|
الملتقى الاسلامي العام مواضيع تهتم بالقضايا الاسلامية على مذهب اهل السنة والجماعة |
|
أدوات الموضوع | انواع عرض الموضوع |
#1
|
|||
|
|||
![]() الإنصاف نعيش في زمان قل فيه المنصفون وكثر فيه من بعينا واحدة لناس ينظرون وعلىمساوئ وعيوب الناس يحكمون و اسمع إلى الشعبي -عليه رحمة الله- ماذا يقول، وكأنه قد عرف الناس واختبرهم، فعرف معادنهم وحقيقتها، قال: [والله لو أصبت تسعاً وتسعين مرة وأخطأت مرة واحدة لعدوا عليَّ خطئي ويقول الامام مالك عن زمنه نحن في زمن قل فيه المنصفون وهو في القرن الثاني فكيف بالقرن الواحد والعشرين ؟!! يا عبد الله: كن منصفاً مع الناس، وإياك أن تتكلم إلا بالعدل: وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا[الأنعام:152] ياعبد الله: ان الله قد أمرنا بالعدل والإنصاف حتى مع الكفار: وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ المائدة:8] أي: لا يحملنكم بغض الكفار عَلَى أَلَّا تَعْدِلُوا اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَى[المائدة:8 تحلَّ بالإنصاف: أي: بالعدل، وهو أن تزن الناس بميزان العدل والقسط، تضع حسناتهم في كفة وسيئاتهم في كفة، ثم زنه يا عبد الله! وإياك أن تنظر بعين واحدة، وكن كقول القائل: وإذا الحبيب أتى بذنب واحد جاءت محاسنه بألف شفيع واسمع إلى ربنا جل وعلا في كتابه كيف يعلمنا هذا الأدب، يقول الله جل وعلا عن أهل الكتاب وهو يلعنهم ويذمهم: ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ[آل عمران:112] انظر إلى الذنب! ثم قال: ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ذَلِكَ بِمَا عَصَوْا وَكَانُوا يَعْتَدُونَ[ (آل عمران:112 ) انظر إلى كل هذه الجرائم! ولكن الله أنصفهم، فقد أخبر بأن هناك طوائف لا تقرهم على هذا الفعل، وأن هناك بقايا من أهل الكتاب ما زالوا في عهد النبي صلى الله عليه وسلم على الإيمان والتوحيد، فلما جاء عليه الصلاة والسلام آمنوا به، انظر الإنصاف بعد كل ذلك الذنب، قال الله: لَيْسُوا سَوَاءً مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آيَاتِ اللَّهِ آنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ[آل عمران:113] نعم. انتبه يا محمد! انتبهوا أيها الصحابة! احذروا أيها المؤمنون! أن تعمموا الحكم على الناس؛ فهؤلاء وإن كانوا مغضوباً عليهم فإنهم ليسوا سواء، منهم أمة قائمة مؤمنة موحدة، لما جاء رسول الله صلى الله عليه وسلم آمنت به واستجابت له، آناء الليل يتلون آيات الله وهم يسجدون، أي إنصاف أعظم من هذا؟! بل أي عدل في الحكم أبلغ من هذا العدل؟! و ذكر الواحدي في أسباب النزول عند قوله تعالى: {إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا}. إلى قوله تعالى: {وَمَن يُشْرِكْ بِاللّهِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلاَلاً بَعِيدًا}. أنزلت كلها في قصة واحدة: وذلك أن رجلاً من الأنصار يقال له: طعمة بن أبيرق, أحد بني ظفر بنالحارث, سرق درعاً من جار له يقال له: قتادة بن النعمان, وكانت الدرع في جراب فيه دقيق, فجعل الدقيق ينتثر من خرق في الجراب حتى انتهى إلى الدار وفيها أثر الدقيق, ثم خبأهاعند رجل من اليهود يقال له: زيد بن السمين, فالتمست الدرع عند طعمة فلم توجد عنده, وحلف لهم: والله ما أخذها, وما له به من علم, فقال أصحاب الدرع: بلى والله قدأدلج علينا فأخذها وطلبنا أثره حتى دخل داره فرأينا أثر الدقيق, فلما أن حلف تركوهواتبعوا أثر الدقيق حتى انتهوا إلى منزل اليهودي, فأخذوه, فقال: دفعها إليَّ طعمة بنأبيرق, وشهد له أناس من اليهود على ذلك, فقالت بنو ظفر وهم قوم طعمة: انطلقوا بناإلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فكلِّموه في ذلك, فسألوه أن يجادل عن صاحبهموقالوا: إن لم تفعل هلك صاحبنا وافتضح وبرئ اليهودي, فهمَّ رسول الله صلى الله عليهوآله وسلم أن يفعل, وكان هواه معهم, وأن يعاقب اليهودي, حتى أنزل الله تعالى: إِنَّا أَنزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ بِمَا أَرَاكَ اللّهُ وَلاَ تَكُن لِّلْخَآئِنِينَ خَصِيمًا}. وهذا الاحنف بن قيس جاء الى رسول الله (صلى الله عليه وسلم) وكان مازل كافرا فعندما قابله قال له (ان فيك خصلتان يحبهما الله ورسوله) انظر كيف ذكر له (صلى الله عليه وسلم ) احسن ما فيه رغم انه ما زال كافرا فكان رسول الله (صلى الله عليه وسلم) منصفا اسمع يا عبد الله إلى أحد أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وهو حاطب بن أبي بلتعة ؛ صحابي جليل، ارتكب في الإسلام جريمة عظيمة وخطأ كبيراً، أتعرف ما هذا الخطأ؟لما قرر عليه الصلاة والسلام أن يذهب إلى مكة ليفتحها ويقاتل المشركين، أرسل هذا الرجل رسالة مع امرأة ليبلغ المشركين، أن يحذروا فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قادم إليكم ليقاتلكم، هل تظن أن هناك جريمة أعظم من هذه؟! وهل يبلغ الحال بإنسان في هذا الزمن أن يرتكب إثماً أعظم من هذا الإثم فيكشف خطة رسول الله صلى الله عليه وسلم للمشركين؟ فإذا بـحاطب ماثل أمام النبي صلى الله عليه وسلم، فيأتيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ[القلم:4] لم يستعجل في الحكم، انظروا إلى التثبت، والتأني والروية، قال: (ما حملك على هذا يا حاطب ؟ قال: يا رسول الله! أردت أن تكون لي عند القوم يد يدفعون بها عن أهلي ومالي ). يد: أي: فضل ونعمة، يدفعون بها عن أهلي ومالي. انظر إلى العذر، عذر غير مقبول، (قال عمر : يا رسول الله! إنه منافق دعني أضرب عنقه، فقد خان الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمر ! ألم يشهد بدراً ؟ قال: نعم. قال: وما يدريك -يا عمر - لعل الله اطلع إلى أهل بدر ، فقال: اعملوا ما شئتم قد غفرت لكم ) يا عمر ! زن الحسنات والسيئات. يا عمر ! عنده حسنات عظيمة في الإسلام تهدم ما بعدها وما تحتها. اسمع - يا عبد الله- إلى عبد الرحمن بن شماتة؛ وهو تابعي ثقة، جاء إلى أم المؤمنين عائشةرضي الله عنها وأرضاها يسألها عن بعض أمور الدين، فقالت له بعد أن أجابته وهي الفقيهة العالمة: من أين أنت؟ قال: من مصر، قالت: ما فعل صاحبكم؟ أي: أميركم وواليكم، قال: أما إنه إذا كان معنا في غزوة أو سرية فمات لأحدنا بعير أعطاه بعيراً، وإذا مات له عبد أعطاه عبداً، وإذا نقصت أحدنا نفقته أعطاه نفقة، فقالت عائشة : أما إنه لا يمنعني ما فعل في أخي محمد بن أبي بكرأتعرف ما فعل؟ كان هو السبب في قتله، انظروا إلى الخصومة! رجل كان هو السبب في قتل أخيك، هل تنصفه؟ هل تعدل معه؟ هل تذكر محاسنه؟ قالت: أما إنه لا يمنعني ما فعل في أخي محمد بن أبي بكرأن أقول فيه ما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اللهم من ولي من أمر أمتي شيئاً فرفق بهم فارفق به، ومن ولي من أمر أمتي شيئاً فشق عليهم فاشقق عليه) أي: كأنها تقول: صدق فيه دعاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فارفق به؛ لأنه كان رفيقاً بقومه، وبجنده. إذا جاء بذنب تذكرت محاسنه، وهذا الخلق يؤدبنا به عليه الصلاة والسلام حتى مع الزوجات، قال: (لا يفرك مؤمن مؤمنة ) أي: لا يطلقها ولا يفارقها على خطأ واحد، قال: (إن كره منها خلقاً ) إذا جاءت بسيئة أو بخطأ أو ساء خلقها، قال: (إن كره منها خلقاً رضي منها خلقاً آخر ) تأتي بحسنة فتهدم هذه السيئة....... واخيرا اذكركم بقوله تعالى يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ [المائدة:8]. |
الذين يشاهدون محتوى الموضوع الآن : 1 ( الأعضاء 0 والزوار 1) | |
|
|
|
Powered by vBulletin V3.8.5. Copyright © 2005 - 2013, By Ali Madkour |