قصتي والتعلق - ملتقى الشفاء الإسلامي

 

اخر عشرة مواضيع :         تفسير جامع البيان عن تأويل آي القرآن للإمام الطبري .....متجدد (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 774 - عددالزوار : 117521 )           »          المسيح ابن مريم عليه السلام (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 5 - عددالزوار : 3614 )           »          قسمة غنائم حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 12 )           »          الوجه المشرق والجانب المضيء لطرد المسلمين من الأندلس (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          القرآن يذكر غزوة حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          مشاهد من معركة حنين (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »          غزوة هوازن "حنين" (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 9 )           »          الإمام الأوزاعي (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 13 )           »          ليلة هي من أقسى ليالي الدنيا (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 11 )           »          أحكام فقهية وقعت في مكة (اخر مشاركة : ابوالوليد المسلم - عددالردود : 0 - عددالزوار : 8 )           »         

العودة   ملتقى الشفاء الإسلامي > القسم العام > ملتقى الحوارات والنقاشات العامة
التسجيل التعليمـــات التقويم

ملتقى الحوارات والنقاشات العامة قسم يتناول النقاشات العامة الهادفة والبناءة ويعالج المشاكل الشبابية الأسرية والزوجية

إضافة رد
 
أدوات الموضوع انواع عرض الموضوع
  #1  
قديم 27-10-2011, 01:33 PM
ابو دجانة النجدي ابو دجانة النجدي غير متصل
عضو جديد
 
تاريخ التسجيل: Oct 2011
مكان الإقامة: السعودية
الجنس :
المشاركات: 1
الدولة : Saudi Arabia
افتراضي قصتي والتعلق

قصتي والتعلق
أتى رمضان .. وأهلا وسهلا بقدومه , لقد حضرت رمضانات كثيرة ولم يميز هذا الرمضان شئ خاص إلا أن هذا الرمضان كان بداية تعرفي على الطريق الحقيقي بعد أن كنت أسير في طريق التزام أجوف وأعيش في ظلمات الذنوب والمعاصي.
ولكن في البداية وككل رمضان أنوي الاجتهاد الفعلي ومن ثم أفتر بعد أيام من البداية, فقد بدأت هذا الرمضان بكل جدية لعدة أيام ومن ثم بدأت افتر وافتر حتى اقتربت العشر , وحينها انتبهت لنفسي وقلت : فاتك ثلثي الشهر فلا يفتك خير ما فيه .
انطلقت وسجلت بالاعتكاف في أحد المساجد المجاورة , وفعلا وفقني الله للاعتكاف ..
ليست هذه المرة الأولى التي اعتكف فيها , لكن هذا الاعتكاف كانت روحانيته أكثر , كنت أشعر بأنني كنت على خير وأنني في راحة وسعادة لا يعلم بها إلا الله وقد تمنيت لو أكمل بقية حياتي في ذاك المكان ( مع أنني لم أكن مجتهدا في العبادة حق الاجتهاد ).
ومن عادتي بعد كل رمضان أن أثبت أسبوع أو أسبوعان على السنن والخير الذي أنا فيه , لكني هذه المرة لم يفتني هذا الأمر فقد كان جل سؤلي لله ودعاؤه في تلك الأيام عن الثبات على الحق فأنني عرفت أن الثبات لا يكون إلا من الله .
انتهى رمضان وجاء العيد وفرح الناس بالعيد , أما انا فكان ما يهمني هو كيف أحافظ على صلاة القيام والسنن الرواتب والأذكار وتلاوة القرآن ؟ نظرت إلى بعض الناس بعين الشفقة أتعرفون لماذا ؟؟ لأنهم لم يعرفوا معنى الثبات فهم (( وبكل أسف )) تركوا الكثير مما كانوا عليه أيام الاعتكاف !! وهل رب الاعتكاف رب غير رب أيام العيد ؟!
بعد أيام أتاني احدهم يقول لي هل ستذهب معنا في الرحلة أم لا ؟ كنت مترددا جدا , ولكن مما زاد عزيمتي أنهم إخوة في الله وسنتعاون على طاعة الله ..
ومن هنا بدأت قصتي ..!
في الموعد المحدد حزمت أمتعتي وأتيت إلى مكان انطلاق المركبة , كنت من آخر الراكبين للمركبة ..
لقد شعرت بالتغير فعلا فأنا أصبحت أكثر هدوءا وصمتا وحبا لمجالس الذكر والفضل كله لله , عندما ركبت المركبة حاولت أقصى ما أستطيع أن أكون قريبا من المشرفين أتعلمون لماذا ؟! لأنهم كانوا أكثر رجولة من كثير من الشباب ..
وأصدقكم القول ... فإنني نظرت نظرة استحقار لبعض الشباب لصغر عقله ومحدودية تفكيره , حتى أنني لم أرد النظر إلى بعضهم ...
بعد فترة من انطلاق المركبة ... شعرت بالنعاس لأنني لم أنم منذ الفجر وكنت منهكا جدا , فالتفت إلى أحد الإخوة اللذين كانوا معنا في المركبة وهوعبد الله وأشرت له بأنني أريد أن أنام على قدمه (( وما أكثر انتشار هذه الظاهرة في حلقتنا وهي التي جمعت المصائب من كل حدب وصوب )) , فوافق مباشرة بدون أي تردد , فلفت نظري ذاك الأمر , فبعضهم لا يوافق إلا بعد أن تترجاه وتعده بالمثل , ولكن هذا الأخ وافق مباشرة وبكل رضى ..
لم يلفت نظري ذاك فقط , بل بدأت الحظ بعض الأمور عليه لم أكن ألحظها على عبدا لله من قبل مع أنني اعرفه منذ زمن طويل .. لحظت عليه الهدوء والسكينة والابتسامة وقلة الكلام ولأكون صريحا لحظت براءة لا تنم إلا عن قلب طيب ...
في الطريق إلى هدفنا بدأت أكثر الجلوس بجانب عبد الله وكان جلوسي واهتمامي ذاك بمثابة المكافئة على احترامه العالي , تكلمت معه في بعض الأمور .. أمور خاصة به .. ونصائح عامة وكان كثيرا ما يقبل نصحي ..
في تلك الأحايين ولأكون صريحا معكم لم أشعر بشئ في قلبي وإنما كان الهدف الرئيسي من جلوسي معه هو نصحه وتذكيره وتنبيهه لبعض الأمور التي لا يعرفها خصوصا في الالتزام والايمان , لكن وبكل مصداقية زاد احترامي له في بشكل كبير ..
وصلنا إلى هدفنا المنشود ... لم يكن هناك الكثير من الأحداث في يوم وصولنا ..
في اليوم الثاني .. انطلقنا إلى أحد المناطق , وبعد وصولنا بدأنا نستكشف المنطقة .. في الحقيقة أنا لا أذكر إلا القليل من الأحداث في ذلك اليوم لأنني أيضا لم يكن هناك شئ في قلبي ... لكن ما أذكره أنني فعلت معه أمرا ينم عن خلق حسن لم أكن أفعل أمثاله سابقا ولا أعرف ما الذي غيرني ؟!
ولكن في اليوم الثالث بدأت بعض الأمور في الظهور وبعض المعالم في الاتضاح ...
فقد أصبحت عندي رغبة شديدة بان امشي مع عبد الله , لا وفوق ذلك لم يكن يعجبني أن يمشي هو مع أحد غيري !! حينها لم أعلم لماذا كان هذا الشعور لدي وبررته بعدة تبريرات سخيفة .
وعندما عدنا إلى مقر إقامتنا كنت حريصا أشد الحرص أنا لا أجلس إلا بجانبه ولا يجلس إلا بجانبي ...
شعرت بحب عظيم يملأ قلبي لهذا الشخص .. وكنت أقول واعاتب نفسي بأنني عشت طوال حياتي من دونه !!
كانت هناك سعادة غامرة تملأ حياتي , ونسيت شعور الغضب مع أنني عصبي دائما, وكان كل ما حولي يجلب السرور إلي , وكنت أتلذذ بالصلاة بشكل كبير (( وهذا ما لبس علي أشد التلبيس ))
بدأت اشعر بان هذا الشخص هو الشخص الذي كان يجب أن يكون صديقي منذ عرفته , كنت دائما ما أتكلم معه وأمازحه ودائما ما امشي معه وأجالسه , حتى أنني كنت اقلق إن لم يكن معي , وأسأل عنه كثيرا , لا بل وامدحه في غيابه , وأدافع عنه دائما , ولا أرضى أن يخطأ عليه احد ولو بكلمه , وإذا تكلم أنصت وإذا سأل أجبت
اتخذته قدوة لي في بعض الأمور (( وأنا الذي كان الكثير من الإخوة يقتدي بي )) , فبدأت أقلده في أمور كثيرة .. في مشيته .. في جلسته .. في ابتسامته .. في كلامه .. في صمته , فقد أعجبت بشخصيته أشد العجب (( وبكل صراحة أقول : أصبحت كالكلب الهث خلفه )) فقد تخليت عن بعض مبادئي على حساب إتباعه ...
بل ومما زاد التلبيس علي أنني صححت عدة أمور كنت واقعا فيها من قبل وتركتها , فاعتقدت حينها أن هذه من نتاج الحب في الله , وأنه أثر علي حتى تركت بعض أخطائي .. وحسنت أخلاقي ..
و والله لا تصدقون يا إخوة أنني كنت ارقبه في كل شئ : في كلامه وفي صمته وفي مشيه وفي وقوفه وفي جلسته ...
وكان ما يدور في خلدي تلك الأيام , أننا إنما خلقنا لنعيش مع بعضنا وكل منا يقدم للآخر ما يحتاجه حتى نصل إلى درجة من الكمال , فهو يملك الأخلاق التي كان ينقصني منها الكثير , وأنا املك بعض الخبرة في الالتزام والأمور التي ترفع الإيمان والنصح له وبهذا اكتملت المعادلة في نظري ...
قدمت له ما لم أقدم لغيره , من احترام واهتمام وإيثار ونصح وإرشاد .... الخ
والله لم يتميز بعبادة ولا بطاعة .. بل وإن كثيرا من الشباب كانوا أكثر منه تقوى وأشد منه التزاما , وحتى حسن الخلق الذي كنت أراه فيه موجود في كثير من الشباب بل وإن هناك بعض الشباب أفضل من أخلاقه ولكن .. انه تلبيس إبليس
و والله أنني كنت أرى فيه ايجابيات لا تعد ولا تحصى , أما السلبيات فبعضها قد غفلت عنها وبعضها لبس علي الشيطان أنها ليست بسلبيات ... فكنت أرى فيه نوعا من الكمال , فكنت أنظر إليه كثيرا وأقول سبحان من خلقك ما أكمل عقلك ..
أما اليوم الرابع ... هذا اليوم الذي غير حياتي .. يوم كنت اسميه يوم الحزن والكآبة .. لكني اسميه الآن بيوم البداية والتصحيح ... هذا اليوم سكبت فيه أول دمعة في هذا الطريق المؤلم ... طريق التعلق
انطلقنا في الصباح إلى الهدف المنشود ... وكالعادة كنت بجانبه طوال الوقت حتى أنني كنت أتخر الأمتعة الثقيلة حتى يشاركني في حملها ... وكان طوال النزهة معي
بعدما انطلقنا لاستكشاف المنطقة .. كنت أنا في قمة الحماسة والحيوية , وفي قمة السعادة أيضا ... كنت دائما ما أناديه لنذهب سويا ...
جلس الشباب ليستريحون فشعرت بحاجة للجلوس لوحدي , فذهبت وجلست تلك الجلسة التي لن أنساها ما حييت , لأنني أتذكر كل تفاصيلها . فقد تمددت على احد الصخور ونظرت إلى السماء وبدأت بالتأمل والتفكير في نفسي , فجاءني شعور يقول لي : اقتربت الرحلة على النهاية , وستأتي الدراسة ولن ترى صاحبك ثانية إلا القليل , فماذا أنت فاعل ؟! وحينها انسكبت الدموع على الخدود , لا أعرف لماذا ؟! كان هذا ما حدث .. ضاق صدري وامتلأ قلبي بالحزن الشديد , فقد تمنيت لو أعيش معه في هذا المكان بقية حياتي .. لم أرغب في أحد سواه فقد أحببته حبا عظيما .. ولا أبالغ ان قلت أحببته أكثر من نفسي ..فموتي خير لي من حياتي من دونه ..
وفجأة انتبهت لنفسي وفكرت في الأمر وبدأت أتسائل فإنني لم أعهد أمرا مثل ذلك من قبل .. وفطرتي أنكرت علي أمري ..
بدأت أفكر وأقول أنني عرفت أناسا كثيرين وأحببت كثيرين ولكن هذا الشعور لم يأتني أبدا في يوم من الأيام .. وبدأت تطن في أذني كلمة كنت اسمعها كثيرا من بعض الإخوة ألا وهي التعلق بالمخلوقين , و والله لم أكن أعرف معناها أصلا , لكن لعل الله أراد بي خيرا فله الحمد والمنة ...
فبدأت أسال نفسي : أهذا حب في الله أم تعلق بغيره ؟ لماذا لم يحدث هذا الأمر مع غيره من الناس ؟ لماذا لم يحدث إلا في هذه الأيام مع أنني أعرفه منذ زمن طويل ؟ أهو كنز وقد اكتشفته ؟
كنت دائما ما أجد أجوبة مقنعة اشد الإقناع , فدائما ما أقول أن أخلاقه حسنه , وأنه رجل صالح ويقبل النصح , ودائما ما أقول أنني لم أكن أعرفه سابقا حق المعرفة ...
مسحت دموعي وبدأت أفكر بجدية هل أنا على الصواب أم أنني قد ضللت ؟؟!
فخطط لمقابلة أحد الأخوة واستشارته في هذا الموضوع إذا عدنا إلى مقر الإقامة , وعدت إلى الشباب وأكملت يومي كما بدأته فأنا مع عبد الله في كل مكان ...
عدنا إلى مكان إقامتنا وبعد صلاة العشاء أخذت من خططت لمقابلته على انفراد وذكرت له الأمر ولكني ذكرته بصورة مبهمة وليس واضحة حتى لا يكشف أمري (( سبحان الله ... كنت أحس بأنني على خطأ لكن إبليس سول لي الهوى بلون الحب في الله , والإثم ما حاك في نفسك وكرهت أن يطلع عليه الناس ))
قلت له أريدك أن تخبرني بالفرق بين الحب في الله والتعلق بالمخلوقين , وأخبرته بما وجدت في نفسي من حزن على فراق عبد الله ( ولم اذكر له الإسم ) , فقال لي أن المقياس في الحب في الله أن يكون للدين فان زاد إيمانه وطاعته زاد حبي له والعكس بالعكس , أما التعلق فيكون للهوى واللعب واللهو ...
فلم يقنعني ذلك الجواب ولم يزل حيرتي , مع أنني كنت أجد مسوغا لهذا الأمر فبما أن الحب في الله يكون لأجل الدين فانا لم يجمعني بعبد الله إلا دينه وخلقه ...
ومر هذا اليوم وأنا في حيرة من أمري , و والله أنني كنت ادعو سجودي وأقول : اللهم إن كانت علاقتي بعبد الله محبة فيك اللهم فأبقها وباركها وعززها , اللهم وإن كانت غير ذلك اللهم فإني أعوذ بك منها ( لقد أجرى الله هذا الدعاء على لساني بعدما شعرت بما شعرت )
وفي اليوم الخامس , انطلقنا إلى هدفنا كالعادة وأنا وعبد الله على ما نحن عليه من الترابط والاجتماع في كل الأوقات فلم نكن نتفرق إلا قليلا ..
نزل الشباب إلى أحد الأماكن فأخذت عبد الله وابتعدنا عن بقية الإخوة لأنني كنت أريد محادثته في أمر خاص , جلسنا وتكلمنا وعندما أراد الشباب الانطلاق .. نادوا علي وعليه فلم يجدونا , فبحث عنا أحدهم وهو الذي حادثته في موضوع التعلق بالأمس , فجاءني وناداني وشعرت بكلامه بشئ من التوبيخ والزجر , وكأنه قد عرف ما أصابني ولكنه أراد أن يتأكد ويؤجلها إلى نهاية الرحلة ...
وبما أن نهاية الرحلة قد دنت فقد كنت أفكر كثيرا في أمور تجمعني وعبد الله بعد الرحلة , فخطرت في بالي أفكار ومن ذلك أن اجتمع أنا وهو وأخوان لنا من الحلقة في مجلس ذكر كل أربعاء أو خميس وغير ذلك من الاقتراحات الشيطانية لزيادة العلاقة وتقويتها ...
بعدما وصلنا إلى الموقع الآخر ... أكملت المسيرة وكالعادة دااااائما مع بعضنا , وفي وقت من الأوقات ذهبت معه إلى احد الأماكن وكنا لوحدنا وفي الطريق بدأت أتحدث وأنصحه بأمور واتفقت معه على التناصح والتواصي على الطاعة اذا عدنا لأهلنا , وكنت طوال الطريق انصحه وهو يسمع , وفكرت في نفسي وقلت لو كانت علاقتنا تعلقا لما كانت هذه مواضيعنا ( لقد لبس علي الخبيث ولعله هو أصلا من اقترح علي أن أتكلم بهذا الموضوع ليلبس علي أكثر )
عدنا إلى مكان الإقامة ولازلت ازداد حيرة وضياعا بين الحق والباطل , ومع كل تلبيس الخبيث لكنني لم أكن أعتقد أنني على صواب بل كنت مشتتا وحائرا فالحق واضح وبين ... وقررت أن أتكلم مع صاحبي الذي كلمته مسبقا في موضوع التعلق , وأزيد سؤالي وضوحا لعلي أجد جوابا ..
فذهبت إليه وجلست معه الجلسة الثانية , ولأكون صريحا معكم لم أكن صريحا جدا معه بل كان سؤالي أيضا مبهما لكن أقل إبهاما من الجلسة السابقة ... فجاوب بجواب لم يشف غليلي .. كان ذاك الجواب أكثر تخصيصا من السابق لكن لم يكن صريحا أيضا .. وربما أنه أراد تأجيل الأمر ليزيد التأكد ...
وفي تلك الليلة أتاني وقال لي أريدك في موضوع ... و والله الذي لا إله غيره أنني أذكر الكثير من التفاصيل في تلك الليلة لأنها كانت ليلة مميزة جدا لكن سأكتفي بما اأذكر ..
خرجت معه من مقر الإقامة وجلسنا في احد الأماكن , ففتح الموضوع وإذا به موضوعنا ... عن التعلق .. فاستبشرت خيرا انه قد وجد الجواب ..
فبدأ الحديث بمقدمة ومن ثم طلب مني أن أجيب على بعض الأسئلة بصراحة , فسألني عدة أسئلة فجاوبت بالأجوبة الشيطانية التي كان يلبس إبليس بها علي .. و والله إنها لأجوبة مقنعة جدا... أتعلمون لماذا ؟! لأنها دائما ما تدور حول أن علاقتي به للنصح والتواصي على الخير .. وكلما جاوبته جوابا أتى لي بجواب آخر , فاكتشف أن هذا الجواب موجود في خلدي لكنني قد تجنبته وذكرت غيره ... فبدأت الشكوك تزاولني وبدأت ازداد ميلا إلى أنني متعلق والله المستعان ...
وذكر لي قصة مشابهة تماما لقصتي .. وهذا ما زادني اقتناعا بأنه تعلق والعياذ بالله ...
وبعد مدة طويلة من الجلسة اقتنعت لما قال فالحق واضح بين و والله إنني قد لبس علي الشيطان , وزين لي الهوى بلباس الحب في الله , وصدق من قال أنه فقيه الشر , فقد أثبت لي ذلك , ولكنني سأثبت باذن الله له أن كيده كان ضعيفا ...
لم استطع حينها أن أتمالك نفسي فكانت دموعي تنسكب على خدي كالنهر الجاري وكنت أحاول إخفائها ... و والله إني لا أعلم أكان بكائي تلك الليلة حزنا على فراق صاحبي أم فرحا بالإقبال على الله ...
فلما رأى مني الاقتناع والتسليم .. ذكر لي أن العلاج هو أن أتوكل على الله واعتصم به والجأ إليه وأنطرح بين يديه واسأله أن يخلصني من هذا البلاء وان ابتعد قدر المستطاع عن عبد الله وان أزيل جميع ما يذكرني به ليس كرها له ولكن لأزيل زيغ الشيطان من قلبي , وانه سيبقى أخا لي في الله ولكن بدون تعلق ..
ثم بين لي بأنني مخير الآن بين خالقي سبحانه أو المخلوق الضعيف , وذكرني بأن الله حي لا يموت والمخلوق يموت , وذكرني بأن خالقي يملك كل شئ والمخلوق لا يملك شئ , والاختيار علي ..
وذكرني بأن هذا الابتلاء لم يصبني إلا لأنني بدأت أحاول إصلاح قلبي , والتقرب إليه , وبناء إيمان طالما افتقدته طوال فترة التزامي ,وأن هذا هو طريق الأنبياء والصالحين , فقد قال تعالى : ( أم حسبتم أن تدخلوا الجنة ولما يأتكم مثل الذين خلو من قبلكم مستهم البأساء والضراء وزلزلوا ... الآية ) , وأن هذا الإبتلاء ليميز الله الصادقين من الكاذبين ويعلم المجاهدين والصابرين , قال تعالى : ( ولنبلونكم حتى نعلم المجاهدين منكم والصابرين ونبلوا أخباركم ), وأخبرني بأنها أيام وتنقضي ,وأنني إن نجحت في هذا البلاء فسأذوق حلاوة الإيمان والأنس بالله ولذة مناجاته ...
وهو يتكلم وأنا قد غرقت بدموعي ... فختم الحديث ببيت أقض مضجعي .. وفجر الدموع في عيني وهو :-
فليتك تحلو والحياة مريرة وليتك ترضى والأنام غضاب
وليت الذي بيني وبينك عامر وبيني وبين العالمين خراب
إذا صح منك الود فالكل هين وكل الذي فوق التراب تراب
ثم دعا لي بأن ييسر الله أمري وذهب ... وتركني في مكاني باكيا ..
في اليوم الأخير وهو يوم الانطلاق ... لم أكن على ما يرام , فقد كان قلبي مليئا بالأحزان .. وكان عبد الله يأتيني وينظر إلي وينتظر مني أن أبدأه الحديث – كالعادة – ولكني لم أكلف نفسي النظر إليه ..
حزمنا أمتعتنا وانطلقنا عائدين إلى أهلنا , وجلست أنا في المركبة لوحدي .. وكان طريق العودة مكللا بالدموع ومليئا بالأحزان .. ولم يقصر معي أخي اللذي بين لي التعلق في شئ بل إنه كان طوال الطريق يؤازرني ويشد على قلبي ...
عدت ولكن .. بقلب غير الذي ذهبت به , فقد زاد إيماني بشكل كبير ولله الحمد , وزاد حزني أيضا والله المستعان , تخليت عن جميع ما يذكرني بصاحبي , وحذفت رقمه من جهازي , وجميع رسائله , ليس كرها له وإنما طردا لهذا البلاء إلى أن يشاء ربي شيئا ...
وداعا أخي .. فإنني خيرت وقد اخترت .. ولا أحسبك ترضى أن أختارك على ربي والعياذ بالله
وداعا أخي .. أحببتك حبا صادقا ومن كل قلبي .. فلا تفكر أبدا أنني أكرهك .. فأنت لست الملام
وداعا أخي .. لكن سيأتي يوم ويزول ما في قلبي وستصبح أخا في الله .. إن زاد إيمانك وطاعتك أحببتك .. وإلا فليس بيني وبينك غير ذلك
وداعا أخي .. لا تحزن على فراقي .. فلعل الله أراد بك خيرا
إلى هنا تنتهي قصتي ... و والله إني لا زلت أعاني من هذا التعلق فلا زال في القلب شوائب منه ... و أنا أجاهد نفسي وأصبرها بأن فرج الله آت ولكني استعجله ... ومع هذا الحزن والصبر والجهاد .. فإنني اشكر المولى جل في علاه أن وضعني في هذا الاختبار .. فإنني تعلمت كيف اسأل الله وكيف أتضرع له .. تعلمت كيف أتعامل ولو بشكل جزئي مع قلبي ... تعلمت كيف أحاسب نفسي ... تعلمت أن العزلة إذا اكتست بالأنس بالله فإنها هي السعادة الحقيقة ... تعلمت الكثير من هذا البلاء .. وعرفت أنني لم أكن يوما من الأيام على الطريق الصحيح .. فإنني لم ابتلى بيوم من الأيام ببلاء مثل هذا .. وإنني متفائل ولم اقنط وبإذنه جل في علاه لن اقنط من رحمته .. فانه لا يقنط من رحمته الا الظالمون ...
إليكم إخواني أبناء هذا المنتدى المبارك انقل قصتي ... ووصيتي لمن لم يمر بهذا الأمر أن يستعيذ بالله منه ... ومن هو مصاب فيه أن يعود إلى الله ويستبشر خيرا .. فان الله لم يصطفيك لهذا الاختبار ألا لأنه يحبك ويريد زيادة أجرك فهو سبحانه ارحم بنا من والدينا ...
اسأل الله بمنه وكرمه وفضله ورحمته ان لا يتركني وان يزيل ما في قلبي ويعظم اجري على صبري وان يعوضني خيرا مما ترك لذة وأنسا به وحده لا شريك له .. وان يقربني ولا يبعدني ويثبتني ولا يضلني ويحبني ولا يبغضني ...
ولا تنسوني إخوتي من الدعاء في ظهر الغيب
والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته
رد مع اقتباس
  #2  
قديم 27-10-2011, 04:02 PM
الصورة الرمزية أمة_الله
أمة_الله أمة_الله غير متصل
هُـــدُوءُ رُوح ~
 
تاريخ التسجيل: Feb 2006
مكان الإقامة: ღ تحت رحمة ربي ღ
الجنس :
المشاركات: 6,445
افتراضي رد: قصتي والتعلق

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أهلا وسهلا بك بيننا أخونا الكريم أبو دجانة النجدي أخا في الله
قصتك حملت من الدروس الكثير ،،، خصوصا ما يخص خطط ووساوس الشيطان لعنه الله في تلبيس الأمور وزخرفتها على الإنسان بين الخير والشر ،،، أسأل الله أن يعيذنا منه ومن وساوسه ويغلبنا عليه بفضله ومنه سبحانه
توقفت عند نقط كثيرة جزاك الله خيرا مشاركتنا قصتك ،،، والحمد لله أن هداك إلى الطريق الصحيح ،،، وبإذن الله من ترك شيئا لله عوضه الله خيرا منه
أسأل الله لك ولنا جميعا أن يوفقنا دوما لما يحب ويرضى ويثبتنا على الحق والصواب
في حفظ الله ورعايته
__________________

()

{وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ}
[الأعراف: 156]


اللَّهُمَّ مَغْفِرَتِكَ أَوْسَعُ مِنْ ذُنُوبِي وَرَحْمَتَكَ أَرْجَى عِنْدِي مِنْ عَمَلِي



رد مع اقتباس
إضافة رد


الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1)
 

تعليمات المشاركة
لا تستطيع إضافة مواضيع جديدة
لا تستطيع الرد على المواضيع
لا تستطيع إرفاق ملفات
لا تستطيع تعديل مشاركاتك

BB code is متاحة
كود [IMG] متاحة
كود HTML معطلة

الانتقال السريع


 


الاحد 20 من مارس 2011 , الساعة الان 01:21:21 صباحاً.

Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour

[حجم الصفحة الأصلي: 62.18 كيلو بايت... الحجم بعد الضغط 60.07 كيلو بايت... تم توفير 2.12 كيلو بايت...بمعدل (3.40%)]