياب، فرديا وجماعيا. وهذا ينم عن مدى التنوع والاختلاف وتعدد الزوايا والمنظورات، وبالتالي، فالكاتب يؤمن بالحوارية والاختلاف.
ويعمد الكاتب إلى مزج الرؤية الخلفية بالرؤية المصاحبة، إذ السارد في الرؤية الأولى يشرف على السراد ويقوم بالتنسيق بينهم ويترك لهم فرصة التعبير ويعطيهم حرية الإدلاء بآرائهم وقناعاتهم ومواقفهم الإيديولوجية. وعلى الرغم من معرفته الواسعة بالشخصيات فإنه يلتزم الحياد وينزل إلى درجة الصفر ليمسك بخيوط السرد: توجيها وتوزيعا.كما يتحكم في توجيه دفة الأحداث والوقائع وترتيب الاستيهامات والأحلام. وفي كثير من الأحيان يثور هذا السارد على المؤلف ليصحح كثيرا من الأحداث المشوهة أو المزينة: إيحاء وتمويها. وكما تقوم الشخصيات – من خلال الرؤية الثانية- بسرد حكاياتها مستعملة ضمير المتكلم الفردي أو الجماعي مستبطنة الذات والموضوع معا عبر عمليات الاسترجاع والتداعي والتذكر الشعوري واللاشعوري.
وتتجلى الرؤية من الخلف عندما يتحدث السارد عن الأم في الدار الكبيرة وسيد الطيب والهادي في طفولته ومراهقته وحفل زواج عزيز، بينما تهيمن الرؤية "مع" في الفصول والقصص الأخرى. وهذا يعني أن الرؤية الداخلية/ الذاتية أكثر هيمنة من الرؤية الخلفية الكلاسيكية. ومن ثم، فالرواية ذات تبئيرين: داخلي وخارجي. وتقترب من الرواية المنولوجية عندما تستبطن الذات والموضوع من خلال المنولوج الداخلي والرؤية المصاحبة، في نفس الوقت تمتح من النسق الكلاسيكي عندما يحضر السارد العارف بكل شيء.وهذا يعني كذلك حضور السرد الداخلي والسرد الخارجي. وحضور السارد لاشخصي ( الكلاسيكي)، والسارد المشخصن أو السارد التطابقي إذ يصبح السارد شخصية رئيسية ( الهادي/ الطايع/ سي إبراهيم)، أو شخصية ثانوية( كنزة تتحدث عن لالة نجية، ونساء الدار الكبيرة يتحدثن عم الأم لالة الغالية)، أو دور شاهد على الأحداث.

8- بـــــــنـــــــــية الزمــــــــــن:

إن الزمن في لعبة النسيان دائري وهابط؛ لأن السرد قائم على استرجاع الزمن الضائع واستعادة ذكرى وفاة الأم باعتبارها الشخصية المحورية، وهذا يدل على مدى انزياح الرواية زمنيا عن النسق الزمن الكلاسيكي حيث يتحرك الزمن من الحاضر وهو صاعد نحو المستقبل. ويلاحظ أن الرواية عبارة عن قصص نووية مستقلة بمفردها ولوحات سردية منفصلة على الرغم من كونها تترابط بنيويا من خلال شجرة العائلة: قرابة ومصاهرة. وتحضر النصوص النقدية المتعلقة بالتفكير في الرواية وكيفية تشخيصها ذاتيا من خلال فضح أسرار اللعبة السردية لتبين الانفصال الموجود بين الإبداع والنقد المقتحم ليحضر القارىء قصد إبلاغه بتقنيات الرواية ومنظوراتها السردية وطريقة أسلبتها.
إن الرواية- إذا- متخلخلة من حيث البناء والتركيب والزمن، فلا نجد الخط الكرونولوجي، بل نجد أحداثا دائرية تستعاد عن طريق الفلاش باك أو التذكر عبر العودة إلى الماضي بحثا عن الأصول والجذور وتحولاتها في الحاضر وامتدادها في المستقبل من خلال الفروع والحواشي. إذا، هناك تكسير لعمودية السرد عبر الاسترجاع والبناء الدائري؛ لأن الرواية تبدأ بالموت وتنتهي به كذلك.
وعلى الرغم من تفكك الرواية على قصص صغرى وحكايات نووية تسردها الشخصيات المشخصة أو الساردة فإن الرواية مترابطة من خلال اتساقها وانسجامها الداخلي/ البنيوي لأنها تصب كلها في قصة لالة الغالية باعتبارها الأم المثالية، أو التاريخ العريق، والوطن بكل دفء وأمومة. فالأم حاضرة في هذه القصص كلها من خلال الاستدعاء والامتداد والتماثل والتطابق والتضمن. وبالتالي، فوفاتها تشكل البؤرة الدلالية الكبرى للرواية التي استحثت التيمات والشخوص الأخرى لتوليد الخطابات السردية حولها في شكل اعترافات ومذكرات وتعليقات وشهادات. وهكذا، فلعبة النسيان هي رواية الفقدان والنسيان والسلوان واستعادة الزمن الضائع.
وينحرف الزمن في الرواية إلى الماضي أكثر من انحرافه نحو استشراف المستقبل؛ لأن الرواية هي رواية التاريخ واستعادة الذات لزمنها في صيرورتها الموضوعية، ويمكن أن نختزل سرعة الزمن وبطئه في الخطاطة التوضيحية:

زمن الروايـــــــــــــة بين السرعـــــــــة والبـــــــــــــــطء
إبطاء الزمـــــــــــــــــــن تسريع الزمــــــــــــــــــن
المشاهد الدرامية الوقفات الوصفية الحذف التلخيص
المشهد فرد فترة زمنية قصيرة على مقطع طويل يتوقف الزمن كاملا عندما يسير النص دون أي حركة زمنية ( الوصف) يمر الكاتب على مدة دون ذكرها في النص ضغط فترة زمنية طويلة في مقطع نصي قصير
- مشهد المظاهرة ص: 37- 38

- مشهد سي إبراهيم مع الأمريكاني ص59
- مشهد الطايع مع ابنة الجيران خديجة ص74 1- وصف الدار الكبيرة5-6
- وصف الهادي لمدرسة المسيد
- وصف مسابقة الجمالص81-83
- وصف فاس القديمة ص:97
- وصف حفلة عزيز ص:104 " ثلاثون سنة منذ أن رحلت عنك وعن الدار الكبيرة" ص24
" تخطى العقد الثالث من عمره، ومع ذلك يبدو ممتلئا بطفولته" ص29 " تدخل الحرب عامها الثالث والزوجة الملاك تختفي، وتنذر الأحوال بالبؤس والنكد."17
" في ليالي الصيف تزهو سطوح فاس"ص30
من خلالهذا الجدول نلاحظ أن الكاتب يستفيد من تقنيات الرواية الجديدة ومن تقنيات الرواية الكلاسيكية كذلك، مع العلم أن الزمن لدى الكاتب يتسم بالتشظي والإرصاد والخلخلة في البناء على الرغم من وجود الانسجام العضوي والاتساق البنيوي.
يستند الكاتب في الرواية إلى توظيف الوقفات الوصفية لتقديم الشخصيات الرئيسية وتصوير الفضاء الذي يؤطر الأحداث ويؤثثها، وتستغرق هذه الوقفات مساحات نصية كبيرة مما يتعطل معها الزمن لتشويق القارىء وخلق الجو النفسي لمعايشة الحدث وتصور الاحتمالات الفنية الممكنة.
ويقترب محمد برادة في مقاطعه الوصفية من عبد الكريم غلاب في دفنا الماضي والمعلم علي، إذ تغلب الرؤية الإثنوغرافية والسياحية على تقديم المقاطع الوصفية، خاصة وصف فاس البالي، وحفلة عرس عزيز في فاس الجديدة.
ويتسم هذا الوصف بالطابع الواقعي؛ لكن نفس محمد برادة ليس طويلا ومسهبا مثل نفس بلزاك أو نجيب محفوظ أو عبد الكريم غلاب الذي يستغرق صفحات طويلة، بل يتسم الوصف بالإيجازوالتلميح والإيحاء والاختزال والتكثيف. وتحضر المشاهد الدرامية بكثرة خاصة مشهد " واقعة الضب"، والمشاهد الجنسية المتعلقة بالهادي والمشاهد الغرامية المتعلقة كذلك بالطايع، إنها مشاهد درامية مشحونة بالتوتر والصراع واختلاف وجهات النظر والرؤى الفلسفية العميقة والبعد المأساوي( كمشهد جنازة الأم / أو زوجة سيد الطيب....).
وإذا كان التلخيص يعمد إلى حذف ما لا قيمة له، فإن المشاهد عبارة عن مقاطع تمثيلية لها أهمية كبرى في تأزيم الرواية وشحنها بالصراع الدرامي.
ولا يعمد الكاتب إلى البطء الزمني من خلال الوقفة والمشهد المسرحي، بل يلتجىء كذلك على تسريع الزمن من خلال التلخيص عبر المرور السريع على فترات زمنية طويلة لا جدوى من ذكر أحداثها؛ لأنها لا تضيف أي جديد على بناء الرواية وتوتر إيقاعها النسقي، كما يكثر من الحذف الزمني لخلق الثغرات الظاهرة والضمنية رغبة في الدخول في الأحداث مباشرة وتسهيل الانتقال من مقطع إلى آخر أو المرور من حدث إلى حدث آخر أو من فترة زمنية إلى أخرى مستغنيا عن الأحداث التي لا قيمة لها.
أما عن التواتر فهي قضية أسلوبية عند البعض، وزمنية عند البعض الآخر كجيرار جنيت، والمقصود بالتواتر هومجموع علاقات التكرار بين النص والحكاية، ومن صور هذا التواتر في ( لعبة النسيان)، نجد:

أمثلته تعريفه أنواع التواتر
" يستيقظ ( سي الطيب) باكرا كل يوم. يرتدي جلبابا شفافا في الصيفن وجلبابين صوفيين خلال فصل الشتاء، يحرص على ضبط حركاته حتى لا يوقظ سكان الدار الكبيرة"ص15.
فالسارد في هذا المقطع يروي مرة واحدة ما يقوم به سي الطيب مرات عديدة وما يلبسه صيفا وشتاء، وكيف يتصرف داخل الدار الكبيرة. وهو أن يروي مرة واحدة ما حدث أكثر من مرة السرد المؤلف
حدث وفاة الأم روي أكثر من مرة من قبل نساء الدار الكبيرة والهادي وراوي الرواة. أن يروي أكثر من مرة ما حدث مرة واحدة السرد المكرر
" تلتفت نحوي وأنت تضحك من خلل هسهسة تكتم الصوت مغمضا عينيك، مسرورا بأن تشاكسني..." ص25.
فالسارد يروي مرة واحدة ما حدث بين الهادي وسي الطيب. وهو أن يروي مرة واحدة ما حدث مرة واحدة، وهذا النوع من التواتر هو أكثر شيوعا واستعمالا في النصوص القصصية والروائية السرد المفرد

أما عن زمن القصة فتتجاذبه ثلاث مراحل:
1/ مرحلة الحماية وخاصة مرحلة الحرب العالمية الثانية وما عقبها من تحولات سياسية واجتماعية.
2/ مرحلة الاستقلال والنضال الوطني والاجتماعي والسياسي والنقابي والحزبي.
3/ مرحلة ما بعد الاستقلال، مرحلة إحباط الشباب وبطالة الخرجين والفساد السياسي والإداري.
تمتد الرواية بأحداثها إلى الثلاثينيات من هذا القرن بداية باحتلال تافيلالت( 1933)، ونشوب الحرب العالمية الثانية وإعجاب المغاربة بألمانيا وهتلر لانتصارهم لطرد فرنسا من المغرب على جانب مطالبة المغاربة بالاستقلال بعد انتهاء الحرب مما أدى ذلك إلى الاحتجاجات والمظاهرات والاعتقالات وقتل الوطنيين واعتقالهم في السجون والمنافي، وتخلص الفدائيين من خونة البلاد والبياعة، والإشارة إلى نفي السلطان إلى مدغشقر وجزيرة كورسيكا، والتحولات التي فرضتها مرحلة الاستقلال من خيبة الأمل وصدمة الشعب فيما كان يأمل فيه بسبب التطاحنات الحزبية والنقابية وخواء جوهر الشعارات والوعود، مما تشير الرواية إلى عدة انتكاسات و اغترابات ذاتية ومكانية( الطايع / الهادي)، إلى جانب ثورة الشباب ( فتاح / نادية/ إدريس...)، الخريج من الجامعات على وطنهم وتنكرهم للعاطفة الوطنية بسبب عدم إيمانهم بما هو كائن سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وظهور المصالح والرشوة وتفشيها بين الموظفين الكبار وظهور كذلك للملياردية الذين يخونون وطنهم ويستنزفون الأموال العامة ويستغلون مناصبهم من أجل غد العيش، كما تشير الرواية إلى تعامل الناس أثناء الحماية بالبون وغلاء السكر في الاستقلال وتعويضه بالتمر، وتكليف الجيش السينيغالي للقضاء على كل ثورة أو تمرد جماهيري إبان الاحتلال الفرنسي، وبؤس أحوال المجتمع أثناء الحرب العالمية الثانية التي قضت على كل أخضر ويابس.
أما عن زمن الكتابة فهو زمن الثمانينيات ( 1987) الذي يحيل على الأزمة الخانقة المعروفة في المغرب على جميع المستويات سواء أكانت اجتماعية أم اقتصادية أم سياسية أم ثقافية؛ بسبب دخول المغرب في حرب الصحراء وارتفاع أسعار البترول وتكلفة التسليح الغالية وارتفاع الديون وشروط صندوق النقد والبنك الدولي وضرورة نهج سياسة التقويم الهيكلي التي تضحي بما هو اجتماعي لما هو إنتاجي واستثماري. وهذه الظروف التي هيمن فيها اليمين على اليسار إلى جانب الانتفاضات الشكلية والفساد الإداري والسياسي وانعدام حقوق الإنسان، كل هذه العوامل كانت حاضرة في مخيلة محمد برادة وهو يكتب هذه الرواية ليرصد تاريخ الأجيال والشخوص والأمكنة من خلال استقراء داخلي وخارجي لجيل الاستعمار والاستقلال وما بعد الاستقلال، ليضع كل هذا في بوتقة إبداعية فنية يتداخل فيها الوصف النقدي والإبداع الأطبيوغرافي" وإذا كانت ( لعبة النسيان) – يقول أحمد اليابوري- تحيل بشكل واضح، وأحيانا مباشر على وقائع في حياة الكاتب عاشها وتأثر بها، تتعلق بالأشخاص والزمن والمكان، فإن طريقة استثمار هذه المكونات السير ذاتية داخل النص، هو الذي نقاها من مستوى التاريخ إلى مستوى الإبداع الروائي"
وإلى جانب هذه السمات المميزة لزمن الكتابة في النص" هناك لحظة الاستشراف والرؤيا، لحظة الحلم " باغتناء المدينة" وبفرح الجميع، فتنشد أشعار تتخطى الأسوار، والحلم بعودة الأم ( عودة أيام الطفولة- والخصوبة)، وانبعاث الموتى ورجوع المنفيين والسجناء(ص148) هو حلم أقرب إلى رؤيا المتصوفة المستشرفة للمستقبل عبر التأمل الذاتي، لبناء عالم مستقبلي مثالي هلامي لامع، وعلى الرغم من ذلك ينطوي هذا الحلم على قسط كبير من الحدس والتنبؤ الذي يسمح به الاستغراق في تأمل الواقع وتخيله وآفاقه مع احتضان لحظات الطفولة المشرقة، لا يخلو هذا الحلم أيضا، من مسحة العزاء النفسي"
أما عن زمن القراءة فيختلف من قارىء إلى آخر، ومن مكان إلى مكان آخر. وقد استحضر الكاتب القارىء الذهني المفترض الواعي، كما أن هناك قارئا خارجيا آخر قد يتدخل ليبدي آراءه ويدلي بتصوراته حول الرواية.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:05 PM
تابع،،،

9- الصــــــياغة الأســـــــلوبية:

يلتجىء محمد براد في لعبة النسيان إلى تنويع أساليبه لخلق رواية بوليفونية حديثة، إذ يوظف بشكل متوازن الأسلوب غير المباشر أو الخطاب المسرود الموضوعي حيث يقوم الراوي بنقل الأحداث وتقديم الشخصيات والمشاهد وعرض الوقفات الوصفية عندما يؤثث الفضاءات ويزينها أو يموهها أو يشينها بمقاطع وصفية. ويعتمد في ذلك على وصف خارجي يحدد المعالم والقسمات ويستبطن المناحي النفسية والعوالم الداخلية سابرا أغوار الذات الإنسانية في سلوكاتها الشعورية واللاشعورية. ويخفف الكاتب من تدخلات الراوي العالم بكل شيء الذي يملك المعرفة المطلقة من خلال رؤية خافية ينظر بها إلى الشخوص مدعيا الحياد والموضوعية سوى ما يتبادر منه في شكل تعليقات وتقويمات عندما أدخل راوي الرواة إلى حلبة السرد ليشوش على الراوي المطلق الذي يمثل المؤلف الضمني؛ لأن وجود راوي الرواة هو تصحيح لكثير من حقائق الرواية وفضح لأسرار الذات وانطلاق لما هو مضمر ومخفي وبوح بالحقيقة واعتراف بالصراحة.
ويحضر الخطاب المسرود الموضوعي في تقديم أسلوب إخباري تقريري عن الشخوص والأحداث والفضاءات بطريقة توحي بالواقعية وتموه بصدق المحكي. لذا يعمد الراوي أو راوي الرواة إلى تبني السرد والنيابة عن الشخوص في نقل الأجواء السردية:" يكاد يكون زقاقا لولا أنه طريق سالكة...يكاد يكون زقاقا لولا أنه طريق سالكة تفضي بك إلى باب مولاي إدريس والنجارين، والرصيف، والعطارين...وباب الدار الكبيرة لا يواجهك، تجده على يمينك إذا كنت نازلا من " كرنيز"، أو على يسارك إذا أتيت من " سيدي موسى". نصفه الأعلى قطعة واحدة مرصعة بمسامير غليظة، والنصف الأسفل الذي ينفتح، له خرصة كبيرة ويمتد نصف متر إلى ما تحت مستوى الزقاق" .
فهذا المقطع وصف لفاس البالية والدار الكبيرة التي تسكنها الأم أو لالة الغالية مع الجيران، ويعمد الراوي العارف بكل شيء إلى ضمير الغياب والأسلوب غير المباشر لتقديم الفضاء الذي ستتحرك فيه الشخصيات مع تمديد هندسته وسماته المكانية وطبائعه الإنسانية ومعالمه الحضارية.
ويحضر كذلك الخطاب المعروض من خلال السرد المشهدي والحوار وعرض كلام الشخصيات، وهي تتجادل وتبوح باعترافاتها وتدلي بشهاداتها وتختلف في منظوراتها ومواقفها الإيديولوجية( مثل حوار الهادي مع الطايع). ويحضر هذا الخطاب الحواري كثيرا في المشاهد المسرحية والدرامية حيث الشخصيات تعبر عن وجهة نظرها.
ويتوسل الكاتب بالأسلوب المباشر لنقل آراء الشخصيات وأفكارها وعواطفها وطروحاتها بدون أن يتدخل الكاتب لتشويه تصوراتها أو تغيير أفكارها.
ويستند الكاتب إلى الخطاب المسرود الذاتي موظفا المنولوج أو العرض التلقائي أو تيار الوعي كما يوجد عند جيمس جويس وفيرجينيا وولف كافكا...لاستنطاق الذات مباشرة في صراعها مع الموضوع عبر استدعاء الذاكرة والأوهام والأحلام ومن خلال التأمل الذاتي والتعبير الشعوري واللاشعوريبحث عن الأم والزمن الضائع والانطواء على الذات للتلذذ بالغربة المكانية والضياع الوجودي والثورة على الواقع الكائن إلى درجة اليأس والسأم والعبثية( الهادي) أو الرجوع إلى الصواب والإيمان الرباني( الطايع).
إن المنولوج تعبير عن التمزق النفسي والذاتي والصراع الداخلي والمناجاة النفسية. وقد أورد الكاتب مقاطع كثيرة من الخطاب المسرود الذاتي ليخلق توازنا أسلوبيا وتعددا صوتيا داخل روايته التجريبية.
" منذ الآن لن أراها، قلت في نفسي وهم يضعون جسمها الصغير المكفن داخل حفرة القبر ويهيلون عليها التراب، وأصوات الفقية ترتفع فجأة عن سابق مستواها لتصاحب العملية الأخيرة: " تبارك الذي بيده الملك وهو على كل شيء قدير"
ومن ورائي كان زوج أختي يهمس لي: انتقلت إلى دار الحق وبقينا في دار الباطل..."
فهذا النص نموذج للمنولوج الداخلي إذ يبين نفسية الهادي عندما كان يضع الناس أمه لالة الغالية في روضتها الأخيرة وهو يتضرع داخليا ويبكي بملء مشاعره ويتمزق نفسيا من شدة الحزن ونواح الذات وحداد القلب،سي إبراهيم يحاول تهدئته من روعه وحزنه.
كما يلتجيء الكاتب إلى توظيف الخطاب المنقول عبر أسلوب غير مباشر حر الذي يزاوج بين تقنيات الحوار وتقنيات السرد، إذ ينقل الراوي كلام الشخصية بطريقة مباشرة أي " ينوب السارد عن الشخصية في التلفظ بخطابها، أو أن الشخصية تتكلم عبر صوت السارد، وحينها يتدخل الصوتان"
إذا، فهذا الأسلوب المزدوج يعكس حرية الكاتب في نسج كلام الشخصية داخل كلام الراوي... ويعني هذا اختفاء الراوي من عمله لنقل مشاعر الشخصيات وحياتهم النفسية بدل ترجمتها بطريقة سردية غير مباشرة تفقد الكلام نبرته التأثيرية والمشهدية مثلما نجد في ما يلي:
" كنت أحاول أن أنبهها إلى أن كثرة الأولاد تضر بالصحة وتثقل الكاهل، لكنها لم تكن تستطيع أن تخالف مشيئة سي إبراهيم"
" فتحت لي الباب وقد وضعت شالا على كتفها. عيناها منتفختان قليلا من أثر النوم، وصفرة خفيفة تغمر وجهها. لم أفهم، أول الأمر، كيف أنها وحدها في البيت واليوم يوم أحد. شرحت لي بأن هناك مناسبة عند أحد الأصهار، وأنها متوعكة فبقيت لتستريح. حاولت أن أكون مرحا معها كما اعتدت في السنوات الأخيرة، لكنها لم تستجب كثيرا، ربما لأنها أحست أنني أيضا على غير عادتي مقلوب المزاج. ران صمت ثقيل قطعته قائلا أنني سأحضر لها برادا من أتاي الفاعل التارك، وسأقرأ على رأسها لتصح من توعكها"
ينقل الكاتب في هذين المقطعين كلام الشخصية( لالة نجية/ وكلام الهادي/ وكنزة)، بصيغة غير مباشرة على الغم من وجود تلفظ مباشر وحوار حر. أي أن الخطاب المنقول عبر أسلوب غير مباشر حر هو تحويل خطاب داخلي للشخصية بحيث يصبح خطابا للسارد. وترى دوريت كوهين أن الغرض" من هذه التقنية تجلية الحياة الداخلية للشخصية باحترام لغتها الخاصة"
ويلاحظ أن الكاتب قد استعمل عدة أساليب للتعبير عن اختلاف المنظورات وتعدد الأصوات وجدلية الداخل والخارج واحترام الصراع بين الراوي والشخصيات بطريقة تعددية حوارية، وهذا ما تدعو غليه الرواية الحديثة التي ابتعدت عن الصوت الواحد والموقف المنفرد: " إن سيطرة أحادية الراوي العالم بكل شيء أصبحت غير محتملة في العصر الحديث مع التطور الثقافي العريض للعقل البشري، بينما أصبحت النسبية المتشبعة في النص القصصي أكثر ملاءمة" . وبالتالي، فتعددية الأساليب على مستوى الصياغة السردية يماثل التعددية الإيديولوجية وديمقراطية المواقف؛ لأن الشكل يعبر عن المضامين والمقاصد. ويقول في هذا الصدد أوسبنسكي " عندما نتحدث عن المنظور الإيديولوجي لانعني منظور الكاتب بصفة عامة منفصلا عن عمله ولكن نعني المنظور الذي يتبناه في صياغة عمل محدد، وبالإضافة إلى هذه الحقيقة يجب أن نذكر أن الكاتب قد يختار أن يتحدث بصوت مخالف لصوته، وقد يغير منظوره- في عمل واحد- أكثر من مرة، وقد يقيم من خلال أكثر من منظور".
وعلى مستوى لغة الرواية فهي لغة متنوعة إذ تجمع بين لغة الفصيح ولغة العامة عبر التهجين والأسلبة والسخرية، كما أنها تستعين بالفرنسية( البون/ )، Il est dans la poche
للتعبير عن الاختلاف والحوار وخصائص كل متكلم وطبيعته النفسية وسماته الثقافية ومنطلقاته الإيديولوجية. وتتسم اللغة كذلك بعدة خاصيات منها:
1/ التقريرية/ الموضوعية؛
2/ الرمزية والإيحائية؛
3/ الشاعرية الإنشائية؛
4/ التناصية؛
5/ لغة السخرية والباروديا.
وتتفاعل في الرواية عدة خطابات تناصية ومستنسخات مكونة لنسيج الرواية ويمكن حصرها في الأنماط الأنماط التالية:
1- الخطاب الديني والصوفي: آيات الذكر- الجذبات الصوفية- العمارة
2- الخطاب الأسطوري: كرامات الأولياء وخاصة الشريف...
3- الخطاب الموسيقي: نوبة العشاق- الاستهلال...
4- الخطاب الإعلامي: التقارير الصحفية والإذاعية....
5- الخطاب الشعري: أورد نصوصا شعرية.....
6- الخطاب التراسلي: أورد رسائل خاصة مثل: رسائل الهادي.....
7- الخطاب النقدي الواصف: فضح اللعبة الروائية....
8- الخطاب التاريخي: يورد الكاتب أحداثا تاريخية خاصة بالمغرب...
9- الخطاب السياسي: التأشير على الصراعات السياسية والإيديولوجية بالمغرب....
10- الخطاب الفلسفي: ماركوز- سارتر- فرويد....
11- الخطاب السينمائي: مناقشة فيلم ( حكاية أو....)...
12- الخطاب الاجتماعي: فلسفة الأزياء والموضة وأسماء الملابس واستحضار أحداث المجتمع...
13- الخطاب الغنائي: استحضار أغاني أم كلثوم والطرب الأندلسي والجذبات الصوفية والملحون...
كما تحضر خطابات أخرى كالخطبة السياسية والمثل والأحلام والسيرة الذاتية والخطاب الفانطازي....
وعلى مستوى التناص أيضا، تتحاور الرواية مع عدة نصوص إبداعية ونقدية داخلية وخارجية، إذ من خلالها نتذكر سهيل إدريس( الحي اللاتيني)، وطه حسين( أديب)، وتوفيق الحكيم( عصفور من الشرق)، والطيب صالح( موسم الهجرة إلى الشمال)، ومحمد شكري ( الخبز الحافي)، وعبد الكريم غلاب( دفنا الماضي/ المعلم علي)، وعبد المجيد بن جلون( في الطفولة)، وعبد لله العروي( أوراق)، وميخائيل باختين في ( الخطاب الروائي وشعرية دويستفسكي)، وسلخ الجلد للكاتب نفسه( الجنس/ الموت...).
وهذه الحوارية بين اللغات والخطابات يشكل خطاب الأسلبة والباروديا، إذ يقول باختين: " إن اللعب المتعدد الأشكال بحدود الخطابات واللغات والمنظورات يعتبر أحد أهم سمات الخطاب الساخر" .
وعليه، فقد أبدع محمد برادة رواية بوليفونية قائمة على التناصية وتعدد الخطابات وتفاعل الأجناس الأدبية والفنية وتلاقح اللغات واللهجات مما جعل هذه الرواية تستجمع جميع الأصوات الاجتماعية لتعبر بكل حرية وديمقراطية عن وجهات نظرها مع حضور المتلقي والمؤلف الوهمي الذي أجبر على التنازل عن سلطته للراوي الرواة والشخوص لتعبر عن عوالمها الداخلية ومواقفها تجاه الموضوع.
إذا، تتبنى الرواية التعدد اللغوي والتجريب البوليفوني ولاسيما أن الكاتب يعد من أنصار هذا التيار النقدي في العالم العربي الحديث، ويبدو ذلك واضحا في ترجمته لكتاب باختين ( عن جمالية الرواية ونظريتها) إلى اللغة العربية، ومقاله المنشور في كتابه أسئلة الرواية/ أسئلة النقد( التعدد اللغوي في الرواية العربية).

10- البـــــــــعد الاجتــــــــماعي:

رصد لنا محمد برادة في روايته مجتمع المغرب ماقبل الاستقلال حيث الصراع ضد الاستعمار الذي حاول استغلال المغرب وإذلاله. وكان التفاوت الاجتماعي صارخا بين فئة المعمرين التي استفادت من جميع الامتيازات وفئة المغاربة التي عانت من الإقصاء والتهميش. وقد نافست الصناعة الاستعمارية المعاصرة الصناعة الحرفية التقليدية مم ألجأ الحرفيين إلى ترك صناعاتهم والاشتغال إما بالتهريب وإما في معامل المعمرين الفرنسيين. وكانت الحياة المعيشية غالية الثمن حيث تشترى السلع خاصة إبان الحرب بالبون والصف والطوابير أمام معارض المقتنيات الأساسية من المواد الغذائية.
هذا، وإن الشعب المغربي في هذه المرحلة كان يحافظ على قيمه ومثله الاجتماعية وقيمه الأخلاقية والتشبث بالمبادئ الدينية والإسلامية.
ومع مرحلة الاستقلال وما بعدها بدأ المغرب يعرف تحولات سوسيو -اقتصادية على جميع المستويات كتناوب الحكومات وخيانة المؤطرين وقيادي الحزب للشعارات الحزبية والوطنية وضربهم للنضال التقابي عرض الحائط، وتفاوت الطبقات الاجتماعية، إذ يوجد هناك طبقة الكادحين وطبقة المثقفين والطبقة الثرية. وبدأ الصراع يحتد بين هذه الطبقات بسبب الإثراء غير المشروع بسبب الرشوة والمحسوبية وتفويت الصفقات والاستثمارات. كما أصبحت القيم مادية وكمية في مجتمع منحط تنعدم فيه القيم الكيفية والأصيلة، وتغيرت العلاقات بين الناس والأفراد وأصبحت مبنية على المصالح وتبادل المنافع وتسهيلها بواسطة المال.
ومن الظواهر التي تفشت في مجتمع ما قبل الاستقلال من خلال الرواية ظهور جماعة من الملياردية اغتنت بطرق غير قانونية، وتصدير الفتيات إلى دول الخليج وأوربا لجلب العملة الصعبة ومغازلة الغربيين على حساب قيمنا وعاداتنا، وانتشار البطالة بين صفوف خريجي الجامعات وانفصال الأجيال، إذ كان الجيل الأول يؤمن بالوطن ويدافع عن هويته واستقلاله، فإن الجيل الجديدلايهمه هذا الوطن ولا يعترف به بل ما يهمه هو الجانب الاجتماعي: العمل والكرامة وحقوق الإنسان. كما تغيرت بعض الأعراف الاجتماعية خاصة الزواج الذي أصبح يعقد في أماكن عامة ( فيلا في شارع إيموزار)، ويقسم المكان إلى عدة غرف حسب الطبقات الاجتماعية الموجودة في المجتمع المغربي. وهذا التقسيم مبني على أساس النفاق الاجتماعي وترجيح قيم: المال- الوظيفة السامية- الإثراء غير المشروع.
ولم تعد المرأة كما في السابق تحافظ على الأصالة وتتشبث بعاداتها وتقاليدها بل تعلمت وحصلت على شواهد عليا، وتعصرنت إلى حد التمرد على ما يربطها بالماضي وأعرافه التقليدية، وبدأت بعض الظواهر تغزو المجتمع المغربي كظاهرة الاختلاط في العرس بين الجنسين، وشرب الخمر في الحفلات أ وغيرها، والرقص الجماعي:ذكورا وإناثا ن شبابا وشيوخا.
هذه هي القيم الاجتماعية التي عكستها الرواية على جميع المستويات والأصعدة.

11- البـــــــــــــعد النفــــــــسي:

في هذه الرواية نجد نفسيات متناقضة ومتذبذبة ولاسيما نفسيتي الطايع والهادي الذين عانيا من الإحباط والفشل، فالأول نتيجة إخفاقه سياسيا ونقابيا مما جعله يهرب إلى ذاته واهبا حياته للأسرة وعبادة الله، والثاني لم يجد سوى حياة عبثية أبيقورية قائمة على اللذة واللهو والمجون والجنس. وإلى جانب هاتين النفسيتين هناك نفسية راضية مطمئنة كما لدى سي إبراهيم ولالة الغالية ولالة نجية.
وتحضر كذلك في الرواية عاطفة الحب بأشكالها كحب الأم عند الهادي والطايع ولالة نجية، وحب الوطن أثناء الاستعمار، وحب الجسد عند الهادي وسيد الطيب بالخصوص. وبعد الاستقلال، يظهر حب جديد هو حب المال على حساب القيم والمبادىء الأصيلة. ويختلط في الرواية حب الأبوة بحب البنوة.
وقد أثر التطاحن الاجتماعي والصراع الطبقي والتخلف الاقتصادي على نفسيات الشخصيات مما يجعلها تلتجىء إلى المنولوج والمناجاة والحوار الداخلي لتعبر عن تمزقها النفسي وصراعها الداخلي وانفصامها وارتمائها في الشخصية المزدوجة المتناقضة كالسيد الطيب مثلا.
وتوجد عاطفة سلبية طاغية في النص الروائي كعاطفة الحقد والثورة والتمرد كالحقد على الاستعمار أثناء الحماية، والحقد على الوطن بعد الاستقلال بسبب البطالة والتفاوت الاجتماعي و الخيانة الحزبية والنقابية. ويعد هروب الشخصيات إلى الاستذكار وتفتيت الذاكرة واللاشعور بمثابة رد فعل على العنف الاجتماعي والتهميش والإقصاء والانتقام من المقاييس المختلة وتفادي المواجهة المباشرة مع الواقع.

خاتـــــــــمة البـــــــــحث:

رواية لعبة النسيان لمحمد برادة رواية جديدة ذات منحى حداثي وتجريبي؛ لاعتمادها على تشظية المتن الروائي إلى عدة حكايات صغرى نووية، وتوظيف تقنية الاسترجاع من خلال التذكر والتداعي والاستيهام، وتحقيق البوليفونية من خلال تعدد السراد( راوي الرواة/ الهادي/ الطايع/ سي إبراهيم/ نساء الدار الكبيرة...)، وتعدد الضمائر والأصوات والأجناس، وغلبة الحوارية، وتداخل الأزمنة، والتخييل الذاتي والموضوعي ، وتناول تيمات جريئة كتيمة الجنس والسلطة والاستبداد، كما أن الرواية ذات أطروحة وطنية ووجودية. وتهدف الرواية كذلك إلى إدانة الوعي الوطني المزيف والتركيز على الوعي الاجتماعي للجيل الجديد الذي يتمثل في الثورة والرفض والتغيير.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:05 PM
من قراءة .. بقـــلم / إبراهيـــم القهوايجي--- في رواية : لعبة النسيان


لعبة الأم : إن حضور الأم في ’’ لعبة النسيان ’’ جوهري , ذلك أن هذا عنوان هذا العمل الروائي مضلل , لأنه في العمق لعبة للتذكر وليس للنسيان , مضافا إليها جانب التخييل , حيث تقدم الشخوص من خلال مشاعر وانفعالات أولئك الذين يقدمونهم , فالأم في الرواية مضاءة من عدة زوايا سردية وشهادات خارجية , وكل وجهات النظر حولها ترسم صورتها الجميلة , لأنها تحتل مركز الأسرة , لذلك ستنغرس ذكراها إلى الأبد في شخصية الهادي , فلا غرابة إن تسمى ’ للا الغالي , وهي تحضره بصورتين\" الأولى صورة الوالدة / الام , والثانية صورة الأم / الحبيبة \" ’’ تحتضن للا الغالية الهادي وتجلسه ... وهي تقول : شكون يا خيتي عندو ولد غزال بحال ولدي ’’ الرواية ص : 10 , ’’ أمي , سترين أنني أحبك ... لن أزن الكلمات .. ’’ الرواية ص : 149 , غير أن الأم تحمل في الرواية أكثر من اسم : للا الغالية , للا ربيعة , فاس , الوطن .. ولها أكثر من صورة , إنها بين الخيال والواقع , وبذلك تكتسب قيمة رمزية تتجاوز الزمن , ففي البدء كانت الأم / الفصل الأول , ومع النهاية أيضا تبدأ / الفصل الأخير / من منكم يذكر أمي , فرغم تعدد وجهات وزوايا النظر حولها , إلا أنها كلها تصب في إخراجها في صورة بهية .

===
لعبة النسيان (http://www.rclub.ws/?p=606)

16 فبراير 2008 كتبت بواسطة أسامة الشهبي (http://www.rclub.ws/?author=1564)

العنوان : لعبة النسيان
المؤلف : محمد برادة
الناشر : دار الأمان
طبعة : 2004
يقدم الكاتب روايته بهذه الكلمات :
“..لم يكن يهمني -حين كتبت لعبة النسيان- أن أؤرخ أو أن أتذكر ، و إنما كنت أوهم النفس أن الكتابة تتيح الاقتراب من أعماق الزمن و متهاته كما تتيح التأمل فيما عشناه متشابكا ، متداخلا ، غائم القسمات . ومن ثمَّ اللجوء إلى فضاءات الطفولة و المراهقة و الشباب بحثا عن زمن لم يعد موجودا إلا في الذاكرة و الحلم و فيما تختزنه الذات الواعية . و لأننا تعودنا على النسيان ، فإننا لا ننتبه كثيرا إلى تغير الأشياء من حولنا و إلى تغير علاقتنا و ذواتنا . و لكن ، يكفي أن تنبثق بعض اللحظات من منطقة النسيان فينا ، لتبدأ دينامية التذكر و ليبدأ الخيال في نسج ما هو كامن في اللاشعور و في الذاكرة الغافية . هكذا انطلقت في كتابة (لعبة النسيان) و كأنني أمارس لعبة ، لكنها لعبة قادتني إلى أجواء و مناطق تختلط فيها الابتسامة بالألم و السخرية بالمرارة .”
تنقل “لعبة النسيان” القارئ بين أمكنة مختلفة : فاس ، الرباط ، فرنسا..، و في أزمنة مختلفة : الاربعينات ، الخمسينات و بعد الاستقلال . الرواية تسرد حياة عدة أشخاص على لسانهم ، إذ يمثل كل واحد راو مستقل على الآخر ، يترأسهم راوي الرواة .
قوة الرواية تتمثل في أنها لا تترك للقارئ هامشا و لو صغيرا ، للزيغ..، فبين سطر و آخر يمكن أن يتحول الكاتب من راو إلى آخر ، ومن زمن إلى آخر مختلف تماما ، إما رجوعا إلى الوراء أو العكس .
لكن تبقى هناك نقطة سوداء للرواية -في نظري- ربما ستفقد على إثرها عدة قراء ، و النقطة السوداء تتمثل في أن بعض مقاطعها بالدارجة المغربية ، لذا يجب على القارئ أن يكون ملما شيئا ما -و ربما كثيرا- بالدارجة المغربية .

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:05 PM
رواية * لعبة النسيان * تأليف: محمد برادة

رواية "لعبة النسيان" نص إشكالي أسال الكثير من المداد حول هويته الأجناسية، ومنذ صدورها في طبعتها الأولى سنة 1987، كانت مثار جدل واسع على صفحات الجرائد والمجلات الثقافية ونشرت حولها دراسات جامعية ونقدية كثيرة. وساهم في ذلك اختيارها من طرف وزارة التربية الوطنية المغربية منذ 1995 إلى 2005، لتكون ضمن المؤلفات المقررة على تلاميذ الثانوي.

قلة هم الكتاب الذين وزوا بين إنجازين: إنجاز تجسد في الكتابة النقدية التطبيقية، وإنجاز تمثل في الكتابة الإبداعية، حيث لغة الصورة وإنتاج الجمال، ومنهم: إلياس خوري، ونبيل سليمان، ومحمد عز الدين التازي، ومحمد برادة...
فالرواية بالنسبة لهؤلاء إبداع جمالي يمتلك ثوابت بالإمكان التقاطها وترصدها من داخل الممارسة النقدية..

لا تتشكل رواية "لعبة النسيان" من فصول وإنما جاءت حاملة لعناوين هي أسماء لشخصيات فاعلة متفاعلة داخل النص الروائي (مثلا "سيد الطيب") أو لجمل شعرية تختزل المضمون ضمن البنيات الحكائية الصغرى والمشكلة للرواية كبنية كبرى (مثلا "للا نجية أم ثانية" و"الطايع في حومة الكبار") إلى جانب هوامش داخل المتن متمثلة في "الإضاءة" و"التعتيم". ومدار الرواية منغلق حول الأم، ولكن الشخصية المحورية هي شخصية "الهادي" (أم هل هو محمد برادة نفسه كما يقول نقاد يعتبرونها سيرة ذاتية؟).

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:06 PM
محمد برادة

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


ولد الروائي والناقد المغربي محمد برادة في 14 مايو (http://www.mnaabr.com/wiki/14_%D9%85%D8%A7%D9%8A%D9%88)((1939)) بالعاصمة المغربية الرباط (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D8%A7%D8%B7).
سافر إلى مصر (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D8%B5%D8%B1) للدراسة في جامعة القاهرة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%82% D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9), حيت نال فيها سنة 1960 (http://www.mnaabr.com/wiki/1960) الإجازة في الأدب العربي. في سنة 1962 (http://www.mnaabr.com/wiki/1962) حصل على شهادة الدراسات المعمقة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B4%D9%87%D8%A7%D8%AF%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AF% D8%B1%D8%A7%D8%B3%D8%A7%D8%AA_%D8%A7%D9%84%D9%85%D 8%B9%D9%85%D9%82%D8%A9) في الفلسفة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%81%D9%84%D8%B3%D9%81%D8%A9) بجامعة محمد الخامس (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AE%D8%A7% D9%85%D8%B3) في مدينة الرباط كما نال درجة دكتوراه من [[جامعة السوربون 2 ]] الفرنسية سنة 1973 (http://www.mnaabr.com/wiki/1973). يشتغل حاليا كأستاذ بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط.

نشرت أول قصة له سنة 1957 (http://www.mnaabr.com/wiki/1957) بجريدة العلم المغربية وكانت تحت عنوان «المعطف البالي». شارك في تأسيس اتحاد كتاب المغرب (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D8%AA%D8%AD%D8%A7%D8%AF_%D9%83%D8%AA%D8%A7% D8%A8_%D8%A7%D9%84%D9%85%D8%BA%D8%B1%D8%A8) وانتخب رئيسا له في المؤتمر الخامس (1976 (http://www.mnaabr.com/wiki/1976))والسادس (1979 (http://www.mnaabr.com/wiki/1979)) والسابع (1981 (http://www.mnaabr.com/wiki/1981)).

يكتب محمد برادة القصة والرواية، كما يكتب المقالة الأدبية والبحث النقدي، وله في هذه المجالات جميعها العديد من الدراسات وبعض الكتب ذات الأثر اللافت في المشهد الثقافي والأدبي والنقدي العربي، ككتابه الهام حول محمد مندور (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D9%85%D9%86%D8%AF%D9%88% D8%B1) وكتابه النقدي حول الرواية العربية.
صدرت له أيضا بعض الترجمات لكتب أدبية ونقدية ونظرية أساسية، لكل من رولان بارت (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B1%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%86_%D8%A8%D8%A7%D8%B1% D8%AA) وميخائيل باختين (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%85%D9%8A%D8%AE%D8%A7%D8%A6%D9% 8A%D9%84_%D8%A8%D8%A7%D8%AE%D8%AA%D9%8A%D9%86&action=edit&redlink=1) وجان جنيه (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%AC%D8%A7%D9%86_%D8%AC%D9%86%D9 %8A%D9%87&action=edit&redlink=1) ولوكليزيو وغيرهم، كما ترجم لغيرهم العديد من النصوص الأساسية في مجالات مختلفة، كم عرفت بعض نصوصه الأدبية أيضا طريقها إلى الترجمة إلى بعض اللغات الأجنبية.

حصل على جائزة المغرب للكتاب، في صنف الدراسات الأدبية، عن كتابه النقدي «فضاءات روائية».
مجموعة قصصية, 2004
أعماله



فرانز فانون أو معركة الشعوب المتخلفة / محمد زنيبر، مولود معمري، ومحمد برادة، الدار البيضاء، 1963.
محمد مندور وتنظير النقد العربي، دار الآداب، بيـروت، 1979، (ط.3 2، القاهرة، دار الفكر، 1986)
سلخ الجلد: قصص، بيروت، دار الآداب، بيروت، 1979.
لغة الطفولة والحلم: قراءة في ذاكرة القصة المغربية، الشركة المغربية للناشرين المتحدين، الرباط، 1986.
لعبة النسيان (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%84%D8%B9%D8%A8%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%86%D8%B3% D9%8A%D8%A7%D9%86): رواية دار الأمان، الرباط، 1987، (ط. 2، الرباط، دار الأمان، 1992)
الضوء الهارب: رواية، البيضاء، الفنك، 1994، (ط. 2، الرباط، دار الأمان، 1987، 176ص).
أسئلة الرواية، أسئلة النقد، منشورات الرابطة، البيضـاء.
مثل صيف لن يتكرر (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%85%D8%AB%D9%84_%D8%B5%D9%8A%D9 %81_%D9%84%D9%86_%D9%8A%D8%AA%D9%83%D8%B1%D8%B1&action=edit&redlink=1)، البيضاء، الفنك، الدار البيضاء، 1999.
ورد ورماد: رسائل / بالاشتراك، مع محمد شكري، المناهل، الرباط، 2000.
رواية امرأة النسيان (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%85%D8%B1%D8%A3%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D9%86% D8%B3%D9%8A%D8%A7%D9%86)، 2002.
رواية حيوات متجاورة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AD%D9%8A%D9%88%D8%A7%D8%AA_%D9%85%D8%AA%D8%AC% D8%A7%D9%88%D8%B1%D8%A9)، 2009.

إسهامات في الترجمة


من المنغلق إلى المنفتح / محمد عزيزالحبابي، ترجمة محمد برادة، القاهرة، مكتبة الأنجلو مصرية.
الرواية المغربية / عبد الكبير الخطيبي، ترجمة محمد برادة، قدم الترجمة محمد بن العابد الفاسي منشورات المركز الجامعي للبحث العلمي، الرباط، 1971.
حديث الجمل / الطاهر بنجلون، ترجمة: محمد برادة، دار النشر المغربية، البيضاء، 1975.
في الكتابة والتجربة/ عبد الكبير الخطيبي، ترجمة محمد برادة، دار العودة، بيروت، 1980، (ط. 2، الرباط، منشورات عكاظ، 1990).
ديوان الخط العربي / عبد الكبير الخطيبي ومحمد السجلماسي، ترجمة محمد برادة، الدار البيضاء، 1981.
الدرجة الصفر للكتابة / رولان بارت، ترجمة محمد برادة، الشركة المغربية للناشرين المتحدين، الرباط، 1981، (ط. 3، ش.م.ن.م.، 1995)
قصائد تحت الكمامة: شعر / عبد اللطيف اللعبي، ترجمة محمد برادة، الشركة المغربية للناشرين المتحدين، الرباط، 1982.
الخطاب الروائي / ميخائيل باختين، ترجمة وتقديم محمد برادة، القاهرة، دار الفكر، القاهرة 1987

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:07 PM
حوار مع الناقد المغربي محمد برادة

حاوره: سعد أبو غنام وشاهر عجمي، السفير - لبنان
١٤ شباط (فبراير) ٢٠٠٨


محمد برادة المغربي الذي قضى حياة جمع فيها النضال السياسي والنقد الأدبي، والذي كان في عهد الاستبداد الملكي رئيساً لاتحاد الكتاب المغاربة، يعيش الآن في فرنسا بعد أن تنقل بين القاهرة والمغرب وباريس ولا تزال القاهرة موطن ذكرياته الأقرب. محمد برادة لا يزال الناقد الملحاح، ولكنه منذ عهد بعيد أضاف الى مهنة الناقد مهنة الراوي، وكان نصيبه من الرواية مهماً مثل نصيبه من الشعر. والآن وقد قعد عن النضال، لا يزال في باريس يواصل مهنتيه النقد والرواية ويطلع علينا من حين إلى حين بدراسة لافتة، أو برواية يغرف فيها من معين ذاكرته المغربية. معه كان هذا الحوار:
- في نصوصك الروائية المختلفة نلاحظ عن كثب الامتداد الموضوعاتي اي الاشتغال على نفس الموضوع في اكثر من نص ونسوق على ذلك مثالا : مواضيع الذاكرة والحب والمرأة. ما هو تفسيرك للتعدد الموضوعاتي في رواياتك؟
- لا اظن انني كتبت في نفس الموضوع، لأن رواياتي تتناول فضاءات مختلفة وتتحقّق عبر اشكال متباينة... الاّ ان هناك اهتماماً بأسئلة تتصل بالذاكرة والحب والجنس والموت، لأنني عندما كتبت اول رواية كنتُ اقترب من سن الخمسين وكانت معضلة العلاقة بالزمن تحتل الجزء الأكبر من اهتمامي. والتساؤل عن العلاقة بالزمن هو في الآن نفسه تساؤل عن العلاقة بالموت والجنس والذاكرة. ومن ثم اوْليتُ اهتماماً للطريقة التي اكتب بها ذاكرتي من خلال فضاء روائي وشخوص ولغة معينة، مُتطلعاً الى القبض على ما اعتبره جوهرياً في الأزمنة التي عشتها. وهنا كان لا بد من الاختيار: اما اعادة استنساخ ما يسمى بالواقع وفي ذلك افقار له، وإما الاتجاه الى البحث عن طريقة لكتابة الذاكرة كتابة تعتمد الحذف والإضافة والتخييل، وتستحضر ما يضيء الواقع ويُغنيه... وقد اخترت الطريقة الثانية لأنها تسمح بالتحرّر من الواقعية الحرفية وتفسح المجال امام الابتداع والإبداع. الكتابة عندي عملية ذهاب وإياب بين التذكُّر والنسيان، بين الملاحظة والحلم، بين المعيش والمُتخيل... والتعدّد الموضوعاتي ناتج عن هذا المزج بين عناصر الواقع واللاواقع، لكن هناك اسئلة مشتركة داخل النصوص التي كتبتها، وهي تلك التي تسعى الى اعادة تملُّك الزمن المُنصرم واستيعاب محتواه، وبذلك تغدو الكتابة بمثابة تعويض لذلك الزمن الهارب باستمرار من بين اصابعنا.
الأديب المغربي محمد برادة
- محكيات صيف لن يتكرر يحتفل بفضاءات مدينة القاهرة في ازهى لحظاتها انطلاقا من سحر اللغة المصرية والنكت وصولا الى الحقبة الناصرية التي تمثل صعودا قوميا عربيا اوحى لجيلك ان بإمكانهم امساك النجوم بأيديهم وتحقيق احلام العروبة المصاحبة، امر ثقافي ذو بعد قومي اليوم وعلى ضوء تجربتك الحافلة بالبحث والكتابة والعمل السياسي كيف تسترجع تلك الحقبة مقارنة مع حالة الركود التي تشهدها اليوم الدولة المدنية في مصر وبؤس الثقافة في هذا البلد الذي ترسخ في الذهن الجمعي العربي كمعقل للأدب والفكر العربي.
- طبيعي ان تمر المجتمعات بفترات متفاوِتة من حيث الازدهار والتعثُّر، لأن مشكلة التوازن والانخراط في العصر تواجه مجموع الحضارات والثقافات... والحضارة المصرية عرفت فترات ازدهار وتأَلُّق خالدة في العهود الفرعونية. وفي مطلع القرن العشرين، عرفت مصر نهوضاً لافتاً للنظر من خلال مقاومتها للاستعمار البريطاني وتشييدها لأُسس ثقافة عربية حداثية، ولاقتصاد وطني اقتَرنَ بمشروع طلعتْ حرب والطبقة البورجوازية الناشئة انذاك؛ بل ان النظام الديمقراطي كان قد ارسى تقاليده الأولى. لكن الاستعمار من جهة، وقيام اسرائيل على ارض فلسطين مُعضّدة من بريطانيا والغرب، ادّيا الى اجهاض وعرقلة المشروع النّهضوي الذي كانت مصر تقوده... وعندما وصلت اول مرة الى مصر، وأنا في السابعة عشرة من عمري سنة ,1955 صادفت لحظة تاريخية نادرة، حيث ان الثورة الناصرية كانت ترسم افقاً جديدا لمقاومة فساد الملَكية والأحزاب، والتصدي للاستعمار وتواطؤ اسرائيل معه ضد حقوق الفلسطينيين والعرب. من ثم، كانت كل الآمال تبدو لي ولجيْلي دانية القُطوف. وحين كتبت «مثل صيْف لن يتكرر»، حرصت على ان استحضر عبر المشاهد والفضاء والكلمات والمغامرات، نكهة تلك الحقبة التي هي فترة انتقالي من المراهقة الى الشباب، ومن مناخ المغرب الى شساعة مصر المُلوّنة بالأفلام والأغاني والقصص والروايات. فعلاً، كانت اقامتي في مصر طوال خمس سنوات بمثابة عتَبة نقلتني الى فضاء مغاير في اللغة والعلائق والمعرفة والوعي. لكن ما كتبتُه يظل متصلاً بقيم جمالية ـ أدبية وبغامرة تسعى الى كتابة الذاكرة في تعرُّجاتها ومتاهاتها. وهذا قد لا يتعارض مع مَنْ يريد قراءة «مثل صيْف... » في وصفها شهادة عن فترة من حياة مصر.
محمد شكري

- عندما يذكر الاسم محمد شكري عادة ما يحضر اسم آخر هو محمد برادة. كيف لك ان تصف لنا علاقتك بكاتب من طراز محمد شكري؟
- علاقتي بالمرحوم محمد شكري هي علاقة صداقة وتواطؤ في مجال الأدب. منذ تعرفت عليه في سنة 1971 والحوار مستمر بيننا، لأنني وجدتُه ناضجا في تفكيره، مجدّدا في كتابته، مجرّبا لخبايا الحياة وأسرارها... وعلى رغم اختلافات بيننا في طريقة العيش وتحليل الأوضاع السياسية، فإن صداقتنا ظلت قوية ومُسترسلة الى حين وفاته. لقد كان مؤنساً في جلساته، متفتحاً على الآخرين، مُقبلاً على الحياة. ومن ثم فإن صداقتنا كانت تغتني من الاختلاف ومن التواطؤ تجاه ضرورة التجديد والجرأة في الإبداع.
- يحتفي محمد شكري في كتابه الخبز الحافي بمدينة طنجة المغربية وبعوالمها رغم انها مدينة فقيرة بكل المقاييس في الوقت الذي وصفها فيه شكري كما ان كثيرا من الادباء الأوروبيين وغيرهم من ادباء العالم ينجذبون الى طنجة هل سحرهم شكري بهذه المدينة؟ ما هو السرالذي تخبئه مدينة طنجة؟
- كان شكري يحب مدينة طنجة من اعماقه، لأنها المدينة التي فتّحت وعيه ووفّرت له اكتشاف متع الجنس والموسيقى الكحول... وطنجة التي سحرتْه هي طنجة الدولية في الثلاثينيات والأربعينيات، والتي كانت آنذاك مزدهرة ومختلطة ومعبرا قريبا من اسبانيا وأوروبا. لذلك عندما نتحدث عن طنجة، لا بد ان نستحضر تلك الصورة الأسطورية التي اكتسبتْها في الفترة الدولية والتي جعلت الكُتاب والفنانين العالميين يتوافدون اليها. لقد اقترنت في الأذهان بفضاء الحرية والتقاليع وممارسة الدعارة والمتاجرة في الأسلحة والمخدرات، وشبكات الجاسوسية؛ اي ان طنجة كانت تجسد صورة مصغرة لبعض العواصم العالمية الكبرى، وفي الآن نفسه تقدم للزائرين نمط العيش المغربي بتقاليده ومطبخه اللذيذ... طبعا عرفت طنجة تحولات كثيرة بعد استقلال المغرب سنة ,1956 وفقدت الكثير من ملامحها الأسطورية، الاّ انها تحافظ على موقعها الجغرافي المُميّز، وعلى بعض التقاليد الكوسموبولتانية.
- محمد شكري اسم أدبي مغربي وعربي وعالمي بارز لكنه اشكالي تدور حوله جدالات وسجالا كثيرة في المحافل الادبية حتى بعد وفاته ما زال يشغل الناس حتى اشيع بعد وفاته انه لم يكن صادقا عندما كتب في الجزء الثاني من سيرته الذاتية زمن الاخطاء انه تعلم القراءة في سن العشرين هل اضافت اشكالية شكري وغرابة اطواره وعبثيته الى رصيده الادبي وحولته الى شخصية مركبة يصعب على المرء معرفة خباياها؟
- ليس صحيحاً ما اشاعه معلم قديم لمحمد شكري، بعد موته، من انه لم يكن هو الذي كتب نصوصه وأنه تعلم قبل سن التاسعة عشر... لقد قرأت كثيرا من مخطوطات شكري بخط يده، كما انني اتوفر على عدد من رسائله، وكل ذلك يثبت انه كان يتقن اللغة العربية ويعرف جيدا النحو والإملاء ولا يرتكب اخطاء في الكتابة... وهو لم يكن عبثياً، بل كان يحب الحياة ويقبل عليها بنَهَم، ويستوحي تجربته وفلسفته الخاصة في ما يكتبه. والذين ارادوا تشويه سمعته بعد موته هم جبناء لأنهم لم يمتلكوا الشجاعة لانتقاده عندما كان لا يزال على قيد الحياة.
- الكتابة هي تعبيرعن تناقضات عديدة ومتباينة داخل النفس البشرية وترجمة ثقافية واجتماعية لمجتمع ما هل يطابق هذا التعريف مفهومك للإبداع الروائي؟
- من الصعب ان نعطي للكتابة تعريفاً واحداً، لأنها تنتسب الى مجالات متعددة :نفسية وثقافية واجتماعية ولَعِبيَّة... وعلى رغم ان الكتابة تستعمل اللغة فإن المبدع يحرص على ان يُبلور لغة خاصة به. وأظن ان الكاتب ـ مع تقدُّم تجربته ـ يدرك ان الكتابة لا تخضع فقط لإرادته، وأن لها منطقها الخاص الذي يتمرد على مقاصد الكاتب نفسه. صحيح ان الكاتب ينجذب الى التعبير عن تناقضات الحياة وتجلياتها المختلفة، الاّ انه يظل مشدوداً اكثر الى فهْم ذاته واستكناه اسرارها وغوامضها. من ثم فإن الكتابة هي قبل كل شيء، تذْويـت للتجربة التي يعيشها الكاتب، اي محاولة لإضفاء فهمه الخاص ومشاعره المتفردة على ما عاشه في حياته الخاصة وأيضاً مع الآخرين.
- في السنة الجامعية الأولى لك بجامعة القاهرة كتبت قصتك القصيرة الأولى واستحضرت من خلالها مدينة فاس القديمة مرتع الطفولة وبعد العودة الى المغرب سنة 1960 انغمرت في العمل السياسي والثقافي وعملت على انشاء اتحاد الكتاب المغاربة والتدريس في الجامعة وانقطعت عن الكتابة طوال عقدين من الزمن، في تلك الفترة كنت مشدودا الى الحاضر ويراودك حلم التغيير الان وهنا ،ما الذي غير وجهتك وأعادك الى ميدان الكتابة هل عدت الى الواقع من خلال الإبداع الروائي والبحث والترجمة ،هل هو لجوء الى الذاكرة وحرية الكتابة واستحضار ماض جميل زاه بعيد عن خيبة الأزمنة الجديدة في حياة الإنسان العربي؟
- في الحقيقة لم انقطع عن الكتابة عقديْن من الزمن، بل كنت اكتب دائماً في فترات متقطعة وكنت اعتبر نفسي مثل رسامي يوم الأحد. وخلال سنوات كنت اكتب في الصحافة باسم مُستعار، وأحيانا اكتب نصوصاً ثم اُمزقها... لكنني لم اكن متفرغا للكتابة نتيجة انشغالي بالتعليم في الجامعة وممارسة النضال السياسي والثقافي. في بداية الكهولة، قررت ان اكتب بكمية اكثر وبانتظام لأنني اقتنعت ان الكتابة لا يُعوضها نشاط اخر، وأنها تسمح بحرية اوسع في التعبير عن تجربتنا الحياتية تعبيراً جمالياً اكثر عمقاً ونفاذاً. بطبيعة الحال هناك فرق بين الفعل المباشر والفعل من خلال الكتابة، وأحدهما لا يغني عن الآخر. ومعلوم ان العمل السياسي معرض للتعثر ولكن ذلك لا يُلغي ضرورته؛ بينما الكتابة توفر مساحة اوسع من حرية القول والتخييل. الى جانب ذلك هناك مشكلة السن، فمع تقدم العمر لا يستطيع الإنسان ان يستمر في النضال وأن يغفل التأمل في ما عاشه والكتابة عنه اذا توفّر على الموهبة... أما خيبة الآمال فهي مسألة ملتصقة بالحياة والمبدع لا يستطيع ان يطمئن الى التفاؤل الكاذب. وروعة التجربة تتمثل في جانبيْها العملي والتأملي، السياسي والإبداعي.
- في كتابك «فضاءات روائية» تعالج مراحل وملامح الرواية العربية في مائة السنوات الأخيرة. كيف ترى الرواية العربية اليوم؟
- عمر الرواية العربية لا يتجاوز المئة سنة الاّ قليلاً؛ ومع ذلك استطاعت ان تكتسب مكانة راجحة في الأدب العربي الحديث، لأنها استوْحتْ التحوّلات المتسارعة التي عرفتها المجتمعات العربية في هذه الحقبة، واستطاعت ايضاً ان تُطوّر ادواتها الفنية وأشكالها التعبيرية. والشيء اللافت في الإنتاج الروائي العربي، على امتداد الأقطار من دون فرْق بين مركز ومحيط، هو ان الخطاب الروائي قائم على النقد والنفاذ الى عمق المُعضلات والأسئلة: خطاب الرواية ليس مجاملاً ولا مسانداً للسلطة، بل هو يتغلغل في صلب المجتمع ويبتدع لغة جريئة متعددة المستويات والأصوات، لأجل التقاط الصراعات والسلوكات والفضاءات المختلفة. وعلى رغم الرقابة، استطاعت الرواية العربية ان تفرض صوتها في الداخل والخارج، وأن تتبوَّأ مكان الصدارة بين القراء.
- في كتابك «فضاءات روائية» تعتبر رواية عبد الرحمن منيف «سباق المسافات الطويلة» ورواية سليم بركات «فقهاء الظلام» ورواية غادة السمان «كوابيس بيروت» روايات مهمة تقارنها بروايات عالمية اثرت على الابداع الروائي وترجمت الى لغات كثيرة مثل «مائة سنة من العزلة» لماركيز و«مادام بوباري» لفلوبر. ما هو الأساس لهذه المقارنة؟
- اعتقد ان القراءة المقارنة للروايات العربية والعالمية هي قراءة مضيئة وممكنة، على اساس ان شكل الرواية منذ التجارب اليونانية الأولى، مُروراً بألف ليلة ودونكشوت، ووُصولاً الى الرواية الجديدة في فرنسا وأمريكا اللاتينية والبرتغال والعالم العربي، هو شكل مفتوح اسهمتْ جميع الثقافات في اغنائه والإضافة الى مُكوّناته. ومن ثم اصبحت الرواية شكلاً كوْنياً قادراً على تجسيد اسئلة الحداثة ومُعضلاتها في هذا العصر المطبوع بالقلق والاستلاب والعنف والخوف... وهي سمات مشتركة بين الشرق والغرب مع اختلاف في التفاصيل والمستويات. والروائيون العرب الذين ذكرتهم، إلى جانب آخرين، قراوا عيون الروايات العالمية وتفاعلوا معها، ولذلك يمكن ان نجد في نصوصهم وجوه التقاء وتقارب مع نصوص روائية عالمية اخرى. وأساس المقارنة يشمل الشكل والأبعاد الإنسانية المُت-تخطية للمستوى المحلّي.
شطحات استشرافية
- قال الناقد صبري حافظ ان روايات عربية ترجمت الى اللغة الانجليزية وقد لوحظ ان هذه الكتابات موجهة الى القارئ الاروبي اكثر من القارئ العربي من خلال تصويرها للمجتمعات العربية كمتخلفة وثابتة وبعيدة عن الحداثة بكلمات اخر تصف هذه الكتابات المجتمع العربي كما يتصوره الانسان الاوربي بما في ذلك التصور من شطحات استشراقية. الا ترى هذا الرأي معمما وغير منصف للادب العربي المترجم للغات الأوروبية اذا ما تحدثنا عن ابداعات الياس خوري وجمال الغيطاني وعبد الرحمن منيف ومحمد برادة وغيرهم؟
- اظن ان الناقد صبري حافظ يقصد بعض الروائيين الذين يسعون الى فرض انفسهم على الترجمة عن طريق الكتابة في موضوعات تستهوي صحافة الإثارة التي تترصد عيوب المجتمعات العربية لتشنِّع بها... وهناك ايضا دور نشر اجنبية تبحث عن نصوص تتناول موضوعات الجنس والتزمت الديني، لتجذب القراء. لكن هناك روائيون يتناولون هذه الموضوعات من زوايا عميقة وفي اشكال فنية مقنعة. وأظن ان الترجمة الى اللغات الأجنبية لا تخلو من مشاكل لها علاقة بمعرفة ما يُنشَر في العربية، والحرص على اختيار الموهوبين... مع ذلك، نجد اليوم ان القراء في الغرب بدأوا يُقبلون على قراءة الرواية العربية الجيدة...
- الكاتب السوري رفيق شامي ابدع باللغة الالمانية كما كتب الروائي الليبي هشام مطر بالانكليزية واللبناني امين معلوف كتب بالفرنسية كما ان كثيرا من الكتاب المغاربة كتبوا بالفرنسية مثل مالك حداد واحلام السويف ومحمد ديب وكان لك سجالا صاخبا مع الكاتب المغربي الطاهر بن جلون احد المتحمسين للكتابة بالفرنسية عندما اكد في مقابلة تلفزيونية ان الكتابة بالفرنسية توفر حيزا اكبر للابداع والكشف عن خبايا الأمور ومكنونات النفس الانسانية بينما اللغة العربية لا تسعف على التعبير الصريح والكاشف لانها لغة القرآن ولغة مقدسة لماذا عارضت بشدة طرح ابن جلون وهل تعتبر ان الكتابة الروائية لمبدعين عرب باللغات الاجنبية مكسبا للادب العربي ومحفزا للتجديد في االكتابة الروائية العربية؟
- أنا افرق بين شيئيْن في هذه المسألة: الأدب الذي يكتبه عرب بلغة اجنبية هو امتداد للأدب العربي الحديث وجزء منه، يُغنيه ويُخصبه... ووجوده مُبرَّر اما لأسباب تتعلق بفترة الاستعمار، او لمقتضيات راهنة تتصل بالهجرة الى اوروبا وتداخل الثقافات... أما الجانب الآخر الذي كان موضوع نقاش وجِدال مع الصديق الطاهر بنجلون، فهو يتعلق بما قاله في جلسة تلفزيونية فرنسية من ان اللغة العربية لا تسمح بالتعبير عن الموضوعات الجريئة، خاصة الجنس، وأن الكتاب المعبرين بالعربية لا يجرؤون على ذلك لأن العربية هي لغة القرآن! انا اختلف معه، لأن اللغة لا يمكن ان تكون مقدسة، بل هي مرتبطة بالحياة وتفاصيلها، وخاضعة للتطوّر التاريخي. وفي العربية بالذات، نجد نصوصاً في منتهى الجرأة شعراً ونثراً، كما نجد اليوم روايات لا تقل في جسارتها عمّا يُكتَب باللغات الأجنبية؛ مثلا : روايات صنع الله ابراهيم ورؤوف مسعد ومحمد شكري، والطيب صالح وحنان الشيخ ورشيد الضعيف، واللائحة طويلة.
- يعتبر الناقد والباحث من مصر جابر عصفور النصف الثاني من القرن العشرين «زمن الرواية العربية» كما يرى الرواية وليس الشعر هي «ديوان العرب». هل هو زمن الرواي
- زمن الرواية، زمن الشعر، زمن المسرح... هذه توصيفات مؤقتة ترتبط بالسياق المصاحب لتطور الإنتاج الأدبي في مجتمع ماّ. لكن القول بأن الرواية العربية تعرف راهناً اقبالاً وانتشاراً نسبياً، لا يعني انها تتفوق على الشعر لأن مجال الشعر يتوفر على مبدعين كبار وله متذوّقوه وعشاقه. انا ارى ان حظوة الرواية ترجع الى حاجة القارئ العربي لأن يرى نفسه في مرآة الرواية التي يسمح شكلها المرِن ولغتها المتعددة، برسم تفاصيل الحياة والتجارب والصراعات من خلال مشاهد وحوارات تسعف القارئ على استرجاع ما عاشه ويعيشه ليفكر فيه ويستوعبه. إن الرواية القائمة على التخييل تقترب من الواقع المعقد وتقدم عناصر قد يوظفها القارئ لفهم اجزاء من حياته الخاصة. الاّ ان هذه الميزة الروائية لا تتحقق الاّ على يد الروائيين الموهوبين!

مجلة شعر
- في هذه الأيام تحتفي الصحافة الأدبية في العالم العربي بخمسينية مجلة شعر. كيف ترى مساهمة مجلة شعر في مشروع الحداثة في العالم العربي الى اي حد تمثل هذه المجلة تجديدا في الشعر العربي باتجاهتها الحداثية المختلفة عندما تأثر مؤسسوها بشعراء ومنظرين من دول اوربية ذات تراث ثقافي حداثي مختلف ادت الى بلورة تيارات فكرية وأدبية مختلفة عبر عنها اعضاء المجلة مثل: يوسف الخال محمد الماغوط فؤاد رفقة جبرا وادونيس وسلمى الجيوسي وغيرها؟
- مجلة «شعر » علامة بارزة في مسار الحركة الشعري العربية، لأنها جسّدتْ التّوْق الى التجديد والتفاعل مع الشعر العالمي لتعميق اشكال ومضامين التعبير الشعري. وقد مثّلت هذه المجلة وجهاً متقدما من المُثاقفة ينبني على الترجمة والفهم والحوار وإنجاز النصوص الخارجة عن المنوال التقليدي الموروث. لذلك تعتبر «شعر» احد المنابر الأساسية التي شيدت الحداثة الشعرية العربية المعاصرة.
- في لقاء معك قلت ان حضورك كناقد طغى على حضورك كمبدع هل هنالك ثمة علاقة جدلية بين النقد والابداع الروائي؟ وكيف وفقت انت في تجربتك الإبداعية في كلا المجالين بين نوعين مختلفين من الكتابة؟
- لا اعتقد اننا نولد وعلى جبيننا الصفة التي ستلازمنا في مجال الإبداع :هذا شاعر وذاك ناقد الخ...؛ وإنما يتعلق الأمر بالاستعداد والممارسة. وأنا اعتقد ان كل مبدع يتوفر على حاسة نقدية ويمارس النقد بكيفية او اخرى، في حواراته الصحفية واختياره لشكل الكتابة... وبالنسبة لي، بدأت بكتابة القصة ثم احترفتُ التدريس وكتبت النقد انطلاقاً من مجال تخصصي الجامعي. وكتابة الرواية جاءت استجابة لحاجة داخل النفس ونتيجة لتجربة في الحياة والقراءة. المهم هو ان يقنعنا الناقد، حين يكتب رواية، بفنية روايته وتوفُّرها على خصائص الرواية...
- يدعي بعضهم أن الإبداع العربي تفوق كثيرا على النقد العربي ما هو تقييمك لمسألة النقد الادبي في العالم العربي اليوم؟
</i>هذا الانطباع عند الناس مصدرُه ان الإنتاج الأدبي العربي اتسع كثيراً، وأن الوضع الاعتباري للناقد قد تغير فلم يعد هو ذلك المتدخل في المجال الاجتماعي والإيديولجي من خلال نقد النصوص الأدبية: لم يعد الناقد هو الذي يخوض جميع المعارك الثقافية والفكرية والسياسية، كما كان الشأن عند طه حسين مثلاً. الناقد اليوم يهتم بتحليل النصوص وتأويلها، ومحاولة استجلاء ما تقوله ضمن مقتضيات الشكل والعناصر الجمالية. ومن ثم فإن ما يُكتب من نقد هو كثير، لكنه يستعمل لغة متخصصة ويطبق مناهج قد لا يدركها القارئ العادي. وأنا لا اميل الى المفاضلة بين الأجناس التعبيرية، لأن كل جنس تعبيري له اجتهاداته وعطاءاته. المهم هو ان نسعى، نقاداً ومبدعين الى اعادة النظر في المنجزات ومحاولة صياغة اسئلة اخرى تستجيب لانتظاراتنا من الأدب والإبداع على السواء.
- كيف تقيم استفادة النقد العربي من المناهج النقدية التي تبلورت في الغرب هل سخر الناقد العربي هذه المناهج للاشتغال على النصوص المكتوبة في العالم العربي بنجاح رغم الفروق الثقافية والخصوصية الحضارية التي نمت فيها هذه النظريات (في اوروبا) ،وهل ترى في الأفق نظرية نقدية عربية؟
- لا اعتبر مسألة الوصول الى «نظرية نقدية عربية» قضية مهمة، لأنها لا تقوم على اساس صحيح: ما دامت العلوم الإنسانية تقوم على جهود مشتركة بين مختلف الثقافات، وما دامت المناهج تتقاطع في مستويات التحليل اللساني والسوسيولجي والنفساني... ، فلماذا نفترض ان المنهج الذي سنحلل به نصوصنا يجب ان يكون «عربياًّ» والحال ان كثيرا من العناصر النظرية مشتركة، وبُذلتْ جهود عالمية لبلورتها. المشكل الأهم يتمثل في محاولة تعرّفنا على تلك المناهج العالمية تعرُّفاً يأخذ في الاعتبار النسبية والسياق التاريخي، ويفسح المجال للأسئلة المُتحدّرة من صلب النصوص الإبداعية العربية، اي على الناقد الاّ ينسى ان النظرية والمنهج هما مجرد وسيلة وليسا غاية في حدّ ذاتهما

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:07 PM
من أجل النسيان : لعبة النسيان .. امرأة النسيان

byمحمد برادة (http://www.goodreads.com/author/show/3288379._)

«وجدت القاسم المشترك بين النصّين هي خلفية النسيان المشتركة بينهما، والتي غدت بمثابة صمام أمان لديّ ألجأ إليه كلما تراكمت الخيبة والمرارة، وتعذر الفهم والقبول بالأمر الواقع. عدت إذن لأكتب في ظل النسيان ومن أجله، لأسائل مخزونات الذاكرة التي تجعلني أنوس بين اليأس والجنون، بين التمرد والاستسلام... هكذا تمضي الأيام والسنون ونحن نكابر لكي نخفف من حدة الزمن الذي يكاد يشلّ خطونا. ويخيّل إليّ أننا غالبًا ما نكتب المنسيّ غير القابل للنسيان، ذاك القابع في «الأنا العميق» والذي قد نتحاشاه في مجرى الوقت العادي، لكنه ينبثق فجأة من دهليزه المعتم ليذكرنا بأن الجري وراء «المفقود» يقتضي استحضار التفاصيل التي واراها النسيان»


محمد برادة
روايتان في كتاب واحد
لعبة النسيان 1987
امرأة النسيان 2001

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:07 PM
محمد برادة

ربما أن الكتابة عن موت الأم هو أفضل طريقة لنسيان الم الفقدان. فهذا التفريغ سعي إلى تحقيق حالة من التوازن.

يقول محمد براده عن كتابة الرواية "هي شكل من أشكال الاستجابة لحاجة داخل النفس ونتيجة لتجربة في الحياة والقراءة". فهل كتب محمد برادة روايته كاستجابة لحاجة داخل نفسه؟ وهل تلك الحاجة كان لها علاقة بموت الام تحديدا؟

كل المؤشرات تشير إلى أن محمد برادة كتب سيرته الذاتية في روايته النسيان وهذا ما يرجحه النقاد.

وعلى الرغم من أنني لم اعثر في سيرته الذاتية المنشورة على تفاصيل عن طفولته، وهل عاش يتيم أم لا؟ وهي نقطة ضعف متكررة عند الكتاب العرب بشكل عام...أرجح من واقع ما كتب هو عن نفسه وعن الآخرين مثل ما هو وارد في قراءته النقدية لرواية التلصص ل صنع الله إبراهيم، وما كتب عنه الآخرون، نستنتج انه عاش يتيم الأب والأم مثل (الهادي) بطل رواية النسيان. والتي يرى النقاد بأنها رواية عن الموت والفقد . ويمارس الراوي لعبة النسيان، نسيان الآلام والأوجاع،من خلال استحضار الذكريات والشروع في تشخيص متخيّل للشيء العزيز المفقودوالمفتقد.
على الأرجح أن محمد براده عاش تجربة اليتم...وسنعتبره لأغراض هذه الدراسة وبناء على الأدلة الظرفية انه عاش يتيم. بانتظار أن يزودنا زملائنا من المغرب أو الأخ الأستاذ محمد نفسه بالمعلومة الأكيدة حول طفولته.
يتيم

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:08 PM
47- الريح الشتوية مبارك الربيع (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83_%D8 %A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9&action=edit&redlink=1) المغرب

تصور رواية «الريح الشتوية»(10) الإنسان المغربي في فترة حرجة وحاسمة من تاريخ المغرب الحديث، وهي فترة الاستعمار. إذ تحكي قصة «العربي الحمدوني»، ومن خلاله ومعه شرائح كثيرة من المغاربة الذين سلب الحاكم الفرنسي أراضيهم في البادية، ونزحوا إلى مدينة الدار البيضاء، وتكدسوا في أحياء صفيحية مهمشة، مثقلة بالفقر والقذارة أبرزها «الكريان سنطرال»، الذي شكل والفضاءات المجاورة له معترك السيرورة السردية. وقد عمل الكاتب في خضم ذلك على كشف الواقع المتردي والمتسم بالجهل والخرافة والتخلف ومخاصمة الذات والهوية، من خلال عديد من الشخصيات أبرزها «عائشة العرجاء»، التي أسند إليها دلالات وأبعادا شاسعة. حيث جسدت مرجعية اجتماعية مضطربة، أفرزت سوء فهم لعمق القضية، وكرست الإحساس بالهم الفردي والبحث عن الخلاص الفردي، تجلى في النص من خلال توجه الناس إلى المحكمة للمطالبة بأراضيهم. وكان العربي الحمدوني بطل الحل الفردي. حيث وكّل محاميا لهذا الغرض، لكن قضيته كان مصيرها الفشل وكان مصيره هو الموت.
ومع القسم الثاني تحول مسار السرد، وتم إقصاء شخصيات لصالح أخرى جديدة أهمها «العالم»، الذي اشتهرت حلقته بالتوعية الدينية ومصالحة الناس مع ذواتهم وقيمهم. ثم ترك أمر الحلقة للشاب«سي عبد الفتاح» الذي بدأ يخوض في التوعية الوطنية وتأطيرالناس، فظهرت بوادر وعي جماعي، ثم عمل وطني منظم ونقابات عمالية موازية له. وبذلك أصبح الكريان سنطرال مصدر قلق سلطات الاحتلال التي وجهت نداء إلى السكان بالإفراغ، لكنهم رفضوا، فأقدمت على إحراق الكريان، لكن ذلك لم يزد الناس إلا إصرارا. وهكذا انطلقت مواجهة مفتوحة بينهم وبين المستعمر مخلفة قتلى وجرحى ومعتقلين، وانتهت أحداث الرواية على هذا الخط الصراعي المفتوح.
وانطلاقا من هذا الإطار الموضوعي الفضفاض، بسبب صعوبة تلخيص أحداث الرواية، يمكن استخلاص أن النص يقوم على ثلاث متواليات سردية، متوالية اتخذت منحى سلبيا تمثل في واقع الجهل والخرافة، وتمخض عنه سوء فهم القضية والنزوع إلى الحل الفردي. ومتوالية جاءت بالنقيض عكست خطا توعويا دينيا ثم وطنيا، تمخضت عنه المصالحة مع الذات والنزوع إلى الإحساس بالهم الجماعي. ومتوالية فتحت مواجهة مباشرة بين المغاربة والمستعمر، وأفرزت حركة تاريخية قائمة على التوازن في أرجوحة الصراع.
وبناء على هذه المتواليات فإن السمات المهيمنة في النص هي: الإقصاء والتحول والتنامي. وهي سمات تعد بسيرورة سردية فيها تفاعل وجدلية قوية. ذلك ما سنحاول استجلاءه من خلال صورة الإنسان.
==
http://membres.multimania.fr/lyceemaroc2/ARABE/rihchatwiya.htm (http://membres.multimania.fr/lyceemaroc2/ARABE/rihchatwiya.htm)

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:08 PM
مبارك ربيع


ولد سنة 1940 بسيدي معاشو (عمالة سطات). اشتغل بالتعليم الابتدائي ابتداء من سنة 1952. حصل على الإجازة في الفلسفة وعلم النفس وعلم الاجتماع سنة 1967، ثم على دبلوم الدراسات العليا في علم النفس سنة 1975، كما أحرز على دكتوراه الدولة سنة 1988. يشتغل حاليا قيدوما لكلية الآداب والعلوم الإنسانية – بنمسيك سيدي عثمان – البيضاء.
انضم إلى اتحاد كتاب المغرب سنة 1961. يتوزع إنتاجه بين القصة القصيرة، الرواية، المقالة الأدبية والبحث في علم النفس والتربية. نشر أعماله بمجموعة من الصحف والمجلات: التحرير، العلم، دعوة الحق، أقلام، الآداب، الكتاب العربي، الوحدة، أبعاد فكرية، العربي...
تتوزع مؤلفاته المنشورة كالتالي:
القصص:
- سيدنا قدر، طرابلس، دار المصراتي، 1969.
- دم ودخان، تونس، الدار العربية للكتاب، 1975.
- رحلة الحب والحصاد، بيروت، دار الآداب، 1983.
- البلوري المكسور، شوسبريس، 1991.
الروايات
- الطيبون، الدار البيضاء، دار الكتاب، 1972.
- رفقة السلاح والقمر، الدار البيضاء، دار الثقافة، 1976.
- الريح الشتوية، تونس، الدار التونسية للنشر، 1977.
- بدر زمانه، بيروت، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1984.
-برج السعـود، 1990.
- من جبالنا، توزيع شوسبيرس، 1998.
- درب السلطان: في ثلاثة أجزاء (ج. 1. نور الطلبة، ج. 2. ظل الأحبـاس، ج. 3. نزهة البلدية)
وكلها من توزيع شوسبريس، 1999-2000.
الدراسـات:
- عواطف الطفل: دراسة في الطفولة والتنشئة الاجتماعية، ط. 2، الرباط، الشركة المغربية للطباعة والنشر، 1991.
- مخاوف الأطفال وعلاقتها بالوسط الاجتماعي، الرباط، منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 1991.
كتب للأطفال:
- أحلام الفتى السعيد، الرباط، وزارة التربية الوطنية، اليونيسيف، 1991.
- ميساء ذات الشعر الذهبي، الرباط، وزارة التربية الوطنية، اليونيسيف، 1991.
- بطل لا كغيره، الرباط، وزارة التربية الوطنية، اليونيسيف، 1991.
- طريق الحرية، توزيع شوسبريس، 1998


==

مبارك ربيع
1935م-

ولد الروائي مبارك أحمد ربيع في بلدة بنمعاشو بالمغرب، وهي قرية تقع إلى الجنوب من مدينة الدار البيضاء (http://www.al-hakawati.net/arabic/cities/city76.asp) على مسافة ثمانين كيلومتراً منها. ويتميز أهل بنمعاشو باعتزازهم بالنسب الشريف وتعاملهم القبائل المجاورة بكثير من الاحترام والتقدير على أساس هذا النسب.

هاجرت أسرته إلى الدار البيضاء حيث التحق مبارك بمدرسة الكتاب ثم انتقل إلى المدارس الحكومية التي أنشأتها فرنسا آنذاك والتي ركّزت على اللغة الفرنسية وأهملت اللغة العربية. ولهذا السبب هجر مبارك هذه المدرسة والتحق بمدرسة وطنية حرة حيث كانت البرامج تركز على اللغة العربية مع حصص محدودة باللغة الفرنسية. نال من هذه المدرسة شهادته الابتدائية والتحق بمدرسة عبد الكريم لحلو الثانوية في الدار البيضاء. فتحت له هذه المدرسة آفاقاً جديدة عندما بدأ الاطلاع على الثقافة العربية الغنية فانكبّ على قراءة الكتب الأدبية العربية أو المترجمة إلى العربية. وتأثر خلال سنوات الدراسة بالروح الوطنية المقاومة للاستعمار التي كانت يبثها الأساتذة في طلابهم.

انفجرت الأزمة السياسية بين فرنسا والمغرب عام 1952 ونفي الملك محمد الخامس وأسرته وزجّ بالوطنيين في السجن وأغلقت المدارس الحرة، ومن بينها مدرسة لحلو حيث كان مبارك ربيع يتابع دراسته.

دخل مبارك عام 1958 مدرسة المعلمين وانتقل عام 1963 إلى جامعة محمد الخامس في الرباط وتخرج حاملاً دكتوراه في علم النفس.

درّس في مدارس ثانوية ثم عمل أستاذاّ بالجامعة في قسم علم النفس بكلية الآداب. انضم إلى اتحاد كتاب المغرب وحاز سنة 1971 بتونس على جائزة المغرب العربي لروايته "الطيبون"، وفاز بالجائزة الأولى من المجمع اللغوي بالقاهرة سنة 1975 لروايته "رفقة السلاح والقمر".

من مؤلفاته الروائية: سيدنا قدر 1969، الطيبون 1972، رفقة السلاح والقمر 1976، الريح الشتوية 1977، دم ودخان 1979، بدر زمانه 1983، رحلة الحب والحصاد 1983، عواطف الطفل 1984.


==
مبارك ربيع
ولد سنة1935في قرية ابنمعاشو بضواحي مدينة الدار البيضاء، درس بالمدارس الكبرى خلال المرحلة الابتدائية والثانوية ثم انخرط في سلك التدريس الابتدائي و الثانوي، حصل على دبلوم الدراساتالعليا في الفلسفة و علم النفس سنة1975من كلية الآدابفي الرباط، في موضوع "آثار الأسرة و المجتمع في تكوين عواطف الأطفال الذكور"، عينعلى إثرها أستاذا في نفس الكلية. حصل على شهادة دكتوراه الدولة حول موضوع "مخاوفالأطفال و علاقاتها بالوسط الاجتماعي"، أسندت إليه مهمة قيدوم بكلية الآداب والعلوم الإنسانية ابن مسيك، له مجموعة من الأعمال الحكائية و الروائية نشير منهاإلى "سيدنا قدر"، "دموع و دخان"، "الطيبـون"، "رفقة السـلاح و القمر".

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:09 PM
مبارك ربيع:

الروائي والقاص المغربي لـ «الشرق الاوسط» : النقدالذي يعنيني هو ما يغني العمل الروائي ويساعد على اكتشاف عوالمه الداخلية
الرباط: سعيدة شريف
يعد الكاتب المغربي مبارك ربيع أحد الأسماء المؤسسة للكتابة الروائية والقصصية بالمغرب، فقد ساهم منذ نهاية الستينات الى جانب كل من عبد المجيد بن جلون وعبد الكريم غلاب ومحمد عز الدين التازي في إرساء قواعد الكتابة الابداعية بالمغرب، ورصد تحولات المجتمع المغربي في مناهضته للاستعمار الفرنسي، وتحولات المجتمع العربي وتوجهاته القومية.
وعلى الرغم من التراكم المهم للانتاجات الروائية والقصصية للمبدع مبارك ربيع فإن كتاباته اللاحقة لم تحظ بالاهتمام والنقد اللازمين لها مقارنة مع أعماله الأولى التي أدرج البعض منها في المقررات التعليمية بالمغرب وحصل من خلالها على جوائز عربية ومغربية فتحققت لها بالتالي الشهرة والانتشار.
والى جانب الرواية والقصة كتب مبارك ربيع للأطفال والفتيان، كما أنجز مجموعة من الدراسات والأبحاث الأكاديمية في مجال التحليل النفسي وعلم التربية. صدرت له لحد الآن عشر روايات هي: «الطيبون» 1972، «رفقة السلاح والقمر» 1976، «الريح الشتوية» 1977، «بدر زمانه» 1983، «برج السعود» 1990، «من جبالنا» 1998، ثلاثية «درب السلطان» 1999، و«أيام جبلية» 2003. وصدرت له خمس مجاميع قصصية هي: «سيدنا قدر» 1969، «دم ودخان» 1975، «رحلة الحب والحصاد» 1983، «البلوري المكسور» 1996 و«من غرب لشرق» 2002.
وفي هذا الحوار مع «الشرق الأوسط» يتحدث مبارك ربيع عن مفهومه للكتابة الروائية وعن سبب رفضه للنقد وعن اتحاد كتاب المغرب.
* بالنظر الى مسارك الابداعي الذي يجمع بين الرواية والقصة (10 روايات و5 مجاميع قصصية)، نلاحظ أنك تنتصر لزمن الرواية على حساب القصة، فهل القصة بالنسبة لك مجرد محطة استراحة؟
ـ أعتقد أن هناك شيئا من سوء الفهم في التمييز بين اهتمامي بالقصة والرواية. أنا أظن أن اهتمامي بالقصة والرواية لم يتغير، فالرواية بطبيعة الحال تحتاج الى حيز أكبر، والقصة تحتل حيزا أصغر. فرغم هذا التمييز الكمي فأنا أشعر بميلي لهما معا، لا أقول بحدود متساوية ولكن بنوع من الانحياز الذاتي التلقائي لكل منهما مع ما يقتضيه الاختلاف. وقد قلت أخيرا في حديث مع بعض الأصدقاء إنني حينما أكتب الرواية أشعر أنني على شاطئ المحيط أحاول أن أصطاد سمكة، لكنني حينما أكتب القصة القصيرة أشعر أنني أحتفي بالتقائي بهذه السمكة. فهناك درجة من الانجذاب نحو الرواية أو القصة وذلك يختلف حسب الظروف، ولكن ليست هناك قطيعة مستمرة أو غير مستمرة بيني وبين القصة القصيرة في مرحلة من حياتي الابداعية.
* ولكن من خلال عملكم الروائي ثلاثية «درب السلطان» يتبين أن النفس الروائي لديكم أطول؟
ـ نفس روائي طويل أو قصير، هذه مسألة نسبية، أنا أكتب الرواية وأشعر بقدرتي الدائمة على كتابتها، كما أشعر بقدرة ورغبة في كتابة القصة. على كل حال المبدأ العام لدي هو أنني لا أكتب إلا عندما يكون لدي شيء حقيقي يُكتب سواء في الرواية أو القصة.
* على عكس أعمالك الروائية الأولى (الطيبون، الريح الشتوية، رفقة السلاح والقمر، وبدر زمانه)، فإن أعمالك الروائية اللاحقة لم تحظ بنفس الاهتمام والمتابعة النقدية، فما سبب ذلك برأيك؟
ـ لا أدري وهذه ليست مشكلتي، فما دمت أكتب فدوري يتوقف عند الكتابة والنشر. ولكن إذا ما حاولت التفسير فذلك برأيي يرجع الى أن الساحة الثقافية بالمغرب يشوبها نوع من الخلل والفراغات، وهذا أمر غير عادي. على العموم هذه الظاهرة غير سليمة ولا تقف عند اسم بعينه، ففي الوقت الذي يجب أن يقوم فيه المهنيون بعملهم من أجل التعريف بالأعمال الابداعية نجدهم يتخلون عن هذا الدور ليظل المجال بالنسبة للصحافة الثقافية المكتوبة مفتوحا أمام بعض الانتقائيات والزمالات غير المهنية البتة.
* ألا تعتقد أن إدراج أعمالك الابداعية الأولى في المقررات الدراسية بالمغرب كان عاملا حاسما في انتشارها؟
ـ إذا كان المقصود الدراسات التي تكتب على هامش الكتاب المقرر في الدراسة، فهذا ليس هو الاهتمام المطلوب لأنه اهتمام بيداغوجي، ولكن يمكن القول إن رواياتي الأولى إذا كانت قد حظيت بالاهتمام فلأنها قد فرضت نفسها قبل أن يولى لها هذا الاهتمام. فأول رواية لي وهي «الطيبون» حازت جائزة لها أهميتها الكبرى في ذلك الوقت، وكذلك رواية «رفقة السلاح والقمر» وهذه كلها روايات لقيت إقبالا كبيرا من طرف القراء في المغرب والعالم العربي في وقت واسع من المنافسة وفي وقت كان يتعذر فيه الحصول على مثل هذا النوع من التقييمات.
* تتميز أعمالك الابداعية بتنوع المضامين وتعدد الرؤى، حيث انتقلت من الرؤية الوطنية الى الرؤية العربية القومية، واحتفظت مع ذلك بخصوصيتها كابداع مغربي، فما السر في ذلك، أو ما هي الوصفة التي تعتمد عليها في أعمالك؟
ـ أولا لا أنكر أنني منشغل بما يهم مجتمعي المغربي والعربي وما فيه من شرائح متعددة، وليس الموضوع هو الذي يجعل الرواية رواية، بل روائيتها وبناؤها الفني. الروائي يمكن أن يكتب في أي موضوع بشرط أن يتفاعل معه. فروائية الرواية هي الأهم وليس الموضوع لأنه يأتي بدرجات بعد البناء الفني ولا يمكنه لوحده أن يصنع عملا روائيا. صحيح أن أعمالي تعرف تنوعا في الموضوعات، وقد انتبه الى ذلك كبار المفكرين المغاربة ونوهوا به واعتبروه دلالة على تعمق التفاعل بيني وبين الفن الروائي. بالنسبة لي المسألة طبيعية فأنا أتفاعل مع الموضوع وأشرع في الكتابة. وأنا أخلص لهذا الأمر سواء كان الموضوع تخييليا صرفا أو يمزج بين التخييل والواقع. المهم بالنسبة لي هو أن يكون هذا التفاعل بيني وبين الموضوع الذي أشتغل عليه، لأنني أكتب رواية قبل أي شيء. فليس الأداء الموضوعاتي هو همي وشاغلي في الكتابة الروائية.
* كتبت عن القرية والمدينة وعن فضاءات مدن عربية ومغربية كالدار البيضاء التي عدت إليها مجددا في ثلاثية «درب السلطان»، فما أوجه الاختلاف في استعادة نفس المدينة؟
ـ فعلا كتبت عن فضاءات متعددة ومن بينها القرية، فأصولي من العالم القروي ومن الدار البيضاء وجزء منها من الرباط. فالفضاءات التي كتبت عنها هي فضاءات عرفتها بشكل جيد وخبرتها، ولكن أيضا هناك فضاءات عربية مثلا في رواية «رفقة السلاح والقمر» التي أتحدث فيها عن دمشق والقاهرة وبيروت الى جانب الرباط والدار البيضاء والقصيبة. فتأثيث الفضاء الروائي ليس معادلة محسومة مسبقا، بل هي أمور تفرض نفسها مع العمل أو مع التخطيط له ولكن ليس بشكل تعسفي وهذا هو أهم شيء. فحينما أكتب عن مدينة معينة أكتب بطلاقة وعفوية فكرية وروائية، وهو نفس الشيء حينما أكتب عن عالم قروي أو عالم مخضرم. فالمسألة فيها جزء من الجانب الذاتي ولكن الجانب الفني هو الذي يفرض نفسه.
* تجمع أغلب الدراسات التي تناولت أعمالك أنها تندرج في اطار التجريب المعتدل، الذي يضع الكتابة بين ـ بين، أي بين النمط الكلاسيكي والنمط الحداثي، فهل تتخوفون من خوض غمار التجريب؟
ـ إذا كان المقصود بالتجريب هو أن أتعمد خلط كل شيء، واطلاق شكل لا يفهم ولا يربط علاقة بيني وبين القارئ، فأنا لست في اتجاهه، أما إذا كان التجريب هو محاولة ايجاد تقنيات جديدة لتبليغ الخطاب الروائي بما يعتبر إضافة الى الفن الروائي فأنا مع هذا الاتجاه. ولكن مع ذلك لا يهمني التجريب في ذاته ولا في غير ذاته، بل يهمني أن ما أقوم به يأتي بعفوية منسجمة مع الفضاء وخالقا لعالم روائي جمالي أدبي ممتع قبل كل شيء.
* المتتبع لأعمالك يلاحظ أن النمط الكلاسيكي والارتباط بقواعد الكتابة الروائية هو الملمح الأساسي لها، فهل هذا اختيار أساسي لك في الكتابة؟
ـ هذا خطأ في الفهم ولا أتردد في أن أقول بأن هؤلاء يخطئون في الفهم، ثقافتي وتكويني وفهمي للرواية هي أبعد عما يسمى الكلاسيكية، مع العلم أني لا أفهم ما هي الكلاسيكية، إلا أنني أفهم أنها محاولة لتصنيف أدب في خانة تعتبر متجاوزة، أما غير ذلك فلا شيء يؤهلني لكي أكتب رواية كلاسيكية، فمفهومي للرواية وتصوري وثقافتي هي مشكلة من ثقافة منتصف القرن الماضي الى الآن، فلا يمكن أن نكون متناقضين، وما أعتبر القارئ والناقد وحدهما منزهين وانفردا بثقافة العصر ويعرفان ما هو كلاسيكي وما ليس كذلك، أما المسكين الذي يكتب وعاش هذه الثقافة فيبقى كلاسيكيا. على كل حال هذه التصنيفات عاجزة عن أن تحتوي العالم الروائي، وقد اطلعت على بعض الدراسات التي تحدث عنها، ويؤسفني أن أقول لك إنني أتعجب وأتساءل إن كان هؤلاء فعلا قد قرأوا رواياتي قراءة حقيقية. رواياتي هي روايات ذات مستويات عديدة منها المستوى العادي الذي يمكن أن يتفاعل معه القارئ العادي، والمستوى العميق جدا الذي يجب أن ينفذ اليه القارئ الحصيف جدا. وما أعرفه شخصيا هو رواية جيدة أو رواية غير جيدة، أما ما عداهما فهو مزاعم، ولهذا فرواياتي هي من النوع الجيد والجديد والمتقدم كثيرا على عديد من الكتابات الموجودة حسب قراءتي في الساحة المغربية والعربية معا. فهناك تقصير كبير من قبل النقاد في قراءة أعمالي، كما أن هناك من كتبوا سابقا عن رواياتي بكيفية ما أصبحوا لا يستطيعون أن يواجهوا ما كتبوه بدافع أو توجه معين. على العموم كنت دائما مخلصا للأدب والرواية وللفن بشكل عام.
* هل يمكن أن نفهم من هذا أن مسألة رفضك للنقد واعتباره مجرد قول ثان، هو بسبب وضع النقد لكتاباتك في سجلات معينة لم يحذ عنها لا في المشرق أو في المغرب؟
ـ أريد أن أعود بك الى عام 1969 في ملتقى القصاصين المغاربة بتونس و1970 في ندوة الرواية العربية بفاس، لأنني في نفس الفترة تحدثت عن مستقبل النقد في المغرب وعن المكانة التي أوليها للنقد، وذكرت أنه من الناحية المبدئية لا يهمني اطلاقا، لأنه كلام على النص لا يقلل من أهمية النص على الرغم من أنه قد يخدمه أحيانا، ومع ذلك فهو لا يعنيني اطلاقا، لكن قد يعنيني النقد إذا قدم الناقد قراءة من زاوية معينة تغني الرواية وتساعد على اكتشاف عوالمها. وبذلك يكون هذا النقد بالنسبة لي مهما جدا أما ما عدا ذلك فليس له أهمية، خاصة أن النقد في المغرب، انطلاقا من المسيرة الثقافية المعاصرة في المغرب، عرف انحرافات وتشويهات ربما بقيت آثارها الى الآن.
* سبق أن ذكرت أن الكتابة الروائية بالنسبة لك عملية شاقة ومتعبة، هلا وضحت الأمر خصوصا أن هناك كثيرين يجدون متعبة كبيرة في الكتابة الروائية؟
ـ أنا تحدثت عن الرواية مقارنة مع عمل آخر وهو العمل العلمي وأنا باحث في علم النفس ولدي أبحاث عديدة في هذا المجال، الذي من الممكن أن أستمر فيه لساعات طويلة من دون توقف. أما فيما يتعلق بالرواية والقصة فأنا أحتاج للتوقف ولا أستطيع أن استمر طويلا، ولدي تفسير لذلك يخصني وهو أن الابداع الروائي هو تجربة في اللامتناهي تتطلب نوعا من التعامل يخرج عن التعسف والحسم السريع في المواقف أو الشخوص والجمالية، ولذلك فأنا أكتب بأناة بالغة وأكاد أقول إنه لا توجد كلمة في قصصي لم أضعها إلا بعد اقتناع بأهميتها، ولا يوجد في عباراتي شيء من مجرد إفراغ الشحنة بأي طريقة لأملأ الفراغ. ولذلك فأنا لست محترفا للكتابات الموجودة في الساحة، ولكني أكتب إن صح التعبير بضمير روائي وقصصي.
* بعدما ظللت غائبا أو شبه مغيب لفترة معينة عن الأنشطة الثقافية بالمغرب، نلاحظ في الآونة الأخيرة نوعا من الاحتفاء بك وتنظيم أيام دراسية لك من قبل اتحاد كتاب المغرب وبعض الجمعيات الثقافية. فما السر وراء هذا الاحتفاء، خصوصا أنك لم تحظ به فور صدور أعمالك الأخيرة؟
ـ أولا إذا جاز لنا أن نحاسب الناس على عدم الاحتفاء فلا يجوز أن نحاسب الذين يقومون بالاحتفاء، هذا مع العلم أنه من المفروض أن يكون هذ الاحتفاء منذ وقت طويل. ولكن برأيي المسألة لا يجب أن تؤخذ بأكثر من أهميتها الحقيقية، هي مساع مشكورة من الجهات التي قامت بها والتي ستقوم بها مستقبلا، وهذا شيء يثلج الصدر، وليس لها انعكاس على شخصي بالذات لأنني أعطيت ما أعطيت، وما أعتقد أن الاحتفاء بي اليوم هو الذي سيجعلني أعطي أو أنقص من انتاجي. ولكن هذا يدل على قيم أخلاقية رفيعة جدا نفتقدها وهي هذا التفاعل الايجابي مع الأثر ومع الشخص. فبدلا من أن تسود المشاحنات والقطائع بين الأفراد، يجب أن ننصت لبعضنا وأن نكون منفتحين على أنفسنا قبل الانفتاح على الآداب العالمية.
* هل لديك نية للترشح لرئاسة اتحاد كتاب المغرب الذي سيعقد مؤتمره في شهر أكتوبر المقبل؟
ـ ليست لدي نية ولا فكرة ولا أعرف تاريخ المؤتمر المقبل لاتحاد كتاب المغرب، فالموضوع لا يندرج في اطار اهتماماتي الآن.
* ما رأيك في الوضعية التي وصل اليها اتحاد كتاب المغرب الآن؟
ـ لقد عايشت اتحاد كتاب المغرب لسنوات طويلة، إذ كنت من بين مؤسسيه وتحملت فيه بعض المسؤوليات في مراحل كان فيها الوضع الثقافي أصعب بكثير مما هو عليه الآن، لكنني في السنوات الأخيرة ابتعدت شيئا ما عنه، ليس فقط لأنني لم أعد مسؤولا فيه، ولكن بسبب انشغالاتي. وأعتقد أن اتحاد كتاب المغرب مؤسسة ضرورية على الرغم من المؤاخذات التي قد يراها البعض، لأنها حققت للثقافة المغربية والمثقفين المغاربة الشيء الكثير حيث عملت على إرساء بعض القيم الأساسية. لا شك أننا نطمح الى المزيد والارتقاء ولكن هذا لا يصل بنا الى مس وجود هذه المؤسسة.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:11 PM
الكاتب المغربي مبارك ربيع لـ"المستقبل":
تجربتي في الكتابة السردية لم تنفصل عن تصور للحرية والحركية والتجدد








الرباط ـ رضا الأعرجي

تمثل (طوق اليمام) الصادرة عن دار نشر "المركز الثقافي العربي" في بيروت، تجربة متميزة بين أعمال الكاتب المغربي مبارك ربيع. ففي هذه الرواية يخوض تجربة الكتابة عن البحر كعالم جديد ولكن ليس بالموضع الطارئ في ذاكرته، حيث يبدو كحياة يومية، بل الحياة نفسها، إلى الحد الذي يصبح فيه شخصية من شخصيات الرواية.
وكما في أعماله الأخرى، يقدم مبارك ربيع نفسه إلى القارئ ككاتب لا تشكل الكتابة بالنسبة إليه معضلة، حين يختبر عمق القول لا أدائيته أو جماليته، وإذا كان التساؤل حول وظيفة الأدب يشغل اليوم بال الكتاب والمنظرين على السواء، فإن التفكير في جدوى القراءة لن يحتل موقعا مركزيا لقارئ (طوق اليمام)، حين تصبح التجربة الروائية هي التجربة الذاتية. فمن خلال ذاكرة يقظة، يستعيد هذا القارئ، خصوصا إذا كان مغربيا، لحظات وقائع عاشها أو شهد عليها، حيث تقوم الرواية بتنظيم شتات الأحداث وتنسج العلاقات بينها بما يمكن أن يخص ذواتها ومحيطها، لتتحول بالتالي إلى لحظات من ذاكرته.
بدأ مبارك ربيع (الدار البيضاء 1940) مساره الإبداعي منذ أوائل ستينيات القرن الماضي، وتميز بحصيلة من الأعمال سواء في حقل الرواية، أم في حقل القصة القصيرة، إلى جانب الدراسة والبحث كأستاذ جامعي متخصص في علم النفس، وتوج هذا المسار الحافل بعمله السردي الضخم (درب السلطان) الذي يعتبر أول ثلاثية روائية مغربية، تناولت عبر ثلاثة أجزاء هي (نور الطلبة)، (ظل الأحباس) و(نزهة البلدية) أحد أشهر أحياء مدينة الدار البيضاء، لينصف بذلك المدينة المغربية التي ظلت بعيدة عن الروائيين المغاربة وانشغالاتهم.
في هذا الحوار مع "المستقبل"، يتحدث مبارك عن عمله الأخير وعن تجربته الابداعية والرواية العربية والعالمية وحدود التفاعل الطبيعية بينهما، في هذه المرحلة الحضارية الفاصلة. وهذا نص الحوار:
***
ما هي القيمة المضافة لعملك الأخير )طوق اليمام)؟
ـ روايتي "طوق اليمام" تجربة جديدة في الكتابة الروائية قائمة على نوع من التداخل مع حياة البحر ومن التجربة الشخصية ومن العلاقات ذات الخصوصية المعينة. وتعتبر بالنسبة لي الكتابة عن البحر عالما جديدا وتجربة جديدة، وقد لقيت الرواية من طرف كل الذين اطلعوا عليها استجابة طيبة.
إن هذه التجربة الجديدة تلقي نظرة على مسار معين من مسارات الكتابة الروائية عندنا في المغرب، وأنا معتز بكل الأعمال الروائية التي أنجزتها لكنني اعتقد أن المتعة في قراءة "طوق اليمام"، تتجلى أساسا في قراءتها عبر مرحلتين. في المرحلة الأولى تكون العلاقة مع النص الروائي علاقة استمتاع وتوليد الانطباعات الأولية التي لا تتأسس على التمييز بين المفاصل. إنها مرحلة المتعة الكلية في القراءة. أما في المرحلة الثانية، فتكون العلاقة مع النص الروائي متجهة نحو اكتشاف التفاصيل وتحليل كل ما هو مرتبط بمكونات الحكي الروائي. إنها مرحلة القراءة النقدية.
اللغة والإبداع
كيف تنظر إلى موقع الرواية المغربية من الرواية العربية؟
ـ لا أريد أن أكون في موضع الذين كلما تحدثوا عن كل شيء في المغرب تحدثوا عنه بإظهار جانب القصور. فالرواية المغربية إذا قورنت بالرواية العربية في المشرق خاصة، من حيث الكم ومن حيث الممارسة لا تزال نماذجها قليلة، لكن من حيث الجودة فان هذه النماذج القليلة استطاعت أن تقدم ما لا يقل روعة عن أي نموذج روائي عربي، بل عن أي نموذج غربي. وأنا لا اقصد بالغربي ذلك الذي ينبهر بالنظرة الفلكلورية التي تعكسها بعض الكتابات المغربية، إنما أقصد من ينظر إلى الفن كفن لا أكثر.
وهل تدرج الرواية المغربية المكتوبة بالفرنسية ضمن هذه النماذج؟
ـ لا اعتقد، وهذا رأي قد يخالفني فيه الكثير، لكنني قلت ذلك بصراحة دائماً وهو أن الأدب ينسب إلى لغته، حتى الفرس الذين كتبوا بالعربية ندخل إنتاجهم في الأدب العربي، والذين يكتبون بالفرنسية يدخل إنتاجهم في اللغة الفرنسية كإبداع، ولكن أدخل في أذهاننا إن هذا أدب مغربي مكتوب بالفرنسية، والأولى في نظري أن يقال انه أدب فرنسي كتبه مغاربة.
وإذا كانت بعض الدول الأفريقية التي ليس لها لغات مكتوبة أو تراث أدبي مكتوب قد اتخذت رسميا لغات غربية لأنها لا تستطيع أن تتثقف أو تبدع إلا عن طريقها، فهذا وضع شاذ، لان اللغة قد فرضت عليها، أما استعماريا أو للضرورة، ولكن هل يصدق الأمر على اللغة العربية؟
الفرانكوفونية
ولكن هناك من الكتاب المغاربة من يكتب باللغتين العربية والفرنسية؟
ـ هذا وضع مختلف بالنسبة لمن اعتاد الكتابة بلغته الأصلية وبلغة أخرى، لكن الذي لا يكتب إلا بالفرنسية كيف يريد أن يصبح أدبه مغربياً؟ اعتقد أن في هذا نوعاً من التمحل.
من الواقع إلى الأسطورة
تنحو في الكثير من رواياتك نحو التاريخ أو الأسطورة. ألا تجد في الحاضر ما يستحق الرصد والتسجيل؟
ـ قد تكون هذه الملاحظة، من الناحية المظهرية صحيحة، لكنها ليست صحيحة بدرجة كبيرة، لأنني لو كتبت عن طريق الأسطورة أو بإلهام منها، لا أعني إلا الحاضر، وأعتقد أن في كتاباتي شيئاً من ربط العلاقة بين الماضي والحاضر كمصدر إلهام.
أنا لا ارجع إلى الماضي لأتمسك به، بمعنى أن يكون هو مصدر القيم، فقيم الماضي هي نحن. أنا نفسي قيمة من قيم الماضي، ولكن علي أن أعيش الحاضر والمستقبل، فذهني وسلوكي ليسا نتاج الحاضر وحده، هما نتاج الماضي والحاضر، نتاج التراث والمعاصرة، وعندما استلهم الماضي أو الأسطورة فإنما أعني الحاضر والمستقبل، ولا يعني هذا إنني أعود اليهما دائماً، حيث أتناول الحاضر المباشر، في الوقت الذي أتناول أيضا الماضي أو الواقع الأسطوري.
ألا ترى أن كثيرا من الروايات العربية تحاول اقتفاء روايات عالمية استفادت في الماضي أو الأسطورة؟
ـ ما تقوله بالفعل يحيل علي أسئلة من هذا النوع مطروحة حول أعمال روائية عربية كلما ظهر عنصر من المشابهة في تعاملها مع الأسطورة.
أنا اعتقد إن الفن كالتكنولوجيا، كالموضة، عندما يبلغ مستوى من النضج الحضاري، تتفق الإنتاجات على معالم مشتركة، وبالنسبة لمن هو في خضم هذه العملية، وقد بلغ درجة النضج فيها، ليس من الضروري أن يقرأ "فلاناً" بالذات لكي يتشابه مع كتابته، يكفي أن يبلغ درجة النضج التي بلغها "فلان" لكي يكتب أثراً مشابهاً، بمعنى أن الإنتاج العالمي لفن من الفنون، في مرحلة من المراحل، يجب أن يبلغ درجة المعالم المشتركة التي تعني مستوى من النضج الحضاري.
لي رأي حول هذا الموضوع، ليس وليد الساعة، بل هو مختمر في ذهني منذ زمن. وربما استطعت في وقت من الأوقات أن أكون نظرية لشرح تطور الفنون، وخاصة في المجال الإبداعي، وهو يتلخص بالقول: "أن هناك مستوى من النضج يفرض نفسه على الأذهان الناضجة فتلتقي في نقط معينة". وبطبيعة الحال، لا يكون هناك نسخ حرفي، ولا يمكن مهما بلغ التشابه أن تكون روايتي هي رواية "فلان". قد تكون هناك عناصر مشتركة مثل كسر بعض القوالب، أو الاستعانة ببعض الرموز، لكن الرؤية إليها فقط تظل رؤية تجزيئية جداً للإبداع وغريبة عن تذوقه لأنها تجعلك تأتي للنص من خارجه، أي من داخل نص آخر.
الحد الفاصل
إذن، ما هو الحد الفاصل بين التقليد والتأصيل، التأثر والتأثير؟
ـ أعتقد أن كل مبدع، وفي ميدان الرواية بالخصوص، لابد أن يتأثر بكتاب أو شعراء أو روائيين أو مسرحيين، ومعنى يتأثر، أي قرأ وشاهد فاختزن شيئاً في نفسه غير محدد، لكن يبقى داخلها كما تبقى في نفسه آثار ثقافية أخرى. وعلى هذا النحو يتأثر بوقائع المجتمع التي يعيشها، وتظل تختمر في نفسه حتى تأتي اللحظة التي تأتلف فيها كل هذه المؤثرات لتصدر في شكل إبداع آخر.
إلى هنا وحدود التفاعل طبيعية وعادية. ولا يمكن أن تبلغ درجة النسخ أو التقليد. ولكن السؤال بعد ذلك هو كيف نستطيع أن نقول إن هذا جديد أو هذا قديم؟ واعتقد أن الجودة هي المعيار، فنحن لا نزال نقرأ القديم الذي نعجب به، والفن ينمو بهذا الشكل، لا يمحو بعضه بعضاً.
النموذج الكلاسيكي
أي من الكتاب أو الروائيين هم موضع اهتمامك؟
ـ لا أزال معجباً بالكتابات الكلاسيكية الروسية لأنها تمثل لي النموذج الروائي الأكبر بالنسبة للإنتاج العالمي. من الممكن أن نتجاوزها من حيث الشكل، لكنها بواقعيتها وبخيالها ما زالت قادرة على الإلهام والصمود، مثلما هي "كليلة ودمنة" أو "ألف ليلة وليلة" ليس في مكانتها في الأدب العربي فحسب، وإنما في مكانتها في الأدب الإنساني.
إذا كان هناك من يقول إن القصة القصيرة خرجت من معطف "غوغول" هل نستطيع أن نقول إن مبارك ربيع خرج من معطف الرواية الروسية؟
ـ أبداً. أبداً. أقرأ كثيراً، ومعجب جداً بهمنغواي وشتاينبك وأميل زولا، وإذا أردت اعترافاً مني فان قراءتي للرواية، حتى قبل أن أكتبها، لم تكن تسمح لي بالاختيار، إلا عندما تتاح لي فرص الاختيار، فأنا أقرأ ما أجده وما يقع أمامي.
ألاحظ انك تستعين بالأسماء الكلاسيكية، على أهميتها. ألا تغريك على القراءة أسماء أخرى؟
ـ أريد من هذا السؤال أن أقول شيئاً، وأرجو أن أكون قد عبرت عنه في كتاباتي، وهو أن التجديد للتجديد ليس هو كل شيء، فعندما أقرأ لهاني الراهب أو حنا مينا أو الطاهر وطار أو رشيد بوجدرة أو غائب طعمة فرمان أو عبد الرحمن منيف، أجد هماً مشتركا وهو أن المتناول لهذا الفن لا يمكن أن يبدأ من آخر نقطة بلغها، قد يكون في هذا بعض المجانبة للصواب، ولكنني أؤمن بأن المهتم سواء على مستوى الممارسة أو مستوى النقد لا يمكنه أن يقتصر على الجديد مطلقاً، وإلا فلن يفهم هذا الفن أبدا، وعندما أتحدث عن الفن الكلاسيكي أعني به منذ اليونان حتى الآن، وليس القرن السابع عشر أو التاسع عشر.
لماذا؟
بعد هذه الرحلة الطويلة مع الكتابة، هل تساءلت: لماذا أكتب؟
ـ أعتقد أنني لم أتساءل: لم أكتب؟ أو على الأصح، أن التساؤل على هذا النحو إن حصل، فهو لم يكن جديا ولا عميقا في نفسي، لعله من قبيل أسئلة تراود على السطح بفعل العادة أو التقليد، دون إثارة جدية اهتمام في الذات، رغم أن هذا الـ "لماذا" كثيرا ما أسمعه أو أقرأ عنه لدى زملاء آخرين.
كنت وما أزال في لسان حال يجيب عن تساؤل بنظيره: لم لا أكتب أمام وفي عالم ما يفتأ يسود ويسوء بسيادة العدم والغياب والضياع للقيم الإنسانية الجميلة، والمعاني السامية النبيلة، لما تعلمناه في مدرسة البراءة والحب والطفولة؟
أرى، أن الإبداع هو فضاء حريتنا المتبقي، أو هامشها المرن لكل تقلص وامتداد، والحرية أبجدية الوجودية الأولية الأولى، تلك التي فطرنا عليها، ونشأنا ـ بكل أسف ـ على الجهل بها، وحقنا في الإبداع، هو حقنا في الحرية والحلم، حق شخوصنا وفضاءاتنا، ولذلك لخصنا كل القيم النبيلة في الإنسان وما هو إنساني، ننقب عن صفاء الطبيعة في البشرية وفي الكون، ولعل منتهى مثل هذه المرونة والحرية في الفكر والفن، وفي الأداء والأداة، قد يفسر ما جعلني انصرف عن حق أو بدون حق، إلى ممارسة الكتابة في جنس الأدب السردي، لذلك، فان تجربة الكتابة السردية لم تنفصل عندي منذ البدء، عن تصور للحرية والحركية والتجدد.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:11 PM
مبارك ربيع
- اذا اقرينا بأن الكتابة الروائية نوع من انواع السيرة الذاتية نجد ان مبارك ربيع عاش في طفولته فترة حرجة وحاسمة من تاريخ المغرب الحديث، وهي فترة الاستعمار، كما رسمها وسجلها لنا فير رائعته الريح الشتوية.
- عايش في طفولته انفجار الأزمة السياسية بين فرنسا والمغرب ام 1952 ونفي الملك محمد الخامس وأسرته والزجّ بالوطنيين في السجن وإغلاق المدارس الحرة، ومن بينها مدرسة لحلو حيث كان مبارك ربيع يتابع دراسته.
- اصوله من العالم القروي ولا بد انه تأثر كثير بظيم الاستعمار.
- رده على سؤال لماذا تكتب رد قائلا: "كنت وما أزال في لسان حال يجيب عن تساؤل بنظيره: لم لا أكتب أمام وفي عالم ما يفتأ يسود ويسوء بسيادة العدم والغياب والضياع للقيم الإنسانية الجميلة، والمعاني السامية النبيلة، لما تعلمناه في مدرسة البراءة والحب والطفولة؟
- وهو يرى، أن الإبداع " فضاء حريتنا المتبقي، أو هامشها المرن لكل تقلص وامتداد، والحرية أبجدية الوجودية الأولية الأولى، تلك التي فطرنا عليها، ونشأنا ـ بكل أسف ـ على الجهل بها، وحقنا في الإبداع، هو حقنا في الحرية والحلم، حق شخوصنا وفضاءاتنا، ولذلك لخصنا كل القيم النبيلة في الإنسان وما هو إنساني، ننقب عن صفاء الطبيعة في البشرية وفي الكون، ولعل منتهى مثل هذه المرونة والحرية في الفكر والفن، وفي الأداء والأداة، قد يفسر ما جعلني انصرف عن حق أو بدون حق، إلى ممارسة الكتابة في جنس الأدب السردي، لذلك، فان تجربة الكتابة السردية لم تنفصل عندي منذ البدء، عن تصور للحرية والحركية والتجدد.

للأسف لا يوجد ما يشير إلى طفولة مبارك ربيع. هو حتما عايش ظروف الاستعمار القاسية وربما تعرض للكثير هو وعائلته كما ورد في رواياته وهو ما يمثل حياة ازمة وقلق وجودي وغياب للحرية، لكننا سنعتبره مجهول الطفولة إلا إذا ظهر لنا عكس ذلك أثناء استكمال هذه الدراسة.

مجهول الطفولة.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:12 PM
48- دار الباشا حسن نصر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B3%D9%86_%D9%86%D8%B5%D8%B1)تونس

تلك هي دار الباشا وذلك هو عالمها المبهم الذي تأخذنا إليه. دليلنا إلى هذا العالم شخص اسمه "مرتضى الشامخ". وإذا كان من شأن الدليل أن يكون عارفا بالمكان، مرشدا إلى أسراره وأكنافه، فإن دليلنا إلى دار الباشا لا يملك المعرفة ولا برد اليقين، بل هو دليل يبحث عن حقيقة لا يستطيع تحديدها، جسد مثقل بذكريات من الماضي تزيد الفراغ من حوله اشتدادا وتجعل من الرجوع إل البداية أمرا مؤلما ، وتتصاعد الأسئلة لتملأ رأسه ...لكن الأجوبة تتلفّع بالغموض وتلوذ بالخواء
اتب قصة من الجيل الأول غداة الاستقلال . ولد بتونس العاصمة عام 1937. تلقى دراسته بجامع الزيتونة ثم التحق بكلية الآداب ببغداد . عمل بالتدريس . تنقل من المهدية إلى حمام الأنف إلى موريتانيا
نــشــر ليالي المطر - قصص 1968 دهاليز الليل - رواية 1977 52 ليلة - قصص 1979 خبز الأرض - رواية 1985 السهر والجرح - قصص 1989


==
انحسار الرؤية

بيد أن هذه المكوّنات الإنشائيّة لم يتقلَّصْ حضورها في الرّواية التونسيّة تقلُّصاً واضحاً ذلك أنّ نزعة التوثيق والإخبار تظل قائمة في كثير من النصوص الروائية التي ظهرت في العقود الأخيرة من القرن العشرين وصورة العالم لم تتغير كثيراً فيها وكذلك صورة السّارد رغم محاولة بناء شخصيَّةٍ روائيّةٍ مغايرة هي أقرب إلى البطل الإشكاليّ ولكنّها محاولة هي طموح لم يتحول إلى حقيقة ولعل أبرز هذه النّصوص رواية حسن نصر "دار الباشا" التي رغم محاولة التّجديد فيها ظلّتْ مُرْتَبِطَةً بميثاقها الواقعيّ الّذي حددناه سلفاً.

لقد كتب حسن نصر(40) "دار الباشا"(41) روايتين أخريين [دهاليز الليل(1977)- خبز الأرض(1985)] وقد نهج فيهما نهج الواقعية التقليديّة من خلال ذلك التشخيص الوصفي للواقع المعيش أو لهذا النصّ الدنيوي الذي تسعى الرّواية الكلاسيكية إلى تجسيده، فمن الطَّبِيِعيّ إذن أن يتساءل الباحث عن قيمة هذه الرّواية الجديدة وما يمكن أن تضيفَه إلى تجربة الكاتب السّابقة وإلى الرّواية العربيّة عموماً. تطمح هذه الرّواية إلى عرض شخصيّة "مرتضى الشامخ" الذي ترك دار الباشا" ثم عاد إليها بعد أربعين عاماً لا يستطيع قارئ الرواية أن يتمثلها، فتغيب الوقائع والأحداث المتعلّقة بهذه المرحلة الطويلة من حياة الشّخصيّة المحوريّة ولا نكاد ندرك ملامحها إلا عبر إشارات تبريريّة يصرح بها السّارد في بعض مواطن الرّواية أهمّهُا ما ورد بالفصل السّابق عندما يقول "خرجت مُمزَّقاً طريد أفكارك، تلاحق أوهاماً وأشباحاً، تقاذفتك الأهواء والعواصم واختلطت عليك اللغات المختلفة شرقيها وغربيها:
من باريس إلى لندن ومن جنيف إلى بون ومنها إلى طهران فدمشق فبيروت، تقلبت ظهراً على بطن، وانتفضت من الأعماق حتى غشي عليك، اختلطت عليك السبل، ففقدت السيطرة على نفسك، أضعت توازنك، تزلزل كيانك من الجذور حتى كفرت بكل شيء، أصبت بصدمة حضارية حادة، تملكك الذهول، فخرجت على الناس مذهولاً، لتلقي ما تبقى منك في جحيم الصحراء"(42) وعبثاً يبحث القارئ عن ملامح هذه السبل التي اختلطت على مرتضى الشامخ أو عن هذه الصدمة الحضاريّة الحادة الّتي واجهها فلا يعدو الأمر أن يكون من باب التبرير اللّفظي لهذه الوضعية الّتي وضع فيها المؤلف شخصيته وهي تباشر حياتها في دار الباشا" بعد انقطاع طويل وعودة مفاجئة مفعمة بحنين جارف إلى المكان.

ومنذ الفصل الأول من الرّواية يصرِّحُ السَّارِدُ بهذا الوجه الإشكاليّ الّذي يريد أن يسم به شخصيته "هذا هو الجسر الذي عليك أن تعتبرُه من الماضي إلى الحاضر ومن المنفى إلى المنفى، إليه جئت دون رضاك ومنه خرجت هارباً، وإليه تعود تارة أخرى تبحث عن معنى"(43) فتصبح العودة إلى المكان قادحاً للعودة إلى الماضي بما تحمل من معاني الاسترجاع وسبر لأغوار الشخصية الباحثة عن معنى وجودها.
وتمر رحلة البحث بمسلكين:
* مسلك باطني هو بمثابة رحلة طويلة من حياة السّارد تتّخذ من السيرة الذاتيّة بعض ملامحها، فيعود السّاردُ إلى طفولة "مرتضى الشامخ" ونشأته في عائلة متوسطة وأمر طلاق أمه وبعض وجوه تعلّمه وتقلّبه في بعض المهن وبعض مغامراته الشّخصية.
* مسلك خارجي هو بمثابة إعادة بناء للمكان، فعبر الذاكرة تسعى الشخصية إلى تركيب "نهج الباشا" لوحةً لوحةً ومشهداً مشهداً، بمبانيه وأزقّته ودوره ودكاكينه.
ويتجادل المسلكان، يتقاطعان حيناً ويلتقيان حيناً آخر ليملأ هذا الزّمن الذي مضى ويرضيا هذا الحنين لحياة خلت وتتعب الذاكرة في استرجاعها "فأي فراغ مهول حصل في ذاكرته"(44).
بيد أَنَّ للحاضر منطقاً مغايراً ووجهاً صدامياً عنيفاً، فهذه الدَّارُ العتيقة الّتي هجرها أهلها أو كادوا وتحولت إلى كابوس مفزع في خيال الشخصيّة الرئيسيّة (مرتضى الشامخ) وحلمها، في حاجة إلى ترميم هو من مسؤولية الجيل الجديد. هكذا يُصَرِحُ الأدب: "بالنسبة إليَّ، لقد قمت بواجبي نحوها، وحافظت عليها إلى حد الآن، الأمر بعد اليوم لم يعد يعنيني، أصبح موكولا إليكم، أنت وإخوتك وأبناء عمومتك"(45)، لَكِنْ هل يقدر هذا الجيل على ترميم ما بناه الأسلاف وهل يقدر على الحفاظ على مكتسبات هي مُعَرَّضَةٌ بحكم الزّمن وتطوّر الحياة إلى التلاشي والاندثار؟ ويأتي الجواب على لسان أحد أبناء العم: "هذا البيت يريد أن ينهار، لماذا لا نتركه ينهار وانتهى الأمر، تلك أماكن ماتت وانتهت، لم تعد لتقوم لها قائمة، ماتت مثلما مات أبي، فهل يعود أبي من القبر؟"(46) وهو يبرر الأمر بمنطق العصر والزمن: "فالدنيا تغيرت، والناس لم تعد تنظر إلى الوراء، الدنيا تسير نحو الأمام والّذي يبقى ينظر إلى الوراء أو إلى الماضي يتخلف عن الركب ويفوته القطار"(47) وتنتهي الرّواية بما يشبه صيحة الفزع" من يعيد إلى أحلامي الجميلة.. من يعيد إلي شامه".. ويعيد طفولتي الضائعة"(48). وهي صيحة تؤكد أن بطل الرّواية اقتنع في النّهاية بمنطق الزّمن وأنّ مسؤولية الأجيال الجديدة في إنجازات عصرها وأَنَّهُ لا سبيل إلى التّوفيق، لكل عصر رجاله ولكل زمان أفعاله وخياله.
تلك هي إشكاليّة هذا البطل الروائيّ في رواية "دار الباشا" وهي إشكاليّة قديمة حديثة، فالحنين إلى الماضي ومحاولة بعث بعض مظاهر حياتنا القديمة من خلال قضية التّراث والإشكاليات التي يطرحها، عالجتها الثقافة العربية منذ نهاية القرن الماضي والثلث الأول من القرن العشرين وعالجها الأدب معالجة خاصة وعالجتها الرّواية بوجه أخص. فقد تعرض إليها منذ الأربعينات نجيب محفوظ في رواية "خان الخليلي".. وهي إشكالية حديثة لأنها تطرح من جديد في أشكال التعبير الفني المختلفة ويكفي أن نذكر في تونس هذا الشريط السينمائي "عصفور السطح" الذي يعود بالذاكرة إلى تونس القديمة في أربعينات القرن العشرين من خلال رسم لوحة فَنِيَةٍ عن مظاهر العمران والحياة فيها ولا شك أن حسن نصر شاهد هذا العمل الفني وتأثَّرَ به تأثّراً فنّياً واضحاً نعثر على ملامحه في رواية "دار الباشا" فالكاتب خضع لهيمنة صورة العصفور، فهو يستعيرها في الرّواية مرتين "رفت أصابعه كأجنحة عصفور يريد أن يفرّ ص49" وهو بذلك يعيد الاستعارة ذاتها وكان قد استعملها في بداية الرواية ص50 ويتحول هذا الحضور إلى ضرب من الاقتباس في مستوى التشخيص، ففي صفحة أربع وأربعين يتحدث السّارد عن علاقة "منجية" بصالح الفيّاش. "واصلت طريقها عبر سوق سيدي محرز ودخلت به في الزحام، بينما هي منشغلة أمام إحدى المعروضات ناداها من خلفها رجل… انتبذ بها ناحية وراحا يتجاذبان الحديث"(51), فهذا المقطع السّرديّ يذكر بذاك المشهد السينمائي في شريط "عصفور السطح" والذي يُجَسّده الممثل محمد إدريس مع إحدى الممثلات وهو مشهد مراودة وفي الصفحة الرابعة والثلاثين بعد المائة يصف السّارد مرتضى الشامخ وهو طفل، كيف صعد السطح مع صديقه ليطلا على مشهد جنسيٍّ ثم ينطلقان على السطح عدوا: "امرأة تقف أمام النافذة، كنا ننظر إليها من موقع لا ترانا فيه، ورأينا رجلاً يتقدم فيأخذها إليه ويفر بها منه… انطلقنا نجري هاربين كأنما أحد كان يجري وراءنا، أخذنا نقفز المدرج نكاد نطير" ولا أحد يَشُكُّ في إحالة هذا المقطع السرديّ على صورة السطح برُمَّتِها، تلك التي تخيلها فريد بوغدير قبل حسن نصر وهكذا يربط الخطاب الروائي من خلال هذه الرّواية علاقةً وطيدة بالخطاب السينمائي. فالكاتب عادة يكتب وهو يتذكر.
إنّ هذه الرواية من حيث بناؤها العام تتبنى مقولات الخطاب الواقعي الوصفي. والخطاب الواقعي الوصفي هو بالدرجة الأولى خطابٌ تبريريٌ، فالسارد الذي كثيراً ما يتدخل ويسوق الأحداث سوْقاً إنّما هو يتدخل ليبرر أساساً. فكل حدثًٍ ينبني على منطقٍ ولكلِّ حالةٍ مبرراتْها النفسية أو الأيديولوجية أو الحدثية.
لقد صاغت الرواية العربية الحديثة أجمل شخصياتها الإشكالية(25) ولكن القارئ المختص في الرواية لا يمكن له أن يهمل شخصيتين روائيتين يمكن أن تعتبرا أنموذجين أساسين في صياغة الشخصية الإشكالية وهما مُصطفى سعيد في"موسم الهجرة إلى الشمال" للطيب صالح ومنصور عبد السلام في رواية "الأشجار واغتيال مرزوق" لعبد الرحمان منيف. والشخصيتان أنموذجيتان لأنهما متكاملتان من حيث البناء، مُبرَرَتان تاريخياً وأيديولوجياً ونفسياً، بيد أننَّا عندما نتأمل شخصية "مرتضى الشامخ" نُدْرِكُ أنها شخصيةٌ غير متكاملة البناء إذ ينقصها التَّبريرُ الكافي الذي يُشرْعُ وجُودَهَا. فهذا الرجل الذي عاد من حيث لا ندري يعيش أزمة عنيفةً وقد استطاع الكاتبُ فعلاً أن يطوِرَ هذه الأزمةَ، لكنّنا لا نُدرِكُ أبداً أسباب هذه الأزمة وأبعادها. لاشكَّ أنّ الساردَ ألمح إلى أن بطله عاش بعيداً عن وطنه ثم عاد إليه بعد أربعين عاماً.(53) لكنَ مسألة تقنية تطرح وهي متعلقة أساساً بهذه المدة التاريخية، فالبطل لا يبدو لنا شيخاً في الرّواية بل هو كما نتصوَّرُ رجلٌ كَهْلٌ في نهاية الأربعين أو عند الخمسين، فإذا عاش أربعين عاماً خارج وطنه فهو لا يمكن أن يكون قد عاش أكثر من عشرة أعوام في وطنه، فسنون الاغتراب أربعة أضعاف سنين الوطن ولكنّها لا تحتلُّ في حيّز السّرْد سوى بعض المقاطع القصيرة جدّاً وهي مقاطع وصفيةٌ وليست تشخيصيةً، فهي من باب كلام السارد وليس من باب الوقائع التي يُشَخّصُها السَّاردُ والأمر في اعتقادنا ليس مجرّد ملاحظة عابرة بل إنّه يتّصلْ وثيق الاتصال بالمنهج الفني الذي اقتفاه السَّارِدُ، فإذا كان السارد في الرواية مورَّطاً إلى حدّ الأذنين في الأحداث لكثرة تدخّلاته السّاخرة فإنّه يتحتّم عليه أن يصف لنا الوقائع التي عاشها البطل الإشكاليّ في بلاد الغربة وأن يُشَخّصَهَا ليبررَ تلك الأزمة التي ذكرها ولم يصفها وليجد مَعْبراً لذاك الحنين الجارف إلى "دار الباشا" لكن السّارد لم يفعل. وإذا كان التّبريرْ الدّاخلي غير موجود فلابدَّ من البحث عندئذ عن تبرير خارجيّ وبذلك ندخل إطار التأويل، فالنص لم يعُدْ يَقْولُ شيئاً وإنما على الناقد أن يقول وأن يجد مدخلاً يبرّرُ هذه الشخصيّة الإشكالية "دار الباشا". ولن يكون التّبرير إلاّ تبريراً حضاريّاً أو بعبارة أخرى سياسيّاً عاماً. ذلك أنّ الرّواية تطرح قضيّة العودة إلى الأصول، فالبطل لا يحقّقُ ذاته إلا عبر الذاكرة، تلك المسيرة الاسترجاعية عبر الزمان الآفل وعبر المكان المهدّد بالزّوال وعندئذ يُصْبِحُ الاسترجاع فَراراً من واقع مُخِيفٍ هو واقع العقل المجحف الذي يهدّد الخيال والحلم وهو كذلك واقع المصالح المادية والتحرّر الاقتصاديّ والمضاربات المالية، فالمكان لا يكتسب قيمته برائحة الإنسان فيه وفعله الحضاري وقيمته التاريخية ولكنّه أضحى سِلْعَةً تخضع لاقتصاد السوق ف "هذه الأراضي التي تحيط بالمدينة كانت من قبل لا تساوي شيئاً والآن، انظر كيف ارتفعت قيمتها، من شَدْرِي، ربما "دار الباشا" ترتفع قيمتها يوماً وهذه الأماكن لا تكتسي قيمتها من ذاتها، نحن الذين نكسبها القيمة التي تستحقّ، بما نحقّقه من عمل وننجزه من مشاريع، بالعمل يمكن أن ترتفع قيمة "دار الباشا" وليس بالحلم"(54). إنّ العمل والمشاريع والمضاربات الماليّة هي لغة العصر الحديث الذي قطع مع الأيديولوجيا والقيم المثاليّة. ذاك وجه من وجوه فهم أبعاد هذه الشخصية الإشكالية، ولكنَّ الوجه الآخر يتمثّل في أنّ البطل في هذه الرّواية بمسيرته النكوصيّة إنما هو رمز لهذا الجيل الذي عاش أحلاماً كثيرة وواكب هزّاتٍ سياسيةً واجتماعيةً عنيفةً على الصعيد القطري وعلى الصعيد القومي، يستيقظ لكي يُدْرِكَ أنَّ كُلْ تلك الأحلام قد تهاوت وعندئذ يعود بحثاً عن الأصول والجذور فلا يجد منها إلا أطلالاً تتهاوى لتُعبِّرَ عن أزمة جيل شاخ قبل الأوان.
في "دار الباشا" يتضخّم السارد-هذا الكائن الوهمي- تضخماً غير عادي، فنحن-داخل الرّواية- إزاء رؤيتين مستقلّتين هما رؤية البطل (مرتضى الشامخ) ورؤية السّارد ولا شكَ أن الرّؤيتين تتقاطعان بل تتطابقان تطابقاً كاملاً ولكنّ رؤية السّارد تطفح على رؤية الشخصية ولعل عبارة الإنشائيين" الرؤية من الخلف". لا تكفي لتجسيد هذه العلاقة بين السّارد والعالم الذي يرويه ويصفه.
لا يمكن أن نعتبر السّارد شخصيَّةً روائيّةً إذ أنه ليس طرفاً مباشراً في الأفعال التي يتخيّلها المؤلّف ولكنّ سلْطته التعليقية والتفسيرية والتبريرية (خارج حقبة الأربعين عاماً التي إليها أشرنا) تقوى إلى درجة يتحوَّل بها السّارد إلى بطل من الدّرجة الأولى. فأغلب عناصر العالم المرويّ تصل إلى القارئ عبر عين السارد وليس عبر عين السارد وليس عبر عين الشّخصيّة الإشكاليّة والأمثلة في الرّواية كثيرة وهذه بعضها: "عرجت به بعد ذلك إلى زاوية سيدي محرز ودخلت السقيفة الرحبة الشاسعة، ملاذ الحيارى والمساكين والبائسين، صدمه المنظر العجيب، أطفال تتعالى أصواتهم بالبكاء، نساء يتنقلن كالأشباح أو يجلسن تحت حائط السقيفة، ثيابهن بالية، نظراتهم مخطوفة، ركام من الأدباش وأكداس من الفوضى، حصر مهترئة، فرش متسخة، أوان مبعثرة، أرضية مغطاة بالنفايات(55). إنّ مثل هذا الوصف يكون في كثير من الأحيان وصفاً تزيينياً لا علاقة له بالشخصيّة الرئيسية بقدر علاقته بالسّارد إذ يعكس -من موقع التّبئير- نظرة السّارد إلى هذا العالم السّحريّ الذي يريد أن يرصده من خلال ملامح تونس القديمة، ولذلك يصبح وصف المؤثّثات والمكان برمّته مجرد إطار تسبح فيه الشّخصيّة ولكنّه لا يعكس نفسيتها وأزمتها وحالتها الفكريّة، ويعكس الوصف أحياناً أخرى موقفاً توثيقياً واحداً، فالسّارد يتّخذ من حركته الشخصيّة في المكان وسيلةً ليَرْسمَ من خلالها بعض اللّوحات عن شوارع تونس القديمة لتسجيلها وتوثيقها عبر إعادتها إلى الذاكرة: "رجل يدفع عربة وآخر يحمل فوق رأسه قُفّةً، متسوّل يطلب صدقة وأعمى يقرع الأرض بعصاه، بائع العطور، ماء الزهر وماء الورد والعطر شيّة، دلال وسقّاء وحامل المبخرة وسلاّك الواحلين يلقي الكلام الموزون ويعبر سريعاً، فرقة نحاسية تتقدم باتجاه سيدي محرز من وراءها "المظهر" في ثيابه الزاهية يحف به الأطفال وهم ينشدون وراء الفرقة"(56). وفي هذا السّياق لا يمكن أن يفوت الباحث المختصّ أن يلاحظ أنّ الكاتب وضع مقطعاً وصفيّاً كاملاً وهو الفصل الخامس عشر برُمَّتِهِ، لا تذكر فيه أيّة شخصيّة من شخصيّات الرّواية ولو مجرد ذكر ولا حضور فيه إلاّ للسّارد الذي نتخيّل أنه الكائن الذي يقف وراء هذا المقطع ولكنّ هذا الفصل يمكن أن يحذف ولن يؤثر حذفه في سياق الأحداث ولا في بناء الشخصيات فلا مبرر لوجوده إلا رغبة المؤلّف في الوصف المجاني وفي التّوثيق واتّخاذ موقف من الحضارة الحديثة ولذلك يصبح المقطع أشبه ببحث في العمارة الحديثة(57) ونضيف إلى هذا الفصل ما رواه السّارد عن الحرب ليتحوّل إلى مُؤَرّخ شاهِد ومحلّلٍ لأبعاد الحدث(58) ولا يضاهي هذا المقطع التّاريخي الطّويل إلا مقطعَ شبيه يصف فيه السّارد واقعة تازركة(59).
وهكذا تتحولُ الرواية إلى ما يشبه الوثيقة التاريخيّة لهيمنة حضور السّارد ورغبته الملحّة في تسجيل الوقائع التاريخيّة والمشاهدات العمرانيّة مؤكّداً بذلك حقائقية العالم الذي يحيل عليه ومصداقيته الوهم المرجعي الذي إليه يشد الوقائع والأحداث وبذلك يظلّ برنامج الميثاق الواقعي قائماً.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:12 PM
Return to Dar Al-Basha



by Hassan Nasr (http://www.goodreads.com/author/show/548542.Hassan_Nasr)


A haunting, poetic, semi-autobiographical evocation of a Tunisian childhood during the days of nationalist resistance against French colonial rule.

Return to Dar al-Basha by the contemporary Tunisian author Hassan Nasr depicts the childhood of Murtada al-Shamikh and his return forty years later to his home in the medina or old city of Tunis. After being taken from his mo

...more (http://www.goodreads.com/book/show/1112684.Return_to_Dar_Al_Basha)A haunting, poetic, semi-autobiographical evocation of a Tunisian childhood during the days of nationalist resistance against French colonial rule.

Return to Dar al-Basha by the contemporary Tunisian author Hassan Nasr depicts the childhood of Murtada al-Shamikh and his return forty years later to his home in the medina or old city of Tunis. After being taken from his mother and raised in his father's home where he was physically abused and emotionally marginalized, Murtada spends a life of anxiety wandering the world. His return is prompted by a mysterious visit from one of his father's Sufi friends as he roams the desert in Mauritania. Murtada retraces his steps through the medina to his family's house in anticipation of a possible reunion with his troubled father, vividly reliving sights, smells, and sounds from his childhood and evoking his childhood initiation into Islamic mysticism as he experiences a personal journey of the spirit across space and time.
Nasr succeeds in conjuring up a Tunisian boyhood not unlike his own and brings to life in a poetic, sensual narrative the spaces, light, colors, and life of Tunis some six decades ago. Murtada searches the streets of Tunis and his memories for the decisive mistake he feels he must have made-that has left him a perpetual wanderer until he undergoes a cathartic nightmare sequence that leaves him shaken. Only then is he finally able to come to peace with his past and with himself. In William M. Hutchins' lucid translation, the novel serves as an evocation and tribute to the historic city of Tunis the novel and meditates about the position of the past in a rapidly modernizing society.


==

Return to Dar al-Basha

A Novel




Hassan Nasr


Translated from the Arabic by William Maynard Hutchins








A haunting, poetic, semi-autobiographical evocation of a Tunisian childhood during the days of nationalist resistance against French colonial rule.



Reviews

"Nasr’s hero in this multi-layered novel develops a deep humanity as he describes with almost mystical grace his tortured passage through life. Born in Dar al-Basha, a busy quarter of the old city of Tunis, the protagonist experiences a dreadful childhood of physical and psychological abuse and rejection. Finally he flees his tyrannical father and roams the world for 40 years, seeking escape from a life he could not understand and trying to come to terms with himself and the world. In the moving ending, he returns to his childhood home, generous spirited and purged of bitterness. Often impressionistic, Nasr’s writing is dominated by sensual imagery of colors, sounds and smells. Descriptions of the surrounding world frequently contrast with the hero’s inner turmoil and give a sense of continuity to balance his fragmented perception of it. Beneath the surface lies a stratum of Sufi thought, and below that a layer of anti-colonialism. The translation is excellent, and Hutchins maintains a consistent style that does justice to the Arabic original. This fine novel, Nasr’s first appearance in English, is a fine example of modern Arabic fiction from North Africa. Highly recommended."
—Choice
"Return to Dar al-Basha is a semi-autobiographical novel describing a boy’s Tunisian childhood during the era of nationalistic resistance against French colonial rule. Taken from his mother and raised in his father’s home, physically abused and emotionally neglected, he grows up into a perpetual wanderer. Questioning his inability to set roots, he explores the streets of Tunis, recalls his childhood introduction to Islamic mysticism and Sufism, and braces himself to see his father again. An evocative, heartfelt tale, providing an unforgettably vivid impression of Tunisian life through a child’s eyes."
—The Midwest Book Review
Description
Return to Dar al-Basha by the contemporary Tunisian author Hassan Nasr depicts the childhood of Murtada al-Shamikh and his return forty years later to his home in the medina or old city of Tunis. After being taken from his mother and raised in his father’s home where he was physically abused and emotionally marginalized, Murtada spends a life of anxiety wandering the world. His return is prompted by a mysterious visit from one of his father’s Sufi friends as he roams the desert in Mauritania. Murtada retraces his steps through the medina to his family’s house in anticipation of a possible reunion with his troubled father, vividly reliving sights, smells, and sounds from his childhood and evoking his childhood initiation into Islamic mysticism as he experiences a personal journey of the spirit across space and time.
Nasr succeeds in conjuring up a Tunisian boyhood not unlike his own and brings to life in a poetic, sensual narrative the spaces, light, colors, and life of Tunis some six decades ago. Murtada searches the streets of Tunis and his memories for the decisive mistake he feels he must have made-that has left him a perpetual wanderer until he undergoes a cathartic nightmare sequence that leaves him shaken. Only then is he finally able to come to peace with his past and with himself. In William M. Hutchins’ lucid translation, the novel serves as an evocation and tribute to the historic city of Tunis the novel and meditates about the position of the past in a rapidly modernizing society.
View other books in this series (http://www.syracuseuniversitypress.syr.edu/books-in-print-series/middle-east-literature.html)
Author | Translator
Hassan Nasr was born in Tunis in 1937. He has published a number of novels and short stories. This novel was first published in 1994.
William Maynard Hutchins is the recipient of a 2005-2006 National Endowment of the Arts grant for literary translation and the principle translator of The Cairo Trilogy by the Egyptian Nobel Laureate Naguib Mafouz.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:13 PM
حسن نصر
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

أديب تونسي ولد بحي الحلفاوين أحد الأحياء الشعبية بتونس العاصمة 4 فيفري 1937 سنة. تلقى دراسته بالمدرسة القرآنية ثم بجامع الزيتونة. تعاطى بعض المهن الحرفية الحرة ثم اشتغل معلما مدة قصيرة, التحق بعد ذلك بكلية الآداب ببغداد ثم انقطع عن مواصلة الدراسة وعاد للتدريس من جديد بالمعاهد الثانوية. سلخ أكثر من ثلاثة عقود من العمر في هذه المهنة وخرج للتقاعد.

من مؤلفاته : ليالي المطر (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%84%D9%8A%D8%A7%D9%84%D9%8A_%D8 %A7%D9%84%D9%85%D8%B7%D8%B1&action=edit&redlink=1)، دهاليز اليل (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AF%D9%87%D8%A7%D9%84%D9%8A%D8% B2_%D8%A7%D9%84%D9%8A%D9%84&action=edit&redlink=1)، 52 ليلة (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=52_%D9%84%D9%8A%D9%84%D8%A9&action=edit&redlink=1)، خبز الأرض (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AE%D8%A8%D8%B2_%D8%A7%D9%84%D8 %A3%D8%B1%D8%B6&action=edit&redlink=1)، دار باشا (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AF%D8%A7%D8%B1_%D8%A8%D8%A7%D8 %B4%D8%A7&action=edit&redlink=1).

بدا الكتابة مع بداية الاستقلال نشر مجموعة من النصوص الشعرية بجريدة العلم التونسية. أول قصة قصيرة دمعة كهل ظهرت1959 بمجلة الفكر وستطبع هذه القصة موضوعا وأسلوبا فترة تعرف في تاريخ الادب التونسي بادب المقاومة ضد المستعمر الفرنسي و مجموعة ليالي المطر خير دليل على هذه الفترة كما تطرق في هذه المجموعة إلى المواضيع الاجتماعية والأزمات الفردية والصراع بين الاجيال وعوالم أخرى هذا دون أن يخلو البعض منها من نزعة وجودية.

كما كتب القصة القصيرة جدا سماها قصة تقرا في دقيقة واحدة نشر أغلبها في ملحق جريدة العمل الثقافي بشكل أسبوعي.و تعكس هذه القصص حالتي النكسة التي خلفتها حرب 67 من جهة والخيبة التي خلفاتها التجربة الاشترلكية في تونس من جهو أخرى.

كما أن بعض هذه القصص يفضح بأسلوب بأسلوب سربالي كيف تعمل أجهزة الضغط على تشيئة الإنسان.

و خلال تلك الفترة كتب رواية دهاليز الليل التي تدور احداثها في مدينة المهدية وتحكي عن التجربة الاشتراكية في قطاع الصيد البحري.

بعد سنوات من الانقطاع عن الكتابة رجع حسن نصر فاصدر رواية خبز الأرض تحدث فيها عن تعلق الإنسان بالأرض وماساة الفلاحين سكت مرة أخرى عن الكتابة ثم عاد فاصدر روايته الجميا و دار الباشا.

تحصلت بعض كتبه على جوائز من وزارة الثقافة ليالي المطر:الجائوة الشجيعية سنة 1968 دهاليز الليل:الجائزة التشجيعية سنة 1978 السهر والجرح:جائزة الابداع سنة 1989.





==

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:14 PM
الروائي التونسي حسن نصر

للأسف لا تتوفر معلومات حول سيرته الذاتية، ولكن يكاد يكون هناك شبه إجماع أن روايته في الكثير من السيرة الذاتية وان أخذنا بذلك وهو فعلا قد عاش حياة فيها الكثير من الألم بسبب طلاق والديه ليعش مع والده شبه المختل نفسيا ولذلك عرضه لكثير من العذاب والألم مما اضطره للهرب منه ليجول حول العالم تقريبا ثم يعود بعد أربعين سنه إلى مكان ولادته. إذا كانت هذا الرواية واقعية وإذا كان حسن نصر قد اختبر ولو القليل من هذه الأحداث فنحن نستطيع أن نقول عنه انه عاش مأزوما أن لم يكن يتيما اجتماعيا وحتى يتيما. ولإغراض هذه الدراسة سنعتبره مأزوما.

مأزوم.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:15 PM
49- مدينة الرياح موسي ولد ابنو (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%8A_%D9%88%D9 %84%D8%AF_%D8%A7%D8%A8%D9%86%D9%88&action=edit&redlink=1) موريتانيا

أقدم الرواية المعروفة "مدينة الرياح" للكاتب الموريتاني الرائع موسى ولد ابنو..

رواية تسافر في التاريخ في أركان لحظات زمنية مختلفة، و في زوايا أماكن متباينة، كل هذا ستلتهمه آذانك من فم جمجمة استنطقها باحثون فضوليون ينقبون عن آثار الماضي في الغلاوية في الشمال الموريتاني "و من الفضول نعمة.. و منه قد تكتب رواية "

الرواية
http://www.4shared.com/file/46665556...et_alrya7.html (http://www.4shared.com/file/46665556/4a78cca1/madenet_alrya7.html)

==

نبذة الناشر:
كانت (فاله) حزينة دائماً.. تبكي أحياناً بدون سبب مفهوم.. تعلقت بي شيئاً فشيئاً.. كنت كما لو أني طير من طيورها أو دويبة من حشراتها.. كان يبدو لي أحياناً أنها تعتبرني شاهداً على عالم مضى، أثراً واهياً من زمن انصرم.. عندما تلامسني تفعل ذلك بحذر وحنان، كأنني آنية خزفية ملكية، عثر عليها باحث مهووس. كانت تغيب أسابيع طويلة.. أسكن البيت وحدي مع النباتات والحيوانات.. وفي الليل أقرأ مخطوطاتها الشعرية التي تتغزل بالطبيعة.. عندما أقرأ شعرها يخيل إلي أنها حاضرة تكلمني.. لا حدود لشغفها بالطبيعة لهذا غادرت مدينة الرياح، وسكنت في هذه الضاحية المعزولة.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:15 PM
بقلم د. موسي ولد ابنو


توطئـة : أقدم هذه المقاربة لنصي مدينة الرياح والحب المستحيل1 بوصفي قارئا.
فالكتابة أملت نفسها دون مبررات. أما القراءة فهي دائما بحث عن مسوغات للكتابة.
I. تجليات التراث واستلهام الكتاب
تدور أحداث روايتي الحب المستحيل ومدينة الرياح في مستقبل بعيد٬ بعد نهاية القرن الحادي والعشرين. لكن إذا كانت أحداث الحب المستحيل تدور كلها في هذا المستقبل البعيد، فإن مدينة الرياح في جزئيها الأول والثاني، تسترجع فترات من الماضي؛ لأن بطلها ﮜارَا الذي سافر في اللازمان يسترجع في لحظة سكرة موته ذاكرة الماضي السحيق، بدءا من القرن الحادي عشر م. الذي ولد في بدايته، ومرورا بالقرن العشرين الذي جابه هاربا نحو المستقبل، بفضل الخضير الذي ينقله من الماضي إلي المستقبل ليريه ما آل إليه البشر. وهذان النصان يجعلان من التراث مرتكزا لكتابة رواية الخيال العلمي. ففي مدينة الرياح كما في الحب المستحيل أقحمت التراث القديم في رواية الخيال العلمي سواء كان هذا التراث عالميا، من خلال اتراجيديا اليونانية، أو عربيا إسلاميا من خلال التراث العالِمْ القرآني، أو التراث الشعبي الموسيقي البيضاني. فجاء النص على منوال حكاية أديبية، لا بالمعنى لفريدي(Freudien)، ولكن بالمعنى الصُّوفُّوكْلِي. فصوفوكل (Sophocle) عندما ألف أُدِيبْ ملكا كتب اتراجيديا البصيرة الإنسانية، وذلك وفق القراءة المتميزة التي قدمها كارل رينهارت (Karl Reinhart). فالطريق الفاصل بين بداية مجد البطل التيبي (نسبة إلى مدينته (Thèbe) إلى نهايته المروعة، هو صراع بين الظاهر(الكُمُونْ) و الحقيقة (التجلي). يتقدم أديب نحو تجلي الحقيقة، وبهذه الطريقة – كما يقول هايدكر- (Heidegger) " يتقدم خطوة خطوة ليجعل نفسه في اللاكمون، وتتجلى أمامه الحقيقة التي لن يطيق النظر إليها إلا بفقء عينيه، لينقذ نفسه من الظاهر المضلل. وهكذا يكون البطل التيبي قد اضطر إلى أن يعمي نفسه كي يرى حقيقة ذاته". فبفقدان بصره تمكن أديب من النظر ببصيرة لتتجلى أمامه الحقيقة.
إن الأساطير والنصوص التراثية المؤسِّسة، سواء كانت عالمة أو شعبية، لا تقص علينا حكايات من الماضي بقدر ما تنبئنا عن خبايا مستقبلنا؛ وهذا هو مرتكز توظيف التراث في رواية الخيال العلمي. فرواية الحب المستحيل مثلا هي تأويل للخطيئة الآدمية على أنها أمر سيحدث في المستقبل بطرد بني آدم من الكوكب الأرضي الذي يكون قد دمره مجتمع التقانة. كما أنها أيضا تأويل للأمانة في سورة الأحزاب، على أن نقض الميثاق الأزلي الذي ورد في هذه السورة ينبئ عن جهالات وزلات مجتمع التقانة الواقعة في الحاضر والتي ستتفاقم في المستقبل. والرواية هي أيضا تأويل لقصة آدم وحواء التي، وإن كانت قد خرجت من ضلعه لتوقعه في الخطيئة، إلا أنها تمثل أيضا مآله ، بما أحدثه مجتمع التقانة من تخنيث للجنس البشري وهدم للأسس الطبيعية لعلاقات الجنسين من تكاثر وتكافل، وبتحويله الرجال نساء، والنساء رجالا، واستنساخه البشر. وهذا القدر مطروق في الحب المستحيل، وقد قاد البطل، في نهاية الرواية، إلى تغيير جنسه للحاق بمحبوبته، حيث قرر أن يتحول إلى امرأة فأصبح حواء. تؤول أيضا رواية الحب المستحيل نصا تراثيا عالميا آخر هو أسطورة المأدبة لأفلاطون وتوظفه في الخيال العلمي لتصف مجتمعا مستقبليا نزل به نفس العقاب الإلهي الذي سبق وأن نزل بالجنس الاندروجيني (Androgyne) .
تتزاوج في مدينة الرياح وفي الحب المستحيل لغات عدة (تراثية، فلسفية، علمية) وأساليب عدة (روائية، شعرية، موسيقية، دينية) لتشكل كتابة تتعطش إلى الحقيقة، ذلك العطش نفسه الذي قتل ﮜارَا، بطل مدينة الرياح، ثم بعثه من جديد. وقد أنتجت هذه الكتابة سماء جديدة وأرضا جديدة، "أرض الرجال"، وسماؤهم التي تمكنهم من النظر إلى أنفسهم حسب عبارة هانري كوربين (Henri Corbin). إنه عالم الرواية الذي يدعونا إلى التفكير: {فاقصص القصص لعلهم يتفكرون} (الآية).
بغض النظر عن الأسباب الموضوعية والذاتية والعوامل المفترضة، سواء كانت عوامل نفسية ، أو كانت وجودية أو سوسيو تاريخية، يظهر من خلال قراءة الروايتين أنهما ترتبطان بأنموذج أسطوري يتجاوز بشكل كبير الكاتب نفسه، واللحظة السوسيو- تاريخية. ففي الروايتين يمكن تقصي معنى النص على ضوء الأساطير الكبرى. فمن الأسطورة استوحيت التجليات التي ألهمتني إنشاء عالم ينافي الواقع المبتذل، بل يتجاوز ذلك ليرفض وطأة هذا الواقع المنساق وراء السفالة.
تدور أحداث مدينة الرياح في برازخ التاريخ، وتعتمد أسلوبا في الكتابة برزخا بين الواقعية والرمزية، وبين رواية الخيال العلمي والرواية التاريخية. فالمكان والزمان والشخوص واللغة التي أنتجتها الرواية تتأسس في فضاء بعيد٬ فضاء القَصص القرآني. تستلهم رواياتي النص القرآني، سواء في وجهها الإبداعي: (خلق المصطلحات والجمل وأسماء الشخوص)، أو في تكوين عالم جديد يحاكي عوالم القَصص القرآني، أو حتى في إيجاد تقنيات جديدة للحكي. فمثلا، خلال كتابة مدينة الرياح، عرضت لي معضلة إبداع بطل يشهد على عشرات القرون وينتقل بين حقب زمنية متباعدة. وإن كانت فكرة نسبية الزمن قد خطرت ببالي كطريق إلى حل ممكن، إلا أنها لم تسعفني. لكن عندما استحضرت قصة أصحاب الكهف، وكونهم عاشوا {ثلاثمائة سنين وازدادوا تسعا} (الآية) تبلورت أمامي طريقة تمديد حياة بطل الرواية لتغطي قرونا كثيرة. كما أني استلهمت القَصص القرآني في خلق شخصية الخضير في الرواية، ملَك الزمن، الذي ينقل البطل من فترة زمنية إلى أخرى٬ ليؤدي وظيفته كشاهد على الفعل الإنساني عبر التاريخ.
وبما أن موضوع الرواية الرئيسي هو بصيرة الإنسان والحكم عليها من خلال مقارنة فترات من التاريخ تفصلها قرون عدة، كان لابد من إيجاد لحظة يتكور فيها الزمن، لحظة يمكن أن تشتمل علي عشرات القرون التي جابها البطل، وتكون هذه اللحظة لحظة حق تنجلي فيها الحقيقة أمام البطل-الراوي، وتمكنه من الحكم على التاريخ وعلى نفسه وعلى الزمن. هنا يظهر دور القَصص القرآني وأهمية استلهامه في الكتابة الروائية وفي حل معضلات الحكي: لقد جاء في القرآن الكريم أن لحظة الحق هذه كائنة، وهي لحظة سكرة الموت: { وَجَاءتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ(19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ(20) وَجَاءتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ(21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ } ( سورة ق ). فعند سكرة الموت يتمدد الزمن ليستدير فيسترجع الأمد مهما طال، وتُسترجع البداية، وتتكشف الحقيقة. هكذا جاء الحكي في رواية مدينة الرياح ليروي لحظة الحق هذه، لحظة الشهادة التي ينكشف فيها الغطاء. يروي البطل في هذه اللحظة ببصيرة ثاقبة أحداثا عاشها في زمن امتد عشرات القرون، أحداثا كان في غفلة منها فتكشفت له وصار شاهدا عليها، يعرف كل شيء عنها ويحكم عليها ببصيرة:
«...أنا في عالم جديد، تهاجمني خلاله ذكريات تافهة، غريبة، من الحياة التي تغادرني.. وجاءت سكرة الموت بالحق.. لم أعد في غفلة من شيء.. بصري اليوم حديد.. أضاءت سكرة الموت تلافيف حياتي التي ظهرت بصور مكبرة آلاف المرات، والزوايا المظلمة كأنما صوبت عليها آلاف الشموس الصحراوية الموتورة.. انزاحت الحواجز بين الظاهر والباطن، البادي والخفي، المعلوم والمجهول.. الوعي يتم من خارج منطقة الوعي. إنني من منطقة ما بعد الحياة، وما قبل الموت، من منطقة التخوم، أستعيد شريط حياتي.. أسمعه، وأراه، أدركه بالتفاصيل. ليس فيه قبل ولا بعد.. أنا الذي أفنيت حياتي أحاول٬ بلا جدوى٬ أن أربط حياتي بأحلامي، وشعوري بلا شعوري، ووعيي بوعي الآخرين، لأصدر حكما على الآخرين، وعلى ذاتي، وعلى الزمن، وارتدت محاولاتي يائسة مخذولة.. ها أنذا أشاهد ما عجزت عنه طوال حياتي يتحقق من تلقاء نفسه ساعة موتي.. الآن٬ وبعد ما خرجت من الميدان، أرى نتيجة المعركة الحاسمة بين حياتي وأحلامي، مجسدة أمامي بدقة متناهية، كل شيء فيها يأخذ حجمه الصحيح قبل أن تلتهمها بالوعة العدم. أرى العالم كله من عدسة ناظور، كله الآن بديهيات، لم تعد ثمة ألغاز ولا أسرار.. كله على مستوى واحد من الوضوح. الزمن اختزل نفسه في بعد واحد، لم يعد ثمة ماض ولا مستقبل، أصبح حاضرا فحسب.. وشخصت البداية..» (ص 9-10).
تتجلى في القصص القرآني كل الحقيقة الإنسانية، وكل تحديات الحاضر. هذا ما جعلني أستلهم من القرآن الكريم أهم موضوعاتي الروائية. ففي روايتي الأولى، الحب المستحيل، تمحور الحكي حول الأمانة الواردة في الآية قبل الأخيرة من سورة الأحزاب. { إِنَّا عَرَضْنَا الْأَمَانَةَ عَلَى السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالْجِبَالِ فَأَبَيْنَ أَن يَحْمِلْنَهَا وَأَشْفَقْنَ مِنْهَا وَحَمَلَهَا الْإِنسَانُ إِنَّهُ كَانَ ظَلُومًا جَهُولًا}. فالأمانة هي أمانة العلم الذي أودعه الله الإنسان، عندما علمه الأسماء: {وعلم آدم الأسماء كلها} (الآية)، والظلم هو الجهالة المحكوم بها أزليا على الإنسان، والتي تجلت في زلاته في ماضيه وحاضره وفي مستقبله، وهذا ما تكرسه المدن غير الفاضلة في الحب المستحيل. أما بنية مدينة الرياح فهي تمثُّلٌ لقَصص سورة الكهف. فالأجزاء الثلاثة في الرواية تتناص مع القَصص في هذه السورة: (قصة أصحاب الكهف، قصة موسى عليه السلام والخضر، وقصة ذي القرنين). كما أن هذه الأجزاء الثلاثة تتمثل المحطات الثلاث في قصة موسى عليه السلام والخضر (خرق السفينة، قتل الغلام، إقامة الجدار).
تتقاطع الثيمات في الرواية مع موضوعات القَصص في هذه السورة: السفر خارج الزمن (زمن الكهف) البصيرة (مجمع بحري المعرفة الإنسانية والمعرفة الإلهية)، الفعل وعلاقته بالخير والشر (خرق السفينة، قتل الغلام، إقامة الجدار)، وأيضا غرور الإنسان وقصور بصيرته (اعتراض موسى عليه السلام على أفعال الخضر). وهي أمور تتمثل في الحكي من خلال حكم كاهنة أوداغوست على ﮜارَا : "لن تستطيع أبدا أن تحكم بتمعن على المستقبل بالحاضر.." (الرواية ص61). وهو الحكم نفسه الذي تحكم به الكهانة على أوديب في اتراجيديا صوفوكل. لكن التناص يتجلى بشكل أوضح في كون "كهف" أصحاب الكهف برزخا زمانيا ومكانيا: {وترى الشمس إذا طلعت تزَّاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه..}. والمكان في مدينة الرياح كهف برزخي، فجمهورية ﺗﻧﮕَلَّ هي "جمهورية المنكب البرزخي الديمقراطية". كما أن أحداث الرواية تدور في الفضاء الموريتاني الذي يسميه الشيخ محمد المامي "المنكب البرزخي" ويقول عنه أبو الهامة:"هذه الأرض برزخ" (ص54)، كما أن ﮜارَا يقول: "كهفي ممتلئ سوداوية إلى حد الفيضان.." (ص125)، وزمانها زمن كهفي: البطل ﮜارَا ينقله الخضير في اللازمان٬ من فترة تاريخية إلى أخرى. والحكي في الرواية ينتقل مرتين من الزمن إلى اللازمان حيث يفر البطل في نهاية الفصل الأول إلى قمة الجبل فيلتقي الخضير، و يفر في نهاية الجزء الثاني ليلتقيه مرة ثانية؛ مثلما هو الحال في سورة الكهف التي ينتقل قَصصها مرتين من الزمن إلى اللازمان: الأولى عندما يعتزل أصحاب الكهف مجتمعهم ويلجئون إلى الكهف، والثانية عندما يصل موسى عليه السلام إلى مجمع البحرين ليلتقي الخضر.
ومن أبرز إشكاليات هذا التناص المقابلة بين الجزء الأخير من الرواية الذي يتناول مستقبل مجتمع التقانة، وقصة ذي القرنين التي تتناول مصير الأرض بعدما مُكن للإنسان فيها: {إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا} (الآية)، كما أن ﮜارَا والثعلب و فاله وكلابها و النمادي وكلابهم يشكلون في الرواية تمثلا لأصحاب الكهف وكلبهم، وأيضا فإن لازمة رواية مدينة الرياح: "إذا كنت رافضا للقدر فاعتزل البشر، وانفرد في الصحراء وانتظر أمر ربك.." هي تمثل لنداء أصحاب الكهف {وَإِذِ اعْتَزَلْتُمُوهُمْ وَمَا يَعْبُدُونَ إِلاَّ اللَّهَ فَأْوُوا إِلَى الْكَهْفِ يَنْشُرْ لَكُمْ رَبُّكُمْ مِنْ رَحْمَتِهِ وَيُهَيِّئْ لَكُمْ مِنْ أَمْرِكُمْ مِرْفَقاً} (الكهف:16) في نهاية الجزء الأول من الرواية، يهرب ﮜارَا من مجتمع بشري فاسد، مجتمع أُودَاغُوسْتْ فيأوي إلى رأس جبل الغلاوية منتظرا الخلاص بالموت أو رحمة من الله، مجيبا نداء البعيد الذي جعل أصحاب الكهف يعتزلون مجتمعهم، فهو ينتج ويؤول على صعيد حياته البشرية هذا النداء الذي أجابه أصحاب الكهف. وهو نفس النداء الذي جعل موسى عليه السلام يقصد مجمع البحرين (بحر المعرفة الإنسانية وبحر المعرفة الإلهية) ليلتقي الخضر (الخضير في الرواية).
يظن الإنسان أنه صائب النظر وأنه يسعى من أجل الخير وطبق الهدف الذي حدد لنفسه. لكنه في أغلب الأحيان يكون أعمى، بينما يظن أنه يبصر؛ فتنتج أفعاله عكس ما أراد. يظن الإنسان - والحالة هذه- أنه يسعى لمصلحته، وهو في الحقيقة يعمل لهلاكه. فيكون التخلص من الظاهر سبيلا أوحد لاكتشاف الحقيقة الجوهرية ومعرفة الحكمة الإلهية. وهذا بالضبط هو موضوع القَصص القرآني في سورة الكهف. ففي مستهل هذه السورة تأتي قصة أصحاب الكهف الهاربين من ظلم المجتمع البشري، والذين يتقبلهم الله في رحمته، فيخرجهم من الزمن الفلكي ليدخلهم في الزمن الكهفي: {وترى الشمس إذا طلعت تزَّاور عن كهفهم ذات اليمين وإذا غربت تقرضهم ذات الشمال وهم في فجوة منه}، ليرجعهم بعد قرون إلي مجتمعهم، فيروا ما آل إليه. ثم تروي السورة قصة موسى عليه السلام والخضر، التي تُظهر بجلاء قصور البصيرة الإنسانية وعجزها عن تقصي الحقيقة. وفي الأخير تروي سورة الكهف قصة ذي القرنين الذي ملك المشرق والمغرب، وجال الأرض مكتشفا الوجوه المختلفة لفعل الإنسان فيها، حتى وصل بين السدين وأقام السد دون يأجوج ومأجوج. وتُستنتج دلالة هذا القَصص في الآية97 من السورة : {قل هل نُنَبِّئُكُمْ بالأخسرين أعمالا الذي ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنهم يحسنون صنعا}.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:15 PM
يستوحي نص مدينه الرياح هذا المعنى ويتناوله على صعيد الزمن البشري، زمن التاريخ، ليقارن أفعال البشر في فترات من التاريخ متباعدة ، لكن ضمن تاريخ بلد واحد (موريتانيا) من الماضي إلى الحاضر والمستقبل٬ تقاس من خلالها بصيرة الإنسان، وهل هو يسعى إلى الخير أم إلى الهلاك، وهل أن الإنسان ينتقل، بفعله في التاريخ، إلى الأفضل أم أنه يرذل. هكذا يكون ﮜارَا ، بطل رواية مدينة الرياح، الضمير الذي يقارن بين الماضي والمستقبل في مسيرة التاريخ، وهو الإنسان المنتشل من المستقبل البعيد ليروي ذاكرة الماضي السحيق.
أما في مدينة الرياح فإن تأويل قصة ذي القرنين من سورة الكهف نتج عنه تصور لما سيؤول إليه مجتمع التقانة. فعند ما أتدبر محطات ذي القرنين في سورة الكهف، وأتدبر تمكينه في الأرض وإتيانه أسباب الأشياء كلها، فالذي يتبادر إلى ذهني هو الإنسان التقاني الذي غزا مشارق الأرض ومغاربها، والذي تحكم في الطبيعة: {إنا مكنا له في الأرض وآتيناه من كل شيء سببا} (الآية 83). وعندما أتدبر ما ورد في القرآن الكريم عن محطات ذي القرنين (العين الحمئة، القوم الذين تطلع عليهم الشمس دون ستر ، البشر الذين لا يفقهون قولا و يأجوج ومأجوج) فإنه يحضر ذهني تلوث المياه وتشقق طبقة الأوزون في الغلاف الجوي التي نتجت عن جهالات البشر وفساده: {إن يأجوج و مأجوج مفسدون في الأرض} (الأية90) وهي كلها أمور تذكر بما آل إليه مجتمع التقانة.
رافق هذا التأويل لقصة ذي القرنين في الجزء الأخير من رواية مدينة الرياح توظيف آخر للتراث في مجال الموسيقى الشعبية البيضانية (موسيقى البيضان، الموريتانيين البيض) من خلال استلهام (جانْبَتْ الغول) طريق ﮔﻠنَيْدِيَّ في التِّيدِنِيتْ، التي أوحت بمجتمع مستقبلي وقع في التهلكة. فمَوْسَقَتْ ﻟﮕنيدي الجزء الأخير من الرواية الذي يتناول مجتمع ﺗﻧﮕَلَّ ومدينته غير الفاضلة (مدينه الرياح)، ﺗﻧﮕَلَّ "الغول الْمُلَوِّثْ" (الرواية) الذي حول المجابات الكبرى إلى مخزن للنفايات السامة.
II. مَوْسَقَةُ الرواية
ينتظم نص مدينة الرياح تحديدا على شكل جلسة موسيقية بيضانية، وتأتي أجزاؤه وفصوله على شكل طرق ومقامات التيدنيت (عود الموسيقى البيضانية). فيقابل الجزء الأول من النص الطريق السوداء (أول طرق التيدنيت)، والجزء الثاني يقابل الطريق البيضاء (الطريق الثاني من التيدنيت)، ويقابل الجزء الثالث طريق ﻟﮕنيدي (الطريق الثالثة في التيدنيت)، لأن هذا الجزء من الرواية يتناول المجتمع التقاني المستقبلي الذي فقد إنسانيته ولأن طريق ﻟﮕنيدي تمثل الموسيقى التي لم يعزفها البشر، بل إن عازفها هو الغول انْوَفَّلْ (الغول لغة يعني الهلكة، وكل ما أهلك الإنسان فهو غول، أو الغول: كل ما زال به العقل).
جاءت ﻟﮕنيدي في النص باسم برج التبانة، لأنها ترمز لعالم آخر، ولأن عازفها لا ينتمي إلى عالم البشر؛ ولأن الجزء الأخير الذي يقابلها تدور أحداثه في فترة مستقبلية هاجر فيها بعض البشر من الكوكب الأرضي إلى عوالم أخر، وفيها صارت بعض الكائنات الفضائية تجوب برج التبانة، وأحيانا تحط على الأرض بحثا عن شذرات من عصرها الذهبي، كما هو حال سُولِيمَا التي تصطاد النفوس الخيرة في برج التبانة٬ مسافرة في ثقوبه السوداء بسرعة الضوء٬ من نقطة إلى أخرى من مجرتنا. وهي ترمز في الرواية إلى نَمَادِي الفضاء المقابلين لنَمَادِي المجابات الكبرى. هذا ما جعلها تساعدهم في ثورتهم البيئية. واسم (سوليما) منحوت من الحروف الأولى من كلمات فرنسية ثلاث: Soleil (الشمس) و Libya (اسم النقطة 32 من الخريطة الأرضية لكوكب المريخ) و Mars (المريخ)؛ وذلك لأنها لما كانت تُحضِّر رحلتها إلى الأرض تدربت في "مركز تدريس اللغات والحضارات الإنسانية" الموجود داخل النظام الشمسي في ليبيا، على المريخ.
في مراكز تخزين النفايات السامة، التي ترمز إلى هَلَكَةِ مجتمع التقانة وفساد أهله في الأرض؛ جاءت موسيقى ﻟﮕنيدي، طريق الغول انوفل ، كما وصفها ﮜارَا: «ثقيلة، صاخبة، حادة، متلاحقة، سريعة، تعجل عن الآذان فتخترق الجسم، لتدخل من جميع مسام الجسد، ألحانها غليظة فاحشة..» (ص162). ويضيف ﮜارَا واصفا هذه الموسيقى، )في الصفحة 164 (: «كنت منزعجا شديد التوتر من الموسيقى الجحيمية التي تبعث النكد وتدفع إلى الإحساس بالقرف والغثيان؛ كتائب مسلحة بعتاد كثيف من الآلات الكهربائية والالكترونية تتبارى في الصخب الذي يفجر طبلة الأذن، وينفذ إلى مواطن الإحساس، كالمكاوي؛ سيل عرم من المفرقعات المحطِّمة للسكينة، العديمة التناسق والتناغم، يرافقها صراخ مسعور، يكرر ذات النبحة في نشاز أبدي. كلمات الأغنية في ضمير الأنا تحكي عناد البشر في ضلالاتهم، موقعة على أوزان قصيرة مبتذلة..».
تقابل مقدمات أجزاء الرواية الثلاثة مداخل طرق التيدنيت وتوجد في كل جزء خمسة فصول تقابل المقامات (أَظْهُورَ) الخمسة، المشكلة لكل طريق من طرق التيدنيت، وهو ما يوضحه الجدول التالي:
(جدول التناص بين مدينة الرياح و التيدنيت )

(http://www.almashhed.com/go.php?url=http%3A%2F%2Farayalmostenir.com%2Fmedia %2Fimages%2FSatellite.jpg)http://www.almashhed.com/imgcache/37451.imgcache.jpg (http://www.almashhed.com/imgcache/37451.imgcache.jpg)

مدينة الرياح التيدنيت
الجزء الأول: برج السوداء. (تدور
أحداث هذا الجزء من الرواية في قرى
ﮔﻧﮕار َالسود)
اطْرﻳﮓْ الكَحْلَ (خَبْطَتْ لَكْوَرْ): معزوفة لكور(الزنوج):
ﮔُولْ الحَمَّادِ كانْ اسْعَ/ وَجْبَرْ مَانْ اسْلاكَتْ لَنْفَاسْ
اُمَرَّتْ عَنُّ ذِيكْ الخَلْعَ/ إِسَوَّلِّ ذاك امْنْ النَّاسْ
عنْ ﻟﻓﮔيعَ وا ﻟﻤﻓﮕﻊ / شَنْهِ مارَتْهُمْ فَنْتَماسْ
ﻟﻓﮔيعَ َ خَبْطَ تُمَوَّرْ /مارَ فَالتَّاشَبَّطْ تَظْهَرْ
وا ﻟﻤﻓﮕﻊ خَبْطَتْ لَكْوَرْ/ مَارَتْهَ فَلْمَهْرْ اَرَدَّاسْ وَاصْلْ انْتَمَاسْ ادْخُولْ افْكَرْ/ فِيهْ الطَّزَانَ غَيْرْانَّاسْ
ﮔَالَتْ عَنُّ هُوَّ ذَ الدَّهْرْ/ فَاصَلْ فَطَّزَانَ والسَّاسْ
مقدمة الجزء الأول: آﮔْوَيْدِيرْ
(بحوث أثرية في مقبرة الغَلاَّوِيَّة القديمة) آﮔْوَيَدِيرْ: شُورْ فَكْحَالْ انْتَمَاسْ (مقام من فواتح الطريق السوداء و كلمة آﮔويدير تعني المقبرة(
الفصل الأول: "الذهب": وصف قافلة الملح التي كانت تجوب "بلاد الذهب": الاسم القديم لمواطن زنوج موريتانيا
ثيمات الفصل الأول:
- وصف تحميل القافلة.
- الأب يخذل ابنه ﮜارَا.
- ظهور شخصية النصراني الكافر.
- فاله، بطلة الرواية وأيضا اسم امرأة من شنقيط مشهورة في تاريخ موسيقى التيدنيت كَرْ اطْرِﻳﮓْ الكَحْلَ: انْتَمَاسْ (المعزوفة الأولى من الطريق السوداء)
لَشْوَارْ (المقامات):
- آوديد ( أصل هذا الشُّورْ محاكات رغاء الإبل
عند تحميل قافلة تِيشِيتْ)
- ﮔَيْوَارْ: يدل اسم هذا المقام على الخَذُولِ
- لَكْوَيْفَرْ: الكويفر
- فاله: شاهده: «يُوﮔِ يَيُوﮔِ بُولَيْدِي»
الفصل الثاني: مُوسَ اسْبَعْ
- البَرْزَخْ: مكان الرواية.
ثيمات الفصل:
- أطفال القرية يمارسون لعبة "ادْيَرَا لاكَسِّ"(استحداث زئير الأسد)
- حنين البطل إلى قريته وأصدقائه.
- زوجة تَالُوثَانْ تعشق رجلا آخر. فَاغُ اطْرﻴﮕ الكَحْلَ: ﺗﻧﭼُوﮔَ.
البَرْزَخْ ادْخُولْ(مقدمة) في ﺗﻧﭼُوﮔَ
لشوار (المقامات):
- مُوسَ اسْبَعْ (استحداث زئير الأسد)
- المَشَوَّشْ: اسم هذا المقام يعني (الذي يحن إلى الأحبة)
- اتْرَوْجِيحْ: اسم هذا المقام يعني (ترجيح شيء أو شخص على آخر) كلماته: يَلاَّلِ نَخْتِيرٌ عَنٌّ
الفصل الثالث: الرَّشْقُ
ثيمات الفصل
- المطر يفاجئ القافلة التي تضطر إلى دفن أحمالها. وتصل غَانَا، آخر قرى السودان، قبل أوْدَاقُوسْتْ وفيها يتعرض البطل للرشق مع باقي عبيد القافلة
- البائعة تعرض سلعها على ﮜارَا، رغم أنه مربوط إلى مؤخرة الجمل، ويمشي بين رجليه تفاديا لرشق الأطفال.
اكْحَالْ اطْرﻴﮔْ الْكَحْلَ: هَيْبَ
لَشْوَارْ (المقامات):
- الرَّاﺷﮔَ: وكلمة الَّرﺷﮔَ تعني نوبة المطر
- اتْعَسْرِ، وكلمة اتعسر في الحسانية تدل
على شيء يأتي في غير موضعه
الفصل الرابع: اللَّيَّنْ
ثيمة الفصل
- البطل يقع في حب فاله في أوْدَاغٌوسْتْ سَنِّيمَ الْبَيْظَ: ﻣﻐﭼّوﮔَ (مقام الحب في التيدنيت)
لَشْوَارْ (المقامات):
- اللَّيِّنْ
الفصل الخامس: الْبَرَّانِ
ثيمة الفصل:
- بعد ظهور المذنب يحدث انقلاب في كيان البطل الذي يصبح "غريبا على الأرض" (ص70)
ابْتَيْتْ اطْرﻳﮔْ الكَحْلَ: بَيْقِ
لَشْوَارْ (المقامات):
- الْبَرَّانِ: كلمة البران تعني الغريب
- الْهَايْمَاتْ: (الهائمات)
الجزء الثاني: "برج البيضاء" (البيضان والنصارى): تدور أحداث هذا الجزء في الفضاءات التي يسكنها البيضان، كما يتناول عاداتهم وتاريخ موريتانيا الحديث (مجيء المستعمر، قتل كبلاني)
اطْرﻳﮔْ البَيْظَ: مقام لَبْيَاظْ يرمز إلى البِيظَانْ وإلى لغتهم (وَذْنُ بَيْظَ،٬ اَبَيْظَنْ مَنْ تِيدِنِيتْ وَلْ مَانُ)
المقدمة: "الطبل" (الرياح "تدوي في جنبات الكدية كالطبل") (ص 81)
كتائب النسور تحوم باحثة عن جثة، تنتظر موت البطل ادْخُولْ اطْرﻳﮔْ البَيْظَ: مَكَّ مُوسَ
لَشْوَارْ (المقامات):
- أﮔَتْمَارْ (كلمة أﮔَتْمَارْ تعني الطبل)
- اتَّحْوَامْ (لَعْسَيْرِ): كلمة التحوام في الحسانية
تعني حَوَمَانُ الطير
الفصل الأول: "الأبكم"
ثيمات الفصل:
- البعثة الأثرية تلتقط البطل من قمة جبل الغلاوية وهو فاقد الكلام.
- فاله خائفة من هذا الجسم الهامد، فهي تصرخ وتلوذ ﺒﮔُوسْتْبَسْتَرْ
- مجنون الكلام (القناص المهذار)
- سقوط البطل من فوق الجمل يعيد إليه قدرته على الكلام
كَرْ اطْرﻳﮔْ البَيْظَ مَكَّ مُوسَ
لَشْوَارْ (المقامات):
أَنَيْوَالْ لَبْكَمْ:الأبكم. شاهده:
وَلْفِ دَمْعَتْهَ بَتَّجْلاَجْ /يَامَسْ تَجْرِ مَاسَكْنَتْ
أَرَاعِ ذُوكْ اذْنُوبَكْ يَالْحَاجْ/ هَيَّ ﮔَاعْ اتْبَانْ اﻧﻓﮔﻌَتْ
- اتْشَيْمِّيرْ (كلماته: ظَحْكَتْ فَالَهْ تَنْزَاهْ الْعَيْنْ...)
- لَمْجَيْنِينْ (تصغير كلمة مجنون): اسْرُوزِ لَكْحَلْ
- كَلَمْتْ الَبَيْكَمْ (اسم هذا الشور يعني كلمة الأبكم)
الفصل الثاني: "انْتْرَشْ"
ثيمات الفصل:
- البطل يحل محل مَرْدُوشَا في خدمة فاله
- فاله تختار "مَعْطَلَّ" اسما للبطل. فَاغُ اطْرﻳﮔْ الْبَيْظَ: اسْرُوزِ
لَشْوَارْ (المقامات):
- انْتْرَشْ (و كلمة انْتْرَشْ تعني أقحم في الأمر)
- الْحَرْ (و كلمة الْحَرْ تعني العتيق: معطل اسم من أسماء العتقاء)
الفصل الثالث: التَّرِكة

ثيمة الفصل:
يتناول هذا الفصل الإرث الحضاري الموريتاني من خلال خصوصيات مجتمع البيضان القديم
وتقاليده
اكْحَالْ اطْرﻳﮔْ الْبَيْظَ: انْيَامَ
لَشْوَارْ (المقامات):
- التَّرِكَة )الميراث(: (شُورْ فَتَّحْزَامْ)
الفصل الرابع: محنة
ثيمة الفصل:
- يتناول هذا الفصل محنة الاستعمار من خلال وصف السيبة في ﺗﺟﮕﺞ إثر قتل كبلاني
ابْيَاظْ اطْرﻳﮔْ الْبَيْظَ: جَيْنَّ
لَشْوَارْ (المقامات):
- الْمَحْنَ (المحنة)
الفصل الخامس: "العتق"
ثيمات الفصل
- عملية تنفذها المقاومة ضد بعثة المستعمر أثناء ترحالها بين ﺗﺟﮕﺞ وتيشيت
- البطل يهرب من أسر ﮔُوسْتْبَسْتَرْ اْبتَيْتْ اطْرﻳﮔْ البَيْظَ: ﻟﻌﺘﻳﮔْ (العتق)
لَشْوَارْ (المقامات):
- لَرْحَالْ (الأرحال)
- الرﻣﮕانِ
الجزءْ الثالث: "برج التبانة"
يتناول هذا الجزء الأخير من الرواية الدواهي التي تهدد البشر بالهلاك بعدما عم الفساد الأرض. (من شخوص هذا الجزء: الغول ﺗﻧﮕَلَّ(كل ما أهلك الإنسان فهو غول) اطْرﻳﮔ ﻟﮔنيدي: اطْرﻳﮔْ الغُولْ انْوَفَّلْ(طريق الغول انْوَفَّلْ)، وكلمة غول تعني الهلكة والداهية. "ﻟﮕنيدي اطْرﻳﮔْ فَتِّيدَنِيتْ "بَيْنْ اسْمَ واتْرَابْ"("ﻟﮕنيدي طريق في التيدنيت بين السماء والأرض"، كما يقول موسيقيو البيضان)
المقدمة: "انْوَفَّلْ" ادْخُولْ ﻟﮔنيدي: انْوَفَّلْ
الفصل الأول: "الْمَاشِ"
ثيمات الفصل:
- البطل يتيه بلا هدف في منطقة الباطن ويكتشف مركز النفايات السامة كَرْ اطْرﻳﮔ ْﻟﮕنيدي: انْوَفَّلْ
لَشْوَارْ (المقامات):
- الْمَاشِ (الماشي)
الفصل الثاني: النَّوْحُ
ثيمات الفصل:
- البطل يبكي ويصرخ مستنجدا بالخضير (ص 154)
- أُمَّة مراكز النفايات السامة هي شر الأمم
فَاغُ اطْرﻳﮔ ﻟﮕنيدي: فَاغُ لَكْبِيرْ
لَشْوَارْ (المقامات):
- انْوَاحْ: الصيغة الحسانية لكلمة "النوح " في الفصحى
- الرﮋَّ: الصاعقة
الفصل الثالث: نهوند
ثيمة الفصل:
- سوليما تتغول للبطل في صورة امرأة فاتنة اكْحَالْ ﻟﮔنيدي: نَهَوَنْدْ
لَشْوَارْ (المقامات):
- اﺗﮋَخْرِيفْ: اسم هذا الشور يعني التشكل في ألوان بديعة
الفصل الرابع: لَبْرَازْ(المبارزة)
ثيمات الفصل
- مبارزة كلامية بين سائق شاحنة النفايات السامة وخفيرها
- يتقمص البطل زي سُولِيمَا للتخفي ويتمكن من الهروب من مركز النفايات السامة ليلجأ إلى دار فاله (يقف عند الباب مناديا: فَالَه افْتِحي الدار")ص 176
- "كانت فاله حزينة دائما، تبكي أحيانا
بدون سبب مفهوم... كانت تغيب أسابيع
طويلة..." ص 179
ابْيَاظْ اطْرﻳﮔ ﻟﮕنيدي لَبْرَازْ، ﭽﮔْرَاتْ، ﻣﻧﭼَلَّ
شاهد مقام انْوَفَّلْ: "فَالَه حَلِّ ادَّارْ..." (فاله افتحي الدار)
لشوار :
ﭽﮔْرَاتْ شاهد ﭽﮔْرَاتْ:
"آن ﮋﻧﮕرَ نَبْغِيهَ /هِيَّ قَالَتْ مَا تَبْغِينِ
آنَ نَفْرَحْ بَمْجِيهَ /هِيَّ تَبْكِ لَيْنْ اتْجِينِ
(أنا ﮋﻧﮕرَ أحببتها /وهي تصدني
أسر بقدومها /وهي تبكي حين تجيئني)
الفصل الخامس: "ﺒﻳﮔِ الْمُخَالَفْ" ابْتَيْتْ اطْرﻳﮔ ﻟﮕنيدي: ﺒﻳﮔِ الْمُخَالَفْ
جاء هذا التقابل بين أجزاء وفصول الرواية وطرق ومقامات التيدنيت ليبرز علاقة موضوع الحكي في كل جزء مع دلالات الطريق المقابل في التيدنيت، والعلاقة بين ثيمات الفصول وثيمات المقامات. وهذا التناص بين الرواية والتيدنيت نابع من الطبيعة المشتركة للزمن الروائي والزمن الموسيقي، لأن الأدب والموسيقى يحاكيان زمن الأسطورة، ولأن زمن الرواية وزمن الموسيقى، حالهما حال زمن الأسطورة، ينقذان من مأساة النهاية. يكثر الاسترجاع في الرواية لأن موسيقي التيدنيت تفرض الترديدة والاسترجاع والتنويع، ويستدير زمنها كما يستدير الزمن في طرق التيدنيت ومقاماتها. هكذا إذن تنهل رواية مدينة الرياح من معين ميتلوجيا موسيقى التيدنيت، وبهذا تكون رواية سينفونية بالمعنى الحقيقي.

! إنسان والقلم
18-08-2015, 06:16 PM
III. ﮔﺎرَا ، شاهد على الزمن
إن اتراجيديا والدين واختيار المكان والزمن السيسيو تاريخي، تشكل مسوغات أسست خلال الحكي وجوه ﮜارَا المختلفة. والحدث الملهِم الذي انطلق منه الحكي، في مدينة الرياح، كان اكتشافَ هذا الاسم. كانت الفكرة التي سبقت اكتشاف اسم بطل الرواية وكتابتها تتصور عملا روائيا أقرب إلى اللوحة السيسيو تاريخية للمجتمع الموريتاني. هكذا فرضت الفترة المرابطية نفسها كبداية، لأنها المرحلة المؤسسة لتاريخ هذا البلد. في تلك الفترة كان صنهاجة يقطنون شمال وغرب موريتانيا، بينما كان ﮔﻧﮕار َ يسكنون الجنوب والجنوب الشرقي، فيكون إذن المجتمع الصنهاجي-ااﮕﻧﮕارِي هو مجتمع الرواية. ومن ثم جاء دور موسيقى التيدنيت التي أنتجها المجتمع الصنهاجي- ااﮕﻧﮕارِي ، بثلاثيتها التي طبعت ثقافة البيضان والتي شكلت ثلاثية النص. وخلال بحثي عن أسماء شخوص هذه الفترة التي قد ترد في الحكي، اكتشفت أن الاسم الحقيقي لعبد الله بن ياسين، داعية المرابطين، هو سيدي عبد الله مُولْ ﮜارَا ، ووجدت أن "ﮜارَا" اسم يعبر بجلاء عن تلك المرحلة من تاريخ هذا البلد، ببعديها الصنهاجي و ااﮕﻧﮕارِي. ف"ﮜارَ" (قَارَةٌ) كلمة تحمل رنينا سودانيا ﮔﻧﮕاريا، وهي في نفس الوقت كلمة بيضانية عربية تعني –كما ورد سابقا- الجبيل الأسود الشاهد. وبما أن سيدي عبد الله مول ﮜارَا، المعروف بابن ياسين، كان بطل تلك الفترة التاريخية، توصلت إلى نتيجة مؤداها أن اسم بطل الرواية سيكون "ﮜارا". وجاء اسم أبي البطل "فارَا مُولْ" نتيجة لهذا الإلهام: "مول"، إشارة إلى الأصل البربري لاسم ﮜارَا، و"فارا" إشارة إلى أصله ااﮕﻧﮕارِي. وهكذا تكون ثنائية الفترة، بجانبيها الصنهاجي و ااﮕﻧﮕارِي ، قد تجسدت في اسم البطل. عندها بدأت استكشف هذا الاسم، أعني اسم ﮜارَا ٬ لأن الاسم، كما يقول رولان بارت(Roland Barthes) «يمكن أن يستكشف وأن يتكشف وتحل رموزه. فهو وسط بالمعنى البيولوجي، يمكن أن نغوص فيه، ونسبح إلى ما لانهاية في التأملات والمتخيل اللذين ينطوي عليهما٬ كما تحتوي الصَّدَفَةُ درتها، أو كما تختزن الوردة أريجها قبل تفتقها. وبعبارة أخرى فإن اسم العلم يحمل دائما في طياته معنى مكثفا.»
إن تفتق معنى ودلالات اسم ﮜارَا هو الذي أعطى لشخص بطل الرواية وظيفته كشاهد على الزمن الغابر، و الذي يمكن أن يجتاز الحقب. وهذا المعنى المستوحى من طيات الاسم هو الذي أوجد فكرة حكي يتناول فترات زمنية متباعدة؛ كما أنه أوجد فكرة انتقال البطل من الزمن الفلكي إلى اللازمان، لكي يتمكن من الانتقال من فترة زمنية إلى أخرى. ومن ثم جاءت فكرة الزمن الكهفي وفكرة الخضر، مَلَكُ الزمن، الذي يمكن البطل من الانتقال في اللازمان. يظهر من هذا أن الرواية كلها تبلورت انطلاقا من استكشاف دلالات هذا الاسم.
يرمز ﮜارَا لوجوه عدة من أسطورة أُدِيبْ (Œdipe) : فهو مثل لايوس (Laïos) والد أديب، تخبره الكهانة بأن ابنه سيقتله، كما أخبرت Laïos في الأسطورة اليونانية. لكن ﺗﻧﮕَلَّ، قاتل جده والمتزوج جدته، لم يفقأ عينيه ، كما فعل بطل اتراجيديا اليونانية، لأنه الأديب التقاني، الغارق في الظاهر، المنغمس في الخطيئة.

هكذا يُنْزَعُ البطل من الزمن، ليُخلص من مأساته، وليصير شاهدا عليه. فيتحول إلى كائن خارج الزمن، يُنتشل ليدلي بشهادته. إلا أن ﮜارَا كان منقطعا عن ذاته وعن الآخرين وعن الزمن الماضي، عاجزا عن التذكر في كل الفترات التي عاشها بعد الفترة الأولى. النوم وحده هو الذي يمكنه - في نوبات أحلام وجيزة- من الشعور بذاته وبالأزمنة الغابرة التي عاشها. لكنه مع كل يقظة يفقد ذاته ويرجع إلى عبثية وجوده. فقط ٬ وبعد موته٬ عندما انتشل بعد أزمنة طويلة، باح بسره، ودخل دائرة الخلود. بعد تحليل معهد أركيولوجيا الفكر الإنساني لبقايا مادة لَمْيَلِينْ في جمجمته ، ظهرت الأفكار التي اختلجت في نفسه لحظة سكرة الموت، والتي حملت شهادته على القرون التي جابها. وهكذا تكون سكرة موته قد أنتجت لحظة تخيل أدبي، صار بموجبها فعل حياته فعل بطل، وتلك هي وظيفة التذكر التي تسمو بالحياة إلى قدر إلهي، حسب عبارة أفلاطون. هكذا شكلت عظام ﮜارَا النخرة، التي حتها الزمن، الصفحة البيضاء، الفارغة، الموحية باليأس والموت والتي عليها كتب الباحثون الأثريون، بعدما عبطوا الأرض، ملحمة حياة دامت أكثر من عشرة قرون، واسترجعها البطل- الراوي لحظة سكرة موته. فانتفت الصفحة البيضاء، وفُتح الباب لقدر معاكس. فنتجت من حكاية، تبدو تافهة، إرادة خلاقة أعادت إنتاج متيولوجيا مذهلة.
IV. عبقرية المجابات الكبرى
تتضافر أمور كثيرة تجعل من المجابات الكبرى مسرحا روائيا خصبا. فلم يكن من الممكن أن تتجسد لوحات مدينة الرياح ولا أن توجد شخوصها خارج هذا الفضاء الصحراوي المترامي الأطراف، والذي يجعل الإنسان في مواجهة مع نفسه ومع الكون. فلا يمكن مثلا أن نتصور مصير ﮜارَا المأساوي أو كوارث التلوث التي وردت في الرواية خارج هذه المفاوز المهلكة. وهنا تظهر بجلاء جدلية المكان ومسميات الشخوص. فالوجوه الأصلية لاسم ﮜارَا٬ بطل الرواية، ترجع إلى المجابات الكبرى. فكلمة "ﮔَارَ" تعني في الجغرافيا البيضانية "الجبيل المستدق، المنفرد، الأسود، شبه الأكمة، مَلْمَلَهُ الحَتُّ، فبقي شاهدا على طبيعة عبثت بها عوامل التعرية". أخذ منه بطل الرواية اسمه ولونه الأسود، كما أخذ منه وظيفته كشاهد على أزمنة غابرة. فالمجابات الكبرى مملوءة ﮜورًا، كما هو حال ﮜارَا - البطل، الذي تَفَلَّقَ في المجابات الكبرى، فصار ﮜورا (الفتى القنقاري المخطوف، المشدود إلى ذنب جمل، والعبد الثائر في أوداغوست، والفتي الكهفي على جبل الغلاوية، والثائر الإيكولوجي في المجابات الكبرى.)
وبما أن الرواية تنطلق من الزمن والفضاء الموريتانيين كان لزاما أن تدور أحداثها في المجابات الكبرى التي صهرت طبيعتها الإنسان الموريتاني، وأنتجت أساطيره وثقافته. غير أنني اضطررت إلى تغيير التناغم الجمالي في هذا المكان من محطة من الحكي إلى أخرى. هكذا تنتقل الرواية من فضاء طرق القوافل الرحب، المفتوح، في الجزأين الأول والثاني، إلى الفضاء الضيق٬ الحرج٬ داخل مراكز تخزين النفايات السامة التي غزت المجابات الكبرى في الجزء الثالث. جاء هذا الديكور الأخير عندما غير ﮜارَا وجهه، ليغرق في تشاؤم مطلق.
V. دلالات الأسماء
عندما أكتب أترجم، أحاول أن أبث حقيقة جديدة في اللغة والمصطلحات تتجاوز قواعد التلقي والتقبل، لتنتج نصا يوحي - من خلال شرف المعنى- بدلالات جديدة للأمكنة والأزمنة والشخوص والمصطلحات، وأكون مترجما يؤَوِّل دائما الألغاز الكبرى للحياة. هذه الترجمة تنتج معاني جديدة لا توجد في أي قائمة للمصطلحات أوفي أية لغة، وتؤدي إلى النشوة الموسيقية وتحيل على الميتافيزيقا. ويتجلى تفتق هذه المعاني عندما يجتاز الإبداع حدود اللغات. هكذا فإني، ومن خلال اسم واحد من بين أسماء شخوص الرواية، ﮔُوسْتْبَسْتَرْ(Ghostbus ter) الذي نحت ليتناغم مع اسم أوْدَاغُوسْتْ، أتجاوز اللغات لأصل إلى صميم معنى وظيفة هذا الشخص في النص. فتصير كلمة قوستبستر في الرواية اسما لرئيس البعثة الأثرية التي تبحث عن أوداغوست، مدينة القوافل المفقودة التي طمرتها الرمال ولم يعد أحد يعرف مكانها. فتشكلت كلمات ثلاث، تبعا لإيقاعها الموسيقي – Ghost )ﮔوست( "شبح" بالانكليزية، Buster(باستر) "باحث"، و"Aoudaghost" ("أوداغوست"، الاسم الصنهاجي لمحطة القوافل المفقودة في الصحراء)- فجاءت كلمة "Gostbuster" اسما للباحث الأثري في الرواية، الذي يعني اسمه بالانكليزية الباحث عن الأشباح...
ترتبط دلالات الأسماء بمواضع الحكي في روايتي الحب المستحيل و مدينة الرياح. فأسماء الشخوص ليست اعتباطية، وإنما هي ذات دلالات، وتحمل في طياتها مواضيع الحكي، وهكذا تظهر الجدلية بين الأسماء والسرد. وقد تمثل بعض أسماء الشخوص نقطة انطلاق تشكل النص، وفي بعض الأحيان تفرض أسماء الشخوص نفسها انطلاقا من مسار السرد. ففي الحب المستحيل تشكل النص انطلاقا من اسم آدم الذي يرمز للإنسان الكامل، الرجل الأول الذي خرجت من ضلعه المرأة وبسببها وقع في الخطيئة، ونقض الميثاق الإلهي، فطرد من الجنة. وقصة سيدنا آدم تنبئ بزلات البشر في العصر المستقبلي، والتي يتمحور حولها النص. فاسم مَاِنكِي (Manikè) يترادف مع كلمة manikè التي تعني في اليونانية "فن التنبؤ بالمستقبل" و تعني أيضا في اللغة اليابانية المرأة التي عرفت الحب. وترمز هذه البطلة لشخص المرأة المتحكمة في مصير الرجل، وقد مثلت قدر آدم في الرواية٬ الذي تحول إلي امرأة من أجل أن يعيش حبه معها. أما (Androgyne) خُنَاثَةُ في الحب المستحيل ٬ فهو شخص يرمز، كما يوحي اسمه، إلى اختلاط الأدوار وإلى محو الفوارق بين الجنسين، الذي تفاقم في المجتمعات الحديثة. وفي الحب المستحيل يوجد أيضا شخص ريمان(Riman) الذي يوحي اسمه بالشيطانية ويمثل أهل الشر في المجتمعات الحديثة. أما شخص أبو الهامة "الرجل الدميم عظيم الهامة" في روايتي الحب المستحيل و مدينة الرياح فهو سقراط، كما وصفه أفلاطون في كتابه الثناء على سقراط. ويعود وجود شخصي الشيطان وسقراط دون أي تغيير في اسميهما أو في ملامح شخصيهما، من نص إلى آخر، إلى كون الأحداث التي تدور في الروايتين هي تجسيد للصراع الأزلي بين الخير والشر، وذلك من المنظور الديني-الفلسفي الذي جسده أبو الهامة (سقراط) في الجزء الأخير من مدينة الرياح، حيث ظهر وقد أعفى لحيته وجعل على هامته طاقية الأصوليين، وتحدث بوعظهم. يوجد مسوغ آخر لظهور سقراط في مدينة الرياح، وهو أن بعض استتباعات قراءتي لأسطورة المأدبة (الأفلاطونية) التي وردت في الحب المستحيل توجد في مدينة الرياح: فإذا كان العقاب الإلهي الذي نزل بالجنس الآنْدْرُوجيني قد نتج عنه ظهور الجنسين، الذكر والأنثى، فإن هذا الفصل رافقه فصل آخر فصم شعور كل إنسان إلى ثنائية الوعي واللاوعي، التي لا تقل خطورة عن فصل الإنسان الاندروجيني المتكامل، بأنوثته وذكورته، والذي جعل منه الزوجين الذكر والأنثى، كما ورد في أسطورة المأدبة. هذه الثنائية بين الوعي واللاوعي شكلت موضوعا محوريا في رواية مدينة الرياح.
هذه بعض التجليات التي أمكنتني من استلهام التراث في كتابة رواية الخيال العلمي.
1صدرت رواية الحب المستحيل بالفرنسية سنة 1990 عن دارL'Harmattan تحت عنوانL'Amour (http://**********%3Cb%3E%3C/b%3E:void%280%29;) Impossible قبل أن تصدر بالعربية عن دار الآداب سنة 1999. وأيضا صدرت مدينة الرياح أولا بالفرنسية عن دارL'Harmattan سنة 1994 تحت عنوان Barzakh قبل أن تصدر بالعربية عن دار الآداب سنة 1996.

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:37 PM
مقابلة مع الروائي الموريتاني موسى ولد ابنو

الإثنين, 18 نيسان/أبريل 2011 04:37
يعد الكاتب الموريتاني موسى ولد ابنو من ابرز كتاب الرواية المغاربية المعاصرة،حيث يتميز عالمه الروائي بالكثير من الغرائبية والعمق ،كما يتميز بانفتاحه على فضاءات متعددة في عوالم السرد،وهو ما يصعب معه تصنيف أعماله الروائية ،نظرا لغياب سمات واضحة لها،لكونها تجمع سمات متعددة ومختلفة،مما يعني انه يكتب بشكل تجريبي يكاد يكون فريدا في الرواية المغاربية المعاصرة والموريتانية بشكل محدد ،فرواياته توظف الخيال العلمي والدراسات المستقبلية ، وأدب الرحلة، و الفلسفية،و الأمثولة "الأوليجاركية"، مما يتعذر معه نسبتها إلى أي شكل من تلك الأشكال الروائية، لكن أعماله الإبداعية رغم ذلك تفصح عن مشروع فكري كبير ونظرة ثاقبة للمستقبل ،لكأن الصفة التوحيدية الشائعة تصدق عليه وهي"فيلسوف الأدباء وأديب الفلاسفة"أما لغته فتمتاز بالكثير من التكثيف واستخدام الإيحاءات الدالة،وقوة المخيلة الشعرية والبناء السردي.

والكاتب موسى ولد ابنو يمتاز بالعصامية في الحديث حول تجربته الروائية ورغم ذلك استطعنا أن نجري معه حوارا شاملا حول بعض الإشكالات التي تطرحها الرواية في عالم اليوم ،وتلك منها التي يعالجها في رواياته "مدينة الرياح،الحب المستحيل وحج الفجار"


مدينة الرياح.. رواية كارهة للبشر
الإبداع في المشرق العربي، والنقد مغربي.. خطأ شائع، فالإبداع والنقد موجودان في كليهما، لكن التواصل شبه غائب، ومعرفة كل منهما بالآخر غير تامة، وفي هذا المقال نحاول أن نلقي الضوء على رواية مهمة على الرغم من أنها ليست حديثة الصدور، من أدب شبه مجهول في معظم أرجاء الوطن العربي هو الأدب الموريتاني، لعلها تكون بداية لنهتم أكثر بأن نعرف إبداع بعضنا البعض.
رواية "مدينة الرياح" للكاتب الموريتاني موسى ولد أبنو، (ط.أولى سنة 1996م- دار الآداب ببيروت).


رحلة الإنسان
الرواية رحلة في الزمان والمكان معا، رحلة شخص وقع في أسر العبودية طفلا، فكره الظلم الإنساني، ثم كره الجنس البشرى نفسه، وقد استطاع الكاتب أن يبني روايته ببراعة لتعبر بنائيا عن فكرته الأساسية، فقسم الرواية إلى ثلاثة أقسام رئيسية هي "برج السوداء"، و"برج البيضاء"، و"برج التبانة"، وهذا التقسيم مواز لرحلة بطل الرواية في الزمان، فالقسم الأول يعبر عن العصور المظلمة؛ عصور استعباد الإنسان الصريح لأخيه الإنسان، والقسم الثاني عن عصر النهضة الأوروبية حيث استطاع الإنسان الأبيض تطوير إمكاناته ليسيطر على بقية الجنس البشري، والقسم الأخير يشير إلى مستقبل البشرية حيث يتنبأ الكاتب بأن تصبح الأرض مجرد سلة قمامة نووية كبيرة لبقية كواكب المجموعة الشمسية.
كل قسم من هذه الأقسام الثلاثة يتكون من مقدمة وخمسة فصول، وهي عبارة عن رحلة في المكان، ينتقل خلالها البطل من مكان لآخر في نفس العصر، وقد لعب الكاتب على اتجاهين مختلفين في تناول التاريخ، أحدهما يرى أن التاريخ يعيد نفسه، فنجد الشخصية الرئيسية في الرواية "فارا" ينتقل من عصر لعصر ليجد أنه لا شيء تغير في طبيعة البشر وظلمهم لبعضهم البعض، كما يستخدم الكاتب أسلوب الحلقة الروائية ليبدأ الرواية من نقطة وينتهي بها عند نفس النقطة، كما يبدأ انتقال البطل من عصر لعصر بنفس الطريقة، بل يعيد استخدام نفس الوصف في هذه الحالة والذي يستغرق حوالي صفحتين يكررهما الكاتب لتأكيد فكرته عن إعادة التاريخ نفسه وبالتالي عدم وجود الأمل في شيء أفضل، لكنه في الوقت نفسه يكتشف مع بطله أن الإنسان يطور وسائل الشر بشكل لا يمكن أن يخطر ببال، وهو هنا يستند إلى الفكرة القائلة إن التاريخ يسير في خط مستقيم إلى الأمام، وهذا السير إلى الأمام لا يعني بالضرورة إلى الأفضل، بل غالبا –وهنا يرى الكاتب أنه دائما- العكس.


برج السوداء
يعثر بعض الباحثين على جثة مدفونة على عمق سبعة أمتار في قمة جبل، يخضعون جمجمة الجثة لبعض الاختبارات والتحاليل، ويوصلونها بالحاسب الآلي، لنبدأ قراءة أفكار ومشاعر هذه الجثة التي عاشت في الفترة من 1034-2055م!!
تستولي قافلة تجار الملح على الغلام "فارا" مقابل لوح من الملح يأخذه أبوه، وترحل القافلة حيث يقدم الكاتب وصفا أنثروبولوجيا للرحلة بما فيها من سادة وعبيد وجمال، وما يواجهونه من عقبات بيئية أو مشاكل صحية، وكيف يداوون مرضاهم بالأعشاب والتعاويذ، وكيف يحملون البضائع على ظهور الجمال، وكيف يتحركون في منخفضات الصحراء ومرتفعاتها وقد ربطوا العبيد من أعناقهم، ثم صفوا الجمال وبينها العبيد كسلسلة متصلة، ثم يصلون إلى مدينة أودافوست حيث يُعرض "فارا" في سوق العبيد، ويشتريه رجل اسمه "ازباعره" فيساعده "فارا" في تأسيس مدرسة بالمسجد لمذهب الإباضية، وفي المدرسة يتعلم "فارا" اللغة العربية، ويحفظ القرآن وتفسيره، ويعي المناظرات الكلامية والفلسفية.
يكتشف أهل أودافوست أن آبار المدينة جفت، يصلون صلاة الاستسقاء، وفي نهاية الصلاة يفاجئون برجل دميم يخطب فيهم منددا بهم لاسترقاقهم المسلمين رغم ادعائهم الإسلام، وتعاليهم، وتكالبهم على الدنيا.. يتعرف "فارا" على أمة جميلة "فاله"، ويشاركان في التحضير لثورة العبيد التي تفشل لوشاية بعضهم ببعض، ويلقيه سيده في بئر الكنيف ليعاقبه، يأتيه الرجل الدميم "إذا كنت ترفض القدر، فاهرب من البشر، والجأ إلى الصحراء، وانتظر أمر ربك". فيهرب إلى منطقة "تنين الرمال" التي يعتبرونها موطنا للجن وأن النجاة من تيهها نادر الحدوث.
في هذا القسم من الرواية نستمع إلى صرخات "فارا" المطالبة بالمساواة معلنا كراهيته المطلقة للبشر واحتقاره لهم "هذه الرمال النقية، السابحة في الضوء، كان يمكن أن تكون ذات جمال مطلق، لو لم تكن ملوثة بهذا البشر".
برج البيضاء

الروائي المورتاني موسى ولد أبنو
ينفرد "فارا" بنفسه في الصحراء، يصلي ويتعبد، وينفد ماؤه وطعامه حتى يشرف على الهلاك، تهبط سحابة تحييه بمائها، ويرى "الخضير".. يطلب "فارا" من الخضير أن يعيده إلى العدم ليكفر عن ذنب وجوده، يخبره الخضير أن هذا مستحيل، لكنه يمنحه فرصة السفر إلى المستقبل، له أن يختار محطة مستقبلية ليعيش فيها، وإذا لم تعجبه فسيختار أخرى، لكن الثانية ستكون الأخيرة وسيموت فيها.
تعثر قافلة الباحث الأثري الأوروبي "فوستباستر" وعشيقته السوداء "فاله" على "فارا" الذي يلاحظ أحوال القافلة باندهاش، لكنه لا يستطيع الإجابة عن أسئلة الباحث الأثري؛ من هو ومن أين وإلى أين؟؟ أكثر من تسعة قرون تفصل بين الزمن الذي تدور فيه أحداث "برج السوداء" وأحداث "برج البيضاء".
"فوستباستر" يبحث عن أطلال مدينة أودافوست التي اختفت تماما، في الحلم يتذكر "فارا" أودافوست ويتحدث عنها بالتفصيل، لكنه في اليقظة لا يتذكر شيئا، تصل قافلة الباحث الأثري إلى مدينة تجفجه فتجد آثار معركة بين المستعمرين والأهالي، وقد قام قائد الحصن بتعليق وجهاء المدينة ليعترفوا بمكان الثوار الذين يسميهم إرهابيين والذين قتلوا القائد السابق للحصن.. يشعر "فارا" أنه يدور في دائرة جهنمية، وأن الزمن الذي انتقل إليه ليس بأفضل من الزمن الذي هرب منه. فيهرب مرة أخرى إلى خلوة ينتظر فيها أمر ربه.


برج التبانة
ينتقل "فارا" إلى سنة 2045م، ليجد نفسه أمام مركز لتخزين النفايات السامة، وقد أصبحت البلاد ملكا لأبنائها، وحاكمها "تنفل" أحد أحفاد "فارا" و"فاله"، والذي حول البلاد إلى مقلب زبالة نووية، مقابل المكاسب التي يحصل عليها هو وحاشيته، والعاصمة هي مدينة الرياح، المآل الأخير للشر البشرى الذي أصبحت معه "الكرة الأرضية مصنفة الآن من قبل النظام العالمي مستودعا للقمامات على مستوى المجموعة الشمسية". يعمل "فارا" إجباريا في مركز النفايات السامة، ثم يهرب من المركز.
وفي مدينة "أطويل" يتعرف إلى "فاله" المغرمة بالطبيعة، والتي هربت من مدينة الرياح المجللة بالغبار المشبع بالإشعاعات النووية.. "فاله" لديها ابن منعوها من اصطحابه لأنه لم ينه دراسته الإجبارية، وعندما حاولت اختطافه مرتين وضعوها في السجن، وهي مستعدة لدفع حياتها ثمنا لإنقاذه من مدينة الرياح.
يشارك "فارا" "فاله" في عملية مقاومة لاصطياد سائقي شاحنات النفايات النووية، فيتم القبض عليهما، بعد أشهر من سجنه يعلم "فارا" أن "فاله" عادت إلى مدينة الرياح، وأنها ستتزوج الحاكم لتأمين مستقبل ابنها، ويتم الحكم على "فارا" بالإعدام في نفس المكان الذي بدأ فيه خلوته الأولى، وقد تيقن من أن نبوءة الخضير آتية لا محالة "لو واصلت السير في المستقبل، فإنك ستجد الأرض وقد أصبحت كومة رماد، والشمس وقد انطفأت".


الظلم مستمر.. والثورة أيضا
على الرغم من مقت الكاتب للظلم الإنساني، ووصفه للعبودية الصريحة، ثم الاستعمار الأجنبي، ثم استعباد الحكام المحليين لبلادهم، فإنه اضطر أن يصف الوجه الآخر من الصورة، وهو التمرد والثورة، وحتى إن لم تكتمل تلك الثورة وتؤتي ثمارها، فالعبيد حاولوا التحرر، والثوار حاول القضاء على المستعمر، وأنصار البيئة يحاولون مقاومة زرع مراكز النفايات النووية في بلادهم، فالظلم مستمر وقوي وجبار، لكن الثورة مستمرة أيضا مهما تكن وسائلها ضعيفة وأنصارها قلة، وهذا ما يمنح شعاعا من الأمل في ليل اليأس الطويل من البشرية التي لا يرجو الكاتب منها خيرا.


الضمائر واللغة
في الصفحات 7و8 والسطور الثلاثة الأخيرة من الرواية نجد صوت الراوي العليم الذي يتحدث عن كيفية العثور على الجثة، وتوصيل الجمجمة بالحاسب الآلي، ثم كيف أصبحت كل حياة "فارا" شريطا محفوظا في المكتبة العمومية بمعهد أركيولوجيا الفكر البشرى.
لكن الراوي الأساسي في الرواية هو "فارا" الذي يتحدث بضمير الأنا، وهو سارد غير عادي، لأنه سارد عليم، فهو يسرد وقائع حياته وأفكاره ومشاعره وتنقلاته عبر المكان والزمان، لكنه في الوقت نفسه ميت، والحاسوب هو الذي يقرأ كل ذلك من خلال ذاكرة جمجمته، وهذا السارد أعطى الكاتب فرصة جيدة للتغلغل في أفكار "فارا" ومشاعره، ليصفها، ويحدد منابعها، وأسبابها، ويحللها، رابطا إياها بصيرورة تاريخ الجنس البشري، الذي لم يكن أكثر من تطور أساليب الشر.
وفي الرواية سارد آخر هو "فوستباستر" الذي استخدمه الكاتب ليكتب رواية قصيرة داخل الرواية الأساسية التي يحكيها "فارا"، ليلقي الضوء على حياة "فاله" التي شاركت "فارا" جميع سفراته عبر الزمان بنفس الاسم وإن كانت بأشكال مختلفة. وهنا يستخدم السارد ضمير المخاطب.
كما استطاع الكاتب أن يلون استخداماته للغة السرد حسب مقتضيات الحال، فجاءت اللغة وصفية مباشرة عندما يقدم مشهدا واقعيا، أو يصف وقائع تهم الباحث الأنثروبولوجى والاجتماعي، وكانت لغته أقرب إلى التصوف عندما يستبطن مشاعر "فارا" في خلوته التي ينتظر فيها أمر ربه، وهي لغة ذات نَفَس فلسفي واضح عندما يعلن "فارا" رأيه في الجنس البشرى وملاحظاته عنه.


ملاحظات سردية
على الرغم من الوعي الشديد الذي كتب به المؤلف روايته فإنها لم تسلم من بعض الملاحظات التي أعتبرها غير هينة؛ فصوت الكاتب يظهر في بعض مواطن الرواية معطيا معلومات أو وصفا لا نتخيل أن الشخصية التي تتحدث تعرفها، أو تناسب ثقافتها، فهي بالأحرى نابعة من ثقافة الكاتب نفسه، كأن يشبه "فارا" نفسه بآليس في بلاد العجائب.
وعندما يقدم الكاتب "تالوثان" رئيس القافلة المتجهة إلى أودافوست في صفحتي 20 و21 تظن أنه يقدم شخصين وليس شخصا واحدا، في ارتباك سردي واضح.
الأهم من ذلك أن الكاتب يأتي بحكاية فرعية عن تالوثان لا تضيف شيئا للرواية بل تعوق سيرها (ص28 إلى ص32) ويقع الكاتب في خطأ سردي كبير؛ لأن الرواية التي نقرؤها عبر الحاسوب من ذاكرة جمجمة "فارا" لا يمكن أن يوجد فيها خط سردي لما يدور في ذهن "تالوثان".

نص المقابلة

ماهي الأسئلة الكبرى التي تطرحها الرواية في عالم اليوم؟


قبل أن أجيب على جوهر السؤال المطروح أريد في البداية الإشارة إلى مسالة مهمة ،وهي ما يقال دائما من أن الرواية جنس دخيل على الأدب العربي وعلى الثقافة العربية بشكل عام ويقال كذلك إن الكتاب الروائيون العرب بدءو كتابة هذا الجنس الأدبي محاكين في ذلك كتاب الرواية في الأدب الغربي وأنا بالنسبة لي لا أصدق هذا الطرح ولا هذا الادعاء ،وللحديث عن تجربتي الشخصية في الكتابة يمكنني أن أقول لك بأنني لم اختر الشكل الروائي الذي اكتب به كما أنني لم اكتب فن الرواية كخيار،بمعنى أنني لم انطلق من تخطيط مسبق ،ولك أقرر ذات يوم بأنني سأتحول من دارس ومدرس للفلسفة كي أصبح كاتبا روائيا ،فانا كما هو معروف متخصص في الفلسفة وخريج جامعة السربون بفرنسا،بعد ذلك تخرجت من المعهد العالي للصحافة بباريس واشتغلت في العديد من الوظائف قبل العودة إلى موريتانيا حيث عملت في مجلة "جون أفريك"ذائعة الصيت واشتغلت بعد ذلك في الأمم المتحدة وكنت اسكن بالولايات المتحدة الأمريكية وإبان تلك الفترة لم يكن لدي ابسط اهتمام بالأدب الروائي ولم أكن قد قرأت أي رواية ،لكنه في سنة 1989طلب مني زميلي وصديقي المرحوم جكانا أن أسس معه قسما للفلسفة بجامعة نواكشوط الفتية واستجابة لطلبه قبلت الدعوة وعدت إلى العاصمة نواكشوط حيث كنت اقطن في بيت متواضع بحي شعبي بمقاطعة السبخة الحالية وفي هذه الفترة بالذات كتبت رواية الحب المستحيل وربما يعتبر من المفارقة أنني كتبت في هذا الحي الشعبي حيث لا توجد محفزات كبيرة على الإبداع مقارنة بما كان متاحا لي وأنا أقطن بمدينة نيويورك فبعد العودة إلى نواكشوط إذن وجدتني اكتب رواية الحب المستحيل حيث نشرت نصها الأصلي باللغة الفرنسية سنة 1990لكن تعريبها لم يتم إلا في سنة 1994

هل تريد أن تقول بان الرواية ليست إجابة عن سؤال محدد مرتبط بمعطيات وظروف معينة؟


هذا ما حصل معي حينما كتبت روايتي الأولى حيث أن ظروف العمل في أكبر وأهم مدينة بأكبر دول العالم وأكثرها تأثيرا في العالم ،وتعدد القضايا الكبرى المطروحة ،كل ذلك لم يجعلني أكتب رواية الحب المستحيل ،لقد تم ذلك فقط في حي السبخة الشعبي،وببيت متواضع جدا، وأنا اعتبر هذه الرواية تأليفا جديدا في الزمان والمكان ،وأتذكر إنني عندما أنهيت كتابة رواية الحب المستحيل سلمتها لأحد الأصدقاء وكان آنذاك رئيس قسم الأدب الفرنسي بجامعة نواكشوط، فلما اطلع عليه أخبرني بان هذا النص يدخل في صميم الرواية الأدبية وهو الذي شجعني على نشرها ثم لجأت إلى تعريبها في ما بعد،من جهة أخرى أشير إلى أن الكاتب قد يرسم تصورا عاما للموضوع، لكنه حين يستغرق في كتابة النص يصبح هذا الأخير هو المتحكم في النهاية، بمعنى انه لا يمكن تصور ما سيقوله النص ،فمصيره يتحقق بعد كتابته وهي نفس التجربة التي خضتها في الكتابة، لكنني بعد الانتهاء من الاشتغال بالنص أعيد قراءته كقارئ وليس ككاتب.


أنت تفضل أن تقول بان رواية الحب المستحيل قد عرفت طريقها إلى القارئ العربي عن طريق التعريب ولا تقول الترجمة؟


هو في الحقيقة تعريب وليس ترجمة،فالتعريب هو إعادة كتابة العمل من جديد مع الحفاظ على روحه، فالشخوص لازالت هي نفسها وكذلك الأحداث والعقدة ،فالتعريب هو إعادة بناء للمنجز الإبداعي وتقديمه بصيغة جديدة تتواءم مع السياق التاريخي والبعد الثقافي للغة المنقول إليها النص الأدبي.


من هو الكاتب الروائي بالنسبة لك ،هل هو مبشر بقضية معينة، هل هو مصلح اجتماعي أو سياسي؟وبعبارة أخرى هل الكاتب موسى ولد ابنو يكتب الرواية من منظور فلسفي ،هل يريد التعبير عن أفكاره الفلسفية بالاتكاء على تقنية السرد؟


سبق وان سالت نفسي نفس السؤال لكنه بالصيغة التالية: لماذا اكتب الرواية؟لكنني توصلت إلى الإجابات التالية أولا أنا اكتب الرواية كفيلسوف لكن بشكل مختلف عن طريقة الفلاسفة القدماء ،ثانيا أنا اكتب الرواية لأنني وجدت أنها تدخل في صميم الوجدان العربي الإسلامي ،فالرواية ليست نمطا جديدا من الكتابة ولدينا العديد من الأمثلة على ذلك في حضارتنا العربية الإسلامية، كالرواية الفلسفية عند ابن سيناء ،ورواية حي ابن يقظان لابن طفيل ،والرواية جزء من المقومات الثقافية للحضارة العربية الإسلامية ،وهي من ناحية أخرى ليست ديوان الشرق ولا ديوان الغرب كما يقال بل ،إنها ديوان الإنسانية جمعاء ،من هنا يمكن أن أقول لك إنني بكتابتي للرواية لم أكن أصدر عن تقليد للغرب ولا أي كاتب مشرقي آخر، لكنني كنت استلهم التراث الديني الإسلامي الذي هو مرجعيتي الأولى وخصوصا النصوص القرآنية المقدسة وبالتحديد سورة الكهف"يقول جل من قائل (فاقصص عليهم القصص لعلهم يتفكرون)وقد لجأت إلى استنطاق التراث الديني وتوظيف القصص القرآني في رواية مدينة الرياح خاصة الجزء الأخير من سورة الكهف ،كما إن إشكالية معنى التاريخ كانت حاضرة بقوة في هذه الرواية إضافة إلى سؤال الوجود ،كنت أتساءل مثلا هل الإنسان يصير من سيئ إلى أسوأ،هل يصير من سيئ إلى أحسن ،هل الإنسان يصير تبعا لما يعمل في التاريخ ؟،ثم إن حكاية للازمن الموجودة في قصة أهل الكهف الواردة في القرءان هي التي جعلتني أنتج شخصية "كارا" في رواية مدينة الرياح،وأريد أن أصل إلى أن القرءان بأسلوبه القصصي أسعفني في حل معضلات تقنية كتابة الرواية ولست متأثرا بأي كاتب آخر،أما في ما يتعلق بالإجابة على الشق الأول من السؤال فأحيلك إلى رواية الحب المستحيل التي اعتبرها نقد لما آل إليه عالم التقنية ،ففي هذا النص نقد للعالم الذي غاب منه العقل وأصبح كل شيء محكوما بالتقنية الحديثة التي لا تستمع لمنطق العقل ،وقد لجأت في ذلك أيضا إلى استلهام البعد الإسلامي في القضية ،ففي الآية الأخيرة من سورة الأحزاب "إن الإنسان خلق ظلوما جهولا..."وربما نظرا لشمولية الطرح في هذه الرواية اعتبرتها رواية إنسانية، على الرغم من أن فكرتها الأولى كانت تدور حول كتابة نص موريتاني بحت ،حيث أنني تصورت شيئا ثلاثي الشكل على نمط الكؤوس الثلاثة للشاي أو الجوانب الثلاث لآلة "التيدينيت" "الكحلة،البيضة،لكنيدية".


إلى أين تتجه الرواية اليوم في ظل تقنيات الاتصال؟هل ستختفي أم سينحسر دورها مثلا؟


أنا اعتقد أن وسائل الاتصال وتطورها المتسارع من شانه أن يدعم النص التقليدي ويعطيه دفعا إلى الأمام، كما أن نفس الوسائل من ناحية أخرى تمثل تحديا كبيرا لهذا النص، لكونها أصبحت تفرز أنماطا جديدة من الكتابة الروائية تسمى" الكتابة التفاعلية" وهي الكتابة التي أصبحت تعطي الفرصة للقارئ كي يشارك في الصيغة النهائية للنص ،حيث لم يعد الكاتب هو المتحكم الوحيد في الصياغة النهاية للعمل المنجز، كأن يكتب فصلا أو فصلين ويضعهما في متناول القارئ عبر الانترنت ويضيف هذا الأخير فكرته على النص وهكذا حتى تكتمل الصورة النهاية التي تستجيب لذوق الكاتب والقارئ في نفس الوقت.


لكن هذا النمط من الكتابة يعرض النص للضعف من حيث قوة السبك وعمق الفكرة مادام متاحا لقارئ عادي أن يشترك في انجازه؟


لا اعتقد ذلك ،لان هذا النمط من العلاقات بين الكاتب والقارئ كان موجودا،وان كان التواصل بينهما هو الذي كان مفقودا،فالقارئ مثلا كان يقرأ النص رغم أن فكرة معينة أو أسلوبا معينا قد لا يعجبه ،لكنه لا يمتلك فرصة في التعبير عن ذلك.


لقد مضت حوالي ثلاث سنوات على صدور روايتكم الأخيرة حج الفجار والتي هي الجزء الأول من رواية ثلاثية، هل لنا أن نتساءل عن مصير الجزأين الأخيرين ؟


إن نية نشر الجزأين الأخيرين لا زالت موجودة،لكن الظروف العامة المحيطة بالكتابة تمتاز بالصعوبة خصوصا وأننا في موريتانيا نعيش أجواء سياسية تلقي بظلالها على كل شيء بما في ذلك الأدب الذي يحتاج أجواء هادئة إلى حد ما،لكن ما يمكنني أن اعد به هو أن الجزأين الثاني والثالث من حج الفجار قد يتم نشرهما باللغة الفرنسية قبل تعريبهما ،وأنا الآن بصدد كتابة الجزء الأخير باللغة الفرنسية تحت عنوان"mec paeenneمكة الوثنية" علما أن الجزء الأول الذي تم نشره تحت عنوان :حج الفجار"كان قد عرب عن النص الأصلي الذي كتب بالفرنسية تحت عنوان"l appel de l amie نداء الخليل"

ولماذا الكتابة باللغة الفرنسية،هل لأنكم أكثر تمكنا منها مقارنة باللغة العربية؟


أنا الجأ إلى الكتابة باللغة الفرنسية كهروب من اللغة الأم وكي أتمكن كذلك من النظر إلى اللغة العربية بموضوعية ثم إن الكتابة باللغة الفرنسية تساعدني أكثر على التحرر من القيود.


راج في الآونة الأخيرة منذ أحداث الحادي عشر من سبتمبر بالتحديد مصطلح الإرهاب وهو مصطلح إن لم يكن بالجديد لكن الصيغة التي أصبح يطرح بها مختلفة عن ما كانت تتناول به في السابق ،أين الرواية إذن من هذه الظاهرة وكيف تقيمون علاقة الرواية بالإرهاب؟


أعتقد أن رواية الحب المستحيل هي أول رواية عربية تتحدث عن الإرهاب وترفضه رغم أنها نشرت قبل انتشار ظاهرة الإرهاب التي يتحدث عنها العالم اليوم ،ففي هذه الرواية يدور نقاش بين بعض شخوصها عن ظاهرة الإرهاب ،فاحدهم يخاطب الإرهابي قائلا"إن حياة بشر واحد أفضل من كل القضايا " .


كيف تنظر إلى علاقة الكاتب الروائي بالناقد، هل أن الروائي الناجح مدين لشخص الناقد أم أن وجود مبدعين جيدين هو الذي يساهم في وجود ناقد جيد؟


وجهة نظر الناقد حول النص المنجز أساسية جدا، فالنقد الجيد ينتج مبدعين جيدين كما أن الناقد الحقيقي مبدع لنص جديد.


ما هي قراءتك للساحة الأدبية الموريتانية اليوم؟


أنا أرى أن الأدب الموريتاني يمتاز بخصوصيتين على مستوى الأدب العربي وذلك من خلال قضيتين، الأولى هي ازدواجية الكتابة باللغة العربية والفرنسية،فنحن لدينا مبدعون يكتبون باللغتين، أما الناحية الثانية هي أن الأدب الموريتاني أصبحت تنموا فيه مدرسة للخيال العلمي وهذا شيء جديد، أما أهم الروايات التي تنحوا هذا المنحى وتكتب باللغة العربية فأذكر منها على سبيل المثال محمذن بابا ولد اشفغ والمختار السالم احمد سالم أما الذين يكتبون باللغة الفرنسية فاذكر روايتين متميزتين جدا لكاتب موريتاني مقيم بتونس ثم روايتي الحب المستحيل ومدينة الرياح.


اجري الحوار: جمال محمد عمر

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:38 PM
موسى ولد ابنو الروائي الموريتاني من بلد المليون شاعر

قلائل ربما أولئك الذين يعني لهم شيئاً اسم موسى ولد ابنو، أولاً لقلة من يقرأ وثانياً لأن الاسم نفسه ينتمي إلى بلد واقع خارج الضوء هو موريتانيا التي لا يذكر اسمها إلا متصلا بمشكلة التخلف والفقر أو مشكلة الصحراء الغربية، لكن أحدا لا يعرف على سبيل المثال أن الموريتانيين في معظمهم ينظمون الشعر ويتذوقونه ويحفظونه عن ظهر قلب. وإذا كان رقم المليون محبباً إلى العرب بحيث يتحدثون عن الجزائر بوصفها بلد المليون شهيد وعن العراق بوصفها بلد المليون نخلة، فإن موريتانيا مثلما يؤكد الكثيرون هي بلد المليون شاعر بالتمام والكمال!.

الخروج عن القريض ‏
غير أن موسى ولد ابنو يطل من مكان آخر هو الرواية. وهو لا يكتفي بالخروج على القافلة اللامتناهية للقريض الموريتاني بل يخرج أيضا عن المفهوم التقليدي للرواية ضاربا بخياله الخصب شبكة العلاقات المألوفة بين الواقع وتعبيراته ومطلا على عالم تأويلي يحل فيه الرمز محل الحقيقة وتتداخل فوقه الأشياء وظلالها، الأماكن وكائناتها المصارعة، في روايته الأولى المكتوبة بلغته الأم «مدينة الرياح» فاجأ موسى ولد ابنو قراءة بذلك الخلط العجيب بين التواريخ والأزمنة والوقائع حيث استطاع أن يحول الرواية إلى فانتازيا متواصلة من الرؤى والتهيؤات.وإذا كان الكاتب المقيم في فرنسا قد أفاد إلى حد بعيد من تقنيات الرواية الغربية والأمريكية اللاتينية فإنه يبدو من جهة مأخوذاً بالينابيع السحرية لـ «ألف ليلة وليلة» ويبدو من جهة أخرى شديد الحرص على أن تكون الصحراء بسكونها وأصواتها،بعمقها واندلاع نيرانها الخصبة، الخلفية الأبرز لعوالمه الروائية.

الشأن الآخر الذي يلفت في كتابة ولد ابنو هو ثقافته الواسعة التي تفيد من الرياضيات والفلك والتاريخ وعلم الأجنة والأجناس وغيرها من العلوم والمعارف التي يحسن توظيفها داخل نصه المشوق من دون أن يرهق القارئ باستعراضات مجانية. ‏
في روايته الثانية والتي أود الحديث عنها «الحب المستحيل» يقدم ولد ابنو مرثية للجنس البشري، منطلقا من الكشوفات العلمية المذهلة التي بدأت توكل التكاثر والإنجاب إلى التخصيب الاصطناعي والأنابيب والتقنيات الحديثة لا إلى الشغف والحب ونيران الأجساد. هكذا تحولت حركات تحرير المرأة وفق الرواية، حركات دفاع عن التخصيب الأنثوي فيما حول الرجال بدورهم جميع المستشفيات ودور الحضانة مراكز لإنجاب الذكور وحدهم، كرد طبيعي على هجوم الإناث. ‏
الرومانسية البالية ‏
باتت الكرة الأرضية إذا مهددة بحرب أهلية جنسية يمكن لأحد طرفيها الفوز إذا تمكن من القضاء على الجنس الآخر وإبادته تماما. وهو ما دفع بالجنسين إلى عقد هدنة طويلة الأمد تقضي بالفصل الكامل بين الجنسين وجعل الإنجاب في عهدة بنوك التخصيب دون سواها. ‏
العلاقات الجنسية أصبحت مقننة إلى أبعد الحدود ولم تعد تتم إلا ضمن مراكز الخدمة المختلطة التي تحول الأجساد «حصالات» اللذة المحض. أما الحب فقد منع تماما واعتبر من الكبائر التي لا يجوز التساهل معها كونها تعيد البشرية إلى زمن الرومانسية البالية والد لع الأخرق غير المبرر. لهذا كان الخاضعون للخدمة المختلطة يتعرضون للفحص الدوري عن طريق أجهزة قياس المشاعر حيث كان الحاملون لبذرة العشق يفردون إفراد «البعير المعبد»، على حد تعبير طرفة بن العبد، ويوضعون في مراكز تأهيل تتم فيها معاقبهم بقسوة عن طريق انتزاع جرثومة العاطفة الشريرة من دواخلهم وتحويلهم إلى ربوتات جنسية خالصة. ‏
في هذا الجو الغريب والبالغ الإثارة يقع آدم ومانكي في الحب حتى إذا اكتشف أمرهما بوساطة الأجهزة أرسل كل منهما على حدة إلى مراكز التأهيل التي جعلت من جسديهما مسرحاً لكل أنواع التعذيب وقتل العاطفة. غير أن ذلك كله لم يجد ما دفع السلطات المعنية إلى فصل أحدهما عن الآخر في شكل نهائي لا عودة منه. وفي لحظة اليأس النهائية يشير أحد المسؤولين عن إعادة التأهيل،إلى آدم أن الوسيلة الوحيدة المتاحة أمامه ليبقى إلى جانب مانكي هو أن يغادر جنسه ويتحول إلى امرأة، عبر عملية جراحية مضمونة النتائج. لم يرفض آدم الفكرة على هولها وغرابتها فقد كان في سبيل الحب مستعدا للتحول لأي شيء. امرأة.. كرسيا.. غيمة أو غبارا. ‏
مرثية للجنس البشري ‏
هكذا تتحول الرواية إلى مرثية للجنس البشري بقدر ما تبدو كدعوة لخلاصه وإنقاذه. مع أن الرواية تحتفي بمنجزات العلم الحديث وتتصالح مع جوهره إلا أنها في المقابل صرخة مدوية في وجه تشييء البشر وتجويفهم ومكننتهم الكاملة. ‏
كأن ولد ابنو يريد أن يقول إن الصحراء ليست خارج الإنسان بل داخله وإن هدف كل أدب حقيقي هو مقاومة الجفاف والتصحر وإعادة المياه إلى مجاري العالم عبر الانتصار للحب وأهله.الحب وهو خارج الأجناس والأنواع والمفاهيم المتوارثة والأعراف، ألم يكن الكائن واحداً في البداية وقبل أن تخرج المرأة من ضلع الرجل كما يقال؟ وها هوآدم الجديد يعود إلى ضلع المرأة التي خرجت منه ويتماهيان معا فوق سطح الفردوس الجديد الذي ستتمخض عنه جهنم الثانية.

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:38 PM
موسى ولد ابنو
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة



موسى ولد ابنو( 1956 (http://www.mnaabr.com/wiki/1956), بوتليميت). كاتب وسياسي موريتاني (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%85%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%AA%D8%A7%D9%86%D9%8A%D 8%A7) تبوأ عدت مناصب مهمة حيث عمل لفترة مستشارا للرئيس السابق معاوية ولد طايع من أهم مؤلفاته:


مدينة الرياح (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%85%D8%AF%D9%8A%D9%86%D8%A9_%D8 %A7%D9%84%D8%B1%D9%8A%D8%A7%D8%AD&action=edit&redlink=1)
حج الفجار (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%AD%D8%AC_%D8%A7%D9%84%D9%81%D8 %AC%D8%A7%D8%B1&action=edit&redlink=1)
الحب المستحيل (كتاب) (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%AD%D8%A8_%D8%A7%D9 %84%D9%85%D8%B3%D8%AA%D8%AD%D9%8A%D9%84_%28%D9%83% D8%AA%D8%A7%D8%A8%29&action=edit&redlink=1)
ألا ليت الفتى حجراً

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:38 PM
موسى ولد ابنو

محزن ما هو مكتوب عن هذا الكاتب الذي يبدو عبقريا في انجازاته. واذا كان في الرواية شيء من السيرة الذاتية فيكون هذا الكاتب قد اختبر في طفولته احداث مأساوية ، وعلى الرغم من غيابه في فرنسا ثم في نيويورك بدأ يكتب فقط عندما عاد للسكن في موريتانيا في حي شعبي متواضع وهو ما ايقظ في نفسه احداث الطفولة التي كانت قد تركت جبال من الالم.

على كل حال وحتى يتوفر لنا مزيد من المعلومات سنعتبره مجهول الطفولة.

مجهول الطفولة.

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:39 PM
50- أيام الإنسان السبعة [COLOR=red]عبد الحكيم قاسم (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%8A% D9%85_%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85) مصر

أيام الإنسان السبعة

byعبد الحكيم قاسم (http://www.goodreads.com/author/show/2966488._), Abdel-Hakim Kassem (http://www.goodreads.com/author/show/614821.Abdel_Hakim_Kassem)
صدر عن دار الشروق طبعة جديدة من رائعة عبد الحكيم قاسم " أيام الإنسان السبعة " والتي تدور في القرية المصرية في جانزب لم يكتبه أحد من قبل هو حياة الدراويش، هؤلاء الفلاحون الفقراء الذين يقضون نهارهم في الحقول، وحين يأتي المساء يئوبون إلى "الحضرة" حيث الذكر والإنشاد بعد الصلاة. وحيث الحلم باليوم الذي يذهبون فيه إلى مولد السيد أحمد البدوي في طنطا. أيام الإنسا...more (http://www.goodreads.com/book/show/5942991)</SPAN>صدر عن دار الشروق طبعة جديدة من رائعة عبد الحكيم قاسم " أيام الإنسان السبعة " والتي تدور في القرية المصرية في جانب لم يكتبه أحد من قبل هو حياة الدراويش، هؤلاء الفلاحون الفقراء الذين يقضون نهارهم في الحقول، وحين يأتي المساء يئوبون إلى "الحضرة" حيث الذكر والإنشاد بعد الصلاة. وحيث الحلم باليوم الذي يذهبون فيه إلى مولد السيد أحمد البدوي في طنطا. أيام الإنسان السبعة إشارة إلى طريقة في الإدراك أهملنا تأملها لزمن طويل
==

ايام الانسان السبعة – عبد الحكيم قاسم

ايام الانسان السبعة – عبد الحكيم قاسم / ربما لو كنت قرأت هذة الرواية من فترةمعينة لظننت انها مجرد رواية ليس اكثر من ذلك و لا علاقة لها باي واقع و انما هيمحض خيال كاتب بل اعتقد انني كنت لأكراهها ظن مني ببعض المبالغات في بعض احداثها - لولا ان رأيت جزء مما ذكر بنفسي في احد المرات بمحض الصدفة
الرواية تتحدث عن "كما يطلقعليهم في احدي سطورها" الموالديه - اي محبي و زوار موالد الاولياء الصالحين و عليوجه التحديد السيد البدوي او كما عرفت من الراوية مولد السلطان كما يطلقون علية .. تري احداث الرواية بعين ابن كبيرهم الذي يبداء معنا صغير السن هذا الولد الذي يحبابيه جدا و يحب اصدقائة الدراويش و لكنة مع ذلك ناقم عليهم و علي تصرفاتهم و احياناعلي كونهم فلاحين اصلا و علي ماهية و غرض الذهاب لهذة الموالد – الامر الذي يعلنهفي احدي لحظات غضبة و يصفهم بالبهائم و بعباد الاصنام فيصب ابيه عليه اللعنات والكفر
لا اريد ان اخوض في احداث ولكن اعجبني جدا استخدامة للتعبيرات بشكل جميل و ايضا الاسلوب الذي يصف من خلالهالاشياء و الاحداث فمثلا في فصل الليلة الكبيرة و هي يوم المولد يصف الدراويش فياماكن تجمعهم و اكلهم علي حد تعبير الكاتب " طراز اصيل من القذاره" اعجبني جدا هذاالتوصيف و هذا التعبير لا ادري لماذا ؟ لعل السبب انني رأيت مشهد مماثل لذلك فيالواقع
في موضع اخر ايضا يصف حالةالغوغائية التي تعم المكان ما بين اصوات الموقد و الكلوبات و تصايحهم و ضحكهم "يضحكون في سرور حتي في صياحهم الغاضب انما هم يضحكون في هذا الزحام الغريب يروحونو يجيئون بسهولة"
اما عن الفصل الاخير من هذةالرواية فقد اتعبني كثيرا فهو جاء متفاعل مع عامل الزمن و مرور الايام جاء مليءبلحظات انكسار و التعب جاء ملىء بالرحيل و الموت جاء كثير التشويش و التخبط .. عمتسطوره الحزن بوجه عام

الرواية في مجملها جيدة جداتحميل الكثير من المعاني و التعبيرات الجميلة و تستحق القراءة

==
نبذة الناشر:
من رائعة عبد الحكيم قاسم "أيام الإنسان السبعة" والتي تدور في القرية المصرية في جانب لم يكتبه أحد من قبل هو حياة الدرويش، هؤلاء الفلاحون الفقراء الذين يقضون نهارهم في الحقول، وحين يأتي المساء يئوبون إلى "الحضرة" حيث الذكر والإنشاد بعد الصلاة. وحيث الحلم باليوم الذي يذهبون فيه إلى مولد السيد أحمد البدوي في طنطا. أيام الإنسان السبعة إشارة إلى طريقة في الإدراك أهملنا تأملها لزمن طويل.


المفارقة فى رواية أيام الإنسان السبعة


لعبد الحكيم قاسم


عتبة النص:


"حلم حياتي


كل أملي


مراكبي مشتاقة للمرافئ البعيدة"


هذه الكلمات افتتح بها عبد الحكيم قاسم عالم "أيام الإنسان السبعة" أظن أنها عتبة نصية ليس فقط لعالم الرواية بل تعد عتبة نصية لعالم الروائي نفسه
أ- كلمة: حياتي:
نلاحظ أن السيرة الذاتية للكاتب هي محور أو موضوع نصوصه وإذا كانت قد تقنعت تلك السيرة في الرواية موضوع البحث مثل تسمية البطل عبد العزيز بدلا من عبد الحكيم وتغيير أسماء الشخصيات وغيرها من الحيل الفنية فقد نزعت بعض الأقنعة في رواية مثل "محاولة للخروج" ونزعت معظمهها في رواية " قدر الغرف المقبضة"
لكن لا جدال أن تجارب الكاتب الحياتية كانت هي المدار حتى في مجموعات : الأشواق والأسى – ديوان الملحقات
فنجد القصص القصيرة تلتقط لحظات أو مشاهد جزئية تدخل ضمن الصورة الأكبر التي ظهرت في الروايات وأبزر ذلك: من مجموعة ديوان الملحقات قصة : واحد من أهل الله
وهي تنتني بلا شك لعالم " أيام الإنسان .." كما تنمتي قصص: قريتي-عشق-ليلة شتوية من "الأشواق والأسى" وإن كانت القصة الأولي "واحد من أهل الله" أبرز مثال لأن نفس الشخصية تظهر في "أيام الإنسان السبعة " بنفس الرسم والملامح واختلفت فقط تفاصيل الحدث
وبعيدا عن الاستطراد في التدليل على فكرة سيطرة السيرة الذاتية على أغلب أعمال الكاتب نتابع
ب- مراكبي تهفو للمرافئ البعيدة:
هذه اللغة الشاعرية التي يعبر بها الناثر عن أزمته تدخل بنا مباشرة للمفارقة الكبرى في نص"أيام الإنسان السبعة"
ما أسميته المفارقة الكبرى أقصد به :
تلك المسافة بين الفرد بأحلامه وتطلعاته


وبين العالم بممكناته ومستحيلاته
تلك المسافة نتجت عن وعي مفرط بالذات
ولذلك تم بناء النص اعتمادا على مفارقة :
النظرة الأولي للأشياء قبل إدراكها
النظرة الأخرى بعد إدراكها وتفسيرها
تلك النظرة الأخرى التي تضفي أحيانا أبعادا أكبر على أفعال بسيطة
ولنبدأ في التطبيق بدلا من الكلام النظرى
1- مفارقة المكان : [/COLOR
نجد أن المفارقة تقع بين مكانين أساسين بل وحيدين هما كل العالم :
القرية في مقابل المدينة ( طنطا)
المكان الأول القرية: تفاصيله التي طرحها الكاتب ربما بإسهاب اتخذ شكل إنثربولوجي
خاصة في فصل الخبيز وإبراز ذلك الطقس بكل تفاصيله وبثراء غير عاجي في عملية العجين واختماره وتجهيز الفرن وأمهر البنات أو النساء في ذلك اليوم ..
هذا المكان "القرية" له شخوصه المحددين بالاسم والملامح والإيقاع الهادئ الرتيب أحيانا مثل فصل : الحضرة
ب- طنطا:
المكان الثاني النقيض أو الضد حيث الصخب والضوضاء والإبهار والزحام وشخوص غير محددين أو معروفين بالاسم دون إبراز ملامحهم الداخلية لأن البطل تعرف على سلوكهم في مواقف محددة عكس شخوص القرية وبالطبع الإيقاع سريع جدا وأبرزها فصل الليلة الكبيرة
والذكاء كان في أن الكاتب جعل النقلة الزمنية في فصل الليلة الكبيرة من عبد العزيز الصبي للشاب
فسحر جو وأحداث الموالد ونظرة الانبهار للعالم الغني بتفاصيل لا يراها البطل إلا مرة كل عام أفضل توقيت لتلك النقلة
2- مفارقة الزمن:
الزمن الأول: زمن الصبا
واليقين والاستمتاع بالأشياء حتى وإن استعصى بعضها على الفهم وزمن المغامرات الصغيرة والحب البريء
مثل تجربة صباح ومحاولة ممارسة الجنس الفاشلة في فصل الخبيز وحب البطل عبد العزيز لسميرة
الزمن الثاني : زمن الشباب
ودخول جمرة المعرفة والشك فيما كانت بديهيات مثل: قدرة الأولياء وزيارتهم
واكتشاف صغر وضآلة العالم القديم "القرية" بمفرداته وأيضا برجاله حيث يكتشف حجك سخرية أهل طنطا من رموز قريته وأولهم الأب
هذا الاكتشاف أشبه بالصدمة
(زوارك يا سيد كل نطع وأخوه)
هذه رؤية شباب طنطا لزوار السلطان ويعلق عبد العزيز(هو يحب المدينة فلماذا تكره آله)
ووضع الزمن الأول فى مواجهة الزمن الثاني
هو لب المفارقة القائمة عليها الرواية
3- مفارقة الشخصية:
الرواية تتعرض بشكل أساسي على مفارقة داخلية تقوم داخل نفس عبد العزيز حيث يدور صراع إيجابي حيث يدور السؤال والتفكير ومحاولة الفعل لتغيير الواقع ..
لم يحدث التغيير بعنف فالشخصية بطبيعتها ليست متمردة تأخذ تصرفا ثوريا خارجيا لكن طبيعة الشخصية أن تمردها وثورتها تعتمل داخلها دائما وهو ما يجعل المسألة أعقد والأزمة أشد..
فالمواجهة الوحيدة مع الأهل أحدثت لهم صدمة عندما اكتشفوا أنه تغير ورغم اعتذاره أو بالتحديد صمته وعدم تكرار المحاولة لكن ذلك لم يمنع الفجوة والجفاء بين عبد العزيز وأهله
4- صانع المفارقة:
(طول عمر عبد العزيز وهو يحب .....)
هذا السطر الأول من الرواية يطرح أن الكاتب اختار ضمير الغائب حيث يحكي عن الشخصية الرئيسية ..
ونجد هيمنة للراوي السارد
والموقع الأحادي للحكم على أحداث وشخصيات الرواية ..
والعلاقة بين الكاتب والشخصية علاقة "تضامن" ونشرح ذلك
من اللحظة الأولي يتبنى الكاتب رؤية الشخصية الرئيسية
وإلى نهاية الرواية لا نجد زاوية أخرى لشخصية أخرى لا للتأييد أو للنفي..
والحكم على كل شيء حتى على الذات وبالتحديد على الذات يتم دائما من خلال عبد العزيز...
لكن لماذا لم يتم الكتابة بضمير المتكلم؟
أظن أن فكرة الانتقال من السيرة الذاتية للرواية هي السبب حيث جاء ذكاء عبد الحكيم قاسم فى الاستفادة من امكانات الرواية كجنس أدبي..
حيث ينزع ذاته ويطرحها كموضوع للبحث ..
ولضمان الموضوعية " دراميا" كتبها كمن يحكي عن آخر
المهم:
أن صانع المفارقة اتسم بالقدرة على التقاط التفاصيل وأبرزها-فصل الخبيز-
واتسم بالموضوعية والتجرد
وخاصة بعد زيادة الوعي
ولنلاحظ نبرة المقارنة بين طنطا والقرية
وبين بنات طنطا وسميرة
واتسم أيضا بالتعاطف مع الضحية عبد العزيز
هنا هو ضحية في هذا العالم
حيث ضاع من عبد العزيز يقين الصبا
وأصبح كل حلمه أن تصل مراكبه للمرافئ البعيدة
أشرف نصر

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:39 PM
عبد الحكيم قاسم
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة



يعتبر عبد الحكيم قاسم (١٩٣4-١٩٩٠) إحدى العلامات البارزة في الأدب المصري (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%AF%D8%A8_%D8 %A7%D9%84%D9%85%D8%B5%D8%B1%D9%8A&action=edit&redlink=1) في الثلاثين عاما الأخيرة. ولد بقرية البندرة قرب طنطا (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B7%D9%86%D8%B7%D8%A7). انتقل في منتصف الخمسينات (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AE%D9%85%D8%B3%D9%8A%D9%86%D8%A7%D 8%AA) إلى القاهرة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9) وبدأ الكتابة الأدبية في منتصف الستينات (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%AA%D9%8A%D9%86%D8%A7%D8%AA) حينما سجن (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%B3%D8%AC%D9%86) لمدة أربع سنوات لانتمائه لتنظيم يساري (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D8%AA%D9%86%D8%B8%D9%8A%D9%85_%D9 %8A%D8%B3%D8%A7%D8%B1%D9%8A&action=edit&redlink=1). عاش في المنفى ببرلين (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A8%D8%B1%D9%84%D9%8A%D9%86) من عام ١٩74 (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%A1%D9%A974&action=edit&redlink=1) إلى عام ١٩٨5 (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=%D9%A1%D9%A9%D9%A85&action=edit&redlink=1) لاختلافه مع النظام ثم رجع إلى القاهرة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9) حيث توفي عام ١٩٩٠. له خمس روايات، وأربع روايات قصيرة، وخمس مجموعات قصصية ومسرحية.

==

عبد الحكيم قاسم


يعتبر القاص والروائي المصري عبدالحكيم قاسم (حكم.. كما يسميه اصدقاؤه ) من العلامات البارزة في الكتابة القصصية والروائية العربية، وينتمي لموجة الحساسية الجديدة بتوصيف ادوار الخراط والتي كان جيل الستينات الكبير بكل رموزه الفكرية و زخمه وحيويته وثوريته وعراكه الثقافي والايديولوجي والسياسي اهم افرازات ومميزات هذه الحقبة التاريخية ، و لانكاد نذكر هذا الجيل دون ذكر اسماء عبد الحكيم قاسم و صنع الله ابراهيم وابراهيم اصلان ومحمود الورداني وابراهيم عبد المجيد وعبد القادر القط وجمال الغيطاني وعبده جبير ومجيد طوبيا ومحمد مستجاب ويحيى الطاهر عبد الله واحمد هاشم الشريف وبهاء طاهر ومحمد البساطي وصبري موسى ويوسف القعيد وغيرهم من من يمثلون بحق نواة هذا الجيل الكبير بما للكلمة من معنى، و الذي حمل هم وطن مزقه الفقر والتخلف وشتته القمع ورسم بحق ملامح مجتمع في مفترق الطرق ودافع عن مكاسبه بما اوتي من صلابة راي وصدق مواقف


ولد المبدع عبد الحكيم قاسم بقرية البندرة قرب طنطا سنة 1934 انتقل في منتصف الخمسينات إلى القاهرة وبدأ الكتابة الأدبية في منتصف الستينات حينما سجن لمدة أربع سنوات لانتمائه ل تنظيم يساري . عاش في المنفى ببرلين من عام 1974 إلى عام 1985 لاختلافه مع النظام ثم رجع إلى القاهرة حيث توفي عام 1990.


يقول عنه صديقه محمد شعير
( كان الروائي المصري الراحل عبدالحكيم قاسم قد سافر في بداية السبعينيات إلى ألمانيا بهدف المشاركة في إحدى الندوات عن الأدب العربي، وبدلا من أن يظل أسبوعا، كما كان مقررا، امتدت رحلته أكثر من خمسة عشر عاما. عندما وصل إلى هناك قرر البقاء للدراسة، وأعد بالفعل أطروحة حول "جيل الستينيات في الأدب المصري" ولكنه لم يناقشها، وعمل أيضاً في المساء حارسا ليليا لأحد القصور. احساس قاسم بالفراغ والوحدة جعله يمضي وقته بالكتابة، هناك كتب كل أعماله الروائية والقصصية باستثناء "أيام الإنسان السبعة"، و"محاولة للخروج"... )

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:39 PM
الروائي المصري الراحل عبد الحكيم قاسم



شاكر فريد حسن (http://www.ahewar.org/search/search.asp?U=1&Q=%D4%C7%DF%D1+%DD%D1%ED%CF+%CD%D3%E4)
الحوار المتمدن - العدد: 3124 - 2010 / 9 / 14 - 23:27 (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=229043#)


عبد الحكيم قاسم من أبرز الكتاب المصريين في المرحلة الناصرية. قضى في السجن عدة سنوات بسبب افكاره ومواقفه وارائه السياسية والفكرية،وداهمه الشلل وهو يعد اطروحته في الأدب .
سافر عبد الحكيم في بداية السبعينات الى المانيا الديمقراطية وعاش فيها عشر سنوات ،ألف خلالها عدد من المجموعات القصصية. وفي الثمانينات عاد الى وطنه الأم وامضى أيامه في القاهرة ،فكان يشارك في النشاطات الثقافية ويكتب زاوية اسبوعية في صحيفة "الشعب".
كان عبد الحكيم انساناً اشتراكياً ومناضلاً في سبيل الحرية والدفاع عن الحقوق الديمقراطية.ومن اخصب أيامه تلك التي قضاها في أقبية السجون .. وعن ذلك كتب يقول:"تعلمت وأنا داخل السجن حقيقتي كانسان لأنني تأملتها طويلاً حتى انه لم يتح لي فرصة أن أتأملها بهذا التوسع والعمق إلا من خلال السجن،ولولا السجن لما كنت توصلت الى الرؤية الخاصة التي امتلكها. فالسجن ثقافة أخرى،وربما بدونه ما كنت أصبحت عبد الحكيم قاسم الأديب،ففيه كتبت أعمالي الأولى من رواية ومجموعة قصصية ".
وكانت الرواية الأولى التي كتبها عبد الحكيم قد أثارت انتباه النقاد والقراء في مصر والعالم العربي ،وأحدثت في حينه ضجة ونقاشاً ساخناً في الحياة الأدبية والثقافية بسبب موضوعها وأسلوبها وصياغتها. وهذه الرواية تناولت تفاصيل الحياة اليومية للانسان البسيط العادي في الريف المصري.
ومن أبرز ابداعات الراحل عبد الحكيم قاسم التي اغتنت بها المكتبة العربية :"محاولة للخروج"و"أيام الانسان السبعة"و"دفترالاحوال"و"المهدي"و"قدر الغرف المقبضة".
وفي التسعينات من القرن الماضي رحل عبد الحكيم عن عمر ناهز الخامسة والخمسين.
عبد الحكيم قاسم مبدع وقصاص مميز وروائي حقيقي وواقعي لم يعش في الأبراج العاجية ،وبقي في الظل بعيداً عن الأضواء والنجومية،وقد عكست رواياته وقصصه الواقع الحياتي للطبقات الشعبية المسحوقة المتعطشة والظامئة للحياة والفرح والسعادة، وتشدنا لغته الجميلة وكلماته المهذبة.

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:39 PM
عبد الحكيم قاســم
[ قصة لم تكتمل ]
بقلم
محمد عبد الله الهادي
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــ
( وكنت أخاله دوماً كخفير غير نظامي للقرية ، خفير : سلاح قلمه وقلمه سلاحه ، تدب قدماه ـ ليل .. نهار ـ أرض الحارات والباحات والدور والمصاطب والغيطان والأسواق والموالد ، فيكتب بعشق نادر ـ يقرب لحد الهوس ـ عن الناس والأرض . إنه " عبد الحكيم قاسم " ، الذي بدا لي أحياناً كقروي ساذج ، حسن الظن بالقادرين علي الفعل ، فيسطر لهم العرائض والشكاوى ، لكن قريته ، محبوبته ، كانت تنتهك منه بعنف وبلا هوادة ، وتتخلى عن عهد البراءة والصبا الأول ، وفي تلك الفترة التي سرقته منها المدن ، كانت قريته تتعرى وتلطخ وجهها بالأصباغ ، لكنه ظلَّ مخلصاً لها ، قادراً علي فعل الكتابة ، وعندما داهمه المرض اللعين لم يتوقف ، وإن فقدت كلماته فرحة الاكتشاف الأول ولذته المستحيلة ، كان تائهاً ما بين ميادين المدن وشوارعها الوحشية ويتعمد الفرار ، لأنه كان يراها علي البعد قرية مستباحة ..
فوداعاً " عبد الحكيم " ، لقد انتهى رصيدك من أيام الدنيا ، ما بين يناير 1935 م ونوفمبر 1990 م وبدأت أيامك الأولى في الآخرة ، فاحك لنا ـ بحق الله ـ طرفاً من طرف الآخرة .. وهانحن نسمع بآذان مصغية )
كنت قد كتبت هذه الكلمات في رثائه تحت عنوان " العاشق الذي رحل "(1) بعد رحيله المفاجئ صبيحة الثلاثاء 13 نوفمبر 1990 م في محاولة لقهر الحزن ، ذلك الحزن الذي خيم علي نفس كل من قرأ إبداع " قاسم " وعرف قدره .

ولد " عبد الحكيم قاسم " في أول يناير 1935 م في قرية البندرة مركز السنطة بمحافظة الغربية ، لكنه كان يعتقد أنه وُلد قبل هذا التاريخ بحوالي عام ، وأنه لم يسجل في دفتر المواليد في حينه علي عادة أهل القرى ، وفي كلية الحقوق التي حصل منها علي الليسانس عام 1946 م كتب أول قصة له بعنوان " العصا الصغيرة " عام 1957 م واشترك بها في مسابقة نادي القصة ولكنها رفضت ، لكن مشروعه الإبداعي الحقيقي بدأ برواية " أيام الإنسان السبعة " مروراً فيما بعد بأعماله الآتية : محاولة للخروج ـ قدر الغرف المقبضة ـ سطور من دفتر الأحوال ـ الأخت لأب ـ المهدي ـ الأشواق والأسى ـ طرف من خبر الآخرة ـ الظنون والرؤى ـ الهجرة إلي غير المألوف ـ ديوان الملحقات . ومسرحيته الوحيدة " ليل وفانوس ورجال " ، بالإضافة لأعماله التي مازالت مخطوطة أو نُشر بعض فصولها مثل رواية " عن كفر سيدي سليم " و " غريبان في الإسكندرية " وكتاب " مقهى وأحاديث " وبعض القصص القصيرة وغيرها ، وشاء القدر برحيله المفاجئ ألاَّ يكتمل هذا المشروع ، فبدت حياته التي امتزجت في قصصه كحكاية سطر بدايتها ولم يقدر لها أن تمضي في طريقها للنهاية .
* * *
يقول " عبد الحكيم قاسم " في إهدائه لقصته " المهدي " :
" ابنتي إيزيس .. ابني أمير .. أرجو أن تعيشا مصراً أحسن من تلك التي عاشها أبوكما وأن تذكراني " .
وإذا تأملنا الحياة القصيرة التي عاشها " قاسم " سنجدها مفعمة بإبداع عظيم له تميزه الخاص ، لقد ظل قارئ " عبد الحكيم " مع كل عمل جديد ينشر له ينتابه شعور بأنه لم يقل كل ما عنده ، وأن جعبة هذا المبدع ما زالت تخبئ الكثير ، تحالف المرض الذي داهمه في أخريات حياته مع ظروف حياتية لم تكن ميسرة في كثير من الأحيان .. تحالفا ضده ، ووقفا حائلاً دون رغبته في البوح بكل ما لديه .

عندما عاد من ألمانيا بعد عشر سنوات قضاها هناك ، سأله الأديب " فؤاد حجازي " عن طموحاته في المستقبل فقال : " أن أبني داراً في بلدنا المندرة .. داراً قدامها مصطبة وجميزة وزير .. وأن يكون في داري شاي وسكر لضيوفي .. وشباك بحري أجلس قبالته وأكتب " (2) ، وأظنه كان صادقاً كل الصدق في رغبته هذه ، رغبة الفلاح القراري في العودة لجذوره وأصوله ، لقد تشتت جهده ما بين أطروحته عن جيل الستينيات ، وما يتطلبه هذا العمل الأكاديمي من جهد وبحث وما بين قدرته علي الإبداع والتفرغ له ، وظل السؤال المحير : لماذا يتفرغ مبدع مثله ، وطوال هذه المدة لدراسة هذا الأمر؟! ، دراسة يمكن أن يتكفل بها آخرون ، وهنا في مصر ، وربما بصورة أفضل .. هل هي " محاولة للخروج " ـ وهانحن نستعير عنوان روايته ـ تلك المحاولة التي فعلها آخرون من قبل ؟ ، هؤلاء الكتَّاب الذين تاقت نفوسهم للهجرة صوب الشمال حيث حضارة الغرب بكل ما تعني ؟ .
كتابات عبد الحكيم قاسم تدور حول محور القرية : قريته " البندرة " التي كتبها بخصوصية شديدة في المذاق والطعم والنكهة إذا جاز لنا هذا التعبير ، ومن خلال إبداع عام لجيل الستينيات المتميز ، الذي تخصص بعض أفراد كتيبته في تناول القرية المصرية ، كتب قريته بتنوع وثراء ، وظل له ـ بينهم ـ صوته الخاص كماركة مسجلة تقترن باسمه ، صوت ملم بدقائق أمور القرية وأطوارها وحيواتها المختلفة ، وربما تأتى له ذلك لكونه يكتب بحب نادر عمن عرفهم من أهله وناسه . وكان عبد الحكيم أيضاً ـ في كل أعماله ـ مولعاً باللغة التي كان ينحت منها جملاً رصينة وجميلة في آن ، كلمات ينتقيها من المعجم تبدو عامية ولكنها فصيحة . ولكنه كان حريصاً في الوقت نفسه ألاَّ يسمح لجماليات اللغة التي عشقها أن تسطو منه علي المضمون فتهمشه أو ترهله أو تنفيه أو تبعده عن موقعه الذي يريده له وهو موقع القص ، ولم يلجأ للغموض أو الرمز ، ولم تغره محاولات التجديد التي من شأنها أن تفصم عُرى التزاوج الشرعي ما بين الشكل والمضمون .
كان المرض قد نال منه كما ذكرنا ، وعندما أفاق قليلاً من وطأته واستطاع العودة لقلمه ، كتب عدَّة قصص متفرقة ، نشر بعضها في مجلة الهلال ، قصص قصيرة ربما لا تزيد الواحدة منها عن صفحة أو صفحتين ، بدا من خلالها وكأنه يحاول باستماتة الإمساك بأشياء تفر منه رغم أنفه ، وكأنما كان يبكي أسى علي أشيائه الحميمة التي تنتزع منه بلا هوادة ، وقد جُمعت هذه القصص فيما بعد في مجموعته " ديوان الملحقات " .

كانت القرية التقليدية القديمة ، قرية الثلاثينيات والأربعينيات والخمسينيات تتغير ، لم تعد أليفة كما كانت ، صدمة التغيير التي اصطدم بها كل الكتَّاب ذوي الأصول الريفية ومنهم عبد الحكيم ، حتى أن واحداً منهم هو صديقه " سعيد الكفراوي" قال ذات مرَّة : " إن القرية التي نكتب عنها لم تعد موجودة .. إننا فاشلون " .
* * *
لم يأخذ" عبد الحكيم قاسم " حقه من التكريم في حياته ، وأعتقد أن الأدب لم يجلب له سوى المتاعب ، ولم يوفر له حياة لائقة كان يستحقها هو وأبناء جيله ، يقول ساخراً في لقاء معه : " أنا حتى الآن كل ما حصلت عليه من أجر الكتابة لا يساوي ثمن جوز جزمة ومديون في ألمانيا " ، كان يكتب في أخريات أيامه زاوية أسبوعية بعنوان " قراءات ومشاهدات " في صحيفة الشعب لسان حال حزب العمل ، وكتب فيما يكتب عن أبناء جيله ، جيل الستينيات ،كتب موضوعات أثارت البعض وألبت عليه مشاعر الآخرين ، لكنني أعتقد أنه لم يكن يرمي إلي ما يقوله صراحة ، بقدر ما كان يلقي بأحجاره في البحيرة الراكدة في البحيرة الراكدة علها تنشر دوامات من الجدل والنقاش، يقول : " أمَّا عن جيل الستينيات فقد كنت متحمساً جداً لهذا الجيل ، وكتبت عنهم بحماس شديد ، لكني بدأت في الفترة الأخيرة أسخط علي هذا الجيل وأريد أن أهاجمهم ، وأنني أرى بعد قراءة مدققة كثيراً من الفشل الرهيب في أعمالهم وأود أن أكشف هذا الفشل للناس "(3) ، وقال في مرَّة أخرى : " أدباء الستينيات خزنوا الأدب في بلاليص الجبن القديم ووضعوه علي سطح قهوة ريش وحولوه لشيء قميء جـدا ً"(4) ، وقال أيضاً : " أتساءل لمن يكتب هؤلاء ؟ ، إنهم يشربون البيرة طوال الليل وينامون طوال النهار ، إنهم منعزلون عن الحياة والمجتمع ، عليهم أن يبتعدوا عن القاهرة وأن يعيشوا في العـزب والكفور ، وأن يتفرجوا علي الناس وأن يعايشوهم "(5) . وعلي جانب آخر ربما أوحتْ له أطروحته التي كان يعدها في ألمانيا ببعض الآراء عن أدباء الستينيات وإنتاجهم وموقفهم من السلطة ، كان قد تقدم بها لمعهد الدراسات الإسلامية في برلين الغربية ، وعن تفسيره لموقف أدباء الستينيات من السلطة يقول : " لا أقصد طبعاً الموقف الفعلي المادي ولكن الموقف حينما يتحول الأدب إلي محتوى للأفكار السياسية التي لا يمكن أن تقال بأسلوب آخر ، ويظهر هذا الموقف من خلال الأدب علي أكثر من مستوى ، مثلاً حينما كانت لغة الثورة في هذا الوقت دعائية ورنَّانة كان أدباء الستينيات يكتبون ويستعملون لغة رصينة بعيدة عن المبالغة ، وفي الوقت التي كانت الثورة تتحدث عن الانتصارات كان الكتَّاب يتناولون الأشياء بشكل واقعي مجرد وبسيط ، أيضاً أدباء الستينيات لم يتحدثوا عن الجوع لأنه لم يكن هناك جوع حقيقي ، الثورة قدمت شخصية المتفائل ، حتى المعارضة لها لك تكن صارخة ومجلجلة ، ولكنها تأخذ صورة الجدل مع شخصية الأب ، شخصية عبد الناصر ، ولذلك نجد شخصية الأب هي المفتاح في أدب الستينيات وعند أدبائها "(6) . ولم يتمكن عبد الحكيم كما ذكرنا من إتمام رسالته ، وعاد إلي مصر بمبرر غير مقنع :
" لقد قطعت شوطاً طويلاً في هذه الرسالة ، وكنت موشكاً علي الانتهاء منها ، لكني فوجئت بابنتي تقول : إمَّا أن أذهب الآن إلي مصر وإمَّا لن أكون مصرية بعد اليوم فقد بدأت أحب ألمانيا "(7) .
* * *
كان قد بدأ يطرق أبواب النشر ، فنشر قصته الأولى " الصندوق" في الآداب البيروتية عام 1964 م ، لكن روايته الأولى " أيام الإنسان السبعة " (8) والتي نُشرت عام 1968 م كانت عملاً مميزاً وفريداً في أدبنا العربي ، قال عنها صلاح عبد الصبور عندما قرأها : " أحسن كتاب قرأته في الخمس سنوات الماضية " ، وقال عنها " عبد المحسن طه بدر " : " إنها رواية تقدم لنا في جملتها رؤية متكاملة للقرية المصرية ، رؤية يلتحم فيها الذات والموضوع " . هذا ويعتقد عبد الحكيم قاسم أن شهرة هذه الرواية ترجع إلي حظها في أنها أولى رواياته التي نُشرت ، وأنه لو نُشرت له أية رواية أخرى مثل " محاولة للخروج " أو " قدر الغرف المقبضة " لكان قد تحقق لها نفس الشيء ، لقد كتبتها بحب شديد لشخوصها من الريف ، وقد عبرت بصدق عن هموم الفلاَّح ، ولقد ظلَّت شهرتها مع هذا تؤرقه ككاتب ، فهو يقول في موضع آخر : " أنا كتبت غيرها وأكتب غيرها وسأكتب غيرها ، فأنا في سباق مع أيام الإنسان السبعة حتى أكتب رواية تهزمها " . تنسج الرواية قصة الزيارة السنوية التي تقوم بها قريته لضريح سيدي أحمد البدوي في طنطا ، وتتناول عالم هذه القرية بكل دقائقه وتفاصيله وأسراره من خلال رؤية عميقة ، ورغم احتفال الرواية بهذه التفاصيل التي تبدو تقريرية تدنو من أرض الواقع ، إلاَّ أنها واقعية ذات نسيج خاص يتطلبه العمل الفني الذي كُتب بطريقة غنائية أقرب إلي الوجد ، يحوم حول الواقع ويعود إليه بقدر ما يتطلب العمل ، يقول عبد الحكيم : " كتبت رواية أيام الإنسان السبعة في السجن .. ثم كتبتها بعد ذلك ثلاث مرَّات حتى خرجت بالشكل الذي نُشرت به في عام 1968م "(9)
* * *
أمَّا روايته " محاولة للخروج " (10) يشير غلافها في محاولة للتعريف بها أنها محاولة للخروج من الوطن تنتهي بمزيد من الدخول فيه . الرواية هي محاولة للتعرف علي الآخر القادم من الغرب : الفتاة السويسرية " إلزبث " التي قدمت لزيارة مصر مع فوج سياحي ، وتنشأ العلاقة ، تلك العلاقة التي عزف علي وترها من قبل آخرون : الطهطاوي وطه حسين وتوفيق الحكيم وإدريس وحقي والطيب صالح وغيرهم ، وفي مواجهة الآخر يعري عبد الحكيم قاسم مظاهر القبح والدمامة والرثاثة والفقر في الوطن ، يتحدث ـ مثلاً ـ عن صف الغرف علي السطح تحت الشمس حيث يقيم بطل القصة ، يتحدث عن البيوت الفقيرة : " كم هي فقيرة وقذرة هذه البيوت ، هؤلاء الناس الذين يحدقون أعين متسعة تقتحم خصوصية الآخرين : سائق التاكسي وصبي المراكبي وموظف البرج ، إنه لا يتوقف كثيراً أمام مشاهد الحضارة المصرية القديمة ، وما تمثله من عظمة تستدعي وجود الآخر وانبهاره ، هو يتناولها بلغة حيادية وصفية كأنما الحاضر لديه منقطع الصلة بالماضي ، وهاهي حيواته وتجاربه وذكرياته وقريته وأسرته والأب والأصدقاء من الدراويش وناس المدينة ، هاهو يستدعيهم في خطوط تتوازى أو تتقاطع وتقفز كل حين أثناء تجواله وصحبته لـ " إلزبث " .
هل الرواية تجدد العزف علي وتر التلاقي بين حضارتين : حضارة آنية وفتية ومسيطرة وقادرة في مواجهة أخرى تسترجع صورها من التاريخ ؟ ، الأمر لا يبدو هكذا برمته ، تسأله " إلزبث " : " لماذا تبقى في هذا البلد ؟ " ، ويجيبها : " إنها بلدي يا إلزبث " .
وتظل النظرة الروائية للآخر في العمل محيرة ، فلا الفقر قرين التعاسة في معظم الأحوال ، هاهو يصحب " إلزبث " إلي قريته ومجتمعه الذي ينشد البساطة الأثرة ، يرى سعادته في تلك الأشياء البسيطة : الترع والمساقي والخضرة وبيوت الطين وأكوام القش وقعدات السهر وشاي العصاري وارتياد المساجد ومجامعة الزوجات ومجاملات الأهل .
تلك الحياة الثرية بالتفاصيل المحببة والمرهقة لنفس الراوي في آن ، لا يعادلها لديه أية صورة من حياة أخرى مترفة بالمدينة بالنسبة لفلاَّح قراري ، ربما هو التطلع والتشوف لآفاق أفضل لبني جلدته .
* * *
" مازالت كلمات أبيه تعاوده بين آن وآن :
هذه الدار ريحها ثقيل .. " .
هكذا يقول " عبد العزيز " في رواية " قدر الغرف المقبضة " (11) في بداية روايته عن الغرف التي تلازمه كالقدر مع نمو وتوالي سنوات عمره ، تقبض علي روحه وتكبل جسده وهو مازال طفلاً في القرية ، ثم وهو ينتقل للمدن الصغيرة أو الكبيرة : ميت غمر وطنطا والإسكندرية والقاهرة وبرلين ، عشرات الأماكن الملآنة بالتفاصيل التي تبرز القبح والتشوه والروائح الكريهة ، تتشوه حياة الناس وتعـذب أبدانهم في سعيها الطبيعي لإشباع حاجاتها الفسيولوجية ، تتشوه النفوس فلا تظل سوية ، وتفرز ذواتهم أسوأ ما فيها من عدوانية وشذوذ وابتزاز وحقـد .
إنها الغرف المقبضة في البيت والمدرسة والجامعة والمسجد والزنزانة ، الغرف التي تمد مخالبها علي ساكنيها وتجعل حلم الفكاك من قدرها أمراً بعيد المنال ، وتظل الغرف الأخرى المريحة والنظيفة علي الجانب الآخر قليلة ، متفردة ، غريبة ، تنظر إليه باستعلاء مزدري ، هكذا يكتب عبد الحليم عنها بلغة بسيطة تناسب المعنى المقصود ، كأنه يرسم الصورة بأقل الكلمات وأكثرها وضوحاً ، لتتحدث الصورة عن نفسها بلا " رتوش " ، وتبدو في كثير من المواضع لغة محايدة وجافة تنصب علي الغرف وقدرها الكابوسي ، لتتوارى كثير من الأحداث التي تثير فضولنا وتساؤلنا : لماذا انخرط عبد العزيز في عمل ثوري قاده إلي الزنزانة ؟، من هم الذين تكتم ولم يفصح عنهم ممن كانوا معه ؟ ، وما هي ماهية العلاقة بينه وبين متغيرات المجتمع المصاحب للمد الثوري لثورة يوليو 1952 م ؟ ، لماذا هذه الديمومة في سكنى الغرف المقبضة ؟ ، هل كتب عبد الحكيم جزءاً من سيرته الذاتية مستخدماً الحيلة الروائية ، فحتم ذلك عليه عدم البوح بما يجب أن يفصح عنه إيثاراً لطبيعته الشرقية ، متجاهلاً ما وصل إليه الغربيون من صدق في سرد ذواتهم وتعرية نفوسهم بلا خجل ، كما تساءل أحد النقاد ؟ .. ربما .
* * *
في رواية " الأخت لأب " نفس العالم الأثير بالنسبة لقاسم : القرية ، لكننا هذه المرَّة مع مع هذا الطفل الوحيد " شوكت " في محاولاته الدءوبة للدخول لعالم أسرته لأبيه حاملاً علي كتفيه وطأة غرابة الاسم وبياض البشرة ونعومة الشعر وعائلة أمه التي ترتدي ملابس أخرى وتتحدث بلغة أخرى في مواجهة مسميات القرية وسحن ناسها الملوحة بالشمس ، وأهلها وهم يفلحون الأرض ولا يملكون من حطام الدنيا إلاَّ عافية البدن ، يبغضون أمه الغريبة عنهم ، تتعثر محاولاته في هزال بدنه ، والأب الغائب في معظم الأحوال . يتوقف حائراً أمام مظاهر النفور البادية من أخوته لأبيه والأعمام وزوجاتهم ، يحاول ويقترب من أخته لأبيه " مبروكة " ، ينتظر عودتها من الحقل ليلعب معها محاولاً الدخول لعالمها ، تدفعه في لعبة " العريس والعروسة " مع " عفت " الجميلة للاندماج في دوره والوصول لنهاية اللعبة ، يحزن ، ويتنامى الحزن في نقاط كثيرة من الرواية بأحداث متتالية علي القلب الطفلي .
أمَّا في " سطور من دفتر الأحوال " نجد أحوال القرية دوما علي مر الأجيال والعصور : فلاَّحين مقهورين ، معذبين ، مغروسين في طين الأرض ، أمَّا السادة فهم دوما السادة ، يأتون في حللهم النظيفة من العواصم والبنادر ، نقرأ ما بين السطور عن بيوت الطين والمساجد والمحاكم ونقاط الشرطة ، نقرأ ما بين السطور أيضاً عن قوة النفوس في مواجهة البطش والقسوة .
* * *
في رواية " المهدي " (12) يغوص عبد الحكيم بقلمه في عالم الجماعات الدينية ، ذلك العالم الشائك ، نحن معه بين مجموعة من شباب الإخوان المسلمين في القرية ، جماعة تدعو لصحيح الدين وتحاول تمثله في حياتها ومعاملاتها و اجتماعاتها وعباداتها ، بالخطابة والوعظ والمؤتمرات ولجان المساعدة وفرق الجوَّالة .. الخ .
لكنها بانكفائها علي ذاتها تتعثر حين تمد يد العون للمعلم " عوض" القبطي صانع الشماسي ، الذي جاء إلي القرية مأزوماً بمشاكله ، ثم تدعوه لهداية الإسلام ، ويستسلم صاحب الحاجة للأيدي التي تنتزعه من جذوره وتفصله عن جماعته التي التصق بها طوال عمره ، تتحطم نفسه ولا يستطيع المضي قدماً معهم ، ويسقط من بين أيديهم فاقداً وعيه ، بينما مظاهر الاحتفال بهدايته في ذروتها ، التهليل والتكبير ومكبرات الصوت الزاعقة التي طغت علي صوت الوطن الذي يحمل فوق أرضه وتحت سمائه كل أبنائه مهما اختلفتْ عقائدهم ، هل كانت تجربة قاسم كمسلم يعيش في مجتمع مسيحي بألمانيا دافعة له لكتابة " المهدي" ؟ ، هل تجنى قاسم علي الأخوان المسلمين في هذه الرواية ، خاصة أن مجتمعنا لا يعاني من مشكلة طائفية ؟ ، لا يوجد اضطهاد ديني أي مستوى حتى في أكثر الأوقات تصاعداً لحدة الإرهاب المستتر بعباءة الدين ، والذي وجَّه رصاصاته لصدور المسلمين والمسيحيين علي حد سواء ، يرد قاسم علي هذه التساؤلات في حديثه لمجلة الرافعي(13) بأنه قريب جداً من الفكر الإسلامي ، ولا يوجد فيرأسه فكرة غير إسلامية ، ويقول أيضاً : " أنا لست شيوعياً تائباً كما يرى البعض ، فأنا لم أكن أبداً ماركسياً أو شيوعياً بالمعنى الحرفي للكلمة ، كل ما هناك أن في الماركسية بعض الأفكار التقدمية من حق الناس أن يأخذوا بها حتى ولو لم يكونوا ماركسيين " ، ويقول أيضاً : " تلك هي حيرة الإنسان المخلص حين يكون في وسط عقائدي يزحمه بعقائديته " .
* * *
" الظنون والرؤى " (14) مجموعته القصصية الأولى التي تضم قصص : القضية ، تحت السقوف الساخنة ، عن البنات ، شجرة الحب ، الموت والحياة ـ حكايات حول حادث صغير ، البيع والشراء .
هي قريته التي مازال يكتب عنها ، يقول " إدوار الخراط " : " الظنون والرؤى هي القرية المصرية ، أفراحها وطقوسها ، أوجاعها وغضباتها ، ترديها ومجدها ، واقعها وحلمها " .
في قصة شجرة الحب ثمة مقاطع أو أقاصيص متصلة ومنفصلة في آن : الأم ـ الولد ـ شجرة الحب ـ عن الرجال ـ معلم الصبيان ـ يوم غير مجيد ـ ثمالات أحاديث .
يرسم قاسم صورة رائعة لبائعة البلح ، وهذا الولد الغريب ، والأولاد الذين رسموا علي جباههم شجرات الحب ، تنادي علي بضاعتها : " يا بن الطويلة يا بلح .. يا هز نخلتنا .. خسارة عليك في التراب يا نايح " . أيضاً عندما يختتم عبد الحكيم قصته وهو يناجي الصباح : " ما أشوق كل المخلوقات للصبح ، للنور تزدهي فيه أوراق النوار وأجنحة الفراش " .
* * *
تضم مجموعة " الأشواق والأسى " (15) ثمان قصص ، يبدأها قاسم بقصة " قريتي " : " اسمها البندرة ، قد تجدون الاسم ثقيلاً ، لكنه ـ لو تعلمون ـ كل متاعي حينما عرفت السفر إلي المدينة " . في قصة " الصندوق " : " صندوق مبروكة الذي يحتوي حاجاتها وأحلى ذكرياتها في أيام زواجها القليلة ، فالغالي قد رحل وتركها في دار أخيها ، يمضي العمر بها كليل الشتاء ، لا تجد سلواها سوى في الصعود وقت القيلولة للسطح حيث الصندوق ، تفتحه وتتلمس الأشياء وتروق نفسها قليلاً ، لكن ، حتى هذه المسرَّة الصغيرة لا يتركها لها أطفال أخيها وأمهم : " العيال وحاجاتهم للكساء " . أمَّا في قصص " ليلة شتوية " و " السفر " و " الخوف القديم " و " غسق" و " الصفارة " و الخوف " نمضي مع أناس قريته ، فمأساة " صديقة " ، في ليلة شتوية ، تلوكها الألسن علي أسطح الأفران الدافئة في ليالي الشتاء ، لقد أخذت بثأر محمد المسفوك دمه أمام عينيها ، هل هي قاتلة حقَّاً ؟ ، تمضي أيامها وحيدة وهي ترعى أغنامها وتستقبل نتاجها الوليد في عز الليل ، تضمه لصدرها المكدود المجدوب " : " تثغـو الشاة الأم ثغاءً فيه فرح " . وفي قصة " السفر " تمضي المرأة ساعية نحو الضريح : " جئتك حافية ورأسي عريانة " ، هي رحلة القرية للمدينة ، تلك المدينة الصاخبة بالمساومات والصياح والشتائم وزفرات المخدوعين ، مدينة قبيحة : " لولاك ما جينا يابو فرَّاج " .
* * *
" طرف من خبر الآخرة " (16) ، إنها الرواية الخامسة والتي تتناول علاقة الإنسان بالآخرة : الموت والقبر والملكان والحساب والنشور ، وتعرج الرواية علي تفاصيل الموت والغسل والتكفين ، عن ناكر ونكير ، قصة الحفيد وقصة الميت خطان يتلاقيان ويتباعدان ، يقول الناقد محمود عبد الوهاب : " رواية لا يعنيها تدهور وانحطاط التركيب العضوي لجسد الإنسان ، ولا يعنيها تقصي الطقوس المواكبة لذلك الموت البيولوجي طوال رحلة خروج الفرد من دنيا الأحياء ، إن ما يعنيها هو الكشف عن حركة دولاب الحياة والموت طوال سني العمر ، وعن مسافة الاقتراب أو الابتعاد عن دائرة التوافق والتناغم والانسجام مع قوانين الوجود " .
* * *
في " الهجرة إلي غير المألوف " (17) كتب قاسم علي غلافها : " ديوان قصص " ، وتضم : " الصوت ـ عطية أبو العينين داود ـ طبلة السحور ـ رجوع الشيخ ـ المهدي ..
إذا ما توقفنا قليلاً أمام قصته الفريدة " طبلة السحور " حيث تتشابه البداية والنهاية : " والرجل يمضي في ليل الحارات كتلة من الظل في شفيف العتامة .. " ، وما بين البداية والنهاية دوَّامات وتيارات من الذكريات والمشاعر ، وأناس عرفهم وأحبهم الراوي ، منهم " الشابوري " صديق الطفولة الذي يعيده للماضي الجميل ، حيث طقوس شهر رمضان القرى ، والقلب الطفلي الذي يتلقى الصدى ، " الشابوري " يحمل طبلة السحور ويدور ، والراوي يهمس متسائلاً كل حين : " ما هي طبلة السحور ؟ ، طبلة السحور ما هي ؟ " ، وهانحن نمضي خلف الشابوري في ليل الحارات ببحث عن لصدى ويقظة الروح .
* * *
وفي قصص " ديوان الملحقات " (18) ندرك أن الملحقات هنا إنما يعني بها قاسم ، أو ربما أراد أن يوحي لنا ، أن هذه القصص التي تضمها المجموعة هي ملحقات لأعماله السابقة ، وهي قصص كتبها تقريباً بعد محنة المرض ، كما أنها في معظمها تميل للقصر . ففي قصة " صاحبة النزل " نجد المرأة التي تسقط تحت وطأة الوحدة بين براثن الطالب الذي يسكن عندها ، كيف خدعها وهرب ؟ : " ثم نطحت الباب برأسها وسقطت والدم ينبجـس من جبينـها " .
* * *
مسرحية " ليل وفانوس ورجال " (19) هي مسرحيته الوحيدة ولا يبتعد عن عالم القرية ، المضيفة عليها أثار عز قديم ، والأب والابن والجد والضيف والصديقان والزوجة والحبيبة شخوص تلتقي في عالمين : عالم الأب والجد والابن في تواصله وامتداده ، متسلحاً بالحكمة والمعرفة والمثل العليا ، وعالم الضيف والصديقان وابن الأخ في التصاقه بالواقع المعاش ، بالأرض والرهن والمزاد ، الأب يبدو فوق أريكته تحت ضوء الفانوس ككائن أسطوري يعلو بمثله وقيمه وحكمته فوق البشر، غير آبه أو هيَّاب حتى بعد أن تجمعت حوله كل نذر الشر ، فالضيف يقرقع بسكينه في مخلاته ، وابن الأخ يحذره من القاتل بعد أن انصرف عنه الصديقان ، الخنجر يتجه للصدر المعزول المتقوقع في علوه ، يمضي الأب في صحبة الجد في صورة كأنها حلم ، بينما يعتلي الابن ذات الأريكة ، وتحت ضوء الفانوس ، في ديمومة مفارقة لدنيا الناس .
* * *
ويرحل عبد الحكيم قاسم كما يرحل كل الناس ، فقد كانت حياته قصته ، وقصته هي حياته ، وعندما توقفت حياته وانقصف عوده ، فإن قصته لم تكتمل ..
يقول شاعر العامية المصري مخاطباً إيَّاه :
تاخد قلمك من صدرك
أنا بكتب أهه ,, ألف باء ألف باء
وأنا الشمس في صدري بتتفتت
ولعت سيجارة وأخدت شهيقي
يضغط ع الشمس يجمعها
ونصبت الكلمة فوق صدري
وتبعتك " .

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:41 PM
عبد الحكيم قاسم

للاسف لا تتوفر تفاصيل عن طفولته وطبعت حياته بـ الفقر والسجن والمنفى والمرض.
"كان يبكي أسى علي أشيائه الحميمة التي تنتزع منه بلا هوادة".

مأزوم.

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:41 PM
41-مالك الحزين إبراهيم أصلان (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D9%87%D9%8A%D9%85_%D8%A3% D8%B5%D9%84%D8%A7%D9%86) مصر...مأزوم.
42-باب الشمس إلياس خوري (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A5%D9%84%D9%8A%D8%A7%D8%B3_%D8%AE%D9%88%D8%B1% D9%8A) لبنان....مأزوم
43-الحي اللاتيني سهيل ادريس (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B3%D9%87%D9%8A%D9%84_%D8%A7%D8 %AF%D8%B1%D9%8A%D8%B3&action=edit&redlink=1) لبنان....مأزوم.
44- عودة الروح توفيق الحكيم مصر.... يتيم اجتماعي.
45- الرهينة زيد مطيع دماج (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B2%D9%8A%D8%AF_%D9%85%D8%B7%D9%8A%D8%B9_%D8%AF %D9%85%D8%A7%D8%AC) اليمن...... يتيم اجتماعي
46- لعبة النسيان محمد برادة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D8%A8%D8%B1%D8%A7%D8%AF% D8%A9) المغرب.....يتيم
47- الريح الشتوية مبارك الربيع (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D8%A8%D8%A7%D8%B1%D9%83_%D8 %A7%D9%84%D8%B1%D8%A8%D9%8A%D8%B9&action=edit&redlink=1) المغرب.... مجهول الطفولة
48- دار الباشا حسن نصر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D8%B3%D9%86_%D9%86%D8%B5%D8%B1) تونس........مأزوم
49- مدينة الرياح موسي ولد ابنو (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%85%D9%88%D8%B3%D9%8A_%D9%88%D9 %84%D8%AF_%D8%A7%D8%A8%D9%86%D9%88&action=edit&redlink=1) موريتانيا.... مجهول الطفولة.
50- أيام الإنسان السبعة عبد الحكيم قاسم (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%83%D9%8A% D9%85_%D9%82%D8%A7%D8%B3%D9%85) مصر....مأزوم.

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:43 PM
51- طائر الحوم حليم بركات (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%85_%D8%A8%D8%B1%D9%83%D8%A7% D8%AA) سوريا


حليم بركات الروائي السوري , وعالم الاجتماع يقدم في روايته (طائر الحوم) مايشبه السيرة الذاتية متضمنة رحلة الآلام والآمال , ويبدو الماضي أمامنا وكأنه لايزال يتقد جمراً ..
من جعبة تلك الأيام نتوقف عند لحظات لاتنسى, بل لنقل هي العمر كلّه منسكباً نحو القادم : تذكرت أنني في طفولتي دخلت فجأة كثافات غيوم سوداء تضيئها بروق وصواعق متكررة .. كان قد توفي والدي فجأة في الثلاثينات من عمره دون إرث من أي نوعٍ سوى بغلٍ كان يكاري عليه وبيت حجري دون غرف ترابي السطح .. فاضطرت أمي أن تنزح بنا أنا وأختي وأخي الى مدينة بيروت بعد أن جاهدت عبثاً في القرية مدّة سنة أو أكثر . عملت خبّازة على التنور (تلقى أجرها عدة أرغفة ساخنة ) وحصّآدة موسمية في مناطق نائية كان أهل القرية يسمونها (مشرّف) مازلت أحسّ بالجوع حين أتذكر أرغفة القمح الساخنة المخبوزة على التنور خصوصاً أننا بعد موت أبي كنا نضطر أحياناً أن نأكل خبز (المخلط) من قمح وذرة وشعير وهو خبز الفقراء.. نتقاسمها بعد أن نمعس رأس بصلة ورأس شنكليش نغمره بزيت الزيتون أحسّ الأن بالجوع مع أنني تناولت وجبة كبيرة منذ فترة قصيرة لمجرد تذكر الشنكليش والبصل والزيت , ومهما كان , كنّآ نقدر حياتنا ونتمتع بها. عدا جمال القرية وطيبة الناس فقد أُفلتنا فعلاً من قبضة الموت الذي قضى على أربعة أخوة وأخوات قبل أن يبلغوا الثانية أو الثالثة ثم قبض على أى دون إئآر..‏

==
نبذة النيل والفرات:
يقول الراوي، وهو يلخص علاقته بالضيعة: "الضيعة وأناسها وينابيعها وتلالها وأوديتها وطيورها وطرقها وازدهارها وأشواكها وأحزانها وأفراحها شرشت في نفسي. لا أحد، لا شيء يقتلعها من نفسي. وكلما ذبلت شجرة حياتي، كلما نبتت شجرة أخرى من جذورها العميقة". أما عن اكتشاف الجنس الآخر، وبمقدار ما تختلس الفتيات النظر إلى الصبية وهم يسبحون في النهر عراة، فإن الصورة التي ترتسم في ذاكرة الفتيان أشد سطوعاً: "حين تسبح الفتيات في النهر بثناياهن وتبتل تلك الثياب، تبزغ خيرات الأرض فعلفه بضباب شفاف" فيتولد الحنين إلى الاكتشاف ويحلق الخيال وهو يصرخ: "ما أجمل غموض الجسد"، وهذا ما يجعل الالتقاء الالتحام يوماً، أمراً حقيقياً لأن "حدس الجسد لا يخون".

==
"طائر لحوم" رواية متفردة بالغة الرقة والحساسية، إضافة إلى مرآتها في التصدي لعدد من القضايا الشائكة التي تكاد تكون حرمة. هذا عدا عن معمارها الفني الجديد والمتميز. وبقدر ما توغل هذه الرواية في الماضي. بحيث تبدو أقرب إلى سيرة الطفولة، فإنها شديدة الحضور من الراهن، في الهموم المعاصرة، كما لا تغفل عن التنبيه لأخطار المستقبل. لذلك ليس من السهل تضيفها ضمن العناوين السائدة، أو حصرها في إطار ضيق، إنها تذكر وبوح وتأمل، وتصل في أحيان كثيرة إلى مستوى الشعر الخالص، دون أن تنسى خطها الدرامي الذي يجعلها إحدى أبرز الروايات التي صدرت في السنوات الأخيرة.

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:44 PM
قراءة في رواية طائر الحوم... لحليم بركات


قراءة منقولة عن مدونةكتب..


أتمنى لكم قراءةممتعة..


المصدر : الانترنت والمؤلف غير معروف.



الرواية تعد سيرةذاتية ( تحدث عنها الكثيرون باعجاب شديد وقلة من تمكنت من قراءتها لعدة اسباب تتعلقبانتقال الكتاب عبر اشواك الحدود العربية ) وهذا النوع من الادب قليل جدا في ادبناالعربي أصلا ، ويعاني من احجام اعترافات المبدعين وتخوفهم من اظهار تجاربهم وحياتهملعيون الناس ، وقد تم طرح هذه الاشكالية للسير الذاتية في الكثير من وسائل الاعلامالمقروءة ولكن يبدو ان حياتنا العربية ما زالت تخاف البوح


وانتشيت ايضا لأنيلمحت رائحة تأثر هذه الرواية وبتأثر مؤلفها بنيرودا .. وهكذا نجد انفسنا في دائرةالتأثر والتاثير .. ولذلك يصير الأدب انساني كوني بروح الانسان فيه


كتاب يثيرالكثير من الموضوعات منها على سبيل المثال لا الحصر : غياب السير الذاتية كجنس ادبيابداعي ، معاناة المثقف العربي وتغييب دوره في حياتنا العربية


اضافة الى الصراعالانساني مع الحياة والموت ، وكلاهما يتحولان الى رموز يومية تتنفس معنا



عنوان الكتاب ” طائـر الحوم ”



المؤلف : حليم بركات


الطبعة رقم 1


الناشر: الأهالي للطباعة والنشر والتوزيع


159 عدد الصفحات :



في هذه الرواية يقدم لنا حليم بركات بأسلوب شاعري أخاذ ،تقريراً صادقاً عن حياته الشخصية ، ففي رواية قصيرة ذاتية ومركزة يستعيد بركاتماضيه كله ويزودنا بوثائق أصيلة عن رحلة حياة طويلة في الاقتلاع والحنين إلى الوطنوالإغتراب والنفي الأبدي ، مما يجعل القارئ يلهث وراء الكاتب في رحلته القاسيةوالشديدة الانحدارات محاولاً أن يجد أجوبة لتلك الأسئلة الصعبة التي طرحتها الرواية .



لكن تجربة الكاتب الشخصيةسرعان ما تتحول إلى بيان عام أشمل يتجاوز واقع كاتبها لينسحب على المفكرين العربالذين يعانون الاضهاد والنفي يأتي كل هذا بأسلوب اعترافي يفصح عن تجارب شخصية غايةفي الخصوصية ويكشف بصراحة متناهية عن أفكار مغيبة في لا شعور الكاتب ويسلط الضوءعلى خمسين سنة من تاريخه وأحداث حياته .



وبركات الذي هو داعية من دعاة التغيير السياسي والإجتماعيفي العالم العربي وعربي قومي معروف ، إذ يركز على حياته الشخصية ويعرضها أمامناعارية إنما يقوم من خلالها بكشف عري العالم أجمع وعري علاقاته في آن معاً . وفيكتابته المهووسة بحنين جارف لقريته وطفولته ووطنه وأبيه وأمه يسيطر اللاوعيواللاشعور على قلمه فيستحضر أحداثاً دفينه من الماضي ويستدعي أحلاماً وذكريات غيبهاالنسيان سابقة ومستترة في النماذج البدئية واللاوعي الجمعي للفرد والأمة على السواءفيكسر قشرة أسراره منذ الطفولة ويمليها في واقع راهن فتأتي في مشاهد ملونة ومأساويةمعاً . وقد قال فيها الروائي الكبير عبدالرحمن منيف إن هذه الرواية ” تذكر وبوحوتأمل .. وكتبت بدماء القلب ” . تبدأ بنقطة إرتجاع سينمائية وتنفتح على مشهد منالماضي هو ” الكفرون ” قرية الكاتب ومسقط رأسه إذ تظهر في السماء أسراب من طيورالحوم الوديعة الرائعة الجمال تتأمل رحيلها إلى مناطق دافئة بعد أن إنتهى موسمالصيف وبدأ فصل الخريف . وسرعان مايتحول هذا المشهد الهادئ الجميل إلى مشهد دموي إذيطلق الصيادون الأشرار نيران بنادقهم فجأة على الطيور البريئة فتسقط مضرجةبجراحاتها بأجنحة مترنحة ويتناثر ريشها الأبيض والأسود فوق رؤوس الأشجار ثم يسقط فيالنهر حيث يمتزج ماؤه بالدماء . وأمام هذا المشهد يقف الطفل الراوي مراقباً بجزعوخوف الطيور الصامتة البريئة وهي تنتظر موتها البطئ . ومنذ هذه اللحظات يتوحد الطفلبطائر الحوم ليصبح عنده ، فيما بعد ، رمزاً للمفكر العربي المظهد ، المحاط بكل قوىالشر والطغيان ، الذي يدور إلى الأبد حول الكرة الأرضية ولا يجد مواطئا لقدمه ،باحثاً على الدوام عن الحرية والخلاص لنفسه ولأمته في آن معاً ، وناشداً الحلوللتناقضات الكون الحادة في الفرح والحزن ، في الفقر والغنى ، في الحب والكراهية ، فيالشرق والغرب ، وفي البحث عن معنى الحياة والموت .



بات الطفل الرواي الذي شهد عدوان الصيادين وشر الناس معذبروح الطفولة نتيجة الظلم والعدوان الممارس ضد الطيور والمنطبق على الأفرادوالمجتمعات والأمم . كما بات مشحوناً بكراهية شديدة لبشاعة هذا العالم ، الذي ينذرنفسه داعية للتمرد والحرية والثورة في كل مجالات الحياة ، على مستوى الفرد والمجتمعمعاً . ويؤمن بشكل عميق بأن أبيات بابلو نيرودا – التي أوردها في الصفحة الأولى منالرواية :



، هذه هي الأرض التيأغرقت



جذورها فيشعري



عمقها فيداخلي



كما في تلك البحيرةالمفقودة



تسكن رؤية طائر،



تنطبق على العالم العربيوبشكل أكثر تحديداً يؤمن بأن نيرودا ماهي إلا رؤيته هو والتي تنشد الخلاص وتسعىإليه .



وحقيقة أن بركات يتصدىفي روايته هذه لموضوعات صعبة ومعقدة وتنسحب بالتالي على الماضي والحاضر والمستقبل . وأبعد من هذا فانه يأخذ طريق الخلاص وذاك عن طريق مايقدمه الكاتب من رؤى وإضاءاتتستشرف المستقبل . والواقع أن مثل هذه المواقف القومية ليست بالغريبة ولا بالجديدة . فسبق للشعراء والروائيين العرب أن حملوا أنفسهم مهمة تصوير وتأريخ ويلات شعوبهمبما فيها وقائع الظلم التي يعيشها شعب فلسطين ، ووقائع التعسف التي يقوم بها القادةالعرب ضد شعوبهم ، وأوضاع التفتت والإنقسام في الأمة العربية . إلا أن بركات يخرجعن إطار مسؤوليته تجاه الوطن العربي ويتجاوزها إلى العالم كله إذ يتوحد بشعبافريقيا في جوعه وفقره ، وبأطفال اليابان في مأساتهم إثر ويلات القنبلة الذرية فيهيروشيما كما يتوحد بالأقلية السوداء في الولايات المتحدة في نضالها لإنهاء سياسيةالتميز العنصري . إنه باختصار يتوحد بكل الضعفاء والمقهورين والمظلومين في العالموبكل العاجزين الذين لا صوت لهم . إن مثل هذا التوحد الإنساني مع المسحوقين ومثلهذا التعاطف الكوني معهم إنما يأخذ مثالية عالية مليئة بصيحات تبشرية متواصلة تحضعلى التمرد والرفض والمقاومة .



وفي مشهد آخر يستعرض بركات ذكرى أليمة عصفت به وهو طفل حين يقف برعبوهول أمام فراش أبيه الذي كان يواجه الموت في آخر لحظات احتضاره ، فتأتي كلماتهبالغة التأثير قوية ، خارقة للروح وباعثه على البكاء . ولا بد لنا أن نسجل هنا أنماكتبه بركات في هذا الصدد يعتبرمن أكثر الكتابات قوة وتأثيراً في الأدب العربيالحديث . إضافه إلى أن وصفه لشخصية أبيه ، هذه الشخصية التي طغت على الرواية وتسربتفي ثناياهها ، تدخل وعي القارئ ولا تخرج منه . لقد رسم صورة رائعة ، صورة أب أصيلمن أيام الدنيا الغابرة ، مثالي ، ذي وقار وذي هيبة يمضي عمره في خدمة زوجتهوأولاده ، مجبول بالحب والتضحية



وهذا الطفل الذي فقد أباه في الكفرون والذي شهد موته المفاجئ الأليموالذي فقد صورة المثال الأعلى ، والقدرة على الحياة ، هذا الطفل يكبر ثم يرحل إلىأمريكا ويصبح أستاذاً جامعياً . لكنه في البلد الذي هاجر إليه يعود لمواجهة الموتمن جديد . هذه المرة يواجه موت أمه الطاعنة في السن ، إلّا أن التجربة هنا تختلففهذه السيدة الفاضلة النبيلة والتي كان الكاتب قد أهداها أحد أعماله الروائيةبالعبارة التالية ” إلى الملحمة التي كانت حياتها سلسلة عطاء ومحبة ” .هذه الأم هيمريضة الآن بأكثر من مرض ومصابة فوق ذلك بالنسيان وأمست في حالة فقدان وعي دائم وتتأرجح مابين الحياة والموت . ومع تأرجحها المرير هذا يتأرجح الكاتب معها بين هذينالعالمين . فالكاتب المعذب بعذابات أمه وآلامها يعيش من جديد تجربة موت أبيه ويقفممزقاً وعاجزاً عن فعله أي شيئ إلا الدعاء لله أن يأخذ أمه إليه رأفة بها وبه ، وفيهذا المشهد يغوص الكاتب في معاني الموت والحياة ويطرح فيها أسئلة كونية وأن كانتكلماته في موت أبيه حادة ومؤثرة إلا أن كلماته في وصف صورة أمه القديسة لا تقل قوةوحساسية عنها بل تنحفر بعمق في وعي القارئ وتبقى خالدة .



لاشئ يموت ولاشئ يتلاشى فيذاكرة الكاتب ، فها هو يستعيد مشهد آخر لشخصية من أيام طفولته تعمل أثراً في النفسلا يمحى . إذ كان في القرية شخص معتوه يدعى مخول ، كان غريباً ومشرداً وعجيب الخلقة . لا أحد يعرف من أين جاء أو أين ولد ، لذا كان عرضة مستمرة لتهكم أطفال القريةوإهاناتهم غير المحدودة ، يضحكون منه ويلاحقونه بالعصي والحجارة على مر السنين . ويأخذ المشهد بعداً مؤثراً حين يتذكر الكاتب أن أباه كان في إحدى الأمسيات يغنيبصوته الدافئ أبيات العتابا بلحن عاطفي حزين ، وكان في الشارع وخلف الدار يقف مخوليجهش بالبكاء وتنهمر الدموع بمرارة على وجهه ، لقد اخترقت أبيات العتابا روح ذلكالمعتوه وأثارت شواجنه الدفينة وعواطفه المقموعة في داخله . أزاء هذا المشهد يحدثوعي فجائي عند الطفل الراوي تجاه مخول ويتعاطف معه ، وينذر نفسه للدفاع عنه ضدأطفال القرية .



ربما كانت أعظمخدمة قدمها بركات في روايته هذه هي تخليد قريته ومسقط راسه كفرون ، فهذه القريةالمغمورة الصغيرة في سوريا والتي لم يسمع بها كثيرون تصبح فجأة ذات شأن ومعروفة فيالعالم أن حب الكاتب الشديد لها واخلاصه الهائل لها ووصفه الحي لأشجارها وكرومهاوطرقها وأوديتها وأناسها والذي سيطر على الرواية كان ذا أهمية بالغة في تحويلها إلىمكان تاريخي ذي دلالة خاصة ، وفي جعلها بطلاً رئيسياً في الرواية .



إنه لمن المفارقة أن نجدالكاتب يطلق لفظ حبيبتي على زوجته طوال الرواية ، إلا أنه لم يستطع ان يعطيها وصفاًغنياً أو رائعاً كما هو الحال في معظم شخصيات الرواية ، ونجد أن الحوار والجدالبينهما لم يكن إلا وسيلة وأداة فنية هدفها استدعاء الأحلام واستحضار ذكريات الماضيوأثارة التساؤلات حول المستقبل ، وعلى طوال الرواية بأسرها تبدو علاقته بها ، وكذلكعلاقتها به ، علاقة فكرية محورية المركز دون أن تكون علاقة حب حقيقي بين شريكين . إلا أن ” طائر الحوم ” تبقى واحدة من اقوى الروايات في الأدب العربي الحديث ومنأكثرها شفافية وحساسية . وهي في حقيقة صراحتها وأسلوبها الاعترافي نادرة ومميزة ،أنها رواية مليئة بالمشاعر وبالألتزام الحميمي وبروح المقاومة .



انها حقاً بمثابة مرآة لروحهذا الكاتب وسجل حافل بتاريخه الشخصي ، وسجل تاريخي خالد لقرية كفرون ، إنها تبدوكشجرة علقت على أغصانها أحداث أجيال متعاقبة ، وأنها بحق إنجاز كبير آخر يضاف إلىأعمال هذا الروائي وشهادة ميلاد وجواز سفر .



وتبقى الرواية إسهاماً قيماً وهاماً في الأدب . لقد جعلتناننظر إلى الأشياء بعين مختلفة وبطريقة مغايرة وفوق كل شيئ وفرت لنا فرصة لنتفحصحياة هذا الكاتب العربي ، وأود أن أختم هذا الشرح بعبارة للشاعر السوري شوقي بغداديإذ يقول

” إنها رواية تعصر القلب وتغسل الروح “

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:44 PM
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


حليم بركات
حليم بركات (1933- ) عالم اجتماع (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D9%84%D9%85_%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%AC%D8%AA% D9%85%D8%A7%D8%B9) واستاذ جامعي وروائي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9)سوري (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B3%D9%88%D8%B1%D9%8A%D8%A7). ولد في الكفرون (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%83%D9%81%D8%B1%D9%88%D9%86) في سورية عام 1933 توفي والده عندما كان بسن العاشرة فانتقلت عائلته للعيش في بيروت (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA) حيث نشأ. عملت أمه وكافحت لتعيل العائلة وتعلم أبناءها. حصل على شهادتي البكالوريوس والماجستير في علم الاجتماع من الجامعة الاميركية في بيروت ثم دكتوراه في علم النفس الاجتماعي من جامعة متشغن في الولايات المتحدة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%88%D9%84%D8%A7%D9%8A%D8%A7%D8%AA_% D8%A7%D9%84%D9%85%D8%AA%D8%AD%D8%AF%D8%A9) ( آن آربور) 1966 . له العديد من المؤلفات والمقالات المنشورة.
رواياته


القمم الخضراء (1956)
الصمت والمطر (1958)
ستة أيام (1961)
عودة الطائر إلى البحر (1969)
الرحيل بين السهم والوتر (1979)
طائر الحوم (1988)
إنانة والنهر (1995)
المدينة الملونة (2006)

دراساته


النازحون: نفي واقتلاع (1968)
المجتمع العربي المعاصر (1984)
حرب الخليج (1992)
المجتمع العربي في القرن العشرين (1999)
المجتمع المدني في القرن العشرين (2000)
الهوية أزمة الحداثة والوعي التقليدي (2004)
الاغتراب في الثقافة العربي (2006)

وصلات خارجية


حوار له في الشرق الأوسط 13/1/2004 (http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=19&issue=9177&article=212370)
حوار معه عن تشرين 23/5/2006 (http://www.aljaml.com/node/1850)
مقالة عنه في الشرق الأوسط 5/7/2006 (http://www.asharqalawsat.com/details.asp?section=19&issue=10081&article=371556)
نجاة العدواني، تحليل لرواية "طائر الحوم" (http://www.nizwa.com/volume23/p71_76.html)
مقالة عن روايته المدينة الملونة، الحياة 05/08/06 (http://www.alhayat.com/culture/bookrevs/08-2006/Item-20060804-da56a934-c0a8-10ed-019d-d97bb49e72d1/story.html)
عن كتابه الاغتراب في الثقافة العربي (http://www.diwanalarab.com/spip.php?page=article&id_article=6768&vo=61)

[عدل (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AD%D9%84%D9%8A%D9%85_%D8%A8%D8 %B1%D9%83%D8%A7%D8%AA&action=edit&section=4)] بعض مقالاته


النظام الاجتماعي وعلاقته بمشكلة المرأة العربية (http://www.balagh.com/mosoa/marah/610vm8jj.htm)
العائلة العربية هرمية على أساس الجنس والعمر (http://www.balagh.com/mosoa/osrah/t80pdio4.htm)

==
From Wikipedia, the free encyclopedia

Halim Barakat (Arabic (http://en.wikipedia.org/wiki/Arabic_********): حليم بركات‎) is an Arab (http://en.wikipedia.org/wiki/Arab) novelist and sociologist. He was born December 4, 1936 into a Greek-Orthodox (http://en.wikipedia.org/wiki/Greek-Orthodox)Arab (http://en.wikipedia.org/wiki/Arab) family in Kafroun (http://en.wikipedia.org/wiki/Kafroun), Syria (http://en.wikipedia.org/wiki/Syria), and raised in Beirut (http://en.wikipedia.org/wiki/Beirut).[1] (http://en.wikipedia.org/wiki/Halim_Barakat#cite_note-0)

[ Career

Barakat received his bachelor's degree (http://en.wikipedia.org/wiki/Bachelor%27s_degree) in sociology (http://en.wikipedia.org/wiki/Sociology) in 1955, and his master's degree (http://en.wikipedia.org/wiki/Master%27s_degree) in 1960 in the same field. He received both from the American University of Beirut (http://en.wikipedia.org/wiki/American_University_of_Beirut). He received his PhD (http://en.wikipedia.org/wiki/PhD) in social psychology (http://en.wikipedia.org/wiki/Social_psychology) in 1966 from the University of Michigan at Ann Arbor (http://en.wikipedia.org/wiki/University_of_Michigan_at_Ann_Arbor). From 1966 until 1972 he taught at the American University of Beirut. He then served as research fellow at Harvard University (http://en.wikipedia.org/wiki/Harvard_University) from 1972 to 1973, and taught at the University of Texas at Austin (http://en.wikipedia.org/wiki/University_of_Texas_at_Austin) in 1975-1976. From 1976 until 2002 he was Teaching Research Professor at The Center for Contemporary Arab Studies (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=The_Center_for_Contemporary_Arab_S tudies_of_Georgetown_University&action=edit&redlink=1) of Georgetown University (http://en.wikipedia.org/wiki/Georgetown_University).
Barakat has written about twenty books and fifty essays on society and culture in journals such as the British Journal of Sociology (http://en.wikipedia.org/wiki/British_Journal_of_Sociology), the Middle East Journal (http://en.wikipedia.org/wiki/Middle_East_Journal), Mawakif (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Mawakif&action=edit&redlink=1) and al-Mustaqbal al-Arabi (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Al-Mustaqbal_al-Arabi&action=edit&redlink=1). His publications are primarily concerned with difficulties (http://en.wikipedia.org/wiki/Problem) facing modern Arab societies such as alienation (http://en.wikipedia.org/wiki/Social_alienation), crisis (http://en.wikipedia.org/wiki/Crises) of civil society (http://en.wikipedia.org/wiki/Civil_society), and a need for identity (http://en.wikipedia.org/wiki/Identity_%28social_science%29), freedom (http://en.wikipedia.org/wiki/Political_freedom) and justice (http://en.wikipedia.org/wiki/Justice). He has also published seven novels (http://en.wikipedia.org/wiki/Novel) and a collection of short stories (http://en.wikipedia.org/wiki/Short_story). These are rich with symbolism (http://en.wikipedia.org/wiki/Symbol) and allegory (http://en.wikipedia.org/wiki/Allegory) to world events. His novel Six Days (Sitat Ayam, 1961) is prophetically named for a real war yet to come in 1967; as such, it became a prelude to the later novel Days of Dust ('Awdat al-Ta'ir ila al-Bahr, 1969), which unfolds the existential drama of the June War of 1967.
[Selected Books

Barakat, Halim (2011) (in Arabic). Ghurbat al Kateb al-Arabi. Beruit: Dar Al-Saqi.
Barakat, Halim (2008) (in Arabic). Al-Mujtam' Al-Arabi Al-Mu'asir: Bahth Fi Tagheir alahual waa’al'alaqat. Beruit: Center for Arab Unity Studies. ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)9953822344 (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/9953822344). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)313494100 (http://www.worldcat.org/oclc/313494100).
Barakat, Halim (2008). The Crane (http://en.wikipedia.org/wiki/The_Crane). The American University in Cairo Press (http://en.wikipedia.org/wiki/The_American_University_in_Cairo_Press). ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)9774161416 (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/9774161416). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)181138745 (http://www.worldcat.org/oclc/181138745). Ta'ir al-Howm (1988) A novel in Arabic translated into English by Bassam Frangieh and Roger Allen.
Barakat, Halim (2006) (in Arabic). Al-Ightirāb fī al-thaqāfah al-ʻArabīyah: matāhāt al-insān bayna al-ḥulm wa-al-wāqīʻ [Alienation in Arab Culture]. Beruit: Center for Arab Unity Studies. ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)9953820902 (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/9953820902). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)123501655 (http://www.worldcat.org/oclc/123501655).
Barakat, Halim (2006) (in Arabic). Al-Madīna Al-Mulawwana [City of Colors]. Beruit: Dar Al-Saqi. ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)1855167816 (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/1855167816). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)73486809 (http://www.worldcat.org/oclc/73486809).
Barakat, Halim (2004) (in Arabic). Al-Huwīyah: Azmat al-ḥadāthah wa-al-waʻy al-taqlīdī [Identity: An Encounter Between Modernity and Tradition]. Beruit: Riad Alrayes. ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)995321140X (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/995321140X). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)58477760 (http://www.worldcat.org/oclc/58477760).
Barakat, Halim (2000) (in Arabic). Mujtama ' al-'Arabi Fi al-qarn al-'ishrin, bahth fi taghyir al-ahwal wa-al-'alaqat [Arab Society in the Twentieth Century]. Beruit: Center for Arab Unity Studies. OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)46648968 (http://www.worldcat.org/oclc/46648968).
Barakat, Halim (1995) (in Arabic). Aldimocratiyya Wal-Adala Al-Ijtimaiyya [Democracy and Social Justice]. Ramallah: MUWTIN The Palestinian Institute For the Study of Democracy. OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)33154368 (http://www.worldcat.org/oclc/33154368).
Barakat, Halim (1995) (in Arabic). Innana Wan-Nahr [Innana and The River]. Beruit: Dar Al-Adab. OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)32475166 (http://www.worldcat.org/oclc/32475166).
Barakat, Halim (1993). The Arab World: Society, Culture, and State (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=The_Arab_World:_Society,_Culture,_ and_State&action=edit&redlink=1). University of California Press (http://en.wikipedia.org/wiki/University_of_California_Press). ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)0520084276 (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/0520084276). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)26300272 (http://www.worldcat.org/oclc/26300272).
Barakat, Halim (1992) (in Arabic). Harb Al-khalij: Khutut Fi Al-Raml Walzman [Gulf War: Lines in Sand and Time]. Beituit: Center for Arab Unity Studies. OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)30476525 (http://www.worldcat.org/oclc/30476525).
Barakat, Halim (1990). Six Days (http://en.wikipedia.org/wiki/Six_Days). Three Continents Press (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Three_Continents_Press&action=edit&redlink=1). ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)0894106619 (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/0894106619). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)22347356 (http://www.worldcat.org/oclc/22347356). Sitat Ayam (1961), a novel in Arabic translated into English by Bassam Frangieh and Scott McGehee.
Barakat, Halim (1985). Contemporary North Africa: Issues of Development and Integration (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Contemporary_North_Africa:_Issues_ of_Development_and_Integration&action=edit&redlink=1). Croon Helm (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Croon_Helm&action=edit&redlink=1). ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)0709934351 (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/0709934351). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)12210270 (http://www.worldcat.org/oclc/12210270). From the Center for Contemporary Arab Studies' symposium, North Africa Today: Issues of Development and Integration, held at Georgetown University (1982). Introduction and chapter by Barakat.
Barakat, Halim (1979) (in Arabic). Al-Rahil Baina Al-Sahm Wal-watar [A Journey Between the Arrow and the Cord].
Barakat, Halim (1977). Lebanon in Strife: Student Preludes to the Civil War (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Lebanon_in_Strife:_Student_Prelude s_to_the_Civil_War&action=edit&redlink=1). University of Texas Press (http://en.wikipedia.org/wiki/University_of_Texas_Press). ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)0292703228 (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/0292703228). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)2598612 (http://www.worldcat.org/oclc/2598612).
Barakat, Halim (1974). Days of Dust (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Days_of_Dust&action=edit&redlink=1). Medina University Press International (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=Medina_University_Press_Internatio nal&action=edit&redlink=1). ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)0914456083 (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/0914456083). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)1104402 (http://www.worldcat.org/oclc/1104402). Awdat Altair Ila albahr (1969), a novel in Arabic translated into English by Trevor LeGassick with an introduction by Edward Said.
Barakat, Halim; Dodd, Peter (1968). River Without Bridges: A Study of the exodus of the 1967 Palestinian Arab refugees (http://en.wikipedia.org/w/index.php?title=River_Without_Bridges:_A_Study_of_ the_exodus_of_the_1967_Palestinian_Arab_refugees&action=edit&redlink=1). Institute for Palestine Studies (http://en.wikipedia.org/wiki/Institute_for_Palestine_Studies). ISBN (http://en.wikipedia.org/wiki/International_Standard_Book_Number)0914456083 (http://en.wikipedia.org/wiki/Special:BookSources/0914456083). OCLC (http://en.wikipedia.org/wiki/Online_Computer_Library_Center)2656805 (http://www.worldcat.org/oclc/2656805).
Barakat, Halim (1958) (in Arabic). Alsamt Wal-Mattar [Silence and Rain]. A collection of short stories.
Barakat, Halim (1955) (in Arabic). Alqimam Alkhadra' [Green Summits].

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:45 PM
حليم بركات: ما ظهر بعد محاضرة أدونيس عنبيروت هو «فساد فكري»
عالم الاجتماع السوري لـ«الشرق الأوسط»: كتابي «المجتمع العربي في القرن العشرين» لا نظير له في اللغة العربية على ما أعلم

بيروت: سوسن الأبطح
إذا كان البعض يحب استخدام مفردة «إحباط» لتوصيف ما وصل إليه الوضع العربي الراهن، فإن عالم الاجتماع حليم بركات يستبدلها بعبارة أخرى هي «بداية الوعي»، ويستعيض عن الرؤيا المتشائمة بأخرى تترك منافذ للأمل والعمل معاً. وهنا حوارمعه:

* تدافع في كتابك «المجتمع العربي في القرن العشرين» عن كيان عربي تتشابه سماته الأساسية، وترينا ذلك على مدى صفحات طوال، فإلى أي مدى تصمد نظريتك في وجه تيار يتحدث اليوم عن مجتمعات عربية يصعب إيجاد ما يوحدها؟

ـ هذا الكتاب هو حصيلة ثلاثين سنة من البحث، شارك خلالها معي طلابي ليبصر النور، وهو على ما أعلم لا نظير له في اللغة العربية لأنه يتناول المجتمع بشمولية. وأود هنا أن أقول إذا كان التنوع داخل المجتمع العربي الكبير هو الذي يخيف الناس ويجعلهم يرفضون فكرة المجتمع الواحد، فإن البلد العربي مهما كان صغيراً نجده متنوعاً أيضاً، والتنوعات على اختلافها لا تلغي الهوية الواحدة، لأن ثمة دائماً ما هو مشترك. والأمر لا يتوقف على اللغة والدين والمصالح وما أشبه مما نشدد عليه حين نتحدث عن الوحدة. ولكن لنأخذ تركيبة العائلة المتشابهة على مدى الجغرافيا العربية، إضافة إلى التشابه الشديد في البنى الطبقية الاجتماعية، وهذا له من التأثير في سلوك الناس ما يتجاوز العوامل الاقتصادية والسياسية. المشترك بيننا هو أكبر مما نتصور، والتشتت عائد لأسباب تتجاوز التشابه والاختلاف. والدليل بأننا لو أخذنا الدول الخليجية وهي شديدة التشابه في ما بينها لوجدناها رغم ذلك غير موحدة بدورها.

* إذن أين تكمن المشكلة؟

ـ الهوية ارتبطت بمشروع يعمل باتجاهه المجتمع. فمنذ منتصف القرن التاسع عشر إلى الوقت الراهن سعى العرب لإقامة نهضة تقوم على وحدة قومية، من خلال نظام اقتصادي عادل وتعليم يفتح المجال أمام كافة الطبقات. والهوية لا يمكن فصلها عن النشاط الذي يقوم به المجتمع. فحين نتحدث عن الهوية الفلسطينية فلأن هناك عملاً على الأرض باتجاه تحقيق هدف ما. ولا هوية من دون مشروع. وإذا عدنا إلى العرب وجدنا ان النهضة التي كافحوا من أجلها لم تتحقق، لذلك هناك شعور كبير بالخيبة خاصة في فترة الأزمات، حين يتبين للناس مثلاً ان إسرائيل بإمكانها ان تهدم البيوت وتقتل الناس من دون أن يملكوا دفعاً لأذيتها، أو حين تدخل أميركا العراق بالسهولة التي شهدناها، أو حين يتساءل العرب لماذا لم يستفيدوا من مواردهم الاقتصادية الهائلة بقدر ما استفاد منها الغرب منها.

* هذا إحباط له ما يبرره..

ـ ربما يفضل ان لا نسميه إحباطاً وإنما هو «وعي»، بل لنقل انه «بدايات وعي». الإحباط هو ان تتمسك بمشروع الوحدة ثم تجدها أصعب بكثير مما تصورت، لأن المعيقات كانت كثيرة، منها عدم قيام دولة ديمقراطية، وعدم وجود عدالة اجتماعية، وتهميش الناس. ثم تنتهي إلى نتيجة مفادها أن أي حركة سياسية، أو غير سياسية ستولد لتغيير هذا الوضع ستفشل، هذا هو الإحباط، أي الإفتراض المسبق بأن السبل كلها قد سدّت. والفرق الجوهري بين الأمس واليوم، ان الاعتقاد السائد كان بأن الحلم لا بد سيتحقق، والنصر آتٍ لأن الحق معنا، وكأن النتائج محتومة. لكن الحق لا ينتصر في بعض الأحيان والشواهد التاريخية كثيرة. فهناك شعوب كانت على حق لكنها أبيدت مثل الهنود الحمر الذين لم نعد نشعر بوجودهم في أميركا. وفي ظني أن الوعي تعمق الآن لأننا نعي بشكل أفضل العوامل التي حالت دون تحقيق ما نتمنى. وهنا يختلف البعض في تشخيص الحلول وتظن فئة بأن عدم القبول بما يعرض علينا من الخارج، في الوقت الراهن، سيجعلنا في وضع أسوأ من الذي نحن فيه.

* هناك أصوات اليوم تعتبر ان المشروع العربي انتهى أمره، ولم يعد له من داعٍ. والخلاص هو دولة وطنية ناجحة بدلاً من حلم وحدوي طوباوي فاشل.

ـ هذا الطرح يتناسى أن الدائرة الصغيرة تعاني ذات مشكلة التفتت التي ابتليت بها الدائرة العربية الكبيرة، ولنأخذ مثلاً لبنان الذي ما يزال التنوع فيه مشكلة لم تجد حلاً لها. ولكل دولة عربية مشاكل داخلية مشابهة ما تزال مستعصية.

* هل هذا يعني ان النجاح في بناء الدولة الوطنية سيكون من الأولويات لتحقيق الوحدة المنشودة؟

ـ قد يبدو الأمر كذلك، إنما عملياً يتبين ان الالتفات إلى الشؤون الداخلية مع إهمال المحيط، لا يحل المشكلة بل يعمّق الإحساس بالخيبة، ويقلل من إمكانية السيطرة على الموارد الوطنية. هناك قوة مسيطرة على العالم وعربياً تتم السيطرة بالتفاهم مع القيادات.

* ولكن هل معاينة نموذج الدولة الوطنية بمقدوره أن يضيء على بعض جوانب العلل العربية العامة؟

ـ الأمور تختلف من بلد إلى آخر، لكن الجزء عنده متشابه مع الكل، وقد نتصور حين نحصر الدائرة أن العلاج بات أسهل، ثم سرعان ما نكتشف لو أخذنا عينة مثل لبنان أن مشكلته أكبر منه. النظر إلى الجزء ككل نهائي هو خنوع واستسلام لإرادة خارجية بالتعاون مع نخب البلد، لذلك يشعر العربي بأزمة في علاقته مع السلطة ويراها مسيطرة عليه من الخارج. فهي قوية على الشعب ضعيفة أمام القوى الخارجية. والتغيير لا يمكن ان يحدث من دون وجود حركة اجتماعية أو سياسية، فالتغيير ليس شأناً فردياً، انه عمل أحزاب أو تكتلات نطلق عليها في علم الاجتماع اسم «حركة اجتماعية»، من دونها صعب جداً تغيير الواقع.

* وهذا غير موجود...

ـ بل هو ممنوع في بلدان عربية عديدة. وما نلحظه حالياً ان الناس يطالبون بالحريات والحقوق المدنية والمشاركة. ما نسميه تنشيط المجتمع المدني هو ان تقوم حركات عندها رؤية واستراتيجية وأهداف محددة تعمل كجماعة بإشراك الشعب لتغيير الواقع.

* أين تكمن محطات الإجهاض الكبرى للمشروع العربي في رأيك؟

ـ بعد 1967 حين فشلت الحركة القومية العربية جاءت فترة البحث عن بديل آخر وإعادة تحديد الهوية، وكان قد بدأ نقد لديكتاتورية الحركات القومية، لكن بعد نجاح الثورة الإيرانية الدينية ارتفعت أصوات تقول ان الإسلام هو بديل العروبة. وكانت النواة موجودة منذ عام 1928 مع الإخوان المسلمين، وتعود فكرياً إلى أكثر من 155 سنة أي إلى زمن كتابات الأفغاني ومحمد عبده والكواكبي. لقد قبلوا بتفاعل مع الغرب، لكنه إسلامي ويرفض تسليم مشيئته للخارج. بهذا كانوا ينصحون الحكام حينها. لكن هذه الدعوة أصبحت ثورة مع النموذج الإيراني، لأن المسلمين استطاعوا إزاحة أكثر الإمبراطوريات استبداداً، وهو المدعوم من أوروبا وأميركا. وظن البعض ان الأمر ممكن عربياً، وهو الذي ولّد الخوف عند قسم من الحكام العرب فأرادوا القضاء على النموذج القائم وساعدتهم أميركا في حرب بقيت من عام 1982 إلى عام 1988، وقضى بسببها الملايين من الناس. وهذه الحرب ضد ايران انتهت بانقسام العرب على بعضهم البعض، ولم تكن حرب الخليج عام 1991 سوى نتيجة، وكذلك كان الحصار على العراق الذي خلف الجوع والفاقة والتمزق الداخلي. أما مصر فقد نجح كيسنجر بعزلها عن المنطقة العربية، حين قال لهم نعيد لكم سيناء وكونوا وسطاء بيننا وبين العرب. والحكومة المصرية أصبحت مرتبطة بسبب المساعدات بالخارج، وصار المشروع العربي الموحد ضعيفاً جداً، وإذا اضفنا إلى ذلك تشتت المسارات الذي نتج عن ما قبل اوسلو، والخلاف العراقي السوري الذي لم يتم تجاوزه نستطيع ان نقول بأن المشروع العربي غير موجود. ولكن حتى المشروع الإسلامي لا يبدو انه يستطيع ان ينجز ما فشل المشروع العربي في تحقيقه، لذلك أقول بأن المخرج هو في تنشيط المجتمع العربي.

* الحجة اليوم لفرملة حركة مدنية وديمقراطية هي الحركات الإسلامية المتطرفة التي يخشى وصولها إلى السلطة!

ـ الحركة المتطرفة هي نتيجة وجود قوة مستبدة، لأنها قوة تحاول أن تواجه قوة. حين يصبح هناك نوع من النظام الديمقراطي الحقيقي يصير لكل مصلحة في هذا النظام العام. هكذا يدخل المتطرف في اللعبة ويحافظ عليها. أما توقيف اللعبة بالكامل لأن هذا الأخير ان هو نجح قد يسعى للتخلص من أعدائه فهو موقف قصير النظر، لأنه يخلق تطرفاً معاكساً له. والفت النظر إلى اننا هنا لا نتحدث عن ديمقراطية كلية، لأن الديمقراطية لا تستورد. وقبل ان توجد تحتاج لإيمان عميق بالحرية. أما مجتمعاتنا فهي تلغي الفرد لصالح العائلة أو الجماعة الكبرى. ولا غرابة بعد ذلك ان يلغى الفرد في السياسة. المكتمل عند العرب اليوم ليس الفرد ولا المجتمع إنما القبيلة أو الجماعة التي ترتبط في ما بينها برابط العرق أو الطائفة. وبفضل دعم هذه الجماعة يحصل الفرد على الوظيفة أو خط الهاتف، وبالتالي يصبح الفرد مديناً لجماعته لا للدولة، ويحتاج لأن يقدم ولاءه لها.

* وهو ما يقزّم دور المؤسسات أو قد يلغيها.

ـ لأن كل جماعة معنية بمصلحتها الذاتية لا بمصلحة الأمة أو الوطن. وكلما ازدادت الصعوبات، ازداد الإنسان عناية بمصالحه اليومية. وما حصل اننا تحولنا إلى مجتمع خدمات، الجماعة فيه هي المركز الفاعل. و«من يخرج عن الجماعة يعرى» كما يقولون، لأنه يضعف، حتى الزواج ليس شأناً فردياً.

* هل الحل هو في إنهاء سلطة المجتمع الأبوي؟

ـ نعم لقد كتب علي الوردي وهشام شرابي في هذا الموضوع. حرب العراق أظهرت الخلافات المذهلة بين الأعراق والمذاهب، والأخطر من ذلك القبائل التي اعتمد عليها صدام، وتعلم منه الأميركيون التعاون مع شيوخ القبائل لتثبيت وجودهم.

* قال أدونيس مؤخراً في محاضرة له أثارت غضباً شديداً ان بيروت ليست مدينة. فهل هناك مدن عربية بالمعنى المتعارف عليه، وأنت قد درست المدينة والريف؟

ـ إذا كنا نعتبر المدن العربية الموجودة وصلت إلى ما نريد يكون ثمة خطأ كبير، لأن القناعة ان هذه المدن ليست ما كنا نتصوره، ومجالات التحسين لا تحصى. فالفساد والنفعية يجهزان على كل شيء، بما في ذلك الطبيعة، من دون اعتراض أحد، لذلك فإن عدم الانتقاد هو تعاون على بقاء التخلف موجود. ما قاله أدونيس يقوله الناس جميعاً. وما ظهر بعد محاضرة أدونيس عن بيروت هو «فساد فكري» لا علاقة له بما قاله أدونيس نفسه.

* أدونيس تحدث عن بيروت وكأنما المدن العربية الأخرى لا تعاني الأزمة ذاتها.

ـ لقد قضى ثلث عمره في بيروت، ولو كان قد عاش في القاهرة لربما كان قد قال فيها الشيء نفسه. هذا لا يعني أن بيروت متخلفة عن المدن الأخرى بل قد تكون متقدمة عن كثير من غيرها، ومع ذلك فبيروت ليست مشروعاً انتهى، بل ربما ان هناك سيراً يتم في الطريق الخطأ. والنقد هنا جزء لا يتجزأ من عملية التغيير.

* اعتبرت الأدب أحد المداخل لفهم المجتمع العربي المعاصر، هل هذا عائد لغياب الإحصاءات والمعلومات، أم لإيمانك بأن الأدب هو الأجدى لفهم المجتمعات؟

ـ هناك نقص كبير في المعلومات، لكن هذه لو وجدت أظل أعتبر الأدب مصدراً معرفياً مهماً. فروايات نجيب محفوظ عن القاهرة لا تضاهيها أي دراسات اجتماعية ومثلها تلك الروايات التي كتبت في أوروبا أثناء الثورة الصناعية. شخصياً كان عندي دائما اهتمام بالأدب وتحديداً الرواية. لا بل درست علم الاجتماع ليفيدني في كتابة الأدب. وقد قمت بدراسة عن المخيمات الفلسطينية. لكنني شعرت بعد صدور الدراسة في كتاب ان شيئاً إنسانياً كان ناقصاً فسجلته في رواية.

* يزعجك الاهتمام بك كعالم اجتماع أكثر من الاهتمام بك كأديب؟

ـ كتابي عن «المجتمع العربي المعاصر» كما كتاب «المجتمع العربي في القرن العشرين» يقرآن بشكل واسع، بعكس الرواية التي لا تجد هذا الرواج. وهو أمر أفهمه. فالعديد من الجامعات تدرس هذه المادة والطلاب بحاجة لمراجع في هذا المجال فيستعينون بكتابي. وهذه الحاجة الملحة لا تتوفر للرواية التي أتمنى فعلاً ان تجد ما للدراسات من اهتمام. فالرواية تقدم الجانب الإنساني وأحاسيس الغربة والوعي وتعقيدات العلاقات العائلية. الفلسفة والعلم استفادا من العلوم الاجتماعية، وهي بدورها استفادت من العلوم الإنسانية. وتجزئة المعرفة موجودة بسبب وجود حاجة للاختصاص. وبقدر ما نجزئ المعرفة ننسى ان هناك تفاعلاً بينها، في ما التفاعل هو الذي يحقق للاختصاص وجوده ضمن رؤيا.

* حضّرت عامي 1993 و1994 تقريرين حول التنمية العربية ورفضت الأمم المتحدة نشرهما، في ما كان الاحتفاء لافتاً بتقرير التنمية العربية الذي صدر عام 2002، فما الذي تغير؟

ـ التقريران اعترض على نشرهما المكتب العربي في الأمم المتحدة، لأنه مكتب يمثل الحكومات العربية، وذلك بحجة وجود نقد فيهما للسلطات العربية. أما لماذا شاهدنا ما شاهدناه من احتفاء بعد ذلك بالتقرير الشهير رغم امتلائه بالنقد فهذا ما لا أستطيع الإجابة عليه. وكل ما أعرفه أن وسائل الإعلام الأميركية تلقفته بحرارة، ووجدنا الجميع يتكلم عنه هناك. وأعتقد أنهم أرادوا إظهار تخلف المجتمع العربي أمام الرأي العام، لتصبح حجة الذهاب لتأديب وتعليم هذا المجتمع مقبولة. لا أدّعي ان أميركا كانت وراء تحضير التقرير، لكن التوقيت كان مناسباً واستحق الدعاية التي رأيناها، ثم وجدنا الحكومات العربية تناقشه وكأن لا مسؤولية لها في ما هو مطروح. ولكن لنفكر بجدية رغم كل هذا الانتشار.. هل الحكومات العربية ستتبنى المشروع وتسعى لتصحيح أخطائها؟

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:45 PM
ستةايام - رواية
عندما صدرت رواية "ستة أيام" اعتبرت بمثابة نبوءة، لأنها تخيلت حرباً إسرائيلية عربية تمتد لستة أياموتنتهي بهزيمة عربية. كتب حليم بركات هذه الرواية قبل حرب حزيران 1967 بستةأعوام.
اسم المؤلف
حليمبركات
عدد الصفحات
174
سنة النشر
2000
اسم الناشر
المركز الثقافي العربي

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:45 PM
حليم بركات

يتيم في سن الـ 10

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:46 PM
52- حكاية زهرة حنان الشيخ (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%AD%D9%86%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9 %84%D8%B4%D9%8A%D8%AE&action=edit&redlink=1) لبنان

هيام طه (http://www.ahewar.org/search/search.asp?U=1&Q=%E5%ED%C7%E3+%D8%E5)
الحوار المتمدن - العدد: 1339 - 2005 / 10 / 6 - 12:15 (http://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=47194#)
المحور: حقوق المراة ومساواتها الكاملة في كافة المجالات (http://www.ahewar.org/debat/show.cat.asp?cid=151)
راسلوا الكاتب-ة مباشرة حول الموضوع (http://www.ahewar.org/guest/send.asp?aid=47194)

هل لهذه القصة جذر في الواقع، أو شبه في الحياة !!
"حكاية زهرة" هو اسم كتاب للكاتبة اللبنانية حنان ألشيخ، يكفي أن تدخل في عمق الغلاف لتتسائل كثيراً حول سر الاكياس أو معنى ألأشكال التي على الغلاف، لتتشوق اكثر بمعرفة المزيد عن ماهية بطل القصة وهي –زهرة-
حكاية إمرأة في عالم الرجال، حربهم وسلامهم، أديانهم وقوانينهم.
حكاية زهرة تبدا في صحراء ، صحراء ذو شقين : البرتقالة وصُرتها ..وعالم الذكور
لقد كانت زهرة وأمها كالبرتقالة وصرتها وصُرة هذه البرتقالة "زهرة" وهي شاهد عيان على خيانة الأم، باستخدام إبنتها زهرة كوسيلة مصطحبة لأمها الخائنة بحجج عديدة منها زيارة الطبيب، أو زيارة الجدة وغيرها من الزيارات المتكررة، لتروي الأم ظمئها من الرجال أمام أعين إبنتها زهرة...والشق الآخر هو عالم الرجال الذي لاحقها بوحشية في دهاليز الإغتصاب ليكون شرفها قد سُحب في حُقن ثخينة وليكون !! صاحب أكبر حُقنة تَسحب شرفها هو خالها "هاشم" الذي إغتصبها بوحشية .
لقد كرهت نفسها لأنها صامتة ولكنها غير خرساء، صاحية وتعيش ولكنها تحلُم أن تعيش، وصمتها كان مرضها، كان حلمها سماع جملة واحدة من أول مُغتصبيها وهي: "زوجتك نفسي" ويا لبراءة المسكينة.
ففي كل مرة إغتصاب ، كانت تندلع الحرب في داخلها إبتداءً من دماغها حتى أصابع قدمها ، لقد أغتصبت وأجهضت مراراً وتكرارًا وهي عابثة غير مكترثة ، ليكون أول المجرمين –المغتصبين- هو "مالك" صديق أخاها الذي أغواها بالحب العذري وأقوال جُبران ووسطهم إبن خالتها قاسم ، وليكون آخرهم هو قاتلها وبالنهاية فهي لا شيئ سوى علامة إستفهام !! من بيروت الى بيروت ، من حزب الى حزب، من لبنان الى أفريقيا، من ثقب ألحمام الى عش زوجية الى ترك الزوجية الى آخر النفق .
لقد ودّع خالها "هاشم" الوطن لبنان ليذهب الى أفريقيا، لقد كان مُخلصاً للوطن بكل ذرة ووفاء، ليكون عيْبه الوحيد أن جيوبه لم تكن ممتلئة بالمال، وأبوه ليس بزعيم يقولون له ما أن يلمحوا طربوشه: "يعيش يا يعيش يا"
لقد نُفي الى بلاد الغربة أفريقيا. وكانت رائحة الوطن تتسلل اليه عَبر الرسائل التي تبعثها اليه إبنة أخته زهرة ، وها هي زهرة تزوره شهر كامل، لقد كان يشم رائحة إرتباطه بعائلته ووطنه من خلالها، وكان يريد ألالتصاق بيدها ووجهها وشعرها وذيل فستانها ليحس بوطنه لبنان، كان يريد أن يصرخ –يشهق- أنه دخل الى الوطن ولكنه لم يدخل الوطن كما اعتقد بل دخل بزهراء وبمعنى آخر لقد أصبح ثاني مُغتصبي أبنة أخته.
تزوجت زهرة من صديق خالها "ماجد" الذي آمن في نهاية اللأمر أن رُؤية الدم والعذرية هي شيئ رجعي ، ولكن ما نَفع ذلك فالأمر محسوم عند زهرة كأنه سيّان، فقد تصرفت أثناء زواجها كالمجنونة غير مكترثة بشيئ، وغير مسؤولة عن شيئ، وأنها في نهاية الأمر لا شيئ وهنا تطلقت، لتصبح أمنيتها الوحيدة أن تعود الى رَحم أمها .
الحرب دخلت لبنان، والموت يسيطر من منتصف الشارع الى آخره لتدخل بقفص إغتصاب آخر وكان قنّاص، ر جل من أبناء حارتها ، وبما أن صفة الاغتصاب أو السماح بممارسة الجنس معها هو إدمان –وبرغبتها أحياناً- فقد حَملت منه !! لقد كانت في السابق صُرة البرتقالة وها هي تصبح برتقالة ولكن صرتها هو الكيس ليصبح الكيس حجتها للذهاب من مكان الى مكان، والاغتصاب والاجهاض هو برنامجها السنوي ولكن !! في هذة المرة الاجهاض صاحب رفيقته زهرة ليكون موتها على يد آخر مغتصبيها ... لقد أغمضت عينيها – أم تراها لم تفتحهما قبلاً ..لتلهث آخر أنفاسها " انا الميتة يا بشر".

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:46 PM
نبذة النيل والفرات:
حنان الشيخ، تقرأ في سطور المجتمع مأساة الأنثى الطافحة باستبدادية ذكورية همجية، سادية المنطلق والمنتهى. وزهرة هي رمز لكل أنثى، هي زهرة تنال حظها من الألم والاضطهاد والعبثية بكل ألوانها من مجتمع ذكوري يحقّ فيه للذكر ما شاء. تكتب حنان في زمن الحرب الأهلية اللبنانية عن حرب عاشتها زهرة فاقت بمأساتها مأساة الحرب الحقيقية. رحلتها من أفريقيا إلى لبنان، من الجنوب إلى الجنوب، من بيروت إلى بيروت، من حزب إلى حزب، من ثقب الباب إلى خيالات الغرف، إلى آخر النفق، حكاية أنثى في مجتمع الحضارة المزعوم.






نبذة الناشر:
"حكاية امرأة في عالم الرجال، حربهم وسلامهم، أديانهم وقوانينهم. حكاية امرأة إذا كانت صاحية وتعيش، أم أنها تحلم أنها تعيش. وفي حلمها، غالباً ما تسيطر الكوابيس. حكاية امرأة في عالم يرعبها، يهدَّدها، يلاحقها بوحشيته الذكريّة حتى الرمق الأخير، مثل غول الطفولة.
حكاية تعصر، بصدقها عصراً. من أفريقيا إلى لبنان، من الجنوب إلى الجنوب، من بيروت إلى بيروت، من حزب إلى حزب، من ثقب الباب إلى خيالات الغرف إلى آخر النفق. حكاية زهرة في صحراء".

تبدو انها تجربة شخصية وان كانت
الإسم: نبيل فهد المعجل شاهد كل تعليقاتي (http://www.neelwafurat.com/seeall.aspx?id=40103) - 28/02/2006
بريد الإلكتروني: [email protected]
تحكي زهرة تجربتها الشخصية وتكشف عن العلاقة السرية التي تجمع بين أمها وذلك الرجل المجهول الذي اكتفت زهرة فقط بالإشارة إليه، وذكر تفاصيل معاملة الأم لها فالرواية (الفتاة زهرة) تأخذ طرف الحكي في مقابل مراحل عدة من عمرها،فهي الشاهدة على خيانة الأم للأب منذ مرحلة الطفولة، وهي الشاهده- أيضا- على التفرقة في المعاملة التي يعقدها أبوها وأمها بينها. تروي زهرة جانبا آخر من حياتها إثر الظروف التي تعرضت لها منذ نشأتها - خيانة الأم، محاباة الأم للأخ الفاسد أحمد، قسوة الأب ورعونته، تدليل الأخ وحرمان الأسرة لتوفير مصاريف دراسته في أمريكا ـ كلها ظروف قاسية جعلت في داخل الفتاة الكثير من المعاناة الخاصة. أما عن حياتها الشخصية التي كان لابد أن تجد فيها عوضا عن حياتها الأسرية، فهي تسير بخراب حياتها الأسرية نفسه، عندما تقع في علاقة أثمة مع صديق الأخ ....

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:46 PM
حكاية زهرة

حكاية امرأة في عالم الرجال، حربهم و سلامهم ، أديانهم و قوانينهم
حكاية امرأة إذا كانت صاحية و تعيش ، أم أنها تحلم أنها تعيش. و في حلمها ، غالباً ما تسيطر الكوابيس. حكاية امرأة في عالم يرعبها ، يهددها ، يلاحقها بوحشيته الذككرية حتى الرمق الاخير ،مثل غول الطفولة
حكاية تعصر ، بصدقها عصرا
من إفريقيا الى لبنان ، من الجنوب الى الجنوب ، من بيروت الى بيروت ، من حزب الى حزب ، من ثقب الباب إلى خيالات الغرف إلى آخر النفق
حكاية زهرة في صحراء
==
ولدت حنان الشيخ في بيروت عام ،1945 منذ طفولتها كانت تشعر بتوق إلى الانعتاق من بيئتها المتشددة والمنغلقة. عملت في الصحافة وأصدرت أولى رواياتها انتحار رجل ميت . 1970 سنة 1968 تزوجت وانتقلت مع زوجها إلى الخليج العربي حيث كتبت فرس الشيطان ، 1975 ثم سافرت لتقيم في لندن إثر الحرب الأهلية في لبنان وكتبت عنها روايتها حكاية زهرة 1980 التي منعت في الدول العربية لأنها تعالج موضوع الجنس، ثم كتبت وردة الصحراء 1982 مجموعة قصص استوحتها من رحلاتها في أنحاء البلاد العربية.
حنان الشيخ كاتبة متحررة ترفض الواقع الذي تعيش فيه المرأة العربية وهي تكتب بلا رقابة وبجرأة متخطية الأعراف والتقاليد كاشفة التأخر والجهل السائدين في العالم العربي

==
http://www.maktbtna2211.com/book/8831

==
The story of Zahra -book review

“The Story of Zahra” written by Hanan- Al Shaykh (http://www.mnaabr.com/essay_search/Al_Shaykh.html), is an insight into the fractured psyche of a young Lebanese girl, scared by the unrequited love of her mother, the many meaningless relationships she entered into, the intimidating and critical social norms of Beirut and finally by her own intense confusion, disarray and low self esteem (http://www.mnaabr.com/essay_search/self_esteem.html) which further aggravated her fragile state of mind It is a story about a girl who is in search of fulfillment, in search of her self, terrified of the outside world and its menacing accusations and judgments . Ever since I can remember I have felt uneasy, I have never felt anything else “.It is an iconoclastic story of a person who is able to find peace and ones true self in the midst of the anarchy and chaos of a civil war (http://www.mnaabr.com/essay_search/civil_war.html). It is a bizarre account of how while the ravages of war were destroying the lives and composure of other individuals such as her brother Ahmad, at the other end of the spectrum Zahra was discovering in this abnormality her strength ,self and the normalcy she had been yearning for. A large part of Zahra’s insecurity can find its roots in her relationship with her mother, which held many paradoxes and can perhaps be best explained as a love-hate relationship. She despise

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:47 PM
Hanan al-Shaykh

From Wikipedia, the free encyclopedia


Hanan al-Shaykh (b. November 12, 1945, Beirut (http://www.mnaabr.com/wiki/Beirut)) is a Lebanese (http://www.mnaabr.com/wiki/Lebanon) author of contemporary Arab (http://www.mnaabr.com/wiki/Arab) women's literature.

Biography

Hanan al-Shaykh's family background is that of a strict Shi'a (http://www.mnaabr.com/wiki/Shi%27a) family. Her father and brother exerted strict social ******* over her during her childhood and adolescence.

She attended the Almillah primary school for Muslim girls where she received a traditional education for Muslim girls, before continuing her education at the Ahliyyah school. She continued her gender-segregated education at the American Girls College (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=American_Girls_College&action=edit&redlink=1) in Cairo (http://www.mnaabr.com/wiki/Cairo), Egypt (http://www.mnaabr.com/wiki/Egypt), graduating in 1966.
She returned to Lebanon to work for the Lebanese newspaper Al-Nahar until 1975. She left Beirut again in 1975 at the outbreak of the Lebanese Civil War (http://www.mnaabr.com/wiki/Lebanese_Civil_War) and moved to Saudi Arabia to work and write there. She now lives in London (http://www.mnaabr.com/wiki/London) with her family.
[
About her work

Hanan al-Shaykh's literature follows in the footsteps of contemporary Arab women authors like Nawal El Saadawi (http://www.mnaabr.com/wiki/Nawal_El_Saadawi) in that it explicitly challenges the roles of women in the traditional social structures of the Arab Middle East. Her work is heavily influenced by the patriarchal controls that were placed on her by not only her father and brother, but within traditional neighborhood in which she was raised. As a result, her work is a manifestation of a social commentary on the status of women in the Arab-Muslim world. She challenges notions of sexuality, obedience, modesty, and familiar relations in her work.
Her work often implies or states sexually explicit scenes and sexual situations which go directly against the social mores of conservative Arab society, which has led to her books being banned in the more conservative areas of the region including the Persian Gulf (http://www.mnaabr.com/wiki/Persian_Gulf). In other countries, they are difficult to obtain because of censorship laws which prevent the Arabic translations from being easily accessible to the public. Specific examples include The Story of Zahra which includes abortion, divorce, sanity, illegitimacy and sexual promiscuity and Women of Sand and Myrrh (http://www.mnaabr.com/wiki/Women_of_Sand_and_Myrrh) which contains scenes of a lesbian hard core sexual relationships between two of the main protagonists. Arab critics also cite that al-Shaykh's work perpetuates myths and stereotypes about women's condition in the Arab World
.
In addition to her prolific writing on the condition of Arab women and her literary social criticism, she is also part of a group of authors writing about the Lebanese Civil War. Many literary critics cite that her literature is not only about the condition of women, but is also a human manifestation of Lebanon during the civil war.
Scholars cite notions of the nation possessing a female identity and woman standing for nation in not only al-Shaykh's literature, but also in the works of her contemporaries including Evelyne Accad (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=Evelyne_Accad&action=edit&redlink=1)[citation needed (http://www.mnaabr.com/wiki/Wikipedia:Citation_needed)].
[
Works in Arabic


Suicide of a Dead Man, 1970 (انتحار رجل ميت)

The Devil's Horse, 1975

The Story of Zahra, 1980 (حكاية زهراء)

The Persian Carpet in Arabic Short Stories, 1983

Scent of a Gazelle, 1988 (مسك الغزال)

Mail from Beirut, 1992 (بريد من بيروت)

I Sweep the Sun Off Rooftops, 1994


[Works that have been translated into English from Arabic



Women of Sand and Myrrh (http://www.mnaabr.com/wiki/Women_of_Sand_and_Myrrh) (Trans. 1992)

The Story of Zahra (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=The_Story_of_Zahra&action=edit&redlink=1) (Trans. 1994)

Beirut Blues (http://www.mnaabr.com/wiki/Beirut_Blues) (Trans. 1992)

Only in London (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=Only_in_London&action=edit&redlink=1) (Trans. 2001)

I Sweep the Sun Off Rooftops (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=I_Sweep_the_Sun_Off_Rooftops&action=edit&redlink=1) (Trans. 2002)

The Persian Carpet (http://www.mnaabr.com/w/index.php?title=The_Persian_Carpet&action=edit&redlink=1)


The locust and the Bird: My Mother's Story (Trans. 2009)

External links


[1] (http://www.lebwa.org/node/7) The Lebanese Women's Awakening's biography of Hanan al-Shaykh

http://www.amazon.com/Locust-Bird-My-Mothers-Story/dp/0307378209/ref=sr_1_1?ie=UTF8&s=books&qid=1251751253&sr=8-1 (http://www.amazon.com/Locust-Bird-My-Mothers-Story/dp/0307378209/ref=sr_1_1?ie=UTF8&s=books&qid=1251751253&sr=8-1)

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:47 PM
كتبت أول رواية لها وهي في عمر التاسعة عشرة، ولدت وعاشت في بيروت وانهت دراستها في القاهرة، ثم عادت لتعمل كصحفية في جريدة النهار ومجلة الحسناء، ثم عاشت متنقلة بين لندن ودول الخليج بسبب الحرب الاهلية في لبنان، والان تعيش في لندن منذ سنة 1984، وهي تكتب بالعربية، وترجمت رواياتها إلى احدي وعشرين لغة، كما عرضت روايتها، 'اوراق زوجية' على مسرح 'هامستد' في لندن. بالاضافة إلي رسالة ماجستير في الادب المقارن بين روايتها ' بريد بيروت' ورواية 'لون ارجواني' لأليس وولكر، باعتبارهما مكتوبتين علي شكل رسائل متبادلة.
.
.
حنان الشيخ روائية لبنانية تقيم في لندن. من أعمالها حكاية زهرة ، مسك الغزال، بريد بيروت، أكنس الشمس عن السطوح. تُرجمت بعض أعمالها إلى لغاب أجنبية عديدة.
اختيرت كل من مسك الغزال، بريد بيروت، أكنس الشمس عن السطوح ضمن لائحة أهم الكتب الأدبية العالمية من قبل أكثر من لجنة أدبية.
.
.
تزيح حنان الشيخ الستار عن مسرح الحياة في رواياتها لتطل مشاهدها حيّة بأشخاصها بمواقعها، بزمانها ومكانها، روايات تزخر بعبق الحياة، وبإخراج ذكي تستحيل شخصياتها مخلوقات تتماوج حركتها من خلال المعاني والحروف. والمجموعة المختارة من أعمال حنان الشيخ تكشف عن إبداع روائي أنثوي استطاعت من خلاله الروائية تجسيد حالات وإيحاءت أنثوية في حالات خاصة وحتى عامة. ومن معالجة مواضيح حياتية بعمق وموضوعية بلغة هي للحديث الشيق أقرب، تدعوك لزيارة لندن، لتتعرف على عاصمة الضباب من خلال شخصيات تتفاوت أدوارها ومواقعها ومشاربها في هذه الحياة... لتثبت لك "إنها لندن يا عزيزي"، ومعها، حنان الشيخ، تكنس الشمس عن السطوح، لتتطلع معها على خفايا الدور والقصور من خلال مجموعتها القصصية "أكنس الشمس عن السطوح" التي تأخذ بتلابيب بعضها كاشفة حنان الشيخ من خلالها عن شفافية إنسانية رائعة تطلّ من عباراتها، تطلّ من سطورها التي تتماوج وكأنها شريط تسجيلي تسمع منه رنات الصوت، وهمسات الأحاديث، شيقة هي تلك الأحاديث بهمسها بصراخها تشيع في أرجاء الصفحات نبض الحياة. وتأبى حنان الشيخ إلا أن تقص عليك "حكاية زهرة" وهي حكاية امرأة في عالم الرجال، هي حربهم وسلامهم، أديانهم وقوانينهم، امرأة لا تدري إن حقاً تعيش، أم أنها في حلم غالباً ما تسيطر عليه الكوابيس، فهي تتواجد في عالم يهددها، يلاحقها بوحشيته الذكرية حتى الرمق الأخير، مثل غول الطفولة.
وفي "مسك الغزال" تستعرض حنان الشيخ حكاية أربع نساء في عالم تنكشف أسراره أمامك كقارئ لتصل مع الروائية إلى مفترق في تجربتها الروائية، فهي استطاعت أن تستكشف عالم المرأة العربية وتكون صوتاً في تقديم هذا العالم. وحنان الشيخ في تجربتها الروائية تكشف للعين المستور وتترك العين ترى والعقل يحلل... والخيال يحلق.

أعمالها:

http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/8/8675.gif
حكاية زهرة
"حكاية امرأة في عالم الرجال، حربهم وسلامهم، أديانهم وقوانينهم. حكاية امرأة إذا كانت صاحية وتعيش، أم أنها تحلم أنها تعيش. وفي حلمها، غالباً ما تسيطر الكوابيس. حكاية امرأة في عالم يرعبها، يهدَّدها، يلاحقها بوحشيته الذكريّة حتى الرمق الأخير، مثل غول الطفولة.
حكاية تعصر، بصدقها عصراً.
من أفريقيا إلى لبنان، من الجنوب إلى الجنوب، من بيروت إلى بيروت، من حزب إلى حزب، من ثقب الباب إلى خيالات الغرف إلى آخر النفق.
حكاية زهرة في صحراء".
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/28/28086.gif
مسك الغزال
في هذه الرواية، تصل حنان الشيخ إلى مفترق في تجربتها الروائية. فهذه الكاتبة التي استطاعت أن تستكشف عالم المرأة العربية، وتكون صوتاً خاصاً في تقديم هذا العالم، تصل في "مسك الغزال" إلى القدرة على القبض على التجربة وتقديمها بأشكالها ومستوياتها المختلفة.
أربع نساء وثماني عيون، والواقع يقدّم نفسه بنفسه. كأنّ الكتابة القصصية هي قابلة الواقع الذي يولد من جديد، نكتشفه، وندهش من وجوده المغطى بحجابات عيوننا. الكتابة تكشف العين وتتركها وحيدة أمام ما تراه.
تأتي "مسك الغزال" لتؤكَّد حضور حنان الشيخ وتميّزها، ولتعطي شهادة أولى عن واقع المرأة في الصحراء العربية. "مسك الغزال" هي بهذا المعنى رواية أولى. أولى لأنها تقترب من الواقع كمن يكتشف قارة جديدة. وفي الاكتشاف دهشة وخوف وحب. أربع نساء وحكايات عالم جديد يتشكل أمامنا.
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/8/8545.gif
أكنس الشمس عن السطوح
حنان الشيخ تكنس الشمس عن السطوح بعد لملمة أخبار ما كشفته أضواءها تحت السطوح... بشر وحجر وحكايات تأخذ بتلابيب بعضها كاشفة عن شفافية إنسانية رائعة تطل من عبارات حنان الشيخ تطل من سطورها التي تتماوج وكأنها شريط تسجيلي تسمع رنات الصوت فيه وتذهب مع تلك الأصوات إلى أبعد حدود الخيال لتراها تختال أمام ناظريك وكأنها عالم زاخر وتغدو مع صفية في البوسطة في طريقها إلى زوجها السجين تحمل معها حبات الفريز حبات الأمل... ومع نازك ومع شادية ومع انغريد... تغوص في الحكايا لتختزن مشاعر الألم والأمل، وحلم وخيال حياةٍ لا تنتهي.
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/8/8654.gif
بريد بيروت
"لم يعد من الممكن للسنوات التي مرت والحرب بين أضلاعها أن تحتفظ بصداقتنا كما كانت فحتى اللغة قد تبدّلت، الحرب طمرت ناساً وأبرزت آخرين، ووجدت نفسي ألف أشخاصاً ازدحموا بالقصص والأخبار كما لو كانت من سن المراهقة أو في سنتي الجامعية الأولى، ولأن الحرب ألغت الظروف الطبيعية اليومية ازداد الناس غرابة. أخذت أستمتع بهذه الغرابة، وهي تشدّني إليها بعد أن فتحت نفسي للآتي وللغادي كخان طومين الذي كانت تصف جدتي به بيت والدي، وأخذ البشر يدخلون حياتي زرافات. ولأن لكل منهم حركته وصخبه، كان عقلي وساعاتي تضيق بهم من وقت إلى آخر، لكنّي لم أكن أقوى إلا على معاشرتهم".
في بريد بيروت إحساس مرهف وشاعرية تفيض وحرارة تنبع من ألم ومعاناة عميقين عاشتهما الكاتبة حنان الشيخ في مدينتها بيروت، وقصتها في هذه الرواية ترسم فيها بمزيد من الواقعية ومن الإحساس والشاعرية، مجتمعها المقفل، والمكلل بالحرب الدامية التي قسمته إلى جزئيين وقسمت أهله بين الدول البعيدة والقريبة، وجعلت منهم غرباء بعد أن كانوا في تلاحم وتكاتف.
http://www.adabwafan.com/content/thumbnails/1/48494.jpg
امرأتان على شاطئ البحر
فتاتان لبنانيتان، إحداهما من جنوب لبنان والأخرى من شماله، تجمع بينهما مغامرة الغربة وعشق البحر الذي فتحت ذكرياته جروح الروح.
رواية صغيرة عابقة باللون المحلي والتقاليد والإثارة التي تميزت بها كتابة حنان الشيخ.
http://www.adabwafan.com/content/thumbnails/1/BK_53742.jpg
حكايتي شرحٌ يطول
تكمل حنان الشيخ في "حكايتي شرح يطول" مسيرتها الأدبية الشاهدة، المحرضة والكاشفة لمجتمعنا. تدخل كالاشعة السينية في ظلام أنفسنا وتقاليدنا وحقيقتنا المرة بكل أصرار ومثابرة، غير مبالية ان كان هذا البوح -الذي لا مكان له سوى الصدق- سيسبب الحرج والاستنكار.
"حكايتي شرح يطول" هو سيرة حياة أمها "كاملة" الذي قرر الجرذ مصيرها. تجبر على الزواج والانجاب وهي ما تزال تحلم بالحلوى وأساور الشمع الملونة. ومنذ ذاك الحين وهي تتأرجح بين أمواج الحياة، تعلو مع الموجة السعيدة وتهبط مع الموجة المؤلمة، فيصبح عالمها أكثر غرابة من عوالم القصص والروايات.
تؤكد حنان الشيخ من جديد موهبتها في القص المميز ورصد الاحداث بكل زخم وشفافية، محولة بذلك أمها الى بطلة من بطلات رواياتها.
"حكايتي شرح يطول" احتفال بالحياة، وشرح للنفس وطبيعتها.
http://www.neelwafurat.com/images/lb/abookstore/covers/normal/88/88063.gif
إنها لندن يا عزيزي
ثلاثة ابطال، كل يصارع اوهامه. شابة عراقية جميلة، ومومس مغربية تدعي انها اميرة سعودية، وشاب من لبنان يصطحب قردا راقصا، كل منهم يقع في حب مدينة "لندن"، وكل على طريقته يفاوض تعقيدات البقاء على قيد الحياة في مدينة تقدم الحب والمال والحرية مقابل ثمن باهظ: انه سيف ذو حدين.
مضحكة، مشوقة، مثيرة، مؤثرة، تلك رواية حنان الشيخ التي لا تجمع بين تناقضات العرب والانكليز فحسب ، بل تبني كذلك جسرا بين السرد الادبي والشعبي

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:48 PM
حنان الشيخ تروي لنا قصة أمّها في:
"حكايتي شرح يطول"

د. نـبـيـه القــاسم

رغم وجود المصادر التراثية العديدة التي تُؤكد وجود نماذج من السيرة الذاتية في تراثنا العربي،(1) إلاّ أنّ السيرةَ الذاتية بمفهومها الحديث وتعريفها النقدي تُعتَبر "ظاهرة حديثة غَربية" حسب رأي جورج ماي(2). ويتحدّد تعريفُها كما جاء على لسان مُنَظرها الأبرز فيليب لوجون " حَكي استعادي نثري يقومُ به شخص واقعيّ عن وجوده الخاص، وذلك عندما يُركّزُ على حياته الفرديّة وعلى تاريخ شخصيته بصفة خاصة"(3) وبعد مدّة عاد وحَدّث تعريفَه بقوله: "أنّ الكتابة السير- ذاتية هي أوّلا ممارسة فرديّة واجتماعيّة لا تقتصر على الكُتّاب وحدَهم" (4).
وكما في الإبداع الأدبي عامّة وكتابة السيرة الذاتيّة خاصة كان الرجلُ هو المبدع الأوّل والوحيد لفترة زمنيّة طويلة في الغرب. هكذا أيضا في أدبنا العربي كان الرجل هو المُبادر والمُتفرّد. ويعود ذلك إلى ذكوريّة المجتمع وصعوبة اختراق المرأة للحواجز العالية التي وُضعَت أمامها. فالرجلُ لم يُسَلّم بسهولة بقدرة المرأة على مُراوغة الكلمة ومُراودتها واصطيادها وخلق نموذج إبداعيّكما يستطيع الرجل، ولهذا شهدنا التشكيكات والاتّهامات والإدّعاءات التي رافقت ظهور كل إبداع أنثوي وادّعاء رجل أنّه صاحبُ هذا العمل(أذكّرفقط بما جري للشاعرة سعاد الصباح والإدّعاء بأنّ الشاعر نزار قباني هو مَن يكتب لها قصائدها، وما جرى للكاتبة أحلام مستغانمي عندما أصدرت روايتها "ذاكرة الجسد" والقول بأنّ الشاعر سعدي يوسف هو صاحب النّص).
دخول المرأة عالم الخَلق والإبداع ومنافستها للرجل في قُدس أقداسه التي اعتبرَها اختصاصاته المُتفرّد بها وضعت كليهما أمام تحديّات كبيرة. وشعر الرجل باهتزاز عرشه وانحسار تألّقه وانقشاع الهالة التي أسبغها على نفسه، وأن المرأة التي طالما، حَجّمها في وظائفها التي حدّدها لها وقيّدها في الإطار الذي رسَمه، تتمرّد وتكسرُ قيدَها وتكتسح أطرَها وتتجاوزُ وظائفَها وتُواجه الرجلَ في ساحته مُواجهةَ الندّ للندّ.
وكانت المرأة العربية، كما الغَربية، على إدراك تام بأنها تُحارب الرجل من موقعه الخاص به. فالمجتمع الذي تتمرّد عليه وتخرجُ لمُواجته وتَغييره ذكوري بمفاهيمه وعاداته وتقاليده وحتى لغته. هذا المجتمع الذكوري الذي وضع له قوانين صارمة ومتشدّدة وصعبة التّجاوز والاختراق، حتى على الرجل، وحدّد الأقانيم الثلاثة المقدّسة التي لا يجوز الاقتراب منها وهي: الجنس والدين والسياسة. وإذا كان يصعب على المبدع الاقتراب من هذه الأقانيم المحرّمة الثلاثة في الرواية أو الشعر فكيف ستكون حالته في السيرة الذاتية التي تكون شهادة الإدانة الرئيسية والكافية لتسليم عنقه لمقصلة المجتمع والسلطات المسؤولة. وكيف سيكون ردّ فعل مجتمعُنا العربي المُتشبّث بالماضي إذا كانت صاحبةُ هذه السيرة الذاتية واحدة من بناته المُتمَرّدات!؟ وذلك لأنّ السّردَ في السيرة الذاتيّة يكون بضمير المتكلّم مما يعني كما يقول جيرار جينيت سيكون " التبئير على بطل السيرة شيئا مفروضا في الشكل السير- ذاتي".
ويُوضّح جينيت " بأنّ السارد السير- ذاتي غير ملزم بأيّ تحفّظ بإزاء ذاته، والتحدّث باسمه الخاص، بسبب تطابق السارد مع البطل". ويؤكّد " أنّ التبئير الوحيد من وجهة نظر السارد - البطل، يتحدّد بالعلاقة مع معلوماته الحالية كسارد، وليس بالعلاقة مع معلوماته الماضية بوصفه بطلا، أي أنّ اتّجاه السّرد لا يبدأ بشكل خطيّ، كما هو في الحياة التي عاشها في الماضي، بل الحياة التي يرويها (الآن) بوصفها جزء من ماضيه"(5).
ورغم أنّ التطابق بين المؤلف والسارد هو المطلوب، والقائم فعلا في معظم الأعمال السير – ذاتية إلاّ أنّ الصدق المطلوب غير مؤكّد في كتابة السيرة الذاتية وذلك لما تتعرّض له السيرة الذاتية من إمكان الخطأ أو التصحيف المتعمّد كالنسيان أو التناسي، والحذف والإضافة، والتعديل والتكييف، وإكراهات الوعي القائم زمن الكتابة والاسترجاع اللاحق للأحداث"(6) ويشير والاس مارتن إلى متغيّرات تمنع تقديم صورة ثابتة لحياة الكُتّاب منها ما يتعلّق بالنفس التي تصف الأحداث حيث تتبدّل منذ تجربة الأحداث ومنها ما يتعلّق بالأحداث وقيمتها في زمن استرجاعها وكتابتها"(7). كما أن الصدق في السيرة الذاتية محاولة يُحبطها أو يحدّ منها زمنُ الكتابة، كما أنّ فعل الاسترجاع والاستعادة بواسطة الذاكرة يتمّ في الحاضر، ذهابا إلى الماضي بطريقة الانتقاء أو الاختيار التي تسميها يمنى العيد (الاستنساب) وعجز الكتابة عن استعادة كل أبعاد المحكي بل اجتزاء وأحيانا تقديم وتأخير الوقائع كما يقتضيه السياق. (8) ولا يملك سارد السيرة- الذاتية القدرة للتخلص من زمن الكتابة (الحاضر) ليلتحم بالماضي الذي يرويه"(9) وهذا ما يدفعه إلى (خلق الماضي) الذي يصعب على الاستعادة.
وحنان الشيخ الكاتبة اللبنانية التي تألّقت في إبداعاتها الروائيّة مثل "حكاية زهرة" و "مسك الغزال" تخرج إلينا بعمل إبداعي متميّز هو "حكايتي شرح يطول". والحكاية هي قصّة أمّها كاملة التي روتها لحنان لتُقدمها لنا. تقول كاملة في نهاية قصتها: "ها هي حكايتي كتَبَتها لي ابنتي حنان.. حتى إذا رويتُها لها توقّفتُ عن لوم نفسي. كنّا نجلس معا من غير آلة تسجيل، تخطّ في دفاترها الصغيرة التي تُشبه المفكّرات التي ألصقتُ عليها الصوَر"(10). وتُخبرنا أنّها كانت تستهلّ حديثها مع حنان في كل مرّة بالكلمات "حكايتي شرح يطول، لوما الجرادة ما علق عصفور" وأنّ حنان لم تنشر القصة مباشرة وإنّما خبأتها، وبعد مرور عامين على وفاتها عادت إلى الأوراق وجهّزتها للنشر واكتشفت أنّها نسيت أن تسأل أمّها عن معنى الكلمات التي كانت تبدأ بها كلامها. وأنّها استفسرت من صديقة لها عن المعنى(11) ومن ثمّ اختارت مبتدأ الكلمات لتكون عنوانا للقصة.
ووالدة حنان الشيخ "كاملة" لم تكن تعرفُ القراءْة والكتابة، وكانت تُعبّر عمّا تُريد بالصوَر التي ترسمها. والقصة كما كتبتها حنان هي سيرة ذاتية لوالدتها ترسّمت فيها حياتها من بدايتها في بيتهم المتواضع في جنوب لبنان وما عانته وأمها وشقيقها على أثر هجْر الوالد لهم وزواجه من أخرى والتنكّر لحقوقهم ممّا دفعهم للأعمال الصعبة ومن ثم قرار الأم الانتقال إلى بيروت للعيش هناك في كنف الأبناء من الزوج الأول. وفي بيروت لم تكن الأوضاع الاقتصادية أفضل، فقد اضطرت الأم للعمل وعلى دفع ابنتها كاملة التي لم تتجاوز العشرسنوات، إلى طَرق أبواب البيوت للكسب. وكانت نقطة التحوّل الأولى في حياة كاملة عندما كتبوا كتابها على زوج شقيقتها التي توفيت ومن ثمّ إيداعها عند خياطة قريبة لتُعلمَها المهنة حيث تَعرّفت هناك على جار الخياطة محمد الذي جذبته كاملة الصغيرة بجمالها ورشاقتها وعفويّتها وصغر سنّها وصوتها الجميل فطاردَها حتى نجح في كسب قلبها ليعيشا قصة حبّ عنيفة لم تتأثر بزواج كاملة ولا بولادتها مولودتها البكر فاطمة. فقد حرصت ومحمد على اللقاء المستمر في غرفته وحتى أقامت معه العلاقة الجنسية التي كانت "حنان" ثمرتها آلى حدّ ما. وتتوسّع كاملة في وصف زوجها بكل النعوت السلبية وتذكر محاولاتها المتكررة للتخلّص منه حتى نجحت في النهاية بالطلاق منه والزواج من حبيبها محمد الذي عرفت معه أجمل أيام حياتها. لكن سعادتها انتهت بحادث طرق أودى بحياة محمد ومواجهة كاملة وأولادها لصعاب الحياة ووحوشها من جديد. وبانفجار الحرب الأهلية عام 1975 وجدت كاملة نفسها تفتقد أولادها الواحد تلو الآخر، ففاطمة وحنان مع الأولاد يسافرون إلى لندن . وتلحق بابنتيها من محمد إلى الكويت ومن ثم تلحق بابنها البكر إلى ولاية فلوريدا في الولايات المتحدة. ولكنها تقرّر العودة إلى لبنان لتعيش في وطنها وبين أهلها حتى كانت نهايتها بأن مرضت وفارقت الحياة وهي وسط أفراد بيتها.
قد تبدو سيرة حياة كاملة في خطوطها العريضة عاديّة كحياة الآلاف من الفتيات العربيات في بلداننا العربية. لكن التميّز فيها في التفصيلات والأحداث والمُمارسات التي كان يرفضها الأهل ويعاقبون عليها ويدينُها المجتمع. فكاملة منذ صغرها انحازت إلى جانب أمّها ورفضت طاعة والدها والبقاء عنده فغافلته وهربت. وفي بيروت كانت تتحدّى العيون الملاحقة لها وتقابل أصحابَها بالسخرية. كانت تحلم أن تكون ممثلة سينما ولهذا كانت تذهب دون علم أفراد بيتها لحضور أفلام سينمائية وكانت تتقمص شخصية البطلة وتحياها بكل تفاصيلها. وعندما وقعت في حبّ محمد لم تهتم لعواقب ذلك وانساقت في حبّها رغم أنها كانت مخطوبة لزوج شقيقتها التي توفيت. ولم تستسلم لحكم العائلة بتزويجها القسري وتمرّدت، وعندما فشلت كل محاولاتها وأرغمت على الزواج رفضت اقتراب زوجها منها حتى تآمر عليها الجميع واغتُصبَت بالقوة. وفي علاقتها مع محمد تحدّت كلّ مفاهيم العائلة والمجتمع وظلّت تُقابله وتُبادله الحبّ حتى نجحت أخيرا بالزواج منه بعد إرغام زوجها على الموافقة علىالطلاق منها.
وسيرة حياة كاملة هي سيرة حياة الكثيرات مثلها اللاتي عشن ظروفها التي عاشتها، وهي صورة بانورامية للمجتمع الشيعي الفقير في الجنوب اللبناني بكل عاداته وتقاليده ومفاهيمه وعلاقاته، وما يحدث لمَن يترك هذا المجتمع لينفتحَ على مجتمع بيروت المتفجر والمتغيّر أبدا. كما أن سيرة كاملة هي تأريخ للأحداث المهمة التي عاشها لبنان منذ سنوات العشرينات من القرن العشرين حتى سنوات السبعينات الأخيرة وأحداث الحروبات الأهلية اللبنانية في الخمسينات والسبعينات من القرن نفسه. كاملة تُمثّل هذا النموذج المتمرّد من الفتيات وحتى الشباب الذين رفضوا الاستسلام للواقع ونظروا إلى المستقبل يريدون ارتيادَه من أوسع بواباته لا يقفُ أمام طموحهم أيّ عائق. لم يكن في تحدّيها للواقع المَعيش ما هو من الخوارق والمستحيلات وإنما كان الإصرار على الرفض والنزوع الدائم للتغيير والخروج على المألوف. وذلك يتمّ ببساطة وعَفويّة تقترب من البراءة الطفوليّة ولكن باستمرارية وثبات على الرفض والتحدّي والسّعي نحو التغيير مستفيدة من معايشتها لوالدَيها وما تميّز به كلّ منهما : الأم باصرارها على ملاحقة الزوج الهاجر لها والمتزوّج عليها ومطالبته بدفع ما يُستَحَقّ منه، ومن ثم تركه والابتعاد عنه إلى الأبناء في بيروت لخوض حياة جديدة . والوالد الذي عشق نفسَه وأحبّ المرأة ووجد فيها سعادته وفرحَه فلم يتنازل عنها، ولأجلها ترك الزوجة والأولاد. وكما والدها أيضا كاملة كانت تخون زوجَها وتتحدّى المجتمع بعاداته وتقاليده، وتلتقي حبيبَها، وحتى تُضاجعه، ولم تهتم بكلام الناس وتعليقاتهم. ومن ثمّ تركت زوجَها وابنتيها من أجل الزواج من حبيبها الذي اختاره قلبها، ولم تشعر بالندم.
كاملة كانت تعي أهمية الدور الذي قامت به في حياتها وأبعاد الأفعال التي مارستها، رغم أن البعض قد يعتبرها عاديّة وليست ذات قيمة. فكاملة كونها الساردة لقصتها تُذكرنا بقول ماري تيريز عبد المسيح في تحليلها لدنيوية الحب في "طوق الحمامة" لابن حزم الأندلسي: " السارد هنا لا يُجاهرُ بخطيئته بل إنّه في حديثه عن تجربته في الحبّ يكشفُ عن مكنون ذاته بما له وما عليه فيما يخُصّه ويخصّ الآخرين. ويتمّ الإفصاح عن الذات في أسلوب ديالكتيكي حواري يُشارك فيه الساردُ والقارئ معا. حيث يخوض كلّ منهما التجربة عبر الآخر ممّا يهيئهما لتجاوز ذاتيّة الأنا لبلوغ الآخر. فالسارد يُجاوز ذاتيّتَه حينما يُشركُ القارئ في تجربته والقارئ يُجاوز ذاتيّته حين يخوض تجربة السارد. وإذا تحقّق التواصل بين السارد والقارئ عبر التجربة الابداعيّة يكون ما يُطلَق عليه بالمفهوم الأوسطي بلوغ التنوير perieteia وبالمفهوم الديني الهداية للحق"(12). ولهذا اهتمّت أن تكون سيرتها مُدوّنة ليعرفها الآخرون، وسعدتْ أنّها أودعتْ قصتها عند ابنتها الكاتبة حنان، التي كانت الأقربَ إليها ورأت فيها صورة مطابقة لها.
لقد اختارت الكاتبة حنان الشيخ أن تروي قصّة والدتها بضمير المتكلم لأن الوالدة هي التي روت قصتها وحنان أعادت صياغتها وتحدّثت باسمها ونجحت في أن تكتبَ سيرة ذاتيّة يتوفّر فيها الشرط المهم الذي حدّده فيليب لوجون وهو وجود تطابق بين المؤلف والسارد والشخصيّة.(13) وما تنفرد به "حكايتي شرح يطول" أنها تنسحب على أربعة أزمنة هي:
أ‌- زمن وقوع الأحداث في الماضي البعيد. ب- زمن سرد الأحداث على الكاتبة في الماضي قبيل موت صاحبة القصة. ج- زمن الكتابة. د- زمن القراءة.
ومن الطبيعي أن تتفاوت الأزمنة وتتداخل ما بين الاسترجاع والاستحضار وفي حالة "حكايتي شرح يطول" تكون العودة للماضي والاسترجاع للأحداث على دفعتين:
الأولي: عندما روت كاملة صاحبة السيرة قصتها على ابنتها حنان . والثانية: عندما قامت الكاتبة حنان، بعد مرور سنوات على موت أمها، بكتابة ما سمعته وسجّلته في أوراقها.
وطبيعي أن تَتمّ في المرتين، خلال محاولة الذهاب إلى الماضي والاستعانة بالذاكرة لاسترجاعه وإحيائه تحت تأثير الحاضر بمفاهيمه وتغييراته، قَصَد الساردُ أو لم يقصد، عمليات الانتقاء والاختيار والتقديم والتأخير لسَرد الأحداث ممّا يُبعد صفة الصدق الكامل عن السيرة الذاتية التي توخّتها الكاتبة بتقديمها لقصّة والدتها. فمهما حاولَ كاتبُ السيرة الذاتية التخلصَ من أثر الزمن الحاضر ، زمن الكتابة، والالتحام بالماضي فسيجدُ أنّه واهم وليس بمقدوره ذلك.
حنان الشيخ في كتابتها لسيرة والدتها، كما في رواياتها السابقة، لم تحاول الرقابةَ والحذفَ ومراعاةَ الآخرين، ونقلت لنا بكل صدق وأمانة مواقفَ وأفكارَ وممارسات أمّها كاملة التي بكل شجاعة تجاهلت الأقانيم الثلاثة المحرمة "السياسة والجنس والدين" وتمرّدت على مفاهيم الناس وقوانينهم. فعندما أحبّت وهبَت روحَها ونفسيتَها وحتى جسدَها للحبّ وللرجل الذي أحبته رافضة كل النصائح والتهديدات، وتجاوزت كلّ الحواجز والصعوبات حتى حققت التواصلَ معه والزواج منه. وعندما شعرت أن المراسيمَ الدينيّة المُتّبعة تُقيّد حريّتها وتضغط على أنفاسها رفضتها بسهولة ودون أيّ شعور بالذنب، فقد رفضت إدخالَ الشيخ المقرئ الذي أثقل عليها بحضوره اليومي بعد موت زوجها حتى ضاقت ورفضت فتح الباب له وسألته بتحدّ وآصرار :"نعم شو بتريد؟ وإذ قال: أنا الشيخ اللي بيجي كل يوم أقرأ عن روح ابن عمّك. قالت له طاردة إيّاه: الظاهر إنّك غلطان بالبيت، ما فيش ميّت عنّا مش حرام تفوّل علينا"؟(14)
يبدو أنّ الكاتبة حنان الشيخ انساقت في كتابتها لسيرة والدتها فجعلتها تتحدّث بالنيابة عنها حتى بعد عجزها عن الحركة والكلام والوعي وحتى بعد مغادرتها للحياة وبعد مرور سنوات على موتها ممّا جعلني كقارئ أتساءل عن الحكمة في عملها هذا، ولماذا لم تقم حنان، التي ائتَمَنَتها أمّها على قصتها، بعد تدهور صحة أمّها ومن ثم موتها، بتسجيل ما كتبته بلسانها هي مؤكدة بذلك على اخلاصها لوصية أمها ووديعتها ومُظهرَة حبّها الكبير لتلك الوالدة التي كان لها التأثير الكبير عليها مما كان يُكسب القصّةَ المصداقية والواقعيّة والقبول أكثر. لكن الحقيقة التي يجب أن تُقال: إنّ حنان الشيخ في روايتها لسيرة والدتها الذاتية ساهمت في ترسيخ هذا الجنار في أدبنا العربي الحديث واستطاعت أن تُحقّق الشرطَ الأساسيّ فيه وهو وجود التطابق بين المؤلف والسّارد والشخصيّة.

الإشارات:
1- قطع من السيرة الذاتية لمحمد بن شهاب الزهدي والسيرة النبوية لابن اسحق وابن هشام وكتاب سيرة محمد النفس الزكية ، وكتاب الحارث بن أسد المحاسبي، وكتب سير الملوك والأمراء والسلاطين. ونجد تراجم وسير الفقهاء والمحدثين والقراء في كتب الفارابي وابن سينا والبيروني وياقوت الحموي وغيرهم.
2- جورج ماي: السيرة الذاتية، ترجمة محمد القاضي وعبدالله صولة، قرطاج، تونس 1993،
3- فيليب لوجون: السيرة الذاتية، ترجمة وتقديم عمر حلي. المركز الثقافي العربي بيروت 1994 . ص 22
4- فيليب لوجون: جريدة القدس العربي، لندن – العدد 4118 في 13 آب 2002 ص 11
5- جيرار جينيت وآخرون: وجهة النظر من السرد إلى التبئير، ترجمة ناجي مصطفى، الدار البيضاء 1989، ص 67
6- حاتم الصكر: السيرة الذاتية النسوية: البوح والترميز القهري. مجلة فصول ، عدد 63 شتاء وربيع 2004. ص 211
7- والاس مارتن: نظريات السرد الحديثة، ترجمة حياة جاسم محمد، المشروع القومي للترجمة القاهرة 1998، ص 97
8- يمنى العيد: السيرة الذاتية الروائية والوظيفة المزدوجة، مجلة فصول، العدد الرابع، القاهرة شتاء 1997، ص 12
9- جورج ماي : مصدر سابق ص 94
10- حنان الشيخ: حكايتي شرح يطول. دار الآداب ، بيروت 2005. ص 379
11- المصدر السابق ، ص 380
12- ماري تيريز عبد المسيح: دنيوية الحب في طوق الحمامة. مجلة إبداع، العدد التاسع، سبتمبر 1996، ص 92
13- فيليب لوجون : مصدر سابق ، ص 24
14- حنان الشيخ: حكايتي شرح يطول، ص 280

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:48 PM
من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة


حنان الشيخ روائية لبنانية من بلدة أرنون (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A3%D8%B1%D9%86%D9%88%D9%86) في جبل عامل (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AC%D8%A8%D9%84_%D8%B9%D8%A7%D9%85%D9%84) (جنوب لبنان (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%AC%D9%86%D9%88%D8%A8_%D9%84%D8%A8%D9%86%D8%A7% D9%86))
ولدت في بلدة أرنون عام 1943 ميلادي
انهت دراستها في القاهرة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9)
تنقلت وعاشت في بلدان كثيرة فمن بيروت (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA) إلى القاهرة (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%82%D8%A7%D9%87%D8%B1%D8%A9) فالسعودية (http://www.mnaabr.com/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%B9%D9%88%D8%AF%D9%8A%D8%A9) وصولا إلى لندن (http://www.mnaabr.com/wiki/%D9%84%D9%86%D8%AF%D9%86)
كتبت أولى رواياتها في عمر التاسعة عشر.
عملت في جريدة النهار اللبنانية ومجلة الحسناء اللبنانية لفترة من الوقت
ترجمت رواياتها إلى احدى وعشرين لغة
مؤلفاتها



انتحار رجل ميت
حكاية زهرة
مسك الغزال
فرس الشيطان
أكنس الشمس عن السطوح
امرأتان على شاطئ البحر
بريد بيروت
إنها لندن يا عزيزي
اوراق زوجية
حكايتي شرحٌ يطول

المصادر

قضاء النبطية في قرن - علي حسين مزرعاني- صفحة 252 - الطبعة الأولى 2002م

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:49 PM
بعد تقديمها سيرة ذاتية "جريئة" عن والدتها

الروائية حنان الشيخ: لهذه الأسباب رفضت الظهور مع "أوبرا وينفري"



دبي - العربية.نت
أكدت الروائية اللبنانية حنان الشيخ أنها رفضت عرضا للظهور في برنامج المذيعة الشهيرة أوبرا وينفري، وذلك بعد نجاح روايتها "حكايتي شرح يطول" وتروي فيها بأسلوب شائق وعميق السيرة الذاتية لأمها.

وعن قصة رفضها الظهور في برنامج "أوبرا"، تقول: "بعد نجاح الكتاب في لندن وأميركا، تمّ إرساله ضمن كتب أخرى طبعاً إلى أوبرا وينفري التي تختار مع فريق عملها الكبير ما تراه مُلائماً. ووجدوا في كتابي ما يجذب انتباه الناس إليه لكونه يحكي سيرة ذاتية لامرأة عربية مُسلمة أميّة تحدّت عائلتها وبيئتها وعشقت على زوجها وتركت منزلها وأطفالها وابنتها التي أصبحت فيما بعد الكاتبة المعروفة التي تجرأت أن تنشر قصة أمها كما هي".

وتابعت في حديثها إلى صحيفة "الحياة": "اتصلوا بي ورحّبت بالفكرة طبعاً إلّا أنهم اشترطوا علي بعض الأسئلة التي لم أجد لها مبرّراً وكأنهم كانوا يُريدون إعطاء الحوار طابعاً فضائحياً إلى حدّ ما. لذا فضلّت عدم الظهور مع أوبرا بالشروط التي ترضي برنامجها على حساب قناعاتي الشخصية. وأخبرتهم بصراحة بأنني لا أرغب في الظهور معهم لتدخلهم الوقح بتفاصيل لا تهمّ البرنامج ولا المشاهدين.

وأضافت: "ولا أخفي عليك أنّ الدار التي تولّت نشر الكتاب في أميركا سألتني: (هل كنت تحلمين بالظهور في برنامج أوبرا؟). الدار انزعجت كثيراً للقرار الذي اتخذته واعتبروا رفضي لهذا العرض فيه خسارة مادية كبيرة لهم كدار نشر. ولكنني مقتنعة بما فعلت ولست نادمة على الإطلاق، لأنني على رغم الجرأة التي تُلازمني كصفة إلّا أنني لا أقدّم أي شيء على حساب شفافيتي وصدقي واحترامي لنفسي ولأدبي. ولكن في المجلّة التي تصدر عن برنامج أوبرا تناولوا الكتاب وقدّموا مقالة نقدية جميلة جداً، ولم يأتوا على ذكر سوء التفاهم الذي حصل في ما بيننا".


وفي موضوع آخر، وفيما إذا كانت نهاية بعض الحكام المستبدين في ثورات "الربيع العربي" قد أثرت بها، قالت: "الشباب العربي حاربهم بالشغف وحبّ الحياة بعزّة وكرامة. قلبهم كان سلاحهم. وأعتقد أنهم نجحوا في ما أرادوه. هناك من يعتقد أنّ التغيير يُمكن أن يؤدي للأسوأ ولكن كيف يُمكن أن نعرف ما الذي ينتظرنا ونحن نلتزم أماكننا من دون أن نُحرّك ساكناً. هل نقبل بالظلم خوفاً من المجهول؟ وهل ثمة ما هو أسوأ من الأوضاع التي كانت تعيشها هذه الشعوب؟."

وزادت: " إنّ المصير الذي لاقاه الزعماء العرب هم الذين قرّروه لأنفسهم. ماذا يعني أن يحكم فرد شعباً كاملاً ما يُقارب نصف قرن؟ وماذا ينتظر من يقبع في الحكم ثلاثين وأربعين عاماً والبلاد تغرق في القمع والفقر والجهل؟ شعبه لن يُكرّمه في النهاية، ولن يموت طبعاً ميتة الأبطال. هؤلاء الأشخاص عاشوا جنون العظمة ونسوا الحياة بصورتها الطبيعة، تجاهلوا دورة الكواكب ووجود الشمس والقمر واعتقدوا أنّ كلّ شيء يدور في فلكهم وأنّهم سيبقون إلى الأبد. وهذه الكذبة التي صدّقوها هي التي أودت بهم إلى هذه النهايات المخزية"

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:49 PM
حنان الشيخ
- طفولة صعبة ومؤلمة.
- تقول عنها في مقابلة صحفية اعلاه"لم اعش حياة تقليدية في بيتنا، امي لم تكن في البيت، وابي يشتغل طوال النهار ولا يعود الا ليلاً. لم تكن هناك سلطة أبوية ثم ان الشخص في تكوينه الجيني يحمل التمرد احياناً. وانا اكتب سيرة امي اكتشفت ان امي بتركها البيت وزواجها بحبيبها، وثورتها على واقعها، قد تكون اورثتني اشياء كثيرة. لا اسأل نفسي هذا السؤال. لكنني اذكر حين كنت صغيرة جداً ومررت بمنطقة «رأس بيروت» وشاهدت البحر، قلت في نفسي، اريد ان اعيش هنا لا في «رأس النبع» مع الجيران الذين يفتحون الشبابيك كلما مررنا ليتفرجوا علينا. تمردت على والدي المتدين كثيراً، وصارحته انني اكذب عليه وانني اضع الحجاب في حقيبتي لا على رأسي. كان اقربائي يقولون بأن حياتي ستكون صعبة لأنني اعاند وأشاكس. انما اريد ان اقول هنا بأنني عشت حياة مختلفة عن الآخرين بسبب غياب امي. كنت احمل الأكل لوالدي وامشي في بيروت من سوق الى سوق، اقرأ المكتوب على اللافتات وكان ثمة كلام جميل يسحرني".
- وتقول في ردها على سؤال آخر وهو : * لغتك ايقاعها سريع، والمشهد عندك يطوى بسرعة، بحيث لا تتركين فرصة للقارئ ليتململ، فهل انت انسانة ضجرة؟
ـ جداً، ثم انني لا افكر بأن ما اكتبه سينشر، يخيل الي انني ألعب او اكتشف عالماً جديداً اتمتع به بعد ان بنيته. منذ صغري كنت احب ان أُسلّي من حولي، واثبت لأولاد الحي اننا مثلهم، رغم ان امنا تركتنا، كنت امثّل لهم، اخترع لهم قصصاً، اكذب عليهم، اردتهم ان يقبلوني، واستعملت خيالي لأتودد إليهم، رغم انني كنت اعيش باستمرار اغتراباً داخلياً. حين كنت ادخل بيتنا اشعر بأن اشياءه تتكلم، اثاثه اشخاص ناطقون، هذا عدا النسوان الكثر اللاتي كان يعج بهن البيت، وحكاياتهن وثرثراتهن، هناك عوامل كثيرة لعل منها انني لم اكن ناجحة بالقدر الكافي في المدرسة، ولم اتعلم كثيراً، ولم ادرس كثيراً، ولم اقرأ كثيراً كما فعل غيري، لذلك لم تتقيد موهبتي.

غير واضح تماما متى مات والدها وهناك ما يشير الى احتمال ان تكون ابنة محمد حبيب امها وان كان محمد والدها تكون قد عاشت بعيدة عنه ثم مات في حادث سيارة وهي صغيرة ..على كل حال لا شك انها عاشت حياة مأزومة ومضطربة.

يتيمة اجتماعيا بسبب غياب الام,

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:50 PM
53- ريح الجنوبعبد الحميد بن هدوقة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%B9%D8%A8%D8%AF_%D8%A7%D9%84%D8%AD%D9%85%D9%8A% D8%AF_%D8%A8%D9%86_%D9%87%D8%AF%D9%88%D9%82%D8%A9) الجزائر

لأول مرة على النت رواية " ريح الجنوب" لعبد الحميد بن هدوقة
لأول مرة على النت وحصريا الرواية الجزائرية المشهورة " ريح الجنوب" لعبد الحميد بن هدوقة بصيغة جافا للهواتف الجوالة الداعمة للعربية.
نشرت هذه الرواية سنة 1971 وتُعدُّ أول رواية جزائرية ناضجة فنيا وهي تصوّر المجتمع الريفي الجزائري بعاداته وتقاليده وخرافاته. وبطلته الطالبة الجامعية نفيسة التي تعود إلى قريتها في العطلة الصيفية بعد انتهاء الجامعة وهي تحلم بالعودة إلى العاصمة لإنهاء دراستها، لكن أباها كان يدبر لها شيئا آخر، حيث تحقيقا لمصالحه الإقطاعية أراد تزويجها من شيخ البلدية الذي يفوقها في السن مرتين.
وحينما لم تستطع أن توقف تحضيرات أبيها لتزويجها قررت الفرار؟
ولكن هل ستنجح؟ أترككم مع رواية رائعة جدا صوّرت بحق المجتمع الريفي الجزائري في نهاية الستينات وبداية السبعينات من القرن الماضي.
وقد حُوّلت إلى فيلم جزائري سينمائي يحمل العنوان ذاته.

الرابط هو :

http://www.mediafire.com/?7cqu32k9n399rb9 (http://www.mediafire.com/?7cqu32k9n399rb9)
==

ريح الجنوب - دراسة نقدية
عن منتديات الشروق
الكاتب : سميحة
لقد شهد الأدب الجزائري محاولاتقصصية مطولة تنحو منحى روائيا ، وأول عمل من هذا النوع كتبه صاحبه سنة 1849 وهو "حكايةالعشاق في الحب والاشتياق" لمحمد بن إبراهيم المدعو الأمير مصطفى ، ثم تبعتهمحاولات أخرى مثل "غادة أم القرى" لأحمد رضا حوحو، "الطالب المنكوب" لعبد المجيد الشافعي ، " الحريق" لنور الدين بوجدرة ... (1) (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftn1) .

إلا أنالنشأة الجادة لرواية فنية ناضجة ارتبطت برواية "ريح الجنوب" ، وقد كتبها عبدالحميد بن هدوقـة في فترة كان فيها الحديث جديا عن الثورة الزراعية فأنجزها في 5/11/1970 ، ثم كان التطبيق الفعلي لهذا المشروع في 8/11/1971 ،فدشن الرئيس هواري بومدين أول تعاونية للثورة الزراعية في قرية خميس الخشنة في 17/06/1972 ، ثم دشنت بعد ذلك أول قرية اشتراكية في عين نحالةبتاريخ 17/06/1975 ( (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftn2)2) .

تنطلق الروايةفي صباح يوم الجمعة ، - وهو يوم سوق – أين يستعدعابـد بن القاضي للذهاب إلى السوق مع ابنه عبد القادر ، فيقف قرب الدار متأملاأراضيه وقطيع الغنم الذي يقوده الراعي رابح ، وعلى صدره هم ينغص راحة باله ، ذلك أنهناك إشاعات بدأت تروج منذ صدور القرارات المتعلقة بالتسيير الذاتي حول الإصلاحالزراعي ، ثم خطرت بباله فكـرة بعثت في نفسه السرور حين نظر من الخارج إلى غرفةابنته نفيسة ، يتلخص مضمونها في تزويج ابنته إلى مالك شيخ البلدية والذي يقومبتأميم الأراضي ، في ذلك الوقت كانت نفيسـة داخل غرفتها تعاني الضيق و الشعوربالضجر تقول أكاد أتفجر، أكاد أتفجر في هذه الصحراء( (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftn3)3) ، ثم تضيـف " كل الطلبة يفرحون بعطلهم ، أما أنا فعطلتي أقضيها فيمنفى " (4) (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftn4) ، و فجأة تهدأ نفيسة منحالة الاضطراب ، عندما تسمع صوت أنغام حزينة كان يعزفها الراعي رابح ، فتطرب ولايخرجها من ذلك إلا صوت العجوز رحمة منادية على أخيها عبد القادر من بعيد ، معلنة عنقدومها ، كي تذهب مع خيرة – والدة نفيسة- إلى المقبرة ، فترغب هذه الأخيرة في الذهابمعهما " أرغب في ذلك يا خالة ! أود أن أرى الدنيا ، إنني اختنقت في هذا السجن" ( (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftn5)5) .

بعد أيامتحتفل القرية بتدشين مقبرة لأبناء الشهداء الذين سقطوا أيام حرب التحرير، فيستقبلعابد بن القاضي أهل القرية في بيتـه رغبة منه في التأثير في مالك و إعادة ربط مابينهما من صلات قديمـة فمالك كان خطيب زليخـة – ابنة عابد بن القاضي- والتي استشهدتأيام الثورة ، حين أعد مالك ورفاقـه من المجاهدين لغما كان من المفترض أن يستهدفقطارا عسكريا ، لكنه خطأ استهدف قطارا مدنيا كانت زليخة من ركابه ، مما أثار غيظابن القاضي فوشى بالمجموعة لقوات الاحتلال ، فأثر ذلك في نفس مالك و أصبح يتهرب منه، وفي هذا اليوم يوم الاحتفال يدعو عابد بن القاضي مالكا لرؤية زوجته خيرة ، لأنهاترجو ذلك منه ، فيقبل دعوتها، وعندما يدخل الغرفة ما إن يقع نظره على نفيسة حتىيبهت لما رأى ، فهي شديدة الشبـه بأختها وخطيبته السابقة زليخة .

ويسعى عابدبن القاضي لإشاعة خبر خطوبة مالك لابنته نفيسة على الرغم من تحفظ مالك ، فتعلن خيرةهذا الخبر لابنتها فترفض بشدة لأنها لا ترغب بالبقاء في القرية ، كما انه لا تريدالزواج بشخص يكبرها سنا ولا تعرفه جيدا وحين يصر الأب على قراره وتفشل في صده ،تستنجد بخالتها التي تسكن في الجزائر فتكتب لها رسالة ، تطلب من رابح أن يحملها إلىالقرية المركزية ويضعها في البريد ، فيعجب بها رابح لأنها تكلمت معه بلطف ، وظنهامعجبة به ، فقرر زيارتها ليلا، وبالفعل يقوم بذلك، وعندما تجده فجأة أمام سريرهاتدفعه وتشتمه: " أخرج من هناأيها المجرم ! ، أيها القذر أيها الراعي القذر " (6) (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftn6) ، فخرج مطأطأ رأسه حزينا، وبقيت تلك الكلمة المؤلمة تدوي في سمعه " أيها الراعي القذر " ، ومن يومها يقررترك الرعي ويشتغل حطابا.

تمر الأيام ولا يزال الأب مصمما على تزويجابنتـه لمالك ، فتفكر طويلا في حل لمشكلتـها ، فتفكـر في إدعاء الجنون ثم الانتحار، وأخيرا يقـع اختيـارها على حل نهائي وهو " الفرار" ، فتضع خطة محكمة للهروب ،وتقرر تنفيذ خطتها يوم الجمعة لأن الرجال يتوجهون إلى السوق بينما النساء يتوجهنإلى المقبرة ، فتخرج متنكرة مرتدية برنس والدها حتى لا يعرفها أحد ، فتتجه إلىالمحطة عبر طريق ذا طابع غابي فتظل ويلدغها ثعبان ، فيغمى عليها، ويصادف أن يجدهارابح – الذي أصبح حطابا- فيتعرف عليها ، و يعود بها إلى بيته أين يعيش مع أمهالبكماء ، ولا يطلع والدها لأنها لا تريد العودة " دار أبي لن أعود إليها أبدا " ( (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftn7)7) ، لكن الخبر يشيع في القرية فيعلم والـدها ، ويعزم على ذبح رابح ، فينطلقإلى بيته ، ويهجم عليـه بقوة شاهرا " موسه البوسعادي " فتنهار قوى رابح ، فتسرع أمهإلى فأس ضاربة عابد بن القاضي على رأسه فتنفجر الدماء من رأسه ومن عنق رابح ،فتنصرف الأم مسعفـة ابنها و البنت مسعفة أباهـا ، ثم قامت الأم ودفعت نفيسة إلىخارج البيت وبدأت تصرخ ، فأقبل الناس فزعين ، واتجهت نفيسة راجعة إلى بيت أبيها،بعد أن فشلت محاولتها فيالهرب.

(1) (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftnref1) ينظر عمر بنقينة ، في الأدب الجزائري الحديث ، ص 197/198
( (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftnref2)2) ينظر عمر بنقينة ، الأدب العربي الحديث ، شركة دار الأمة للطباعة والنشر والتوزيع ، الجزائر ،ط1 ،1999 ص 168
( (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftnref3)3) عبد الحميدبن هدوقة ، ريح الجنوب ، المؤسسة الوطنية للكتاب ، الجزائر ، ط5 ،ص10

(4) (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftnref4) عبد الحميدبن هدوقة ، ريح الجنوب ، ص10

( (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftnref5)5) المصدرالسابق ، ص20

(6) (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftnref6) عبد الحميدبن هدوقة ، ريح الجنوب ، ص108

( (http://www.echoroukonline.com/montada/newthread.php?do=newthread&f=86#_ftnref7)7) المصدرالسابق ، ص246

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:50 PM
عبد الحميد بن هدوقة

أديب جزائري (1925 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1925) - 1996 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1996)).
ولد عبد الحميد بن هدوقة في 9 يناير (http://ar.wikipedia.org/wiki/9_%D9%8A%D9%86%D8%A7%D9%8A%D8%B1)1925 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1925) بالمنصورة برج بوعريريج (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D8%B1%D8%AC_%D8%A8%D9%88%D8%B9%D8%B1%D9%8A% D8%B1%D9%8A%D8%AC). بعد التعليم الابتدائي انتسب إلى معهد الكتانية بقسنطينة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9)، ثم انتقل إلى جامع الزيتونة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AC%D8%A7%D9%85%D8%B9_%D8%A7%D9%84%D8%B2%D9%8A% D8%AA%D9%88%D9%86%D8%A9)بتونس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3) ثم عاد على الجزائر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1) ودرس بمعهد الكتانية بقسنطينة (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%82%D8%B3%D9%86%D8%B7%D9%8A%D9%86%D8%A9). نضاله ضد المستعمر الفرنسي (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D9%8A) الذي كان له بالمرصاد، دفعه إلى مغادرة التراب الوطني مرة أخرى نحو فرنسا (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%81%D8%B1%D9%86%D8%B3%D8%A7) ثم يتجه عام 1958م لتونس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3)، ثم يرجع إلى الوطن مع فجر الاستقلال.توفي في أكتوبر 1996م (http://ar.wikipedia.org/wiki/1996).
تقلد عدة مناصب منها: مدير المؤسسة الوطنية للكتاب، رئيس المجلس الأعلى للثقافة، عضو المجلس الاستشاري الوطني ونائب رئيسه.
علّم الأدب العربي بالمعهد الكتاني بين 1954- 1955 ثم التحق بالقسم العربي في الإذاعة العربية بباريس حيث عمل كمخرج إذاعي، ومنها انتقل إلى تونس ليعمل في الإذاعة منتجاً ومخرجاً. وبعد عودته إلى الجزائر عمل في الإذاعتين الجزائرية والأمازيغية لأربع سنوات ورئس بعدها لجنة إدارة دراسة الإخراج بالإذاعة والتلفزيون والسينما وأصبح سنة 1970 مديراً في الإذاعة والتلفزيون الجزائري.
أمه بربرية وأبوه عربي مما أتاح له أن يتمتع بتلك الخلفيتين اللتين تمتاز بهما الجزائر وأن يتقن العربية والأمازيغية بالإضافة إلى الفرنسية التي تعلمها في المدارس رغم أن الفرنسية في تلك الحقبة من تاريخ الجزائر كانت ممقوتة لأنها لغة المستعمر، خصوصاً لدى سكان الريف الذين اعتبروا المتكلمين بها والدارسين لها بمثابة التجنيس. من هنا جاء قرار والده بإرساله إلى المعهد الكتاني الذي كان فرعاً للزيتونة في تونس. وكان أساتذة هذا المعهد من الأزهريين أو ممن تخرجوا من المدرسة العربية الإسلامية العليا بالجزائر. له مؤلفات شعرية ومسرحية وروائية عديدة ترجمت لعدة لغات. اكسبته نشأته في الأوساط الريفية معرفة واسعة بنفسية الفلاحين وحياتهم. ما جسده في عدة روايات تناولتها الإذاعات العربية.
مؤلفاته


الجزائر بين الأمس واليوم، دراسة نشرت تحمل اسم وزارة الأخبار للحكومة الجزائرية المؤقتة سنة 1959 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1959).
ظلال جزائرية (مجموعة قصص) (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B8%D9%84%D8%A7%D9%84_%D8%AC%D8 %B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1%D9%8A%D8%A9_%28%D9%85%D8%AC% D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9_%D9%82%D8%B5%D8%B5%29&action=edit&redlink=1) نشرت في بيروت (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA) عن دار الحياة سنة 1961 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1961).
الأشعة السبعة (مجموعة قصص) (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%A3%D8%B4%D8%B9%D8% A9_%D8%A7%D9%84%D8%B3%D8%A8%D8%B9%D8%A9_%28%D9%85% D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9_%D9%82%D8%B5%D8%B5%2 9&action=edit&redlink=1) صدرت في تونس (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%AA%D9%88%D9%86%D8%B3) عن الشركة القومية للتوزيع والنشر سنة 1962 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1962).
الارواح الشاغرة (ديوان شعر) (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%A7%D8%B1%D9%88%D8% A7%D8%AD_%D8%A7%D9%84%D8%B4%D8%A7%D8%BA%D8%B1%D8%A 9_%28%D8%AF%D9%8A%D9%88%D8%A7%D9%86_%D8%B4%D8%B9%D 8%B1%29&action=edit&redlink=1) صدر في الجزائر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1) عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1967 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1967).
ريح الجنوب (رواية) (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%B1%D9%8A%D8%AD_%D8%A7%D9%84%D8 %AC%D9%86%D9%88%D8%A8_%28%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A% D8%A9%29&action=edit&redlink=1) صدرت في الجزائر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1) عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1971 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1971)
الكاتب وقصص أخرى (مجموعة قصص) (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D9%83%D8%A7%D8%AA%D8% A8_%D9%88%D9%82%D8%B5%D8%B5_%D8%A3%D8%AE%D8%B1%D9% 89_%28%D9%85%D8%AC%D9%85%D9%88%D8%B9%D8%A9_%D9%82% D8%B5%D8%B5%29&action=edit&redlink=1) صدرت في الجزائر (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%B2%D8%A7%D8%A6%D8%B1) عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1974 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1974).
نهاية الامس (رواية) (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%86%D9%87%D8%A7%D9%8A%D8%A9_%D8 %A7%D9%84%D8%A7%D9%85%D8%B3_%28%D8%B1%D9%88%D8%A7% D9%8A%D8%A9%29&action=edit&redlink=1) صدرت في الجزائر عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1975 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1975).
بان الصبح (رواية) (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A8%D8%A7%D9%86_%D8%A7%D9%84%D8 %B5%D8%A8%D8%AD_%28%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9% 29&action=edit&redlink=1) صدرت في الجزائر عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1980 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1980).
الجازية والدراويش (رواية) (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D9%84%D8%AC%D8%A7%D8%B2%D9% 8A%D8%A9_%D9%88%D8%A7%D9%84%D8%AF%D8%B1%D8%A7%D9%8 8%D9%8A%D8%B4_%28%D8%B1%D9%88%D8%A7%D9%8A%D8%A9%29&action=edit&redlink=1) صدرت في الجزائر عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1983 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1983).
قصص من الادب العالمي (مجموعة قصص ترجمها الكاتب واختارها من الادب العالمي، صدرت في الجزائر عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1983.
النسر والعقاب (قصة للاطفال بالالوان) صدرت في الجزائر عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1985 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1985).
قصة في ايركوتسك (مسرحية سوفياتية مترجمة) صدرت في الجزائر عن الشركة الوطنية للنشر والتوزيع سنة 1986 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1986).
دفاع عن الفدائيين (دراسة مترجمة عن عمل قام به المحامي فيرجيس (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D9%81%D9%8A%D8%B1%D8%AC%D9%8A%D8% B3&action=edit&redlink=1)) نشرت في بيروت (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D8%A8%D9%8A%D8%B1%D9%88%D8%AA) سنة 1975 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1975)، وسلمت هذه الدراسة إلى منظمة التحرير الفلسطينية (http://ar.wikipedia.org/wiki/%D9%85%D9%86%D8%B8%D9%85%D8%A9_%D8%A7%D9%84%D8%AA% D8%AD%D8%B1%D9%8A%D8%B1_%D8%A7%D9%84%D9%81%D9%84%D 8%B3%D8%B7%D9%8A%D9%86%D9%8A%D8%A9).
غداً يوم جديد (رواية) (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%BA%D8%AF%D8%A7%D9%8B_%D9%8A%D9 %88%D9%85_%D8%AC%D8%AF%D9%8A%D8%AF_%28%D8%B1%D9%88 %D8%A7%D9%8A%D8%A9%29&action=edit&redlink=1) صدرت في الجزائر سنة 1992 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1992) في بيروت عن دار الادب سنة 1997 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1997).
امثال جزائرية، صدر في الجزائر، عن الجمعية الجزائرية للطفولة سنة 1993 (http://ar.wikipedia.org/wiki/1993).

وصلات خارجية


مسيرة عبد الحميد بن هدوقة (http://www.aljahidhiya.asso.dz/encyclop/mileffat/B_B/Abdelhamid_Benhaduga.htm)
عبد الحميد بن هدوقة مؤسس الرواية الجزائرية العربية (http://www.elmouchahid.net/modules.php?name=News&file=print&sid=631) - الطيب ولد العروسي : موقع المشاهد

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:51 PM
في اعتقادي أن شخصيات مثل الوالد لم يخرجوا للجمهور صدفة، وإنما تكونت شخصياتهم بعد تجربة وبعد نضال وبعد تضحيات. ربما، وأقول ذلك بتحفظ لأنني لم أقرأ جميع الأعمال النقدية عن الوالد، ربما يتم حصر عبد الحميد في خانة الأديب وكفى، لكن الوالد كان مناضلا في صفوف حركة انتصار حريات الديمقراطية، تخيلي أنه كان مطاردا من قبل الاستعمار الفرنسي وجرح برصاصة في ذراعه أطلقها عليه رجل الشرطة الاستعمارية>

من مقابلة مع نجل مؤسس الرواية الجزائريّة أنيس بن هدوقة للوكالة: عبد الحميد بن هدوقة كان شاعرا .. وطباعة أعماله ليست مسؤولية وزارة الثقافة

==
ابنهدوقة.. كان -يبدو- خجولاً.. منطوياً.. متواضعاً.. أنيقاً، هادئاً، وإذا تكلم أقنع،ويمتاز في كتاباته بأسلوب جميل، أخاذ، رصين.. وبفكر عميق ثاقب.. ولغة قوية مطواعةكان لامعاً..! وكان يمكن أن يحاط بالحب، كما يحاط بالحسد..‏
والدهرجل عالم وجيه.. ولد في قريته الصغيرة /الحمراء/ وفي القرية الكبيرة المجاورة/ /المنصورة/ شب عبد الحميد، وحفظ القرآن ودرس مبادئ اللغة العربية، وتعلم في المدارسالفرنسية ثم حوله والده إلى معهد /الكتانية/ بقسنطينة للدراسة بالعربية حيث داومفيه مدة خمس سنوات، /عبد الحميد من ولاية/ سطيف/.‏ من مقالعبدالحميد بن هدوقة ورحيل الأدباء..!؟

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:51 PM
عبد الحميد بن هدوقة

دخل المعترك السياسيوأصبح عضواً في حركة انتصار الحريات الديمقراطية، ثم اميناً عاماً بها، ورئيسجمعية الطلبة الجزائريين في تونس. قبض عليه في 18 كانون الاول - ديسمبر- 1952 فيتونس بعد قيامه بمهمة صحافية وذلك بتغطية تظاهرات نسائية في احدى احوار تونس، وسجنفي زغوان في تونس ثم فر من السجن مع مجموعة من رفاقه. (سنة اندلاع ثورة التحريرالجزائرية) عاد الى الجزائر. وعندما حصل الانقسام بين حركة انتصار الحرياتالديمقراطية وجبهة التحرير الوطني، استقال من كل مناصبه وكرس جهده لتدريس الادب فيالمدرسة الكتانية، ونتيجة ملاحقته المستمرة، اتخذ بطاقة تعريف جديدة باسم عبدالحفيظ مصطفى، وجواز سفر وغادر ثانية الى فرنسا ونتيجة الجهد والتعب الكثير دخلالمستشفى وطلب منه الاطباء تغيير عمله، وربما كان هذا هو السبب الاساسي الذي جعلهيهتم بالكتابة والإبداع اكثر من اي شيء آخر، كالتمثيل في السينما او المسر.

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:52 PM
قراءة في رواية: نهَاية الأمس للرّوائي الجزائري عبد الحميد بن هدوقه
أحمد دوغان‏

إن المتتبع للأدب الجزائري الحديث يشعر بادئ ذي بدء أنه أدب ثوري، عرف حقيقة الثورة بكل أبعادها النضالية، الثورة ضد الاستعمار، والثورة ضد الإقطاع والاستغلال، والثورة في مرحلة البناء الاشتراكي، وهذا يعني أنه أدب هادف.. عمل على تغيير الواقع نحو الأفضل، وكان التزامه به حتمياً، وتجلى هذا الالتزام في سائر الفنون الأدبية، وإذا تجلت الصور الثورية المختزلة في الشعر والقصة القصيرة، فإن الرواية استطاعت أن تبلور معالم الحياة الواقعية إبان الثورة، وأثناءها، وبعد الاستقلال، ولعل هذا الواقع قد قدّم لهم مادة خصبة تساعد الروائي في عملية الإبداع، ومن الروائيين الذين عايشوا الأحداث في الجزائر واقعاً وفناً، "الطاهر وطار" و "عبد الحميد بن هدوقه" وإذا وقفنا في فترة سابقة عند رواية (الزلزال)1للطاهر وطار، فإن حديثنا في هذا المقال سيكون عن رواية (نهاية الأمس)2للروائي عبد الحميد بن هدوقه.‏
ولد الروائي والقاص الجزائري عبد الحميد بن هدوقه سنة 1929 بالمنصورة التابعة لولاية سطيف، قضى طفولته في الريف، في قرية تركت آثارها على كتاباته من بعد.. وبعد إتمامه للتعليم الابتدائي، انتسب إلى المعهد (الكتاني) بقسنطينة، ولما بلغ من العمر سبعة عشر عاماً سافر إلى مرسيليا، بفرنسا، وظل هناك حتى عام 1949 ليلتحق بالمعهد ذاته، ولمدة سنة ثم يجدد السفر ثانية، ولكن هذه المرة إلى تونس، وفي جامع الزيتونة يقضي أربع سنوات في دراسة الأدب إلى جانب كونه طالباً في (معهد الفنون الدرامية) ليعود إلى الجزائر في عام الثورة 1954، ويقوم بتدريس مادة الأدب في (المعهد الكتاني) ولم يكن (ابن هدوقه) في مهنته مدرساً فقط، وإنما كان مناضلاً، مما دفع الاستعمار الفرنسي إلى ملاحقته إلا أنه هرب إلى فرنسا، وذلك في نوفمبر من العام نفسه ليعمل هناك، وعلى أثر الجد والتعب نقل إلى المستشفى، وطلب منه الأطباء تغيير عمله، وشجعه ذلك على الاهتمام بالأدب أكثر، فأخذ يكتب المسرحيات باللغة العربية، لتذاع من إحدى المحطات، وفي عام 1958 يترك فرنسا ملتحقاً "بتونس" وفيها تفرغ للأدب، ومن بعد إلى مجموعته (الكاتب وقصص أخرى) القصصية فإنه لا بد أن يعيش الواقع الذي عاناه ابن هدوقه في تونس حتى الاستقلال.‏
ومع فجر الاستقلال يعود الروائي ابن هدوقه إلى الوطن، ليعمل في الإذاعة الوطنية، إلى جانب متابعة كتاباته في القصة3 والرواية4 والشعر5 والوراثة6.‏
الحدث في الرواية:‏
تقع الرواية في مئتين وست وثمانين صفحة من القطع الوسط، وفي سبعة فصول تطول وتقصر حسب مقتضى الحدث في الرواية.‏
تطل علينا شخصية (البشير) المعلم الذي تقله سيارة (اللاندروفر) إلى المدرسة في إحدى القرى.. ولدى وصول البشير يستقبل من أفراد القرية الذين يدعونه إلى قهوة القرية، فيقبل الدعوة، ويذهب معهم، وعند الانصراف يدعوه كبير القرية.. إلى تناول الطعام فيفعل ذلك، وعند المساء يعود أدراجه إلى المدرسة، ولكنه يفاجأ بأن الماء غير موجود، فيعود ثانية إلى ساحة القرية فيحضر ما يحتاج من الماء، وعلى الشمعة، كأن يتناول الشاي والقهوة، وتذهب به الخواطر، التي تبدأ... بزوجته التي تركها وهي في وقت الوضع والولادة، ملتحقاً بالجبل، مع الثوار، وكيف أنها طلبت منه البقاء إلا أنه قال لها (ثقي أنني سأعود أننا سننتصر، إن ثورتنا الآن قوية).. ثم ينتقل إلى خاطرة أخرى إذ أنه أصيب برصاص العدو، ولم يشعر إلا وهو في مخيم جيش التحرير، ثم ينقل إلى ألمانيا، وتنقطع أخبار الزوجة والأهل، وعند الشفاء ينقل إلى تونس، وفيها يتابع الدراسة ويتعرف فتاة، تريده زوجاً، ويصر على صداقتها، وعندما يطلعها على بعض مشكلاته، تنقطع عن الدراسة، ولم يعد يراها.‏
وعلى متابعة الشاي ولفافات التبغ "عند ذكرياته".. يوم أن عاد إلى قرية في جويليه (تموز) عام 1962 ليجد القرية أنقاضاً لا زوج ولا ولد ولا أحد.. فغادر القرية إلى العاصمة.‏
وفي الفصل الثاني يستيقظ صباحاً، في الساعة الرابعة.. يخرج إلى ساحة المدرسة يفكر بإيصال الماء إليها.. يذهب إلى مقهى القرية، يبحث عن بعض أوان للاستعمال ويعلم أن ذلك لا يوجد إلا عند (أم الحركي).. وبواسطة كبير القرية (بو عرارة) يذهب إلى (ربيحة) العجوز.. وعند طرق الباب تخرج فتاة في الحادية عشرة تسمى فريدة يسألها عن جدتها.. تحضر العجوز، ويخبرها بو غرارة بطلب المعلم البشير.. وإذا كان بالإمكان أن تعمل في المدرسة حسب طلب المعلم، فوافقت العجوز.. وتذهب في اليوم الثاني، وعند عودتها تسألها كنتها عن المعلم.. فتقول لها أنه ابن حلال... وتزيد الكنة رقية من الأسئلة، فتقول أنها لم تعرف عنه سوى أن اسمه (البشير) وأنه سأل عن (فريدة) وسعالها، ولا بد أن يعرضها على طبيب في أقرب وقت.‏
وفي الفصل الثالث تفكر رقية في زوجها الأول أيام الخطبة ثم الزواج.. والتحاقه بالجبل، وكيف أن الدورية العسكرية الفرنسية قد جاءت في غياب العم والد زوجها الشيخ حموده، ودنسوا شرف ابنه، ولما عاد إلى البيت وعلم من زوجة العجوز ذهب إلى الجبل، وعاد ببندقية رشاشة، وقبع عند حجر المصلى منتظراً الدورية الفرنسية.. وهو يقول في نفسه (التاريخ لا تكتبه الأقلام الجميلة، وإنما الأفعال الفذة، والقصص الفذة، وقصص الشرف عاشت على روايتها الأجيال والأجيال) وما إن مرت الدورية حتى قضى على جميع أفرادها، واستشهد هو أيضاً، ومنع الاقتراب منه، ولما همت زوجه، لتدفنه قتلت هي الأخرى مما اضطرت زوجة البشير إلى الرحيل.‏
وفي الفصل الرابع.. يبدأ "البشير" بتصوراته حول مستقبل المدرسة، ولا بد من الماء، ثم المطعم، انطلق مع (غرارة) لرؤية القرية.. وشاهد أرض الإقطاعي (ابن الصخري) وكيف أن الماء يسيل فيها، بينما القرية بحاجة إليها.. ثم ينقلنا الروائي إلى انتشار خبر عمل أم الحركي في المدرسة وغضب أهل القرية.. وثائرتهم في وجه المعلم، الذي أصر على تحدي ابن الصخري في داره لأنه هو الذي حرضهم، وكان الصراع قوياً بين ابن الصخري وبين المعلم (البشير) ويقف بو غرارة إلى جانب البشير.. واتفقا معاً على أخبار المجلس البلدي بالموضوع.. وبالموافقة على شراء الجديد والأسلاك لتسييج المدرسة، وكان الشخص الثالث الذي يقف إلى جانبهما هو القهوجي.‏
وفي الفصل.. تظهر لنا رغبة العجوز في صنع الأواني للمعلم، والكنة ترغب أن تصنع له حاجة من الصوف، بينما يزداد سعال فريدة.. الذي يكون مصحوباً بالدم وما أن تنام حتى تستيقظ من جديد والدم يملأ فمها.. ولم يمهلها السعال كثيراً، فتموت، وتخبر العجوز المعلم.. الذي يذهب بدوره إلى الدكان ليرسل إلى دار الفقيدة بعض المواد الغذائية، ثم يتابع طريقه إلى منزل (بو غرارة) ويتفقان على أن يلتقيا في المدرسة، وفي منزل العجوز يلتقي المعلم وبو غرارة ثم يأتي القهوجي وابن الصخري، ليقول (البشير) عن ابن الصخري (إنه منافق جاء ليقال عنه أنه رجل متواضع لا يتخلف في الملمات) وتألم المعلم لأنه لم يسرع إلى إنقاذ الطفلة.‏
بينما رقية تعود بها الذاكرة إلى زوجها الأول المجاهد، ثم إلى زواجها من الحركي.. وفي اليوم الذي يليه توافد (بو غرارة) ثم دخل المعلم، وأثناء دخوله كانت رقية قد خرجت لجلب الماء.. فتراه، لكنه لم يرها.. إنه ذاته زوجها الأول.. وبكت، وظن الجميع أنها تبكي على ابنتها.‏
وعند حمل الجنازة.. وفي الطريق إلى المقبرة تأكدت رقية من صحة رؤيتها.. وأن المعلم هو زوجها الأول.. وزادت أحزانها، فإنه يدفن الآن ابنته. وجاء اليوم التالي، ويبدأ المعلم في الحفر ووضع القضبان الحديدية، ويمر ابن الصخري.. ليقول للمعلم (أن القلم والفأس لا يجتمعان في يد) ويبدأ الصراع من جديد.. ويتشعب الحديث، متناولاً قصة الماء، ثم يطلب ابن الصخري من (البشير) أن يعمل مديراً لشؤون المزرعة.. لأنه يعلم أن المعلم لا بد أن يحرك شعور أهل القرية.. فتنقلب الأمور رأساً على عقب... ويستريح بعد غرس ثلاثين من الأعمدة.. وفي المقهى يلتقي (بو غرارة) مع البشير.. ويتحدثان حول ما جرى بين البشير وابن الصخري.‏
وفي الفصل السادس تقبل سيارة البلدية، ويتهامس أبناء القرية.. إلا أنها تحط عند ابن الصخري.. ويعرف أن ابنه هو الذي جاء..‏
وينقل لأبيه شأن نقل الماء إلى القرية، بينما وصلت رسالتان إلى المعلم بالموافقة على المطعم واستخدام العاملة، ونودي المعلم على أن هناك ضيوفاً في انتظاره، فيسرع ليرى رئيس البلدية والمهندس.. واستدعى (بو غرارة) ثلاثة رجال ليتعاونوا في نقل المعدات والأنابيب، وجرى حوار بين المعلم ورئيس البلدية، ثم بين رئيس البلدية وابن الصخري.. ويصر رئيس البلدية على نقل الماء، واتفق "البشير" والمهندس على أن يتم وصول الماء في يوم افتتاح المدرسة.‏
وفي صبيحة اليوم التالي جاءت العجوز لتخبر المعلم بنبأ هدم الجامع، وأن المشار إليه على أنه فعل ذلك هو المعلم، وتطلب منه ألا يخرج، إلا أن الصوت والشتم وصلا إلى المعلم، وخرج ليرى ما الخبر، ليرمى بحجرة، وعند التحقيق تشار أصابع الاتهام إلى ابن الصخري. وجاء موعد تسجيل التلاميذ.. ويطلب المعلم من (السعيد) ابن الحركي.. أن يحضر والدته للإمضاء بعد أن انتبه على أن رقية هي قد تكون زوجته من خلال قراءته لورقة الميلاد.. وهنا تشعر رقية أن البشير علم بكل شيء.‏
وفي الفصل السابع.. تقابل رقية المعلم.. تأكد المعلم من أنها زوجته لكنه لم يصارحها.. ويبدأ الصراع في نفسه، يطلب من بو غرارة أن يذهب معه لطلب الزواج من رقية.. على الرغم مما سيقال.. فيوافق بو غرارة قائلاً له (إن وقفت أمس إلى جانبك فلست لأقف في الغد ضدك أنني في أعماقي ما زلت جندياً في جيش التحرير) وعند نقل الخبر عن طريق العجوز إلى رقية، تمانع في المرة أولى لكنها سرعان ما توافق ويتبسم الفجر.‏
الشخصية المحورية:‏
إن الشخصية المحورية هي شخصية (البشير) التي تظهر بثوريتها، فقد تحملت أعباء النضال، منذ بداية الرواية فهو (لم يقدم على المجيء إلى هذه القرية من أجل تعليم الأطفال والقراءة والكتابة فحسب بل بدافع أعمق... إنه جاء ليحرض الناس على أن يثوروا على أوضاعهم).. وبقدر مهمته الصعبة قاوم وناضل بصبر.. فها هو في الماضي يقول لزوجته (ثقي أنني سأعود وأن الجزائر ستتحرر... أفهمت؟ من أجل هذا أفارقك وأنت حبلى، وأفارقك ولو كنت الليلة ستضعين حملك، إننا سننتصر، إن ثورتنا الآن قوية، ولم يبق من الكثير إلا القليل).. والبشير التقدمي الوطني يرد على أحد أساتذته في تونس.. وعندما أراد تغيير المجتمع القروي وجد العقبات، طرح عمل المرأة، المدرسة هي الثورة في الريف.. ومن هنا كان الصراع بين البشير وبين ابن الصخري.. بل بين الثورة، والإقطاع وعندما علم بأن زوجة الحركي هي في الأصل ثورته كان في موقع الاختبار فأعلن عن زواجه.. وعندما أنهى مهمته في القرية، قرر الانتقال إلى قرية أخرى، لأن الثورة أدت مهمتها في هذه القرية، بينما القرى الأخرى بحاجة إلى البشير.. جر المياه، المدارس، القضاء على الإقطاعيين، من هنا فإن الشخصية المحورية ثورية عملت على تغيير المجتمع الكامل، ولم تبدله ظروف الحياة، والحقيقة أن ابن هدوقه يهتم كثيراً بشخصياته، ويعمل على نجاح هذه الشخصيات بفنية روائية.‏
الشخصيات الثانوية:‏
لقد طرح الروائي ابن هدوقه مجموعة من الشخصيات إلى جانب البشير.. فشخصية (الشيخ حمودة) و (والد البشير) قدمت موقفاً خالداً كان بمثابة الثورة لدى (البشير) وكذلك شخصية (بو غرارة) التي حملت الثورة ذاتها، وشخصية ثالثة العجوز (ربيحة) مثال ثوري، فهي لم تهجر وطنها، وتمسكها بالطين شرف لها، بل هي تعاطفت مع البشير الذي يمثل الثورة، أما الشخصية المضادة (ابن الصخري فهي الوجه الحقيقي للإقطاع والجشع ويجب القضاء عليه. وشخصية (رقية) هي جزء من "البشير" وانتصرت معه أما باقي الأسماء فهي مفاتيح الثورة.‏
من كل يظهر لنا أن الشخصيات التي اختارها ابن هدوقه ثورية أكدت على استمرارية البشير، وكان لها دور في التحريف، لأن الزمن الذي اختاره الروائي لهذه الشخصيات، كان كالصاعق في العمل الفدائي من أجل نجاح العمل الثوري وهذا تأكيد على أن القاعدة الجماهيرية هي التي تخلق الثورة الفعالة، والبشير في حد ذاته من هذه الجماهير.‏
الفن في الرواية:‏
التصورات في الرواية واضحة الملامح.. لقد تعرف الروائي إلى قضية الأرض، والثورة، وانتصار الثورة على الإقطاع... ودور العلم في الريف.‏
وهذه التصورات جاءت في القضية التي أعلن عنها البشير منذ البداية (فهو لم يقدم على المجيء إلى هذه القرية من أجل تعليم الأطفال القراءة والكتابة فحسب، بل بدافع أعمق من هذا، جاء ليحرض هذه القرية جاء ليحدث انقلاباً.. ليرضى الناس أن يثوروا على أوضاعهم).‏
هذا الحدث الذي طرحه ابن هدوقه هل واكب الرؤيا الفنية الروائية؟ وكيف كان الصراع؟ أقول لقد قدم الكاتب تشكيلاً فنياً بارعاً فقد استعمل التصوير الفني.. من حيث التشويق، تأزم الصراع، الأسلوب الذي اعتمده الروائي..‏
وكل ما جاء في الرواية يدل على أن ابن هدوقه ينتمي إلى الواقعية والواقعية الاشتراكية. على الرغم من استعماله أحياناً إلى اللغة الشعرية.. التي تدل على اهتمام الكاتب باللغة والأسلوب.. والتكوين الفني.. بقي أن نقول أن الروائي قدم لنا صورتين بارزتين حين صور زواج البشير من رقية، ثم افتراس رقية من قبل الدورية الفرنسية وفي الحقيقة ليس في عمل ابن هدوقة، وإنما ألفاظ الجنس أصبحت مباحة عند كثير من الكتاب، بل أن الجنس في منظورهم أصبح جزءاً من الواقع

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:52 PM
لا نعرف شيء عن والدي عبد الحميد هدوقة لكن لا شك ان حياته تبدو مأزومة كونه ابن ريف ولد زمن الاستعمار وسافر للدراسة الابتدائية في بلد قريب ثم الى فرنسا وهو ابن 17 سنة للدراسة وهربا من القوة الاستعمارية ثم عاد الى تونس ونجده مسافرا من جديد. شارك في النضال واصيب برصاصة وسجن.

هو حتما اكثر من مأزوم وسنعتبره يتيم اجتماعي كونه غادر العائلة وهو شاب للدراسة وهربا من القوة الاستعمارية. وعلى امل ان يزودنا بلقاسم علواش بمعلومات تفصيلية عنه.

يتيم اجتماعي.

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:52 PM
54- فردوس الجنون احمد يوسف داوود (http://ar.wikipedia.org/w/index.php?title=%D8%A7%D8%AD%D9%85%D8%AF_%D9%8A%D9 %88%D8%B3%D9%81_%D8%AF%D8%A7%D9%88%D9%88%D8%AF&action=edit&redlink=1) سوريا



رواية ((فردوسُ الجنون)) لأحمد يوسف داود - عينُ الواقع السحرية
5/26/2010 1:58:25 PM

(1)



(1)
سأتناول رواية (فردوس الجنون) لمؤلفها الشاعر والروائي أحمد يوسف داود، وقد صدرت هذه الرواية عام 1996 عن اتحاد الكتّاب العرب..‏ والرواية المشار إليها ذات حجمٍ كبيرٍ في عددِ صفحاتها وفي تعدُّدِ موضوعاتها التي تتشعّبُ وتتسلسل بطريقةِ التأسيس على أفعالِ شخصيّاتٍ محوريّةٍ واضحة المعالم ثمَّ السير مع هذهِ الشخصيّات عبر فواصلَ فنيةٍ تجعلً من الحكايات المتقطّعةِ المنبثقةِ من تحوّلاتِ الشخصيات أسلوباً في العمل الروائي الذي لا يبدو تقليديّاً في إطاره العام..‏ وعليهِ نقولُ إن رواية (فردوس الجنون) لم تستسلمْ للأداءِ الفني التقليدي بل تجاوزت هذا التحديد بإفادتها من فنِّ الروايةِ وواقعها المتحقّقِ من خلال الإنجاز الروائي السابق لتجربةِ هذهِ الرواية التي خرجت إلى فضاءاتٍ أكثر حرية وأشمل إبداع عن طريقِ الإمكانات غير المحدّدة للّغةِ وعوالمها والأحداث التي تحتوي الواقعَ فكرةً وتجسيداً لتنطلقَ بهِ إلى قناعات سرديّةٍ تمسكُ ـ في الغالب ـ بالمتلقّي وتقوده معها مصطحباً أسئلتهُ وتأويلاتِهِ ومشاركاً الشخصيّات في الكثيرِ من التفاصيل عن طريق استنطاق الرموز التي يؤديها المؤلف عبر جملهِ ومقاطعَ أحداثِهِ التي غالباً ما تُفضي إلى الغرائبية رغم انطلاقها من أرضٍ على درجةٍ كبيرةٍ من التماس مع الواقع الحي.‏
(2)
تبدأُ رواية (فردوس الجنون) من لعبة خارج النص توضّح الفطنةَ والذكاء الحاد الذي يتمتعُ بهِ المؤلف وهو يعطي شخصيّاتِهِ أدواراً وأقنعةً بمثابة مقدّمة فنيّة أو مدخلٍ إشاريّ مهم حمل عنوان "بيان الأبطال" وقد ذُيِّلَ بتوقيع (سرحان) تلكَ الشخصيّة المموَّهة الغريبة التي تهيمنُ بشكلٍ واضحٍ وأخّاذ في إيحائِهِ على الشخصيات الأُخرى في الرواية بعد أن يفاجئنا المؤلف بتغييب هذهِ الشخصيّة ـ بالتقدير إلى الشخصية الثانية ـ (بليغ) التي يتفوّقُ حضورها على شخصيّة (سرحان) التي تعدُّ الشخصيّة الأولى في العمل الروائي، وهذهِ المعادلة تذكِّرنا أسلوبياً بالعمل الروائي المعروف (ليلة لشبونة) للروائي الألماني (ريمارك)، أذكرُ ذلكَ مقارناً بين أسلوبيّ الروايتين إذ أنَّ ريمارك في (ليلة لشبونة) يبدأُ مع القارئ بشخصيّةِ راوٍ مهيمنٍ على أجواءِ الدخولِ إلى أعماقِ الرواية ثم ينسحبُ هذا الراوي بشكلٍ مفاجئٍ عن المشهد المرصود لتحلّ الشخصيّةُ الثانيةُ التي يلتقيها الراوي مصادفةً في الميناء مكانَ الشخصيّة الأولى في السياقِ الفني وتقودُ مسارَ الأحداث وتدخلُ في صلب نسيجها إذ أنَّ الراوي الجديد (المقاتل) في (ليلة لشبونة) هو الذي يسحبُ مسارَ الأحداثِ إلى (أناه) هذا التقاربُ الأسلوبيُّ ـ إذا صحَّ التعبير ـ لا يعني أن مؤلف رواية (فردوس الجنون) قد استفادَ بشكلٍ ما من عمل ريمارك في إبحاره الخاص في روايته والذي ينمُّ عن تولّيه لعبة روائية مهمّة تنطوي على مقدرةٍ خلاّقةٍ في فهم فنِّ الرواية ومحاولته الجادّة في الانفلات من الإصغاء الصارم لتقليديّات بناءِ الرواية وتقديم الأشخاص وعرض ملامحهم...الخ...‏
(3)
يبرّرُ الروائي (أحمد يوسف داود) اتّساع عوالم روايتِهِ باغتراب بطلِهِ (بليغ) والتحوّلات الهامّة التي تتعرَّضُ لها شخصيته وهو الهاربُ من السجن (بمعونةِ أحد رجال الشرطة) والداخل إلى سجنٍ أوسع من التصوّرات المتشظيّة والتيه والغربة، حيث ينتهي إلى عوالمَ لا تستقرُّ على ملامحَ بشريّةٍ مباشرةٍ إذ يلتقي في هروبِهِ (سرحاناً) بمحض المصادفة ـ والتي يكشفُ القارئ لاحقاً بأنّها لم تكنْ كذلك بل إنهُ لقاءٌ مدبرٌ بدقّة ـ ويقودُ سرحانُ بليغاً إلى شجرتِهِ الغريبة التي هي بمثابةِ بيتِهِ أو عالمه، ذلك العالمُ الصغيرُ في مساحتِهِ الكبيرُ بإيحاءاتِهِ، ذلك أنَّ العديد من المنطلقات الحسّاسة في الرواية تبدأُ منهُ وتنتهي إليه.. هذا المكان يتعرَّف فيهِ (بليغ) على مجموعةٍ غريبةٍ ومثيرةٍ من الأصدقاء لينشئَ معهم أغرب العلاقات الإنسانية التي تحملُهُ إلى أمكنةٍ وأحداثٍ وشخصياتٍ ومواقفَ لا يصدِّقُها القارئُ بسهولةٍ وهي بمجملها تغيِّرُ نمطَ شخصيتِهِ وتقودُهُ إلى ممارساتٍ في أجواءٍ مختلفةٍ عنهُ ليظهر لنا ـ المؤلف ـ بالنتيجة أن بطلَهُ يعاني من أزمةِ (سيزيف) وصخرتِهِ الأسطورية المعروفة التي تتشكَّلُ عند (بليغ) في حياتِهِ المليئةِ بالمفاجآت الصعبة التي تبقيه أسيراً لهذهِ الصخرة، هذا فضلاً عن الأبعاد المزدوجة لدلالات بعض الشخوص (ليلى والطفلة التي تفارقُ الحياة، الدكتور والضابط الذي هو أخٌ لبليغ كذلك الأمّ المزورة..الخ) وحتى حياة (بليغ) في (بيروت) وممارستِهِ لأكثر الأعمال تناقضاً فيما بينها.. فما العلاقة بين العمل السياسي الثوري المحموم والعمل المهين في ملهىً ليلي؟‍!‏ هذا إضافة إلى الانطباعات الشخصيّة الملغّزة التي تمر بهِ وهو يختلفُ نفسياً مع الزمن الذي يحيا فيه وعبرَ أكثر من دلالةٍ فكريّةٍ وفنية...‏
(4)
إن أهمَّ ميزات رواية (فردوس الجنون) هي نجاحها في خلقِ جوٍّ متضاربٍ ينطلقُ من آلامٍ إنسانية بسيطةٍ عبرَ الكثير من الأحداث والتعبيرات التي تُبثُُّ عن طريق السخريةِ المريرةِ أو الكوميديا السوداء إلى أعقدِ العلاقات الغرائبيةِ التي تمتدُّ في الكثيرِ من تصوّراتها إلى الوهم بأعمقِ دلالاتِهِ وتصوّراته، كما أن في الروايةِ أفكاراً كثيرةً لا تُطْلَقُ بشكلٍ مباشرٍ إلى متلقّيها ولا تخاطبُ قارئاً فيه ركودٌ ثقافيٌّ أو عسرٌ تأمليٌّ، بل تسعى بالقارئ إلى منطقةِ المتعة المشوّشة بالأسئلة، وإلى إحساسه ـ القارئ ـ بضرورةِ التدخل بأي شكلٍ من الأشكال لفكِّ الاشتباك بين علاقات الرواية المختلفة.‏ كما لا ننسى بأن رواية (فردوس الجنون) استفادت من اللغةِ الشعرية لإنجاحِ فكرة التحليق بالإيحاء والانطلاق به إلى موسيقى الدلالة بشقّيها الجمالي المحلّق والموضوعي المحض، وأن الرواية لا تستسلم كلياً لإيقاع الحدث الزمني ولا تفسِّرُ إشاراتها بسهولةٍ بل تذهبُ بهذهِ الإشارات إلى أقصى حالات التأمُّلِ لتعودَ بها إلى عين الواقع السحرية التي لا تلبّي نداءَ الإحساس المباشر بها وبشكل بليد..‏ إن رواية (فردوس الجنون) روايةٌ جديرةٌ بالتحليقِ معها وقراءتها باستــــــمتاعٍ قراءةً فاحصةً متأنية.‏
منذر عبد الحر

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:53 PM
فردوس الجنون

الوحدة
الاثنين27/9/2010
جودت حسن
لا توجد رواية بلا شخصية , ولا توجدشخصية بلا صراع , هذا أمرٌ يجب أن يكون من البديهيات .. أما عندما يقتصر الأمر علىشخصية ( واحدة ) تتفرّع عنها كل الشخصيات الأخرى , فإن الحديث عن الرواية يبدوصعباً وفظاً إلى حد ما ..! وهذا الحدّ يجب أن تظهره المعايير الأدبية , وهذا ما لميبلغ كماله بعد ..! إن
المونولوج هوالسائد في القصّ الحديث , لكنه ليس عاجزاً عن تقديم الشخصية الروائية وإدارة » أزمة « الصراع بين أكثر من قطب وأكثر من شخصية ..! في رواية الأستاذ » أحمد يوسف داود « الصادرة عن اتحاد الكتاب العرب بعنوان : » فردوس الجنون « صبوة مجنونة للحاق بحلمسوريالي يستطيع رسم الواقع بغير أدوات هذا الواقع .. وأنا أظن أن الكاتب أراد أنيخط ملحمة غنائية تشاكل رواية حيدر حيدر في : » وليمة لأعشاب البحر « الرواية التيهي سرد ومكابدة لبطل وشخصية صراعها موجود في كل صفحة وفي كل حركة .. واللغة نفسهاعند حيدر حيدر تتحول في رأيي إلى » بطل « ! إن اللغة عند » حيدر « تتحول إلى كابوسيقضّ مضجع الذين حولوا الشخصيات المنفية إلى أرقام .. ! لكنّ هذه اللعبة خطيرة ولايمكن تقليدها بسهولة .. ثم , إن الروح الشاعرية عند » حيدر « تغطي و » تجمّل « فنياً الخروقات في كل صراع وشخصية لم يصل إلى ذروة هذا التناقض الذي على الرواية أنتسطّره , وعلى الراوي أنْ يجيد حبكه واللعب عليه من خلال الكلمات .. ! النشيد هناعند الروائي » أحمد يوسف داود « مع أن البطل الوحيد - الراوي - يكاد يكون واحداً فيالروايتين ! بطل أحمد يوسف داود منفي في لبنان وفي ميليشيات التهريب .. في رواية » فرودس الجنون « هناك شخصية مركزية واحدة تتفرع عنها الشخصيات الأخرى , أو هي تخلقنقيضها لتكون كاملة كرواية , لكن أبطالها يتحدثون بالنيابة عن الراوي - المؤلف الذييتقمص دور الجنون ليبرز عورات هذا العالم : » في أوطان لا تنتج غير أصناف العلكةالرديئة , كيف يمكن حتى لأرسطو أن يتفلسف ? « ص10 .. نتابع أيضاً : » الحياة ماعادت غلطة سافلة وحسب , بل هي قد صارت في هذا العصر الفاضل مجتمع قاذورات ومجمعفظاظات يخترع الشيطان ذاته « ص8 .. ولأن الروائي الكاتب يدرك سلفاً أنه لا يستطيعتقديم كل هذه الكمية من الجنون في رواية حتى لو بلغت صفحاتها الألف , فإنه يعترف » لحظتها , تبين لي مدى سذاجة روايتنا هذه قياساً إلى الجنون الفعلي الذي احتلّالعالم « . ص12 .. ! وفي الصفحة التي تلي نقرأ : » كنا نجد هذا العالم أمامنا كلمااخترعنا وهماً روائياً كي ننساه .. وجدنا أنفسنا واقعين في مطبّات من الجنون البارد « ص13 ..! والمؤلف يجد أنه من الصعب تغيير قواعد اللعبة هذه عندما يجد أنه لايستطيع أن يخترع جنوناً يليق بسفالة هذا العالم .. وهنا علينا أنْ ندقق قليلاًبالشخصيات في الرواية وفي صراعها .. مع منْ تتصارع هذه الشخصيات إذا كان خالقهاالروائي يقرّ بعجزه عن تغيير اللعبة , الأمر الذي لا ينبغي أن يؤيده النص الجديدالذي يسرد طرفاً من الجنون : » ممنوعٌ عليك أن تضع ولو لمسة صغيرة جديدة في قواعدالجنون « ص 17 .. وهذا الهمّ يكاد يصبح كابوساً يؤرّق المؤلف الذي يعود إليه بعدعشر صفحات قائلاً : » إنّ إحدى سقطات روايتنا هذه أيها السادة , هي أنّ الجنون فيهايبدو لنا - نحن أبطالها - سخيفاً إلى درجة محزنة .. إننا نُبدي أسفنا أمامكم , علىأننا لم نستطع أنْ نكون فيها مجانين حقيقيين بالقدر الذي ترغبونه ..! « ص27 ..! فيرواية » فردوس الجنون « يوجد حدّ أدنى من السوريالية , وهذه في رأس قفزة ملائمة فيالعصر الفاوستي الجديد , لكي نبرهن أننا لم نعدْ بحاجة إلى الروح , وكل ما يصبوإليه الأبطال في الروايات وخارج الروايات هو تحقيق الجزء الأسفل من فلسفة أبيقور ..! تبقى اللغة في » فرودس الجنون « شخصية حاضرة لتذكر بالشاعر المؤلف , واللغة هناتستر ولا تعري .. ونحن تنقصنا المعايير النقدية لنفرق في الألفية الثالثة ما بينشخصية » واقعية « وأخرى يرسمها خيال » الشاعر « , الأمر الذي يجعل الصراع أقلّتوتراً , والجنون أقلّ فائدة , والصراع على الوصول إلى النهايات القصوى في » الحدث « وفي » التشويق « أكثر عقلانية , في الوقت الذي يجب فيه على اللغة أن تسقط مندورها كورقة توت , وهذا أمر لم يقصّر فيه الراوي - المؤلف .. لكن الجنون يحتاج إلىسوريالية , وهذه تحتاج إلى جنون اعترف الكاتب بأنه جاء ساذجاً وبسيطاً .. لكنهارواية تسرد جزءاً من التاريخ المعاصر لشرقيّ بلدان المتوسط , ( فردوس الجنون ) للشاعر والروائي أحمد يوسف داود , هي رواية شيقة , وجذابة , وشاعرية , وكثير منالتخيل الذي يعكس الواقع بلغة الحالم , وهناك لوحات مسرحية كاملة يمكن تطويرها فيالمستقبل لكي يكتمل الجنون الأصلي في شرق المتوسط .. في شرق لم تمرّ عليه لمسات » فاوست « , ولا يريد أنْ يصدّق بأن » العقل « مصيبة حتى في رواية ..!‏

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:53 PM
قراءة في فردوس الجنون
المصدر جريدة الف

إذا كانت الرواية – أي رواية – وهي تحكي مقاطع من حياة الناس والمجتمع والعالم،في فترة معينة، قد تطول وقد تقصر،بأحداثها وسيرورة مصائرها، فيتوجب بداية إخضاعها كبناء حكائي أو قصصي إبداعي، لقوانين العالم الموضوعية......قوانين الزمان والمكان والحياة، إلا أن روايتنا هنا يبدو أن لها قوانينها الخاصة، أو لنقل إنها تبتدع قوانينها التي تحقق متطلبات الحداثة والتحديث، والتجريب الذي يتقصد البحث عن أشكال جديدة للبناء الروائي، تلك التي اشتغل عليها الكاتب والأديب أحمد يوسف داؤود ، كهم إبداعي مستمر ومتواصل، يسم جميع أعماله بلا استثناء، في محاولة للوصول إلى حالة إبداعية تحيل إلى المتغيّر دوماً، والمستجد والمستحدث، وعدم اعتبار اللحظة زمناً منفصلاً...كينونة ، بل معطى متوالد ، يتعلق بالقبل والبعد... وما بينهما، وما تحتهما... وفوقهما، وأيضاً بما ليس بهما كمتعلق غير ثابت، لا يحيل إلى ذاته ، ولا يحمل بالتالي شروط بقائه وفنائه في طبيعته، انطلاقاً من القطع مع مبدأ الانفصال والتوحد، أو مع نسبية اللحظة .
والأديب أحمد يوسف داؤود ، كهم إبداعي مستمر ومتواصل، يسم جميع أعماله بلا استثناء، في محاولة للوصول إلى حالة إبداعية تحيل إلى المتغيّر دوماً، والمستجد والمستحدث، وعدم اعتبار اللحظة زمناً منفصلاً...كينونة ، بل معطى متوالد ، يتعلق بالقبل والبعد... وما بينهما، وما تحتهما... وفوقهما، وأيضاً بما ليس بهما كمتعلق غير ثابت، لا يحيل إلى ذاته ، ولا يحمل بالتالي شروط بقائه وفنائه في طبيعته، انطلاقاً من القطع مع مبدأ الانفصال والتوحد، أو مع نسبية اللحظة بما هي بداية ونهاية، فافتراض الفصل والانفصال، يجبّ مبدأ الحداثة ، ويحيل إلى ما يستلزم إعادته، بدلاً من عودته بطبيعته بتجلّ مختلف أو منزاح ، أو بتشكيل يعكس المعنى في إحالاته وتحولاته... لا في غائيته.
فردوس الجنون لها زمنها الروائي الخاص، الذي يفيض عن الزمن التاريخي ، ويفارق منطقه
المنطقي، لمواكبة الأبعاد غير النهائية لتحولات الحدث الروائي، وهو أيضاً ليس انتقائياً ، بل متحرك... متقافز، أو متوهم ، أو غائب أو مفترض، مما يجعل منه عنصراً أداتياً من جملة العناصر التي يتحكم الكاتب بإيقاعها وسيرورتها ، من خلال تركيزه على فرضية استحالات الزمن وتغيراته، ويكون فلسفة إبداعية حداثية، تلائم وتوافق المحمول الفكري، فيتلونان بلون بعضهما، ويحيل كل منها إلى الآخر.
الكاتب كمبدع للتوقيت يشي بمقولاته عبر تحكمه بمواقع خطى الزمن الروائي،ومتابعته لها، كزمن مفترض أو مسترجع، أو قادم، ويصبح هذا الفهم للتوقيت ذو علاقة واجبة الوجود بالرواية، من أجل الصورة البنائية التي تتسع للخلق والتخليق، المختلفان عند الكاتب عن العالم الحكمي، ولهذا وجب خلق عالم زمني روائي متخيل وفق الرؤية التي تبرر وتفسر العالم المخلوق، أو واجب الخلق.
من الواضح أننا لسنا هنا أمام فلسفة للفكر فقط، بل فلسفة للطبيعة والتاريخ واللغة، فالشعوري واللاشعوري عبر اضطراب اللحظة الزمنية وتقلقلها ، يعبران عن نفسيهما معاً ، وتحتفظ الذاكرة الانتقائية ، والرغبة ببناء ذاكرة جديدة منتقاة بمركز أساسي مما يسمح بالتحرر من الذاكرة كتاريخ، أو كمعطى، ويقيم بينهما فاصلاً ، هو علامة الاستقلال أو الفراق الذي تولدت عنه الصورة داخل الكلي المستمد من محايثة اللحظة لمبدأ الاستيلاد المستمر لذاتها، والتي تحيل إلى حداثة الفكر، ثم تنعكس عنها.( أنكرني أخوتي أمي ماتت من الغم بينما ضاع أبي في غابات المارتينيك وهو يطارد خلاسياته الجميلات وكل ذلك لأنني أركب على قصبة وأركض وراء أشباحي منقاداً بهوس الاكتشاف بينما هم يرغبون في أن أصير حكيماً )
الفرشة الروائية تجمع كورال الشخصيات المتخيلة، وتستحضرهم في بداية القص، كاستهلال يحيل إلى التواصل الحي، ويؤكد استغراق الواقع للمتخيل أو توثيق الواقع بالتخييل، فبيان الأبطال يشعر بالتزام الواقع من حيث الوجود المعاين، ها نحن نتكلم ( نحن أبطال هذه الرواية) ...وتأتي جملة اسألونا لماذا... لتؤكد واقعية الحال بافتراض واقعية المساجلة، وهو اختبار لا يمكن أن يرقى إليه الشك في يقينية الوجود ، إذن فالوجود هو الافتراض الأساسي ، أما ما ينسحب عليه من توصيف فهو أمر آخر، والانشغال بمقاومة الجنون هو تأكيد لحالة الواقعية ، وليست نفياً للواقع، ويكون تمييز حالة الجنون ، هو المعادل لوجود العقل بالفرض، ومسألة الخطأ والصواب، هي من متعلقات الواقع أيضاً، ويتبادل الخاص والعام أمكنتهما، فتصبح القاعدة هي الاستثناء، والاستثناء قاعدة يمكن تعميمها فيما يتعلق بالأحكام القيمية للحياة والكون والبشر، ويصبح من يمكنه تمييز الجنون من العقل، يمثل القلة النادرة، التي لا تنال أحكامها- وللأسف - حظها من الاعتبار، والمسألة موضوعية بالأصل، فمن يوجد في مدينة العوران يجب أن يستر عينه ، وإلا كان هو الاستثناء، وطالما أن ذوي الجهالة ينعمون في فراديسهم، فالأمر محلول بالنسبة لهم، ويبقى أولئك التعساء بعقولهم وحكمتهم، غرباء في مملكة المجانين، فهل يجب أن يشربوا من نهر الجنون، كيلا يستمر التمايز والتمييز؟ أو أن رؤوسنا الفاخرة لا يليق بمساحاتها الرحيبة، وهي على الهيكل، سوى هذا النوع من الشواغل؟ وأين بالأصل تكمن مسألة الخطأ والصواب؟ وهل الخطأ والصواب هما من متعلقات العقل؟ وأي عقل نعني؟ أم أن المسألة لا تمثل برمتها سوى اصطلاحاً ومعطى بشرياً، يخضع لنسبية الزمان والمكان والكون؟.
تشرع الرواية السؤال والتساؤل عن الموقف من فرضية خطأ العالم، وهل من اللازم تنصيب الشخص لنفسه شاهد بينة شخصية على خطأ العالم ؟، هذا السؤال ينبني على مشروعية تخطئة العالم أساساً ، ومجرى الأشياء ، لكن هذا العالم هو بالتأكيد أكبر من أحكامنا وأفكارنا، والصعوبة تكمن في قابلية الفكر كمعطى، للتحديد خارج العالم،لكن افتراض أن هناك موتى أحياء يحل المسألة مباشرة ( كنا فقط نطمح إلى إثبات أنه ما زال بين الموتى الأحياء غير المعلنين ذلك الخيط الواهي من الصلات الإنسانية الجميلة وسنعترف لكم هنا بأن الدافع إلى ذلك لم يكن أكثر من أمل ساذج وغبي على الأرجح بأن ذلك الخيط قد يتحول إلى حبل إنقاذ في يوم من الأيام ) ...إن كلمة قد تحيل إلى إمكانية التحقيق والتحقق ، أي تشير إلى توفر عناصر الواقع، وإن بحدودها الدنيا، وهنا يكون الأمل بالحياة مشروعاً، الحياة المفارقة لليوتوبيا التي تحمل بذور فنائها في ذاتها عموماً، بتقديمها الفكر على الواقع والقول بأسبقية النظرية، ومن الطبيعي أن لا مكان للأمل في ظلها، بل فقط الحلم في غياب العقل، أما في حالة الأمل، فالأمر مختلف، إذ يكون الأمل أيضاً حلماً، إنما بحضور العقل الذي يحايث الواقع ، ويستمد منه عناصره، ولو صعب الوضع واستدق، ويبدو أننا لا نملك أكثر من ذلك الآن، لكننا نطمح ونأمل، والأمر يتعلق بالآن والإمكان تحديداً لا نفياً...( أنا متعصب للحياة أي نعم متعصب للحياة ...والحياة لا تكون إلا في مكان يا سيد بليغ فالمكان هو وطن للحياة وطني وطنك وطننا أوطان الناس جميعاً معلوم وليس الوطن فكرة للضحك على الذقون وليس مذبحا وهمياً يموت عليه الانسان بلا معنى ولا غاية ولا هدف لا الوطن هو مطار روحك للتحليق نحو الله هذا هو رأيي من البداية ).وأيضاً..
( لا يهمني من تكون لكنني عرفتك أنا مدينة لك بإعادتي من سجن حلمي المسكين إلى رحابة واقع أشعر بأننا قد نصير قادرين على إحياء جماله رغم فظاعة ما نمر به من عذاب ) .
فهل تكون الكتابة ذاتها وليدة الصعوبات التي تسببها متطلبات التحديد هذه، أو أنها احتفالية متعمدة باكتشاف المفارقات التي يمكن أن تظهر في كل مكان بين متطلبات الروح الحالمة، وبين نوازع الفكر المعقلن، المتصل بمسائل الكشف، وما يمكن أن ينتج عنها من مظاهر السلب والاستلاب، أو الفراق، أو الاغتراب الروحي.
من الواضح أن الكاتب يحاول تسريب الصدمة التي تجتاحه إزاء كل هذا إلى قرائه، الصدمة التي تسببت بانثقاب روحه، وبالتالي بروز الحاجة للترقيع،(سرحان الإسكافي ونائبه بليغ، ترقيع ماركات الأرواح المعطوبة بأحدث الآلات اليابانية خدمة متقنة ودهان فاخر ) نعم... فليس ثمة متسع من الوقت للهدم وإعادة البناء، ومن الضروري التعرف على القاتل والمقتول في غمرة الصدمة الهائلة للحدث، صدمة السوق... الأخلاق السياسة... الأحزاب، وهذا ما يبرر اللجوء إلى التمايز والتمييز وربما البعثرة وإعادة التوليف في صورة الشاهد المشهود، فالشاهد لوحده ليس بوسعه إلا اللغط والإزعاج، والمشهود يمثل التحدي الدائم، من الطبيعي إذن أن تنتج الفوضى والخراب، خراب الروح، ولن يكون بوسع الكاتب إلا اللجوء للسخرية المعبرة عن الرفض الكلي لما هو كائن خارج نطاق الرغبة والإرادة.( ولو سلامة فهمك خواجا سرحان هم يعني الدهاقين الذين يستطيعون شطب المخلوقات بخربشة توقيع على ورقة أو بأمر في تلفون ثم يحدثونك بالألوان وعلى الهواء مباشرة عن الحرية وراء ابتسامة أنيقة كما يليق بالنصابين ...) وأيضاً ( أنت المسكين الطيب الذي لم يكن يطلب إلا القليل من المعقولية لحركة الدنيا صرت عاجزاً عن أن تعرف ما الذي تريده أنت ثم وصلت أخيراً إلى أنك لا تطلب إلا موتاً بالتوقيت الشخصي ...)
مفارقة الواقع بشروطه المكانية والزمانية، ليس هدفاً بحد ذاته، أو وسيلة للهرب، فهذا ليس من شأنه، ولا يكفي بدون شك لتحويل العالم أو تبديل الحياة، لكن ربما بفضل محايثة الواقع غير المحدد، والذي تقودنا إليه الأسباب المختلفة التي تسمح لنا بشعور كانت تمنعه عنا معطيات الواقع المنطقي ومقولاته، تبرز الحاجة لعملية الانتخاب العقلي، التي تظهر ميولنا في تناقضاتها، وعمليات التوافق والإخضاع اللازمة للوصول إلى وحدة المقول الأخلاقي أو العاطفي أو الوجداني ، المتمثل بضمير الرواية الحقيقي ، كذات منفصلة، والتعرف على قدراته في توحده، ورغباته، ( وشكرت القصبة في سري لأنها حملتني ذات يوم بعيداً عن الجامعة وعن حذلقات حكمة الجامعة وفتحت لي أبواب فلسفات الحياة المتقلبة الواسعة وهي تتجسد في أسرار صغيرة مخبأة في حركة البشر ، لكن تلك الأسرار الصغيرة كلها تنبع من سر واحد كبير ومتناقض، سر مستعص على الجلوس في مقاعد الدراسة حيث لا يمكن للمرء أن يشك في محفوظات اليقين الخالص الذي يحشون به رأسك ، وحيث الرأس صندوق فرجة على قداسة كل ما ليس منك وليس وسيلة لدخولك في نظام الدنيا ككائن من لحم ودم )
إن مجموع الذوات المتناثرة في أطر وشخوص مختلفة تتكلم وفق القولبة التي تحكمها، والتي يتم ضبطها دائماً ومتابعة حركتها من قبل الكاتب انطلاقاً من إمساكه الدائم بخيوط القص، وسيطرته على أدواته، وفق ما يجب أن يكون، ولو عبر الحلم والتداعي، وتقطيع الزمن، و بفضل ضمير المتكلم الذي يشرع الحق بالتقول، وعلى مسؤوليته كشاهد معاين،( وعندها اقترحت على الشباب أنا محسوبكم سرحان )...تاء المتكلم هنا تبتدئ القص بضمير الأنا الرائي، المتسلح بحواسه ، مع الاعتماد أحياناً على ضمير الغائب المنفصل عن الزمان والمكان، المتعالي على الحدث، الذي يرد في سياق الحوارات، الأمر الذي مكنه من استنطاق الذوات المتناقضة والمتنافرة، بما يفيد الحكم الذي يتطلب تكييف الواقع، وإعادة تشكيله، أو تغييبه إذا اقتضى الأمر، وعبر فانتازية المصادفات والمفارقات، وانفلاتها من قيود المحاكمة العقلية أو التاريخية، أو حتى التقانية، فالحياة ربما كانت فراغاً تعكر صفوها الصور الغامضة والمتدفقة التي تجتاحها،لكنها تحركها ...وتعطيها قيمتها، ولو كانت على غير ما نشتهي، فلا يتحرج بليغ من إيراد صيغ الشتم والتهديد التي يتلقاها ( اسمع أنت يابن الشرفاء يابليغ الحمود إذا أخطأت مرة واحدة أو ترددت لحظة في قتل من يحاول الوقوف في وجهك أو سكت على أذية مخلوق فأنا من الآن أنصحك بالهرب إلى أي مكان لا تصل يدي إليك فيه ...لأنني وقتها سأجعلك تلعن السلعة التي خرجت فيها من بطن تلك المجنونة فهمت أم أعيدها عليك؟)...ثم( هاأنذا أركض وأركض ولا ألتفت وأعرف أنه سيظل يراقبني حتى أختفي رغم أننا في برية مقفرة ولكن ما أطول هذه الطريق نحو الحدود التي قال إنه على مسافة أمتار فمتى سأصل إلى النبع؟ متى متى يا ألله؟ ) ثم على لسان بليغ ذاته ( يا إلهي يا إلهي... معقول ؟ أركض كل هذا الركض هارباً من جنون لأجد نفسي في مصيدة جنون آخر ؟ ) وأيضاً( أنا مطارد وسأبقى مطارداً فما الفائدة؟) .
المكان الأكثر ملاءمة لتوصيف حالة الجنون هو بيروت، بيروت الحرب، وتعميم مناخات الحرب، وإسقاطها على مساحات الذاكرة والتذكر، لإنتاج ذاكرة المأساة، التي ستسم الروح،( أوه بيروت بيروت دائماً بيروت مسيرة ما لا أستطيع حسابه من الكمائن والألغام والأعلام والأناشيد والخيبات والأخوات المعطوبة والشعارات والمؤتمرات والمذابح والمدائح والأوسمة والخطب والأكاذيب والآباء يا لطيف كم صارت بعيدة هذه البيروت ) ثم ( لقد فتحت جبهتي الخاصة كي أسدد حساب الثأر في روحي المحترقة بهيجان الخيبة وأنا أرى جميلة تسقط كانت ممسكة قلبها بيد وبطنها بيد وهي تتلوى من الألم المرعب...) وقرار الدخول في حمأة الحرب ليس خاضعاً لحسابات العقل ولا حتى المصالح ، فالمزاج له دوره في هذا العالم غير المعقول ( لكن قلبي ظل يغلي في أعماقه مكابراً ببلاهة حتى أنني رغم تهشم بارودتي التي لم تعد صالحة لشيء قررت أن أبقي جبهتي مفتوحة، وصار همي كله ينحصر في أن أجد لها نشيداً أي نشيد كان ، لكن المشكلة التي ظلت تؤرقني منذ أن صرت معروفاً هي مشكلة من صار في إمكاني أن أختارهم كخصوم؟...) ثم ( غريب يرقصون هناك رغم أنهم بين أكوام من الجنائز)
بيروت هي الكذبة التي يريد الكل تأسيسها على إيقاع لعبته وتلاعبه، مما يشعر بالانمحاق، وأن الخلاص بعيد، وأن كل عرس لقيامتنا مستحيل، مما يبرر الهلوسة... الهلوسة التي تستحضر الكاتب كضمير لا يستطيع الابتعاد عن الموكب، وعبر الصور ، ومماحكة الذاكرة التي قد لا يستطيع - وربما لا يريد – التحكم بتداعياتها ، وانتخابها ، والتركيز على علاقة الصورة بالمعنى...فشهرزاد هي الورقة الصورية –ورقة الضد – التي يسخر بها من طقوس الوضع، ويخاطب بها العقل البدئي، وبها يراهن على صمود الروح ( ورأيت شهرزاد تنسحب وقد أدركها الصباح الشهرياري الدامي أو أوشك )...أما أسباب صعوبة القيامة فكثيرة ومتنوعة ، أهمها حالة الخصاء التي ربما تنتج المصادفات ، لكنها لا تعد بأي شيء من ناحيتها ، مما يسمح بتعميم الحالة كأصل وليس استثناء، وتؤكد أن عقم الرجال أساسه عقم الرجولة ( أنا رجل فعلاً أم لا ؟) وأيضاً ( ربما صرنا أولاد ميتم كبير بعد أن تم تجريدنا من هذه الذكورة الملعونة...) ،ثم( فأنت حين لا يكون لجبهتك خصوم محددون يقودك البين بين إلى أن تصبح أشبه بجربوع مخصي تجره مجارير الآخرين إلى حيث لا يعلم ) حالة الخصاء هذه تبقي وللأسف على الحياة بحدودها الدنيا، فالعقم محلاً وموضوعاً موجود على كل حال، وهو وجود حال وآني ، ولما كان التسليم بالأمر مسألة تتعلق بالوجود والعدم، فليس هناك أنسب من البرزخ مقاماً للروح والعقل ، البرزخ الذي ينتصب علامة الكمون، وهو أقصى ما يمكن إدراكه في ظل رحمة الخالق.( رفضوا أن يتقبلوا شرف خصومتي لهم وبذلك وضعوني مجبراً في الحياد في منطقة ذاك البين بين الملعون والذي لا تعرف فيه إلا الحيرة حتى أنك لا تعود أكثر من غريب عن نفسك )
تنسحب هذه الحالة على مظاهر الانفصام والانفصال... والتأثر والتأثير، لدى أشخاص الرواية ، فالحب والحرب يأتيان بقرار ( أما لماذا خطر لي أن أفتح جبهة عشق كي أسكت جبهات الحرب حين دخلت فتلك معضلة...) ثم ( وحين لا تعرف ضد من عليك أن توجه جبهتك، فإن غضبك لا يمكن له أن يصل مهما تفجر إلى أبعد من رأس منخارك، إذا ما كنت تعوم داخل هذه البحار من التفاهة الخالصة ....واخترت اعتبار رصاصاته جزءاً من مساعدة شقيقة على التحرير ، أما تحرير أي شيء والتحرير من أي شيء فالله وحده يعلم...) . وأيضاً ( أعط أي شقندحي من هذا الشرق الغريب رشاشاً أو حتى مقلاعاً وزوده بخمسة مصفقين وملقن ماكر ثم انظر ما يحدث الأرض كلها لا تعود تتسع لأمجاده

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:58 PM
تابع ،،،


النساء المعشوقات يحبهن على التوالي، ويتعرف إليهن الواحدة تلو الأخرى...وجميعهن دفعة واحدة أحياناً عبر لعبة الأسماء وتعددهاوتوحدها – روز وزهرة – نوح الأول والثاني – بليغ الأول والثاني- في مقاربة ميثولوجية تؤكد حضور الأسطورة في وعيه كرمز للانتماء ، ويعيد فكرة الماهية المشتركة لجميع أشكال الحب التي عاشها بشكل متتابع،( وشربت حسبما أمرت يا بليغ شربت وأنا أرى صوراً أخرى جديدة قديمة من حياة كانت وربما تكون أو ستكون لكنني كنت أضعتها ذات موت طفولة وانبعثت حية نابضة بما هو في غاية البساطة لكنه مع ذلك عصي على الفهم فالصور ذاتها مضطربة تترك إحساساً غامضاً في الروح ولا تعلن لها عن شيء محدد ومع الخمر استسلمت لأبصر ما الذي يريده هذا الرأس المحترق قدام الحضور البهي لتلك المرأة الحزينة التي تبدت مثل زهرة في خرائب مدينة ضربها زلزال )... ولن يكتشف أخيراً في جميع وجوه النساء هذه، إلا وجهاً واحداً ، هو الذي يحبه...تماماً كما في جميع وجوه الرجال أنفسهم، وذلك من خلال العناصر ممكنة الوجود في نفسه كما في نفس الآخرين ، فأحرى به أن يستحضر من ذاته – مع التحفظ على عطبها – مادة الحب الأساسية ليكون أكثر صدقاً وواقعية ، ويبتعد على الأقل عن مشقة مجابهة الشعور بالخيانة، لاستحالة وقوعها كفعل سلبي بسبب غياب أحد أهم أركان القصد، ويبقى محذور تعدد الوجود الواقعي فعلاً ، الذي يحيل إلى اللا إرادة، أو اللاشعور، لإعطاء نتيجة مغايرة، وهو ما يمكن أن يحدث بدون قصد، لكنه وللأسف موجود أو محتمل، وكأن الكاتب يسلم بلا معقولية العقل باعتباره خالق أدوات الإدراك، حتى تلك التي لا تنسجم مع العقل، أو لا توصل إلى نتيجة ، فلا يكفي تفسير التماثل والترادف، وتعدد الأسماء ، وبالتالي تعدد الهويات ، أو نفيها ،( قد يأتي يوم تعرف فيه أن زهرة ليست إلا حلماً وأنك قضيت الليل منفرداً بروحك) ثم (من دهور كانت بيروت مهزومة ولولا ذلك لما وصلوا إليها أما زهرة فهي مجدلية من طراز هذا الزمان لكن أحداً لم يؤلف لها أسطورتها بعد).
الموت نفسه لم يعد ذو أهمية ، طالما أن الانسان لا يجب أن ينتظر ليرى رأسه تتدحرج ليتيقن من موته، فهناك الموت الحكمي... المفترض، النازل منزلة الموت الحقيقي، والموت الفانتازي ، الحاصل بعد خسران اليقين بعناصر الحياة والأشياء، والحياة نفسها لا يهمه من أين تصدر، ولا من أين تستمد قيمتها، طالما أن الحضور الروحي تتحكم به علاقات لا تخضع لمقاييس الكون والتاريخ، فتتحول وتتداخل الأرواح والأشباح، ويمكن التعرف إليها كأشياء مجردة من القيمة، ومن هنا يمكن فهم شخصية بليغ...ضمير الرواية ، والقبول بما أسبغه عليه الكاتب من إمكانيات ، ربما كانت صدى لحضور الكاتب نفسه، الذي لا يتحرج من الحضور عند اللزوموفي الأمكنة التي تتطلب وجوده، والحضور الحكمي أو الفانتازي ، يفسر ويبرر الوقائع، فيرقى بليغ إلى مستوى الفيلسوف أحياناً، وقد يستجدي النصح والمشورة من طريف ، الشخصية التي تمثل الظل والشعاع في آن ، ويماهي حركة روحه، وينكفئ بليغ عندما تغيب الفانتازيا ، ويرجع إلى ذاته عبر رجوع الكاتب إلى تهدئة اندفاع الرمز، فيخرج من السديم لفترة يتعرف فيها على نفسه تحت ضوء الشمس، وعلى بيته وأمه... وأخيه الدودة ، في مقاربة عيانية يرجع فيها إلى روحه، ويدرك من خلالها انمحاقه الأكيد، واستحالة وجوده ضمن هذا التشوه الحاصل، فيعود به الحلم، ويعود بالحلم الذي يمازج اليقظة إلى بيروت، ولا يتحرج الكاتب من استجداء الفانتازيا مجدداً ، بل يضطر للجوء إليها وتعميقها ، كمعادل تقني، للإحاطة بالمكان... وتفسير العودة بدلاً من عدمها ، ولتفسير وضع بليغ وتحولات شخصيته ونوازعها، التي تشكل النسق العام لتحولات الحدث الروائي وسيرورته، ثم يخرج منها طائعاً ليخاطب ذاته الواقعيةالحيوية ...ذات الإمكانات الكبيرة ...كخال أصيل ينتمي إلى ذات الأصالة التي ينتسب إليها بليغ الثاني...الشاعر المبشر بالأعراس، ويضمّن الكاتب النص قصيدة ، يشكل ورودها إشارة توحي بحضور المنشئ، في حركة جريئة ومستحدثة، تحيل إلى التوثيق، قد تكون مستمدة من أدوات المسرح، الذي يكون التواصل الحي والمباشروالتوثيقي فيه جزءاً من طبيعته ، وكأنه يردد...كم قد قتلت وكم قد مت عندكم ثم انتفضت فزال القبر والكفن .
وإذا كانت المصادفات أو الحتميات -لا فرق- ، هي التي قادت بليغاً إلى بيروت، وكان مناخ الجنون والتشوه- كما اكتشف - وراء كل مجريات الأحداث التي تعصف بهذا المكان، فإن هذا المناخ ذاته ، سيسحب بالضرورة نتائجه على الأمكنة الأخرى المختلفة التي تنتمي إليها ذات الشرائح الاجتماعية والطبقية، وإذا كان في مكان كبيروت قد أنتج حرباً أهلية عبثية مجنونة، فإنه يمكن أن ينتج ظواهر أخرى-تصدر عن ذات السيماء الجنونية- لكنها مختلفة بالشكل أو المستوى في القرية، التي عاد إليها بليغ مختاراً، ليكتشف أن لا كبير فرق بين بيروت السائرة نحو الموت بالانتحار الطوعي، والذي قادتها إليه أسباب الجنون، وبين مكان آخر قصي، يصدر عن ذات المقدمات والأسباب والماهية، لكنه ينتج التشوه الصامت والتفسخ البطيء ربما، وعهده بها –وفقاً لذاكرته الأولية- بعيدة عن متناول وحش الجنون القادم ، ليكتشف أن الرياح المسمومة من القوة والعنف بحيث وصلت إلى أقاصي المساحات والجهات، و الاختلاف هنا فقط في طبيعة أدوات الصراع،المحددة لشكل الظاهرة أو طبيعتها، وتكون صدمة بليغ في أخيه والآخرين ، تماثل صدمته بأطراف الصراع الأخرى المختلفة في بيروت، والتي صدم بجنونها الذي لم يسلم منه أحد فيما يبدو، فيعود هذه المرة مختاراً، لأنه على الأقل، اكتشف في بيروت ذاته ربما، وأسهمت إقامته فيها في بناء ذاكرة جديدة لن يكون بمقدوره التخلي عنها مجدداً، ذاكرة تتعلق بحياته الجديدة، الفكرية والسياسيةوالعاطفية، التي عاشها إبان تواجده في بيروت المتحاربة، إنما التي تستطيع إرشاد الشخص إلى ذاته، أو تساعده في اكتشاف ذاته، وهو أمر يتعلق بطبيعة الحدث المعاشوضخامته وجديته من جهة، وللإمكانيات الأخرى التي تنتجها المدينة بطبيعتها، وربما كان الرهان الأخير على الطهارة التي تنتجها النار بعد الحريق.
الرواية تحفل-بحواراتها وخطها الدرامي على مستوى الحدث وتحولاته- بالكثير الكثير من المصادرات الجريئة... العقلية والفكرية والسياسية والدينية ،على السائد من السياقات إياها، وعلى ما يتم العمل عليه، من قبل أدوات الفساد والإفساد،وعلى مستويات الثقافة والسياسةوالاجتماع...والعقل، من تأسيس لحالات تنذر بالقطع مع إحالات العقل باعتباره القيمة الأساس في معادلة الحياة، وبالطبع ليس هناك-وللأسف- من معيار غير الجنون، في غياب أدوات الكشف الحسي الأخرى لتمييز العقل ذاته، أي تقعيد وتعميم الاستثناء للولوج إلى القاعدة التي أصبحت لا تحيل إلا إلى الغربة، عالم العقل..المقصي والمهمش. لكنه-لحسن الحظ أو سوئه- الوسيلة الممكنة الوحيدة في عالم الغرائب والعجائب، لتمييز خطأ العالم وصوابه، فلماذا نعجب بعد كل هذا من فراديس الجنون؟ وهي المكان الذي يتسع ويؤوي شاربي ماء النهر، على ما تنبأ به جبران، وهم غالبية البشر الذين ينعمون في بيمارستانات عالم الجنون الوافد بصلفه وجبروته، والهازئ من عالم الوعي، ومنطق الحياة والبشر، في سيرورة تحولات وقحة، لا تقيم وزناً لإنسانية الانسان وعقله، وهل يبقى لنا سوى الأمل الذي يبدو أننا محكومون به فعلاً؟ الأمل الحلم الذي يستدعي القليل من عناصر الإنسانية المتبقية في هذا العالم، وعليها الرهان لوحدها في تحقيق الحلم ، أو مقاربته. والمعادلة في غاية الصعوبة، فإما أن نشرب كلنا من نهر الجنون، أو أن يثوب العالم إلى رشده، الأمل بالحلم هو مادة تمسكنا بالحياة، فهل تنهزم الحياة وتتراجع مسيرة الإنسانية؟ أو تواصل مسيرتها المتعثرة لاستكمال بناء عالم الإنسان كما تقتضيه إنسانيته وثقافته وحضارته؟ .
وإذا كانت الرواية تبتدئ العلاقة مع المتلقي ببيان مباشر ، يشكل استهلالاً ومدخلاً، يتيح فهم المنهجية الأسلوبية، ويقدم مفاتيح أولية للدخول في متن النص، فإن هذا الاستهلال يصبح جزءاً لا يتجزأ من النص، ويبنى عليه ما بعده، وتصبح العناوين الفرعية التالية مدخلاً لفهم التنويعات على مستوى التشكيل الخارجي، لكنها تتعلق بالداخل، من حيث أن هذه العناوين تبدو مدروسة على مستوى الإيحاء، وعنوان (بليغ ينزلق على قشرة موز)، يوحي بضمير الغائب، بينما نجد أن بليغ نفسه هو المتكلم، ويقدم رؤيته في هذه المسألة (بليغ الحمود ؟ يا إلهي كم يثير قرفي هذا الاسم .....وها أنذا أتأمل فيه كما لو أنه ليس اسمي....قال بليغ الحمود قال )...ويكرر الكاتب الطريقة ذاتها في الفصل التالي ( بليغ في لعبة المطاردة ) ليؤكد بقاء النص تحت نظره، لا خوفاً من انفلاته، بل ربما لاستمرار لعبة التواصل مع المتلقي، وتذكيره بأن الأمر لا يعدو كونه حكاية، بتقديمه للراوي بنفسه،ثم يتركه يتوجه بالخطاب على طريقته، وبلسانه، وتأتي العناوين ( زواريب إمبراطورية الظلال) و(احتفال في شبكة مثقوبة) ثم ( بليغ يبيع الشيطان) ليبين رأي الكاتب بما يحدث، لا كشاهد فقط، بل كصاحب موقف، وليؤكد انفصال النص عن منشئه، وبقاءه على الحياد فيما يتعلق بالسيرورة الروائية،فهو يوصّف فقط، وقد يعطي رأيه من الخارج، ساخراً أو ممتعضا،أو مستنكراً ، وحتى عناوين ( نفق للدخول إلى متاهة القاتل والمقتول).. و( الفصول والغايات في إعمار العواصم بالقبضايات ) و(أقصر المسالك بين حطام الشرف الهالك)...فإنها تحيل إلى تبعيض الوتيرة الحكائية، وتقديم الفصل بطريقته-أي الكاتب- ويحمل العنوان أيضاً إحالة تراثية في ما يتعلق بالسجع، على طريقة واضعي السير في العصور السابقة، أما عنوان (طوق الحمامة ) الذي يستعيره من عنوان كتاب تراثي له وجود فعلي، فالغاية منه على الأرجح ، تقديم روح ذلك الكتاب المشهور، بالتماهي مع مجريات الحدث الروائي، وربما البعد الدرامي للعشق في ماهيته، وفي الرواية، وليبين فهمه الخاص للتراث بإسقاط العناوين ذاتها على المستجد من الحوادث الحكائية، ويندرج عنوان ( سورة العنكبوت) في ذات الإطار من الفهم ( أن يختطف زمنك منك أو أن يسرق بعضه وأنت ترى وتعجز عن أن تفعل شيئاً فهذا أمر مغيظ إن لم يكن أمراً مذلاً ومع ذلك فأنا الذي مررت في مثل تلك التجربة تقبلتها أخيراًراضياً أو مكرهاً، لكن أن يدخلوك في لعبة تذكر لماضيك الذي لا تتمنى شيئاً قدر ما تتمنى أن تنجح في استمرار الهرب منه...فهذا استخفاف مهين بكرامة الحياة الإنسانية كلها مهما تكن تبريرات ذلك الاستخفاف...) ويأتي عنوان ( الزوابع والتوابع في بدء استراحة اليوم السابع) ليعلن من جانبه –أي الكاتب- أن المسائل المشكو منها أساساً ، منذ اليوم الأول لخلق الحكاية، حكاية التاريخ على طريقته، أو حكاية الخلق، وهي على كل حال من التاريخ، مستمرة، ولن تنتهي في اليوم السابع ، يوم الانتهاء من خلق الكون، ويوم راحة الخالق، فهنا ... ستستمر الزوابع والعواصف، كما في الأيام التي ستأتي، ولن ننعم بالراحة على طريقة الإله، أو من كتب ذلك عنه على مسؤوليته، أما عنوان ( رسالة الغفران)...المأخوذ بصيغته من التاريخ الأدبي والفكري، فهو تقديم ساخر، لكن ممن ؟ إنه من النفس، فهل هناك أبلغ من طلب الغفران لتاريخ صنعناه بأيدينا؟، وطلب الغفران في حد ذاته، هو إعلان صريح عن العجز، واعتراف بالخطايا، وأيضاً بعدم القدرة على استمرار تحملها، لعل المغفرة تخفف شيئاً من ثقل الأوزار، وربما كان يحمل الاحتمال المقابل، وهو مشروعية...أو ضرورة المساجلة في طبيعة عملية التصفية والحساب الأخير، وهل من المؤكد نزول العقاب بمستحقه في وقت من الأوقات؟، أو وصول الثواب إلى مستأهله؟ وحتى طريقة تناول الحسنات والسيئات في الموازين والمكاييل، وأشكال العقاب والثواب...كما تمت الإشارة إليها في رسالة المعري الخالدة، والتي يحيل إليها الكاتب بالقطع، ثم ينهي الكاتب فصوله بعنونة الفصل الأخير ب (بقايا من سيماء الجنون)...ليقرر أن الجنون لم تنته فصوله، وإن مجمل التحولات الدرامية في النص ،لم يكن لها أن تنتهي بحالة مختلفة عما بدأت به، وأن الحكاية ليس من شأنها أن توصل القارئ، أو حتى الكاتب، إلى ما يرغب به، فهذا هو الواقع، ولا نستطيع من جهتنا التدخل لتغيير الصيرورة، من حيث هي نتائج لمقدمات ربما .
فردوس الجنون للروائي الأستاذ أحمد يوسف داؤود ، علامة متميزة في مسيرته الإبداعية ، خصوصاً على مستوى التكنيك الذي أسس له في ما سبق من أعمال روائية ، واستكمل بناءه في هذه الرواية ، فابتعد عن السرد الملازم لإيقاع الزمن، واعتمد التقطيع، والانتقال من الراهن المضارع ، إلى الزمن المفترض أو المضمر، في حركة توحي بعدم التحديد ، وتشي بتقلقل الحياة، وعدم يقينيتها، وتبرر قراءة الداخل بواسطة الخارج،بدلاً من العكس، بافتراض الحلول في الذوات المختلفة ، وتقويل الشخصيات ما يجول في فكره هو بأسلوب مزج السرد بالمونولوج، مع الاعتماد على الضمير المنفصل عنه، والمشتق من الأنا الداخلية للذوات، فلا ينكرها ولا يؤكدها، ويكتفي بمساواتها مع الضمائر المخاطبة، مما يحيل إلى الحيادية التي تشي بمصداقية المقول المفترض... لا الحدث بحد ذاته، بل كإمكانية حدوث، في محاولة لتعميم الرؤية الجمعية ( أنا الذي أتفرج عليّ من فوق ) وأيضاً ( ضحك أنا الذي يمشي ) و ( رأى أنا المقيد المتفرج ) ...فهل هناك أكثر حيادية في تناول الأنا ؟ إنها حالة من حالات التشخصن التام، لأن استقراء الجنون ، هو بحد ذاته عقلانية تحيل إلى الواقع، وإن كان تعميم حالة الجنون يوحي بالسلب، إلا أنه يفيد الإيجاب من حيث الإحالة، وهو وإن كان يحمل على الاعتقاد بعدمية الواقع أو عبثيته، إلا أنه يعمق الشعور بأهمية الواقع المعقلن الذي يستمد منه الفكر عقلانيته.
فردوس الجنون، هي في الواقع أكثر من رواية، ولعلها الشكل الذي يمثل إرهاصاً بمستويات فنية وإبداعية مستقبلية، أسس لها الكاتب على مستوى الشكل والموضوع...الداخل والخارج، وروايتنا هي اختزال للعالم في فكر كاتبها، وموقف منه أيضاً، ويتضايف كل من التاريخ والجغرافيا والفلسفة وعلم النفس واللغةواللاهوت... بالإضافة لحضور السياسي والاجتماعي والثقافي بشكل لافت ، في تشكيل جديد ومستحدث، والكاتب إذ يقدم كل ذلك في عمله ، فإنما يقدم نفسه...أو بعضاً منها. وربما كانت هذه هي فلسفة الكاتب الحياتية التي يريد منا التعرف إليها، أو ما يريد الكاتب أن يوصله، وبهذا تظهر الرواية كخط دفاع عن الوجود ...وجود الكاتب في نفسهوفي الآخرين الذين يحيا بهم ومعهم .
اللوحة من أعمال : غيث العبد لله

! إنسان والقلم
19-08-2015, 05:59 PM
مقابلة صحفية مع الروائي السوري الكبير أحمد يوسف داود:أعيش من كتاباتي?!.. إنها مجرد مزحة!!..سوء تسويق الكاتب والمبدع السوري ( افضل) عقوبة للكاتب الجيد ...لم أشتغل بالنفاق ولم أكن ( مساح جوخ ) طوال حياتي..

شؤون ثقافية
السبت 28/10/2006
هيثم يحيى محمد
من يعرف ( احمد يوسف داود) الاديب السوري المتنوع الابداع... عن قرب ( وانا منهم) .. يدرك مدى خفة دمه..وظرافته .. وذكائه.. ونقائه.. ويدرك اكثر من غيره مدى العمق الفكري.. والثقافي الذي يمتلكه ..ومن قرأ ويقرأنتاجات هذا الاديب في. الشعر . والرواية.. والمقالة.. والمسرح .. والبحث .. يدرك مدى دقة..
وصدق مدرس الادب العربي في دار معلمي حمص ( المرحوم محمود فاخوري) عندما كان يقول للجميع في كلمناسبة عن (احمد ) الطالب في الدار بداية ستينات القرن الماضي لقد جمع الفن كله في احمد.‏
هذا الاديب المتألق كرمته محافظته (طرطوس) منذ ايام ضمن فعاليات مهرجان عمريت الثقافي للعام الحالي .. وبمناسبة هذا التكريم الذي يستحقه اجرينا معه اللقاء التالي.‏
* متى بدأت الكتابة? ومتى بدأت النشر? وهل واجهت صعوبات في النشر عند البداية?‏
** 1-قبل الحديث عن بدايات الكتابة والنشر سأقترح التحدث بإيجاز عما تأسس لها في الطفولة واليفاعة فلقد ولدت بعيد انتهاء الحرب العالمية الثانية ( اواخر عام 1945) اي قبيل استقلال سورية بأشهر قليلة, وكان ذلك في قرية صغيرة من ريف الساحل حيث كانت بقايا برج قديم وكانت القرية بالتالي تختزن كنوزاً من الحكايات والاحلام والتهويمات والتخريفات مثلما كانت-كسائر قرى الريف السوري آنذاك-تعاني من الفقر والجهل اللذين يزيدان في تنوع تلك الكنوز, بقدر ما يزيدان من وجود الشخصيات القلقة التي تخترع تخييلات غريبة فكهة للخروج من حصارها الى العالم الذي كان ينفتح ببطء شديد حتى نهاية الخمسينات على الاقل.‏
في تلك الظروف كانت قراءة القرآن عند الخطيب ( شيخ الكتاب) هي فرض عين تقريباً على كل طفل في الخامسة وما فوق, وكانت سير( حمزة البهلوان-فيروز شاه-الف ليلة وليلة-عنتر تغريبة بني هلال سيف بن ذي يزن) هي مادة الثقافة الاولى, ولم يكن الامر يخلو من امكانية الحصول على بعض كتب من الشعر العربي او مختارات منه... وكانت الطبيعة آنذاك اكثر ثراء وعطاء وحضوراً في سائر تفصيلات الحياة اليومية حتى انها لا تكاد تشبه ذاتهااليوم في شيء!.‏
وفي المدارس القليلة والبعيدة كان الحصول على العلم بالكد والاجتهاد هدفاً أعلى أما قاعدته الاساسية فكانت التعلق بالمثل العليا في التعامل مع الذات والآخرين, وتلك قاعدة سنكتشف متأخرين أنها غير ذات صلة تذكر بعمليات الواقع الحقيقي.‏
ولأنني ولدت وحيداً لأب متلاف كان علي ان اكون متفوقاً في الدرس على الجميع من اقراني, وانا احمل على كاهلي مترتبات كل الذي سبق ذكره .. وفعلتها تسع سنوات كاملة, وبعدها ساقني قدري الى دار المعلمين بحمص حيث تبدأ رحلتي الفعلية مع الكتابة.‏

* ما هي نتاجاتك المطبوعة- او المخطوطة ومتى صدر كل منها ?‏
** منذ عام 1970وحتى عام 1998 صدر لي نحو من ثلاثين كتاباً سأذكرها اجمالاً واذكر عددا من اهمها :‏
آ-سبع مجموعات شعرية اهمها : القيد البشري-اربعون الرماد- مهرجان الاقوال واحدى هذه المجموعات ضاعت عند صدورها في بيروت عام 1982 حيث هدمت دار المسيرة التي اصدرتها بالقنابل الصهيونية فلم ار المجموعة ولكن قصائدها منشورة في الصحف والمجلات وتحتاج الى اعادة جمع وترتيب.‏
وهناك مجموعتان مخطوطتان ربما عملت على اصدارهما قريباً.‏
ب-خمس روايات معروفة, وكتب لكثير عن عدد منها وهي : دمشق الجميلة- الخيول - الاوباش - تفاح الشيطان - فردوس الجنون. وهناك مسودة رواية مخطوطة شبه منجزة, ولا تحتاج الا الى كتابتها في صيغتها .‏
ج-مسرحيتان نشرتا في كتابين هما : الخطا التي تنحدر - ما لكو يخترق تدمر.‏
وآمل انه لم يضيعها او يتلفها, فأنا لم اكن احتفظ بالمسؤولين واعتقد انه من ا هم المسرحيات التي تناولت القضية الفلسطينية ونشوء الكيان الصهيوني.‏
وهناك ايضاً مسرحية للاطفال عنوانها ( محكمة في الغاب) نشرتها منظمة الطلائع كما نشرت قصة للاطفال ايضا بعنوان (البرج) وكذلك نشرت لي دار المستقبل قصتين للاطفال في كتاب صغير واحد.‏
ولدي عدد من النصوص المسرحية المخطوطة للكبار اخرجت بعضها فرق في المحافظات لكنها الآن لا تعني لي شيئاً مهماً.‏
د-اصدرت لي وزارة الثقافة اربع روايات للفتيان في سبعينات القرن الماضي, واحدة منها ضمن مجموعة الروايات الفائزة بجائزة مسابقتها لهذا الجنس الادبي الخاص فازت روايتي بالجائزة الاولى.‏
اما الثلاث الاخريات فاصدرتها في كتاب واحد يحمل عنوان السيف المرصود) وهذه الروايات تتوجه الى الفتيان بين سن 12-16 عاماً.‏
ه-في نهايات السبعينات صدر ايضا عن وزارة الثقافة كتابي النقدي المعروف عن الشعر (لغة الشعر) ولدي الآن مسودة كتاب ضخم لم تكتب خاتمته عن النقد من منظور خصوصية اللغة العربية وفلسفة تاريخها وانماط الاداء الادبي بها . وهو كتاب- رغم ما أراه من اهميته - بحاجة الى اعادة نظر وكتابة جديدة.‏