وحي الله هل ينقطع عن العباد ؟ - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         متابعة للاحداث فى فلسطين المحتلة ..... تابعونا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 13916 - عددالزوار : 745083 )           »          إزاي تفرقي بين العسل النقي والمغشوش؟ 4 طرق لاختباره بنفسك في البيت (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 26 )           »          6 خطوات للعناية بالقدمين في الصيف.. الترطيب اليومي أساسي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 18 )           »          10 حاجات لازم تبعديها عن البوتجاز.. ممكن تسبب حريق (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 17 )           »          سنة أولى أمومة.. اعرفى إزاى تهتمى بشعر طفلك وإمتى تغسليه (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          خطة طوارئ مضمونة لاستعادة نضارة بشرتك فى 72 ساعة.. مثالية للمناسبات (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          5 تريكات فعالة تسهل إنقاص الوزن من غير حرمان.. الدايت أسلوب حياة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          طريقة عمل براونيز النوتيلا بمكونين فقط.. وصفة حلويات سريعة ولذيذة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 21 )           »          6 خطوات لاستعادة حيويتك بعد خروجة أو مقابلة استنزفت طاقتك النفسية (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 19 )           »          5 وصفات طبيعية قابلة للأكل هتنور وشك.. اتنين فى واحد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 15 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم العلوم الاسلامية > الملتقى الاسلامي العام
التسجيل التعليمـــات التقويم

الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 06-01-2006, 05:20 PM
يانورالنور يانورالنور غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: لبنان - جبل عامل - عربصاليم
الجنس :
المشاركات: 24
افتراضي وحي الله هل ينقطع عن العباد ؟

وحي الله هل ينقطع عن العباد ؟

الوحي في اللغة العربية :

جاء في لسان العرب لابن منظور في باب وحي ما يلي :

[ قال الأزهري : وقال الله عزّ وجل :{ وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ}

قال الوحي ههنا إلقاء الله في قلبها ، قال وما بعد هذا يدل ، والله أعلم ، على أنه وحي من الله على جهة الإعلام للضمـان لها : إنا رادوه إليك وجاعلوه من المرسلين ؛ وقيل : إن معنى الوحي ههنا الإلهام ، قال وجائز أن يلقي الله في قلبها أنه مردود إليها وأنه يكون مرسلاً ، ولكن الإعلام أبين في معنى الوحي ههنا . قال أبو إسحق : وأصل الوحي في اللغة كلها إعلام في خفاء ، ولذلك صار الإلهام يسمى وحياً ؛ قال الأزهري : وكذلك الإشارة والإيماء يسمى وحياً والكتابة تسمى وحياً . وقال الله عزّ وجل : { وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ } ؛ معناه إلاَّ أن يوحي إليه وحياًَ فيعلمه بما يعلم البشر أنه أعلمه ، إما إلهاماً أو رؤيا ، وإما أن ينـزل عليه كتاباً كما أنـزل على موسى ، أو قرآناً يتلى عليه كما أنـزل على سيدنا محمّد رسول الله ، (ص) ، وكل هذا إعلام ، وإن اختلفت أسبـاب الإعلام فيها . وروى الأزهري عن أبي زيد في قوله عزّ وجل : { قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ } ، من أوحيت ، قال : وناس من العرب يقولون : وحيت إليه ووحيت له وأوحيت إليه وله ، قال : وقرأ جُؤيَّة الأسدي : قل أُحِيَ إليَّ من وحيت ، همز الواو . ووحيـت إليك بخبر كذا أي أشرت وصوتُّ به رويداً . قال أبو الهيثم : يقال وحيت إلى فلان أحي إليه وحياً ، وأوحيت إليه أوحي إيحاء إذا أشـرت إليه وأومأت ، قال : وأما اللغة الفاشية في القرآن فبالألف ، وأما في غير القرآن العظيم فوحيت إلى فلان مشهورة ، وأنشد العجـاج :

وحى لهـا القَـرارَ فاسْتَقَـرَّتِ

أي وحى الله تعالى للأرض بأن تقرَّ قراراً ولا تميد بأهلها أي أشار إليها بذلك ، قال : ويكون وحى لها القرار أي كتب لها القرار . يقال وحيت الكتاب أحيه وحياً أي كتبته فهو مَوْحِيٌّ . قال رؤبة :

إنجـيـلُ تـوراةٌ وحـى مُنَمـنِمُـهْ

أي كتبه كاتبه . ] انتهى كلام ابن منظور .

* * *

وفي الميزان في تفسير القرآن ج 12 ص 292 جاء ما يلي :

[ الوحي ـ كما قال الراغب ـ الإشارة السريعة وذلك يكون بالكلام على سبيل الرمز أو بصوت مجرد عن التركيب أو بإشارة ونحوها ، والمحصل من موارد استعماله أنه إلقاء المعنى بنحو يخفى على غير من قصد إفهامه فالإلهام بإلقاء المعنى في فهم الحيوان من طريق الغريزة من الوحي وكذا ورود المعنى في النفس من طريق الرؤيا أو من طريق الوسوسة أو بالإشارة كل ذلك من الوحي ، وقد استعمل في كلامه تعالى في كل هذه المعاني . ] .

* * *

قال الله تبارك وتعالى :

{ وَمَا كَانَ لِبَشَرٍ أَن يُكَلِّمَهُ اللَّهُ إِلَّا وَحْيًا أَوْ مِن وَرَاء حِجَابٍ أَوْ يُرْسِلَ رَسُولًا فَيُوحِيَ بِإِذْنِهِ مَا يَشَاء إِنَّهُ عَلِيٌّ حَكِيمٌ } .[ 51 : الشورى ] .

فعلى أساس هذه المعاني المستفادة من اللغة العربية ولغة القرآن الكريم ، نلخص مفهوم الوحي في ثلاثة أقسام :

أولاً : ما كان خيراً محضاً ، فهو ينسب إلى الله تعالى ، ويكون بما يلي : العبارة والإشارة واللطف والحقائق المستكنة تأويلاً في الكلام الظاهري ، والإشارة السريعة ، الرمز، الصوت بالواسطة ، إلقاء المعاني سراً ، الإلهام ، التفهيم ، التعليم بدون معلم غير الله ، الرؤيا الصادقة ، غرز الغرائز في الحيوان .

ثانياً : ما كان خيراً بين عباده سبحانه ، ويكون إما كتابة أو إشارة ، أو صوتاً ، أو رمزاً .

ثالثاً : ما كان شراً أو أذىً أو ضـراً ، وهو ما يكون من شياطين الإنس والجن ، إما وسوسة ، وإما بزخرف القول .

وما يهمنا من هذا البحث هو القسم الأول ، لذلك سنقصر كلامنا عليه ، والله المستعان . وعدتنا في ذلك آيات الله البينات .

فلنتأمل في هذه الحقيقة الماثلة في القرآن الكريم وفي واقع الحال وهي أن الله كان يكثر من إرسـال الرسل ، يوحي إليهم ، فيرسل إلى كل قرية رسولاً ، وأحياناً ، اثنين ، وأحياناً ثلاثة ، قال سبحانه :

{ وَاضْرِبْ لَهُم مَّثَلاً أَصْحَابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جَاءهَا الْمُرْسَلُونَ . إِذْ أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُمَا فَعَزَّزْنَا بِثَالِثٍ فَقَالُوا إِنَّا إِلَيْكُم مُّرْسَلُونَ . قَالُوا مَا أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُنَا وَمَا أَنزَلَ الرَّحْمـن مِن شَيْءٍ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ تَكْذِبُونَ ...}. [ (13ـ15) : يـس ] .

وأحياناً ثلاثة عشر رسولاً ونبياً دفعة واحـدة وفي قرية واحدة ، يوحي إليهم ، كما كان الحال مع يعقوب وأبنائه الإثني عشر ، الذين يمكن القول فيهم إن إثنين منهم فقط كانا نبيين ، وواحداً ما علمنا من القرآن ما يشينه ، فهؤلاء ثلاثة ، هم يعقوب وولداه يوسف وأخوه لأبيه وأمه ، أما الآخرون العشرة ، فهم أبناء يعقوب الذين سماهم القرآن الكريم : الأسباط ؛ وكانوا مجرمين جناة ، حاولوا قتل أخيهم برميه في بئر أنقذه الله سبحانه منها ، وهم رجعوا إلى أبيهم يكذبون ويكذبون ، ويأتون بدم كذب على قميص أخيهم زاعمين أنه أكله الذئب . هؤلاء جميعاً ، الثلاثة الأنبياء والمجرمون العشرة ، جمعهم الله في مدة زمنية واحدة ، واوحى إليهم جميعاً بدون استثناء ، أما بالنسبة للعشرة العصاة الجناة ، فبعد أن تابوا إلى الله توبة نصوحاً . ثم جعل سبحانه ، من هؤلاء الأسباط ، يوسف وأخيه ، والعشرة المذكورين ، قادة نقباء لأقوامهم . قوله سبحانه وتعالى :

{ وَلَقَدْ أَخَذَ اللّهُ مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَبَعَثْنَا مِنهُمُ اثْنَيْ عَشَرَ نَقِيبًا وَقَالَ اللّهُ إِنِّي مَعَكُمْ لَئِنْ أَقَمْتُمُ الصَّلاَةَ وَآتَيْتُمُ الزَّكَاةَ وَآمَنتُم بِرُسُلِي وَعَزَّرْتُمُوهُمْ وَأَقْرَضْتُمُ اللّهَ قَرْضًا حَسَنًا لَّأُكَفِّرَنَّ عَنكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَلأُدْخِلَنَّكُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا الأَنْهَارُ فَمَن كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ } . [ 12 : المائدة ] .

أما عن أنه أوحى إليهم جميعاً فقوله سبحانه :

{ قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } . [ 136: البقرة ] .

وقوله تبارك وتعالى :

{ قُلْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَالنَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ } . [ 84 : آل عمران ] .

والملاحظ في هاتين الآيتين ، كما أن المسلمين عامة ملزمون بالإيمان بما أنزل إلى هؤلاء المذكورين جميعاً عليهم السلام ، كذلك النبي (ص) هو ملزم أيضاً بدلالة الآية الثانية : قُلْ آمَنَّا ...

ثم الآية التي تذكر الوحي إلى الأسباط كما إلى غيرهم بصريح الكلمـة :

{ أَوْحَيْنَا } قوله سبحانه وتعالى :

{إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ كَمَا أَوْحَيْنَا إِلَى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِن بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأَسْبَاطِ وَعِيسَى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهَارُونَ وَسُلَيْمَانَ وَآتَيْنَا دَاوُودَ زَبُورًا . وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْنَاهُمْ عَلَيْكَ مِن قَبْلُ وَرُسُلاً لَّمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا . رُّسُلاً مُّبَشِّرِينَ وَمُنذِرِينَ لِئَلاَّ يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ وَكَانَ اللّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا } . [ (163 ـ 165 ): النساء ] .

فما نستنتجه هنا أن الله كان يرسل الرسل بغزارة ، منهم من يحمل رسالات سريعة ، لم يبق منها في تاريخ هؤلاء الرسل وتاريخ البشرية ، إلاَّ الكلمة العظيمة المختصرة : أيها الناس اعبدوا الله وحده . ثم يختفي الرسل بالتوفي وتختفي حتى أسماء كثير منهم ، ويبقى الحي القيوم وحده ، الذي أرسلهم وأرسل الآخرين الكبار غيرهم ، وإنما برسالات كبيرة وغنية مغنية إلاَّ عن الله سبحانه الذي هو المغني بالنتيجة وحده لا شريك له . ختم هذه الرسالات بأجلّها وأغناها وأكفاها إلى يوم القيامة ، عنيت الرسالة التي حمَّلها رسوله العظيم ونبيه الكريم محمّداً (ص) .

إلاَّ أن السؤال ، هل توقف الزمان وتوقفت الرسالات الصغيرة السريعة والمتنوعـة ، عند محمّد (ص) . وهل توقف الوحي بجميع معانيه المذكورة لله سبحانه ، توقفاً نهائياً بعد محمّد (ص) ولو كان هو خاتم النبيين كما قال عنه سبحانه وتعالى . يعني هل توقف تدبير الله لخلقه أفراداً وجماعات بما ذكرنا من الإشارة ، التي نفهمها من قول الصادق جعفر بن محمد رضي الله عنهما : القرآن على أربعة أمور : العبارة للعوام والإشارة للخواص واللطف للأولياء والحقائق للأنبياء .

والإشارة السريعة ، مثل صوت ينبهك لصلاة الفجر ، وصوت آخر مختلف ينبهك لقيام الليل ، وهذه الأصوات أو الحركات المنبهة في الأذنين أو المنخرين ليست كالأصوات أو الحركات المألوفة غالباً في حياتك الظاهرية ، ومن الإشارة السريعة كذلك ، تنبهك الفجائي لعدوٍ آتٍ من خلفك دون هسيس ولا حسيس . أو انحناءَة سريعة منك دون قصد لتمر رصاصة كنت بها مستهدفاً ، أو انتقال من مكانك وحدك أو مع عيالك أو آخرين انتقالاً لا مبرر له في الظاهر ، حتى تعلم السرَّ بعد سقوط قذيفة أو شظية في نفس المكان ، أو ... أو ... ولا تنتهي هذه الحكايا وأشباهها عندك وعند المؤمنين العاديين ، وحتى عند كثرة من الناس العاديين وحتى الكفار والفساق ، الذين تأبى عظمة الله إلاَّ أن تنالهـم برحمته الواسعة ، عسى أن يعوا ويرعووا ، ويرجعوا إلى مولاهم الحق مذعنين خجلين تائبين ، والله وحده يغفر الذنب العظيم ويعفو عن الجسيم ويقبل التوبة ويحب التوابين . ويبدل السيئات بحسنات .

أما عن الرمز فكما هو في رؤيا يوسف عليه السلام ورؤيا فرعون . السبع بقرات ، كذلك هو في رؤى الناس مؤمنين وكافرين أيام يوسف وفرعونه ، وقبلهما وبعدهما إلى قيام الساعة ، وهذا وحي من وحي الله ، وبالكيفية التي يعلمها الله .

وما دمنا ذكرنا الكيفية ، فهنا ينبغي القول معها ، أنه كما لا يجوز لنا أن نتعرض بالبحث لذات الله سبحانه ، من جهة الكيف والكم والأين إلى آخر ما توصف المجسمات وتحدد به المخلوقات ، فكذلك لا يجوز البحث بالكيف أو الكيفية التي يوحي بها سبحانه لخلقه وعامة عباده ناهيك عن خاصتهم من أنبيائه وأوليائه ورسله .

ونتابع أنواع الوحي ، فبعد الرمز ، حسب الترتيب غير المقصود من حيث تقديم أو تأخير نوع من آخر ، يأتي بعد الرمز ، الصوت بالواسطة . فكم سمعنا ويسمع المؤمنون وعامة الناس ، عن فلان أو فلانة وسماع كل منهما هذا يقول إنه سمع في يقظته صوتاً يقول له وذلك يقول إنه سمع وهو بين النوم واليقظة ، وتلك تسألنا ماذا نسمي هذا الصوت ، وهذه الأصوات تخبر خبراً ، أو تعرض بأمر ، أو تأمر أو تنهى ، وقليل من الناس لم يسمعوا قضية إبراهيم بن أدهم إذ نودي وهو في الصيد أن يا إبراهيم ، ألهذا خلقت ولهذا تعمل ؟ ثلاث مرات ، بين المرة والمرة يبحث عن مصدر الصوت وهو في بيداء منبسطة منكشفة مدَّ البصر ، ولما لم يجد أحداً ، ظاهراً ، ارعوى وفكر وتبصَّر ، فنكَّس آلة صيده ، وصمم على فكرةٍ حزم أمره عليها ، ومشى ناشطاً حتى إذا شاهد راعياً ، حاوره بكلام كان بنتيجته أن أقنعه بأن يبادله ثيابه بثيابه ، وثياب إبراهيم وهو الثري من الجلد المطعَّم الثمين وكذلك آله صيده المتميزة ، فوهب الراعي كل ذلك وكل ما معه ، وأخذ منه مسوح صوف ، خشنة كان يلبسها ، وبها عرف فيما بعد ، إبراهيم بن أدهم ، يتناقل أخباره الناس والكتب ، زاهداً متعبداً ، من أولياء الله العارفين المعروفين . أوليس هذا وحياً من الوحي ، وماذا نقول فيه إن لم يكن كذلك ، فإن كان هاتفاً ، فهو من الوحي ، وإن كان صوتاً دون أن يرى مصدره فهو حسب إشارات القرآن وتصريحاته كذلك من الوحي ، وحيث أن ذلك كان بعد وفاة محمّد (ص) ،

فبديهي القول ـ اعتماداً على هذه الوقائع وغيرها كثير ـ أن الوحي ، لم ينقطع ولن ينقطع وبجميع أشكاله وأنواعه ، بعد محمّد (ص) خاتماً للنبيين بشريعته الملزمة إلى قيام الساعة ، وبالقرآن العظيم الذي أنزله الله إليه وإلى الناس إماماً ورحمة ، ومرجعاً وحجة للأئمة والأولياء والحجج من بني البشر ، صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين .

وإذا كان الله أوحى إلى الأسباط العشرة من ولد يعقوب عليه وعليهم السلام من بعد ما أجرموا ، إذ شرعوا في القتل ، وإن لم يجهزوا على غريمهم ، أخيهم ، حيث أنجاه الله سبحانه ، ومن بعدما كذبوا على الله وعلى رسوله يعقوب وعلى الناس أجمعين . فإيما رجل بعدهم وحتى بعد محمّد (ص) إلى قيام الساعة ، هو أولى منهم بالوحي من الله عزّ وجل إذا لم يجرم ولم يكذب بمقدار جرمهم وأكاذيبهم أو كان أقل منهم جرماً وأخف ذنوباً ، إذا تاب لله توبة نصوحا .

وقوله سبحانه : { وَكَأَيِّن مِن دَابَّةٍ لَا تَحْمِلُ رِزْقَهَا اللَّهُ يَرْزُقُهَا وَإِيَّاكُمْ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ } . [ 60 : العنكبوت ] ، هل هذه الآية محددة بزمان أو بمكان ، أو أنها تنتهي بمدلولاتها عند كون محمّد (ص) هو خاتم النبيين . إذ أن من المعلوم أن كل عطاء أو هبة أو رحمة أو عناية من الله سبحانه هي من الرزق ، ومن هذه الرحمات والعنايات ، الوحي بجميع أسمائه وأنواعه ، وهذه الآية ، بالضرورة ، تنتهي بجميع أنواع الرزق ، ولجميع ما يدب على الأرض ، وكذلك ما يطير في السماء ، والإنسان خاصة ، الذي كرمه الله سبحانه ، وسخّر له ما في السماوات وما في الأرض جميعاً منه وفضّله سبحانه على كثير مما خلـق تفضيلاً ، فمن باب أولى ، أن يعتني سبحانه بالوحي إليه ، في أرض ، هو تبارك وتعالى أوحى فيها إلى النحل ، حسب نص القرآن الكريم ، وإلى النمل ، وإلى الهدهد ، يعني إلى أجناس هذه المسميات وكذلك إلى جميع البهائم حين غرز فيها الغرائز ، وهي كما ذكرنا من أنواع وحيه سبحانه وتعالى عما يشركون .

وكذلك ، إذا كان سبحانه وتعالى ، أوحى فيما مضى إلى الحواريين ، أصدقاء المسيح عليه السلام وعليهم ، وفيهم صياد السمك ، وراعي الضأن والمزارع والعشار ، وهؤلاء كانوا يعتبرون وما زالوا في بعض المجتمعات من الناس الدون ، أو من عامة الناس ، وليس من خاصتهم حتى أن العشارين كانوا لظلمهم للرعية أعداء الله وأعداء الناس ، فحيث أنهم تابوا واتبعوا ما أنـزل الله واتبعوا رسوله المسيح عليه السلام ، فقد أوحى الله إليهم إيماناً فوق إيمان ، مما رفعهم إلى درجة المقربين عند الله والدعاة الملهمين الذين صفوا وتصافوا وجاهدوا في سبيل الله وكانوا قدوة في حياتهم لأقوامهم ، كما أرادهم الله سبحانه للذين آمنوا ضارباً المثل بإخلاصهم وفطنتهم وما ترتب على ذلك من نصرهم على أقوامهم المكذبين المفسدين الكافرين . أما بخصوص الوحي إليهم فكان نتيجة لعزمهم على اتباع المسيح وهو بين اليهـود المكذبين به ، آنذاك ، مهدداً ، بالعدوان عليه في كل لحظة ، وفي كل خطوة يخطوها ، وبالقتل هو ومن معه ، ومع ذلك عزموا صادقين على اتباعه ، وباشروا هذا الإتباع ، والله أعلم بما يسرون وما يعلنون . قال سبحانه :

{ وَإِذْ أَوْحَيْتُ إِلَى الْحَوَارِيِّينَ أَنْ آمِنُواْ بِي وَبِرَسُولِي قَالُوَاْ آمَنَّا وَاشْهَدْ بِأَنَّنَا مُسْلِمُونَ } . [ 111 : المائدة ] .

وقال تبارك وتعالى ، عن عيسى عليه السلام ، عندما استشعر العداوة واللؤم والكفر من الأكثرية الساحقة من قومه ، وأراد حَمَلَةً حَفَظَةً لدين الله والدعوة إلى الله من بعده ، وهو علم من الله سبحانه مدى عداوتهم وقسـوتهم عليه :

{ فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ . رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنْزَلْتَ وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ }. [ (52ـ53): آل عمران].

أما بخصوص أمره سبحانه باتخاذهم نماذج صدق وجهاد وثبات على التوحيد بدون وسيط بينهم وبين الله تبارك وتعالى ، وحتى لو كان هذا الوسيط رسول الله ، عيسى ابن مريم عليه السلام ، وذلك قولهم في قول الله فيهم سبحانه وتعالى عما يشرك الناس العمي الموتى القلوب الغافلون :

{ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ } . [ 14 : الصف ] .

ثم اعتماداً على ما ذكرنا ، وعلى كثير مما لم نذكر من الأمثلة والوقائع ، ليس كل من يوحي الله سبحانه إليه يكرس رسولاً أو نبياً ، فهو تعالى أوحى إلى أم موسى . قال تبارك وتعالى : { وَأَوْحَيْنَا إِلَى أُمِّ مُوسَى أَنْ أَرْضِعِيهِ .. الآية }. [ 7 : القصص ] . وقوله تعالى ، عنها : { ... إِن كَادَتْ لَتُبْدِي بِهِ لَوْلَا أَن رَّبَطْنَا عَلَى قَلْبِهَا لِتَكُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ } . [ 10 : القصص ] .

وهذا الربط كذلك هو نوع من الوحي لا شك فيه ، وبرجوعنا إلى أنواع الوحي التي ذكرناها ، نرى أن هذا من باب إلقاء المعاني سراً في قلب أو قلوب الموحى إليهم . وما أكثر ما يربط سبحانه وتعالى على قلوب المؤمنين والمؤمنات في مشاكلهم ومصائبهم وبلاءاتهم ، ومحنهم وامتحاناتهم ، تفضلاً منه سبحانه ، وعناية ورعاية ورحمة . فهذان الوحيان إلى أم موسى عليه السلام ، لم يجعلاها نبيّة مكلفة بالدعوة إلى الله أو رسولَـه مكلفة بأعباء الرسالة وتبليغها . وكذلك القول في مريم عليها السلام ، قال سبحانه :

{ وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسـَاء الْعَالَمِينَ . يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ } . [ (42 ـ 43 ) : آل عمران ].

إلى أن قال تبارك وتعالى :

{ إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيـحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِـرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ } . [ 45 : آل عمران ] .

وقال عزّ وجل :

{ وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ مَرْيَمَ إِذِ انتَبَذَتْ مِنْ أَهْلِهَا مَكَانًا شَرْقِيًّا. فَاتَّخَذَتْ مِن دُونِهِمْ حِجَابًا فَأَرْسَلْنَا إِلَيْهَا رُوحَنَا فَتَمَثَّلَ لَهَا بَشَرًا سَوِيًّا . قَالَتْ إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ تَقِيًّا . قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا . قَالَتْ أَنَّى يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا . قَالَ كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا مَّقْضِيًّا } . [ ( 16 ـ 21 ) : مريم ] .

وهذا من أبلغ الوحي وأظهره إلى مريم عليها السلام ، إذ فيه إضافة إلى رؤية الملاك وقد تمثل بشراً ، وربما بقية الملائكة الذين معه ، حيث ذكرهم سبحانه في الآيات السابقة ، حوار ، مع روح الله ، قائد من قادة الملائكة ، حوار يبدأ بشيء من الخوف ، إذ تعوذت بالرحمن منه ، ثم بالنقاش التاريخي المنطقي ، ثم بالبشارة ، ثم ينتهي بثبوت الحقيقة الأزلية الأبدية التي هي أن الحكم هو حكم الله والمشيئة هي مشيئته ، وأنه هو وحده مالك الملك وخالق الخلق وهو على كل شيء قدير . المهم أن هذا الوحي مع نوعيته المميزة ، لم يجعل من مريم ، نبيَّة مكلفة بمواجهة الناس ودعوتهم وتبليغهم ولا رسولة مكلفة بأداء رسالة سواء كانت رسالة تشريع أو فقط دعوة إلى توحيد الله كما هو في العادة أساس الرسالات .

وإذا بقي شيء من الشك في كون مريم وأم موسى نبيتين فما هو القول بخصوص المرأة التي أشارت على وفد مكة بشأن ذبح عبد الله والد رسول الله محمّد (ص) ، حيث أشارت عليهم بتوسل القداح لإختيار مائة ناقة بالنتيجة فداءً لعبد الله من الذبح وتقديمه قرباناً لله عزّ وجلّ عند بيته العتيق . من أين لها ذلك في وقت عجز أساطين مكة الحريصين عظيم الحرص على عدم ذبح هذا الشاب النبيل الجميل الحبيب على قلوبهم جميعاً عجزوا عن إيجاد مخرج من نذر عبد المطلب القاضي بذبح واحد من أولاده قرباناً لله تعالى إذا رزقه سبحانه ذكوراً عشرة . ورزقه الله ، وجمع أولاده العشرة ، وبالقرعة كان الذبيح هو عبد الله ، وكانت المشيرة بالفداء ، إلهاماً من الله تعالى ، امرأة صالحة فاضلة ، كان الناس يأتون إليها يستشيرونها في الخروج من مآزقهم الصعبة ، وهكذا اقتضت حكمة الله إظهار عبد الله الذي سيجعله والد رسول الله محمّد (ص) مَفْدِيّاً بمائة ناقة ، في حين كانت دية الرجل عندهم عشرة من الإبل . وكان هذا الفداء هو الأكبر والأغرب في تاريخ الجزيرة العربية .


التتمة في موقع العقل الاسلامي
www.islamicbrain.com
كتبه --- دعوة الى الله --- الوحي
__________________
سماحة العلامة الشيخ عبد الكريم آل شمس الدين

لبنان - جبل عامل - عربصاليم

رد مع اقتباس
  #2  
قديم 06-01-2006, 06:54 PM
الصورة الرمزية رولا
رولا رولا غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
مكان الإقامة: gaza
الجنس :
المشاركات: 74
افتراضي

جزاك الله خيرا أخي على هذه المعلومات القيمة
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 06-01-2006, 07:56 PM
اٍســـلام اٍســـلام غير متصل
عضو مشارك
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
الجنس :
المشاركات: 45
افتراضي

بارك الله فيك وجزيت عنا خيرا على موضوعك القيم سلمت يداك
رد مع اقتباس
  #4  
قديم 06-01-2006, 08:49 PM
الصورة الرمزية دارين
دارين دارين غير متصل
قلم برونزي
 
تاريخ التسجيل: Dec 2005
مكان الإقامة: gaza
الجنس :
المشاركات: 1,515
الدولة : Palestine
افتراضي

بارك الله فيك اخى
جزاك الله خيرا
رد مع اقتباس
  #5  
قديم 06-01-2006, 11:19 PM
الصورة الرمزية نورا*
نورا* نورا* غير متصل
قلم مميز ومشرفة سابقة
 
تاريخ التسجيل: Jan 2006
مكان الإقامة: قطـpalestinianــــر
الجنس :
المشاركات: 8,942
الدولة : Palestine
افتراضي

شكرااا يا اختي
وجازاك الله خيرا
رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع

المواضيع المتشابهه
الموضوع كاتب الموضوع المنتدى مشاركات آخر مشاركة
الأذان لا ينقطع عن الكرة الارضية ( 24 ) ساعة فسبحان الخالق محترف الملتقى العلمي والثقافي 16 25-08-2007 05:22 PM
رجعت الى عبادة رب العباد العائد الى الله الملتقى الاسلامي العام 4 05-04-2006 02:13 PM


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 84.78 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 81.28 كيلو بايت... تم توفير 3.50 كيلو بايت...بمعدل (4.13%)]