|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
![]() |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() الخبر: تم الإعلان عن قيام ما يسمى بجماعة الإخوان "المسيحيين" في مصر على غرار جماعة الإخوان المسلمين
التعليق: ستظل مصر حالة فريدة واستثنائية في التاريخ الإنساني عامة وتاريخ الرسالات خاصة، فهي بلد عريق موغل في التاريخ والقدم، على ربوعها قامت العديد من الحضارات الهامة التي أَثْرَت الحياة الإنسانية، وكان للموقع الجغرافي الفذ دور كبير في جعلها ملتقًى للحضارات، فمصر همزة الوصل بين قارات العالم القديم ـ آسيا وأفريقيا وأوروبا ـ فتاريخ مصر القديم والمعاصر والحديث عبارة عن صورة مصغرة من تاريخ البشرية كلها بتقلباتها ارتفاعًا وانخفاضًا، ضيقًا واتساعًا، ضعفًا وقوةً وهكذا؛ لذلك لم يكن مستغربًا أن تشهد أرض مصر وجود عدة رسل كرام بعضهم من أولي العزم مثل موسى وعيسى ويوسف عليهم وعلى نبينا الصلاة والسلام، وتقوم فيها دولة للرسالات الثلاث، فقد قامت دولة لليهودية وتلتها أخرى للنصرانية، وأخيرًا استقرت الدولة للإسلام خاتم الرسالات والمهيمن عليها، وكان لسماحة الصحابة الفاتحين لبلاد مصر والشام دور كبير في بقاء أهل مصر والشام على ديانتهم النصرانية واليهودية، فلم يُجبر أحد على دخول الإسلام، فحرية الاعتقاد من أهم بنود دستور الفتح الإسلامي، ولم تشهد البلاد المفتوحة على يد المسلمين أي إجبار من أي نوع على أهل الديانات الأخرى من أجل الدخول في الإسلام، عكس ما فعله البرابرة الأوروبيون في بلاد الإسلام عندما احتلوها؛ مازالت جرائم الأسبان بمسلمي الأندلس وجرائم الفرنسيين بمسلمي المغرب والجزائر وغرب أفريقيا ماثلةً في التاريخ وشاهدةً على مدى حقارة الأوروبيين وعداوتهم وغلاظة نفوسهم وسواد قلوبهم، وأيضًا مدى سماحة ورقي المسلمين. بيد أن نصارى مصر لم يعجبهم الفتح الإسلامي، وحنُّوا لحكم الرومان على الرغم من تعرضهم لأشد أنواع الاضطهاد على يد الرومان بسبب اختلاف المذاهب بين المصريين والرومان، وعلى الرغم من قيام المسلمين بتحريرهم من هذا الاضطهاد ومنحهم حرية الاعتقاد، فتآمر نصارى مصر مع الرومان سنة 25هـ وهجموا على الإسكندرية واحتلوها وفتكوا بالحامية الإسلامية هناك، فأعاد الخليفة عثمان القائد عمرو بن العاص لولاية مصر فانتصر على المعتدين والمتآمرين، وأعدم قادة المتآمرين ثم عفا عن الباقي، ومع ذلك لم يستقر نصارى مصر أبدًا ولم يرضوا بالحكم الإسلامي بها، وظلُّوا يثورون مرة بعد مرة حتى بلغت ثوراتهم خمس مرات أيام الأمويين، وسبعة أيام العباسيين، وثاروا أيام الطولونيين مرة والإخشيديين مرة، حتى قامت الدولة الفاطمية المتزندقة في مصر فهدأ نصارى مصر وسعدوا بزندقة العبيديين، حتى جاء صلاح الدين وكانت الحروب الصليبية الكبرى حتى تم تحرير بيت المقدس، وبعد رحيل صلاح الدين عادت ثورات نصارى مصر والشام خاصة مع قدوم الاحتلال التتاري للشام ومحاولتهم غزو مصر، ولما جاءت دولة المماليك ثار نصارى مصر والشام عدة مرات، وتآمروا مع القبارصة واليونانيين عدة مرات على غزو مصر كما حدث في ملحمة الإسكندرية سنة 763هـ، ولما دخلت الحملة الفرنسية إلى مصر تآمر كثير من نصارى معهم، وقام المعلم يعقوب حنا بتشكيل ما يسمى بالفيلق القبطي الذي انضم للفرنسيين في قتال المصريين، وظهرت لأول مرة في التاريخ المصري المعاصر ما يسمى بالمشكلة القبطية، وعلى خلفية هذه المشكلة وبدعواها احتل الإنجليز مصر سنة 1882 ميلادية، لتظل العلاقة بين المسلمين والنصارى في مصر متوترة من يومها ليومنا. وكان لظهور جماعة الإخوان المسلمين في سنة 1928 أثر كبير في الشأن المصري؛ إذ كانت تمثل انبعاثًا جديدًا للعمل الإسلامي وأحدث ظهورها نشاطا فكريًّا وثقافيًّا وحركيًّا كبيرًا، وكان من آثار ظهور هذه الجماعة الإسلامية ظهور فكرة الانبعاث القبطي والرغبة في البحث عن الذات على يد الراهب حبيب جرجس الذي كان أول من دعا لمصطلح "الأمة القبطية" للتعبير عن الانعزال الشعوري عن الدولة، ونادى بتكوين وطن خاص بالأقباط، ودعا لإحياء اللغة القبطية، وجاء من بعده المحامي إبراهيم هلال الذي أنشأ جماعة الأمة القبطية كرد فعل على النشاط الكبير والواسع لجماعة الإخوان ونجاحها سياسيًّا واجتماعيًّا وفكريًّا، واتخذت هذه الجماعة النصرانية شعارًا لها استنسخته من شعار الإخوان وهو "الإنجيل دستورنا والموت في سبيل المسيح أسمى أمانينا، الله ملكنا ومصر بلادنا والعنخ (مفتاح الحياة الذي على شكل صليب) علامتنا والشهادة في سبيل الرب غايتنا"، وكانت جماعة الأمة القبطية مكونة من شباب الأقباط المثقف والذي يحمل درجات علمية هدفهم النهوض بالشعب القبطي كله عن طريق الإصلاح من خارج الكنيسة في أقصر وقت ممكن، وكانت متشبعة بالتيارات الفكرية التي كانت سائدة في ذلك العصر مثل الإخوان والثورة، ولكن سرعان ما حُلِّت هذه الجماعة بعد تورطها في حادثة خطف البابا يوساب الثاني، وتم القبض على كثير من أنصارها وزُجَّ بهم في السجون حيث مات معظمهم، وبعد فترة أُفرج عن الباقي ومنهم المؤسس إبراهيم هلال الذي سافر ومعه العديد من كوادر الجماعة إلى الخارج، وهؤلاء النفر كانوا نواة ما عرف بتنظيم أقباط المهجر المعادي لمصر الآن. واليوم تشهد مصر حركة انبعاث قبطي جديد جاءت على خلفية الانبعاث الإسلامي الذي تمثل في وصول الإخوان إلى سدة الحكم، وهذا الانبعاث الثاني جاء شديد التشابه مع الانبعاث الأول، فقد أعلن نشطاء أقباط عن تأسيس "جماعة الإخوان المسيحيين" على غرار "جماعة الإخوان المسلمين"، للتأكيد على حقوق المواطنة، وتطبيق مبدأ "النضال اللاعنفي"، ومحاربة الدولة الدينية الإسلامية، والحفاظ على الهوية المدنية للدولة المصرية. وقال ميشيل فهمي - الأب الروحي للجماعة -: "هذا هو الوقت المناسب لإنشاء جماعة الإخوان "المسيحيين"، بعد أن وصل سيطرة التيار الديني على مقاليد الحكم في البلاد، وأن الجماعة هدفها الوجود في الشارع"، مشددًا على أن "الجماعة ليس لها علاقة بالكنيسة، وسنعمل على ممارسة السياسية دون أطماع للوصول إلى الحكم". ومن الواضح أن هذه الجماعة ستتبنَّى مباشرة فكر تنظيم الأمة القبطية وأجندته المعروفة للجميع، فكوادر ومؤسسو الجماعة من غلاة الأقباط المنادين بوطن قومي للأقباط وعلاقاتهم وثيقة بأقباط المهجر، ويعبِّر عن هذا الفكر المستشار القانوني له وهو الناشط القبطي المتطرف "ممدوح نخلة" الذي قال في حوار صحافي: "إنه بعد تكوين الجماعة يحق لها تأسيس وتكوين ذراع سياسية لها باسم حزب سياسي"، وأشار في ذات الحوار إلى أهم وسائل نجاح هذا المشروع السياسي الحيوي للأقباط، وهو مشاركة أقباط المهجر في كل الخطوات لخبراتهم الطويلة في معايشة الحياة السياسية الديمقراطية في البلاد المقيمين فيها، وإقامة فروع ومقار للجماعة بصفة تدريجية بكافة المحافظات التي بها كثافة سكانية قبطية، مشيرًا إلى أن هذا هو الحل الأمثل لحصول الأقباط على حقوقهم في ظل التجاهل لمطالبهم من كافة المؤسسات، وقال أمير عياد الناشط الحقوقي وأحد المؤسسين: "إن فكرة إنشاء جماعة الإخوان "المسيحيين" منذ عام 2005، وسنعمل على وضع كوادر لها وإنشاء فروع في معظم المحافظات المصرية، وأيضًا داخل أربع دول خارج مصر ثلاث بأوربا وفرع بأستراليا"، وقال: إن الجماعة تستعد للإعداد لأول مؤتمر صحافي عالمي تحت عنوان "حال أقباط مصر في ظل الحكم الديني". مصر تشهد منذ نجاح الثورة المباركة حالة من الاستقطاب الديني المفتعل أَذْكاها أطراف نافذة وسيادية في النظام القديم أرادت بهذا الاستقطاب شغل الرأي العام المصري عن الانتقال السلس والسلمي للسلطة، وتطويل أمد الفترة الانتقالية، في ظل معاندة مراكز القوى القديمة للثورة ورفضها التخلي عن سياسات وآليات مبارك في الحكم، هذا الاستقطاب أخذت زاويته في الانفراج شيئًا فشيئًا منذ الاستفتاء الطائفي على التعديلات الدستورية، ثم توالت الأحداث الطائفية المدبرة التي زادت من حدة التوتر، ثم كانت الانتخابات التشريعية والرئاسية لتؤكد على مفهوم الطائفية في مصر الثورة، وأخيرًا جاءت الخطوة الأخيرة بإنشاء مثل هذه الجماعة التي تزيد المشهد السياسي والاجتماعي توترًا واضطرابًا، خاصة وأن ارتباط هذه الجماعة بأقباط المهجر يؤكد على خطتها الانفصالية، وهذا الأمر يفرض على السلطات المصرية تعاملاً جديًّا مع هذه الجماعة، فلابد أن تعمل في النور وبصورة قانونية وتلتزم بالقوانين والأحكام المنظمة للعمل الخيري، وأن تفك ارتباطها بأقباط المهجر المعروفين بعداوتهم الشديدة للإسلام والمسلمين والنظام المصري، وأن تكون أنشطة الجماعة سواء السياسية أو الاجتماعية تحت إشراف الكنيسة المصرية وبمرجعيتها وضمانتها، والالتزام بدستور البلاد وقوانينه وهويته ومرجعيته، أما أن يكون هدف الجماعة وعملها لترسيخ الانعزال والتمهيد لتقسيم البلاد على غرار شمال السودان وجنوبه، فهذا هو الذي لا يمكن السكوت عليه، بل إن السكوت عليه والرضا به - من باب المواءمة السياسية والاستجابة للضغوط الخارجية - هذا السكوت يعتبر جريمة شنيعة يدفع ثمنها الأجيال القادمة، بسبب صراع العنخ مع الهلال. ربنا يستر.
__________________
![]() |
![]() |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |