للعاقلات فقط " متجدد إن شاء الله " - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         دعاء الشفاء ودعاء الضائع (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          تخريج حديث: رقيت يوما على بيت حفصة، فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم على حاجته، مستقبل (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          أسماء العقل ومشتقاته في القرآن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          كيف نكتسب الأخلاق الفاضلة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          من أقوال السلف في أسماء الله الحسنى: المؤمن (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          وقفات تربوية مع سورة التكاثر (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          {وما كان لنبي أن يغل} (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          بين الاجتهاد الشخصي والتقليد المشروع: رد على شبهة «التعبد بما استقر في القلب» (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 10 )           »          الإسلام والحث على النظافة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          فتنة تطاول الزمن.. قوم نوح عليه السلام نموذج (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > قسم الأسرة المسلمة > ملتقى الأخت المسلمة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الأخت المسلمة كل ما يختص بالاخت المسلمة من امور الحياة والدين

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 19-01-2012, 01:55 PM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
59 59 للعاقلات فقط " متجدد إن شاء الله "





وددت أن أقرأ معكم ذلك الكتاب الممتع



كتاب " للعاقلات فقط "
للكاتب : جمال عبدالرحمن إسماعيل






المقدمة



الحمد للَّه ، والصلاة والسلام على رسول اللَّه ، وعلى آله وصحبه ومن والاه ... وبعد :
فإن العقل أصل الفضائل ، وينبوع الآداب ، وخير المواهب ، وأفضل رزق الوهاب ، وصدق القائل :
وأفضلُ قَسْمِ اللَّهِ للمرءِ عقلُهُ
فليس من الأشياء شيء يُقاربهْ
إذا أكمل الرحمنُ للمرءِ عَقْلَهُ
فقد كملت أخلاقُهُ ومآرِبُهْ


وبالعقل تُعرف حقائق الأمور ، ويُفْصَلُ بين الخيرات والشرور ، إذا تم في الإنسان سُمِّيَ عاقلاً ، وكان نصيبة من الرشد كاملاً .
والعاقل من عقل عن اللَّه أمره ونهيه ، واتَّبع النبي صلى الله عليه وسلم واقتفى أثره ، واجتنب محارم اللَّه ، وأدّى فرائضه جل وعلا ، ثم تنَفَّل بالصالحات وتزود من فعل الخيرات .
وشر البلية والمصائب ؛ إهمال العقل ، وإلغاء الفهم ، فهو السبيل إلى جهنم ، وقد قال اللَّه تعالى عن أهل النار : { وَقَالُوا لَوْ كُنَّا نَسْمَعُ أَوْ نَعْقِلُ مَا كُنَّا فِي أَصْحَابِ السَّعِيرِ } [ الملك : 10 ] .
وفي كتابنا هذا نتعرض لنماذج من سير أعلام العقلاء ، ليس من الرجال ، ولكن من النساء ؛ لترى كل مسلمة فيها القدوة الحسنة والسيرة العطرة ، ومن هنا تحدد موقفها بصراحة ووضوح ، هل استعملت عقلها أم ألغت فهمها ؟ هل تزداد من اللَّه قُربًا ، أم تزداد عنه بعدًا ؟
واللَّه من وراء القصد ، وهو الهادي إلى سواء السبيل





1- العاقلة ومراقبة ربِّها



ذكر ابن كثير رحمه اللَّه في تفسيره لقوله تعالى : {لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ... } الآية [ البقرة : 226] قصةً في المراقبة للَّه والخوف منه(1)، حدثت مع عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، وقد كان يعس بالمدينة كعادته ، فسمع امرأة كان زوجها قد خرج غازيًا في جيش عمر ؛ تقول :
طال هذا الليل وازورَّ جانبه
وليس إلى جنبي خليل ألاعبُهُ
فواللَّهِ لولا اللَّهُ أني أُراقبُه
لَحُرِّك من هذا السريرِ جوانبُهْ
مخافةُ ربي والحياءُ يَصُدُّني
وأُكْرِمُ بَعْلِي أن تُنَالَ مَراكِبُهْ
فمراقبة تلك المرأة ربها وخشيتها إياه كانت حائلاً بينها وبين دخول أجنبي عليها .





__________________________________________________ _




( 1 ) تلخيص الحبير لابن حجر (ج1 ص 220) ، والمغني (ج7 ص416) ، وقال : روى أن عمر رضي الله عنه كان يطوف ليلة في المدينة ، فسمع امرأة تقول ... وذكر الأبيات السابقة ، فسأل عمر نساءً : كم تصبر المرأة عن الزوج ؟ فقلن : شهرين ، وفي الثالث يقل الصبر، وفي الرابع ينفد الصبر . وفي التلخيص : فكتب إلى أُمراء الأجناد في رجال غابوا عن نسائهم أربعة أشهر أن يردوهم . ويروى أنه سأل عن ذلك حفصة ، فأجابت بذلك .





2- العاقلة والثقة فيما عند اللَّه


روى البخاري عن ابن عباس رضي اللَّه عنهما قال : جاء إبراهيم عليه السلام بأم إسماعيل (( هاجر )) وابنها إسماعيل ، وهي ترضعه حتى وضعها عند البيت عند دوحة (( شجرة )) فوق زمزم في أعلى المسجد ، وليس بمكة يومئذ أحد ، وليس بها ماء ، فوضعهما هناك ، ووضع عندهما جرابًا ( كيسًا ) فيه تمر ، وسقاءً فيه ماء ، ثم قفَّى إبراهيم عليه السلام منطلقًا ، فتبعته أم إسماعيل ، فقالت : يا إبراهيم ، أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه أنيس ولا شيء ؟! قالت له ذلك مرارًا وهو لا يلتفت إليها !! فقالت : آللَّه أمرك بهذا ؟ قال : نعم . قالت : إذًا لا يضيعنا .
فهل ضيعها اللَّه ؟ كلا ؛ لقد أكرمها إكرامًا تتحدث به الدهور والأيام والخلق والأنام ؟! فاللَّه لا يضيع أجر المحسنين ولا إيمان المؤمنين .


وهذه أم المؤمنين عائشة رضي اللَّه عنها سألها مسكين وهي صائمة وليس في بيتها إلا رغيف ، فقالت لمولاة لها : أعطيه إياه ، فقالت : ليس لك ما تفطرين عليه ، فقالت : أعطيه إياه، ففعلت ، قالت : فلما أمسينا أهدى لنا أهل بيت أو إنسان ما كان يهدى لنا ، شاة وكفنها ، فدعتني عائشة فقالت : كلي من هذا فهذا خير من قرصك .
قال العلماء : هذا من المال الرابح والفعل الزاكي عند الله تعالى ، يعجل منه ما يشاء ولا ينقص ذلك مما يدخر عنده ، ومن ترك شيئًا لله لم يجده فقده ، وعائشة رضي اللَّه عنها في فعلها هذا من الذين أثنى اللَّه عليهم بأنهم يؤثرون على أنفسهم مع ما هم فيه من الخصاصة ، وأن من فعل ذلك فقد وقي شح نفسه ، وأفلح فلاحًا لا خسارة بعده ، ومعنى شاة وكفنها ؛ فإن العرب أو بعض العرب أو بعض وجوههم كان هذا من طعامهم، يأتون إلى الشاة أو الخروف إذا سلخوه غطوه كله بعجين البر ، وكفنوه به ثم علقوه في التنور فلا يخرج من وَدَكِه شيء إلا في ذلك الكفن ، وذلك من طيب الطعام عندهم
تفسير القرطبي (ج18، ص 26)







3- العاقلة وثمرة حفظها لربها



عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : (( صنائع المعروف تقي مصارع السوء ، والآفات والهلكات ، وأهل المعروف في الدنيا هم أهل المعروف في الآخرة ))
صحيح الجامع ( ح 3795) .
انظري يا أختاه لما صنعته أم شريك من المعروف .
عن ابن عباس قال : وقع في قلب أم شريك الإسلام وهي بمكة وهي إحدى نساء قريش ثم إحدى بني عامر بن لؤي ، فأسلمت ، ثم جعلت تدخل على نساء قريش سرًّا فتدعوهن وترغبهن في الإسلام ، حتى ظهر أمرها لأهل مكة ، فأخذوها وقالوا لها : لولا قومك لفعلنا بك وفعلنا ، ولكنا سنردك إليهم ، قالت : فحملوني على بعير ليس تحتي شيء موطأ ولا غيره ، ثم تركوني ثلاثًا لا يطعمونني ولا يسقونني ، قالت : فما أتت عليّ ثلاث حتى ما في الأرض شيء أسمعه ، فنزلوا منزلاً وكانوا إذا نزلوا أوثقوني في الشمس واستظلوا وحبسوا عني الطعام والشراب حتى يرتحلوا ، فبينما أنا كذلك إذ أنا بأثر شيء عليّ برد منه ، ثم رفع ، ثم عاد فتناولته ، فإذا هو دلو ماء ، فشربت منه قليلاً ، ثم نزع مني ، ثم عاد فتناولته فشربت منه قليلاً ، ثم رفع ، ثم عاد أيضًا ، ثم رفع ، فصنع ذلك مرارًا ، حتى رويت، ثم أفضت سائره على جسدي وثيابي ، فلما استيقظوا ، فإذا هم بأثر الماء ، ورأوني حسنة الهيئة ، فقالوا لي : انحللت فأخذت سقاءنا فشربت منه؟ فقالت : لا واللَّه ما فعلت ذلك ، كان من الأمر كذا وكذا ، فقالوا : لئن كنت صادقة فدينك خير من ديننا ، فنظروا إلى الأسقية فوجدوها كما تركوها ، وأسلموا بعد ذلك
(الإصابة ( ج8، ص 238) .
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 20-01-2012, 03:35 AM
الصورة الرمزية nor love
nor love nor love غير متصل
عضو نشيط
 
تاريخ التسجيل: Jan 2012
مكان الإقامة: مصر ام الدنيا
الجنس :
المشاركات: 165
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط " متجدد إن شاء الله "

السلام عليكم
مشكورة اختى للنقل الطيب منك
بارك الله فيكى
__________________
I love you Egypt
رد مع اقتباس
  #3  
قديم 20-01-2012, 08:50 PM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط " متجدد إن شاء الله "

وفيك بارك الله أختي الغالية ..جزاك الله خيرا غاليتي لمرورك الكريم


وإليكم حلقة اليوم إن شاء الله




4- العاقلة والحرص على طلب العلم والسؤال عن الدين


جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول اللَّه ، ذهب الرجال بحديثك - أي سمعوه وتعلموه - فاجعل لنا من نفسك يومًا نأتي فيه تعلمنا مما علمك اللَّه ، فقال عليه الصلاة والسلام : (( اجتمعن يوم كذا وكذا )) فاجتمعن ، فجاء صلى الله عليه وسلم فعلمهن مما علمه اللَّه(مسلم ج 4 ح 2633).
وهذه بعض أسئلة نسائية :
- عن أسماء بنت أبي بكر قالت : جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إن ابنتي أصابتها الحصبة فَتَمَرَّقَ شعرُها - تقصف وسقط - وإني زَوَّجتها ، أفَأَصِلُ فيه ؟ فقال صلى الله عليه وسلم : (( لعن اللَّه الواصلة والموصولة ))(البخاري ج 5 ح 5889، ومسلم ج 3 ح 22/2 ) يعني صاحبه الشعر والتي تصل لها .

- امرأة أخرى تسأل عن كيفية غسل الشعر عند الاغتسال ، فتقول : يا رسول اللَّه ، إني امرأة أشد ضفر رأسي - أجعله ضفائر - أفأنقضه للجنابة ؟ يعني أأفُكُّهُ ؟ قال : (( إنما يكفيك أن تحثي عليه ثلاث حثيات من ماء ثم تفيضي على سائر جسدك ، فإذا أنت قد طهرت ))(مسلم ج 1 ح 330 وغيره).
وسألتني إحدى النساء ؛ ماذا تفعل لكي تمسح برأسها أثناء الوضوء لأنها لو مسحت برأسها مدبرة مقبلة بيدها يتفرق شعرها ويسبب لها مشقة ؟
وأجبتها بما ذكره الشوكاني في (( نيل الأوطار )) : عن الربيع بنت معوذ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم توضأ عندها ومسح برأسه ، فمسح الرأس كله من فوق الشعر ، كل ناحية لمنصب الشعر ، لا يحرك الشعر عن هيئته(رواه أحمد (ج6 ص 360) ، وأبو داود (ج1، ص 31) ، وقال الألباني في صحيح أبي داود : ( حسن ) ( ح 134) ). وفي هذا بلا شك تيسير عظيم

- وها هي أم سُلَيم رضي الله عنها تسأل النبي صلى الله عليه وسلم : يا رسول اللَّه ، إن اللَّه لا يستحي من الحق ، فهل على المرأة غسل إذا هي احتلمت ؟ قال : (( نعم ، إذا رأت الماء )) . متفق عليه .

ومن عظيم الأسئلة التي وُجهت للنبي صلى الله عليه وسلم وتحمل الدلالة على الفقه والحس الديني ، هذا السؤال : وفيه أن أسماء بنت يزيد بن السكن رضي الله عنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : يا رسول الله ، إني رسول من ورائي من جماعة نساء المسلمين ، كلهن يقلن بقولي ، وعلى مثل رأيي ، إن اللَّه بعثك إلى الرجال والنساء ، فآمنا بك واتبعناك ، ونحن معشر النساء مقصورات مخدرات ( في الخدر وهو الستر ) قواعد بيوت ، وإن الرجال فُضّلوا بالجُمُعات ، وشهود الجنائز والجهاد ، وإذا خرجوا للجهاد حفظنا لهم أموالهم ، وربَّينا أولادهم ، أفنشاركهم في الأجر يا رسول الله ؟ فالتفت رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه فقال: (( هل سمعتم مقالة امرأة أحسن سؤالاً عن دينها من هذه ؟ )) فقالوا : بلى يا رسول اللَّه ، فقال رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم : (( انصرفي يا أسماء ، وأعلمي من وراءك من النساء أن حُسن تَبَعُّل - أي معاشرة - إحداكن لزوجها وطلبها لمرضاته ، واتباعها لموافقته يعدل كل ما ذكرت )) . فانصرفت أسماء وهي تهلل وتكبر استبشارًا بما قال لها عليه الصلاة والسلام(الاستيعاب لابن عبد البر ج 4 ح223).
لماذا فرحت أسماء رضي الله عنها ؟
لأنها رأت فضل الله عز وجل وهو القائل : {قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُواْ هُوَ خَيْرٌ مِّمَّا يَجْمَعُونَ} [يونس:58].
فالأجر الذي تناله المرأة في ترتيب مسكنها وتربية أولادها، ورعاية بيت زوجها وماله يعدل أجر المجاهد في جهاده ويعدل شهود الرجل الجُمَع والجماعات ، كما تبين من الحديث .
وأخرى من العاقلات تطلب العلم وتستفسر عن حقوق الزوج وعدم غشه :
فعن سلمى بنت قيس وكانت إحدى خالات رسول الله صلى الله عليه وسلم قد صلت معه القبلتين ، وكانت إحدى نساء بني عدي بن النجار ، قالت : جئت رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعته في نسوة من الأنصار ، فلما شرط علينا أن لا نشرك بالله شيئًا ولا نسرق ولا نزني ولا نقتل أولادنا ولا نأتي ببهتان نفتريه بين أيدينا وأرجلنا، ولا نعصي في معروف ، قال : (( ولا تغششن أزواجكن )) ، قالت : فبايعناه ، ثم انصرفنا ، فقلت لامرأة منهن : ارجعي فسلي رسول الله صلى الله عليه وسلم ما غش أزواجنا ؟ قال : (( تأخذ ماله فتحابي به غيره ))(رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجاله ثقات . وانظر مجمع الزوائد (6/38)) .
وقد ذكر الحافظ ابن عساكر - وهو أحد رواة الحديث - أن عدد شيوخه وأساتذته من النساء كان بضعًا وثمانين أستاذة.





5- العاقلة ومعالجة مشاكل الحيض والاستحاضة


جاءت امرأة - وهي خولة بنت يسار - تقول للنبي صلى الله عليه وسلم : إني امرأة أحيض وليس عندي غير ثوب واحد فلا أدري كيف أصنع يا رسول اللَّه - أي عند الصلاة -؟ فقال : (( إذا تطهرت فاغسلي ثوبك ثم صلي فيه )) . قلت : يا رسول اللَّه ، إني أرى الدم فيه ، فقال : (( اغسليه ولا يضرك أثره ))( صحيح أبي داود للألباني ح 361 ).
سبحان اللَّه ! لا تملك غير ثوب واحد تحيض فيه وتصلي فيه !! ونساء كثيرات في هذا الزمن امتلأت بيوتهن بالثياب ، بل لا تقبل الواحدة منهن أن تكرر لبس الثوب في مناسبتين ، ولا بد من ثوب جديد ، والنبي صلى الله عليه وسلم دعا بالتعسة والنكسة على عُبَّاد الثياب ، عُبَّاد الموضة ، واللاهثات خلف كل جديد ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( تعس عبد الدينار ، تعس عبد الدرهم ، تعس عبد الخميصة(الخميصة : أي القطعة وهي نوع من الثياب)، تعس وانتكس ، وإذا شيك فلا انتقش ))( البخاري ج 3 ح 2730 عن أبي هريرة) أي : إذا أصيب بشوكة فلا برأ منها .
والحديث يعم الرجال والنساء ، ولا نحرِّم زينة اللَّه التي أخرج لعباده ، ولكن نقول فقط : هل مَنْ تعظم الدنيا إلى هذا الحد تعظم دينها وتقف عند حدوده ؟!

وفي شأن الاستحاضة - وهي استمرار نزول الدم على المرأة وجريانه في غير أوانه -، فقد قالت حمنة بنت جحش(صحيح بن داود (ح280) : كنت أُستحاض في حيضة كثيرة شديدة ، فأتيتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم أستفتيه وأخبره ، فوجدته في بيت أختي زينب بنت جحش ، فقلت : يا رسول الله ، إني امرأة أستحاض حيضة كثيرة شديدة، فما ترى فيها ؟ قد منعتني الصلاة والصوم ، فقال: (( أنعتُ لك الكرسف فإنه يُذهب الدم )) ، قالت : هو أكثر من ذلك ، قال : (( فاتخذي ثوبًا )) ، فقالت : هو أكثر من ذلك، إنما أثج ثجًّا ، قال صلى الله عليه وسلم : (( سآمرك بأمرين ، أيهما فعلت أجزأ عنك من الآخر ، وإن قويت عليهما فأنت أعلم )) . قال لها: (( إنما هذه ركضة من ركضات الشيطان ، فتحيَّضي ستة أيام أو سبعة أيام في علم الله ، ثم اغتسلي حتى إذا رأيت أنك قد طهرت واستنقأت فصلي ثلاثًا وعشرين ليلة ، أو أربعًا وعشرين ليلة وأيامها وصومي فإن ذلك يجزيك ، وكذلك فافعلي في كل شهر كما تحيض النساء وكما يطهرن ميقات حيضهن وطهرهن ، وإن قويت على أن تؤخري الظهر وتعجلي العصر فتغتسلين وتجمعين بين الصلاتين الظهر والعصر ، وتؤخرين المغرب وتعجلين العشاء ، ثم تغتسلين وتجمعين بين الصلاتين فافعلي ، وتغتسلين مع الفجر فافعلي وصومي إن قدرت على ذلك )) . قال صلى الله عليه وسلم : (( وهذا أعجب الأمرين إليَّ )).
قال الخطابي تعليقًا على الحديث : إنما هي امرأة مبتدأة - يعني من يوم بلغت المحيض وهي على هذه الحال فلم تجرب أيام الحيض بعددها - لم يتقدم لها أيام ولا هي مميزة لدمها - يعني لون دم الحيض من دم الاستحاضة ، وقد استمر بها الدم حتى غلبها ، فرد رسول الله صلى الله عليه وسلم أمرها إلى العرف الظاهر والأمر الغالب من أحوال النساء ... إلخ(تحفة الأحوذي شرح جامع الترمذي ج 1 ص337).






6- العاقلة وحب التنزيل



عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال : كان النبي صلى الله عليه وسلم يدخل على أم أيمن فقربت إليه لبنًا ، فإما كان صائمًا وإما قال : (( لا أريد )) ، فأقبلت إليه تضاحكه ، فلما كان بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم قال أبو بكر لعمر : انطلق بنا نَزُرْ أم أيمن كما كان رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يزورها ، فلما دخلا عليها بكت ، فقالا : ما يبكيك فما عند الله خير لرسوله ؟ قالت : أبكي أن وحي السماء انقطع ، فهيجتهما على البكاء ، فجعلت تبكي ويبكيان معها(أخرجه مسلم (7/144) ، وأحمد وأبو يعلى من هذا الوجه).
وفي رواية(الإصابة لابن حجر ج 8 ص 172 .)
(( ولكني أبكي على الوحي .. )) وأم أيمن هي مولاة النبي صلى الله عليه وسلم وحاضنته ، وكانت مولاةً لأبيه عبد الله ، وهي أم أسامة بن زيد رضي اللَّه عن الجميع .
فأم أيمن رضي الله عنها حين تبكي يظهر من بكائها هموم المرأة المؤمنة العاقلة وأحزانها ، تبكي لأنها تابعت القرآن وهو ينزل آية آية ولم تعد ترى من التنزيل المزيد .
وقد بكت أيضًا لما قُتل عمر ؛ لعلمها أن عمر كان حصنًا للإسلام ونصرًا ، ولذلك قيل لها في بكائها على عمر ، فقالت: اليوم وَهَى الإسلام ؛ أي ضَعُف(الإصابة لابن حجر ج 8 ص 172 .).

فما هي آلامك وأحزانك أيتها المسلمة ؟ لأي شيء تذهب دموعك وتسح عبراتك ؟ نريدك باكية على الخطيئة، نادمة على المعصية ، نريدك باكية من قراءة القرآن ، فإن لم تقدري فمتباكية . أيتها المسلمة ، هل تقرأين من القرآن شيئًا في اليوم والليلة ؟ هل أبكتك بعض آياته ، ومواقفه الجليلة ؟ هل تعلمين بأحكامه ، وتهذبين نفسك ، وتطهرين سلوكك وقلبك بتوجيهاته وأوامره ونواهيه ؟ هذا ما نريده منك أيتها العاقلة .





7- العاقلة وفداؤها لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم بنفسها وأهلها


عن عُمارة بن غزية قال : قالت أم عمارة - أمه - رأيتني وانكشف الناس عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم يوم أُحُد ، فما بقي إلا نُفَيْر - نفر قليل - ما يتمون عشرة ، وأنا وابناي وزوجي بين يديه نَذُبُّ عنه - ندافع عنه - والناس يمرون منهزمين ، ورآني ولا تِرْسَ معي - وهو درع يحمي المقاتل من الضربات - فرأى صلى الله عليه وسلم رجلاً موليًا - هاربًا - ومعه ترس ، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم : (( ألق ترسك إلى من يقاتل )) ، فألقاه ، فأخذتُه فجعلت أترِّس به عن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ، وإنما فعل بنا الأفاعيل أصحاب الخيل - تقصد اشتد عليهم في القتال راكبوا الخيل من الكفار . لو كانوا رَجَّالة - أي على أرجلهم مثلنا - أصبناهم إن شاء اللَّه ، فيقبل رجل على فرس ، فيضربني ، وترّست له - بالدرع - فلم يصنع شيئًا ووّلى ، فأضرب عرقوب فرسه فوقع على ظهره ، فجعل النبي صلى الله عليه وسلم يصيح : (( يا ابن أم عمارة ، أمَّك ، أمّك )) أي عاونها على قتل الرجل ، فعاونني عليه حتى أوردتُّه شَعُوب - اسم للموت(سير أعلام النبلاء للذهبي (2/279)،طبقات ابن سعد (8/413) .).

ما شاء اللَّه !
ولو كان النساء كَمَن ذُكِرْنَ
لَفُضِّلَتِ النساءُ على الرجالِ
ولكن أيتها المسلمة ، هل تعرفين لماذا هذا الحب كله والفداء كله لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ؟ اقرأي الفقرة التالية .




8- العاقلة ومنزلة النبي صلى الله عليه وسلم عندها


لما فرغ رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم من دفن شهداء أحد انصرف راجعًا إلى المدينة ، وخرجت النساء تتفقد أحوال المسلمين ، فمر النبي صلى الله عليه وسلم بامرأة من بني دينار ، وقد أصيب - قُتل - زوجها وأخوها وأبوها بأحد ، فلما نُعُوا إليها - أُبلغت بموتهم - قالت : فما فعل رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم ؟ قالوا : خيرًا يا أم فلان ، هو بحمد اللَّه كما تحبين ، قالت : أرونيه حتى أنظر إليه - وكانت لا تعرفه - فأشير إليه حتى إذا رأته قالت : كل مصيبة بعدك جَلَل - أي هينة(سيرة ابن هشام ج 4 ص 50).

سبحان اللَّه ! تلك المرأة من بني دينار يُقتل زوجها وأخوها وأبوها ولا تبالي ، وكل همها الاطمئنان على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فلما رأته بعينها سالمًا معافى سكن روعها وهدأت نفسها .
سيدي يا رسول الله ، لقد كان أصحابك يعرفون حقًّا قدرك ومنزلتك عند الله وعندهم ، ففدوك بأنفسهم وأزواجهم وآبائهم وإخوانهم ، لكن لما ضعف الإيمان وقلت الهمة وخارت العزيمة تجرأ البعض على أمرك ونهيك وعلى سنتك ، بل على شخصك الجليل . وحسبنا الله ونعم الوكيل .

رد مع اقتباس
  #4  
قديم 23-01-2012, 10:04 PM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط " متجدد إن شاء الله "

9- العاقلة مستجيبة للَّه ولرسوله اللَّه صلى الله عليه وسلم

قال الله تعالى : {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اسْتَجِيبُواْ لِلّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُم لِمَا يُحْيِيكُمْ} [ الأنفال : 24 ] . فاستجابت أم حُمَيْد رضي الله عنها وعن زوجها أبي حميد الساعدي ، جاءت إلى النبي اللَّه صلى الله عليه وسلم يومًا فقالت : يا رسول الله ، إني أحب الصلاة معك . فقال لها : (( قد علمت أنك تحبين الصلاة معي ، وصلاتك في بيتك خير من صلاتك في حجرتك ، وصلاتك في حجرتك خير من صلاتك في دارك ، وصلاتك في دارك خير من صلاتك في مسجد قومك ، وصلاتك في مسجد قومك خير من صلاتك في مسجدي ))(صحيح ابن حبان (ج1 ح 2217)).



قال الراوي عبد الله بن سويد : فأمرت فبُني لها مسجد في أقصى شيء من بيتها وأظلمه ، وكانت تصلي فيه حتى لقيت الله تعالى .


وبيت المرأة هو المكان الذي تبيت فيه ، وهو أستر مكان في المنزل كله ، فهل تستجيب أخواتنا لتوجيهات النبي اللَّه صلى الله عليه وسلم فيما يخص الخروج إلى المساجد وآداب ذلك ، في الوقت الذي كثر فيه الاختلاط والسفور والفتن ، وغابت الضوابط الشرعية التي تضبط خروج المرأة ، وكثر مرضى القلوب والمتعرضون ؟ وإن العاقلة لتختار بيتها لتصلي فيه إذا عرفت أن زمننا أشد وأفظع من زمن أم حميد .


ولما خطب النبي اللَّه صلى الله عليه وسلم في النساء يوم عيد قائلاً : (( يا معشر النساء ، تصدقن فإن أكثركن حطب جهنم ))(البخاري ( ج 1 ح 298) ، ومسلم ( ج 1 ح 79) ، وغيرهما). تأثرت النساء جدًّا بهذا الخبر ، فكانت الاستجابة سريعة جدًّا أيضًا ، وفي نفس الموقف ، فجعلن يتصدقن من حليهن ويلقين في ثوب بلال رضي الله عنه من أقراطهن وخواتيمهن - والقُرط هو الحلق.



وفِعْلُ النساء هذا الشيء يوم عيد وفرحة وزينة وتباهي بالحلي يدل على سرعة الاستجابة للَّه ورسوله ، والخوف من جهنم ، ولو طلب النبي اللَّه صلى الله عليه وسلم أرواحهن لقدَّمنها رخيصة افتداءً من عذاب النار .


إنها القلوب الحية التي تستجيب للَّه ورسوله وتختار ما عند الله .





والحديث كما أسلفنا كان من النبي اللَّه صلى الله عليه وسلم إلى النساء في يوم عيد، حيث قام اللَّه صلى الله عليه وسلم يعظهن ويذكرهن بالله. وها هو بتمامه.


عن عبد الله بن عمر رضي اللَّه عنهما أن رسول الله اللَّه صلى الله عليه وسلم قال: (( يا معشر النساء ، تصدقن وأكثرن الاستغفار فإني رأيتكن أكثر أهل النار )) . فقالت امرأة منهن جزلة(أي : تامة الخُلُق) : وما لنا يا رسول الله ؟ قال : (( تكثرن اللعن وتكفرن العشير ، وما رأيت من ناقصات عقل ودين أغلب لذي لبٍ منكن )) . قالت : يا رسول الله ، وما نقصان عقلها ؟ قال : (( أما نقصان العقل ؛ فشهادة امرأتين تعدل شهادة رجل(وقد يستخدم بعض البسطاء هذا الحديث مدعاة للتنقيص من شأن المرأة وتعييرها بنقص العقل والدين ، وهذا لا يجوز ، وإن كان المراد بنقصان العقل قلة الضبط ، وكثيرًا ما يقع في هذا رجال .)، فهذا نقصان العقل، وتمكث الليالي ما تصلي ؛ وتفطر في رمضان ، فهذا نقصان الدين ))(مسلم ج 1 ح 79).








10- العاقلة والتعبد بالليل





قال الله تعالى : {أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ...} [ الزمر : 9 ]
. ها هي حفصة بنت سيرين الأنصارية العالمة الزاهدة العابدة تحفظ القرآن وهي بنت ثنتي عشرة سنة ، وعاشت سبعين سنة ، عمرت كلها بالعبادة والقرآن ، مكثت حفصة بنت سيرين ثلاثين سنة لا تخرج من مصلاها إلا لقائلة - الراحة وقت القيلولة - أو قضاء حاجة كما قال عنها مهدي بن ميمون . ويقول عنها إياس بن معاوية : ما أدركت أحدًا أفضله عليها .





وليس معنى هذا دعوة النساء إلى الرهبنة ، (( فلا رهبانية في الإسلام ))( لا رهبانية في الإسلام والرواية الصحيحة : ((ولا تكونوا كرهبانية النصارى )). صحيح الجامع ح) ، فالإسلام لا يدعو إلى التبتل والانقطاع وترك الأعمال والتربية والخدمة وغير ذلك من الأمور الاجتماعية والحياتية، لكن لا يبغي أحدها على الآخر .





ونموذج آخر هو امرأة رياح بن عمرو القيسي وهو رجل صالح أراد أن يختبر عزيمة امرأته على قيام الليل ، فتناوم ، فقامت هي تصلي وأيقظته ، فادّعى التثاقل وأنه سيقوم ، فكررت إيقاظه بعدما مضى ربع الليل ، وهكذا إلى أن مضى الليل ولم يقم ، فقالت : مضى الليل وعسكر المحسنون وأنت نائم ! ليت شعري من غرَّني بك يا رياح ، من غرني بك؟
(صفوة الصفوة ج 4 ص44)
إن هذه المرأة ما هي إلا نموذج عملي لقول النبي اللَّه صلى الله عليه وسلم: (( رحم الله امرأة قامت من الليل فصلت ، وأيقظت زوجها فصلى ، فإن أبى نضحت في وجهه الماء ))( صحيح الجامع عن أبي هريرة ح 3494) أي رشت عليه من الماء .


وامرأة رياح تأسف على زواجها منه لمَّا رأته لا يقيم الليل ، فعلى أي شيء تأسفين في زوجك أيتها المسلمة ؟ ألأنه فقير ، أم لأنه لا يمتلك سيارة ، أم لأنه ليس من أسرة عريقة مرموقة ، أم لأنه ضعيف في دينه ؟! هذه الأخيرة التي نريد أن تكون مصدر قلق وانزعاج المسلمة العاقلة .











11- العاقلة والثبات مع حسن التصرف عند فجيعة المأزق





ذكر ابن القيم رحمه الله تعالى في كتابه الجواب الكافي (( أن رجلاً كان واقفًا بـإزاء داره(بإزاء داره : باتجاهها أو بجوارها .)، وكان بابها يشبه باب حمّام منجاب(حمام منجاب : حمام كان مخصصًا للنساء .)، فمرت جارية لها منظر ، فقالت : أين الطريق إلى حمام منجاب ؟ فأشار إلى بيته وقال لها : هذا حمام منجاب ، فدخلت الدار - وهي لم تعرف أنه خدعها - ودخل وراءها ، فلما رأت نفسها في داره وعلمت أنه قد خدعها ، أظهرت له البشرى والفرح باجتماعها معه ، وقالت له : يصلح أن يكون معنا ما يطيب به عيشنا وتقرُّ به عيوننا ، فقال لها : الساعة آتيك بكل ما تريدين وتشتهين ، وخرج وتركها في الدار ولم يغلقها ، فأخذ ما يصلح ورجع فوجدها قد خرجت وذهبت.. ))(
الجواب الكافي لابن القيم ص 189 ).


سبحان الله ! رغم أنها وقعت في ورطة عظمى ، ومصيبة كبرى ، لكنها بما تتمتع به من ذكاء وثبات ، ورجاحة عقل وهدوء أعصاب استطاعت بتوفيق اللَّه أن تنجو من هذا المأزق المهين كما تخرج الشَّعْرةُ من العجين ، ولو أنها ارتبكت ، وصاحت وبكَت ؛ لحاول الخبيث كَتْم فَمِها وأنفاسها ، ثم قام بافتراسها ، ليفعل بها ما يريد ، وليقضي على الأخضر واليابس من عرضها وشرفها . نسأل الله تعالى أن يعافي بنات المسلمين من مثل ذلك الخائن اللئيم .











12- العاقلة وتحصين فرجها عن الفاحشة





ضرب اللَّه تعالى مثلاً في الطهر والعفاف بواحدة من سيدات نساء العالمين ، وهي مريم ابنة عمران ، فقال تعالى : { وَمَرْيَمَ ابْنَتَ عِمْرَانَ الَّتِي أَحْصَنَتْ فَرْجَهَا ... } [ التحريم: 12]. وعلى طريق مريم سارت عاقلات صالحات قانتات ، نذكر منهن هذه الأمثلة :





1- هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان ، بايعت النبي صلى الله عليه وسلم يوم الفتح مع النساء ، وبايعهن رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم على ألا يسرقن ولا يزنين ، فقالت لرسول اللَّه صلى الله عليه وسلم قولتها المشهورة : وهل تزني الحرة؟(الهيثمي في مجمع الزوائد (6/37) والإصابة (8/155) (ح11856) وابن سعد بسند صحيح مرسل عن الشعبي ، قاله ابن حجر في الإصابة) وحقًّا ما قالت ، فإنها تعبر عما ينبغي أن يستقر في قلب كل حرة عاقلة ، وأن الحرة حقًّا ينبغي ألا تكون أسيرة لشهوتها ولا مطيعة لمن يقضي على عفتها .


وعن جابر رضي الله عنه أنه كان لعبد اللَّه بن أبي بن سلول جارية يقال لها : مسيكة ، وأخرى يقال لها : أميمة ، فكان يكرههما على الزنى، فشكَتا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأنزل الله : {وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ...} إلى قوله : {غَفُورٌ رَحِيمٌ}(صحيح مسلم ( ج 4 ، ص 2340)).


2- وهذه معاذة جارية عبد اللَّه بن أُبَيِّ بن سلول أيضًا ، وكان عنده أسير ، فكان ابن سلول يضربها لتمكن الأسير من نفسها ، رجاء أن تحبل منه فيأخذ ابن سلول فداءً عن الأسير وابنه ، وهو العَرَض الذي قال اللَّه تعالى فيه : { لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا } . وكانت الجارية تأبى عليه ، وكانت مسلمة ، فأنزل اللَّه تعالى فيها الآية: { ... وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا لِّتَبْتَغُوا عَرَضَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ... }(الإصابة لابن حجر (ص 120)) [ النور : 33 ] . والقصة رواها الطبراني والبزار(مجمع الزوائد (7/82) وقال : رجال الطبراني رجال الصحيح) عن ابن عباس قال : كانت لعبد الله بن أبي جارية تزني في الجاهلية ، فلما حرم الزنى قالت : لا واللَّه لا أزني أبدًا ، فنزلت : {وَلاَ تُكْرِهُوا فَتَيَاتِكُمْ عَلَى الْبِغَاءِ ...} الآية .


وفي القصة الأولى كنا نذكر قول هند : (( هل تزني الحرة ؟ )) . وفي غيرها رأينا الجاريات ترفض أيضًا الزنى !


إذن فمن هذه التي تقبل الزنى وتُقْدِم عليه ؟ لا شك أنها الوضيعة الحقيرة التي وضعت شرفها وعفتها تحت تَصَرُّف الزاني بها ، وهي دون الحرة ، وأقل من الجارية ، فهي أقرب إلى الحيوانات ، والعاقلة لا تفعل ذلك .



رد مع اقتباس
  #5  
قديم 01-02-2012, 12:00 AM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط " متجدد إن شاء الله "

13- العاقلة والحياء





عن يعلى بن أمية عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : (( إن اللَّه تعالى حييٌّ سِتِّير يحب الحياء والستر ))(صحيح ) أخرجه أحمد والنسائي والدارمي وانظر صحيح الجامع (ح1756) . وأعظم ما يُجمِّل المرأة حياؤها ، وإذا فقدت حياءها فقدت أنوثتها وعفتها وصارت عرضة لكل خلق سيئ .


ومن النماذج المشرفة في الحياء ما روته عائشة - رضي الله عنها - قالت : جاءت فاطمة بنت عتبة بن ربيعة - رضي الله عنها - تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأخذ عليها : { أَن لاَ يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئًا وَلاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ ... } الآية ، قالت عائشة : فوضعت فاطمة بنت عتبة يدها على رأسها حياءً ، فأَعجَب رسول الله صلى الله عليه وسلم ما رأى منها(أخرجهأحمـد والبزار،ورجاله رجال الصحيح . قاله الهيثمي في مجمع الزوائد (6/37)) . فبمجرد أن سمعت فاطمة بنت عتبة نص البيعة : { لاَ يَسْرِقْنَ وَلاَ يَزْنِينَ } وضعت يدها على رأسها وأخفت وجهها حياءً ، حتى أعجب النبي صلى الله عليه وسلم بما رأى منها ، فأين كثير من بنات زمننا من ذلك ؟!





وهذه فاطمة بنت النبي صلى الله عليه وسلم لما رأت جنائز النساء تُحمل الواحدة منهن على النعش مكشوفًا وتُغطى بثوب فيُعرف رأسها وصدرها وحجمها ، فاستقبحت فاطمة ذلك ، فقالت لأسماء بنت عميس : إني أستقبح ما يصنع بالنساء ، يطرح على المرأة الثوب فيصفها - أي يُظهر حجم أعضائها -، فقالت لها أسماء : يا ابنة رسول الله ، ألا أريك شيئًا رأيته بالحبشة ؟ فدعت بجرائد - عيدان الجريد - رطبة ، فحنتها - أي جعلتها مَحْنِيَّة على شكل قوس - ثم طرحت عليها ثوبًا ، فقالت فاطمة : ما أحسن هذا وأجمله ، إذا مت فغسليني أنت وعليّ ولا يدخلن أحد عليّ(سير أعلام النبلاء (2/128، 129) والاستيعاب لابن عبد البر (4/1897)) .


قال ابن عبد البر : هي أول من غُطي نعشها في الإسلام على تلك الصفة .


إذا كان هذا حياء فاطمة رضي اللَّه عنها عند الموت ، تريد غطاءً مرتفعًا من جريد تُعرف به المرأة من الرجل ولا يُعرف لها حجم وهي تحته فلا ينظر إليها بعد إذ عُلِمَ أنها امرأة . فماذا نقول لمن تلبس الثياب المجسمة التي تظهر تفصيلات جسمها لتعرضه على البر والفاجر ، أهي عاقلة ؟! إن الحييَّة المحتشمة امرأة ، والمتبرجة التي لا تستحي أيضًا امرأة ، لكن كم من الفرق بين المرأتين ؟!!











14- العاقلة ولزوم البيت وعدم التعرض للرجال :





في قصة موسى عليه السلام مع المرأتين في سورة القصص ، قال الله تعالى : {وَلَمَّا وَرَدَ مَاء مَدْيَنَ وَجَدَ عَلَيْهِ أُمَّةً مِّنَ النَّاسِ يَسْقُونَ وَوَجَدَ مِن دُونِهِمُ امْرَأتَيْنِ تَذُودَانِ قَالَ مَا خَطْبُكُمَا قَالَتَا لاَ نَسْقِي حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاء وَأَبُونَا شَيْخٌ كَبِيرٌ} [ القصص : 23 ] .


فامتنعت المرأتان عن سقي غنمهما ابتعادًا عن مخالطة الرجال على البئر ، وكان بإمكانهما أن يسقيا قبل كثير من الناس ، وذلك بالتعرف على بعض الرجال الذين يحبون مخالطة النساء ، كما يحدث من كثيرات ممن تظن أنها صاحبة فهم وتصرف ، لكنهما لعفتهما امتنعتا عن مجرد الوقوف عند الرجال على البئر ، فاعتزلتا بالغنم حتى ينتهي الرعاة من السقي ، ثم ذكرتا العلة من خروجهما أنهما مضطرتان بسبب كبر سِنّ الوالد المُقعد في البيت ، ويوم أن علمت كل منهما بقوة موسى وأمانته سارعت إلى ترك الخروج ، وقالت إحداهما : { يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الأَمِينُ } [ القصص : 26 ] ، لكن الرجل حريص ؛ لا يستأجره فيختلط ببناته بلا محرم وهو كبير مقعد ، فرأى أن زواجه بإحدى بناته حلٌ للمشكلة من جذورها ، بل وجعل المهر عملاً يساهم أيضًا في حل المشكلة : { إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِندِكَ ... } [ القصص : 27 ] ، يعني ثمان سنوات أو عشر من الخدمة تكون مهرًا لابنته ، فوافق موسى عليه السلام . إن العاقلة هي التي تعرف أن بيتها هو حصنها وصيانتها .


وعن عمرة رضي اللَّه عنها أن الزبير كان شَرَطَ ألا يمنعها المسجد ، وكانت امرأة خليقة ، فكانت إذا تهيأت إلى الخروج للصلاة قال لها : واللَّه إنكِ لتخرجين وإني لكاره ، فتقول : فامنعني فأجلس ، فيقول : كيف وقد شرطت لك ألا أفعل ؟ فاحتال لها على الطريق في الغَلَس ، فلما مرت وضع يده على كفلها فاسترجعت ، ثم انصرفت إلى منزلها ، فلما حان الوقت الذي كانت تخرج فيه إلى المسجد لم تخرج ، فقال لها الزبير: ما لك لا تخرجين إلى الصلاة ؟ قالت : فسد الناس ، واللَّه لا أخرج من منزلي ، فعلم أنها ستفي بما قالت ، فقال : لا روع يا ابنة عمر ، وأخبرها الخبر ، فقتل عنها يوم الجمل ، ثم خطبها علي بن أبي طالب رضي الله عنه بعد انقضاء عدتها من الزبير(الاستيعاب (4/1879)).











15- العاقلة في الحج





كثير من النساء تتساهل في الحج في أمور عظيمة لا ينبغي التساهل فيها أمام الرجال ، فيكشفن وجوههن ويختلطن بالرجال ، ويتعللن بعلل لا تصلح دليلاً على التساهل ، فمن قائلة : نحن في حج والقلوب صافية ، ومن قائلة : ظروف الحج تختلف عن أي وقت ، وغير ذلك . ونسأل : هل قلوب تلك النساء ومن حولهن من الرجال أصفى من قلوب نساء أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم ومن حولهن من الصحابة ؟ والجواب : لا . فلماذا إذن قالت فاطمة بنت المنذر العفيفة التقية النقية - رضي اللَّه عنها - وهي في الحج : (( كنا نخمر وجوهنا ونحن محرمات مع أسماء بنت أبي بكر ، تعني جدتها )) .


قال ابن المنذر : أجمعوا على أن المرأة تلبس المخيط كله والخفاف ( جمع خُف ) ، وأن لها أن تغطي رأسها وتستر شعرها إلا وجهها فتسدل عليه الثوب سدلاً خفيفًا تستتر به عن نطر الرجال(صحيح البخاري ، كتاب الحج (ح 1545) ، باب : ما يلبس المحرم من الثياب).





وإذا كان الحج الآن يحضره ملايين من البشر ، فلا تكاد تمشي المرأة إلا والرجال خلفها وأمامها وعن أيمانها وعن شمائلها، فهل يجوز لها أن تكشف وجهها ؟ العاقلة تقول : لا .
رد مع اقتباس
  #6  
قديم 01-02-2012, 12:32 AM
الصورة الرمزية سامية الحرف
سامية الحرف سامية الحرف غير متصل
عبير
 
تاريخ التسجيل: Sep 2010
مكان الإقامة: اللهم ارزقنا الفردوس الأعلى من الجنة بدون حساب ولا عذاب آمين يا رب العالمين ....
الجنس :
المشاركات: 12,063
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي رد: للعاقلات فقط " متجدد إن شاء الله "

__________________
،،
اللهم ابن لي عندكــ بيتًا فالجنة لا يزول
وعوضني خيرًا ممافقدتــ
اللهم إني صابرة كما أمرتني فبشرني كما وعدتني
قد أغيب يومًا ،، للأبد فلا تنسوني من دعواتكم
رد مع اقتباس
  #7  
قديم 06-02-2012, 08:24 PM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط " متجدد إن شاء الله "

اللهم آمين

جزاك الله خيرا أختي

***



- العاقلة مُبَلِّغة للنساء حديث النبي صلى الله عليه وسلم





قال النبي صلى الله عليه وسلم : (( بلِّغوا عني ولو آية ))(صحيح البخاري (3/1275)). وها هي امرأة ممن بايعن رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام وعلى ألا يعصين في معروف ، توضح للمسلمات شيئًا مما أُخذ عليهن من المعروف الذي لا تعصي فيه المرأة فتقول : (( ألا نخمش وجهًا(أي عند المصيبة)، ولا ندعوا ويلاً(وهي النياحة،نشق جيبًا : أي ثوبًا .)على الميت، ولا نشق جيبًا، وألا ننشر شَعرًا ))(صحيح أبي داود ح 2685 . وقال الألباني : صحيح).

إنها تقول ذلك لأن كثيرًا من النساء إذا أصابتها مصيبة لطمت الخدود وشقَّت الجيوب ، ودعت بدعوى الجاهلية . والأمثلة من المسلمات المبلغات عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أكثر من أن تُحصر ، لكن يكفي أن تعلم المبلّغة أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا لها بأن ينضر اللَّه وجهها يوم تُنضر الوجوه ، فقال : (( نضّر اللَّه عبدًا سمع مقالتي فوعاها ثم بلغها عني ، فرب حامل فقه غير فقيه ، ورب حامل فقه إلى من هو أفقه منه ))( صحيح ابن حبان ج 2،ح 680، وانظر صحيح الجامع رقم(6765)) .







17- العاقلة وتجنُّبُها الفتنة ، وصمودها عند وقوعها



هذه أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط - رضي الله عنها - أسلمت بمكة وبايعت ولم يتهيأ لها هجرة إلى سنة سبع ، وكان خروجها - إلى المدينة - زمن صلح الحديبية ، فخرج في إثرها - خلفها - أخواها الوليد وعُمارة ، فما زالا حتى قدما المدينة ، فقالا : يا محمد (( فِ ))( أي : أَوْفِ لنا) لنا بشرطنا - وكان من الشروط في صلح الحديبية أن يرد النبي صلى الله عليه وسلم من جاءه مسلمًا إلى الكفار - فقالت أم كلثوم : أتردني يا رسول الله إلى الكفار يفتنونني عن ديني ولا صبر لي ، وحال النساء في الضعف ما قد علمت ؟ فأنزل الله تعالى - الرحيم -: { إِذَا جَاءكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ ... }[الممتحنة 10 ] ، فكان صلى الله عليه وسلم يمتحن النساء ، فيقول : (( آلله ما أخرجكن إلا حب الله ورسوله والإسلام ؟ ما خرجتن لزوج ولا مال ؟ )) فإذا قلن ذلك لم يرجعهن إلى الكفار(سير أعلام النبلاء (2/276)،طبقات ابن سعد (8/230)،صفوة الصفوة (2/57) .وأخرج البخاري في صحيحه 5/228، 229 قريبًا من هذا).

فأم كلثوم خشيت من الكفار أن يفتنوها في دينها ، وأكدت لرسول الله صلى الله عليه وسلم خشيتها بضعف النساء المعلوم ، فأيد الله تعالى رأيها ورحم حالها وبارك فِعَالها وأنزل الفرج : { فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلاَ تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ } .

لكنْ إذا وقعت الفتنة فما على المسلمة إلا الصبر والاستعانة باللَّه العظيم .



فها هي سميَّة أم عمار بن ياسر ، سابعة سبعة في الإسلام ، عذبها أبو جهل وطعنها في قُبُلها بحربة ، فماتت ، فكانت أول شهيدة في الإسلام ، فكانوا يعذبونها وهي تأبى غير الإسلام ، حتى قتلوها ، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بعمار وأمّه وأبيه ياسر وهم يُعذبون بالأبطح - مكان في أعلى مكة - في رمضاء مكة - حرها الشديد - فيقول : (( صبرًا آل ياسر ، فإن موعدكم الجنة ))(الطبقات الكبرى لابن سعد (4/136)،والإصابة 4/575، والهيثمي في مجمع الزوائد (9/263)،وقال : رواه الطبراني،ورجاله ثقات).

سميةُ لا تبالي حين تَلقَى

وتـأبى أن تـردِّدَ مـــــا أرادوا عذاب النُّكر يومًا أو تهونا

وكـانت في عِدَاد الصــابريـن






18- العاقلة غير ناظرة إلى الرجال ولا تختلط بهم



لا يجوز جلوس الرجال والنساء واجتماعهم في مجلس واحد مختلطين ينظر بعضهم إلى بعض .

قالت أم سلمة - رضي اللَّه عنها -: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم وعنده ميمونة ، فأقبل ابن أم مكتوم ، وذلك بعد أن أمرنا بالحجاب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( احتجبا منه )) . فقلنا : يا رسول الله ، أليس هو أعمى لا يبصرنا ولا يعرفنا ؟ فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( أفعمياوان أنتما ، ألستما تبصرانه ؟ ))( فتح الباري (ج12، ص 37) صحيح ابن حبان (ج12، ح 5575)) .



قال ابن حجر : وفيه دليل على أن النساء محرم عليهن النظر إلى الرجال إلا أن يكونوا لهن بمحرم ، سواء أكانوا مكفوفين أو بصراء .

لكن يجوز أن تنظر المرأة المسلمة إلى الرجال للحاجة ، أو أثناء البيع والشراء ، أو يلعبون ألعابًا غير محرمة ، بشرط ألا يظهر من الرجال شيء من عوراتهم من الركبة إلى السرة ، كمن يلعب مظهرًا فخذيه ، وبشرط ألا يترتب على هذا النظر فتنة ، وقد ثبت في الصحيحين أن رسول الله صلى الله عليه وسلم جعل ينظر إلى الحبشة وهم يلعبون في حرابهم في المسجد يوم العيد ، وعائشة - رضي اللَّه عنها - تنظر من ورائه وهو يسترها منهم ، حتى ملّت ورجعت .

فالعاقلة المنصفة تعرف أن عائشة كانت مختفية مستترة خلف جسم النبي صلى الله عليه وسلم ، فتراهم من حيث لا يرونها .

وعلى هذا فالنظر إلى الرجال مشترط بشرطين :

الأول : ألا يترتب عليه فتنة .

الثاني : ألا يكون في مجلس واحد مواجهة كمجلس ابن أم مكتوم .

وفي الجملة فإن الله تعالى أمر الفريقين - الرجال والنساء- بتقوى الله وغض البصر ؛ لأنه كما قال جل وعلا: {... ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ } [ النور : 30].

رد مع اقتباس
  #8  
قديم 19-02-2012, 11:22 PM
الصورة الرمزية قرآنى جنتى
قرآنى جنتى قرآنى جنتى غير متصل
عضو مبدع
 
تاريخ التسجيل: Jul 2009
مكان الإقامة: مصر
الجنس :
المشاركات: 1,149
الدولة : Egypt
افتراضي رد: للعاقلات فقط " متجدد إن شاء الله "

19- العاقلة والحجاب

عن عطاء بن رباح قال : قال لي ابن عباس : ألا أريك امرأة من أهل الجنة ؟ قلت : بلى ، قال : هذه المرأة السوداء ، أتت النبي صلى الله عليه وسلم فقالت : إني أُصرع وإني أتكشف ، فادعُ اللَّه لي ، قال : (( إن شئتِ صبرتِ ولك الجنة ، وإن شئت دعوتُ اللَّه أن يعافيكِ )) . فقالت : أصبر ، قالت : وإني أتكشف فادع اللَّه ألا أتكشف ، فدعا لها(مسلم (ج4، ح2576)،والبخاري ( ج5 ح 5328)،والبزار عن ابن عباس) .





وعند البزار عن ابن عباس في نحو هذه القصة أنها قالت : إني أخاف الخبيث - أي الشيطان - أن يجردني ، فدعا لها ، فكانت إذا خشيت أن يأتيها تأتي أستار الكعبة فتتعلق بها(فتح الباري (10/115)). يعني أنها بربها تستغيث من كيد ذلك الخبيث .





انظري أيتها المسلمة إلى إصرار تلك المرأة على أن تتستر ولا ينكشف منها شيء ، وتخشى أن يجردها ويكشفها الشيطان الخبيث إذا صرعها ، رغم أنها سوداء ، ربما لا يشتهيها أحد، وهي معذورة ، وفي ذلك عبرة لمن تقول : أنا لن أتحجب لأنني لست جميلة ، ومن تقول : أن أرجلها مثل الكِسْرة البالية! لكن الناظر إلى حال تلك المرأة السوداء الصابرة المحتسبة يجد أن هذه المرأة أفزعها انكشافها أكثر مما أفزعها الصرع والجن الذي يصرعها ، فصبرت على الصرع ولم تصبر على أن تتكشف ، ولو أصاب جن امرأة في زماننا لذهبت إلى السحرة والكهان وارتكبت شتى المخالفات في سبيل تحصيل الشفاء ، إلا من رحمها الله ، فأيتهما العاقلة ؟





وهذه فتاة فرنسية (( فاطمة عشبون )) في حديث مع صحيفة (( الفيجارو الفرنسية )) تقول للصحيفة : أنا لن أخلع الحجاب مهما كلف الأمر . وتقول : لن أخضع لأي ضغط لخلع الحجاب ولو كان هذا الضغط من والدي(هي ليست عاقة لوالدها في ذلك كما يظن البعض ، بل إنها بذلك تفهم جيدًا قول النبي صلى الله عليه وسلم: ((لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق )). ( صحيح ) : انظر صحيح الجامع (ح 7520) ). وتقول : وإذا ما حاولوا دون عودتي إلى المدرسة فسأبقى في المنزل .


نعم : { وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لاَ يَعْلَمُونَ } [ المنافقون : 8 ] .


تلك الكلمات الناصعة المذهبة التي ستظل خالدة في سمع الزمان وسمع الدنيا ، سطرتها فاطمة عشبون ، تلك الفتاة المثالية التي آمنت باللَّه ربًّا وبمحمد صلى الله عليه وسلم رسولاً ، وعرفت قوله صلى الله عليه وسلم : (( ما تركت بعدي فتنة هي أضر على الرجال من النساء )) (البخاري (5/4808) ، ومسلم (4/2740)).
ولذلك فهي تقول : لن أخلع الحجاب مهما كلف الأمر ، في حين أننا في المقابل نرى من المسلمات من انهزمت في دينها فصارت تقول : لن ألبس الخمار مهما كلف الأمر !! بعكس فاطمة عشبون التي تعيش في مجتمع فرنسي غير مسلم ، أما بناتنا ونساؤنا فالمجتمع لا يمنعهن من ذلك ، فأيتهما أعقل ؟!


ويوم يكون خروج المرأة مؤديًا إلى مخالفات شرعية كخلع الحجاب ، فإن العودة إلى المنزل حينئذ هي التصرف الشرعي الصحيح ، وهكذا فعلت وقالت فاطمة : (( وإذا ما حاولوا دون عودتي إلى المدرسة فسأبقى في المنزل )) .


بارك اللَّه فيكِ يا فاطمة ، وأكثر من أمثالك ، ونصرك على القوم الظالمين ، ويا ليتك يا ابنتي ، يا صغيرة السن ، يا طالبة المدرسة تكوني عبرة ومثلاً ودرسًا لكثير من أخواتنا الجامعيات حاملات الشهادات ، أنا أشهد لك يا فاطمة أنك تحملين أغلى وأعز شهادة في الوجود وهي شهادة ألا إله إلا اللَّه ، وعرفت معناها وعملت بمقتضاها ، كما أشهد أن كثيرات غيرك يحملن شهادات الدنيا العالية – كما يسمونها - لكنهن ينطبق عليهن قول الله جل وعلا : { يَعْلَمُونَ ظَاهِرًا مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَهُمْ عَنِ الآخِرَةِ هُمْ غَافِلُونَ } [ الروم : 7 ].





20- العاقلة ومصافحة الرجال


أخرج الطبراني عن عقيلة بنت عتيك بن الحارث قالت : (( جئت أنا وأمي بريرة بنت الحارث العتوارية في نساء من المهاجرات فبايعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم
، فإذا هو ضارب عليه قبة - خيمة - بالأبطح - وهو مكان بأعلى مكة - فأخذ علينا ألا نشرك باللَّه ولا نسرق ... الحديث . وفيه : فبسطنا(الإصابة في تمييز الصحابة (8/27)) أيدينا - لمصافحته - فقال : (( إني لا أمس أيدي النساء )) . فاستغفر لنا فكانت تلك بيعتنا )) .


واستغفاره لهن كان تحقيقًا لقول الله جل وعلا: { فَبَايِعْهُنَّ وَاسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } [ الممتحنة : 12 ] .


فكيف يصافحهن صلى الله عليه وسلم وهو القائل :
(( َلأَن يُطعن أحدكم بمخيط من حديد خير له من أن يمس امرأة لا تحل له ))(الطبراني (20/212)،وهو في صحيح الجامع (4921). وكذا البيهقي عن معقل بن يسار،قال الهيثمي : رجاله رجال الصحيح،وقال المنذري : رجاله ثقات).


وعند البخاري ومسلم وغيرهما قالت عائشة :(( واللَّه ما مست يد رسول الله يد امرأة )) .


21- العاقلة والصراحة المُنصِفة





هذه هند بنت عتبة زوجة أبي سفيان ، وصفوها بأنها من عقلاء النساء ، كانت قبل إسلامها لا تكره أحدًا مثلما تكره بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، وبعد أن أسلمت لم تكن تحب أهل بيت مثلما أحبت بيت النبوة ، وها هي تصارح النبي صلى الله عليه وسلم بتلك المعلومة التي تحمل في طياتها اعتذارًا عن شَقِّها بطن عمه حمزة رضي الله عنه وهو مقتول بمعركة أحد ، وإخراجها كَبِدَه ومضغها تشفيًا وكراهية ، وهي تعلم أن ذلك أَثَّر في نفس النبي صلى الله عليه وسلم ، فلما أن أرادت بعد إسلامها أن تثبت صدقها في حبها لآل بيت النبي صلى الله عليه وسلم ، قدَّمت أولاً أنها لم تكن تكره بيتًا أشد من بيته صلى الله عليه وسلم ، واعترافها بهذا راضية غير مكرهة وصدقها فيه يدل على صدقها في الأخرى وهي حب آل بيته صلى الله عليه وسلم .





عن أم المؤمنين عائشة رضي اللَّه عنها : جاءت هند بنت عتبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ، فقالت : يا رسول الله ، والله ما كان على ظهر الأرض أهل خباء أحب إليَّ أن يُذَلوا من أهل خبائك ، ثم ما أصبح اليوم على ظهر الأرض أهل خباء أحب إليَّ أن يُعَزُّوا من أهل خبائك . فقال النبي صلى الله عليه وسلم : (( وأنا أيضًا والذي نفسي بيده ))
الحديث(البخاري (ج3، ح 3613)،ومسلم ( ج 3،ح 1714)،وابن حبان وغيرهم) . رحم الله هند بنت عتبة .

لقد عفا عنها النبي صلى الله عليه وسلم وقبل منها وقابلها بنفس شعورها ، وأقسم على ذلك رغم ما فعلته في عمّه حمزة رضي الله عنه ، لكنها فعلت ذلك تحت وطأة الكفر الذي يُكنُّ للإسلام كل عداوة ، ثم بعد ذلك أسلمت ، والإسلام يَجُبُّ ما قبله ؛ أي يمحو كل ما سبقه من انحراف ، ورسول الله صلى الله عليه وسلم جاء ليدخل الناس في الإسلام لا لينتقم لنفسه منهم ، فلذلك لم يَعُد أهل بيت أحب إلى قلب هند من أن يُعزوا من بيت النبي صلى الله عليه وسلم .






22- العاقلة وتحرِّي الصدق



عن أسماء بنت عميس قالت : كنت صاحبة عائشة التي هيأتها وأدخلتها على رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعي نسوة ، قالت : فوالله ما وجدنا عنده قِرَى - شيئًا يضيِّفنا به - إلا قدحًا من لبن ، فشرب منه ثم ناوله عائشة ، فاستحيت الجارية - عائشة -، فقلنا لها : لا تردي يد رسول الله ، فأخذتْ منه على حياء فشربتْ ، ثم قال : (( ناولي صواحبك )) . فقلنا : لا نشتهيه ، فقال صلى الله عليه وسلم : (( لا تجمعن جوعًا وكذبًا )) . فقلت : يا رسول الله ، إن قالت إحدانا لشيء تشتهيه : لا أشتهيه ، أَيُعَدُّ ذلك كذبًا ؟ قال : (( إن الكذب يُكتب ، حتى تُكتب الكذيبة كذيبة ))(رواه أحمد في ((مسنده ))(6/438)،وانظر سير أعلام النبلاء (2/172- 173).وانظر السلسلة الضعيفة ( ح 2400) ، وضعيف الجامع ( ح 1521) . لكن الروايةالصحيحة ، عن أسماء بنت يزيد قالت : أُتي النبي صلى الله عليه وسلم بطعام فعرض علينا ، فقلنا : لا نشتهيه ، فقال : ((لا تجمُعنَّ جوعًا وكذبًا )). ( حسن ) . الألباني في صحيح ابن ماجه (2667)) . يعني : كل ما هو كذب ومخالف للحقيقة يُكتب حتى الكذيبة - الكذبة الصغيرة -، وحتى ما يسمونه - الكذبة البيضاء - أو الكذب الأبيض ، وإنه لأسود فاقع السواد ، قال النبي
صلى الله عليه وسلم : (( إن الكذب يهدي إلى الفجور ، وإن الفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله كذابًا ))(البخاري ( ج 5
،ح 5743)،وابن حبان وغيرهما). قال اللَّه تعالى : { وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُواْ عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُم مُّسْوَدَّةٌ ... }[ الزمر : 60 ] .



رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 141.29 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 136.40 كيلو بايت... تم توفير 4.89 كيلو بايت...بمعدل (3.46%)]